منهج الإمام الأشعرى فى دراسة مسائل العقيدة

12
العقيدةة مسائل ى ف دراس شعرم ا ما منهج ا عرفة نور اعلوم،ية دار الة بكلطلب ال مية سفلسفة ا قسم ال، لقاهرةمعة ا جا[email protected] لخص ااصة، مم الامة وعلم بع س الفكر اول هامة ف شعرى نقطة أبو السن ا يمثل فمن جهة أصبحت أغلبيةهنسوب إذهب ا تدين باسلم اذ أن منوم الين من علفا به كعلم معمم ال ، ومن جهة أخرى أصبح عل اب منه ق من افرون وأئمة الفقه ينحدثونن ا ض فيه، وذلك بعد أنتحسن أبو السن امو اس. غريب إذا فليس براسة، وصدث ود شعرى ملم ا ما منهج ان أن يكون قد رجحأرجحت ب، تحدث رت فيه آراء من قبل اعقل ال قلقل أو ا ا عقل ال. نتماءه بانه، رغم تعادى مبلة النا هذا الأرجح موقف ا من دوان و عزعة امقة ف زبا أثره ا ن نابلة منهموقف ال حنبل، فد بنام أ مصة اسلف، خا ال إة موقفه ف حقيق. ساسيةت اما ال: شعرى،نهج، ا ا العقيدةAbu al-Hasan al-Asy'ari merupakan turning point yang sangat penting dalam pemikiran Islam secara umum dan ilmu kalam secara khusus. Di satu sisi, karena mayoritas muslimin menganut mazhab yang dinisbahkan kepadanya, namun disisi lain ilmu kalam mulai diakui sebagai bagian dari ilmu agama, sejak Abu al-Hasan memperbolehkan untuk mempelajarinya, sementara itu para ahli hadis dan ulama fikih telah menolak (bahkan) untuk mendekatinya. Maka tidak heran jika metodologi Imam Asy'ari selalu dijadikan obyek penelitian dan studi, hingga di kalangan ahli hadis pun memiliki pendapat yang beragam dalam hal ini, meragukan (posisi Asy'ari) antara mendahulukan akal atas naql ataukah naql diatas akal. Hal ini disebabkan oleh sikap oposisi para pengikut Hanbali terhadap beliau, padahal ia secara terang-terangan mengakui keterikatannya dengan salaf, terlebih imam Ahmad bin Hanbal, sikap pengikut Hanbali tersebut memberikan dampak langsung dalam mengurangi tingkat kepercayaan (umat) terhadap posisi Asy'ari. Kata kunci: Metodologi, Asy'ari, Akidah المهيد يعد شعرىم ا ما ا أحد رواد الفكر الس صيل ا، سنة رسول ا وب ا نهج كتا ستقامة وا علمان أبرزهم وم، كما يعدجه منه العقديستئنافا النظر ل العقموصول ا امي ده إماعة السنة وا أهل وحث عليه. وملك

Transcript of منهج الإمام الأشعرى فى دراسة مسائل العقيدة

منهج اإلمام األشعرى ىف دراسة مسائل العقيدة

نور األعرفة جامعة القاهرة ،قسم الفلسفة اإلسالميةالطلبة بكلية دار العلوم،

[email protected]

امللخص

أغلبية أصبحت فمن جهة يمثل أبو احلسن األشعرى نقطة حتول هامة ىف الفكر اإلسالىم بعامة وعلم الالكم خباصة،، ومن جهة أخرى أصبح علم الالكم معرتفا به كعلم من علوم ادلين منذ أن املسلمني تدين باملذهب املنسوب إيله

فليس بغريب إذا .استحسن أبو احلسن اخلوض فيه، وذلك بعد أن اكن املحدثون وأئمة الفقه ينفرون من االقرتاب منهرت فيه آراء من قبل املحدثني، تأرجحت بني أن يكون قد رجح اكن منهج اإلمام األشعرى حمل حبث ودراسة، وصد

واكن من دواىع هذا اتلأرجح موقف احلنابلة املعادى منه، رغم ترصحيه باإلنتماء . العقل ىلع انلقل أو انلقل ىلع العقل .ىف حقيقة موقفهإىل السلف، خاصة اإلمام أمحد بن حنبل، فموقف احلنابلة منه اكن هل أثره املبارش ىف زعزعة اثلقة

العقيدةاملنهج، األشعرى، : اللكمات األساسية

Abu al-Hasan al-Asy'ari merupakan turning point yang sangat penting dalam pemikiran Islam secara

umum dan ilmu kalam secara khusus. Di satu sisi, karena mayoritas muslimin menganut mazhab

yang dinisbahkan kepadanya, namun disisi lain ilmu kalam mulai diakui sebagai bagian dari ilmu

agama, sejak Abu al-Hasan memperbolehkan untuk mempelajarinya, sementara itu para ahli hadis

dan ulama fikih telah menolak (bahkan) untuk mendekatinya. Maka tidak heran jika metodologi

Imam Asy'ari selalu dijadikan obyek penelitian dan studi, hingga di kalangan ahli hadis pun memiliki

pendapat yang beragam dalam hal ini, meragukan (posisi Asy'ari) antara mendahulukan akal atas

naql ataukah naql diatas akal. Hal ini disebabkan oleh sikap oposisi para pengikut Hanbali terhadap

beliau, padahal ia secara terang-terangan mengakui keterikatannya dengan salaf, terlebih imam

Ahmad bin Hanbal, sikap pengikut Hanbali tersebut memberikan dampak langsung dalam

mengurangi tingkat kepercayaan (umat) terhadap posisi Asy'ari.

Kata kunci: Metodologi, Asy'ari, Akidah

اتلمهيد

ومن أبرزهم علما واستقامة ىلع نهج كتاب اهلل وسنة رسول اهلل ،األصيل السين الفكر رواد أحد اإلمام األشعرى يعدوذللك .عليه وحث أهل السنة واجلماعة إيله داع اذلي املوصول العقيل للنظر استئنافا العقدي منهجه يعد كما ،ملسو هيلع هللا ىلص

أكرب الفرق الالكمية ىف العالم اإلسالىماكن ابلحث عن منهج الشيخ ىف مسائل العقيدة أمر ال ختىف أهميته، والسيما . نسبت إيله

وقد ". أشاعرة"مجع " أشعرى"احلسن أطلق عليه اسم ولك من انتسب إىل أىب ،"األشعرية"باسم هذه الفرقة تاشتهر قدووالرباهني عليه، عقد ىلع طريق السلف نطاقا، وتمسك به، وأقام احلجج »ذكر السبىك أن هذا االنتساب يعىن أنه

حتصني يف كبري بشلك تسهم األشعرية ظلت ( ).«فصار املقتدى به ىف ذلك، السالك سبيله ىف ادلالئل يسىم أشعريا اإلساليم اتلوحيد جوهر ىلع احلفاظ يف فعال بدور أئمته قام كما. واجلماعة السنة أهل طريقة ىلع اإلساليم املعتقد بوصفه للنقل تنكر دون السديد، العقيل انلظر أدوات باعتماد وذلك املطلق، واتلزنيه املفصل اإلثبات ىلع القائم .لكها العقدية الواجبات أساس

وإنما نكتىف ألن ذلك حيتاج إىل دراسة بل دراسات خاصة عنه، ىف مقام عرض آراء األشعرى مفصلة، هنا ولسناولكن . ببعض املالمح العامة الىت تلىق شيئا من الضوء ىلع خصائص فكره ومنهجه العام ىف دراسة مسائل العقيدة

.الفكرى اذلى شلك معالم تفكريه نلعلم اجلو فرتة صياغتهكذلك و شعرىقبل لك ذلك سوف نعرض أوال تاريخ نشأة األ

ابلحث

اإلمام األشعرى نشأة

إسحق بن سالم بن إسماعيل بن ىلع بن إسماعيل بن أىب برش اإلمام احلرب، اتلىق الرب، نارص السنة، وشعار املسلمني، هو ( ).رىض اهلل عنه الصحاىب اجلليل –األشعرى عبد اهلل بن موىس بن بالل بن أىب بردة بن أىب موىس عبد اهلل بن قيس

بابلرصة ونشأ ىف بيت علم ودين ثم انتقل إىل بغداد يلزتود من علم علمائها ( ) ودل رمحه اهلل سنة ستني ومئتني اهلجرىمن أهل السنة -امللقب بأىب برش–اكن وادله إسماعيل بن إسحق ( ).وتوىف هناك سنة أربع وعرشين بعد اثلالثمائة

محمود محمد الطناحى وعبد الفتاح محمد الحلوى، دار إحياء الكتب العربية، : ، تحقيقطبقات الشافعية الكبرىتاج الدين السبكى، ( )

363، ص 3القاهرة، بدون التاريخ، ج

الكويت، الطبعة الثانية، ، دار الضياء، أهل السنة األشاعرة؛ شهادة علماء األمة وأدلتهمفوزى العنجرى، –حمد السنان ( )

33م، ص 2 2 /هـ 33

333ص ،3ج ،طبقات الشافعية الكبرىالسبكى، (3)

33المصدر السابق، ص (3)

كما اكن حمدثا، وقد أوىص عند وفاته إىل أئمة احلديث والفقه ىلع مذهب الشافىع ومنهم زكريا بن حيىي واجلماعة ( ).إمام الفقه الشافىع ببغداد( ه0 ت )ثم درس أبو احلسن الفقه ىلع أبو إسحاق المروزى ( ) (.ه03 ت )الساىج

املعزتلة ىف عرصه أىب ىلع اجلباىئ كبار رجاالت د وفاة وادله منوإن اكن اإلمام قد نشأ ىف بيت سىن إال أن زوج أمه بعجيعل األمر ملتبسا ىلع كثري من اذلين كتبوا تاريخ األشعرى حيث نسبوه إىل االعزتال مدة أربعني اعما من ( ه 0 ت )

النسبة حيث ولكن ابلعض اآلخر تشكك ىف هذه . من عمره ثم رجع عنه وأسس مذهبه اجلديد للرد ىلع آراء املعزتلةإنه قد ألف رسائل ىف بيان موقف سلف األمة ونقد موقف املعزتلة منذ وقت مبكر ىف حياته، فقد ألف رساتله إىل

أضف إىل . واملقارنة ادلقيقة بني تاريخ مودله وتاريخ اتلأيلف تقدم عكس انلتيجة األوىل ( ).ه93 أهل اثلغر سنة .همإىل منهج تدل ىلع انتماء األشعرى من أصحاب االعزتال روايات أى أننا لم جند

ولعل املراد من الروايات الىت تذكر عالقته باجلباىئ أنه ظل ىلع هذه العالقة ىف فرتة من الزمان إىل أن بلغ أربعني سنة، تعبد ىف الفقه ىلع مذهب السيما أن األشعرى ( ).ال أنه ظل ىلع االعزتال أربعني سنة، هذا إن اكن نشأ معزتيلا وإال فال

الشافىع، فضال عن أن أباه اكن من رجال احلديث، وإلمام الفقه آراء الكمية ختالف أقوال املعزتلة، مثل قوهل أن القرآن ومن . الكم اهلل غري خملوق، والقول برؤية اهلل يوم القيامة وشفاعة انلىب ملرتكىب الكبائر وبالقضاء والقدر خريه ورشه

من متعذر أن يظل معزتيلا ويتعبد ىف الفقه ىلع مذهب الشافىع، بل أن تبجيله لم يكن مقصورا ىلع ثم فقد اكن ( ) .الشافىع بل تعداه إىل سائر أئمة الفقه واحلديث وىلع رأسهم اإلمام أمحد بن حنبل

املناظرة بني األشعرى واجلباىئ

للفرتة الىت قضاها األشعرى يدرس الالكم ىلع أىب ىلع لكنىلع الرغم من عدم ثبوت اعزتايلة اإلمام ىف بواكري حياته، ، بل إنها شهدت مراجعات ألصول املذهب وفروعه،اجلباىئ هلا تأثري ىف تفكريه، إال أنها لم تكن خالصة لالعزتال

دفعا ملا يمكن أن يرد ىلع ذهنه أو دلى خصوم املذهب من ،ومسائله واجتهت حنو ابلحث العميق ىف تمحيص منهجهبناء ىلع ما أظهرت هل بعض مواطن الضعف الىت لم جيد هلا حال لكنهاو شبهات تنأى به عن ايلقني الالئق بالعقيدة،

، تحقيق محمد زاهد الكوثرى، المكتبة األزهرية للتراث، تبيين كذب المفترى فيما نسب إلى اإلمام أبى الحسن األشعرىابن عساكر، ( )

32م، ص 2 2 القاهرة، الطبعة األولى،

33، ص 3، ج طبقات الشافعية الكبرىالسبكى، ( )

33-33م، ص 2 ، الدار المصرية السعودية، القاهرة، التمهيد لدراسة علم الكالم محمد السيد الجليند،: انظر (3)

، طبعة وزارة األوقاف المجلس األعلى والمذاهب فى العالم اإلسالمى الفرق موسوعة بعبد الحميد مدكور، مادة األشعرية : انظر (3)

3 ، ص 3م، فى الهامش رقم 223 للشئون اإلسالمية، القاهرة،

، دار النهضة العربية، (األشاعرة) دراسة فلسفية آلراء الفرق اإلسالمية فى أصول الدين فى علم الكالم؛أحمد محمود صبحى، (3)

3م، المجلد الثانى، الجزء الثانى، ، ص 393 /هـ323 لخامسة، بيروت، الطبعة ا

أ يبىق ىلع مذهبه هذا أو : ، سيتكرر بعدهاولعله فوجد نفسه ىلع مفرتق طرق ىلع ما علمه من آراء علماء املذهب، ( )يتحول عنه؟

هلذا اتلحول الفكرى املعاكس ىف حياة األشعرى، ومنها املناظرة الىت جرت بينه وقد أشارت املصادر إىل عدة أسباب مؤمن، اكفر، : وىه عبارة عن سؤاهل عن مصري ثالثة أشخاص "الصالح واألصلح"وبني أىب ىلع اجلباىئ حول قضية

. صىب

املؤمن من أهل ادلرجات، : اجلباىئأيها الشيخ ما قولك ىف ثالثة؛ مؤمن واكفر وصىب؟ فقال : سأل األشعرى اجلباىئ فقالفإن أراد الصىب أن يرىق إىل أهل درجات هل : فقال األشعرى ( ).والاكفر من أهل اهللاكت، والصىب من أهل انلجاة

: فإن قال: قال األشعرى. إن املؤمن إنما نال هذه ادلرجات بالطاعة، وليس لك مثلها: ال، يقال هل: يمكن؟ قال اجلباىئكنت أعلم أنك لو بقيت : يقول اهلل: قال اجلباىئ. مىن فلو أحييتىن كنت عملت الطااعت كعمل املؤمناتلقصري ليس

علمت : فلو قال الاكفر: قال األشعرى. لعصيت ولعوقبت، فراعيت مصلحتك وأمتك قبل أن تنتىه إىل سن اتللكيف ( ).حاىل كما علمت حاهل، فهال راعيت مصلحىت مثله؟ فانقطع اجلباىئ

وما يصح إطالقه عليه تعاىل منها أى هل ىه توقيفية أم "أسماء اهلل تعاىل"ـأضاف السبىك مناظرة أخرى تتعلق بوقد :ال

ال؛ ألن العقل مشتق من العقال وهو : هل جيوز أن يسىم اهلل اعقال؟ فقال اجلباىئ: رويت أن رجال ىلع اجلباىئ فقالفعىل قياسك ال يسىم اهلل حكيما؛ ألن هذا : فقلت هل: قال أبو احلسن. قاملانع، واملنع ىف حق اهلل حمال فامتنع اإلطال

فإذا اكن اللفظ مشتقا من املنع واملنع ىلع اهلل . االسم مشتق من حكمة اللجام، وىه احلديدة املانعة لدلابة عن اخلروجفلما منعت أنت أن يسىم اهلل : قال ىل قال فلم حير جوابا إال أنه. حمال لزمك أن تمنع إطالق حكيم عليه سبحانه تعاىل

ألن طريىق ىف مأخذ أسماء اهلل اإلذن الرشىع دون القياس : فقلت هل: سبحانه اعقال وأجزت أن يسىم حكيما؟ قال ( ) .اللغوى، فأطلقت حكيما ألن الرشع أطلقه، ومنعت اعقال ألن الرشع منعه، ولو أطلقه الرشع ألطلقه

ما معىن الطاعة : فقال»، وىه عبارة عن سؤال اجلباىئ لألشعرى "الطاعة"معىن حول وذكر ابلغدادى مناظرة أخرىحقيقة الطاعة عندى موافقة اإلرادة، ولك من فعل مراد : موافقة األمر، وسأهل عن قوهل فيها، فقال اجلباىئ: عندك؟ فقال

32، ص الفرق والمذاهب فى العالم اإلسالمى موسوعة بعبد الحميد مدكور، مادة األشعرية ( )

بناء على أصول المعتزلة فى وجوب الوعد للمطيع والوعيد للعاصى ( )

، دار الفكر تاريخ المذاهب اإلسالميةمحمد أبو زهرة، : ، وانظر أيضا336، ص 3، ج لكبرىطبقات الشافعية اتاج الدين السبكى، (3)

.33، ص التمهيد لدراسة علم الكالممحمد الجليند، : وانظر. 33 م، ص 336 العربى، القاهرة،

339-333المصدر السابق، ص (3)

مطيعا لعبده إذا فعل مراده، فالزتم ذلك، يلزمك ىلع هذا األصل أن يكون اهلل تعاىل : فقال األشعرى. غريه فقد أطاعهخالفت إمجاع املسلمني وكفرت برب العاملني، ولو جاز أن يكون اهلل تعاىل مطيعا لعبده جلاز أن : فقال هل األشعرى

( ) .«يكون خاضعا هل، تعاىل اهلل عن ذلك علوا كبريا

وإنها لم ختل من ظر ومخخذ األدلة وىف ترتيبها،أبرزت هذه املناظرات جبالء اختالفا جذريا بني الرجلني ىف منهج انلولم .الىت ال تصنف ضمن األدلة احلاسمة؛ ألن الزم املذهب ليس بمذهب إال إذا الزتمه صاحبه« لزاماتإلا»طريقة

يكن األمر مقصورا ىلع بعض املسائل اجلزئية، بل يرجع إىل أمور تتعلق باملذهب ىف أصوهل الىت يقوم عليها بناؤه معارش انلاس، إنما تغيبت »ومما تشري ذلك قول منسوب إىل األشعرى عندما أعلن موقفه أمام انلاس . انلظرى ىف مجلته

( ).«دلة، ولم يرتجح عندى حق ىلع باطل وال باطل ىلع حقعنكم هذه املدة ألىن نظرت فتاكفأت عندى األ

مدكور أن هذا من أخطر ما يصاب به املفكر، السيما إذا اكن ىف جمال العقيدة، ألن تكافؤ األدلة سريىم . وقد ذكر د ال تنرص وثبات الفكر ثم يسوقه إىل رضب من الالأدرية العقيم، الىتيفتقد معهما طمأنينة القلب إىل الشك واحلرية

فكرا وال حتق حقا وال تبطل باطال، وإذا وصل املفكر إىل هذا املستوى، فكيف يتأىت هل أن يدافع عن رأى؟ ومن شأن فال سبيل أمامه ، تدفع صاحب الرأى إىل إاعدة انلظر ىف موقفه الفكر برمته، وإن لم جيد نتيجة مقنعةأن الةاحلهذه

أن ينتقل إىل مذهب أو أن يصرب عليه طويال،إال أن يستكني إىل حالة من الشك املمض اذلى لن يكون باستطاعته ( ).والقلبية ما لم يتح هل ىف املذهب اذلى اكن عليه جديد حيقق هل من السكينة العقلية

املناخ الفكر عند نشأة األشعرى

هلجرى وهو القرن اذلى شهد الرصاع بني املذاهب والفرق الالكمية نشأ األشعرى ىف نصف اثلاىن من القرن اثلالث افاكن حبق عرص االستقطاب بني مذاهب املسلمني وفرقهم؛ بني الفقهاء والصوفية، بني الصوفية واحلنابلة، . اإلسالمية

بني أهل السنة بني احلنابلة واملعزتلة، بني املعزتلة واملشبهة وخباصة مشبهة الشيعة، بني الشيعة وأهل السنة، ( ) .واخلوارج، بني اخلوارج واملرجئة

39 م، ص 223 محى الدين عبد الحميد، دار الطالئع، القاهرة، محمد : ، تحقيقالفرق بين الفرقأبو منصور البغدادى، ( )

33، ص تبيين كذب المفترىابن عساكر، : انظر ( )

3، ص الفرق والمذاهب فى العالم اإلسالمى موسوعة بعبد الحميد مدكور، مادة األشعرية (3)

33ص ،فى علم الكالم؛ األشاعرةأحمد محمود صبحى، (3)

تلك (. من املأمون إىل الواثق)قد بلغ ذلك االستقطاب ذروة احلدة ىلع سبيل املثال بني املعزتلة واحلنابلة زمن املحنة والرصاع ( ).ه04 املحنة الىت أورثت تيارا مضادا للمعزتلة منذ خالفة املتولك وبلغ ذروته زمن اخلليفة القادر اعم

، بسبب غلو املعزتلة ىف نزعتهم "حمنة خلق القرآن"بالقائم بني املذهبني يدور حول قضية خلق القرآن اذلى يسىم واكن من املتواقع أن يسود . العقلية، ونتيجة ذلك نفر انلاس من املعزتلة وتخلب الرأى العام ضدهم واحنيازه إىل احلنابلة

م من بعد إمامهم أثاروا استياء انلاس، إذ اكنوا شديدى اتلطرف ىلع املخالفني سواء من احلنابلة، ولكنهم بدورهواكن بعض ( ) أو من املذهب الالكمية أو الصوفية، -ولم يكن كذلك إمامهم–أصحاب املذاهب الفقهية األخرى

( ).يةاملنتسبني إيلهم بدورهم اغلوا ىف اجلمود والعصبية فاشتهروا بني أهل العلم باحلشو

فجاء أبو احلسن األشعرى يقدم . هذا وقد اكنت تسود العرص حاجة فكرية ملحة إىل احللول الوسطى واآلراء املعتدلةواستدعت سمات عديدة من " السلىف –االعزتاىل "صورة جديدة للوسطية اإلسالمية كرست حدة االستقطاب

كنه سىع إىل اتلوسط بينهما يلأخذ بإجيابيات لك منهما املذهبني، فلم يرقه اتلطرف املعزتىل وال الغلو السلىف، ل ( ).ويمكن القول أن املذهب األشعرى اكن رد فعل مضادا ملا ذهب إيله املعزتلة ( ) .ويرفض سلبياتهما

وىف هذا اتلحول ربما أعجب األشعرى بادلور اذلى قام به اإلمام الشافىع ىف اتلوسط بني أهل احلديث وأهل الرأى، ن أهل الرأى يعيبون أهل احلديث باإلكثار من الروايات لكنهم اعجزون عن انلظر واجلدل وضعاف ىف حيث اك

بينما أهل احلديث يعيبون أهل الرأى بأنهم يأخذون ىف دينهم . االستنباط وىف القدرة ىلع دفع الشبهات من احلديث بمذهبه اجلديد اكن قد درس املذهبني والحظ فلما جاء الشافىع. بالظن ألنهم يقدمون القياس اجلىل ىلع خرب الواحد

( ) .ما فيهما من نقص بدا هل أن يكمله

33المرجع السابق، ص ( )

33-36المرجع السابق، ص ( )

لقب تحقير أطلق على : والحشوية بتسكين الشين وفتحها، أو أهل الحشو. الحشو لغة ما يمأل به الوسادة أو الحشية و غير ذلك: الحشوية (3)

التجسيم من غير نقد، بل فضلوها على غيرها وأخذوها أولئك الفريق من أصحاب الحديث الذين اعتقدوا بصحة األحاديث المسرفة فى

: وقد انتشر تيار الحشو بصفة عامة ضمن دائرتين .بظاهر لفظها

ونمت فيه التيارات المختلفة والنزعات المتعارضة، ثم ظهر الغالة . فقد ساد المجتمع الشيعى ألوان من السرية والغموض: دائرة الشيعة -

بغية إبراز إطار معين لتمجيد أهل البيت واألئمة –رواية أو دراية –ى هللا عليه وسلم ما ال تحتمل منهم فحملوا أحاديث النبى صل

.جميعاوفى مقدمتهم مضر بن محمد بن خلد بن الوليد، وأبو محمد الضبى األسدى الكوفى، وكهمس بن (: حشوية الرواة) دائرة أهل الحديث -

كما أنهم . وقد مثل هؤالء الحشو الهائل فى أحاديثهم الضعيفة، فأجازوا على هللا تعالى المالمسة والمصافحة والمزاورة. الحسن وغيرهم

ريم من االستواء واليدين والجنب واإلتيان والمجىء والفوقية إثباتا ماديا، أى إنهم أجروها على أثبتوا له ما ورد فى فى القرآن الك

.ظاهرها، ويعد النزوع إلى الفهم الحرفى لتلك النصوص مما يؤدى إلى التشبيه والتجسيم 633-636، ص موسوعة الفرق والمذاهب فى العالم اإلسالمىبـ المجسمةمادة أشرف سعد،: انظر

33ص ،م222 القاهرة، مصر، نهضة مكتبة ،الوسيط فى المذاهب والمصطلحات اإلسالمية محمد عمارة، (3)

33، ص الفرق والمذاهب فى العالم اإلسالمى موسوعة ب األشعريةعبد الحميد مدكور، مادة (3)

33 ، 3 م، ص 2 2 العامة للكتاب، القاهرة، ، الهيئة المصريةتمهيد لتاريخ الفلسفة اإلسالميةمصطفى عبد الرازق، (6)

اكن األشعرى ىلع وىع أنه ينتظر دور مماثل ىف األصول ىف الرصاع ادلائر ىف عرصه بني غلو املعزتلة ىف العقل ووقوف واجلدير ( ).انقالب األشعرى ىلع االعزتالب احلنىف هاحلنابلة عند انلقل، مع مالحظة أن الشافىع لم ينقلب ىلع املذ

باذلكر أن أبا احلسن األشعرى لم يظهر كمؤسس املذهب ىف الالكم جديد، وال ىلع أن هل رأيا مستحدثا، وإنما حرص (. أهل السنة واجلماعة)تمام احلرص كما حرص أتباعه ىلع أن يظهروه للصحابة واتلابعني والفقهاء ورجال احلديث

( ) .شعرى بذلك أن يمهد لإلعرتاف بعلم الالكم وأن جيعل منه أحد علوم ادلينفاستطاع األ

منهج األشعرى

شلك معالم تفكري األشعرى وأثمر قيامه اإلمام ما نشأعند املناخ الفكرى ت الفرتة الىت قضاها مع اجلباىئ وكذلكاكنالوسط جيمع بني انلقل تحول من الزنعة العقلية عند املعزتلة إىل اجتاه معتدل معرب عن احلل بثورة ضد املعزتلة، ف

:ومن هنا يمكننا أن نلخص خصائص فكره ومنهجه العام ىف دراسة مسائل العقيدة، وىه. والعقل معا

املنهج الوسطى: أوالا

ا من شأن العقل ىلع حساب انلصوص الرشعية يقدم األشعرى منهجا جديدا ملواجهة موقف املعزتلة اذلى أىلع كثرياذلى ازداد مجودا ىلع " اتليار السلىف"وجعله حاكما ىف مسائل االعتقاد، هذا من جانب، ومن جانب آخر مواجهة

فأخذ اإلمام موقفا . الصفات اخلربية، ففهمها بعضهم ىلع حنو فهمهم لصفات املخلوقني، فوقعوا ىف التشبيه واتلجسيموبعبارة أخرى اكن هذا املنهج منهجا . ملغالني وهو موقف جديد جيمع بني العقل وانلص فيما يمكن مجعهوسطا بني ا

وسطا بني من أنكروا صفاته العلية سبحانه وتعاىل، وبني من أساؤوا الظن باهلل فتفكروا ىف ذاته تعاىل فوقعوا ىف فجمعت مجهور األمة " السلىف –االعزتاىل "ستقطاب برزت هذه الوسطية األشعرية ىف مناخ االوقد . اتلجسيم أو اكدوا . وحققت وحدتها

ومثال ذلك ما ذكره ابن عساكر معربا عن رأى األشعرى ىف قضية رؤية ابلارى اذلى حياول اتلوسط بني الفرق الغايلة املرئيات، وقالت قالت احلشوية املشبهة إن اهلل سبحانه تعاىل يرى مكيفا حمدودا كسائر» اكملعزتلة واملجسمة فقال

املعزتلة واجلهمية وانلجارية إنه سبحانه ال يرى حبال من األحوال، فسلك رىض اهلل عنه طريقة بينهما فقال يرى من ( ).«غري حلول وال حدود وال تكييف

33، ص فى علم الكالم؛ األشاعرةأحمد محمود صبحى، ( )

6 المرجع السابق، ص ( )

3 ، ص تبيين كذب المفترىابن عساكر، (3)

االلزتام من مزيد إىل امليل من تراوح بل تماما، الوسط هذا يبلغ لم أنه يبدو أننا لو نظرنا إىل مؤلفاته ومن املالحظىلع الرغم ( ).«اللمع» من يفهم قد كما العقىل اتلأويل من ىشء إىل والزنوع ،«اإلبانة» من يتبني كما األمر أول بانلص

السنية ادلينية العقائد عن ادلفاع يف وظفه اذلي املتجدد الوسطي املنهج بهذا األشعري اإلمام استطاع لقدمن ذلك، احلرفية القراءة أو العقدية للنصوص الضيقة انلظرة مستوى وجهة نظر املسلمني من ىف حتويل يتدرج أن اجلماعية

اتلفكري من اعل مستوى إىل –إسالميا املرفوضة اتلجسيم عقيدة تكريس إىل حتما تنتيه اليت – للنصوص تللكاوبهذه الوسطية .متعايلة تفصيلية صورة يف اتلزنيه حيقق اذلي املسدد العقالين استطاع هذا الفكر أن يصمد أيضا

. أمام خمتلف اتليارات الفكرية اليت عرفتها احلياة اإلسالمية ووجد طريقه لالنتشار بني خمتلف أقطار العالم اإلساليم

االنتساب إىل السلف: ثانياا

عرض تلأويله انتسابه إىل ما اكن عليه السلف من إتباع ملنهج الكتاب والسنة انلبوية، فأخذ بظاهر انلص وعدم اتلألن السمع عند األشعرى . بغري حجة، فإذا عدمت احلجة فليبق انلص ىلع ظاهره مع اتلزنيه الالئق جبالل اهلل تعاىل

جيب واألفعال، الصفات آيات من املتشابه يف داخل هو ما وذلا قرر أن لك ( )،«ظاهر وباطن وفيه حمكم ومتشابه» تدعو حجة وجود عند إال املجاز، إىل منه يشء إخراج جيوز والكيف، دون احلقييق بمعناه وتفسريه ظاهره ىلع فهمه

( ).ردها إىل انلصوص املحكمة الىت ال ختتلف حقائقها مع األدلة العقليةأن ي بعبارة أخرىو ،ذلك إىل

عما اكنت لم يبدع رأيا، ولم ينش مذهبا، وإنما هو مقرر ملذاهب السلف، مناضل»وىف هذا قرر السبىك أن أبا احلسن ىف صدر كتابه كما أن األشعرى نفسه رصح هذا االنتساب بقوهل. ( ) «عليه صحابة رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم

اتلمسك بكتاب اهلل ربنا عز وجل، وبسنة نبينا صىل اهلل عليه : قونلا اذلى نقول به، وديانتنا الىت ندين بها» "اإلبانة"واتلابعني وأئمة احلديث، وحنن بذلك معتصمون، وبما اكن يقول به أبو عبد اهلل وسلم، وما روى عن السادة الصحابة

( ).«أمحد بن حممد بن حنبل

اإلسالمية، باكستان، الطبعة الثانية، ، إدارة القرآن والعلوم مدخل إلى دراسة علم الكالمحسن محمود الشافعى، : انظر ( )

92م، ص 22 /هـ 3

أحمد عبد الرحيم السايح، مكتبة الثقافة : إمام أهل السنة، تحقيق مقاالت الشيخ أبى الحسن األشعرىمحمد بن الحسن بن فورك، ( )

336م، ص 223 /هـ3 3 الدينية، القاهرة، الطبعة األولى،

ومما يجب فى حكم النظر أن يبتدئ الناظر بالنظر فى العقليات ألنها األصل والسمعيات فرع، واألصل أول »قال األشعرى فى ذلك (3)

فإن رأى فى ظاهره ما يدل . فإذا فرغ مما يوجبه العقل عرض ما حصل له على السمع .والواجب إحكام األول قبل الثانى والفرع ثان،

ريد، وإن لم يتسق ذلك فى ظاهره لمشابهته لغيره فليعلم أن باطنه موافق له وأن ذلك لتقصير وقع فى معرفته، على موافقته فذاك الذى ي

336المصدر السابق، ص «برده إلى المحكمثم يطلب ذلك

363، ص 3، ج طبقات الشافعية الكبرىالسبكى، (3)

بيروت، الطبعة الرابعة، –بشير محمد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق : ق، تحقياإلبانة عن أصول الديانةأبو الحسن األشعرى، (3)

33م، ص 2 2 /هـ 33

إاعدة عرض مسائل الالكم ىلع روح انلقل: ثاثلاا

واملسائل الىت وضعت لألشعرى واملتلكمني ىه عني املسائل الىت شغلت بال املعزتلة، ولكن األشعرى مع ادليلل وإن البد من اإليمان أن ىف ادلين أحاكما ، فرأى أنهبيت االعزتال، فأاعد انلظر ىف مسائل الالكم ىلع روح انلقلاكن ىف ألن ذلك مبدأ جوهرى ىف االعتقاد وال يكون بدونه إيمان، وما عىس أن يكون دين إذا استباح اإلنسان ،توقيفية

( ).ما مع مفهوم اإليمان وما يقتضيه من تصديق وتسليملعقله أن خيوض ىف لك فعل أو أمر إلىه، إن ذلك يتناىف تما

األشعرى واجلباىئ حول أفعال اهلل وأسمائه تعاىل اكنت خري ديلل ىلع أن العقل اإلنساىن قارص عن بني فاملناظرةع ىف اإلحاطة باحلكمة ىف أفعال اهلل، ألن الفعل اإللىه ال خيضع تلقييم العقل البرشى وموازينه، وأن يكون املرج

. اللغة ألقيسة فيها اإلتباع جيوز والحتديد أسماء اهلل السمع

العقل عند ف. وال يعىن ذلك إنكار األشعرى للعقل ىف مسائل العقيدة، وإنما يكون موقفهم إىل السمع أقرب وأرجحيتمثل يف الكشف عن أنه الكم اهلل وأن حممداا نصدرياملدور العقل أمام و ،خادم نلص القرآن وصحيح السنة ماماإل

حرص الشيخ ىلع إقامة بل .يتمثل يف دعم لك ما قرره بيان اهلل أو سنة رسوهل بالرباهني العقلية ثمعبده ورسوهل، الة رس"و" اللمع"و" ةاإلبان"اتلوازن وتكامل بني األدلة الرشعية واألدلة العقلية، ويظهر هذا فيما ذكره من اآلراء ىف

".أهل اثلغر

موضوعية األشعرى ونزاهته العلمية: رابعاا

انلظر إىل أقوال أصحاب اآلراء واملذاهب ىلع حنو جيعل الغاية ىه ابلحث عن احلق أيا اكن قائله، ويكون معيار احلق وينبىغ أن ال »وىف ذلك قال الشيخ . فلك اآلراء تعارض عنهما اعتربها خصوما هل. عنده هو الكتاب والسنة انلبوية

جيعل ضعف املحق فيما أضاف إىل حقه من ابلاطل ديلال ىلع فساد سائر أقاويله، وال قوة املبطل ىف أكرث اقاويله ( ).«شاهدا ىلع صوابه ىف مجيع اعتقاده

لىك يىق . والبد من إدامة انلظر ىف لك قول، حبثا عن اخلطأ والصواب فيه دون الوقوع ىف االستهواء الىت تغرر بصاحبهاأن يكون »وذللك قال األشعرى . صاحبه من العصبية ملن هو ىلع مثل رأيه أو العصبية املانعة هل من إنصاف خصمه

ومىت . فيجب أن يكشف هل انلظر عن صحته وفساد ما خالفه. لقومه مذهب قد شهروا به فتميل نفسه إيله عصبية

، الفرق والمذهب اإلسالمية منذ البداياتسعد رستم، : ، وانظر أيضا33، ص فى علم الكالم؛ األشاعرةأحمد محمود صبحى، : انظر ( )

3 م، ص 223 دار األوائل، سورية، الطبعة السابعة،

333، ص مقاالت الشيخ أبى الحسن األشعرى إمام أهل السنةابن فورك، ( )

مالت انلفس إىل أحد املذهبني برضب من امليل استكرث قليله واستقل كثري ضده ىلع قدر ميله، وذلك يرض به رضرا ( ).«بينا وال يسلم منه غال باتلفقد الشديد واتلأمل الشاىف

انلحو اذلي نراه يف صنيع كثري ممن جاؤوا من بعده، وإنما اكن يعود لم يكن يتبسط يف ممارسة علم الالكم، ىلعواإلمام وهلذا . ملكما اضطره األمر إىل الرد ىلع املتشدقني بها من املعزتلة واحلشوية والقدرية وأرضابه الالكمية سائلاملإىل

اكن ال يتلكم يف »األشعري روى السبيك أن وقد .اكن األشعرى حريصا ىف الرد ىلع خصومه ىف مجيع مؤلفاتهالسبب ( ).«علم الالكم إال حيث جيب عليه نرصاا لدلين ودفعاا للمبطلني

وىلع الرغم من ذلك فإن األشعرى استطاع أن يمهد لالعرتاف بعلم الالكم وأن جيعل منه أحد علوم ادلين، بل وأن ( ).حيسن للعلماء اخلوض فيه، فأزال بذلك حرجهم عن اتلعرض جلليل الالكم

هذه ىه بعض قواعد فكر األشعرى ىف مسائل العقيدة، وىه تدل ىلع علم وثيق، ونظر عميق، وسماحة عقلية دينية أشهد ىلع أىن ال أكفر أحدا من أهل هذه القبلة ألن اللك يشريون إىل »ىف انلظر إىل اخلصوم، ويتضح ذلك ىف قوهل

( ) «معبود واحد، وإنما هذا لكه اختالف العبارات

عدم يعين اذلي الفروع يف املجتهدين تصويب عن اإلعالن ثم تكفريهم، جيوز ال مسلمني القبلة أهل مجيع فاالعتبار طرف لك يف الصواب من بقدر االعرتاف تعين اليت األدلة تكافئ مسألة إىل إضافة أيضا، القبلة أهل من أحد تكفري

قمة يمثل اذلي األشعري الفكر جيعل األشعري، املذهب أساس هو اذلي اتلوسط يصححه املتقابلني الطرفني من .انلفع أجل وينفعها املعارصة ادلينية حياتنا مع تماما منسجما األساسية املبادئ هذه عن بإعالنه ادليين التسامح

اخلاتمة

األشعرى لم يبتدع رأيا، ولم ينشأ مذهبا، وإنما مقررا ملذهب السلف، مناضال عن احلق اإلمام أن مما سبق خالصةو الكم أنه أيقن اذلي انلص إىل يسلمه العقل إن ثم العقل، مع العلمية رحلته يبدأ .وأصحابه ملسو هيلع هللا ىلصاذلى ترك رسول اهلل

مفتاحاا العربية ادلالالت قواعد من ذاا متخ ومعانيه، مضامينه ىلع للوقوف بالعقل يستعني إنه ثم رسوهل، الكم أو اهلل: القائل اهلل وصدق. إيله يدعون ما لك يف العقل مع يتعاملوا أن: عباده إىل اهلل من املوجه األمر هو وهذا. ذلك بللوغمع إن علم به لك ليس ما تقف ﴿وال ولـئك لكل والفؤاد وابلرص الس

[ : اإلرساء]مسؤوالا﴾ عنه اكن أ

333المصدر السابق، ( )

332، ص 3، ج طبقات الشافعية الكبرىتاج الدين السبكى، ( )

6 ، ص فى علم الكالم؛ األشاعرةأحمد محمود صبحى، (3)

3 المصدر السابق، ص (3)

أن إرساء قواعد اتلفكري املنهىج ومناهجه ىف اتلفكري، اإلمام األشعرى حياة ستفادة من اال أهم احلاجة الىت يمكنوألنه ينقل دائرة تعامل العقل املسلم من دائرة اتلكفري واللغة االتهامية والسجايلة، إىل دائرة اتلفكري ال تنكر، رضورة

األمة اإلسالمية ابتليت بفئة ترسعت ىف اتلخطئة وبادرت وحنن نشاهد ايلوم أن كثريا من . بالظواهر والعوالم املختلفة . إىل القول باتلضليل واتلكفري دون تثبت وال روي ة

وإننا ايلوم ىف أمس احلاجة إىل الوحدة واتلجمع لىك تتخطى أمتنا عرص الظلمات الىت تتخبط فيه، ولن يتم نلا ذلك من ابلاحث ىف العلوم اإلسالمية خاصة ىف العقيدة أن ىلع لك من العالم أو ينبىغ وذللك. خالل مناهج اتلبديع واتلكفري

فاجلنوح للتكفري هو عمل سهل ويسري، أما االجتاه صوب عمليات .كريهىف تف وإثبات الضوابط الرشعية يرىس املنهجوإذا اكن اتلكفري يورث كثريا من املخىس والظواهر انلكدة، فإن اتلفكري ينىم .اتلفكري فهو نصب وكد واجتهاد

. الطاقات اذلهنية ويرىق اإلماكنات املنهجية برشط أن يكون عميقا ومنظما ومستنريا

أن غياب املنهج وفقدان الضوابط الرشعية يؤديان إىل الفوىض : اتلنبيه املستمرىت ىه ىف حاجة إىل ومن احلقائق الالفكرية ىف احلياة العلمية واثلقافية، وهو يتمثل ىف ضياع املقاييس وكرثة اتلكرار واالجرتار واتلبعرث، وضياع الرؤية

مقياسه الصحيح، وقومت ابلناء ىلع غري أسسه، ودرست فقاست الواقع لألمة بغري. الشاملة، وعدم إبصار األولويات !!!اعترب احلضارة الغربية وعلومها ىه املقياس للك حضارةكمن . ظواهره بغري أجبديتها وعنارص خصوصيتها

املصادر واملراجعثبت

السايح، الرحيم عبد أمحد: حتقيق ،السنة أهل إمام األشعرى احلسن أىب الشيخ مقاالت احلسن، بن حممد :فورك بنا م 00 /ه األوىل، الطبعة القاهرة، ادلينية، اثلقافة مكتبة

م 99 القاهرة، العرىب، الفكر دار ،اإلسالمية املذاهب تاريخ حممد، :زهرة أبو

الطبعة بريوت، – دمشق ابليان، دار مكتبة عيون، حممد بشري: حتقيق ،ادليانة أصول عن اإلبانة احلسن، أبو :األشعرى م0 0 /ه الرابعة،

م009 القاهرة، الطالئع، دار احلميد، عبد ادلين مىح حممد: حتقيق ،الفرق بني الفرق منصور، أبو :ابلغدادى

م 0 القاهرة، السعودية، املرصية ادلار ،الالكم علم دلراسة اتلمهيد السيد، حممد :اجلليند

م0 0 القاهرة، للكتاب، العامة املرصية اهليئة ،اإلسالمية الفلسفة تلاريخ تمهيد عبد، مصطىف :الرازق

إحياء دار احللوى، حممد الفتاح وعبد الطناىح حممد حممود: حتقيق ،الكربى الشافعية طبقات ادلين، تاج :السبىك اتلاريخ بدون اجلزء اثلالث، ، القاهرة، العربية، الكتب

الطبعة الكويت، الضياء، دار ،وأدتلهم األمة علماء شهادة األشاعرة؛ السنة أهل العنجرى، فوزى – محد :السنان م0 0 /ه اثلانية،

اثلانية، الطبعة باكستان، اإلسالمية، والعلوم القرآن إدارة ،الالكم علم دراسة إىل مدخل حممود، حسن :الشافىع م 00 /ه

م009 السابعة، الطبعة سورية، األوائل، دار ،ابلدايات منذ اإلسالمية واملذهب الفرق سعد، :رستم

انلهضة دار ،(األشاعرة) ادلين أصول ىف اإلسالمية الفرق آلراء فلسفية دراسة الالكم؛ علم ىف حممود، أمحد :صبىح م 94 /ه 0 ، اثلاىن اجلزء اثلاىن، املجدل ،اخلامسة الطبعة بريوت، العربية،

م000 القاهرة، مرص، نهضة مكتبة ،اإلسالمية واملصطلحات املذاهب ىف الوسيط حممد، :عمارة

م003 القاهرة، اإلسالمية، للشئون األىلع املجلس األوقاف وزارة طبعة ،اإلسالىم العالم ىف واملذاهب الفرق موسوعة