2015 -2016

التخصص:

1 2

المقدمة:

ب

حيمحمن الر بسم اهلل الر

زي به .والصالة والسالم على سيدنا احلمد لله ويل كل نعمة ،مين بالتوفيق مث يثيب عليه ،ويلهم احلمد مث يج حممد املبعوث رمحة للعاملني .

انتباهي أثناء قراءيت لألدب اجلزائري جهد فكري ،إبداعي ،فين ،يشكل مساحة معتربة يف أدبنا لقد استدعى القومي ،وله خصوصية ما يعله أرضية خصبة للدراسة والبحث ،ألنه نشأ يف ظل ظروف سياسية واجتماعية

غا ،ومن هؤالء الذين استطاعوا أن ،و اقتصادية الزمت بيئته ،مدة من الزمن ،وأثرت يف النهوض به تأثريا باليرفعوا هذا األدب وحيلوه مكانة عالية حممد البشري اإلبراهيمي الذي نشأ يف ذلك الظرف االستعماري فتميز يف

الفنون النثرية بشىت أشكاهلا فربع يف املقالة واخلطابة .

كذلك باعتباره د البشير اإلبراهيمي""فن الخطابة عنلذلك ارتأيت أن يكون موضوع مذكريت موسوما بعنوان واحدا من الذين أوتوا من البالغة يف اللفظ والدقة يف البيان ما ال مثيل له يف العبقرية العربية اجلديدة ،إال أن

عدم العناية مبثل هذا األديب وإمهال مؤلفاته ،يعد إجحافا يف حق العلماء اجلزائريني.

ية من الشخصيات وفن من فنوهنا يبتدر إىل ذهنه جمموعة من األسئلة منها:ولعل املقتحم لدراسة شخص

ما هي ظروف نشأة البشير اإلبراهيمي؟ وكيف نشأ فن الخطابة ؟ وما هي أهم أنواع الخطبة التي تمي ز فيها اإلبراهيمي؟وما خصائصها الفنية ؟

ة والبحث إىل متهيد ،وثالثة فصول ولإلجابة عن هذه األسئلة رمست خطة حبث، مقسمة موضوع الدراس ،وخامتة .فالفصل األول والثاين خصصتهما للجانب النظري ،أما الفصل الثالث فخصصته للجانب التطبيقي.

حاولت فيه التقدمي ملوضوع البحث.فالتمهيد:

الرحالت فخصصته للحديث عن العوامل املكونة لشخصية اإلبراهيمي من حيث النشأة ،و الفصل األول:أما اليت قام هبا ،واملنزلة العلمية اليت حظي هبا.

المقدمة:

ج

:تناولت فيه احلديث عن مفهوم اخلطابة وأنواعها وأشهر أنواع اخلطبة اليت عرف هبا اإلبراهيمي.الفصل الثانيو

:فخصصته ألهم خصائصه الفنية، حماولة حتليل منوذج من خطبه.أما الفصل الثالث

كانت عبارة عن حصيلة للبحث ذكرت من خالهلا أهم النتائج. وخاتمة

أما املنهج الذي اعتمدته يف خمتلف مراحل البحث املنهج التارخيي الوصفي التحليلي؛فاملنهج التارخيي اعتمدته لتتبع نشأة هذا الرجل.

واملنهج الوصفي لوصف هذا النوع من الفنون النثرية "اخلطابة" وأبرز أنواعها.

ا املنهج التحليلي فتناولته يف الفصل الثالث أثناء حتليل اخلطبة.أم

اآلثار لمحمد البشير وألجل هذه الدراسة اعتمدت جمموعة من املصادر واملراجع أبرزها :كتاب ""الن ثر الفن ي عند البشير اإلبراهيمي وكتاب اإلبراهيمي أديبا لمحمد عب اس "، "البشيركتاب و اإلبراهيمي"،

الملك بومنجل".لعبد

وقد اعرتضت سبيلي أثناء إجناز هذا البحث صعوبات متثلت يف مشقة التعامل مع املصادر واملراجع ،كيف ال وأنا بصدد دراسة شخصية ،وفن نثري أخد وقت العديد من الدارسني ،وحتليل خطبة لشخصية أبدعت أميا

إبداع يف كتاباهتا .

لدراسة حقها يف العجرض والتحليل والتدليل فكل أعمالنا تبقى جمرد حماوالت و ال يعين هذا أنين أوفيت هذه ا إلبراز بعض جوانب النبوغ والعبقرية يف أعمال هذه الشخصية.

وأخريا فقد كنت أحاول أن أنشد الكمال يف حبثي هذا، لكن الكمال هلل وحده،ولكل شيء إذا ما مت نقصان.

التمهيد:

5

إن شخصية كاإلبراهيمي متعددة املواهب واليت جتاوز أتثريها احلدود الوطنية إىل اآلفاق العاملية و اإلنسانية به كاهل الفرد الواحد من أجل دراستها ،الستجالء العرب واستخالص الفوائد ،واستخراج حتتاج إىل جمهود ينوء

عناصر القوة ،اليت ساعدهتا على التقي يف مدارج العلماء العاملني ومنازل الوطنيني املخلصني ،فاإلبراهيمي دينها ولغتها ،مصلحا ملا فسد ،فقد كان حارسا لألمة يف عقيدهتا ،مدافعا عن1واحد ممن اتصفوا هبذه الصفات

ا عما ت قاسيه من آالمها وما تطلع إليه من أحالمها ،فكان بذلك اللسان الناطق من أفكارها و أخالقها ،معربر 2ابمسها، والقلم املسخر لوصف جراحها ،ورسم طريقها، و إذكاء جذوة عزمها.

فالشيخ البشري اإلبراهيمي هذا الرجل الذي كان أمة ،كان جيال ،كان عصرا.3 عمالقا من عمالقة التفكري والعلم واألدب واجلهاد احلق يف سبيل اإلسالم والعروبة والوطن احلر ،كرس حياته خلدمة العلم فكان نعم الرجل

،مدرسا وخطيبا وإماما ،سعى بفكره إىل أتصيل مقومني رئيسني يف الذات اجلزائرية ومها اإلسالم والعروبة ا األهداف اليت ترتكز عليهما هنضة هذه األمة.،جاعال إايمه

فالتأمل كذلك لسريته ونشاطه الفكري واألديب ي بني لنا جهده ،إذ كان من الكتاب الذين احنازت كتاابهتم يف إضاءة عمق الشعب التارخيي واحلضاري ،والكشف عن أحالمه املندثرة وخصاله املنسية ،وعما ال يعرف عن

مار ثنائية الشكل واملضمون إلحياء اهلامش املغيب يف تراثنا وثقافتنا. فاألدب أبنواعه نفسه من خالل استثاملختلفة ابلنسبة لشيخنا هو خملوق مقاوم ابمتياز إذ كانت كتاابته وخطبه عنصرا ثقافيا أساسا وحمركا مجاهرياي

تب فيها كان انزعا إىل تلوينها بلون فعاال حنو احلقيقة واخلربة ،فعلى اختالف أصناف وأجناس القول اليت ك املوروث اإلسالمي الواسع ،كما نستلهم ضمن نصوصه األسلوب العريب املتني.4

فاإلبراهيمي واحد من األدابء الذين اهتموا ابألدب اجلزائري بصفة خاصة ،ومن املبدعني يف الفنون النثرية على اختالف أنواعها .

توفيق مجعات ، قبسات من شخصية اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي ،مطبعة رويغي ،اجللفة ،اجلزائر ،ط1 ،س ط 2010 ،ص1.29 عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط1 ،س ط جوان 2.2009

أمحد توفيق املدين ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،اجلزائر ،السنة اخلامسة عشرة ،العدد 87 ،س 1405ه /1985م ،ص3.37 4 سهيلة بن عمر ،مجالية املقاومة _الرد ابلكتابة _قراءة يف كتاابت البشري اإلبراهيمي ،جملة علوم اللغة العربية وآداهبا ،كلية اللغات واآلداب ،جامعة الوادي ،العدد

.223،ص 2012رابع ،مارس ال

التمهيد:

6

اآللة املصورة حلوادث الزمان ممثال حلياة الشعب ،فكان زبدة خماض أنبتتها عقول ألن األدب اجلزائري كان ي عد الكتاب والشعراء ،متشكلة يف مجلة من اإلبداعات الفن ية ،فكانت هذه اإلبداعات من الظواهر الثقافية اهلامة

العاكسة ملضامني احلياة 1.

ها البعض سالح للعرب مند اجلاهلية إىل العصر احلديث وهلا فمن أبرز هذه اإلبداعات الفنية اخلطابة اليت يعترب دور فعال يف احلقل اللغوي ،ألهنا ليست علما يستوعب ،وحتفظ قواعده ،ولكنها ممارسة احلديث على أرض

الواقع مث اإلحاطة بقواعدها وأصوهلا وفروعها 2،اليت حاول العديد من األدابء أن ي بدعوا فيها ومن أبرزهم البشري اإلبراهيمي الذي حاول اإلملام مبختلف عناصرها إذ قيل أنه كان يرجتل الساعة والساعتني فكن خيطب يف

اجلانب السياسي واألديب والديين.

فهو واحد ممن كانوا يؤمنون بفكرة لكل مقام مقال ،فخطبه تنوعت بتنوع املناسبات ،واختلفت من حيث اء املتميز الذي جيدب األمساع .الطول والقرصر ،واألسلوب واألد

وكانت اخلطبة على مر األزمان ت عد السالح الذي يعربر به األدابء والكتاب عن الظروف اليت يعيشوهنا ،وكذلك وسيلة للتوعية وبعث األفكار يف أفراد ذلك اجملتمع .

أمينة بلهامشي ،الرمز يف األدب اجلزائري احلديث ،رسالة ماجستري،جامعة تلمسان ،اجلزائر ،س1432ه /2010_2011م ،ص1.2 حممود حممد عمارة ،اخلطابة بني النظرية والتطبيق ،مكتبة اإلمام منصورة ،جامعة األزهر ،ط1 ،س ط 1418ه /1997م ،ص2.20

ال: نشأة اإلبراهيمي وتكوينهأو

ا: رحلته إىل املشرقثاني

ةثالثا: منزلته العلمي

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

وال: نشأة اإلبراهيمي وتكوينه أ

أعالم الفكر واللغة أحد عدي بن عمر اإلبراهيمي ،الرجل الفذ حممد الس هو حممد البشري بن كا البن باديس ونائبه يف حياته ،وخليفته بعد وفاته يواألدب يف العامل العريب وباجلزائر خاصة ،شر

اخلرافات والبدع.،ورفيق نضاله لتحرير عقل املسلم من

ولد بقبيلة ريغة قرية )أوالد إبراهيم( برأس الوادي قرب )سطيف ( غريب مدينة )قسنطينة( مع بزوغ م _وهي السنة نفسها اليت 1889يونيو)جوان(14ه /املوافق 1306شوال 13مشس يوم اخلميس

ديب املفكر عباس لد فيها كل من الشيخ عبد احلميد بن باديس ،و الشيخ الطيب العقيب ،و األو 1حممود العقاد ،وغريهم من العلماء و العباقرة األفذاذ.

ني من وي األدارسة العل اجلزائر ،حيث يعود بأصوله إىل اهيمي يف بيت كرمي من أعرق بيوتنشأ اإلبر أمراء املغرب يف أزهى العصور موضحا ذلك يف قوله :"إن قبيلتنا يرفع نسبها إىل إدريس بن عبد اهلل

األول لألشراف األدارسة ،وإدريس هذا هو الذي خلص إىل املغرب األقصى بني العلويني اجلد نسب أنساب األشراف ...وموطننا الذي تقلب فيه أجدادنا يف التاريخ ضارب يف والعباسيني وإليه ت

.2القدم"

،وأنه كان شديد التحمس ومما نالحظه هاهنا أن اإلبراهيمي كان كثري االهتمام بأصول قبيلته وعائلته و االعتزاز بأصله العريب،على غرار عدد ال بأس به من اجلزائريني أنداك ومما يدل على ذلك أن

أجداده ينحدرون من نسب عريب أصيل .

و هو سليل أسرة حفظت رسم العلم وتوارثته فخرج منها علماء يف علوم العربية هبمة واجتهاد ،حيث مري أمثال الشيخ حممد الع تىياء كانوا من أعالم الفقه و الف الشيخ عدة علم كان يوجد يف أسالف

رشي اإلبراهيمي وغريهم من عاشوا يف القرون الثالثة اإلبراهيمي ،و املبارك اإلبراهيمي ،والشيخ الق

.خالد النجار،حممد البشري اإلبراهيمي ،شبكة األكولة WWW.ALuka.com1 ه/مايو 1405عشرة ،شعبان /رمضان ،السنة اخلامسة 87حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،اجلزائر ،العدد

.12ـ11م،ص1985يونيو/ 2

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

من .وكان 1األخرية ،وقد هاجر من بيتهم جمموعة إىل األزهر الستكمال الدراسة واالستزادة من العلم أبنائهم بأمساء كبار املشايخ إذ يقول "...أنا أدركت اأثار هذا االتصال بالقاهرة أنم أثناء عودهتم مسو

. 2يف فروع بيتنا من تسمى باألمري والصاوي و اخلرسي والسنهوري"

إذ كان بيته مصدر إشعاع على القبيلة وعلى من حوهلا من األقاليم إىل وقت اإلبراهيمي.

و الذي نشأ اإلبراهيمي فيه ،حيث تلقى مبادئ العربية على يد والده وذلك بتعليمه يف هذا هو اجلسن الثالثة بدأ بالتعلم وحفظ القرآن على التقليد املتبع وذلك وال كعادة أي عامل ،وملا بلغ البيت أ

شيخ "حممد املكي على يد مجاعة من أقاربه من حفاظ القرآن الكرمي مشرفا عليه إشرافا عاليا عمه ال اإلبراهيمي" حامل لواء فنون العربية من حنوها ،وصرفها ،واشتقاقها ،ولغتها.

استلمه عمه وتوىل تربيته بنفسه ،فيقول يف هذا :"قد أخدين عمي بالرتبية و نيوملا بلغ سبع سنفكان ال خيليين دقيقة واحدة التعليم مند أكملت السن الثالثة وكنت مالزما له حت يف النوم والطعام ،.3"من الفائدة العلمية وكانت له طريقة عجيبة يف تنويع املواضيع حت ال أمل

وهذا يوضح أن تربية اإلبراهيمي على يد عمه كانت هادفة ومنهجية ومركزة فلم يكن يعلمه العلوم ه اآلداب واالنضباط ،كما جمردة على شكل نظرات و معلومات و معارف ،بل كان يصاحبه ويعلم

أنه مل يكن يكتفي بتعليمه يف أوقات التعليم احملددة فحسب وإنا كان يفعل ذلك وهو يتجول معه ح إذ كان هلذا األسلوب املركز واملكثف آثاره الباهرة ،ومثاره اليانعة.فس خالل وقت الت

القرآن الكرمي مع فهم مفرداته و غريبه إىل ما كان اإلبراهيمي يبلغ من عمره تسع سنني حت أمت حفظألفية ابن مالك ،و معظم الكافية له ،و ألفية ابن معطي :جانب حفظه العديد من الكتب مثل

اجلزائري ،و ألفييت احلافظ العراقي يف السري واألثر و مجع اجلوامع يف األصول...و غريها. إىل جانب

.30ـ29،ص2010،س ط1توفيق مجعات :قبسات من شخصية اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي ،مطبعة روغي األغواط ،ط 1 .12حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،اجلزائر،ص 2

164م( ،ص1964ـ1954)5م ،ج1997،س ط 1دار الغرب اإلسالمي ،ططالب اإلبراهيمي ،براهيمي ،آثار حممد البشري اإل 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

،ويف عنفوان هذه الفرتة 1سهل بن هارون ،وبديع الزمان األشعار و رسائل البلغاء ،أمثال رسائل بإرشاد عمي حفظ كتب أخرى اليت تأثر هبا تأثريا كبريا إذ يقول :"إين يف هذه الفرتة كنت حفظت

كتاب الكفاية و احملتفظ لألجدايب الطرابلسي و كتاب األلفاظ الكتابية للهمذاين وكتاب الفصيح يت و هذه الكتب األربعة هي اليت كان هلا عظيم األثر ك كتاب إصالح املنطق ليعقوب الس لثعلب,و

.2يف ملكيت اللغوية"

هي ،عنها شيء ة ال يند فذ أن اإلبراهيمي كان ميلك حافظة إنا يدل على فعلى شيء دل إن وهذا أصالته من يأخذد غين يف اللغة العربية دته برصيعة وزو اليت ضمنت معارف واسعة يف علوم خمتلفة متنو

.3ضج املزدهر الثراث العريب يف عهد الن

كى عن إذ وصف هذه احلافظة بقوله :"وهبين الله حافظة خارقة وذاكرة عجيبة تشهدان بصدق ما ي ة ة أخرى :"واختصصت بذاكر " و قال مر ن عينتني يل يف حتصيل العلم يف هذا الس السلف و كانتا م

4وحافظة خارقتني للعادة".

حفظ ألفية العراقي يف النثر و السري ،ونظم الدول البن اخلطيب عشرة ة وملا بلغ اإلبراهيمي سن الرابعختم و لقد 5ومعظم رسائل فحول كتاب األندلس ،و املشرق العريب ،وكتب اللغة و اآلداب.

ابن مالك على يد عمه الذي كان على فراش اإلبراهيمي يف هذا السن الفصول األخرية من ألفية ه بالرعاية الرتبوية والتعليمية تدريس العلوم اليت تلقاها املكي _ وهو الذي توال ه املوت ،مث أجازه _عم

ه يف تلك السنة وخلفه من بعد ذلك ويف عم عنه درسا لطلبته الذين كانوا زمالءه يف الدراسة ،إذ ت

. 22م،ص2009،س ط جوان 1عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط 1 .13،صحممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة 2

163آثار البشري اإلبراهيمي ،ص 3 4 .14حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،ص مذكرة ماجستريأمينة هبامشي ،الرمز يف األدب اجلزائري احلديث ، 5

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

،والتزم والده بإطعامهم كالعادة 1لة الدرس ،و يشيد احللقة العلمية يف هذا السنبعقد العزم على مواص يف حياة عمه ألنم كانوا يتوافدون حت من القبائل اجملاورة.

وما كان اإلبراهيمي يكتفي بذلك ،ففي بعض السنني كان خيرج وينتقل إىل املدارس القبلية القريبة من ق يف العلوم بة وتوفر السكىن .إذ أكسبته هذه الفرتة زيادة نبوغ وتفو بلدته ليدرس فيها حيث كثرة الطل

واستمر على هذه احلال حت بلغ العشرين من 2الشرعية ،وخربة يف التعليم ،ومعرفة بطبائع الناس. طموحاته ،وذلك ليب عمره إذ بدأت تراوده فكرة الذهاب إىل املشرق ،ألن اجلزائر أصبحت ال ت

م( قرار الرحيل إىل املشرق و بالذات إىل املدينة 1911االستعمارية فاختذ يف سنة )بسبب السياسة م(.1908سبقه والده بالرحيل إليها سنة) املنورة اليت كان قد

بل واصل ذلك يف املشرق ،ألنه ظل شغوفا عند هذا احلد فإن تكوين اإلبراهيمي مل يقف من مث و 3إىل املزيد. عابالعلم مقداما على طلبه ،متطل

لد يف ذلك الظرف االستعماري املظلم ضح لنا أن اإلبراهيمي رغم أنه و ومن خالل هذا كله يت الرهيب ،حيث حماوالت التجهيل ،والتغريب ،ومعاول اهلدم والتخريب للشخصية اجلزائرية ،إضافة إىل

شخصيته ا لصاحله ،لتبين ضح أن أسرته عرفت كيف تستغلهوجوده يف قبيلة من قبائل اجلزائر يت وثقافته على منهج قومي.

33م ،ص1983نوفمرب15حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،كلية اآلداب ،جامعة بغداد ،س 1 23عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند اإلبراهيمي ،ص 2 23املرجع نفسه ،ص 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

المشرق رحلته إلىثانيا:

ألدبية اليت تزعمها كل من عزم اإلبراهيمي على زيارة املشرق يف وقت كانت فيه النهضة الفكرية واخرج يا مثلما فخرج من الوطن متخف ،اين ،وحممد عبده قد أينعت مثاره مجال الدين األفغنيالشيخ

بيا و يفاختار املدينة املنورة مقصدا له ،ويف رحلته هذه اختار احلجاز بتونس ول1م ،1908والده سنة فاق كانت أمله الكبري آد فيها دائرة معارفه ،ورأى فيها القاهرة طريقا له فاستقر هبا ثالثة أشهر حش

حية بدأها حبضوره دروس العلم يف األزهر ،ومبعرفة أعالمه أمثال الشيخ "سليم ا،فرتكت يف نفسه آثار البشري" ،و الشيخ "حممد خبيت" الذي حضر درسه يف البخاري ،والرواق العباسي ،والشيخ "يوسف

أ وغريهم من كانت دروسهم تدور جوي" ،وسعيد املوجي الذي كان له سندا عاليا يف رواية املوط الد فتعرف على أشهر 2صول احلديث ،واللغة ،والدرس البالغي ،وفنون يف التشريعات الفقهية .حول أ

علمائها ،والتقى مع طائفة من األدباء على رأسهم الشاعران الكبريان أمحد شوقي الذي قال عنه: 3" ل رمحه اهلل واهتز عدة قصائد من شعره من حفظي فتهل ه "وأمسعت

بشاعر النيل حافظ إبراهيم يف بعض أندية القاهرة و عنه :"اجتمعت وكذلك حافظ إبراهيم فقال4من شعره كذلك ". ئاه من حفظي شيأمسعت

.33م ،ص2009،س ط جوان 1عند امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط 1 .33حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 2 .15قافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،صحممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الث 3 .15املرجع نفسه ،ص 4

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

وظل اإلبراهيمي على هذه احلال ينتقل بني اجملالس العلمية واألدبية لالستفادة من العلماء ،و األدباء رة فركب البحر من بور سعيد حبيفا مث حت شهد له بعضهم بالنبوغ ،مث واصل طريقه إىل املدينة املنو

م ،فاجتمع بوالده وطاف باحلرم النبوي خمتربا باحثا 1911ركب احلافلة إذ وصل إليها أواخر سنة ليس هط لقيه ر ي منها وإنا هي غثاء ء يل شي عما يريده فلم جيد ما يشفي غليله كما قال :" فلم يرق

1"يء حقيق شله من العلم والت

يستثين اإلبراهيمي من هذا الغثاء إال ما وجده عند الشيخني الوزير التونسي ،وحسني أمحد ال و بل كان دقيقا يف اختياره ،فإننا جند اإلبراهيمي كان غري متهافت على أي شيخ ومن مث، الفيض ،

يت قضاها ال حت ولو كانت فرتة التعلم قصرية ،كتلك ،أعلم املشايخ وأبعدهم صيتا يف علم التدريسالزمهما إذ ،،وهذان الرجالن اللذان اختارمها كان أعلم رجلني باملدينة إىل احلجاز مبصر أثناء رحلته

ه عمه بني أبرز الصفات اليت تركها في ،وتعد هذه الصفة من2قرابة مخس سنواتاملالزمة التامة دامت خالل مراحل تعليمه

األثر يف تكوينه وذلك من خالل ن كان هلما عظيم يني اللذشيد هبذين الرجلكما جند اإلبراهيمي ي قوله هذا :"و احلق يقال عاملان حمققان واسعا أفق اإلدراك يف علوم احلديث ،وفقه السنة ..فلم أرى

مثل الشيخني يف فصاحة التعبري ،ودقة املالحظة ،و الغوص عن املعاين ،والتوضيح للغوامض . ،والتقريب للمعاين القصية"

ق يف الوجود اخلارجي مند أزمان ولكنين حق تمث يعود فيقول :"وكنت أعتقد تلك الصورة الذهنية مل ت. 3قة يف هذين العاملني اجلليلني"وجدهتا حمق

.15حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،ص 1 .40،ص 2010،س ط 1،طمطبعة روغي ،األغواط توفيق مجعات ،قبسات من شخصية اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي ، 2 15سياحة ،صحممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة وال 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

فأخذ عنهما العلوم اليت كان راغبا يف االستزادة منها ،من علم احلديث رواية ودراية ،وعلم التفسري أ إىل جانب مالزمته درسه يف فقه مالك ،والتوضيح البن هاشم ، أما ي املوط ونس،فأخذ عن الوزير الت

.الشيخ حممد فيض األبادي فقد أخد عنه صحيح مسلم ،فقد الزمهما كما يقول مالزمة الظل

وبقي اإلبراهيمي على هذه احلال ينتخب لنفسه كبار العلماء و يأخذ عنهم ما يتاجه من العلوم اليت كان يرغب االستزادة منها كاحلديث ،والتفسري ومن بني هؤالء العلماء الشيخ "أمحد الربزجني

خاري الشهرزوري" الذي أخذ عنه اجلرح والتعديل ،وعلم الرجال ،وحضر بعض دروسه يف شرح الب،والشيخ إبراهيم األسكويب الذي أخذ عنه علم التفسري إذ وصفه بأنه كان ممن يشار إليهم يف هذا العلم ،أما الشيخ عبد الباقي األفغاين فقد عمق معه يف علم املنطق و احلكمة املشرقية ،وأخذ عن

اآلداب فذاكر يف اللغة عبد اهلل بن زيدان الشنقيطي األدب اجلاهلي وأنساب العرب والسرية النبوية وو الشعر اجلاهلي مع أحد زمالئه ودرس أمهات الكتب املشهورة خصوصا الكامل للمربد ،والبيان

1والتبيني للجاحظ ،و األغاين لألصفهاين.

أقواله الذي جاء كالتايل :"وباجلملة فقد كانت إقاميت باملدينة املنورة أيام ويذكر اإلبراهيمي يف أحد علي فكنت أنفق أوقايت يف إلقاء دروس يف العلوم اليت ال أحتاج فيها إىل مزيد كالنحو خري وبركة

2" .والصرف و العقائد و األدب

بكل هذا دون انقطاع عن إلقاء الدروس يف من هذا القول أن اإلبراهيمي كان يقوم ونستشف ن ى ويلق فكان يتلق ،اليت كان يتلقاها ،وماألوقات اليت كان يرى أنه ال يتاج إىل املزيد يف علم من العل

ن ني أو مم حماضرات ودروسا يضرها الناس ،وكان أثناء ذلك ال يفتأ أن يناظر بعض العلماء احلجازي 3النبوية هي مادته اليت كان يلقيها هناك. ةري هم وكانت الس ءطنون باألمم اجملاورة ويناقش آرايق

.24عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،ص 1

.16حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،ص 2 . 35ـ34حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ال مبحاضراهتم وال بدروسهم ومناظراهتم مي عن هؤالء إال أنه مل يكتف هيغم مما أخده اإلبرافعلى الر يذكرها يف قوله كالتايل بات العلمية ،وهذه املكتبات جندهبل كان يرتاد األندية الثقافية واملكت ،له

حت استوعبت ،د على املكتبات اجلامعة ...كمكتبة شيخ اإلسالم عارف حكمت:"وكنت أترد ،ويف مكتبة السلطان حممود ،ومكتبة شيخنا الوزير ،ويف مكتبة بشري أغا أو نادرة قراءة معظم كتبها ال

يف مكتبات األفراد الغاصة باحملفوظات مثل مكتبة آل الصايف ،ورباط سيدنا عثمان ،و آل املدين وآل 1هاشم "

ة من أساتذته وتالمذته يبتعارته لكثري من احملفوظات الغر ز به الشيخ كذلك يف هذه املرحلة اسومما متي مة اليت حفظ معظمها أثناء تلك املرحلة.ي الر ذوان غيالن ناقطة ومن بينها ديالش

ش اإلبراهيمي أن هذه املكتبات العديدة العامرة باملؤلفات واملخطوطات قد أشبعت تعط و الشك ادها من العلماء والطلبة و ه بر فضال عن احتكاك ،ر يف خمتلف العلوم واملعارفبح للمطالعة وزيادة الت

وهذا ما كان يفتقد إليه باجلزائر ورحل من أجله.

قامت سلطات احلكومة العثمانية برتحيل م 1917ة بقيادة الشريف حسني سنة وبقيام الثورة العربي.فكانت بغيته 2فكان هو ووالده من أوائل املطيعني ألمر احلكومة ،سكان املدينة كلهم إىل دمشق

هؤالء .و وىل واألخرية اتصاله مبجالس العلم وتعرفه على كبار علمائها ،فالتقى بشخصياهتا فرحبوا بهاألمجال الدين :أمثال عامل دمشق ،ذوي الشهرة العاملية اليت جتاوزت حدود إقليمهم من الذين يعتربون

خاصة الشيخ حممد و القامسي ،واألستاذ عبد احلكيم الطرابلسي ،واألستاذين قاسم ورضا القامسيني ،3هبؤالء األعالم طوال إقامته هناك. قد بقي اإلبراهيمي يتك هبجت البيطار ف

عليم باملدارس األهلية وانالت عليه الرغبات للت ،وما إن مر شهر عن مكوثه بدمشق حت سطع جنمهاعتماده يف إلقاء وكان ،فاستجاب لبعضها فبدأ بإلقاء دروس يف الوعظ واإلرشاد باملسجد األموي

.17حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،ص3 .25م،ص2009،س 1عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط 2 37حممد عباس ، البشري االبراهيمي أديبا ،ص 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

زه حبافظة قوية ،إذ نستخلص هذا من خالل قوله :"وألقيت وهذا بسبب متي ،دروسه على اإلمالءمليه من أجعل عماد الدرس حديثا أ فكنت ،صرة الشهرية ( على طريقة األمايلدروسا ) حتت قبة الن روح العصر وأحداثه ،فسمع الناس شيئا ملي تفسريه مبا يوافق صوله القدمية ،مث أ أ حفظي باإلسناد إىل

كما أننا خنلص إىل أنه كان يعود إىل 1يف دروس الشيخ بدر الدين احلسيين" مل يألفوه ومل يسمعوه إال األصول القدمية أثناء حتليله للنصوص لكن مبا يناسب ما هو سائد يف ذلك الوقت.

وقيام دولة االستقالل العريب ،اك من سوريااإلبراهيمي على هذه احلال إىل غاية خروج األتر استمر خيدم سياسته بلسانه وقلمه ،،فاتصل به واليه املستبد مجال باشا السفاح فأراد أن يكون يف خدمته

ص منه حبيلة لطيفة ،لكنه استجاب ألمره بأن يكون أستاذ اللغة خل ،لكن استطاع اإلبراهيمي الت اح والدولة ف حت ذهب الس ،على تدريسه فيها إال القليل ض السلطانية ،ومل ميالعربية يف املدرسة

العثمانية ،وصار التعليم يف تلك املدرسة كله عربيا ،وأصبح اإلبراهيمي أستاذا لآلداب العربية مشاركا لألستاذ ،رها ،وفلسفتها يف ذلك املكتب أو املدرسة اليت كانت أشبه باملعهد،وتارخيها وتطو

اللغوي الشيخ عبد القادر املبارك ،فتخرج من هذه الثانوية الوحيدة أنداك أساتذة منهم الدكتور مجيل صليبا ،والدكتور أديب الروماين ،واحملايري ،وعدنان األتاسي ،فاستمر اإلبراهيمي يف إلقاء دروسه و

فقد مكث هبذا املعهد مدرسا طوال 2ألدبية وعقد الندوات العلمية واجملالس ا خطبه باجلامع األموي العريب القدمي األدبب ب املرموق إذ استطاع أن ي اجح ،واملريب خالهلا األستاذ الن ظل ،أربع سنوات أحد أبرز تالمذته يف تلك املدرسة يومئذ وهو الدكتور باعرتافب بدمشق وذلك ال إىل قلوب الط

كرسي األستاذية يف هذه املدرسة العليا و سنه ال جتاوز أ و بـ ه تـ مجيل صليبا قائال :إذا علمنا بأنعلمنا مبدى عمق الثقافة اليت كان قد اكتسبها وهو ال يربح يف معية الشباب ،السادسة والعشرين

.17حممد البشري اإلبراهيمي ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ، ص 1 Tantawi3@gmail.com ،مقالة أدبية 11:24م ،2007متوز 24لشيخ حممد البشري اإلبراهيمي ،ت عبد اهلل الطنطاوي ،اجملاهد ا 2

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

اهب ،ولعل ذلك يعود إىل ذاكرته اليت كانت ال تكاد تعلق شيئا إال وعقدت عليه ،وال يكاد شيئا مير 1ته تسجيال ..لوسج إال

إيل العديد من األندية واجلمعيات السورية اليت كانت تسعى فهو مل يتوقف عند هذا احلد بل انضم إىل توحيد صفوف العرب ،ومنها بصورة خاصة النادي العريب الذي أسسه الدكتور عبد الرمحن

د الثورة م ،كما أي 20شهبندر أحد قادة الرأي وزعماء الثورة العربية يف النصف األول من القرن وبعد مرور ،م بعد طرد األتراك نائيا من املنطقة1918دمشق سنة العربية واألمري فيصل الذي دخل

لكنه رفض رغم إحلاح ، إدارة املعارف فيهاة طلب منه امللك فيصل األول العودة إىل احلجاز ليتوىل مد وذلك لعدم رضاه على سياسة أبيه الشريف حسني .فاستمر به املقام إىل غاية سنة ،هذا األخري عليه

ريب اإلدارة وتكوين ا املساعدات للدول العربية الناشئة من خالل مسامهته يف تعم مقدم1920. 2ومية ،وإلقاء احملاضرات على طلبة التعليم العايل بالنادي العريبكاإلطارات احل

صادقا أنا هي فكان لإلبراهيمي دور يف بناء صرح النهضة بسوريا ، إذ قال هو يومها :"فأشهدالغامر، وأنين كنت فيها أقر عينا ، حيايت اجملدبة، وأنا هي اجلزء العامر يف عمري الواحة اخلضراء يف

وه وتالمذتهكما أن يوم مغادرته هلا كان يوما مشهودا سفح فيها أصدقاؤه وحمب ".وأسعد حاال ثالثنيال أنساك ،ال أنسى بعد الوداع ما أقساك ،وإن كنت وم يل يف ذلك اليوم :"ويا افق ،الدموع

موقف الربامكة ،واألستاذ حسني اخلضر يكفكف العربات وتالمذيت سنة ولن أنسى ما حييت 3األوفياء يقدمون إيل خبطوطهم كلمات يف ورقات ،مازلت حمتفظا هبا احتفاظ الشحيح مباله.."

وصف اليوم والاإضافة إىل ذلك حم ،إذ ياول اإلبراهيمي يف أقواله هذه مدى حبه لدمشق وتعلقه هباقى مدى حياته.بلد يف نفسيته و الذي سيالذي غادرها فيه ومدى أثرها اخلا

.14عبد املالك مرتاض ،حممد البشري اإلبراهيمي ،املوسوعة التارخيية للشباب ،وزارة الثقافة والسياحة ،اجلزائر ،د ط ،دس ،ص 1 رسالة مقدمة 1أرسالن ،دراسة تارخيية وفكرية مقارنة ج بشري فايد ،قضايا العرب واملسلمني يف آثار الشيخ اإلبراهيمي واألمري شكيب 3

م ،ص2010ـ2009،س ،جامعة قسنطينةلنيل شهادة دكتوراه العلوم يف التاريخ احلديث واملعاصر Tantawi3@gmail.com ،مقالة أدبية 11:24م ،2007متوز 24اهلل الطنطاوي ،اجملاهد الشيخ حممد البشري اإلبراهيمي ،ت عبد 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ومن بينهم الدكتور مجيل صليبا قائال يف إحدى مقاالته ،كم أننا جند تالمذته يشيدون به وخبصالهمنه انتقل هذا احلب ا عميقا ،و حب ال ،فقد أحببناه يخ أو نا للش نا مل حنب هذه اللغة إال بتأثري حب :"ولعل

ته ،وال غرو فقد كان ـ رمحه اهلل ـ من أعظم الناس يف أعيننا ،وكان الذي حببه إىل نفوسنا إىل ماد قه ته ،وشعوره بكرامته ،وحرصه على القيام بواجباته ،وتعل تواضعه ،ولطفه ،ووقاره ،وشجاعته ،وعف

1بالقيم اإلنسانية املثالية "

اهيمي األوىل إىل املشرق اليت دامت تسع سنوات ،وكانت ألجل االستزادة من فكانت هذه رحلة اإلبر خمتلف العلوم املعرفية والتعرف على كبار املشايخ و العلماء.

ليبدأ يف مرحلة جديدة للعطاء وذلك -مرحلة التعلم و األخذ - وهبذا يكون قد أنى هذه املرحلة ر ر متبص بعودته إىل بلده اليت كانت ألجل محل رسالة ثقيلة ال يقدر على محلها إال رجل عامل ومفك

،وأديب مقتدر ،وهي رسالة إحياء الدين والعربية يف شباب اجلزائر ،قمع الضالل و االبتداع يف شعبها هذه الرسالة نت واستكملت بناء شخصية على حمك ودحر االستعمار الفرنسي من بالدها ،و

يف ذهنه فكرة اإلصالح اليت كانت قد انتشرت يف املشرق مند ناية القرن اإلبراهيمي ،واختمرت وكانت موضوع اجتماعاته مع رفيقه يف اجلهاد الشيخ عبد احلميد ،كذلك فكرة تأسيس اجلمعية19

مسامراهتما الليلية يف املدينة املنورة على امتداد ثالثة بن باديس ،وكذلك الشيخ الطيب العقيب ، و . 2م 1913أشهر من سنة

ليايل طواال يستعرضان فيها باملدينة ،حني التقى الشيخان ،وكان يسمران معا وهذه الفكرة نبتت زم نضة أدواء اجلزائر االجتماعية والسياسية ،وياوالن أن يطبا هلا ،واستقر رأيهما على أن األمر يستل

شاملة ،وإصالحا يقوم على أساس من العلم واللغة والدين .فقد سبق ابن باديس أخاه إىل اجلزائر

55صليبا ،من مذكرات الدكتور مجيل صليبا عن اإلبراهيمي ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،صمجيل 1 .28م ،ص2009،س ط جوان 1عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط 2

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ب من كل جهة فوضع بقسنطينة متخذا أحد مساجدها حلقة لدرسه ،وأقبل عليه الطال واستقر 1حجر األساس لبناء نضة عربية .

مرات الليلية :" كانت هذه األمسار املتواصلة كلها دد وصفا هذه املساإذ يقول اإلبراهيمي يف هذا الص تدابري للوسائل اليت تنهض هبا اجلزائر ،ووضع الربامج املفصلة لتلك النهضات الشاملة اليت كانت كلها

خرج بعد بضع ذهنية ترتاءى يف خميلتنا ،وصحبها من حسن النية وتوفيق اهلل ما حققها يف اإل اصور 2تلك الليلة هي اليت وضعت فيها األسس األوىل للجمعية". أشهر ،وأشهد اهلل على أن

دته هذه تبدأ الفرتة الثانية من حياته و يعود اإلبراهيمي وبع ،وبعد مرور سبع سنني من عودة رفيقه،فالتقى بصديقه ورفيق نضاله الشيخ عبد احلميد بن باديس الذي سبقه إىل بعث التعليم يف اجلزائر ،

لة يف سراب الشباب الناهض ،فأعجب بالنتائج متمث ،يمه تلوح يف امليدانحيث بدأت طالئع تعل3املثمرة اليت حققها ،ومبا قام به رفيقه.

فلقد أشاد كثريا هبذا العمل اجلليل الذي قام به هذا الرجل بقوله :" وملست بيدي آثار اإلخالص يف ل وقد أصبحوا ينظمون الشعر العريب أعمال هذا الرجل ،ورأيت شبانا ممن خترجوا على يد هذا الرج

عة من صميم حياة هذه األمة ز بليغة وموضوعات منتـ ،ومعان بلغة فصيحة وتركيب عريب حر ألدوائه ،ورأيت مجاعة أخرى من أولئك التالمذة قد ،وأوصاف رائعة يف اجملتمع اجلزائري،وتشريح

أصبحوا يربون املقاالت البديعية يف الصحف فال يقتصرون على أمثاهلم من إخوانم يف الشرق ،وآخرون يعتلون املنابر فيحاضرون يف املوضوعات الدينية واالجتماعية ،فريجتلون القول املؤثر،والوصف

أن الشيخ عبد احلميد بن . فمن خالل هذا يتبني 4بالقول البليغ" اجلامع ،ويصفون الدواء الشايفر باديس قد قطع شوطا كبريا إذ استطاع أن يبدأ بتخريج جيل من الشباب ناضج وواع،وهلذا قر

51/52والسياحة ،صحممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ، وزارة الثقافة 1 18/19املرجع نفسه ،ص 2 7العالمة البشري اإلبراهيمي أمري البالغة والبيان ،اجلزائر ،د ط ،دس ،ص،الطاهر يياوي 3 20الشيخ البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،ص 4

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

اإلبراهيمي أن يكون العضد األمين البن باديس يبتغي معه هدفا واحدا هو النهوض احلضاري باجملتمع داية األمر يلقي احملاضرات ،ودروس الوعظ واإلرشاد يف املدن العامرة و القرى فغدا يف ب ،اجلزائري

لت إىل القلوب قام بإنشاء مدرسة صغرية ال من بلد إىل بلد ،وملا بلغت صيحاته وتسل منتق ،اآلهلةمبدينة سطيف ميرن فيها الشباب على اخلطابة و الكتابة وقيادة اجلماهري بعد تزويدهم بالغداء

1وري من العلم.الضر

،أال وهي استحالة بقاء االستعمار يف أمة مسلمة ،ويواصل اإلبراهيمي على هذه احلال وبذهنه فكرة( ظلت 1930م ـ 1920معتمدا يف ذلك على املنهج اإلسالمي ،ويف هذه الفرتة أي مابني )

و إخراج مجعية االتصاالت واللقاءات بينهما فكانت سنوات كلها إعداد وهتيئة للحدث األعظم وهفقوا حوهلا هو ورفيقه العلماء املسلمني حيث أصبح لديه حنو ألف تلميذ بعثوا فيها اخلصال اليت ات

لو مع علم قليل فيقول :"وأصبح لدينا جيش من التالمذة يمل و ،وهو تربية نشأ على فكرة صحيحةت من محلة العقيدة جيمعهم إميان نا مسلح باخلطباء و الكتاب و الشعراء يلتف به املئانا وعقيدت فكرت

2واحد ،وفكرة واحدة وغضب حاد على االستعمار "

ن اإلبراهيمي متكن من حتقيق جزء كبري من خطته وبذلك استطاع هو ورفيقه إوهبذا نستطيع أن نقول على احتفال فرنسا مبرور قرن على إجيايبي فعل تأسيسها كرد م تأسيس اجلمعية ،إذ عد 1931سنة

أن هذا البلد قد أصبح جزءا منها ،فعني ابن باديس رائدا هلا ،واإلبراهيمي حتالل اجلزائر ،وتيقنت اوبذلك انطلقت اجلمعية يف عملها املبارك 3نائبا له فقام بوضع دستورا للجمعية وقانونا األساسي

:أحدمها داخلي االستعمارحماربة ضربني من إىل - فيما يرى البشري -وهي هتدف حماربة االستعمارو اآلخر خارجي ،وباألحرى أحدمها روحي و اآلخر مادي .فأما األول هو جناية بعض من ينتسبون

النفوس ،وأهدر الكرامة .فرأت ب الذي أذل صالغا إىل الدين من العلماء ،أما الثاين فهو االستعمار

.29م ،ص2009،س ط جوان 1مي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،طعبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهي 1 21الشيخ البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،وزارة الثقاقة والسياحة ،ص 2

11م( ،ص1940ـ 1889)1م ،ج1997،س ط 1آثار حممد البشري اإلبراهيمي ،دار الغرب اإلسالمي ،اجلزائر ،ط 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ه على بساط العلم و املعرفة حبملة وج ر الت فقر ،اجلمعية أن تبدأ باألول ألنه أعمق و أدخل يف النفوسجارفة على البدع و اخلرافات والظالل يف كل مكان وإنشاء املدارس وتعليم أبناء الشعب ،مطالبة

يته ؤ ستعمر الذي يغلي من السخط بعد ر ا بذلك املي احلكومة برفع سلطتها على أوقاف األمة ،متحد 1على درب التعلم والرفض والنهوض.قائدة إياه ،للجمعية تسري بشعبها

فقررت توسيع جبهات نضاهلا لتشمل القطر كله،فكلف منذ ،وبعد مرور سنة ظهرت نتائج اجلمعيةفاختار مدينة تلمسان مركزا لنشاطه ،م باملقاطعة الغربية من الوطن وهي مدينة وهران1933سنة

س هبا دار احلديث ائدة أنداك باملنطقة ،مث أس النزاعات القبلية العرقية اليت كانت س املكثف فبدأ حبل ت أصبحت مركز إشعاع ديين مثومن ،ي أصيلسأندل يت على نسق هندسي ن م اليت ب 1937سنة

وثقايف ،وعلمي حيث احتوت على مدرسة ومسجد وقاعة حماضرات ،فبعد مرور سنوات رفض م( وبعد 1940.فقررت السلطات إبعاده إىل صحراء وهران سنة) 2اإلبراهيمي املستعمر رفضا قاطعا

ويف ابن باديس فقرر رجال اجلمعية انتخابه رئيسا هلا إذ توىل من وصوله إىل معتقل )آفلو( ت أسبوعكانت هلذه اإلقامة اجلربية ردودها الفعلية من مث إدارهتا باملراسلة طوال السنوات اليت قضاها باملعتقل،و

،إىل جانب الكتابة والتأليف ،لبعيدة للجمعيةاعكف فيها على ختطيط املشاريع ،براهيميمن قبل اإليف خمتلف اجلوانب األدبية والعلمية ،ويف املواقف اجلزائرية القائمة وقتئذ ،.وبعدما أطلق سراحه راح

ة وسبعني ثدة ثالالثقافية فأنشأ يف سنة واحجيوب أقطار الوطن فأصبح قائدا للحركة الدينية والعلمية و .3ذلك نشر اللغة العربية ابا ،وهدفه منك ت

ين ر به يف السجن للمرة الثانية فبقي عام كامال ذاق فيه األم ج م( ز 1945وبعد أحداث )ماي ،نشاطه مباشرة على نفس الدرب استأنف،فتحمل ذلك بصرب اجملاهد ويقني املؤمن ،وبعد خروجه

من جديد بعد أن توقفت أثناء احلرب فأشرف على رئاسة « لبصائرا» فقام بإعادة بعث جريدة

30عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،ص 1 11/12،ص 1آثار حممد البشري اإلبراهيمي ،ج 2 لبنان ،قني ،دار العلم للماليني ،بريوت خري الدين الزركلي ،األعالم قاموس تراجم ألشهر الرجال والنساء من العرب واملستعربني واملستشر 2

54،ص6م ،ج2005يناير ،س ط كانون الثاين / 16،ط

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ة فاستقبل املعهد مثان مائة م( معهد عبد احلميد بن باديس بقسنطين1948ا .كما أسس عام)حتريره،إذ يعترب هذا األخري هو احملطة الكربى فيما بعد إلرسال الدفعات الطالبية إىل كل من مصر طالب

1راسات اجلامعية والعليا.واة األوىل للد س الن فكان هبذا العمل قد أس ،وسوريا و العراق

م( ،وذلك برؤيته يف 1952وهذا ما اقتضى من اإلبراهيمي الرحيل إىل املشرق مرة ثانية وذلك سنة )وهتيئة سبل التعليم ،أبناء الشعب اجلزائري أسلحة عاملة و أمداد يتالحق مجعها على فتح املدارس

املختلفة ،فرحلته هذه ختتلف عن رحلته األوىل فكان هلا دافعان:

ل بعثات من شباب اجلزائر ألجل تعليمهم.فاألول هو سعيه لدى احلكومات العربية لتقب

ن اجلمعية من أعماله وهذا أما الدافع الثاين:وهو خماطبة العرب واملسلمني ألجل إعانتها ماديا لتتمك ألن الدعوة إىل التحرير الفكري ،وجبه القضية اجلزائريةلسعي يهدف إىل حترير الفكر العريب مما ت ا

من مصر منطلقا ورعى فيها نشاط ذفاخت 2دعوة إىل التحرير السياسي. ذاتهواالجتماعي يف الوقت والدروس اليت متحورت ملقيا احملاضرات ،أوائل البعثات الطالبية فكان سفريا للجزائر وصوهتا املدوي

،حول أخوة اإلسالم ،إضافة لزيارته لدول املشرق من الكويت ودمشق وعمان ومكة املكرمة والعراقحيث متكن من خالل ،وحضور املؤمترات واملهرجانات ،فكان يقوم مبقابلة املسؤولني والتحدث إليهم

فلم يكتف هبذا وإنا بذل جهدا قويا للوصول إىل أجهزة اإلعالم من ،هذا التعريف بالقضية اجلزائرية ،واستطاع يف األخري أن يرسل صوتا عاليا صريا«صوت العرب»ومن أبرزها إذاعة ،إذاعة وصحافة

د واملساعي جعل من اجلزائر حمل اهتمام وعناية يف األوساط الفكرية والقيادية ،فأمثرت هذه اجلهو فاق من الوفود العربية لدى األمم املتحدة على قبول البعثات العلمية من تاال فكانت من نتائجها

.3الطالب اجلزائريني للدراسة على حساب نفقاهتم اخلاصة

9الطاهر يياوي ،العالمة البشري اإلبراهيمي أمري البالغة والبيان اجلزائري ،ص 1 55/56حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 2 57/59املرجع نفسه ،ص 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ه نداء إىل الشعب اجلزائري يدعو فيه إىل ضرورة االلتفاف حول الثورة وخوض وبعد اندالع الثورة وج الوحيد حنو حياة العزة والكرامة ،فكان من أوائل ألن ذلك هو السبيل ،غمار اجلهاد املقدس

و ترحال من بلد إىل آخر يستنهض بني حلي فظل ،الشخصيات الذين جتاوبوا مع الثورة التحريرية.1دون كلل أوملل إىل غاية استقالل اجلزائر واملعنوي ي على منح الدعم املاد اهلمم ويث

وبالغة خطابه واألدبيةقدرته العلمية ،ألعمال اجلليلة وهذه املهامن اإلبراهيمي للقيام هبذه اومما مك ة يف املشرق العريب م هموفصاحة لغته .فنشاطه مل يتوقف عند هذا احلد وإنا عرضت عليه مناصب

منها مشيخة جامع األزهر الشريف لكنه رفضها كونا تتعارض وأهداف رحلته ،فعني باإلمجاع عضوا وذلك اعرتافا بغزارة علمه وسعة حفظه ودقة فهمه آلداب العرب ،جبمع ،اللغة العربيةمراسال مبجمع

م( 1961فنونا من شعر ونثر وأمثال وأيام وأنساب ،وتاريخ ،مث لزم هذا املنصب إىل غاية سنة)فإعجاب املشارقة بسعة علمه وخباصة مصر الذي أيدها كثريا ضد 2عضوا ممثال يف اجلزائر حيث مت

اد فهذا ما أكسبه هذه املناصب فقضى اإلبراهيمي هذا الشوط من سفره بني هذه األصقاع تاركا اجلهعلمية أدبية أو ندوات ثقافية أو جمامع من مؤمترات ،بصمته يف كل حقل من حقول العلم واملعرفة

ة ،وبقي على هذا النمط دائم االحتكاك باملناخ الفكري والشخصيات العلمية إىل أن جذبته دعو .3م(1962األهل والوطن فعاد إىل اجلزائر بعد استقالهلا وذلك أواخر سنة )

كانت نتيجة هي مل تكن حمض صدفة وإنا األعمال اليت قام هبا اإلبراهيمي و كلإذ ال ميكننا حصر .،وإطالعه الكبري ثقافته الواسعة

م وهو عن عمر 1965ماي 19م( عاد إىل اجلزائر وظل هبا إىل أن تويف يوم 1962ويف أواخر سنة )ا يف بيته بعد هذا اجلهاد الطويل اضطر إىل التقليل من نشاطه منزوي فظل ،يناهز ستة وسبعني عاما

،رسالة دكتوراه 1جن ،دراسة تارخيية وفكرية مقارنة بشري فايد ،قضايا العرب واملسلمني يف آثار الشيخ اإلبراهيمي واألمري شكيب أرسال 2

م ،ص2010ه/1431ريخ احلديث واملعاصر ،جامعة قسنطينة ،ساالعلوم يف الت 235تركي رابح ،اإلبراهيمي يف املشرق العريب ،جملة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،ص 2 59حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

بسبب تدهور صحته ،وكذلك بسبب سياسة الدولة الذي شعر أنا زاغت عن االجتاه اإلسالميفاحنصر نشاطه يف عملني:على االشرتاكية كاعتمادها

بالعاصمة ،الذي « تشاوةك »دة االستقالل ،افتتح هبا مسجد اء أول خطبة مجعة بعد استعاأوهلما إلقرجع كما كان مسجدا بعد أن حوله االستعمار الفرنسي إىل كتدرائية طوال قرن وثلث ،وقد ألقى

د من مجيع الدول العربية و اإلسالمية.و هبذه اخلطبة املشهودة حبضور وف

م ،الذي دعا فيه السلطة آنذاك للدعوة إىل احلكمة 1964أفريل 16بيان أما ثانيهما هو إصداروالصواب ،وإىل جادة اإلسالم ،بعد أن رأى البالد تنحدر حنو احلرب األهلية ،وتنهج نجا ينبع من

1مذاهب دخيلة مضادة لعقيدتنا وروحنا وجذورنا.

ن أقيمت عليه صالة اجلنازة باجلامع وهكذا دفن الفقيد مبقربة )سيدي حممد(باجلزائر العاصمة بعد أقيم حفل التأبني أثناء عملية الدفن وكان ممن حضر املوكب اجلنائزي م،وأ 1965ماي21الكبري يوم

الرئيس الراحل هواري بومدين ،و العديد من الشعراء ،فكان ليوم وفاته األثر البليغ يف نفوس مجاهري يرثيه بقصيدة حزينة جاء فيها:فوقف مي، الشعب اجلزائري ونعاه العامل العريب و اإلسال

قم باحلق اإلخاء وأرث مجيعا راحال خملص الوالء صميما

صد عنك الذي دنا منك ودا وحنا عاطفا عليك كرميا

إن صد)البشري(شب حنايا الصد در نارا وهدها حتطيما

إىل أن يقول:

2وال أقول وداعا أبت النفس أن تراك عدميا فسالما

13البشري اإلبراهيمي ص ،آثار حممد 1 63حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 2

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

كما رثاه عدد كبري من شعراء اجلزائر أمثال الشاعر الكبري املرحوم حممد العيد آل خليفة ،يف حني يف الوطن العريب من اهتم بتقدمي سرية اإلبراهيمي و احلديث عن جهاده ،ومنزلته العلمية والثقافية ،وشهد

ة حفل تأبني دعا إليه الدكتور طه حسني ،وكذلك األمر بالنسبة للمجمع اجملمع العلمي بالقاهر العلمي بدمشق ،كما كتبت الدكتورة بنت الشاطيء مرثية طويلة إثر وفاته نشرهتا جريدة األهرام حتت

"رحل البشري"مرثية وذكرى ،منها قوهلا:

على درب اجلهاد التقينا

وإىل حزب اهلل انتمينا

تعارفنا وبالقلم وبالضمري

والدكتورة بنت الشاطيء من الشخصيات العلمية األدبية ،اليت كانت ترى يف اإلبراهيمي املثل األعلى 1للمثقف العريب ،وكانت على صلة علمية وأدبية دائمة حني إقامته بالقاهرة .

ه على فاإلبراهيمي كان مدرسة، مجعت بني غزارة العلم، ودقة الفهم، والسماحة واحللم ،أملى إرادتاحلياة ،وأخضع أيامه ملشيئته، وكيـف ها حسب أطوار الزمان واملكان ،إنه دائرة املعارف اإلسالمية ،إمام

يف اللغة العربية وبالغتها ،وفيلسوف يف الرتبية ومناهجها.

.64املرجع نفسه ،ص 1

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ثالثا:آثاره

إن الشيخ اإلبراهيمي مل يويل اهتماما كبريا مبجال التأليف ألنه وذلك كرس معظم وقته وحياته يف تربية النشء وتعليمه حت تصل أفكاره يف ميدان العلم واملعرفة إىل جيلنا احلاضر ،إىل جانب ترؤ سه

مع هذه اجلهود اليت تأكل جلمعية العلماء وهذا ما نستشفه من قوله :"مل يتسع وقيت للتأليف والكتابة األعمار أكال ،ولكنين أتسلى بأنين ألفت للشعب رجاال ،وعملت على حترير عقوله متهيدا لتحرير

.وبالرغم من ذلك جنده ترك لنا 1أجساده، وصححت له دينه ولغته فأصبح مسلما عربيا..." مصنفات شت ميكن تقسيمها إىل ضروب جماالت:

ألف اإلبراهيمي يف هذا اجملال عدة مصنفات يف النحو واللغة تدل على وية:/مجال الدراسات اللغ1علو كعبه وطول باعه ،ولكن كل هذه املؤلفات مل تر النور ،فقد عبثت هبا يد الزمان إذ تركها خمطوطة

يف اجلزائر عند ذهابه إىل مصر يف مطلع اخلمسينيات ،ومن خالل عناوينه اليت أورده تتضح يتها.ومن بينها:أمه

_ كتاب "أسرار الضمائر يف العربية".

_ كتاب "بقايا فصيح العربية من اللهجة العامية باجلزائر"،فقد التزم فيه اللهجة السائدة اليوم يف مواطن هالل بن عامر.

تار _ كتاب "الن قايات والنفايات يف لغة العرب"،ولقد مجع فيه كل ما جاء على وزن فعالة من خم الشيء ومرذوله.

32حممد البشري اإلبراهيمي ،أنا ،جملة الثقافة ،ص 1

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

يف الفرق بني لفظ املطرد والكثري عند ابن مالك. ة_ كتاب "االطراد والشذوذ يف العربية ":وهو رسال

1_ رسالة يف "ترجيح أن األصل يف بناء الكلمة ثالثة أحرف ال اثنان"

ترك الشيخ تراثا ضخما يف النثر الفين والشعر، ولكن عدت عليها /مجال الدراسات األدبية: 2 العوادي وما جنا منها إال القليل وهذا بيان لبعض هذه املصنفات:

_كتاب "عيون البصائر"وهو الكتاب الوحيد الذي طبع يف حياة اإلبراهيمي بعد االستقالل ،وهو جتماعية والدينية واألدبية والفكرية اليت كان يفتتح يضم بني طياته جمموعة من املقاالت السياسة واال

هبا جريدة البصائر يف سلسلتها الثانية.

_رواية "كاهنة أوراس " صاغها الشيخ بأسلوب ميتزج بني احلقيقة واخليال ،وهو من النثر اجلزائري احلديث ومل ي طبع منها شيء.

ل على حنو مثان مائة وواحد ومثانني بيتا ،كتبها يف _رواية الثالثة :هي عبارة عن مسرحية شعرية تشممنفاه مبدينة آفلو ،وطبع هده املسرحية أحد تالمذة ورفاق اإلبراهيمي على اآللة الراقنة ،وقدم هلا

وعلق عليها بشرح مما غمض من لفظ،كما نشرته الشركة الوطنية للنشر والتوزيع يف ناية كتاب آثار يمي اجلزء األول.الشيخ البشري اإلبراه

_كتاب ما أخلت به كتب األمثال من األمثال السائرة ،مل يطبع بعد.

_أرجوزة شعرية :مساه صاحبها "ملحمة"نظمها وهو باملنفى وهي تبلغ ستة وثالثني ألف بيت .كما يقول اإلبراهيمي نفسه أنا تضمنت فنونا يف املواضيع من "تاريخ اإلسالم ووصف لكثري من الفرق

اليت حدثت يف عصرنا هذا ،وللمجتمع اجلزائري جبميع فرقه وحن له ..."مما جعله يعرفه بأنه شاعر رجاز حيث مل يؤلف يف هذا العدد الضخم ألبيات األرجوزة الذي مل يسبق فيها من قبل وال من بعد

.111/112،ص2010،س ط1توفيق مجعات ،قبسات من شخصية اإلمام حممد البشري اإلبراهيمي ،مطبعة روغي األغواط ،ط 1

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ا من هذه األرجوزة إال ،إال أنه مل يبق لن1،سواء كان ذلك يف األدب العريب أم يف اآلداب األجنبية عشرات األبيات.

فلم يطبع يف هذا اجملال كتاب من وضع البشري اإلبراهيمي،فاملؤلف /مجال الدراسات اإلسالمية:3الوحيد احلد الذي ذكر أنه ألفه قد ضاع من ضمن ما ضاع من مؤلفاته وقد عنونه "حبكمة مشروعية

م(و أمته بعد ذلك.إىل 1920_1917أثناء إقامته يف سوريا) الزكاة يف اإلسالم" وقد بدأ يف تصنيفه جانب كتاب آخر وهو"شعب اإلميان "مجع فيه األخالق والفضائل اإلسالمية.

2واحلق أنه من الصعب أن جيلس اإلبراهيمي للتأليف ،والواجبات تتدافع ببابه ،ودرسه يغض بطالبه.

منتقل من مكان إىل مكان ومن بلد آلخر نعم كيف يتمكن من تأليف عدد كبري من الكتب وهوحمدثا وخطيبا ،ومدرسا ،ومصلحا وهدفه األمسى هو تأليف جيل من الشباب يعتمد عليه وهذا ما

أشار إليه يف إحدى مقوالته اليت سلف أن أوردهتا من قبل.

.72/73/74البشري اإلبراهيمي أديبا ،صحممد عباس ، 1 .81/ 80،ص 2010،س ط1توفيق مجعات ،قبسات من شخصية اإلمام البشري اإلبراهيمي ،مطبعة روغي األغواط ،ط 2

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

رابعا: منزلته العلمية

فكنت ثقافته العربية أوضح ورد هبا من ثقافة الشيخ عبد كان لإلبراهيمي دور يف تطوير األدب العريب ،وذاك على القلم والتحرير فأعطته امليزة جماال للنقد ةاحلميد فهذا اعتمد على الدروس الشافي

.إضافة إىل ملكة 1والتوجيه، فاختذ من الصحافة والسيما جريدة البصائر ميدانا لقيادة اجليل اجلديدا طوعت له ثقافته وعلمه مدارك أسرار القرآن الكرمي ،وسرب أغوار اللغة احلفظ اليت كان يتميز هب

العربية ،أضف إىل ذلك إحاطته شاملة بعلم التاريخ العام ،وعلم النفس ،وعلم االجتماع وهلجات 2املواطنني و عوائدهم وأخالقهم ،فيعطيك ما يناسبه ،وخياطب الناس بقدر ما يفهمون

راته الكثرية ومقاالته اليت كان ينشرها يف الصحف واجملالت كبري األثر يف تعر ف كما أنه كان حملاضالعلماء واألدباء عليه ،فعاملوه مبا يستحق من اإلشادة والتكرمي واالعرتاف بالفضل،فكان ال يعقد مبصر يف اخلمسينيات مؤمتر أو ندوة ،إال وكان اإلبراهيمي واسطة العقد وضيف الشرف.فقد بلغ

اإلعجاب به واالعرتاف بفنه وأدبه إىل أن قال الدكتور "منصور فهمي" عقب استماعه حملاضرة ألقاها الشيخ يف مجعية الشبان املسلمني :إن هذا املنرب الذي يقف فيه الشيخ ساحة مقدسة ينبغي أن

.360م ،ص2007،س ط 1تاريخ األدب اجلزائري ،سحب الطباعة الشعبية جليش اجلزائر ،ط،حممد طمار 1 .65أديبا ،صحممد عباس ،البشري اإلبراهيمي 2

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

فصح وأبلغ منه يدخلها الناس كما يدخلون احلرم ،وأعلن هنا أين مل أر أو أمسع يف حيايت من هو أ،لذا أتوجه إليك قائال :أنت ملك العربية يف هذا العصر ،ملكت ناصيتها ونواصي نا ،وإن أدعو

1العلماء واألدباء يف الوطن العريب أن يلقوا إليك مبقاليد اللغة والبيان"

د كان كما يشهد له كذلك الشيخ "عبد الرمحن شيبان" رئيس مجعية العلماء املسلمني قائال :"لق_رمحه اهلل_ إماما يف العربية وبالغتها ،تفقه يف أسرارها وتغذى بآداهبا واستنار بقرآنا ،فكن خطيبا

مصقعا يهز القلوب ببيانه الساحر ،يعيد لألذهان ما كان للخطابة العربية ،فكان متحدثا بارعا لطيفا عش األرواح والعقول ،كان ديوانا أليام يغمر جمالسه باحلكمة وجيملها بالنكتة ،ويعطرها بأريج ين

العرب وآداهبم وتقاليدهم يف حرهبم وسلمهم ،يروي عن حفظ وبصرية ،ويصدر عن حافظة واعية وذاكرة منجدة ،وكان إىل جانب ذلك فحال يف الفصيح وامللحون يذكرك باملعري يف لزومياته ،وأيب

عصره، وبديع زمانه، مما جعله حبق معجزة القرن الطيب يف حكمه وأمثاله ،أما أسلوبه فكان جاحظ 2العشرين"

كما متتع بشخصية علمية ،ألبسته ثوب املهابة والعظمة ويسرت له سبل االنتصار املعنوي يف مواقفه اهلادفة إىل بث روح العلم، وحتقيق روح اإلصالح االجتماعي والثقايف، خاصة ،فهو دائرة معارف

رفقائه. منتقلة كما يقول أحد

وكل هذا مكنه من أن تكون لديه منزلة علمية ميزته بشخصية نوذجية تعطي عنه املثل النادر للمثقف العريب يف القرن العشرين ،فهي شخصية متعددة اجلوانب، جتمع بني معامل الكاتب القدير

لح االجتماعي، ،والفيلسوف املفكر ،واألديب احلق ،واخلطيب املصقع ،والشاعر الفنان، واملص 3واملفسر املشرع.

.158توفيق مجعات ،قبسات من شخصية اإلمام البشري اإلبراهيمي ،ص 1 159املرجع نفسه ،ص 2 .64/68حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 3

الفصل األول: العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي

ة أوال:اخلطبة الديني

ة ثانيا :اخلطبة األدبي

ة اسي ثالثا :اخلطبة السي

الخطابة الفصل الثاني:

31

اجلاهلية إىل غاية العصر احلديث ،ومن ، منذدت الفنون األدبية وانتشرت يف خمتلف األقطار واألزمانلقد تعد وبني ضعفه يف فرتات ، وذلك بفخامة ألفاظه وجزالته،ذي عرف بتطوره تارةاخلطابة ال فن بني هذه الفنون

عبد :أعضاء مجعية العلماء املسلمني اجلزائريني أمثال عند وخباصة ،أخرى ،فعرف عند أدباء اجلزائر وعلمائها احلميد بن باديس ،والطيب العقيب ،والبشري اإلبراهيمي .

إذ عرفه (خطب) أي مادة )الخاء ،والطاء ،والباء(تقوم على أصول ثالثة وهي اللغة ومن ذلك فاخلطابة يفاخلليل يف معجمه :"اخلطب هو سبب األمر ،واخلطاب مراجعة الكالم واخلطبة مصدر اخلطيب وخطب

1اختطب خيطب خطابة" اخلاطب على املنرب و

فما ﴿أما ابن منظور ذهب إىل القول:"اخلطب هو األمر اليت تقع فيه املخاطبة ;ويف التنزيل احلكيم قال :وعباد الرحمن الذين ﴿:وكذلك وردة اللفظة يف قوله تعاىل2*ومجعه خطوب"﴾المرسلون خطبكم أي ها

﴾*يمشون على األرض هونا وإذا خاطب هم الجاهلون قالوا سالما

3وخاطبه أحسن اخلطاب وهو املواجهة بالكالم ،وخطب اخلطيب خطبة حسنة وخطب اخلاطب خطبة مجيلة.

4ورجل خطيب حسن اخلطبة بالضم مجع خطباء ،وقد خطب بالضم خطابة وبالفتح صار خطيبا.

الذي لقي العناية واالهتمام من قبل يف واملفاهيم حول هذا الفن األدب،دت التعار فتعد االصطالحأما يف من أبرزها واملتداولة كثريا: ني ،وغريهم ولعل دارسيه من فالسفة وأدباء ،وبالغي

.222،ص 4السامرائي ،د ط ،د س ،ج مي وإبراهيمحتقيق مهدي املخزو ،العني ، ه(170اخلليل ) 1

31ية اآل الذاريات سورة * .135م ،ص2003ه/1423)خ د ذ( ،دار احلديث ،القاهرة ،طبعة مراجعة وحمققة ،س ط 3ه( ،لسان العرب ، اجمللد 711ابن منظور) 2 .63سورة الفرقان اآلية: * .167م ،ص2006ه /1427،س ط 1،أساس البالغة ،دار الفكر بريوت ،لبنان ،ط ه(537الزخمشري ) 3 .380،ص 2م ،ج1987ه/1408،س ط 2ه( ،تاج العروس ،حتقيق علي هاليل ،مطبعة حكومة الكويت ،ط1205حممد مرتضى الزبيدي ) 4

الخطابة الفصل الثاني:

32

1تعريف أرسطو هلا بقوله :"هي الكشف عن الطرق املمكنة لإلقناع يف أي موضوع كان"

موضع يراد ؛واإلقناع يقدر هبا على اإلقناع املمكن يف أي:"هو جمموعة قوانني ،فيقولونوكذلك يعر فه احلكماء فالسفة علما له أصوله هو محل السامع على التسليم بصحة املقول وصواب الفعل أو الرتك". يف حني يعتربه ال

ن الدارس هلا من التأثري بالكالم.متك ،وقوانينه

ا تقال على معنينيأما األدباء فيت ا كاخلطبة بضم :أحدمها :جهون إىل القول أن اسم للكالم املنثور ،فسكون أن هو إلقاء الكالم املنثور مسجوعا كان أو مرسال الستمالة املخاطبني إىل رأي :سجعا كان أو مرسال ،وثانيهما

2ابة.أو ترغيبهم يف عمل وهذا ما يريدونه يف قوهلم فالن يقوم على اخلطابة أكثر مما يقوم على الكت

ا قياس مركب من مقدمات مقبولة أو مظنونة من شخص معتقد فيه ،وا لغرض بينما جند اجلرجاين يعرفها بأن 3اظ.ع منها ترغيب الناس فيما ينفعهم من أمور ومعادهم كما يفعل اخلطباء والو

ا صفة راسخة يف نفس املتكلم يقتدر هبا على التصرف يف ،ويورد أبو زهرة من العلماء احملدثني تعريفا آخر :"أن 4 إقناعهم".راد منهم يفومحلهم على ما ي ،فنون القول حملاولة التأثري يف نفوس السامعني

ا جمموعة من القواعد يلتزم هبا اخلطيب أثناء إلقاء خطبته أمام بينما تذهب معاجم املصطلحات للقول :"إن وتقسيمها إىل فقرات والضغط على ،ومراعاة الصور البيانية،اجلمهور وذلك كرفع الصوت وخفضه أحيانا

5املواطن اهلام ة فيها..."

من خالله أنه أم مجميع التعريفات السابقة :"اخلطابة فن إىل تعريف أمشل يتبني ونيذهبف أما بعض الدارسنيوالتأثري فيهم بصواب قضي ة وختطئة أخرى".و الكتمال ،من فنون الكالم ،غايته إقناع السامعني واستمالتهم

ملن يستطيع أن يلعب هبذه العناصر لعبا فنيا ى إال من مهارة اخلطيب ألن هذا الفن ال يتأت هذا املفهوم البد

.10م،ص2011/2012،كلية اآلداب والعلوم ،جامعة الشرق األوسط ،س،مذكرة ماجستري اخلطابة عند الفاروق دراسة أسلوبية عبد اهلل علي جابر املري ، 1 . 14 13، 11دار االعتصام ،د ط ،دس ،ص عدد اخلطيب ،إفن اخلطابة و الشيخ علي حمفوظ ، 2 .104م ،ص 2003ه/1424،س ط 2ه(،التعريفات ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان ،ط816الشريف اجلرجاين ) 3 .11/12،ص اخلطابة عند الفاروق دراسة أسلوبيةجابر املري ،عبد اهلل علي 4 5 .119مزيدة ومنقحة ،ص 2العربية يف اللغة واألدب ،مكتبة لبنان ،بريوت ،ط معجم املصطلحاتجمدي وهبة و كامل املهندس ،

الخطابة الفصل الثاني:

33

ما ميكن أن خنلص إليه أن هذه التعاريف كلها ومن متت 1ة والرباهني.مستعينا باألدل ،خذا الوسائل املختلفةمت قه وهو اإلقناع وبأي طريقة كانت ،بينما جند يف وهو اهلدف األمسى ال ذي ينبغي أن حتق ،منحى واحد تدور يف

ر منها _التعاريف_ من يضيف الطرق اليت جيب أن ميتلكها اخلطيب ،وهناك من يضيف الصفات جانب آخ...

جدت إذ وجدت بوجود اإلنسان ونشأة بنشأته ،ارتقت برقيه فكانت مىت و ،اخلطابة قدمي نشأة فاحلديث عن، كانت هي الوسيلة طأمجاعة من الن اس تتكل م بلسان واحد فيختلفون يف آرائهم ومعتقداهتم بالصواب و اخل

،وتسابق النبهاء منهم إىل استمالة املخالف وإىل التأثري فيهم بطرق شىت والضرب على ابعضإلقناع بعضهم 2.أوتاره

فلو أردنا التأريخ له لوجدناه عرف عند اليونان ،كما عرف يف العصر اجلاهلي إال أن ه م يكن منتشرا كثريا وهذا 3مثلما اهتموا بالشعر ال ذي كان وقتئذ ديوان العرب ،اة م يهتموا بالنثر كثرياو ون الر راجع إىل طبيعة العصر ك

فبه يتفاخرون ،وبه يتهاجون .

لكن بدخول اإلسالم بدأ هذا الفن ينمو ويتطو ر شيئا فشيئا حىت ارتقى يف صدر اإلسالم ،فنبغ فيه عدد كبري هم بال منازع ،فأصبحت من اهلل صل ى اهلل عليه وسل م سيد ،إذ كان رسول نمن اخلطباء وهم اخللفاء الر اشدو

لنشر العقيدة اجلديدة ،كما جند يف العصر األموي ال ذي يعترب قسم من صدر اإلسالم نبوغ ،الوسائل الضروريةأن ه ضرورة من يف ذلك هو اعتبارهم هبذا الفن فبلغ الرقي ،والسر امجاعة من مشاهري اخلطباء الذين اعتنو

، ولكن هذا العقد من الزمن متيز بعودة اخلطابة إىل ما يشبه عهد 4اآلراء يف هذا العصر الضرورات لبث د األساليب،لكن سرعان ما ى إىل اتساع املوضوعات وتعد مما أد ؛من حيث الدفاع عن القبيلة ،اجلاهلية

أما الدينية فكانت حمصورة ،تةها ،فكانت اخلطبة السياسية مي ضعفت يف العصر العباسي ويف العصور ال يت تلت

.99،ص 4الوحدة العربية ،د ط ،دس ،ج عمر الد سوقي ،حممد صادق عفيفي ،حممد الفاسي ، األدب والنصوص للسنة الرابعة ثانوي ،مكتبة 1 .99 املرجع نفسه ،ص 2 النثر يف العصر اجلاهلي ، 3

4 .19م ،ص2005ه/1426،س ط 1دراسة تطبيقية ،دار الفكر ،األردن ،ط باقات من النثر العريب القدميمصطفى الفار ،داود الشوابكة ،

الخطابة الفصل الثاني:

34

من ذلك األسلوب الر قي املتمي ز ،إىل األسلوب البديعي املزخرف يف خطب اجلمعة واألعياد ،أم ا أسلوهبا فاحنط ،أم ا موضوعاهتا فكانت تقليدي ة مكر رة واقتصرت أغراضها يف املناسبات إىل غاية العصر احلديث

1

ي هذا العصر دب ت حياة جديدة يف اخلطابة فانتعشت وم تعد حمصورة يف املساجد بل اتصلت بكل نواحي ففيني ة والعمراني ة ،والفكري ة وهكذا فتحت أمامها آفاق جديدة م تعرفها سابقا .اجملتمع ،فتناولت شىت الشؤون الد

كما متيزت .كوا آثارا بي نة يف األدب احلديثل على املنابر يف هذا العصر عدد كبري ممن تر افظهر من الر جاخلطابة احلديثة بسعتها وتنوع موضوعاهتا ،وحري ة أسلوهبا بعد أن كانت قبل النهضة ضيقة النطاق تغلب عليها

ف املستهجن حبيث أصبحت واسعة اجملال جتري يف طريق التعبري املرسل الصناعة ويسودها اإلسفاف ،والتكل 2احلر.

بفضل األمري عبد القادر وبعض املثقفني اجلزائريني ابة يف اجلزائر، وهذه النهضة ع رفتاخلط مس ميز فهذا التذين حياربون األعداء إذ واستنفار ال ،وأدركوا خطر اخلطابة يف الدعوة إىل اجلهاد ،ال ذين ملكوا ناصية القول

أو عقيدة روحية بدل أن كانت قبل االحتالل ،يفتها بالنسبة إليهم هو التعبري عن القضية الوطني ةأصبحت وظولقد زاد هذا الل ون األديب تطورا بفضل إنشاء اجلمعيات الثقافية والنوادي ،تعبريا عن موضوعات مكررة

،وتأسيس مجعية العلماء املسلمني اجلزائريني ال يت كانت احملضن الدافئ ال ذي ترعرعت فيه اخلطابة اجلزائري ة روا هلا من أجواء النمو االرتقاء وذلك ملا أوالها علماء هذه اجلمعية من الرعاية واالهتمام ووفوزادت تدرجا يف

3االزدهار.

صف به من صفات اخلطيب البارع إال أن ه وذلك ملا ات ،دون منافسرائد هذا الفن كذلك ان ك ياإلبراهيمفنتقاله من منطقة إىل كذلك او ،وسبب ذلك أن ه كان يرجتل خطبه ،لدينا من خطبه إال القليل م يبق لألسف4أخرى.

13م،ص1983،س ط 1م ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،ط1974/ 1830،تطور النثر اجلزائري احلديث عبد اهلل الركييب 1 .399م ،ص2000،س ط 6يف النهضة احلديثة ،دار العلم للماليني بريوت ،لبنان ،ط الفنون األدبية وأعالمها أنيس املقدسي ، 2 .14م ،ص1974/ 1830،تطور النثر اجلزائري احلديث عبد اهلل الركييب 3 .46،ص م2009،س ط 1،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط اإلبراهيميالبشري عبد املالك بومنجل ،النثر الفين عند 4

الخطابة الفصل الثاني:

35

ويتضح ذلك من خالل قوله :"...فأن ين أجد من السهولة ومواتاة الكالم يف اخلطابة ما ال أجده يف واضع

ذلك يف نفسي ويف نفسي أن ين جتدين يف اخلطابة الكتابة مث جاءت العادة واملران فأحكما ذلك يف طبعي ،ومرد واختيار أحسنها ،وقد يعني املرجتل ،وعرض األساليب ،مأخوذا باملغافصة ،وهي ال تدع اجملال للروي ة والتحكيك

فال يستطيع السامع أن حياسب على ،على االرجتال مصحوبا بالعذر وأن صور الكالم وألفاظه أعراض تنقضيفهذا القول يوض ح لنا أن اإلبراهيمي لديه غرض 1بقى من احملاضرة إال الص ورة الكلي ة اجململة .."وال ت،دقائقها

من ارجتال خطبه.

ر خطبه اعرتف بعلمه وسعة ، فكل من حضوذاكرته الواعية القوي ة ،له ذلك إال بفضل ثقافته الواسعة وم يتأت أبلو عمق ملكة أن أسرب غور السليقة العربي ة فيه ،و أحببت..إذ يذكر الدكتور أمحد نايت يف قول له:" ؛مقامه

يطيل القول ثالثة ساعات كاملة فهالين منه أن أمسع الرجل يقول ف ،الفصاحة يف لسانه ،وغزارة املادة يف تبيانهبان.."أن الر جل أخطب من سح وال يعوزه على ما يقوله برهان ،وآمنت ،عثر لسانه ،وال يلتوي عليه بيانفال ي

بكر بلقاسم يذهب نفس املذهب أثناء تعليقه على ما كان اإلبراهيمي يرجتل من كما جند كذلك الدكتور أبالنا بزعامة اإلبراهيمي يف فن كله يوحي اهذأضرابه ر بأسلوب اجلاحظ وته يف خطبه تذك فريى أن عربي ،خطب

2.يف إلقاء القول على الن اساخلطابة ،وتبني لنا مقدار املنزلة الفنية ال يت بلغها

ا السمات نفسها ال يت برزت يف مقاالته وما ميكن اإلشارة إليه كذلك من اخلصائص ال يت متيزت هبا خطبه أن تقريبا كاملنهجية السليمة والصياغة األدبي ة..إال اختالف طفيف أال وهو خلو اخلطابة من األسلوب الساخر

3ما جاء يف طلوع اخلاطر دون أدىن تكل ف. ة ،وليس فيه إكثار من السجع إال ،واأللفاظ العامية واألجنبي

ها:بيان من البيان ال ذي هو نعمة اهلل عن أمور أمه إذ نتجت فكان هلذا الفن األديب من األمهية والقيمة ما كان

1.على اإلنسان ،وسالح من أسلحة الدعوة ،وظاهرة من ظواهر اجملتمع البشري

109،ص 4جم ،1997،س ط 1،دار الغرب اإلسالمي ،طإلبراهيمي اإلمام حممد البشري اآثار 1

.282صم ، 1983ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،س،م 1954-1931 ر األديب يف اجلزائرفنون النثعبد امللك مرتاض ، 2 .48عبد املالك بومنجل ،النثر الفين عند اإلبراهيمي ،ص 3

الخطابة الفصل الثاني:

36

عند اإلبراهيمي نظريا بغريها من الفنون كونا وسيلة من الوسائل ال يت تنهض هذه القيمة األدبية هلذا الفن جتلى ف"التمثيل والخطابة عند األمم الحية توأمان وأخوان هبا األم ة مبختلف جوانبها ويعدها مبثابة التمثيل بقوله :

ة الفاضلة ألرفع منزلة وأن مكانتها من بين مقومات شقيقان ،وأن منزلتهما من دواعي التهذيب والتربياألخالق بمنزلة الطعام والشراب ومن بين مقوماتها الجسدية وما بنيت نهضة من النهضات األخالقية

2بنائها الحظ األول.." جديدة إال وللتمثيل والخطابة فيوفي األمم ال

ومن اخلطورة خطورة وسائل اإلعالم ،هلا املكانة املرموقةإن ومهما كان األمر فاخلطبة كنثر وإن كانت خمتصرة ف يف عصرنا احلايل ،ووسائل التعليم والرتفيه ،والتدريب ،والتهاجي والتناجي .

بعاملني وتنحط بفقدانما ؛أحدمها:أن تتمتع األمم بنصيب من احلرية يف كما أن منو ها ورقي ها ال يكون إال الفكر والقول.

3هما:وهو أن تشعر بسوء حالتها ،وتصور لنفسها صورة من احلياة أفضل مما هي عليه.أم ا ثاني

االجتماعية تعددت أنواعها من وبفضل هذه القيمة ال يت متيزت هبا اخلطابة وكونا ضرورة من ضرورات احلياةأهدافها ،وهذا ما سأحاول احلديث األنواعمن هذه ولكل ،إىل اجملال السياسي ،اجملال الديين إىل ،ال األديباجمل

هذا الفصل وخباصة عند الشيخ البشري اإلبراهيمي . ثنايا عنه يف

.244م ،ص1997ه /1418،س ط 1،طمكتبة اإليمان منصورة أمام جامعة األزهر ، حممود حممد عمارة ،اخلطابة بني النظرية والتطبيق 1 85م ،ص2001ه /1421،س ط 1،ط ،اجلزائر ،دار الغرب اإلسالمي 1،اجمللد جملة الشهابعبد احلميد بن باديس ، 2 النثر يف العصر اجلاهلي، 3

الخطابة الفصل الثاني:

37

أوال: الخطبة الدينيةهذا الن وع يتميز عن غريه من اخلطب ،كونا كانت أسبق ظهورا نظريا بغريها من األنواع إذ كان من خالهلا

ا كانت يف ،العلماء أو اخلطباء حياولون نشر الوعي يف الناس بداية األمر تقتصر على املساجد كما أن ا تعتمد على إثارة العاطفة لتحبب إليها اخلري هذا النوع طابعا خاصا جتل اختذإذ ى من خالل تعريف بعضهم أن

كالما دينيا ختاطب هبا العامة هي كلها تضم وحب ه وخشيته ؛إذ ،وتنفرها من الش ر وتوجهها إىل تقوى اهلل1فلم حيدد هلا خصائص وميزات متيزها عن غريها من األنواع ،واخلاصة من الن اس يف أمور دينهم

جه تقريبا يف نفس االجتاه يف تعريفه للخطبة الدينية فهناك من يت ،مد على إثارة عاطفة املتلقيتفهذا التعريف يعتدور موضوعاهتا حول التمسك بالدين والتبصري حبدوده واحلث على فضائله والدعوة إىل باعتبارها كل خطبة

2مكارم األخالق.غري أن ه هناك من يعطي مفهوما آخر للخطبة الدينية باعتبارها :"هي أوىف األنواع مبطالب الن اس ،إذ اخلطيب

،ويف السراء والضراء ال يفرتق عليهم وهو معهم يف صباحهم ومسائهم ،الديين رائد يف قومه ال يكذب أهله 3ع البشري ،إىل جانب األسلوب املؤثر"تمجملوس بصريا بسنن اهلل تعاىل يف احبال إذ البد أن يكون خبريا بالنف

الحظ من خالل هذا املفهوم أن صاحبه أراد الرتكيز على بعض ما جيب أن يتميز به اخلطيب الديين مما ي و .به ما جيب اإلحاطة إضافة إىل الساحة مند القدم فتناول موضوعات أخالقية دينية ،وفلسفية هذا الفن قد احتل رع جذو ا لتتب وإذا ذهبن

،إذ كانت اخلطبة الدينية يف هذه الفرتة خطابة دين جديد وخباصة بعد ظهور اإلسالم تبحث عن روح األديانة تدحض آراء فتعترب يف الوقت نفسه خطبة دفاعيات وتعمل على توضيح اآلي ،توجه إىل العقل والقلب

فتكون كما استدعت أن تكون إىل جانبها خطبة أخرى وهي اخلطبة السياسية .وترد عن كل مكابر ،اخلصوم امتدادا هلا

1 203م ،ص1983،البشري اإلبراهيمي أديبا ،كلية اآلداب جامعة بغداد ،س حممد عباس .2009مايو 20محمد ،فنون النثر األدبي في العصر الجاهلي واإلسالمي ،تاريخ بلوافي 2

3 .245ص ،الخطابة بين النظرية والتطبيق ،محمود محمد عمارة

الخطابة الفصل الثاني:

38

1.صراعألن العهد عهد

،إذ عرف هذا العصر بعصر التنوير وصار اللمح تصرحيا حملنا تغري احلال عشر ن إذا انتقلنا إىل القرن الثامن لكت طوال هذه الفرتة والتحرر العقلي إىل درجة اإلحلاد ،واستيقظت فيه السياسة متمثلة بيقظة الشعب ،إذ ظل

ال ذي عرف بالدميقراطية و عشر التاسع متمسكة بالثورة يف أي بلد ومساندة له ،لكن مع حلول القرن 2.ا فما حلقها من القرونالعاطفية ساهم بربوز اخلطبة الدينية مما جعلها أكثر منو

لفة كلها تتصل الذكر أن هذه اخلطب ذات املوضوعات الدينية حاولت معاجلة موضوعات خمت انلوكما سبق ،وشهر رمضان ،إذ كان بوي در ،واملولد الن وأمهها؛ خطب اجلمعة ،وذكرى بدر ،وليلة الق بالدين وتعود إليه

هلذه املناسبات الدينية اليت ألقيت فيها اخلطب دور كبري يف اجلزائر وخباصة يف تطوير اخلطابة العربية و إثرائها ،كما كانت فرصا عريضة لرجال اإلصالح الذين كانوا يف نفس الوقت ميثلون رجال األدب وأعالمه البارزين

.3مواهبهم اخلطابية ،وقدرهتم على االرجتال ،و افتضاض املعاين ظهروا فيهالي ا يف بداية األمر كانت تتميز بشيء من طابع تعليم الدين أي الشعائر التعبدية من صالة هذا ما حيلنا للقول أن

الذين أبدعوا لتشمل جوانب أخرى فتعدد بذلك اخلطباء ،وصيام وحج..لكن بفعل متطلبات العصر حتررت.فيها ت له كو نت اخلطبة الدينية ظال واسعا يف األدب بصفة عامة ،جندها كذلك يف أدب اإلبراهيمي وال يت تأت اكم

فقد كتب وألقى خطب فيما يتعلق مجانب إذ كان آية من آيات اهلل يف اخللق ،بفضل امتالكه للبيان الراقي 4ن صافية ناصعة خالية من التعقيد واالبتداع.العبادات حيث كان فيها شديد احلرص على تبيني حقائق الدي

الدينية مثل ختم القرآن حيث جنده تاالحتفاالم تنحصر خطبه يف تعليم الدين بل جتاوزته لتشمل كذلك إذ يف امن خالهلا ينزع منزعا إصالحيا ،فخطب اإلبراهيمي الدينية أثناء متعننا فيها جند فيها ميزات قد ال جنده

. 337حنا الفاخوري ،الجامع في تاريخ األدب العربي القديم ،دار الجيل ،بيروت ،لبنان ،دس ،د ط ،ص

1 . 167م ،ص1979،س ط 1يف النقد األديب ،املؤسسة العربية للطباعة والنشر ،بريوت ،طعلي جواد الطاهر ،مقدمة 2 . 289م ،ص1983،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،د ط ،س ط 1954-1931لك مرتاض ،فنون النثر األديب يف اجلزائر عبد امل 3 . 83/ 82م ،ص 2009،س ط 1منجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط عد املالك بو 4

الخطابة الفصل الثاني:

39

،مثال ذلك أن ه م ينتهج منهجا واحدا يف مجيع اخلطب ،فقد جند اخلطبة برتاء إذ ال يقدم هلا اخطب غريه ،كميف احلفل البهيج ال ذي أقيم بكلية الشعب على شرف الشيخ عبد احلميد بن باديس مبناسبة اخلطبة ال يت ألقاها

1.ختمه تفسري القرآن يثة على مثل يومكم باألمس .ولقد في الجزائر الحد :"أيها المأل الكرام ما أشرقت شمسيبدأ فيها بقوله

مضى بجالله وروعته ،ولم ينطق في وصفه لسان بكلمة ،وال اختلجت في نعته شفتان بحرف ال زهدا يفعل ذلك ألن إذ كان من املفروض أن يبدأ بتقدمي خلطبته لكنه م 2يقته"قبنا لحلحقه وال غ افيه وال عرفان

إضافة للحفاظ عن العروبة هذا ما ،و احلفاظ على قيم الدين اإلسالمي يف اجلزائرالوحيد أمامه ه اهلاجس.أعطى خاصية للخطبة عنده

كما ان ه كان يف خطبه ذات الطابع الديين يعتمد يف موازناته ومقارناته على الدين والتاريخ اإلسالمي ،كما أن ه يف الصياغة والتناول من التقدمي والتأخري ،إذ جنده يف نفس اخلطبة ختمها مبا هو من املفروض كان كثري التنويع

معرفته الدقيقة بالل غة وقدرته العجيبة وذلك يعود إىل ثقافته الواسعة وإىل إال أن ذلك م يؤثر عليها،أن يبدأ به ذي يريده ،فضال على ذلك تأثري اخلطبة يف منها وإدارهتا على النحو ال على التصرف فيها ،وتوليد املعاين

3تشتمل على حقائق وخصائص فنية إىل جانب صياغة األفكار. ااملستمعني كونومن اخلصائص كذلك ال يت مي زة خطبه كذلك حقل من املفردات استعملها يف خطبه الدينية دون غريها ألنه

،فاإلبراهيمي وهو ي ،كاتيدرائية ،ثيوقراطية..(إكليرجومن مفردات هذا احلقل :) كان يبتعد عن العامية يكتب بالعربية ال يطلق على رجال الدين املسيحيني باجلزائر مصطلح رجال الدين أو القساوسة ،ألن القيمة

هي قيمة ثابتة لرجل الدين يف املعجم العريب اإلسالمي هو رمز للسماحة والعدل ،والرأفة بالناس ...و الداللية (le clergé)ألنه رمز للظلم والتسلط والتغيري يف اجلزائر. اللفظ ن الناس ،إمنا يوظف اللفظ الفرنسييف أذها

،وكانت يف املعاجم هو سلك رجال الدين أو قساوسة املقاطعات اليت كانت تنتمي إىل فرنسا ومعىن هذا اللفظ

120م ،ص 1986/1987محمد مهداوي ،البشير االبراهيمي واللغة العربية ، رسالة ماجستير ،جامعة دمشق ،س 1 2 .249،ص 1م ،ج1987،س ط 1آثار اإلمام محمد البشير اإلبراهيمي ،دار الغرب اإلسالمي ،ط .121/122محمد مهداوي ،البشير اإلبراهيمي واللغة العربية ،ص 3

الخطابة الفصل الثاني:

40

دين اإلسالمي ورجاله واألديان األخرى بقوله أن متمثلة يف رجال الدين ،حىت أن اإلبراهيمي يقيم فرقا بني ال1ين دميقراطي مسح ،وليس فيه نظام اكلريجي متسلط كبقية األديان.اإلسالم د

"كنيسة الكرسي ومعناها وتدل يف معجم املعاين على كاتيدرائيةإىل جانب هذه اللفظة استعمل لفظة قامة البابا ،وقيل احتفل المطران بالقداس في إلاألسقفي ،وهي أكبر كنيسة في منطقة دينية وتكون مقرا

2.الكاتدرائية" ،وغرس يقاض الفكر اإلنساين من اجلمود واحملافظة على الدين وتعاليمهحاول إفاإلبراهيمي يف خطبه الدينية

.ثقافة اإلصالح يف جمتمعه

من خالل عيون البصائر. اإلبراهيميالعالقة بين اللفظ والمعنى بين المفهوم المعجمي واالستعمال عند البشير مقال حول عبد هللا بوخلخال ، 1 معجم المعاني، 2

الخطابة الفصل الثاني:

41

ثانيا :الخطبة األدبية

إذ يدل هذا 1لون من اخلطابة يف األدب العريب احلديث وتشمل األدب والتاريخ والثقافة ،وما يتعلق هبا ،ا من األنواع ال يت عرفت حديثا، ذ من خالل هذه اخلطب حياول اخلطيب التعريف بأديب ما إالتعريف على أن

ايا ...أو الوقوف على مآثر شخصيته ،كما أن ه حياول التأريخ لقضية من القض

إذ من املمكن أن نشرك هذا النوع مع املقالة األدبية يف بعض من خصائصها واملتمثلة يف:أن األديب كونه ور ال يت تنقل املتلقي خطيبا يعرب عن وجهة نظره حول املوضوع وذلك باستهالل جيدب القارئ مع استعمال الص

2إىل عام أرحب خياال ،التنويع بني اخلرب و اإلنشاء

ميكن أن نطلق هذه إذ ،كونه األديب املوغل يف االلتزام بقضايا أمته ،لقد متيز اإلبراهيمي يف هذا اجملال كثرياالتسمية على قسط من خطبه اليت ألقاها يف املناسبات الفكرية والعلمية واألدبية ومنها اخلطبة اليت ألقاها

م ،واخلطبة اليت ألقاها مبناسبة مهرجان شوقي.1961باجملمع العلمي بالقاهرة يوم أن عني عضوا فيه سنة

إن تقدميه يف اخلطبة خيتلف عن فمن هاتني اخلطبتني ميكن أن نستنتج بعض املميزات أو اخلصائص منها:اخلطبة الدينية اليت كنا قد أشرنا إليها سابقا من حيث الشكل إذ أن اخلطيب هنا يلتزم املنهج القدمي خلطباء

3لصنعة وحرارة اللهجة وقدم املعىن.ن العصور العربية ،فيستعمل أسلوهبم التقليدي بقوة االرعيل األو ل م

رضها ،وتسرتدون ،وأبقاكم للعروبة تصونون ع حياكم اهلل وبياكم وأدامكم ،وأحياكمكقوله يف بدايتها :"هج نفس املنهج إذ هتا..."و كذلك يف خطبته الثانية ينتفرضها ،وللغة العرب جتمعون شتاهتا ،وحتيون موا

اجملال يفسح يفتتحها مبقدمة شبيهة هبا ،إىل جانب اعتماده الرتادف بني األلفاظ والتقارب بني األفكار حىت

.400م ،ص2000،س ط يونيو 6وأعالمها يف النهضة العربية احلديثة ،دار الطبع للماليني ،بريوت ،لبنان ،طأنيس املقدسي ،الفنون األدبية 1 2014 2013،جامعة العقيد أكلي حمند أوحلاج ،البويرة ،س-عيون البصائر أمنودجا –أحالم بالويل ،بالغة اللغة يف أدب املقال اإلصالحي عند حممد البشري اإلبراهيمي 2

.37 36،ص .197م ،ص1983حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،رسالة ماجستري ،كلية الشعب ،جامعة بغداد ،س 3

الخطابة الفصل الثاني:

42

،وحياول اإلملام مبنزلتها يف لتوارد أفكاره فمثال يبدأ يف خطبته األوىل يطرح قضية اللغة العربية جوهرا للخطبة 1قطعتها ،وهي تساير أعاصري الزمان.الوجود ومراحلها التارخيية اليت

قني والتعليم وسبب ذلك إىل جانب اعتماده األسلوب السردي يف أغلب خطبه الذي مييل من خالله إىل التلفغلب ،هو أن اإلبراهيمي كان مدر سا وملق نا ،وعرض احلقائق التارخيية واألدبية قاصدا من وراء ذلك اإلفادة

،ومما يلحظ من هذه اخلطب أنه فاعتمدت خطبه على أدوات الربط البسيطةعلى أسلوبه الوصف اخلارجي نه هذا يبني لنا أسلوب السرد الذي تضم منوذجوهذا 2تبني القيمة الشعورية اليت هتيمن على أفكار اخلطيب

الفطن ،وأذكىاخلطب يقول فيها :"فالقرآن هو الذي وبأها وأدهبا وزكى منها النفوس وصفى القرائح النوع منب األفكار وأعلى اهلمم ،واستفز الشواعر ،واستثار القوى ،وصقل وجال املواهب ،وأرهف العزائم ،وهذ ،

امللكات ،وقوى اإلرادات ومكن للخري يف النفوس ،وغرس اإلميان يف األفئدة ومأل القلوب بالرمحة ،وحفز ى ما يف األرض من شر وباطل ،وفساد األيدي للعمل النافع ،واألرجل للسعي املثمر مث ساق هذه القوى عل

3وغمرها باخلري واحلق واإلصالح تعمريا" ،منه تطهريافطهرها

فاإلبراهيمي على الرغم من اعتماده السرد إال أن نا نلحظ استفادته منها من الناحية الزمنية ،جعله يطوي ب اجلمل الطويلة ،فرتكيب اجلملة عنده يف أحاديثه يف مجل قصرية اختصارا لإلنشاء والبناء والرتكيب الذي يتطل

،هذه هي املهارة األدبية اليت تظهر فيها على مقدرته على فعل وفاعل ومفعول به يتجاوز الهذا السياق كما يظهر استخدامه للسجع بقصد أو بغري للثقافة والبالغة العربية ، هاالرجتال ،وعلى اقتناء العبارة واستيعاب

ذة الفنية ،ومما ندركه كذلك من فاحتة خطبه تعلقه بالصور احلالتني هو الل ك يف كالقصد ،لكن هدفه من ذل4البيانية واحتفاله باأللفاظ القوية اجلزلة ،ومتكنه من استيعاب شوارد املفردات

.179حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 1

.198املرجع نفسه ،ص 2 . 277م،ص1938ه/1357،س 4،ج 14ديس ،جملة الشهاب ،معبد احلميد بن با 3 4 .33 29م ،ص1983،س ط 1طم،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،1830/1974،تطور النثر اجلزائري احلديث عبد اهلل الركييب

الخطابة الفصل الثاني:

43

لكن ومما يالحظ كذلك هو ظاهرة التكرار يف املعاين ورمبا السبب من وراء ذلك حماولته الرتكيز على ما يريدهيصال األفكار والتحكم يف معانيها اعتماده املوضوعية ،حماوال بذلك إكلما واتته الفرصة،و كان حيسن توظيفه

1اليت تتناسب واملوقف مما جعله يلجأ إىل أسلوب االسرتسال.

فاإلبراهيمي كان يف خطبه األدبية حني يتعلق احلديث بأديب أو شاعر فإنه يعطي لكل حق حقه ،إضافة إىل هيك عن القيمة املعرفية اكانت للمناسبة اليت يلقي فيها خطبه قيمتها األدبية والعلمية نذلك

.200البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص :عباس حممد 1

الخطابة الفصل الثاني:

44

ثالثا:الخطبة السياسية

انطلق لسانه يعرب عن ،هي مظهر من مظاهر حرية األمة واستقالهلا ،فكلما كانت أوفر حرية ،وأعمق استقالال ها ومصلحا ما فسد ما معوج حادي األمة عن طريق اإلصالح ،مقو مكنون الضمائر ،واملشاعر ،وكان اخلطيب

.1تلك هي مهمة األدب حتريك األمة للعمل على حداء األمل ،من أمورها

تكون خطبا وطنية أو حزبية أو خطبا برملانية ،أو إدارية وأكثر ما تكون ارجتاال وهي نوع من اخلطابة وعادة ما 2يعقل ألسنتها سلطان غالب.يف األمم احلرة املستقلة اليت ال

يف العصر احلديث تعريفا آخر للدكتور عماد عبد اللطيف يف كتابه اخلطابة السياسية بأنا :"كالم يف حني ويتناولون فيه أمور احلكم وقضاياه "مشريا كذلك إىل أن ه :"وسيلة من ،شفاهي يلقيه الساسة أمام اجلمهور

لشعب ،وإىل النخب السياسية فيما بينها فضلت األداة املثلى للتأثري يف وسائل التواصل بني النخب السياسية واملفاهيم كلها توضح لنا أن هذا .فمن خالل هذه املفاهيم كله رمبا أمكننا القول أن هذه ا3اجلماهري وحشدهم"

بقبيلته أو والقضايا املتعلقة ،هو إبداء رأيه يف موقف من املواقف ،لنوع من اخلطب يكون غرض اخلطيب منهاا دولته.

فاخلطبة السياسية عرفت مند القدم حىت عند العرب إذ مارسوها باختالف أنواعها لكن بعد اجتياح االستعمار جت وحتررت من األسلوب املسجوع البديعي ،وتناولت ونشأة األحزاب السياسية تأج ،الغريب للعام العريب

4.موضوعات السياسة واالستعمار

أن اخلطابة لقيت العناية من األدباء إال أن هذا النوع حظي بالعناية الزائدة نظريا بغريه من أنواع اخلطابة ومبا

.244 243م ،ص1997ه /1418،س ط 1حممود حممد عمارة ،اخلطابة بني النظرية والتطبيق ،مكتبة اإلميان باملنصورة ،ط 1 .102،ص 4حممد الفاسي عمر الدسوقي حممد صادق عفيفي ،األدب والنصوص للسنة الرابعة ثانوية ،مكتبة الوحدة العربية ،د ط ،د س ،ج 2 م .2015ماي 22بة السياسية يف العصر احلديث" ،جريدة الصباح اجلديد ،القاهرة ،جتليات "اخلط،عماد عبد اللطيف 3

،س ط 3وزارة الرتبية والتعليم ،الرياض ،طأ.أمحد بن سليمان املشعلي أ.محود بن عبد اهلل السالمة ،األدب العريب للصف الثالث الثانوي ،،الدريعي إبراهيم بن حسن 4 .64م ،ص2010/2011

الخطابة الفصل الثاني:

45

عن موقف اختيار األلفاظ والتعابري املعربة بوضع خصائص هلا منها: حيث اهتموا، ابسبب حاجة األمة إليههذه األلفاظ تعرب عن معانيها اص إذ سياسي ،أو وصف سياسي حلالة من احلاالت أو لشخص من األشخ

دون لبس أو غموض ،اإلجياز حيث يالحظ يف هذه اخلطب أنا أقصر من اخلطب الدينية أو الفكرية ، يستخدمها اخلطباء يف لفاظ والعبارات واألمثلة واليت االكتفاء باإلشارة واللمحة السريعة وعدم االستفاضة يف األ

.عادة األمور اخلطابية األخرى

مني كونم متشبعني بالثقافة االستعداد بالكلمات واآليات القرآنية إذ هذه اخلاصية جندها يف خطب املسل1.اإلسالمية والدين احلنيف ،خماطبة العقل و العاطفة

فإذا ذهبنا للحديث عن اخلطبة السياسية يف اجلزائر جندها عرفت يف فرتة حاولت التخلص من قيود املستعمر إذ لنوع حماوال حظيت بالعناية من أعضاء مجعية العلماء املسلمني ومن بينهم البشري اإلبراهيمي قد أبدع يف هذا ا

رزانة األفكار ومجال األسلوب واألداء.توفرها بني معام اجلمع بني الرتكيز فيها على

"الديمقراطية السياسي منها :إذ كان له معجم مفردات خاص باجملال ،أما األلفاظ فكان حياول اختياره بعناية ،الدكتاتورية ،الالئكية ،السانديكا".

إذ جند لفظة الدميقراطية تكررت كثريا عنده وأخذت دالالت خمتلفة عن مفهومها القاموسي ؛فمفهوم كاالعرتاف بالشعب كمصدر للسلطة ،الدميقراطية القاموسي هو سلطة الشعب ،وتتميز بعدد من املبادئ

2ني وحرياهتم ومساواهتم.والدولة اليت حترتم هذه املبادئ تعد دولة دميقراطية...وحبقوق املواطن

ولكن من مفهوم الدميقراطية عند اإلبراهيمي مناقض ملعناه القاموسي الثابت ،فهو عنده حيمل مفهوما مرتبطا ية يف املمارسة بالسياسة االجتماعية والواقع املعيش،مث يذهب إىل مفهوما آخر هلا عندما يرى الدميقراط

وهي الدميقراطية الصناعية ال يت أصبحت تقابل الدميقراطية الطبيعية يف عالقة تضاد .فالدميقراطية االستعمارية الطبيعية عنده تعين السماحة واملساواة والعدل ،ال ختتلف عن جوهر اإلسالم ،وقد مساها أيضا الدميقراطية

.www.albalaghah.net1 حسن األسدي ،من بالغة اإلمام علي عليه السالم يف نج البالغة ، عادل

. عند البشري اإلبراهيمي من خالل عيون البصائرعبد اهلل بو خلخال ،العالقة بني اللفظ واملعىن بني املفهوم املعجمي واالستعمال 2

الخطابة الفصل الثاني:

46

املكان والزمان ،أما الدميقراطية الصناعية فهي اليت تسعى فرنسا إىل يف ،وهي ذات قيمة داللية ثابتة العمريةل مفهومها عنده إىل املعىن املضاد أي تطبيقها يف اجلزائر وهي ذات قيمة داللية متغرية ،ويف نص آخر حتو

املرادف للدكتاتورية اليت وردت عنده بكثرة أيضا.

مقال له يف نسق جتاور وترادف بصريح العبارة ،كما قارن إذ قارن لفظة الدميقراطية مع لفظ الديكتاتورية يفالدميقراطية الدكتاتورية -معا-الالئكية باملسيحية للغرض نفسه قال"كأين هبذه احلكومة الالئكية املسيحية

إذ هذا الرتكيب ال يعد طباقا عند االبراهيمي بل هو ترادف وتوكيد لفظي فاحلكومة الفرنسية الئكية ولكن معا"امها يف اجلزائر رهبان.حك

أما لفظة السانديكية ال يت جتمع مكون أصال للدفاع عن املصاحل املشرتكة ألعضاء هذا التجمع ،لكن معناه يف اجلزائر يف الفرتة االستعمارية أصبح مرتبطا برجال مجعية الدين كانوا ليس للدفاع عن أصحاهبا ،أما اإلبراهيمي

وإمنا استعمل )ساندكية رجال الدين( حىت جيمل السامع أو القارئ من هذا "النقابة"مثالم يستعمل مصطلح االستعمال الوارد يف غري حمله.

فاإلبراهيمي يعمد إىل استخدام هذه املصطلحات ويعمد إىل خمالفة داللتها املعجمية ويضفي عليها دالالت 1.واالجتماعياقع جمتمعه السياسي مرتبطة بالتداول واالستعمال االجتماعيني ما يؤكد صلته الشديدة بو

صائص خ،إضافة إىل هذه اخلاصية جند هذا كله يؤكد لنا حسن اختيار اإلبراهيمي أللفاظه واقتنائها ووضعهادئها بقوله أخرى يف خطبه مثل اخلطبة اليت ارجتلها بني يدي وفود الدولة العربية واإلسالمية يف األمم املتحدة يبت

أصحاب املعايل الوزراء ،حضرات أصحاب السعادة والعزة ،حضرات الزمالء محلة األقالم :"حضرات2"شاء اهلل... إن ءاب،حضرات اإلخوان ،هذه ليلة ارتفعت فيها الكلف ،وغاب عنها العواذل ،وغفل عنها الرق

به مقدمة املقال األديب إذ تبني بعد هذه املقدمة الطويلة أنا ختتلف عن مقدمة اخلطبة الدينية فهي مقدمة تشلموضوع ،فانطلق فيها من النطاق املكاين والزماين إذ حاول التعريف بالليلة وهي متثل املناسبة للحدث أو ل

الستعمال عند اإلبراهيمي من خالل عيون البصائر.عبد اهلل بوخلخال ،العالقة بني اللفظ واملعىن بني املفهوم املعجمي وا 1 2 .379م ،ص1987آثار حممد البشري اإلبراهيمي ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،د ط ،س

الخطابة الفصل الثاني:

47

على العنصر احلي الذي خيدم موضوع اخلطبة واللقاء الذي مجع الشمل من كل حدب وصوب وهو مركزاأدلة تقوم عليها نها خيوط األفكار الكلية واجلزئية حمققا بذلك "األخوة"متخدا منها العقدة الوثيقة اليت تتدىل م

1صل باخلطيب ،وباستعداد السامعني ،وباخلطبة نفسها.وهي مما يت ،خطبته من جهات ثالث

وارتباط بعضها ببعض ارتباطا حمكما ال يشعر توليد األفكار وازدهار املعاين وتسلسلها ، علىقدرته إىل إضافة.ل من فكرة إىل فكرة أخرىسل حمسنا بذلك الت 2،السامع معه بانقطاع يف السياق أو انتقال يف الفكر

نفعال يف هلجة والتطور الذي حيدثه اال ،فتتبع هذه اخلطبة جيعلنا ندرك مدى حتكمه يف اللهجة اخلطابيةاخلطيب ،والتدرج من املنحى الفكري إىل منحى اجتماعي ،إىل منحي سياسي ،ففي جزء من هذه اخلطبة وما

فيه اإلبراهيمي غضبه ناقما منتقدا .جاعال إياها تطغى عليها النزعة يلحقه من هجوم سياسي عنيف يصب 3كما تطغى عليها العلمية االلتزامية.السياسية

على الواقع مبا فيه من أحداث ،فإن خطبته هذه أو غريها ال ختلو من تصوير أديب لحجج والرباهنيه لوتوظيف

بغري امسها يت متتزج فيه احلقيقة باخليال يف مثل قوله عن منظمة األمم املتحدة :"هذه املنظمة اليت مس ،رائعه ،وما هي إال أسواق ء ق أغنياؤه فقراو ه ،ويسءأقوياؤه ضعفاليت بغري صفتها وما هي إال جممع يقود ،وح

تشرتى فيه األصوات بأغلى ما كانت تشرتى به أصوات الغريض ..." إىل جانب التكرار الذي طغى على هذه 4اخلطبة وغريها.

وهو طابع ديين ،حيث جند ،ضفي عليها جانب اإلصالحفعلى الرغم من أن اخلطبة سياسية حمضة إال أن ه ي خاصية أساسية يف اخلطبة طابع الوعظ و اإلرشاد ،كما جند أن ه التزم خباصية اإلجياز اليت تعد خطبه تكتسي

.السياسية

.191 190حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 1 .124م ،ص1983،رسالة ماجستري ،كلية الشعب ،جامعة بغداد ،س واللغة العربية،البشري اإلبراهيمي حممد مهداوي 2 . 195-194حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 3 .127البشري اإلبراهيمي واللغة العربية ،صحممد مهداوي ، 4

الخطابة الفصل الثاني:

48

فاخلطابة عند اإلبراهيمي على اختالف أنواعها فال خترج عن اإلطار العام الذي تصب فيها كتاباته كلها ،وهذااجلزائر ،وهو احملور الذي دارت حوله أعمال مجعية العلماء واختدت منه شعارا هلا اإلطار هو العروبة واإلسالم و

واجلزائر وطننا (. ،والعربية لغتنا ،)اإلسالم ديننا

أو تضمني ،هذه الظاهرة متفشية بكثرة يف كتابات الشيخ كلها ،كما أن خطبه اقتباسوال ختلو اخلطابة من فبهذا كله كان اإلبراهيمي قد عمل على إحياء هذا الفن العريب األصيل يف ،ختلو من األلفاظ العامية واألجنبية

ر بفعل حماربة االستعمار هلا تض ته ورونقه ،يف وقت كانت فيه العربية يف اجلزائر حت فأعاد له قو ،أدب العرب لىحلفاظ عها قيما إنسانية هادفة كا،وقد عاجل فيها موضوعات عصره ،فأضفى عليومنعها من االستعمال

العزة العربية والذود عن الوطن ،والغرية عن العقيدة واللغة ،مما جعل هذه اخلطب حتتفظ بالرتاث العريب اخلالد 1.وال تسقط إىل مستوى الوثائق التارخيية

.132 131املرجع نفسه ،ص 1

ال:األسلوب واألداء أو

غة ثانيا:الل

حتليل منوذج من خطبه

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

50

ملا حتمله من تعبري عن القيم اليت ،لون من ألوان الدرس األديب احلديث إن اخلصائص الفنية ال خيلو منها أي اليت كانت و ال تزال ،وخباصة اخلطابة باعتبارها عمال من األعمال األدبية ،تعرب عنها عملية اإلبداع الفين

االنتباه مايلي: تدعو إىلسالح اجملتمع ،ومن هذه اخلصائص اليت

أوال: األسلوب واألداء

قيمتها ،فاألسلوب على خطبة ،و من خالهلما حيكم السامع أو القارئ ألي فهما يعتربان الركنني األساسنيدباء اهتموا باألسلوب مند القد فعرفوه وذلك تبعا لصاحبها ؛فالعلماء و األ ،يتغري من خطبة إىل أخرى

ا يعرفه على أنه :"ليس املعىن وحده واللفظ وحده ،وإنا هو مركب ب اط ب ،ومن بينهم ابن ط ووضعوا له ضوابطه تلك العناصر هي األفكار والصور ،فين من عناصر خمتلفة يستمدها الفنان من ذهنه ومن نفسه وذوقه

1كبة واحملسنات املختلفة "،والعواطف مث األلفاظ املر أساسا يف د كما يععرب مجيع مستوياهتا يف أي نص هو األساس لنسج بنيته، هذا يوضح لنا أن األسلوب

تشكيل اخلطبة من حيث انتقاء املفردات ،واستخدا احملسنات البديعية ..

فيعمد شاعر آخر ،من النظم والطريقة فيه ضرب فيذهب إىل القول :"أن األسلوب ين أما عبد القاهر اجلرجا2فيشبه من يقطع من أدميه نعال على مثل نعل قطعها صاحبها "،فيجيء به يف شعره ،إىل ذلك األسلوب

وأحسن كيفية توظيفها فجعل خطبه ذات أسلوب جيمع ،فاإلبراهيمي استطاع أن يكسب خطبه هذه اخلاصيةوإنا ،كساب خطبه هذا األسلوب الراقي مل يكن من عد األسلوب ،فإ اليت ينبغي توفره يفبني معظم الشروط

ومنه استوحى مسو البيان ،خلطبه ند املرجعي الس الذي يعد ،تأتى له بفضل إملامه الشامل بآي القرآن الكرميحسن من حنو وصرف ،هذا ما أتاح له ،هيك عن إحاطته الوافية بقواعد اللسان العريباوعبقرية اإلعجاز ،ن

ية اللغوية الفريدة ،اليت غالبا و ن نطية الب ل بال شك التحكم يف الفعل ،وتفاعيله العربية ،ألن هذا التحكم سيسه نات واجلزائري منه بصفة أخص وذلك باقتنائه عي ،يف حميطه الرتاثي العريب عموما ،إليها بتعمقه الدقيقما يلجأ

ابن .14 ،ص2005ه/1426،س ط 2عباس عبد السائر ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان ،ططباطبا ،عيار الشعر ، 1 .361 ،ص1981عبد القاهر اجلرجاين ،دالئل اإلعجاز ،ت:حممد رشيد رضا ،دار املعرفة بريوت لبنان ،د ط ،س 2

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

51

احلكم الرتاثية إىل جانب ثقافته املوسوعية اليت مجعت بني األدب والفلسفة من هذا احمليط و ناذج من األمثال و 1والتاريخ العريب واألجنيب

زاء كل خطبة من خطبه ألنه كان ذافاملتأمل كذلك خلطب اإلبراهيمي يالحظ مدى ذلك التناسق بني أجأصالته من الرتاث األديب القدمي ،ويستكمل أدواته من عصوره املختلفة من لغة ذيأخ ،أسلوب عريب أصيل

كما حيددها بعضهم ،به معاين األصالة يف األسلوبوتعبري من السبك واحلبك والتحبري بكل ما تتطل وبالغة ،وفكرتك تك بقوهلم :"ومالك األصالة أال تكتب كما يكتب الناس ،ومالكها أن تكون أصيال يف نظرتك وكلم

وهلجتك وصورتك .."،فأسلوب اإلبراهيمي ال يكاد ينسلخ من هذه التحديات األسلوبية وال خيرج عن دائرة 2هو بناؤه على ركنني أساسني من خصوصية اللفظ وطرافة العبارة. ،األصالة ،وإن كان املراد هبا يف األسلوب

والقوة والرصانة ،وفيه جزالة األلفاظ وقوهتا ،وتناسق مالحظتنا خلطب اإلبراهيمي جندها متتاز باخلفة واألناقة 3العبارات وجتانسها وتآلفها وكر املعاين ،وعلوها وتألقها ،وأصالة اللغة وفصاحتها وفخامتها .

من فكل هذا كان بفضل حرصه على حسن اصطفاء احلروف كما يصطفي البناء احلجارة ،فتستوي عنده أمثلة هيك عن اقتناء املفردات إذ كان له اوهذا ما جعل العلماء شرطا من شروط الفصاحة ،ن ،التناسق فيما بينها

منتق إياها من قاموس االنتماء الثقايف ويطهرها من شوائب اللغو فهذا ما جعل الرتكيب ،منهج يف نسج روائعه 4عنده يستوي.

ني اجلودة والتوفيق ،بل اإلبداع الفائق يف فاإلبراهيمي استقا له األسلوب العريب القدمي الذي ال حيول قدمه بأرقى أساليب اللغة العربية يف املغرب عد بعض األطوار ،وهلذا يذهب الكثريون إىل أن أسلوب اإلبراهيمي ي

العريب.

.406/207 ،ص1995ه / 1416عبد الرزاق قسو ،حممد البشري اإلبراهيمي فيلسوف لفظ ومهندس معىن ،جملة املوافقات ،العدد الرابع ،السنة الرابعة ،س 1 .310حممد عباس,البشري اإلبراهيمي أديبا,ص 2

.100,ص2009س,1عبد املالك بو منجل,النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي بيت احلكمة,اجلزائر,ط 3 .75/76 ,ص2010ه/1432فكرية ثقافية تصدر عن دار الوعي,العدد الثاين,سالوعي عبد احلفيظ بوردمي,روعة البيان يف كتابات اإلما اإلبراهيمي,جملة 4

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

52

أما الطابع الذي انطبع به أسلوب اإلبراهيمي هو الطابع العريب اإلسالمي اخلالص الذي يتكئ على الرتاث إلسالمي يف خمتلف أطواره ،فال نكاد جند نصا من نصوصه خيلو من أثر الثقافة الرتاثية اقتباسا ،أو العريب ا

ه( وابن املقفع 2تضمينا ،فال شك أن أسلوب اإلبراهيمي قد أخد عن أسلوب عبد احلميد الكاتب )قيف إسهابه ( ه3ه( من حيث التقسيم املنطقي للعبارة ،والرتادف ،كما أخد عن أسلوب اجلاحظ )ق2)ق

أحيانا ،والتكرار حني اقتضاء األمر منه ذلك..،فهي تعد مجلة من أبرز السمات اليت اختص هبا أسلوب اإلبراهيمي اليت يستخدمها لتفصيل اجململ ،أو ترخيص فكرة أو للتأكيد على حقيقة جوهرية يف موضوع ما أو

1التصوير و التشخيص.

لبيان ،فاإلبراهيمي ،وشرف ا باألسلوب فقد كان أمة وحده يف نصاعة األسلوبفاإلبراهيمي أوىل عناية كبرية أحسن التوفيق بني األصالة واملعاصرة فهو ينحو يف انتاجه األديب منحى األدباء القدامى يف األسلوب واللغة

،ومنهج معاصريه يف احملتوى واملضمون.

يمي يويل هذا اجلانب اهتماما كبريا كوهنا اخلاصية اليت هذا من حيث األسلوب أما من ناحية األداء فإن اإلبراهوذلك أثناء العرض الفين لألثر .فهي خاصية تبدو ماثلة يف خطبهتعترب شرطا أساسيا يف اخلطابة مند القد

األديب وسط مناخ من التالؤ يف املعاين ،والتوازي يف العبارات واالنتقاء للمفردات يف خطبه .

اإلبراهيمي يصطنع أسلوبا شاعريا تتماوج فيه نغمة موسيقية قريبة من الشعر ،ومنسجمة مع النغمة إذ جند مث خيضعها للنغمة اليت يبتغيها كما يفعل يف املفردات اآلتية ،الذاتية ،إذ ينتقي اإلبراهيمي مفردة انتقاء

اإليقاع املوسيقي اليت حتدثه املقاطع استشفينا ،استنشقنا ،استنشينا ،استورينا ،استمجدنا "فهو حيافظ على :"2و توهج العاطفة . االنفعالالصوتية املتساوية ،وخيرجه مالزما لطبيعة

سواء كان عفو اخلاطر ،فاخلاصية البارزة يف أدائه هي السجع ،فهو ممن عرفوا به وأصبح من ميزاته الواضحةثريا يف املقاالت ،فاإلبراهيمي كان له طابع خاص أو كان مقصودا لذاته ،وإسرافه يف السجع جنده ك ،وهذا كثري

.128ه،ص1431 /2010عة تلمسان ،سحممد درق ،مالمح اإلجتاه اإلسالمي يف أدب املقال عند مجعية العلماء املسلمني اجلزائريني ،مذكرة ماجستري ،جام 1 311/312حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 2

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

53

خاصا به للسري بالبالغة على طريقة ترضي ان له استعداديف التعامل مع السجع خاصة والبالغة عامة ،ألسواء أكان ،على حنو من الذكاء واملوهبة يف كيفية التنسيق بني الفكرة وبني العبارة ،القارئ ،و تستميل السامع

1النص النثري ،أ يف املقطع الشعري. علمه هذا يف

.312/313حممد عباس البشري اإلبراهيمي أديبا ،ص 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

54

ثانيا:اللغة

" يعبر بها كل قوم عن أغراضهم هي أصوات هي أداة للتواصل بني الناس ،إذ يعرفها ابن جين بقوله :"وباعتبار اللغة أداة للتواصل فإن هلا عالقة وطيدة بالعمل األديب إذ هي مبثابة الروح للجسد ،وهي وسيلة 1

يف كتابه :"هي موسيقاه وهي ألوانه إذ يعتربها حممد زكي العشماوي بالنسبة لألديب ،األديب للتعبري واإلبداعكائنا ذا صوت ،منه كائنا خلقه الشاعر أو القاص أو املسرحي من ذاته ي فكره وهي املادة اخلا الذي سوىوه

حيمل صورة ،كما حيمل احلجر صورة نابضة ملثال بارع ،فكذلك اللغة يف يد الشاعر أو الكاتب قادرة على أن فإن ، يف عمله األديب أداة ضرورية بالنسبة لألديب هؤالء و غريهم ربهاتوكما اع2حتمل صورة نابضة حية ".

لذلك جنده مييل إىل الوضوح والسالمة ،بينه وبني القراء أداة للتواصلاإلبراهيمي كذلك كانت بالنسبة إليه لغة املقاالت .،فلغة اخلطب هي ،واستخدا لكل موضوع لغة خاصة

صفة خاصة اخللية احلية ملقياس درجة العمق الذي يرتفع إليه فاللغة يف أدب اإلبراهيمي بصفة عامة وخطبه ب3أدبه وتلتقي عنده مفهو اللغة مع مفهو األدب.

فالتمعن يف آثار اإلبراهيمي رمبا جيد نفسه أما ألفاظ وتراكيب مستوحاة من العصر والبيئة واملوضوع ،الشيء إال أن اللغة ،احمللية ولغة البيئة ،الذي جيعلنا نصنف لغته إىل تقسيمات ثالثة هي:لغة الرتاث ،ولغة العصر

ن الكرمي ،واحلديث الشريف والشعر والنثر ،إذ جنده الغالبة على خطبه هي لغة الرتاث وهي موروثة من القرآالسهولة والوضوح ،واختيار األلفاظ القوية الفخمة فمما امتازت به هذه اللغة .ينتقي عينات من احلكم الرتاثية

،لفظي يصا على أن يكون يف تعبريه ترابط املعربة عن شخصيته القوية واضعا إياها يف أماكن يفسرها السياق حر غريها من اللغات يف جماالت ها علىاللغة العربية و تفوقانة براز مكإب و يقصد التأثري واجلذ ،صويت وجرس

4.والتأثري التعبري و التصوير

.33,ص 1,ج 2أبو الفتح عثمان بن جين,اخلصائص,ت:حممد علي النجار,دار اهلدى للطباعة و النشر ،بريوت ,ط 1 .134 ،ص1979،س ط 1د األديب بني القدمي واحلديث ،دار النهضة بريوت ،طحممد زكي العشماوي ،قضايا النق 2

. 390 ،ص 1984جابر أمحد عصفور،الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي ،دار الثقافة للطباعة والنشر ،القاهرة ،د ط ،س 3 . 52 ،ص2010عمورة ضاوي ،شهرزاد ،اخلصائص النثرية اإلصالحية للشيخ البشري اإلبراهيمي ،مذكرة ليسانس ،معهد اللغة العربية ،اجلزائر ،س 4

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

55

صة البشري اإلبراهيمي:اى أعضاء مجعية العلماء وخبدأما اخلصائص اليت اتسمت هبا لغة اخلطابة ل

اخلطيب إبراز براعته اللغوية بقدر ما كان كل مهه توصيل آرائهم ألنه ليس من خصوصية : السهولة والمباشرةإذ جند البشري اإلبراهيمي يف خطبته اليت ألقاها صبيحة اليو األول من أيا 1والوقوف على املقاصد مباشرة ،

رية يف االجتماع العا اخلامس جلمعية العلماء املسلمني اجلزائريني الذي عقد بنادي الرتقي بالعاصمة اجلزائوفي دعايتها إلى األخوة اإلسالمية ،..نجحت في دعايتها إلى العلم النافع الصحيح :" 1936سبتمرب

وبأنها انتصرت في حملتها على الخرافات واألوهام والدجل وانتصرت أو كادت في حربها –الحقيقية بأنها أفلحت في تربية األمة على عدم الخوف إال من اهلل –للجمود والعوائد الضارة والتقاليد السخيفة

والرهبة إال منه وأن تواصل فيه وتقاطع فيه وأن تبني حياتها على األعمال و األسباب ،وفي تربيتها على تقدير الكفايات وتقديم األكفاء لشؤونها العامة وفي إرشادها إلى وجوه البذل المشروعة المعقولة بعد

،وفي تحبيب الدين وشعائر الدين إلى طوائف من الشباب ذر أموالها فيما يضر وال ينفع أن كانت تب 2معنى العزة اإلسالمية وكرامة النفس". مالمهمل و إشرابه

الغرابة يف االنتقاء،والصعوبة فمن هذه الفقرة نالحظ مدى التحرر الظاهر من صفات الفخامة يف األلفاظ ،و سهلة مباشرة ،والسبب رمبا يعود انشغال اإلبراهيمي وأعضاء مجعية العلماء املسلمني يف النطق إىل إيثار لغة

فق وسبيلهم ولذلك جاء خطابه خياطب النفوس مباشرة ،فاإلبراهيمي باإلصالح،فهذا الظرف له لغته اخلاصة تت ر وإثارهتا فيمن حوله من كان يريد من اللغة املتسمة بالسهولة واملباشرة البعيدة عن التعقيد إىل إهلاب املشاع

3إليهم. االنضما املتلقني قصد مواصلة السري و

: اللغة التقريرية الوصفية

.284،ص 2004/2005عيسى بن ساعد مدور ،اخلطابة يف النثر اجلزائري احلديث موضوعاهتا وخصائصها ،رسالة دكتوراه ،جامعة اجلزائر ،س 1 . 286،ص 1 ،ج1997،س ط 1ثار اإلما حممد البشري اإلبراهيمي ،دار الغرب اإلسالمي ،اجلزائر ،طآ 2 .285عيسى بن ساعد مدور ،اخلطابة يف النثر اجلزائري احلديث موضوعاهتا وخصائصها ،ص 3

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

56

جند هذه اخلاصية كذلك اتسمت هبا البعض اآلخر من خطب اإلبراهيمي حيث مسا بلغته إىل مستوى رفيع اإلشارة إليه هو حسن تعامله مع اللغة وجعلها موحية بأحاسيسه إزاء ما يؤمله من واقع املسلمني ،ومما جتدر

1التقريري الوصفية جيعل املستمع إىل خطبه يتفاعل مع النص ويتأثر مع حال املسلمني يف العامل.

أما حممد عباس فيتجه اجتاها آخر يذهب فيه إىل تصنيف اللغة عند اإلبراهيمي إىل ثالثة مستويات:

مستوى اللغة الشعري:أ/

وهو يتمثل يف شاعرية األسلوب ،والشاعرية كما يسميها بعضهم تكون مشحونة بقدر من الذاتية اليت تستند 2.إىل الواقع وتنبع منه أو ذاتية التفتيش املتأمل يف الوعي الباطين والكشف عن خبايا االنفعال

عن ر ،فهناك ما ينم فكل نص من نصوص اإلبراهيمي خاضع ملوقف انفعايل ،وقيم شعورية معروفة املصد،فجاءت هذه اللغة معربة بلفح الصدق،وبرسم الواقعية كما حتددها رد وتأس شديد ،وتأس م ،مشاعر حزينة

مناسبة النص ،ونفخ ذايت يلحق نفسية الكاتب بالتعجب واحلسرة ،وزيادة يف تعميق االنفعال ،حىت أن األديب 3بالتعبري الشعري وذلك باالقتباس وغريه.

مستوى اللغة الخطابي:ب/

لب على أدب اإلبراهيمي وخاصة خطبه النزعة اخلطابية ،ولعلها ختضع لسبب موضوعي تفرضها إن أكثر ما يغكما حتدده مواقفه ،والشك أن هذا طبيعة شخصية اإلبراهيمي األدبية ،وهو كونه رجل إصالح بل رجل ثورة

الرجل ال ميكن له أن تتم له عملية االتصال باجلماهري إال عن طريق اخلطابة ،أو ما مياثلها كاحملاضرة والدرس ،ولعل هذا السبب املباشر الذي يقو دليال وضحا يف املنحى األديب والكتايب لإلبراهيمي يف املستوى اخلطايب

.ليها يف غالب األحيان يف عمله الفين للغة اليت يرتكز ع

.294عيسى بن ساعد مدور ،اخلطابة يف النثر اجلزائري احلديث موضوعاهتا وخصائصها ،ص 1 .313مد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،صحم 2 .314املرجع نفسه ،ص 3

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

57

ج/مستوى اللغة التقريري:

هناك عالقة وثيقة بني األسلوب اخلطايب واألسلوب التقريري ،ملا فيهما من مباشرة ،وعرض وسرد ،وما فيهما يل من تقريرية للحقائق اليت يقصدها األديب ،ويريد توصيلها إىل القارئ ،أو املستمع بأمانة ،واإلبراهيمي مي

تقريري تتطلبها الغاية ويفرضها املوقف سواء أكان ذلك يف اخلطبة أ يف أحيانا كثرية إىل لغة ذات مستوى 1املقالة بأنواعها.

فاإلبراهيمي يف خطبه حاول اجلمع بني خمتلف خصائص األسلوب و اللغة مبستوياهتا لعرض األفكار أو الفكرة وكان يعطي لكل مقا حقه وما يلزمه. "لكل مقال مقا "مؤمن بفكرة اليت حياول إيصاهلا إىل املتلقي ،فكان

من خطبه وذجثالثا :تحليل نم

/الخطبة األدبية:1

وع ،ومن بينها اخلطبة اليت أراد من خالهلا إظهار الصفات اليت الذكر أنه تعددت خطب هذا الن أسلفناكما "الشاب الجزائري كما تمثله لي الخواطريتمىن أن يتمثل فيها الشاب اجلزائري بعنوان

.322البشري اإلبراهيمي أديبا ،حممد عباس ،ص 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

58

أمتثله متساميا إىل معايل احلياة ،عربيد الشباب يف طلبها ،طاغيا عن القيود العائقة دوهنا ،جاحما يقول فيها :"

كاء القلب وشهامة الفؤاد ونشاط العزمات ،تكاد حتتد جوانبه ،من ذ عن األعنة الكاحبة يف ميداهنا ،متقد اجلوارح .

ثله مقداما على العظائم يف غري هتور ،حمجاما عن الصغائر يف غري جنب ،مقدرا موقع الرجل قبل اخلطو أمت ،جاعال أول الفكر آخر العمل.

أخوة الدين ،أخوة الد ،وكل مسلم أخا له ،ال تقف أمامه احلدود ،يرى كل عريب أخا له أمتثله واسع الوجود 1اإلنسانية ،مث يعطي لكل أخوة حقها فضال أو عدال.ا له ،أخوة ،وكل بشر أخ

أمتثله حلف عمل ،ال حليف بطالة ،وحلس معمل ،ال حلس مقهى ،وبطل أعمال ال ماضغ أقوال ،ومرتاد حقيقة ،ال رائد خيال .

رخت أعصابه،فأ ،مزورا عن احلضارة اليت )رمته بقشورها ( أمتثله برا بالبداوة اليت أخرجت من أجداده أبطاال،وأنثت مشائله ،وخنثت طباعه ،وقيدته خبيوط الوهم ،وجمت يف نبعه الطاهر السمو ،وأذهبت منه ما يذهب

القفص من األسد من بأس وصولة.

.586 ،ص1987حممد البشري اإلبراهيمي ،عيون البصائر )آثار حممد البشري اإلبراهيمي (،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،دط ، س 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

59

أمتثله مقبال على العلم واملعرفة ليعمل اخلري والنفع ،إقبال النحل على األزهار ،والثمار لتصنع الشهد والشمع حة ،مقبال على اال رتزاق ،إقبال النمل جتد لتجد ،وتدخر لتفتخر ،وال تبايل مادامت دائبة ،أن ترجع مرة منج

ومرة خائبة.

أحب منه ما حيب القائل :

ب الف ىت ي فىن الف ش مسع أ ح ر اه ك أ ن ب ه ك ل فاحشة وق و اح

وأهوى منه ما يهوى املتنيب :

املقو أريب كصدر السمهري وأهوى من الفتيان كل مسيذع

خطت حتته العيس الفالة وخالطت به اخليل كبات اخلميس العرمر

...!يا شباب اجلزائر هكذا كونوا !...أوال تكونوا

ا عن مكار اخل لق وحمار اخلالق أمتثله حممدي الشمائل،غري صخاب وال عياب ،وال م غتاب وال سباب ،عف ره من إخوانه ،ال تنطوي سان إال دعوة عن احلق ، أو صرخة يف وجه الباطل ،متجاوزا عما يك،مقصور الل

1لى بغض وال ضغينة .أحناؤه ع

نبتت يف حجره أمتثله متقلبا يف الطاهرين والطاهرات ،ارتضع أفاويق اإلصالح صبيا ،وز رت غالئله عليه يافعا ،ف،ونبتت قوادمه يف وكره ،ورفرفت أجنحت ه يف جو ه ،مل ميسسه زيغ العقيدة ،وال غشيت عقل ه سحب اخلرافات

بة ،فسار على هداها ،واللواء معقودا ،فأوى إىل ،بل وجد املنهج واضحا فمشى على سوائه ،واألعال منصو بلغ مبلغ الرجال إال وهو صحيح العقد يف الدين ،متني ظله ،والطريق معبدا ،فخطى آمنا من العثار ،فما

االتصال بالله ،مملوء القلب باخلوف منه ،خاوي اجلوانح من اخلوف من املخلوق ،قوي اإلميان باحلياة ،صحيح ثابت العزمية يف املزامحة عليها ،ذلق اللسان يف املطالبة هبا ،ناهض احلجة يف اخلصومة ،النظر يف حقائقها

. 588/ 587،عيون البصائر )آثار حممد البشري اإلبراهيمي ( ،ص حممد البشري اإلبراهيمي 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

60

ها ،يأىب أن يكون حظ ه منه األخس األوكس ،أمن بعقله وفكره أن يضلل يف احلياة كما أمن هبما أن ألجل يضل ل يف الدين .

« ويف احلياة كما يف الدين تضليل »

!يا شباب اجلزائر

داره ما قيمة الشباب ؟وإن رقت أنداؤه ،وجتاوبت أصداؤه ،وقضيت أوطار ه،وغال من بني أطوار العمر مقوتنفست عن مثل روح الربيع أزهاره ،وطابت بني أهناب اللذات ،وتناغت على أفنان األيا والليايل أطياره ،

واقتطاف املسرات أصائله وأسحاره .

بل ما قيمة الكهولة ؟وإن استمسك بنياهنا ،واعتدل ميزاهنا ،وفرت عن التجربة واملراس أسناهنا ،ووضعت على ناة أركاهنا .قواعد احلكمة واأل

؟و إن جلله الوقار مبالءته ،وأطوار االختبار يف عباءته ،وامتألت عن حكمة الدهور بل ما قيمة املشيب وغرائب العصور ،حقائبه ،ووصلت خبيوط الشمس ال بفتائل الربس ،مجاته وذوائبه .

1،ونفع أمة ،وخدمة وطن . ما قيمة ذلك كله ؟ إذا مل تنفق دقائقه يف حتصيل علم ،ونصر حقيقة ،ونشر لغة

باب اجلزائر هكذا كونوا ...أو ال تكونوا.يا ش

أمتثله كالغصن املروج ،مطلوال بأنداء العروبة ،خمضوضر اللحا والورق مما امتص منها ،أخضر اجللدة واآلثار مما اه نبتها ذب,وغذلساهلا العرمال اجلزيرة,ولوحته مشسها,و سقاه سشح له من أنساهبا وأحساهبا ،كأنا أنبتتها ر

و سكن, ذ,و خمايل من قحطان تقول كأنه فيه مشابه من عدنان تقول إنه من سر هاشم أو سرة حمزو , الزكى, أو هنضت عنه أ ,كأنا ولدته خندف با يف املنجبني و املنجبات,يف قضاعة متقل و رضاعة,أوذ سكنيف ال

.589/ 588 ،ص1987حممد البشري اإلبراهيمي ،عيون البصائر )آثار حممد البشري اإلبراهيمي (،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،دط ، س 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

61

,متاضر اخلنساء_لعوبا بأطراف الكال املشقق, كأنا ولد يف أخت بىن سهم,أو حنكته الكملة, أو حضنته البطاح. ,وربا يف مسلنطح , و اسرتضع يف إياد مكة

,بعيد املستمر على ميعة الشباب,حيمل ما محل من خري ألن يد اإلسال على طرواة العود أمتثله جمتمع األشد اإلسال تأىب عليه الشر_فتح عينيه على نور الدين, وال حيمل ما محل من شر ألن طبيعة طبعته على اخلري

و مدلول عليه ,فإذا الدين و الكون دال ,فإذا الدنيا كلها يف عينيه نرية مشرقة,و فتح عقله على حقائق الدين, فإذا هبا إىل عظمة املكون ,و فتح فكره على عظمة الكون فاهتدى ,وإذا هو يفتح بداللة ذاك مغالق هذا

,ومن هذه شيء فيه قليل,ألنه خاضع حلالل اهلل ,وإذا كل ,ألنه من أثر يد اهلل الكون جليل يف كل شيء,وهتيؤها للسعادة يف الكون,و السيادة على الكون. النقطة يبدأ مسو النفوس السامية و تعاليها

النصباهبا,و منحدر هي بواكري مثار الفطرة يف سالستها وسالمتها,كأنا هو أمتثله جمتلى للخالل العربية اليتعلى حفاظ ,وختموحامت قرارة النسكاهبا,و كأنا خيط على وفاء السموأل و حاجب,و أشرج على إيثار كعب

1عوف و عروة. جساس واحلارث,و أغلق على عزة

,قصري اخلطا عن احملار , مقصور اللسان عن اللغو , ,متهلل األسرة إذا حدث حدث أمتثله مرتقرق البشر إذا,و هتافتت نقص,و استطالت األلسنة على دينه بالزراية و الت حىت إذا امتدت األيدي إىل وطنه بالتخون

و جاء بالربق و , ,ثار وفار ,و تسابق الغرباء إىل كرائمه باللص و التدمري األفها على تارخيه بالقلب و التزوير,أو وسم يكون من الليث إذا ديس عرينه ,و كان منه ما ,و مأل الدنيا فعاال و الصاعقة العاصفة ,و الرعد

باهلون عرنينه.

ملاء شباهباهو ميلك القدرة على إحصاهنا ويغار ,و ,يغار لبنت جنسه أن تبور ,حديد الطرية أمتثله شديد الغريةويغار على هواه وعواطفه أن تستأثر هبا السلع اجلليبة ،أن يغور ،وهو يستطيع جعله فياضا بالقوة دافقا باحلياة

هما الوجوه املطراة ،واألجسا املعراة .،والسحن السليبة ،ويغار لعينيه أن تسرتق

.592/ 591/ 590حممد البشري اإلبراهيمي ،عيون البصائر )آثار حممد البشري اإلبراهيمي ( ،ص 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

62

...أو ال تكونوا.!يا شباب اجلزائر هكذا كونوا اجلاهلني ،يف زمن تفتقت علومه اهلية ...يدخرها مليقاهتا ،ويوزعها على أوقاهتا يرد هبا أمتثله حنيفا فيه بقايا اجل

عن جاهلية ثانية شر من اجلاهلية األوىل _ ومتخضت عقول أبنائه بوحشية مقتبسة من غرائز الدنيا للوحش يوانية _ وأسفرت مدنيته عن نقياد للحاقتباسا علميا ألبس اإلنسان غري لبوسه ،ونقله من قيادة احليوان إىل اال

جفاف يف العقول ،وانتكاس يف األذواق ،وقوانينه عن نصر للرذيلة ،وانتهاك للحرمات ،وانتهت احلال ب بن يه إىل وثنية جديدة يف املال وعبادة غالبية للمال ،واستعباد لئيم باملال .

تتسع نفسه للعقيق ،وعمر وابن أيب ،،وبني النسك والفتكأمتثله معتدل املزاج اخللقي ،بني امليوعة واجلمود عتيق فيصبو ،وال يكبو؛كما تتسع للحر وناسكيه فيصفو ،وال يهفو ،وهتزه مفاخرات الفرزدق يف املربد ،كما

هتزهه مواعظ احلسن يف املعبد .

ه أن يقال ذابل ؛ولكن ذاك ذبول أمدح ما يوصف بأمتثله كالدينار ير وق منظرا ،وكالسيف يروع خمربا ،وكالرمح االهتزاز ،وهذا ذبول االعتزاز _وكاملاء ميرؤ فيكون هناء ويروى ،ويزع ق فيكون عناء يردى _ وكالراية بني

هج وهي قائمة . اجليشني تتساقط حوهلا امل

أ على أن يرد أكدارها أمتثله عف السرائر ،عف الظواهر ،لو عرضت له الرذيلة يف املاء ما شربه ،وآثر املوت ظم ،ولو عرضت له يف اهلواء ما استنشقته ،وآثر املوت اختناقا على أن يتنسم أقذارها.

يرى من شرطها عليه أن يزيد فيها شيئا جديدا ،مستفادا فيها يرى من الوفاء هلا أن أمتثله جديدا على الدنيا1يكون ذلك اجلديد مفيدا.

،ولوطنه قبل شخصه ،يرى الدين جوهرا ،والوطن صدفا ،وهو غواص عليهما ه أمتثله مقدما لدينه قبل وطنتني.ر مر خطأ التقدير خس ه يعرف الفرق بني القيمتني .فإن أ،ولكندمها معا ا،يصط

.593/ 592 ،ص1987حممد البشري اإلبراهيمي ،عيون البصائر )آثار حممد البشري اإلبراهيمي (،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،دط ، س 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

63

اخليال ،ولكنه ي زجيها باألعمال ،إىل حد الكمال ،فإن ش غف حبب وطنه ، له واسع اآلمال ،إىل حد أمتث ،عذره الناس يف التخيل إلذكاء احلب ،ومل يعذر فيه لتغطية احلقيقة.ش غ ف املشرك حبب وثنه

ال.جاج واإلقذاع ،مرهبا ألعدائه باألعمال ،ال باألقو جاج واإلقناع ،ال بالل أمتثله مصاوال خلصومه باحل

أمتثله بانيا للوطنية على مخس ،كما بين الدين قبلها على مخس :السباب آفة الشباب ،واليأس مفسد للبأس 1الشيطان .باع خطوات د بات عمال ،واخليال أوله لذة وآخره خبال ،واألوطان ال خت ،واآلمال ال تدرك بغري األ

ياشباب اجلزائر ...هكذا كونوا ...أو ال تكونوا.

األسلوبي البالغي للخطبة : التحليل

بشخصيته اليت استطاع أن حيىي هبا ،مع االحتفاظ ،يف اخلطبة هذه حاول اإلبراهيمي يربز طريقته يف الكتابة ،منتق أساليب اللغة العربية يف أزهى عصورها ،وأنقى فصاحتها ،وأفنت مجاهلا.

خلطبته هذه نقتنع أن اإلبراهيمي كان ممن تسيطر عليهم النزعة الدينية الروحية ،حىت أنه كان يرى فقراءتناغم من كل ر رمبا ألنه كان رئيسا جلمعية ذات أهداف دينية بال ،لى الوطنللشبان اجلزائريني أن يقدموا الدين ع

ه ،البد من أن يدفعه اإلميان القوي إىل حماربة ملتشبع مببادئاشيء ،وكان موقنا بأن الشباب املتدين باإلسال ،وهذا النزعة الدينية اليت هي بارزة يف 2الذي كان ميانع كثريا يف إقامة الشعائر الدينية مبنتهى احلرية . ،االستعمار

األسلوب العريب املتني املتشبع بلغة القرآن. وهو ،األسلوب اليت صاغ هبا هذه اخلطبةتتضح من خالل ،خطبه

السليمة عن طريق هتذيب كما يعترب النص من األدب االجتماعي اهلادف الذي يرمي إىل تكوين اجملتمعات شباب وتربية نفوسهم ،وتزويدهم بالنصائح واملبادئ احلميدة .ال

يدرك ، ومصلحا أمينا ،كما يعد اختياره هلذا املوضوع يعدل على صدق الكاتب وأصالته ،فقد كان مربيا خملصالرتبية يف بناء الشعوب ،ويدرك قيمتها يف حتقيق احلرية واالستقالل .أثر ا

. 594آثار حممد البشري اإلبراهيمي ( ،ص حممد البشري اإلبراهيمي ،عيون البصائر ) 1 .146 ،ص1983،س ط 2 ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،اجلزائر ،ط1954_ 1925عبد امللك مرتاض ،هنضة األدب العريب املعاصر يف اجلزائر 2

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

64

فالنص عبارة عن جمموعة من اخلواطر تدعو الشباب إىل التمسك بالقيم العالية .وليس هناك ترتيب بني هذه ملعىن أو فساد فيه ،ولكنها أفكار متجانسة اخلل يف كن تقدمي أي فكرة على األخرى دوناخلواطر حيث مي

وهي بناء الشاب اجلزائري بناء قويا متينا . ،غاية واحدةوهتدف إىل حتقيق ،تسري يف خط واحد ،يما بينهاف

كرائد يبين ،وتقديره املسؤولية امللقاة على عاتقه ،وأفكار النص واضحة ،تدل على عمق وعي الكاتب باحلياةمن ااستفادهتدعائم أمة ويعيد للشعب اجلزائري شخصيته العربية املسلمة .كما تعكس خرباته الطويلة اليت

أسفاره ودراساته وكفاحه يف خمتلف امليادين .

زن يف أداء واجباته ل يف دعوة الشباب إىل االلتزا ،فيت إضافة لذلك احتواء النص على قيم إنسانية عظيمة ،تتمث هيك عن القيم احنو اجملتمع اجلزائري الصغري ،وجمتمعه اإلسالمي العريب الكبري ،وجمتمعه اإلنساين األكرب .ن

اذ العلم سالحا يف املتمثلة يف الدعوة إىل العمل ومتجيده ،وحماربة البطالة والتنفري من آثارها ،و اخت ،االجتماعيةنهوض . والقد احلياة من أجل الت

إضافة إىل إحلاحه على املبادئ اليت نادى هبا ،وكررها وهذا اإلحلاح يدل على صدق الكاتب وإخالصه 1ودعوته.

و هذا األسلوب فوضعها يف هذا القالب ،هذا رمبا هو املعىن الذي أراده البشري اإلبراهيمي من خطبته هذه املتميز.

للحروف إذ جعل القدماء للحروف شروطا يف فصاحتها ،وهي وهذا األسلوب الراقي نتج عن حسن اصطفائه أن ختلو من التنافر .

فاإلبراهيمي أحسن التنسيق فيما بينها فال نكاد نعثر يف خطبته هذه أو غريها على مثل "مستنشزرات" ،أو ا جياور بعضهأو العهعخان" كل احلروف عنده منحوتة من الفصاحة العالية حني عخ"العه على مثل شجر

.267، ص تلوطين ،اجلزائر ،د ط ،د أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،املعهد الرتبوي ا 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

65

:"أتمثله برا بالبداوة التي أخرجت من أجداده فمثال يف اخلطبة قوله.1بعضا كأهنا حبات العناقيد الصافيةشمائله ،وخنثت طباعه ،وقيدته ،وأنثت ا عن الحضارة التي رمته بقشورها ،فأرخت أعصابه أبطاال ،مزور

من بأس القفص من األسد ما يذهب ت في نبعه الطاهر السموم ،وأذهبت منه بخيوط الوهم ،ومج 2وصولة "

.فإن فحروف هذا املقطع من اخلطبة وغريها من املقاطع تنطلق عن مكنوهنا قبل أن تستوي األلفاظ كاملة اجتماع حرف الباء يف التمثل األول يصنع من شدهتا وجهرها معىن ثابتا من معاين البداوة اليت يريدها

اجلزائري فهذا احلرف مثال زين كلمات منها :"برا _ البداوة _ أبطاال" كأن اإلبراهيمي أن تزين أخالق الشباب مع معاين البطولة اليت رأى ،لتنسجم خصائص الشدة واالنفجار فيها ،ه حلرف الباء كان مقصودااصطفاء

البداوة معلقها .

العرب ،فالنيب حممد صلى اهلل فهي مسرح للشعر العريب كله ،وجمال تربية أبناء ،وتتبع الكلمة هذه جند هلا فضالنشأ يف بادية بين سعد ،واملتنيب يف بادية السماوة ،واألمري عبد القادر فاخر الفرنسيني بفضلها ،وما عليه وسلم

3من عيب فيها إال املروءة واإلقدا والبدر .

حني جتمع الرجولة ة مث بالثاء الشني تغلبان على مظاهر احلضارة .واحلضارة من شأهنا أن تذهب بعز البداو والتخنيث ،ومن خصائص الشني والثاء اهلمس والرخاوة ،وكأهنا شاهدان على انفراط عقد الرجولة كاألسد

منافعها ،لكنها عند البشري يف أمر احلضارة و الذي يذهب القفص بأسه ،وإن كان البعض من الناس قد جادل ،حمدودة الوضع .اإلبراهيمي خمصوصة االستعمال

فاحلضارة اليت رمي بقشورها ليست تلبيسا يضع األلفاظ لغري مسمياهتا ،وما هي يف حقيقتها إال التعسف صارت البداوة هي عزة االنتساب إىل أرض الرساالت . ،الفرنسي واالستكبار الصلييب .وإذ استوى هذا الفهم

75 ،ص2010ه /ديسمرب1432روعة البيان يف كتابات اإلما اإلبراهيمي ،عبد احلفيظ بوردمي )جامعة تلمسان( ،جملة الوعي ، دار الوعي ،العدد الثاين ،س حمر 1 . 586 ،ص1987الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،دط ، س حممد البشري اإلبراهيمي ،عيون البصائر )آثار حممد البشري اإلبراهيمي (،املؤسسة 2

75 ،ص 2010ه /ديسمرب1432روعة البيان يف كتابات اإلما اإلبراهيمي ،عبد احلفيظ بوردمي )جامعة تلمسان( ،جملة الوعي ، دار الوعي ،العدد الثاين ،س حمر 3

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

66

روبة ،وكأن الرخاوة اليت يف الثاء هي ارختاء كأن اجلهر الذي يف الباء هو جهر بانتساب اجلزائر إىل اإلسال والع1واستسال إلغواء الفرنسي .

هذا مثال من اخلطبة وبعض إحياءات بعض احلروف اليت استخدمها اإلبراهيمي يف نسج خطبته.

وأسلوبه يف هذا النص هو امتداد ملدرسة الصنعة اليت هتتم بانتقاء األلفاظ وجتويد العبارات وتزيينها مبختلف األلوان البديعية .

ومن هذه األلوان ظاهرة االقتباس واالستشهاد اليت تبدو ظاهرة ومن ذلك قوله :

"مقدرا موضع الرجل قبل اخلطو " فهو اقتباس من قول الشاعر :" قد لرجلك قبل اخلطو موضعها ".

الكاتب للمتنيب هي :ومن األبيات اليت أوردها 2و غريه من الشعراء ،وكذلك استشهاده بأبيات املتنيب

يان كل سميدع أريب كصدر السمهري المقوم و أهوى من الفت

الة وخالطت به الخيل كبات الخميس العرمرم خطت تحته العيس الف

تباسات كذلك اليت جندها يف نص اخلطبة هذه قوله :ورمبا يدخل هذا يف باب التضمني كذلك ،ومن االق

."ويف احلياة كما يف الدين تضليل"

ضف إىل ذلك وضوح عبارات الكاتب وإن كان يف بعضها شيء من الغموض مثل قوله :"جاعال أول الفكر أ3حىت ال يقع الشباب يف االندفاع والتهور . ،العبارة تسليط الفكرة على العمل ذهآخر العمل "فهو يريد هب

لوب ،لكن األسلوب الغالب هو األسلوب اخلربي ،أما األسأما األساليب فقد تنوعت بني اخلرب واإلنشاء وذلك يف مثل قوله :واملتمثل يف النداء من أجزاء اخلطبة بعض اإلنشائي فال جنده إال يف

.76امعة تلمسان( ،جملة الوعي ،صروعة البيان يف كتابات اإلما اإلبراهيمي ،عبد احلفيظ بوردمي )ج 1 .268أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،املعهد الرتبوي الوطين ،اجلزائر ،د ط ،د س ،ص 2 .268أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،ص 3

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

67

هو الداللة على التنبيه ،وفيها أمر الغرض من هذا النداء "و !...أو ال تكونوا !"يا شباب اجلزائر هكذا كونوا يشري إىل التهديد واإلنذار ،وبوحي حبرص الكاتب على متثل الشباب لدعوته ومتسكه بنصائحه.

الذي يدل على تفاؤل الكاتب وثقته املطلقة يف مستقبل شباب وطنه وكذلك استخدا األسلوب اخلربي 1على العمل مبا نادى به.،وحرصه

ه ،وجتاوبت ت أنداؤ ما قيمة الشباب ؟وإن رق كذلك جند األسلوب اإلنشائي املتمثل يف االستفها مثل قوله :" أصداؤه ..." .

وكذلك قوله :"بل ما قيمة الكهولة ؟وإن استمسك بنياهنا ،واعتدل ميزهنا ..."

..." له الوقار مبالءته"بل ما قيمة املشيب ؟وإن جل

..."بل ما قيمة ذلك كله ؟

من املعاين والبيان والبديع ،فإذا ةبني خمتلف علو البالغة الثالث ،هيك عن حماولة تنويع اإلبراهيمي يف خطبتهانلتكون لوحة فنية رمستها ريشة ،يف هذا النصجنده استخد خمتلف األلوان البديعية ،حنو علم البديعاجتهنا

ت الفنون األدبية عند اإلبراهيمي دورا يف إبراز فقد أد ها الشكل واملضمون يف العمل الفين اإلبراهيمي تكامل فيومن هذه األلوان البديعية : 2املعىن املقصود بألفاظ موحية مجيلة ،استطاع من خالهلا إبعاد امللل عن القارئ .

السجع:

.268املصدر نفسه ،ص 1 البويرة ،س أحال بالويل ،بالغة اللغة يف أدب املقال اإلصالحي عند حممد البشري اإلبراهيمي _عيون البصائر نوذجا _،جامعة العقيد أكلي بالويل ،1

.147 ،ص2013/2014ج

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

68

فيها فالسجع الذي التزمه الكاتبختلو منها :"ا ونوعا فال جند نصوصه هذا اللون الذي وظفه اإلبراهيمي كم ألن السجع إذا جاء في ،وزخرفا وبهاء ،في شيء من روعتها وجمالها ،بل زادها ملحا وماءلم يقلل

1" الكتابة الفنية عفوا يكون تحلية للكالم وزينة لألدب

ومن أمثلة السجع الوادة يف نص اخلطبة هذه األقوال التالية :الوجود ،ال تقف أمامه احلدود " ،" بطل عمل ،ال ماضغ أقوال ""واسع

اب " ، اب ،وال مغتاب وال سب صخاب و ال عي "

"فنبتت يف حجره ،ونبتت قوادمه يف وكره ،ورفرفت أجنحته يف جوه "

"عفا عن حمار اخللق وحمار اخلالق ،مقصور اللسان إال عن الدعوة عن احلق"

اغت على أفنان ،وجتاوبت أصداؤه ،وقضيت أوطاره ،وغال من بني أطوار العمر مقداره ،وتنت أنداؤه إن رق " ست عن مثل روح الربيع أزهاره ،وطابت بني انتهاب اللذات و اقتطاف املسرات األيا والليايل أطياره ،وتنف

أصائله وأسحاره".

" كأنا هو منحدر النصباهبا ،و قرارة النسكاهبا".

شديد الغرية ،حديد الطرية "أمتثله "

"أمتثله كالدينار يروق منظرا ،وكالسيف يروع خمربا " ،"أمتثله عف السرائر ،عف الظواهر "

" ولكنه يعرف الفرق بني القيمتني ،فإن أخطأ يف التقدير خسر مرتني "

"أمتثله واسع اآلمال ،إىل حد اخليال ،ولكنه جيزيها باألعمال ،إىل حد الكمال "

"أمتثله مصاوال خلصومه باحلجاج واإلقناع ، ال باللجاج واإلقذاع "

329عبد امللك مرتاض ،فنون النثر األديب يف اجلزائر ،ص 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

69

هو حمسن معنوي ،وهو اجلمع بني معنيني متقابلني يف كال واحد. والطباق :

وهو من الفنون البالغية اليت اهتم هبا قدميا وحديثا ،ولد ورد يف كال اهلل عز وجله وحديث الرسول صلى اهلل ونثرهم ،ما يدل على قيمة هذا احملسن البديعي.ولقد اهتم اإلبراهيمي كثريا بنوعيه عليه وسلم ،وشعر العرب

كونه يسهم يف توضيح الفكرة املراد توصيلها ،فكثريا ما تكون الكلمة الواردة يف كالمه صعبة الفهم للقارئ ضداد ،فضال عن جيعلها سهلة عند مساع نقيضها ،باإلضافة إىل تعزيز الفكرة ،ولو كانت واضحة بإعطاء األ

وذلك وارد يف قوله : 1يف األذن.مجال العبارة و عذوبة املوسيقى اليت ترن

2" خيالال رائد حقيقةالعمل " ، " مرتاد آخرالفكر أول"جاعال

لذة أوله" ،"و اخليال الفتك و النسك " ، "بني الجمود والميوعة أمتثله معتدل املزاج اخللقي بني " " ، " أن ترجع مرة جمنحة ،ومرة خائبة " " فيصبو وال يكبوخيال " ، آخرهو

وردت يف اخلطبته جند ذلك يف األمثلة التالية بقوله :المقابلة :أما

" أمتثله مقداما على العظائم يف غري هتور ،حمجاما عن الصغائر يف غري جنب "

حلس مقهى " ،" مرتاد حقيقة ،ال رائد خيال""أمتثله حلف بطالة ،ال حليف بطالة " ، "حلس معمل ،ال

مقصور اللسان إال عن دعوة إىل احلق ،أو صرخة يف وجه الباطل ""

" مملوء القلب باخلوف منه ،خاوي اجلوانح من اخلوف من املخلوق "

اإلسال تأىب "حيمل ما محل من خري ألن يد اإلسال طبعته على اخلري ،وال حيمل ما محل من شر ألن طبيعة عليه الشر "

" يدخرها مليقاهتا ،ويوزعها على أوقاهتا "

.164حي عند حممد البشري اإلبراهيمي _عيون البصائر نوذجا _، ص أحال بالويل ،بالغة اللغة يف أدب املقال اإلصال 1 .269أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،املعهد الرتبوي الوطين ،اجلزائر ،د ط ،د س ،ص 2

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

70

وختتلفان يف املعىن ،وإنا يأيت األديب هبما هكذا ليثري ،وهو أن تتشابه اللفظتان يف الشكل اخلارجي:الجناس درات السامع ملعرفة السامع مرتني؛ أوهلما حني يوهم للوهلة األوىل أن املعىن فيهما واحد ،والثانية حني تنبيه ق

1املعىن املراد من الكلمة الثانية .

ورأيت اآلخر قد أعاد عليك اللفظة كأنه يخدعك عن :"وهذا ما أراده عبد القاهر اجلرجاين يف كتابه الفائدة ،وقد أعطاها ،ويوهمك أنه لم يزدك ،وقد أحسن الزيادة وفرها ،ولهذه النكتة كان التجنيس

2من حلى الشعر"وخصوصا المستوفى

ومما أورده اإلبراهيمي يف هذه اخلطبة من ناحية هذا اللون البديعي وزين هبا خطبته من قوله:

فتجد األوىل داللة على املثابرة يف العمل ،وجتد من الفعل وجد 3مثال يف حديثه عن النحلة قوله "جتد لتجد " أي مبعىن العثور على الشيء.

" الخالقوحمار قالخلعفا عن حمار وقوله :"

"أصداؤه ،وجتاوبت أنداؤهوإن رقت ، " " ضاعةق يف رضاعة"أو ذو

على الكون " السيادةيف الكون ،و للسعادة"..وهتيؤها

"سالمتهاو سالستهاله متجلى للخالل العربية اليت هي بواكري مثار الفطرة يف "أمتث

" الصاعقةو العاصفة،وجاء بالربق والرعد و فارو ثاروالتدمري ،ص "..وتسابق الغرباء إىل كرائمه بالل

"شديد الغيرة ،حديد الطيرة "أمتثله

" المعراةة ،واألجسا المطرا"ويغار لعينيه أن تسرتقهما الوجوه

.163 ،ص2008ه /1427،س ط 1ا ،طحممد علي سلطاين ،املختار من علو البالغة والعروض ،دار العصماء ،دمشق ،سوري 1 .342 ،ص1981عبد القاهر اجلرجاين ،دالئل اإلعجاز ،ت :حممد رشيد رضا ،دار املعرفة ،بريوت ،لبنان ،د ط ،س ط 2 . 269أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،ص 3

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

71

خمربا" ، "ولكن ذاك ذبول االهتزاز ،وهذا ذبول االعتزاز " يروعمنظرا ،وكالسيف يروق"أمتثله كالدينار

"عناء يردى،ويزعق فيكون هناء يروى"وكاملاء ميرؤ فيكون

". للبأسمفسدا اليأس" ، "و باللجاج واإلقذاع،ال بالحجاج واإلقناع"أمتثله مصاوال خلصومه

،فالنوع األول من اجلناس عادة ما يكون نادر الوقوع ،وهذا ما جنده يف هذه اأو ناقص افاجلناس يكون تامهذه على اجلناس الناقص ،واستخد اجلناس لتمتعه أن اإلبراهيمي اعتمد كثريا يف نص خطبته اخلطبة ،إال

بكثري من القوة واإلحياء .

تجانستني ننتقل من معىن إىل آخر ومن فكرة ألخرى.وجنده أثناء إيراده للكلمتني امل

الصور حرا وبيانا ،فنجد هذه وس، وراء لغة قوية يال املخبأةكذلك قراءة نص خطبته يكشف لنا عوامل من اخلإلبراهيمي واحد ممن وصفوا فنون البيان االبيانية تتواىل يف خطبته مشكلة قطعة أدبية متناسقة األفكار واملعاين ،و

.ومن بني الصور البيانية اليت استخدمها 1على اطالعه على أساليب البالغة املختلفة األربعة مما يدل النص:هذا ،هاإلبراهيمي يف نص

وهو فن يدل على دقة الكاتب يف ملقارنة بني األشياء وألسباهبا، فقد كان اإلبراهيمي يصطنع التشبيه :تشبيهات رددهتا األلسنة واألقال القدمية يف أدب العصور الغابرة ،وهذا ال يوحي بأنه كان جامدا ليس

ه كان ن كيستلهم منها عناصر أفكاره ،ول،و نسجا مع احلياة اجلديدة فيستوحي منها تشبيهاتباستطاعته اال2يعرف مثل هذا ويتجاهله ،ألن األديب يف نظره هو ذلك الذي يعود إىل املاضي البعيد يستنطقه.

أمتثله مقبال إقبال النحل "ومن التشبيهات اليت أوردها قوله:"

البويرة ،س أحال بالويل ،بالغة اللغة يف أدب املقال اإلصالحي عند حممد البشري اإلبراهيمي _عيون البصائر نوذجا _،جامعة العقيد أكلي بالويل ، 1 170،ص 2013/2014ج

.150/151 ،ص 1983،س ط 2زائر ،ط ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،اجل1954_1925ب العريب املعاصر يف اجلزائر امللك مرتاض ،هنضة األدعبد 1

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

72

وتشبيهه للشاب اجلزائري بأن يكون كالدينار بأن يروق منظره وخمربه 1تشبيه يدل على مواصلة الكفاح املنظم ،عاصرين على تباين ثقافاهتم يرون يف فامل"أتمثله كالدينار يروق منظرا ،وكالسيف يروع مخبرا "،وذلك بقوله:

ء يشبهون حني كان الشعرا ،هذا التشبيه نكتة بالغية .فاإلبراهيمي احد ممن كانوا حينون إىل ذلك الزمن البعيدوعيون املاء بالدينار أيضا ،واجلامع بني ملشبه واملشبه به اللمعان والربيق .فيه الوجه اجلميل بالدينار ،

جند الكثري من الشعراء القدامى استعملوا هذه ،وعلى أن اإلبراهيمي شبه الشاب اجلزائري بالسيف والرمح أيضا اجلزائري بالغصن املروح املطاول بأنداء العروبة ،وتارة أخرى الرموز يف تشبيهاهتم .إضافة إل تشبيهه للشاب

2بناء الذي ولدهتم خندف_أي ليلى بنت حلوان .األيشبهه ب

إضافة إىل تلك التشبيهات البليغة اليت حاول من خالهلا تصوير قوة مترد الشباب على الصعاب وحتطيمهم 3ة "جامحا عن األعن ذلك:" ،وقوله يفللعقبات اليت تقف يف طريق وصوهلم إىل اجملد

فمن أهداف هذه التشبيهات توضيح الصفة الغامضة ،أو تفصيل الصورة اجململة يف املشبه ،فالكاتب ال يبلغ ضح مما هي عليه يف املشبه ،حبيث يلحق املشبه يف املشبه به أقوى وأو من أمره ما يريد حىت تكون صفة التشبيه

. 4إلبرازها وإظهارهاباملشبه به يف الصفة املطلوبة

نا إدراكه ومن بني تلك الصور البيانية اليت وظفها اإلبراهيمي يف خطبته تلك االستعارات اجلميلة ،اليت ميكنقد العزمات ""مت ومعرفة سر مجاهلا ومن بني هذه االستعارات اليت جندها يف خطبه قوله :

"تحتدم جوانبه " ،"ال ماضغ أقوال ".

وصفا للشباب املتطلع ،وهذه "عربيد" ص من ذلك مثال :استخدامه لتلك األلفاظ املوحية يف الن إضافة إىل اللة علىللسكري الذي يدمن الشراب ،ولكن الكاتب استخدمها هنا للدالكلمة مستخدمة أصال يف اللغة

.269أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،املعهد الرتبوي الوطين ،اجلزائر ،د ط ،د س ،ص 1 .151ص ،1954_1925ب العريب املعاصر يف اجلزائر امللك مرتاض ،هنضة األدعبد 2 .269صاألدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية للسنة الثالثة ثانوي ،أمحد سيد حممد ،املختار يف 3 .152ص ،1954_1925ب العريب املعاصر يف اجلزائر امللك مرتاض ،هنضة األدعبد 4

الفصل الثالث : الخصائص الفنية لخطبه

73

وصفا للشباب "محجاما" كلمة و،"مقداما" ة وقوة .ومن ذلك أيضا كلمة للمعايل حبيوي طلب الشباب1بأسلوب املبالغة الذي يوحي بالزيادة يف احلدث واإلكثار منه.

تربوي ،فاجلانب األديب واضح جدا يف أديب ،وشق ق ففي األخري خنلص إىل أن هذه اخلطبة ذات شقني :ش بزما بعض . بعضها اآلخذهذه األحاديث من حيث التعبري الراقي ،ومن حيث التشبيهات املكتظة املتالحقة

أصوله من آداب واجلانب الرتبوي واضح أيضا من حيث التوجيه املقصود الذي كان اإلبراهيمي يستمد .2الدين

ساليب الراقية واأللفاظ املوحية اليت أحسن اإلبراهيمي الربط بينها بفضل ثقافته ورصيده الفكري فبهذا األوأسلوب األدباء القدامى .وهذا التحليل للخطبة جعلين املتشبع بالدين إسالمي ،وخبصائص مدرسة الصنعة

أقف عند خمتلف احملسنات البديعية اليت وظفها أحسن توظيف ،و الصور البيانية اليت وضح من خالهلا املعاين أي أثناء ارجتاهلا له. ،بني اجلمل يف اخلطبة حىت وإن مل حيضر هلافاإلبراهيمي واحد ممن كانوا حيسنون التنسيق

.269أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،املعهد الرتبوي الوطين ،اجلزائر ،د ط ،د س ،ص 1 2 .153،ص 1983،س ط 2 ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،اجلزائر ،ط 1954_1925ب العريب املعاصر يف اجلزائر امللك مرتاض ،هنضة األدعبد

الخاتمة:

75

اخلامتة:

وحبمد هللا ونعمة منه وفضل ورمحة أضع القطرات األخرية بعد رحلة يف هذا البحث خلصت فيها إىل النتائج التالية:

،ذلك الشخصية الذي فتح عينيه يف بلد كان يئن حتت وطأة إن املصلح األديب املفكر وإن صح القول املعلم االستعمار االستيطاين ،يعد حبق من األمساء الرايدية يف بالد املغرب العريب .

إن اإلبراهيمي كان من حسن حظه أنه كان سليل أسرة تنتسب إىل األدارسة العلويني ،واشتهرت فكذلك و الدين ،واحلافظة القوية ساعدته على اإلحاطة ابلعلوم املختلفة منها العلوم ه يفإضافة إىل التفق ،ابلنبوغ والعلم

شرعية.ال

،وصياغة مبا حيوي من لغة فنية خرأىال يقل مكانة عن النصوص اإلبداعية األ اإبداعي انص يعد فأما نص اخلطبة م األساليب البالغية املختلفة.أدبية حمكمة ،واستخدا

من فنون الكالم والتعبري ،ويقصد هبا التأثري يف الشعوب أو أيضا بشأن اخلطبة أنا فن قدمي ه قولوما ميكن األفراد يف شىت األغراض .

ثرت ابألساليب العريقة فيه، القدمي ،وأت ،وإن استندت على الرتاث العريب إن اخلطابة يف النثر اجلزائري احلديثع من جهة ،والتحرر من الزخرف اللفظي ،ومالت إىل الوضوح والبيان أنا اختلفت من حيث احملتوى واملوضو ف

العريب األصيل من جهة أخرى.

نظرا لكونه ،فنجده أبدع يف اخلطبة الدينية ومتيز فيها ،برع يف خمتلف ميادين اخلطبواحد ممن فاإلبراهيمي وكذلك السياسية اليت كان حياول من خالهلا حترير بلده من االستعمار الفرنسي ،أما ،متشبع ابلدين اإلسالمي

األدبية فال جنده ألقى الكثري منها رمبا بسبب الظروف اليت نشأ فيها يف تلك الفرتة.

الخاتمة:

76

رئيس مدرسة :إنهصائص خطبه وجدانها تتميز خبصائص من حيث األسلوب واألداء فنقول عنهوإذا تتبعنا خ.أما اللغة فنجدها ة ابمتياز وهي مدرسة الصنعة اللفظية ،فأسلوبه متيز ابألانقة اللفظية ،والروعة األدبية أدبي

و مستوى اللغة التقريري.ثالثة مستوايت :مستوى اللغة الشعري ،ومستوى اللغة اخلطايب ،

ية.ريرية الوصفخصائص فمن خصائص خطب اإلبراهيمي: السهولة والوضوح ،اللغة التق خطبة ولكل لغة

سنة كاتب أديب يف اجلزائر وخاصة مع بدايةل عن اإلبراهيمي فلن نستطيع أن ننكر أبنه كان أكرب افمهما يق سبع وأربعني حني أتلق جنمه يف البصائر الثانية.

من شخصية هذا األديب . اوأخريا بعد تقدميي لليسري يف هذا اجملال آمل أن أكون قد تناولت جانب

من وراء القصد وهو املستعان.وهللا

قائمة المصادر والمراجع

78

قائمة المصادر والمراجع :

*القرآن الكريم

أ/المصادر والمراجع:

_أمحد بن سليمان املشعلي _محود بن عبد اهلل سالمة ،األدب العريب ،وزارة الرتبية /إبراهيم حسن الدريعي1م.2010/2011،س ط 3والتعليم ،الرياض ،ط

/أمحد سيد حممد ،املختار يف األدب والنصوص والنقد والرتاجم األدبية ،املعهد الرتبوي الوطين ،اجلزائر ،د ط 2 ،دس .

،س ط 1شيخ حممد البشري اإلبراهيمي ،دار الغرب اإلسالمي ،اجلزائر ،طآثار ال/أمحد طالب اإلبراهيمي ،3.5،ج 4،ج 1م،ج1997

،س 6/أنيس املقدسي ،الفنون األدبية وأعالمها يف النهضة احلديثة ،دار العلم للماليني ،بريوت ،لبنان ،ط4م.2000ط

،س 1،األغواط ،ط /توفيق مجعات ،قبسات من شخصية اإلمام البشري اإلبراهيمي ،مطبعة الوغي5م.2010ط

/جابر أمحد عصفور ،الصورة الفنية يف الرتاث النقدي والبالغي ،دار الثقافة للطباعة والنشر ،القاهرة ،د ط 6م.1984،س ط

م.1979،س ط 1ار ،دار اهلدى ،بريوت ،طج صائ ،تمحممد علي الن /ابن جين ،اخل7

القدمي ،دار اجليل ،بريوت ،لبنان ،د ط ،دس./حنا الفاخوري ،اجلامع يف تاريخ األدب العريب 8

/اخلليل بن أمحد الفراهيدي ،العني ،تممهدي املخزومي وإبراهيم السامرائي ،د ط ،دس.9

قائمة المصادر والمراجع

79

،س ط كانون 16ط/خري الدين الزركلي ،معجم األعالم ،دار العلم للماليني ،بريوت ،لبنان ،10م.2005الثاين

م .2006ه/1427،س ط 1،بريوت ،لبنان ،ط /الزخمشري ،أساس البالغة ،دار الفكر11

م.2003ه /1424،س ط2/الشريف اجلرجاين ،التعريفات ،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان ،ط 12

/الطاهر حيياوي ،العالمة البشري اإلبراهيمي أمري البالغة والبيان ،اجلزائر ،د ط ،د س.13

،س 2،دار الكتب العلمية ،بريوت ،لبنان ،ط،تمعباس عبد السائر / ابن طباطبا ،عيار الشعر 14م.2005ه /1426ط

/عبد القاهر اجلرجاين ،دالئل اإلعجاز ،تمحممد رشيد رضا ،دار املعرفة ،بريوت ،لبنان ،د ط ،س 15م.1981ط

1م ،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،ط1974ـ1830/عبد اهلل الركييب ،تطور النثر اجلزائري احلديث 16م.1983،س ط

،س ط جوان 1عبد امللك بومنجل ،النثر الفين عند البشري اإلبراهيمي ،بيت احلكمة ،اجلزائر ،ط/17م.2009

م،ديوان املطبوعات اجلامعية ،اجلزائر ،د ط 1954ـ1931/عبد امللك مرتاض ،فنون النثر األديب يف اجلزائر 18م.1983،س ط

م ،الشركة الوطنية للنشر 1954ـ1925ر يف اجلزائر /عبد امللك مرتاض ،هنضة األدب العريب املعاص19م.1983،س ط 2والتوزيع ،اجلزائر ،ط

عمر الدسوقي ،حممد صادق عفيفي ،حممد الفاسي ،األدب والنصوص للسنة الرابعة ثانوي ،مكتبة /20.4د ط ،دس ،جالوحدة العربية ،

قائمة المصادر والمراجع

80

م.1979،س ط 1يف النقد األديب ،املؤسسة العربية للطباعة والنشر ،بريوت ،ط /علي جواد طاهر،مقدمة21

/علي حمفوظ ،فن اخلطابة وإعداد اخلطيب ،دار اإلعتصام ،القاهرة ،د ط ،د س.22

،س 2املهندس،معجم املصطلحات العربية يف اللغة واألدب ،مكتبة لبنان ،بريوت ،ط/جمدي وهبة وكامل 23.199ط

م.1987ري اإلبراهيمي،اآلثار )عيون البصائر (،املؤسسة الوطنية للكتاب ،اجلزائر ،د ط ،س ط/حممد البش24

م.2007،س ط 1/حممد طمار ،تاريخ األدب اجلزائري ،سحب الطباعة للجيش ،اجلزائر ،ط25

نوفمرب 15كلية اآلداب ،جامعة بغداد ،سرسالة ماجستري،/حممد عباس ،البشري اإلبراهيمي أديبا ،26م.1983

،س 1سلطاين ،املختار من علوم البالغة والعروض ،دار العصماء ،دمشق ،سوريا ،ط/حممد علي 27م.2008ه/1427ط

ه 1408،س ط 2/حممد مرتضى الزبيدي ،تاج العروس ،تمعلي هاليل ،مطبعة حكومة الكويت ،ط28.2م،ج1987/

،س 1اإلميان منصورة ،أمام جامعة األزهر ،طنظرية والتطبيق ،مكتبة /حممود حممد عمارة ،اخلطابة بني ال29م.1997ه /1418ط

1/مصطفى الفار وداود الشوابكة ،باقات من النثر العريب القدمي دراسة تطبيقية ،دار الفكر ،األردن ،ط30م.2005ه /1426،س ط

،س ط /ابن منظور ،لسان العرب ،اجمللد الثالث ،دار احلديث ،القاهرة ،طبعة مراجعة وحمققة ،د ط31م.2003ه /1423

ب/الرسائل الجامعية :

قائمة المصادر والمراجع

81

/رسائل الدكتوراهم1

_بشري فايد ،قضايا العرب واملسلمني من آثار الشيخ اإلبراهيمي واألمري شكيب أرسالن _دراسة تارخيية م.2009/2010وفكرية مقارنة _،جامعة منتوري قسنطينة ،س

احلديث موضوعاهتا وخصائصها ،جامعة اجلزائر _عيسى بن ساعد مدور ،اخلطابة يف النثر اجلزائري م.2005م/2004،س

/رسائل املاجيستريم2

م.2011_2010ه /1432_أمينة بلهامشي ،الرمز يف األدب اجلزائري احلديث ،جامعة تلمسان ،س

صائر ب_عيون ال_أحالم بالويل ،بالغة اللغة يف أدب املقال اإلصالحي عند حممد البشري اإلبراهيمي .2013/2014_،جامعة العقيد أكلي أوحلاج ،البويرة ،سمنودجا

_عبد اهلل علي جابر املري ،اخلطابة عند الفاروق دراسة أسلوبية ،كلية اآلداب والعلوم ،جامعة الشرق م.2011/2012األوسط، س

،جامعة تلمسان سالمي يف أدب املقال عند مجعية العلماء املسلمني اجلزائريني جتاه اإلحممد درق ،مالمح اال_م.2010ه /1431،س

م.1986/1987_حممد مهداوي ،البشري اإلبراهيمي واللغة العربية ،جامعة دمشق ،س

/رسائل الليسانسم2

_عمورة ضاوي ،شهرزاد ،اخلصائ النثرية اإلصالحية للبشري اإلبراهيمي ،معهد اللغة العربية ،اجلزائر م.2014/2015،س

/الدوريات:ج

قائمة المصادر والمراجع

82

/المجالت:1

،السنة اخلامسة عشرة ،س ط شعبان /رمضان87لة الثقافة ،وزارة الثقافة والسياحة ،اجلزائر ،العدد_جم

م.1985ه/ماي1405

ه/1421س ط، 1،دار الغرب اإلسالمي ،اجلزائر ،ط 1جملة الشهاب ،عبد احلميد بن باديس ،اجمللد_م.2001

،س 1،دار الغرب اإلسالمي ،اجلزائر ،ط 14_ جملة الشهاب ،عبد احلميد بن باديس ،اجمللدم.2001ه/1421ط

م2012_جملة علوم اللغة العربية وآداهبا ،كلية اللغات واآلداب ،جامعة الوادي ،العدد الرابع ،س

م.1995ه/1416،السنة الرابعة ،س فقات ،العدد الرابعاو _جملة امل

م.2010ه /1432_جملة الوعي ،دار الوعي ،العدد الثاين ،س

/الجرائد:2

م.2015ماي 12القاهرة ،_جريدة الصباح اجلديد ،

/المقاالت:3

م.2009ماي 20بلوايف حممد ،فنون النثر األديب يف العصر اجلاهلي واإلسالمي ،س_

_عبد اهلل بوخلخال ،العالقة بني اللفظ واملعىن بني املفهوم املعجمي واالستعمال عند البشري اإلبراهيمي من صائر. خالل عيون الب

د/المواقع اإللكترونية:

www.albalaghah.com

قائمة المصادر والمراجع

83

www.aluka.com

www.tantaawi@gmail.com

: فهرسال

85

فهرس الموضوعات:

...................................................................................المقدمة أ ....................................................................................التمهيد 4 .........................................الفصل األول :العوامل المكونة لشخصية اإلبراهيمي 7 ...............................................................نشأة اإلبراهيمي وتكوينهأوال: 8

......................................................................رحلته إىل املشرقثانيا: 12

.................................................................................آثارهثالثا: 25 .........................................................................منزلته العلميةرابعا: 28 .....................................................................الخطابةالفصل الثاني : 30 .........................................................................اخلطبة الدينيةأوال: 37 .........................................................................اخلطبة األدبيةثانيا: 41.......................................................................اخلطبة السياسية ثالثا: 44 .......................................................الفصل الثالث:خصائص خطبه الفنية 49 .......................................................................األسلوب واألداءال: أو . 50 ..................................................................................اللغةثانيا: 54 .......................................................................حتليل منوذج من خطبه 58

.....................................................................................الخاتمة 74 ...................................................................قائمة المصادر والمراجع 77

84......,,.فهرس الموضوعات..................................................................

الملخص:

إن املفهوم البسيط للخطابة هو إلقاء الكالم املنثور مسجوعا أو مرسال الستمالة املخاطبني إىل رأي أو ترغيبهم يف عمل .

واإلبراهيمي واحد من الرجال الذين متيزوا هبذا الفن وعرفوا خمتلف أنواعه الدينية واألدبية والسياسية ألن الوضع يف تلك الفرتة كان يستدعي هذا ألجل توعية األفراد .

ومن اخلصائص الفنية اليت متيزت هبا :األسلوب الراقي املتني واللغة ،واألداء.

Summary :

This reseach aims at studying the concept of discource and or speech delivery. It is

merely the fact of performing herance as prose in rhythm and tone so as to

stimulate the listeners and so persuading them to get on opinion or to do any given

act.

In such a type of arts ,El Ibrahimi is one of those who are well known as he deal

with its literary ,and political types.This was the effect of that living situation wish

gave birth to imposed this kind of personalities

This was characterized by many master pieces of art such as :the legal leveled style

,the language and the exceptional performance.

Résumé :

le discours dans sa première définition renvoie aux paroles annoncées ou

prononcées pour influencer et orienter les interlocuteur vers une opinion ou pour

accomplir une tâche.

El Ibrahimi est l’une des figures qui excellé dans cet art sous ses différents

manifestations ,de plus de contexte à l’époque exigerait ce type d’art pour

sensiblerie les gens

Parmi les caractéristiques de discours figurent :le niveau intense de la langue et

une stylistiques vrés recherchée .