اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻌﻠﻢ ﺗﺤﺪي اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ وارﺗﺒﺎك...

62
14 ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺒﺤﻮث اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ] اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ) ﺟﺎﻧﻔﻲ1434 - 2013 [( اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻌﻠﻢ ﺗﺤﺪي اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ وارﺗﺒﺎك اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ أ. ﻳﻖ د ﺷﺎﻓﻴﺔ ﺻﺪ ﻛﻠﻴﺔ اﻟﻌﻠﻮم اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ/ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮ1 ﹰ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ، ﻳﺎ ﺃﻣﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺁﻳﺎﺕ ﻣﻌﺪﻭﺩﺍﺕ ﰲ ﺍﻟﻔﺮﺍﺋﺾ ﺍﺟﺘﺬﺑﺖ ﻓﺮﻋﺎ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻜﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺴﺒﻌﻤﺎﺋﺔ ﺁﻳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﻠﻬﺎ... ﳌﺎﺫﺍ ﻻ ﻧﻌﻤـﻞ ﰲ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻜﻮ ﻧﻴﺔ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺁﺑﺎﺅﻧﺎ ﰲ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﳌﲑﺍﺙ؟ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻃﻨﻄﺎﻭﻱ ﺟـﻮﻫﺮﻱ: ﺍﳉﻮﺍﻫﺮ ﰲ ﺗﻔﺴﲑ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺝ3 15 ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﱘ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﳌﺴﻠﻤﲔ ﲨﻴﻌﺎ ﻳﺴﻤﻌﻪ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻴﺘﻤﺜﻞ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻗـﺪﺭ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻪ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﲨﻴﻌﺎ ﺍﳌﺘﺪﻳﻨﲔ ﻭﺍﳌﻠﺤﺪﻳﻦ. ﺑﻨﺖ ﺍﻟﺸـﺎﻃﺊ: ﺍﻟﻘـﺮﺁﻥ ﻭﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ315 ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﻌﺠﺰﺍ ﺑﺄﺳﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻭﺃﻛﺮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﻌﻘﻞ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺍﱃ ﺑﻌﺾ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﻧﺘﻈﺎﻣﻪ ﰲ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﻤﻖ ﰲ ﲰﺎﻉ ﻧـﺪﺍﺀ ﺍﻟﻔﻄﺮﺓ: M Æ Å Ä Ã Â Á À Ç Ê É È Ë Ô Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í Ì L ] ﻓﺼﻠﺖ. 53 [ ﺗﻨﺒﻪ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻨﺎﺯﻓﲔ ﺣﺰﻧﺎ ﻷﻣﺔ ﺃﻗﺮ ﺃ ﺳﺎﺋﻼ ﻋﻦ ﻣﺼﲑ ﺍﳌﺸﺮﻓﲔ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﻇﺮﺍﺕ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﰲ ﺯﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺬﻫﱯ ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﳊﻮﺻﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴـﺔ ﰲ ﳐـﺎﺑﺮ ﺍﻟﺒﺤـﺚ ﻭﺩﻭﺍﺋـﺮ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻻﺧﺘﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﱵ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻭﻧﺸﺮﺕ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺼـﺤﻒ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴـﺔ ﲢﻘﻴﻘﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﲔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺟﻌﻠﺘﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﲑﺍ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻳﺼﺪﻋﻮﻥ ﺑـﺄﻥ ﺍﻟﻘ ﺮﺁﻥ ﻣﻌﺠﺰ ﻭﺗﺒﲔ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﺍﻟﻴﺲ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻭﺍﳌﺘﺎﺟﺮﺓ ﺍﻹﻋﻼﻧﻴﺔ ﻛﺎﻧـﺖ

Transcript of اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻌﻠﻢ ﺗﺤﺪي اﻟﻬﺰﻳﻤﺔ وارﺗﺒﺎك...

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 14

والعلم المسلم

تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة

د شافية صديق.أ 1جامعة الجزائر/كلية العلوم اإلسالمية

يا أمة اإلسالم، آيات معدودات يف الفرائض اجتذبت فرعا من علم الرياضيات، ملاذا ال نعمـل يف ... فما بالكم أيها الناس بسبعمائة آية فيها عجائب الدنيا كلها

: الشيخ طنطاوي جـوهري نية ما فعله آباؤنا يف آيات املرياث؟آيات العلوم الكو 15ص 3اجلواهر يف تفسري القرآن ج

القرآن الكرمي كتاب املسلمني مجيعا يسمعه كل مسلم فيتمثل معانيه على قـدر القـرآن :الشـاطئ بنت .استطاعته بل هو كتاب الناس مجيعا املتدينني وامللحدين

315ص اإلنسانوقضايا عز وجل الكون معجزا بأسراره العميقة وأكرم اإلنسان بعقل قادر على خلق اهللا

الوصول اىل بعض تلك األسرار بقدر انتظامه يف االجتهاد والتعمق يف مساع نـداء M Æ Å Ä Ã Â Á ÀÇ Ê É ÈË :الفطرة

Ô Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í ÌL] 53.فصلت [ مصري املشرفني عن مناظرات اإلعجاز أ سائال عنتنبه أحد النازفني حزنا ألمة أقر

خمـابر البحـث ودوائـر العلمي يف زمنها الذهيب وما هي احلوصلة العمليـة يف االكتشافات واالختراعات اليت تفيد البشرية، ونشرت إحدى الصـحف الغربيـة حتقيقا مع بعض العلماء الغربيني الذين جعلتهم الكامريا اإلسالمية يصدعون بـأن

رآن معجز وتبني أن الكواليس وعمليات التركيب واملتاجرة اإلعالنية كانـت الق

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 15

حاضرة و يبدو أن حتقيقا تارخييا مسلما البد أن يقوم به حكماء األمـة لـتطهري ساحة ارتفع فيها صـوت اجلعجعـة اهلوائيـة أو مـا أمستـه بعـض الـدوائر

bucaillisme اول تتبع ما كان ويصل الباحث إىل الكثري من املفاجآت عندما حي .الشخصيات أو األثر احلقيقي لتلك املهرجانات يبث، واحلقيقة الواقعية سواء حول

هي هل الصدمة اليت تلقاها العقل املسلم :اإلشكالية اليت تطرح بكل موضوعيةجراء هزميته أمام العقل الغريب يف جمال االستخالف والتمكني هي فقط السبب وراء

ألخالقية اليت صحبت موجات التفسري العلمي واإلعجاز العلمي األخطاء املنهجية واوهناك تراكم حول املوضوع فيـه والسؤال ناقشته دوائر عديدة، وأسلمة املعرفة؟

مادة مهمة لتصويب املسار تصدت هلا عقول مسلمة ختترق ضباب التخدير العام الثمار الطيبة اليت أو االستسالم للحلول السهلة وتستثمر أيضا يف االجيابيات وبعض

.صاحبت تلك األخطاءعالقة املسلم بالكون ال ختتلف عن كل الكائنات احليـة املسـبحة بـذكر اهللا ويتعامل معه وفق ضوابط حددا الرؤية القرآنية بوضوح تستجيب هلـا الفطـرة

صنف بعض الدارسني مباحث اإلعجاز والتفسري .املتحررة من كل القيود والسجونعلم كالم جديد ينافح على العقيدة وفق اللغة الغالبة اليوم، ويـدفع العلمي ضمن

الشبهات عن الدين بآليات جديدة ومنهج يعتمد التسليم املسبق بأن كل ما يصل إليه العلماء اليوم بعد سنوات من التضحيات بالنفس والوقت واملال قـد سـبق

.اإلشارة إليه يف القرآن والسنةذي طور لغة ختاطب أقرب إىل الشفرة وأصبحت نقراتـه اجليل اجلديد اليوم ال

على خمتلف األجهزة مسفونية تتناغم معها أرواحهم الساحبة يف إحداثيات جديـدة .سيسخر من مسرحيات املناظرات اليت داعبت أحالم أناس طيبني

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 16

وسفينته الشهرية تسـتفز )Jacques-Yves Cousteau)1كانت أشرطة كوستو وكانت قصص تضحياته وإصراره على املواصلة ـز رة املؤمنة،شباب حيب املغام

األنفس املختفية حتت أغطية التسليم الساذج، وكانت ردود البعض أن ذلك الشيخ مرج :"الذي فقد الكثري من ثروته وبعض أفراد عائلته وصل بعد كل ذلك العناء إىل

وأن موقفـه وغابت وسط كل ضجيج االحتفاالت أن الرجل مل يسلم ".البحرينمن اآلية ليس كما سوقه لنا بعض جنود اهلزمية، وأن الفكرة تقرأ يف تاريخ األديان

:بطريقة أخرى ال تضر القرآن يف شيء ولكنها تربك بقايا احلياء لدى البعض

ماذا عسانا أن نصنع لنرسخ اإلميان يف ضمائر الشباب وعقوهلم ممن يدرسـون عمل واملصنع ويتابعون جهود علماء الفضـاء علوم العصر ويدخلون املشرحة وامل

ورحالت القمر هل نأتيهم بقرآن غري هذا الذي نزل على نيب أمي يف بيئة بدوية، أو نضحك على عقوهلم ببدع من التأويالت تقدم هلم من القرآن كل علوم الدنيا

وز وعصريات التكنولوجيا أبناء اجليل ليسوا من البالهة والغفلة والسذاجة حبيث جيعليهم أن يقول قائل أننا عرفنا الطائرات النفاثة إذا عذنا برب الفلـق مـن شـر

.)2(النفاثات يف العقد واهتدينا إىل أسرار الذرة مبثقال ذرة

:املسألة عقدية باألساسانقسم علم الكالم إىل جليل ودقيق، وكان نطاق دقيق الكالم مباحث املـادة

وجعلت .حلركة والسكون والنقل والوجود والعدموصفاا وحتوالا وتفاعالا وا

.1997العلمية وانظر موقعه الرمسي هو تويف يف إسهاماتهانظر دراسات كثرية حول )1( .426ص.1999دار املعارف اإلنسان اإلسكندريةالقرآن وقضايا : عائشة عبد الرمحان )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 17

الدليل النقلي والدليل العقلي والفطـرة :من مصادر االستدالل على مسائل العقيدةوالكشف واإلهلام وحقائق العلم التجرييب وبالتايل التفسري العلمي واإلعجاز العلمي

م املباحـث وحىت أسلمة املعرفة بكل احلوصلة االجيابية والسلبية تدخل يف صـمي دون جتاوز للدوائر املتخصصة ولكن أيضا لعلماء التخصصات املختلفـة العقدية

.ورؤيتهم ملا قيل وتقييمه وفق املنهج العلمي الدقيق

أخرج لنا الشغوفون كثريا من الكتب حياول أصحاا فيها أن حيملوا القرآن كل ح أو التلميح اعتقـادا علوم األرض والسماء وأن جيعلوه داال عليها بطريق التصري

)1(.منهم أن هذا بيان لناحية من أهم نواحي صدقه وإعجازه و صالحيته للبقاء

هذا الشغف بإحلاق كل العلوم ومنجزاا بآيات القرآن الكرمي يقابلـه إفـالس علمي وتقين يف العامل اإلسالمي إال بقايـا أرواح تكابـد مـن أجـل بصـيص

اإلنفـاق علـى أنيـبني 2010يف العامل عام تقرير اليونيسكو عن العلوم:خافتالبحث العلمي يف العامل العريب ال يزال متدنيا ويشري التقرير إىل أن مستوى اإلنفاق احمللي واإلمجايل على البحث والتطوير ال يزال متدنيا يف البلدان العربية منذ حوايل

مـن النـاتج احمللـي يف املائة 1يف املائة و 0.1أربعة عقود حيث إنه يتراوح بني اإلمجايل، كما انه ال يزال دون املعدل املتوسط على املستوى العـاملي يف الـدول

، فضال عن ذلك فان كثريا من باحثا لكل نسمة 373تعد ما ال يزيد على العربية العلماء العرب يعيشون يف العامل الغريب وال يضيفون إىل الناتج احمللـي اإلمجـايل

واإلحصائيات بنفس لون اخلطر ختص جماالت حيويـة أخـرى لبلدام األصلية،

.364ص2000القاهرة مكتبة وهبة 2ج:التفسري و املفسرون )1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 18

متوفرة يف التقارير الدورية اليت تصدرها املنظمات األممية واإلقليمية اليت يساهم يف )1(.حمليون وعامليون إعدادها خرباء

األزمة يف عمقها غري جديدة و تظهر دائما يف منعرجات شـبه صـدامية مـع :من ربط الظاهرة بزمن ومكان ظهورهامرجعيات متحدية ، لذلك البد

املثبتون يعتقدون أن القرآن حوى مجيع العلوم دون استثناء وهي فكـرة قدميـة نشأت مع دخول العلوم احلكمية اليونانية يف الفكر اإلسالمي، وعرفـت بقضـية التوفيق بني احلكمة والشريعة يف حبوث فالسفة اإلسالم كابن رشد وغـريه مـن

واألساس الذي قامت عليه هذه الفكرة هو اعتبار أن كال مـن ئني،الفالسفة املشافالبد إذن مـن التقـاء احلكمـة واحلق ال يضاد نفسه، الشريعة واحلكمة حق،

سـبار أرئيس مركز ( فهد العرايب احلارثي .د:البحث العلمي والتنمية أزمة:دورية للمنظمات املختصة ونظر مثالهناك تقارير )1(

من جممل دخله الوطين على جماالت البحث العلمي، أي ما يساوي % 2,1العامل ينفق حوايل ) عالمللدراسات والبحوث واإلباحث 1,3مليون باحث، أي مبعدل 3,4مي يف العامل ما يقارب ويعمل يف مؤسسات البحث العل. بليون دوالر 536حوايل

وقد قدر إنفاق الواليات املتحدة األمريكية واليابان واالحتاد األورويب على البحث والتطوير مبـا . لكل ألف من القوى العاملةوالواليات املتحـدة . لبحث العلميبليون دوالر، وهو ما يتجاوز ثالثة أرباع إمجايل اإلنفاق العاملي بأسره على ا 417يقارب

وتـأيت . من جممل ما ينفق العامل كله% 32بليون دوالر، أي حوايل 168وحدها تنفق سنويا على البحث العلمي أكثر من مث يتواىل بعـد ذلـك . من إنفاق دول العامل% 24بليون دوالر، أي ما يوازي أكثر من 130: اليابان بعد الواليات املتحدة

بليـون 420أملانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، كندا، ليكون جمموع ما تنفقه الدول السبع أكثر من : ل العامل املتقدمترتيب دومن جمموع الباحثني يف العامل، ويكلف كل % 66ألف باحث، ميثلون أكثر من 265ففي هذه الدول السبع مليونان و. دوالر

وقد تصدرت الدول االسكندينافية قائمة الدول األوروبية الداعمـة للبحـث .ألف دوالر يف السنة 185باحث منهم حوايل : واالبتكارات، وذلك بالنسبة إىل نواجتها القومية، فجاءت النسب اليت خصصتها تلك الدول للبحث والتطوير على هذا النحو

.األخرية بني الدول األوروبيةيف املرتبة % 0.59وتأيت بولندا بنسبة %. 2.6، الدامنرك %3.51، فنلندا %4.27السويد وهذا املبلـغ . بليون دوالر 116، فال يتجاوز إنفاقهم على البحث العلمي أكثر من )ومنهم طبعا العرب(أما باقي دول العامل

يف األلف من الدخل القومي لتلك البقيـة مـن 11مليون دوالر ليس غري، أي ما يساوي 535ليس ألمة العرب فيه سوى معظم الدول العربية ال تظهر أرقاما وإحصاءات عن الباحثني والبحث العلمي، فإذا ظهر شيء من ذلك فيكون غـري و!! العامل

كما ) 8(%.0.2، ومصر %0.2، وسوريا %0.3، وتونس %0.3، واألردن %0.2، والكويت %0.6اإلمارات : مطمئنويف . ألف دوالر 36ألف باحث، وتكلفة الباحث الواحد يف السنة ال تتعدى 16أن مجلة الباحثني يف الوطن العريب هم أقل من باحث، يف الوقت الذي تصـل فيـه 318م أنه يقابل كل مليون عريب 2006إحصائيات صادرة عن اجلامعة العربية يف العام

.لكل مليون شخص باحث 4500النسبة يف الغرب إىل

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 19

)1(.والشريعة يف النتائج و إن اختلفت مناهجهما يف البحث عن احلقيقة اإلعجازالتفسري و

لعلمي واإلعجاز العلمـي قد تلتبس لدى البعض احلدود الفاصلة بني التفسري اخصوصا عندما تشتد محى املزايدات واألصوات املرتفعة املتصارعة علـى غنـائم

يعرف حممـد حسـني .ويفنت الناس خبطاب اإلعجاز إلخفاء عجز اإلجناز الدنيا، :الذهيب التفسري العلمي بوضعه يف سياقه التارخيي

بعدد من اآليات متت وقد ظهر نوع من تفاسري االختصاص وقع االهتمام فيها مبوضوعها إىل العلوم احلديثة بصلة كاآليات اليت يذكر فيها الكون بأرضه ومسائـه

واآليات اليت تتحدث عن اإلنسان يف خلقته وخلقه وعاداته يف تفـرده وكواكبه، .ويف اجتماعه

:واختذ التأليف يف هذا النوع من اآليات صورتني فسرين بتقسيم السورة إىل مقاصـد، صورة نسجت على منوال مناهج بعض امل

وحتليل كل مقصد بعد ذلك بالوقوف على اآليات بعد توزيعهـا إىل جمموعـات تتحد يف املوضوع، وتفسري كل جمموعة منها لفظيا أوال مث مبا يقتضيه الكالم الوارد

وأبرز من تبىن هذه الطريقـة مـن فيها من بيان يعتمد علوم األثر أو علوم العقل،الفخر الرازي ومن احملدثني الشيخ طنطاوي جوهري ؛ الدراسة املركـزة القدامى

على اآليات العلمية أو اآليات الكونية الواردة يف القرآن يذكرها املؤلف عادة دون تقيد بترتيبها يف املصحف بل يستشهد مبا تيسر منها كلما تطلب منـه البحـث

)2(.ذلك

.44ص.1406/1985التفسري العلمي بني النظريات والتطبيق تونس :هند شليب )1( .349ص.م،م،س :التفسري واملفسرون) 2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 20

ر بني حقائق العلم وحقائق الدين يف ويوضح الشيخ الذهيب أن مسألة بناء اجلسو :اإلسالميالتراث

طرحت بعد أن حذق املسلمون العلوم احلكمية اليت نقلوها عن اليونان وعادت إىل الظهور يف عصرنا احلاضر وتتمثل يف املقارنة بني احلقائق الصادرة عن الـدين

جلمـع بـني ا: واحلقائق الصادرة عن العلم للخروج بأحد االستنتاجني التـاليني .احلقيقتني والفصل بينهما

والفرق بني اإلعجاز العلمي والتفسري العلمي هو أن اإلعجاز العلمي صورة من صور التفسري العلمي، فكل إعجاز تفسري علمي، ولـيس كـل تفسـري علمـي

.)1(إعجازاومل ينحصر الفرق بني اإلعجاز والتفسري يف التعريفات، بل نلحـظ تفاوتـا يف

وخيتار الباحث .سيم، وتبين نوع دون آخر من قبل رواد التفسري العلميطريقة التقتفسري القـرآن :تعريفا إجرائيا للتفسري العلمي وهوحممد بن عبد الرمحان الشايع

:وهذا التعريف خيتزل ما أراده الذهيب .)2(الكرمي حبقائق العلم التجرييبلعلمية يف عبارات القـرآن التفسري العلمي التفسري الذي حيكم االصطالحات ا

وجيتهد يف استخراج خمتلف العلوم واآلراء الفلسفية منها فالقرآن يف نظر أصحاب سائر علـوم –إىل جانب العلوم الدينية االعتقادية والعلمية –هذه الطريقة يشمل

.)3(الدنيا على اختالف أنواعها و تعدد ألواا بدأ فيها هذا النوع اخلاص يف التعامل ما هي املالبسات الذاتية واملوضوعية اليت

.349ص.م،م،س:التفسري واملفسرون )1(حممد بن سـعود إلماماجملة جامعة :التفسري مبكتشفات العلم التجرييب بني املؤيدين واملعارضني :حممد بن عبد الرمحان الشايع) 2(

.54-20ص 1991فيفري/144العدد الرابع رجب السنة الرابعة، اإلسالمية، .55ص.م ،م ،س :الذهيب التفسري واملفسرون )3(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 21

مع القرآن مث السنة؟يف األزمنة احلديثة تفاصيل اإلجابة موجودة بيننا،ولكن ما الذي دفع أبا حامد الغزايل إىل اجلزم بأن كل العلوم موجودة يف القرآن، وما الذي دفع

بر ومراكـز البعض إىل اليقني املطلق بأن ذلك يعين االكتفاء بالقرآن بدل املخـا البحث؟

أبو حامد الغزايل منظومة فكرية خاصة ومسار حيايت وعلمي فريد واختياراتـه وإن كان موقعه املرجعي سبب ما الفكرية والعلمية ال جتعله يدفع مثن من اسنت ا،

وجند بني كلمات أيب حامد الغزايل ما سبق أن أشار إليه يف باب العلم .يشبه الفتنةتضخم عدد املهتمني بالفقهيات وقلة املهتمني بالعلوم األخرى حىت من اإلحياء من

:خلت مدن من أطباء مسلمني يقول يف اجلواهرفلن يوجد يف هذه العلوم ما عددناها وما مل :يف انشعاب سائر العلوم من القرآن

نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن فان مجيعها مغترفة من حبر واحد من حبار هللا تعاىل وهو حبر الفعال وقد ذكرنا أنه حبر ال ساحل له ويف القرآن جمامع معرفة ا

.)1(علم األولني واآلخرينال تسرح يف ميـدان : ويضيف متوجها ملن مل يركز على التأمل يف هذه املباحث

معرفة الصنع وال تتفرج فيه واشتغل بأشعار املتنيب وغرائب النحو لسيبويه وفروع )2.(ادر الطالق وحيل اادلة يف الكالم فذلك أليق ابن احلداد يف نو

ليس هناك دعوى صرحية لفهم فعال آليات القرآن الكرمي بالدفع حنو شـعاب البحث التطبيقي بل هناك إمعان يف الدفع بالروح إىل السمو وبعيدا عن ترابية الواقع

:وة القرآنويقول يف اإلحياء يف كتاب آداب تال.الذي جيب أن يتعفر فيه املؤمنال تنقضي عجائبه، وال تتناهى غرائبه،ال حييط بفوائده عند أهل العلم حتديد، وال

.جواهر القرآن،طبعة املوقع اهلندي املصطفى:"يف الفصل اخلامس من )1( .جواهر القرآن،طبعة املوقع اهلندي املصطفى:"يف الفصل اخلامس من )2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 22

.خيلقه عند أهل التالوة كثرة الترديد،هو الذي أرشد األولني واآلخرينواستشهد يف الباب األول يف فضل القرآن وأهله وذم املقصرين يف تالوته بـابن

.لقرآن فإن فيه علم األولني واآلخرينإذا أردمت العلم فانثروا ا:مسعودال يفقه الرجل حىت جيعـل للقـرآن . :ويف الباب الثالث يف أعمال الباطن يقول

لكل آية ستون ألف فهم وما بقي من فهمها : ويضيف قال بعض العلماء . وجوهاالقرآن حيوي سبعة وسبعني ألف علم ومائيت علـم إذ :ويستشهد بقول آخر . أكثر

مث يتضاعف ذلك أربعة أضعاف إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد . مة علمكل كل .ومطلع

حملاولة فهم أبعاد هذه األفكار من دفع الناس يف اجتاه االكتفاء بالقرآن مصـدرا :للعلوم نقرأ مفاضلته بني العلوم يف كتابه فاحتة العلوم

وإما ثقـة السبب الذي به يدرك شرف العلوم وذلك يراد به إما شرف الثمرةالدليل وقوته وذلك كعلم الدين وعلم الطب فان مثرة أحدمها احلياة األبدية ومثـرة اآلخر احلياة الفانية،فيكون علم الدين أشرف وأهم ومثل علم احلساب وعلم النحو

الطب فالطب إىلوإذا أضيف احلساب فان احلساب أشرف لوثاقة براهينيه وأدلته،اب أشرف باعتبار براهينه وقوة أدلته،وإذا قوبل بينهما أشرف باعتبار مثرته واحلس

كان مالحظة الثمرة أوىل ألن الدليل ال يراد لعينه بل ألجل الثمرة والفائدة،فلذلك كان الطب أهم وأشرف وإن كان أكثره بالتخمني وذا يتبني أن أشرف العلـوم

هذه العلوم فإياك أن العلم باهللا ومالئكته وكتبه ورسله والعلم بالطريق املوصل إىل )1(.ترغب إال فيه وأن حترص إال عليه

عصر أيب حامد و أزمته الروحية والنفسية بعد أن غرف من العلوم النظريـة يف

59ه ص1322ناجي اجلمايل وحممد أمني اخلاجني وأخيه طبع باملطبعة احلسينية املصرية مبعرفة السادات أمحد 1فاحتة العلوم ط )1( .النسخة األصلية علة موقع املصطفى

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 23

عصره عوامل أساسية لتفكيك املنظومة الغزالية مرتبكة ومربكة رغـم ضـخامة يـة ألبعـاد املنتوج الفكري لذلك ال ميكن اجلزم دائما بإمكانية رسم صورة حقيق

اختياراته الفكرية املالمسة بعمق لشغاف العقيدة ومفاضلته للعلوم ال تتوقف عند ما :سبق بل يضيف تشويشا للمتأمل

والشك يف منفعة اخلمر يف تعديل املزاج وتقوية الطبع وتقوية الدماغ،وامليسر يف تغال به تشحيذ اخلاطر بل الرياضة باللعب بالشطرنج يشحذ اخلاطر فال جيوز االش

والتعرض آلفاته،وكذلك النظر يف علم اقليدس واسطي ودقائق احلساب واهلندسة آلفة واحدة وهي أا من حنن مننع منهاوالرياضة ا تشحذ اخلاطر وتقوى النفس و

مقدمات علم األوائل وهلم مذاهب فاسدة ورائها، وإن مل يكن يف نفـس علـم )1(.لدين ولكن خناف منه االجنرار إليهاهلندسة واحلساب مذهب فاسد متعلق با

هل أبو حامد ينسف العلوم اليت حتقق حسن االستخالف ويف أحسن األحـوال ينفر منها؟اجلواب املتسرع غري جمد ولكن املعطيات لفعل ذلك مبوضـوعية أكثـر

:أقسام علومهم:حتت عنوان املنقذ من الضاللة: تضاف هلا ما جاء يفرياضـية، : ستة أقسـام -سبة إىل الغرض الذي نطلبه بالن -أن علومهم : أعلم

. ومنطقية، وطبيعية، وإهلية، وسياسية، وخلقيةفتتعلق بعلم احلساب واهلندسة وعلم هيئة العامل، وليس يتعلق : الرياضية أما - 1

شيء منها باألمور الدينية نفيا وإثباتا، بل هي أمور برهانية ال سبيل إىل جماحدتـه أن من ينظر فيها يتعجب من : األوىل: وقد تولدت منها آفتان. معرفتهابعد فهمها و

دقائقها ومن ظهور براهينها، فيحسن بسبب ذلك اعتقاده يف الفالسفة، وحيسـب مث يكون قـد مسـع مـن . أن مجيع علومهم يف وضوح وثاقة الربهان كهذا العلم

بالتقليد احملض كفرهم وتعطيلهم وتـهاونـهم بالشرع ما تناولته األلسن فيكفر

.56ص.م،ن )1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 24

فـإذا ! لو كان الدين حقا ملا اختفى على هؤالء مع تدقيقهم يف هذا العلم: ويقول. عرف بالتسامع كفرهم وجحدهم استدل على أن احلق هو اجلحد واإلنكار للدين

: وإذا قيـل لـه ! وكم رأيت ممن يضل عن احلق بـهذا العذر وال مستند له سواهلزم أن يكون حاذقا يف كل صناعة، فال يلـزم أن احلاذق يف صناعة واحدة ليس ي

والكالم حاذقا يف الطب، وال أن يكون اجلاهل بالعقليـات يكون احلاذق يف الفقهوإن كـان . جاهال بالنحو، بل لكل صناعة أهل بلغوا فيها رتبة الرباعة والسـبق

، ويف فكالم األوائل يف الرياضـيات برهـاين . احلمق واجلهل قد يلزمهم يف غريهافهذا إذا قرر على هـذا .اإلهليات ختميين ؛ ال يعرف ذلك إال من جربه وخاض فيه

بالتقليد، مل يقع منه موقع القبول، بل حتمله غلبة اهلـوى، والشـهوة الذي أحلد. الباطلة، وحب التكايس، على أن يصر على حتسني الظن بـهم يف العلوم كلـها

من خيوض يف تلك العلوم، فأـا وإن مل فهذه آفة عظيمة ألجلها جيب زجر كل تتعلق بأمر الدين، ولكن ملا كانت من مبادئ علومهم، سرى إليه شرهم وشؤمهم،

. فقل من خيوض فيها إال وينخلع من الدين وينحل عن رأسه جلام التقوىجاهل، ظن أن الدين ينبغي أن ينصـر صديق لإلسالم نشأت من: اآلفة الثانية

وادعى جهلهم فيها، حـىت مجيع علومهم فأنكر: سوب إليهمبإنكار كل علم منفلما . الشرع أنكر قوهلم يف الكسوف واخلسوف، وزعم أن ما قالوه على خالف

برهانه، ولكن اعتقد قرع ذلك مسع من عرف ذلك بالربهان القاطع، مل يشك يف ولإلسالم للفلسفة حبا أن اإلسالم مبين على اجلهل وإنكار الربهان القاطع، فيزداد

ولقد عظم على الدين جناية من ظن أن اإلسالم ينصر بإنكار هذه العلوم، . بغضاوليس يف الشرع تعرض هلذه العلوم بالنفي واإلثبات، وال يف هذه العلوم تعـرض

فال يتعلق شيء منها بالدين نفيا وإثباتا، بل هـي : وأما املنطقيات. لألمور الدينيةاملقاييس وشروط مقدمات الربهان وكيفية تركيبها، وشروط النظر يف طرق األدلة و

احلد الصحيح وكيفية ترتيبه، ورمبا ينظر يف املنطق أيضا مـن يستحسـنه ويـراه

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 25

واضحا، فيظن أن ما ينقل عنهم من الكفريات مؤيد مبثل تلك الرباهني، فاستعجل فهو حبث عن عـامل : الطبيعيات) علم(وأما . بالكفر قبل االنتهاء إىل العلوم اإلهلية

كاملاء واهلواء والتراب والنار، : السماوات وكواكبها وما حتتها من األجسام املفردةكاحليوان والنبات واملعادن، وعن أسباب تغريها واستحالتها : وعن األجسام املركبة

وذلك يضاهي حبث الطب عن جسم اإلنسـان وأعضـائه الرئيسـة . وامتزاجهاوكما ليس من شرط الدين إنكار علم الطب، . الة مزاجهواخلادمة، وأسباب استح

.فليس من شرطه أيضا إنكار ذلك العلم، إال يف مسائل معينةالتأمل املتأين يف هذا اخلطاب يذكرنا مبا عرفته وتعرفه بعض اتمعات اإلسالمية من حترمي البعض للعلوم غري الشرعية كما أمسوها وفتنة انسحاب طلبة متفوقني من

. ختصصات استراتيجية لالنضمام للكليات الدينية خشية جهنم م وكان قد شغل مركزا علميا وسياسيا مفتاحيـا، 1111عام تويف أبو حامد

وقبل هذا ومع ما يالحظ من ارتباك يف آرائه كيف ميكن رسم صورة حقيقية لعمق الـبعض أفكاره؟وأي الكتابات كانت قبل أزمته وأيها كانت بعدها ؟وملاذا اختار

الربط بني املصدر األساسي للدين وعلـوم .هذه األفكار دون األخرى للتشبت االدنيا ليست بدعة إسالمية، ومن األمثلة على ذلك ما يقوله أتباع الطاوية مـن أن كتام املقدس حيوي كل علوم الدنيا،وسلم اهلندوس أن كتبهم املقدسة حتتوي على

حييط اإلنسان والكون، وكان املفسرون الرمسيـون أسرار خارقة هلا عالقة بكل ما للكتب املقدسة يف كل األديان حيظون مبكانة خاصة بدعوى معرفتـهم لألسـرار اخلفية للكتب املقدسة،واليوم أيضا هناك مباحث عن اإلعجاز العلمي والتفسـري

:يقول وحيد الدين خان.العلمي يف منظومات دينية خمتلفةتبعها شعوب احلضارات املقهورة جتاه احلضارات القاهرة هي نفس الطريقة اليت ت

وأية نظرية تقدم على هذا النحو ميكنها أن تكون تابعة ولكنها ال ميكن أن تكـون

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 26

رائدة ولو خيل إىل أحدنا أنه يستطيع أن يغري جمال الفكر يف العـامل مبثـل هـذه شك يف عامل خيايل احملاوالت التوفيقية ليشرق على البشرية نور احلق فهو هائم وال

ال ميت إىل احلقائق بسبب،فان تغيري األفكار واملعتقدات ال يأيت من طريق التلفيـق )1(بل عن طريق الثورة الفكرية

: يستقرأ مهدي كلشين الواقع الفكري الغريب فيالحظمل يكن موضوع العلم الديين مطروحا يف العامل اإلسالمي وحسب بل إن العامل

وقد نظمت يف تماما شديدا ذا املوضوع خالل األعوام املاضية،املسيحي شهد اهأي العلـم الـديين theistic scienceهذا الشأن مؤمترات وأصبح اصطالح

)2(.متداوال يف األوساط الثقافية الغربيةنقرأ يف املراجع املختلفة أن الفضل املرسي ذكر أن أصول الصنائع مـذكورة يف

× M Ø ، واحلدادة ]22/األعراف[M Ñ ÒL : القرآن كاخلياطة ÙÚL]96/الكهف[ والبناء ، M$ # " !L]127/البقرة[ ،

.، والغزل واملالحة والفخارة]37/هود[MÚ Ù ØL : والنجارة هل من الصدفة أن جند على سبيل املثال حبوثا يف املراجـع املسـيحية ينطلـق

ادي للوجود واإلنسان بينمـا الكتـاب أصحاا من كون جمال العلم هو البعد امل .املقدس يسمح بفهم قوانني وتطور العامل احمليط بنا

واجتهد قس من كنيسة مسيحية افريقية يف قراءة كتابه املقدس بـنفس منـهج الفضل املرسي رغم البعد الزمين واملكاين بينهما وليس هناك ما يوحي أن هذا قرأ

بور شـاهني القـاهرة خان مراجعة عبد الص اإلسالمتعريب ظفر إىل اإلميانيتحدى مدخل علمي اإلسالموحيد الدين خان )1(

.7ص 1974مكتبة الرسالة العلم الديين ترمجة سرمد الطائي مراجعة صادق العبادي مركز دراسات فلسفة الدين وعلم إىلمن العلم العلماين :مهدي كلشين )2(

.149ص. 2003/1424بريوت 1الكالم اجلديد بالتعاون مع دار اهلادي للطباعة والنشر ط

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 27

ا األيام الستة والكتاب املقدس له رمزيا اليـوم إذ يرى القس أن العلم له رمزي.لذاكالسابع وأن هناك بوادر علم االتصاالت والنقل من خالل قصة سفينة النيب نـوح وهناك ما يتصل بعلم الصيدلة وعلم الزراعة والكتابة وعلم التربية والتعليم و العلوم

ندسـة املعماريـة السياسية والعلوم اإلدارية والقانونية وحىت تصميم املالبس واهل )1(.وغريها من خالل خمتلف آيات الكتاب املقدس

تفسري الكتب املقدسة علميا واستخراج ما يرى أنه معجز واقع يزداد وضوحا مع احلرب الضروس بني اإلحلاد بأنواعه القدمية واجلديدة واملتـدينني مـن أجـل

ختصـص بعـض .كاستخدام الكشوفات والفتوحات العلمية يف هذا االجتاه أو ذااالت العامة واملتخصصة مواضيع حول عالقة الدين بالعلم مـن خـالل مـثال إحصائيات حول املوقف من الدين يف الدوائر العلمية وحاملي نوبل مع اإلشارة إىل أن السؤال يعين املوقف من وجود اله للكون وكيف يعطي اإلنسان معىن حلياتـه؟

ب على العاملني يف حقل األديان والـدعوة وتكون اإلجابات من التنوع الذي جيكما يتابع املهتمون أيضا النقاشات على املواقع االلكترونية اجلادة .التوقف عنده مليا

اليت تنشر موادا علمية مقاربة للموضوع أو حىت متابعة تعليقات القراء على تقارير ت العاملية اليت مهدي كلشين الحظ تزايد عدد امللتقيا.الكتب اهلامة حول املوضوع

:تصب يف نفس االجتاه ووضع جداول لبعضها تشمل مكان وزمان انعقادهانظم باهلند املؤمتر العاملي للتوفيق بني العلم والدين شارك فيـه 1986يف يوليو

شخصية من علماء الفيزياء والكيميـاء واألحيـاء إضـافة إىل 1100أكثر من فة أحناء العامل، ويف جامعة كمربيدج منذ الفالسفة وعلماء الالهوت وغريهم من كا

(1)Jacques–Daniel ROCHAT: Aide. lire et étudier la BIBLE .ed entraid. suisseو

Relation entre religion biblique et science: point de vue d’un théologien kimbanguiste.

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 28

)1(عدة أعوام افتتح قسم لقضايا العلم والالهوت حصلت جامعة اكسفورد على مليون ومائة إلف جنيه لتأسـيس 1998ويف

كرسي لشؤون العلم والدين،كما أطلقت جامعة ليدز يف بريطانيا أول مركز شبه افتتحت 1998الدين،ومنذ أكتوبرختصصي للبحث حول طبيعة العالقة بني العلم و

اجلامعة ذاا قسما للدراسات العليا يف هذا اال كما بادرت جامعـة بوسـطن اجلمعية بأمريكا إىل افتتاح قسم مشابه يف جمال العلم والدين والفلسفة، وافتتحت

.األمريكية للعلوم السياسية قسم الدين والسياسة وأدرجته ضمن جماالا البحثيةعقود األخرية لوحظ يف أوربا وأمريكا وبشكل متزايد تأسيس املؤسسـات يف ال

واملراكز البحثية اليت تعاجل إشكالية العالقة بني العلم والدين كما افتتحت أقسام يف اال ذاته خالل األعوام األخرية يف عدد من جامعات أوربا وأمريكـا وحسـب

)2(.تناميا يف اجلامعات تلكهي أكثر األقسام العلمية new scientistجملةفهناك فالسفة و علماء يعارضون :وهذا ال يعين عدم وجود مقاومة هلذا املنحى

حىت اآلن افتتاح أقسام الدين يف اجلامعات ألن مصدر متويل اجلامعات هو الضرائب )3(.اليت يدفعها املواطنون

بقيـاس استقصاء اآلراء من مصادرها وحتليل املعطيات عمل متواصل يسـمح :االجتاهات الكربى للفكر البشري وقادته العلميني خصوصا

نظمت استفتاء مشل ألفـا مـن 1977ألفريل 386يف عدد natureجملة يقرون بإميام باهللا، %40العلماء ومن بني ستمائة عامل شاركوا يف االستفتاء كان

سبة املؤمنني كانـت وشكل علماء الفيزياء النسبة األقل بني املؤمنني واألعلى يف ن

.74ص. م،م،س....من العلم :مهدي كلشين )1( .75م،ن،ص )2( .78ص.م،ن )3(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 29

)1(.عند علماء الرياضياتومن التحقيقات املوجودة اليوم على املواقع الرمسية للجهات املتخصصة ما جنده

:عن اإلحصائيات النسبية اليت تشري مثال أن 1998التقارير حول الكتب بينت أن كتابا عن األديان والتقدم صـادر عـام

ومن نتائجه حسـب daniel heuchenne وXavier couplet أجنزه كل من يف املعـدل العـام يهـودي واحـد :الفقرات املأخوذة مباشرة من الكتـاب أن

بروتستانيت واحد ينتج يف ااالت العلمية املختلفة ثـالث أووكنفوشيوسي واحد 20مرات أكثر من كاثوليكي واحد وأكثر من أربع عشرة مرة من مسلم، ومـن

و أتباع الديانات الروحية أو هندوسي، وأن الديانـة مرة أكثر من بوذي أ 30إىل والديانة اليت حتمـل األكثر توفرا على العوامل االجيابية للتطور هي الربوتستانتية،

.)2(أكثر العوامل تأثريا سلبيا على التطور هي الديانات الروحية االنيمبزمعتقدوا أا مسـألة العلم ساحة ملعارك حقيقية بني اإلميان والكفر يقودها أناس ا

وقد تأخذ هذه املعارك أشكاال غريبة كأن يرسل هـارون حيـي حياة أو موت،وكأن يأمر القضاء التركي عام التركي أطلسه بطريقة طوفانية للمدارس يف أوربا،

والذي بـدوره Richard dawkinsحبجب موقع العامل امللحد الشهري 2008 .ارع لتشجيع الناس على التعبري عن إحلادهمينضم حلافلة يف بريطانيا جتول الشو

االيديولوجيا والعلممع القصر علـى البحـث –وأحيانا املسيطرة -سيطرت الكنيسة املتحالفة

العلمي يف اتمعات الغربية وفرضت منطقها اخلاص يف اجتاهات مصلحة ذلـك

.76ص.م،ن )1()2(www.sciences humaines.com يف الصفحة اخلاصة بتقارير الكتب عن كتاب عن 99العدد 1999شهر نوفمرب

.Xavier couplet et daniel heuchenne.األديان والتقدم أجنزه

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 30

كارت كـان التحالف وكان العلماء واملفكرون حيتاجون لرعاية أمري أو ملك، فدييف رعاية أمراء، ومارتن لوثر وجد احلماية عند األمري فريدريك الثالـث يف قلعـة

ويف احلضارة اإلسالمية مل تكن األمور بعيدة كلية عن هذا التحدي ولكن فيتربغ،االرتباط باحلكام أضفى على العلماء الشـهرة :هناك من يرى أن ذلك كان سلبيا

وإبعاد مضايقات املتطرفني لكن كانت تلـك ،لرفيعةاملهنية واملكانة االجتماعية االرعاية من أخطر نقاط الضعف يف تشكيل العلم اإلسالمي، حيث تدخلت امليول

ومكائد حياة البالط فعلى اخلاصة للرعاة وحظ ومستقبل الساللة احلاكمة حينها، .)1(أساس كل ذلك حتددت توجهات تنمية التعليم ومصائر العلماء

رجل الدولة واملفكر واملؤرخ كتب عن العلـوم عنـد املسـلمني ابن خلدون وصنفها يف الفصل الرابع والعشرين من مقدمته ويف الطبيعيات يكاد ابن خلـدون

:يغلق أبواب االجتهاد فيها وكأن العامل استوىف منها كل أسرارهاوألف الناس يف ذلك كثريا لكن هذه هي املشهورة هلـذا العهـد واملعتـربة يف

صناعة،وألهل املشرق عناية بكتاب اإلشارات البن سينا ولألمام ابن اخلطيب عليه الوكذا اآلمدي وشرحه أيضا نصري الدين الطوسي املعروف خبواجة من شرح حسن،وحبث مع اإلمام يف كثري من مسائله فأوىف على أنظاره وحبوثه وفوق أهل املشرق،

. كل ذي علم عليمبوجوهها السياسية والعلمية واجتاهات املعرفة مسـألة العالقة بني مراكز احلكم

حيوية يف تتبع نشأة وتطور أنواع العلوم، وقراءة الشواهد السـابقة دون ربطهـا .باخلريطة السياسية قراءة مشوشة ال تساعد يف الوصول إىل استنتاجات موضوعية

ليت ال تدفع كثريا نبه الكواكيب يف األزمنة احلديثة أن املستبد يفضل تشجيع العلوم ا

الدينية ومعركة العقالنية تر حممود خيال تصدير حممد عبد السالم جـائزة األصولية:والعلم اإلسالم:علي ائي بيود أمريبرويز )1(

.203القاهرة ص 1991للثقافة األعلىالس فيزياءنوبل ال

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 31

:للتفكري كالدراسات اللغويةاملستبد ال خيشى علوم اللغة تلك العلوم اليت بعضها يقوم اللسان وأكثرها هزل

كذلك ال خياف املستبد من العلوم الدينية املتعلقة باملعاد )1(وهذيان يضيع به الزمن .)2(املختصة ما بني اإلنسان وربه

الفطرة السليمة بالعدل فان منحنيات احنرافها تتقاطع كان اهللا أودع يف الناس إذاأيضا نوقد يصل التدخل يف البحث العلمي إىل حد التشويه كما يذكر املؤرخون

منوذج ليسينكو وما فعله يف علم البيولوجيا االشتراكي أيام :من مشارب عدة مثلض علماء الوراثة حكم ستالني فقد كان ليسنكو رجال ريفيا يعمل يف الزراعة ويناه

وأدخل مفردات الصراع الطبقي يف اال العلمي واستبعد العلمـاء املتخصصـني بدعوى انتماءام الطبقية املعادية للثورة،وامتدت سيطرة هؤالء على مقاليد العلـم ومل يسلم منهم حىت العلماء ذوي امليول االشتراكية مثل فافيلوف العامل املتخصص

اتات لكنهم أعدموه بتهمة ختريب الزراعة،وقدمت نظريات بديلة يف الوراثة يف النببأن النباتات اليت تنتمي )3(تستقي عناصرها من الصراع الطبقي كادعاءات ليسينكو

إىل نفس النوع تظهر نوعا من تكاتف اشتراكي فهي ال تتنافس مع بعضها من اجل يسـاعد علـى البقاء وان زراعة نفس النوع من األشجار بالقرب من بعضـها

حيث أن فالسفة احلـزب )4(وطال هذا التدخل السافر ميدان الفيزياء أيضا.منوهاعامل إىلالستاليين خافوا من احتمال امتداد الاليقني الكامن يف قلب ميكانيكا الكم

السياسة ومن مث تتعارض مع نظرية حتمية تطور اتمعات اليت طرحهـا كـارل تأثري النظرية النسبية ألينشـتاين علـى عـامل ماركس وكان التخوف واضح من

.65ص 2006 3 دار النفائس بريوت طينالكواكيب يف طبائع االستبداد ومصارع االستعباد تقدمي أسعد السحمرا )1( .66ص. م،ن )2( .179ص.األصولية م،م،س:اإلسالم والعلم )3( .180ص.م،ن )4(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 32

)1(.السياسةالعلم حىت يف أدق خصوصياته واليت تبدو أقرب إىل اإلمجاع اإلنساين قد يسقط يف التشويه و هاهو منوذج آخر من الضفة األخرى يبني أن قاعـدة الغايـة تـربر

شـروع يف أمريكا قبل عدة أعوام طـرح م :الوسيلة قد تأخذ أسوأ الصور أيضالصناعة جهاز ضخم مزود بسرعة عالية الكتشاف بعض أجزاء الذرة على أساس أن اجلهاز هذا سيتمكن من حتديـد األجـزاء الـيت مخنتـها بعـض نظريـات

ــروع ــة املش ــت كلف ــادر 13الفيزياء،وكان ــار دوالر، فب LeonمليLEADERMAN وهو أحد علماء الفيزياء األمريكان بتأليف كتاب اختار له

حيث سعى إىل أن يوحي عرب ذلـك لـدافعي THE GOD particle: نعنوا .)2(اهللا إىلالضرائب يف أمريكا بأن اكتشاف اجلسيمات املذكورة سيمثل سبيال

العلم إذن نشاط إنساين خيضع لكل املؤثرات اليت حتيط بـأي نشـاط إنسـاين آليـات التفسري العلمي هو قـراءة .فتتقاطع عنده تيارات وتفاعالت حتدد مساره

القرآن رسالة اهللا اخلالق للبشر مجيعا يقرأه من يعرف قدره متوضئا خاشعا باحثا فيه عن الطريق إىل أحسن مقامات اجلنة وآمن السبل لتحقيـق رسـالة اسـتخالف

التفسري العلمي واإلعجاز العلمي ليسا إشكالية حقيقية يف أزمنة اهلزميـة .اإلنسانحبث البعض .م الرسالة املكتوبة والرسالة املرئيةولكنهما مؤشرات أزمة عميقة يف فه

:عن ترسيخ شرعية التفسري العلمي من خاللالعلماء إىلحصر األدلة لالستدالل ا،وثانيا الرجوع :االعتماد على طرق ثالث

.وثالثا اجلانب التطبيقي بتفسري اآليات على ضوء العلوم احلديثة السابقني، 24حممد /53 فصلت /50-49القصص .89نحلال / 38االنعام :القرآن أدلة

.181ص .م،ن )1( .74ص.م،م،س .... من العلم: مهدي كلشين )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 33

.82النساء / ما أخرجـه الترمـذي بـأن رسـول اهللا : ومن أدلة احلديث اليت يوردوا

وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الـأهواء (:قالة والألسن به بسلتلا تي وقضنلا تو دالر ةلى كثرع لقخلا ياء ولمالع هنم عبشلا ي

هبائجع.( وأخرجه الترمذي -. 704: ، رقم احلديث1/197أخرجه أمحد يف مسنده، ج

.،باب ما جاء يف فضل القرآن ورقم احلديث46يف سننه، كتاب فضائل القرآن 2906

إذ وجدوا فيه إشارة إىل مشولية القرآن الكرمي، ويف .م احلديثحيث استدلوا بعمو .هذه الشمولية يدخل اإلخبار عن العلوم احلديثة

إن اهللا لو أغفل شـيئا ألغفـل الـذرة واخلردلـة : قوله (وكذلك عمومإسـماعيل ، حدثنا ابن الطهرانيحدثنا (حديث مرفوع)والبعوضة ختريج احلديثيالثقف داقن وان بيح نا بثندالم، حس نب لما سثندلى، حعي نة بيو أمأب نع ، يدعس

ريقبالم نة، عرير1(أبي ه( يف دعم قراءة خاصة آليات القرآن حيتاج إىل تأن يف لرسول انتقاء أحاديث ل

تفكيك مآالته ويقرأه علميا املتبحرون يف علوم احلديث، ولكن ما خيص العلـوم فذلك عامل آخر ال يفيت فيه إال أهله أيضا واحللقة بني الطرفني هي باب األخـالق

أنصـار .من قليـل واحلياء واستحضار اهللا يف كل حركة وعدم مقايضة اآليات بث :التفسري العلمي واإلعجاز العلمي يؤيدون منحاهم بأن ذلك يؤدي إىل

.استمالة غري املسلمني -

.علي اسعد يف رسالته للدكتوراه )1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 34

.رد مزاعم القائلني بأن هناك تعارضا بني الدين والعلم - .احلث على االنتفاع بقوى الكون - .متتلئ النفس رهبة وإميانا بعظمة اهللا وقدرته -ى به من عند اهللا تعاىل، وذلك بإظهار ترقـي العلـم إثبات أن القرآن موح -

.علي اسعد. )1(للحقيقة القرآنيةاملالحظة أن هذه األهداف تنطبق على أي كتاب يريد أصـحابه إبـراز علـة

وقد فعلها بعض أتباع الكتب املقدسة وفق منهجية أقرب إىل يل أعنـاق تقديسه،ي بضرورة التحرر بـالقرآن مـن يف املنظومة اإلسالمية الوع. الكلمات واحلروف

التبعية مرتبك ومل حيقق ال التجاوز وال اللحاق وهذا ما يستشـف مـن موقـف مدرسة املنار والذي اختلف الباحثون يف تصنيفها بني املؤيدين للتفسري واإلعجـاز العلميني أو الرافضني خصوصا مع اختالف توجهات الشيخ رشيد رضا بعد وفاة

ملنار أن زمنا مر على املسلمني كانوا يستعينون فيه علـى يرى أحد كتاب ا.شيخهتفسري القرآن بأفكار أرسطو وأفالطون وبقراط وفيثاغورس وجالينوس وبيدباي من فحول اليونان واهلنود وغريهم، أما حنن اآلن ففي وقت ال يكفينا فيه رأي األقدمني

جديـدة وحدهم فقد استدار الزمان وحدثت حوادث وظهرت أقضـية وأمـور ليبنتز واوجست كونت وسبنسر :تستوجب البحث فيما قاله أهل هذا الوقت مثل

.)2(من كبار األملان والفرنسيس واالجنليز وغريهمواضح أن حركة املسلمني هي دائما يف التبعية وليس هناك إنتاج علمي مواز أو

العلمي للقرآن اإلعجازرؤية نقدية من كلية الشريعة جامعة دمشق عن : تطبيقات اإلعجاز العلمي: علي أسعد أطروحة دكتوراه )1(

ــزاء ــور أج ــة منش ــرمي والدراس ــها يف الك ــة من ــالمهام ــنة إس ــن س ــرها يف 2004أون الي ــد نش :وأعيhttp://www.onislam.net/arabic/madarik/science-environment/90139-2005-07-

19%2014-20-22.html.43ص 1406/1985التفسري العلمي بني النظريات والتطبيق تونس:هند شليب:وينظر أيضا . .سامل حممود إمضاءفسري االستعانة بالعلوم اجلديدة على الت :عنوان الصفحة517ص 7ج 14جملة املنار الد :املكتبة الشاملة )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 35

ص الحق والعمل مع هذا التشويش يف تلقي كل عناصر املعضلة يؤدي إىل تشـخي مرتبك يف غالب األحيان، فالعلم حركة حيوية ال يستوعب سرعتها عقل تلفيقـي

مدرسة تفسري املنار جعلت من أهدافها التوفيق :الشرباصي وهو ما أملح إليه أمحدبني الدين والعقل أصاا طائف من املبالغة، حيث أسرفت أحيانـا يف اخلضـوع

وأسـرفت أحيانـا يف احلـذر للعقل، وهو أمام الغيب قاصر مهما كانت قوتهواالحتراس من تقبل الغيبيات والتسليم ا، وإذا كان الناس قد محدوا هلا حتديـد نطاق اخلوارق والغيبيات يف تفسري القرآن الكرمي والتوفيق بني كـالم اهللا وسـنته الكونية املألوفة ومقاومتها طوفان اخلرافات واإلسرائيليات واألساطري اليت تسربت

رحاب التفسري، واستعانتها مبقررات العلم احلديث يف إقنـاع أهلـه بالـدين إىل وتعاليمه فإم قد فزعوا حني رأوا األمر قد زاد عن حده، فكاد ينقلب إىل ضده، ومن أمثلة املبالغة يف حتكيم العقل يف تفسري املنار ذكره أن املالئكة هـي القـوى

د بسجود املالئكة آلدم هو تسخري القوى واألفكار املوجودة يف النفوس، وان املرالإلنسان يف هذه احلياة، وأن قصة آدم مبا فيها من حماورة املالئكة، وتعليمه األمساء

.)1(وسجود املالئكة له، هي من باب التمثيل ال أا وقعت بالفعلاالهتزازات اليت تصيب التفكري اإلسالمي يف القضايا الكربى يف ظل وقع شديد

لتحديات جيب استحضارها عند القراءة والتحليل واختيار كل هذه الوقائع وسريع لهو حماولة بسط أهم عناصر املشكلة اليت تتشعب وتتورم أحيانا بفعل االجتاهات يف

حاول وحيد .واقع املسلمني واليت تؤشر أغلبها إىل غربة واضحة بني املسلم ورسالتهية وعلمية يف انضمامه هلذه املعركـة الدين خان أن يضع لنفسه معامل دقيقة منهج

اإلسالم يتحدى والذي جيب إحلاق توأمه لفهم جدي :العقدية فيشرح مسلك كتابهإن الطريقة اليت يتبعها الكتاب للدفاع عـن الـدين ذات : ملنهج وحيد الدين خان

العقل : بعنوان اإلسالمييف جملة الوعي 1970مقال نادر للدكتور أمحد الشرباصي حول تفسري املنار لرشيد رضا نشر عام : يف )1(

.يف تفسري املنار

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 36

فلسفية وعلمية وقد راعى املؤلف الطريقـة :فكرية وجتريبية وبعبارة أخرى،وجهنيوهي التجريبية أو العلمية والسبب يف ذلك أن مكتبتنـا تزخـر مبجلـدات الثانية

ضخمة من الكتب اليت وضعت على املنهج األول على حني يوجد نقص شديد يف الكتب من املنهج الثاين، وإنين ألشعر بأن املضمار الفسيح الذي هيأته الدراسـات

وقـل :رآن يف سورة النملالعلمية احلديثة إلثبات الدين هو تصديق ملا جاء يف القاحلمد هللا سرييكم آياته فتعرفوا وهذا الكتاب حماولة الستغالل اإلمكانات اجلديدة

.)1(لصاحل الدين بطريقة منظمةالربط بني القرآن و املعارف البشرية يضع املـؤمن يف حـرية يف املنطلـق ويف

رية كـان إن هناك أشـياء كـث :املآل،وهو ما يستشف يف قول وحيد الدين خاناألقدمون يعرفون عنها بعض املعارف اجلزئية، وكانت معرفتهم هذه ناقصة جـدا بالنسبة إىل املعرفة اليت أتيحت لإلنسان اليوم بفضل االختراعات احلديثة،وقد واجه

.)2(القرآن يف هذا الصدد مشكلة كربى فهو مل يكن كتابا يف العلومصا مع جامعة عليكرة وفلسفة أمحد وحيد الدين خان ابن منطقة عرفت حتديا خا

وهنـا ولكن أيضا بالتجديد الذي نادى به حممد إقبال وجهود آل الندوي، خان،حنن أمام عقل مؤمن حياول اإلجابة على أسئلة حمرجة يفرضها اصـطدام عنيـف بأهوال اهلزمية اليت يتلقى هليبها مسلم حي يعيش يوميا حتديات املوت احلضـاري،

ابعة ما يفعله شركاؤه أو منافسوه يف العامل بإمعان وهو ما يستشف ولذلك عليه متجتربة قس أمريكي مـع شـباب :من مالحظة وحيد الدين خان الذي يستحضر

صينيني اختار أن يدعوهم للمسيحية من خالل مقارنة ما جاء يف سفر التكوين وما )3(تقوله العلوم احلديث

.6ص.يتحدى م،م،س اإلسالم:وحيد الدين خان )1( .188ص.م ن )2( .لإلجنيلنسبة سفر التكوين مالحظة أخطأ وحيد الدين خان يف183ص. م،ن )3(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 37

عندما يقدم املالحظـة اهلامـة تلمع كلمات وحيد الدين خان حكمة وعدال إننا نؤمن بأن اإلجنيل والتوراة من الكتب اإلهلية مثل القرآن الكرمي،ولـذلك :جدا

. )1(اإلهليتوجد فيهما قبسات من العلم العلمي واإلميـاين ال الوجوديهذا املخرج املتوازن أمام عقبة كأداء يف معركة

:خيفي معامل أزمة عميقة يعترف ا وحيد الدينإن احملور احلقيقي لرسالة القرآن هو السعادة األخروية، فهو بذلك ال يدخل يف

ولكن حيث إنه خياطب اإلنسان يف حقيقـة دائرة أي من علومنا وفنوننا احلديثة،األمر فهو ميس كل ما هو متعلق باإلنسان، وهي مسألة دقيقـة وموقـف جـد

. )2(خطريحلقل من اجتهاد املسلمني، والـيت تتضـح يف هذا ا هي ذي االشكالية احلقيقية

: معاملها أكثر باالعتراف بنسبية وآنية التفسري العلمإن مطابقة كلمات القرآن وألفاظه للكشوف احلديثة مبنية على أن العلم احلديث قد استطاع الكشف عن أسرار الواقعة موضوع البحث فتوفرت لدينا مواد نافعـة

ولو أن دراسة املستقبل يف موضوع ما ة يف ذلك املوضوع،لتفسري اإلشارات القرآنيتبطل واقعة من وقائع العلم احلديث كليا أو جزئيا فليس هذا بضائر مطلقا صدق القرآن، بل معناه أن املفسر أخطأ يف حماولته لتفسري إشارة جمملة يف القـرآن،وإنين

إلشارات القرآن، لعلى يقني راسخ بأن الكشوف املقبلة سوف تكون أكثر إيضاحا . )3(وأكثر بيانا ملعانيه الكامنة

اليقني هو املعركة احلقيقية للمؤمن هو جناته وسعادته،ورغم أن وحيد الدين خان

.185.ص.م،ن )1( .187ص.م،ن )2( .188وص 187ص.م ،ن )3(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 38

اعترب التفسري العلمي سالحا هاما يف جمال العقائد خصوصا إال أنه صـارم عنـد أنه كـان بـدا القرآن مل يكن كتابا يف العلوم واهلندسة،ولذلك لو:االعتراف بأن

يكشف عن أسرار الطبيعة الختلف الناس فيما بينهم حول ما جـاء يف القـرآن، والستحال عندئذ بلوغ اهلدف احلقيقي من نزول القرآن وهو أصلح العقل اإلنساين

ومن إعجاز القرآن أنه تكلم يف لغة العلم قبل كشفه كما أنه اسـتعمل .. وتزكيتهواق األقدمني وال معارفهم على حني أحاطت كلمات وتعبريات مل تستوحشها أذ

.)1(بكشوف العصر احلديثالقراءة املتأنية لكتايب وحيد الدين خان حتمل الكثري من الصـدق،ولكن أيضـا بعض التناقض واالرتباك والتأرجح وهو أمر مفهوم يف مثل هـذه املعـارك الـيت

حمو ذكراها واألهم حمو خيوضها العقل املسلم وهو حممل بآثار هزائم أكته، ويريد يستحضر وحيد الدين خان مقولة لشبلي النعماين مهمـة للغايـة .آثارها العميقة

وميكن اعتبارها جزيرة آمنة وسط تالطم هذه األمواج أو واحة وسط سراب قاتل مهما قيل فإن روح الدين هي عقيدة املعاد فان كل ما يتمتع بـه :للرمال املتحركة

ا للدين من أثر على أفعال اإلنسان يرجع إىل قـوة هـذه الدين من تأثري وكل م .)2(العقيدة وبقدر ما هي عظيمة الشأن بقدر ما هي عسرية التصور

يف جغرافيا أخرى من العامل اإلسالمي ويف نفس املعركة رأى الشيخ عبـد اهللا :دراز أن القرآن حيتوي على ما يتطابق مع الكشوفات العلمية

اإلميان والفضيلة ال يسوق الدروس من التعـاليم الدينيـة القرآن يف دعوته إىل واألحداث اجلارية وحدها،وإمنا يستخدم يف هـذا الشـأن احلقـائق الكونيـة الدائمة،ويدعو عقولنا إىل تأمل قوانينها الثابتة ال بغرض دراستها وفهمها يف ذاـا

.188ص.م،ن )1( 1987/ 4خان مراجعة عبد احلليم عويس دار النفائس بريوت ط اإلسالمالدين يف مواجهة العلم تر ظفر :وحيد الدين خان )2(

.52ص

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 39

احلقائق الـيت ونالحظ أن هذه )1(فحسب وإمنا ألا تذكر باخلالق احلكيم القديرمع آخر ما توصل إليه العلم احلديث مثل املنبع اخلفي الذي خيرج تتفق متامايقدمها

.)2(من العنصر اجلنسي لإلنسانهي ‘ تتفق متاما‘مقدمة مجلة الشيخ دراز ال خيتلف عليها أي مسلم ولكن عبارة

اإلهليـة اليقينيـة أقرب إىل اللغة األدبية،ألن لغة العلم البشري النسبية ولغة القرآن :املطلقة ال جمال لتطابقهما،وهذا مل يغب عن الشيخ عندما يستدرك

احلماس دفع بعض املفسرين احملدثني إىل املبالغة يف اسـتخدام هـذه الطريقـة التوفيقية لصاحل القرآن حبيث أصبحت خطرا على اإلميان ذاته،ألا إما تقلل مـن

ا ال حتتمله ألفاظه و مجله ،و إما أن تعـول االعتماد على معىن النص باستنطاقه مأكثر مما جيب على آراء العلماء وحىت على افتراضام املتناقضة أو الـيت يصـعب

.)3(التحقق من صحتهامرة أخرى حنن أمام عينة من االرتباك أمام حتدي كبري للعقل املسلم،ولذلك البد

ـ ارهم معروضـة يف مواقـع من القراءة الشاملة ملن ناقشوا اإلشكالية، ألن أفكعديدة،وأحيانا تبدو متناقضة بل هي دالة بتناقضها الظاهر على البحث املسـتمر

. للخروج اآلمن من أزمة املسلم مع األمانة تفسري اجلواهر للشيخ طنطاوي جوهري املعركة الكربىوالطبعة االلكترونيـة يعد كتاب اجلواهر للشيخ طنطاوي جوهري معلما هاما

وإذا باألبيض واألسود تبني العناء الذي تكبده الشيخ إلجنـاز مشـروعه، للكتابكانت بعض املعادالت وصور أعضاء اإلنسان واحلشرات والنباتات وبعض الظواهر

.175ص 1404/1984العظيم عسلي مراجعة السيد حممد بدوي دار القلم القرآن الكرمي ترمجة حممد عبد إىلمدخل :يف )1( .176ص. م،ن )2( .177و ص 176م،ن ص ص )3(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 40

الكونية تبدو غريبة أمام ثورة التصوير اليوم فان قراءا يف سياقها الزمين واحلضاري يرى أن الغـرب يسـتعمر األمـة تبني مقدار األمل الذي حرك هذا الشيخ وهو

اإلسالمية بسالحه وعلمه وثقافته،وأن املسلمني مستسلمون، وهم وصمة عار على واستحضار الشيخ لرؤاه وأحالمه ومناجاته هللا عنصر هـام لفهـم كتام املبني،

.مساره وختبطه خصوصا حبديثه عن استحضار األرواح والتنومي املغناطيسي . م وتلقى تعليمه يف األزهر1862ة مصرية عام ولد طنطاوي جوهري بقري

حيث درس مبادئ املواد احلديثة اليت مل تكن مقررة يف » دار العلوم«ويف مدرسة كاحلساب واهلندسة واجلرب والفلك وعلم النبات والطبيعـة : الدراسات األزهرية

ن سـنة وعـي .فالشيخ ل من املؤسسة التقليدية واملؤسسة احلديثـة .والكيمياءم مدرسا للتفسري واحلديث مبدرسة دار العلوم، وباجلامعة املصـرية حـني 1911

إنشائها حيث درس الفلسفة وعندما تقاعد انقطع للتأليف وألف حـوايل ثالثـني أن التركستانيني ملا : »صحيفة دار العلوم«كتابا توجها بتفسري اجلواهر، وورد يف

أمسوها باسم الشيخ طنطـاوي جـوهري؛ استقلوا وأنشأوا املدارس واجلامعات ، وقد ترجم تفسري اجلـواهر إىل »مدارس جوهرية«و» جامعة طنطاوية«فسموها

أن الكتاب يدرسه العلماء جلميع الطـالب، » إيران«وأخرب علماء اللغة األوردية،وبه وحـده يقرؤون هذا التفسري،» إيران«وأن طالب العلوم احلديثة يف مدارس

كوك والوساوس يف الدين، كما أن علماء الوعظ خيطبون به على زالت عنهم الش» مشـايل إفريقيـا «و» السودان«وانتشر هذا التفسري انتشارا عاما يف .املنابر هناك

.)1(على هذا التفسري إقباال عظيما» اهلند«وأقبل أهل . »جاوة«وبالد مسلمني وخريطة شخصية حية باحثة وجمتهدة يف فراغ من االجنازات العلمية لل

ه 1432 األولجملة الداعي الشهرية الصادرة دار العلوم ديوبند ربيـع :حول التفسري العلمي اجلواهر للجوهري :حممد بالسي)1(

.35السنة 3العدد 2011فرباير

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 41

تلقي وانتشار تفسري الشيخ جوهري طنطاوي مل يكن فقط بالترحيب فقد نبـهت :بنت الشاطىء

فوجدت فيه اجلماهري ما يرحيها ) اجلواهر(وقدم الشيخ طنطاوي جوهري تفسريه .)1(من مهانة اإلحساس الباهظ بالتخلف

باب أو الفصل اختار الشيخ جوهري منهج تأليف متثل يف وضع اجلوهرة بدل الويتفرع عنها املاسات ويقول يف مقدمة مشروعه ما يسمح باسـتكمال العناصـر

:الضرورية لتحليل العينةمث إين ملا تأملت . إين خلقت مغرما بالعجائب الكونية، معجبا بالبدائع الطبيعية،

عن األمة اإلسالمية، وتعاليمها الدينية؛ ألفيت أكثر العقالء، وبعض أجلة العلماء،تلك املعاين معرضني، ؛ فأخذت أؤلف كتبا لذلك شىت، مزجت فيهـا اآليـات

.. القرآنية بالعجائب الكونية، وجعلت آيات الوحي مطابقة لعجائـب الصـنيع وتقبلها أجلة العلماء قبوال حسنا، وترجم منها الكثري، لكن كل ذلك مل يشف مين

فقين أن أفسر القرآن، وأجعل هذه الغليل ؛ فتوجهت إىل ذي العزة واجلالل، أن يووليكونن هذا الكتاب داعيا حثيثـا إىل درس العلوم يف خالله، فاستجاب الدعاء،

العوامل العلوية والسفلية، وليقومن من هذه األمة من يفوقون الفرجنة، يف الزراعـة، ! والطب، واملعادن، واحلساب، واهلندسة، والفلك، وغريها من العلوم والصناعات؟

كيف ال، ويف القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعمائة ومخسني آية، فأما علم .الفقه فال تزيد آياته الصرحية عن مائة ومخسني آية

لغة الشيخ متماشية مع عواطفه وإحساسه بواجبه،ولكن ضـرورة التريـث يف :التأمل تبدأ بقراءة بعض ما أضافه

.39ص: 335سلسلة اقرأ عدد 1970رآن والتفسري العصري دار املعارف يف كتاب الق )1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 42

املسلم مـن األحكـام واألخـالق، ما حيتاجه: ولقد وضعت يف هذا التفسريمما يشوق املسـلمني : وعجائب الكون، وأثبت فيه غرائب العلوم وعجائب اخللقيف احليوان والنبـات : واملسلمات، إىل الوقوف على حقائق معاين اآليات البينات

أن هذا التفسري نفحة ربانية، وإشـارة : ولتعلمن أيها الفطن. واألرض والسمواترمزية، أمرت به بطريق اإلهلام، وأيقنت أن له شأنا سيعرفه اخللق، قدسية، وبشارة

.وسيكون من أهم أسباب رقي املستضعفني يف األرض

اهلالة اليت يضفيها الشيخ جوهري على جملداته ونسبته إىل اإلهلام تقرأ بـتحفظ، ولكن تقرأ أيضا باستحضار احلرقة اليت أهلبت عقله وروحه واليت نستشـفها مـن

:هقولإن قراءة التشريح والطبيعة والكيمياء وسائر العلوم العصرية ودراسـة احليـوان والنبات واإلنسان أجل عبادة ولوال قصور علماء القرون املاضية ما ضاع املسلمون

.وما أحاطت م عاديات الدهر، وال أصابتهم كوارث احلدثانابه تذكرنا باملؤلفات روح املخلص من التخلف واهلوان اليت تغلب على أجزاء كت

إنـك :يضيف الشيخ .بغية وغريها/منتهى/اية املرام :القدمية ذات الصبغة النهائيةتقرأ يف هذا التفسري خالصات من العلوم ودراساا أفضل من دراسة علم الفرائض؛ ألنه فرض كفاية، فأما هذه فإا لالزدياد يف معرفة اهللا وهي فرض عني على كـل

العلوم اليت أدخلناها يف تفسري القرآن هي الـيت أغفلـها اجلهـالء قادر إن هذهاملغرورون من صغار الفقهاء يف اإلسالم؛ فهذا زمان االنقالب، وظهور احلقـائق،

.)1(واهللا يهدي من يشاء إىل صراط مستقيمإا حرب ال معركة وهي مفتوحة على عدة جبهات تعرب عنها لغة األزمة وأزمة

طنطاوي جوهري الشيخالباهرات بدائه اآلياتاجلواهر يف تفسري القرآن الكرمي املشتمل على عجائب بدائع املكونات و غرائب )1(

.19ص3الطبعة االلكترونية اجلواهر ج .ـه 1341مصطفى البايب احلليب حمرم

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 43

ث احملقق البد أن يأخذ هذه املفردات جبدية وحيللـها للوصـول إىل اللغة، والباحاستنتاجات موضوعية تصنف تلك احملاوالت على أا عالمات حيـاة ومقاومـة

وأا أبقت شعلة االجتهاد موقدة وإن أحرقت أجزاء من أرواح للموت أو الردة، :نيفر منهج اجلواهر أمحيدةحيلل .حية متحركة

تفسريه هي أنه بعد مقدمة حيدد فيها غايته من التفسري يسرع يف طريقة الشيخ يف مث . شرح اآليات شرحا لفظيا ال يتجاوز فيه ما تتوافر عليه التفاسري القدمية املتداولة

، وهي استشـهادات مبعـارف "اجلواهر"و" اللطائف"ينتقل بعد ذلك إىل ما مساه مة أحيانا ببعض الصور التوضـيحية علمية وتارخيية وفلسفية مطولة، يأيت ا مدعو

وينقل بعض األخبار عن األناجيل وعن تاريخ العرب القدمي، وعن الفلسفة اليونانية ويعتمد أحيانا حساب اجلمل القريب من التفسـري اإلشـاري، وإخوان الصفا،

ويستشهد بعامل األرواح واستحضارها ومبسائل يف علم التغذيـة وعلـم الطـب جليولوجيا والفلك وعلم النبات مؤكدا أن هذه العلوم اليت أبرزها اهللا والكيمياء وا

.)1(على أيدي الفرجنة ليست إال علوما مكنونة يف النص القرآين ؛ اجتهد وفـق رؤيتـه الشيخ جوهري أجاب عن أسئلة الواقع امللحة بطريقته،

م لتوازنـه وقراءة آثار ذلك املنهج موضوعيا تضعه ضمن سياق فقدان العقل املسليرى حممود عزب خريج السربون . عند إدراكه إىل ما وصل إليه من خيانة لرسالته

:تيار التفسري العلمي للقرآن عموما :واملتخصص يف حوار األديان أنيستخدم املفردات واملصطلحات العلمية، نتائج البحث العلمـي واإلجنـازات

لك، ويسمي العلوم املختلفة اليت التقنية، ويضعها بني اآليات لشرح مفردات هذه بتمل يتم التوصل إليها إال مع بدايات القرن العشرين أا موجودة يف القرآن وكـان

25، اون اليـن اخلمـيس إسـالم :اإلسـالمية التفسري العلمي وتعطل املنظومة الثقافيـة : محيدة النيفر حتت عنوانموقف ا )1(

.2004مارس

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 44

الشيخ الطنطاوي اجلوهري، تابعا وناسجا على منوال سابق، بل قدمي، إىل حجـة اإلسالم اإلمام أيب حامد الغزايل، وهو يسمي جماالت العلم الكامنـة يف القـرآن

وإمنا هي حتديدات وتدقيقات ها فهي ليست العلوم إمجاال وإشارة وتلميحا،ويفصل .)1(معينة

يف تفسري اجلوهري فقرات يبدو فيها مستوعبا إلشكالية أن البحـوث العلميـة مكاا املخابر ومراكز التطوير، ويف فقرات يتحول القرآن يف نظره إىل آلة معجزة

يستوعبها العقل البشري والعلوم اليت ال ميكنه تنتج بوضوح كل العلوم اليت ميكن أن .حىت التفكري يف إمكانية وجودها

حتليل عناصر تفسري اجلوهري يسمح بتتبع منطلقات الشيخ واحلدود اليت ال يقف املوقـف :وهو مما ميكن فهمه أيضا من دراسة هند شليب عندها من يسري وفقها،

رب وليد ظـروف قاسـية عاشـتها احلماسي ألصحاب القول بالتفسري العلمي يعتاتمعات اإلسالمية بعد أن فقدت سيادا على املستويات الفكريـة والسياسـية

ونادت بأن ما تفاخر به أوربا اليوم هو يف الواقع ملك لنا من أربعـة واالقتصادية، .)2(إليهعشر قرنا ختلينا عنه والبد من العودة

املعارضون للتفسري العلميون للتفسري العلمي واإلعجاز العلمي رواده إىل أصناف رئيسـية صنف الدارس

وأصناف فرعية واملتتبع للدراسات األكادميية خصوصا يكتشف حرصا دقيقا على التصنيف لكل من أدىل برأيه يف املوضوع،وإن هذه االجتهادات تبني اختالفـات

ى فبعض املصنفني لدى الباحث أ كمؤيد جنده مصنفا كمعـارض لـد واضحة،وهذه احليوية يف االجتهاد دليل على أن املوضوع ورشة مفتوحة تتوفر الباحث ب،

lang=ar#topislam.net/article.php3?id_article-http://science&510=: حممود عزب )1( .48ص.س م، م، التفسري العلمي بني النظريات والتطبيق: هند شليب )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 45

حيلـل عبـد .كن جتارة األوهام دائما تنتصر بني النيـام ل فيها كل وسائل احلسم، :الرمحان الشايع أفكار املعترضني على التفسري العلمي فريى أن

وجيمعهـا دد ومعتـدل، عبارام ختتلف يف قسوة انتقادها هلذا التوجه بني متشفقد عد أبو حيان يف معرض نقده الفخر الرازي توسع العلماء يف .كلها الرفض له

مباحث العلوم األخرى عند تفسري القرآن الكرمي، فضوال يف العلم وقسى فجعلـه .)1(من التخليط والتخبيط يف أقصى الدرجة

:رفض التفسري العلمي أسبابأهم املوضوع ويف صف الرافضني أحصت هنـد شـليب هناك تنوع يف اآلراء حول

:بعض األسباب .القرآن موجه إىل عموم الناس بينما يتوجه العلم إىل أهل االختصاص - .خياطب القرآن النفوس بينما خياطب العلم العقول -تتسم احلقائق يف القرآن باالستقرار بينما ختضع النظريات العلمية إىل الـتغري -

.القرآن للبلبلة و النيل من قدسيته املستمر مما يعرض .مل يرد التفسري العلمي عن السلف ويف ذلك جتهيل للرسول والصحابة- )2(يف هذا التفسري تصرف غري مشروع يف اللفظ القرآين والبالغة القرآنية -

معركة الوجود احلضاري هذه دخلها أيضا سيد قطب ورأى أن ذلك االجتاه يف :بالتفسري حييد عن الصوا

.س م، التفسري م، :الرمحن الشايع حممد عبد. د )1( . 39وص38ص س التفسري العلمي م،م،: هند شليب )2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 46

الذين حياولون أن يضيفوا إليه ما ، ألعجب لسذاجة املتحمسني هلذا القرآن وإينوأن حيملوا عليه ما مل يقصد إليه وأن يستخرجوا منه جزئيات يف علـوم ، ليسمنهالقرآن كتاب والفلك وما إليها كأمنا ليعظموه ذا ويكربوه، إن والكيمياء الطب

ذاته اإلنسان لك العلوم كلها ألنه هووموضوعه أضخم من ت، كامل يف موضوعه .)1(الذي يكشف هذه املعلومات وينتفع ا

سيد قطب يرد مبا يعيد العقل املسلم إىل معركته احلقيقية ضد اجلهل واهلزمية وهو يتفق مع كل الذين رفضوا أن تستنطق اآليات خلدمة توظيف معني للقرآن سـواء

ي كان ملوقف الشاطيب أثر يف كل الـذين يف التاريخ اإلسالم.حبسن نية أو سوئهاجاؤوا بعده،وإذا كان املفكر املسلم أجاب عن حتدي العلم بطريقته فإن الشـاطيب

كان من املعارضني هلذا املنحى وال خيلـو ) م14(منذ القرن القرن الثامن اهلجري املوافقـات يف مبحـث : مرجع تقريبا من استحضار موقفه الذي بينه يف كتـاب

في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام وما تقرر من : وع الثانيألن:خاصداعقو هليني عبني ،برالع مها وهلب أهذاهلى مة عاريا جهأنو ،ةريعالش ةيأم : .

فأضافوا إليه ؛ من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحد أن كثريا : منهارينأختأو الم نيمقدتلمل ذكرلم يق، ؛ كل عطنالميم، والعالتو اتيلوم الطبيعع نم

ر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها، وهذا إذا وعلم الحروف، وجميع ما نظفإن السلف الصـالح مـن الصـحابة ؛ عرضناه على ما تقدم لم يصح، وإلى هذا

مه وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنـه والتابعني ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن وبعلو ـنم يـهف تا ثبمو ،مقدا تى موى، سعدذا المه نء ميي شف مهنم دأح كلمت

ي ذلف مكان له لوو ،كي ذللا يمو ،ةركام الآخأحو ،يفكالكام التأح ضوخ كألةسل الملى أصا علندا يم هنا منلغلب ،ظرن؛ و رغي هلى أنل عفد كني لم كإلا أن ذل

.182ص 1ج.11سيد قطب يف ظالل القرآن دار الشروق الطبعة )1(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 47

معا زمء ميشل قريرت يهف دقصي لى أن القرآن لميل علد كذلو ،مهدنع ودجووا، منعم، تضمن علوما هي من جنس علوم العرب، أو ما ينبني على معهودهـا ممـا يتعجب منه أولو الألباب، ولا تبلغه إدراكات العقـول الراجحـة دون الاهتـداء

ارنتاسالو ،هلامفلابإع ،كذل نم سا ليم يها أن فأم ،ورهبن ة . ويرد الشاطيب يف كتابه على أدلة املؤيدين خصوصا يف أدلة القرآن،ويربر موقفه

ين ، وهم العرب الذ لا بد في فهم الشريعة من اتباع معهود الأميني :فصل:منطقيا يفانهمسل القرآن بلز1(ن( .

نص الشاطيب مهم وجند فيه معاين أفكار شبلي النعماين ووحيد الـدين خـان ومحيدة النيفر وهند شليب وعائشة عبد الرمحان ومهدي الكلشين وغريهم،ويعـد

:مستند من يرى رأيه، لكن الشيخ بن عاشور كان له موقف من رأي الشاطيباشور يف الرد على الشاطيب واعترب األساس الذي بـىن عليـه اشتد الشيخ بن ع

.)2(نظريته أساسا واهيا ورده من ستة وجوه :ورغم ذلك كمل الشيخ بن عاشور نظرته حيث يضيف منصفا

هذه االعتبارات بـل إىلال يعود -الشاطيب-إنكار وجود العلوم يف القرآن لديه تراك بني الناس لبساطته ويسر اإلملام به انه بىن موقفه على ما جعلته الشريعة حمل اش

سواء كان ذلك يف التكاليف االعتقاديـة أو العمليـة،مراعاة لعـدم املشـقة يف التكليف،لذلك يقول الشاطيب إن الواجب يف هذا املقام إجراء الفهم يف الشـريعة

.على وزان االشتراك اجلمهوري الذي يسع األميني كما يسع غريهموأن أن القرآن أتى لينتقل بالعرب من اجلهـل إىل العلـم، : يضيف ابن عاشور

.وما يليها 65املوافقات يف أصول الشريعة أليب إسحاق الشاطيب حتقيق عبد اهللا دراز اجلزء الثاين ص )1( .23ص.التفسري العلمي م،م،س :هند شليب )2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 48

طبيعة الدعوة القرآنية هي العموم،وأن القرآن ال تنقضي عجائبه يعين معانيه فـال يصح قصرها على مبلغ العرب من العلم زمن نزوله،وأن من معـاين اإلعجـاز يف

القـرآن أمـر القرآن إجياز اللفظ ووفرة املعاين وتفاوت األفهام يف إدراك معـاين .)1(معقول

موقف الشيخ بن عاشور من رفض الشاطيب جيد تربيـره جزئيـا يف اخـتالف األزمنة،وزمن الشيخ بن عاشور كان زمن اهلزمية ويف هـذه األزمنـة التمسـك

حممد كامل حسني يرفض بدوره مبدأ وجود العلوم .بالثوابت آمن دفاع عن الذاتضوع بني العلم والقرآن،واختالف املنهجية اختالف املو: يف القرآن لثالث أسباب

ويقول عن .يف تبليغ حقائقهما،وختصيص الدين مبهمة يعجز العلم عن القيام مبثلهاالكتب املرتلة ليس هلا بالعلم احلديث صلة وال يضريها يف شيء أن تكون مبعزل عن

يلـه وكيف يريدون أن يظل القرآن هاديا للناس إذا دأبوا علـى تأو . هذه العلومحسب تغريات العلم احلديث وهو سريع التقدم والتغري، ومسى التفسـري العلمـي

.)2(ال يقر له قرار ألنهبالتفسري احلرباوي يالحظ أن حممد كامل حسني حيلل اآلثار العكسية هلـذا املسـلك والتبعـات اخلطرية على األمن اإلمياين للناس، وأفكاره تدخل يف ملف رفض التفسري العلمـي

.بعه اخلارق اإلعجاز العلميوتا 1963عـام الشيخ حممود شلتوت يف تفسريه لألجزاء العشرين وهو املتوىف يف

ينبه لآلثار السيئة اليت يقع فيها من يريد حتويل القرآن عن مساره الصحيح ويفـتح :عنوانا آخر يف امللف السابق

ارخيهم الطويـل إال ال نكاد نعرف علما من العلوم اليت اشتغل ا املسلمون يف ت

.24م،ن ص )1( .25التفسري م،م،س ص:كيم نقال عن هند شليبحممد كامل حسني يف كتابه الذكر احل )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 49

هناك مع األسف و. )1(كان الباعث عليه خدمة القرآن الكرمي من ناحية ذلك العلمالشديد ناحيتان كان من اخلري أن يظل القرآن بعيدا عنـهما احتفاظـا بقدسـيته وجالله، مها ناحية استخدام آيات القرآن لتأييد الفرق واخلالفات املذهبية،وناحية

.)2(ونية واملعارف النظرية احلديثة منهاستنباط العلوم الك :يبني الشيخ شلتوت اآلثار الوخيمة هلذا املسلك على عقيدة املسلم

عليهم أمر عالقتـهم بـالقرآن فأفسد ذلكنظروا إىل القرآن على هذا األساس وأفضى م إىل صور من التفكري ال يريدها القرآن وال تتفق مع الغرض الذي مـن

من غري شك الن اهللا مل يـرتل القـرآن خاطئة هذه النظرة للقرآن أجله أنزله اهللا،ليكون كتابا يتحدث فيه إىل الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنـون وأنـواع املعارف،وهي خاطئة ألا حتمل أصحاا واملغرمني ا على تأويل القرآن تـأويال

خاطئة ألـا تعـرض وهي وال يسيغه الذوق السليم، اإلعجازيتناىف مع متكلفا القرآن للدوران مع مسائل العلوم يف كل زمان ومكان والعلوم ال تعرف الثبات وال

.)3(القرار و ال الرأي األخريأسباب موقف الشيخ شلتوت تتقاطع مع أسباب كل الرافضني هلـذا التفسـري

وهو يفصل يف القضية بطريقة توفق بني الوحي اإلهلي واجلهد البشـري يف .للقرآنمعرفة أسرار الكون املسخر له واملستخلف فيه بل هو يرى يف ذلك تعديا علـى صفة اإلعجاز يف القرآن، وتنبيهات الشيخ شلتوت جيب إبرازها خصوصا مع ما ينتج مكتوبا ومسموعا ومرئيا الذي جعل لإلعجاز والتفسري العلمـيني اـارات

:ملونة

.7ص 2004/1424 12دار الشروق ط األجزاء العشرة األوىلتفسري القرآن الكرمي : حممود شلتوت )1( .10.م،ن،ص )2( .12م،ن،ص )3(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 50

ما تضمنه من اإلشارة إىل أسرار اخللق ولنعلم أن ..فلندع للقرآن عظمته وجاللتهوظواهر الطبيعة إمنا هو لقصد احلث على التأمل والبحث والنظر ليزداد الناس إميانا مع إميام،وحسبنا أن القرآن مل يصادم ولن يصادم حقيقة من حقائق العلوم تطمئن

.)1(إليها العقولتنبيه إىل نسـبية العلـم اليقني بأن ليس يف القرآن ما يصادم حقائق العلوم هو

ويقينية القرآن وكالمها يتعامل معهما عقل إنسان ختترق فطرته عوامل كثرية منها .ما يثبط وينحرف به عن مسلك سعادته

السؤال احلقيقي والعميق الذي نقرأه يف بعض الكتب والذي يتجاوزه الكـثري :حلدته وصرامته هو ما قاله خمتصرا الشيخ أمني اخلويل

املعاين العلمية املدعاة كانت هي املعاين املرادة بالقرآن فهل فهمها أهل هب هذهذاك وأدركوها،وإذا كانوا قد فهموها فما لنهضتهم العلمية يف علوم إذالعربية منه

احلياة املختلفة مل تبدأ بظهور القرآن ومل تقم على هذه اآليات الشارحة ملختلـف ن كانت مل تفهم منها ومل يدركها أصـحاب نظريات العلوم املفهمة لدقائقها،وإ

اللغة اخللص من عبارا كما هو الواقع فعال فكيف تكون معاين القـرآن املـرادة وكيف تكون تلك األلفاظ مفهمة هلا،وهل هذه هي املطابقة ملقتضى احلال لرمبـا

.)2(كان ضره أكثر من نفعهو لكنها أقل مـن حـدة أمني اخلويل يدعم أفكار الشاطيب حبدة يفرضها الواقع

االندفاع غري املدروس الذي انتهجه بعض الشغوفني بالتفسري العلمي و اإلعجـاز .العلمي كما حدث مع مصطفى حممود

.14ص. ن ،م)1( .581ص 3/1997ط.الة بريوت اجتاهات التفسري يف القرن الرابع عشر مؤسسة الرس:فهد بن عبد الرمحان بن ليمان الرومي) 2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 51

أزمة منهج:فتنة مصطفى حممودشكل مصطفى حممود ظاهرة فريدة يف مسألة عالقة العلم بالدين فهو طبيـب

تابا يف خمتلف املواضيع ،ورغم متخصص يف األمراض الصدرية له حوايل تسعني كقربه من مركز القيادة السياسية حوكم بدعوى الكفر،ورغم تربئته يف احملكمة، فإن

واألهم يف مسار وصدرت يف تكفريه كتب، بعض علماء الدين واملفكرين كفروه،العلم واإلميـان، :حلقة تلفزيونية لربناجمه الشهري 400مصطفى حممود هو أن له

ثالثني عامـا مـن املعانـاة حري الدارسني بتناقضاته والقائل بأنه عاش وهو الذي وكانت وله كتاب شهري هو حوار مع صديقي امللحد، والشك والنفي واإلثبات،

خيتلف مصطفى حممود عن جوهري طنطاوي يف خلفية كل .كتبه سريعة االنتشارعاشـا فيـه واحد منهما الشخصية والعلمية ولكن أيضا يف حتديات الزمن الذي

يف سن السبعني وكان أكرب حتدي للمسلمني آنذاك هو 1940فاجلوهري تويف يف أمـا التبعية والذل نتيجة ختلفهم عن ركب احلضارة وعدم التزامهم برسالة دينهم،

سنة وعاش مرحلـة حـراك 88ومات عن 1921مصطفى حممود فقد ولد يف مل يتوان الـبعض يف إظهـاره كان اإلحلاد اختيارا فكرياو فكري كبري يف مصر،

والدفاع عنه وكانت هناك أيضا تيارات تشكيكية يف بعض ثوابت الدين مع فتنـة وإذا كـان بالتطورات العلمية واالجنازات اليت غريت كثريا من حيـاة البشـر،

الطنطاوي مفسرا فان مصطفى حممود كان يبين اجلسور بني العلم والدين باستعمال الل بالغته إىل انتصار الدين أو على األقل مصـاحلة خطاب خاص يهدف من خ

.الطرفنيصدرت كتب ودراسات ومقاالت نقدا لطريقة مصطفى حممود منـها كتابـا

،القرآن والتفسري العصري وكتاب القرآن وقضايا اإلنسـان :عائشة عبد الرمحانكما ألف مصطفى إمساعيل كتابا حيلل فيه خطاب مصـطفى حممـود وأبعـاده

.ه وغريمها ممن كتب كثريوخطورت

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 52

يرى عاطف أمحد أن مصطفى حممود يطرح عديدا من القضايا احملورية املتعلقـة مبحاوالت إحياء الفكر الديين وجتديده ليصمد أمام حتديات العلم يندر أن جيمـع

والسمة الرئيسية لتلك القضايا أا تشكل مواضيع جدل حاد بني بينها كتاب آخر، .)1(الطبيعة الواقعية والفكر الديين ذي الطبيعة امليتافيزيقيةالفكر العلمي ذي

ويرى أن تفكيك اآلليات اليت اعتمدها مصطفى حممود يف إجناز مشروعه مل تكن والواقع أن احملاولة اليت أقدم عليها مصطفى حممود للتوفيق بني :سليمة من التخبط

ن يتصدى هلا كثريا مـن أمناط ذات طبيعة متعارضة ومتناقضة هي حماولة تكلف م .)2(العناء،فهي دفاع عن قضية خاسرة حبكم التاريخ وحكم املنطق وحكم الواقع

ما يقوله عاطف أمحد قاله الشاطيب وحممود شلتوت بأسلوب آخر لكن عاطف أمحد أمامه منوذج تطبيقي توقف عنده الناس ما بني معجب ومفتـون ومتوقـف

جلأ مصطفى :ناقديه أمام أزمة حادة ويقف مشروع مصطفى حممود حسب .ونافرحممود بوعي أو دون وعي إىل إخفاء التناقض األساسي بني العلم والدين، ذلـك

.التناقض الذي يتضح من كوما أي العلم والدين منطني خمتلفني من أمناط التفكريفلكل منهما طريقته املستقلة يف النظر إىل الظواهر ويف حتديد طبيعتها ويف طريقـة

.حبثها ويف مقياس التحقق من صحة النتائج اليت يتوصل إليهااعتمد الكاتب على متابعة دقيقة لعمل مصطفى حممود والذي كان له صـدى واسع بني الناس خصوصا عرب وسيلة واسعة كالتلفزيون، وحبدة يف التعبري يكـاد

:يذكرنا بقول التوحيدي يف تفسري الرازي يقولز العلمي للمعرفة ككل إذ يقدم العلـم ال بوصـفه هشم مصطفى حممود اجلها

وإمنا على انه جمموعة متناثرة أسلوبا ملعاجلة قضايا الفكر والواقع مبختلف مستوياا،

.6ص.دار العامل اجلديد القاهرة ،3نقد الفهم العصري للقرآن ط :عاطف امحد )1( .6ص.دار العامل اجلديد القاهرة ،3نقد الفهم العصري للقرآن ط :عاطف امحد )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 53

من احلقائق اجلزئية منعزلة عن منهجها ومستقلة بذاا فيتناول كل منها على حدة وثانيا هـو حيـول . اوحياول التوفيق بينها وبني ما ورد يف النصوص الدينية بشأ

املشخصات الغيبية إىل رموز بإفراغها من كل حمتوى حسي منسوب إليها وجتريدها وهو يتناول املسلمات الدينية بأكثر من مما يعزى هلا من مدلوالت واقعية مباشرة،

ويقدم الفكر الديين وكأنه جمموعة من الظـواهر الـيت منهج وبأكثر من تأويل، .)1(جز عن تفسريهايسجلها العلم لكن يع

النقد هذا ميكن تطبيقه على خطابات اإلعجاز العلمي اليوم الـيت يبـدو أـا وال يالحظ حىت أم جددوا يف األسلوب ممـا تتجاهل عمدا ما نبه إليه املفكرون،

ويف البحث يف تاريخ العلوم .جيعل تلك النقود صاحلة اليوم لتوقيف هذا االجنراففي ميكن للباحث أن يتأكد أن معركة واهية نشأت بني العلم وتاريخ التفكري الفلس

:والدين عندما مل حتترم خصائص كل جمالصاغ كوبرنيكوس نظريته يف القرن السادس عشر وأوضـح أن األرض أنمنذ

ليست هي مركز الكون تصدع جدار العامل الالهويت القائم على إن اإلنسان هـو كون ألا املنفى الذي اختاره اهللا لإلنسـان غاية الوجود وإن األرض هي مركز ال

اتضح أن األرض ليست سوى كوكب صـغري ،)2(األصليةليكفر فيه عن خطيئته وأا تنطبق عليها قوانني حركة األجسام يف الفضاء مثل سائر األجسام بني عمالقة،

م وكان على الفكر الالهويت إن يغري ثوبه القدمي فقا وأا كروية وليست مسطحة،يف البداية بتكفري ما أتى به العلم اجلديد، مث أدرك أن املعركة خاسرة وراح يعيـد النظر يف مالحمه األصيلة مث يكيفها قسرا، ومصطفى حممود يشارك يف هذه اللعبـة

.7م،ن،ص )1( .46م ن ص )2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 54

.)1(القدمية اجلديدةاملؤكد أن كلمة لعبة املقصود ا بعيد عن العبث مبفهومه الوجودي الفلسـفي

ملوقعة هذا اجلهد ملصطفى حممود وقبله اجلوهري هو جناح علـم واال األقربالكالم باعتباره يدافع عن اإلميان ويتحدى ما يربكه وحياول صناعة خطاب ديـين

:لذلك يقول عاطف أمحد.بلغة العصر وآلياا بضعف الواقع وبتناقضاتهال عن البيولوجيا واجليولوجيـا -وهو املعاصر لنا-إن حديث الشيخ جوهري

ينبغي أن يغيب عنا حبال من األحوال خط التواصل مع البناء الفكري والعقـدي ينكفئ على مفهوم للنص -بوعي أو دون وعي-فهو . للغزايل واألشعري من قبله

ففي نسيج الثقافة العربيـة ). بعد حمنة خلق القرآن(كما استقر منذ القرن الثالث و صفة ذاتية قدمية، وليست فعال من أفعالـه، اإلسالمية استقر أن الكالم اإلهلي ه

وينجم عن هذا احنسار خطري لقيمة اإلنسان ومعرفتـه وجتربتـه؛ إذ ال يسـتطيع إنه لن . املخلوق أن يعترب نفسه املستهدف الرئيسي واملخاطب األول بالكالم القدمي

ل املتاح له فالسبي. يكون قادرا على استيعاب ما مل خيلق له يف حدود جتربته املنفتحةهو التقاط بعض أسرار النص وغرائبه وهو مسعى لن يغير من طبيعة اإلنسان ومـا

هذا التعامل غري التارخيي مع النص يـؤدي إىل . ميكن أن تفتحه له جتربته من آفاق .)2(إنه يؤسس ملنهج ال تارخيي للمعرفة. قطيعة مع الواقع االجتماعي الثقايف

ق منها احمللل تقتضي التحفظ على األبعاد اليت ممكن أن اخللفية الفكرية اليت ينطلعلـي .يصل إليها النقد خصوصا يف مسألة التارخيية واال املغلق للرؤية الكالمية

األسعد يف تتبعه للموضوع يف رسالة أكادميية ومن خالل عمله على تفكيك عينات بقة ولكنه يدقق يف من التفسري العلمي واإلعجاز العلمي مل خيتلف عن الرؤى السا

.47م ن ص )1( .48م ن ص)2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 55

:عناصر منهجية غاية يف األمهية وجتعلها نقدا داخليا موضوعياحرص املؤيدون على تأصيل التفسري العلمي وذلك بالبحث عن أدلة تدل علـى

حاولوا أوال التوفيق بني العلم والقرآن ومن مث اخذوا يبحثون إمكانيته ومشروعيته،نت هذه التطبيقات ذاا هي الدالـة علـى عن أدلة تسوغ تطبيقام التوفيقية فكا

فالقرآن هو تفصيل لكل شـيء إذا قـام الدليل وليس الدليل هو الذي دل عليها،املفسر باإلسهاب التفصيلي يف أي أمر يذكره القرآن واإلعجاز العلمي أشار إليـه القرآن بتحديه ألهل الكتاب الذين كانوا أهل علم بأن يأتوا بأهدى مـن هـذا

ألن النيب الذي حتداهم بذلك أمي ال علم له مبعارفهم فلزم عن ذلك عنـد الكتاباملفسر العلمي بأن يكون القرآن سبق إىل اإلشارة للعلوم احلديثة فألزم ما ال يلـزم

.وكذلك بالنسبة للحديث واآلثار النماذج اليت طبق عليها علي أسعد دراسته تؤكد إىل حد بعيد هـذه الفكـرة؛

.ما يقدم حتت نفس العنوان سيؤكد ذلكواليوم متتبع وحيد الدين حيلل أيضا املأزق املعريف الذي احنرف عن املسار الصحيح للمعركة

:احلقيقيةوعلى سبيل املثال إن األعمال اليت قام ا علماؤنا إلثبات النبوة تفترض مقـدما

ـ أن حممدا :أن العصر احلديث يدعى ات كان نبيا كاذبا فيبدءون يف مجـع كميعلى حني يشك القول ومغزى كبرية من املواد اليت تثبت أن حممدا كان نبيا صادقا،

.اإلنسان اجلديد يف املبدأ نفسه فهو ال يؤمن بالنبوة أصال :ومواصلة لرصد هذا اخللل املنهجي يالحظ وحيد الدين خان

وهذا نوع آخر من علمائنا يدركون موقف الفكر احلديث يرون أن كـل مـا ليه أئمة الغرب يعد من املسلمات العلمية ومن مث تقتصر بطولتـهم علـى توصل إ

وهذه احلالة تورطنا .إثبات أن هذه النظريات اليت سلم ا علماء الغرب هي عندنا

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 56

بصورة أكرب عندما تتعلق املسألة جبانب أساسي وهام من أفكار الدين فال بأس بأن قب اليت وردت يف القرآن حني جيد يقوم أحدنا بتفسري جديد لظاهرة الشهاب الثا

كشفا جديدا يف علم الفلك احلديث ولكننا لو قبلنا نظرية كلية شاملة وذات عالقة باملشكالت األخرى اليت تثار حول الدين فسوف يكون لذلك تأثري عميق وكلـي

.)1(يف هيكل الفلسفة الدينية نفسهم وتركيـز االهتمـام يف فهم اإلشكاليات احلقيقية للعصر الذي يعيش فيه املسل

احللقة الصلبة منها جيعل االجتهاد يف مساره الصحيح، وللوصول إىل ذلك البد من القضاء على مصادر التشويش والتخلص من األفكار الطفيلية املتورمة يف العقـول

واجتـهاد النهوض مسألة إستراتيجية تصنعها روح حية وعقل مستقيم،، املنهكةلميني جيب أن يعرض على خرباء يستخرجون منه ما أفاد وما اإلعجاز والتفسري الع

امحيدة النيفر يـرى ضـرورة .يفيد وما أضر وما يضر ويفصلون ائيا يف القضية :موقعة ذلك االجتهاد يف املكان الذي يسهل التعامل معه مبوضوعية

المـة ما سمي تفسريا علميا يتطلب منا اعتباره ظاهرة عرضية، أي أن يعترب عمن هذا املنظور . على أزمة أعمق يف آلية التفكري الديين ضمن البنية الثقافية العربية

) املودودي -قطب (عن التفسري األيديولوجي للقرآن -يف جوهره-فهو ال خيتلف وهو . فكالمها يعرب عن تواصل تعطل املنظومة الثقافية يف تعاملها مع النص املقدس

.)2(را وممثال يف أيب حامد الغزايلالتعطل الذي بدأ مبك إسالمعلى موقع 2004نشر أجزاء منها عام ()3(دراسة علي أسعد األكادميية

ضمن ملف هام يف زمن هام من ثورة الفضائيات واسـتغالل خطـاب ) أوناليناإلعجاز للتغطية على غياب اإلجناز العلمي،وتتقاطع نتائج علي أسعد مـع نتـائج

.16ص.س م، اإلسالم يتحدى م،:وحيد الدين خان )1( .س م، امحيدة النيفر م، )2( .س م، م،:علي اسعد )3(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 57

ا كان الثاين ركز على جتربة مصطفى حممود فان األول وسع دائرة عاطف أمحد وإذعيناته وبني التخبط داخل أصحاب التفسري العلمي واإلعجاز العلمي الذي أربـك

:مرة أخرى العقل املسلم وأضاف له دهاليز أخرى يضيع فيها طاقاته؛ مـن بعض التفاسري العلمية عكست األهداف اليت يريد املفسر العلمي حتقيقها

إظهار للصلة بني العلم والقرآن، وأن آيات القرآن دالة على ما يقول بـه العلـم، فكان كل ذلك على حساب النص؛ حيث طغت املادة العلمية اليت يريد املفسر أن يربطها بالنص القرآين على تفسريه، فلم يلتفت إىل موضوع اآلية وال إىل سـياقها

ن مهه أن جيعلها دالة على ما يقول به العلم، هذا وإمنا كا، وال إىل دالالت ألفاظها؟ وهل .الذي أدى إىل تفسري للظواهر الكونية وليس إىل تفسري آيات القرآن الكرمي

استطاع املفسر أن يستدل باآلية على أسبقية القرآن يف ذكـره للعلـوم دون أي تكلف وحتميل لآليات ما ال حتتمل؟

من املقاربة االبستمولوجية للوصول إىل نتائج ومثلما استفاد عاطف أمحد و غريهحيادية يصل علي أسعد إىل النتيجة اليت من املفروض أن تدفع باملتالعبني بـالعقول

: إىل مراجعة الذات واستحضار صاحب القرآن العامل بكل شيء حيث يقولأنه يظهر واضحا مما سبق أن اعتماد املفسر العلمي على التفسري بالقرآن الكرمي،

مل يكن مفصوال عن أفقه املعريف وثقافته العلمية، بل كان ذلك دافعا إىل أن يبحث فالعلم هو املنطلق وهـو . يف اآليات القرآنية عن إجابات لتساؤالت أثارها العلم

األساس، والقرآن هو القابل للتشكل حسب نتائج العلم، : علي أسعد يستدرك احتراما لألمانة العلمية

يس مطلقا، فهناك تفاسري كان منطلق املفسر فيها من النص وثقافة ولكن هذا ل .العصر

علي أسعد طبق منهجه التحليلي النقدي على إنتاجات قال أصحاا أا دليـل

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 58

على اإلعجاز العلمي يف القرآن فهم ضمنيا يفسرون اآليـات بـأدوات جديـدة يات اليت هلا عالقة يستقوا من جماالت معرفية عديدة بعضهم ختصص يف تفسري اآل

بدراسته العلمية ولكن البعض اآلخر اعترب نفسه فوق التخصص وأفـىت يف كـل .شيء

أزمة املناظرة

كان املستشرقون وكتابام يف جانبها التثبيطي واإلحباطي معركة أخرى للعقل وأهم ما كان عليه مواجهتـه هـو تفكيـك اخلطـاب املسلم املتعب واملرتبك،

وأىن لعقل صل املادة العلمية فيه عن احلمولة اإليديولوجية والتآمرية،االستشراقي وفالتفسري يف :خصص فصال امساهمأزوم أن ينجح دائما يف ذلك اجنتس جولدتسيهر

ضوء التمدن اإلسالمي وحتدث عن حركة أرادت اإلجابة عمن قـالوا أن هنـاك يف دائرة مطـردة حركة برزت منذ عشرات السنني :تضاد بني احلضارة واإلسالم

االتساع من مسلمي اهلنود وقادة هذه احلركة وأتباعها يذهبون من الناحية العلمية والعملية ال إىل إمكان التوفيق بني ذينك الضدين املتناقضني فحسب بل يـذهبون أبعد من ذلك وإن كانوا مدفوعني بنشاط دفاعي من جانب واحد حني يصورون

أـا املوئـل االختصاصـي للتقـدم العقلـي مبادئ اإلسالم األساسية علـى .)1(واالجتماعي

ويعلق جولديسهر على ما جاء يف كتاب سيد أمري علي عن روح اإلسـالم أو :حياة حممد وتعاليمه ويرى

يتضح اجتاه مذهيب دفاعي قوي هو أن اإلسالم ال يقف فقط موقفا غري معـاد وإن إدراك معىن هلذا التقدم، للتقدم بل هو قد وضع على حنو أكثر تناسبا وموائمة

1955تر عبد احلليم النجار مكتبة اخلاجني مصر ومكتبـة املـثىن بغـداد اإلسالميمذاهب التفسري :جولدتسيهر اجنتس )1( .337ص

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 59

مالحظة نسبية أو زمنية الذي هو دين حممد يتطلب اإلسالم األصلي احملرر من كلأقوى حد من املوافقة على التنظيمات التقدمية يف اتمع واالعتـراف النظـري

.)1(واالصطناع العملي ملا يبلغه العلم من نتائج واملشاركة يف كل ذلكة شهدت حياة فكرية ثرية ختللتها تيارات تقترب وتبتعد عـن شبه القارة اهلندي

النموذج الذي يرضي اهللا عز وجل،وكانت عيون االستعمار ساهرة على تتبع ذلك للتدخل حينما تسمح الفرصة والتركيز على تلك املنطقة له عالقة أيضا بإنتاجات

ـ ت تريـد شبلي النعماين ووحيد خان وغريمها كما يربط بالنموذج الـذي كانالترويج له الدوائر االستعمارية يف صراع الوجود مع املسلمني وعقيدة اجلهاد ضد

.املستعمرينتقل املستشرق إىل املناظرة اهلامة بني األفغاين ورينان وجيعلها ضـمن سـياق

اجلدل امللحوظ بكثرة بني مجال الدين وارنست رينان يف الصـحيفة : أفكاره العاموكان غرض هذا اجلدل من جانب األول journal des débatsالفرنسية

إنقاذ شرف اإلسالم وقوة مرونته جتاه احلضارة ودحضا القتناع رجال اجلامعـات .)2(الفرنسية املعارض لذلك

دفاع املسلمني عن أنفسهم بالقرآن وتربئته من مسؤولية ختلفهم كانت معركة .حشرسة خاضها العقل املسلم املتعب واجتهد وهو جري

حلبة صراع النص احلقيقي حقق حممد احلداد النص احلقيقي للمناظرة السابقة وجعل القراءة تتجه إىل وجهة

أمحد أمني نشـر :تبني أنحماولة الذات املنكوبة ترميم ما بقي فيها، املنكوبة حيث تعريبا لنص األفغاين حذف منه العديد من الفقرات الـيت رآهـا حمرجـة، ودأب

. 339م ن ص)1( .350م ن ص)2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 60

بعده على احلديث عن رد األفغاين من خالل النسخة املشوهة اليت الكتاب العرب .تركها هلم أمني

وأعـاد " اإلسالم والنصـرانية "يف كتابه " االنتصار"حممد عبده حتدث عن هذا ، وهـذا "الفقهاء"بكلمة " اإلسالم"عبارة رينان ولكن بعد حتريفها، إذ غير كلمة

.شكلة كامن يف الثقافة اإلسالمية ذااالتحريف يتضمن اعترافا بأن أصل املرينان يعترف أنه فيما كان ابن رشد، آخر الفالسفة العـرب، ميـوت حزينـا منبوذا، كان الغرب يتهيأ مليالد جديد ومل يكن ينقصه غري الكتب واملصادر مـن

وكان املنطقي أن تطلب تلك املصادر من مكتبات القسطنطينية اليت . العصر القدميباألصول بدل أن تطلب من تراجم هي يف الغالب رديئة ومن لغة مل تكن احتفظت

إال أن املنازعات الدينية كانت قـد أحـدثت . مهيأة حقا لنقل التراث اإلغريقيشرخا بني العاملني الالتيين واليوناين ومل يكن لدي الغرب خمتصون يف اهليلينسـتية

.فانتظروا ثالثة قرون قبل أن حيصلوا عليهملكن ليس كل ما كتب بالالتينية هو من أجماد روما وال : حممد احلداد احملقق يرد

كل ما كتب باليونانية هو تراث إغريقي وال كل ما كتب بالعربية هو إبداع عريب وال كل ما حصل يف اتمعات املسيحية هو من نتائج الدين املسيحي وال كل ما

هذا هو املبدأ الذي كان قـد . رات اإلسالمحدث يف البلدان اإلسالمية هو من مثاعتمده العالمة رينهارد دوزي يف تارخيه لألنـدلس وهـو عـامل مشـهود لـه بالكفاءة،ومصري غاليلو مع الكاثوليكية ليس بأفضل من مصري ابـن رشـد بـني

.املسلمنيحممد حداد ينبه أيضا أن عداء املسلمني للمستشرقني جعلهم يعيدون نشر الكثري

النصوص الكربى بعد أن حذفت منها أمساء احملققني الغربيني وهوامش حتقيقام من وبلغت ! واختذا حجة على جهل الغربيني وحتاملهم على احلضارة العربية اإلسالمية

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 61

قضية أصالة الفكر والعلوم مبالغ الشطط والتعنت عندما قـدم التـراث العـريب لعروبة واإلسالم، فيما متـت املبالغـة يف اإلسالمي مفصوال عن روافده السابقة ل

تضخيم دوره يف بعث النهضة األوروبية حىت ختال وأنت تقرأ بعض الدراسات أن كوبرنيكوس وغاليليه وبيكون وديكارت مل يكونوا إال لصوصا حضاريني سـطوا

واستعملوه لتقوية الغرب ومتهيد ثأره هلزائم احلروب على تراث العرب واملسلمني، .)1(لصليبيةا

يف هذا املناخ حاول بعض املسلمني االنتقام لكرامتهم وتبعيتهم للغرب الـذي مـوريس بوكـاي ينجز فتوحات علمية كبرية، ويف هذا املشهد التراجيدي برز التوراة واإلجنيـل :الطبيب الفرنسي اخلاص يف مكان خاص وأصدر كتابا حموريا

فيه فرح االنتصار العلمي واحتفـوا فرح املسلمون يف زمن شح .والقرآن والعلموأحيط الكتاب الة حجبت الصوت اخلافت الذي بالكتاب نشرا وتوزيعا وترمجة،

ينبه أن الدكتور مل يسلم وأنه أنكر أحاديث نبوية صحيحة وتكلم عـن بعضـها والحقا شقت أصوات حمتشمة جدار الصمت للتنبيه أيضا إىل أن .بطريقة صادمةض ما جاء يف الكتاب من علماء خمتصني وأن هناك نقدا منـهجيا هناك نقودا لبع

كامبل رئيس اجلمعية .ف.فقد رد وليام .لطريقة تعامل الدكتور مع الكتب املقدسةومما الحظه أن هناك معـايري الكاثوليكية الوطنية للتربية على ما جاء يف الكتاب،

نحى غري موضـوعي، مزدوجة يف استنطاق آيات الكتب املقدسة وتوجيهها يف م .وقد رد البعض على كتاب كامبل ولكن السجال يف جوانبه املنهجية مازال آنيا

إنتاجهاخريطة التفكري يف املوضوع اليوم وأسلمة املعرفة بدل تنشأ يف الكتابات العلمية الغربية مصطلحات جديدة وتولد ختصصات جديـدة

أصبح احلديث اليوم عن العلم ما وتفتح أمام العقل اإلنساين آفاقا بتسارع واضح و

. ع أخرى أيضاونشر يف مواق 2007املوقع االلكتروين األوان يف ماي )1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 62

وغريها من املعجـم االصـطالحي املتجـدد Poste normaleبعد العادي . باستمرار واملطعم جبهود فرق علمية مدربة على استثمار الوقت وتقدير معىن احلياة

وامللحدين املعتدين على حق اآلخرين يف اإلنسانينييف هؤالء الكثري من امللحدين غلني معارفهم إلرباك املؤمنني ومنكري الديانات املعروفة والغنوصيني االختيار مست

اخلريطـة .واملؤهلني إلله خاص ال ينتمي للديانات املعروفة واملؤمنني بالروحيـات االعتقادية لكبار العلماء املعترف هلم باالنضباط املعـريف ال ميكـن رسـم كـل

تيش واملتناغمني مع فطرم ال تضاريسها الن تلك العقول جتاوزت أسئلة حماكم التفيتسرعون يف إعطاء األحكام، ولعل األسرار اليت يصلون إليها من كنوز أودعها اهللا يف ملكوته جتعل اللغة العادية غري حمتملة ملشاعرهم،فاإلنسان الذي حيل جبهد كبري

ر مسألة رياضية أو إشكاال هندسيا أو معادلة يف الكيمياء العضوية قد يصيبه الـدوا من .والغرور فما بالك بأناس تقربوا من عوامل ربانية عصية االقتحام على العقول

القضايا اليت يعرفها السجال بني العلماء ما ميكن توصيفه بقضية اإلحلـاد النـاعم واإلحلاد الشرس ويطلق البعض على النوع الثاين اإلحلاد اجلديد وميثلـه ريتشـرد

والذي أخرج السجال إىل Richard DAWKINSداوينكس الفيزيائي الشهريالعامة وهو يعرف كيف يفعل ذلك باعتباره من العلماء املتخصصـني يف تبسـيط املسائل العلمية الدقيقة ورفض بعض العلماء امللحدين هذا املنحى العدائي الـذي اختذه زميلهم من بينهم املختص يف فلسفة البيولوجيا والعالقة بني العلـم والـدين

Michael RUSE . وهو أحـد شـركاء املسـلم Steven WEINBERGوينضم للسجال

والذي يعترب األديـان مسـبة .الباكستاين حممد عبد السالم يف جائزة نوبل للفيزياءويالحظ بعض املراقبني أن خطورة الوضع تكمن يف املؤشرات للكرامة اإلنسانية،

ة شجعت البعض على املضي اليت تبني أن هذه السجاالت العلنية بني العقول العامليف مسريم التشكيكية واجلهر بإحلادهم، ومن وسائل تتبع ذلك التعليقات علـى

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 63

مواقع أسواق الكتب على االنترنت أو التعليقات على بعض املقاالت والتغطيـات لنفس السجاالت كما أن مبيعات الكتب امللحدة مؤشر حيث تبني مثال ازدهارها

ظهرت يف هذا السـجال اجتاهـات جديـدة حلـل و .2001 سبتمرب 11بعد اإلشكاالت الكربى اليت يعجز العلم على اإلجابة عليها بعيدا عن التدين التقليدي

.وبعيدا األديان املعروفةفتنة العلم والعلماء مل متنع املفكرين وحىت من داخل قبيلة العلماء من نقد خطورة

وصا بعد سطوة العقل العلمي املنتصر االجنراف وراء تيار غرور العلم والعلماء خصيف القرنني املاضيني، ظهر أن التطور العلمي واالجنازات العلمية ال يعنيان بالضرورة تطور البشرية، حيث تالحقت الكوارث الناجتة عن االعتداءات املتزايـدة علـى التوازن البيئي ونتائج السباق احملموم على التفوق ككارثة تشـورنوبيل والبقـرة

ولكن كل ذلك دفع إىل االهتمام انونة وغريها مما ال يفلت من الدوائر املغلقة،يف مركز القرارات السياسية بضرورة وجود رأي علمي حقيقي مسي اخلربة العلمية

وأصبحت هذه اخلربة مفتاحية لقياس املخاطر وإمكانيات احلد املوجهة للسياسي،املختصون يف هذه القضايا هم . العلمي املغرورمنها أو إلغائها وبالتايل كسر اليقني

األوىل باملتابعة الدقيقة اليت تصب يف خدمة اإلنسان بالعلم وخدمة العلم لإلميـان وعالقة الدين بالعلم وقضاياه املتشعبة والدقيقة اليت تتجاوز التبسيط يف صراع بني

الكتب السماوية والـيت النظرية التطورية ونظرية اخللقاليت يتحالف فيها املؤمنون بتعطي النظرة اليقينية يف كيفية اخللق وحماولة الصلح بني االجتاهني املتناقضني مـن

ــة ــدائل كنظري ــالل ب -CREATIONNISME VIEILLEخTERRE واليت جتتهد يف التوفيق بني العلم وقراءة جديدة آليـات الكتـاب

ألمريكية مثال يدافع كـل املقدس، والصراع مل يتوقف وهناك قضايا أمام احملاكم ابـل طرف عن أحقيته يف االنتشار بني الناس خصوصا يف املؤسسات التعليميـة،

ونشأت أيضا مراكز حبـوث متطـورة bible beltنشأت مظاهر تكتالت ك

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 64

إذا كان هذا حيدث يف معاقل املخابر الكربى واالجنازات الكربى .لنفس األغراضوليس أقرب لفهم ذلك من املسـلم صـاحب فكيف يكون األمر يف العامل اآلخر

يقول .حممد عبد السالم والذي ناهلا مشاركة مع عامل ملحدجائزة نوبل للفيزياء :اإلسالم والعلم األصولية الدينية: يف مقدمته لكتاب

الشك أن العلم أضعف ما يكون اليوم يف املناطق اإلسالمية وذلـك مقارنـة حيـث عد مقبوال إغفال ذلك أو االستهانة به،مبختلف احلضارات املعاصرة، ومل ي

أصبحت احلياة الكرمية للمجتمعات املعاصرة مرتبطة ارتباطا مباشرا مبـدى قوـا ال يوجد ما يسمى بالعلم اإلسالمي كما ال يوجد علـم . )1(العلمية والتكنولوجية

هندي وال علم يهودي وال كونفوشيوسي وال مسيحي أما الباحثون الذين باشروا .)2(هذا العلم فعليهم أن خيجلوا مما كتبوا باسم هذا العلم

معروف بإحلاده، Steven WEINBERGويشري أن شريكه يف اجلائزة وحلل األسـباب .وخلص إىل عدم وجود خالفات جوهرية بني أعماهلما البحثية

:الكامنة يف التاريخ اإلسالمي اليت عطلت االنطالقة العلمية الكربى ويف مفارقةعدم وجود نظام كهنويت يف اإلسالم السين مل يساعد كثريا بسبب ميل األئمـة الستعمال سالح التكفري برباعة وما كان على احلكام والشـعوب إال االسـتماع

اإلسالم ابتلي بأسوأ آفة دون األديان مجيعا يف تاريخ البشرية ففي )3(واإلذعان هلم د تكون أمية متاما لكن جرت العادة يف معظم البلدان اإلسالمية توجد طوائف تكا

وهذه الشرحية هي املسؤولة .املمارسة الفعلية أن يسندوا إىل أنفسهم مكانة الكهنةعن إثارة اجلماهري والدمهاء على مر التاريخ اإلسالمي كذلك كانت مسؤولة عن الكبت والقمع يف اإلسالم الذي يتشابه إىل حد بعيد مع مـا حـدث يف بعـض

.13اإلسالم و العلم م،م،س ص:برويز أمري علي ائي بيود )1( .14م ن ص ) 2( .17م ن ص )3(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 65

.)1(ت املسيحيةاتمعاسيغضب الذين دافعوا عن رؤية مثالية للحضارة اإلسالمية مثل حممد عبده مـن

برويز أمري علي وهـو أيضاهذا القول لكنها الوجه القبيح من احلقيقة الذي يدفع مفكر مسلم جيتهد ضمن املنظومة الغربية ويعيش التحـدي املـزدوج إىل رصـد

عينة مما تفعله بعض اجلماعات :مع العلم احلديثتداعيات أزمة عالقة العقل املسلم يف كتاب العلوم بدال عن سؤال ماذا حيدث إذا مل يتناول احليوان الطعام :اإلسالمية

:يكون السؤال ماذا ميكن أن حيدث إذا مل يعط اهللا الطعام للحيوان ومثـال آخـر .)2(ألوكسجنيايتولد املاء مبشيئة اهللا عندما تقترب ذرات اهليدروجني من ذرات

وحيلل برويز أمري علي واقع العلم عند املسلمني وسيطرة قراءة معينـة لعالقتـه بالدين عندما يذكر ثورة سيد أمحد خان ضد فتاوى حترمي دراسـة الرياضـيات

كما ينبه أيضا إىل أن املسلمني مل يستطيعوا تقدمي نقد حقيقـي . )3(والعلوم املدنيةاكتشاف ما ترتب على ممارسة :هلم بالتلفيق فقط وأنملسار العلم احلديث النشغا

العلم احلديث من مشاكل متعددة مل يكن أبدا من اكتشافات األصوليني اجلـدد حيث جاءت أقصى االنتقادات للعلم يف احلضارة الصناعية من ناحية املاركسـيني

.)4(والفوضوينيمل :لعلمي هي كارثة أنـه يرى أيضا أن مثرة التعامل املتأزم للمسلمني مع التقدم ا

يفلح العلم اإلسالمي حىت اآلن يف إنتاج آلة واحدة أو جهاز واحد كما مل ينـتج مادة كيميائية واحدة أو دواء واحد ومل يقدم تصميما ألية جتربة جديـدة علـى

درجة حرارة جهنم والتركيب الكيميـائي .العكس اهتمامام كانت سرعة اجلنة

.18م ن ص )1( . 129م ن ص )2( .وهو تقدمي ارنست رينان كفرنسي مسلم 139هناك خطأ فادح يف ص 132ص م ن ص)3( .165م ن ص)4(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 66

نفاق وتفسريات لإلسراء واملعراج مبنية على أساس نظرية للجن ومعادالت لقياس ال .)1(النسبية

العينات املذكورة موجودة بيننا وزادها تأزما تدخل السياسي يف رسم خريطـة كما سـبق رافقـت -التنمية العلمية يف مرحلة حرجة من حياه األمة وهي ظاهرة

1982احلـق عـام أثناء حكم ضياء :يشري برويز أمريعلى أنه -تاريخ املسلمنيلباكستان قامت اجلامعة الدولية اإلسالمية يف إسالم أباد واملعهد الـدويل للفكـر

) وهو من هـو سياسـيا ( ضياء احلقاإلسالمي بأمريكا بتنظيم ندوة حتت رعاية .)2(ملناقشة أسلمة املعارف

ستكون رحلة أسلمة املعرفة إحدى حلقات أزمة تعامل العقل املسلم مع أزمـة .ي العلمي وآثاره على العقيدةالتحد

عبد اجلبار الرفاعي خيرج املسألة من فنادق الساسة وأرائك االسترخاء ويرجعها :إىل بيئتها الطبيعية

اهتم بقضية املعرفة علماء الكالم واملتصوفة والعرفاء، فبينما اعتـرب املتصـوفة العلم يتحقق املعرفة حالة ذوقية وجدانية مصدرها القلب واحلدس والشهود، وأن

ترسم املتكلمون أسلوب اجلدل، وتوسلوا للتدليل علـى مـدعيام . بال واسطةباملظنونات واملشهورات واملسلمات، واعتمدوا املنهج العقلي تارة، واملنهج النقلي

ومنذ ظهور التفكري الفلسفي تمحورت جهود الفالسفة والباحثني . )3(تارة أخرىجند الشيخ حممد ويف العصر احلديث )الوجود(و) ملعرفةا(يف الفلسفة حول قضايا

عبده والشيخ مصطفى عبد الرازق وعلي سامي النشار حممد حسني الطباطبـائي

.174ص م ن)1( .176وص 175ص م ن)2(سنة 23تساؤالت حول إسالمية املعرفة جملة التسامح الصادرة عن وزارة األوقاف يف سلطنة عمان العدد :جلبار الرفاعيعبد ا )3(

.2008صيف

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 67

.وحممد باقر الصدر ومرتضى مطهرياجلهد املميز يف هذا املضمار هو جهد حممـد إقبـال يف : لكن الرفاعي يرى أن

درس بعمق طبيعة املعرفة الدينية، وجتليات الذي ) جتديد التفكري الديين يف اإلسالم(جيب .التجربة الدينية، واحليز الذي حتتله املعرفة الذوقية الشهودية يف املعرفة الدينية

التذكري هنا مبا سبق اإلشارة إليه وهو جغرافية االجتهادات بني أمحد خان وأمـري احلديثة ساحة حتدي قضية املعرفة يف األزمنة .علي ووحيد الدين خان وحممد إقبال

:مفتوحة حتتاج للكثري من اجلهد املتنوع والعميق لذلكظهرت مجاعة فكرية أشهرت مشروعها عرب معهد أحباث، وعربت عن نفسـها

الذي تأسس ) املعهد العاملي للفكر اإلسالمي(ومعهدها بـ ) إسالمية املعرفة(بـ الغربية علوم متحيـزة، م، وهي ترى أن العلوم اإلنسانية واالجتماعية1981سنة

اصطبغت بلون احمليط الذي نشأت وتطورت فيه، وهي تستند إىل قراءة أحادية هي بأن فلسفة ) إسالمية املعرفة(فقط تستبعد قراءة الوحي وتعتقد مجاعة ) قراءة الكون(هي فلسفة وضعية قاصرة، أفضـت إىل منـهج ) العلوم البحتة(و) العلوم الطبيعية(

سر ما جيري يف العامل على أساس اجلدل بني اإلنسان والطبيعـة، وضعي مادي، يف .من دون وعي لدور اهللا يف العامل

هل فعال تغيب كليا النظرة الدينية أو الروحية يف علوم الغرب وهل فعال حتررت من الدين الذي كان حاضرا يف نشأا وتطورها ذا القدر أو ذاك وذا اللون أو

املبدأ الثالث املعرفة أن إسالميةفاروقي أحد مؤسسي مشروع يرى امساعيل ال.ذاكللتوحيد من حيث وحدة احلق هو االنفتاح على الدليل اجلديـد أو علـى دليـل املخالفة أو عليهما معا فهو حيمي املسلم من الليربالية والتعصب والرتعة احملافظـة

ويفرض عليه ، الفكري املفضية إىل الركود ويتجه هذا املبدأ باملسلم صوب التواضعأن يذيل تأكيداته ونفيه بعبارة اهللا أعلم ألنه على قناعة بأن احلقيقة أكرب مـن أن

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 68

.)1(حييط هو بكل جوانبها على الدوامهذه املشاعر اإلميانية نقرأها أيضا عند علماء الغرب الـذين مل يلحـدوا أو مل

ذكي للكون وحماولـة ينكروا على األقل وجود قوة خارقة تقف وراء التصميم التنطلق مدرسة إسالمية املعرفة مـن .جتاوز هذا التيار هو مغالطة منهجية وتارخيية

العقل امللتزم بتعاليم الكنيسـة :قراءة تيار يف الغرب عرف العقل الديين بأنه ذلكورؤيتها وفقدت الكنيسة يف رأي التجريبيني حجيتها ومرجعيتها يف تعليم احلقيقة

بل أن الكنيسة مل تكن يوما ما أهال حليازة مثـل تلـك احلجيـة من أمد طويلواملرجعية وذلك على وجه الدقة لكون موقفها عقدي بالضرورة مبعـىن كونـه مؤسسا على التسليم بصحة فرضيات معينة دون إخضـاعها مسـبقا لالختبـار

.)2(التجرييب وللفحص النقديتسليم بقضايا عقدية ؟ مع اإلشارة أليس العقل الديين اإلسالمي أيضا يقوم على ال

تغري يف التعامل مع االجناز العلمي والغرب اليوم -كما سبق-إىل أن موقف الكنيسةليس كتلة واحدة والعلم ال يتطور فقط يف الدائرة اليهودية املسيحية ومـاذا عـن

شرق آسيا ؟املعرفة انطالقا من فهم للمشهد العلمي العاملي واإلسالمي رأت مدرسة إسالمية

ضرورة توعية األمة باألزمة الفكرية وحتديد معامل العالقة بـني قصـور الفكـر اإلسالمي وقصور منهجيته من ناحية وبني غياب األمة ومؤسساا ونظمها وختلفها علميا وثقافيا وحضاريا من ناحية ثانية وبني ذلك القصور وبني ضعف األمة وفشل

ة أخرى وضرورة أن حيل مفهوم اإلسالمية حمل جهودها يف التحرر والتقدم من ناحي

.94ص.2010التوحيد مضامينه على الفكر واحلياة تر السيد عمر التوحيد .راجي الفاروقي كتاب إمساعيل )1( .85ص.م ن )2(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 69

.)1(مفهوم التغريب ومفهوم التحديث كمفهوم إسالمي وإنساين شاملال ختتلف مربرات هذا االجتهاد عن مربرات التفسري العلمي واإلعجاز العلمـي واجتهد أصحاب املشروع واملتعاطفون معه يف اجناز أعمال فكرية تطبق التعليمات

جلت وقعا ما يف رفوف املكتبات وقراءات املتخصصـني واملتـابعني العامة له وسحوصلة املتابعني املتخصصني وحوصلة النقد :وعامة القراء وكان البد من احلوصلة

أن مجاعـة )2(ما الحظه عبد اجلبار الرفاعي :من أمثلة الفريق األول :الذايت أيضاشية وندوات ومـؤمترات، إسالمية املعرفة توسلت لبلوغ هدفها بعقد حلقات نقا

وإصدار دوريات، وكتابة دراسات وكتب، وتأسيس مراكز حبوث، ومؤسسـات أكادميية ولكن مبوازاة هذه اجلماعة كانت هناك مجاعة أخرى يف إيـران، وتقـدم صياغة خمتلفة لفهم معريف، يفسر طبيعة املعرفة الدينية بريادة عبد الكرمي سـروش،

وليسا متعارضـني أو (املعرفة الدينية أمران متغايران ويستند طرحه على أن الدين و ).متضادين

وأن الدين ثابت، وال يطرأ عليه أي تغيري أو حتول وأن املعرفة الدينيـة إحـدى أنواع املعارف البشرية واملعارف البشرية مترابطة ومتداخلة مع بعضها وهي أيضا

.متحولة ومتغريةحتتاج إىل روية ودقة وبعض تلـك األفكـار القراءة السياقية لألفكار السابقة

موجودة يف مكتبتنا الفكرية بصور أخرى وهي حمل متابعة ودراسة ونقد من باحثني صارمني والرفاعي ينبه إىل أن املدرستني سيطرتا على اخلريطة الفكريـة يف العـامل

.2000إىل 1980اإلسالمي من سنة : املعرفة نقديا والحظ إن قرأ الرفاعي أبعاد و نتائج مشروع إسالمية

.131ص 2001العامة خطة العمل االجنازات دار اهلادي بريوت املبادئاملعرفة ةإسالميالفاروقي يف كتابه )1( .تساؤالت حول إسالمية املعرفة م،م،س :عبد اجلبار الرفاعي )2(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 70

.النقد للمعرفة احلديثة يقابله التبجيل لتراث املسلمني -1جتريد العلوم اإلنسانية الغربية احلديثة من مناهجها وأدواا ومرتكزاا يؤدي -2

ر إىل تفريغها من حمتواها، وبالتايل ستنتهي عملية األسلمة إىل تناقض منطقي، باعتباأن ماهية العلم تعين موضوعه، وأن متايز العلوم بتمايز موضوعاا كما قرر املناطقة،

فإذا جرى تغيري موضوع العلم ومناهجه يغدو علما آخر؟إن العلوم احلديثة تنبثق عن رؤية كونية حديثة، وهناك فارق شاسع بـني -3

دة لإلنسان والطبيعـة الرؤية القدمية واحلديثة، والعلم احلديث انبثق من رؤية جدي .واحلياة،

اختاذ آثار ابن تيمية مرجعية شاملة جلماعة من الباحثني والدارسني يف دائرة -4إسالمية املعرفة رغم أن آراءه يف العقيدة والتفسري وعلوم القرآن والفقه وغريها هي

يقابله إمهال للحوزات العلمية يف النجف رغـم ثرائهـا يف قضـايا .آراء خالفية .املشروع

قضية فلسفية ترتبط باالبستمولوجيا وفلسفة العلوم، كما ) إسالمية املعرفة( -5ترتبط مبباحث نظرية املعرفة، غري أن الدراسات يف مشروع إسالمية املعرفة تقارا

من منظور فلسفي، مضافا إىل عدم استيعام آلثار املتصوفة والعرفاء واملتكلمني، وفتح باب االجتهاد يف أصول الدين، وحماولـة ة الدين إمهال ملباحث فلسف -6

صياغة ثيولوجيا تتحرر من مقوالت الالهوت التقليدي، الذي كرس صورة مرعبة لإلله ، التفكري الديين من دون حتديث التفكري الكالمي؟

وملاذا مل تتشـكل . غياب املراجعة النقدية ألفكار وجتربة إسالمية املعرفة، - 7النواة اجلينية لعلم اجتماع إسالمي أو علم نفس إسالمي أو علم اقتصاد حىت اليوم

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 71

.)1(إسالمياألفكار اليت طرحها عبد اجلبار الرفاعي بعضها موجود عند من تناول املشروع بالتحليل والنقد كعبد ايد النجار الذي اعتربها أقرب إىل النخبوية خصوصا مـع

ورة الذي رآها أقرب إىل املشكلة منـها إىل وازواوي بغ غربة مركزها اجلغرافية،احلل ولكن هناك شبه حوصلة ألهم املؤاخذات على املشروع بني النقد العلمـي واالنطباع الذايت رصدها أحد القائمني على املشروع فتحي حسن ملكاوي والذي

.ينسخ فكرة عدم وجود نقد ذايت جزئيا النقد الذايت إلسالمية املعرفة

ن ملكاوي أن هناك تنازعا على الشرعية التارخييـة ملشـروع الحظ فتحي حس، قـال 1992التأسيس ففي حماضرة يف اجلامعة اإلسالمية العاملية يف ماليزيـا يف

سيد حممد نقيب العطاس إنه أول من ابتكر مصطلح أسلمة املعرفة، ومتت سرقته .دالفكرة األوىل سيد حسني نصر ملح يف عدد من كتاباته أنه صاحب . كما أن د.منه

إىل جانب أزمة البصمة الوراثية للمشروع هناك أيضا غياب العمـل احلقيقـي يف مشروع املعهد العاملي للفكر (ضبط املصطلح نفسه من حيث كونه إسالمية املعرفة

مشروع معهد إسـالم املعرفـة يف (أو أسلمة املعرفة، أو إسالم املعرفة ) اإلسالميمشروع جامعة األمام حممـد بـن (اإلسالمي للمعرفة أو التأصيل) جامعة اجلزيرة

مشروع جامعة األزهـر (أو التوجيه اإلسالمي للعلوم ) سعود اإلسالمية بالرياضجيمع امللكاوي أيضا بعض األفكار النقدية للمشروع حيللها ويرد عليها فهو ).مبصر

نـامج يشري إىل نقد حممد أمني العامل الـذي رأى أن املشـروع ال حيمـل أي بر موضوعي لإلصالح والتغيري والتجديد وهو جمرد رد فعل رافض لألوضاع املتخلفة

املتردية

.تساؤالت حول إسالمية املعرفة م،م،س:عبد اجلبار الرفاعي)1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 72

كما يعرض موقف نصر حامد أبو زيد الذي رأى أن الدعوة إىل أسلمة العلـوم واآلداب والفنون دعوة ظاهرها الرمحة وباطنها العذاب تؤدي إىل حتكيم الفكـر

ملكان وأن هذه الدعوة تنتهي إىل حماكم التفتيش الديين اخلاضع ملالبسات الزمان وااليت جترم كل اجتهاد إنساين يف كل ااالت املعرفية فتصمه باإلحلاد، ألنه ال يتوافق

كما يتوقف امللكاوي عند نقد ضياء الدين .مع فهم رجال الدين للنصوص الدينيةمستقبل املعرفـة : رهالل مبك: "يف باللغة االجنليزية1989وكتابه الصادر سردار

والذي يشري فيه إىل أن فكرة األسلمة وردت يف كتاب سـيد " والبيئة يف اإلسالم، وكانت الفكرة دف إىل حترير الناس يف عامل املاليو 1969نقيب العطاس عام أما بدايات البناء النظري لنظرية األسلمة فإن سردار يتتبعها يف . من التقاليد اخلرافية

ية العلماء االجتماعيني املسلمني يف الواليات املتحدة األمريكية، ممثال مؤمترات مجعالعلـوم "بعنـوان 1975لذلك بورقة جلعفر شيخ إدريس يف املؤمتر الرابع عـام

، وبورقة أخرى جلعفر شيخ إدريس قدمها "معناها وضرورا: االجتماعية اإلسالميةلكن إمساعيل ". عملية األسلمة"ان بعنو 1977يف مؤمتر احتاد الطلبة املسلمني عام

الفاروقي يف رأي سردار هو الذي طور نظرية األسلمة وذلك عندما وجه الفاروقي ثالث م أساسية للعلوم االجتماعية الغربية، األوىل إنكار صحة وجود معلومات قبلية تتعلق بأسئلة الروح واألخالق، والثانية تقدمي معىن خطأ للموضوعية، والثالثة مناقضة مبدأ الوحدة الذي يعد أساسيا يف املنهجية اإلسالمية،إما إسالمية املعرفـة عند جعفر شيخ إدريس فتتضمن قبول مجيع احلقائق املكتشفة بـالتفكري العقلـي والتجربة وتضيف إليها يف املواقع املناسبة من ااالت املعرفية املختلفة احلقائق اليت

األساسية يف القرآن والسنة والبحث عن السنن اليت ميكن توردها املصادر اإلسالميةبواسطتها تفسري تلك احلقائق، ومن مث تطوير نظريات جديدة واستبعاد االفتراضات الفلسفية غري اإلسالمية للعلماء الغربيني ووضع مجيع تلـك احلقـائق والقـوانني

ملنهجي البحـث والنظريات يف إطار مرجعي إسالمي، ويرى سردار أنه من اخلطأ ا

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 73

وأن . عن دليل جترييب لدعم النص الديين أو الدليل الديين لدعم النتائج التجريبيـة إسالمية املعرفة ذه الصورة لن تقدم نتائج صحيحة بشكل مطلق، بل إا ستؤدي إىل وجهات نظر إسالمية خمتلفة ونظريات علمية إسالمية خمتلفة متاما كما عرفت

ويرى سردار أن نظرية إدريس قليدية تعددية يف الفهم والنظر،العلوم اإلسالمية التهذه أكثر بساطة ووضوحا من نظرية الفاروقي، لكن النقد األساسي الذي يوجهه سردار إىل جعفر شيخ إدريس هو صمته عن كيفية وضع مجيع احلقائق اليت يـتم

بينما يفهم .مجعها يف إطار إسالمي وما الذي تتضمنه هذه العملية وكيف حنققهاسردار أن التطبيق العملي خلطة الفاروقي يف األسلمة يقوم على افتراض أساسي هو البدء بااالت املعرفية كما هي معروضة اآلن يف سياقاا الغربية مع شـيء مـن

ويقتبس سردار احلذف واإلضافة لبعض املبادئ والقيم ليتم بذلك حتقيق األسلمة،سلمة املعرفة عند الفاروقي ذات طبيعة خطية ميكانيكية، نقد بارفيز منصور خلطة أ

واإلهليات، ) التخصصات(وتتجاهل التداخل بني الرؤية الكونية وااالت املعرفية . أي التجميل اإلبسـتمولوجي : وأن األسلمة ذه الداللة أشبه باجلراحة التجميلية

ـ ة العلمانيـة وإذا حققت أي هدف فلن يكون أكثر من تكـريس ثنائيـة املعرف . )1(اإلسالمية

.25املعرفة السنة السابعة العدد الميةإسجملة . عرض وحتليل: حوارات إسالمية املعرفة: فتحي حسن امللكاوي )1(

. شافية صديق. د

)]2013- 1434جانفي ( العدد الخامس[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 74

خامتة مع وقف التنفيذاملعرفة تريد فرض الرؤية الدينية على اجتهادات اإلنسان يف اكتشـاف إسالمية

بتأمل عناصر املشروع ميكن توسيع وأسرار الكون وأسرار الكون الصغري اإلنسان، يريد أصحاب مشروع اخللفية من أسلمة املعرفة إىل تديني املعرفة ألن الضوابط اليت

إسالمية املعرفة اقتراحها للعلماء لتفادي الكوارث هي تقريبـا عـني الضـوابط Pierre Maurice Marieفيزيائيـا (املوجودة يف منظومات دينية أخرى

Duhem ا رفضـتري امليكـانيكي الـتفك دافع عن موقف الكنيسة إذ يرى أ )كقربان للعلمللطبيعة الذي أراده غاليلو الذي يقدم اليوم

لقد كانت الصني متقدمة على أوربا علميا وصناعيا ومتيـزت اهلنـد بـإرث حضاري غين فلماذا مل يزدهر العلم يف هذين البلدين كما حصل يف أوربا، مل يكن يف وسع العلم احلديث أن يظهر يف أحضان الثقافة الصينية ألن التاويـة تعتقـد أن

ي أمور روحانية خفية كما أن تعاليم كونفشيوس العلل احلقيقية لظواهر الطبيعة هاليت راجت هناك تؤكد على األخالق والسلوك االجتماعي بينما مـل قضـايا

الثقافة اهلندية كانت تعترب املنهج التجرييب ومهيـا وال يتمتـع ...الوجود والطبيعة ألنه خلق مـن اإلنسان الغريب النصراين يعتقد أن العامل ظاهرة اجيابية ..بالواقعية

قبل اهللا العادل كما أنه قابل للتعقل واالكتشاف ألن خالقه حكيم ومدبر واهللا أمر .)1(البشر بإعمار األرض واستيفاء خرياا

التوحيد اإلسالمي وسالمة مصدر اإلسالم من التحريف يعطي ضمانات أصلب .وأقوى حلركة العقل البشري يف مسريته حنو استنطاق الكون

العلمي واإلعجاز العلمي وأسلمة املعرفة هي استجابات العقل املسلم يف التفسري قراءته للقـرآن :بيئات وأزمنة متغرية لتحدي اللحاق والتجاوز ملسرية العلوم حوله

.18ص.م،م،س.العلم الديين :مهدي كلشين )1(

.تحدي الهزيمة وارتباك االستجابة: المسلم والعلم

)]2013- 1434جانفي ( د الخامسالعد[مجلة البحوث العلمية والدراسات اإلسالمية 75

وحسن استماعه لصوت الفطرة السليمة يزيدان من توتره ويرفعان من درجة شدة مستوفية شروط الصرامة العلمية ويف هذه احلاالت ال ميكن أن تنتج معرفة الصدمة،

والدقة املنهجية، هي تؤذن بوجود كيان حي قادر على التقدم ريثما يسترجع توازنه وعندما تتحرر ساحة هذا االبتالء من أي بائع للوهم حىت وأن كان بغالف آية أو

.حديث