إشكالية الشرعية وعالقة الدولة باجملتمع - ASJP

24
10 02 1004 1027 2019 1004 إشكالية الشرعيةقة وع الدولةتمع با: دراسة لنماذج اطبيقات والتThe problem of Legitimacy and the relationship between state and society: a study in the samples and the applications 1 2 1 3 2 [email protected] 12 01 2019 12 04 2019 28 09 2019 ******* ملخ ص: قة الدولةة وتأثيرها على علية الشرعيضوء على إشكايط البحثية تسلذه الورقة ال تحاول ه نموذجى كل منتطرق إلية، وذلك باللعات التطبيقاذج والنماتعرض إلى أبرز ا اللع، من خجتم باجا في بية ثم شهد روا الغركية وأوروبا مريتحدة ات ا يا من الو في كلة، الذي عرفمقراطية الدي الشرعيلعالم دول ا كل العربيةدول ال ، ومنهامقراطيةم الدير القينتشا نتيجة اى مبدأ الشرعية هو يقوم عل ، و الشرقيةقا وأوروبااتي سابد السوفيتحا في كل من اقد عرفلشرعية ف شتراكي ل النموذج الشعبية، أما ا زمات حدة ازديادجتمع واقة بين الدولة وا العليجة اختراجعه نتا النموذج ت والصين، وقد عرف هذ جتماعية،سية والسيادية واقتصا ا أم ا النموذج مي س الشرعية لتعارف وا عليهفهوم بم فة الخ بوصفهااد امتد لنهجرسول ال صلى عليه وسلم، فيقوم علىاس أس الحكم بشريعة، وقد عرف هذا النموذج عدةطبيقات ت في العهدقديم، والحديث، ال وفي الوقتعاصر. اة الديمقحية: الشرعية، الشرعيفتات اكلما ال مية، س اكية، الشرعية ا شتر راطية، الشرعية اجتمع.لدولة باقة ا عAbstract: This research paper tries to shed light on the problem of Legitimacy and its effect on the relationship between state and society through addressing the universal prominent samples and applications. The sample of the Democratic Legitimacy was known in USA and Western Europe. It witnessed a wide spread in all countries including the Arab ones due to the proliferation of the democratic values. It’s based on the people’s democratic principle. The Communist sample of Legitimacy was known in the Soviet Union, Eastern Europe, and China. It retreated because of a defect within the relationship between state and society and the augmentation of the economic, politic, and social crisis tension. The Islamic sample of Legitimacy is commonly recognised as Elkhilafa, since it’s described as an extension to the way of governing that was followed by the messenger, peace

Transcript of إشكالية الشرعية وعالقة الدولة باجملتمع - ASJP

1002100410272019 1004

والتطبيقات النماذج يف دراسة: باجملتمع الدولة وعالقة الشرعية إشكاليةThe problem of Legitimacy and the relationship between state and

society: a study in the samples and the applications

12

132

[email protected]

12012019 1204201928092019

******* :صملخ

تحاول هذه الورقة البحثية تسليط الضوء على إشكالية الشرعية وتأثيرها على عالقة الدولة

باملجتمع، من خالل التعرض إلى أبرز النماذج والتطبيقات العاملية، وذلك بالتطرق إلى كل من نموذج

الشرعية الديمقراطية، الذي عرف في كل من الواليات املتحدة األمريكية وأوروبا الغربية ثم شهد رواجا في

، وهو يقوم على مبدأ الشرعية نتيجة انتشار القيم الديمقراطية ، ومنها الدول العربيةكل دول العالم

الشعبية، أما النموذج االشتراكي للشرعية فقد عرف في كل من االتحاد السوفياتي سابقا وأوروبا الشرقية

والصين، وقد عرف هذا النموذج تراجعه نتيجة اختالل العالقة بين الدولة واملجتمع وازدياد حدة األزمات

الخالفة بمفهوم عليه واملتعارف للشرعية اإلسالمي النموذج اأماالقتصادية والسياسية واالجتماعية،

هذا عرف وقد هللا، بشريعة الحكم أساس على فيقوم وسلم، عليه هللا صلى الرسول لنهج امتداد بوصفها

املعاصر. الوقت وفي القديم، والحديث، العهد في تطبيقات عدة النموذج

راطية، الشرعية االشتراكية، الشرعية اإلسالمية، الكلمات املفتاحية: الشرعية، الشرعية الديمق

عالقة الدولة باملجتمع.

Abstract: This research paper tries to shed light on the problem of Legitimacy and its

effect on the relationship between state and society through addressing the

universal prominent samples and applications. The sample of the Democratic

Legitimacy was known in USA and Western Europe. It witnessed a wide spread in

all countries including the Arab ones due to the proliferation of the democratic

values. It’s based on the people’s democratic principle. The Communist sample of

Legitimacy was known in the Soviet Union, Eastern Europe, and China. It

retreated because of a defect within the relationship between state and society and

the augmentation of the economic, politic, and social crisis tension. The Islamic

sample of Legitimacy is commonly recognised as Elkhilafa, since it’s described as

an extension to the way of governing that was followed by the messenger, peace

1005 1002100410272019

and god’s prayers be upon him. This sample is based on governing in accordance

with the Islamic Shariah. It had witnessed several applications in the ancient era,

in the modern era, and in the present time.

Key words: Legitimacy, the Democratic Legitimacy, the Communist

Legitimacy, the Islamic Legitimacy, and the relationship between state and society.

:مةمقد تعتبر مسألة الشرعية من القضايا البارزة التي تقع في صلب اهتمام األنظمة السياسية، كون أن

تمتع النظام بالشرعية له انعكاس ايجابي على عالقة الدولة باملجتمع بما يساهم في استمراريته وحصوله

حالة تآكل شرعية النظام السياس ي فإن لذلك انعكاسات على الدعم والتأييد الشعبي لسياساته، أما في

سلبية على عالقة الدولة باملجتمع بما قد يؤدي إلى فقدان االستقرار السياس ي وانتشار مناخ العنف

السياس ي، ونظرا لهذه األهمية التي يحظى بها موضوع الشرعية فقد برزت عدة نماذج مبنية على أسس

أجل تحصيل الشرعية وبناء عالقة صحية بين الدولة باملجتمع، وفي هذا أيديولوجية في أطروحاتها من

اإلطار نجد الشرعية الديمقراطية، والشرعية االشتراكية، والشرعية اإلسالمية، وقد عرفت هذه النماذج

تطبيقات متعددة، كانت مخرجاتها متباينة على عالقة الدولة باملجتمع نظرا الختالف املنطلقات الفكرية

لعقائدية التي تأسست عليها. وسنحاول من خالل هذه الورقة البحثية التعرض إلى أبرز هذه النماذج وا

والتطبيقات التي عرفتها إشكالية الشرعية وعالقة الدولة باملجتمع، من خالل محاولة اإلجابة عن

اإلشكالية التالية:

قة الدولة باملجتمع من الناحية ما هي أبرز أوجه االختالف بين نماذج الشرعية وأثرها على عال

يقية في مختلف التجارب السياسية؟التطب

اإلجابة عن اإلشكالية املطروحة ارتأينا االعتماد على الخطة التالية: أجل ومن

املحور األول

: دراسة في املنطلقات املفاهيميةالشرعية وعالقة الدولة باملجتمع

لة باملجتمع من املفاهيم املركزية التي استقطبت اهتمام يعتبر كل من مفهوم الشرعية وعالقة الدو

الدارسين في حقل العلوم السياسية، ونظرا لهذه املكانة العلمية التي يمتاز بها املوضوعان فقد برزت عدة

اجتهادات علمية حاولت إيجاد نظريات وتحليالت بغية تفسير هذه الظواهر والتنبؤ بمخرجاتها ووضع

والناظمة لها، وهذا ما دفع الباحثين إلى وضع مجموعة من املفاهيم قصد التعمق في اآلليات الضابطة

فهم الداللة االصطالحية وتحليل الظاهرة وعالقتها بالظواهر األخرى، ومن أجل التعمق في فهم املفهومين

على النحو اآلتي:حدة وجب علينا التطرق إلى كل مفهوم على

امفهوم الشرعية: -أول

ر مفهوم الشرعية من املفاهيم التي نالت اهتمام الدارسين واملختصين في ميدان العلوم يعتب

السياسية، ونظرا لهذه األهمية فقد برزت عدة اجتهادات حاولت إيجاد مفهوم دقيق ملفهوم الشرعية، إال

ي املفهوم، وجب أن املالحظ على جل الدراسات هو تنوع الداللة االصطالحية، وأمام هذا التعدد والتباين ف

1002100410272019 1006

علينا التعرض إلى جملة من املفاهيم قصد اإلحاطة بمفهوم الشرعية وفحص كل املؤشرات املتعلقة به،

ومن أبرز املفاهيم التي تطرقت للشرعية ما يلي:

بالشرعية السياسية في أبسط معانيها: )القبول الشعبي بالنظام الحاكم كسلطة سياسية يقصد

.(1)بولة من الناس طوعا وليس إكراها(تمارس الحكم وتكون مق

يرى البعض أن الشرعية السياسية يقصد بها: )قدرة النظام السياس ي على صناعة وإنتاج

.(2)االعتقاد بأن املؤسسات السياسية القائمة هي األنسب إلدارة املجتمع، وهو ما يعطيها الحق في الحكم(

لدعم الشعبي للقرارات السياسية، واالعتراف كما تعرف الشرعية السياسية على أنها: )ذلك ا

بأحقية املؤسسات السياسية بتسيير الشأن العام، والقبول بالشخصيات املوجودة في دوائر صنع القرار

.(3)باعتبارها ممثلة للمجتمع بكافة تشكيالته وانتماءاته(

لى احتياطي من الشرعية بأنها: )تكون الشرعية عندما يستند الحكام إ "مشيل دبري "بينما يعرفها

" مما يقتض ي أن يكون هؤالء الحكام شرعيين بطريقة أو بأخرى. فالحكام واملؤسسات االنتشاري أو "الدعم

التي يمارسون السلطة من خاللها والسياسة العامة التي يضعونها وينفذونها، يجب أن تتوافق مع

.(4)عنها صراحة أو بشكل دائم( معتقدات املحكومين وقيمهم وميولهم ومشاعرهم، أوال تبتعد

كما يقصد بالشرعية رضا املجتمع عن النظام السياس ي الذي يدير شؤونه واعتقاد املواطنين بأن

النمط القائم في توزيع األدوار واملكاسب هو النمط الذي يستحق الوالء، وشرط الشرعية يتمثل في ثالث

:(5)تمظاهر أو ثالث حاال

وما إذا كان مجتمعا متوافقا ومنسجما له أهداف موحدة وقدرة على حالة املجتمع السياس ي -

تقديم التضحيات الضرورية لكيانه السياس ي.

حالة النظام السياس ي وما إذا كانت له القدرة على حشد املواطنين وتعبئته حول سياسته -

وبرامجه.

ثيلهم كرمز لكرامتهم وأن يكون للنظام القدرة على تلبية احتياجات مواطنيه والتعبير عنهم وتم -

وسيادتهم ومصالحهم.

يختلف مفهوم الشرعية باختالف الفكر والفلسفة والنموذج، فالشرعية الديمقراطية في الفكر

اإلسالمية، حيث يمكن التفرقة بينهما من ناحية املفهوم على النحو اآلتي: الشرعيةالغربي ليست هي

نموذج الشرعية الديمقراطية: -أ

ه أن السلطة تعود إلى الجماعة، أي إلى الشعب، فبفضل هذا املتقدم تكتسب والذي يقصد ب

الحكومة في النظام الديمقراطي على الشرعية ملمارسة السلطة عن طريق التصويت والتمثيل النيابي،

حيث يصبح لهذه الحكومة الحق والشرعية في سن وتطبيقها القوانين بالكيفية التي ينص عليها الدستور،

لهذا تعتبر الشرعية السياسية حجر األساس للحكم الديمقراطي، إذ بدون تلك الشرعية يفقد وفقا

الحكم ديمقراطيته، بمعنى أن كل حكومة ال تستمد سلطتها من الشعب هي حكومة غير شرعية، أي أن

.(6)كل سلطة ال تستمد شرعيتها من الشعب هي سلطة غير ديمقراطية

1007 1002100410272019

نموذج الشرعية اإلسالمية: -ب

كنتاج الغربي الفكر في املفهوم عن – ما حد إلى – يختلف العربية اللغة في الشرعية مفهوم إن

جذر من كلها والشرعة واملشروع والتشريع والشريعة والشرعية الشرع: العربية اللغة في. البيئتين الختالف

والشرع ومذهبا، طريقا لهجع: أي كذا هللا شرع ويقال واإلظهار، البيان: لغة والشرع ،”شرع“ واحد لغوي

السياق هذا وفي. الشرع إلى املنسوب هو والشرعي األحكام، من لعبادة هللا شرع ما وهي للشريعة، مرادف

األحكام بالقانون ويقصد به، املقيدة أو للقانون املطابقة لألفعال كصفة الشرعية استخدمت فلقد

.(7)اإلسالمية للشريعة املستندة

ة هي أحد املفاهيم املحورية في املنظومة اإلسالمية، وهو مفهوم له داللته بذلك فإن الشرعي

الخاصة التي تختلف عن مدلوالت الشرعية في ثقافات أخرى كالثقافة الغربية، فالشرعية عندما

تستخدم في وصف سلوك أو قرار أو حكم أو تنظيم أو أية ظاهرة سياسية بعينها، إنما تنصرف إلى التوافق

ابق بين هذا السلوك أو اإلجراء أو الظاهرة وحكم الشرع فيه املستنبط من األدلة الشرعية املتفق أو التط

طبقا لهذا املفهوم هي –في تعريف مبسط –عليها مثل الكتاب والسنة واإلجماع والقياس، فالشرعية

ل اإليجابي بين الواقع الحكم بما أنزل هللا أو أن تكون شريعة هللا هي الحاكمة. والشرعية إذن هي التفاع

وعليه فإن .(8)اإلنساني والنص اإللهي، ومن موقعها الحيوي هذا اكتسبت أهميتها في املنظور اإلسالمي

الشرعية اإلسالمية يقصد بها في أبسط معانيها التزام الحكام بتطبيق تعاليم الشريعة اإلسالمية، بما

يحقق لهم القبول االجتماعي.

إلسالمية الشرعية في التراث اإلسالمي بمفهوم الخالفة بوصفها امتداد لنهج لقد عرفت الحكومة ا

الرسول صلى هللا عليه وسلم، في الحكم بالشرع املنزل، أو خالفته في هذا األمر، فالخالفة هي تلك

الحكومة التي تسعى إلى سياسة أو إدارة الجماعة على أساس من أحكام الشريعة اإلسالمية أو من خالل

"خالفة يق أحكام الشرع، حول هذا املضمون دارت أبرز تعريفات الخالفة، فهي حسب تعريف املارديتطب

النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا"، وفي تعريف ابن خلدون األكثر إحكاما وانضباطا "خالفة عن

ر الشرعي في صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به"، أو هي "حمل الكافة على مقتض ى النظ

. وعليه فإن إعطاء الشرعية للخليفة هي بهدف حماية (9)مصالحهم األخروية والدنيوية الراجعة إليها"

مقاصد الشريعة املبنية على الكليات الخمس، أي حفظ الدين، والعقل، والنسل، املال، العرض.

ثيرت كذلك من لم تثر قضية الشرعية بالنسبة للخالفة من حيث أدائها وعملها فحسب، بل أ

حيث وجودها نفسه، وما إذا كان وجود الخالفة أصال من الشرعية أو غير ذلك، وقد طرحت هذه القضية

في مبحث من أهم املباحث في النظرية السياسية اإلسالمية هو مبحث وجوب اإلمامة، حيث تتفق أغلب

فمنهم من يستدل على ذلك املذاهب اإلسالمية على وجوب اإلمامة وإن اختلفت في أسس هذا الوجوب،

بأدلة عقلية مثل: حاجة البشر عند االجتماع إلى وجود وازع )ضابط أو رادع( أو كما يقول ابن خلدون،

"فال بد من وجود وازع يدفع بعضهم عن بعض ملا في طباعهم الحيوانية من العدوان والظلم. وهناك من

شرعية لإلمامة كما يقول ابن تيمية "يجب أن يؤكد على أن أساس الوجوب هو اإلجماع أو املقاصد ال

1002100410272019 1008

يعرف أن والية الناس من أعظم واجبات الدين، بل ال قيام للدين إال بها، وألن هللا تعالى أوجب األمر

باملعروف والنهي عن املنكر، وال يتم ذلك إال بالقوة واإلمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل

أن أساس الوجوب الشرعي هو النصوص وعلى رأس هذا االتجاه الشيعة، في ....الخ(. وهناك من يؤكد

حين جمع أهل السنة والجماعة بين القول باألدلة العقلية والشرعية )إجماعا ونصا( على وجوب اإلمامة،

ولم ينقض هذه النظرية بشأن ضرورة وجود السلطة إال طوائف فكرية ومذهبية محدودة من املعتزلة

املرجئة، أشهرها النجدات من الخوارج الذين قالوا: ال حاجة للناس إلى إمام قط، وإنما عليهم والخوارج و

.(10)أن يتناصحوا فيما بينهم

هذه وترتكز اإلسالمي، الفكر في متكاملة لرؤية مركزا يشكل الشرعية مفهوم فإن الواقع، في

:(11)التالية املحاور على الرؤية

سياس ي، بعد له دين هو اإلسالمي الدين أن باعتبار: الجوانب تكاملم مفهوم الشرعية مفهوم (01)

املعنى بهذا وهي دينية، تكون أن بد ال والشرعية دينية، سياسية هي اإلسالمية والسياسية

واجتماعية أخالقية والتطبيقات؛ العناصر من العديد تمتلك وشاملة، كلية – ومطلقة واحدة

.وسياسية قانونية وأيضا

السياسية، بالجوانب اإلسالم في الدينية الشرعية ترتبط: عادلة سياسة الشرعية السياسة (02)

ا يعتبر وذلك لها فالشريعة اإلسالمية، الشريعة في التأسيس قواعد في والتنظير الفكر بين ربط

القيمي النسق وفق يصلحه بما وتدبيره باألمر القيام أي السياسة في متمثلة حركية جوانب

روح مع تتواءم فريضة باعتباره بالعدل متصفة اإلسالمية السياسة أن ويالحظ. سالمياإل

.الشريعة

يتجزأ ال جزءا اإلسالم في الدنيا سياسة عن الحديث يعتبر: والعلمانية الحاكمية بين الشرعية (03)

توحيديا مامفهو الدين يعد وبهذا ،”الشريعة“ يحكمها الذي الدولة قانون كان طاملا الدين، من

يستبعد التي الغربية، الخبرة على املقولة هذه تنطبق وال. سياس ي هو وما وبين ديني هو ما بين

التي والقيم املجتمع داخل اإلنسانية والعالقات املجتمع تنظيم على ديني توجيه أو تأثير أي فيها

.”العلمانية“ بـ يعرف فيما العالقات هذه تحتويها

املفاهيم من بشبكة الشرعية ترتبط: والخروج والتغلب والوالء والرضا لطاعةا: الشرعية (04)

من أساس على الشرعية وترتكز. السياسية بالسلطة لعالقتهم املحكومين بممارسة املتعلقة

إلى األمانات بأداء يتعلقون والذين الشعبي، الرضا تجاههم يتحقق الذين األمر ألولي الطاعة

أي – ”التغلب إمامة“ فإن ذلك على وقياسا. العادلة بالشريعة لناسا بين والحكم أهلها،

افتقاد أي -اإلمامة عقد في واالختيار الرضا عناصر أهم تفتقد -قهرا الحكم على االستيالء

.ملهامها املؤدية غير السلطة على الخروج يمنع ال وكذلك ذاتها، الشرعية

يقصد بها قبول املحكومين بأحقية الحاكم بتسيير تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن الشرعية

شؤونهم وإدارتها، وال يتحقق هذا القبول إال بوجود عقد اجتماعي تتوافق عليه كافة األطراف بمختلف

1009 1002100410272019

توجهاتها ومشاربها األيديولوجية، مع قدرة النظام على صناعة قيم وثقافة سياسية موجهة للمجتمع، بما

، ومع هذا توجد عدة سسات والقرارات السياسية، والشخصيات السياسيةينتج رضا وخضوع طوعي للمؤ

نماذج للشرعية منها النموذج الديمقراطي الذي يعتبر أن الشعب هو مصدر السلطة ويختار ممثليه

ويمنحهم الشرعية عن طريق االنتخابات، أما النموذج اإلسالمي فيقوم على أساس أن الشرعية تقوم على

كم لنصوص الشريعة اإلسالمية.فكرة تطبيق الحا

امفهوم عالقة الدولة باملجتمع: -ثانيا

يعتبر مفهوم عالقة الدولة باملجتمع من املفاهيم املركزية في الدراسات السياسية، ونظرا لهذه

األهمية املعرفية والعلمية فقد برزت عدة نظريات ومفاهيم بهذا املوضوع، وهذا ما أدى إلى كثرة املفاهيم

باينة في داللتها اللغوية واالصطالحية والتحليلية، ومن أجل التعمق في فحص املفهوم، وجب علينا املت

التعرض إلى أبرز املفاهيم والنقاشات النظرية والفلسفية التي تعرضت لهذا املصطلح على النحو اآلتي:

الدولة بين مؤسسات ةيقصد بعالقة الدولة باملجتمع على أنها: ) تلك التفاعالت الحاصل

واملجتمع، والتي من خاللها يمكن للمجتمع إيصال صوته لها والحصول على حاجياته، مع املشاركة أيضا

في السلطة التي تمكن من صنع القرار السياس ي، ويمكن للعالقات التي تجمع الدولة باملجتمع أن تكون

ن، وترتكز العالقة بين الدولة سلمية، وقد تكون متوترة تتسم بممارسة العنف السياس ي من كال الفاعلي

واملجتمع على جملة من القضايا منها تحديد الحقوق والواجبات املتبادلة بين كل من الدولة واملجتمع،

بما يكفل استمرار عمل مؤسسات -الضرائب–وكيفية مساهمة املواطن في السياسة االستخراجية

احية التمثيل السياس ي واملساءلة، وغيرها من الدولة، مع تحديد األطر القانونية واملمارساتية من ن

.(12)املحددات التي تؤشر على عالقة الدولة باملجتمع (

إن الدولة تستمد شرعيتها من خالل تفاعلها مع املواطن، لذلك على الدولة أن تعمل على زرع

رد يشعر قيم املواطنة وأن تقوم بتجسيدها فعليا، بما يكفل الحقوق والواجبات، حتى تجعل كل ف

بانتمائه ووالئه للوطن، وعليه فإن للمواطنة فوائد جمة في تعزيز العالقة بين الدولة واملجتمع، ويتحقق

مبدأ املواطنة بإعطاء كل فرد الجنسية، والحق في املشاركة السياسية، والحصول على التعليم والصحة

.(13)ة التنقلوغيرها من الحاجيات إضافة إلى حق التملك واألمن واإلقامة وحري

مة التي تعبر عن حاجات املجتمع، وهي كما يقول هتعتبر الدولة برأي الدارسين من املؤسسات امل

الجابري: )الهيكل الذي يقوم عليه نسيج الحياة االجتماعية(. ووظائف الدولة متعددة في خدمة املجتمع،

ا، وقد عبر عن ذلك بقوله )حماية حيث يحددها ابن خلدون في وظائف خارجية تتمثل في الدفاع عن شعبه

الكافة من عدوهم باملدافعة عنهم(، أما الدور والوظيفة الداخلية فهي تأخذ أشكاال منها الدور

.(14)االقتصادي، وتحقيق األمن والعدالة وذلك بدفع عدوان املدن على بعضها

العالقة التفاعلية تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن عالقة الدولة باملجتمع يقصد بها تلك

التي تجمع بين مؤسسات الدولة واملجتمع، والتي تقوم على توزيع األدوار والتنافس على توزيع القيم

والضبط االجتماعي، لذلك تعمل الدولة من أجل تحقيق مستويات عالية من الضبط االجتماعي وإخضاع

1002100410272019 1010

ية مع تلبية حاجياته وإشراكه في العملية املجتمع ملؤسساتها تستخدم جملة من اآلليات القانونية واإلدار

السياسية والحصول على قدر من الشرعية من أجل استمرار مؤسساتها، وفي حالة العجز فإن العالقة بين

التنظيمات االجتماعية وتنظيم الدولة تتميز باالختالل وانتشار مناخ العنف السياس ي.

اساتها على عالقة الدولة باملجتمعاملحور الثاني: نموذج الشرعية الديمقراطية وانعك

تعد الشرعية الديمقراطية من النماذج والتطبيقات التي تعرف رواجا وانتشارا في وقتنا املعاصر،

نتيجة نجاح موجة التحول الديمقراطي وانتقال معظم الدول من نظم شمولية أو تسلطية إلى نظم

نفتاح السياس ي، ومشاركة مؤسسات املجتمع ديمقراطية، مبنية على أسس التداول على السلطة، واال

املدني في عملية الضبط االجتماعي إلى جانب الدولة، وحرية االقتصاد وحرية الرأي والتعبير، واستقاللية

اإلعالم والقضاء، وغيرها من اآلليات املعززة واملساهمة في بناء الصرح الديمقراطي، وهو ما يؤدي إلى بناء

ات السياسية وإشراكها في عملية صناعة القرار، بما يساهم في بناء عالقة صحية بين التوافقات بين املكون

الدولة واملجتمع، بعيدة عن مسار العنف السياس ي، وأيضا الزيادة في شرعية النظم السياسية

واستقرارها.

ل تجاه الشرعية الديمقراطية الليبرالية من عدمه. يتشكايزعم "روشماير" بأن تحرك املجتمع

جوهريا بتوازن القوة الطبقية، وأن الصراع بين الطبقات املهيمنة والخاضعة حول حقها في الحكم، يعمل

أكثر من أي عامل آخر، على وضع الديمقراطية ضمن األجندة التاريخية ويحدد احتماالتها، ومن جانب

ألحزاب السياسية كقوة موازنة آخر أدت التنمية الرأسمالية تاريخيا، إلى بروز مجتمع مدني قوي وإلى نمو ا

.(15)لقوة الدولة

قد تمكن النهج الليبرالي من الحصول على الشرعية في أعقاب انهيار الشيوعية، حيث ولد نظام ل

عالمي جديد، أعلنت فيه الليبرالية الديمقراطية، وتأكدت شرعيتها عن طريق موجة أخرى من التحول

والدول النامية، وأيضا عن طريق "السالم الليبرالي" الذي بدا أنه الديمقراطي في الدول ما بعد الشيوعية

ون الدولية فور انتهاء الحرب الباردة. وهناك مجموعة من األسباب التي أعطت الشرعية ؤ يتوج الش

من بينها التعقد والتنوع املتزايد للمجتمعات صار مهمة الحفاظ على االستقرار السياس ي الديمقراطية

وات متطور لالتصال بين الحكومة والشعب، تلك القنوات التي ال يمكن ملجتمع غير تتطلب وجود قن

املجتمع السياس ي الليبرالي أن يتمتع بها، حيث يتيح الحكم القائم على القانون واالنتخابات وحرية

االجتماع للعملية السياسية أن تستجيب للضغوط السياسية، وهو ما دفع النظم السياسية عبر العالم

أن تستجيب للشرعية الليبرالية على أساس املبادئ الديمقراطية الليبرالية، كما يتصل تقدم الليبرالية

.(16)بإقامة نظام رأسمالي عالمي. فلقد خضعت العوملة االقتصادية لقيادة السوق

بذلك أصبحت الديمقراطية تحظى بشرعية واسعة في كل العالم حتى األنظمة ذات املرجعية

كية تخلت عن هذه األيديولوجية املنتهجة كمصدر لبناء الشرعية، مثل االتحاد السوفياتي ودول االشترا

أوروبا الشرقية، وبدأت بصورة تدريجية بناء شرعية ديمقراطية عن طريق تنظيم االنتخابات واالنفتاح

كسب املعركة، االقتصادي، وبذلك فإن الواليات املتحدة األمريكية في حربها األيديولوجية استطاعت

1011 1002100410272019

وتعزيز الشرعية الديمقراطية الليبرالية املبنية على فتح املجال السياس ي وإشراك كافة الفواعل في عملية

صناعة القرار، وتعميم النموذج عبر العالم، وفق منطق معولم مصدر للقيم األمريكية واعتبارها كقيم

عاملية منتجة للسالم العالمي.

القانونية/السياسية واأليديولوجية على مجموعة من اآلليات تقوم الشرعية الديمقراطية

الضامنة لهيمنة طبقة اجتماعية على سلطة الدولة مستندة بذلك على قاعدة شعبية تتوافق مصالحها

ة امللموسة. وبهذا املعنى فإن الشرعية السياسية االجتماعية مع الطبقة املهيمنة في اللحظة التاريخي

:(17)هيالديمقراطية للحكم

ساندة آلية سياسية تتشارك فيها السلطة ومنظمات املجتمع املدني بفصائلها املختلفة امل -

للسلطة واملناهضة لها.

ال يمكن تناول الشرعية الديمقراطية إال باعتبارها عالقة سياسية بين الدولة وتشكيالتها -

االجتماعية.

لتطور حركة التوسع الرأسمالي التاريخية. تتخذ الشرعية الديمقراطية أشكاال تاريخية متعددة تبعا

يتضمن النظام الديمقراطي على مجموعة من املقومات والركائز التي تحدد شرعيته من كما

عدمها، منها تعيين الحكام باالنتخاب الشامل، وجود برملان يملك صالحيات واسعة، وتراتبية القواعد

ات العامة. لهذه املؤسسات املرمى نفسه، منع السلطة القانونية التي تضمن رقابة قضاة مستقلين للسلط

السياسية في أن تكون قوية جدا، للحفاظ على حريات املواطنين. التمثيل الشعبي عبر االنتخابات يسمح

للمواطنين بتعيين الحكام وبعدم إبقائهم في السلطة عند انتهاء والياتهم. ومن شأن مبدأ فصل السلطات

، إن "مونتيسكيو"قبل الجهاز اآلخر، بحيث أن السلطة تحد السلطة كما يقول رقابة جهاز حكومي من

ف الدرجات ويوفران لمبدأ الشرعية وتراتبية القواعد القانونية يضمنان هذا التقيد للحكام في مخت

.(18)للمواطنين وسائل االعتراض على األعمال غير الشرعية

ة ناتجة عن أن املجتمعات تعاني من نقص حاد في أن أزمة الشرعية الديمقراطي "بلقزيز"كما يرى

االندماج االجتماعي، ومن ثقل مواريث االستبداد...والتي لم تعرف حركة إصالح ديني...ال سبيل لديها إلى

شرعية ديمقراطية، فالديمقراطية اختيار كلي، سياس ي، مؤسس ي، واجتماعي، وثقافي، وديني، وال يمكن

ية مستعارة، وإنما باعتماد قواعد وشروط املمارسة السياسية في املجتمعات بناؤها باستجالب حداثة شكل

.(19)الحديثة املتمثلة في العقالنية والواقعية اإليجابية والتاريخية

لقد كان النتشار املد الديمقراطي الذي دفع العديد من األنظمة السياسية، إلى االنتقال من نظم

الديمقراطية، ومن هذه النظم نجد األنظمة العربية التي تحولت سلطوية إلى أخرى قائمة على الشرعية

إلى أنظمة ديمقراطية من حيث الظاهر، مع الحفاظ على الطابع التسلطي من ناحية الفعل السياس ي،

وهو ما ولد أزمة الشرعية أخلت بعالقة الدولة باملجتمع.

1002100410272019 1012

أزمة من التعميق في ساهمت العربية ةالقطري للدولة بنائية أزمة توجد أنه الخبراء من العديد يرى

وبنية بطبيعة تتعلق الشعبي الحراك وبعد وأثناء قبل واملجتمع الدولة بين العالقة وتصدع الشرعية

:(20)اهرهامظ وأهم العربية السياسية املؤسسات

.للدولة املؤسس ي البناء استكمال عدم -

.ومؤسساتها أجهزتها تضخم من بالرغم الدولة هشاشة -

.بمجتمعها الدولة عالقة على التوتر غلبة -

.والدولية اإلقليمية بالقوى محكومة الداخلية والتوازنات للخارج، الهيكلية التبعية -

.سياس ي ككيان الدولة شرعية اهتزاز -

.الريعي وشبه الريعي الطابع غلبة -

.التسلطي الطابع غلبة -

استمرار نتيجة الشعبي، الحراك دبع الديمقراطية الشرعية إلى االنتقال في العجز يفسر ما هذا

تطبيق عدم إلى باإلضافة العامة، اإلدارة في والسياس ي واملالي اإلداري الفساد وانتشار التسلطي، النهج

الجديدة النظم فإن وبذلك التسيير، وحسن واملحاسبة املراقبة خالل من واإلدارية السياسية الرشادة

يصدم املواطن جعل ما وهو الشعبي، الحراك بعد سقطت التي النظم مواصفات بنفس نفسها أنتجت

.السياس ي العنف مناخ انتشار خالل من املؤسسات هذه مع أخرى مرة

عسر: أولها: معضالت أربعة إلى العربية للدولة التكويني االختالل أسباب" بلقزيز اإلله عبد" يعزو

لطبيعتها نظرا الشعبية، الديمقراطية عيةالشر العربية الدولة فقدان: وثانيها حديث، سياس ي مجال قيام

تداعيات: ورابعا الدولة، وظائف من الحد إرادة ثالثا والقوة، العنف على الدائم واعتمادها االستبدادية

هذه وأنتجت سيادتها، وعلى الذاتي تمسكها على وانعكاساتها العربية البلدان في الدولة كيان على العوملة

على القائمة االجتماعية والعالقات البنيات ذلك ومرد واملجتمع للدولة مزدوجة هشاشة األربعة املعضالت

أعاقت التي هي املعضالت وهذه. (21)وطائفية أو مذهبية عشائرية، قبلية، سواء العصبوية، التقاليد

في الشعبي الحراك بعد الديمقراطي للتحول االنتقالية املرحلة ظل في الديمقراطية الشرعية تطبيق

ووضع معالجتها النخب على يجب لذلك واملجتمع، الدولة بين العالقة توتير في وساهمت العربية، نظمةاأل

.والسياس ي املؤسس ي االستقرار وتحقيق السياس ي، العنف ظاهرة من للحد لها، الكفيلة االستراتيجيات

الديمقراطية تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن النموذج الغربي املبني على فلسفة الشرعية

ساهم بشكل كبير في تراجع النظم التسلطية االستبدادية وفي إنتاج النظم الديمقراطية املبنية على فكرة

جعل النظم األوروبية ما السلطات واملشاركة السياسية....الخ، وهو بين فصل الالتداول على السلطة و

ل االنتقال من النظم امللكية إلى نظم تعرف تحوالت سياسية في طبيعة نظمها وآليات اشتغالها من خال

ديمقراطية جمهورية، ثم تعمم هذا النموذج على باقي دول العالم في إطار موجة التحول الديمقراطي، إال

ومنها أن مظاهر االختالالت التي عرفها هذا النموذج السياس ي، واألزمات التي مرت بها النظم الديمقراطية،

في مقولة الديمقراطية على أنها الحل السحري لتحقيق التوافق واالنسجام النظم العربية جعلتها تشكك

1013 1002100410272019

إلى البحث عن آليات ومناهج جديد لتطوير نبين الدولة واملجتمع، وهو ما دفع بالخبراء والسياسيي

املقاربة الديمقراطية من أجل الحد من أزمة الشرعية التي تعانيها النظم وبناء عالقة صحية بين الدولة

املواطن بعيدا عن العنف السياس ي.و

املحور الثالث

نموذج الشرعية الشتراكية وانعكاساتها على عالقة الدولة باملجتمع

تعتبر الشرعية االشتراكية من النماذج والتطبيقات التي عرفتها النظم السياسية في العصر

، 1917وذج بعد الثورة البلشفية الحديث، ويعد االتحاد السوفياتي من الدول السباقة لتطبيق هذا النم

حيث يقوم النظام االشتراكي على فكرة مركزية الدولة في إدارة الشأن السياس ي واالقتصادي، وامللكية

الجماعية لوسائل اإلنتاج، وقد كان مليالد هذا النموذج أثر كبير في إحداث تحوالت سياسية في أوروبا

عية االشتراكية في كسب الشرعية الشعبوية والتنموية، الشرقية والدول العربية التي انتهجت الشر

والدخول في حرب باردة بين القطبين الغربي الذي يتبنى األيديولوجية الرأسمالية كشرعية في إدارة املسألة

السياسية واالقتصادية وبين القطب الشرقي الذي ينتهج الشرعية االشتراكية، وهو األمر الذي كانت له

القة الدولة باملجتمع واالستقرار السياس ي.انعكاسات على ع

قد تبنت األنظمة الشيوعية الشرعية االشتراكية، حيث نجد في هذه األنظمة قطيعة بين ل

ديمقراطية، تعلن الحريات العامة، حقوق املواطنين، سيادة الناخبين، نفوذ القوانين الدساتير و ال

وكها مع النصوص القانونية الرسمية، غير أن البرملانات وحكومات تسلطية وتعسفية ال يتطابق سل

ديولوجيا الرسمية لألنظمة الشيوعية تنزع إلى تفسير وتبرير هذه القطيعة. سوف يبقى النمط ياإل

الديمقراطي وهميا، ظاهريا، شكليا، طاملا تبقى امللكية الخاصة لوسائل اإلنتاج، التي تعطي السلطة

النمط فعليا، والبشر متساوين وأحرارا، ولكي يستطيعوا أن الحقيقية للرأسماليين. ولكي يصبح هذا

يحكموا ويحصلوا على الشرعية عبر منتخبيهم الذين يمثلونهم، يجب إرساء االشتراكية، وهكذا فإنه يعترف

بالقيم الديمقراطية بصفة شرعية، ولكن تطبيقها ليس ممكنا إال بعد مرحلة انتقالية ذات سمة

.(22)تسلطية

القرن التاسع عشر، شهدت مالمح الشرعية االشتراكية تحوالت بسبب التحسن في أواخر

التدريجي في معيشة الطبقة العاملة وبسبب تقدم الديمقراطية السياسية. وساعد نمو النقابات العمالية

واألحزاب السياسية واألندية االجتماعية والرياضية للطبقة العاملة على تحقيق مزيد من األمن

ي وعلى استيعاب الطبقة العاملة في املجتمع الصناعي. وفي املجتمعات الصناعية املتقدمة بغرب االقتصاد

أوروبا، صار أمرا متزايد الصعوبة االستمرار في النظر للطبقة العاملة كقوة ثورية. فقد تبنت األحزاب

نتشار التدريجي لحق السياسية االشتراكية تدريجيا األساليب القانونية والدستورية، وشجع على ذلك اال

التصويت ليشمل رجال الطبقة العاملة. وبحلول الحرب العاملية األولى، انقسم العالم االشتراكي بين تلك

األحزاب االشتراكية، التي سعت وراء السلطة عن طريق صناديق االنتخابات وشرعنة تواجدها في السلطة

أعلنت استمرار الحاجة للثورة. وقد ساعدت الثورة وتبنت فكرة اإلصالح، وتلك األحزاب االشتراكية التي

1002100410272019 1014

على ترسيخ ذلك االنقسام، إذ تبنى االشتراكيون الثوريون الذين اتبعوا مثال لينين، 1917الروسية في عام

وكذلك البالشفة مصطلح الشيوعية، في حين وصف االشتراكيون اإلصالحيين باالشتراكية أفكارهم

.(23)االشتراكية باالشتراكية أو الديمقراطية

فإن الشرعية االشتراكية ساهمت في تحسين اإلطار املعيش ي للطبقة العمالية التي بدأت بذلك

تبحث عن قنوات ديمقراطية للتعبير عن توجهاتها وأفكارها، والحصول على مركز سياس ي يمكنها من قضاء

عملية الضبط االجتماعي، وبعض مصالحها، مع مطالبة بعض التنظيمات املدنية العمالية باالشتراك في

األحزاب السياسية باملشاركة السياسية، وهو ما ساهم في تأزم العالقة بين الدولة واملجتمع في ظل تنامي

املد الديمقراطي الغربي وتأثر قطاعات كبيرة بجاذبية الطرح الديمقراطي القائم على فتح املجال السياس ي

ة النموذج االشتراكي في معالجة األزمات االقتصادية واستيعاب واشتراك كافة الفواعل، وثبوت محدودي

كافة القوى في إطار نظام شمولي تسلطي يحتكر كل أدوات السلطة.

الدولة باملجتمع في االتحاد السوفيتي كانت تتسم بالتدخل في حياة في هذا اإلطار فإن عالقة

: (24)املواطنين على النحو اآلتي

في مسؤوليتها اتجاه املواطنين كانت على دراية بكافة احتياجاتهم. إن الحكومة السوفياتية -

عملت الدولة السوفياتية على االستجابة الحتياجات املواطنين. -

إن حكومة االتحاد السوفيتي كانت متدخلة بشكل كبير في حياة املواطنين. -

على نمطين من ناحية بذلك فإن الشرعية االشتراكية في النموذج التطبيقي السوفيتي كانت قائمة

املمارسة، األول العمل على تحقيق العدالة االجتماعية والتوزيع العادل للثروة ونصرة الطبقة العاملة،

والثاني كان قائما على ممارسة العنف السياس ي على املواطنين، وهو ما جعل من األفكار االشتراكية مع

نتيجة االنغالق السياس ي وتسلط النظام وعدم فتح التقدم في التطبيق تلقى معارضة من قبل املواطنين

بالتخلي عن الخيار القائم على ةمجال الحريات العامة، األمر الذي أدى ببعض األحزاب إلى املطالب

الشرعية االشتراكية واالنتقال نحو التحول الديمقراطي القائم على أسس التداول والتنافس على املشاريع

املجتمع، بدل االحتكار السياس ي لنخبة معينة للسلطة.الوطنية في بناء الدولة و

إن فقدان االتحاد السوفياتي للشرعية وسقوطه ال يمثل سقوط دولة عظمى فقط وإنما سقوط

الشرعية االشتراكية التي كانت تحمل نوعا من النزوع إلى تطبيق النظام االجتماعي االشتراكي، وساهم

املغلقة، التي كانت تحتكر الحقيقة السياسية وظهور أنساق سقوطها في تراجع األنساق السياسية

.(25)سياسية مفتوحة. تتعدد فيها األصوات وتبرز املعارضة وتتناسق األحزاب والجماعات السياسية

قد انهارت أسس شرعية النظم الشمولية حين كانت تنكص عن وعودها. فكان الغرض منها ل

نخفاض تأييد الجماهير لها خاصة حين نضيف إلى ذلك ما ينتفي بمجرد انتهائه. وكان ذلك مدعاة ال

تتحمله الجماهير من تكاليف إضافية )كافتقاد الحرية(. فعلى سبيل املثال كان للعامل االقتصادي في

1974دور كبير في انهيار شرعية النظام، وفي البرازيل اضطر النظام عام 1981و1980األرجنتين بين عامي

م الشرعية الليبرالية. وهكذا نرى أن األنظمة الشمولية تفقد شرعيتها سواء أحسنت االنتقال إلى دعائ

1015 1002100410272019

األداء أو أساءت ألن شرعيتها تقوم على معايير األداء والغرض. وفي مواجهة تآكل شرعيتها نجد أن األنظمة

استعادة قوتها الشمولية تتبع عدة استراتيجيات منها، يمكن أن ترفض االعتراف بضعفها املتزايد على أمل

في السلطة، أو يحاول النظام أن يبقى في السلطة بزيادة القمع وكبت الحريات، ويحاول النظام إثارة نزاع

خارجي والسعي الستعادة الشرعية بالدق على النزعة الوطنية، أو محاولة إقامة صورة باهتة من الشرعية

ليين بوضع حد للحكم الشمولي ويقيمون نظاما الديمقراطية للنظام الشمولي، أو أن يلجأ القادة الشمو

. وهو ما يفسر الطبيعة املتقلبة لهذه النظم وميلها إلى ممارسة العنف السياس ي من أجل (26)ديمقراطيا

محافظة النخبة السياسية على السلطة والجهاز اإلداري والعسكري على مركزه. وهو ما ينتج عالقة

تقال االتحاد السوفياتي إلى النهج الديمقراطي بعد انتقال السلطة مضطربة بين الدولة واملجتمع، وأن ان

إلى غورباتشوف وتطبيقه للغالستنوس والبروستيكا، جاء نتيجة ضغوط سياسية واقتصادية أثبت عجز

نموذج الشرعية االشتراكية، وهو ما جعل من النخبة السوفياتية تقبل بنموذج الشرعية الديمقراطية

رار السياس ي وتجنيب االتحاد السوفياتي مخاطر االنشقاق السياس ي والعجز للحفاظ على االستق

االقتصادي.

استمد الجهاز البيروقراطي لبناء الدولة السوفيتية تزكيته من املوديل النظري املرتكز على قدل

:(27)إلىاملمارسة السياسية لطبقة املنتجين وشرعيتهم الثورية وفق آلية جديدة تستند

ات التشريعية/التنفيذية/القضائية املنبثقة من وحدة الطبقة العاملة الفكرية وحدة السلط -

والسياسية.

احتكار الدولة وسلطتها السياسية من خالل وحدانية القيادة الفلشفية. -

اعتماد املبادئ الحزبية في بناء أجهزة الدولة اإلدارية/العسكرية على أساس مبدأ املركزية -

الديمقراطية.

ب البلشفي على منظمات املجتمع املدني وتداخل أنشطتها السياسية االجتماعية مع هيمنة الحز -

السياسة الرسمية للدولة.

بناء شكل الدولة الفدرالي للدولة السوفيتية على أساس الشرعية األممية املنبثقة من حدة

تحادية وتماثل بناءها مصالح الطبقة العاملة العاملية املتضمنة قيادة وسيادة الحزب على الجمهوريات اال

االقتصادي وقاعدته األساسية ملكية الدولة لوسائل اإلنتاج.

الدولة االتحادية السوفيتية واالنتقال إلى الشرعية الديمقراطية اتسم بحزمة من انهيار إن

:(28)السمات الخاصة نتوقف عند بعضها

وقراطية الحاكمة قطاع أفض ى تفكك الدولة السوفيتية بشكل سريع إلى تقاسم السلطة البير -

الدولة االقتصادي عبر الشراء والبيع لألنصار واملقربين. وهو ما أنتج قوتين اجتماعيتين أولهما بيروقراطية

الروسية املترابطة مع الشركات االحتكارية الدولية. االدولة الروسية وثانيهما املافي

1002100410272019 1016

الزمة له سمات جديدة منها التحول الروس ي نحو اقتصاد السوق والشرعية امل لقد اكتسب -

مهد الطريق للقيام بكثرة من اإلجراءات "بوتين"انتقال السلطة عبر الشرعية االنتخابية إلى الرئيس

االقتصادية/السياسية لتطوير الشرعية البرجوازية الجديدة.

في تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن الشرعية االشتراكية القائمة على فكرة مركزية الدولة

العملية السياسية واالقتصادية واحتكار النخبة ألدوات السلطة لم تستطع تحقيق الشرعية الشعبية

رغم من تحقيق الشرعية التنموية، وهو ما ساهم في وقوع صراع بين مختلف القوى ومطالبتها الب

في ظل حرب باردة أيديولوجية يسعى من خاللها املعسكر الرأسمالي إلى باملشاركة في العملية السياسية

تشويه النموذج االشتراكي، وهو ما أدى إلى ضرب االستقرار السياس ي في االتحاد السوفياتي وتسبب ذلك في

أزمة سياسية واقتصادية أدت إلى أعمال عنف سياس ي وتآكل شرعية الدولة وانهيار النموذج، وبدأ عملية

تحول السياس ي نحو الشرعية الديمقراطية من خالل االنتقال إلى الشرعية االنتخابية واالنفتاح ال

السياس ي وهو ما أدى إلى تفكك االتحاد السوفياتي وانتقال معظم دول أوروبا الشرقية والدول العربية

نجاح النموذج نحو الشرعية الديمقراطية تحت ضغط العوملة وموجة التحول الديمقراطي، وهو ما يفسر

الرأسمالي الغربي للشرعية على النموذج االشتراكي برغم من تحسين اإلطار املعيش ي للطبقة العمالية.

املحور الرابع

نموذج الشرعية اإلسالمية وانعكاساتها على عالقة الدولة باملجتمع

العربية اإلسالمية تعتبر الشرعية اإلسالمية من النماذج والتطبيقات القديمة التي عرفتها األمة

األمة العربية اإلسالمية على تمنذ بعثة محمد صلى هللا عليه وسلم، وتأسيسه لدولة املدينة، وقد اعتمد

الشرعية اإلسالمية كمصدر النتقال السلطة وتحقيق القبول االجتماعي، وتقوم فكرة الشرعية اإلسالمية

املصلحة العامة والخاصة ملرتكزات منها على تطبيق نصوص الشريعة اإلسالمية، وعلى جملة من ا

ومحورية الدولة في إدارة الشأن السياس ي واالقتصادي، والجمع بين الدولة واإلسالم في التأسيس لشرعية

، شهد العالم العربي واإلسالمي نماذج 1924النظام اإلسالمي، وبعد سقوط الخالفة العثمانية عام

أسمالي، لتعود فكرة الشرعية اإلسالمية من جديد بفعل تأسيس جديدة للشرعية منها ما هو اشتراكي ور

أحزاب إسالمية ومطالبة قوى سياسية بالعودة لنموذج الشرعية اإلسالمية باعتباره من النماذج التي

تؤسس لعالقة صحية بين الدولة واملجتمع وتحقيق فعل التنمية والعدالة االجتماعية والعودة إلى العهد

ت تحتله األمة العربية اإلسالمية مكانة بين األمم، وهو ما سبب أعمال عنف سياس ي بين الذهبي الذي كان

التيار العلماني واإلسالمي، نتيجة اختالف الرؤى في بناء املؤسسات السياسية ومصدر السلطات، وطبيعة

عات الغربية لم الدولة بين الدولة الدينية والدولة املدنية، وسبب رفض القوى العلمانية مرده أن املجتم

إلى "كمارتن لوثر"تحقق التقدم إال بانتهاجها لنظم وضعية وليست إلهية وهو ما دفع املصلحين الدينين

القيام بعملية إصالح ديني واملطالبة بفصل الدين عن الدولة. إال أن هذه التجربة تنتقد من قبل القوى

وتختلف عن النموذج الغربي للشرعية الدينية نوعها مناإلسالمية بحجة أن التجربة اإلسالمية فريدة

التي جعلت أوروبا تدخل في عصور مظلمة.

1017 1002100410272019

املمارسة لقيم مؤسسة باعتبارها العقيدة على اإلسالمية الرؤية في الشرعية الدولة ترتكز

هي واألمة. املنزل الحق حدود في – والقوة – الشرع يحدده ما أي – الحق بين وتجمع الشرعية، السياسية

األمانة، وإنجاز والعقيدة، الشرع حاكمية: بها املنوط السياسية الجماعة باعتبارها الشرعية الدولة قاعدة

للحاكم الرعية مبايعة أي – البيعة عقد إلى اإلسالمية الدولة في الحاكم شرعية وتستند. الخالفة وتحقيق

ن مرتكزات الشرعية اإلسالمية على والجدول التالي يبي .والرضا باملوافقة القيادة شرعية تصير بحيث

:(29)النحو اآلتي

.الشرعية مستويات بين التمييز )أ(

.والعقدي الفكري باإلطار االلتزام حيث من والتأسيس االبتداء شرعية -1

.والعقد البيعة حقائق خالل من والوالية السلطة إسناد شرعية -2

.عةللشري رجوعها مدى خالل من السلطة ممارسات شرعية -3

.السياسية السلطة عن الخروج شرعية -4

شرعية املثال سبيل على: السياسية الرابطة عناصر لتقسيم وفقا الشرعية عناصر بين لتمييز )ب(

أو أفرادها حركة حيث من سواء الرعية وشرعية العلماء وشرعية السياس ي، والنظام السلطة

.األمة في الجماعة حركة حيث من

.للشرعية ومفتقدة ناقصة أخرى وبين الشرعية، نقصان إلى تؤدي عوارض نبي التمييز )جـ(

النظام على الشرعية وإضفاء تشكيل في( اإلسالمي املجتمع أفراد كمجمل) لألمة هام دور وجود )د(

.السياسية السلطة وعلى السياس ي

إليها الحتكامبا يرتبط أن يجب الشريعة إلى الرجوع فإن الشرعية إضفاء عملية سياق في )ه(

(.استظهار رجوع ال افتقار رجوع) الشرع إلى باالحتكام التظاهر ملجرد وليس فيها، والتصديق

قد قامت الدولة في املدينة بموجب عقد سياس ي شرعي، وهو ما سمي في التاريخ اإلسالمي ببيعة ل

ني على السمع والطاعة في العقبة الثانية، فقد كانت بنود البيعة في غاية الوضوح والصراحة: "تبايعو

النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى األمر باملعروف، والنهي عن املنكر، وأن تقولوا في هللا،

ال تخافون في هللا لومت الئم، وعلى أن تنصروني، فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم

ولة اإلسالمية قامت في املدينة بموجب عقد، والعالقة فيها وأزواجكم وأبنائكم ولكم الجنة"، وعليه فالد

بين الحاكم واملحكوم عالقة عقدية، ولقد احترم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم حدود هذا العقد، فلم

يتخذ قرارا باملواجهة في بدر حتى استشار األنصار تحديدا إقرارا منه بمبدأ املشورة في اإلسالم وفي هذا ظل

.(30)أشيروا علي أيها الناس"ينادي "

بالرجوع إلى الشرعية اإلسالمية فإنه إذا كانت كل سلطة إسالمية تقيم سلطتها على الحسبة، فإن

فقدان هذه السلطة لهذه الشرعية، يطرح واجب االحتساب عليه، ولكن أغلب الفقهاء لم يجيزوا الخروج

م أن السلطة مهما جارت فهي خير من ال عن السلطان الجائر، تخويفا من الفتنة، معنى ذلك عنده

1002100410272019 1018

سلطة، يبقى أن تحقيق اإلصالح عندهم ال يكفي فيه اإلطاحة بسلطة جائرة، بل أن تقوم بديال عنها

سلطة أخرى. وما دامت الشريعة اإلسالمية ال تقوم إال بسلطة سياسية )وهذا ما يتفق عليه غالبية

إال بسلطة سياسية، فإذا كان غالبية الفقهاء قالوا بأن الفقهاء(، فإن اإلصالح نفسه ال يتحقق عمليا

طاعة السلطان الجائر أخف ضررا من الفتنة، فإن هذا الحكم ال يجري على من توفرت له القدرة على

.(31)إقامة سلطة بديلة

لكي تأخذ الشرعية السياسية والطاعة شكلها العقائدي، بحيث يخرج من اإلسالم من لم يلتزم بها

وأن تندمج الطاعة املتصلة هلل ورسوله بالطاعة املنفصلة هلل ورسوله، مع طاعة أولي األمر، ويعدم،

فتم دمج )أطيعوا !! بحيث تصبح هذه الطاعات على مختلف وجوهها أمرا واحدا هو الطاعة الدائمة هلل

هللا( مع )أطيعوا هللا هللا والرسول...( مع )أطيعوا هللا وأطيعوا الرسول...(، مع )من يطع الرسول فقد أطاع

وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم(، لينتج من هذا الدمج أن طاعة أولي األمر كطاعة هللا تماما، فندخل في

الحق اإللهي بالحكم، وأن الحاكم ممثل هللا في األرض، كالرسول تماما، وأن عصيانه والخروج عليه

تجربة املحمدية أنه لم يترك نموذج محدد النتقال . إال أن املالحظ في ال(32)يوجب غضب هللا ورسوله

السلطة، وهو ما جعل الصحابة في التأسيس لفكرة الشرعية يضعون جملة من االجتهادات باعتبار أن أمر

السلطة أمر دنيوي، ويؤسسون جملة من القواعد لتحقيق الشرعية منها ما هو متعلق بالشروط التي

له الترشح ملنصب الخليفة منها اإلسالم والعلم وسالمة البدنية يجب أن تتوافر في الحاكم حتى يحق

..الخ، ومنها ما هو متعلق بالشروط الخاصة بالهيئة التي لها الشرعية باختيار الحاكم .والحكمة والبصيرة

املسماة بجماعة أهل الحل والعقد وكيفية اختيارها عن طريقة آلية املشورة، وبالتالي أن أمر االختيار ليس

.الخ..متاحا لكل الشعب وإنما هو من اختصاص جماعة تتوفر فيها جملة من الشروط منها العلم والحكمة.

ال تشكل مبدأ ينشر شرعية خالفتهم، فجنحوا إلى مذهب "لعثمان"قد أدرك األمويون أن قرابتهم ل

لهي في قصائدهم، الجبر في الخالفة، واعتمدوا عليه إلثبات شرعيتها، ودعم شعراؤهم هذا التفويض اإل

وبرر الخلفاء بالجبر هدفهم إلى توحيد الجماعة وقضاءهم على شق عصا الطاعة، واستعملوا هذين

املبدأين في مواجهة املعارضين، فهذا يزيد بن معاوية مثال يبرر قتل الحسين بقضاء من هللا الذي يؤتي

اعة األموية اعتمدت على تأويالت من خالل هذا نستنتج أن الجم (33)من يشاءمامللك من يشاء وينزعه

للنص القرآني وفق منطق يحقق الشرعية للحاكم األموي، ويعملون على إنتاج تبريرات وخطابات تجعل

من العلماء والخطباء في املساجد ال يرفضون الحاكم، ألن في عدم قبوله إخالل بعالقة الدولة باملجتمع

ت أخرى منافسة لهم في الحكم بدأت تنتج تفسيرات وضياع للسلطة من أيديهم، كما أن هناك جماعا

لنص الديني مناقض لطرحهم، وهو ما أدى إلى عنف سياس ي وتقويض شرعية النظام وإخالل بعالقة ل

الدولة باملجتمع، وهو ما ساهم في سقوط الدولة األموية وقيام الدولة العباسية على أنقاضها.

ا إلى الكيسانية، والهاشمية، فإن وصية أبي هاشم لم لئن رجعنا إلى الحركة العباسية في أصوله

تعد، بعد تأسيس الدولة العباسية، كافية لإلقناع بشرعية الخالفة ألن هذه الوصية تربط العباسيين

بالعلويين سياسيا وتصلهم بالكيسانية والهاشمية عقديا، فما إن قامت دولة بني العباس، حتى أثبت

1019 1002100410272019

ن العلويين، وأن هللا خصهم بقرابة الرسول وفضلهم فوضعهم من اإلسالم ملوكها أنهم أحق بالخالفة م

وأهله باملوضع الرفيع، واصطفاهم لهذا الدين مؤيدين، قوامين به، واعتبر العباسيون أن إرادة الخليفة

. هي تعبير عن اإلرادة اإللهية وتنفيذ لها، وجعلوا ملوكهم سالطين هللا في أرضه يسوسون بتوفيقه وتسديده

ويعملون بكتابه وسنة نبيه ملتزمين بالعدل، وهم يرون أن بالطاعة تقام فرائض هللا وحدوده وشرائع

اإلسالم وسننه، والطاعة هي التي تمنع اختالف امللة وقهر الدين وتفرق الكلمة وخسران الدنيا واآلخرة،

.(34)والطاعة هي التي تتم الخالفة وتعزها، وطاعة هللا عن طريق طاعة الخليفة

ال شك أن مفهوم شرعية حكومة الخالفة تغير وتعدل في مضمونه بين التضييق واالتساع عبر

أخذت مؤسسة الخالفة باملفهوم -من منظور شرعية النظم–التاريخ اإلسالمي، ففي فترات االزدهار

)للمجتمع بتطبيق الكامل للشرعية بوصفها التزاما بالشرع )يتصرف إلى املؤسسة نفسها وفعاليتها( والتزاما

قواعد الشرع(، بمعنى أن من أحكام الشرعية ما يضبط حركة املؤسسة الحاكمة بالقدر نفسه الذي

تضبط به املؤسسة حركة سائر الجماعات واألفراد واملؤسسات ونشاطها من خالله، وقد تجسد هذا

فترات االنتكاس فقد انسحب االتجاه في بعض التجارب التاريخية مثل: تجربة الخلفاء الراشدين، أما في

مفهوم الشرعية ليقتصر على التزام الحكومة الرعية والجماعة بقوانين الشريعة وأحكامها، بصرف النظر

عن مدى التزامها والتزام النخبة التي تقبض على مقاليد األمور بالعديد من تلك القواعد الشرعية في

ني هو السائد في أغلب فترات تاريخ الخالفة اإلسالمية ممارساتها وإجراءاتها، وقد ظل هذا املفهوم الثا

. (35)كأحد املظاهر املهمة لوجود أزمة في الشرعية

في إطار الخبرة العربية اإلسالمية قد تبدو معادلة العالقة بين الدولة واملجتمع مختلفة أو عكسية

تماعي وسياس ي، بل هي "ليست مجرد رأس هرم اج على وجه التحديد، فالدولة كما يصفها الفضل شلق

الشرط الضروري لضمان استمرارية املجتمع، إن الدولة هنا ليست مجرد مؤسسة سياسية يفرزها

املجتمع للدفاع وبعض املهام التنظيمية، ويخصص لها بعض فوائضه االقتصادية كي تستطيع القيام

ملركزية هي التي تؤسس بأعمالها، بل الدولة هي املؤسسة التي تضمن وجود املجتمع، إن الدولة ا

املجتمعات عندنا، ال تنبع هذه املقولة من الدراسات التقليدية لألنماط التاريخية العنيفة للدول في

املنطقة العربية وتطبيق النموذج املاركس ي بشأن نمط اإلنتاج الشرقي أو خالفه، بقدر ما تعكس بشكل

مة، ففي هذه الخبرة ارتبط نشوء األمة واملجتمع خاص خصوصية، التجربة اإلسالمية في بناء الدولة واأل

اإلسالمي بنشوء السلطة والحكومة املركزية في دولة املدينة وامتدت قواعد األمة واتسعت طرديا بانطالق

فاعلية الخالفة وقوتها، مثل هذه املعادلة ترتب نتائجها على محور فهم ظاهرة السلطة في الكيان

.(36)اإلسالمي

الحديث واملعاصر فقد برزت جملة من النماذج والتطبيقات املتعلقة بالتأسيس أما في العصر

بين هذه النماذج نجد املقاربة التركية واإليرانية التي من ملسألة الشرعية السياسية فكريا وعمليا، و

أسست أفكارها وعملها على جملة من االستراتيجيات من أجل الحصول على الشرعية السياسية على

سالمي وبناء عالقة صحية بينها وبين املجتمع مبنية على الثقة والتعاون.أساس إ

1002100410272019 1020

منها محاولة اإلسالميين في تركيا الحصول على الشرعية السياسية من خالل محاولة املشاركة في

الحكم التي كانت مع حكومة االئتالف بين حزب الشعب الجمهوري بزعامة "بولنت أجاويد" وحزب

م، ورغم أن هذه املحاولة أفرزت تحوالت جديدة في السياسة 1974عامة "أربكان" عام السالمة الوطني بز

التركية التقليدية، إال أنها لم تتح لهم السلطات واإلمكانيات الكافية للحصول على الشرعية من أجل صنع

نقصده يتمثل القرار السياس ي التي تتاح عادة لرؤساء الحكومات التركية، لذلك فإن النموذج التركي الذي

، وحكم "أردوغان" 1983/1993، وحكم "أوزال" في الفترة 1996/1997في فترات حكم "أبركان" في الفترة

.(37)حتى اليوم 2003منذ

يالحظ أن هذه األحزاب اإلسالمية تسعى إلى الحصول على السلطة وتطبيق الشريعة اإلسالمية في

سيس لشرعية إسالمية بدل الشرعية الليبرالية التي أرس ى الشأن االقتصادي واالجتماعي، وبالتالي التأ

دعائمها "مصطفى كمال أتاتورك" الذي فصل الدين عن الدولة وأسس لدولة علمانية الئكية، فصلت

ح قيمه اإلسالمية، وهو ما جعل مسألة نموذج الشرعية اإلسالمية يتجدد في و املجتمع التركي املسلم عن ر

التخلص من و 1924صورة مستمرة رغم محاوالت األنظمة املتعاقبة منذ املشهد السياس ي التركي ب

الشرعية اإلسالمية، وهذا ما أسس الختالل في العالقة بين الدولة واملجتمع وحالة من العنف السياس ي

صراع على السلطة وحول طبيعة مشروع الدولة واملجتمع.الو

وأوزال وأردوغان" في تركيا قائما على فكرة بذلك يعتبر نموذج الحكم الذي مارسه كل من "أربكان

الشرعية اإلسالمية، وذلك ببساطة ألن صانعيه دخلوا مجال العمل السياس ي بنية خدمة اإلسالم، فكلهم

سعوا لزعزعة الشرعية العلمانية املتشددة ضد اإلسالم باتجاه موقف أكثر تساهال، وكلهم سعى إللغاء

اهر اإلسالم واملواطن غير املتمسك بها في األجهزة الرسمية، وكلهم حاول التمييز بين املواطن املتمسك بمظ

بناء اقتصاد قوي ليجعل من تركيا في مصاف الدول الغنية، وكلهم حاول بناء صالت لتركيا مع محيطها

اإلسالمي، ورغم التفاوت في األداء واإلنجاز والحماسة، إال أن ذلك يؤكد أن الثالثة ينطلقون من نموذج

.ما جعل هذه األحزاب السياسية تحظى بشرعية شعبية وأعطى الشرعية والتمكين (38)كم واحدح

، وبذلك وصل إلى كرس ي الرئاسة، وتمكن من "غانو أرد"السياس ي لحزب التنمية والعدالة الذي يتزعمه

أن إحباط االنقالب العسكري بفعل الشرعية الشعبية والتنموية التي يحظى بها الحزب. وهو ما يؤكد

الشرعية اإلسالمية تؤسس لعالقة صحية بين الدولة واملجتمع.

يرى "عبد اإلله بلقزيز" أنه على التيار اإلسالمي إجراء مراجعات فكرية من ناحية املبادئ، حتى

: (39)تتمكن من اإلدماج في العملية السياسية والديمقراطية وقد حدد هذه املراجعات فيما يلي

بمعنى الفصل بين الدين والدولة، وفك االرتباط بين الدعوة والسياسة. مبدأ الدولة املدنية، -

مبدأ املواطنة، أي اعتبار االنتماء إلى الوطن املقياس واملحك، ال فضل ألكثرية على أقلية، وال -

فرق بين أبناء املجتمع في الحقوق والواجبات.

املساواة بين الرجل واملرأة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. -

1021 1002100410272019

ما في العالم العربي فنجد جملة من األحزاب السياسية ذات املرجعية اإلسالمية، التي ترى أن أ

الدولة جزء ضروري من مشروع األمة اإلسالمية، وأن الشرعية تأتي في الدرجة األولى من الشريعة

يصنف دور اإلسالمية ومن املجتمع في الدرجة الثانية، وهكذا تبنى تراتبية املصادر الشرعية، بحيث

املجتمع بعد تبني الشريعة كمرجع أعلى، هذا النهج، يفترض وجود مجتمع بهذه املواصفات، وتسليم

املجتمعات العربية بعلوية الشريعة كفرضية معطاة مسبقا، وهي تنظر إلى الديمقراطية ضمن هذا اإلطار

اإلسالمية للديمقراطية، أيضا، ماهية مصدر الشرعية هي جوهر الخالف البنيوي بين تفسير األحزاب

وصيرورة الديمقراطية التي ترى أن الشعب وليس الدين مصدر الشرعية، أي أن الشرعية إنسانية

املصدر، يبدو هذا التفسير املبدئي جامدا، لكنه يصبح مرنا عندما ينتقل من املستوى الفلسفي التنظيري

مع التطبيق مثال يشكل قبول العديد من إلى التطبيق السياس ي، فليس من الضروري أن تنسجم الفلسفة

. لذلك (40)الحركات اإلسالمية االحتكام إلى وسائل االنتخاب اعترافا ضمنيا بأن الشرعية تأتي من الشعب

بدأت بعض التيارات اإلسالمية التي ال تعترف بالديمقراطية كآلية النتقال السلطة وإدارة الدولة واملجتمع،

لها باملشاركة في العمل الديمقراطي، مثل حزب النور في مصر، الذي شارك تقوم بمراجعات فقهية تسمح

في االنتخابات بعد الحراك الشعبي.

ففي مصر مثال نجد أن خريطة اإلسالميين، قبل ثورة يناير تتشكل من ثالث أقسام رئيسة

:(41)هي

لذي دأبت جماعة اإلخوان تيار اإلسالم السياس ي الساعي لتأسيس الدولة اإلسالمية، وهو ا -أ

املسلمين على تمثيله طوال العقود املاضية، وقد لحق بها حزب العمل االشتراكي في أواخر عقد

الثمانينيات، فصار حزبا إسالميا ذا صبغة يسارية، وفي منتصف عقد التسعينيات انبثق من جماعة

مدنية ذات شرعية إسالمية.اإلخوان فيصل حزب الوسط، الذي انتهى به املطاف للمناداة بدولة

تيار اإلسالميين املهتمين بالثقافة الشرعية واملظاهر االجتماعية للدين، دون العمل بالسياسة -ب

فبراير 11أو استخدام العنف للتغيير، وهو ما مثله تيار السلفية العلمية، حتى اإلطاحة بحسني مبارك في

مل السياس ي منذ نشأته في القرن املاض ي فقد ظلت ، وعلى الرغم من ابتعاد ذلك التيار عن الع2011

الدولة اإلسالمية التي تحكم بالشريعة حلما يبث إليه دعاة السلفية أشواقهم، وخياال يفرون إليه.

الجهادية: الذي يرفض العمل بالسياسة، ويرى وجوب تغيير النظام العلماني السلفيةتيار -ج

وهو التيار الذي يضم الجماعة اإلسالمية وجماعة الجهاد، وقد القائم إلى نظام إسالمي بالقوة والعنف،

قررت قياداته منذ نهاية القرن املاض ي نبذ العنف وإتباع الطرق السلمية للدعوة والتغيير.

من خالل التعرض لهذا التصنيف نكتشف أن التيار اإلسالمي ليس موحدا في مشروعه السياس ي،

خل التيار اإلسالمي، وهذا من شأنه التأثير على شرعيته، فالتفكك فيه وإنما هناك عدة فروع ومشاريع بدا

ضعف، واالتحاد فيه قوة، وفشل هذه التيارات في بناء عالقات صحية بين الفرد واملجتمع يرجع إلى حالة

التشرذم واختالف املنطلقات العقائدية والتكفير لبعضها بعض، على الرغم من أن اإلسالم واحد إال أن

تعددا في املشارب واملذاهب، إال أن املالحظ أن تيار اإلخوان املسلمين هو األقرب إلى الوسطية هناك

1002100410272019 1022

واالعتدال والقادر على جمع الكلمة وتوحيد الصفوف في املجتمع، وهو ما يفسر نجاحه في االنتخابات

ة واالنتصار على الرئاسية والتشريعية بعد الحراك الشعبي، وتمكنه من الحصول على الشرعية السياسي

منافسيه العلمانيين في الحصول على السلطة.

بذلك تعتبر العالقة بين الدين والدولة واحدة من أبرز معضالت التطور السياس ي والديمقراطي في

اتجهت إلى 1952مصر، وهي معضلة متعددة األبعاد، فالنظم التي تعاقبت على الحكم في مرحلة ما بعد

شرعية السياسية من خالل مسالك عديدة، وباملقابل فإن الحركات والتنظيمات توظيف الدين كمصدر لل

اتجهت إلى توظيف الدين لتبرير معارضتها للنظام الحاكم، كما أن مسألة -املعتدلة والراديكالية-اإلسالمية

تطبيق الشريعة شكلت وتشكل مصدرا لالستقطاب السياس ي والفكري في املجتمع، خاصة وأن دستور

لة ينص على أن اإلسالم هو املصدر الرئيس للتشريع، وقد أثيرت القضية بشكل حاد خالل عقد الدو

، ووجود تمثيل للجماعة 1987و 1984الثمانينيات، على خلفية مشاركة اإلخوان املسلمين في انتخابات

اع الشرعية، والصر على . بذلك فإن مسألة توظيف الدين اإلسالمي للحصول (42)تحت قبة البرملان

اإلسالمي، قديم ويتجدد باستمرار بحدوث التطورات في املجال السياس ي املصري، فالحراك –العلماني

الشعبي وحصول التيارات اإلسالمية على الشرعية الشعبية، هو من أعاد إنتاج هذه الصورة الصراعية

وع الليبرالي الديمقراطي.بين التيارين، وطرح من جديد املشروعين املتناقضين، املشروع اإلسالمي واملشر

عرفت مصر بعد الحراك الشعبي ظاهرة االستقطاب السياس ي بين التيار العلماني واإلسالمي، لقد

مما تولد عنه صراع سياس ي حول من له األحقية في الوصول إلى السلطة، وهذا ما أدى إلى انقسام

ساس إلى اختالف املنطلقات األيديولوجية املجتمع واإلضرار بمؤسسات الدولة، ومرد هذا الصراع يرجع باأل

والعقائدية، فالتيار اإلسالمي يرى بضرورة تأسيس دولة الخالفة املستندة على الشرعية اإلسالمية، والتيار

العلماني يرى بضرورة تأسيس الدولة الوطنية املستندة على الشرعية الليبرالية الديمقراطية، وقد كان

معركة االنتخابات أثر في تعميق الصراع، حيث سعى من خالل منطقه السياس ي لفوز التيار اإلسالمي في

إدخال مشروعه السياس ي في التعديالت الدستورية وفي اإلصالحات االقتصادية والسياسية، وهذا ما لم

يقبله الفريق املناقض لسياسته، ليؤدي هذا الوضع إلى تراجع شرعية النظام واإلخالل بعالقته باملجتمع.

يث أن العنف السياس ي واالستقطاب القائم بين التيارين كان نتيجة اختالف األطروحات ح

العقائدية، وقد تمحور الصراع بين دعاة الدولة الدينية وبين أنصار الدولة املدنية الذين يرون مصر دولة

حيوي في حياة مدنية حديثة قائمة على املواطنة واملساواة واحترام حقوق اإلنسان تحفظ للدين دوره ال

املصريين وتتعامل مع الشعب املصري باعتباره شعبا شديد التدين، ولكن دون تداخل ما هو سياس ي

بمعنى عدم توظيف الدين لخدمة مصالح سياسية وهو صراع يحرص كل طرف فيه على اقتناص نقاط

السياس ي الذي بدأ اإلسالمي حالة الصراع اإليديولوجي –. ويعكس التجاذب العلماني (43)مشروعهلخدمة

يطبع الحقل السياس ي، لذا فإن مستقبل التحول الديمقراطي يتوقف على القدرة على ضبط هذا الصراع

.(44)سلميا وعلى احتوائه في قوالب التداول الفكري التي تتيحها الحريات العامة

1023 1002100410272019

رعية وجماعة اإلخوان في احتواء الجماعات املعارضة للش "مرس ي"يمكن إرجاع فشل الرئيس

اإلسالمية إلى عوامل مختلفة على رأسها تخوف القوى السياسية العلمانية من ابتالع املشروع اإلسالمي

، وصبغها بالصبغة اإلسالمية، وهو ما يعني حرمان غير اإلسالميين من املشاركة الفعالة في املصريةللدولة

وعودها التي قطعتها في حال فوز ممد العمل السياس ي في ما بعد، خاصة وأن الجماعة لم تف بتعهداتها و

. وهو ما حصل بالفعل بحيث أن الجماعة لم تف بتعهداتها، وهو ما ساهم في (45)مرس ي في االنتخابات

واإلسالمي والتي ظهرت في شكل عنف سياس ي –تراجع شرعية مرس ي، واختالل العالقة بين التيار العلماني

بين الطرفين.

امات في صفوف النخبة السياسية لم تكن بين معسكر اإلسالميين يالحظ أن الخالفات واالنقس

بأطيافهم املختلفة من ناحية ومعسكر القوى واألحزاب املوصوفة باملدنية من ناحية أخرى، بل كانت

هناك خالفات وانقسامات داخل كل معسكر، ويكفي في هذا املقام اإلشارة إلى الخالفات بين الدعوة

تموز / يوليو 3واإلخوان املسلمين، حيث أيدت األولى الطريق التي أعلن عنها في السلفية وحزبها النور

والتي تم بمقتضاها عزل الرئيس "مرس ي" عن السلطة، وفي مقابل ذلك انضم سلفيون آخرون إلى 2013

تحالف دعم الشرعية الذي أنشأته جماعة اإلخوان املسلمين، كما حدثت انشقاقات محدودة في صفوف

ان قبل عزل الرئيس "مرس ي" وبعده، ولم يكن معسكر القوى واألحزاب الليبرالية والقومية واليسارية اإلخو

أفضل حاال، فالخالفات في صفوف جبهة اإلنقاذ الوطني كثيرا ما طفت على السطح واألخطر من ذلك أن

، لذلك راحت الجبهة لم تستطع أن تقدم نفسها كبديل سياس ي قوي ومقنع لجماعة اإلخوان املسلمين

. وهو ما أدى إلى تعميق (46)تمرد التي قادت عملية الحشد والتعبئة ضد الرئيس "مرس ي"التساند حركة

القطيعة بين مختلف التيارات، ما ساهم في ارتفاع وتيرة العنف السياس ي، األمر الذي أدى إلى انتكاسة

ية العسكرية.عملية التحول الديمقراطي والعودة بمصر إلى مربع الدولة التسلط

يمكن القول أن نموذج الشرعية اإلسالمية قديم وقد عرف مع بعثة النبي ،تأسيسا على ما سبق

صلى هللا عليه وسلم وتأسيسه لدولة املدينة، وفي وقتنا املعاصر شهدنا تأسيس أحزاب إسالمية تسعى

ا على أسس إسالمية مثل لبناء دولة دينية مثل جماعة اإلخوان املسلمين في مصر، ودول أسست شرعيته

إيران، وهو ما يجعل من نموذج الشرعية اإلسالمية في تجدد بصورة مستمرة، كما أن القراءة التاريخية

واالشتراكية ألنه جمع بين ديمقراطيةتثبت أن نموذج الشرعية اإلسالمية أكثر رشادة من الشرعية ال

االقتصادي والسياس ي، وهو ما يحقق عدالة املصلحة العامة والخاصة ودور الدولة في إدارة الشأن

اجتماعية ويكفل الحقوق ويساهم في بناء عالقة صحية بين الدولة واملجتمع.

خاتمة:ال

تأسيسا على ما سبق يمكن القول أن ملسألة الشرعية دور كبير في التأثير على عالقة الدولة

باب كضعف األداء وعدم تمثيل النظام باملجتمع، فوقوع النظام في أزمة شرعية نتيجة جملة من األس

...الخ. يؤدي إلى اختالل العالقة بين الدولة باملجتمع، وهو أمر له أثر على استمرار املجتمع وقيمه ملصالح

، لذلك تعمل كل األنظمة السياسية إلى البحث عن مصادر جديدة لتطعيم شرعيتها في هالنظام واستقرار

1002100410272019 1024

واالشتراكية ديمقراطيةها املجتمعات، وتعتبر نماذج الشرعية الظل التغيرات املتسارعة التي تعرف

واإلسالمية من املناهج واملقاربات األيديولوجية التي تعتمدها الدول لتعزيز شرعيتها ومعالجة مختلف

اإلشكاليات ووضع املشاريع لبناء الدولة واملجتمع، والدراسة املقارنة لهذه النماذج أثبتت أن هناك

ينها، فالنموذج الديمقراطي يستمد شرعيته من الشعب باعتباره مصدر السلطات وينبني على اختالفات ب

جملة من اآلليات منها التداول على السلطة عن طريق آلية االنتخابات، واقتسام عملية الضبط االجتماعي

ذج من الناحية بين الدولة ومؤسسات املجتمع املدني، وفصل الدين عن الدولة...الخ. وقد عرف هذا النمو

العملية في كل من الواليات املتحدة األمريكية وأوروبا الغربية، وشهدت فيه العالقة بين الدولة واملجتمع

تحسنا نتيجة فتح املجال السياس ي وزيادة الحريات العامة ومشاركة كل املكونات السياسية في العملية

يه على جملة من اآلليات منها إعادة املكانة للطبقة السياسية، أما النموذج االشتراكي فإن الشرعية تقوم ف

العمالية، وضرورة طاعة النخبة املسيرة للشأن السياس ي، وامللكية العامة لوسائل اإلنتاج، ومركزية الدولة

في عملية التخطيط وإعداد البرامج واملشاريع لبناء الدولة واملجتمع، وقد عرف هذا النموذج التطبيقي في

اد السوفيتي سابقا وأوروبا الشرقية والصين، وقد شهد تراجعا بعد موجة التحول كل من االتح

، واختالل العالقة بين الدولة ةالديمقراطي التي شهدها العالم واعتناق معظم الدول للشرعية الديمقراطي

مطالبة واملجتمع نتيجة الوقوع في األزمات االقتصادية واحتكار النخبة السياسية للعمل السياس ي أمام

املكونات السياسية بإشراكها في العمل السياس ي، أما النموذج اإلسالمي فهو قديم وقد عرف منذ البعثة

في ضرورة تطبيق الحكام لنصوص الشرعية اإلسالمية املحمدية وتأسيس دولة املدينة ويقوم على فكرة

قا من مبدأ الشورى، مع إقراره تسيير شؤون األمة اإلسالمية ووجوب طاعة الحاكم، واختيار الحاكم انطال

بامللكية الخاصة والعامة وتقديم العامة على الخاصة في حالة تعارضهما حماية ملصالح األمة من الضياع،

مع دور الدولة في تلبية مطالب املجتمع وحماية الدين، وقد عرف هذا النموذج من الشرعية من الناحية

نتيجة باإليجابيةوسلم وقد اتسمت العالقة بين الدولة واملجتمع التطبيقية في عهد النبي صلى هللا عليه

سيادة قيم العدل واملساواة واإلخاء بين املسلمين، إال أن الدول التي عرفها العالم اإلسالمي والتي استمدت

بين شرعيتها من املرجعية اإلسالمية في إطار األنظمة امللكية حادت عن املنهج القويم وهو ما أخل بالعالقة

الدولة واملجتمع وأدى إلى سقوط أنظمتها السياسية نتيجة الصراع على السلطة، ومن التجارب التي

عرفتها الدولة اإلسالمية في العهد القديم نجد الدولة األموية والعباسية والدولة العثمانية، وفي الوقت

ة اإلخوان تأسيس دولة قائمة على ، ومحاولة جماعاملعاصر نجد إيران وتركيا واململكة العربية السعودية

.الشرعية اإلسالمية، لكن لم توفق في مسعاها هذا نتيجة حدة الصراع السياس ي

1025 1002100410272019

الهوامش:

(، 2011فارس بريزات، الجذور االجتماعية لنضوب الشرعية السياسية في اليمن، )الدوحة: املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات، (1)

.2ص(2) Danielle Carter. Sources of State legitimcy in contemporary south Afric : a theory of political goods. Centre for

sociat science research. September. 2011. p 3 (3) Svetlozar A. Andreev. The EU ‘Crisis of Legitimacy’ Revisited: Concepts, Causes, and Possible Consequences

for the EuropeanPolitics and Citizens. Madrid. Centro de Estudios Políticos y Constitucionales (CEPC), 2007. p 3. العدد -24أحمد ناصوري، النظام السياس ي وجدلية الشرعية واملشروعية، مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية، املجلد (4)

. .353، 352، ص2008-الثاني . 431، 430، ص 2011جمال منصور، دور األحزاب في التنمية السياسية في العالم الثالث، دفاتر السياسة والقانون، عدد خاص، أفريل (5)السياسية املغرب(، مجلة العلوم –الجزائر –بن عمراوي عبد الدين، أزمة الشرعية الديمقراطية في األنظمة السياسية املغاربية: )تونس (6)

. 79، ص 2018والقانون، العدد الثامن، مارس ،https://archive.islamonline.net/?p=23237سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل، مفهوم الشرعية، نقال من املوقع االلكتروني: (7)

.20/04/2019بتاريخ:

.16ص ، 2006صالح، الشرعية بين فقه الخالفة وواقعها، الجزء األول، القاهرة: املعهد العالمي للفكر اإلسالمي، أماني (8) .22صاملرجع نفسه، (9) .23، 22ص املرجع نفسه، (10) سيف الدين عبد الفتاح إسماعيل، مرجع سابق الذكر.(11)

(12) Building Peaceful States and Societies، DFID, the Department for International Development; ،2010 p15. (13) Huma Haider. State-Society Relations and Citizenship in Situations of Conflict and Fragility. University of

Birmingham, 2011. p 6. .86، ص 2016، 37وم السياسية، العدد رياض عزيز هادي، مفهوم الدولة ونشوءها عند ابن خلدون، مجلة العل (14)(، أطروحة دكتوراه، كلية العلوم السياسية 2007-1997رابح لعروس ي، )املؤسسة البرملانية في عمليات التحول الديمقراطي في الجزائر (15)

.27، ص 2010، 3واإلعالم، جمعة الجزائر .79، ص 2012صفار(، القاهرة: دار الكتب، أندرو هود، مدخل إلى األيديولوجيات السياسية، )تر: محمد (16)األكاديمية العربية املفتوحة في الدنمارك، )ب،ب،ن(،لطفي حاتم، التشكيلة الرأسمالية العاملية والشرعية السياسية للدولة الوطنية، (17)

.15، 14، ص 2012 .15، ص املرجع نفسه (18)، في كتاب: الثورة واالنتقال الديمقراطي في الوطن العربي نحو خطة طريق، بيروت: محمد نور الدين أفاية، "القوى االجتماعية للثورة" (19)

.129، ص 2012مركز دراسات الوحدة العربية، مالح السعيد، )التحول الديمقراطي كمدخل لالنفتاح السياس ي في العالم العربي(، أطروحة دكتوراه، كلية العلوم السياسية والعالقات (20)

.146.، ص 2014بسكرة، الدولية، جامعة .121محمد نور الدين أفاية، مرجع سابق الذكر، ص (21)موريس دوفرجيه، املؤسسات السياسية والقانون الدستوري واألنظمة السياسية الكبرى، بيروت: املؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، (22)

.54، 53، ص 1992 .127أندرو هيود، مرجع سابق الذكر، ص (23)

(24) Kelly M.mann. the transformation of State – Society relations in post-soviet central asia. Washington. The

National Council for Eurasian and East European Research. 2005. p5. الجتماعية في عصر العوملة، في كتاب: محمد جمال منصر، التحوالت السياسية وانعكاساتها على دور الدولة في التنمية االقتصادية وا (25)

.36، ص 2014غربي، وآخرون، التحوالت السياسية وإشكالية التنمية، بيروت: دار الروافد الثقافية، .118-116املرجع نفسه، ص (26)

1002100410272019 1026

.27، 26لطفي حاتم، مرجع سابق الذكر، ص (27)

.29،30املرجع نفسه، ص (28) .عيل، مرجع سابق الذكرسيف الدين عبد الفتاح إسما (29)سبتمبر 21، عطية عدالن، خبرات إسالمية في تأصيل الشرعية السياسية، مجلة املعهد املصري للدراسات السياسية واالستراتيجية (30)

.3، ص 2016 .15، 14، ص 1985علي أومليل، اإلصالحية العربية والدولة الوطنية، بيروت: دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، (31) .26، ص 1994محمد شحرور، الدولة واملجتمع، دمشق: األهالي للطباعة والنشر والتوزيع، (32) .18، ص 2008سهام الدبابي امليساوي، إسالم الساسة، بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، (33) .26-23املرجع نفسه، ص (34) .32أماني صالح، مرجع سابق الذكر، ص (35) .31، 30نفسه، ص املرجع (36) .173، ص 2013إسماعيل الشطي، اإلسالميون وحكم الدولة الحديثة، بيروت: منشورات الضفاف، (37) .174املرجع نفسه، ص (38) .128محمد الحبيب طالب، عبد اإلله بلقزيز، )كلنا مصريون(، مجلة املستقبل العربي، )ب،ع،ن(، )ب،س،ن(، ص (39)"محنة االنتقال الديمقراطي العربي: وعودة الثورة، قلق املسارات ومعابر األمل"، في كتاب: أطوار التاريخ محمد سعدي ورشيد سعدي، (40)

.306، 305، ص 2014 االنتقالي مآل الثورات العربية، تحرير إدريس لكريني، وآخرون، قطر: املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات،، 2016، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر اإلسالمي، 2013 – 2012في التجربة اإلسالمية في مصر محمود عبده ، أزمة التمكين: دراسة (41)

.20، 19ص (، 2005-1981إبراهيم حسنين توفيق، التحول الديمقراطي واملجتمع املدني في مصر: خبرة ربع قرن في دراسة النظام السياس ي املصري ) (42)

.254، 253، ص 2006السياسية، مكتبة الشروق، القاهرة: مركز البحوث والدراسات .46، ص 2014عماد جاد، للجماعة ال ملصر: مسارات املرحلة االنتقالية، القاهرة: الدار املصرية اللبنانية، 43

.118، ص 2011السيد ولد أباه، الثورات العربية الجدية املسار واملصير، بيروت: جداول للنشر والتوزيع، (44) .62عبده، مرجع سابق الذكر، ص محمود (45)، ص 2014مراجعات ما بعد الثورة، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2014 - 2013علي الدين هالل، وآخرون، حال األمة العربية (46)

177 ،178.

1027 1002100410272019