التوجيهات اللغوية للقراءت القرانية في اعراب القران...

Post on 25-Apr-2023

4 views 0 download

Transcript of التوجيهات اللغوية للقراءت القرانية في اعراب القران...

وزارة التعليم العايل و البحث العلمي جامعة حممد خيضر ـ بسكرة

كلية اآلداب و اللغات اآلداب و اللغة العربيةقسم

التوجيه اللغوي للقراءات القرآنية من خالل اسحكتاب إعراب القرآن أليب جعفر الن

لنيل شهادة املاجستري يف علوم اللسان العريبمذكرة مقدمة

:الدكتور إشراف األستاذ : البـإعداد الط

شلوايعمار حلميديلعمري

:أعضاء جلنة املناقشة الصفة اجلامعة الرتبة االسم و اللقب

رئيسا بسكرة أستاذ حممد خان . د .أ مشرفا و مقررا بسكرة أستاذ ار شلوايعم. د عضوا مناقشا بسكرة أستاذ رابح بومعزة. د

عضوا مناقشا ةـباتن .أ. أستاذ حماضر السعيد بن إبراهيم. د

2011 ـ 2010: هـ املوافق 1432 ـ 1431: السنة اجلامعية

املوضوعاتفهرس

الصفحة :املوضوع مقدمة 33 – 1 :التمهيد 09 – 1 التعريف بأيب جعفر النحاس 33 – 10 التعريف بكتابه إعراب القرآن 87 – 35 أسس نظرية:الفصل األول 55 – 35 ضبط املفاهيم: املبحث األول 49 – 35 القراءةمفهوم 55 – 50 مفهوم التوجيه اللغوي 70 – 56 القراءات و اللهجات العربية القدمية: املبحث الثاين 60 تعريف اللهجة 61 هلجة احلجاز يف القراءات 64 هلجة متيم يف القراءات 67 ظاهرة اإلعراب يف القراءات 87 – 71 يالقراءات يف الدرس النحو: املبحث الثالث 77 االستشهاد

82 التأويل 85 الرد و التضعيف

169 – 88 للقراءاتالتوجيه الصويت و الصريف: الفصل الثاين 116 – 89 يةوتالظواهر الص: املبحث األول

95 – 89 اهلمز 103 – 96 اإلدغام 111 – 104 اإلتباع

116 – 112 التخفيف 140 – 117 الظواهر الصرفية يف األفعال :املبحث الثاين 124 – 117 الفعل من حيث التجرد و الزيادة 133 – 125 البناء للمعلوم و البناء للمجهولالفعل من حيث 140 – 134 اختالف حركة عني املضارعةالفعل من حيث 169 – 141 الظواهر الصرفية يف األمساء: املبحث الثالث 149 – 141 االختالف بني املصدر و اسم املصدر

157 – 150 االختالف يف املشتق 169 – 158 االختالف بني املفرد و اجلمع

217 – 170 للقراءاتالتوجيه النحوي: الفصل الثالث 196 – 170 احلذف

207 – 197 احلمل على املعىن 217 – 208 اإلعراب على املوضع

220 – 218 اخلامتة 231 - 221 قائمة املصادر و املراجع

إيذانا بتحول حاسم يف حياة العرب ، إذ هلت عليهم بفضله حيـاة كان نزول القرآن الكرمي على النيب حممد

الوحدة و القوة و السداد ، بعد أن عاشوا قبله زمنا يف تشرذم و ضعف و ضالل ، و فتح أمامهم أبـواب التـاريخ للعاملني ، غري أن هذا التحول مل يتم بني عشية و ضحاها ، فقد سالم رمحة اإلفدخلوه دخول املنتصرين ، حاملني راية

كان ككل حتول عميق خماضا عسريا ، القى فيه املسلمون األولون من احملن و اآلالم ما القوا ، فصربوا أمام الـبالء ، .م باد و اخللود و حتملوا عبء الرسالة السماوية ، فكان عاقبة ذلك أن مكن اهللا هلم يف األرض ، و كنف سري

شعوبا و قبائل قد تباينت مضارا ، و تباعدت مساكنها ، و اختلفـت ، زمن نزول الوحي ، و ملا كانت العرب ـ حظوظها من احلضارة و البداوة ، و تفاوت اتصاهلا مبن قارا من األمم األجنبية ، فكان ا أن يعمـل يف هـذا حري

م ألسنتها فيؤدي إىل تعدد هلجا ا ، فأذن اهللا لنبيه أن يؤدي إليهم الوحي على حسب ما تعودوه من منطوقهم رفقا، على و توسيعا عليهم ، فكان كل فريق منهم يقرأه على ما نشأ عليه من هلجة أبائه و أجداده ، و قد توارثت األجيال

ها يف فترة الحقة من تاريخ اإلسالم تسمية طلق علي هذه األضرب املختلفة من أداء النص القرآين ، و اليت أ مر العصور .نية آالقراءات القر

عين املسلمون كما هو معروف بالقرآن الكرمي عناية بالغة ، فحفظوه يف صدورهم ، و دونـوه يف املـصاحف ، إىل إنشاء علم ـ بني قارئيه يستشري اللحنرأواو أدخلوا على هذه تعديالت متعاقبة يف الرسم ، مث عمدوا ـ و قد

،النحو الذي قيض له أن يكون أداة تصون األلسنة من الزلل يف تالوة القرآن ، و وسيلة تعني علـى تفهـم معانيـه .و تساعد يف استنباط مقاصده

دهم و احلقيقة اليت ال جدال فيها أن النحاة اضطلعوا ذه املهمة و أدوها على أحسن وجه ممكن ، فلم يبخلوا جبهو يف حفظ كتاب اهللا و دراسته وفق نظريتهم النحوية ، و اجتهدوا ما أمكنهم االجتـهاد يف سـبيل توجيـه قراءاتـه

و خترجيها على ما أصالعصور من املؤلفات ما ال يدخل حتت حصر لوه من قواعد ، و الفوا يف ذلك على مر . من أهم املؤلفات النحوية اليت تناولت القـراءات القرآنيـة " رآن إعراب الق " و ميكننا القول أن كتاب أيب جعفر

بالدرس و التوجيه ، فقد خص يف كتابه للقراءات حيزا معتربا ، عرض فيه بنشاط ال يعرف الكلـل آراء النحـويني النحوية ، فكان الصوتية و الصرفية و : الكوفيني السابقني عليه ممن تطرقوا للقراءات من جوانبها املختلفة والبصريني

اعتمدوها يف احلكم عليها دون تعصب منه ملدرسة بعينها ، متبنيا آخـر و مقاييسهم اليت يناقش مذاهبهم يف توجيهها . و عامدا حينا آخر إىل إبداء اجتهاده اخلاص إذا مل جيد عند سابقيه ما يقنعه ،األمر ما ارتآه منها صحيحا حينا

ذ من التوجيه اللغوي للقراءات القرآنية عند أيب جعفر النحاس موضوعا لرساليت هـذه و قد استقر رأيي على أن أخت يف املاجستري ، حيملين إىل ذلك مجلة من الدوافع يأيت يف مقدمتها رغبيت يف تعميق معرفيت بالقراءات القرآنية باعتبارها

اه نديثا ، و منها الـذهاب بعيـدا يف اسـتك متثل قطاعا واسعا من التراث ، حظي بأقالم كثري من األعالم قدميا و ح .القضايا النحوية اليت طاملا وقفت عند ختومها حائرا مترددا ، و منها خدمة تراثنا بدراسة أثر جليل من آثاره

التحليل الذي أعملتـه يف أسلوب اعتمدت على و إذ أن موضوع رساليت يندرج ضمن الدراسات التوثيقية ، فقد و ما أسعفتين به املصادر " إعراب القرآن " بيانات اليت مجعتها من مضاا ، أعين بذلك كتاب أيب جعفر املعطيات و ال

و املراجع مما ميت بصلة ملوضوع الدراسة ، كما أفسحت جماال واسعا لوجهة النظر التارخيية يف تناول الظواهر اللغوية هي مثـل الداخلة يف إطار حبثي اعتقادا مين بأا ليست ثابتة قارة تستعصي على قوى التغيري على مر األزمان ، و إمنا

.اع اإلنساين عرضة للتحول و التغري غريها من الظواهر اليت تنتج عن االجتم و ملا كان من شان كل حبث علمي أن ينبين لإلجابة عن إشكالية معينة تدفع بالدارس إىل البحث و التقصي ، فإن

و النحـو و العالقـة عنه هو طبيعة تصور أيب جعفر النحاس للقراءات افما حرصت يف رساليت على تقدمي تصور و و ما هي األدوات النحوية اليت وظفها يف توجيه القراءات ، و ما مدى إسهامه يف هذا اال ، و مـا القائمة بينهما ،

.هو النجاح الذي حققه يف مسعاه هذا قياسا إىل من سبقه و من حلقه من النحاة تعني ا ، و أستمد و الدراسات أس و قد محلتين طبيعة موضوع حبثي على العودة إىل الكثري من املصادر و املراجع

كتـب أساسـا هذه املـصادر و املراجـع جمال مشلمنها ما يعينين على إخراج عملي هذا على أكمل وجه ، و قد ، سواء يف ذلـك مـا مادة القراءات توجيه و الدراسات اليت توسلت بالنظرية النحوية يف ،و كتب النحو، القراءات

.كان منها قدميا أو حديثا صـاحب احملطات يف حيـاة فيه أوال إىل أهم تطرقت حبثي على ثالثة فصول مهدت هلا بتمهيد مادةو توزعت

على قدر ما أسعفتين أن أرسم ملمحا صادقا لشخصيته ، إىل ذلك ، باختصار ، و حاولت الكتاب أيب جعفر النحاس ،" إعـراب القـرآن " مضمون كتابه صورة سعيت يف أن جتمع بني اإلمجال و التدقيق عن ثانيا ، و قدمت املصادر

وضوع الرسالة ، فتناولت يف املبحث األول ضبط مفهومي القراءات مل نظرية أسساضمنته ىل و عقدت بعدها فصال أو و حتتـه تعريـف للهجـة ، مث ، القراءات و اللهجات العربية القدميةو التوجيه اللغوي ، و تناولت يف املبحث الثاين

جت على ظـاهرة ، و أخريا عر و قراءاته و مدى جتلي كل منهما يف النص القرآين حلجاز فلهجة متيم تعريف للهجة ا و القـراءات القرآنيـة و الـذي لدرس النحوي لو خصصت املبحث الثالث اإلعراب من جهة عالقتها بالقراءات ،

.و تضعيفها ها ، و ردهلا هم ، و تأويلموقع القراءات من عملية االستشهاد عند النحاة: اشتمل على العناصر التالية و انـدرج حتـت ، ا أبو جعفـر اليت أمل يف القراءات الصوتية و الصرفية الظواهرلدراسة الفصل الثاين أفردت و

مـا التخفيف ، و اندرج حتت املستوى الصريف ، اإلتباع ، اإلدغام ، اهلمز : العناصر التالية كل من ة الصوتي املسائلالفعل من حيث التجرد و الزيادة ، الفعل من حيث اختالف حركة عني املضارعة ، الفعل من حيـث البنـاء : يلي

و اسم املصدر ، االختالف يف املشتق ، االختالف بـني املفـرد للمعلوم و البناء للمجهول ، االختالف بني املصدر .و اجلمع

احلذف ، احلمل علـى : إىل ثالثة مباحث هي ه النحوي للقراءات الذي أخذ عنوان التوجي و انقسم الفصل الثالث ، و شفعته خبامتة اشتملت على أهم النتائج البارزة و العامة اليت انكـشفت يل خـالل اإلعراب على املوضع واملعىن

اي عمار ، إىل أستاذي املشرف على هذا البحث الدكتور شلو و التقدير و يف األخري أتقدم بالشكر .مسار حبثي هذا . فائدة يل و لغريي ، و باهللا التوفيق عملي هذايف أن يكون راجيا

احلميدي العمري: الباحث

الــتمهيـد

.التعريف بأيب جعفر النحاس ـ . التعريف بكتابه إعراب القرآن ـ

1

اس التعريف بأيب جعفر النح

إذا كان ، و أرسخهم قدما يف علوم العربية من و ، يف البالد املصرية لنحو ا رواد علم أبرز اس من أبو جعفر النح ، بـسعة علمـه منـهم فإنه فاق من سـبقه و عاصـره ، يف الطبقة الثالثة من النحاة ذا القطر أحله قد الزبيدي

علم النحو مبصر و مـا لتوطني ال يف إليه يرجع حبيث ال نغايل إذا قلنا أن الفضل األكرب ،كثرة طلبته، و و وفرة مؤلفاته لك هذا العلم عن احتكار علمـاء العـراق ذ فخرج ب . وصوال إىل األندلس العربية اإلسالمية بلدانالكان غرا من

.م منه من كان حمسوبا و ال يؤلف فيه إال صوم ، زمن مل يكن يسمع فيه إال بعد أن مر،و جتاوز حدود محاهم و هو بعـد ، و ال جندها ختتلف إال يف لقبه إمساعيلتتفق كتب التراجم على امسه و نسبه فهو أمحد بن حممد بن

الناسخ و املنسوخ " طرة األصل املخطوط من كتابه يف لهأثبت بينما )1(اسه بالنح تبفأكثرها لق ، يسري اختالف هني هـذا سـبب ، و لعل فيما ذكره ابن خلكان يف ترمجته ما يوضـح أيضا )2(به القفطي ، و ذا لق "ارالصف" لقب "

فمن هذا حيق لنا أن نستنتج أن ، )3(اساالختالف ، فقد كتب أن أهل مصر يسمون من يعمل األواين الصفرية النح .اجلهة ه هذمن" ارالصف" و" اس النح " لقيبحلقهو أن ابنها قد ،أسرة أيب جعفر قد امتهنت صناعة األواين النحاسية

و خطواته األوىل يف طريق حتصيل العلم ، ، و ظروف نشأته ، ال يسعفنا من ترمجوا حلياته يف معرفة تاريخ مولده و حلقات املساجد لث اهلجري ، و أنه تردد على الكتاتيب ابيد أنه ميكننا القول أنه ولد يف النصف الثاين من القرن الث

و يتزود بشيء مـن ، و حيفظ ما يتيسر من القرآن الكرمي ، تعلم مبادئ العربية ينه من كان يف مثل س كما هو شأن و يبدو أن ميله لدراسـة العلم ، يتقدم أشواطا أبعد يف طلب نبوغه قد محله على أن من املؤكد أن ، و العلوم الدينية

مد بن الوليد التميمي ، و كان هـذا النحو قد قاده إىل جملس أبرز حناة مصر يف ذلك الزمن و نقصد به أبا احلسن حم ، و ال يبعـد أن يكـون )4( ونسخ عنه كتاب سيبويه ، دتعلم على يد املرب و، إىل العراق يف شبابه النحوي قد سافر

.األستاذ هو من ألقى يف روع تلميذه فكرة االرحتال إىل العراق طلبا للعلم :رحلته إىل العراق

م 1980 ـ 2عبد الرمحن بن حيي املعلمي اليماين ـ مكتبة ابن تيميـة ـ ط : ، تح السمعاينعبد الكرمي بن حممد التميمي: األنساب : أنظر مثال )1(

م1996 ـ 11شعيب األرناؤوط ، إبراهيم الزيبق ـ مؤسسة الرسالة ـ ط : ، تح الذهيبمشس الدين حممد بن أمحد: ، سري أعالم النبالء 48 / 12عبد القادر األرناؤوط ، حممود األرناؤوط ـ دار ابـن : ، تح ابن العماد ي بن أمحد العكريعبد احل: يف أخبار من ذهب ، شذرات الذهب 401 / 15

حممد عبد القادر عطا و آخـرون ـ دار : ، تح اجلوزيعبد الرمحن بن علي: ، املنتظم يف تاريخ امللوك و األمم 203 / 4 م ـ1986 ـ 1كثري ـ ط 75/ 14 م ـ1992 ـ 1الكتب العلمية ـ ط

1حممد أبو الفضل إبراهيم ـ دار الفكر العريب ، مؤسسة الكتب العلمية ـ ط : ، تح القفطي علي بن يوسف:انباه الرواة على أنباء النحاة )2( 136 / 1 م ـ 1986

100 / 1 م ـ 1968إحسان عباس ـ دار صادر ـ : ، تح بن خلكان أمحد بن حممد :وفيات األعيان و أنباء أبناء الزمان )3( 217 ص م ـ1984 ـ 2حممد أبو الفضل إبراهيم ـ دار املعارف ـ ط : ، تح الزبيديحممد بن احلسن: طبقات النحويني و اللغويني )4(

2

الـذي الزاخر ورثت النشاط العلمي كانت يف زمانه قد بغداد اليت مركزهقاصدا منه رحل أبو جعفر إىل العراق الـذين أعالم هذين البلـدين استقطبتبعد أن ى هلا ذلك ، و قد تأت و الكوفة البصرةفيما مضى مسة عرفت ا كان

مث نـشأ من الزمن ، فترة جنب جنبا إىل وقد استمر املذهبان النحويان متمايزان ، قصدوها طالبني الوجاهة و العطاء . فنتج عن ذلك ما يسميه بعض الباحثني باملدرسة البغدادية النحو البصري و النحو الكويفجيل من العلماء مزج بني

ري الثرى ، و كان قد و ي زعيم املذهب البصر كان أبو العباس املربد بقلب العراق النابض جعفر أبو عندما حل ، كمـا تتلمـذ )1(و قرأ كتاب سيبويه عليه ، على يديه أبو جعفر فتتلمذ ،ة النحو تلميذه الزجاج قد خلفه يف رياس

و محله مه للعلم على أن يطلع على ما عنـد ، )2(معاصرا للزجاج أيضا و كان لألخفش األصغر و هو من البصريني أديبا متفننا « مما أخذ عنه النحو، فقد كان الكوفيني ، فاتصل بنفطويه الذي يظهر أن أبا جعفر أخذ عنه األدب أكثر

، )3(»يف األدب ، حافظا لنقائض جرير و الفرزدق و شعر ذي الرمة و غريهم من الشعراء ، و كان ضعيفا يف النحو و له فيهما تصانيف بني النحو و األدب يف علمه و مجع ، بقوة احلافظة الذي اشتهر ياألنباركما اتصل بأيب بكر بن

بـصريا «و كان كما ذكر الزبيـدي ابن كيسان تعلم على أيديهم ، و من العلماء الذين مجعوا بني املذهبني و )4( » حيفظ القولني و يعرف املذهبني ، و كان أخذ عن ثعلب و املربد ، وكان ميله إىل مذهب البصريني أكثـر ،كوفيا

فسمع بالرملة و هي ، بل تعدامها إىل طلب احلديث بالعلم عند حدود النحو واألدب أيب جعفر و مل يقف شغف ،)5( و مسع يف بغداد من أيب بكر ، )7( و بغزة من احلسن بن الفرج ، )6( البغدادي إبراهيممن مدن فلسطني من عبيد اهللا بن

لقاسـم و أيب ا ، )8( بن حممد بن عرفة نفطويه إبراهيم و ، بن أيب غيالن إمساعيل و عمر بن ، جعفر بن حممد الفريايب حممد بـن من حيث مسع ، و انتقل مجعا للحديث إىل الكوفة )9(و احلسني بن عمر بن أيب األحوص ، عبد اهللا البغوي مسـع و ملا عاد إىل مصر )11( و إىل األنبار حيث مسع من حممد بن جعفر بن أيب داود األنباري ، )10(احلسن بن مساعة

، و كان للقراءات نصيب من اهتمام )12( و بكر بن سهل الدمياطي من أمحد بن حممد بن سالمة الطحاوي و النسائي روى احلروف عن أيب احلسن بن شنبوذ «ما نصه " طبقات القراء " أيب جعفر فقد نقل السيوطي عن الداين من كتابه

237 / 7م ـ 2000 ـ 1دار إحياء التراث العريب ـ ط أمحد األرناؤوط ، تركي مصطفى ـ: ، تح الصفديخليل بن أيبك: الوايف بالوفيات )1( 362 / 1 م ـ1979 ـ 2حممد أبو الفضل إبراهيم ـ دار الفكر ـ ط : ، تح السيوطيجالل الدين : بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة )2( 154طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص ) 3( 341 / 4وفيات األعيان ـ ابن خلكان )4( 153طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )5( 72 / 18 م ـ 1988قيصر أبو فرح ـ دار الكتاب العريب ـ : ، تح 18 ابن النجار حممد بن حممد بن احلسن: املستفاد من ذيل تاريخ بغداد )6( 178 / 2 م ـ2007حممد حممد تامر و آخرون ـ دار احلديث ـ : أمحد بن حممد بن إمساعيل النحاس ، تح : إعراب القرآن )7( 72 / 18 ذيال تاريخ بغداد ـ امستفاد من )8( 237 / 7الوايف بالوفيات ـ الصفدي )9( 72 / 18املستفاد من ذيل تاريخ بغداد ـ ابن النجار )10( 5 ص م ـ1938ـ املكتبة العالمية ـ ) النحاس ( أمحد بن حممد بن إمساعيل الصفار : الناسخ و املنسوخ)11( 237 / 7الوايف بالوفيات ـ الصفدي )12(

3

ثر العلـوم بـأك و هكذا يتضح لنا من مسار تعلم أيب جعفر أنه أمل .)1( » و أيب بكر بن يوسف و أيب بكر الداجوين قبل أن نقفل احلديث و يعن لنا .و هو ما سنجد له أثره فيما وضع من تصانيف اللغوية و الدينية اليت وفرا له بيئته ، تبـال مل كتب التراجم احلقيقة أن أن نسأل عن الفترة اليت قضاها يف العراق ، عن هذه املرحلة اهلامة من حياة الرجل

علـى وجـه مقدار مدة إقامته على به تيح لنا أن نستدل ي ما عطياتامل من جند فيها ال، و باإلجابة عن سؤال كهذا . استغرقت دون شك سنوات عديدة قد ، كل ما نستطيع قوله هو أن هذه الفترةالدقة

:صفاتـــهدة الذكاء رف بش ع ، كما كانت له يف املقابل صفات سلبية تزري به ، كان أليب جعفر صفات إجيابية تسمو به

احملدث و املؤرخ املـصري معاصره شهد له ، )2(حىت أن الذهيب مل يتوان يف ترمجته من أن ينعته بأنه من أذكياء العامل ـ كانف، عاش للعلم يطلبه و يعلمه ،)3(عبد الرمحن بن أمحد بن يونس بالصدق داوم على ي ـ بعد عودته إىل مصر يتناول فيها مـسائل هذا األخري كانيف كل ليلة مجعة ، و ذلك بسبب من أن حضور حلقة الفقيه الشافعي ابن شداد

غـريه مـن العلمـاء فيمـا باحثي غضاضة من أن يف نفسه و كان متواضعا ال جيد ،)4(الفقه على طريقة النحويني ، ت نظـرهم وجهاب مبناقشتهم ، ويستنري فينتفع ، و هو يف طور تأليف أحد كتبه عترضهيستعصي عليه من مسائل ت

، ويـروي يف مطعمه و ملبسه شديد البخل فإذا طوينا صفحته املشرقة و انتقلنا بأنظارنا إىل صفحته القامتة ، وجدناه شراء حاجياته بنفسه و كان يتوىل ، )5(عمائمغري واحد ممن ترمجوا له أنه كان يقسم العمامة اليت توهب له إىل ثالث

ا مـن طالقـة ظؤت ح و الظاهر أنه مل ي ،يف ذلك على أهله و معارفه ، ء ظنه من شدة حرصه و سو ، فال يعتمد ، ، )6( » قلمه أحسن من لسانه و « هذا ما ميكن أن نفهمه من املالحظة اليت أوردها السيوطي ، اللسان و حسن البيان

ـ تناقلع اليت تسمح لنا بعض الوقائ و ومسه الزبيدي بلؤم النفس و لعل يف هذا احلكم شيء من الغلو ، و ها كتـاب ت أن أحد ملوك مصر مجـع وي فقد ر بعض من خصاله ، من االستدالل على و اليت كان أبو جعفر طرفا فيها التراجم و أبو العباس هذا هو ابن أستاذ أيب جعفـر ـ اس و بني منافسه يف علم العربية أيب العباس بن والد للمناظرة بني النح

العراق يف زمن واحد مع أيب جعفر ، و يبـدو ب أقامو كان أبو العباس قد ي سبق ذكره ، حممد بن الوليد التميمي الذ و يقدمه على لزجاج ، وكان هذا يفضل أبا العباس ا يف حلقة ا تلميذ كالمها أن املنافسة قد بدأت بينهما هناك إذ كانا

ن يصادفه من املصريني، و لرمبا ظنمم باس أيب العو بعد عودما إىل بلدمها كان الزجاج دائم السؤال عنأيب جعفر ،

362 / 1بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة ـ السيوطي )1( 402 / 15سري أعالم النبالء ـ الذهيب )2( 362 / 1بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة ـ السيوطي )3( 220طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )4( 402 / 15سري أعالم النبالء ـ الذهيب )5( 362 / 1غية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة ب )6(

4

1(اس فكان الزجاج يبادر إىل القول بأنه يعين أبا العبـاس بـن والد املسؤول أن مقصود الزجاج هو أبو جعفر النح( " رميت " من " افعلوت" كيف تبين مثل : قال ابن النحاس أليب العباس « و نعود إىل ما كنا فيه من أمر املناظرة ـ " افعليت " و ال " افعلوت " ليس يف كالم العرب : ارمييت ، فخطأه أبو جعفر و قال : أقول : قال له أبو العباس ؟ ف

تظهر هذه احلادثة كيف أن أبو جعفر مل يكن ليتـورع )2( » إمنا سألتين أن أمثل لك بناء ففعلت : العباس و، فقال أب له مع حادثة أخرى تفاصيل و يف . على ذلك الزبيدي ما عقب ك عن استعمال املخادعة و املكر للتفوق على خصمه

أحد تالميذه و هو املنذر بن سعيد البلوطي ما يطلعنا على جانب آخر من نفسه ، فقد حضر املنذر جملسا أليب جعفر :يقول فسمعه و هو ميلي أبياتا من شعر قيس انون ،

أعينــهاتبكي على جند لعلي نةـخليلي هل بالشام عني حزي قرينــها مطوقة باتت و بات قد أسلمها الباكون إال محامـة

اـ األرض لينه يكاد يدنيها من ةـعلى خيزران أخرى جتاوابات يصنعان ماذا ؟ فسأله أبـو : فقال له حىت يطلعه على خطئه ، أبو جعفر من تصحيف ما وقع فيه فتنبه املنذر إىل

، و حقـد عليـه ، فغضب منه أبو جعفر . بانت و بان قرينها : أقول : جابه املنذر و كيف تقول أنت ؟ فأ : جعفر رجـال ـ كما قـال ـ ، فنصحه بعضهم بأن يقصد أبا العباس بن والد فوجده" العني "و منعه أن ينسخ كتاب

و عاد إىل ، تندم ، عفر باخلرب ج ملا علم أبو و من نسخ كتاب العني ، و متكينه طلبه مل ةاالستجابمل يتأخر يف ، فاضالإن ما ميكن أن نستشفه من هذه احلادثة هو أن صاحبنا أبا جعفر كان ضيق . )3(ما كان عليه من ود سابق مع تلميذه

.مله على صغائر األمور حت ميكن أن الضغينةو أن الصدر ، ال يتقبل النقد يأتيه من أحد تالميذه ، :حويـه النـمذهب

فيهم من كان مذهبه يف هذا العلم مذهب ، ذكرنا أنا أبا جعفر قد تتلمذ يف بغداد جلماعة من النحويني سبق أن و ابـن نفطويـه هؤالء أبرز و األصغر ، و فيهم من كان على مذهب الكوفيني ج و األخفش البصريني أمثال الزجا

النحاة ممن اطلـع علـى مـا عنـد البـصريني بيد أنه يف هذه الفترة من تاريخ النحو بدأ يظهر جيل من ، ياألنبار املدرسـتني أفكـار فظهرت بذلك مدرسة أو إن شئنا التحرز توجه جديد مجع بـني ، و الكوفيني من علم العربية

فعلماء املذهبني أصبحوا فيها علـى ، هذا التوجه لظهور البيئة البغدادية الظروف املناسبة هيأت ، و قد )4(التقليديتني أن يطلع كل فريـق من املناظرات اليت كانت تقوم بينهم أتاحتو ، تصال مباشر، جتمعهم قصور اخللفاء و الوزراء ا

و إال أن ينشأ بينـهما املذهب اآلخر، يفما عند اآلخر من آراء ، فأدى ذلك تدرجيا إىل أن يتأثر كل مذهب مبا على

219طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )1( املصدر السابق ـ نفس الصفحة )2( 238 ـ 237 / 7الوايف بالوفيات ـ الصفدي )3(184 ص ـ م 1995 ـ 2 ـ دار املعارف ـ ط الطنطاويالشيخ أمحد: أنظر نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة )4(

5

قني قد يسرت على طاليب هذا العلم من أن يغترفـوا مـن ير و ال شك أن جتاور حلقات حناة الف شيء من التقارب ، . مجيعا منهلهما

و كان ابن كيـسان ، أبو جعفر ببغداد كان قد متيز ا بعض من علماء النحو ممن مجعوا بني املذهبني عندما حل ؟مذهب صاحبنا ما حقيقته الذي اتصل به أبو جعفر و تعلم على يديه أحد هؤالء العلماء ، و لنا أن نتساءل اآلن عن

لنا القول أنه كان على مذهب البـصريني ، فالزبيـدي مل تبيح كتب التراجم عنه تضمنتها القليلة اليت اإلشاراتإن و تبعهما يف ذلك الصفدي حيث )2( و كذلك فعل الذهيب يف ترمجته )1( الزجاج إسحاقأيب غري تهيذكر له من أساتذ

و لعل يف هذا ما ينبئ بأن أبا جعفـر ، )4(و أيدهم يف ذلك القفطي ، )3(ه على الزجاج أشار إىل أنه قرأ كتاب سيبوي تأثريا فيه ، فإذا كـان مـا أشدهم كان الزجاج و من مث تعلم على أيديهم ، ن ممكان أكثر مالزمة للزجاج من غريه

ا علـى و عميق ا واسع ا اطالع قد اطلع الرجل من أن يكون حبال فإنه ال مينع ، ذكرناه عن مذهب أيب جعفر صحيحا ضمن قائمـة بعض من ترجم له أثبت، فقد مذهب الكوفيني ، و يف أيدينا من القرائن ما يقوم دليال على هذا الزعم

إعـراب " ، كما أن املتأمل يف كتابه )5("املقنع " كتابا يتناول مسائل اخلالف بني البصريني و الكوفيني امسه مصنفاته ء أئمة النحو البصريني من أمثال اخلليل و سيبويه و املربد و األخفشان سعيد بن مسعدة و علي بـن راآجيد " القرآن

لـى أنـه ع. و ثعلب الفراء و الكسائي : سليمان والزجاج مبثوثة فيه جنبا إىل جنب مع آراء أعالم املذهب الكويف يف يـرتع فإنه مل ، و به أولع ، لبصريني أميل للحق أن نقول أن أبا جعفر و إن كان إىل مذهب ا إحقاقايتوجب علينا

، و قـد بـصرية و قناعـة عن صدر يف ذلك ، و إمنا أو تقصري يف حتصيل ما عند الكوفيني من علم ذلك عن هوى الشديد تقدير ما يكنه هلذا األخري من ال مع )6(حيكم للفراء على سيبويه " إعراب القرآن " وجدناه يف مواضع من كتابه

: تالميذه غ أبو جعفر بعد عودته إىل مصر للتعليم و التأليف ، و يظهر أن شهرته أخذت تتنامى حبيث غطى يف علـوم تفر

العباس بن والد ، و يرجع ذلك يف قسم كـبري منـه إىل كثـرة و فيهم أب ناللغة على من عاصره مبصر من العلماء مب علوم القرآن و احلديث ، و قد بلغ درجة عالية من التقدير عنـد و و األدب و تعدد معارفه اليت مشلت اللغة ، مؤلفاته

، و ترتب عن شهرته هذه أن أقبل الناس عليه يقتبـسون مـن )7( و نفطويه ياألنبار معاصريه حىت أنزلوه مرتلة ابن

220طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )1( / 15سري أعالم النبالء ـ الذهيب )2( 237 / 7الوايف بالوفيات )3( 136 / 1انباه الرواة على أنباه النحاة ـ القفطي )4( 362 / 1بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة ـ السيوطي )5( 324 / 1 م ـ 2007حممد حممد تامر و آخرون ـ دار احلديث القاهرة ـ : ، تح النحاس عفر أمحدأبو ج: إعراب القرآن )6( م 1968 ـ 1حممد أبو الفضل إبراهيم ـ دار إحياء الكتب العربية ـ ط : ، تح السيوطيجالل الدين: حسن احملاضرة يف تاريخ مصر و القاهرة )7(

54 / 2 م ـ1985 ـ 1حممد السعيد بن بسيوين زغلول ـ دار الكتب العلمية ـ ط : ، تح الذهيب احلافظ: العرب يف خرب من غرب و531 / 1

6

خ بأمسائهم ،و برز ضمن قاصديه تالميذ نبهاء احتفظ لنا التاري ، )1( فانتفع به خلق كثري ،و ينسخون عنه كتبه ،علمه شري إىل أن الكثري منهم وفدوا عليه من األندلس ، و من هنا حيق لنا القول أن أبا و قبل أن نورد بعض هذه األمساء ، ن

و كان جسرا عرب من ، جعفر قد أسدى خدمة عظيمة لعلوم العربية إذ كان مهزة و صل ربطت بني املشرق و املغرب و فيما يلي طائفة من أمساء هؤالء . مر هناك كأحسن ما يكون اإلمثار حيث سيث ندلس خالله علم النحو العريب إىل األ

:التالميذ ، ومحل عنـه )2(من مدينة أدفو املصرية ، روى عن أيب جعفر تواليفه أصله من : ـ أبو بكر حممد بن علي األدفوي

. )3(كتبه ، و برع يف علوم القرآن لمركز عا بتويل األندلس إىل عودته حضي حني أوردنا قصته مع أيب جعفر ، و كنا قد : البلوطي دـ املنذر بن سعي

. )4(حيث ويل منصب قاضي القضاةأنا : أبو حفص احلضرمي املصري املقرئ أخذ عن أيب جعفر النحاس ، و كان يقول ـ عمر بن حممد بن عراك اإلمام

. )5(مبصر" الالمات " كنت السبب يف تأليف أيب جعفر بن النحاس كتاب .)6(لقي أبا جعفر النحاس فحمل عنه كتاب سيبويه رواية: حممد بن حيي الرياحي ـ

. )7(مسع من أيب جعفر النحاس مصنفاته: ـ حممد بن خرسان النحوي الصقلي .)8(ارحتل إىل املشرق و لقي أبا جعفر النحاس و روى عنه: ـ سليمان بن حممد الزهراوي

:ـــهوفاتاس ، فقد قيل أنه كان على درج املقياس ملوت أيب جعفر النح و مؤسفة بعض كتب التراجم ظروفا عجيبة سردت

على شاطئ النيل ، و كانت مياه النيل حينها مرتفعة املنسوب ، و كان أبو جعفر يتمتم بني شفتيه و قـد اسـتغرقه أنـه ، و كان على مقربة منـه ، بعض العوام ، فظن من كتاب يف العروض حيمله تقطيع أبيات من الشعر يف التفكري

ساحر يهمهم بتعويذة حىت تنخفض مياه النيل فترتفع األسعار ، فاقترب منه و ركله برجله فأوقعه يف النـهر، فغـرق

100 / 1وفيات األعيان ـ ابن خلكان )1(

401 / 15سري أعالم النبالء ـ الذهيب )2(ـ 1997 ـ 1 و الدراسـات اإلسـالمية ـ ط أمحد خان ـ مركز فيصل للبحوث : ، تح الذهيبحممد بن أمحد بن عثمان: طبقات القراء )3( / 1 م

448 237 / 7الوايف بالوفيات ـ الصفدي )4( 449 / 1طبقات القراء ـ الذهيب )5( 311طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )6( 99 / 1بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة ـ السيوطي )7( 602 / 1املصدر السابق ـ )8(

7

إىل سـنة اختالفا طفيفا ، فمنها من يرجعها وفاته يف حتديد سنة املصادر ختتلف، و )1( على أثر من حينها عثر له و مل ي . )3(و منها من يرجعها إىل سنة مثان و ثالثني و ثالمثائة ،)2(ةبع و ثالثني و ثالمثائس :مؤلفاتــه

، و ليس يـسع )4( » كان واسع العلم ، غزير الرواية ، كثري التأليف «: وصف الزبيدي أبا جعفر النحاس فقال كثرية ، مجعـت بـني اليت تنسب إليه صنفاتاملصفه ، ف مؤلفات أيب جعفر إال احلكم بصدق و قائمة من يطلع على

ملؤلفـات قائمـة و فيما يلي ، )5(و ذكر الصفدي أا تتجاوز اخلمسني ، و احلديث النحو و األدب و علوم القرآن :النحاس ، اعتمدنا فيه أساسا على ما أورده الصفدي

ـ تفسري عشرة دواوين للعرب ـ إعراب القرآن

ـ معاين القرآن ـ الناسخ و املنسوخ

ـ الكايف يف علم العربية ـ املقنع

ـ شرح املعلقات ـ شرح املفضليات

ـ شرح أبيات الكتاب ـ كتاب االشتقاق ألمساء اهللا تعاىل

ـ أخبار الشعراء ـ أدب الكتاب

ـ أدب امللوك ـ التفاحة يف النحو

:ما أورده ابن خلكان مما مل يذكره الصفدي ، و نضيف إليها أليب جعفر من مؤلفات الصفديا ما نسبه هذ ـ كتاب الوقف واالبتداء

362 / 1 ، بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة 100 / 1وفيات األعيان ـ ابن خلكان )1( 100 / 1 ، وفيات األعيان ـ ابن خلكان 221طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )2(ـ 54 / 2 ، العرب يف خرب من غرب ـ الذهيب 48 / 12األنساب ـ السمعاين )3( ، البدايـة 344 / 3وك مـصر و القـاهرة ـ النجوم الزاهرة يف مل

201 / 15 م ـ 1997 ـ1عبد اهللا بن عبد احملسن التركي ـ مركز البحوث و الدراسات اإلسالمية ـ ط : ، تح بن كثريإمساعيل بن عمر : والنهاية 220طبقات النحويني و اللغويني ـ الزبيدي ص )4( 237 / 7الوايف بالوفيات ـ الصفدي )5(

8

ـ كتاب طبقات الشعراءكتاب ( يف معرض ترمجة الذهيب البن عراك و هو من تالميذ أيب جعفر ذكر لعنوان كتاب آخر لصاحبنا هو ورد و

.)2( )اب األنوار تك ( كما أدرج ياقوت ضمن قائمة كتبه . )1()الالمات " معاين القـرآن " و "إعراب القرآن " بعض هذه املصنفات ، فيقول عن على و جند عند القفطي تعليقا مقتضبا

مل « يف موضع بأنه "تفسري أبيات كتاب سيبويه " ، وحيكم على )3( » مها كتابان جليالن أغنيا عما صنف قبلهما « ، )5( » فيه علم كثري طائل جليل « ويف موضع آخر بأن ، )4( » استمد منه من بعده يسبق إىل مثله ، و كل من جاء

، و يغـض )6( باحلسن"االشتقاق " و "املقنع يف اختالف البصريني و الكوفيني " و " الناسخ و املنسوخ " و يصف يه حشو ف « ، و الثاين بأن » صويلح «إذ وسم األول بأنه " صناعة الكتاب " و " الكايف يف أصول النحو " من شأن

.)7( »و تقصري فيما حيتاج إليه عددها يف اجلرد صر احن و فانتهت إلينا خمطوطاا ، ، عاديات الزمان سلم من يأن لطرف من مؤلفاته كتبقد و

: يف أربعة )8( بروكلمانالذي أقامه هلا معاين القرآن ـ 1 ـ إعراب القرآن2 ـ الناسخ و املنسوخ يف القرآن الكرمي3 . ـ القصائد التسع املشهورات بتفسري غريبها و إعراا و معانيها 4

:هيمنذ ذلك التاريخ ، على أنه قد مت العثور على خمطوطات كتب أخرى له ـ كتاب التفاحة يف النحو 5 ـ شرح أبيات سيبويه 6 القطع و االستئنافـ 7 ـ شرح علم ما العربية8

قام على حتقيقهـا بـاحثون أجـالء ، بعد أن ، يف أماكن و تواريخ خمتلفة إىل الطبع اطريقهذت هذه الكتب اخت سنة إىل طبعته األوىل ترجعحممد أمني اخلاجني ، و بعناية و تصحيح " الناسخ و املنسوخ " ما طبع منها كتاب لأوو

449 / 1طبقات القراء ـ الذهيب )1( 469 / 1 م ـ1993 ـ 1إحسان عباس ـ دار الغرب اإلسالمي ـ ط : الرومي ، تح ياقوت احلموي:معجم األباء )2( 136 / 1انباه الرواة على أنباه النحاة ـ القفطي )3( املصدر السابق ـ نفس الصفحة )4( 137 املصدر السابق ـ ص )5( السابق ـ الصفحة نفسهااملصدر )6( املصدر السابق ـ الصفحة نفسها )7( 276 / 2 ـ5عبد احلليم النجار ـ دار املعارف ـ ط : ، ترمجة بروكلمانكارل: تاريخ األدب العريب )8(

9

سـنة " كتاب التفاحة يف النحو " عراقي و صدر عن منشورات امع العلمي ال ، مبطبعة السعادة مبصر هجري 1323 أشرف الدكتور و ، م 1973من إصدار وزارة اإلعالم العراقية بتاريخ " شرح القصائد التسع املشهورة " م ، و 1965 علىو أعانه " إعراب القرآن " موضوع دراستنا هذه أوهلما هو ، ني له غازي زاهد من العراق على حتقيق كتاب زهري

فضلال و عاد ، م 1986 سنة أخرجته املطابع "كتاب شرح أبيات سيبويه " و ثانيهما ،)1(مهدي العبود ذلك رضوان ، الشيخ حممد علي الصابوين بتكليف من مركـز إحيـاء التـراث اإلسـالمي إىل " معاين القرآن " حتقيق كتاب يف

، فيدخل يف حكم املفقـود أما باقي كتب أيب جعفر ،باململكة العربية السعودية م 1989و كانت طبعته األوىل عام : ، و هو التايل )2( ثبتا هلا"شرح أبيات سيبويه" الدكتور زهري غازي زاهد يف مقدمته حتقيقه لكتاب أوردقد و

ـ أخبار الشعراء ـ اختصار ذيب اآلثار للطربي

ـ أدب الكتاب ـ أدب امللوك

ـ اشتقاق أمساء اهللا ـ األنواء

تفسري أمساء اهللاـ ـ تفسري عشرة دواوين

ـ خلق اإلنسان ـ شرح احلماسة ـ شرح سيبويه

ـ شرح املفضليات ـ صناعة الكتاب

ـ طبقات الشعراء ـ الكايف يف النحو

ـ الالمات ـ معاين الشعر

يف اختالف البصريني و الكوفينيـ املقنع .ـ ناسخ احلديث و منسوخه

7 ص م ـ1986 ـ 1ة ـ ط زهري غازي زاهد ـ عامل الكتب ، مكتبة النهضة العربي: أمحد بن حممد النحاس ، تح : كتاب شرح أبيات سيبويه )1(

14 ـ 13املصدر السابق ص )2(

10

أليب جعفر النحاس" إعراب القرآن " التعريف بكتاب

موضوع دراستنا هذه ضمن تقليد عريق عرفتـه احلـضارة " إعراب القرآن " يندرج كتاب أيب جعفر النحاس مبـا العربية اإلسالمية يف فترة مبكرة من تارخيها ، فقد بادر علماء النحو إىل تدارس كتاب اهللا ، متوسلني يف ذلـك

استخلصوه من دراستهم للغة العربية من أصول نظرية و أدوات مفهومية ، مما يسر هلم الكشف عن الكثري من أسرار لغته ، وأعام على إماطة اللثام عما استغلق من مضامينه ، و كان قد سبق أبا جعفر إىل التأليف يف هذا اال مجاعـة

ة أبا حامت سهل بن حممد السجستاين و أبا العباس حممد بن يزيد املـربد من العلماء األجالء ، ذكر منهم حاجي خليف ، و ميكن أن نضيف إليهم دون أن يكون يف كالمنا خروج عن )1(من البصريني ، و أمحد بن حيي ثعلب من الكوفيني

الثة حتمل عنـوان جادة الصواب الفراء و األخفش األوسط و الزجاج ، و ذلك أنه بالرغم من أن مؤلفات هؤالء الث ، فإنا جند اإلعراب فيها ينازع التفسري، فيأخذ منها حيزا معتربا ، و راحت الكتب يف إعراب القرآن " معاين القرآن "

.من بعد هؤالء األعالم تتواىل على مر العصور اإلسالمية ، و ما زال التأليف يف هذا الباب قائما إىل أيامنا هذه : منهج الكتاب

يعفينا أبو جعفر من مشقة البحث عن اخلطة اليت تبناها يف تأليف كتابه و استخالصها ، فهو يقدمها لنا جاهزة يف إجياز و تركيز جديرين باإلعجاب منذ السطور األوىل ، مما يبيح لنا القول أن الصورة النهائية لكتابه كانت واضحة

هذا كتاب أذكـر فيـه إن شـاء اهللا إعـراب القـرآن ، « : و مكتملة يف ذهنه قبل أن يشرع يف تدوينه ، يقول و ما حيتاج إليه من املعـاين ، , و القراءات اليت حتتاج أن يبني إعراا و العلل فيها ، و ال أخليه من اختالف النحويني

لغات ، و سوق كل لغة إىل و ما أجازه بعضهم و منعه بعضهم ، وزيادات يف املعاين و شرح هلا ، و من اجلموع و ال )2(»أصحاا ، و لعله مير الشيء غري مشبع فيتوهم متصفحه أن ذلك إلغفال ، و إمنا هو ألن له موضعا غري ذلك

إن أول مالحظة ميكن أن نبديها على قول أيب جعفر ، بعد إمعان النظر يف مؤلفه ، أنه وفى مبا ألزم به نفـسه ، ليت أتى على ذكرها ، فلم يترك منها شيء إال و طرق بابه ، و ساق فيه من الكالم ما يفي حبقه ، فقد تناول العناصر ا

و قبل أن نعاجل بالتفصيل هذه العناصر و نتوسع بالبحث فيها ، فإنا نود أن نتوقف عند ما أشار إليه يف آخر قولـه ، يتبادر إىل أذهاننا منها بادئ األمر هو أن كتـاب فنتمعن فيه و نستخلص منه ما يشتمل عليه من دالالت ، و لعل ما

يأيت يف آخر السلسلة من تآليف أيب جعفر اليت تنيف عن اخلمسني ، و هذا هو قصده من عبـارة " إعراب القرآن " ، فهـو إذن » و لعله مير الشيء غري مشبع فيتوهم متصفحه أن ذلك إلغفال ، و إمنا هو ألن له موضعا غري ذلـك « ل إىل مؤلفاته األخرى اليت خص ا مواضيع تعرض هلا يف الكتاب الذي بني أيدينا دون توسع ، و قد وجـدنا يف حيي

سابق عليه يف تاريخ التأليف ، من ذلك ما قاله و قد عرض " معاين القرآن " متنه إشارات تؤكد أن كتابه يف التفسري

حممد شرف الدين يالتقايا ، رفعت بيلكه الكليسي ـ دار إحياء : ، تح حاجي خليفة مصطفى بن عبد اهللا : كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون )1(

102 / 1التراث العريب ـ 9 / 1إعراب القرآن ـ النحاس )2(

11

معـاين " كما ورد يف كتاب )1( »" املعاين " يف كتابنا األول قد ذكرنا كل ما فيه « : من سورة البقرة 282لآلية : ما يدل على أن أبا جعفر قد رتب ألن يضع يف إعراب القرآن مؤلفا بعد أن ينتهي من تفـسريه ، يقـول " القرآن

املقنـع يف " و " الناسخ و املنـسوخ " ، و يرجح لدينا أن مؤلفاه )2( »فنذكره يف اإلعراب " أن " و أما فتح « ، فهناك بعض الدالئل حتملنـا " إعراب القرآن " أقدم عهدا مها أيضا يف الوضع من " اختالف البصريني و الكوفيني

قد أى أبو جعفر تأليفه قبل أن يشرع يف تفسري القـرآن " الناسخ و املنسوخ " على الظن أن األول منهما و نعين به ذا الكتاب صغري احلجم ، مادته بسيطة يغلب عليها النقل و الرواية ، و ينـضاف إىل مـا و إعرابه ، فمن ذلك أن ه

قصدت يف هذا الكتاب ـ « : و قد صرح بذلك قائال" معاين القرآن " ذكرناه أن أبا جعفر يصب من مضمونه يف ، )3( »ن املتقدمني من األئمـة معاين القرآن ـ تفسري املعاين ، و الغريب ، و أحكام القرآن ، و الناسخ و املنسوخ ع

أما الكتاب الثاين ـ املقنع يف اختالف البصريني و الكوفيني ـ فقد أدمج أبو جعفر على األرجح قسما هامـا منـه ، فالباحث يف هذا األخري يالقي طائفة واسعة من مسائل اخلالف بني املذهبني مما يفيد " إعراب القرآن " ضمن دفيت

خنلـص ممـا . له و أن عاجل هذا املوضوع ، و ذات األمر ينطبق على كتابه شرح أبيات سيبويه بأن صاحبنا قد سبق بعد طول مترس مبهنة التأليف ، و أنه كان ـ و هو يدون عمله " إعراب القرآن " تقدم إىل أن أبا جعفر أخرج كتابه

.هذا األثر اجلليل و السفر النفيس اللغوي املوسوعي هذا ـ قد نضجت ملكته و اكتملت خربته، فكان مثرا مل خيلص أبو جعفر كتابه هذا إىل اإلعراب كما قال ، و نضيف إىل ذلك أنه مل يعرب آي القرآن مجيعا ، فكـان سريه يف إعراا متقطعا غري متصل ، فإذا كان مييل يف السور األوائل إىل االلتزام ، عموما ، بإعراب اآليات حبـسب

ه يأخذ كلما أوغل يف كتابه إىل انتقاء ما يراه جديرا باإلعراب منها ، مثال ذلك أنه يعرب يف سـورة تسلسلها ، فإن ، و هذه املراوحة يف سري اإلعراب جند مـا )4()65(، و منها إىل اآلية ) 62(مث ميضي إىل اآلية ) 59(األعراف اآلية

ا يعفيه من إعادة إعراا ، كما أن بساطة بعض اآليـات يربرها أحيانا ، فبعض اآليات كما ال خيفى يتكرر ورودها مم يف تركيبها و شفافية معناها يعطي أبا جعفر العذر يف القفز عليها ، ويدخل ضمن التفسري األخري أيضا ما يالحظ من

أي يف أنه ال يعرب اآلية جبميع ألفاضها ، غري أنه يف مواضع أخرى يعزف متاما عن إعراب اآلية منشغال بإبـداء الـر معناها ، وإيراد ما أثر فيها من أقوال املفسرين السابقني من أمثال ابن عباس و ابن جماهد و حممد بن جرير الطـربي

.)5(و غريهم و لنا أن نسأل هل اتبع أبو جعفر يف بناء كتابه و عرض مادته منهجا معينا وفق ما يفهم يف العصر احلديث مـن

من وجهة نظرنا بالنفي ، فأبو جعفر قدم لنا دون شك خمزونا ضخما من املعطيات اللغويـة كلمة منهج ؟ إن اجلواب

166ابق ـ ص املصدر الس )1( 319 / 1 م ـ1988 ـ 1حممد علي الصابوين ـ مركز إحياء التراث اإلسالمي ـ ط : ، تح النحاس أمحد بن حممدمعاين القرآن ـ )2( 42 / 1 نفسهاملصدر )3( 427 ـ 426 / 1معاين القرآن ـ النحاس )4( 328 / 3 ، 527 / 2 و أيضا 436 / 2أنظر مثال من املصدر السابق )5(

12

صوتية و صرفية و حنوية وهلجية و غريها ، و لكنه اكتفى جبمع املادة دون أن يوظفها يف بنـاء : على مستويات عدة ظر، و يستخلص نتـائج غـري نسق متكامل ، يطرح إشكاليات مستحدثة ، و يشرع أمام األبصار زوايا جديدة للن

مسبوقة ، لقد ظل وفيا ألصول النظرية النحوية كما أرساها النحاة األوائل و فهموها ، ومل خيالفهم إال يف بعض مـن املسائل الفرعية ، لقد برع دون شك يف التطبيق ، لكن مهته قصرت به على أن يرقى إىل مستوى التفكري يف األصول

على أن هذا ال خيول لنا حبال أن نغمط الرجل حقه ، و ال أن " . اخلصائص " ثال يف كتابه كما فعل ذلك ابن جين م ننكر عليه فضله ، فقد متثل ما يف عصره من علوم خري متثل ، و اجتهد ما وسعه االجتهاد ، و إن مل يكن له من فضل

.غري مجع هذه العلوم و نقلها إىل طالبيها لكان يف ذلك ما يشفع له :م النحو الذين نقل عنهم أعال

تتجاوب بني دفيت كتاب أيب جعفر أصداء ألصوات النحاة من بصريني و كوفيني ، يدلون بآرائهم فيما يعرض من تقضايا النحو و اللغة ، و يرد بعضهم على بعض حينا بالتأييد و حينا باملخالفة و التغليط ، و بعض هـذه األصـوا

يف أكثر ما يثار من مسائل ، و بعضها اآلخر خافت اجلرس ، قل ما نسمعه فكأنه يتكلم عن نربته عالية ، يديل بدلوه اخلليل و سيبويه و األخفشني األوسط منهما و األصغر و املربد و أبو : احتشام ، و هكذا فإن علماء العربية البصريني

وثعلب قد تفشت أقواهلم يف أغلب صفحات الكسائي و الفراء : حامت السجستاين و الزجاج و نظرائهم من الكوفيني كتاب أيب جعفر، فحيثما قلبنا النظر إال وجدنا هلا أثرا ، ينقل صاحبنا عن بعضهم ممن حـضر دروسـهم مساعـا ،

و يقتطع أقوال البعض اآلخر ـ ممن مل يتصل م ـ مما وقع حتت يديه من مصنفام ، و يف هذا إحدى املميـزات ا كتاب صاحبنا عن كتب الفراء واألخفش و الزجاج ، فعند هؤالء الثالثة يطغى صوت املؤلف حبيث ال اليت ينفرد

" معـاين القـرآن " و لعل هذا ما عناه القفطي حني قال واصـفا مـؤلفي أيب جعفـر . يفسح اال لغريه إال ملاما و مل يكن ليصدق فيهمـا . )1( »ف قبلهما يف معنامها و مها كتابان جليالن أغنيا عما صن « " : إعراب القرآن " و

. قول القفطي لوال أن مؤلفهما صب فيهما زبدة ما استخلصه من مصنفات سابقيه إعـراب " و نريد فيما يلي من سطور أن نرسم صورة واضحة قدر اإلمكان إلسهام هؤالء العلمـاء يف كتـاب

د منهم ، و نبين أيا من أرائهم قبل و سلم ، وعـن أي منـها أعـرض ، و موقف أيب جعفر من كل واح " القرآن .و تنكب ، ليتجلى لنا مقدار ما يدين به أبو جعفر ملن سبقه ، و مدى إسهامه الشخصي يف مؤلفه هذا

كتابـه نظرا العتبارات خمتلفة فإننا لن نتطرق باحلديث إىل كل النحويني الذين خصهم أبو جعفر مبكـان مـن ، حيملنا على ذلك احلرص على انسجام مباحث الرسالة ، فال يسرف مبحثنا هذا يف الطول علـى " إعراب القرآن "

باقي املباحث ، كما أن اختيارنا وقع على النحاة الذين أكثر أبو جعفر من النقل عنهم ، و أغفلنا عن قصد من أحال ورد هؤالء النحاة حبسب انتمائهم املذهيب ، فجمعنا حناة البـصرة مـع بعـض إليهم يف القليل النادر ، و آثرنا أن ن

.و كذلك صنعنا مع حناة الكوفة

136 / 1إنباه الرواة على أنباه النحاة ـ القفطي )1(

13

:النحويون البصريون :اخلليل بن أمحد الفراهيدي

يكن أبو جعفر الكثري من التقدير للخليل ، و يعد حكمه يف أغلب األحيان فيصال بني اخلطأ و الصواب ، علـى أنه يندر أن يذكر امسه منفردا ، و إمنا هو يورده مقترنا باسم تلميذه سيبويه ، وليس يف هذا مـا يـدعو للعجـب ، فالسبب يف ذلك واضح ، فهو ينقل من كتاب سيبويه الذي يعد من أهم املصادر اليت اعتمدها ، و غين عن البيان أن

. ل الذي يأيت على رأس قائمة أساتذته سيبويه قد ساق يف كتابه الكثري من وجهات نظر اخلليمع أن نسخة هذا الكتاب كانت ) العني ( و لعل مما يبعث على احلرية أن أبا جعفر قل ما ينقل من كتاب اخلليل

، و قد يكون ملا تفشى فيه مـن )1(يف حوزته حبسب ما سقط إلينا من ثنايا قصته مع تلميذه املنذر بن سعيد البلوطي ا ال خيفى عن أهل النظر و أبو جعفر واحد منهم ، و الشكوك اليت أثريت حوله مـن أن اخلليـل مل يكـن أخطاء مب

قد وجدت طريقهـا ) العني ( سببا محله على أن يزهد يف مادته ، ومهما يكن من أمر فإن بعض مضامني )2(واضعهالعني ( ، و ملا عدنا إىل )3(اسم مضمر ) إيا(بصفة أو بأخرى إىل كتاب أيب جعفر، من ذلك ما نسبه للخليل من أن

: تأكد لنا أن أبا جعفر و قف عليها ، و استخلص منها رأي اخلليل ، فقد ورد ا ما نـصه ) إيا( وعاينا منه مادة ) ضربتك ، فالكاف اسم املضروب ، فإذا أردت تقدمي امسه غري ظهوره : إيا جيعل مكان اسم منصوب ، كقولك ...«

" حيث ذهب إىل أـا " مهما " ، و يف مكان آخر من كتابه يعرض لقول اخلليل يف أصل )4( »ياك ضربت إ: قلت ، و أفضى حتقيقنا إىل التأكد من أن ما نسبه أبـو جعفـر إىل اخلليـل )5(األوىل منهما للشرط و الثانية زائدة " ما ما

ما " ن أبدلوا من األلف األوىل هاء ليختلف اللفظ ، ف ما ما ، و لك : فإن أصلها " مهما "و أما « استمده من العني " كيفما " و " مىت ما " و " أينما " الثانية هي اليت تزاد تأكيدا حلروف اجلزاء مثل " ما "اجلزاء و " ما " األوىل هي "

عـرب " العـني " و ينقل عن)6( »تزاد فيه " ما " ، و الدليل على ذلك أنه ليس شيء من حروف اجلزاء إال و ( مسار آخر ، يتمثل فيما مسعه من أستاذه األخفش األصغر نقال عن املربد فاملازين الذي يروي قول اخلليل يف أن لفظ

: الوارد يف قول الشاعر )7()تيقوري فإن يكن أمسى البلى تيقوري

و التيقـور لغـة يف « : نا إىل معجم اخلليل وجدنا شطر البيت و تعليق اخلليل مبا يلي أبدلت الواو منه تاء ، فلما عد :التوقري ، قال العجاج

238 / 7الوايف بالوفيات ـ الصفدي )1( 1271 / 3 ، معجم األدباء ـ ياقوت 247 ـ 246 / 2أنظر مثال وفيات األعيان ـ ابن خلكان )2( 17 / 1إعراب القرآن ـ )3( 440 / 8 م ـ1980مي ، إبراهيم السامرائي ـ وزارة الثقافة و اإلعالم بغداد ـ مهدي املخزو: الفراهيدي ، تح اخلليل بن أمحد :العني )4( 436 / 1إعراب القرآن ـ )5( 358 / 3العني )6( 24 / 1إعراب القرآن ـ )7(

14

فإن يكن أمسى البلى تيقور .)1( »أي أبدل الواو تاء و محله على فيعول

، و من املتيـسر " الكتاب " مسائل الصرف و النحو إمنا يستمده من على أن أكثر ما جيريه على لسان اخلليل من تعليل هذا ، فاخلليل مل يترك مؤلفا خاصا يف النحو و الصرف ، ومل يصلنا إسهامه فيهما إال من خالل ما دونه تلميذه

أو يرسل :له لقوله تعاىل سيبويه ، و من بني املسائل النحوية اليت قضى فيها اخلليل مما يتعـلق بإعراب القرآن حتلي و ما كان لبشر أن يكلمه اهللا إال وحيا أو من وراء حجـاب أو يرسـل من اآلية رسوال فيوحي بإذنه ما يشاء

، فذهب بالرأي بعد سؤال مـن سـيبويه إىل أن ] 51: الشورة [ رسوال فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم ، )أو( منصوب بأن مضمرة بعد ) يرسل ( ا معىن يعقل إذا ذهبنا إىل أن الفعل على قراءة النصب ال يكون هل ) يرسل(

.)2()إال أن يوحي ( مع تقدير هذه األخرية ب ) إال وحيا ( لتقدير بعطفها على ايصح و إمنا سان سيبويه و مل جند أبا جعفر يقدم اعتراضا على رأي أبداه اخلليل ، و إن كان أورد شيئا زهيدا من ذلك على ل

املنتهي حبـريف ) استحىي ( ، ففي حني ارتأى اخلليل أنه من ) استحى( و املربد ، فاألول خالف اخلليل يف أصل الفعل ، األوىل منهما عني الفعل و الثانية المه ، انقلبت الياء األوىل ألفا و سكنت الثانية ، فالتقى لذلك ساكنان ) الياء( علة

: يذ إىل تصور آخر ، فالفعل عنده له األصـل نفـسه الـذي قـال بـه اخلليـل أي فحذف األول ، ذهب التلم ، حذفت منه الياء األوىل لكثرة االستعمال ، و ألقي حبركتها على احلاء الساكنة ، فأصبح مماثال لألفعـال ) استحىي (

يل من سيبويه استحسان صاحبنا ، فقدمه على و لقي هذا التحل . ، و من مث صرفوه تصريفها ) افتعل ( اليت على زنة . )3(رأي اخلليل

ضمري مبرتلة الكاف ، و احتج لذلك بأنه لو كان كما قال اخلليل ) إيا ( و أما املربد فخطأ اخلليل فيما رآه من أن ضـافة ممتنعـة علـى يف حمل املضاف إليه ، و مبا أن اإل ) إياك ( لكان هذا الضمري مما يضاف ، ألن الكاف عنده يف

. )4(أنه اسم مبهم" إيا " الضمائر ، كان وجه الصواب يف : سيبويه

حيظى سيبويه بتقدير أيب جعفر، و مل حياول صاحبنا أن يداري على هذا ، فنطق لسانه يف أكثر من حمل من كتابه : دقيق الذي أقامه سـيبويه يف قولـه تعـاىل مثنيا على ذكائه و نفاذ بصريته ، وها هو ذا يقول معقبا على التمييز ال

معذرة إىل ربكم ] و هذا من دقـائق سـيبويه رمحـه اهللا « بني قراءة الرفع و قراءة النصب ] 164: األعراف

207 / 5العني ـ )1( 22 / 3إعراب القرآن ـ )2( 42 / 1 املصدر نفسه ـ )3( 17 / 1 ـ نفسهاملصدر )4(

15

قلبت التاء داال لتعسر اجلمع ) مزجتر ( هو ) مزدجر( ، و يعلق على قوله يف أن أصل )1( »و لطائفه اليت ال يلحق فيها . )2( »و هذا من أوجز قوله و لطيفه « يف النطق بني التاء املهموسة و الزاي اهورة ما نصه

و ميتح أبو جعفر من كتاب سيبويه مادة غزيرة و متنوعة ، فتحليالته النحوية و توجيهاته للقـراءات ، و تعليـل و إىل هذا نـراه " . إعراب القرآن " يف كل مكان من اختياراته منها ، و شواهده الشعرية ، و أقواله يف اللغة مبثوثة

أن تضل إحـدامها يلتمس احللول من عنده فيما يشكل إعرابه و معناه من تراكيب القرآن ، مثال ذلك قوله تعاىل ، ) تـذكر ( و ينصب و خيفف الفعل ) أن ( على قراءة من يفتح مهزة ] 282: البقرة [ فتذكر إحدامها األخرى

أن استعرض قول الفراء فيها من أا جاءت على أسلوب شرط اعتراه تقدمي و تأخري ، و أن تأويل العبارة يردها فبعديفـسر ) أن ( استشهدوا امرأتني مكان الرجل كما تذكر الناسية إن نسيت ، وأن فـتح مهـزة : إىل الصورة التالية

إذا انفتحـت زال ) إن ( ليله باخلطأ ، معلال ذلك بأن بوقوعها يف موضع ليس هلا يف األصل ، حكم أبو جعفر على حت استشهدوا امرأتني ألن تذكر و مـن : عنها معىن الشرط ، مث يورد تأول سيبويه للعبارة الذي جاء على النحو التايل

هـا كيـف نربط ) أن تضل ( ، عندنا هنا إذن أمر بفعل مقرون بالغاية منه ، بقي )3(أجل أن تذكر إحدامها األخرى بالتركيب ، و بأي معىن ؟ جييب سيبويه أا تفيد السبب الذي من أجله يكون التذكري ، و يف ضوء فهمنـا لتحليـل

استشهدوا امرأتني يؤدي نسيان إحـدامها إىل أن تـذكرها : سيبويه هلذه العبارة ميكننا إعادة بنائها على النحو التايل . األخرى

مل تسلم مجيعها من نقد ، يأتيها حينا من حناة البصرة وحينا من " إعراب القرآن " ب على أن أقوال سيبويه يف كتا حيذر : حناة الكوفة ، و كان أجرأ البصريني على سيبويه املربد ، فهو حيكم باخلطأ على ما ذهب إليه يف قوله تعاىل

تمل النصب على أا مفعـول بـه للفعـل حت) أن ترتل ( من أن ] 64: براءة [ املنافقون أن ترتل عليهم سورة ، و خطأه أيـضا يف ترتيلـه )4(، ألن هذا الفعل الدال على وصف ـ كما يرى املربد ـ من األفعال الالزمة )حيذر(

مث بدا هلم من بعد ما رأوا اآليات ليسجننه حـىت حـني من اآلية ) بدا ( مرتلة الفاعل للفعل ) ليسجننه ( مجلة ، ) بدا ( ، على أساس من أن اجلملة ال يصح أن تكون فاعال ، و إمنا الفاعل حمذوف يقدر مبصدر ] 35 : :يوسف[

ــ حبـسب زعـم أيب ، و من املسائل اليت أمجع فيها عامة النحاة على زلل سيبويه )5(و حذف لداللة الفعل عليه )أيا( ليق الزجاج الذي أورده أبو جعفر أن سيبويه عد لفظ ضمن املبنيات ، و الظاهر من تع ) أيهم ( جعفرـ إدراجه

446 / 1ن ـ إعراب القرآ )1( 176 / 3 ـ نفسهاملصدر )2( 167 / 1 ـ نفسهاملصدر )3( 503 ـ 502 / 1 نفسه ـاملصدر )4( 22 / 2 نفسه ـاملصدر )5(

16

و هي منفردة من املعرب ، معلال ذلك بأا تقبل اإلضافة ، فلزمه ، حىت يكون رأيه متسقا ، من أن حيكـم بإعراـا . )1("أيهم " و قد أضيف هلا الضمري يف لفظ

فع أبو جعفر يف معظمها حججهم مرجحا كفة سيبويه ، فلم خالف الكوفيون الرأي سيبويه يف مسائل كثرية ، د ] 38: املائدة [ و السارق و السارقة يقدم عليه قوال للكوفيني إال فيما ندر ، من ذلك أن الفراء اختار يف قراءة

سارقا بعينـه الرفع ، فيما وقع اختيار سيبويه على النصب بإضمار فعل ، و علل الفراء قراءة الرفع بأن املقصود ليس هذا قول حـسن « فيكون النصب ، و إمنا هو حكم عام على كل من سرق ، و أيد أبو جعفر الفراء ، و قال معلقا

.)2( »غري مدفوع :األخفش األوسط سعيد بن مسعدة

هله إىل مزج فيه بني الشرح اللغوي و اإلعراب ، و يف هذا ما أ " معاين القرآن " من مؤلفات األخفش كتاب ، وإن كان النقـل مـن )2("املسائل الكبري " أن يكثر أبو جعفر من النقل عنه ، كما ينقل عنه من مؤلف له آخر هو

، و نراه يف أكثر األحيان يورد قوله يف و جـوه إعـراب املـسألة " معاين القرآن " الكتاب األخري زهيدا قياسا على يق ، وقلما اعتمد أبو جعفر على رأي له للفصل يف مسألة احتدم حوهلا الواحدة ضمن أقوال غريه من النحاة دون تعل

" مـا " النقاش ، و من احلاالت القليلة اليت وقف فيها أبو جعفر عند رأي األخفش مستحسنا ، ما ذهب إليه يف أن هـي مبثابـة ] 79: النساء [ ما أصابك من حسنة فمن اهللا و ما أصابك من سيئة فمن نفسك من قوله تعاىل

يف هذا السياق معىن االسم املوصول أصح عند أيب جعفر من تضمينه معـىن اسـم " ما " االسم املوصول ، فتضمني ، ] 4: مرمي [ و اشتعل الرأس شيبا من قوله تعاىل ) شيبا ( ، و حيكم له على الزجاج يف إعراب لفظ )3(الشرط

ذهب به الرأي إىل أنه مفعول مطلق ، و محله على هذا ما قدره من أن فالزجاج رأى أنه يعرب متييزا ، أما األخفش ف . )4(شاب: يفيد معىن ) اشتعل ( الفعل

و إذا كان أبو جعفر قد يب نقد اخلليل و سيبويه ، و مل يفعل ذلك إال من وراء أصـوات النحـاة الـسابقني زائـدة يف قولـه " أن " ذلك ما قدره هذا األخري من أن عليهما ، فإنه يعترض على األخفش من دون مواربة ، من

، فريد عليه أبو جعفر قوله ، ذاهبا إىل أا لو كانـت كمـا ] 34: األنفال [ و ما هلم أال يعذم اهللا : تعاىل ن املعـىن أل) أن ( مرفوعا ، و منه فالتقدير الصحيح يكون بإثبـات ) يعذم ( ارتأى األخفش لكان الفعل املضارع

: ، و نراه يرد تأويله أيضا يف قولـه تعـاىل )5(و ما مينعهم من أن يعذبوا : يتطلبها ، و يكون تقدير العبارة كما يلي

170 / 2املصدر السابق ـ )1( 324 / 1 ـ نفسهاملصدر )2( 335 / 1 نفسه ـاملصدر )2( 276 / 1 نفسه ـاملصدر )3( 152 / 2 نفسه ـاملصدر )4( 470 / 1 نفسه ـاملصدر )5(

17

و لو يعجل اهللا للناس الشر استعجاهلم باخلري لقضي إليهم أجلهم ] بتقدير كـاف قبـل لفـظ ] 11: يونس االسم ، و التقدير الصحيح كما يرى أبو جعفر موجود عند اخلليل و سـيبوبه ، و مث حذفت و نصب ) استعجاهلم (

من موصـوف ) استعجاهلم ( و لو يعجل اهللا للناس الشر تعجيال مثل استعجاهلم باخلري، مث حذف ما قبل : هو اآليت ب اإلبل ، بنصب الباء مـن زيد شر: ، و حيتج هلذا بأنه جيوز على ما ذكر سيبويه ) تعجيال مثل : ( وصفته ، أي

زيد األسد ، بنصب : ، أما تأول األخفش فيمتنع ألنه ال جيوز ) شرب مثل ( شرب ، على حذف املوصوف و صفته و إىل قضايا النحو ينقل أبو جعفر عن األخفش بعـضا مـن شـروحاته . )1(مع تقدير كاف حمذوفة قبله " األسد "

دين : ب " صبغة اهللا " مقابل متداول للفظ القرآين الغريب مثال ذلك أنه يشرح اللغوية اليت وقفت أغلبها عند إيراد . )2(اهللا : املربد حممد بن يزيد

، حيث أثبت أبو جعفر نصيبا معتربا من أقواله تشمل مسائال يف النحو " إعراب القرآن " للمربد حضور قوي يف أبا جعفر ينقل من كتاب له يف إعراب القرآن مل يصلنا ، و هناك طريقـا وشرح داللة األلفاظ الغريبة ، و الظاهر أن

، )3(آخر اتصل به صاحبنا باملربد هو طريق الرواية ، حيث أورد شطرا من آرائه مساعا عن أستاذه األخفش األصـغر تداد برأيه ، ال يتـواىن الذي أخذ علم العربية كما هو معروف عن املربد ، و كما رأينا فيما سبق فإن املربد شديد االع

يف نقد اخلليل و سيبويه، على أن ما مييز حضوره هو اعتراضاته العديدة على أقوال غريه مـن النحـاة ، و طعنـه يف .القراءات اليت خرجت عما تبث لديه من قواعد اللغة ، فومسها غري متحرج باللحن

و اختالف الليل و النهار و ما أنـزل اهللا مـن : تعاىل و نعرض فيما يلي مثاال يستويف ما ذكرناه ، ففي قوله ، تباين موقـف ] 5: اجلاثية [ السماء من رزق فأحيا به األرض بعد موا و تصريف الرياح ءايات لقوم يعقلون

على قراءة النصب ، فقد أثبت أبو جعفر أن سيبويه و األخفش سـعيد و الكـسائي و الفـراء ) ءايات ( النحاة من ) اختالف ( أن : ، أي )4(جازوها على أن يكون العطف على عاملني ، أو بتعبري أدق العطف على معمويل العاملني أ

، ] 3: اجلاثيـة [ و يف خلقكم و ما يبث من دابة ءايات لقوم يوقنـون من اآلية ) يف خلقكم ( معطوفة على من اآلية الثالثة ، فالعامـل يف ) آيات ( ية اخلامسة على يف اآل ) آيات ( ، و عطف " يف " فالعامل يف جرها هو إذن

، وذكر أبو جعفر أن هذا مل يصح عند بعض النحويني ، و خص بالتسمية منهم املربد الـذي رفـض " إن " نصبها .)5(من اآلية اخلامسة) آيات ( التأويل بالعطف على العاملني كما حلن القراءة بنصب

521 / 1املصدر السابق )1( 96 / 1 نفسهاملصدر )2( 136 ـ 120 / 2إعراب القرآن : أنظر على سبيل املثال )3(ت ـ ط عبد اللطيف حممد اخلطيب ـ الس الوطين للثقافة و الفنون و األدب الكوي : األنصاري ـ تح ابن هشام:مغين اللبيب عن كتب األعاريب )4(

522 / 5 م ـ2000 ـ 1 61 / 3إعراب القرآن ـ )5(

18

، و يبدو يف أغلب )1( شرح غريب مفردات القرآن ، و يغترف أبو جعفر من معينه مرات عدة و يسهم املربد يف الظن أن مصدر هذه الشروحات هو كتاب املربد املفقود يف إعراب القرآن ، و مل يسلم أبو جعفر للمربد يف كل مـا

علـى ] 62: التوبة [ ق أن ترضوه و اهللا و رسوله أح : ذهب إليه ، فنجده بعد أن يذكر تقديره يف قوله تعاىل اهللا أحق أن ترضوه و رسوله ، يؤثر عليه تأويل : التقدمي و التأخري ، فتكون العبارة حبسب تأويله وفق التركيب التايل

و اهللا أحق أن يرضوه و رسوله أحق أن يرضوه ، و يعلـل أبـو : سيبويه القائم على احلذف ، و تقدير العبارة عنده من ي عن إسناد الفعل الواحد إىل الذات اإلهلية و عبد من العباد يف عبارة حه هذا مبا أثر عن الرسول جعفر ترجي

" كل " و يأخذ عليه إباحة حذف التنوين من . و الترجيح كما هو واضح ال يقوم على أساس من النحو . )2(واحدة، و يورد أبو جعفـر انتقـاد " بعد " و " قبل " لظرفني ، قياسا على ا ) كل منطلق ( ملا تأيت مفردة غري مضافة حنو

و ما جرى جمرامهـا " بعد " و " قبل " األخفش األصغر له يف هذه املسألة من أنه ـ أي املربد ـ ال مييز العلة يف بناء .)3()و هذا كالم بني عند أهل العربية صحيح : ( من األلفاظ ، و أمن أبو جعفر على قول أستاذه معلقا

و يأيت املربد يف طليعة النحاة الذين أورد أبو جعفر على لسام تلحني القراءات و ردها ، سواء يف ذلك ما كـان منها معدودا ضمن الشواذ و ما كان منها داخال حتت املتواتر امع عليه ، و نضرب هنا مثال على قراءة حلنها املربد

، حيث قرأهـا ] 54: البقرة [ فتوبوا إىل بارئكم : بن العالء من قوله تعاىل و هي القراءة املعزوة إىل أيب عمرو بتسكني اهلمزة ، فحكم عليها لذلك املربد باللحن ، وعلته أن إذهاب اإلعراب سواء يف الكالم أم يف الشعر مردود ،

:رفأجابه أبو جعفر بأن النحاة القدماء قد أجازوها ، وأن حجتهم يف ذلك قول الشاع إذا اعوججن قلت صاحب قوم

. )4(ساكن احلرف األخري) صاحب ( حيث ورد فيه لفظ :أبو إسحاق الزجاج

سبق و أن ذكرنا أن أبا جعفر قد تتلمذ للزجاج و قرأ عليه كتاب سيبويه و نال إجازته ، و يـدخل يف حيـز للزجـاج ، " إعراب القرآن و معانيه " قفل عائدا إىل مصر كان من ضمن ما محل من كتب املؤكد أن أبا جعفر ملا

، و ينقل منه شطرا كبريا من آرائه يف النحـو " إعراب القرآن " و قد وجدنا صاحبنا يعب من مضمونه عبا يف كتابه . من أستاذه و التفسري ، و نسوق مما يلي أمثلة تكشف عن املواقف املختلف للتلميذ

: نوه أبو جعفر برأي الزجاج يف بعض ما عرض من مسائل النحو ، من ذلك إعراب املستثىن من قولـه تعـاىل إال قوم يونس ] فبعد أن أورد فيها قول سيبويه )5(على قراءة اجلرمي و الكسائي " قوم " برفع ] 98: يونس ،

28 / 3 ، 394 / 2املصدر السابق ـ ) )1( 501 / 1 نفسهاملصدر )2( 125 / 3 ـ نفسهاملصدر )3( 60 / 1 نفسهاملصدر )4( 627 / 3 م ـ2002 ـ 1 ـ دار سعد الدين دمشق ـ ط عبد اللطيف اخلطيب: معجم القراءات )5(

19

فلوال كانت قرية آمنت فنفعها : زجاج هلا الذي ذهب إىل أن أصل التركيب هو ، ذكر أن أحسن ما جاء فيها تأول ال أخذ االسم بعدها حكم الرفع الذي كان " إال " ب " غري " ، فلما استعيض عن " غري" إمياا غري قوم يونس ، برفع

، و ملخص ما يذهب إليه )2(واستحسن قوله يف االستثناء إىل حد محله على أن ينقل من كتابه حرفيا . )1("غري " ل و لقد أرسلنا نوحا إىل قومه فلبـث : الزجاج يف باب االستثناء و الذي يرد يف سياق إعراب املستثىن يف قوله تعاىل

أنه جيري يف كالم العرب وفق قواعد معينة هي حبسبه أنه يأيت ] 14: العنكبوت [ فيهم ألف سنة إال مخسني عام عندي عشرة إال مخسة ، ألن اخلمسة ال تقرب من العشرة ، وعلى هـذا : عنده جدا أن نقول قليل من كثري، فيقبح عندي عشرة إال اثنان أو إال واحدا ، غري أن الزجاج حيكم على هـذا بـالقبح أيـضا ، ألن : يكون سليما القول

عندي مثانية أو تسعة ، : ال السابق الصواب عنده يف هذه احلال ذكر العدد مباشرة ، و بذلك بالقول إذا بنينا على املث و لعل اخللل يكمن يف املثـال . و التناقض ظاهر يف كالم الزجاج ، ولسنا جند سببا ملا أظهره أبو جعفر من إعجاب

. الذي اختاره الزجاج لتوضيح فكرته عن االستثناء الذي يكون طرفاه عدديننذقـه مـن ( ذهب إليه ، من ذلك ما أجازه الزجاج مـن أن على أن صاحبنا خيالف أستاذه الرأي يف بعض مما

إن الذين كفروا و يصدون عن سبيل اهللا و املسجد احلرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف من اآلية ) عذاب أليم عفـر ، فبعد أن يقدم أبـو ج " إن " خرب ] 25: احلج [ فيه و الباد و من يرد فيه بإحلاد بظلم نذقه من عذاب أليم

زائدة فتكوم اجلملـة " يصدون " ، أو أن الواو قبل الفعل " هلكوا " أنه حمذوف مقدر ب : مها " إن " رأيني يف خرب يف هذه احلال خربا ، يسم رأي أستاذه باخلطأ ، معربا عن حريته فيما ارتآه ، معترضا عليه بـأن " يصدون " الفعلية

جـواب للـشرط ، " نذقه من عذاب أليم " جهة و من جهة أخرى أن ال يكون فعال جمزوما ، هذا من " إن " خرب : من قوله تعـاىل " تذكرة " و يعترض أيضا على إحالله لفظ . )3("أن " فكان هذا سببا ثانيا مينع من أن تكون خرب

إال تذكرة ملن خيشى ] الواردة باآلية املتقدمة ) يشقى ( حمل البدل من ] 3: طه يـك القـرآن ما أنزلنـا عل: ، و ال خيلو كالم أيب جعفر يف هذا املوضع من خلل ، حيث ذكر تقدير الزجاج للعبارة على النحو التايل لتشقى

، و قـد عـدنا إىل " يشقى " على هذا التقدير بدال من القرآن و ليس من " تذكرة " ما أنزلناه إال تذكرة ، فيكون ، و ليس هذا باملوضع الوحيد الذي استبان )4(د وقف عند هذه اآلية يعرا كتاب الزجاج بقصد التثبت ، فلم جنده ق

، مما يعين أنه ليس هناك تطابق بني )5(لنا فيه التباين بني ما ينسبه أبو جعفر للزجاج و بني ما أثبته هذا األخري يف كتابه كانت يف حوزة أيب جعفر ، و نعود إىل مـا و بني النسخة اليت " إعراب القرآن و معانيه " النسخة اليت بني أيدينا من

541 / 1اب القرآن إعر )1( 347 ـ 346 / 2 نفسهاملصدر )2( 224 / 2 نفسهاملصدر )3( 350 ـ 349 / 3 م ـ 1988 ـ 1عبد اجلليل عبده شليب ـ عامل الكتب ـ ط : ، تح الزجاج إبراهيم بن السري: إعرابه القرآن و معاينأنظر )4( 549 / 2أنظر إعراب القرآن )5(

20

، فبعد أن يستبعد صاحبنا تأويل الزجاج يذهب إىل أن الصواب إعراا مفعوال مطلقـا " تذكرة " كنا فيه من إعراب .لفعله احملذوف ، أو مفعوال من أجله

: من قولـه تعـاىل " نسك م" و مما خطأ فيه التلميذ أستاذه مما يدخل حتت باب الصرف قول الزجاج أن لفظ و لكل أمة جعلنا منسكا ] بكـسر " منسك " بفتح السني مصدر مبعىن النسك و النسوك ، و أن ] 34: احلج

، ألن ما ذكره الزجاج يكون يف األفعال الـيت ) هذا من الغلط القبيح ( السني اسم املكان ، فكان رد أيب حعفر بأن و العني و املضارع يفعل بكسر العني ، أما فعل الذي مضارعه يفعل بضم العني فال يـأيت املاضي منها فعل بفتح الفاء

. )1(مصدرها و اسم املكان منها على وزن مفعل بكسر العني و مل يكن الزجاج مثل املربد يف جرأته على القراءات و سوء ظنه بقارئيها ، و مل جنده يرد قراءة متواترة إال فيمـا

فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا يف األرض و تقطعـوا : من قوله تعاىل " عسيت " در، منها القراءة بكسر سني ن .)2(و هي قراءة مأثورة عن نافع ] 22: حممد [ أرحامكم

هو التفاسري و الشروحات لآلي الكرمي الـيت " إعراب القرآن " و هناك مسار آخر تدفق منه إسهام الزجاج إىل العفريت : أخذت حينا شكل مقابلة اللفظ الغريب من القرآن بلفظ شائع أو إيراد عبارة حتيط مبعناه ، مثال ذلك قوله

، وحينا يتسع شرحه فيشمل اآلية كاملة أو قـسما منـها )3(النافذ يف األمور املبالغ فيها ، الذي معه خبث و دهاء : أخره عن وقتـك ، : ( ب ] 36: الشعراء [ قالوا أرجئه و أخاه : حبسب احلالة، مثال ذلك شرحه لقوله تعاىل

.)4(و أخر استتمام مناظرته حىت جتتمع كل السحرة :األخفش األصغر علي بن سليمان

طرفـا مـن أرائـه " إعراب القرآن " يعد علي بن سليمان من أساتذة أيب جعفر املباشرين ، نقل عنه يف كتابه لنحوية مساعا ، فلم جند أبا جعفر حييل إىل مؤلف من مؤلفاته قط ، و كان يف بعض مساعه منه أقواال للمربد و املازين ا

. يف مسائل حنوية خمتلفة ، و فيما يلي نذكر شيء من آرائه مما أثبته أبو جعفر له و موقف صاحبنا منها قبوال وإنكارا :يف اإلشكال الذي حيمله االستثناء غري املسبوق بنفي الذي اشتمل عليه قوله تعاىل مما قبله من آرائه ما ذهب إليه

يريدون أن يطفئوا نور اهللا بأفواههم ويأىب اهللا إال أن يتم نوره و لو كره الكافرون ] فمـذهب ] 32: التوبة ،ذا جاز االستثناء ، و رد الزجـاج علـى و هل) يأىب ( النفي تأتى من لفظ : الفراء أن يف الكالم شيء من اجلحد أي

الفراء منكرا أن يكون لإلثبات و اجلحد أطرافا ، و مقصود الزجاج من قوله هذا أن اإلثبـات و النفـي ال يقـبالن ، و هـذه األلفـاظ ال أقـسام هلـا ، ) مـا ، ال ، مل ، لـن ، لـيس ( التجزئة ، و ذكر بأن أدوات النفي هي

و يأىب اهللا كل شيء إال أن يتم نوره ، ويسهم علي بن سـليمان : لكالم حبسبه قائما على تقدير حذف أي و يكون ا

228 / 2املصدر السابق )1( 297ص ـ دار الكتباب العريب عبد الفتاح القاضي:البدور الزاهرة )2( 317 / 2إعراب القرآن )3( 290 / 2 نفسهملصدر ا )4(

21

حتتمل معىن املنع فقاربت بذلك النفي ، و لقي " يأىب " يف النقاش مؤيدا مذهب الفراء ، فهذا االستثناء جائز عنده ألن ، و أورد بيتا من الشعر مشتمال على أسـلوب )1(» حسن و هذا قول « : قول األخفش تأييد أيب جعفر فقال معقبا

. استثناء على صورة ما جاء يف اآلية و هل يل أم غريها إن تركتها أىب اهللا إال أن أكون هلا ابنما

صـم لآليـة و نرى صاحبنا أبا جعفر يستعني بأستاذه و يستمد منه احلل لإلشكال الذي تطرحـه قـراءة عا و كذلك جني املؤمنني ] ببناء الفعل للمجهول ، فذكر بأن بعض النحويني حلنـها ، و الـسبب ] 88: األنبياء

واضح ألا خالفت قاعدة رفع نائب الفاعل فنصبته ، و يأيت ضمن من حلنها الزجاج ، أما الفراء و أبو عبيد فالتمسا يف ذلك التأويل البعيد ، فذهبا إىل أن نائب الفاعل حمذوف ، ويكون التقـدير علـى هلا سبيال إىل الصحة متوسلني

كذلك جني النجاء املؤمنني ، فاعترض عليهم الزجاج بأن تقديرهم ال يسهم بشيء يف حل اإلشكال ، : الشكل التايل ببنـاء الفعـل ) ضرب زيـدا :( فنصب املؤمنني يبقى قائما دون تعليل ، أي أنه حيتاج إىل عامل يبيح نصبه ، فقولنا

، و حيتال أبو عبيد إلجازة القراءة بأن النون أدغمت يف اجليم ، و هذا ما يأباه أبو ) الضرب زيدا ( للمجهول يكافئ جعفر و ينكره ملا بني احلرفني من بعد ، و ينتهي صاحبنا إىل القول بأن أحسن تأول مسعه يف هذه القراءة ذاك الـذي

، مث حذفت منه إحـدى ) ننجي ( علي بن سليمان ، و مفاده أن الفعل مبين للمعلوم و أن األصل فيه قال به أستاذه .)2(النونني ، و استدل أبو جعفر على سداد ما ارتآه أستاذه بأن ياء الفعل جاءت يف الرواية عن عاصم ساكنة

بالقراءة املعزوة إىل أيب جعفـر و األعـرج و نأيت اآلن على عرض بعض ما خالف فيه التلميذ أستاذه ، و نبدأ ، فالفعل فيها حبسب صاحبنا أيب جعفر إما أن يكون مأخوذا ] 1: املعارج [ سال سائل : و نافع يف قوله تعاىل

يف املعىن نفـسه ، " سأل " انصب ، و إما أن يكون فعال قائما بنفسه يشترك مع : من السيل ، فمعناه يف هذه احلال ، و يلتفت " سألت " مبعىن " أسال " " سلت : " ون أن يكون صيغة منحرفة عنه ، و يسند زعمه هذا بقول سيبويه د

، و أن رواة نافع قد غلطوا فيما نسبوه إليه من " سأل " ختفيف للهمز من " سال " إىل تأول أستاذه األخفش من أن أيت باهلمزة بني بني ، فيصفه بالتأول البعيد ، مذكرا بـأن رواة أنه قرأ الفعل باأللف خالصة ، و أن الصواب أنه كان ي

.)3(نافع جممعون على أنه قرأ الفعل جمردا من اهلمز و ال يقف أبو جعفر عند حد رد اجتهاد أستاذه مثلما مر بنا سابقا ، و إمنا يتعدى ذلك إىل التشكيك يف روايته ،

: احلـج [ يدعوا ملن ضره أقرب من نفعه لبيس املوىل و لبيس املصري : هذا ما يرد يف سياق إعرابه لقوله تعاىل ، و يف العبارة إشكال يف تركيبها أدى إىل غموض يف معناها و عسر يف إعراا ، و مكمن هذا اإلشكال الـالم ] 13

الم انزاحت عن مكاا ، و يورد أبو جعفر رأي الكسائي من أن ال " من " املفتوحة اليت دخلت على االسم املوصول ، و يدفع صاحبنا هذا التقدير منبها على أن الالم مما ال جيوز فيه التقدمي و التأخري و أـا حيثمـا " ضره " الذي هو

491 / 1املصدر السابق )1( 213 ـ 212 / 2 نفسهاملصدر )2( 337 / 3 نفسهاملصدر )3(

22

يـدعو : حلت فذلك موقعها ، مث يعرض ما رواه شيخه عن املربد من أن يف العبارة حذف ، و أن التأويل يردها إىل ا ، و هذا ما ينكره أبو جعفر ، ألنه ليس يف هكذا تقدير ما حيل اإلشكال ، فاملطلوب من ملن ضره أقرب من نفعه إهل

، و على هذا يقدح يف رواية أستاذه ، " من " التقدير ليس امسا منصوبا ، و إمنا املطلوب امسا مرفوعا حيل خربا للمبتدأ تلف عن تقدير األخفش سعيد ، و هو التقدير الـسليم و يسيء الظن مبا نقله ، ذاهبا إىل أن تقدير املربد ال ميكن أن خي

من العبارة مرتلة مبتدأ خـربه حمـذوف " من " و حيتل " قال " معىن " يدعو " يف منظور صاحبنا ، يأخذ فيه الفعل .)1("إهله " يقدر ب

: النحويون الكوفيون لنحوي عند أعالم مدرسة الكوفة ، فأتـاح لنـا أن من حسنات كتابنا هذا أنه مجع لنا قسما معتربا من الفكر ا

نقف على بعض من مساته اخلاصة ، إن يف تناوله ملا يعرض من مسائل اإلعراب و الـصرف و اللـهجات ، و إن يف مفرداته و مصطلحاته ، كل ذلك يف جو من التفاعل بينه و بني املذهب البصري مما أضفى طابعا خاصا على كتـاب

و ننبه هنا إىل أننا سنخص باحلديث ثالثة من علماء الكوفة دون . ما نصادفه يف غريه من املصنفات أيب جعفر هذا قل الكـسائي ، الفـراء : غريهم ، و ذلك بسبب من احليز املعترب الذي أخذوه من هذا الكتاب ، و هؤالء الثالثة هـم

.و ثعلب :علي بن محزة الكسائي

درسة الكوفية ، لذا كان من الطبيعي أن يكثر أبو جعفر من اإلحالة عليـه ، و أول مـا يعد الكسائي رأس امل يستوجب الوقوف عنده هو حتديد مصدر ما ينسبه صاحبنا إليه من آراء يف النحو و اللغة ، و احلقيقة هي أنه مل يقدم

تماالت ، و أوهلا أن يكون قد انتهت إليـه لنا ما يعيننا على معرفة هذا املصدر ، و ليس لنا إال أن نقدم بعضا من االح أيب بكر ابن األنباري و نفطويه ، إال أنه مل يصرح بذلك إطالقا مما : أقوال الكسائي مساعا من طريق أستاذيه الكوفيني

معـاين " جيعل هذا االحتمال يف غاية الضعف ، و أما ثاين هذه االحتماالت فهو أنه ينقل من كتاب له مزعوم بعنوان ، بيـد أننـا " معاين القرآن " وكان الظن قد محلنا بادئ األمر على أن مصدر أقواله هو كتاب الفراء . )2("القرآن

. سرعان ما استبعدنا هذا الظن بعد أن راجعنا كتاب الفراء دون أن جند فيه ما نسبه أبو جعفر للكسائي من أقـوال ن يكون يف عداد ما حاز أبو جعفر نسخة من كتاب الكسائي الذي أتى و الراجح لدينا هو االحتمال الثاين فال يبعد أ

.على ذكره القفطي و حاجي خليفة يأخذ الكسائي مكانه يف كتابنا هذا بصورتني خمتلفني ، فامسه يتكرر يف املواطن اليت تناول فيهـا أبـو جعفـر

ه باعتباره رأس النحاة الكوفيني ، و هلذا السبب يفسح القراءات على أساس أنه واحد من القراء السبعة ، كما حييل إلي جماال واسعا آلرائه ، و هو يف بعض األحيان يكتفي بإيرادها دون تعليق منه كما حدث ذلك يف سياق إعراب قولـه

221 / 2املصدر السابق )1( 1730 / 2 ، كشف الظنون ـ 257 / 2ـ إنباه الرواة عن أنباه النحاة )2(

23

، )1(نعتـا " قول احلـق " ، فيذكر أن الكسائي أعرب ] 34: مرمي [ ذلك عيسى ابن مرمي قول احلق : تعاىل يف " إمنـا " ، بزيادة ] 18: إبراهيم [ مثل الذين كفروا برم أعماهلم كرماد : و يسوق تقديره يف قوله تعاىل

و ذلك حىت يبسط من تركيب العبارة فيتـضح معناهـا و . )2("مثل " إىل لفظ " أعماهلم " مستهل اآلية وبإضافة .يتيسر فهمها

ذا الكتاب قلما سلمت من نقد أيب جعفر ، و نعرض فيما يلي طرفا من ذلك ، على أن إسهامات الكسائي يف ه املوفون " ذهب الكسائي إىل أن ] 177: البقرة [ و املوفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين : ففي قوله تعاىل

، فأنكر صاحبنا " القربة ذوي" معطوفة على " الصابرين " ، و أن " من " معطوفة على االسم املوصول السابق هلا " هذا الرأي ، و اعتل لذلك من أنه ال جيوز العطف على مجلة صلة املوصول حىت تكتمل ، و ذلك تفاديا خلطأ تركييب

، كما يرد عليه ما قدره يف قوله )3(ينشأ عن الفصل بني االسم املوصول و صلته مبا يدخل بينهما من االسم املعطوف ، مـن أن )4("مالئكتـه " على قراءة من يرفع ] 56: األحزاب [ ئكته يصلون على النيب إن اهللا و مال : تعاىل

، و قال أبو جعفر إن ما ذهـب " مالئكته " و يف الوقت ذاته خربا للمبتدأ " إن " خربا ل " يصلون " اجلملة الفعلية من أن ما ذكره الكسائي باطل ألنه أعمـل إليه الكسائي مينعه مجيع النحويني ، و ساق تعليق أستاذه علي بن سليمان

، و التقدير السليم للعبارة عند علـي بـن سـليمان يكـون " املالئكة " و املبتدأ " إن " عاملني مها " يصلون " يف . )5(إن اهللا يصلي على النيب و مالئكته يصلون على النيب: باحلذف، و يأخذ الصورة التالية رى أبا جعفر قد اختذ دور املدافع عن الكسائي ضد تلميذه الفراء ، ففي معرض إعرابه و من الطريف حقا أن ن

مـن " الذين " ، يأيت على ذكر إعراب الكسائي للفظ ] 63: يونس [ الذين آمنوا وكانوا يتقون : لقوله تعاىل ، و هنا يعترض الفراء على قول أستاذه من اآلية السابقة " حيزنون " املتصل بالفعل " الواو " أنه نعت لضمري اجلماعة

حمتجا بأنه ال يصح نعت الضمري باالسم الظاهر، ويف خطوة أوىل حيكم صاحبنا للفراء بالصواب ، غري أنه يبـادر يف خطوة ثانية إىل تأويل قول الكسائي على أنه إمنا يقصد ما يعرب عنه البصريون مبفهوم البدل ، مما يعـين أن الكـسائي

. )6(ح النعت اضطرارا ، حيث ال وجود ملصطلح عند الكوفيني يقابل مصطلح البدلوظف مصطل عول أبو جعفر على معرفة الكسائي بلغة العرب لرد التفريق الذي أقامه أبو عمرو بن العالء بني السد بالفتح و هـو

العني ، كما يـرد التفريـق على حد قوله احلاجز بينك و بني الشيء ، و السد بالضم و يعين ما كان من غشاوة يف الذي قال به عبد اهللا بن أيب إسحاق من أن السد بالفتح ما مل تراه عيناك ، و السد بالضم ما رأته عيناك ، إن هـذه

163 / 2إعراب القرآن )1( 52 / 2 نفسهاملصدر )2( 107 / 1 نفسهاملصدر )3( 313 ـ 312 / 7قراءة ابن عباس و عبد الوارث و األزرق عن أيب عمرو و حممد بن سليمان ، أنظر معجم القراءات )4( 402 ـ 401 / 2إعراب القرآن )5( 533 / 1 نفسهر املصد ) )6(

24

، )1(التفريقات كلها باطلة عند صاحبنا أيب جعفر ، و دليله على ذلك قول الكسائي من أما لغتان مبعـىن واحـد ، ويأخذ حضور الكسائي يف هذا الكتاب وجها آخر هـو شـرح )2(تني هنا هو صيغة بديلة جائزة و املقصود باللغ

و نزعنا ما يف صدورهم من غل : املفردات العويصة ، من ذلك ما جاء منسوبا إليه أثناء تفسري مدلول قوله تعاىل غل يغل من الشحناء ، و غل يغـل : حيث جاء على لسان الكسائي ] 47: احلجر [ إخوانا على سرر متقابلني

.)3(من الغلول ، و أغل يغل من اخليانة :حيي بن زياد الفراء

و هو أكثر من نقل عنهم أبو جعفر من حناة الكوفة يف هذا الكتاب ، فال تكاد ختلو مسألة أثريت من قول له فيها، ، و قد تلون موقف صاحبنا منـه " معاين القرآن " و مصدر هذا النقل معروف لدينا ، إنه كتاب الفراء املوسوم ب

، و أنه )4(بألوان القبول و اإلنكار ، على أنه غلب عليه سوء الظن به ، فامه يف بعض ما يديل به من آراء بالتخليط يأخذ يف الكالم و قد أحسن يف مطلعه فما ينهيه إال و قد افسد ما كان أتى به من صالح ، و استشهد علـى ذلـك

رمبا قرأ علي إمساعيل بن إسحاق الشيء من كالم الفراء فأستحسنه فال ينتهي إىل آخره حىت يفـسده « : قول املربد ب«)5( .

و إذا كان أبو جعفر قد غض من شأن اجتهادات الفراء ، و قلل من قيمة آرائه فيما كان يسوق من جدل بـني اسيا ، فإن سبب ذلك مفهوم لنا غري خفي علينا ، فصاحبنا قد تبىن أكثر الكوفيني و البصريني كان فيه الفراء طرفا أس

مبادئ حناة البصرة دون حتفظ ، و لكن هذا ال يعين أنه كان يعارض الفراء على طول اخلط ، إذ جنده قد استـصوب رضني مبـا آتيتـهن و ي رأيه يف أكثر من مسألة ، منها اعتراضه على إجازة أيب حامت و الزجاج قراءة من قرأ اآلية

، و محلهما على )6(و هي قراءة شاذة تعزى أليب إياس جؤبة بن عائذ " كلهن " بنصب ] 51: األحزاب [ كلهن ، و مل يرق هذا للفراء ألن املعىن يتطلب أن " آتيت " ذلك ما قدراه من أن التوكيد هو لضمري النسوة الالحق بالفعل

عل األول مما يستلزم رفع التوكيد ، و إمنا ذهب الفراء إىل هـذا ألن التوكيـد يف يكون التوكيد لضمري النسوة من الف حالة الرفع يكسب العبارة معىن غرب املعىن الذي يكون هلا يف حال نصبه ، ففي احلالة األوىل يستفاد من العبارة رضـى

و تقبل أبو جعفـر . ه بالضرورة رضاهن النسوة مجيعهن ، و يف احلالة الثانية توكيد استالمهن العطاء دون أن يلزم عن قالوا تا هللا تفتؤا : كما أيده أبو جعفر فيما قدره يف قوله تعاىل . )7(يف ختام مناقشته مذهب الفراء واستحسن رأيه

147املصدر السابق )1( م2002 ـ1عبد الكرمي جماهد ـ املؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ ط : ، ترمجة تشيم رابني:اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية )2(

46ص 66 / 2إعراب القرآن )3( 348 / 3 نفسهاملصدر )4( 2/ 8ص نفسه املصدر )5( 305 / 7معجم القراءات )6( 400 / 2إعراب القرآن )7(

25

، ومبا استدل به على ذلك مـن " تفتؤ" قبل الفعل " ال " من حذف حرف النفي ] 85: يوسف [ تذكر يوسف : القيس ئبيت امر

فقلت ميني اهللا أبرح قاعدا و لو قطعوا رأسي لديك و أوصايلالذي جترد على خالف املعهود من حرف نفي يسبقه ، و علق أبو جعفر على مـا " أبرح " و الشاهد يف البيت هو

. )1( »و الذي قال حسن صحيح« : ذهب إليه الفراء قائال و لقد جنينا بين إسرائيل مـن العـذاب املهـني : ليت اعترض عليه فيها ما زعمه يف قوله تعاىل و من املسائل ا

تتأول على إضافة الـشيء إىل نفـسه ، ) من عذاب املهني ( من أن قراءة عبد اهللا بن مسعود فيها ] 30: الدخان [ التقدير يف قراءة ابن مسعود على حـذف املنعـوت فكان جواب أيب جعفر أن إضافة الشيء إىل نفسه حمال ، و أن

قـوم " ، و يرد يف موضع آخر إعرابـه ل )2(من عذاب فرعون املهني: حبيث تكون العبارة وفق ما يلي " فرعون " و قوم نوح ملا كذبوا الرسل أغرقناهم و جعلناهم للناس آية و أعتدنا للظاملني عذابا أليما : من قوله تعاىل " نوح

ـ من أا معطوفـة علـى الـضمري املتـصل يف " قوم " فبعد أن يذكر صاحبنا أقواال يف نصب ] 37: الفرقان [ قـوم " ، أو بفعل حمذوف يفسره ما بعـد " اذكر " من اآلية السابقة ، أو مفعوال لفعل حمذوف تقديره " دمرناهم "

هب الفراء من أن العامل يف نصبه الفعل يف اآليـة و أغرقنا قوم نوح ـ يأيت على ذكر مذ : ، فيكون التقدير " نوح ، و ال )3(ال يتعدى إىل مفعولني " أغرق " و هذا ما يأباه أبو جعفر على أساس من أن الفعل ،) أغرقناهم ( السابقة

ه ينكر عليـه يقتصر اعتراض أيب جعفر على الفراء على ما تعلق مبسائل النحو ، و إمنا تعداها إىل ما ميس اللغة ، فنرا قـد " املقصور و املمدود " قوله من أن املفرد من اآلناء إىن و من اآلنية إناء ، و يشري إىل أن طرفا مما ذكره يف كتابه

غلطه من هلم معرفة باللغة من أمثال األصمعي و ابن السكيت ، و يستدرك قائال أنه ال يطعن يف أمانة الفـراء و إمنـا .)4( الكوفيني من اللغة مصدره من غري الفصحاء من العربيأخذ عليه أن أكثر ما عند

:أمحد بن حيي ثعلب مل يثبت أبو جعفر لثعلب يف كتابه هذا إال الرتر اليسري من األقوال ، و لعل ذلك يعود إىل مـا أورده الزبيـدي يف

كان « و الكسائي يف أرائهم ال حييد عنها ترمجته من أنه مل يكن من أهل االجتهاد يف النحو ، و أنه كان متبعا للفراء يدرس كتب الفراء و كتب الكسائي درسا ، و مل يكن يعلم مذهب البصريني و ال مستخرجا للقياس ، و مطالبا له ،

على أننا . )5( »قال الفراء ، قال الكسائي ، فإذا سئل عن احلجة و احلقيقة يف ذلك مل يغرق يف النظر : و كان يقول أيامـا معـدودات : يف قوله تعـاىل " أياما " املسألة التالية ما خيفف هذا احلكم ، ففي معرض إعراب جند يف

34 / 2املصدر السابق )1( 54 ـ 53 / 3 نفسهاملصدر )2( 278 / 2 نفسهاملصدر )3( 199 ص نفسهاملصدر )4( 141طبقات النحويني و اللغويني ـ ص )5(

26

املذكور يف اآلية السابقة ، و يكون التقدير على " الصيام " ، ذهب األخفش إىل أا منصوبة باملصدر ] 184 :البقرة[" الفعـل " أياما " ، و مال الفراء إىل اعتبار العامل يف نصب كتب عليكم أن تصوموا أياما معدودات : النحو التايل

و هو منعوت " أياما " عامال يف نصب " الصيام " كيف ميكن أن يكون : ، و هنا يطرح أبو جعفر اإلشكالية "كتب ه و بني معمولـه الواقعة يف هذا السياق امسا ؟ و معلوم أن النحويون يبطلون عمل املصدر إذا فصل بين " الكاف " ب

ظرفا امفعوال به مل جيز هذا للسبب املذكور ، فإذا أعربناه " أياما " إن قدرنا : ، و يتقدم صاحبنا باجلواب )1(بالنعتمفعوال " الكاف " ارتفع االعتراض ، و يعقب بأن ثعلب ينكر هذا التخريج ، كما ينكر التخريج اآلخر من أن تكون

، و حجته يف ذلك انه وقع تفريق و إن شئنا التوضـيح " الصيام " مفعوال به للمصدر " أياما" و " كتب " به للفعل ، و الرأي الـذي ال " كتب "أكثر قلنا تقاطع بني عمل املصدر من جهة و بني ما عمل فيه و يف الكاف و هو الفعل

، و مما نسبه )2("األيام " يف نصب الكاف و يف نصب " صيام " خالف فيه حبسب أيب جعفر يكون بإعمال املصدر من أن نصب الصالة مع حذف النون مـن ] 53: احلج [ و املقيمي الصالة : إليه ما ذهب إليه يف قوله تعاىل

. )3(و املقيم الصالة : على تقدير إجراء اجلمع جمرى الواحد ، و على هذا تكون العبارة على النحو التايل " املقيمي " وليبدلنهم مـن بعـد الواردة يف قراءة من قرأ " بدلته " يف الشرح اللغوي ما ارتآه من فرق بني معىن و من إسهامه أنـزل : غير، و الثاين معىن : ، فالفعل األول يفيد معىن )5(على قراءة التخفيف " أبدلته " ، وبني ) )4خوفهم أمنا

. )6(و هو ما استصوبه أبو جعفر. و جعل :ن أمحد بن كيسان حممد ب

هو واحد من أساتذة أيب جعفر الذين درس عليهم يف بغداد ، ذكر الزبيدي أنه قد مجع يف علمه بني املـذهبني ، ، و مع هذا أورده ضمن الطبقة الـسادسة مـن حنـاة )7(و نص على أنه كان أقرب إىل البصريني منه إىل الكوفيني

.)9( ، فيما أحلقه الطنطاوي مبن مجع بني املذهبني)8(من حناة البصرةض" بروكلمان " الكوفة، و أدرجه مل يتردد اسم ابن كيسان كثريا ضمن كتابنا هذا ، و يرجح عندنا أن ما ورد من أقواله إمنا مصدره ما جادت بـه

الـسيئات أن أم حسب الذين يعملـون : من قوله تعاىل " ما " حافظة أيب جعفر ، من ذلك ما قدره من إعراب ، حيث أورد صاحبنا على لسان أستاذه أا مع ما بعدها مبرتلة االسم ] 4: العنكبوت [ يسبقونا ساء ما حيكمون

)1(

216 / 3 ـ3 ـ دار املعارف ـ ط عباس حسن : أنظر النحو الوايف 111 / 1إعراب القرآن )2( 229 / 2 نفسهاملصدر )3( 295 / 6قراءة حفص عن عاصم و محزة و الكسائي و ابن عامر و الضرير و أبو عمارة و األعمش ، معجم القراءات )4( قراءة ابن كثري و أبو بكر عن عاصم و يعقوب و أبان و احلسن و سهل و ابن حميصن ، املصدر السابق نفس الصفحة )5( 265 / 2إعراب القرآن )6( 153طبقات النحويني و اللغويني ص )7( 171 / 2تاريخ األدب العريب )8( 176نشأة النحو و تاريخ أشهر النحاة ص )9(

27

حرفا مصدريا ، أو أن تكون زائدة ال حمل هلا من اإلعراب و لكنه يستدرك قائال أنـه " ما " الواحد ، و ذا تكون :النمل [ فلنأتينهم جبنود ال قبل هلم ا : ، و يف قوله تعاىل )1( ذلك سبيال يفضل أن جيعل هلا حمال كلما و جد إىل

هي الم التوكيد ، و يضيف صاحبنا أن الالمات عنـد أسـتاذه ال : يذكر أبو جعفر أنه مسع أبن كيسان يقول ] 37، و يعقب قائال مبا ينم عن علو مرتلـة الم توكيد ، و الم األمر ، و الم اجلر : خترج عن إحدى األقسام الثالثة التالية

إن : و يقحم أبو جعفر أستاذه يف إعراب قولـه تعـاىل .)2(و هذا ال يتهيأ إال ملن درب بالعربية : أستاذه يف عينه : أجريت يف اآلية جمرى الواحـد أي " هذان " بسؤاله عن تأوله فأجابه مبا معناه أن ] 63: طه [ هذان لساحران

أن الواحد يلزم صورة ثابتة مهما اختلف حمله من اإلعراب محل املثىن عليه فـألزم هـو اآلخـر صـورة هذا، فبما . )3(واحدة

:اخلالف بني البصريني و الكوفيني ، و من املؤسف أن هذا الكتاب مل " املقنع يف اختالف البصريني و الكوفيني " نسب املترمجون أليب جعفر كتاب

قد اشتمل على مادة وفرية من موضوع " إعراب القرآن " ما يعزينا عن فقده أن كتاب أيب جعفر يصل إلينا ، على أن .اخلالف بني املذهبني ، و هو ما يسمح لنا بأخذ فكرة واضحة عن مضمون كتابه املفقود

عرض مـن مـسائل أدار أبو جعفر النقاش بني أعالم املذهبني ، مما أتاح لنا االطالع على تصور كل فريق فيما ي النحو و اللغة ، و إن كان هذا العرض يشوبه بعض االختالل بسب من أن صاحبنا كان يقدمه لنا من زاوية خاصة ، مال فيها إىل جانب وجهة نظر البصريني ، فلم يتح أمام الكوفيني فرصة يبسطون فيها تصورام للمسائل و حججهم

نكتفي يف هذا املقام بتقدمي شيء يسري من اجلدل بني علمـاء املـذهبني ، و . فيها و منطلقام إليها على أكمل وجه .و موقف أيب جعفر مما كان يثار ، و حكمه الذي ارتضاه باعتباره ـ يف كتابه ـ قاضيا بني الطرفني

"غري" احلديث عن إعراب مما وقع فيه اخلالف و أثبته صاحبنا يف هذا الكتاب مسألة االستثناء ، و هو خالف جره بـالرفع و اجلـر، و مل " غري" ، حيث قرأت ] 3: األعراف [ اعبدوا اهللا ما لكم من اله غريه : من قوله تعاىل

يستدع النقاش ال قراءة الرفع و ال قراءة اجلر ، و إمنا استدعاه جواز قراءا بالنصب ، فالكوفيون على لسان الكسائي " غـري " سواء مت الكالم أو مل يتم ، و مـن مث فقـراءة " إال " إذا صح استبداهلا ب " غري " ب و الفراء جييزون نص

بالنصب مقبولة عندهم ، فإذا سقط النفي عنها " ما جاءين غريك " بالنصب صحيحة عندهم ، كما أن عبارة من مثل . تلقاها الكوفيون بالقبول باللحن القبيح ردوها ، و أما البصريون فحكموا على العبارة السابقة اليت " جاءين غريك "

" غـريه " ال تنصب عندهم يف التركيب السليم إال إذا مت الكالم و صح االستغناء عنها ، و من مث فقراءة " غري " ف .)4(بالنصب بعيدة عندهم

345 ـ 344 / 2إعراب القرآن )1( 317 / 2 نفسهاملصدر )2( 187 / 2 نفسهاملصدر )3( 426 / 1 نفسهاملصدر )4(

28

و أن سعيه سـوف : و نأيت اآلن على فصل آخر من اخلالف بني املذهبني ، فالبصريون جييزون يف قوله تعاىل للمعلوم ، بينما يذهب الكوفيون إىل تلحينه ، و حجتهم يف ذلك أنـه ال " يرى " بناء الفعل ] 40: النجم [ يرى

.)1("يرى " و بالفعل " أن " ، إذ أنه بقراءة الفعل للمعلوم يصبح منصوبا ب " سعي " جيوز إعمال عاملني يف : اللهجات العربية

يد أبو جعفر كما سبق و أن ذكرنا يف كتابه هذا بإعراب القرآن ال حييد عنه ، و إمنا صب فيه مواد خمتلفـة مل يتق مما له صلة باللغة ، و من هذه املواد اللهجات العربية ، و إن أول مالحظة نبديها هي أنه كـان يعـرض مـا تعلـق

كالمه ، و لعل املالحظة الثانية هي أن املعلومات باللهجات من معطيات دون ترتيب و تنسيق ، و إمنا تأيت عرضا يف . اليت قدمها يف هذا الباب تتعلق أكثرها بلهجيت احلجاز و متيم ، أما بقية هلجات القبائل األخرى فتأيت يف درجة أقـل

كان فيما يقدمه عنها و مالحظتنا الثالثة هي أنه مل يكن له جهد خاص يف التحري عن اللهجات و مجع مادا ، و إمنا و أبو حامت فيما يرويه عن عيسى بن )3( و الكسائي )2(يأخذ عن غريه ممن عرف عنهم االهتمام ذا اال أمثال الفراء

، كما أن مصدر بعض ما نقل من مظاهر اللهجات استمده يف أغلب الظن من كتـاب )5( و عمرو بن العالء )4(عمر، بكسر ] 93: األعراف [ فكيف آسى على قوم كافرين : من قرأ قوله تعاىل سيبويه ، من ذلك تعليله لقراءة

.)6(بأنه نطق بالفعل وفق لغة متيم" آسى " اهلمزة من الفعلقسم سـاقه لغايـة : و ميكن يف ضوء ما تقدم أن نقسم مادة اللهجات اليت أثبتها أبو جعفر يف كتابه إىل قسمني

ليل قراءة ما أو تفسري ظاهرة لغوية خارجة عن الفصحى ، من ذلك ما علل به اختالف القراءات معينة ال خترج عن تع و حينا بفتحـه ] 20: النمل [ و تفقد الطري فقال مايل ال أرى اهلدهد يف ياء املتكلم يف موضع بالتسكني مثل

و ما يل ال أعبد الذي فطرين ] ما رآ ] 22: يس ه البعض من أن هلذا االختالف سـببا اقتـضاه أن فبعد أن ردو فيه من الغلـط مـا ال ) ال أعبد اهللا ( فتح الياء يف اآلية األوىل جاء ألبعاد احتمال الوقوف عليها و االستئناف ب

أرجع خيفى ، بينما جاز إسكان الياء يف اآلية األخرى ألا معطوفة على ما قبلها ، و ال يثري الوقوف عليها إشكاال ، هذا االختالف إىل هلجات العرب ، فبعضهم ينطق بالياء مفتوحة ، و بعضهم اآلخر يسكنها ، و دليله على ذلـك أن طائفة من القراء قرءومها مجيعا بالفتح ، و أن محزة قرأمها مجيعا بالتسكني ، و خيتم بالقول أن الفصحى منـهما هـي

من مادة اللهجات فال يبدو أنه خيدم غرضا حمددا بعينه ، و إمنا يـديل بـه و أما القسم الثاين . )7(القراءة بفتح الياء " الـذي " صاحبنا فيما يظهر لنا بقصد إطالع القارئ ال غري ، مثال ذلك ما أتى به من اللهجات يف االسم املوصول

169 /3املصدر السابق )1( 23 / 1 نفسهاملصدر أنظر مثال )2( 50 / 1 ص نفسهاملصدر أنظر مثال)3( 193 / 2 نفسهاملصدر أنظر مثال)4( 573 / 1 نفسهاملصدر أنظر مثال )5( 430 / 1 نفسهاملصدر )6( 310 ـ 309 / 2 نفسهاملصدر )7(

29

رفع و اخلفض و النصب ، يف موضع ال " الذين " فاللغة اليت جاء ا القرآن : و فيها لغات " الذين " « : حيث يقول الالذون يف موضع الرفع و اخلفض و منـهم : الذون يف موضع الرفع ، و من العرب من يقول : و بنو كنانة يقولون

. )1(»....من يقول اللذيون و لنا أن نسأل اآلن عن موقف أيب جعفر من اللهجات من حيث جواز قراءة القرآن ا من عدمه ؟ ميكننا القـول

ه مل يكن يعترض على ذلك ، و قد ذكرنا آنفا أنه أرجع بعض القراءات إىل أصلها اللهجي دون أن يرفق ذلك مبـا أنيدل على إنكاره هلا ، كما رأيناه أثناء تناوله لياء املتكلم اليت وردت بالفتح و السكون يرجع قراءة الفتح إىل الفصحى

ن ، و لكن كيف نفسر موقفه يف موضع آخر من كتابه و هـو دون أن يصدر عنه ما يغض من شأن القراءة بالسكو من أن يكون على اللغة الشاذة ] 60 :إبراهيم [ قالوا مسعنا فىت يذكرهم يقال له إبراهيم : يدفع عن قوله تعاىل

كانت قلت زيدا منطلقا ، حيث قضى بأنه مىت : نائب فاعل ، على لغة من يقول " إبراهيم " حبسب تعبريه ، فيكون ، فهل جيوز لنا القول أنـه )2( »ال يتكلم ا يف كالم اهللا عز و جل لشذوذها و خروجها عن القياس « اللغة شاذة

يعتمد تراتبية معينة يف هذه اللهجات حبيث جيوز القراءة يبعضها فيما حيضر القراءة يبعضها اآلخـر، يبـدو أن هـذا . يتوجب علينا التسليم به االستنتاج هو الذي يفرض نفسه علينا ، و أنه

:القراءات القرآنية تأخذ القراءات القرآنية مكانا معتربا من كتابنا هذا ، و برهن صاحبنا وهو يف مقام عرض مادا و ما أثاره حوهلا

ا ، فها هـو من قضايا لغوية و داللية و تارخيية ، و ما أورده عنها من تفاصيل دقيقة على درايته الواسعة و العميقةبعد أن أشار إىل أنه يف هلجـة احلجـاز ينطـق " الرسل " يقول يف معرض تعليقه على قراءة عمرو بن العالء للفظ

و أخذ أبو عمرو من اللغتني مجيعا ، فكان خيفف إذا أضاف إىل « : بضمتني ، و يف هلجة متيم بتخفيف الضمة الثانية ل إذا أضاف إىل حرف ـ أي إىل ضمري من حرف و احـد ـ أو مل حرفني ـ أي إىل ضمري من حرفني ـ ، و يثق

، صحيح أنه استمد طرفا من مادة القراءات اليت صبها يف كتابه هذا من بعض املصنفات اليت كانت بني )3( »يضف ، )4(أليب عبيد القاسم بن سـالم " كتاب القراءات " يديه ، و قد أتى يف منت كتابه على ذكر أمساء بعضها ، منها

. ، و لكن ال نشك يف أن طرفا مهما منها أسعفته به ذاكرته القوية )5(و كتاب ألبن السعدان بالعنوان ذاتهجلب فيه األقاويل و حشد الوجوه ، و مل يذهب يف ذلـك مـذهب « : وصف الزبيدي كتاب صاحبنا فقال

عبارة الزبيدي حييل على القراءات ، أما الـشطر األول ،من الواضح أن الشطر األخري من )6( »االختيار و التعليل

269 / 1املصدر السابق )1( 209 / 2 نفسهاملصدر )2( 77 / 1 نفسهر املصد )3( 312 ص نفسهأنظر املصدر ) )4( 33ص نفسه أنظر املصدر )5( 220طبقات النحويني و اللغويني ص )6(

30

أن الزبيدي يقيس كتاب أيب " تعليل " فيحيل إىل مذاهب النحاة املتباينة يف إعراب اآليات الكرمية ، و يظهر من كلمة جعفر مبا شاع يف عصره من كتب تتناول التماس الصحة للقراءات ، و هو ضرب من التـأليف افتتحـه أيب علـي

، على أن قـول الزبيـدي ال " احملتسب " مث تاله كتاب تلميذه ابن جين " احلجة للقراءات السبعة " لفارسي بكتابه ا . خيلو من إجحاف يف حق صاحبنا ، فكتابه يشتمل على كم معترب من التعليل للقراءات ال ميكن إغفاله

لقراءات املتواترة و القراءات الشاذة ، لقد أحلها مجيعـا مل يقم أبو جعفر يف تعليله للقراءات بإجراء فصل قار بني ا يف مستوى واحد ، فكان يلتمس هلا بقسميها وجه للصحة ، من ذلك ما بذله يف ختريج قراءة احلـسن ـ و قراءتـه

، حيث ذهـب إىل أن ] 60: البقرة [ علينا إن البقر تشابه: حتسب ضمن القراءات الشاذة ـ من قوله تعاىل . )1(مث وقع إدغام التاء يف الـشني " تتشابه " فعل فيها مضارع ، جاء حرف املضارعة منه مؤنثا ، و أن األصل فيه ال

على القراءة مىت خالفت قواعد النحاة ، فقد وسم قـراءة جماهـد " شاذة " و ميكننا القول أن أبا جعفر يطلق وصف يدخالن يف نطاق القراء املشهورين ، بل ألن قراءما خرجت عـن و محيد بن قيس بالشذوذ ليس ألن من قرءا ا ال

زيـن ـ للمعلوم" زين " قوانني لغة العرب حبسب استقصاء النحاة ، يقول يف حق هذه القراءة اليت بين فيها الفعل ، على أنه )2( )كر و هي قراءة شاذة ، ألنه مل يتقدم للفاعل ذ : ( ـ ] 212: البقرة [ للذين كفروا احلياة الدنيا

يطلق صفة الشذوذ يف مواطن أخرى على ما خالف القراءات امع عليها اليت صح إسنادها ، فقـال ـ و احلـديث ليس املعىن على أظهرها و السيما « : ما نصه ] 15: طه [ إن الساعة آتية أكاد أخفيها : دائر على قوله تعاىل

.)3( »هلمزة ـ قراءة شاذة ، فكيف نرد القراءة الصحيحة إىل الشاذة ؟ ـ بفتح ا" أخفيها " و و لننظر آلن يف املواصفات اليت يشترطها أبو جعفر يف القراءة حىت تكون مقبولة ينطبق عليها وصف الصحة ، إن

هو موافقة القراءة خلـط أهم هذه الشروط عنده و أكثرها ترددا على لسانه ، حبسب ما تبني لنا من مطالعة كتابه ، و يف حـرف « : ، و لنستمع إليه يقول يف هذا الشأن " السواد " املصحف أو ما اصطلح عليه يف بعض املواضع ب

، و يذهب بـه الـرأي إىل منـع )4( »و هذه القراءة على التفسري ، ألا خمالفة خلط املصحف " أو ال يتذكر " أيب فهذه ثالث قراءات أخرى : ( سري ، مما يعين أنه ال يعدها من صميم نص القرآن ، يقول التالوة بالقراءة اليت على التف

»ـ اثنان منها تعزى ألبن مسعود و الثالثة أليب ـ حتمل على التفسري ، ال أا جائز أن يقرأ ا ملخالفتها املـصحف و مل جتـدوا ما ينسب البن عبـاس ، و ثاين شروط القراءة الصحيحة عنده هو اإلمجاع ، يقول معلقا على )5(

هذه القراءة شاذة و العامة على خالفها ، و قل « : بضم الكاف و تشديد التاء ما يلي ] 283: البقرة [ كتابا

67 / 1إعراب القرآن )1( 127 / 1املصدر السابق )2( 178 / 2املصدر السابق )3( 168املصدر السابق ص )4( 185املصدر السابق ص ) )5(

31

، فإنه مـن )2( ، و مع أنه يقدم اإلمجاع على صحة اإلسناد )1( »ما خيرج شيء عن قراءة العامة إال كان فيه مطعن ، كمـا ةا الشرط مل يرق عند صاحبنا إىل درجة القطع و اجلزم كما جنده عند كتاب العصور الالحق الواضح أن هذ

نالحظ أنه ال يأيت كثريا على ذكره ، مما نستشف منه أنه مل يتبلور عنده بشكل تام ، و مل يعيه على أكمل وجـه ، و النحاة ، و قد تقدم قوله يف لغة من ال حيمل الكـالم ثالث هذه الشروط هو موافقة القراءة لقوانني اللغة اليت استنبطها

وإن كانت تلك اللغة شاذة ال يتكلم ا يف كتاب اهللا عزو جل لـشذوذها و خروجهـا « : بعد القول حممل احملكي . »على القياس

ور التـوايل قـد خنلص مما تقدم إىل أن شروط القراءة الصحيحة الثالثة اليت احتفت ا كتب القراءات يف العـص وردت عند صاحبنا مبثوثة على صفحات متفرقة من كتابه ، و لكنه فيما يبدو لنا مل يدركها إدراكا واضحا ال لـبس

. فيه ، فلم جيمع بينها ، و مل حيتكم إليها معا يف سياق تناوله للقراءات بالتفسري و التعليل سابقة معايري أخرى فيما كان جيريه بني القراءات من ترجيح ، فكان اعتمد أبو جعفر إضافة إىل الشروط الثالثة ال

بالرفع علـى قـراءة ) قل العفو ( للمعىن اعتبار خاص عنده قدم ألجله قراءة على أخرى ، من ذلك أنه فضل قراءة القـراءتني ، فبعد أن حكم بـأن ] 219: البقرة [ و يسألونك ماذا ينفقون قل العفو : النصب من قوله تعاىل

، و زيادة على ما سـبق )3(مقبولتان حسنتان إذا رجعنا فيهما إىل قواعد اللغة ، استدرك أن التفسري يوجب النصب : رجع إىل السياق اللغوي ليبني أي القراءات أقرب إىل الصواب ، و نضرب هنا مثال على ذلك ، ففي قولـه تعـاىل

إال من اغترف غرفة ] بفتح الغني و ضمها ، و رجح صاحبنا قراءة الفـتح ألن " غرفة " قرئت ] 249: البقرةالكلمة على هذا النطق على صيغة مصدر املرة ، فهي ذا أنسب لداللة سياق الكالم على القليل ، و استبعد قـراءة

وسل به للترجيح بـني ، و التفت إىل الشرط التارخيي الذي نزلت فيه اآلية فت )4(الضم الحتماهلا معىن القلة و الكثرة : املائدة [ و ال جيرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن املسجد احلرام : قراءة و أخرى ، فقد اسقط قراءة من قرأ

، و ذلك ألن هذه اآلية ـ على ما ذكر أبو جعفر ـ قد نزلت عام فتح مكـة ، و القـراءة " أن " بكسر مهزة ] 2كما اختذ مـن قـول . )5(الظن بأن الصد مل يقع بعد ، و أنه رهن باملستقبل حيمل على " إن " بالشرط الذي تفيده

من سورة 271من اآلية " نكفر" اخلليل و سيبويه أساسا فضل به قراءة على أخرى ، من ذلك أنه رجح قراءة الفعل عفر مل تكن خاليـة مـن بيد أن ترجيحات أيب ج . )6(البقرة بالرفع بدل اجلزم ، ألن هذا هو اختيار اخلليل و سيبويه

قالوا ربنـا باعـد بـني : قواعد توجهها ، فنجده يقول يف آخر تعلقه على االختالفات بني القراء يف قوله تعاىل

170 / 1إعراب القرآن )1( 565 / 2 نفسهاملصدر )2( 134 ـ 133 / 1 نفسهاملصدر )3( 150 / 1 نفسهاملصدر )4( 310 / 1 نفسهاملصدر )5( 161 / 1 نفسهاملصدر )6(

32

إحدامها أجود من األخرى : و هذه القراءات إذا اختلفت معانيها مل جيز أن يقال « ما نصه ] 19: سبأ [ أسفارنا« )1(.

أبو جعف ي ر من النحاة الذين مل يتوانوا يف احلكم على القراءات باللحن و الغلط ، و قد رأيناه آنفا يرد قـراءة عدو قد رويت عن أيب عمرو و ابن كثري ، كما رد قراءات أخرى عديدة تلحق بـالقراءات املتـواترة ) إن صدوكم (

اءات هجمات الطاعنني فيها ، مبينا وجه الـصواب ، و يف موقف مقابل ملا ذكرنا نراه يدفع عن القر )2(امع عليها بكـسر حـرف ] 113: هود [ فتمسكم النار : فيها ، و نضرب لذلك مثال هو قراءة األعمش لقوله تعاىل

املضارعة ، فقد أنكر أبو عبيد هذه القراءة متعلال خبلوها من حروف احللق ، فاعترض عليه أبو جعفر بأن تعليله عـار فال مكان للحديث عن حروف احللق يف هذه القراءة ، و بين أن الكسرة اليت حلقت حرف املـضارعة من الصحة ،

لبعض العرب أثبتها اخلليل و سيبويه ، يأيت فيها املضارع مكسور حرف املـضارعة إذا كـان ماضـيه ) هلجة ( لغة ها ، فقد استقبح أبو حامت قراءة طلحة و يصد يف موضع آخر عن القراءة مه اللحن حمتجا لصحت . )3(مكسور العني

بنعت املفرد مبا حقـه ] 22: احلجر [ و أرسلنا الريح لواقح : و حيي بن وثاب و األعمش و محزة لقوله تعاىل ، فامللـك يقـصد بـه ] 17: احلاقـة [ و امللك على أرجائها : اجلمع ، فغلطه صاحبنا مستدال بقوله تعاىل

ضي أبعد يف تقدير القراءات فيحتج ا ملذهب البصريني من أن الظرف يرفع مىت كان متمكنا ، على و مي . )4(املالئكة موعدكم يوم : خالف الكوفيني الذين قالوا بنصبه إن كان معرفا و برفعه إن كان نكرة ، بقراءة القراء لقوله تعاىل

.)5(برفع الظرف ] 59: طه [ الزينة جلرأة على رد القراءة مىت بدا له أا خملة بشرط من الشروط املذكورة آنفا ، و هـذا املوقـف كان أليب جعفر ا

رأيناه يتكرر يف أكثر من موضع ، فلم يكن يشفع للقراءة عنده أا متواترة قد أطبق على صـحتها كبـار القـراء ، ، وعلق بأن ] 25: الكهف [ مائة سنني فلبثوا يف كهفهم ثالث : وهكذا فقد رد قراءة اجلمهور يف قوله تعاىل

، و ليست هذه املرة الوحيدة اليت رمي )6(ثالث مئة سنة : هذه القراءة بعيدة يف العربية ، إذ الصواب يف كالم العرب فيها قراءة باللحن ، فهذا احلكم دار على لسانه كثريا ، مما ميكننا القول أن أبا جعفر من النحاة الذين أكثـروا مـن

. ، بيد أنه كان اختذ يف أحيان أخرى موقف املدافع عنها كما رأينا سابقا)7(ختطئة القراء و االعتراض على قراءام و من مواقفه حنو القراءات الترجيح بينها حبسب معايري منها ما يعود إىل املضمون و منها ما يعود اللغة و منها مـا

:النساء [ يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم يف سبيل اهللا فتبينوا ا هو يفضل قراءة يقوم على آراء النحاة املتقدمني ، فه

416 / 2املصدر السابق )1( 154 ص نفسهأنظر مثال املصدر )2( 574 / 1 نفسهاملصدر )3( 63 / 2 نفسهاملصدر )4( 206 / 2نفسه املصدر )5( 129 / 2 نفسهاملصدر )6( 193 ، 80 / 3 ، 217 ،54 / 2 ، 481 ، 406 ، 395 ، 269 ، 133 ، 72 / 1 نفسهاملصدر )7(

33

على أساس )1(و ا قرأ محزة و الكسائي و خلف و احلسن و األعمش " فتثبتوا " و ا قرأ اجلمهور على قراءة ] 94 يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا الذين اختذوا : ، و يرجح قراءة قوله تعاىل )2(من أن التبني أوكد يف املعىن من التثبت

معطوفـا " الكفار " بنصب ] 57: املائدة [ دينكم هزؤا و لعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و الكفار أولياء وال الثالثة ؛ ألن النصب أقرب متنـا " الذين " معطوفا على لفظ " الكفار " الثانية على قراءة جر " الذين " على لفظ

: ، و قدم قراءة نافع و ابن كثري و أيب عمرو و ابن عامر و يعقـوب و أيب جعفـر لقولـه تعـاىل )3(و أوضح معىن نشرهاوانظر إىل العظام كيف ن )4( على القراءة املروية عن ابن عباس و احلسن ) نشرها؛ ألن املتداول ) كيف ن

وإن ختفوها و توتوها الفقراء فهو خري لكـم و نكفـر : ، و قراءة قوله تعاىل )5("أنشر" يف اللغة هو الفعل املزيد أوىل عنده من جزمه إتباعا لرأي اخلليـل و سـيبويه ، " نكفر " برفع الفعل ] 271: البقرة [ عنكم من سيئاتكم

. )6(عليه" نكفر " و علة ذلك أن مجلة جواب الشرط خلت من الفعل ، فتعذر بذلك عطف و مل يسلك أبو جعفر دائما طريق الترجيح بني القراءات املختلفة ، فكان يعرض يف اآلية الواحدة قراءات خمتلفـة دون أن يصدر عنه ما يدل على أنه يقدم إحداها على رسيالا ، بل وجدناه يف بعض املواضع يصرح بأنه مـن غـري

فقالوا ربنا باعد بني أسفارنا : و هو ما حدث مع قوله تعاىل )7(السليم الترجيح بني القراءات إذا اختلفت معانيها . ستة أوجه متغايرة يف األداء " باعد " ، حيث أثبت للفعل ] 19: سبأ [

و خنتم حديثنا بالقول أن موقف أبو جعفر يف القراءات مل خيل يف عمومه من تناقض ، فهو من جهة خيطئ القـراء ام غري مبال ، و من جهة أخرى يرفع من شأا و يظهر حنوها الكثري مـن التحـرز و التـسليم و ميعن يف رد قراء

. )8(خصوصا ما كان منها داخال يف قراءة اجلماعة

1شعبان حممد إمساعيل ـ عامل الكتب ، مكتبـة الكليـات األزهريـة ـ ط : أمحد بن حممد البنا ، تح : بالقراءات األربعة عشر إحتاف فضالء البشر )1(

518/ 1م ـ 1987 282 / 1إعراب القرآن )2( 332 / 1 املصدر نفسه )3( 372 / 1معجم القراءات )4( 155 / 1إعراب القرآن )5( 162 ـ 161 / 1 املصدر نفسه )6( 416 / 2 املصدر نفسه )7( 486 / 3 ملصدر نفسها )8(

الفصــــل األول

نظريـــةأسس

:ضبط املفاهيم مفهوم القراءةـ

مفهوم التوجيهـ :القراءات و اللهجات العربية القدمية

تعريف اللهجةـ هلجة احلجاز يف القراءاتـ هلجة متيم يف القراءاتـ

ظاهرة اإلعراب يف القراءات ـ :القراءات يف الدرس النحوي

االستشهاد ـ التأويلـ الرد و التضعيفـ

35

ضبط مفهوم القراءة القرآنية :تعريف القراءة لغة

، وجدنا أنه يطغى عليها املعطـى " قرأ " تها مادة لإذا ما رجعنا إىل املعاجم العربية نبحث فيها عن املعاين اليت مح ما قرأت هذه الناقة سلى «سان العرب حتت هذه املادة فقد ورد يف ل ، اإلنسان و احليوان على السواء البيولوجي من

، )1(»مل تقرأ جنينـا ، أي مل تلقـه : قط ، و ما قرأت جنينا قط ، أي مل يضطم رمحها على ولد ، و فيه قول آخر "قـري " ، و جيمع ابن فارس بني ماديت )2( »حاضت : طهرت ، و قرأت : يقال قرأت املرأة «و يف موضع آخر

مجعته ، و ذلك املـاء : قريت املاء يف املقراة « و هو اجلمع يقول عىن ذاته على أساس من اشتراكهما يف امل " قرأ " و ما قرت هذه الناقة سلى ، كأنه يراد أا ما : و إذا مهزت هذا الباب كان هو و األول سواء ، يقولون ،اموع قري ، )4( » املرأة قرء إذا رأت دما ، و أقرأت إذا حاضـت فهـي مقـرئ يقال قرأت « ، و يف العني )3( »محلت قط

تأخر مطرها : حان مغيبها ، و أقرأت النجوم أيضا : أقرأت النجوم « :و للزمن نصيب من داللة هذه املادة ، فيقال ألصل ا و « أثبته ابن منظور أكثر فيما املعىن ، و يتضح هذا )5( » هبت ألواا و دخلت يف أواا :، و أقرأت الرياح

، على أنه ميكننا )6( »ألن لكل منهما وقتا و لذلك وقع على الضدين ـ احليض و الطهر ـ ،يف القرء الوقت املعلوم أسبق إىل الظهور من الدالالت لأللفاظ قدمه لنا علم اللغة احلديث يف أن الدالالت احلسية الدرس الذي استنادا إىل ـ

، مالحظة ظواهر احليض و الطهر تأتى عن إمنا معىن الوقت املعلوم بأن االدعاءلب مقولة ابن منظور و من ق ـ اردة .فهو بذلك تال هلا يف الوجود

من الواضح أن الدالالت السابقة تضمنت من املؤشرات ما يبيح لنا احلكم بأا وليدة بيئة بدوية رعويـة ، فمـا أورد ابن منظور ثالث صيغ ملصدر هذه من الدالالت السابقة ، و كيف نربطه ا ؟ و احلال " القراءة" مكان لفظ

، و إذا كانت داللة الصيغة األوىل للمصدر قد اتضحت مما أثبتناه هلا فيما )7( ، قراءة قرء ، قرآن : هي " قرأ " الفعل إسحاقاألزهري ناقال عن أيب فقد ذهب ، خالف داللتها حتديد قد وقع يف " قرآن " سبق ، فإن داللة املصدر الثاين

هو املعروف و الذي عليـه أكثـر «: ق على ذلك قائال و عل )8(يقع على معىن اجلمع " قرآن " لفظ إىل أن اجالزج » وعا أي ألقيته مو جيوز أن يكون معىن قرأت القرآن لفظت به جم « قطرب إىلسبه ن يف تأول آخر جاء و )9( »لناس

.3563 / 39عبد اهللا علي الكبري ، و آخرون ـ دار املعارف ـ : ابن منظور ، تح : لسان العرب )1( .3565 / 39نفسه ـ املصدر )2( .79 ـ 78 / 5م ـ 1979عبد السالم حممد هارون ـ دار الفكر ـ : أمحد بن فارس بن زكريا ، تح : قاييس اللغة م )3( .205 / 5العني ـ اخلليل )4( .3565 / 39لسان العرب ـ )5( . ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )6( .3563 ـ ص نفسهاملصدر )7( .271 / 9 م ـ 1976 ـ 1عبد السالم حممد هارون ـ مكتبة اخلاجني ـ ط : األزهري ، تح : ذيب اللغة )8( . ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )9(

36

، و أنـه " اإلجنيل " و "التوراة " أن القرآن اسم علم مثله يف ذلك مثل منلشافعي ا قولعض املصادر و نقلت ب ،)1( .)2("قرأ " مادة غري مشتق منعلى أساس من أنهال يلفظ مهموزا ،

اللغويـة إىل البيئة وفد لفظ دخيل " القرآن " أن من املختصني بالدراسات الفيلولوجية أكثر املستشرقني و ارتأى بـه بني من جـنح و ةسرياني ال اللغة حقيقتها بني من غلب عليه الظن باا حول رأيهم انقسمأجنبية لغة منالعربية تـاريخ " الذي أسهم يف تأليف كتـاب " شوفالييه " رأي العامل األملاين و يبدو أن ، )3(ةعربيال اللغة إىل أا االعتقاد السرياين ، و أنـه اختـذ بتـأثري اللـسان العـريب صـيغة " قريانا " أصله يف لفظ جيد هذا اللفظ من أن " القرآن

هذا الـزعم ال نقد كان له بالغ األثر على عقول املستشرقني ، و ألفى لدى أكثرهم آذانا صاغية ، بيد أ )4("عالن ف" ن أصل كلمة القرآن ال يعـدو م أن ما يقدمه نع على كل حال مل يكن غافال صاحبه و مقنعة ، كافية يقوم على أدلة

يبني لنا املالبسات الدقيقة اليت تسرب ا هذا اللفظ إىل اللغة العربيـة ، من أن قد كان عاجزا ف ، افتراضكونه جمرد على أيديهم ، و يف أي زمان حدث ذلـك ، و هكـذا نـرى أن تـصور اإلجناز هذا و من هم الفاعلون الذين مت

.يثري من األسئلة أكثر مما جييب عنها " شوفالييه "هو القرآن الكرمي ذاتـه ، " قرآن " ما ميكننا التأكيد عليه يف هذا الشأن هو أن أقدم نص عريب ورد فيه لفظ إن

:القيامة [ ع قرآنه فإذا قرأناه فاتب : متحمال فيه داللتني خمتلفتني ، إحدامها هي التالوة و هي ما جنده يف قوله تعاىل مبـا حنن نقص عليك أحسن القصص: و األخرى اسم العلم احمليل على النص القرآين ، كما يف قوله تعاىل ، ]18

، على أنه قد حدث فك لالرتباط بـني ] 03: يوسف [ أوحينا إليك هذا القرآن و إن كنت من قبله ملن الغافلني و هو لفظ مل يرد مطلقا يف آي الـذكر " قراءة " املعىن األول أي التالوة لصاحل لفظ املعنيني ، حيث أسقط عن اللفظ

.)6(الكرميلمية على الكتاب عند املسلمني إىل الداللة الع" قرآن " ، فخلص ذا لفظ )5(احلكيم تنـسب ثر من أحاديـث أستعمل بوفرة يف ماين النص القرآين ، فإنا جنده ع غائب متاما "القراءة " إذا كان لفظ

يتجلى استعمال اللفظ ذا املعىن فيمـا أورده ، و تالوة ال بادئ األمر معىن هذه الكلمة ، لقد أخذت ))7لرسول لقتـصر عليهـا ، ففـي تدون أن )8( » كان ميد مـدا «البخاري على لسان أنس بن مالك يف وصف قراءة الرسول

مـن الذي تتم تالوته ، القرآين القينا مبعىن النص ت زول القرآن على سبعة أحرف الروايات املتعددة املتعلقة بأحاديث ن

.السابق ـ نفس الصفحةاملصدر )1( .3563 / 39 لسان العرب ـ )2( .73 م ـ ص 1993هاشم صاحل ـ املؤسسة الوطنية للكتاب اجلزائر ـ : حممد أركون ، ترمجة : الفكر اإلسالمي )3( . 70 ـ 69 م ـ ص 2004 ـ 1جورج تامر ـ مؤسسة كونراد أدناور ـ ط : تيودور نودلكه ، ترمجة : تاريخ القرآن )4( . هـ 1364حممد فؤاد عبد الباقي ـ دار احلديث ـ : آن الكرمي أنظر املعجم املفهرس أللفاظ القر )5( .16 / 1 م ـ 1995 ـ 1فواز أمحد زمرييل ـ دار الكتاب العريب ـ ط : حممد عبد العظيم الزرقاين ، تح : ن يف علوم القرآن مناهل العرفا )6( . م ـ مادة قراءة1936ـ مكتبة بريل يف ليدن ـ ، ونستك احلديث النبوي ـ أ ، ى أنظر املعجم املفهرس أللفاظ )7( .91 / 9عبد العزيز بن عبد اهللا بن باز و آخرون ـ دار املعرفة ـ : أمحد بن علي بن حجر العسقالين ، تح : الباري بصحيح البخاري فتح )8(

37

عبـد أقرأين : جاء رجل إىل رسول اهللا فقال « : من حديث يرتفع إىل زيد بن أرقم ذلك ما نقله الطربي يف تفسريه . )1( »ءة أيهم آخذ ؟اهللا بن مسعود سورة ، أقرأنيها زيد و أقرأنيها أيب بن كعب فاختلفت قراءام ، فبقرا

: تعريف القراءة اصطالحا االزركشي القراءة ب ف عراختالف ألفاظ الوحي املذكور يف كتبة احلروف أو كيفيتها من ختفيف و تثقيـل « أ

لنطـق مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء خمالفا غـريه يف ا « الزرقاين أا جاء يف تعريفها عند ، و )2()و غريها »، سواء أكانت هذه املخالفة يف نطق احلروف أم يف نطق هيئاـا بالقرآن الكرمي ، مع اتفاق الروايات و الطرق عنه

من اختالفها عن بقية القراءات يأتيها زما جيب أن تكون عليه القراءة من متي إن العنصر املشترك بني التعريفني هو ، )3( غري أن الزركشي حبسب الظاهر من عبارته ال يكتفي فيما يقوم من بألفاظ الوحي ، األخرى و ذلك يف أداء أو النطق

إذ ال تعدو ،غين خالف بني القراءات باجلانب الشفوي فيضم إليه اجلانب الكتايب ، و إن مل يكن يف هذه اإلضافة ما يمـن إحكامـا وضوحا و أكثر أشداءة بدو عبارة الزرقاين يف تعريف القر تو الكتابة أن تكون انعكاسا ملا ينطق به ،

قد حازت على الشرعية االجتماعيـة ، و هو ما يعين أا عليها اجتماع الروايات و الطرق يف القراءة حيث اشتراطها و تؤمن له الدميومة يف الـزمن ، تضبطه خاصة له قواعد و على تراتبية معينة ، اؤسسم ، عليه ا متعارف اتقليدفأضحت

على حنـو مـا وردت عليـه يف ذات الداللة الفردية املعزولة " قراءة " لف عن املعىن الذي جنده لكلمة و يف هذا ختت . الصحابة زمن الرسول بعض وقائع اختالف قراءاتاليت تعرض الروايات

:الفرق بني القراءة و القرآن م أن القـرآن و القـراءات حقيقتـان اعل «: حني قال ذهب الزركشي إىل أن الفرق قائم بني القراءة و القرآن

أللفـاظ هـذا من قارئ آلخر و أما القراءات فهي أوجه األداء املختلفة فالقرآن هو الوحي املرتل ، ،)4( »متغايرتان ذكـر فقد مذهب الزركشي يف هذه املسألة ، و قد وجد من يعترض على ، )5(الدمياطيو وافقه على هذا ، الوحي

بعض القراء يف عصره يعتقدون أن القراءات السبع كلها متواترة يف مجيع تفاصيلها من أصول مكي بن أيب طالب بأن يف معرض رده على طه حسني أحد الكتاب املعاصرين مال هذا، وإىل )6(و فرش ، و حكموا بأا مرتلة من عند اهللا

أنكر عليه رأيه ، مؤكدا حيث ، الذي رأى بأن القراءات ليست من صميم الوحي و أن مصدرها اختالف اللهجات و القراءات ن إىل أن العالقة بني القرآ إمساعيلو ذهب شعبان حممد .)7( هي و الوحي حقيقة واحدة على أن القراءات

24 / 1) د ت ( 2حممود حممد شاكر ، أمحد حممد شاكرـ مكتبة ابن تيمية ـ ط : لطربي ، تح حممد بن جرير ا: تفسري آي القرآن جامع البيان يف )1( .318 / 1 م ـ 1984 ـ 3حممد أبو الفضل إبراهيم ـ مكتبة دار التراث ـ ط : حممد بن عبد اهللا الزركشي ، تح : يف علوم القرآن الربهان )2( .336 ص مناهل العرفان يف علوم القرآن ـ الزرقاين )3( .318الربهان يف علوم القرآن ص )4( 1شعبان حممد إمساعيل ـ عامل الكتب ، مكتبة الكليات األزهريـة ـ ط : ، تح إحتاف فضالء البشر يف القراءات الربعة عشر ـ أمحد بن حممد البنا )5(

.69 ـ 68 / ـ2008 .186 ـ 185ـ ص ) د ط ، د ت ( عبد الفتاح إمساعيل شليب ـ دار ضة مصر ـ : مكي بن أيب طالب ، تح : ين القراءات اإلبانة عن معا )6( .26ـ ص ) د ط ـ د ت ( عبد العال سامل مكرم ، مؤسسة علي جراح الصباح ـ : النحوية أثر القراءات القرآنية يف الدراسات )7(

38

عنده أن يكونا خمتلفني فيما بينهما كما ذكر الزركشي و الزرقـاين ، و يف هي عالقة كل جبزء ، فمن غري الصحيح ، كمـا مجيعها أوهلما أن القراءات ال تشمل ألفاظ القرآن : احلكم بأما شيء واحد لسببني نفس الوقت من املتعذر

. )1(أن يف القراءات ما هو شاذ وما هو صحيح و القسم األول ال ميكن حبال عده من القرآنـ ، فنحن ال جنما بينهاختالفما حندسه من و لعل ما يعيننا على توضيح الفرق بني مفهومي القرآن و القراءة ، ع م

القرآن أبدا فيما نفرد و جنمع القراءة ، و نضيف القرآن إىل الذات اإلهلية ، فيما نضيف القراءة لقارئها ، فنقول قراءة و من هنا القرآن باعتباره ضربا من الكالم مستويني مها مستوى الدال و املدلول ، نافع أو قراءة عاصم ، و نسبغ على

.ري القرآن و تأويله فيما ميتنع علينا ذلك مع القراءة جاز لنا القول تفسنقتطع من النص القرآين جانبا معينا منه ، هو " القراءة " و يقوم الفرق من وجهة نظرنا بني املصطلحني من أننا يف

، كثر من جانـب هلا أ ، إذ ملا كان القرآنيةتفرضه طبيعة الظاهرة تحكمي ال اإلجراءاجلانب الشفوي األدائي ، و هذا ، والذي لديه اطالع قليل على هذا الباب فقد مت جتاهل بقية اجلوانب ، هو اجلانب الشفهي منها مقصود القراء كان و

. قارئ إىل آخر تقتصر على اإلحاطة بوجوه األداء املتمايزة من يف مادة القراءاتمن البحث يعرف أن املؤلفات ذكرناه من أنه يشمل مـستوى ، فهو باإلضافة إىل ما أغىن بكثري و " القراءة " من فأعقد " القرآن " أما مصطلح

مبجاالت أخرى من البحث منها التاريخ ، عالقات فإن له الدال و املدلول على أساس من انتمائه إىل عامل اخلطاب ، ، وهذا ما يتم عادة تناوله حتت كان هلا انعكاس على مضموا فآيات القرآن و سوره نزلت يف سياقات تارخيية معينة

على أن للقراءات هي األخرى تارخيها الذي يتماهى حينا مع تاريخ القرآن ، و حينا ينفـصل مبحث أسباب الرتول ، .عنه ، فبني مساري كل منهما تقاطعات هي حصيلة ما بينهما من اختالف و وحدة

ا ، فليس القـرآن مقـدار اإلطالق يبدو لنا موفقا على هل القراءات جزء من القرآن ؟ إن هذا التصور الكمي ال تصور الذي الو ماذا عن حاالت أو حتققات له ، قراءاتهكما انه ليس منطا و نوزعه على أجزاء هي قراءاته املتعددة ،

جوهر من ن يف الوجود ، فهو من جهة اله صورت لقرآنا و الذي نقله لنا التهانوي من أن األشاعرة تقدم به األصوليني مثـل ـذا ، فهو حادثة، و من جهة أخرى له وجود مادي يقع حتت احلواس من ألفاظ و رسوم أزليةطبيعة مفارقة

هلـذا ال ميكـن أن نـسلم ؟ )2(رسم مها ذات النار ال هذاالنار اليت نتلفظ بامسها و نكتبه دون أن يكون هذا االسم و ، فهو يسقط من االعتبار أن النـار و القـرآن عليه من طابع أفالطوين املوغل يف املثالية و الذي ال خيفى ما التصور

فيندرج كما سبق وان ذكرنا ضمن ينتميان إىل مرتبتني يف الوجود متغايرتني ، فالنار تنتمي إىل عامل األعيان أما القرآن .عامل اخلطاب

ينظر إىل املوضـوع و احد ، فالذي قال ذا على أننا نتفهم وجهة نظر من ذهب إىل أن القرآن و القراءات مبعىن يف حبتـة ، فإذا كنا قد أقمنا الفارق بينهما على أساس مفهومي ، فهو ينطلق من نظرة ماصـدقية النظرة األوىل بغري

إذا مل يكن القـرآن : و حجته على مذهبه بسيطة ، و عرضه هلا يأخذ شكل السؤال املوايل ،تناوله للقضية املطروحة

. من إحتاف فضالء البشر بالقراءات األربعة عشر69أنظر هامش صفحة )1( .1306 م ـ ص 1996 ـ 1حممد علي التهانوي ، رفيق العجم و آخرون ـ مكتبة لبنان ـ ط : الفنون شاف اصطالحات ك)2(

39

القـرآن أن هـي دون شـك إن النتيجة اليت خيرج ا عساه يكون ؟ يا ترى القراءات اليت بني أيدينا فماذا هو هذه .و القراءات حقيقة واحدة :حديث األحرف السبعة

احلـروف من أهم القضايا اليت تواجه دارس القرآن هي تعدد قراءاته و ما يفصل بينها من فروق على مستوى فرش ما هو ؟ و ا هي الظروف اليت انبثقت فيها هذه الفروق راء يف كتبهم ، و األسئلة اليت تطرح هي م الق حبسب اصطالح

؟ و كيف حيتفظ القرآن بوحدته على الرغم منها ؟ إن هذه األسئلة املشروعة هي اليت تدفع بنـا املربر الذي يسوغها مته الدراسات اإلسالمية قدميا وحديثا كتفسري و تعليـل لالخـتالف إىل البحث يف حديث األحرف السبعة الذي قد

تبنا لنا أنه لتكوين تصور واضح عن القراءات و ما تثريه من تساؤالت البد من مقاربة قدل . يف قراءة القرآن املالحظين املصحف العثماين ، فترة ما قبل تدو : املوضوع من وجهة نظر تارخيية ، فنقسم تاريخ القراءات إىل فترتني أوالمها

،وضوعامل املعطيات املتوفرة حول دون شك فرز هذا املصحف ، إن هذه املقاربة تتيح لنا و ثانيهما فترة ما بعد تدوين نشأة القراءات ، و الظروف اليت أحاطت ا ، و العوامل احلامسة الـيت أثـرت فيهـا ، الوقوف على مما ييسر علينا

اليت استقرت عليها أخريا يف التـراث تصورال إىل وصوال لوعي ا عند املنشغلني عليها و املهتمني ا او تتبع مسارات . العريب اإلسالمي

:القراءات قبل تدوين املصحف العثماين مع أن االختالف يف القراءات القرآنية يشمل السور املكية و املدنية على السواء ، فإنه ميكننا القـول بـأن هـذا

االختالف مل يظهر إال يف الفترة املدنية ، و ذلك بسبب من أن املسلمني يف الفترة املكية كـان عـددهم حمـدودا ، و ينتمون يف أغلبهم إىل بيئة لغوية منسجمة ، فلهذا السبب كان من املستبعد أن يوجد االختالف بينهم يف أداء اآلي

كان جيري على ألـسنتهم ودخول أعداد كبرية من العرب إىل اإلسالم إىل املدينة ، و بعد هجرة الرسول الكرمي .)1( من باب التخفيف و التيسري هذهم هلجاهلجات خمتلفة ، أباح هلم الرسول قراءة القرآن وفق

اخـتالف يف قـراءة من متضمنة يف ثناياها ما كان بني املسلمني يف حياة الرسول لقد وردت بعض القصص إىل يف ذلـك لسورة الفرقـان ، و احتكامـه هشام بن حكيم من قراءة عمر بن اخلطاب أنكره ذلك ما من ،القرآن

فيمـا رسـول اهللا سقطت فلم تصل إلينا ، كمـا أن مادة هذا اخلالف أ ا يالحظ يف هذا الشأن أن ممو ، )2(الرسولروى عنه ي و جيـده كان أحيانا يغضب من هذا اخلالف لب ، )3(الصحابةحوهلا د قراءة من القراءات اليت اختلف مل ير

أنـه )4(»كله صواب ، ما مل جتعل رمحة عذابا أو عذابا رمحة إن القرآن «:و الظاهر من رده على عمر . غري مربر . إىل التيسري والتوسيع على املسلمني يف هذا الشأن وكان يصب

. )89 ـ 88( م ـ ص 1975طيار آليت قوالج ـ دار صادر ـ : أبو شامة املقدسي ، تح : املرشد الوجيز : أنظر )1( .349 / 3 هـ ـ 1400 ـ 1حمب الدين اخلطيب و آخرون ـاملطبعة السلفية ـ ط : تح حممد بن إمساعيل البخاري ، : اجلامع الصحيح )2(

. 55 م ـ ص 1997 ـ 1عبد املهيمن طحان ـ دار املنارة ـ ط : أبو عمرو الداين ، تح : األحرف السبعة للقرآن )3(

. 26 / 1تفسري الطربي )4(

40

ل أو إ ن إىل هذه الفترة من تاريخ اإلسالم لنتبني حقيقتها ، ثر من هذه القراءات اليت ترجع و نذهب اآلن إىل ما أ عثمان بن عفـان عمر بن اخلطاب الصحابة ، نذكر منهم من كبار عزى إىل أفراد القراءات ت يلفت انتباهنا هو أن ام

، و ابـن بن مسعود و أيب بن كعب عبد اهللا و و علي بن أيب طالب ، وسعد ابن أيب وقاص و أبو موسى األشعري املـصاحف سب إىل أكثر هؤالء حيازة مصاحف تعود إىل زمن سابق على تـدوين و ن ، و عبد اهللا بن الزبري عباس ، أوفر مادة مما حفظته لنا املصادر من أن على ، )2( زمن خالفة عمر بن اخلطاب يف يف أغلب الظن نتود ، )1(العثمانية

و ترجح كفة ابن مسعود يف شهرة مصحفه و قراءاته مبا كـان ن كعب ، مسعود و أيب ب هذه القراءات ترجع إىل ابن فترة من الزمن ، و هلذا وجدنا قراءته تستمر طويال إشرافه على تعليم القرآن ا حبكم له يف الكوفة من أنصار و أتباع

، و أما قراءة أيب فلم حتض املصحف العثماين اجلارية على وفاق تؤثر يف القراء املنحدرين من الكوفة منافسة القراءة ف . )3(بشيء من هذا ، و مل يكتب ملصحفه الذيوع ، فبقي حمصورا يف نطاق عائلته

املختـصني إجابة إن ؟ هلا هم مدى تقبل ماوذه القراءات املأثورة عن الصحابة هل هي نظرة املسلمني ل اآلن ما أ و نس مبدى ما تتوفر عليه هذه القـراءة مـن أركـان القـراءة ة مشروط ي ، فه ة عفوي ت ليس بالقراءات عن هذا السؤال

فإذا كانت هذه القراءة خارجة عن مرسوم املصحف العثمـاين حكـم على أن الغالب عليهم إسقاطها ، ،الصحيحةكانت وفق الرسم العثماين تعللـوا إذا ، و )4() به أقرقبل و ال يمما ي( عليها بالشذوذ ، وهي عند مكي بن أيب طالب

أا و الرأي الغالب فيها هو ، )5(عوزها الشهرة و االستفاضة ت ه درجة التواتر أو أن إىل ىيرقال سقاطها بأن سندها إلالصحابة علـى بإمجاع ها كان ن نسخ أ أو ، األخرية على جربيل عرضة الرسول ب ا مت نسخه اليتمن األحرف السبعة

:ئل عن حكم التعبد بأحد احلروف الـشاذة ام مالك حني س ستفاد من قول اإلم و هذا ما ي)6( . مصحف عثمان و يـشذ ، )7( »صل وراءه من قرأ يف صالته بقراءة ابن مسعود ، أو غريه من الصحابة مما خيالف املصحف مل ي إن «

عثمـان يستفاد من قولـه يف اختيـار إذ، الذي أسلفنا فيه القول حممد بن جرير الطربي املتشدد املوقف هذا عن أن يعـين دونأنه وليد اعتبارات عمليـة ، من بني األحرف أو القراءات السبع به عامة املسلمني أللحرف الذي يقر

.)8( و حكمت ببطالا باقية احلروف أنكرت األمةأن ذلك

م ـ باب اختالف 2002 ـ 2حمب الدين عبد السجان واعظ ـ دار البشائر ـ ط : ين ، تح عبد اهللا بن سليمان للسجستا: أنظر كتاب املصاحف )1(

) .339 ـ 283( مصاحف الصحابة .14ـ ص ) د ط ، د ت ( شعبان حممد إمساعيل ـ دار السالم ـ : و ضبطه رسم املصحف )2( .537أنظر تاريخ القرآن ـ نودلكه ص )3( .52 ـ 51لقراءات ـ مكي بن أيب طالب ص اإلبانة عن معاين ا )4( . 22 م ـ ص 2001سالمية للتربية و العلوم و الثقافة ـ إلحممد املختار ولد اباه ـ منشورات املنظمة ا : غربتاريخ القراءات يف املشرق وامل )5( .166 م ـ ص 2008 ـ 1 جالل الدين السيوطي ، شعيب الرناؤوط ـ مؤسسة الرسالة ـ ط: تقان يف علوم القرآن اإل )6( .105املرشد الوجيز ـ ص )7( .64 / 1تفسري الطربي )8(

41

ى الطـربي يات أن بعض الصحابة و التابعني كان يقرأ القرآن على أكثر من حرف ، فقد رو ا و تزودنا بعض الرو فـرد عليـه » إن ناشئة الليل هي أشد وطئا و أصوب قيال « : اآلية السادسة من سورة املزمل أن أنس بن مالك قرأ

أن سعيد ذلك بعد ، كما أورد أقوم وأصوب و أهدى واحد : بعض من كان حبضرته أن الصواب هو أقوم ، فأجام ر الداين أن أهل الكوفة و البصرة جيمعون يف مصاحفهم بـني و ذك ، )1(بن جبري كان يقرا القرآن على مخسة أحرف باللون ، فاألخضر للرسم العثماين و األمحر لرسـم او أم مييزون بينهم ،الرسم العثماين و بني رسم األحرف الشاذة

القـرآن اءةقـر قد استنتج املستشرقون من مادة هذه الروايات وجود تيار بني املسلمني يبـيح ، و )2(القراءة الشاذة السيوطيو لقيت هذه الفكرة اعتراض أمثال ابن مسعود ، كبار الصحابة و أنه ضمن هذا التيار يوجد بعض ،باملعىن

.)3(الذي حكم بكذب من يدعي أن الصحابة قرأوا على املعىن املصحف العثمـاين وبني و مل يغفل الباحثون يف القراءات وجوه اخلالف بني هذه القراءات اليت تنسب للصحابة

غري أنه مل يسلم من ، )4(اقا إىل هذا العمل سب ) هـ276 ـ 213 ( قد كان ابن قتيبة و.فأولوها بعضا من جهدهم ل كثريا على الرسم يف استخالص صور اخلالف بني القراءات ، غافال على أن هذا اخلـالف من جهة أنه عو )5(النقد

كمـا أن حـصر أوجـه ،للقرآن الشفهيالصحابةأداء يف ـ ى إلينا من روايات حبسب ما انته ـظهر بادئ األمر مل تكن و . بقدر ما يرجع إىل ما هلذا العدد من رمزية خاصة التامالستقراء ل أنه يرجع االختالف يف سبعة ال يبدو لنا

تلك اليت قام ا أبو عمرو الـداين حماولة ابن قتيبة الوحيدة فقد تلته حماوالت أخرى لعل أنضجها و أقرا إىل الكمال لها فص اليت تيه أنه مل يستخلص من هذه الفروقا على أنه ميكن أن نأخذ عل . )6("للقرآن األحرف السبعة " يف كتابه

.نتائج ذات قيمة :القراءات بعد تدوين املصحف العثماين

تدوين املصاحف اليت تنسب إليـه هـو مـا على على أن السبب الذي دفع بعثمان اإلسالميةجتمع املصادر ، و متنح أكثر هـذه حىت بلغ م األمر إىل تكفري بعضهم بعضا استشرى من خالف بني املسلمني حول قراءة القرآن

على ، )7(على عملية التدوين اخلليفة الثالث حذيفة بن اليمان دورا بارزا يف حث اجلليل شخصية الصحايب لالروايات يات تتضارب فيما نقلته لنا من تفاصيل عملية اجلمع ، و حقيقة األشخاص الذين أسند عثمان هلم هـذا أن هذه الروا

الثابت هو أن عبئ هذه املهمة حتمله الصحايب زيد بـن ، على أن وكلت إليهم و املهام اليت أ العمل ، و كذا عددهم

.53 ـ 52 / 1تفسري الطربي )1( .20 م ـ ص 1973 ـ 2عزة حسن ـ دار الفكر املعاصر ، دار الفكر ـ ط : عثمان بن سعيد الداين ، تح : املصاحف احملكم يف نقط )2( .167اإلتقان ص )3( . م 1973 ـ 2السيد أمحد صقر ـ دار التراث ـ ط : عبد اهللا بن مسلم بن قتيبة ـ تح : من تأويل مشكل القرآن 37 ، 36 ، 35ص : انظر )4( . 29 / 9 ـ فتح الباري"الدالئل " أنظر ما أورده ابن حجر العسقالين نقال عن قاسم بن ثابت يف كتابه )5( .1علي حسن البواب ـ مكتبة التراث ـ ط : علي بن حممد السخاوي ـ تح : ، و مجال القراء 33 سبعة صأنظر فصل أوجه اختالف األحرف ال )6(

.89 / 1 م ـ 1960 . و ما بعدها195كتاب املصاحف ـ السجستاين باب مجع عثمان املصاحف ص : أنظر )7(

42

االعتمـاد يف أنـه مت كما أن من الثابت أيضا ، مجع القرآن زمن أيب بكر الصديق تنسب له الرويات ثابت الذي و قد استدل أبو شامة من الروايـة الـيت ، )1(وزة حفصة أم املؤمنني كان حب عملية التدوين هذه على املصحف الذي

كتبته ـ القرآن ـ على عهد أيب بكر يف قطع األدم و كـسر الكتـف ، ويف «: يرتفع سندها إىل زيد بن ثابت ا هلك أبو بكر وكان عمر كتبته يف صحيفة واحدة ، وكانت عنده ، فلما هلك كانت الـصحيفة فلم... كذا وكذا

من أنه كانت لعمر نسخة شخصية من القرآن ، و رأى يف توارث ابنته و ابنـه مـن ) «)2عند حفصة زوج النيب ما تتضمنه من نتائج ، وهي أهم ها ، على أنه ال ميضي أبعد فيستخلص من الفكرة على صحة هذه يقوم دليال بعدها ما

و ليس كما يسود االعتقاد من أا نسخت عن الصحف اليت ، أن املصاحف العثمانية إمنا نسخت من مصحف عمر ـ ونت يف عهد أيب بكر ، و قد تلقفد " فريـدريش شـفايل " املستشرق األملـاين هذه الفكرة ـ يف غالب الظن

ا فترة حكم أيب بكر الصديق ، و أ حدث يف يف صحف مجع القرآن رد فيها أن وفاستند إليها يف نقده للروايات اليت انتقلت بعد وفاته إىل اخلليفة الثاين عمر بن اخلطاب و من هذا إىل ابنته حفصة ، فالوثائق الرمسية املوجهة للمـصلحة

مل يخلص من هذا إىل نتيجة غريبـة ف طوح به الظن بعيدا ، ي و ، )3( أفراد العائلة بنيرث وال ت " شفايل " العامة حبسب مـصحفها هوإمنا و الذي نسخ منه املصحف العثماين حفصة املصحف الذي كان يف حوزة ن و هي أ بتحصينها يبال

دورا يف مجع املصاحف إىل رغبـة خـصوم ول و الثاين و يربر الروايات اليت منحت اخلليفة الراشد األ . )4(الشخصي . من جين مثرة االجناز اهلام الذي اضطلع به عثمان السياسيني يف حرمانه

هدفه حمـصورا و لنا أن نسأل اآلن عن اهلدف احلقيقي الذي كان يبتغيه عثمان من تدوين املصاحف ، هل كان على مجع املسلمني على مصحف واحد و إبطال ما عداه من املصاحف على أساس من أا سبب الفرقة بينهم ، أم أن

اسـتعان اوز هذا إىل توحيد كلمتهم حول قراءة واحدة ؟ و إذا كان هذا كذلك فما هي الوسائل اليت هدفه كان يتج ـ قبل أن نتطرق هلذاـ جيدر بنا على أنه لتحقيق مسعاه ؟ ا عثمان البحث يف شأن هذه املصاحف من حيث

ريت إليها ، و خصائص رمسها عددها والوجهة اليت ص. حد القراء أفقد روى محزة الزيات وهو عدد املصاحف اليت نسخت بأمر من اخلليفة الثالث ، تتضارب الروايات يف

، و أما يف الرواية اليت )5(ره عثمان إىل الكوفة حدها و هو املصحف الذي سي أالسبعة أن عددها أربعة و اكتفى بذكر وجهة كل مـصحف دقيق ل إىل سبعة مع حتديد فإننا جند عدد هذه املصاحف يرتفع )6(عزى إىل أيب حامت السجستاين ت

و آخـر إىل البـصرة إىل بعث واحدا إىل مكة وآخر إىل الشام و آخر إىل اليمن و آخر إىل البحرين و آخـر «منها

.338 / 3صحيح البخاري )1( . 74املرشد الوجيز ص )2( .252نودلكه ص تاريخ القرآن ـ )3( . 255نفس املصدر ص )4( .238كتاب املصاحف ص )5( . 258 / 1مقرئ البصرة و إمام جامعها ، أنظر طبقات القراء ـ الذهيب )6(

43

ت أغفل فقد اليت يرجع سندها إىل الصحايب أنس بن مالك ياتاالروتلك أما ، و )1(» و حبس باملدينة واحدا ،الكوفة يف إحداها إشارة هامـة مـضموا أن جند ناأنغري ، )2(و اجلهات اليت خصها عثمان مبصحفه العدد ذكر يف أكثرها

، و إذا كنـا )4( لبكري بن عبد اهللا بن األشـج هو ما يعضده الرواية اليت تنسب و )3(عثمان وجه املصاحف لألجناد ـ و هي األمصار من جهة أخرى بالعراق نعرف أن مراكز اجليوش اإلسالمية هي الشام من جهة و الكوفة والبصرة

املدينـة عثمـان و إذا كان من الطبيعي أن خيـص ـ اليت أفزع اختالف جندها يف قراءة القرآن حذيفة بن اليمان هذه النتيجة ما يدعمها مما أثبته السجستاين و جتد املصاحف أربعة ، عددحاصل ه ميكننا االستنتاج أن مبصحف ، فإن

حيث أنه ذكر مصحف املدينة و مصحف الكوفـة " ف مصاحف األمصار اليت نسخت عن اإلمام اختال" حتت باب مصحف مكة ، بيـد يدخل فيه ال جهة أنه ، و قد نعترض على هذا العدد من )5(لبصرة ومصحف الشام ومصحف ا

مصحف " تعبري ع املذكور آنفا من كتاب السجستاين ، حيث ذكر يف بعض املواض الباباجلواب على هذا جنده يف أن عثمان أفرد احلجاز مبصحف واحد هو ذاك الذي كان ستنتاج أن ا يبيح لنا ، مما " مصحف املدينة " عن بدال "احلجاز

و أما ما تعلق مبصحف اليمن و مـصحف . يف فترة الحقة عنه نسخ إمنا كةباملدينة ، و أن املصحف الذي ينسب مل ـ الزركـشي هساق ما يؤيد هذا الزعمو ، )6(جدا حقاثار تدل على أما وأ يف املصادر اإلسالمية البحرين فلم يأت

مـن أن " املقنع " قول أيب عمرو الداين يف كتابه من ـ يف معرض حديثه عن املصاحف اليت نسخت بأمر من عثمان ، عنده استبقاه للكوفة ، و واحد للبصرة ، و واحد للشام ، و واحد بعث به عثمان واحد: أربعة هذه املصحف عدد

،)7(» و األول أصـح و عليـه األئمـة «: و علق ـ بعد أن ذكر رأي من قال بأن عددها سبعة ـ مبـا نـصه فاملصحف املكي حبـسبه ال يـدخل يف املصاحف ، فيما قرره بشأن عدد هذه مع الزركشي " برجستراسر " و يتفق

و هـو ، )9( إىل أن املشهور من عدد املصاحف العثمانية هو مخسة هب فذ السيوطي أما ، )8(قائمة املصاحف األصلية . املصحف املكي ضمنها هما يعين إدراج

كان للخط الذي كتبت به هذه املصاحف خصوصياته ، فقد كان خلوا من اإلعجام و احلركات ، األمر الـذي يل على من مل يكن حافظا للقرآن فـك حكم املستح جيعل قراءته غاية يف الصعوبة ، حبيث جيوز لنا القول أنه كان يف

ف على حد اللفـظ ، و قـسم وقسم زادت فيه احلر : إىل أن هذا اخلط على ثالثة أقسام رمسه ، و ذهب الزركشي

.239كتاب املصاحف ص )1( .338 / 3 ، و كذا صحيح البخاري 62 / 1 ، و تفسري الطربي 204 و 202أنظر ما جاء يف املصدر السابق ص )2( .200كتاب املصاحف ص )3( .207 ص نفسهاملصدر )4( . و ما بعدها253 ص نفسهاملصدر )5( 32 / 9) ه بسبعة هذه اخلمسة و مصحفا إىل اليمن و مصحفا إىل البحرين ، لكن مل نسمع هلذين املصحفني خربا و يقال أنه وج( ورد يف فتح الباري )6( .240 / 1الربهان )7( .455القرآن ص تاريخ )8( .134اإلتقان ـ ص )9(

44

بعد ذلك هذه ، و تناول )1( حد اللفظ مع حد احلروف تساوى فيه وقسم ثالث ، ف عن حد اللفظ ونقصت فيه احلر ـ املألوف خارجة عن انمعر لكل منها أمثلة حماوال يف كل حالة أن يكشف عن فذك، األقسام بتوسع ،هـا في ة كامن

فهو يعتقد علـى . أن رسم املصحف مل يأيت هكذا عبثا و إمنا حلكمة قصد إليها كاتبه منصادرا يف ذلك عن قناعة و ليس يف ، )2(»ظم رتبة يف العيان زيدت للداللة على ظهور معىن الكلمة يف الوجود ، يف أع « سبيل املثال أن الواو

و على خالف ، إليههذا الكالم لألسف و ما كان على شاكلته مما جاء به الزركشي ما ميكن الوثوق به و االطمئنان ذكـر ملايال مع استثناءات قليلة أورد فيها على لسان غريه مث ن عقالنيا ، االزركشي فإن تناول السيوطي هلذا الباب ك

حيث حبث يف القواعد الكامنة يف هذا الرسـم فاستخلـصها ، حمضة ، علميةأما نظرته اخلاصة فكانت ، الزركشيذاكرا احلاالت اخلاصة اليت مت فيها خرق القاعدة ، من ذلك ما أورده من حذف األلف من كل اسم أو فعل إذا توفر

ـ = ( )3()رجالن ( أن يكون مثىن ، و أال يتطرف ، مثل : ن افيه شرط ، ) يعلمـن ( =)4()يعلمـان ( ، ) ن رجل . )7()مبا قدمت يداك ( ، و استثىن من هذا ) هذن = ( )6()هذان ( ، ) أضلنا = ( )5()أضالنا ( إزالة اخلالف بني املسلمني يف قراءة القرآن فبم نفـسر إىل هإذا كان من املسلم به أن عثمان كان يهدف من عمل

يف رسـم املعتربة يذهب املستشرقون إىل أن النقائص من بعد نسخه للمصاحف ؟ ليت يقرأ ا القرآن ا تعدد القراءات أحد املستشرقني األوائل الـذين " جولدزيهر " عد، و ي مصحف عثمان كان أحد الدوافع األساسية لنشأة القراءات

لمات النص القرآين من جهة ، و افتقـاده فقد زعم أن غياب اإلعجام عن حروف ك تبنوا هذه الفكرة وروجوا هلا ، كان سببا يف اختالف املـسلمني يف قـراءة من جهة أخرى للعالمات الدالة على حركات اإلعراب يف أواخر الكلم

هـذا الـنص « و جند صدى هذه الفكرة عند بروكلمان الذي كتب ، )8(إىل ظهور القراءات أدى هو ما و ، القرآنو على هذا الرأي فإن املـصاحف ، )9(» كثريةه و نقطه ، كان سببا يف إجياد اختالفات الذي مل يكن كامال يف شكل

وض أن تزيل اخلالف أبقته على حاله هذا إذا مل نقـل أـا زادت يف قق اهلدف املرجو منها ، و أا ع حتالعثمانية مل .)10(كن لهي مل ماشرعيةالحدته و عمقته ، و أعطته من

.380 / 1الربهان )1( .386املصدر السابق ص )2( . املائدة23اآلية رسم )3( . البقرة102اآلية رسم )4( . فصلت29اآلية رسم)5( . طه63اآلية رسم )6( . احلج100اآلية رسم )7( .09 ـ 8 م ـ ص 1955عبد احلليم النجار ـ مكتبة اخلاجني ، مكتبة املثىن ـ : ، ترمجة اجنتس جولدتسهر : مذاهب التفسري اإلسالمي )8( .01 / 4تاريخ األدب العريب ـ )9( .11أثر القراءات القرآنية يف الدراسات النحوية ـ عبد العال سامل مكرم ص : أنظر يف الرد على جولدزيهر )10(

45

، فالقراءات عندهم مل تتـأثر من زاوية خمتلفة حقيقة ما وقع ينظرون إىل ستشرقني أما املسلمون فإم هذه نظرة امل قارئ إىل آخر إمنا يتم مشافهة ، و األسانيد اليت تكتسب ا أي قـراءة تقاهلا من ن ألن سبيل ا العثماين برسم املصحف

ما يشدد عليه علماء القراءات مـن شـروط القـراءة و من املعروف أن أكثر .شرعيتها إمنا ترقى إىل الرسول و على هذا فالقراءات كانت موجودة قبل تدوين املصاحف يف عهـد عثمـان .الصحيحة املقبولة هو صحة السند

.و استمرت على حاهلا بعده أنه يلغي اهلدف الذي لكن التصور السابق ال خيلو من خلل ، و ال يصمد أمام النقد و املراجعة ، و ذلك من جهة

إن . مما يتوجب الرد عليها حىت يلقى القبول األسئلة كما أنه يستدعي الكثري من ،قام ألجله عثمان بنسخ املصاحف هذا التصور يترتب عليه أن القراءات املشهورة املقبولة اليت تنسب للسبعة و العشرة و األربعة عشر كانت موجودة يف

مجيعها إىل حرف واحد من األحرف السبعة اليت نزل ا القرآن ، و أن عثمان و من معه من زمن عثمان و أا تنتمي عترض عليه بأنه ال ينسجم و الغاية اليت سعى إليها عثمـان لكن هذا ي .الصحابة وقع اختيارهم عليها دون ما عداها

.ن مادة اخلالف و الفروق ما ال خيفى ، فبني هذه القراءات ميف قراءة القرآن من إزاحة ما يفرق بني املسلمني وإمنا أرفق ذلك باختيار قراءة أخذت , بيد أن هناك تصور آخر يذهب إىل أن عثمان مل يكتف بتوحيد املصاحف

و هكذا فإنه ملا بعث مبصاحفه إىل أمصار الدولـة ، حينا آخر )1(حينا و قراءة زيد بن ثابت "القراءة العامة " تسمية اهلامة من حيث كثرة من ا من العرب الذين كانوا يف غالبيتهم جندا ، أرسل مع كل مـصحف قـارئ اإلسالمية

يف العرضة األخـرية هـي أن قراءة الرسول عبد الرمحن السلمي أيبو نقل الزركشي عن يلقنهم القراءة العامة ، و قـد ، )2( و هي القراءة العامة هاجرين و األنصار قراءة اخللفاء الثالثة األوائل وقراءة زيد بن ثابت و قراءة مجهور امل

ـ أوهلما: إىل سببني صلناتحبيث مل هذه القراءة اندثار معامل أرجعتبىن هذه الفكرة غامن قدوري احلمد ، و و ال ه أنتواجهـه بيد أن طرحه هذا ، )3( بني القراء ظاهرة االختيار تفشي ، و ثانيهما هو قراءة خاصة واحد من القراء اختذها

اليت عاجلت مادة اهلامة املصادر القدمية فمن طريق واحد ، هذه القراءة جاءنا خربأوهلا أن اعتراضات ليست باهلينة ، .وجودها غاية يف الضعف احتمال جيعل من مماو مل تقدم شيئا من تفاصيلها ذكر هذه القراءة على تالقراءات مل تأ

بالضرورة وجودة قراءات أخرى معمول ا و خمالفة هلا يف نفس الوقت ، و هو ما كما أن تعليل زواهلا باالختيار يعين .يلغي من أساسه مربر وجود هذه القراءة املزعومة

حف عثمان مل ترفق بقراءة خمصوصة ، فالقراءة بـاملعىن االصـطالحي مل هو أن مصا االحتمال األكرب يف ظننا إن ينـدرج ، كما أن وجه اخلالف بني القراءات الذي لفت االنتباه مرحلتها اجلنينية ، و بتعبري أدق كانت يف تظهر بعد كان توحيد املصاحف كفيال بـأن ، و دون أن يكون مكافئا له متاما " الفرش "ب فيما بعد القراء سيسميه ضمن ما

اءم اليت كانوا قر على تكييف أهل كل مصر ممن خصهم عثمان مبصحف يزيل هذا الضرب من اخلالف ، وقد عمد

.67 ـ ص 3شوقي ضيف ـ دار املعارف ـ ط : ح ابن جماهد ـ ت: لسبعة يف القراءات ا )1( .237 / 1الربهان )2( 625 م ـ ص 1982 ـ 1غامن قادوري احلمد ـ اللجنة الوطنية لالحتفال مبطلع القرن اخلامس عشر ـ ط : دراسة لغوية تارخيية : املصحفرسم )3(

46

و مـا ، و قرؤوا به ا عليه يقرؤون ا مع مرسوم هذا املصحف ، فما وافق من قراءم القدمية خط املصحف حافظو ، )2( ليس بالقصري و ضحاها ، و إمنا استغرق زمنا ى أن هذا التغري مل يتم بني عشية ، عل )1(خالف هذا اخلط أسقطوه

قاومة ، و كان أبرز من عارض املصحف هم من دون شـك أهـل الكوفـة ، كما أن تقبل املصحف مل يتم دون م ن دون الـذي دو مـصحفه كان و ،)3( عبد اهللا بن مسعود بعني لقراءة اوا مت ، فقد كان لنا و السبب يف ذلك مفهوم أساس مـن املدينة على العثماين و يأيت بعد الكوفة من حيث رفض املصحف بني أيديهم ، شك قبل مصحف عثمان

سياسته يف إدارة دفة احلكم ، باإلضـافة لرضني ااخلالف الذي كان بني اخلليفة و بعض كبار الصحابة الذين كانوا مع نتصور أن االعتراض فيهما على مصحف عثمـان إىل أن الكثري منهم كان له مصحفه اخلاص ، أما الشام و البصرة ف

.، إن مل يكن معدوما كان ضعيفا : الصحيحةأركان القراءة

: أركان هي للقراءة الصحيحة ثالثة يشترط القراء . موافقة العربية و لو بوجه ـ1 . موافقة احد املصاحف العثمانية ولو احتماال ـ2 .)4( صحة السند ـ3ي جنده هلا مل تظهر دفعة واحدة مكتملة على الشكل الذ حسابنا أن هذه األركان الثالثة على أنه جيب أن نأخذ يف

مل تتبلـور هي ، ف )751 ت ( و ابن اجلزري ) 665ت ( أيب شامة املقدسي و ) 437ت ( عند مكي بن أيب طالب ل هذه األركان ظهورا هو دون أو إن و القرآن ، ظهوربعد زمن طويل من على الصورة اليت أوردها ابن اجلزري إال

التدوين بإتالف كل مصحف خيالف مرسوم مصحفه ، و مع أننـا بعد عملية شك الركن الثاين ، فقد أمر عثمان يف إزاحة آخر األمر به عثمان مل يرض عنه العديد من املسلمني لدوافع خمتلفة ، فإن مصحفه قد جنح أمرنتصور أن ما

الرسم العثماين باينة خلط و اعتربت القراءات املأثورة عن الصحابة و امل ، و املنافسة له املصاحف األخرى املختلفة عنه ا من باب التفسري خارجة عن حد القرآن ، و نعلى أن أكرب مكسب له كـان دون و التيسري لنصه ، ظر إليها على أ

ابـن قتيبـة وجدنا و هكذا ، كشرط يف قبول كل قراءة تتطلع إىل أن حتضى بقبول اجلمهور هشك هو اعتماد رمس .)5( اإلمام السبعة شريطة أن توافق هذه القراءة املصحفقراءة القرآن باحلروف يبيح ) 276ت ( عن املتوارثة على أن ذلك إمنا كان املعهودةصورتهقراءات ورود املصحف العثماين على ر بعض الباحثني يف الفس

املرشد الوجيز على لسان تلميذ ابن جماهد أبو طاهر عبد الواحـد بـن أيب هاشـم ، و أنظر ما نقله أبو شامة يف 49اإلبانة عن معاين القراءات ص )1(

. 150 ـ 149ص .67السبعة يف القراءات ـ ابن جماهد ص )2( . ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )3( .19 / 1 م ـ 2002 ـ 1ـ دار الصحابة ـ ط مجال الدين حممد شرف : حممد بن حممد بن حممد بن اجلزري ، تح : القراءات العشر النشر يف )4( .42تأويل مشكل القرآن ـ ص )5(

47

لنظرة تبدو لنا مغلوطة ألكثر من سبب ، أوهلا ، و هذه ا )1(صد من كاتبيه حىت يتحمل رمسه خمتلف وجوه القراءات ق إعجـام من اليت أدخلت على اخلط التعديالت أدوات ضبط الرسم العريب مل تكن متاحة يف زمن خالفة عثمان ، ف أن

املـصحف ضبط رسـم أول خطوة يف ، فمن املعروف أن )2(من التاريخ اإلسالمي الحقة يف فترات تو تشكيل مت اليت ، مث توالت التعديالت )3( الذي أدخل عليه النقط الدالة على حركات اإلعراب سود الدؤايل على يد أيب األ تكان

، باإلضـافة )4(سنة بعد اختالط العرب بغريهم من األمم يف األمصار املفتوحة لألاكان الدافع إليها شيوع اللحن على ـ ر بن ، فكان أن قام حيي بن يعمر و نص أثناء القراءة كثرة التصحيفإىل وكالمها عاصم ـ حبسب بعض الروايات

أما السبب الثاين فهو ، )5(من تالميذ أيب األسود بإعجام احلروف للتفريق بني صورها من خالل إدخال النقاط عليها أن عثمان كان يهدف أساسا إىل مجع املسلمني على قراءة واحدة ، وكان من الطبيعي أن يسعى حنو ذلك بكل وسيلة

.ملا تردد يف استعماهلما لو توفر له الشكل و اإلعجام نتصور أنه و ،متاحةقد رأينا كيف أن الفصيح ، و العرب القراءة على سنن كالم جتريو كان للغويني دورهم يف التنبيه إىل ضرورة أن

يف وجه ضلداين قد انتف املخالفة لقواعدهم و حكموا عليها بالشذوذ ، و مع أن ا عترضوا على القراءات بعض النحاة ا ، حمتماو ثبت نقلها صار القبول ا أمرا إذا صح سندها منبها إىل أن القراءة ، اللغوية مهونا من شأن مقاييسهم النحاة

ـ واحدا من فإن موافقة القراءة للعربية قد فرض نفسه على القراء ، فاعتمدوه ، )6( سنة متبعة األ شروط الثالثـة ، الو قولنا يف الضابط «: حني قال ابن اجلزري خيففوا من حدته مثلما فعل أن يصوغون عبارته من و هم هم و إن مل يفت

. )7(»و لو بوجه نريد به وجها من وجوه النحو سواء كان أفصح أم فصيحا ، جممعا عليه أم خمتلفا فيه األصـل األعظـم «زري حبسب تعـبريه ه ابن اجل و عد ، القراءة السند الصحيح لقبول ذهب القراء إىل اشتراط

ـ يف نفس الوقت و عن شيخه القراءة يأخذ كان كل قارئ فإنو هكذا ، )8( »و الركن األقوم يت سلسلة الـسند العلى أن بعض القراءات املأثورة عن الصحابة مل يتم قبوهلا و مل تلحق بالقراءات الـصحيحة ، إىل الرسول ارتفع ت

و هكـذا ، ا جمعوا على القراءة يلى األركان الثالثة ، و مت تعليل هذا بأا مل تشتهر بني القراء و مل رغم توفرها ع

عبد الصابور شاهني : غة احلديث القراءات القرآنية يف ضوء علم الل ،164 ، اإلتقان ص 18 / 1 ، النشر 3احملكم يف نقط املصاحف ص : أنظر )1(

.260 م ـ ص 1966مكتبة اخلاجني ـ الباحثني من يرى أن التفريق بني احلروف املتشاة أي اإلدغام ظهر يف فترة متقدمة يف الزمن ، فلم يستبعد أن ترجع هذه الفترة إىل ما قبل هناك من )2(

فولفديتريش : " بية س يف فقه اللغة العراألسا" من كتاب " اخلط العريب " حتت عنوان " جرهارد أندرس " املقالة اليت كتبها هذا ما تضمنته اإلسالم ، .86 ـ 85 م ـ ص 2002 ـ 1سعيد حسن حبريي ـ مؤسسة املختار ـ ط : فيشر ، ترمجة

.4احملكم يف نقط املصاحف ص )3( .465دراسة لغوية تارخيية ص : رسم املصحف )4( .7 ـ 6احملكم يف نقط املصاحف ص )5( .164اإلتقان )6( .19 / 1النشر )7( 19صدر السابق ص امل )8(

48

مع أا استوفت األركـان ]15: النور [ )ونه بألسنتكم قلإذ ت ( على سبيل املثال مت استبعاد قراءة عائشة أم املؤمنني أو حسب )2(أن هناك شرط مل يصرح به يف أغلب األحيان هو شرط اإلمجاع و لعل هذا يبيح لنا االدعاء ب ، )1(الثالثة

ما اتفق عليه نافع و عاصم ، فقـراءة هـذين « و املقصود ذا على ما ذكره مكي هو ، )3(التفاق ا تعبري ابن حجر . )4(»اإلمامني أوثق القراءات و أصحها سندا و أفصحها يف العربية

، فقد اكتفى بعـضهم بـسند و انقساما يف وجهات النظر بينهم جدال بني القراء أثار هذا الركن احلقيقة أن و القراءات السبع ، إذ أن طرفا ممـا مادة اآلحاد كشرط يف قبول القراءة بسبب من أن اشتراط التواتر يقصي الكثري من

يه أبو شامة من أنه يوجد فيما نقل عن و جتد هذه املالحظة ما يعضدها فيما ذهب إل يفتقر سنده إىل التواتر ، به قرؤواو اعترض ابن اجلزري يف النشر على اشتراط التواتر ، و برر ذلك بأن الركنني ، )5(القراء السبعة ما هو ضعيف و شاذ

كـان و ذلك أنه إذا آخر ، وجه من و أنكر الزركشي التواتر ، )6( القراءة بالتواتر ثبتتاآلخرين يسقطان ال حمالة إن .))7ثابت تواتر القراءات السبع عن اإلمام ، فإن من املشكوك فيه تواترها من هذا اإلمام إىل الرسول المن على أساس مـن أن يثبته و يؤكد عليه و يف مقابل هذا التيار الذي ينكر التواتر عن القراءات السبع ، و جدنا من

كما ذهـب إىل فحد القرآن هو التواتر من غري القرآن ، القرآن و بني ما كان يسقط الفاصل بني هذا الشرط إبطالشـراط إ عـدم «شرح الطيبة ما نصه كتابه منالنويري نقل عن أيب القاسم و تدعيما ملذهبه هذا ، الدمياطي ذلك

: واحملدثني و غريهم ألن القرآن عند اجلمهور من أئمة املذاهب األربعة هو التواتر قول حادث خمالف إلمجاع الفقهاء على أيب شامة الذي أنكـر أن تكـون ، و نبه فيما يشبه أن يكون ردا )8(»ما نقل بني دفيت املصحف نقال متواترا

، بـأن التـواتر متحقـق يف ))9متواترا من أئمة القراءات إىل الرسول " األصول " القراءات فيما يسميه القراء ب ضح لنا دعواه هذه ، فهو يسلم بـأن يف أسـانيد القـراءات ، و لعل يف تصوره للتواتر ما يو )10(و الفرش األصول

خذ نأ و إمنا ، ن أثبتت أمساؤهم يف األسانيد مم الرواة نقتصر على أالاملشهورة ما كان آحادا لكنه يضيف بأنه يتوجب .)11( قراءمثلمبو قرؤوا القراء ؤالءهل معاصرين كانوا الذيناملسلمني منيف احلسبان أيضا عامة

.22تاريخ القراءات يف املشرق و املغرب ص )1()2(

.89اإلبانة ص )

.32 / 9فتح الباري )3( .89اإلبانة ص )4( .173املرشد الوجيز ص )5( .22 / 1النشر )6( .319الربهان ص )7( .71 / 1إحتاف فضالء البشر بالقراءات األربعة عشر )8( .178جيز ص املرشد الو )9( .73 / 1 إحتاف فضالء البشر )10( .73 ـ 72 ص نفسهاملصدر )11(

49

و الذي يربر يف رأينا هذا االنقسام و التضارب يف وجهات النظر بني القراء هو أم كانوا يف حقيقة احلال أمـام يت دعوها بالـشاذة مـن أن أمرين أحالمها مر ، فمن جهة كان عليهم التمسك بشرط التواتر حىت يقصوا القراءات ال

مكن هلم إغماض أعينهم عن حقيقة أن طرفـا يف القـراءات القرآن ، و من جهة ثانية مل يكن من امل تدخل حتت حد .املشهورة مل يكن حائزا على مسة التواتر

بني من آثروا احلرية يف اختيار الوجوه املدـ بعد عملية الشد و احلاصل أن وجهة النظر اليت كتب هلا أن تسود وهي تلك الـيت ـ و رسم احلدود ذه احلرية بوضع الضوابط و بني التيار الذي كان مييل إىل حتديد ه ، اليت يقرؤون ا

أبو " أثبتها ابن جماهد مع إضافة قراءة كل من السبع اليت العشر، هي القراءات املتواترة لصحيحةاتقول بأن القراءات باشرة حينا بصورة م و يبدو أنه كان ضروريا تدخل السلطة يف أكثر من مناسبة " . خلف " و " يعقوب " و " جعفر

فقـد ،على كل حال كانت له آثاره الطيبة للوصول إىل هذه النتيجة ، و هذا التدخل وأحيانا كثرية من وراء الستار و هكذا فبعـد أن كانـت .دنيا الحدوده بني قراءاته يف ، و حصر االختالف القرآين النصأسهم يف حفظ وحدة

ىل من تاريخ اإلسالم غاية يف التعدد مبـا كـان يبيحـه القـراء الروايات و الطرق عن أئمة القراءات يف القرون األو أن اقتصرت األمـة علـى حىت آل األمر إىل شيئا فشيئا ألنفسهم من االختيار، فإا أخذت يف االحنصار و االنكماش

ري عـن و رواية الدو )2(رواية ورش و قالون عن نافع يف املغرب العريب و رواية حفص يف املشرق : )1(أربع روايات . شرق إفريقيا أيب عمرو بن العالء يف بعض دول

.15تاريخ القراءات يف املشرق و املغرب ص )1( ،) الكالسيكية حسب تعبريه ( ذهب برجستراسر إىل أن سيادة رواية حفص يف املشرق يعود إىل توافقها شبه الكامل مع نطق اللغة العربية الفصحى )2(

. 611 ـ 610تاريخ القرآن ص : أرجع هيمنتها على املشرق تزامنا مع تويل األتراك حلكمه ، أنظر و

50

ضبط مفهوم التوجيه اللغوي :التوجيه لغة

ما بدا لك : جم الوجه من الن و مثل له فقال )1(»مستقبل كل شيء : الوجه ذكر صاحب تاج العروس أن م إذن باإلدراك احلسي لظاهر أشياء العامل املادية ، و لكنها ال تقف عندها لتسع اإلدراك فداللته األصلية تتقو )2 (»منه

، و من معانيه املقابلة و هي ليست بعيدة عن املعـىن األول )3 (»السبيل املقصود : الوجه من الكالم املعنوي و منه ، و لكن األشياء )4 (»تقابل : دور فالن تواجه دور بين فالن أي ء ال بدا لك من أن تقابله ، ، فلكي تدرك الشي

ن ، و نعرف حبكم جتربتنا أنه من املتعذر رؤية كافـة االيت تقع حتت إدراكنا يف العامل متعددة األوجه و أقلها له وجه أو التحكم يف . لتايل زاوية النظر لرؤية الوجه اآلخر الوجوه من نقطة واحدة ، فيكون من الضروري تغيري املوقع و با

هذا الشيء ـ إذا كان ذلك يف املستطاع ـ و إدارته حىت يظهر لنا وجهه الذي نريد ، وما يصح هنا على األشـياء مـا لـه وجه احلجر جهـة املادية نقلته اللغة عن طريق ااز إىل املعنويات ، و هذا ما جنده جمسدا يف املثل العريب

و جهة ما له ؛ يضرب مثال لألمر إذا مل يستقم من جهة أن يوجه له تدبري من جهة أخرى ، و أصل هـذا يف ،وجهة ، و ملا كانت املعاجم ـ فيما بدا لنـا ـ مل )5 (»احلجر يوضع يف البناء فال يستقيم فيقلب على وجه آخر فيستقيم

، آثرنا أن نتوسل بالسياق ، فاقتطعنا من النصوص اليت صادفنا فيها " جه و" حتط مبختلف الدالالت اليت تأخذها مادة .هذه املادة ما يعيننا على اإلمساك باملعاين املختلفة هلا

إن شئت كسرت اهلاء ، : أوجه، فلك فيه أربعة فالن عليه دين : فإن قلت : اج و أول مقطع نأخذه من الزج يف الضم إن شئت ضممت اهلاء، و إن شئت أثبت الواو ، فقلت عليه و عليهـي ، و إن شئت أثبت الياء ، و كذلك

و يف . لكلمة الواحدة با للتلفظ املتعددةالكيفيات فاملقصود بالوجوه هنا ـ كما هو واضح ـ )6 (»و عليه و عليهو أقسم اهللا : منها أنه قال وجه ف و ما أشبهها ، ) امل ( يف أوجه و يروى عن ابن عباس ثالثة مقطع آخر للزجاج نقرأ

هو الكتاب الذي عنده عز و جل ال شك فيه ، و القول الثاين ذه احلروف أن هذا الكتاب الذي أنزل على حممد اسم الرمحن عز و جل مقطع يف اللفظ موصول يف املعىن ، و الثالث عنه أنـه ) ونون ( ، ) وحم ( ، ) الر: ( عنه أن

معناه ) املر( معناه أنا اهللا اعلم و أفصل ، و ) املص ( معناه أنا اهللا أرى و ) الر ( ه أنا اهللا أعلم ، و معنا) امل : ( قال ما أثبتـه ـو جند هلذه املادة داللة أخرى في . يفيد يف هذه الفقرة التأويل " الوجه " إن لفظ )7 (»أنا اهللا أعلم و أرى

543 / 36 م ـ1965عبد الستار أمحد فراج ـ مطبعة حكومة الكويت ـ : ، تح الفريوزآباديحممد مرتضى احلسيين: تاج العروس )1( ـ نفس الصفحةنفسه املصدر )2( ـ نفس الصفحةنفسهصدر امل )3( ـ 1حممد بن يوسف بن حممد السوريت ، زين العابدين املسوي ـ مطبعة جملس دائرة املعـارف ـ ط : ، تح بن دريدحممد بن احلسن : مجهرة اللغة )4(

118 / 2 هـ ـ1344 6 / 351ذيب اللغة )5( 51 ـ 50 / 1معاين القرآن و إعرابه )6( 57 ـ 56 صنفسهاملصدر )7(

51

إال أن قراءة أهل املدينـة يف هـذا مبا نصه ]39: احلج [ ذين يقاتلون أذن لل : النحاس معقبا على قوله تعاىل و اجلهـة ....أنه قد صح عن ابن عباس أا أول آية نزلت يف القتـال ، : أحدمها : وجهنيأصح معىن ، و أبني من

. و علتني ها هنا هو سببني أ" وجهني " ، إن املقصود من )1 (» ) ...بأم ظلموا ( األخرى أن بعده و يف :مـن قولـه تعـاىل " آيات " و يف موضع آخر من املصدر السابق جند النحاس يقول يف سياق إعراب

: أوجـه و الرفع من ثالثـة .. فالنصب على العطف ما يلي ]5: اجلاثية [ خلقكم و ما يبث من دابة آيات أن تكـون : الثالث الوجهو .... الرفع باالبتداء و خربه : اين الث الوجهو ... أحدها أن يكون معطوفا على املوضع

تعين اخليارات املمكنة و املتاحة يف إعـراب " أوجه " و يسعفنا السياق يف القول أن )2 (» ....مجلة يف موضع حال قال أبو جعفر بالتنوين ، " طوى " و قرأ أهل الكوفة بداللة أخرى " وجه " و يورد النحاس لفظ " . آيات " لفظ

و على هذا املعىن . يف هذه احلال هو الرأي الصحيح أو الصواب " وجه " ، و املقصود ب )3 (»الوجه ترك التنوين : أوجـه و إىل هذا يشري صاحب الكتاب و هو : على صيغة التفضيل يف عبارة ابن يعيش "و ج ه " ما جاء من مادة

: منظور هلذا اللفظ داللة أخرى استمدها من سياق حديث أيب الـدرداء و يورد ابن )4 (»عندي لقربه من القياس .)5(أي ترى له معاين حيتملها: حيث ذكر ما نصه »ال تفقه حىت ترى للقرآن وجوها

على صيغة الفعل ، و نأخذ كعينة على ذلك مقطع ألحد نصوص " و جه " و ننظر فيما يلي إىل ما جاء من مادة و مل أر أحدا ممن عين بصناعة النقط يف القدمي و احلديث وجه معىن إمجاعهم وال علـل حقيقـة اين أيب عمرو الد

: حيتمل داللة واحدة هي " وجه " ، إن الفعل )6 (»مذهبهم يف ختصيص حروف احللق بالتراكب و ما عداها بالتتابع يغشى طائفـة مـنكم و أما قوله عز و جل : و يوظف سيبويه هذا الفعل مبعىن آخر حني قال . كشف و أبان

إذ طائفـة : على أنه يغشى طائفة منكم و طائفة يف هذه احلال ، كأنه قال وجهوه فإمنا و طائفة قد أمهتهم أنفسهم اليت حيتملها ، إن الداللة )7 (»يف هذه احلال ، فإمنا جعله وقتا و مل يرد أن جيعلها واو عطف ، و إمنا هي واو االبتداء

. الفعل بالنظر إىل ما قبله و ما بعده هي التقدير و التأويل يفيد التعدد إذا جاء بصيغة اجلمع ، كما أن معناه غري قار فال يـتعني إال مبـا " وجه " خنلص مما سبق إىل أن لفظ

أقالم املؤلفني القدماء ، و ميكننـا يضاف إليه ، و لعل هذه اخلصيصة يف معناه هي اليت أهلته إىل أن يكون شائعا على . يف أساليبنا احلديثةالشائعني" الشكل " و " الصورة " إنه قريب يف معناه من لفظي القول

230 / 2إعراب القرآن ـ )1( 61 ـ 60 / 3 نفسهاملصدر )2( 177 / 2 نفسهاملصدر )3( 110 / 9 ـ) د ط ـ د ت ( مجاعة من العلماء ـ املطبعة املنريية ـ : ، تح بن يعيش،يعيش بن عليشرح املفصل )4( 4775 / 51لسان العرب )5( 72احملكم يف نقط املصاحف ص )6( 90 / 1 م ـ1988 ـ 3حممد هارون ـ مكتبة اخلاجني ـ ط : ، تح سيبويهعمرو بن عثمان بن قنرب : تاب الك )7(

52

" التوجيـه " و لكن معاجلتنا هلذه املادة اللغوية تبقى قاصرة و خارجة عن اإلطار ما مل نتعرض للمصدر منها أي األمر أن هذا املصدر حيمل معىن الكشف و اإلبانة ، و هو املعىن الذي وجـدنا الفعـل من حيث داللته ، لنقل بادئ : يقـال يدل عليه يف أحد استعماالته ، و يزيد هذا االحتمال قوة ما أثبته ابن منظور املشترك معه يف مادة االشتقاق

، و لنـتمعن )1 (»ر الطريق ملن يسلكه خرج القوم فوجهوا للناس الطريق توجيها إذا وطئوه و سلكوه حىت استبان أث من أوائـل مـن تتبعـوا ...كان ابن جرير الطربي املفسر ـ يف العبارة التالية ـ حىت نتيقن أكثر من هذه الداللة

مل يأت اتفاقا ، و إمنا اسـتدعاه مـا بـني " بيان " على " التوجيه " إن عطف ،)2()القراءات القرآنية توجيها وبيانا ، )3 (»له وجهـان : كساء موجه و يزداد هذا االحتمال قوة مبا أورده الزخمشري . من تقارب يف الداللة اللفظني

كال جانبيه يصلح إظهاره ، فصاحبه خمري يف أن يظهر أيا منهما شاء ، و هذا على خالف الكساء املعتاد الذي أي أن و ال خيلو هذا . جانبا واحدا منه فيما يبقى اجلانب اآلخر خفيا يلزم صاحبه بارتدائه بكيفية واحدة فال يبدو للناس إال

. )4 (» وجهت الريح احلصى توجيها إذا ساقته اللفظ من معىن التحكم و التطويع ، يتجلى ذلك يف قوهلم :تعريف التوجيه اصطالحا

أما أوهلما فهـي أن هـذا : هامتني علينا قبل الشروع يف حتديد مضمون هذا املفهوم التنبيه إىل نقطتني م من الالز و ثانيهما .)6("االحتجاج " ، " التخريج" ، " التعليل " ، " التأويل : " املفهوم قد ورد حتت مسميات عديدة منها

أن النحاة مل يعنوا بالتنظري له رغم أم مارسوه كنشاط لغوي تطبيقي بكثافة يف مؤلفام و هذا ابتداء مـن كتـاب .سيبويه ل حماولة لضبط حدود هذا املفهوم يف تراثنا تأتينا من كتاب يف الدراسات القرآنية ، يقول الزركشي حتـت أو إن هو فن جليل ، و به تعرف جاللة املعـاين " : معرفة توجيه القراءات و تبيني وجه ما ذهب إليه كل قارئ " عنوان

أن يكون دليال على حـسب : و فائدته كما قال الكواشي .... يه كتبا و جزالتها ، و قد اعتىن األئمة به و أفردوا ف ، أو مرجحا ؛ إال أنه قد ترجح إحدى القراءتني على األخرى ترجيحا يكـاد يـسقط ]أي القراءة [ املدلول عليه

.)7 (»األخرى ، و هذا غري مرضي ، ألن كليهما متواترة ه الزركشي هي إقامة الدليل على صحة القراءة اليت قد تبدو يف الظـاهر غاية عملية التوجيه حبسب ما أورد إن

مغلوطة ملخالفتها قواعد اللغة ، أو يكون معناها مناف ملا حكمت العقول بصحته ، و قد ساق الزركشي أمثلة علـى وليا فاطر قل أغري اهللا أختذ ذلك من خالل بعض القراءات الشاذة مصحوبة بتوجيهها ، من ذلك قراءة بعضهم

4777املصدر السابق ص )1( 202ص م ـ 2001 ـ 1و آخرون ـ دار عمار ـ ط حممد أمحد مفلح القضاة : مقدمات يف علم القراءات )2( 493 ص ـ) د ت ( عبد الرحيم حممود ـ دار املعرفة ـ : ح حممود بن عمر الزخمشري ، ت : أساس البالغة )3( 4777 / 52لسان العرب )4( 116 ـ 115 ص م ـ2008 ـ 1عبد العال املسؤول ـ عامل الكتب احلديث ـ ط : اإليضاح يف علم القراءات )6( 342 / 1الربهان )7(

53

يعود على " هو " ، أولت على أن الضمري الرفع املنفصل ]14: األنعام [ »السماوات واألرض و هو يطعم وال يطعم علـى " ر املصو" مت توجيه ]24: احلشر [ ) رهو اهللا اخلالق البارئ املصو ( )1(، و يف القراءة املنسوبة لليماين " وليا "

.، و بذا يستقيم املعىن " البارئ " أنه مفعول به ل على أن كالم الزركشي يتضمن إضافة إىل ما ذكرنا جانبا آخر من عملية التوجيه و هو الترجيح بني القراءات إذا كانت اآلية قد قرأت بكيفيات خمتلفة ، فغالبا ما يذهب الدارس بعد توجيه مثل هذه القراءات إىل احلكم بصحة قراءة

.ها على أختها ، و هذا ما ال يراه الزركشي سليما متبعا يف ذلك الكواشي و تقدمي و حتملنا إشارة الزركشي فيما ذكره يف تعريفه من أن العلماء قد وضعوا يف توجيه القراءات مؤلفات خاصة ، إىل

يأيت مبثوثا يف ثنايا كتب النحـو القول بأن ذلك مل يتم إال يف العصور املتأخرة ، أما يف القرون األوىل فكان التوجيه ، و لعل أول من قصر مؤلفا على توجيه القراءات هو أبو علي الفارسي ، مث توالت بعـده )2(و معاين القرآن و إعرابه

، و كتاب ابن جـين " حجة القراءات " املؤلفات يف هذا الباب فشملت القراءات املتواترة كصنيع ابن زجنلة يف كتابه " . احملتسب " القراءات الشاذة املوسوم ب يف

ـ ال تترتل مرتلـة ت و احلقيقة أن بواكري كتب النحو و التفسري و إعراب القرآن ـ مما تضمنت توجيه القراءا األوىل كان توجيه القـراءة في ، ف تواحدة مع الكتب اليت جاءت بعدها و متيزت عنها بالتخصص يف توجيه القراءا

إذ مل يكن التوجيه هو الدافع الرئيسي لوضع الكتاب ، و حتلى أصحاب هذه املؤلفات بقدر كـبري مـن يأيت عرضا املوضوعية و احلياد يف عملية التوجيه ، و كانوا كثريا ما يطعنون يف القراءة و خيطئون قارئها إذا كان فيها ما خيـالف

م أو الثوابت العقائدية ، أو كانت غـري منـسجمة مـع قواعد اللغة ، أو كان يف معناها ما يتعارض مع املنطق السلي السياق الذي وردت فيه ، أو كانت خارجة عن املتعارف عليه من الرسم املصحف العثماين ، و من هنا نبيح ألنفسنا

.منه إىل أي شيء آخر ) الفيلولوجي ( القول أن التوجيه يف هذه املرحلة كان أقرب إىل النقد اللغوي أو الكتب اليت اختصت بتوجيه القراءات فإن أبرز ما مييزها باإلضافة إىل و حدة املوضوع هـو أن أصـحاا مل أما

،القراءة ، فقد باشروا عملية توجيهها و نتيجة عملهم معروفة لديهم مسبقا : يكونوا حمايدين إزاء مادة موضوعهم أي و كانت الغاية املنشودة يف . احلكم عليها بالصحة لغة و معىن و هي ترتيه القراءة مما ميكن أن يالبسها من شبهات ، و

:هذه املؤلفات يف الغالب مراعاة أمرين مها .ـ صحة القواعــد

. )3(ـ سالمة النصوص و نتناول اآلن عملية التوجيه ذاا فنبحث يف طبيعتها ونتبني خطواا ، على أن ذلك ال ميكن أن يتم على حنـو

.لتقدمي له بنظرة خاطفة و مركزة تضعنا يف الصميم من النظرية النحوية ، و تطلعنا على حقيقتها سليم دون ا

155 ص ـ) د ت ( آثر جفري ـ مكتبة املتنيب ـ : ، تح ابن خالويه:من كتاب البديع خمتصر يف شواذ القرآن )1( 202مقدمات يف علم القراءات ص )2( 232 ص م ـ2007 ـ 1 ـ دار غريب ـ ط علي أبو املكارم:أصول التفكري النحوي )3(

54

انبىن النحو العريب كما هو معروف على مالحظة النحاة واستخالصهم للقوانني اليت يسري وفقها الكـالم العـريب اللغة ، و توفر للباحـث األدوات الـضرورية الفصيح ، و من مث صياغتها يف قواعد مضبوطة تعني الطالب على تعلم

الـصوتية : لتفسري النصوص و نقدها ، و مل يكن هذا ممكنا إال بعد استخالص األصول اردة على املستويات كافة و الصرفية و النحوية ، على أن هذه األصول ـ أصل الوضع و أصل القاعدة ـ اليت تطرد يف اللغة كثريا مـا يـتم

، وهذا العدول يأخذ صورتني خمتلفتني ، فهناك عدول جيري على سنن ثابتة مما أتاح وضع قواعد لـه ، العدول عنها و هو ما يسمى بالعدول املطرد ، و يف املقابل هناك عدول ال اطراد فيه ، و ضع حتت خانة الشاذ الذي حيفـظ و ال

. )1(يقاس عليه إذا كان مما سمع عن العرب الفصحاءـ كما يقول النحاة توجيه ال يتناول أبدا النصوص اليت جاءت على وفق األصول ، ألن من متسك باألصل إن ال

ـ خرج عن عهدة املطالبة بالدليل ، و إمنا موضوعه هو النصوص اليت خرجت عن هذه األصول ، سواء كان هـذا ، )2("التأويل " ح عليه متام حسان ب اخلروج مطردا أم شاذا ، و ذلك برد هذه النصوص إىل أصلها و هذا ما اصطل

" . التوجيه " و ما نسميه حنن يف دراستنا هذه ب ولكن ما ذكرناه آنفا ال يستغرق كل أشكال التوجيه فتبقى بعض منها خارج التصور السابق ، فالتوجيه ال يكون

اليت سنها النحاة ، و ذلك يعود إىل أن بعـض دائما برد الظواهر اللغوية اليت حتملها النصوص و الشواهد إىل األصول هذه الظواهر ليست معدولة عن أصول يتوجب على الدارس البحث عنها و ردها إليها ، و ذلك ألا هي يف ذاـا

، فهذا التركيب ال ينتمـي للفـصحى ، " أكلوين الرباغيث " أصول ، و حىت نوضح هذا األمر نضرب له مثاال بلغة نه من غري السليم إحلاقه ا بتأويله على صورة من الصور ، و إمنا يقال أنه هلجة لقبيلة من العرب و هـذا و بالتايل فإ

. كاف يف توجيهه إن أول خطوة يف التوجيه هي دون شك رصد الظاهرة اللغوية و وصفها ، ونتخذ كمثال على ذلك قراءة عاصم

و سكون مضمومة، فما يالحظه الباحث هو ورود الفعل بنون املؤمنني كذلك نجي من سورة األنبياء 88لآلية يطرح إشـكاال ؛ ألن " املؤمنني " و نصب االسم بعده ، فإذا قام يف ذهنه أن الفعل مبين للمجهول ، فإن نصب يائه

ذه القراءة جاء منـصوبا ، القاعدة تقول أن االسم الذي أسند إليه الفعل املبين للمجهول حمله الرفع ، فيما االسم يف ه خلرق القاعدة أن حيكم على القراءة باللحن ، أما إذا أراد الدفاع عن صحتها ، فعليـه أن بإمكان الباحث بعد معاينته

بعـد " املؤمنني " يقدم تربيرا لنصب هذا االسم و مبعىن آخر أن يأيت بتعليل مناسب ، مما يسمح بتفسري ظاهرة نصب و ليس من الضروري أن يكون هذا التعليل أو التفسري واحدا ، ففي غالب األحوال ما يكـون فعل مبين للمجهول ،

و يشترك فيه أكثر من طرف ، و هذا بالضبط ما حدث مع هذه القراءة ، فقد مت تعليلها بأن نائب الفاعـل متعددا ية منهما يف اجليم ، و هناك تعليلأدغمت الثان) ننجي ( ، و أيضا بأن الفعل بنونني " النجاء : " مصدر حمذوف أي

152 و 145 ص م ـ1981 ـ 1 ـ دار الثقافة بالدار البيضاء ـ ط متام حسان: األصول :أنظر )1( 171 ـ 157 صنفسهاملصدر )2(

55

ثالث ذهب إىل أن الفعل فيه مبين للمعلوم ، و أنه يتألف من بنونني حذفت األوىل منهما ، و دليل ذلك هو سـكون .ياء الفعل ، يبقى يف األخري على الباحث أن خيتار التعليل الذي يراه أقرب إىل الصواب ، و أجدر بأن يقنع السامع

أينا فإن التعليل يرافقه يف أغلب األحيان تقدمي الدليل ، و هذا الدليل يأخذ أشكاال عدة ، فقد يكون أحـد كما ر السماع و القياس و استصحاب احلال ، و قد يأيت ممثال يف إمجاع النحاة ، كما يستدل : أي )1(أصول النحو الثالثة

، و جيد يف رسم املصحف أيضا ما ينهض دليال يعينـه علـى الباحث يف توجيه القراءة بسياقها الداخلي و اخلارجي دون أن يسقط من حسابه املعىن الذي كثريا ما مت الركون إليه يف عملية االستدالل هذه ، على أنـه يتوجـب ،ذلك

ية التوجيه يعين أننا ال نتوسل يف عمل " التوجيه اللغوي : " علينا التنبيه يف هذه النقطة إىل أن ختصيص التوجيه يف قولنا من األدلة السابقة إال بتلك اليت تندرج حتت حد اللغة ، كما أن التوجيه كما مارسه اللغويون العرب مل ينحـصر يف

فاحتاج النحاة إىل تأويلـها ... ظاهرها خيالف القواعد « دائرة القراءات بل مشل نصوصا من الشعر و النثر مما كان . )2(» و خترجيها على القواعد املشهورة

هل كان التوجيه كما مارسه النحاة مفهوما منسجما بين املعامل واضح احلدود ؟ ال نظن ذلك ، فغيـاب كـل حماولة ملقاربته نظريا انعكست سلبا يف ممارسته كنشاط لغوي تطبيقي ، فظل يفتقر إىل تصور نظري شامل كان ميكن

بقواعد واضحة يهتدي ا من خيوض فيه ، فبقي لألسف أشـبه مـا ـ أن يرسم له مسارا ثابتا ، و ميده ـ لو وجد .)3( جعفر النحاس ـ بالتماس احليلةيكون ـ على حد تعبري أيب

162ص م ـ 1981ـ دار الكتاب العريب ـ عبد العلي املسئول :القراءات الشاذة ضوابطها و االحتجاج ا يف الفقه و يف العربية )1( 169 ، نقال عن األصول لتمام حسان ص 159فيض نشر االنشراح من روض طي االقتراح ص )2( 400 / 2إعراب القرآن )3(

56

القدميةالقراءات و اللهجات العربية

القدمية بالدراسة إال أن يعرض ألصل اللغة العربية الفـصحى ال يسع كل من يعزم على تناول اللهجات العربية بالبحث ، فيقطع فيه برأي حىت يضمن لدراسته التوفيق و السداد ، و جينـب مقاربتـه ملوضـوع حبثـه التنـاقض

ا فيه فكـرهم ، و االضطراب ، و احلقيقة الثابتة أن هذا املوضوع قد استقطب انتباه الدارسني قدميا و حديثا ، فأعملو و جادوا فيه من قرائحهم ، و ذهبوا فيه كل مذهب ، و مل يقتصر أمر البحث فيه علـى العـرب ، و إمنـا كـان للمستشرقني فيه نصيب ال ينكر ، و لسنا نغايل إذا قلنا أن الفضل يرجع إليهم يف إثارة هذه القضية ، و طرحها علـى

دة ، و معاجلتها وفق مناهج حديثة ، و اخللوص فيهـا إىل نتـائج ذات بساط البحث املدقق ، وتناوهلا من زوايا جدي .قيمة

غلب على القدماء ممن تطرقوا إىل أصل العربية الفصحى القول بأا أساسها الذي تقوم عليه هو لغة قريش ، فابن ـ ري من قبائل العرب فارس ذهب إىل أن قريشا كانت أفصح العرب لغة و أنقاها كالما ، و هي على هذا كانت تتخ

اليت كانت تقصدها ألداء فرائض احلج أو للمتاجرة يف أسواقها أو لالحتكام إىل أعياا فيما ينشب بينها من خـالف .)1(ـ أحسن ألفاضها و أجود تراكيبها ، فخلت بذلك لغتهم من العيوب اليت أصابت سائر لغات العرب

قريش اكتسبت الفصاحة من مالحظتها لكالم العرب يف األسواق اليت كانت و يؤيد الفراء ما ارتآه ابن فارس ، ف )2(تتعهدها ، أو يف مناسك احلج اليت كانت تشرف عليها ، فما استحسنته من لغام أخذت به و أجرته على ألسنتها

، )3(جنو إىل هذا جينح ثعلب من اختصاص قريش بالفصاحة دون العرب ، و خلو منطقها مـن القبـيح املـسته . و يؤكد الفيلسوف الفارايب ذات الرأي الذي انتهى إليه اللغويون السابقون يف النص الذي حدد فيه القائل العربية اليت

، )4(أخذت عنها اللغة الفصحى إن ما ميكن مالحظته يف الروايات السابقة هي أن ما تضمنته من رأي ال يستند إىل حجج مقنعة كما أا تعطـي

، )5(االنطباع بأن لغة قريش قد اصطنعت اصطناعا و هذا ما ال ميكننا تقبله على هدي من الدرس اللساين احلـديث فاللغة البشرية ليست نتيجة املواضعة املقصودة بني أفراد اموعة الناطقة ا ، و إمنا هي تنشأ نشأة طبيعية ، حبيـث ال

نقضائها بزمن ، على شرط أن يتوفر هلم القدرة على املالحظة و هو أمـر يعي أهلها ما يعتريها من حتوالت إال بعد ا

.56 ـ 55ص م ـ 1993 ـ 1فاروق الطباع ـ مكتبة املعارف ـ ط : بن زكريا ، تح فارس بن أحم : الصاحيب )1( .221 / 1 ـ) د ت ( ـ 3حممد بن أحم جا املوىل بك و آخرون ـ ار التراث ـ ط: ، تح السيوطيجالل الدين: املزهر يف اللغة )2( .211ص نفسه املصدر )3( . ـ نفس الصفحةنفسه املصدر )4( .289ص م ـ 1993 ـ 1ـ مكتبة املعارف ـ ط السامرائي إبراهيم: العربية تاريخ و تطور )5(

57

، فيها ليس يف ميسور أي كان ، و ال يبعد أن يكون الدافع إىل اإلعالء من شأن لغة قريش مرده إىل نسب الرسول . )1(عايل القدم يف الفصاحة و البالغة سحب ذلك على قومهرسول اهللا و ملا كان نا إذا حترينا احلقيقة قلنا أنه كان إىل جوار الرأي السابق آراء أخرى صدرت عن لغويني هلم شأم ، فهـذا على أن

، و ال ختلو كتب اللغة عن أقوال تنسب فيها الفصاحة )2(عمرو بن العالء حيصر الفصاحة يف عليا هوازن و سفلى متيم الواحد ينسب الفصاحة يف رواية لقبيلة معينـة و يف روايـة ، بل جند اخلرب )3(إىل هذا احلي أو ذاك من أحياء العرب

و أما ابن جين فعد هلجات العرب كلها متساوية يف الفصاحة ، و أنكر رد لغة منها حمتجـا . أخرى إىل قبيلة أخرى و كيف تصرفت احلال فالناطق على قياس لغة من لغات العرب مـصيب « :لذلك بأن القياس يسعها مجيعا ، يقول

يتضمن كالم ابن جين هذا تصورا خاطئا للغة ، فهو ال مييز بني . )4(»غري خمطئ ، و إن كان غري ما جاء به خريا منه بني اللغة الفصحى املشتركة و بني اللهجات اخلاصة ، و لعل مرد هذا القصور يرجع إىل ما استقر : املستويات اللغوية

ون الفصحى بالسليقة ، و بالتايل فكل ما يسمع عنهم ينتمي بـسبب إىل يف خلد النحاة العرب من أن األعراب يتكلم . )5(الفصاحة

إن العربية الفصحى تطرح أمام الباحث قضايا متنوعة و شائكة ، لعل أوهلا هو مصدر هذه اللغة ، أهي هلجة منت نتبه هلا إال و قد دخلت ساحته مكتملة و ترعرعت يف غفلة من التاريخ ، فلم ي الع ة ؟ أتراها إحدى اللهجات العربية د

شـيئا توافرت هلا أسباب النمو مما مل يتوفر لغريها فارتقت إىل مصاف اللغة األدبية ؟ أم تراها لغة مصطنعة تكونـت على أيدي خاصة من الناس هم الشعراء ؟فشيئا

، و قبل أن نفصل القول فيها ، نعود إىل فرضية ال خيلو أي من اآلراء اليت ذكرنا آنفا ممن يدافع عنه من الباحثني اعتماد الفصحى يف نشوئها على هلجة قريش ، فهذه الفرضية وجدت يف العصر احلديث من يتبناها ، من هؤالء عبـد الغفار حامد هالل الذي حدد لنشوء الفصحى حلظتني يف مسار التاريخ ، أما أوالمها فموغلة يف القدم تعود حبسبه إىل

لذي بسطت فيه قبيلتا عاد يف جنوب اجلزيرة و مثود يف مشاهلا نفوذمها السياسي و اللغوي ، و ملا بادت هاتـان زمن ا ، غري أن هذه اللغة انقسمت حبكم انتـشارها يف )6(القبيلتان بقيت منها باقية نقلت العربية إىل قبائل العرب األخرى

مث جاءت حلظة توحيد لسان هذه القبائل مرة أخرى علـى العربيـة اجلزيرة العربية إىل هلجات متباينة بعض التباين، ،)7(الفصحى ، و عاد لقبيلة قريش الفضل يف هذا االجناز ألسباب دينية و اقتصادية و سياسية أهلتها ألداء هذا الـدور

. 50 ص ـ) د ط ، د ت ( ـ دار املعرفة اجلامعية عبدو الراجحي:اللهجات العربية يف القراءات القرآنية )1(

. 321 / 1اإلتقان )2(

. 64عربية ـ ص اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة ال )3(

.12 / 2 م ـ 1957حممد علي النجار ـ املكتبة العلمية ـ : ، تح ابن جين :اخلصائص )4(

.73ص م ـ 1999 ـ 6ـ مكتبة اخلاجني ـ ط رمضان عبد التواب : فصول يف فقه اللغة : أنظر )5(

.81 ص م ـ1993 ـ 2ط عبد الغفار حامد هالل ـ مكتبة وهبة ـ : اللهجات العربية نشأة و تطور )6(

. )85 ـ 83 ( نفسهاملصدر )7(

58

، )1(مل ذاا أن يطابق الرأي السابق يف رد أصل الفصحى إىل هلجة قريش للعوا " حامت صاحل الضامن " و يكاد طرح فهو يعلي من شأن لغة قريش ، و حيكم هلا بالسالمة من العيـوب النطقيـة الـيت " خمتار الغوث " و إىل هذا يذهب

. )2(البست اللهجات األخرى على أن التصور األكثر مصداقية حبسب ما نرى هو ذلك الذي جنده عند إبراهيم أنيس و متام حـسان و عبـده

مضان عبد التواب و تتمثل خطوطه العريضة يف أن الفصحى مل تنشأ عن هلجة قبيلة معينة ، و إمنا هـي الراجحي و ر لغة مشتركة هلم مجيعا ، أخذت ما يغذيها من هلجام مع بقائها متعالية عليها ، هذه اللغة املنسجمة مل تكـن لغـة

ا يف املناسبات اخلاصة ، فيتوسل ا إىل التعبري األديب ، و إمنا هي لغة فنية أدبية ينحصر استعماهل الكالم اليومي العادي ، مما يستدعي استعمال لغة يفهمها اجلميع هي )3(وغلى التفاهم يف الظروف اليت جيتمع فيها طوائف من خمتلف القبائل

فاصيل ، فـإبراهيم على أن هؤالء الباحثني ، وإن مجع بينهم ما ذكرناه ، فإم اختلفوا يف بعض الت . هذه اللغة العامة ، و يؤيـده يف ذلـك رمـضان عبـد )4(أنيس مييل إىل أن لغة احلجاز كان هلا احلظ األوفر من هذه اللغة املشتركة

أما متام حسان فيستشف من كالمه أن الفضل األكرب يف نشوء الفصحى يعود إىل شرق اجلزيـرة ، ألـا ،)5(التواباهلية ، و أما عبدو الراجحي فالظاهر من كالمه أن الفصحى تولدت عن هلجات البيئة اليت ينتمي إليها أكثر شعراء اجل

.)6(العرب كافة ، دون أن يكون جلهة أولية يف ذلك على جهة أخرى و نستعرض اآلن جانبا من الفرضيات اليت تقدم ا املستشرقون لفهم ظاهرة اللغة العربيـة الفـصحى ، و نبـدأ

حىت نتجنب سوء الفهم و الغموض ، فاملستشرقون مييزون بني مرحلتني يف اللغـة العربيـة بالتمييز بني املصطلحات و هي اللغة املشتركة اليت عرفها العرب قبل ظهور اإلسـالم ) Classical Arabic (املشتركة ، أما أوالمها فهي

، أي الشكل املعياري من العربية ) Standaraized form( و ميكننا االصطالح عليها باللغة الفصحى ، و ثانيهما الذي أصبح لغة سائدة يف العصر العباسي بعد أن قعد هلا النحاة ، إن مدار حديثنا يف ما يأيت هو الـشكل األول مـن

.العربية من حيث عالقتها باللهجات العربية القدمية ماهلا اقتصر على اإلنتاج األديب ، نافيا يف ذهب بروكلمان إىل أن الفصحى مل تكن لغة احلياة اليومية ، و أن استع

، أما تصور ولفنـستون )7(نفس الوقت أن يكون الرواة و األدباء قد وضعوها وضعا مبا انتخبوه من خمتلف اللهجات

. 43 و 42ص م ـ 1990حامت صاحل الضامن ـ جامعة بغداد ـ : فقه اللغة : أنظر )1(

.33ص م ـ 1997 ـ 1ـ دار املعارج ـ ط خمتار الغوث :لغة قريش )2(

، اللهجات العربية يف القراءات 81 ، األصول لتمام حسان ص 36 ص م ـ2003 ـ مكتبة األجنلو مصرية ـ ابراهيم أنيس:يف اللهجات العربية )3( . 116 و 78 ، فصول يف فقه اللغة ص 56القرآنية ص

.69يف اللهجات العربية ص )4(

.78فصول يف فقه اللغة ص )5(

.57 ـ 56اللهجات العربية يف القراءات القرآنية ص )6(

.42 / 1 ـ تاريخ األدب العريب )7(

59

اليد الطوىل يف نـشوئها ، ) احلجاز ( للغة الفصحى فغلب عليه البعد التارخيي ، و مال إىل منح غرب اجلزيرة العربية يرى أن الفصحى وليدة صريورة طويلة يف الزمن كانت فيها اللهجات العربية يبتلع فيها القوي الـضعيف إىل أن فهو

ظهر اإلسالم ، فكان الواقع اللغوي يف احلجاز حينذاك يتميز بوجود لغة خنبوية مقتصرة على الطبقات املفكرة ، فيما لغة القرآن على أا أقدم صورة للغـة العربيـة الفـصحى ، تكلم عامة الناس هلجات خمتلفة ، و ينظر ولفنستون إىل

نو ينتقد صنيع املستشرقني الذين يبدؤون دراسة هذه اللغة من النصوص الشعرية اليت تنسب إىل العصر اجلـاهلي ؛ أل ن املستـشرقني ، و على خالف ولفنستون جيعل الكثري م )1(هذه النصوص مل تدون إال بعد نزول القرآن بفترة طويلة

إىل أن هلجات منطقيت جند و اليمامة هي " فولرز" وسط اجلزيرة و غرا املوطن الذي ولدت فيه الفصحى ، فذهب أصل الفصحى ، و أن الشعراء قد عدلوا يف قواعد هذه اللهجات مما أدى إىل متيز اللغة اليت أبدعوا من خالهلا ، علـى

، فهو أيـضا حيـدد ماالرأي إىل حد " رابني " ، و يوافقه )2(ة احلديث العادي أن لغة الشعر هذه مل تكن يف يوم لغ منطقة جند كمكان مفترض مليالد الفصحى ، بيد أنه يرى أن هذه اللغة هي نتيجة لتقاطع بني لغة شرق اجلزيرة و لغة

ذلك كانت تشبه الـنمط كمال التعبري و غياب اإلمالة الشديدة و غري «قول هي من حيث يغرا ، فالفصحى كما ، و حيذو بالشري حـذومها )3 (»العريب الغريب أكثر من غريه ، و يف حنوها كانت تشبه العربية الشرقية أكثر من غريها

مفترضا أن هلجة ما يف وسط اجلزيرة و شرقيها قد يأ هلا من الظروف ما جعلها ترقى إىل مصاف لغـة لـألدب ، ، أخذت أكثر خصائصها من هلجات البيئة اليت نشأت فيها ، و هلذا كانت الفروق بينها و هذه اللغة كانت وسطى

و بني هذه اللهجات اليت تولدت عنها قليلة ، إال أا مع ذلك خلت من التلتلة اليت عرفت ا قبائل شـرق اجلزيـرة اوية من هلجات العرب مجيعا سواء منـها فارتأى أن اللغة األدبية كانت على مسافة متس" نودلكه " ، و أما )4(العربية

يف احلدث التارخيي املتمثل يف قيام مملكة عربية خالصة " نالينو " من كان يف شرق اجلزيرة أو كان يف غرا ، و وجد أما . )5(رجعا أساسها إىل هلجات قبائل معد يف قلب اجلزيرة و هي مملكة كندة الدافع الرئيسي يف نشوء الفصحى ، م

فيتقبل رؤية النحاة العرب القدماء يف موضوع الفصحى إمجاال ، و ارتأى أن البدو تكلموا لغة معربة ، " ان فك يوه" قبل اإلسالم و يف عصوره األوىل ، و أنه ما زال ممكنا إىل اآلن تلمس آثار اإلعراب املتحجرة يف اللـهجات العربيـة

.)6(احلديثة

. )206 ـ 166( ص م ـ1929 ـ 1إسرائيل ولفنستون ـ مطبعة االعتماد ـ ط : تاريخ اللغات السامية )1(

.59اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية ص : أنظر )2(

.38 ص نفسهاملصدر )3(

. )102 ـ 100 / ( 1 م ـ2002الين ـ ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ـ إبراهيم الكي: ، تر بالشري .ر . د : تاريخ األدب العريب )4(

.59اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية ص )5(

.16 ـ 15 ص م ـ1980رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني ـ : يوهان فك ، تر : العربية دراسة يف اللغة و األساليب )6(

60

ما يقوم بني نظرة العرب القدماء و املستشرقني من فروق مما انعكـس علـى و نتوقف هنا لنلقي نظرة عامة على إن تصور اللغويني العرب القـدماء يتأسـس علـى . كيفية مقاربة كل فريق ملختلف ظواهر اللغة العربية و تفسريها

:املسلمات التالية .ـ اللغة العربية متعالية على التاريخ ، وجدت منذ أن وجد العريب

.كلم العريب الذي توفرت فيه شروط معينة من حيث املكان و الزمان العربية بالفطرة ـ يت .ـ اللهجات هي تشوهات و عيوب أصابت اللغة الفصحى

.ـ اللغة الفصحى املشتركة هي وحدها اجلديرة بالدراسة و التقعيد .ـ اللغة العربية وجدت مكتملة و ستبقى كذلك

:شفها من نظرة املستشرقني فهي أما املسلمات اليت تست .ـ اللهجات أسبق يف الوجود من اللغة الفصحى

.ـ اختالف لغة العريب اليومية عن الفصحى .ـ اللغة الفصحى حكر على النخبة اليت تتوسل ا يف مناسبات معينة و يف التعبري الفين

.ـ اللهجات جديرة بالدراسة مثلها يف ذلك مثل الفصحى . )1(لنحاة يف ترسيخ قواعدها و تعميمها على نصوص الشعر و القرآنـ إسهام ا

. ـ اللغة العربية خاضعة للتطور مثل كل ظاهرة اجتماعية :تعريف اللهجة

فـالن فـصيح اللهجـة : اللسان و قد حيرك ، يقال : اللهجة «: جاء يف الصحاح يف تعريف اللهجة ما يلي داللة الكلمة إذن تطلق يف األصل على عضو الكالم ومن مث و عن طريق ااز استحالت إىل الداللة ، )2 (»و اللهجة

طـرف اللـسان ، : اللهجة و اللهجـة «على ما ينتج عن هذا العضو و هو الكالم ، و يف احملكم و احمليط األعظم ،ة تطلق على جزء خمصوص من اللسان و هو طرفه ، و نالحظ هنا أن اللهج )3 (»جرس الكالم : و اللهجة و اللهجة

على أا جتاوزت ذلك و دائما من جهة ااز إىل الداللة على خاصية يف الكالم املترتب عن إعمال اللسان يف النطق ، ما يشبه أن يكون تطورا يف داللـة " هلجة " و هي النغمة املصاحبة للتلفظ ، و حندس يف تعريف تاج العروس ملادة

: و اللهجة اللسان و قيل طرفه ، و اللهجة : اللهجة بالتسكني و قد حيرك «اللفظة ، فقد أصبحت تعين اللغة مطلقا . )4 (» عليها أجرس الكالم ، يقال فالن فصيح اللهجة و اللهجة وهي لغته اليت جبل عليها و اعتادها و نش

.103 ـ 102ص / 1تاريخ األدب العريب ـ بالشري : ل املثال أنظر على سبي )1( .339 / 1 م ـ 1990 ـ 4أمحد عبد الغفور عطار ـ دار العلم للماليني ـ ط : ، تح اجلوهري : الصحاح )2(

.167 / 4 م ـ2000ـ 1عبد احلميد هنداوي ـ دار الكتب العلمية ـ ط : ، تح بن سيدةعلي بن إمساعيل : احملكم و احمليط األعظم )3(

.193 / 6تاج العروس ـ الفريوزابادي )4(

61

تمد وجودها على العامل اجلغرايف ، و اللهجة وثيقة الـصلة تدخل دراسة اللهجة ضمن علم االجتماع اللغوي ، و يع باحلياة اليومية املعتادة ، فهي أساسا ذات وظيفة عملية ، حيث تـستخدمها جمموعـة بـشرية حمـدودة يف العـدد

أداة يف التعـبري و املكان للتواصل فيما بينها حتقيقا ملنافع خاصة ، على أن هذا ال يبعد احتمال توظيف هذه اللهجة ك الفين ، و إىل جانب اللهجة توجد عادة ـ دون أن يكون هذا ضروريا ـ لغة راقية يستعملها أفراد خمـصوصون يف

، على أنه كلما اتسعت الرقعة اجلغرافية لشعب من الشعوب )1(التعبري عن األفكار اردة املترفعة عن مستوى الشعب ته و تغايرها ، و هذا التغاير بني اللهجات له سقف ثابت ال يتعداه ، فإذا ما و تنوعت كان ذلك أدعى إىل كثرة هلجا

:ن إىل لغتني متباينتني ، وعليه فإن التباعد بني اللهجات ينحصر يف امت جتاوز هذا السقف استحالت اللهجت .ـ جمال أداء األصوات حيث ختتلف كيفية النطق ا من هلجة إىل أخرى

.)2(ت بعض األلفاظ املشتركةـ االختالف يف دالال .)3(أما اجلانب الصريف و التركييب بني اللهجات ذات األصل الواحد فيكاد ينعدم

هي جمموعة من «: و إذا كان ضبط مفهوم اللهجة يستلزم تقدمي تعريف هلا ، فإننا نستمد من إبراهيم أنيس قوله يف ، و خنتم حـديثنا )4 (»ك يف هذه لصفات مجيع أفراد هذه البيئة الصفات اللغوية ، تنتمي إىل بيئة خاصة ، و يشتر

يف "اللغـة " عنها بلفظ يستعملوا أبدا مصطلح اللهجة مستعيضني ذا العنصر باإلشارة إىل أن اللغويون العـرب مل ه .أكثر األحيان

:اللهجة احلجازية يف القراءات لشمال إىل اجلنوب سلسلة من اجلبال اجلرداء احملاذية للبحـر األمحـر متتد يف الغرب من شبه اجلزيرة العربية من ا

، حتصر ساحال ضيقا أطلق عليه اسم امة نـادرا مـا يتجـاوز عرضـه اخلمـسني )5(أخذت تسمية جبال السراة و بـني ) امـة ( و تأيت تسمية احلجاز اليت تسمى ا هذه املنطقة من موقعها الذي حيجز بني الساحل ،)6(كيلومتر

قريش ، : و أما القبائل اليت تنسب إليه فأشهرها . مكة ، املدينة ، و الطائف : ، و من أشهر حواضرها )7(هضبة جند . هذيل ، وغطفان ، و طيء : و ثقيف ، و األوس و اخلزرج ، و هذه القبائل املتمدنة أما القبائل البدوية فأشهرها

إىل احلجاز هلجة خاصة يبدو أا كانت على شيء من التجانس ، و هذا يف درج اللغويون العرب على أن ينسبوا ء على الكل ، و كما هو شأن الباحثني زمقابل هلجة شرق اجلزيرة اليت اصطلح عليها بلهجة متيم من باب إطالق اجل

.89 / 1تاريخ األدب العريب ـ بالشري )1(

.176 م ـ ص2004 ـ 9 ـ ضة مصر ـ ط أمحد وايف:علم اللغة )2(

.16 ، و يف اللهجات العربية ص 177 نفسهأنظر املصدر )3(

.15يف اللهجات العربية ص )4(

. 166 م ـ ص 1990 ـ 1حممد بن علي بن األكوع احلوايل ـ مكتبة اإلرشاد ـ ط : ، تح اهلمدايناحلسن بن أمحد : ة جزيرة العربصف )5(

.22 ص م ـ1960 ـ 1جمدة هاجر ، سعيد العز ـ املكتب التجاري للطباعة ـ ط : ، تر برييبجان جاك : جزيرة العرب )6(

.785 /9لسان العرب )7(

62

شرق اجلزيرة فيما غاىل دوما فقد اختلفوا يف أمر هذه اللهجة ، فذهب بعض منهم إىل أا مل تكن مغايرة كثريا للهجة فرفعها إىل مصاف اللغة ، متصورا أن بينها و بني ما يتكلم به عرب الـشرق مـن " رابني " بعضهم و مقصودنا هو

، و يظهـر أنـه )1 (» كانت تبدو لعرب جند كما لو كانت لغة أجنبة «فروق ما جيعل فهم هؤالء هلا متعذرا ، فقد اموعتني اللهجيتني ، فاموعة الغربية هلا خصائص أقدم بالقياس إىل اموعة يعلل ذلك باختالف وترية التطور بني

عالقة بني هلجة احلجاز و بني الفـصحى ، الالشرقية ، على أن هذا التضارب بني الباحثني يف وجهات النظر امتد إىل " رابـني " شوء اللغة الفصحى ، فإن فإذا كان ولفنستون كما ذكرنا سابقا قد أسند للحجاز الدور األبرز يف عملية ن

يذهب إىل أن ما أمساه بلغة غرب اجلزيرة ختتلف عن الفصحى ألا مل تعرف التطورات ذاا اليت مـرت ـا هـذه .)2(األخرية و أثرت يف تكوينها

تسهيله بني بني و نأيت اآلن لنفصل القول يف خصائص هذه اللهجة ، فمن الناحية الصوتية متيزت بإسقاط اهلمز أو أهل احلجـاز و هـذيل «: ، و يف شهادة اللغوي البصري أبو زيد األنصاري ما يلي )3(أو قلبه يف أحسن األحوال

، و قد اشتملت القراءات على مذهيب العرب مجيعا يف حتقيق اهلمزة و تسهيلها ، )4 (»و أهل مكة و املدينة ال ينربون أما القراء الذين سهلوا اهلمز إتباعا للغة احلجاز فنجد على رأسهم قارئ املدينة أبا جعفر و إن غلب عليها التحقيق ، ف

، )5 (» الذي كان أكثر القراء ميال إىل تسهيل اهلمزة أو حذفها ، و هو بذلك ميثل بيئته يف هذه الظاهرة خري متثيل «و مل ختلو القراءات الشاذة من إسقاط . )6(ذلك بيئتهما أما قارئا احلجاز ابن كثري و نافع فجنحا إىل التحقيق خمالفني ب

هلا سبعة أبواب لكـل : اهلمز ، و كمثال على ذلك قراءة الزهري ـ الذي يرجع أصله إىل املدينة ـ لقوله تعاىل زايا مث أدغمت يف مثيلتها ، فأصـبحت " جزء " ، حيث قلبت اهلمزة من ]44: احلجر [ باب منهم جزء مقسوم

" و كذا قراءته لقوله تعاىل )7("جز ، : فيتعلمون منهما ما يفرقون به بني املرء و زوجه ] فهنا ]102: البقرة ، .)8("املر " أيضا حدثت مماثلة بني اهلمزة و الراء ، فاستحال لفظ املرء إىل

رية يف وسط الكلمة ، و لسنا ندري إذا ما و يضاف إىل تسهيل اهلمز مسة صوتية أخرى هي احملافظة على احلركة القص كان حيق لنا رفع هذه املالحظة إىل قانون و هو أن كل صيغة جاءت حركة وسطها دون ختفيف فهـي مـن هلجـة

احلجاز ، و هذه السمة يف هلجة احلجاز هي الغالبة على القراءات املتواترة ، حىت أن أبا عمرو بن العالء املنحدر من

. 36 اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية ص )1( .36ص نفسه املصدر )2( .336 / 1 م ـ1978ـ ) د ط ( أمحد علم الدين اجلندي ـ الدار العربية للكتاب : ، اللهجات العربية يف التراث67يف اللهجات العربية ص )3( .26 / 1اللسان ص )4( .109عربية يف القراءات القرآنية ص اللهجات ال )5( .ـ نفس الصفحةنفسه املصدر )6( .553 / 4معجم القراءات القرآنية )7( .16خمتصر يف شواذ القرآن ـ ابن خالويه ص )8(

63

، و فيما يلي مثـالني عمـا )1( كان يقرأ ـ فيما روى النحاس ـ لفظ رسل تارة بالضم و تارة بالسكون قبيلة متيم حيث قرأ اجلمهور بضم الزاي ، و ثانيهما ]198: آل عمران [ نزال من عند اهللا :قوله تعاىل : ذكرنا آنفا أوهلما

. )2( بضم الضاد و هي قراءة اجلماعة ]51: الكهف [ ما كنت متخذ املضلني عضدا :قوله تعاىل احلجاز تفـتح «: و من خصائص اللهجة احلجازية فتح حركة حرف املضارعة مطلقا ، و يف هذا يقول أبو حيان

قيس و متيم و ربيعة و مـن جـاورهم : تعلم ، و تنشأ و يتغافل ، و تنقاد و تستخرج ، و غريهم من العرب : حنو . ، و جاءت القراءات القرآنية بالفتح ، إال يف مواضع قليلة من القراءات الشاذة )3 (»يكسر إال يف الياء

و مما متيزت به هلجة احلجاز فك اإلدغام من احلرفني املتماثلني الواقعني عينا و الما للفعل ، مـىت اقتـضى األمـر وم ، كما يفكون اإلدغام يف حال ما إذا وىل تسكني الم الفعل و ذلك يف حال جميئه على صيغة األمر أو املضارع از

، و ظاهرة الفك هذه جندها يف بعض اآليات من القرآن الكرمي من ذلك قولـه )4(احلرف املدغم ما يستوجب حتريكه ، ]81: طه [ و من حيلل عليه غضيب : ، و قوله تعاىل ]217: البقرة [ و من يرتدد منكم عن دينه : تعاىل : املدثر [ و ال متنن تستكثر : ، و قوله عز وجل ]19: لقمان [ و اغضض من صوتك : قوله تعاىل و يف

.)5( ، و يوجد يف مقابل هذا بعض اآليات اليت جاءت باإلدغام ، على أن الغالب هو اإلظهار ]6علـى حـال " هلم " ة استعمال صيغة مما اختصت به هلجة احلجاز دون هلجات شرق اجلزيرة يف الظواهر الصرفي

واحدة مع املخاطب يف كل أحواله من تنوع يف اجلنس و العدد ، فيما هلجة متيم تلحقه الـضمائر املختلفـة و نونـا قل هلـم شـهدائكم : يف قوله تعاىل : )7( ، فإذا نظرنا يف القرآن و جدنا هذه الصيغة ترد يف آيتني منه )6(التوكيد

قد يعلم اهللا املعوقني منكم و القائلني إلخوام : ، و يف قوله ]150: األنعام [ ن اهللا حرم هذا الذين يشهدون أ أسند إىل ضمري مجـع مـذكر دون أن يلحـق " هلم " ، و نالحظ يف كال اآليتني أن ]18: األحزاب [ هلم إلينا

.الصيغة هذا الضمري متاشيا مع العرف اللغوي احلجازي ا هلجات شرق اجلزيرة " ما " رف عن لغة احلجاز إعمال عالنافية املشبهة بليس ، فيأيت خربها منصوبا ، فيما جرد

القرآن نـزل ـا نإ «: ، و بذلك أقر ابن جين حني قال )8( إعماهلا لغة القرآن من هذا العمل ، و ذكر األنباري أن

.76 / 1إعراب القرآن ـ النحاس )1( .239 / 5معجم القراءات )2( .182 ص م ـ1998 ـ 1جب عثمان حممد ـ مكتبة اخلاجني ـ ط ر: ، تح أبو حيان األندلسي:ارتشاف الضرب )3( .530 / 3الكتاب ـ سيبويه )4( .2190 / 4 عبد املنعم أمحد هريري ـ دار املأمون للتراث ـ: ، تح بن مالكحممد بن عبد اهللا : شرح الكافية الشافية )5( .208 / 1، ) د ط ، د ت ( حممد فؤاد زسكني ، مكتبة اخلاجني : ىن ، تح أبو عبيدة معمر بن املث: ، جماز القرآن 592 / 3الكتاب )6( .738املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكرمي ـ حممد فؤاد عبد الباقي ص : أنظر )7( .143ص ـ ) د ط ، د ت ( حممد جت البيطار ـ مطبوعات امع العلمي العريب دمشق: ، تح األنباري عبد الرمحن بن حممد: أسرار العربية )8(

64

ما هن : ، و قوله ]31: يوسف [ ما هذا بشرا : هلا قوله تعاىل ، و مما جاء من قراءة اجلمهور على إعما )1(» . ]2: اادلة [ أمهام

ما مر : و مما يفرق هلجة احلجاز عن هلجة متيم نصب املستثىن يف االستثناء املنقطع ، ففي التراكيب اليت على منوال ما مر : ا بين متيم فيتبعونه املستثىن منه ، فيقولون يف اجلملة املاضية بنا احد إال محارا ينصب احلجازيون املستثىن ، و أم

، ]46: النساء [ فال يؤمنون إال قليال : بنا أحد إال محار ، و مما جاء من القرآن موافقا للهجة احلجاز قوله تعاىل ، حيث قرأها أيب بن كعب ، و ابـن أيب ]66: النساء [ ما فعلوه إال قليل منهم :و يف قراءة من قرأ قوله تعاىل

فلوال كانت قريـة آمنـت : قوله تعاىل )3( ، و قرأ اجلمهور )2(إسحاق ، و عيسى بن عمر ، و ابن عامر بالنصب بنصب يونس ، و قرأ أصحاب القراءات السبعة عدا ابـن كـثري و أيب ]98: يونس [ فنفعها إمياا إال قوم يونس

" . امرأتك " بنصب ]81: هود [ و ال يلتفت منكم أحد إال امرأتك : قوله تعاىل )4(عمرو بن العالء :اللهجة التميمية يف القراءات القرآنية

وقفنا يف العنصر السابق على بعض مالمح هلجة احلجاز و مدى انعكاسها يف القراءات القرآنية ، و نأخذ اآلن يف يف هلجة متيم و مبلغ تأثريها يف القراء ، و إذا كنا عرفنا أن احلجاز يقع إىل الغـرب حتديد شيء من اخلطوط العريضة

اليت عني " جند " من اجلزيرة العربية ، فإن موطن قبيلة متيم يقع إىل الشرق من اجلزيرة ، و بالضبط يف املنطقة املسماة من شرقيه من صحارى جند إىل أطراف العراق "جبل السراة " و صار ما دون ذلك اجلبل «: اهلمداين موضعها فقال

، و متيم تطلق أحيانا على جمموع القبائل العربية املـستوطنة )5 (»و السماوة و ما يليها جندا ، و جند جتمع ذلك كله . أسد و قيسوألرض جند ، و أشهرها بكر بن وائل

قة جند إىل ضخامة عـددها، و عراقـة جمـدها ، عود ما حضيت به متيم من أمهية حىت أطلق امسها على منط ي و ، فلم تعرف طعم التمدن إال بعد اإلسالم حني شاركت بطوا يف الفتـوح )6(و يغلب على هذه القبيلة طابع البداوة

، اإلسالمية ، فتوطنت أقسام منها يف األراضي املفتوحة ، و قد عدها اللغويون العرب ضمن القبائل العربية الفصيحة .)7(و أدرجها الفرايب يف عداد القبائل اليت أخذت عنها اللغة

ما آخذ من «: من أبرز ما اتصفت به هلجة متيم يف مقابل هلجة احلجاز هو اهلمز ، و يف هذا يقول عيسى بن عمر و القرآن علـى حتقيـق و جاءت اللغة العربية النموذجية ممثلة يف الشعر . )8(»قول متيم إال النرب ، و هم أصحاب نرب

.125 / 1اخلصائص )1( .102 / 2معجم القراءات القرآنية )2( .627 / 3املصدر السابق )3( .117 ـ 116 / 4معجم القراءات القرآنية )4( .85صفة اجلزيرة العربية ـ اهلمداين ص )5( .09 ص م ـ1978 ـ منشورات وزارة الثقافة و الفنون ـ غالب فاضل املطليب:و أثرها يف العربية املوحدة هلجة متيم )6( 147ص م ـ 1990حمسن مهدي ـ دار املشرق ـ الطبعة الثالثة ـ : ، تح أبو نصر الفرايب: كتاب احلروف: أنظر )7( 26اللسان ص )8(

65

اهلمز ، و مع أن القرآن كان نزوله يف البيئة احلجازية فإنه التزم النرب إال يف مواضع حمصورة ، أبرزها اآلية األوىل مـن اليت سقطت عن الفعل فيها مهزته ، و إن كان هناك من النحاة من حاول تأويل اللفظ سال سائل سورة املعارج

.)1(على غري ما ذكرنا و إىل جانب اهلمز أثر عن متيم إدغام املثلني من احلروف يف املواضع اليت جيوز فيها الفك و اإلدغام ، و شاركتها يف هذه الظاهرة قبيلتا قيس و أسد ، و إذا كنا قد أوردنا يف العنصر السابق اإلظهار و من قرأ به ، فإننا سـنأيت اآلن

ال تضار والدة بولدها و ال مولود له بولـده : دغام ، و نبدأ بقوله تعاىل على ذكر بعض اآليات اليت قرئت باإل إن كنـتم حتبـون اهللا : ، و قرئ قوله تعـاىل )2( ، حيث أمجعت القراءات املتواترة على اإلدغام ]233: البقرة [

، و يف )3( املضارعة و هي لغة متـيم وفتح ياء " حيببكم " بفك اإلدغام من ]31: آل عمران [ فاتبعوين حيببكم اهللا ، قـرأ أكثـر القـراء ]54: املائدة [ من يرتد منكم عن دينه فسوف يأيت اهللا بقوم حيبهم و حيبونه :قوله تعاىل

ال يغرنك تقلبهم يف البالد : ، و يف قوله )4(، فلم خيالفهم فيه إال ابن عامر و نافع و أبو جعفر املشهورين باإلدغام ] فيما قراءة اجلماعة باإلظهار . )5( قرأ زيد بن علي و عبيد بن عمر باإلدغام ]4: غافر.

و مما نعتت به هلجة متيم التلتلة ، و هي كسر حروف املضارعة من الفعل املضارع باسـتثناء اليـاء ، و مـع أن وتية يف بعض القراءات ، مـن ذلـك الفصحى آثرت الفتح وبذلك نزل القرآن ، فإن وجدنا صدى هلذه الظاهرة الص

: األعـراف [ فكيف ءاسى على قوم كافرين : قراءة حيي بن وثاب و األعمش و طلحة بن مصرف لقوله تعاىل قالوا يا أبانا مالك ال تأمنا على يوسـف : ، و كذا احلال يف قوله تعاىل )6("آسى " بكسر اهلمزة من الفعل ]93

، حيث قرأ حيي بن و ثاب و أبو رزين و كذا األعمش يف رواية و عبد اهللا بن ]11: يوسف [ و إنا له لناصحون . )7("تمنا " مسعود

احلياء " من " استفعل " و من الظواهر الصرفية اليت عرفت ا هلجة متيم و كان هلا أثر يف القراءات ، ورود صيغة إن :تعاىل استحىي ، ففي قوله : هلجة احلجاز اليت تصوغه بياءين ، أي بياء واحدة على خالف " استحى " بلفظ "

، بينما قرأ ابن كثري يف رواية " يستحيي " ، قرأ اجلمهور ]26: البقرة [ اهللا ال يستحيي أن يضرب مثال ما بعوضة و قرأ ا ،" أوالء " ، و يف هلجة متيم يقصر لفظ )8("يستحي " شبل و ابن حميصن خبالف عنه ، و يعقوب و جماهد

337 / 3إعراب القرآن ـ النحاس : أنظر )1( 323 / 1معجم القراءات القرآنية )2( 476 / 1نفسهدر املص )3( 294 ـ 293 / 2 نفسهاملصدر )4( 200 / 8 نفسهاملصدر )5( 430 / 1إعراب القرآن ـ النحاس )6( 192 / 4معجم القراءات القرآنية )7( 67 / 1معجم القراءات )8(

66

و نطقت متـيم . ]84: طه [ قال هم أوالء على أثري : يف قوله تعاىل )1(ابن وثاب و عيسى بن عمر يف رواية ، و آثرت اجلماعة قراءا وفق منطـوق )2(بضم اهلمزة منه خمالفة هلجة احلجاز اليت نطقت ا مفتوحة " أسوة " لفظ

و اآليتان الرابعة احلجاز من اآليات الثالثة اليت ورد ا هذا اللفظ ، و هي اآلية واحد و عشرون من سورة األحزاب .)4( ، فيما قرءها عاصم و األعمش بالضم)3(و السادسة من سورة املمتحنة

، أما متيم فتعطله عـن " يس ل" الداخل على اجلملة االمسية عمل " ما " كنا ذكرنا أن احلجاز تعمل حرف النفي العمل ، و إذا كانت أغلب القراءات على هلجة احلجاز ، فإن ذلك مل مينع من أن يقرأ بعضهم وفق هلجة متيم ، فـابن

، )5( بالرفع ما هذا بشرا مسعود و أبو املتوكل و أبو يك و عكرمة و معاذ القارئ خالفوا اجلمهور فقرؤوا اآلية . ما هن أمهام يف قوله تعاىل )6(ل عن عاصمو كذلك فعل املفض

و خنتم باحلديث عن االستثناء املفرغ الذي يأخذ فيه املستثىن يف هلجة متيم حكم املستثىن منه ، فمن اآليات الـيت أحـد إال ال يلتفـت مـنكم :ورد ا هذا التركيب وقرأ البعض املستثىن فيها بالرفع اقتداء بسنة متيم قوله تعاىل

، )7("امرأتك " ، فقرأ ابن كثري و أبو عمرو و ابن حميصن و اليزيدي و احلسن و ابن مجاز عن أيب جعفر امرأتك قرأ حيي بـن ]20 ـ 19: الليـل [ و ما ألحد عنده من نعمة جتزى إال ابتغاء وجه ربه األعلى و يف قوله تعاىل

.)8(نعمةعلى البدل من موضع " ابتغاء " وثاب مل تكن الفروق بني هلجيت اجلزيرة الرئيستني حبسب ما وصلنا من مالحظات النحاة و اللغويني واسـعة ، و أمـا الذي رأى بأن الشرخ بني هاتني اللهجتني كان عميقا مما يسمح بالقول بأما لغتـان متباينتـان ال يـسع " رابني "

مل ميكنه أن يقدم عرضا مقنعا ، فاالستنتاجات اليت خرج ا " رابني " أقول أن املتكلم بأي منهما أن يفهم األخرى ، من معاجلة املادة اليت مجعها اللغويون العرب القدماء يف اجلانب النحوي ال تعطينا االنطباع بأن هلجة غـرب اجلزيـرة

و يف جواب ابن . )9(هم األخرى كانت مغايرة كثريا للهجة شرق اجلزيرة ، حبيث يتعذر على الناطق بواحدة منهما ف جين ما يغين عن احلديث الطويل يف هذا الشأن ، حيث قال رادا على من زعم أن العرب اختلفت يف لغتها ، من ذلك

و إبطاهلا عن العمل ، و منه احلكاية يف االستفهام عن األعالم عنـد " ما " يف إعمال اختالف احلجازيني و التميميني

477 / 5 ، معجم القراءات 91خمتصر من شواذ القرآن ص : أنظر )1( 277/ 2املزهر يف اللغة ـ السيوطي )2( 34املعجم املفهرس أللفاظ القرآن ص : أنظر)3( 268 / 7معجم القراءات القرآنية )4( 248 / 4 املصدر نفسه )5( 154خمتصر شواذ القرآن ص )6( .117 / 4معجم القراءات )7( .471 / 10 املصدر نفسه )8( )355 ـ 315( ل الثالث عشر اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية ، الفص: أنظر )9(

67

و ال معـرج هذا القدر من اخلالف لقلته و نزارته حمتقر غري حمتفل بـه ، «: ه عند بين متيم ، قال احلجازيني و إمهال . )1( » و إمنا هو يف الشيء من الفروع يسري،عليه

:اللهجات العربية القدمية و ظاهرة اإلعراب نعرف يقينا أن ذلك هو شأن اللغة قلة هي اللغات اليت اتسمت بظاهرة األعراب ، فإىل جانب العربية الفصحى

و اإلغريقية باإلعراب ، و مها تنتميان ة و هي من اللغات السامية العريقة ، كما ثبت اتصاف اللغة الالتيني )2(األكاديةإىل فصيلة اللغات اآلرية ، و نريد بادئ األمر أن نقف على حقيقة اإلعراب ما هو ، و لعل أفضل سبيل إىل ذلك هو

نة بني اللغات اليت تعتمد نظام الرتبة و بني اللغات اليت تعتمد نظام اإلعراب ، و سوف نأخذ أمثلتنـا مـن عقد مقار . اللغة العربية الفصحى كممثل للنوع الثاين

يف يف اللغات اليت ختضع لنظام الرتبة تتحدد الوظائف النحوية أو املعاين التركيبية فيها ملكوناا بالرتبة اليت حتتلـها اجلملة ، ففي اللغات األوربية احلديثة على سبيل املثال يرد الفاعل قبل الفعل ، و يأيت املفعول به بعد الفعل ، فتركيب

+ فاعـل : مفعول به ، و يف اللغة اليابانية يكون ترتيب اجلملة على املنوال التـايل + فعل+ فاعل : اجلملة هو إذن .فعل + مفعول به

، فالفاعل و املفعول به ميكن أن تتغري مراتبهما دون أن يؤدي ذلك إىل )3(بة تتميز حبرية رتبة مكوناا اللغات املعر االلتباس ، و السبب يف ذلك واضح إنه نظام اإلعراب الذي يسمح مبعرفة الوظيفـة النحويـة للفاعـل و املفعـول

من خالل الحقة خاصة به هي يف العربيـة احلركـات و املضاف ليس من خالل موقع االسم من التركيب ، و إمنا الـواو : األلف و الياء ، و يف اجلمـع : الفتحة و الضمة و الكسرة ، و يف حالة املثين حركيت املد : القصرية الثالثة

بقة ثبوت النـون و الياء هذا إذا قصرنا كالمنا على األمساء ، فإذا أخذنا يف اعتبارنا األفعال أضفنا إىل العالمات السا . اليت هلا نفس قيمة الضمة ، و حذف احلركة أي اجلزم وحذف حرف العلة ومها عالمتان خيتص ا الفعل املـضارع

فالعالمات اإلعرابية على قسمني ، قسم بزيادة احلركة سواء كانت قصرية أو طويلة ، و قـسم حبـذف احلركـة أو العبث إقامة التمييز بني احلركات القصرية مـن ضـمة و فتحـة و قد ذهب مهدي املخزومي إىل أنه من . احلرف

الواو و األلف و الياء على أساس أن هـذه األخـرية ال تعـدو كوـا : و كسرة و بني ما يقابلها من حروف املد .)4(احلركات األوىل يف حالة املد ، فالفرق بينهما حبسب تعبريه يكمن يف الكم ال يف الكيف

و هذه اللواحق متكـن مـن . فاعل تلحقه الضمة ، و يف حالة املثىن و اجلمع تلحقه على التوايل األلف و الواو ال إناالستدالل على وظيفة املكون مهما كان موقعه من اجلملة ، و تبيح بالتايل للمتكلم حرية واسعة يف تأليف مجلته بـأن

244 ـ 243 / 1اخلصائص )1( .116 ص م ـ1994 ـ 2رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني ـ ط : برجستراسر ـ مراجعة . ج : التطور النحوي للغة العربية )2( ذا الترتيب ال يظهر إال يف البنية السطحية ، ملزيد من التفصيل ينتقد الباحثون الذين تبنوا النظرية التوليدية التحويلية هذا التصور ،على أساس من أن ه )3(

.26 ص م ـ1983 ـ 1 ـ املؤسسة اجلامعية للدراسات ـ ط ميشال زكريا:األلسنية التوليدية و التحويلية و قواعد اللغة العربية : أنظر .68 ص م ـ1986 ـ 2يب ـ ط ـ دار الرائد العر مهدي املخزومي:يف النحو العريب نقد و توجيه )4(

68

ه اخلصيصة ليس هلا شأن يف الكالم العادي ، فإا يف التعـبري يقدم و يؤخر يف عناصرها كيف شاء ، و إذا كانت هذ الفين تأخذ أمهية قصوى ، فاألديب يتحرر بفضلها من إكراهات الرتبة الثابتة مما يتيح له أن يطوع التركيب ليتحمـل

. أغراضه الفنية املتنوعة فصحى هي معرفة السريورة اليت تدرج فيها قبـل أن من القضايا اليت أثريت فيما تعلق باإلعراب يف اللغة العربية ال

يصل إىل صورته احلالية ، إن اإلعراب يف اللغة العربية دون شك نظام على درجة عالية من الكمال ، و السؤال الذي ب ما هي املراحل اليت قطعها هذا النظام قبل أن يصل إىل حالته احلاضرة ؟ ميكن القول أن ظاهرة اإلعرا : يفرض نفسه

البابلية و اآلشورية كان نظامها اإلعـرايب علـى : يف اللغات السامية موغلة يف القدم بدليل أن اللغة األكادية بفرعيها قدر كبري من النضج ، حىت أنه ميكن القول أنه مياثل إىل حد بعيد اإلعراب الذي جنده يف العربية الفصحى ، و يكفي

ـ 1792( ة األوىل من قانون محورايب أن نتأمل هذه اجلملة املأخوذة من الفقر ليتضح لنا هذا األمـر ، ) ق م 1750 ، فكلمة إنـسان ) إذا ام إنسان إنسانا :( و اليت تعين ) awelum awelam Summa(و هذا نص هذه اجلملة

اليت هي مبثابة التنوين باإلضافة إىل امليم " u" قد حلقتها عالمة الرفع ) awelum( األوىل اليت تؤدي وظيفة الفاعلية بيـد أن علمـاء . )1(الفتحة ؛ ألن حملها املفعولية : أي " a" يف العربية الفصحى ، و كلمة إنسان الثانية نصبت ب

اللغة حاولوا أن يتعدوا هذه املرحلة باإليغال أبعد يف املاضي ، فعنى هلم أن النظام اإلعرايب كان يف األصـل ثنائيـا ، أن احلركات " رايت " و " بروكلمان " ، و ارتأى )2(حقه حركة الضمة، فيما املضاف تلحقه الكسرة املسند إليه تل

الثالثة من ضمة وكسرة و فتحة إمنا هي ناجتة عن حروف لواحق سقطت من االسـتعمال و بقـي منـها إحـدى ، )3(لكسرة أثر من يـاء النـسب ، و ا " هو " فالضمة هي األثر الباقي من الضمري الذي كان يلحق االسم ،حركاا

، و هي الحقة لوحظ أا ختتم أمساء األعالم يف اللغة احلبشية ، و تطورت على مـا )ha ( )4(و أما الفتحة فأثر من " . يا " يبدو يف لغتنا العربية إىل حرف النداء

ب ، فهذا الزجاجي جييب على سـؤال التساؤل عن أصل اإلعراب مل يغب عن التفكري اللغوي عند العر على أن فأخربين عن الكالم املنطوق به الذي نعرفه اآلن بيننا أتقولون إن العرب كانـت «: ألقاه على لسان حماوره املفترض

بأن اإلعراب كان »نطقت به زمانا غري معرب مث أدخلت عليه اإلعراب ، أم هكذا نطقت به يف أول تبلبل ألسنتها ؟ . )5(ب كالمها منذ النشاة األوىليزين كالم العر

هل كان الكالم العادي اجلاري على ألسنة العرب : و نباشر فيما يلي من سطور لب موضوعنا يف هذا العنصر فنسأل قبل اإلسالم و القرون األوىل منه معربا أم تراه كان معطال من زينة اإلعراب ؟ إن جواب النحاة و اللغويني العـرب

.383فصول يف فقه اللغة ـ رمضان عبد التواب ص : أنظر )1( .19ص م ـ 2009 ـ 1ـ دار كنوز املعرفة ـ ط غالب فاضل املطليب :ظاهرة اإلعراب يف اللغة العربية مدخل فيلولوجي )2( .املصدر السابق ـ نفس الصفحة )3( .393فصول يف فقه اللغة ص )4( .67 ص م ـ1979مازن املبارك ـ دار النفائس ـ الطبعة الثالثة ـ : أبو القاسم الزجاجي ، تح : اإليضاح يف علل النحو )5(

69

و ،لشأن معروفة ، فبالنسبة هلم كان البدوي املقيم يف قلب صحراء اجلزيرة العربية يتكلم الفـصحى القدماء يف هذا ا صادرا يف ذلك عن سليقة ال عـن . ينطق باإلعراب ، ليس فقط فيما حيفظه من أشعار ، و إمنا حىت يف كالمه اليومي

. تعلم و مران الثقافة العربية ، فأصبح أقرب ما يكون إىل املـسلمة الـيت ال و مع أن هذا التصور قد كتب له أن يسود طويال يف

جيوز حبال التشكيك فيها ، فإنا األحباث احلديثة أعادت هذا املوضوع إىل دائرة النقاش ، و قاربته من زوايا جديدة ، لة األحبـاث يف و حاكت حوله النظريات املختلفة مع االستفادة يف كل ذلك من نتائج الدراسات اللـسانية وحـصي

. اللغات السامية الذي ذهب به الظن إىل أنه كانت يف اجلزيرة العربية حـني " كارل فولرز " من أكثر الباحثني جرأة يف هذا امليدان

نزول القرآن لغة فصحى موطنها شرق اجلزيرة ، نظم الشعراء قصائدهم ا ، و لغة عامية منتشرة يف ربوع اجلزيرة مبا ، اليت ميكن تعقب آثارها يف الرسم العثمـاين ، باز ، و أن القرآن نزل ذه اللغة العامية اخلالية من اإلعرا فيها احلج

بيد أن النحاة بعد أن صاغوا نظريتهم ، قاموا بتنقيح النص القرآين و الشعر اجلاهلي من كـل مـا يتعـارض مـع ليوهـان فـك ، " العربية " املقدمة اليت وضعها لكتاب يف" انطون سبيتالر " ، و غري بعيد عن هذا نظرة )1(قواعدهم

حيث رفض أن تكون لغة البدو الذين قصدهم النحويون العرب جلمع مادم اللغوية يتكلمون الفـصحى يف قـضاء الفصحى اليت يقتصر استعماهلا علـى التعـبري : حوائجهم اليومية ، والصواب عنده أنه كان شائعا بني العرب لغتني

، و اللهجات اخلالية من اإلعراب اليت تتكلمها العامة كلغة خطاب يف شـؤون حياـا املعتـادة ، و هـذه السامي اللهجات هي يف رأيه متولدة عن الفصحى يف تاريخ يصعب ضبطه ، و هي من جهة أخرى قد أثرت فيها على حنـو

. )2( املتواليةمستمر ، مما دفع باللغويني إىل حجب هذا التاثري من خالل عمليات التنقيح و ينفي رمضان عبد التواب أن يكون العريب يف عصور اإلسالم األوىل و ما قبلها من زمن اجلاهلية يتكلم الفصحى بالسليقة ، و ساق أدلة عدة منها وقوع بعض العرب من اخلاصة يف اللحن ، فمثل هذا ينبئ أن املتكلم ال ينطق علـى

و أدخل ضـمن ملا وقع يف اخلطأ الذي ال يصيب إال من كان يتكلم لغة مكتسبة ، السليقة ، إذ لو كان األمر كذلك نطاق اللحن إقواء الشعراء من أمثال النابغة ، و إذ أن مدار اللحن هو اإلعراب ، فإن النتيجة املنطقيـة الـيت ميكـن

.)3(استخالصها هي أن هلجة العريب اليت نشأ عليها و اعتادها لسانه خالية من اإلعرابو يف مقابل هذا رأى يوهان فك من أن العربية الفصحى قد احتفظت يف إعراا بإحدى أهم خصائص اللغة الـسامية

و اسـتدل األم ، و أن هذا اإلعراب كان يتكلم به البدو يف وسط اجلزيرة ، و أنه بقي حيا إىل القرن الرابع اهلجري ،

.378 ـ 377فصول يف فقه اللغة ـ رمضان عبد التواب ص )1( .)10 ـ 6( العربية ـ يوهان فك ص )2( .91فصول يف فقه اللغة ص )3(

70

موقفا قريبا حني رأى " نودلكه " ، و اختذ )1(نص القرآين باإلعراب حبرية حركة الكلمات يف مجل القرآن على حتلي ال . )2(أن تصور لغة ختتلف عن تلك اليت وصفها النحاة و قعدوا هلا لن تتناسب مع حبور الشعر

هل ميكن وسط هذه اآلراء املتضاربة أن نقدم تصورا واضحا و متسقا ، يستوعب املعطيات اليت أتت مـن هنـا االفتراض بأن اللهجات كانت خلوا من ظاهرة اإلعراب ، و أنه كان إىل جوارها لغة مشتركة معربـة ، وهناك ؟ إن

و أن هذه اللهجات كانت على متاس معها ، تدانيها يف املستوى و تؤثر فيها إىل حد ما ، و هذا ما يفـسر خـروج أخرى ، مما أدى إىل تلـك الفروقـات بعض الشواهد عن قواعد الفصحى ، و أن هذا التأثري خيتلف من منطقة إىل

الطفيفة بني صورة الفصحى يف غرب اجلزيرة عن صورا يف شرق اجلزيرة ، إن هذا التصور يبدو لنا مقنعا إىل حـد كبري ، فهو يأخذ بعني االعتبار وجهات النظر املتعارضة يف تأليف يسعى إىل أن يكون واقعيا قدر اإلمكان ينبذ كـل

.فة التوجهات املتطر

.15العربية ص )1( .381فصول يف فقه اللغة ص )2(

71

القراءات القرآنية والدرس النحوي

ي النحو من العلوم اليت نضجت باكرا يف الثقافة العربية اإلسالمية ، يكاد ال جياريـه يف ذلـك إال الفقـه ، عد الغاية اليت دأب الباحثون على أن يفسروا ا وضع النحو هي حفظ اللسان العريب من عادية اللحن الـذي أخـذ و

يستشري على األلسنة بفعل خروج العرب من مواطنهم إىل بيئات غريبة عنهم ، و مساكنة أمم مل يكن هلـا عهـد العرب لزمام احلكم ، إىل حماكة أصـحاب األمـر بالعربية ، محلتها الظروف السياسية و االجتماعية الناشئة من تويل

و النهي اجلدد يف كالمهم ، على أن لساا مل يطاوعها ، فنطقت بالفصحى على غري وجهها الصحيح ، و ارتكبـت ا عديد األخطاء ، و كان أكثر ما استشنعه العرب من هذه األخطاء ما مس تلـك )1( منها اإلعراب حني التلفظ ،

الصوتية اخلاصة اليت ترجع أمهيتها ملا تكسبه لأللفاظ داخل التراكيب من وظائف ذات انعكاس بـين علـى النهايات . املعىن

و قد حفلت كتب األدب بقصص عن ظاهرة اللحن هذه ، و كيف كان مرتكبوها يالقون من التقريع املتفاوت من هذه املرويات ما يعود إىل فترة متقدمة مل يكن قد حدث يف العنف من خاصة العرب ، على أنه جيدر التنبيه إىل أن

، » ارشدوا أخاكم فقد ضل «: حلن أحد حبضرته فقال ملن كان معه فيها هذا االختالط ، فقد روي أن الرسول أبا بكر الصديق وي أن كما ر : » و من هذا مـا جـاء خبـط » ألن أقرأ فأسقط أحب إيل من أن أقرأ فأحلن ، ، )2( » من أبو موسى األشـعري « أيب موسى األشعري يف الرسالة اليت بعث ا إىل اخلليفة عمر بن اخلطاب كاتب

ـ كما رأينا ـ باللحن إىل تاريخ أوغل يف الزمن ، فينسب إىل بعض من شعراء على أنه و جد من الباحثني من يعود .)3(عروضيون مصطلح اإلقواءاجلاهلية اللحن ، ذاهبا أن حلنهم هذا هو ما أطلق عليه ال

واقع اللغة عند العرب يف تلك الفترة من تارخيهم ، فهناك مـن عن و حنن يف حقيقة احلال أمام تصورين خمتلفني جهة التصور التقليدي الذي يرى أن العرب كانت تتكلم الفصحى بالطبع يف أمور حياا البسيطة منها و اهلامـة ،

اإلبداع الفين ، و أن السبب يف فساد اللغة يعود إىل العنصر األجنيب ، و يف مقابـل ب ذات الصلة قية العادية منها و الرا هذا هناك تصور آخر يرى أن الفصحى مل تكن لغة سليقة للعرب ، و إمنا هي لغة خاصة يكتسبها العريب اكتـسابا ،

قصورة على ظروف معينة تستعمل فيها ، فـإذا و هذه اللغة مل تكن لغة للتخاطب و احلديث العادي ، و إمنا هي م ارتفعت هذه الظروف عاد الكالم إىل مستواه املعهود الذي ميكن االطالع على صور منه ضمن ما وصلنا حتت بـاب

.)4(اللهجات

19العربية ـ يوهان فك ص : انظر )1( 7 ص م ـ1994 ـ مديرية الكتب و املطبوعات اجلامعية ـ يف أصول النحو: األفغاين سعيدنقال عن )2( )95 ـ 91( فصول يف فقه اللغة )3( 81األصول ـ متام حسان ص : انظر )4(

72

و احلقيقة أن التصور الثاين ـ إذا ما أخذنا به ـ سوف تترتب عليه نتائج قد ختالف يف كثري ما اعتـدنا علـي التسليم له و القبول به ، و لعل أسبق هذه النتائج إىل الذهن هو أن السبب يف وضع النحو ال يعود إىل العنصر األجنيب ذاته ، و إمنا يكمن يف الظروف اجلديدة املمثلة أساسا يف حالة الوعي اجلديدة عند العرب وشعورهم بـالتفوق علـى

ا جعلهم حيرصون على اللغة الفصحى الـيت هـي عمـاد وحـدم ، مم )1(غريهم من األمم ، و اعتزازهم بقوميتهم و مقوم عصبيتهم ، و من جهة ثانية فإن التقعيد للفصحى كان األداة اليت توسل ا العرب إىل التعلم السريع و املنتظم

و هو . قي على اكتساا هلذه الفصحى اليت كانت قدميا حكرا على طائفة خاصة منهم محلتها حاجتها إىل التعبري الرا ما كان يتم هلا حبفظ النصوص األدبية اليت مت إنشاؤها مبقتضى الفصحى و روايتها ، و ينضاف إىل ما سبق أن القرآن الكرمي الذي نزل على الفصيح من الكالم كان يستدعي لتفهم معانيه و اإلملام مبضامينه ذات املستوى البالغي الراقـي

، و كان لغري العرب دورا ال ينكر يف الدراسة العلمية للعربية الفصحى بسبب مـن رغبتـهم امتالك ناصية الفصحى الذي يعد اكتساب هذه اللغة أحد شروطه ، دون أن ون من شأن الدافع الديين الذي )2(اجلاحمة يف الرقي االجتماعي

. قد يكون وراء مساعي البعض منهم لتعلم لغة القرآنملبحث هو إلقاء الضوء على عالقة القراءات بالدراسات النحوية اليت نشأت يف ظل الظـروف إن غرضنا يف هذا ا

:اليت أشرنا إىل بعضها آنفا ، و ذلك بتناول قضايا ثالث هي . ـ القراءات و عملية االستشهاد عند النحاة

ـ تأويل القراءات عند النحاةالقراءات و تضعيفها من قبل النحاة ـ رد

إن املرحلة األوىل يف التقعيد ألية لغة هي استقراء مادا مما يتيح استخالص القوانني اليت حتكمها ، و حنن نعرف أن رواد النحاة وقع اختيارهم على الشعر الذي استقوه من عند األعراب ، و هذا االختيار منهم أثار جدال كبريا بني

زوايا خمتلفة ، على أنه جيدر بنا قبل طرق هذه املسائل التنبيه إىل أن النحـاة الباحثني ، و تناولوه بالنقد و املراجعة من أوالمها هي الفترة اليت : القدماء ساروا على ما يبدو وفق منهج خاص ، فمن املعروف أن مجع املادة ينقسم إىل فترتني

عن العرب الفصحاء يـستوي يف حيث تقبل النحاة كل النصوص املأخوذة ، تنتهي عند منتصف القرن الثاين اهلجري ذلك أهل احلضر و سكان البادية ، و أما الفترة الثانية فتبدأ من حيث انتهت األوىل و جتد خامتتها يف اية القرن الرابع

و يف نص الفرايب املشهور مـن . اهلجري ، و فيها قصر النحاة مجعهم للمادة على البدو دون احلضر لفساد لغة هؤالء و الذي اقتبسه السيوطي حتديد دقيق للقبائل اليت أحلها النحاة ثقتهم ، فأخـذوا عنـها " لفاظ واحلروف األ" كتابه هي موطنها الذي يقع وسـط ة و هذه القبائل هي قيس و متيم و أسد ، و الصفة اجلامعة بني هذه القبائل الثالث ،اللغة

.)3(ة لغات األجانب جزيرة العرب ، مما منحها مناعة من أن تفسد ألسنتها مبخالط

25املصدر السابق ص )1( 27 ص نفسهملصدر ا )2( 101 ص م ـ2006حممود سليمان ياقوت ـ دار املعرفة اجلامعية ـ : ، تح السيوطيجالل الدين: االقتراح : أنظر )3(

73

ذه الشروط الدقيقة اليت أتى على ذكرها الفـرايب ؟ و كيـف : لنا أن نسأل و يعن هل التزم كل النحاة و اللغوينينقل اللغة و روايتها ؟ لقد أنكر علمـاء البـصرة ب ما يتعلق نفسر تلك االنتقادات املتبادلة بني البصريني و الكوفيني في

ع اللغة ، وأخذوا عليهم أم حتملوها عن غري الفصحاء من العرب الذين استقر ـم املقـام يف صنيع الكوفيني يف مج حنـن «: احلواضر ممن ال خيلوا كالمهم من مطعن أو مغمز ، و قد قال فيهم الرياشي أحد حناة البصرة قولته الشهرية

عن أهل السواد ، أصحاب الكواميخ و أكلـة نأخذ اللغة عن حرشة الضباب و أكلة الريابيع ، و هؤالء أخذوا اللغة ـ و هو من أئمة اللغة الكوفيون باملثل ، فهونوا من شأن لغويي البصرة ، و هذا األصمعي ، و قد رد )1( »الشواريز

الصواب يف هذا ما ذكره مهدي املخزومي من أن هـذه التـهم ، و لعل )2(ـ قد أم بالزيادة يف اللغة عند البصريني . )3(درة عن هذا الطرف و ذاك غري مبنية على أساس ، وإمنا هي وليدة اخلالف املذهيب بني املدرستني ال أكثرالصا

و نعود لالستقراء بعد هذا االستطراد الضروري ، لقد ذكرنا أن النحاة اختذوا من الـشعر دون غـريه مـادة يف : ا و حديثا ، و يكاد هذا االنتقاد أن ينحصر يف النقاط التالية دراستهم للغة ، و هذا االختيار جر عليهم االنتقاد قدمي

. التقعيد النحوي عمليةـ جتاهل مادة القراءات يف .ـ االقتصار يف عملية التقعيد على الشعر

. ـ غياب التمييز بني الفصحى و بني اللهجات العامية .ـ التغاضي عن عامل التطور اللغوي يف حتديد فترة االستشهاد

و نبدأ يف احلديث بالعنصر الثاين و الثالث و الرابع و نؤخر احلديث يف العنصر األول باعتباره مصب اهتمامنا يف هذا .املبحث

ا بني لغة الشعر و لغة النثر من فروق التغافل عم: عود ذلك إىل ما فيها بىن النحاة أحكامهم على لغة الشعر كما ذكرنا ، و هلذه اللغة دون شك خصوصياا ، و ي

من طابع الترخص ، فالشاعر إذا كان مقيدا يف تعبريه بالوزن و القافية و مراعاة الروي ، فإن له يف املقابل متسع مـن الشعرية ، و هكذا ميكن للشاعر أن ميد يف املقصور و أن يقـصر تاحلرية يتأتى له مما يسمى يف علم العروض باجلوازا

لساكن و أن يسكن املتحرك ، و أن يصرف املمنوع من الصرف ، و أن مينع التـصرف عـن املمدود ، و أن حيرك ا ، ومتادى بعض الشعراء يف الترخص فأسقطوا أجزاء من الكلمة ، كما يظهر يف تاملتصرف إىل غري ذلك من اجلوازا

:قول أحدهم )4(ن درس املنا مبتالع فأبان فتقادمت باحلبس فالسوبا

.بدل املنازل " املن " فذكر

68 ص م ـ1955 ـ 1طه حممد الزيين و آخرون ـ ط : ، تح السريايفاحلسن بن عبد اهللا: أخبار النحويني البصريني )1( 174املصدر السابق ص )2( 332 م ـ1958 ـ 2مهدي املخزومي ـ مطبعة مصطفى البايب احلليب ـ ط : مدرسة الكوفة و منهجها يف دراسة النحو و اللغة )3( 149 / 8 م ـ1993 ـ 1 ـ دار الكتب العلمية ـ ط املعجم املفصل لشواهد اللغة ـ إميل يعقوب )4(

74

:يف قول الشاعر" صاحب " و يف بعضها اآلخر مت إسقاط حركة اإلعراب كما هو احلال من لفظ )1( إذا اعوججن قلت صاحب قوم بالدو أمثال السفني الصوم

لوف ، منها اختالف إعراب التابع عن إعراب املتبوع و رصد متام حسان بعضا من التراكيب الشعرية اخلارجة عن املأ :كما يف قول الفرزدق

)2( و عض زمان يا بن مروان مل يدع من املال إال مسحتا أو جملف من حيث حركة اإلعراب فينـصبه ، " مسحتا " على املعطوف عليه " جملف " فكان من الصواب أن حيمل املعطوف

:مي املعطوف على املعطوف عليه و منها تقد أال يا خنلة يف ذات عرق عليك رمحة اهللا السالم

.ما أورده يف بيته ) عليك السالم و رمحة اهللا : ( فتنكب الشاعر عن املألوف فقال عوض :حني يقول " حلق مذهب ا" على املستثىن منه " مذهب " و يعبث الكميت بتركيب االستثناء فيتقدم املستثىن

)3( و ما يل إال آل أمحد شيعة و ما يل إال مذهب احلق مذهب و لعل هذا ما جيعل من لغة الشعر ذات طبيعة خاصة ختتلف عن لغة النثر ، و يكون يف بناء قواعـد مطـردة للغـة

جيوز للناثر ، وميكن يف هذه احلال القول أن قواعـد ، إذ أنه جيوز للشاعر ما ال )4(اعتمادا على لغة الشعر تقصري بين .)5(النحاة غري حميطة بكل ضروب االستعمال اللغوي ؛ ألا استبعدت طرفا هاما من اللغة

على أنه يف وسعنا القول ـ إذا استحضرنا ما سبق و أن قررناه من أن الفصحى مل تكن لغة الكالم العادي ـ أن ،ن مربرا متاما ، فمصدر اللغة الفصحى األساسي إمنا هو الشعر الذي كانت القبائل العربية تتداوله صنيع النحاة هذا كا

و الظاهر أنه كان لكل قبيلة شعرها اخلاص حتفظه و ترويه جيال عن جيل ، و من املؤسف أن هذه الثروة اهلائلة قـد ، فلم يسلم لنا من دواويـن القبائـل إال )6(سالميةضاع أغلبها بسبب التقلبات اليت عرفها العرب أثناء الفتوحات اإل

ديوان قبيلة هذيل ، أما النثر الفين املوروث عن العصر اجلاهلي فقليل حمدود ، و يبدو أنه مل يلق عند العرب العنايـة يب النثـر ـ الذي تقترب أساليبه كثريا من أسال و الرواج الذي القامها الشعر ، على أن يف الرجزـ حبسب ما نعتقد

يرد على هذه الدعوى ، و املتمعن يف الشواهد الشعرية اليت تزخر ا كتب النحو جيد أن قسما معتـربا منـها جـاء و لسنا ندري كيف نوفق بني ما ذهب إليه متام حسان يف تعليل اقتصار النحاة علـى الـشعر يف اسـتنباط ، رجزا

، و بني ما كان قد صرح به يف موضع آخر من )7(ألخري لصفة االطراد قواعدهم بدال عن الكالم اليومي بافتقار هذا ا

177 / 12املصدر السابق : أنظر )1( .ن زاوية نظر خاصة ـ التغاير بني حركة اإلعرابية للمعطوف و املعطوف عليه الوارد يف بيت الفرزدق من قبيل اللحن ميكن اعتبار ـ م )2( 85األصول ص )3( 157ص م ـ 1986 ـ 3حممد عيد ـ عامل الكتب ـ ط : أنظر االستشهاد و االحتجاج باللغة )4( 335النحو ص مدرسة الكوفة و منهجها يف دراسة اللغة و : أنظر)5( 386 / 1أنظر ما أورده ابن جين من قول عمر بن اخلطاب ض و قول أيب عمرو بن العالء يف هذا املوضوع اخلصائص )6( 88األصول ص )7(

75

كتابه بأن اللغة الفصحى مل تكن لغة التخاطب العادية ، مشبها حال العرب يف اجلاهلية و صدر اإلسـالم حبـاهلم يف حى و التخاطب عصرنا هذا من حيث استعمال اللهجات يف قضاء شؤون احلياة اليومية ، فيما ال يتم اللجوء إىل الفص

. ))1ا إال يف حاالت خاصة :غياب التمييز بني اللهجات و بني الفصحى

التصور السائد بني القدماء و طائفة من احملدثني هو أن العريب تكلم يف العصور األوىل الفـصحى بالـسليقة ، إنسني هلذه الفكرة ، و قد رددها مرارا و تكرارا يف و املقصود بالسليقة هنا الطبع و الفطرة ، و كان ابن جين من املتحم

: كتابه اخلصائص ، و غاىل فيها إىل حد كبري، فانتهى إىل القول بأن العريب السليم الفطرة يبتدع اللغة ابتداعا ، يقول فقد حكي عن رؤبـة إن األعرايب إذا قويت فصاحته و مست طبيعته ، تصرف و ارجتل ما مل يسبقه أحد قبله به ، «

، و هذا التصور يفضي ال حمالة إىل نتيجة تترتب عنه )2(»و أبيه أما كانا يرجتالن ألفاظا مل يسمعاها و ال سبقا إليها منطقيا و هي أن لغة احلديث اجلارية على األلسن هي الفصحى ، بيد أن بعض الباحثني الحظ عن حـق أن الـذي

، و فسر رمـضان عبـد )3(ميكن أن يقع يف اخلطأ و يغيب عنه يف نفس الوقت خطأه هذا يتكلم لغة ما بالسليقة ال . )4(التواب السليقة بأا تكلم لغة دون وعي أثناء التكلم خبصائصها

بغرض استخالص القواعد منها عن جادة الصواب حني ) الشواهد ( حاد النحاة و اللغويون الذين مجعوا النصوص اللهجات من جهة ، و الفصحى من جهـة أخـرى ، : بني ما كان سائدا عند العرب من مستويني لغويني مل مييزوا

، و يعود ذلـك إىل )5(فكانت املدونات الناجتة عن عملية اجلمع هذه مزيج بني الشواهد الفصيحة و الشواهد اللهجية الحظه يف بعض األبيات املروية الـيت ظهـر ، و ذلك ما ن )6( العرب كان هلم أدبني أحدمها فصيح و اآلخر شعيب أن

: عليها الطابع اللهجي مثل هذا البيت إن أباها و أبا أباها قد بلغ يف اد غايتاها

ليب و مبا أن اللغويون العرب مل مييزوا بني هذين املستويني حني مجعهم للشواهد اللغوية ، فإن هذا كان له أثره الـس فيما بعد على الدراسات النحوية ، و يكفي ألخذ فكرة عن ذلك ختيل تلك اجلهود املضنية اليت بـذهلا النحويـون يف

.سبيل رد أساليب إىل الفصحى هي يف واقع احلال ليست منها ، مما أدى هذا إىل حتبري صفحات كثرية يف غري طائل :ستشهاد التغاضي عن عامل التطور اللغوي يف حتديد فترة اال

81 ص نفسهاملصدر )1( 25 / 2اخلصائص )2( 189ص م ـ 1978 ـ 6ـ مكتبة األجنلو مصرية ـ ط إبراهيم أنيس : من أسرار اللغة : أنظر )3( 91فصول يف فقه اللغة ص )4( 14ص م ـ 1998 ـ 3ـ عامل الكتب ـ ط متام حسان :اللغة العربية معناها و مبناها )5( 86فصول من فقه اللغة ص )6(

76

اللغة كائن حي ينمو و يتطور وال يثبت على حال واحدة فترة طويلة من الزمن ، و هذه احلقيقة اليت تعترب مـن املسلمات يف علم اللغة احلديث قد غابت ـ فيما يبدو ـ عن وعي علماء اللغة العرب القدماء ، إن خضوع اللغـة

ناهج دراسة اللغة ، فكان أن قسم اللسانيون دراسة اللغة إىل منهجني حبسب لقانون التطور و التغري كان له أثره يف م وجهة النظر اليت يتم تناول اللغة مبقتضاها ، فإذا كانت النظرة مقتصرة على استخالص نظام اللغة يف فترة حمدودة من

تأخذ يف االعتبار ما يلحق الظـواهر الزمن كان املنهج املتبع هو املنهج اآلين أو البنيوي ، و إذا كانت النظرة عامودية .)1(اللغوية املدروسة من تغريات حبسب ما مير عليها من زمن كان املنهج تارخييا أو تطوريا

ارتأى لفيف من املختصني بالبحث اللغوي أن علماؤنا القدماء مل يراعوا هذا اجلانب ؛ ألم فيما يبـدو كـانوا دون أن )2(خلودها ، فكان أن مدوا يف عمر فترة االستشهاد إىل مخسة قرون يصدرون عن مسلمة هي ثبات اللغة و

فيطرأ على أنظمتـها الـصوتية و الـصرفية . و أن يعتريها التحول خالل كل هذه الفترة ينتبهوا إىل أن اللغة ال بد .و النحوية تغريات ال ميكن التغاضي عنها بأن اللغة كغريها من األنظمة االجتماعية عرضة للتغري الذي ال يتوقف عنـد ال شك يف صدق وجهة النظر القائلة

حد ، و لكن من املؤكد أن النحاة العرب قد اعتمدوا على جمموعة مغلقة من النصوص تكاد تنحصر يف املوروث من قـد مت إن عنصر الـزمن الشعر اجلاهلي ، و طاملا أن النحاة قد التزموا يف كافة العصور ذه اموعة من الشواهد ف

، و من الواضح أم كانوا يقصدون إىل هذه النتيجة قصدا ، فقـد كـانوا )3(كعامل مؤثر يف تطور الفصحى حتييدهينظرون إىل الزمن نظرة سلبية ، مردها أن اإليغال يف الزمن معناه البعد عن عصر الفصاحة و ما جيره ذلك من فـساد

ه الفكرة ليست مقصورة على اال اللغوي على كل حال ، و إمنا نراها متفـشية يف اللغة و احنطاط القرائح ، و هذ . عموم الثقافة العربية

، إن ما حدث بالضبط يف الواقع اللغوي هو االنقسام بني اللغة األدبية من جهة و بني اللغة احملكية من جهة أخرى متغرية مهمشة ، و هذا االنقسام ليس وليد العصر احلديث و إمنا هو األوىل قارة يف نصوصها و قواعدها ، فيما الثانية

استمرار فيما يظهر النقسام أبعد يف الزمن يرجع تارخيه إىل العصر اجلاهلي ، فليست اللهجات احلديثة ـ فيما يبـدو ج اجلزيرة مع جحافل ـ سليلة العربية الفصحى ، و إمنا هي استمرار للهجات العربية القدمية اليت تدفقت إىل خار لنا

.اجليوش العربية ، و استقرت حيث أقام الناطقون ا ما نريد قوله هو أنه ال ميكن حماكمة النحاة العرب ألم جنحوا يف إجناز مشروعهم املتمثل يف الدراسة اآلنيـة إن

ف ارتباط الفـصحى بـالقرآن ـ يأيت يف مقدمة هذه الظرو لنظام اللغة العربية الفصحى اليت أدى تآزر ظروف معني ت يف مقابل اللهجات احملكية ، و هذه اخلاصية مل تنشأ بعد الفتوحـات تتسم بالثبا ـ إىل أن تكون لغة أدبية الكرمي

و انتشار العرب يف مناطق بعيدة عن موطنهم األول ، و إمنا هي ـ كما قلنا ـ موروثة نسبيا عن العصر اجلـاهلي ،

103 ص م ـ1986يوسف غازي ، جميد النصر ـ املؤسسة اجلزائرية للطباعة ـ : ، ترمجة دو سوسريفرديناند: حماضرات يف األلسنية العامة)1( 14اللغة العربية معناها و مبناها ص )2( 28 ص م ـ2007 ـ 1، أمحد شاكر الكاليب ـ دار الكتاب اجلديدة ـ ط كيس فرستيج :أعالم الفكر اللغوي التقليد اللغوي العريب )3(

77

العربية الفصحى مبنأى عن التحول ، إذن من غري املنطقي القول بأن النحاة أغفلوا اجلانب هذه الظروف جعلت اللغة وهو ما مل يكـن ) اللهجات ( التارخيي يف دراسة اللغة ؛ ألم لو فعلوا ذلك لوجدوا أنفسهم بصدد دراسة العاميات

. يف نيتهم قط :جتاهل القراءات القرآنية يف التقعيد النحوي

يف التقعيد النحوي ، فاللغويون الذين قصدوا األعـراب لثابت أن النحاة اعتمدوا الشعر العريب كمادة أساسية من ا جلمع اللغة أمضوا بني أظهر هؤالء سنوات من عمرهم ، أفنوا خالهلا الكثري من قنينات احلرب يف تسجيل ما مسعـوه ،

لكنهم مل يبالوا بتسجيل كالمهـم اليـومي ، إال قلـيال مـن و عادوا بزاد وافر من الشعر املتداول عند البدو ، و املالحظات املبعثرة هنا وهناك مما أدرجوه حتت مادة اللهجات ، هذه املادة اموعة من الشعر أعتمـدت يف عمليـة

ـ يبويه استقراء ظواهر اللغة و من مث التقعيد هلا ، و يكفي للتأكد من هذا تصفح كتب النحو األوىل ، فهذا كتاب س يف كتاب سيبويه اعتماد كامل على «: قد طغى على شواهده الشعر اجلاهلي بشكل الفت للنظر ، يقول حممد عيد

، و مـا )1(»الشعر العريب القدمي يف االستقراء و تقرير األصول و تغافل نسيب عن آيات القرآن و الشعر اإلسـالمي ، كما أنه ساق قـسما منـها ممـا )2(قرير و التوكيد ال االستشهاد أورده سيبويه من اآلي الكرمي إمنا كان بغرض الت

اكتنف تراكيبها الصعوبة و الغموض دف التحليل والتفسري ال غري ، و ال خيتلف األمر مع النحويني الذين أعقبـوا ا يقوي هـذا و مم . إمام النحاة ، فهم أيضا مالوا إىل إعطاء األولوية للشعر يف مقابل األضرب األخرى من النصوص

الزعم أن الكتب اليت وضعت يف شرح الشواهد اليت تضمنتها كتب النحو من أمثال كتاب سيبويه و ألفية ابن مالـك . اقتصرت على الشعر، فكأنه قد قام يف األذهان ظن راسخ مفاده أن الشواهد و الشعر شيء واحد

األوىل ، فكيف هو احلال مع حناة الكوفة ؟ هل كـان و إذا كان ما ذكرناه يصدق على حناة البصرة يف القرون انتقائهم لنصوص االستشهاد خمتلفا عن نظرائهم من البصريني ؟ يف احلقيقة أن اإلجابة على هـذا الـسؤال ليـست ميسورة ، و يعود ذلك إىل قلة ما وصلنا من كتب علماء الكوفة النحوية ، فأكثر املؤلفات اليت تعرضـت ملذهبـهم

و تاريخ تدوينها متأخر نسبيا ، مما جيعل من مهمة استخالص آراء حناة الكوفـة . )3(ي من وضع البصريني النحوي ه مهمة شاقة ، تستلزم إلجنازها أخذ الكثري من احليطة و احلذر، و إقامة املقارنات و التقاطعات بني املواد املقتطفة مـن

.مصادر متعددة ة ترتبط ارتباطا وثيقا بعلوم القرآن ، ويعود هذا إىل خصائص التربة اليت نـشأت من املسلم به أن املدرسة الكوفي

فيها ، و لعل من أهم هذه اخلصائص هو االحتفاء بالرواية و النقل ، و االعتداد بالسماع كمـصدر أويل للمعرفـة ، يدا ،و ذلك بإفراده بقاعـدة ، وعدم التفريط يف الشاهد و لو كان وح )4(و الوقوف قدر املستطاع عند ظاهر النص

103ستشهاد و االحتجاج باللغة ص اال )1( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )2( 196ـ سعيد األفغاين ص يف أصول النحو )3( 352مدرسة الكوفة و منهجها يف دراسة اللغة و النحو ص )4(

78

خاصة به ، و هذا على النقيض من مدرسة البصرة اليت اختذت من القياس مدار عنايتها ، و اليت كانت دومـا علـى و خري من يلخص ما . استعداد ألن تفرط يف جنب املسموع على أن تراجع أصال قد أقرته أو تبطل قاعدة قد أثبتتها

قوا على أن البصريني أصح قياسا ، ألم ال يلتفتون إىل كل مسموع و ال يقيـسون اتف «: سبق السيوطي حني قال .)1(»على الشاذ ، و الكوفيون أوسع رواية

كان لعلم التفسري أثر على مدرسة الكوفة يف النحو، و مما يدل على ذلك أن أحد أقدم تفاسري القـرآن و هـو "النعت" مبعىن حرف اجلر الزائد ، و مصطلح " صلة " اصة من مثل تفسري ابن مقاتل وجدناه يستعمل مصطلحات خ

لداللة على الوصف ، و هذان املصطلحان اختذا طريقهما إىل املؤلفات النحوية للكوفيني ، حيث مت دجمهمـا ضـمن أحد كبار أعالم ، و تتجلى هذه العالقة أيضا يف أن )2(منظومة مفاهيم النحو الكويف فاكتسبا بذلك داللة علمية دقيقة

الكوفيني و روادهم و نعين به الفراء املعاصر لسيبويه قد وضع كتابا يف التفسري اشتمل على مسائل حنوية واسـعة ، و إمنا وعلى اخلالف من سيبويه ، مل يرتب كتابه وفق املسائل النحوية كما صنع نظريه البصري ، و إمنا تعرض هلـذه

رآنية ، هذا دون أن يغيب عن بالنا أن الكسائي ـ أستاذ الفراء ـ يعد ضمن القـراء املسائل حبسب ترتيب السور القالسبعة املشهورين ، و أنه بدأ حياته منشغال بالقراءة قبل أن يسلك طريق النحو، وهو ما يعين أن ثقافته كانت عربيـة

. )4(علوم القرآن من النحو البصري ، خنلص مما سبق إىل أن النحو الكويف كان يف روحه أقرب إىل )3(إسالمية حمضةضوء ما ذكرناه هي أن النحو الكويف سوف يفسح جماال واسعا على إن النتيجة اليت ميكن أن نبيح ألنفسنا توقعها

للقراءات القرآنية كمادة يستشهد ا ، إن هذا على األقل ما وقر يف روع البعض ، فعبد العال سامل مكرم ذهـب إىل ، و ساق )5(يني وضعوا ثقتهم يف القراءات و استشهدوا مبادا على نطاق واسع ، و اختذوها مصدرا للتقعيد أن الكوف

:إلثبات دعواه مجلة من األحكام النحوية اليت احتج هلا الكوفيون بالقراءات ، من ذلك لئال يكـون علـيكم : عاىل تكون مبعىن واو العطف ، و شاهدهم يف ذلك قراءة بعض القراء قوله ت " إال " ـ أن

مع الـذين ظلمـوا : ، فيكون املعىن يف هذه احلال " إال " بتخفيف ]150: البقرة [ حجة إال الذين ظلموا منهم .)6(منهم

ـ أن فعل األمر معرب جمزوم ، و ذلك ألن أصله هو الفعل املضارع الذي دخلت عليه الم األمـر، و كـان مـن عثمان بن عفـان ، : و لكبار الصحابة والتابعني ممثال يف القراءة اليت تنسب للرسول حججهم على ذلك السماع

428االقتراح ـ السيوطي ص )1( 40 ـ 39التقليد اللغوي العريب ص : أعالم الفكر اللغوي )2( 346مدرسة الكوفة و منهجها يف دراسة اللغة و النحو ص )3( )43 ـ 42( ي العريب ص التقليد اللغو: أعالم الفكر اللغوي )4( 57أثر القراءات القرآنية يف الدراسات النحوية ـ عبد العال سامل مكرم ص )5( 60 ص نفسهاملصدر )6(

79

]58: هـود [ فبذلك فليفرحوا هو خري مما جيمعون : أنس بن مالك و احلسن البصري و غريهم من قوله تعاىل " .فلتفرحوا " بقراءة الفعل املضارع بالتاء

:الوصل إىل الساكن قبلها بقراءات منها قراءة أيب جعفر املدين لقوله تعـاىل ـ استدلوا على جواز نقل حركة مهزة و إذ قلنا للمالئكة اسجدوا ] 1( ، حيث نقل حركة الضمة من مهزة الوصل إىل حرف التاء ]34: البقرة( .

يني قد بنوا الكثري مـن من ذهب إىل هذا ، فمهدي املخزومي رأى أن الكوف" عبد العال سامل مكرم " و ليس وحده : منها )3( ، و ضرب على ذلك أمثلة)2(أحكامهم على مقتضى القراءات القرآنية

: ـ جواز الفصل بني املضاف و املضاف إليه بغري الظرف و اجلار و ارور استنادا إىل قراءة ابن عامر قولـه تعـاىل و كذلك زين لكثري من املشركني قتل أوالدهم شركائهم ] 137: األنعام[ .

و اتقـوا اهللا الـذي : ـ جواز العطف على الضمري املخفوظ دون إعادة اخلافظ استنادا إىل قراءة محزة قوله تعاىل . ]1: النساء [ تساءلون به و األرحام

لوال نزل عليـه ذة ـ جواز قيام اجلار و ارور مقام الفاعل ، مع وجود املفعول به املنصوب استدالال بالقراءة الشا . بنصب القرآن ]32: الفرقان [ القرآن

استنادا إىل ما جاء من قراءة احلسن البصري ويعقوب احلـضرمي " قد " ـ جواز وقوع املاضي حاال و هو جمرد من . ]90: النساء [ أو جاءوكم حصرت صدورهم : و املفضل عن عاصم بن أيب النجود لقوله تعاىل

لكن ال يبدو لنا أن التصور السابق من أن الكوفيني سلموا بالقراءات واعتمدوا عليها يف تقعيدهم النحوي مقنع و بأا قبيحة ، معلال ذلك بأن العرب ال تعطف االسم إذا كـان " األرحام " كثريا ، فهذا الفراء حيكم على قراءة جر

من سورة األنعام أنه كان مطلعـا علـى 173من تعليقه على اآلية ، و ال يستفاد )4(جمرورا على الضمري ارور قبله قراءة ابن عامر ، و ال أنه كان يعول عليها يف إجازة الفصل بني املضاف و املضاف إليه باملفعول به ، فاهتمامـه قـد

ذكـر أن ، و ) شركايهم ( اليت أشار إىل أا يف مصحف الشام قد كتبت ياء " شركاءهم " انصب على رسم لفظ أو )5(للمجهول ، فيصبح الشركاء يف هذا التركيـب هـم األوالد ) زين ( الصواب يف قراءة اآلية يكون ببناء الفعل

كيف نفسر غياب التطابق بني آراء الفراء هذه و بني مـا : بتعبري آخر نعتا لألوالد ، و السؤال الذي نطرحه اآلن هو مواضع أخـرى " معاين القرآن " إذا علمنا أن الفراء كانت له يف كتابه نسب يف األسطر املاضية للكوفيني ؟ خصوصا

و جعل كلمة الذين كفروا السفلى و كلمة اهللا هي العليا رد فيها بعضا من القراءات ، من ذلك استبعاده لقراءة ،اجليدة عنده هي إضمار اللفظ فيما الصياغة " اهللا " الثانية ، من جهة التصريح بلفظ " كلمة " بنصب ]40: التوبة [

)62 ـ 61( املصدر السابق ص )1( 345مدرسة الكوفة و منهجها يف دراسة اللغة و النحو ص )2( )344 ـ 343( أنظر املصدر السابق )3( 252 / 1 م ـ1983 ـ 3حممد علي النجار ، أمحد يوسف جنايت ـ عامل الكتب ـ ط : ، تح الفراءحيي بن زياد : ن معاين القرآ)4( 357ص نفسهاملصدر )5(

80

، إن اجلواب على سؤالنا يكمن على ما يبدو يف املصدر املعتمـد )1()كلمته العليا ( فتكون العبارة على النحو التايل أليب الربكات " اإلنصاف يف مسائل اخلالف " من قبل الباحثني السابقني يف استخالص آراء الكوفيني ، و هو كتاب

كتب املتأخرين من النحاة ، و حري بالباحث أن يتعامل مع هذا الكتاب و ما كان مثلـه حبـذر ، األنباري و بعض ولد عام ثالثة عشر و مخسمائة ، و تويف عام سبع و سبعني و مخـسمائة ( فصاحبه عاش يف القرن السادس اهلجري

الصورة اليت كانت شائعة يف عـصره ، ، و لذلك ميكن القول أن الصورة اليت يقدمها لنا عن املذهب الكويف هي )2()و من جهة أخرى فمعرفته ذا املذهب مل تكن مباشرة ، على أساس أن مذهب الكوفيني كان قد اندثر يف احلقبة اليت

الذي تويف يف مطلـع " نفطويه " عاش فيها األنباري ، وما يؤكد هذا أن الزبيدي وضع يف آخر طبقة النحاة الكوفيني القائمـة علـى " اإلنـصاف " على أن طريقة تأليف كتاب . )3(اهلجري عام ثالمثائة و ثالث وعشرين القرن الرابع

ختربنا أن مادته ترجع إىل تلك الفترة اليت اجتمع فيها املذهبان يف بغداد و تأججت بينهما روح املنافسة ، حني ،اجلدلربد ، فبعد أن كانت بغداد حتت سلطان النحو الكويف فيما كان مقدم البصريني امل " ثعلب " كان على رأس الكوفيني

زمن الكسائي و الفراء ، أخذت الكفة متيل قليال قليال إىل صاحل البصريني بفضل جهود املربد حـىت سـاوت كفـة الكوفيني ، مث رجحت عليها بعد ذلك ، فتم النصر النهائي للبصريني ، و انطفأت شعلة النحـو الكـويف ، يف هـذا

و أمهها للبصريني ، أمـا مـا تعلـق األنباري كتابه ، و هلذا مل يكن غريبا أن ينتصر يف اغلب املسائل الظرف وضع باعتداد الكوفيني بالقراءات فإننا من خالل تصفحنا لكتاب األنباري ، وجدنا أن االستشهاد بالقراءات ال يقتصر على

املخففة من الثقيلـة " أن " ء قد احتجوا مثال على أن الكوفيني وحدهم ، و إمنا يشاركهم يف ذلك البصريون ، فهؤال ، كما ]111: هود [ و إن كال ملا ليوفينهم ربك أعماهلم : بقراءة من قرأ بالتخفيف قوله تعاىل )4(تنصب امسها

.)6( على أن اهلاء تبدل من اهلمزة)5()هياك نعبد ( استدلوا بقراءة لشأن هو أن هذا اإلكثار من االحتجاج بالقراءات يعود يف حقيقة احلال إىل واحدة ما يصح الوثوق به يف هذا ا إن

من خصائص روح العصر الذي عاش فيه األنباري ، و نعين ا شدة العناية بالقراءات ورسوخ تقديرها يف النفـوس ، "البصريون" و "الكوفيون" ه يستوي يف ذلك ما كان منها شاذا أو متواترا ، و الظاهر أن ما يقصده األنباري من قول

هم النحاة املتأخرون من املدرستني ، الذين اخنرطوا يف اجلدل النحوي حبماس زائد ، و الذين استعانوا لنصرة مذهبهم بكل وسيلة متاحة مبا يف ذلك القراءات ، أما أن يكون هذا هو مذهب حناة املدرستني األوائل فغري صحيح ، و لعلـه

ه النقطة أن نسوق قول الباحث حممد عيد ؛ ألننا نرى أنه األقرب إىل الصواب فيما تعلـق بقـضية حيسن بنا عند هذ

438املصدر السابق ص )1( 11 ص م ـ2008 ـ 1 ـ دار السالم ـ ط حممد سامل صاحل:أصول النحو ـ دراسة يف فكر األنباري )2( 154 و اللغويني طبقات النحويني )3( م 2002ـ 1جودة مربوك حممد مربوك ، رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني ـ ط : أبو الربكات ابن األنباري ، تح :اإلنصاف يف مسائل اخلالف )4(

164ص 9قراءة أبو سوار الغنوي ، خمتصر يف شواذ القرآن ص )5( 174اإلنصاف ص )6(

81

ال أعتقد أنين أجتاوز وجه احلق كثريا إذ أزعم أن هذا االنصراف عن «: االستشهاد عند النحاة البصريني و الكوفيني با ـ فيما اعلم ـ ما عدا ابن هشام الذي وجـه االعتماد على النص القرآين يف االحتجاج قد مشل معظم النحاة تقري

الكثري من عنايته إليه ، فزاد على تنظيمه للقواعد و ترتيبها و حسن عرضها االستدالل عليها من القرآن الكـرمي يف و ال يبدو أن ابن هشام هو الوحيد من . )1(»و شرحه له " شذور الذهب " غالب األحوال كما يبدو ذلك يف كتابه

.)2(اة املتأخرين الذين عرف عليهم كثرة االحتجاج بالقراءات إذ يشاركه يف هذا ابن احلاجب و ابن مالكالنح و حيق لنا أن نسال عن الدافع الذي محل النحاة على العزوف عن اختاذ القراءات مادة أساسـية يف بنـاء قواعـد

رز الديين ، فالنص القرآين حبسبه ال يسمح للنحـاة الفصحى ، إن اجلواب على هذا يف رأي حممد عيد يكمن يف التح ، و ارتأى حممد سامل الصاحل أن )3(بإعمال الفكر و تقليب النظر و األخذ و الرد يف الرأي ملا عليه من طابع التقديس

جـاز الدراسات اللغوية و النحوية كانت دف إىل بيان إعجاز القرآن لذا كان لزاما عليها أن تستدل على هذا اإلع ليس ذلك بـسبب «: ، و جيمع حممد عابد اجلابري بني العاملني السابقني حني قال )4(بنصوص غري نصوص القرآن

التحرز الديين وحده ، بل أيضا ألن املطلوب من عملية مجع اللغة حتصينه ـ يقصد القرآن ـ من اخلارج ، الـشيء .)5 (»سواء على مستوى اللفظ أو التعبري أو املعىن الذي يقتضي إجياد لغة ما ورائية تكون إطارا مرجعيا له

ـ الذي انتقد منهج النحـاة صنيع النحاة هذا قد جر عليهم سخط طرف من الباحثني من مثل سعيد األفغاين إن ، الذين استعاضوا بالشعر يف االستشهاد بدال من القراءات ، مث حكموا قواعدهم فيها ، و هذا يف رأيه قلب لألوضاع

واملنهج السليم الذي اقترحه هو أن يعيد النحاة مراجعة قواعدهم فيعدلون منها ما كان خمالفا للقراءات الـيت صـح ـ ويعضد عفيف دمشقية من االقتراح السابق بضرورة استنباط قواعد جديدة على أسـاس مـن دراسـة )6(سندها

من حيث أم آثروا الشعر مصدرا طاغيا على ما مجعوا مـن ، و هذه االنتقادات ملنهج النحاة يف التقعيد )7(القراءات شواهد ، و املطالبة بوضع قواعد تتناسب مع الظواهر اللغوية اليت حتملها القراءات تبدو لنا يف غري حملـها ، و ذلـك

جبزم الفعـل ح أمل نشر :بسبب أن القراءات غري متجانسة يف مادا ، و إليك املثال التايل ، فقد قرئ قوله تعاىل ؟ أنـصنفها ضـمن اجلـوازم أم ضـمن " مل " ، فبأي القراءتني نأخذ ؟ و على أي منهما نبين قاعدة عمل نصبهو

النواصب ؟ و حىت لو كان االقتراح يقوم على وضع قواعد تستند على القراءات املتواترة و تستبعد الـشاذة ، فـإن و شاذها حتمل ظـواهر كن التملص منها وهي أن القراءات متواترها الفروقات ستظل قائمة ، ألن هناك حقيقة ال مي

103غة ص االستشهاد و االحتجاج بالل )1( عطا حممد موسى:مناهج الدرس النحوي يف العامل العريب يف القرن العشرين : القراءات القرآنية ومدى االحتجاج ا ـ حممد بدوي املختون ، نقال عن )2(

108 ص م ـ2002 ـ 1ـ دار اإلسراء ـ ط 106االستشهاد و االحتجاج باللغة ص )3( 174كر األنباري ص أصول النحو دراسة يف ف )4( 103العالقة بني اللغة و الفكر يف الثقافة العربية ، نقال عن مناهج الدرس النحوي ص )5( 32يف أصول النحو ص )6( 197أثر القراءات القرآنية يف تطور الدرس النحوي ص )7(

82

هلجية ليس يف املستطاع إنكارها أو إغفاهلا ، بينما اهلدف الذي سعى إليه النحاة و الذي ال نتوقع أن يعتـرض عليـه : قـال معترض هو وضع قواعد للعربية الفصحى ، و ليس قواعد للهجات ، و هذا ما تنبه له حممد سامل صاحل حني

كان االعتماد على النص القرآين و القراءات سيدخلهم أكثر يف مشكلة لغوية مهمة و قعوا يف بعضها وهي عـدم «حتديد املستويات اللغوية و اللهجات الداخلة يف االستشهاد أو اخلارجة عنه ، فاالعتماد على القراءات كان سيدخلهم

. )1 (»أكثر يف هذه املشكلة :راءات يف الدرس النحوي تأويل الق

كنا قد تناولنا التأويل أو التوجيه كمفهوم يف املبحث األول من هذا الفصل ، وأما يف هـذا املوضـع فـسنعاجله كنشاط ملموس صدر عن النحاة فيما ألفوا من كتب النحو، و إذا كان من املتعذر أن نقف عند كل حنوي صدر عنه

بكل املؤلفات اليت اشتملت على هذا النشاط وما أكثرها ، فإننا سنقتصر على الـبعض تأويل للقراءات ، و ال أن نلم و لعله حيسن بنا أن نذكر هنا أن الـدافع . مما يسمح لنا بتشكيل تصور و لو تقرييب عن التأويل النحوي بصفة عامة

تعارض معناه مع ما ثبتت صحته يف األكرب إىل التأويل هو خروج النص على ما تقتضيه القواعد اليت استنها النحاة أو و أما إسراف النحاة يف تأويل القراءات فيمكن تفسريه بأم مل يعتمدوا يف وضع قواعدهم على ما قرأ بـه . العقول

. )2(القراء ، ومن هنا توسلوا التأويل ـ ما وسعهم ـ كلما امتنع ظاهر القراءة أن ينصب يف قالب ما سنوه من قواعدشيخ النحاة سيبويه الذي عين يف كتابه بتأويل القراءات يف معرض تناوله للتراكيب املستغلقة اليت خالفـت و نبدأ ب

املعهود نظرا الشتماهلا على ظواهر لغوية معينة مثل احلذف و التقدمي و التأخري و التضمني و احلمـل علـى املعـىن ضع هلا مصطلحاا متخذا منـها أدوات للتحليـل و التفـسري و احلمل على املوضع ، هذه الظواهر اليت جردها و و

النحوي ، سوف يرثها النحاة الذين جاءوا بعده و يعممون استعماهلا دون أن يضيفوا هلا شيء يعتد بـه ، إذن ففـي ىل كتاب سيبويه جند التأويالت األوىل ، كما جند األدوات املفاهيم اليت تيسر على النحوي ترويض النصوص و ردها إ

.أطر القواعد املرضية " شركاؤهم " على أن و كذلك زين لكثري من املشركني قتل أوالدهم شركاؤهم وجه سيبويه قراءة من قرأ

زين الـشركاء : ، فيكون تقدير العبارة " زين " املتضمن يف صيغة املبين للمجهول " زين" فاعل للفعل املين للمعلوم من جهة ، و من جهة أخرى اسـتيعاب " شركاؤهم " ، و ذا تيسر تعليل رفع )3( قتل أوالدهم لكثري من املشركني

إن الذين آمنـوا : املعطوفة حبسب ظاهر اآلية على املنصوب يف قوله تعاىل " الصابئون " و وجه رفع . معىن اآلية عمل صاحلا فال خوف عليهم و ال هم حيزنون و الذين هادوا و الصابئون و النصارى من آمن باهللا و اليوم اآلخر و

إن الذين آمنوا و الذين هادوا مـن : على التقدمي و التأخري ، فيكون تبعا لذلك تقدير العبارة هو اآليت ]69: املائدة [

174أصول النحو دراسة يف فكر األنباري ص )1( 275 ـ 274للغة احلديث ـ عبد الصبور شاهني ص القراءات القرآنية يف ضوء علم ا )2( 290 ـ 288 / 1الكتاب )3(

83

يف و . )1(آمن باهللا و اليوم اآلخر و عمل صاحلا فال خوف عليهم و ال هم حيزنون و الصابئون و النصارى كـذلك سياق حديثه عن حركة الضمري الغائب للمذكر املفرد اليت حكم بأا يف األصل ضمة مشبعة واوا تستحيل إىل كسرة

من هذا القانون هلجة أهل احلجاز الذين يبقون على أصل حركة الضمري و لو استثىنإذا سبق الضمري بياء أو كسرة ، . ]81: القصص [ فخسفنا و و بدارهو األرض : وله تعاىل ، وعلى هذا خرج قراءم لق)2(سبق بكسرة أو ياء

و منضي من سيبويه إىل نضريه الفراء الكويف الذي وظف بدوره التأويل ، من ذلك أنه ذهب إىل أن يف قراءة قوله ـ " السالسل " بنصب ]71: غـافر [ إذ األغالل يف أعناقهم و السالسل يسحبون :تعاىل ى التقـدمي حتمل عل

، و أول قراءة بعض القراء لقولـه )3(إذ األغالل يف أعناقهم ويسحبون السالسل : و التأخري ، فيكون أصل التركيب ببناء الفعل للمجهول و نصب قوما على تقدير املـصدر ]14: غافر [ ليجزي قوما مبا كانوا يكسبون : تعاىل

.)4(ا للفاعل ، وبذلك يتم تفادي احلكم على القراءة باللحننائب" اجلزاء " احملذوف من الفعل إعـراب " إىل التماس ما صدر عنه من تأويل القراءات من كتاب أيب جعفر النحـاس ا و أما الكسائي فاضطررن

أن رفع لفـظ ، و مما نسبه إليه أبو جعفر ما ارتآه من حكم املفقود يف " معاين القرآن " ، و ذلك ألن كتابه " القرآن ، كما )5("هادوا " من سورة املائدة يعود إىل أنه معطوف على ضمري اجلمع الذي يف لفظ 69من اآلية " الصابئون "

تقدميا و تـأخريا ، فتكـون و لبثوا يف كهفهم ثالث مائة سنني من سورة الكهف 25نقل عنه أنه قدر يف اآلية و على هذا ميكننا القول أن الكوفيني ال خيتلفون عن البصريني . )6(ني ثالث مائة و لبثوا يف كهفهم سن : العبارة حبسبه

يف تأويالم لآليات القرآنية ، فاألدوات املوظفة هي نفسها عند هذا الطرف و ذاك ، و لعل االختالف الوحيد يكمن . بيق ، و بعبارة أخرى أن األدوات واحدة و التباين قائم يف التطاحملصلةيف النتائج

فإذا تولينا بأنظارنا إىل حناة العصور املتأخرة وجدناهم يكررون تأويالت سابقيهم دون أن يضيفوا جديدا إال فيما جبـر لفـظ ) و اتقوا اهللا الذي تساءلون به و األرحام ( انه قد أتى جبديد يف توجيه قراءة محزة ، فابن جين ظن قلو إمنا هو جمرور على حذف حرف اجلـر " به " للفظ غري معطوف على الضمري ارور يف ، من أن هذا ا " األرحام " اتقوا اهللا الذي تساءلون به و باألرحام ، و احتج على حذف حرف اجلـر ببيـت : ، فأصل التعبري إذن هو " الباء "

:الفرزدق )7( املتخوف و إين من قوم م يتقي العدا و رأب الثأي و اجلانب

155 / 2الكتاب )1( 195 / 4 املصدر نفسه )2( 11 / 3معاين القرآن )3( 46 / 3 املصدر نفسه )4( 335 / 1إعراب القرآن )5( 129 ـ 128 / 2 نفسهاملصدر )6( 286 ـ 285 / 1اخلصائص )7(

84

غري انه فاته أن هذا االحتمال خطر ببال النحاة املتقدمني و استبعدوه ، ألنه ال جيوز أن يستحلف إال باهللا ، و هذا ما أسـألك بـاهللا : املعـىن : وهذا يرد قول من قال «: قصد إليه النحاس حني قال يف سياق تعليقه على قراءة محزة

التخريج الذي يذهب وكذلك نجي املؤمنني رح أبو الفتح يف القراءة املنسوبة إىل عاصم ، و يط )1(»و بالرحم ، و يستدل علـى " جني " إىل أا على إقامة املصدر احملذوف مقام الفاعل ، و الصواب عنده هو حذف إحدى نوين

تتذكرون ، و بسكون الياء مـن :أي : تذكرون " صحة ما ذهب إليه حبذف ما بعد حرف املضارعة يف قوله تعاىل الياء ، و هذا التخريج هو عني ما نقله النحاس عن أسـتاذه علـي بـن ت، إذ لو كان الفعل ماضيا النفتح " جني "

على أن هذا ال مينع من أن يكون أليب الفتح توجيهات مل يسبق إليها من ذلك ما رآه مـن أن . )2(سليمان األخفش ، )4("البؤسى " ، " النعمى " ، " الذكرى " مصدر مثل ) )3 و قولوا للناس حسىن : قرأ يف قراءة من " حسىن "

من أا صفة مشبهة ال جيوز أن ترد يف مثل )5(و ذلك على خالف ما تومهه أبو حامت السجستاين و من بعده النحاس .قراءة هذا السياق إال معرفة باأللف و الالم ، و من هنا كان تلحني هذه ال

بياء مشددة على أن ياء املتكلم يكسر يف ]38: البقرة [ فمن تبع هداي : و خيرج العكربي قراءة قوله تعاىل ، و ليس يف )6(االسم الصحيح ما قبلها ، و ملا كانت األلف ال تكسر قلبت ياء ، ألا األنسب للكسرة ، مث أدغمت

من سـورة 111 ، و أورد أبو حيان خترجيا مبتكرا لآلية )7(يه بشهادة النحاس هذا التخريج جديد فقد سبق إليه سيبو ، و هي اآلية اليت تضاربت فيها أحكام النحاة األولـني ، فالكـسائي و إن كل ملا ليوفينهم ربك أعماهلم هود

ع ـ تعمل عمل الثقيلـة املخففة ـ على ما جاءت عليه قراءة ناف " أن " اعترض على مذهب اخلليل و سيبويه يف أن "أن " ،مقرا بعجزه عن النفاذ إىل وجه الصواب فيها ، فيما مال أكثر النحويني إىل تلحني قراءة من قـرأ بتـشديد

هذه هي " ملا " ، أقول خرجها أبو حيان على أن )8(، و خص أبو جعفر بالذكر من بني هؤالء النحاة املربد "ملا" و :ضارع ، و أن جمزومها حمذوف يف اآلية ، ألن السياق يدل عليه ، و أن تقدير احملذوف هو التـايل جلازمة للفعل امل

، و ما ذكرناه سابقا ينطبق على ابن هشام الذي استفاد هو اآلخر من جهود أسالفه )9(و إن كال ملا ينقص من عمله لكن الراسخون يف العلـم منـهم : قوله تعاىل يف" املقيمني " النحاة ، فهو يستعني يف معرض توجيهه لنصب لفظ

من قول سـيبويه أنـه ]162: النـساء [ و املؤمنون يؤمنون مبا أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و املقيمني الصالة

241 / 1ن إعراب القرآ ) )1( 213 / 2أنظر إعراب القرآن )2( 140 / 1قراءة شاذة تنسب إىل أيب بن كعب و طلحة بن مصرف و احلسن و األخفش األوسط ـ معجم القراءات )3( 301 / 3اخلصائص )4( 73 ـ 72 / 1أنظر إعراب القرآن )5( 55 ص ـ) د ط ، د ت ( لي حممد جباوي ـ مطبعة عيسى البايب احلليب ع: عبد اهللا بن حسن العكربي ، تح : التبيان يف إعراب القرآن )6( 53 / 1إعراب القرآن )7( 573 ـ 572 / 1 املصدر نفسه )8( 1929إرتشاف الضرب ص )9(

85

مـن " ما " يف حمل جر معطوف على " املقيمني " ، كما ذكر سبيال آخر يف توجيهها وهو أن )1(منصوب على املدح ، و التوجيه الثاين لآلية نسبه أبو جعفر إىل الكسائي و انتقده ؛ ألن املعىن ال يصح )2()مبا أنزل إليك : ( وله تعاىل ق

و لعل من التأويالت اليت حتمل بصمة االبتكار تأويله لقـراءة قنبـل . )3(و يؤمنون باملقيمني : معه ، إذ يستحيل إىل يف اآليـة موصـولة ال " من " من أن " يتق " بإثبات الياء يف ]90: يوسف [ إنه من يتق و يصرب : لقوله تعاىل

. )4(جاء ختفيفا لتوايل احلركات" يصرب " شرطية ، و أن سكون راء الفعل و من الواضح أن الكثري من هذه التأويالت عليها طابع التكلف و التعسف ، فهي تضرب صفحا عن سياق العـام

ل ، مما يؤدي إىل اإلخالل باملعىن ، و من هنا نفهم تربم بعض الباحثني من هذه التأويالت و ضيقهم لآلية موضع التأوي ا ، فأرجع إليها متام حسان سبب طول نصوص النحو العريب ، ورأى فيها العامل الذي أعاق تعلـم النحـو علـى

.)5( و هذا ألن هذه التأويالت تتناول املسائل دون األصول،طالبه :ف القراءات و ردها يف الدرس النحوي تضعي

رأينا أن النحاة قد بنوا قواعدهم مما استقرأوه من مادة الشعر العريب املتوارث عن العصر اجلاهلي ، و رأينا أن هذه خذوا ا القواعد اليت استنوها مل تكن دائما متوافقة مع القراءات القرآنية ، و رأينا أن من اخليارات املتاحة هلم واليت أ

يف هذه احلال هي تأويل القراءة مبا يتفق مع قواعدهم ، و يتناسب مع أصوهلم ، و قد ذهب حممد عيد إىل أن حتـرج ، و هذا التوجه كان عاما )6(النحاة أمام القراءات هو ما دفع م إىل خترجيها و توجيهها حينا و حينا آخر إىل تلحينها

لبصريني منهم ، فإذا كان سيبويه قد التزم جانب احليطة ، فلم يلحن القـراءات إال على ما يبدو عند النحاة و خباصة ا ، فإن من تاله من حناة البصرة قد جموا على القراءات عالنية ، و كان املربد أعالهم صوتا يف هـذا )7(بصورة خفية

ن آرائه هذه ، و يبدو هذا املوقـف اال ، فكان خيطئ القراءة مىت خالفت القياس دون حترج ، و قد مر بنا طرف م ، فالزخمشري مثال خيطئ قـراءة )8(الزخمشري و األنباري و العكربي : يف أكثر صوره جالء عند ثالثة من النحاة هم

و يشبهها يف الضعف " الوعد " و نصب " الرسل " جبر ]47: إبراهيم [ خملف وعده رسله : من قرأ قوله تعاىل ، و ال خيتلف األنباري يف موقفه عن زين لكثري من املشركني قتل أوالدهم شركائهم لقوله تعاىل بقراءة ابن عامر

و جـر " أوالدهـم " و أمـا نـصب «: من سورة األنعام حيث قـال 137الزخمشري من قراءة ابن عامر لآلية

54شرح شذور الذهب ص )1( 55 ص نفسهاملصدر )2( 202 / 1إعراب القرآن )3( 63 ص ـ) د ط ، د ت ( حممد حمي الدين عبد احلميد : ابن هشام األنصاري ـ تح : شرح شذرات الذهب )4( 168األصول ص )5( 105االستشهاد و االحتجاج باللغة ص )6( 173أصول النحو دراسة يف فكر األنباري ص )7( 211أصول النحو ـ حممد سامل الصاحل ص : مواقف النحاة من القراءات القرآنية ـ أمحد حممد عبد الراضي ، نقال عن )8(

86

ال : ي بالضعف قراءة من قرأ قوله تعـاىل ، و مما حكم عليه العكرب )1(»فهو ضعيف يف القياس جدا " شركائهم " قلبت التـاء داال مث حـدث " تعتدوا " بتشديد الدال و سكون العني ، فاألصل حبسبه هو ]154: النساء [ تعدوا

، و مل خيتلف ابن جين )2(اإلدغام ، و هي قراءة ضعيفة عنده ؛ ألنه مت اجلمع بني ساكنني ليس الثاين منهما حرف مد ء الثالثة ، فقد خطأ بدوره قسما من القراءات مل يبد له متوافقا مع القياس ، فها هو ذا يرد قـراءة عاصـم عن هؤال

، )3( ؛ ألنه مل يأخذ بإدغام النون يف الراء الواجب يف هذا احلـال ]27: القيامة [ و قيل من راق :لقوله تعاىل قراءة احلسن لقوله تعاىل كما رد : أنبئهم ] ا ياء ، فأصبح الفعل مثل ]33: البقرةأعطهم " ؛ ألنه أبدل مهز"،

و هذا عنده ضعيف ؛ ألن ما جرى على هذا البدل ال يكون إال يف الضرورة الشعرية ، و لو كـان ختفيفـا حلـضي .)4(بالقبول

أن هذا احلكم ال يشملهم مجيعا و جنح الكوفيون إىل التسليم للقراءات ، و بنوا عليها طرفا من قواعدهم ، على فهذا الفراء و هو أحد شيوخهم املربزين أكثر من الطعن يف القراءات ، فرمى العديد منها بتهمة الشذوذ ، من ذلـك

بالياء بدل التـاء يف ]59: األنفـال [ و ال حتسنب الذين كفروا سبقوا إم ال يعجزون : قراءة محزة لقوله تعاىل و استدل بالرسم على منـع جـواز قـراءة . )5("أن " مل تدخل عليه " سبقوا " ، و علل ذلك بأن لفظ "حيسنب " قل ال أجد يف ما أوحي إيل حمرما على طاعم يطعمـه : بالرفع ـ وهي قراءة ابن عامر ـ من قوله تعاىل " ميتة "

.رسم يف املصحف باأللف " دما " املعطوف ألن ]145: األنعام [ إال أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ا ، فأفسحوا هلا متسعا فيما ألفوا ، حيملـهم أم ا النحاة املتأخرون فكانوا أكثر تقديرا للقراءات ، و أشد احتفاء

على ذلك رغبتهم يف توسيع مادة االستشهاد ، و قد بدأ هذا التحول منذ القرن اخلامس ، و أخذ يشتد مـع مـرور ، و هـذا )6(ن ، فلما حل القرن الثامن كانت ظاهرة االعتماد على القرآن الكرمي و قراءاته متفشية بني النحـاة الزم

كان قوم من النحاة املتقدمني يعيبون على عاصم و محزة و ابن عامر قراءات بعيدة «: السيوطي الناطق بلسام يقول ن يف ذلك ، فإن قراءام ثابتة باألسانيد املتواترة الصحيحة الـيت ال يف العربية ، و ينسبوم إىل اللحن ، و هم خمطئو

املتأخرون ، منهم ابن مالك ، على من عاب ذلك مطعن فيها ، و ثبوت ذلك دليل على جوازه يف العربية ، و قد رد . )7(»بأبلغ رد ، و اختار جواز ما وردت به قراءم يف العربية

م 1980طه عبد احلميد طه ، مصطفى السقا ـ اهليئة املصرية العامة للكتاب ـ : أبو الربكات األنباري ، تح : البيان يف غريب إعراب القرآن )1(

1 / 342 403التبيان يف إعراب القرآن ص )2( 94 / 1اخلصائص )3( 66 / 1 م ـ 1994لس األعلى للشؤون اإلسالمية ـ علي النجدي ناصف و آخرون ـ ا: ابن جين ، تح : احملتسب )4( 416 ـ 414 / 1معاين القرآن )5( 170أصول النحو دراسة يف فكر األنباري ص )6( 80 ـ 79االقتراح ص )7(

87

رد النحويني القراءة القرآنية إذا خالفت قواعدهم و عارضت أصوهلم ميكن تفهمه إىل أن و لعله حيسن بنا أن نشري على أساس من أم حيرصون على االلتزام باالطراد يف ظواهر اللغة، و لكن ما ال جيوز تـسويغه حبـال هـو تلـك

ن شخصه ، كاحلكم عليه بأنه جاهل االنتقادات اليت أصدرها طرف منهم يف حق القراءة ذاا أو قارئها بقصد النيل م أصـل «: من اآلية العاشرة من سورة األعراف " معايش " بعلم النحو ، من ذلك قول املازين معلقا على قراءة نافع

و لسنا «: ، و هو ما محل أبو حيان على الرد عليه قائال )1( »أخذ هذه القراءة عن نافع و مل يكن يدري ما العربية .)2( »ال حناة البصرة متعبدين بأقو

271 / 4 م ـ1993 ـ 1عادل أمحد عبد املوجود و آخرون ـ دار الكتب العلمية ـ ط : أبو حيان األندلسي ، تح : البحر احمليط )1( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )2(

الفصـــــل الثاين للقراءات التـوجيه الصويت و الصـريف

الظواهر الصوتية

ـ اهلمز ـ اإلدغام

ـ اإلتباع ـ التخفيف

الظواهر الصرفية ـ الفعل من حيث التجرد والزيادة

ـ الفعل من حيث اختالف حركة عني املضارعة ـ الفعل من حيث البناء للمعلوم والبناء للمجهول

ـ االختالف بني املصدر واسم املصدر ـ االختالف يف املشتق

ـ االختالف بني املفرد واجلمع

89

اهلـمــــز العربية استئثارا باهتمام الباحثني قدميا وحديثا ، و يعود هـذا يف لسنا نبالغ إذا قلنا أن اهلمزة هي أكثر األصوات

ـ كما سبق و أن ذكرنـا تصورنا إىل عاملني حامسني ، أما أوهلما فهو ارتباطها باجلانب اللهجي ، حيث اعترب اهلمزكمـا أن حلجـاز ، أحد العالمات الفارقة بني هلجيت العرب القدماء الرئيسيتني ، نعين ما هلجة متيم و هلجـة ا ـ

بباقي األصوات و خصوصا منـها أصـوات املتينة وعدم ثباته على صورة واحدة ، و عالقاته اضطراب هذا الصوت ما يعتريه من ظواهر اإلبدال والتسهيل فتدارسوا ، من جهودهم وافر بشطر قد ألزمت علماء العربية أن خيصوه اللني ،

حبثوا فيمـا كما ، و تناولوا من هذا اإلبدال ما كان واجبا ، خيضع هلا اليت عدوا للمطرد منها القوا و سن .و احلذف . كان منه جائزا أو شاذا

أملـوا فيهـا بـشىت )1( بأبواب خاصة من كتبهم يف رصد ظاهرة اهلمز ، فأفردوها ر علماء القراءات و مل يقص ، و إن كان منـهجهم يف تناوهلـا ،قعت يف قراءام حيثما و أحواهلا من حتقيق و حذف و تسهيل و إبدال عند القراء

زئيـات اجل أحـوال تتبع الساعي إىل التام قد غلب عليه االستقراء خمتلفا عن ذلك الذي جنده عند النحاة من جهة أنه ، االستقراء غري مقصور على علماء القـراءات هذا بأن رأينا و قد يعترض على .)2(أكثر منه إىل سن القوانني العامة

كـان اسـتقراء عتراض هو أن استقراء النحـاة ال ا مثل هذا على جوابنا ، إن باالستقراءالنحاة يتوسلون هم أيضا فو من مث يصدرون القاعدة لتعم كل اجلزئيـات ، مبعىن أم يلحظون الظاهرة يف عدد حمدود من اجلزئيات ، )3(ناقصا

، أما علماء القراءات فـإن اسـتقراءهم االستقراء العلمي صمن خصائ واحدة و هذه امللحوظة منها و غري امللحوظة .يشمل مجيع اجلزئيات ، و هو أمر متاح هلم حبكم أم يدرسون مدونة مغلقة هي القراءة القرآنية

انفـرد «ه هؤالء من قواعد ، فقد على أن القراء مل يكونوا تبعا للنحاة يف أحكام اهلمز ، فقد خرجوا على ما سن مـا ، نذكر من مادة هذا اخلالف )4(»القراء بنوع من التخفيف وافقهم عليه بعض النحاة و خالفهم آخرون بعض

محزة "أنمن " الداين " عليه نص " متنكبا يف العثماينبع يف ختفيف اهلمزة رسم املصحف أحد القراء السبعة كان يت .)5(النحاة عن قياسذلك

، هذا عـن طبيعتـها )6( » نربة يف الصدر خترج باجتهاد ، و هي أبعد احلروف خمرجا « ابأف سيبويه اهلمزة رع أما اخلليـل ، )8( و وافقه على ذلك ابن جين ، )7(ف اهورة وو خمرجها ، أما من حيث صفاا فقد عدها ضمن احلر

67يف اللهجات العربية ص )1( )384 ـ 311 / ( 1 القراءات العشر النشر يف: أنظر على سبيل املثال )2( 63األصول ـ متام حسان ص )3( 347 / 1النشر يف القراءات العشر )4( 41ص م ـ 1996 ـ 1يوتو يرتزل ـ دار الكتب العلمية ـ ط : ، تح عثمان بن سعيد الداين: التيسري يف القراءات السبع )5( 548 / 3سيبويه ـ الكتاب )6( 334ص املصدر السابق )7( 69ص م ـ 1993 ـ 2حسن هنداوي ـ دار القلم ـ ط : ، تح سر صناعة اإلعراب:ابن جين )8(

90

بقيـة يف مقابـل ، حيز هلـا و ال درج ال خترج من اجلوف مع الواو و الياء و األلف أن اهلمزة ابن منظور فنقل عنه .)1( اليت خلع عليها صفة الصحة من حيث كانت هلا أحياز و مدارجاألصوات

فخلطوا بينهما ، و جند هذه الظـاهرة بـارزة عنـد ابـن علماء اللغة القدماء متاما بني اهلمزة و األلف ، مل مييز كان ينتقل يف احلديث من أحدمها إىل اآلخر و كأما حـرف يف باب اهلمزة ، حيث ـ على سبيل املثال ـ منظور األلف صوت سـاكن أن هذا على الرغم من أن سيبويه و ابن جين قد أقاما التفريق بينهما على أساس من ، )2(واحد

و يرجع ذلك إىل طبيعة الرسم العريب ذي األصل اآلرامي الذي مل خيص اهلمـزة ، تدخل عليها احلركات فيما اهلمزة ت صورة األلف كان ، و يؤيد هذا التعليل عبد الصبور شاهني الذي رأى أن )3(تارخيهبرمز معني يف املراحل األوىل من

، هـذا اخللـط )4(ترمز من جهة إىل حرف املد أو كما مساه الفتحة الطويلة ، و من جهة ثانية كان يرمز إىل اهلمزة . )5(أدخلوها يف عداد األصوات اهورةكانت له انعكاسات يف تصور القدماء للهمزة حيث

إن التصور العلمي احلديث للهمزة هو أا صوت انفجاري ، ينشأ عن انطباق فتحة املزمار انطباقـا ال يـسمح حيز هو إذن ، هذا )6(يزول هذا االنطباق خملفا انفجارا يتبدى لألذن البشرية يف شكل صوت اهلمزة مبرور اهلواء ، مث

، و يبدو أن هـذا )7(ةهموساملت اصواأل اهلمزة تدخل يف عداد إىل أن " مالربج " فماذا عن صفاا ؟ ذهب اهلمزة ، هو أا صوت بـني هم فالرأي الذي عليه أغلب ، بالدراسات الصوتية نشغلنيعند امل الوصف للهمزة مل حيض بالقبول

االنفتـاح : حني قسم وظائف احلنجرة إىل ثالثة أقسام دانيال جونز ارتضاه التصور هو ما هذااملهموس و اهور، و مع الذبذبة و ذلك يف إنتاج األصوات اهورة ، و االنفتاح من غري ذبذبة عنـد إصـدار األصـوات املهموسـة ،

. )8(و االحتباس مع صوت واحد ال غري هو اهلمزة صوتا مـا و حنن نعرف أن احملك الذي يتعرف به إذا ما كان ربية ، يف النظام الصويت للغة الع " فونيم " اهلمزة إن

تنوع لفونيم آخر هو املعىن ، و ذلك باستعمال عملية االستبدال بينه و بني سـائر وحـدات النظـام فونيما أو جمرد أن هـذا إىلإشارة ، فإذا أدى إحالله يف موضع األصوات األخرى يف حميط واحد إىل تغري املعىن ، كان ذلك الصويت

يـؤدي ، و هكذا فإن اهلمزة يف جمموعة الوحدات اللغوية التالية )9("الفونيم " الصوت حيتل يف النظام الصويت مرتبة .. . . قرأ ، قرص ، قرن ، قرب ، قرع ، قر : استبداهلا إىل معىن خمتلف

من املقدمة17 / 1اللسان ـ )1( 1 / 1 املصدر نفسه )2( 352 / 1النشر يف القراءات العشر )3( 33القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )4( 33 ص نفسهاملصدر )5( 77 ص م ـ1998 ـ 8أمحد خمتار عمر ـ عامل الكتب ـ ط : ، ترمجة ماريو باي :س علم اللغةأس )6( 123ص م ـ 1981 ـ 1ـ دار صفاء ـ ط عبد القادر عبد اجلليل :األصوات اللغوية )7( 24القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )8( 50أسس علم اللغة ـ ماريو باي ص )9(

91

ى عبد الصبور شاهني أن اهلمز مرتبط يف األصل ارتأ؟ " فونيما " و لكن هل كانت اهلمزة يف اللغة العربية دائما ه ال أن مفادهتصور خاص الظاهر أنه صدر يف هذا عن و . )1(، و أنه مل يصبح فونيما إال بعد تطور لغوي تارخيي بالنرب

إىل، و هذا النرب ينقـسم عنـده النرب مبعزل عن ظاهرة لهمز يف اللغة العربية الفصحى ل ميكن اإلمساك باملعىن احلقيقي تفهم أعمق على يساعدنا مما التصورذا سنأخذ و . )2(النرب اهلمزي ، نرب الطول ، نرب التضعيف : ة أنواع ، هي ثالث

. تفسريها و التعليل هلا و ما يعتريها من تغريات حتليل كما سيمدنا باألدوات اليت تعيننا على،املختلفة اهلمزةلظواهررسم من املستحسن تقدمي أنه ، بدا لنا التخفيف اجلائز هلمز عند أيب جعفر قد غلب عليه ملا كان التوجيه لظواهر ا

كان خمتلف السياقات اليت رصدوها ، و اهلمزة اجلائز يف ختفيفتركيز القواعد املعتمدة عند النحاة يف ه ب وضح في نبياين ا و لقارئنا املفترض من استيعاب ما يساق يسمح لن هو ما نرجوا أن و .ألبن يعيش " شرح املفصل " مرجعنا يف هذا

.من وجهات النظر يف هذا املوضوع و كم أهلكنا قبلهم من قرن : من املواضع اليت وقف عندها أبو جعفر بالتوجيه مما اشتمل على اهلمز قوله تعاىل

بياء واحـدة " و ريا " ، و قرأ طلحة بغري مهز " وريا " ، فقراءة أهل املدينة ]74: مرمي [ هم أحسن أثاثا و رءيا ، حكم أبو جعفر " ريئا " األعمش عن عاصم عن محيد ، و هي تعزى أليب بكر يف رواية خمففة ، و هناك قراءة ثالثة

متبعا يف ذلـك "رئي " ، أي "رأيت " على أنه مصدر من الفعل " ريا " حسنة ، و قدر لفظ بأاعلى قراءة املدينة و على هذا يكون التغيري و يستشهد بقول ابن عباس الذي شرح هذا اللفظ على أنه مبعىن املنظر ، ، )3(األخفش سعيد

و قبلها كسرة ، فجاز قلبها حرف مد من جـنس متمثال يف التخفيف ، و ذلك أن اهلمزة وقعت ساكنة الذي اعتراه جعفر يفصل القول يف اإلبدال يف حني االحظ أن أب مث أدغمت يف الياء التالية هلا ، و ن ، حركة ما قبلها و هي الكسرة

بطرح ]املنظر [على معىن األول : و من قرأ بغري مهز فله تفسريان «: أن أستاذه الزجاج أشار إليه يف عبارة مقتضبة املختومـة ا ، و يعلل الغاية من هذا اإلبدال الواقع يف آخر اآلية بكونه يتناسب مع أواخر اآليات السابقة هل )4(»اهلمزة

و هناك احتمال قوي يف أن يكون أبو جعفر قد استمد هذا التعليل من الفراء الذي ذكر يف سـياق ، )5(فةبياء مضع غلط أبو جعفر ، و ي )6( » و هو وجه جيد ، ألنه مع آيات لسن مبهموزات األواخر « :تعليقه على قراءة أهل املدينة

، مث حذفت اهلمزة " رئيا " تأول بعض النحويني هلا من أا يف األصل مع ذلك خففة ، و عرض املياء بالقراءة طلحة ، فاهلمزة الساكنة املسبوقة حبـرف صـحيح حركتـه و ميكننا تفهم عدم اقتناع أيب جعفر بوجهة نظر هؤالء النحاة

فقـد هلذه القراءة سبال أنالكسر يقلب يف القياس ياء دون أن يلحقه احلذف ، و لعلنا واجدون عند الزخمشري تأو ، ." رأى " مقلوب الفعل " راء " من الفعل " ريئا " هو " ريا " أصلىل أنإذهب صاحب الكشاف

28اءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص القر )1( 36 ص نفسهاملصدر )2( 439 / 2 م ـ 1990 ـ 1هدى حممود قراعة ـ مكتبة اخلاجني ـ ط : سعيد بن مسعدة ، تح : معاين القرآن )3( 342 / 3معاين القرآن و إعرابه ـ الزجاج )4( 171 / 2إعراب القرآن )5( 171 / 2معاين القرآن ـ الفراء )6(

92

93

و يفسر عبـد ، )1(مع إلقاء حركتها على الياء قبلها " الياء " و منه جيوز حذف اهلمزة املتحركة املسبوقة حبرف علة بالنرب املضعف الذي ينشأ عنه توتر مماثل لذلك الذي يصدر عن نرب اهلمـز ، " ريا " ر شاهني قراءة أهل املدينة الصبو

له وظيفة حمددة ، و هي احلفاظ على اإليقاع املقطعي للكلمة ني سكان احلضر احلجازي شاع بني و مثل هذا النرب الذي ، و أوهلما أن تكون حدثت " رؤيا " لتفسري التغري الطارئ على نيباحتمالو تقدم رابني . )2(كما لو كانت مهموزة

مماثلة بني اهلمزة و الياء بعدها ، أو حدث تطويل للحركة السابقة على اهلمزة ، و هي هنا الكسرة ، فاسـتحالت إىل . )3(، مث أسقطت اهلمزة ، و أدغمت الياء يف أختها" الياء " حرف املد اانس هلا

إىل و إذا لقوا الذين آمنوا قـالوا ءامنـا و إذا خلـو : من قوله تعاىل " مستهزئون " ختفيف اهلمزة يف و تطرح يرى بأن اهلمزة جدال داخل البيت البصري ، فسيبويه ]14: البقرة [ شياطينهم قالوا إنا معكم إمنا حنن مستهزءون

و يتفرد ا تكون بني اهلمزة و الواو ، قاصدا من ذلك إىل أ تكون بني بني ، و أن حركتها أوىل ا " مستهزئون " يف اهلمزة املضمومة بعد كسرة حرفا خالـصا من من أنه يبدل و غريه ابن اجلزري فيما نقله األخفش يف مثل هذه احلالة

أنه يقيسه ، و التعليل الذي يقدمه ـ حبسب أيب جعفر ـ هو "مستهزيون " ، فيكون النطق باللفظ عنده )4(الياء هو بني بني وإمنا تقلب واوا ، و يعتـرض املـربد املفتوحة حيث ال يصح تسهيل اهلمزة " السفهاء و ال " على قوله تعاىل

ال يصح تسهيلها بني بني من " السفهاء أال " فاهلمزة الثانية يف قوله على احتجاج األخفش من أن املوضعني خمتلفان ، ما يشبه األلف ، و األلف تستلزم أن يكون ما قبلها مفتوحا ، فلما تعني أن ما قبلـها جهة أن ذلك يعين النطق ا في

و يبدو فمختلف ، حبيث جيوز ايء باهلمزة على ما ذكر سيبويه ، " مستهزءون " مضموما قلبت واوا ، أما األمر مع ، )5("مستهزون " قراءة من قرأ أن اهلمزة تعرضت لإلبدال يف حني ذكر على لسانه جعفر أيب أنه وقع تصحيف على

، أما االختالف بـني )6(، و هذه قراءة أيب جعفر املدينبواو املد بعدها الزاي حتركتو الصواب أن اهلمزة حذفت و سيبويه و األخفش ، فإن نتائج البحوث الصوتية اللغوية تعطي احلق لألخفش على أساس من أنه ال وجود هلمزة بـني

و ينشأ عن اجتماع األمر أن اهلمزة الساقطة ختلف وراءها حركة ، و هذا هو رأي ابراهيم أنيس ، بني ، و كل ما يف . )7(حركة اهلمزة احملذوفة و احلركة قبلها مزدوج حركي ، إذا حقق حتول إىل حرف لني: احلركتني

مـن و أنى هلم التنـاؤش :ه تعاىل و األعمش و محزة لقول قراءة أيب عمرو و الكسائي عن أبو جعفر يدفعو " التناؤش " من جهة أن املعىن ال يستقيم ، ف عليها اعتراض أيب عبيد القاسم بن سالم ]52: سبأ[ مكان بعيد

م1998 ـ 1عادل أمحد عبد املوجود و آخرون ـ مكتبة العبيكان ـ ط : ، تح الزخمشري حممود بن عمر: عن حقائق غوامض الترتيلالكشاف )1(

4 / 48 109القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )2( 263اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية ص )3( 350 / 1لنشر يف القراءات العشرا )4( 32 / 1إعراب القرآن )5( 316 / 1النشر يف القراءات العشر )6( 107القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )7(

94

بعيد ؟ و متثل رد أيب جعفـر يف كيف هلم البعد من مكان : هو التايل العبارة يكون مضمون ، و على هذا معناه البعد مث حلقـه اهلمـز ، من غري مهـز " التناوش " ن ، أما أوهلما فهو أن األصل يف لفظ التناؤش ية حتتمل تقدير أن القراء

و يستدل على مثل هذا القلب من الواو إىل اهلمز باملصحف الذي ورد ليكسب حركة الواو قوة يف النطق تتضح ا ، يقال يف و ينضاف إىل ذلك أنه جيوز أن ، " الوقت "ألنه مأخوذ من " وقتت" ، فاألصل و إذا الرسل أقتت به

. )2("رأدو " املتحولة عن )1("أدؤر" مجع دار الزجـاج ، فـاألول و يستمد مادته من الفراء" التناوش " و قد وجدنا أبا جعفر فيما عرضه من رأي حول لفظ

طيء ، و ما كان منه بغري مهز فلغة أهـل احلجـاز أورد صورتا اللفظ ذاهبا إىل أن ما كان منه باهلمز فيفيد املشي الب من مادتني خمتلفتني ، غـري ني متقاربان ، و يترتب على هذا أن اللفظ نيو املقصود منه هو التناول ، مث قضى بأن املعني

جيـوز ـ ـ على ما يرى " التناوش " احتمال أن يكون اللفظان من مادة واحدة ، ألن ب تقدم يربح أن ملأن الفراء . ) )3 و إذا الرسل أقتت: مهزها ، و حجته يف ذلك قوله تعاىل

املهمـوزة و غـري : خيتلف تناول الزجاج هلذا اللفظ كثريا عما جاء به الفراء ، فهو مثله يرى أنه بـصورتيه الو غوية واحدة ، على أنه يذهب إىل أن األصل منهما ما كان جمردا من اهلمز ، و أن املهموزة حيتمل أن يكون من مادة ل

مبعىن أن حركتها ـ الضمة ـ غري عارضة مثل حركة اإلعراب ، ( ضمومة ضما الزماامل الواو ناشئة عن قابليةاهلمزة يان و الزخمشري شيء ذا بال إىل و ال يضيف أبو ح ، )4( إىل مهزة إىل أن تقلب ) أو احلركة الناشئة عن التقاء ساكنني

. املادة ، فاكتفيا بتكرار ما قاله السابقون هذه مقاربة بيد أن الدراسات احلديثة أفاضت يف معاجلة مثل هذا اإلبدال ، فحددت الشروط اليت حتكمه ، و النتـائج الـيت

ا فإن هنري فليش عـين التركيبـات و هكذ ، املستوى الصريف : بنية الكلمة العربية أي متخضت عنه على مستوى ورودالصوتية اليت تثقل على لسان العريب فسعى إىل جتنبها ببعض التحويالت الصوتية ، و من بني هـذه التركيبـات

، )5(من جنسها ، كالواو مع الضمة و الياء مـع الكـسرة ) حركة ( مع مصوت) الواو ، الياء ( الصوامت الضعيفة ، وا( ، حيث ينشأ من ذلك التركيب الـصويت ) األلف ( بالفتحة الطويلة ت الواو أو الياء إذا سبق و يزداد هذا الثقل

الـيت ) مسـاو ( قواعد اإلعالل ، مثال ذلكوفق ما ترمسه يأيت يف آخر الكلمة حنيالذي ختلصت منه الفصحى ) يافت االنتباه هنا إىل أن الثقل ال ينشأ عـن جمـرد و نل الواو املضمومة املسبوقة بالفتحة الطويلة إىل مهزة ، تقلب فيها

تطرف الواو أو الياء بعد ألف ، و إمنا يتأتى عن حالة الواو املضمومة و الياء املكسورة ، و دليل ذلـك أن الـواو إذا لـى أو يبقيها ع يبدهلا مهزة فجاز له أن ، استساغها اللسان العريب رغم أا مسبوقة بألف ) مساوي ( كسرت كما يف

تضمنت التركيب ) التناوش ( و نذهب اآلن إىل غايتنا بعد هذا التمهيد النظري الضروري ، فنقول أن كلمة ،حاهلا

426 ـ 425 / 2إعراب القرآن )1( 205 ص م ـ2007 ـ 1 ـ مطبعة املدين ـ ط احلمالويأمحد بن حممد بن أمحد: شذا العرف يف فن الصرف )2( 365 / 2معاين القرآن ـ الفراء )3( 259 ـ 258 / 4معاين القرآن و إعرابه ـ الزجاج )4( 56 ـ 55 القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص تالقراءا )5(

95

الواو مهزة بقصد التخفيـف ، ث قلب دحي، فكان من املتوقع أن ) و ا( الصويت الذي يستثقله اللسان العريب ، و هو .) مساوي ( مع لفظ كان األمركما منا هو جائز ، و إغري أن هذا القلب ال يدخل يف حكم الواجب

و مل يتقبل عبد الصبور شاهني تصور فليش بكامل تفاصيله ، و ذلك ألنه ينطلق من مبدأ ثابت فحـواه أنـه ال ملخـرج الـواو متاما ، فمخرج اهلمزة و صفاا مباينة من جهة أخرى عالقة بني اهلمزة من جهة و بني الواو و الياء

الصوتني ، إن التحليل الـصويت القول حبدوث إبدال للهمزة من هذين من اخلطأ ، و من مث كان )1(لياء و صفاما او هـذا و حيدث عند اهلمـز انقـسام ،، فتحة طويلة معها ضمة ) (au :هو عنده على النحو التايل ) وا( للمركب

ن الكتابة الصوتية هذا بيو ت ، )2(مر يف احلالة اليت حنن بصددها مثلما هو األ و إدراج للهمزة بينهما املركب إىل عنصريه :التغيري على النحو التايل

tanau∫ < u∫’tana

؟ إن تفسري هذه الظـاهرة أدخلت اهلمزة بني مكوين املركب الصويت على أن السؤال الذي يتوجب طرحه هو ملاذا لعريب و حتديدا البدوي ال جيد يف انتقال لسانه بني احلركتني ما حيقق النرب الـذي أن الناطق ا عند عبد الصبور يعود إىل

ان يقصده أبـو جعفـر و لعل هذا ما ك ، )3(تعوده ، فكان أن جلب اهلمزة ليكسب نطقه القوة و الوضوح الالزمني ، فيبـدوا أـم )5(وج احلركي ، و أما أهل احلجاز الذين نطقوا باملزد )4(حني علل مهز الواو بأن احلركة فيها خفية

.عوضا عن نرب اهلمز اكتفوا بنرب الطول

77املصدر السابق ص )1( 130 ص نفسهاملصدر )2( 89 ص نفسهاملصدر )3( 425 / 2إعراب القرآن )4( 365 / 2رآن ـ الفراء معاين الق )5(

96

اإلدغــــام

من شأن كل عناصر مكونة ملنظومة ما أن تنحوا إىل التفاعل فيما بينها ، فيؤثر بعضها يف بعض تأثريا تتفـاوت بعا لقوانني خاصة ، تعود مهمة استقصائها و استنباطها إىل الباحثني كل يف ميدان اختصاصه ، و ال ختـرج درجته ت

املنظومة الصوتية للغة العربية عن هذا املبدأ العام ، فبني وحداا نسيج من العالقات نستطيع أن نقول أا من طبيعتني تية إىل التقارب إىل درجة أن يفـىن بعـضها يف بعـض ، و يف متضادتني ، فهي من جهة تدفع بعناصر املنظومة الصو

املقابل تعمل على التباعد بينها حىت تبقى متمايزة لكل منها كياا اخلاص ، و يف ذلك حفاظ على املنظومة ذاا من تية ـ التفكك و الزوال ، إن موضوع دراستنا فيما يلي من صفحات هو أحد نتائج هذا التقارب بني الوحدات الصو

.األصوات اللغوية ـ و نعين به ظاهرة اإلدغام درج النحاة العرب على أن خيتموا مؤلفام يف حنو العربية بدراسة ظاهرة اإلدغام ، و على أن يتعرضـوا ، قبـل

يف تناوهلم لإلدغام يف احلرفني املتقاربني ، ملخارج احلروف العربية ، و هذا اإلجراء املنهجي و الـضروري خـصوصا املؤلفات ذات الغاية التعليمية قد توارثه خلفة سيبويه ، فعمل به املربد يف كتابه املقتضب ، و ابن الـسراج يف كتابـه

.األصول ، و أصبح عند املتأخرين من النحاة تقليدا راسخا : تعريف ابن يعيش لـه و لعله حيسن بنا قبل اخلوض يف تفاصيل ظاهرة اإلدغام أن نبدأ بتعريفه ، و أول ما نورده

أن تصل حرفا ساكنا حبرف مثله متحرك من غري أن تفصل بينهما حبركة أو وقف ، فيـصريان لـشدة اتـصاهلما « ، إن ما يسترعي انتباهنا يف الكالم السابق هـو أنـه )1(»كحرف واحد ، يرتفع اللسان عنهما رفعة واحدة شديدة

جهة ، و على شروطها من جهة أخرى ، كما تضمن وصفا هلذه العملية اشتمل على حتديد لطبيعة عملية اإلدغام من على مستوى حركة العضو املنتج هلا و هو اللسان ، بيد أننا نتحفظ على قوله من أن اإلدغام حاصل وصل احلـرف

دغـام أن الساكن مبثيله املتحرك ، ألن هذا إمنا يصدق يف مرحلة تالية من عملية اإلدغام ، فليس شرطا حىت يـتم اإل يكون احلرفان متماثلني ، إذ يكفي أن يكون احلرفان متقاربني ، و غري صحيح أيضا أن يكون احلرف األول سـاكنا

و الثاين متحركا ، حيث حيدث اإلدغام ـ كما نعرف ـ يف احلرفني املتحركني ، بيد أن قول ابن يعيش مقبـول إذا ، فاحلرفان املتقاربان ال يدغمان إال بعد أن يقلب أوهلما إىل مثال الثاين ، أخذنا يف اعتبارنا تصوره لسري عملية اإلدغام

كما أن احلرف األول من املثلني إذا كان متحركا ال يدغم فيما يليه حىت يجرد من حركته ، و أما اقتـصاره علـى فذكر بدل اللسان لفظا عاما اللسان يف أداء اإلدغام دون سائر أعضاء النطق ففيه نظر ، و قد تنبه السخاوي إىل ذلك

. ، ألن بعض احلروف كما هو معلوم يعمل يف أنتاجها أعضاء أخرى غري اللسان )2("العضو" هو اإلتيان حبرفني « : و يطالعنا احلمالوي بتعريف سعى فيه إىل أن تكون عبارته حميطة بكل جتليات هذه الظاهرة ، قال

هما ، حبيث يرتفع اللسان و ينحط دفعة واحدة ، و هو باب واسـع ؛ ساكن فمتحرك ، من خمرج واحد بال فصل بين

121 / 10شرح املفصل )1( 485 / 2مجال القراء )2(

97

، )1(»لدخوله يف مجيع احلروف ، ما عدا األلف اللينة ، و لوقوعه يف املتماثلني و املتقاربني ، يف كلمة و يف كلمـتني فيه إىل نفـس املخـرج ، و قد يتبادر إىل الذهن أن الرجل قد وقع يف هفوة حني ذكر انتماء احلرفني املدغم و املدغم

و أنه جتاهل حقيقة أن اإلدغام يكون بني احلرفني املتخالفني من حيث خمرجهما ، و لكن يبدو أنه ينظـر إىل نتيجـة سريورة اإلدغام حني يتماثل احلرفان بعد وقوع التحوالت الضرورية اليت متحي الفوارق بينهما فيصريان حرفا واحدا،

ديد مادة اإلدغام ، فهي عنده كل احلروف باستثناء األلف اللينة ، و هو يف هذا خيالف سـيبويه و مما محله تعريفه حت ، )2(الذي مشل استثناؤه من اإلدغام ، إىل األلف ، حرف اهلمزة فال يدغم يف مثله و ال يف غريه كما ال يدغم فيه غريه

. )3(و يزيد على اهلمزة حرفا املد الواو و الياء ، واضح من هذا )4 (»هو اللفظ حبرفني حرفا كالثاين مشددا « : ند اجلزري تعريفا أوجز عبارة حني قال و جند ع

التعريف أن االهتمام تركز على نتيجة عملية اإلدغام ، و أنه مت جتاهل العملية ذاا و شروط إجرائها ، و أما الدكتور ل بالثاين تأثرا كامال يترتب عليه أن يفـىن الـصوت األول يف هو الذي يتأثر فيه الصوت األو « أنيس فعرفه على أنه

، و يشتمل هذا التعريف على وصف دقيق لعملية اإلدغـام يف )5 (»الثاين حبيث ينطق بالصوتني صوتا واحدا كالثاين . ذاا و حتديد حلصيلتها ، و إن كان يؤخذ عليه أنه قصر اإلدغام على ما اختذ فيه صورة التأثري الرجعي

عاجلت الدراسات اللغوية احلديثة اإلدغام ضمن باب التماثل ، على أنه جيب التنبه إىل حقيقة العالقة القائمة بـني املفهومني ، فهي ليست عالقة تطابق أو اشتمال ، و إمنا هي عالقة تقاطع ، فما يسميه النحاة العرب بإدغام املتماثلني

، و قد تنكب عبد الصبور شاهني عن جـادة )6(ام املتقاربني يدخل يف حكمه ال يدخل حتت حد التماثل ، فيما إدغ .)7(الصواب حني أدرج اإلدغام بقسميه حتت مفهوم التماثل

فإذا كنا نفهم طبيعة إدغام املتقاربني املتمثلة يف التفاعل بني احلروف و تأثري بعضها يف بعض ، فكيف نفهم إدغام علمـاء ن املؤكد أنه ال عالقة له بالتماثل و قوانينه ، فما حيدث على وجـه احلقيقـة حبـسب احلرفني املتماثلني ؟ م

األصوات احملدثني بعيد عن تصور اللغويني القدماء و مباين له ، من جهة أنه ال يتم النطق بـصوتني أوهلمـا سـاكن الواحد حبيـث تعـادل مـدة النطـق و ثانيهما متحرك ، فما حيدث يف واقع احلال هو تطويل مدة النطق بالصوت

. )9(و هلذا التطويل وظيفة خاصة هي تعيني موقع النرب من الكلمة . )8(بصوتني : و ينقسم التأثري بني األصوات إىل نوعني

119شذا العرف يف فن الصرف ص )1( 446 / 4الكتاب )2( 447 ص نفسهاملصدر )3( 220 / 1النشر يف القراءات العشر )4( 63يف اللهجات العربية ص )5( 29التطور النحوي للغة العربية ـ برسجستراسر ص )6( 74القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )7( 156 ، أسس علم اللغة ـ ماريو باي ص 97ص م ـ 1997 ـ 3 ـ مكتبة اخلاجني ـ ط رمضان عبد التواب: املدخل إىل علم اللغة )8( 127ص م ـ 2005 ـ مسري شريف استيتة ـ عامل الكتب احلديث: القراءات القرآنية بني العربية و األصوات اللغوية )9(

98

ـ تأثري تقدمي و فيه يؤثر الصوت األول يف الثاين1 . )1( و فيه يؤثر الصوت الثاين يف األولي ـ تأثري تراجع2

، الذي جيري فيـه تبـادل )2(ان هناك من يضيف إىل النوعني املذكورين أعاله نوعا ثالثا هو التماثل املتبادل و إن ك و قد . التأثري بني احلرفني ، فينشأ عن ذلك حرف ثالث وسط بينهما ، و هو ما ميكن أن جند أمثلة له يف باب اإلبدال

:اإلدغام على ثالثة أضرب « : بني احلروف حني قال فطن ابن يعيش إىل هذه األنواع الثالثة من التأثري .ـ ضرب يقلب األول إىل لفظ الثاين مث يدغم فيه ، وهذا حق اإلدغام

.ـ ضرب يقلب فيه الثاين إىل لفظ األول فيتماثل احلرفان ، فيدغم األول يف الثاين . )3(». ـ ضرب يبدل احلرفان معا فيه مما يقارما مث يدغم أحدمها يف اآلخر

و ذهب الدكتور أنيس إىل أن العربية الفصحى تعرف النوعني األولني من اإلدغام ، و أن النـوع األول أكثـر و هذا ما أكد عليه النحاة القدماء كما اتضح من التعريفات اليت أثبتناهـا لبعـضهم ، و ال . )4(تفشيا فيها من الثاين

، عندما تكون فاؤها جمهـورة أو ) افتعل ( اين إال يف أبنية قليلة خمصوصة أمهها جندهم يتناولون اإلدغام من النوع الث و أصـله " مثـرد " و يف ألفاظ قليلة منـها . )5(ادثر ، اطلع ، اطرد : مفخمة يف مقابل التاء املهموسة ، املرققة حنو

.)6("مثترد " ستهدفها متكلم اللغة ؟ جيمع النحاة على أن الدافع إىل اإلدغام هـو و نسأل هل من وراء إجراء اإلدغام غاية ما ي

كراهية تكرار النطق باحلرفني املتماثلني أو املتقاربني ملا يتطلبه ذلك من جهد يسعى املتكلم إىل توفريه واالقتصاد فيه ، ثقـل التقـاء « بأنه بن يعيش ذلك ، و صاغ ا )7(هذا ما عبر عنه املربد بقوله أن املتكلم يعمد إىل اإلدغام استخفافا

تعليل ، و ال خيتلف رأي احملدثني عن القدماء يف )8(»املتجانسني على ألسنتهم فعمدوا باإلدغام إىل ضرب من اخلفة ، و انفرد السريايف بإضافة عامـل )9(هذه الظاهرة ، فاملبدأ الذي حيكمها هو التخفيف و تيسري عملية اإلجراء النطقي

فيما يأتيه من إدغام ، و الظاهر من كالمه أنه يقيم متييزا بني ما )10(ب اخلفة هو خضوع املتكلم للضرورة آخر إىل طل كان من اإلدغام واجبا و ما كان منه جائزا ، فاألول يقع حتت حكم الضرورة ، ينطق به لسان املـتكلم دون وعـي

إليه إال بعد أن يتكلف فوق طاقته ، و خيرج عـن ولو أراد أن يفصل بني احلروف لشق عليه ذلك ، مث ال يصل ،منه

300األصوات اللغوية ـ عبد القادر عبد اجلليل ص )1( 29التطور النحوي للغة العربية ص )2( 132 / 10شرح املفصل )3( 63يف اللهجات العربية ص )4( 68ص م ـ 1992 ـ 3 ـ املطبعة العربية تونس ـ ط صاحل البكوش :التصريف العريب )5( 467 / 4الكتاب )6( 431 / 1 م ـ1994 ـ 3حممد عبد اخلالق عضيمة ـ جلنة إحياء التراث اإلسالمي ـ ط : حممد بن يزيد املربد ، تح : املقتضب )7( 121 / 10شرح املفصل )8( 299األصوات اللغوية ـ عبد القادر عبد اجلليل ص )9( 411 / 5شرح كتاب سيبويه )10(

99

العرف السائد يف الكالم ، فيما الثاين ينتج عن التماس اخلفة ، و هو يف طوع املتكلم ، إن شاء أخذ بـه و إن شـاء .تركه

مني سـاكنا ، ينقسم اإلدغام عند القراء إىل اإلدغام الكبري و اإلدغام الصغري، فالصغري ما كان أول احلرفني املدغ و الكبري ما كان احلرف األول متحركا ، و اشتهر أبو عمرو بن العالء من القراء السبعة باإلدغام الكبري، و لكن هذا

احلسن البصري ، و ابن حميـصن ، : مل يكن وقفا عليه ، فقد شاركته يف ذلك طائفة من القراء ، ذكر منها اجلزري : سب أليب عمرو قراءات باإلدغام الكبري خالف فيها قاعدة البصريني اليت تقول ، و ن )1(و طلحة بن مصرف وغريهم

الرعب مبـا ، منها )2(إذا سبق حرفا اإلدغام ساكن غري لني امتنع اإلدغام ، حيث قرأ بذلك يف أكثر من موضع . ]185: البقرة [ شهر رمضان ، ]151: آل عمران [

خاص يف اإلدغام الكبري عند أيب عمرو، فقد ذهب إىل نفي وجوده ، حمتجا لذلك بأن أبا و للدكتور أنيس رأي عمرو كان يسقط حركات اإلعراب ، األمر الذي يتسبب يف التقاء احلرف األخري من الكلمة األوىل اليت زالت عنـها

، فترتد حقيقة اإلدغـام )3(ارب أدغماحركة اإلعراب باحلرف األول من الكلمة املوالية ، فإذا كان بينهما متاثل أو تق . الصغري مالكبري على هذا إىل ما اصطلح على تسميته باإلدغا

وإذا كان اإلدغام عند النحاة ينقسم حبسب طبيعة حرفيه إىل إدغام املتماثلني و إدغام املتقاربني ، فـإن القـراء ين أثبتهما النحاة ، إدغام املتجانسني ، و مقـصودهم مـن يقيمون له تقسيما ثالثيا ، يضم ، زيادة على النوعني اللذ

النوع األول اتفاق احلرفني خمرجا و صفة كإدغام الراء يف الراء ، ويعنون بالنوع الثاين تقارب احلرفني إما خمرجا وإما تساءل عن الـدافع ، و قد ن )4(صفة أو االثنني معا ، و مرادهم من النوع الثالث أن يتفق احلرفان خمرجا و خيتلفا صفة

الذي حدا بالقراء إىل إقامة مثل هذا التمييز بني ما أمسوه باألحرف املتجانسة و األحرف املتقاربة فيما تناوهلا النحـاة اجلانب التطبيقي ، حتت قسم واحد ، يبدو أن السر يف ذلك يكمن يف أن دراسة القراء لظاهرة اإلدغام قد غلب عليها

سا للفروق الكامنة بني حاالت اإلدغام املختلفة ، و يعطينا اجلزري مثاال عن التدقيق الـذي و من مث كانوا أكثر حتس متيز به تناول القراء لإلدغام ، فهم قد استقرؤوا احلروف اليت مل تلق مثلها وال جنسها و ال مقارا فيـدغم فيهـا ،

و حصروا األحرف اليت لقيت جمانسها أو مقارا ومل اخلاء ، الزاي ، الصاد ، الطاء ، الظاء ، : و عددها مخسة هي .)5(اجليم ، الشني ، الدال ، الذال ، الضاد: تلق مثلها ، و هي

و كما هو متوقع فقد تباين حكم القراء الذين عمادهم النقل يف قبول بعض القراءات املشتملة على اإلدغام عـن يراعوا يف إجازة اإلدغام من عدمه ، و جند مادة هذا اخلالف مبثوثة حكم النحاة الذين هلم قواعدهم و أصوهلم اليت

، و ابـن )6(فيما أدرجه بعض النحويني يف تصانيفهم حتت باب ما ال جيوز من إدغام القراء كمـا صـنع الـسريايف

220 / 1النشر )1( 445 ص م ـ1998 ـ 1أمحد مشس الدين ـ دار الكتب العلمية ـ ط : ، تح السيوطيالل الدين عبد الرمحنج: مهع اهلوامع )2( 63يف اللهجات العربية ص ) )3( 112احتاف فضالء البشر بالقراءات األربعة عشر ـ الدمياطي ص )4( 224 / 1النشر )5( ) 483 ـ 472 / ( 5م ـ 1993 ـ 1أمحد حسن مهديل ـ دار الكتب العلمية ـ ط : ح احلسن بن عبد اهللا السريايف ، ت : شرح كتاب سيبويه )6(

100

بإدغام التـاء يف ]153: األنعام [ و ال تيمموا ، فمما أتوا على ذكره قراءة ابن كثري )2(، و أبو حيان)1(عصفور ،أختها ، وهو من اإلدغام املمتنع عند البصريني ، ألنه ينتج عليه بدأ الفعل بساكن مما يتطلب إدخال مهزة الوصل عليه

بسكون احلـرف ]2: مرمي [ ذكر رمحة و لكن هذا ميتنع من جهة أن الفعل مبين للمضارع ، وقراءة أيب عمرو ، و يف قراءتـه )3(ألول ، و البصريون مينعون هذا ملا يترتب عنه من اجلمع بني الساكنني السابق على حرف اإلدغام ا

اشتعل الرأس شيبا ] بإدغام السني يف الشني ، و مل يعد البصريون السني من احلروف اليت تـدغم يف ]4: مرمي ، و هذا مما يأباه النحاة على أساس )5( الشني بإدغام الضاد يف ]62: النور [ لبعض شأم ، ويف قراءته )4(الشني

آل فمن زحزح عن النـار ، و يف قراءاته أيضا )6(من أن الضاد من احلروف اليت ميتنع إدغامها فيما قارا خمرجا : و مل تدغم احلاء يف العني يف قولـك « : ، و هو ما يعترض عليه سيبويه )7( ، بإدغام احلاء يف العني ]185: عمران

، و تعليل سيبويه ملنع اإلدغام يف مثل هذه احلالـة » امدح عرفة ، ألن احلاء قد يفرون إليها إذا وقعت اهلاء مع العني .)8( يعود إىل اختالف الصفات بني احلرفني ، فاحلاء صوت رخو مهموس ، و ليست العني كذلك

رة اإلدغام ، أم كانوا يتبعون أصوال و قواعد استمدوها و ظهر لنا ، من خالل متابعتنا ملعاجلة خمتلف النحاة لظاه من استقرائهم للمادة اللغوية ، و نثبت فيما يلي بعض هذه القواعد املوجهة مما وقفنا عليه يف معرض تنـاوهلم هلـذه

:الظاهرة .ى التأثري التقدمي ، و هو ما يعين إعطاء األولوية للتأثري التراجعي عل)9(ـ القياس أن يدغم األول يف اآلخر

اإلدغـام يف حـروف « : و صاغ ابن يعيش هذا املبدأ بقوله . )10(ـ أصل اإلدغام حلروف الفم ألا أكثر احلروف . )11(»الفم و اللسان هو األصل ألا أكثر يف الكالم

.)12(ـ ما كان أقرب إىل حروف الفم كان أقوى على اإلدغام

)460 ـ 455( م ـ ص 1996 ـ 1فخر الدين قباوة ـ مكتبة لبنان ـ ط : ابن عصفور اإلشبيلي ، تح : يف الصرف الكبرياملمتع )1( )282 ـ 277( م ـ ص 1982 ـ 1يد سيد طلب ـ مكتبة دار العروبة ـ ط عبد احلم: أبو حيان األندلسي ، تح : املبدع يف التصريف )2( 456املمتع الكبرييف الصرف ص )3( 412 / 5شرح كتاب سيبويه )4( 79/ 1 ابن غلبون :التذكرة يف القراءات الثمان )5( 266املبدع يف التصريف ص )6( 77 / 1التذكرة يف القراءات الثمان )7( 450 / 4الكتاب )8( 467 / 4الكتاب )9( 454 ص نفسهاملصدر )10( 135 / 10شرح املفصل )11( 449 / 4الكتاب )12(

101

حروف اللسان ال تدغم يف حـروف احللـق « و من نتائج هذا املبدأ . )1(يف الذي قبله ـ األقرب إىل الفم ال يدغم «)2(

.)3(ـ كلما توالت احلركات أكثر كان اإلدغام أحسنو قد حصر مكي بن أيب طالب صفات القـوة . )4(ـ كل حرف فيه زيادة صوت ال يدغم فيما هو أنقص صوتا منه

ة ، اإلطباق ، التفخيم ، التكرير ، االستعالء،الـصفري ، االسـتطالة ، الغنـى ، اجلهر ، الشد : يف احلرف فيما يلي . )5(التفشي

.)6(ـ ما تكافأ يف املرتلة من احلروف املتقاربة فإدغامه جائز .)7(ـ ما زاد صوته فإدغامه ممتنع لإلخالل الذي يلحقه

.)8( الضعف إىل حال القوةـ إدغام األنقص صوتا يف األزيد جائز خمتار ، خلروجه من حال و من النقاط اليت ظهر فيها جليا اخلالف بني النحاة و القراء موانع اإلدغام ، فالنحاة كما قد مر بنا مينعون اإلدغام يف مواضع ، منها أن يسبق حرفا اإلدغام بساكن غري حرف مد تفاديا اللتقاء الساكنني ، و مينعون اإلدغام يف حرف

، ويف حروف امليم و الـراء )10( ، و يف األلف مطلقا ، و يف الواو و الياء إذا خلصا للمد )9( إذا كانت عينا اهلمزة إال ، كما يحضر اإلدغام يف الكلمة الواحدة إذا تصدرا املثلني ، و إذا )11(و الفاء و السني إذا كان ما تدغم فيه مقاربا هلا

، " فعل " أو " فعل " ، أو " فعل " و إذا كان احلرفان يف اسم على وزن سكن الثاين ، و إذا كانت حركته عارضة ، ، و يدخل يف )13( ، و إذا مل يكن ثاين حريف اإلدغام ملحقا قد جاوز الثالثة )12()أفعل ( و إذا كانا يف صيغة التعجب

.حكم املمتنع اإلدغام يف الكلمة الواحدة مما يؤدي إجراءه إىل لبس يف املعىن و أما القراء فيمنعون اإلدغام اتفاقا إذا كان احلرف األول منونا أو مشددا أو تاء ضمري، و اختلفوا يف حالـة اجلـزم

.)14(يف أن يسبق حرفا اإلدغام ساكن: أي

ـ نفس الصفحةالسابق املصدر )1( 454 ص نفسهاملصدر )2( 437 ص نفسه املصدر )3( 131 / 10شرح املفصل )4( 137 / 1 م ـ 1974ان ـ مطبوعات جممع اللغة العربية ـ مكي بن أيب طالب ، حمي الدين رمض: الكشف عن وجوه القراءات السبع )5( 223 / 1النشر )6( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )7( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )8( م 1996 ـ3عبد احلسني الفتلي ـ مؤسسة الرسالة ـ ط : حممد بن سهل بن السراج ، تح : ، األصول يف النحو 445 مهع اهلوامع ص )9(

404 / 2 ص 447 / 4الكتاب ) )10( املصدر السابق ـ نفس الصفحة ) )11( 248 / 4 م ـ1980 ـ 20حممد حمي الدين عبد احلميد ـ دار مصر للطباعة ـ ط : عبد اهللا بن عقيل ، تح : شرح ابن عقيل )12( 122 / 10شرح املفصل )13( 112 / 1إحتاف فضالء البشر )14(

102

: له تعاىل و نتفرغ فيما يلي إىل الدراسة التطبيقية لبعض حاالت اإلدغام اليت تناوهلا أبو جعفر، و نبدأ مبا ورد يف قو خرونو أنبئكم مبا تأكلون و ما تد ] فعرض صاحبنا رأي الفراء الذي ذهب إىل أن أصـل ]49: آل عمـران ،

، فلما ثقل النطق به على اللسان وقع اإلدغام ، على أنه مت العـدول عـن " تذخترون " اللفظ قبل حدوث اإلدغام و هو ما ترتب عنه ايء حبرف وسط هو الدال ، و يعترض أبـو جعفـر إدغام التاء يف الذال حفظا ملعىن االفتعال ،

على تفسري الفراء من جهة أن اإلدغام إمنا حيصل بإفناء األول يف الثاين ، أي بإدغام الذال يف التاء ، و ليس كما قـال سيبويه مـن أن تعـارض الفراء بإدغام الثاين يف األول أي التاء يف الذال ، و الصواب يف تصوره هو مذهب اخلليل و

احلرفني الذال و التاء كون األول جمهورا و الثاين مهموسا أدى إال قلب التاء حرفا جمهورا هو الـدال ، مث صـار إىل ، و نستدرك على أيب جعفر فيما ارتآه إتباعا لسيبويه من أن اإلدغام يأخذ طريقـا واحـدا ، )1(إدغام الذال يف الدال

) Assimilation( الالحق ، فالدراسات احلديثة أقرت بوجود ثالثة أنواع من التماثـل حبيث يدمج به السابق يف الذي يعد إدغام املتقاربني أحد أقسامه أو مظاهره ، و التأثري بني األصوات يف التشابه يكون إما تقدميا حبيـث يـؤثر

أو تبادليا ينقلب فيه الصوتان املتجاوران إىل الصوت األول يف الثاين ، أو يكون تراجعيا يؤثر الصوت الثاين يف األول ، تدخل ضـمن هـذا النـوع ) تدخرون ( ، و احلالة السابقة )2(صوت ثالث حمصل لتأثري كل واحد منهما يف اآلخر

األخري، فالتاء طرأت عليها صفة اجلهر بدل اهلمس فصارت داال ، و الذال تغري خمرجها ، فبعد أن كان من بني طرف .طراف الثنايا ، تراجع إىل اخللف ، فأصبح ينتج من بني طرف اللسان و أصول الثنايا اللسان و أ

و يبدو أن املبدأ الذي أثبته سيبويه من أن القياس يف اإلدغام هو أن يدغم احلرف األول يف الثاين قد ألقى بظلـه مل تكن خاصة ، و أملى عليهم أحكاماعلى حتليل النحاة ـ و منهم أبو جعفر ـ حلاالت اإلدغام ، و منحها وجهة

مـن سـورة 145يف قراءة حممد بن علي لآلية ) يطعمه ( دائما موفقة ، من هذا تصور أيب جعفر لإلدغام يف لفظ ، و واضح أنه حياول أن خيفـي )3( ، قلبت التاء طاء ، مث وقع اإلدغام "يطتعمه " ألنعام ، حيث ذهب إىل أن األصل

الطاء ، مما يعين أننا أمام حالـة : التاء يف احلرف األول أي : على حقيقة أنه مت إدغام احلرف الثاين أي بتعبريه امللتوي .إدغام تقدمي ، و هذا ما يتعارض مع املبدأ الذي أقره سيبويه

ا اختص بصفة و من املبادئ اليت احتكم إليها أبو جعفر يف مواقفه من حاالت اإلدغام اليت تطرق إليها أن احلرف إذ و كان يف إدغامه ما خيل ذه الصفة ، فإن هذا اإلدغام ممتنع ، من ذلك رده لقراءة ابن حميصن لآلية الثالثة من سورة

و مثل هذا . )4(، و ومسها باللحن، ألن الضاد ـ حسب تعبريه ـ فيها تفش فال تدغم يف غريها ) فمن اطر ( املائدة يف قراءة قوله تعاىل وي عن احلسن و أيب عمرو ما ر : اهللا أعلم بأعدائكم ] ما أدغما امليم يف ]45: النساءمن أ

، و رد للسبب ذاته القراءة املنسوبة إىل احلسن و أيب عمرو )5(الباء من جهة أن اإلدغام يزيل عن امليم ما فيها من غنة

195 / 1إعراب القرآن )1( 30التطور النحوي للغة العربية ص )2( 399 / 1إعراب القرآن )3( 312 ص نفسهاملصدر )4( 264 / 1إعراب القرآن )5(

103

و نراه يف . ]105: النساء [ الكتاب باحلق لتحكم بني الناس إنا أنزلنا إليك : لقوله تعاىل )1(بإدغام امليم يف الباء بعض مما يروى عن أيب عمرو يف اإلدغام الذي يتعارض مع القواعد املقررة يلتمس له العذر ، فمن ذلك ما رواه عنه

فعلق صاحبنا أنه ال ، ]31: آل عمران [ و يغفر لكم ذنوبكم : حمبوب من أنه أدغم الراء يف الالم من قوله تعاىل جيوز إدغام الراء حىت ال تفقد صفة التكرير، بيد أنه مل يقف عند هذا احلد ، فمضي أبعد منكرا الرواية ذاا ، فـأبو

. )2(عمرو يف تقديره ال ميكن أن يفوت عليه مثل هذا اخلطأ البين ، و أنه إمنا كان يخفي احلركة: اإلسراء [ فقد جعلنا : ض القراءات من ذلك ما قرأ به البعض يف قوله تعاىل و نراه حيكم حبسن اإلدغام يف بع

بإدغام الدال يف اجليم ، و استحسن أبو جعفر ذلك ، ألن احلرفان متقاربان يف املخرج ، فالدال مـن طـرف ]33 ال بل ران على قلـوم ك : ، و من ذلك أيضا ما جاء من إدغام يف قوله تعاىل )3(اللسان ، فيما اجليم من وسطه

، و من هذا إدغام الذال )4( ، حيث رأى أن اإلدغام أوىل من اإلظهار ، وذلك لقرب الالم من الراء ]14: املطففني [ ، و يعود ذلك يف تصور صاحبنا إىل أن احلرف املدغم فيـه ]68: األنفال [ فيما أختم :يف التاء من قوله تعاىل

و إين عذت بريب و ربكـم : و مثل هذا يف قوله تعاىل . )5(باخلفة ، ألنه من احلروف املهموسة أي التاء يتحلى و عبد ، حيث قرأ بإدغام الذال يف التاء أبو عمرو و محزة و الكسائي و أبو جعفر و خلف و هشام ]20: الدخان [

هذا اإلدغام للقرب الذي بني احلرفني يف املخـرج ، و ، و ذهب أبو جعفر إىل استحسان )6(اهللا بن مسعود و األعرج .)7(ملا عليه التاء من صفة اهلمس

: و خنتم معاجلة أيب جعفر للقراءات من جهة اإلدغام ، بإبداء أبرز ما الحظناه عليها .ـ أن الرجل قد التزم بقواعد اإلدغام اليت أقرها سيبويه التزاما تاما

.ليت خالفت هذه القواعد ، غري مبال بأن بعضها قرأ به بعض القراء السبعة ـ أنه خطأ القراءات اـ أن نقده للقراء الذين خرقوا يف قراءام قواعد اإلدغام اليت استنها سيبويه واخلليل مل يكن يف درجة واحدة ، ففـي

و التمس له األعذار ، مـن حني تتبع خمالفات محزة على سبيل املثال و نص عليها، دارى على خروقات أيب عمرو ، . ذلك أنه نفى اشتمال اإلدغام على واحدة من قراءاته ، ذاهبا إىل أنه أخفى احلركة ال غري

ـ تطرق إىل ما بني البصريني و الكوفيني من خالف يف قواعد اإلدغام ، و انتصر كما هو متوقـع لوجهـة نظـر . البصريني

ا بني مستوى اللغة الفصحى و بني املستوى اللهجي ، مما أضفى غري قليل من ـ مل مييز يف ظواهر اإلعالل اليت عاجله . االضطراب على معاجلته هذه

287 / 1 السابق املصدر )1( 158 / 1إعراب القرآن )2( 103 / 2 نفسهاملصدر )3( 450 / 3 نفسهاملصدر )4( 481 / 1 نفسهاملصدر )5( 427 / 8 معجم القراءات )6( 51 / 3إعراب القرآن )7(

104

اإلتبــــــاع

ينـة ، و حتـت اللغوية العربية القدمية ظواهر التماثل الصويت ، و إن كان ذلك يف أبـواب متبا ت تناولت الدارسا مسميات خمتلفة ، فتناولوا يف اإلدغام كما مر بنا التماثل بني احلروف العربية الصامتة ، على أم مل يقـصروا تنـاول التماثل بني الصوامت يف باب اإلدغام وحده ، و إمنا تعرضوا له أيضا يف أبواب صرفية أخـرى هـي علـى وجـه

ثل ال ينحصر يف أصوات اللغة على الصوامت منها ، بـل يتعـداها إىل اخلصوص اإلعالل و اإلبدال ، على أن التما الصوائت أو ما أطلق عليه اللغويون العرب القدماء تسمية احلركات ، و قد فطن هؤالء إىل ظـاهرة التماثـل بـني

.احلركات ، فبحثوا فيها مطلقني عليها مصطلح اإلتباع اهرة ، أن منهد هلا بتقدمي ملمح وصفي للحركات يف اللغة العربيـة ، وارتأينا قبل أن نبسط القول يف دراسة هذه الظ

، وصفاا ، و خمارجها ، ويبني عن الفروق الكامنة بينها ، حىت نعي على أكمل ة التركيبي ايكشف لنا عن خصائصه ثار حوهلا من تصورات و حتليالت تأيت من هنا وهناك وجه ما سوف ي.

حق إذا زعمنا أن التفكري يف احلركات كان مؤذنا مبيالد النظر النحـوي عنـد العـرب ، لعلنا ال نكون جمافني لل فاملصادر تذكر أن أبا األسود الدؤيل ، حينما شرع يف البحث عن حل يقي من اللحن ، قاده تفكـريه إىل إدخـال

حركتـها اإلعرابيـة ، تعديالت على اخلط العريب ، و متثلت هذه التعديالت يف وضع نقاط على أواخر الكلم تضبط و كان عدد هذه العالمات ثالثة ، أخذت تسميتها من كيفية التلفظ ا ، فقد روى السريايف أن أبا األسود ملـا أراد نقط املصحف طلب من مرافقه الكاتب أن يضع نقطة على أعلى احلرف األخري حني يراه قد فتح فمه باحلرف ، فإن

، و هذه الواقعة ، إن صحت ، تتـضمن دالالت )1( و إن كسر فالنقطة حتت احلرف ضم فمه فالنقطة أمام احلرف ، :منها

.التفكري و هذا شيء يدعو إىل. ـ أن إصالح منطق املتكلمني قد اختذ من تعديل الرسم وسيلة له . التلفظ اـ اإلنتباه إىل احلركات القصرية الثالث و وضع مصطلحاا وفق اهليأة اليت يأخذها جهاز النطق حني

.ـ الربط بني وضع عالمات احلركات القصرية و ظاهرة اإلعراب إن اخلط العريب سليل اخلط اآلرامي كان خلوا من رموز للحركات القصرية ، و هذه اخلاصـية مـشتركة بـني

و بعـد . وزا خاصة اليت مل تضع للحركات القصرية رم ةخطوط اللغات السامية مجيعا، توارثتها عن األجبدية الفينيقي اجناز اخلطوة الثانية يف مسار تقومي اخلط العريب و املتمثلة يف إعجام احلروف على يد نصر بن عاصم ، قام اخلليل بـن أمحد بإدخال رموز للحركات خمتلفة عن تلك اليت اعتمدها الدؤيل ، و ذلك تفاديا للخلط بـني تنقـيط احلركـات

منا قبل أن تسقط رموز أيب األسود من االسـتعمال ، زيشا هذان النمطان من العالمات و تنقيط اإلعجام ، و قد تعا و ذلك أن رموز اخلليل عملية أكثر من حيث أا تدخل على أواخر الكلمة كما تدخل على بقية حروفهـا ، فيمـا

.تتعذر اإلمكانية الثانية على رموز الدؤيل

12أخبار النحويني البصريني ص )1(

105

ريقته يف صوغ هذه العالمات ، فمن املعلوم أنه استمد عالمة الفتحـة مـن إن ما يستوقفنا يف عمل اخلليل هو ط شكل األلف ، و الكسرة من شكل الياء ، و الضمة من شكل الواو ، و مل يكن اختياره هذا عبثا ، و إمنا يكـشف

و قد جاء فيما رواه و بني احلركات القصرية ، املدعلى أن اخلليل نفذ بفكره إىل حقيقة العالقة اليت جتمع بني حروف الفتحة من األلف ، و الكسرة من الياء ، و الضمة «: عنه تلميذه سيبويه ما يثبت أنه كان على وعي تام ذه العالقة

و هذه الفكرة ستحظى باهتمام ابن جين فيما بعد ، فيتوسع فيها ، و يسوق هلا من األدلة مـا يكفـي )1(»من الواو .لدحض ما يعترضها من شبهات

غري أن وضع عالمات احلركات القصرية خارج صلب رسم الكلمة ، بإثباا فوق احلرف أو حتته أعطى االنطبـاع زعم اخلليل أن «: اخلاطئ بأا زائدة ال دور هلا يف تركيب الكلمة ، و هذا ما جنده فيما أثبته سيبويه نقال عن اخلليل

، و كان من شأن هذا التصور أن )2(»ن احلرف ليوصل إىل التكلم به الفتحة و الكسرة و الضمة زوائد ، و هن يلحق كبح العقول من املضي بعيدا يف استكناه حقيقتها ، فوجدنا سيبويه يسقطها من عداد أصوات العربية ، فلم خيـصها

م إال قلة يـأيت يف بالتفاتة يف خمتتم كتابه الذي خصه للدراسة الصوتية ، و كذا صنع من تاله من النحاة ال نستثين منه . طليعتها ابن جين

احلركات ثـالث ، و هـي «: تطرق ابن جين للحركات يف اللغة العربية ، فحدد عددها و أبان عن طبيعتها ، و هـذا مـا )3(»الفتحة و الكسرة و الضمة ، فالفتحة بعض األلف ، و الكسرة بعض الياء ، و الضمة بعض الواو

املخربية ، فالفترة الزمنية إلنتاج احلركات القصرية كما أظهرها جهاز سـبكتوجراف مقـدارها أيدته نتائج البحوث .)4( دورة يف الثانية ، أي الضعف600 دورة يف الثانية ، فيما وصلت مدة احلركات الطويلة إىل 300

، و أا كالعرض لـه و مل خيل تصور ابن جين للحركات من اضطراب ، فقد ذهب إىل أن احلرف كاحملل للحركة ، غري أننا نـراه ال )5(ال تقوم بنفسها مستقلة عنه ، و هذا التعبري منه يعطي االنطباع بأا أقل يف الدرجة من احلرف

قول النحويني إن احلركة حتل احلرف جماز «: يبعد كثريا حىت يعدل من موقفه هذا ، و يرجع إىل اجلادة ، حيث قال ك أن احلرف عرض ، و احلركة عرض أيضا ، و قد قامت الداللة من طريق صحة النظر على أن ال حقيقة حتته ، و ذل

، و ال خيفى من قوله أنه يفكر يف املسألة من منظور املناطقة ، و أنه يـستعري منـهم )6(»األعراض ال حتل األعراض الغايـة املرجـوة ، فـاحلروف تعابريهم و طرقهم يف اجلدل و اإلقناع ، على أن ذلك مل مينعه مـن الوصـول إىل

و احلركات ـ أو األصوات الناقصة حبسب تعبريه ـ تترتل مرتلة واحدة باعتبار أا مجيعا أصوات لغوية تتكون مـن و هو الحق يف زمن التأليف عن الكتـاب " اخلصائص " ، أما يف " سر اإلعراب " نفس املادة ، هذا موقفه يف كتابه

د ارتفع عنده عدد احلركات القصرية من ثالثة إىل ستة ، حيث أضاف إىل احلركات الثالثـة املعروفـة ، السابق ، فق

242 / 4الكتاب )1( 241 ص نفسهاملصدر )2( 17سر صناعة اإلعراب ص )3( 198األصوات اللغوية ص )4( 28سر صناعة اإلعراب ص )5( 32ص نفسه املصدر )6(

106

الفتحة اليت بني الفتحة و الكسرة قبل األلف املمالة ، و الفتحة املفخمة اليت بني الفتحة و الـضمة : ثالثة أخرى هي ، و أول ما نالحظه يف نص ابن جين )1(لضمة و الكسرة قبل ألف التفخيم ، و احلركة بني الكسرة و الضمة أو بني ا

حبركة ةالذي خلصناه أن أهم ما فيه هو أنه يسري يف ركب القدماء من اعتبار ما يسبق حروف املد من حروف متحرك قصرية هي الفتحة مع األلف و الكسرة مع الياء و الضمة مع الواو ، و هو تصور خاطئ يقوم على فكرة أن حـرف

اكن ، فيما هو يف حقيقة احلال حركة طويلة ، هذا ما يحسب عليه ، أما ما حيسب له فهـو إدراكـه ملـا يف املد س ، فالفتحة تتأثر مبحيطها الصويت فتتغري درجتها مـن موقـع إىل آخـر ، )2(احلركة الواحدة من فروق ترجع للسياق

الفتحة من اختالف للسبب املذكور آنفا ، ففـي الفعـل و يقدم لنا رمضان عبد التواب مثاال بسيطا جيسد ما يعتري ) طرا من الترقيق إىل التفخـيم فـإىل )3(جند أن الفتحات الثالثة تنطق بكيفيات ثالثة ) ب ينتقل اللسان يف النطق ،

.التوسط ، و هو ما متيزه األذن دون عناء ري على وظيفتها ، فسيان أن ننطق ا مرققـة أو وسـطا أو لكن هذا االختالف املالحظ يف أداء الفتحة ليس له تأث

مفخمة ، ألن املعىن يبقى هو هو دون تغيري ، فإذا عدنا إىل حكم ابن جين يف ضوء ما قررناه هنا ، قلنا أنه تنكب عن )Allophones( احلق حني رفع عدد احلركات القصرية إىل ستة ، فما ذكره من صور الفتحة مثال إمنا هو تنويعات

.)4(» ظواهر تطريزية وفقا للسياق ، و ليست وحدات أو فونيمات هلا قيم داللية «هلا ال غري ، إن هذه الصور و لعله ال حيق لنا أن نحمل اخلط أو الرسم وحده مسؤولية سوء الفهم الذي حلق احلركات القـصرية ، فظـاهرة

لت على ترسيخ فكرة أن احلركات القصرية هامـشية يف بنيـة العرب ، عم النحاةاإلعراب اليت كانت مدار اهتمام الكلمة ، من حيث كوا عرضة للتغيري بتغري العوامل اليت جتتلبها ، فهي على هذا عالمات على اإلعراب ال أصـوات

و الذي عليه املنشغلون بعلم األصوات احلديث هو أن نظام احلركـات القـصرية أو الـصوائت . هلا كياا املستقل ، و رموزها حبـسب )5(الفتحة ، و الكسرة ، و الضمة : القصرية ينحصر عدده يف العربية الفصحى يف ثالثة ، هي

.للضمة ) u( و للكسرة ، ) i( للفتحة ، و ) a( األجبدية الصوتية الدولية هي فنبدأ بـالقول أن املختـصني و نتجه اآلن إىل تقدمي وصف واف على كيفية اإلنتاج العضوي هلذه احلركات الثالثة ،

،أثبتوا هلا صفة اجلهر، فالصوت معها ال يعترضه عارض حني انبعاثه من الرئتني مارا باألوتار الصوتية اليت تتذبذب معه ، و يلعب اللسان دورا مؤثرا يف ذلـك )6(على أن الفم يتخذ وضعيات معينة تتشكل بفعلها هذه احلركات و تتمايز

.)7(صاه حنوى سقف احلنكبارتفاع طرفه أو أق : الفتحة

121 ـ 120 / 3 اخلصائص )1( 452 م ـ ص 2000 ـ دار غريب ـ شر كمال ب:علم األصوات )2( 86املدخل إىل علم اللغة ص )3( 452علم األصوات ـ كمال بشر ص )4( 54 ، التطور النحوي للغة العربية ص 156 ص م ـ1997 ـ عامل الكتب ـ أمحد خمتار عمر:دراسة الصوت اللغوي )5( 21ص م ـ 1996 ـ 1ـ ط ـ دار الصداقة العربية ديزيرة سقال :الصرف و علم الصوت )6( 92املدخل إىل علم اللغة ص )7(

107

ينشأ صوت الفتحة ملا يكون اللسان منبسطا يف قاع الفم مع ارتفاع خفيف لوسطه ، و فيما يكون الفـم متـسعا ، ، و على هذا جيوز لنا القول أن الفتحـة وسـطية بالتقريـب ، منفتحـة ، )1(تأخذ الشفتان وضعا مسطحا منفرجا

.)3(ةراحالون جهاز النطق معها أقرب ما يكون إىل حالة ، و يك)2(و منفرجة : الكسرة

يف إنتاجها يرتفع طرف اللسان باجتاه وسط احلنك األعلى ، على شرط أن يكون هناك متسع بينهما يسمح مبـرور لفتحة ، فموضع الكسرة أمامي ، و هي على خالف ا )4(تيار اهلواء دون أن ينتج عن ذلك احتكاك من أي نوع كان

.)5(منغلقة ، تكون الشفتان معها منفرجتني : الضمة

يرتد اللسان أثناء النطق ا إىل اخللف ، و يرتفع أقصاه إىل سقف احلنك ، مع تضييق جتويف الفـم ، و امتـداد .)6(الشفتني إىل األمام يف شكل مستدير ، و انفتاحهما انفتاحا خفيفا

د ذلك إىل أا تصدر على مستوى احللق ، و إىل كون الشفتني تتخذ حني النطـق إن الضمة أثقل احلركات ، و يعو . ، فيما الفتحة أخف احلركات ، ألن الفم ينتجها دون أن يطرأ عليه تغري كبري))7ا وضعا مستديرا

الضمة و الكسرة ، : مييز علماء األصوات بني الفتحة من جهة باعتبارها حركة متسعة ، يف مقابل احلركات الضيقة .)8(و جيد هذا التقسيم مربره يف أن التغيري الذي يلحق عادة الضمة يرتد على الكسرة

كون الكسرة أمامية ، تكون الشفتان حني التلفظ ا منفرجني ، و كون الضمة خلفية ، تتخذ الـشفتان معهـا إنتحة مع الكسرة أو مع الضمة حركتني متجـاورتني شكال مستديرا ، جعل منهما حركتني متقابلتني ، فيما تكون الف

و اختذ عبد الصبور شاهني موقفا خمالفا حني ارتـأى أن الـضمة و الكـسرة . )9(لوقوعها قريبا من وسط اللسان ، و الذي نراه حقا هـو أن الفتحـة )10(متقاربتني ، و انتقد قول سيبويه من أن الكسرة أقرب إىل الفتحة من الضمة

الـذي ) احلركـات ( الكسرة األمامية و الضمة اخللفية ، و تكفي العودة إىل املقياس املعياري للصوائت تتوسط بني . للتأكد من هذا " دانيال جونز " وضعه

، 210األصوات اللغوية ـ عبد القادر عبد اجلليل ص )1( 50التصريف العريب ـ البكوش ص )2( 44 ص م ـ2007 ـ 1حسن محزة ـ املركز القومي للترمجة ـ ط : ، ترمجة أندري رومان:امل يف العربية النظامية )3( 92خل إىل علم اللغة ص املد )4( 50التصريف العريب ص )5( 210األصوات اللغوية ص )6( 51التصريف العريب ص )7( 94املدخل إىل علم اللغة ص )8( 51التصريف العريب ص )9( 290القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )10(

108

و نعود اآلن إىل صلب موضوعنا فنقول إن اإلتباع ـ كظاهرة لغوية تقوم على تأثري احلركة أو الصامت يف احلركة من ظاهرة أوسع هي ما يسمى يف علم األصوات بالتماثل ، و قد أشار إليها النحاة العرب القدماء ااورة هلا ـ فرع

دون أن يوفوها حقها من الدراسة ، فكان تناوهلم هلا عبارة عن مالحظات عابرة خاطفة ، فسيبويه أمل ببعض جزئيات كان يتيح له إمكانية توظيفـه كـأداة تفـسري ، ، لكنه مل يستخلص منها املبدأ الذي حيكمها ، مما )1(هذه الظاهرة

ــ اهلاء ، املسبوقة بياء أو كسرة ، بأا : و هكذا أدار ظهره للحقيقة الواضحة حني راح يفسر كسر ضمري الغائب ـ خفية ، و أا من حروف الزيادة ، و كان يف ميسوره أن يرجع كسرها إىل تأثري احلرف أو احلركـة الـيت اهلاء . قتها ، و هو تفسري بسيط ، قريب من روح اللغة ، جينبه التماس العلل البعيدة اليت ال تقوى على اإلقناع سب

و اقتفى ابن جين أثر شيخ النحاة يف تناوله لظواهر اإلتباع ، فالتمس هلا التعليل من خارجها ، كما فعل يف قـراءة ث رد إتباع حركة الدال حلركة الالم ، و حركة الالم حلركة الدال ، حي احلمد هللا : قوله تعاىل من سورة الفاحتة

.)2(إىل كثرة االستعمال ، و تقدير املتكلم للفظني على أما لفظ واحد و جند السيوطي يتناول اإلتباع كمفهوم متميز ، و يضعه عنوانا لباب خاص يف كتابني له ، أحدمها يف فقـه اللغـة

إتباع لفظ للفظ آخر ، ال : ، أي )3(، و فيه تناول هذا املفهوم باملعىن الذي جنده عند ابن فارس " املزهر " و نعين به كما أحسن التعبري عن ذلك ابن فارس ، و هذا املفهوم )4(يفيد ثانيهما يف الغالب مدلوال ما ، و إمنا جيء به لإلشباع

و تناول فيه اإلتباع حبسب احلد الذي " األشباه و النظائر " هو ، و أما املؤلف الثاين ، ف عالقة له مبوضوعنا لإلتباع ال حنن فيه ، فذكر أقسامه ، و ضرب له أمثلة ، و إن مل يعن بوضع تعريف له ، و مل يربطه باملفاهيم اللغوية اليت متت له

. )5(بصلة شأا ، و ال يولوا الكثري مـن يف أن قطاعا واسعا من هذه الظاهرة هو إفراز هلجي جعل النحاة يغضون من و لعل

عنايتهم ، فهم ، حسب املعروف عنهم ، كان شغلهم الشاغل تدارس الفصحى ال غري ، و هذا ما يستـشف مـن .)6(بكسر حركة اهلاء فيه على اإلتباع على أنه لغة رديئة" منهم " وصف سيبويه لنطق قبيلة ربيعة لفظ

: كات إىل قسمني التماثل يف احلر" برجستراسر " قسم .ـ متاثل بني حركتني

.)7(ـ متاثل بني حركة و حرف صامتمث " مـن ذو : " اليت أصلها " منذ " و ال بد أن يفصل بني حركيت التماثل يف القسم األول حرف صامت ، من ذلك

مما أدى إىل انقـالب هـذه تأثري الضمة يف الكسرة ، : ، أي رجعياستحالت إىل الصورة اليت نعرفها بفعل التماثل

196 ، 173 ، 108 ، 107 ، 101 / 4 ، 532 / 3: الكتاب )1( 37 / 1احملتسب )2( 236الصاحيب ص )3( )425 ـ 414 ( 1املزهر )4( )18 ـ 15 / (1 م ـ 1987عبد اإلله نبهان و آخرون ـ مطبوعات جممع اللغة العربية ـ : جالل الدين السيوطي ، تح : األشباه و النظائر )5( 196 / 4 الكتاب )6( 62التطور النحوي للغة العربية ص ) )7(

109

بكسر حركة اهلاء " عليهمو " األخرية إىل ضمة ، و من أمثلة القسم الثاين ما ذكره سيبويه من أن بعض العرب تقول الياء و الواو فيها ، فحروف احللق أيضا هلا : على أن تغري احلركات ال يقتصر على تأثري حريف اللني .بتأثري الياء فيها من أن مضارع األفعال اليت المهـا أو " برجستراسر " ركات من ذلك ما الحظه سيبويه ، و نقله عنه تأثريها على احل

مسع يسمع ، قرأ يقرأ ، جبه جيبه ، ذهب يذهب ، سـأل : عينها حرفا من حروف احللق يغلب عليها فتح العني مثل من أعضاء النطق ، لذا أىب املتكلم العـريب أن ل سيبويه هذه الظاهرة بأن حروف احللق تقع إىل األسفل و عل . يسأل

حيركها مبا ارتفع من احلركات ، و آثر حتريكها بالفتحة ألا من جنس حرف املد األلف الـذي ينتمـي إىل حيـز و سبب امليل إىل الفتحـة أن «: برجستراسر أن يكون مطابقا للذي ذكره سيبويه ، قال " ، و يكاد تعليل )1(احللق

.)2(»يف نطق احلروف احللقية ، جيذب إىل وراء ، مع بسط و تسطيح له ، و هذا هو وضعه يف نطق الفتحة اللسان و ما جنـده يف " منذ " ما ذكرناه يف الثاينجعي ، فمن ارت و ينقسم التأثري بني احلركات إىل تأثري تقدمي و تأثري

،فيه ، و به : ، اليت أصلها " به " و " فيه " ما جنده يف التقدمي أي ولاألسنني ، و من النوع : اليت أصلها " سنني " . الضمة ، فانقلبت إىل كسرة مثلها : حيث أثرت الكسرة فيما حلقها من حركة ، أي

و خنوض اآلن يف حتليل بعض احلاالت من اإلتباع اليت أتى على ذكرها أبو جعفر ، و نستهل ذلك مبـا ثبـت يف كسر الدال و الالم بعدها ، و ضم الدال و الالم ، : ، من الشواذ ) احلمد هللا : ( اءة اآلية األوىل من سورة الفاحتة قر

و نبدأ مبا أورده أبو جعفر من رأي أستاذه األخفش األصغر الذي قال بأنه ال جتوز عند البصريني قراءة كسر الدال ، لهجتني اللتني قرأت عليهما اآلية معروفتان ، فرفع الالم لبعض بين ربيعـة ، و ال قراءة ضم الالم ، فرد صاحبنا بأن ال

فيما كسر الدال تعود إىل متيم ، وعلل صاحبنا اإلتباع يف احلالتني بأن الغاية منه التخلص من الثقل الناشئ عن االنتقال الكسرة الكسرة ، و إمنا وقع هـذا ألن من ضمة إىل كسرة ، فآثر البعض أن يتبع الضمة ضمة ، فيما آثر اآلخر إتباع

. )3(هذا املركب اإلسنادي شائع على األلسنة و يكاد ما قاله أبو جعفر أن يكون نسخا عن الفراء ، فهذا األخري نسب القراءتني الـشاذتني إىل أهـل الباديـة ،

لكثرة تداوهلم هلا ، و إذ ثقل عليهم اجلمع بني و أرجع ما فيها من إتباع إىل أم عاملوا اجلملة على أما امسا واحدا ، و أما األخفش سعيد )4(الضمة و الكسرة ، أبدلومها ضمتني متتابعتني يف حالة ، و كسرتني متتاليتني يف حالة أخرى

كأنـه نزل مرتلة األمساء غري املتمكنة ، فأصبح " احلمد " فلم يتطرق إال لقراءة كسر الدال ، و علل كسرها بأن لفظ ق الزجاج على قراءة كسر الدال بأا هلجة ال تستحق التوقف عنـدها ، و ال إعمـال الفكـر ، و عل )5(مثلها مبنيا

و ذهب ابن األنباري إىل أن . )7( و فسر القرطيب القراءة بضم الدال على أا من باب اجتالب التجانس للفظ،)6(فيها

101 / 4الكتاب )1( 63التطور النحوي للغة العربية ص )2( 13 / 1إعراب القرآن )3( 4 ـ 3 / 1معاين القرآن )4( 10 ـ 9 / 1معاين القرآن ) )5( 45 / 1معاين القرآن و إعرابه )6( 210 / 1تفسري القرطيب )7(

110

.)2( ، و إىل ذلك ذهب أيضا العكربي)1(القراءتني ضعيفتان قياسا و استعماال : و ال خنتم احلديث يف هذه النقطة دون أن نشري إىل أمرين

أوهلما أن القراءتني الشاذتني تقدم لنا مثاال واضحا عن التماثل بنوعيه التقدمي و التراجعي ، فضم الالم متاثل تقدمي ، ين آثر قراءة ضم الالم على قراءة كسر الدال ، و ذلك ألنه يف أن ابن ج : ثانيهما . و أما كسر الدال فتماثل تراجعي

. )3(األوىل مل ميس التغيري حركة اإلعراب ، فبقيت على حاهلا، أما يف الثانية فطمست ، و ذهب أثرهاى أنه بكسر حركة اهلمزة ، عل ]11: النساء [ فألمه الثلث : و خرج أبو جعفر قراءة أهل الكوفة لقوله تعاىل

من كراهية التلفظ بالضمة بعد كسرة ، زيادة على ذلك أن حرف اجلر الالم الداخل على الكلمة أصبح كأنه حـرف .)4(، الذي ختلو منه أوزان العربية" فعل " منها ، فلو نطق به على أصل حركته لبدا اللفظ كما لو أنه على وزن

فقد نقل أهم ما فيها من عند أستاذه الزجاج ، فهذا قد نـص علـى أن و ال أصالة يف معاجلة أيب جعفر السابقة ، يعود إىل أا مسبوقة بكسرة ، و أن املشقة يف النطق بالضمة متلوة بالكسرة ، و كـون ) إلمه ( جواز كسر اهلمز يف

النطق ، و ليكـون الالم قد ترتلت مع ما بعدها مرتلة الكلمة الواحدة ، استلزم إبدال الضمة كسرة لتزول املشقة يف ، و أما الفارسي فوجه انتباهه إىل اهلمزة ، حيث رأى أن الثقل يف)5(وزن الكلمة موافقا ملا يستسيغه اللسان العريب

اللفظ ناتج عنها ، بدليل ما يلحقها من ختفيف ، فتم كسرها إتباعا ملا قبلها ، حىت يعمل املتكلم لسانه عمال واحدا ، ، و ال خيتلف ختريج مكي بن أيب طالب يف شيء عن الـذي )6(لذي اعترى اللفظ إىل كثرة استعماله و أرجع التغيري ا

وجدناه عند الفارسي ، فعلة التغيري الذي حلق اهلمزة يرتد إىل طلب االستخفاف ، و كثرة استعمال اللفظ ، و مباينة .)8(سي و مكي ، فكان كالمه صدى ملا قااله ، و حاكى املهدوي الفار)7(ألوزان العربية الفصحى) فعل ( صيغة

ـ مبدأ واحد ، هو صـعوبة االنتقـال يف ـ حبسب ما يبدو لنا إن ما جيمع بني هذه احلالة و السابقة هلا ، حيكمه النطق بني الضمة و الكسرة ، دون أن يكون لترتيبهما أية أمهية ، و هو ما يعين أن هاتني احلركتني تتقابالن من حيث

ضع النطق ، فالكسرة أمامية فيما الضمة خلفية ، كما تتقابالن من حيث الصفة حيث الكسرة منفرجة ، و الضمة مو . )9(مستديرة

بكسر اجلـيم مـن ]68: مرمي [ مث لنحضرم حول جهنم جثيا : و يوجه أبو جعفر قراءة من قرأ قوله تعاىل ، بـضمتني متتـاليتني )10(جثو: " م حلركة الثاء ، و كان قدر أصل الكلمة على أنه من إتباع حركة اجلي " جثيا "

35 / 1البيان يف غريب إعراب القرآن )1( 5 / 1ن التبيان يف إعراب القرآ )2( 38 / 1احملتسب ) )3( 248 / 1إعراب القرآن )4( 23 / 2معاين القرآن و إعرابه )5( 138 / 3م ـ 1984 ـ 1بدر الدين قهوجي و آخرون ـ دار املأمون للتراث ـ ط : احلسن بن عبد الغفار الفارسي ، تح : احلجة للقراء السبعة )6( 379 / 1الكشف عن وجوه القراءات السبع )7( 246 / 1 م ـ 1993 ـ 1 فاروق الطباع ـ مكتبة املعارف ـ ط: أمحد بن عمار املهدوي ، تح : شرح اهلداية ) )8( 50التصريف العريب ـ البكوش ص )9( 169 / 2إعراب القرآن )10(

111

و ذكر انقالب الواو ياء لتطرفها ، دون أن يوضح أكثر ، على أننا ال نوافقه الرأي فيما ذهب إليـه مـن أن ،فواوينياء ، و الذي نرى أنه الصواب مثال دون أن تقلب " مسو " انقالب الواو ياء تأتى عن تطرفها ، فقد جاءت متطرفة يف

جثوو ، فاجتمع حرف الثاء ـ الذي ينطق ما : يف التغيري الذي أصاب الكلمة ، هو أن أصلها على وزن فعول ، أي ـ مع حرف املد الواو ، و هو حرف ينطق مـن آخـر ، فهو بذلك حرف أمامي )1(بني طرف اللسان و حد الثنايا

مة تقريبا ، فترتب على اجلمع بني احلرفني املتباعدين يف موضع النطق ثقال ، فكان الفم ، حيث يصدر من موضع الض ، " جثيو " الياء املناسب حلرف الثاء ، فأصبحت الكلمة : الواو إىل حرف املد األمامي : أن انقلب حرف املد اخللفي

و الثاين خلفي ، كان البد من قلب الـواو وملا كان ينتج عن اجتماع الياء والواو عسرا يف النطق ألن األول أمامي ، ، و متثلت املرحلة األخرية يف مسار التغري الـصويت هلـذا " جثي " ياء و إدغامها فيما قبلها ، فاستحالت الكلمة إىل

كسر اجلـيم بقراءة الو على هذا ميكننا أن نستنتج أن . اللفظ يف قلب ضمة اجليم كسرة لتتناسب مع حرف املد الياء .ل مرحلة متقدمة عن تلك اليت تضم اجليم فيهامتث

، على أننا جند )2( قراءة كسر اجليم ، مكتفيا باحلكم على جوازه إتباعا لكسرة الياء بالقول يف و مل يتوسع الزجاج فظ، فأرجع األول ـ ابن األنباري ـ أصل الل" جثيا " ابن األنباري و العكربي يتعمقان يف التحليل الصريف للفظ

على وزن فعول ، و أرجع إبدال الضمة كسرة لثقل اجتماع ضمتني و واوين ، و قلبت الواو األخـرية " جثوو " إىل، فلما اجتمعـت " مساء " ياء ، يف تصوره ، ألن الواو األوىل حبسبه زائدة يف الصيغة ، فهي حرف مد مثل األلف يف

.)3("جثيا " واو إىل ياء ، و أدغمت يف الياء بعدها ، فصارت اللفظة و الياء و األول منهما ساكن قلبت ال الواوغري مقنعة ، بسبب أننا جند ألفاظا " جثو " إن مالحظتنا األوىل هي أن العلة اليت ذكرها يف الثقل الناشئ عن صيغة

، كما أن قوله بإبدال ضمة ...دنوعلو ، غلو ، : اجتمعت فيها ضمتان و واوان دون أن ينتج عن ذلك إبدال ، مثل ،الثاء كسرة مع بقاء حرف املد على حاله جمانب للصواب ، ألن الثاء ليست متحركة بالضمة كما يوهم بذلك اخلط

و إمنا هي متحركة حبرف املد الواو ، و النتيجة اليت خنرج ا هي أن حتليل ابن األنباري غري صاحل ألنه مل يقم علـى .لصوتية الصحيحة و اليت أتينا على ذكرها فيما سبق املعطيات ا

ـ يف انقالب الواو ـ بسبب الثقل و خيتلف حتليل العكربي قليال من حيث أنه حدد اخلطوة الثانية بعد كسر الثاء سـباب غري أنه مل يصب بدوره لـنفس األ . )4(بعدها إىل ياء ، وتالها قلب الواو األخرية اليت هي الم الكلمة إىل ياء

اليت جعلت ابن األنباري خيفق يف حتليله ، و منه فاإلتباع كظاهرة لغوية جتد تفسريها السليم على املستوى الـصويت ، و ذلك بالنظر يف خمارج احلروف و صفاا ، و ما يترتب عن ذلك من تقارب و تنافر فيما بينها ، يكون له انعكـاس

.ية الكلمة ثانياعلى التغريات اليت تنتاا هي أوال مث بن

433 / 4الكتاب )1( 339 / 3معاين القرآن و إعرابه )2( 130 / 2البيان يف غريب إعراب القرآن )3( 867 / 2التبيان يف إعراب القرآن )4(

112

التخفيف

جيدر بنا يف البدء أن نعمد إىل حتديد املقصود من هذا املفهوم و املساحة اليت يغطيها بالضبط من ظواهر اللغة قبل املفهوم لتفسري ظواهر تنتمي إىل مستويات خمتلفـة أن خنطوا يف تناوله خطوات أبعد ، فلنقل أوال أنه يتم توظيف هذا

من اللغة ، تشترك يف النتيجة اليت تصب فيها مجيعا ، و هي رفع الثقل الذي ينشأ عن النطـق بأصـوات منفـردة أو أصوات متجاورة ، مما يأباه اللسان العريب ، و مييل إىل التخلص منه ، من ذلك ما كان مر بنا من اسـتثقال اهلمـزة و اجلنوح إىل ختفيفها بوسائل متنوعة كاإلبدال و التسهيل بني بني و احلذف ، و من ذلك أيضا ما جنـده يف بعـض

الواو و الياء إذا تطرفا بعد ألف مد ، أو جتاور يف كلمة واحدة مـع سـكون : أبواب الصرف مثل قلب حرفا العلة تعـديالت معينـة ، ، فيعمد اللسان العريب إىل إجراء سرة أوهلما ، أو توايل حركات غري متجانسة مثل الضمة و الك

. يهدف منها إىل إزالة ما يعترضه أثناء النطق من مشقة ما سنتناوله حتت هذا املصطلح من بني التعديالت اليت أتينا على ذكر بعضها هو إسقاط احلركات ضمن صلب إن

يف آخر حرف من الكلمة أي عالمة اإلعراب يف حالة الوقف ، الكلمة العربية ، و هذا حىت منيزها عن تالشي احلركة .و االقتصاد يف اجلهد ، و هذا اإلسقاط غائي يهدف إىل تيسري النطق

حتتكم اللغة العربية ككل لغات العامل إىل جمموعة من القوانني ، تنبه إليها الباحثون و استخلصوها مبا وقع حتـت ، فأفعال اإلنسان )1(من هذه القوانني ، مما له عالقة مبوضوعنا ، قانون اختزال اجلهد مالحظتهم من ظواهر لغوية ، و

قصدية ، و هو يفضل أن يبلغ غاياته بأقرب السبل و أقلها كلفة ، و هذا القانون يتسع ليشمل الـسلوك اللغـوي ، ورة إال من زاويـة النظـر التارخييـة ، و هو إذا كان يسري يف اللغة يف اللحظة اآلنية ، فإنه ال ينجلي يف أوضح ص

فالتحوالت اليت تلحق اللغة عرب مسار تطورها تكمن حقيقتها يف االنتقال من نظام قدمي إىل آخر جديد ، و ما مييـز النظام اجلديد هو التخلي عن العناصر القدمية اليت مل يعد هلا وظيفة تؤديها ، فالنظام ال حيافظ إال على ما يضمن بقاءه

. ستمراره ، و كل عنصر افتقد هذا الشرط فإن مصريه إىل الزوال و ا ال تعرف اللغة السكون فهي يف حركة مطردة ، و إن كانت هذه احلركة ال تظهر للمتكلم العادي هلذه اللغة ، وال

إجراء املقارنات يتوصل إىل إدراكها املالحظ املتمرس إال يف شروط خاصة ، من ذلك أن يتوفر له معلم يتيح له ، بعد الضرورية ، معرفة مدى ما قطعته اللغة موضوع املالحظة من مراحل يف مسارها الذي ليس له حد أو غايـة يقـف

. عندها و ميكننا الزعم بأنه توفر مثل هذا املعلم للنحاة العرب األوائل ، حيث كانت أمامهم هلجـات متفاوتـة يف مـسار

ج املقارن يف دراستها ألدى ذلك إىل الكشف عن حقيقة هذه الظواهر ، و وضـعها يف تطورها ، حبيث لو اعتمد املنه موضعا الصحيح من سلم التطور، لكن هذه النظرة التارخيية أعوزم لألسف ، ففام إدراك الكثري من أبعاد الظواهر

. اللغوية اليت عاجلوها

265األصوات اللغوية ـ عبد القادر عبد اجلليل ص )1(

113

، و هـذه )1(ذا باب ما يسكن و هو يف األصل متحـرك ه: تطرق سيبويه للتخفيف باملعىن الذي ذكرناه حتت باب الظاهرة اليت تسقط فيها احلركة القصرية تقتصر ، عموما ، على الضمة و الكسرة ، و مها حركتان ثقيلتـان إذا مـا

، و بعد أن عزا سيبويه هذه الظاهرة إىل قبيلة بكر بن وائل ، و هي قبيلة تقع ديارها إىل الـشرق مـن الفتحةقيستا ب اجلزيرة العربية جماورة للقبيلة متيم املشهورة عند اللغويني ، واليت ـ حسب ما يشهد سيبويه ـ تأثر قسم معترب منـها بإسقاط احلركة الثانية ، راح يعلل هذه العادة يف النطق ، فرأى أن مرد ذلك هو عدم استساغتهم االنتقال من الفتحة

اليت قدمها سيبويه كعينات عما الحظه تتالشـى فيهـا الكـسرة أو الـضمة إىل الكسرة ، و ننبه هنا إىل أن األمثلة عصر، و ضمتني : فخذ ، كبد ، كرم ، رجل ، كما مل يستسيغوا كسرة بعد ضمة يف حنو : املسبوقتني بفتحة ، حنو

وا يف كل هذا إىل حذف احلركة الثانية إبل ، فعمد : رسل ، العنق ، و كذا كسرتني متتاليتني ، حنو : متتاليتني يف حنو ألن الفـتح أخـف « ، و ذلك نيمن الكلمة ، فال يعدلون عن هذا اإلجراء إال إذا كانت احلركتان املتواليتان فتحت

. )2(»عليهم من الضم و الكسر ثالثـة مقـاطع ، : على أن سيبويه ال يقصر مالحظاته يف هذه الظاهرة على األلفاظ املتكونة من ثالثة أحرف أي

أراك منتفخا ، حيث أزيلت كسرة الفاء ، : فذكر أمثلة من كلمات جتاوز عدد حروفها ما سبق ذكره من أمثلة ذلك . انطلق ، الذي أسقطت كسرة حرف الالم منه : و يف فعل األمر

ف مهزة االسم املمدود ، و حـذف و عاجل السريايف هذه الظاهرة يف باب احلذف حني أمل باجلوازات الشعرية كحذ التنوين ، و الفاء الواقعة يف جواب الشرط ، و ما يصيب اسم العلم من حذف يف أواخر حروفه يف أسلوب الترخيم ، و هو إن تطرق إىل أنواع احلذف هذه يف حدود الشعر ، فإنه يف أثناء معاجلته حلذف احلركات قدم من العالمات مـا

: ا يشمل الكالم على اإلطالق ، و هكذا وسع حذف احلركات إىل حذف الفتحة يف حنـو يدل على أن حديثه فيه هرب ، طلب ، و ذهب أبعد حني أكد أن احلذف يطال حركة اإلعـراب ذاـا يف : هرب ، طلب ، لتستحيل إىل

من يـسكن الم الفعـل إذا قام الرجل إليك ، وأسند دعواه هذه بإثبات ما رواه بعض النحويني بأن من العرب :مثل .)3()أعظمكم ( ، ) أنا أكرمكم ( يف حنو ) الكاف و امليم ( و ) اهلاء و امليم ( اتصل به الضمري املتصل

الذي أورد يف معرض تعليقـه علـى لفـظ " الفراء " و لعله يدخل ضمن هؤالء النحاة الذين نبه عليهم السريايف من سورة هود ، من أن العرب تسكن ضمة امليم األوىل لتوايل احلركات ، على أنه 28باآلية الوارد " أنلزمكموها "

يستدرك يف حكمه من أنه لو كانت الفتحة مكان الضمة ملا حدث التسكني ، و ذلك ملا متتاز به الفتحة من خفـة ، حدده يف الكـسرة املتبوعـة بالـضمة ، و ميضي بعد هذا إىل تعيني توايل احلركات الذي يستثقله اللسان العريب ، ف

ستثقل الـضم إمنا ي «: و الضمة املتبوعة بالكسرة ، و الكسرة بعد كسرة ، و الضمة بعد ضمة ، و يعلل هذا بقوله

113 / 4الكتاب )1( 115املصدر السابق ص )2( 223 / 1شرح كتاب سيبويه )3(

114

و الكسر ألن ملخرجيهما مئونة على اللسان و الشفتني تنضم الرفعة ما فيثقل الضمة ، و يمال أحـد الـشدقني إىل )1(» فترى ذلك ثقيال ، و الفتحة خترج من خرق الفم بال كلفة الكسرة

و ما يلفت االنتباه حقا يف األمثلة املقدمة عن حذف احلركات ، هو أا تصيب أبنية خاصة تتكون مـن مقـاطع ها يف صغرية متتالية ، و نقصد باملقطع الصغري الوحدة الصوتية اليت تتكون من صوت صامت و حركة قصرية ، و رمز

.)c v( )2( يف الدرس الصويت العام هو و رمزها، ) ص ح ( العربية هو ر عنها القدماء بتسكني احلرف املتحرك يف علم الصوت احلديث خمتلـف اختالفـا بينـا ، و تصور الظاهرة اليت عب

ن الكلمة ، و إمنا نظروا إليهـا و يعود ذلك إىل أن النحاة العرب مل يكونوا يعتربون احلركات حروفا تدخل يف تكوي على أا عرض يلحق احلرف ، حبيث ميكن له أن يتجرد منها ألسباب كثرية ، و هلذا عالقة ـ يف جانـب منـه ـ بطبيعة فكرم عن اإلعراب و عالماته ، فاحلركات اليت هي عالمات اإلعراب ميكن أن حتذف يف حـاالت معينـة

، كما ميكن هلذه احلركات أن حتذف يف صلب الكلمة يف حالة التخفيف ، و حـىت كالوقف مثال ، أو يف حالة اجلزم هو أن العني املفتوحـة " علم " نزيد هذه النقطة توضيحا نقول أن التصور القدمي لتتابع األحرف يف كلمة مثل الفعل

النابع من منظـور علـم األصـوات متبوعة بالالم املكسورة مث امليم املفتوحة ، فنحن أمام ثالثة أحرف ، أما التصور صوت الـالم ) + الفتحة( احلركة القصرية + صوت العني : احلديث فيحدد التتابع يف الفعل السابق على النحو التايل

يف التصور القدمي عـدد احلـروف يف ) . الفتحة ( احلركة القصرية + صوت امليم ) + الكسرة ( احلركة القصرية + . فيما هو يف التصور احلديث ستة الفعل املذكور ثالثة ،

و دائما من منظور علم األصوات فإنه يتوجب التمييز يف الكلمة بني املقاطع املكونة هلا ، من قبل أنه أثناء الـتلفظ و يزيـد ، )3(بسلسلة احلروف املكونة للكلمة تحدث عضالت الصدر نبضة منفصلة مع كل مقطع من هذه السلسلة

هذه الفكرة وضوحا بتأكيده على أن الفونيمات إمنا تنطق ضمن جمموعات هي ما نسميها " بولنجر " عامل األصوات . )4(باملقاطع ، و أن ما ختتص به الفونيمات من صفات يعود يف قسم منه إىل املقطع الذي تندرج حتته

: تنقسم املقاطع إىل قسمني مها ، يستوي أن تكون قصرية أو ممدودة ، فمن األوىل ما جنده يف كلمـة و هي اليت تنتهي حبركة : ـ املقاطع املفتوحة

" جرالفتحة ، أما الثانية أي + الفتحة ، اجليم + الفتحة ، الراء + اخلاء : ، حيث تتكون من ثالثة مقاطع صغرية " خ .األلف + الكاف : كاتب أي : املقطع األول من كلمة : احلركة املمدودة فمثاهلا

اليت يف حالة التنوين تتركب مـن " نفس " و هي اليت تنتهي حبرف صامت ، و مثال ذلك كلمة : قاطع املغلقة ـ امل .النون + الضمة + السني : الفاء ، و الثاين هو + الفتحة + النون : مقطعني مغلقني مها

13 / 2معاين القرآن )1( 510علم األصوات ـ كمال بشر ص )2( 213ل ص األصوات اللغوية ـ عبد القادر عبد اجللي )3( 214املصدر نفسه ص )4(

115

نجد املقطع القصري ، و قـد ، ف ) فونيمات ( و هناك تقسيم آخر للمقاطع من حيث عدد ما ينتظم حتتها من أحرف :و املقطع املتوسط ، و يتألف من منطني مها . سبق و أن أشرنا إىل أنه يتكون من صامت و حركة قصرية

) .cvc( أو ) ص ح ص ( صوت صامت ورمزه + حركة قصرية + ـ صوت صامت .)cv()1 : (أو ) ص ح ح ( حركة طويلة ، و رمزه + ـ صوت صامت

.ويل فلن نتعرض له هنا ، إذ ال صلة له مبا حنن فيه أما املقطع الط ميكننا يف ضوء املعطيات املذكورة آنفا أن نتفهم طبيعة التخفيف الناتج عن حذف احلركة القصرية ، ففي كلمة من

د ، / عـض : عضد نالحظ أنه بعد أن كانت تتكون من مقاطع ثالث ، أصبحت تتكون من مقطعني مهـا : مثل فالتخفيف إذن ال يفهـم ) . ص ح ( و مقطع قصري يف حالة عدم التنوين هو ) ص ح ص ( توسط من منط مقطع م

فقط من حيث إزالة التنافر الناتج عن احلركات غري املتجانسة ، و إمنا يعود أيضا إىل التقـصري يف عـدد املقـاطع ، لصبور شاهني من أن العرب تكره النطق باملقاطع املفتوحة و استبدال املفتوح منها باملغلق ، و هذا ما ذهب إليه عبد ا

. )2("اإلسكان " املتوالية ، و يفضلون إقفال بعضها بطريقتني إحدامها هل حيق لنا القـول : هذا يثري يف أنفسنا سؤاال ال بد لنا من بسطه ، و إعمال الفكر فيه ، و يتمثل فيما يلي على أن

هي أحدث عهدا من املفردات املتكونة مـن ثـالث " نفس " حى املكونة من مقطعني مثل مفردات العربية الفص أنهي صـياغة ) ص ح ) + ( ص ح ص : ( هل األلفاظ ذات املقطعني : لعب ؟ و بعبارة أخرى : مقاطع قصرية مثل

؟ ) ص ح + ( )ص ح ) + ( ص ح : ( متطورة عن أخرى قدمية كانت فيها هذه األلفاظ تتكون من ثالثة مقاطع هو وجه الصواب عند برجستراسر ، فالرجل وصل إىل هذه النتيجة بعد أن اعتمد أسلوب اجلواب باإلثبات يبدو أن

ذو املقطعني يف اللغة العربية كان يف مرحلة من التاريخ ينطـق بثالثـة " النفس " املقارنة بني اللغات السامية ، فلفظ ، و رسـا )3(ـ اليت احتفظت بالصيغة األصـلية ـ إحدى أقدم اللغات السامية مقاطع ، و دليل ذلك اللغة األكدية

القـراءات القرآنيـة مما تـضمنته حممد خان على هذه النتيجة بعد تدارسه للصيغ الثالثية يف اللهجات العربية القدمية سيفضي ، ال حمالـة ، إىل هجـر يف ثنايا تفسري البحر احمليط ، و ارتأى أن تيار التغيري اجلارف يف اللغة كان الواردة

خاصـة الصيغ الثالثية املقطع لصاحل الصيغ الثنائية املقطع ، لوال أن اللغويني قاموا على تثبيت مفردات اللغة يف مرحلة باعتبارها تندرج مجيعـا ، كان قد حلقه التغيري فيما البعض اآلخر مل ميسه بعد ها حيث أن بعض من تطور اللهجات ،

.)4(الفصيح من اللغة العربيةضمن املستوى و نستخلص مما سبق نتيجة أخرى وهي أن اللهجة التميمية أو الشرقية ذات الصبغة البدوية قد سـبقت يف مـسار

التطور قرينتها اللهجة احلجازية املتحضرة ، و يرجع إبراهيم أنيس العامل يف هذا التطور إىل طبيعة حياة البدو الـيت ال يف مقابل اللهجات احلضرية اليت جتنح ، عموما ، إىل الثبات ، ويقول بعد استعراض دوافع التحول تستقر على حال ،

511 ـ 510علم األصوات ـ كمال بشر ص )1( 79القراءات القرآنية يف ضوء علم اللغة احلديث ص )2( 68التطور النحوي ص )3( 123 م ـ ص 2002 ـ 1حممد خان ـ دار الفجر ـ ط : اللهجات العربية و القراءات القرآنية )4(

116

ال ندهش حني نلحظ أن هلجة البدو بوجه عام كانت أسرع إىل التطـور و التغـيري ، «: عند البدو واحلضر ما نصه )1( .» تنتمي إىل السامية األوىل و أن هلجات البيئة احلجازية قد حافظت يف جمموعها على خصائص قدمية

تطرق أبو جعفر إىل القراءات اليت اشتملت على ختفيف احلركة ، و قام بتوجيهها على أساس هلجي حينا ، و حينا من سورة آل عمـران بإسـقاط 198من اآلية " نزال " على أساس مبدأ اختزال اجلهد ، من ذلك قراءة احلسن لفظ

، و تعرض أبـو )2(ا ذلك بأنه على هلجة متيم ، فيما أهل احلجاز و بنو أسد يثبتون احلركة الضمة ، حيث علل صاحبن ،)3(حيان هلذه اللفظ فذكر أن تسكينه جائز على أنه مل ينسبه للهجة بعينها ، و اكتفى باالستشهاد له ببيت من الشعر

فكأنه يذهب هـو و أبـو حيـان إىل أن ، )4(ق القرطيب على صيغة التسكني بأن الغرض منها هو جتنب الثقل و عل . الصيغتني بتتابع الضمتني و إسقاط ثانيهما إمكانيتان تسمح ما الفصحى

،)بورقكم ( من سورة الكهف حذف للكسرة يف لفظ 19 و يف قراءة أهل الكوفة و أيب عمرو بن العالء من اآلية ، و جـنح أبـو علـي )5(رده إىل ما تتسم به الكسرة من ثقل و أباح أبو جعفر إسقاط احلركة يف هذا املوضع ، و

الفارسي إىل أن التخفيف يف اللفظ يستسيغه اللسان ، و أن إذهاب احلركة قاعدة ثابتة يف العربية يف الصيغة اليت جـاء أن اللفظـني ، و رأى القـرطيب )6(، الذي مثل به سيبويه لظاهرة اإلسكان " كبد " عليها لفظ ورق ، و قارنه بلفظ ، و يبدو أن ما قالـه صـحيح ، معينة ، أي أن مرد كل واحدة منهما إىل هلجة )7(بإثبات احلركة و إسقاطها لغتان

.فالتخفيف شاع على ألسنة سكان شرق اجلزيرة ، فيما التحريك عرف عن هلجة سكان غرب اجلزيرة 17من اآلية " ظلمات " يب السمال بإسكان الالم يف لفظ و خنتم حبالة ثالثة من حاالت التخفيف تتمثل يف قراءة أ

من سورة البقرة ، و وجهها أبو جعفر على أا من حذف احلركة ملباعدة الثقل يف التلفظ ، و مل خيف عنه ما ميكـن ـ " ظلمات " أن إثبات الضمة يف إىله أن حيدث من التباس بني االسم و النعت يف هذا امللفوظ ، فنب ى أن دليـل عل

بني ما يكون بفتح الالم و بني مـا يكـون حبـذف " ظلمات " ، و ميز ابن جين يف ختفيف )8(الصيغة اسم ال صفة و كال الوجهني عنده حسن ، من قبل أن املفرد ساكن الالم ، و لو كان املفرد متحركا لوجب التحريـك يف ،الضمة ، و لعله صدر يف حكمه هذا عن صـورة )10(هو التسكني " ظلمات " ، و ذهب القرطيب إىل أن األصل يف )9(اجلمع

.ن االقتباس الواسع من أيب جعفر عاملفرد الساكن سواء يف ذلك االسم و الصفة ، و كالعهد به مل يتورع

80يف اللهجات العربية ص )1( 238 / 1إعراب القرآن )2( 145 / 3البحر احمليط )3( م2006 ـ 1عبد اهللا بن عبد احلسن التركي و آخرون ـ مؤسسة الرسالة ـ ط : حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطيب ، تح : اجلامع ألحكام القرآن )4(

5 / 483 127 / 2إعراب القرآن )5( 136 / 5احلجة للقراء السبعة )6( 236 / 13تفسري القرطيب )7( 33 / 1إعراب القرآن )8( 56 / 1احملتسب )9( 323 / 1تفسري القرطيب )10(

117

الفعل من حيث التجرد و الزيادة

بني ثالثة أضرب من التغيري الـذي يـصيب الـصيغ " التصريف العريب " ميز الطيب البكوش يف مستفتح كتابه الصرفية بدا لنا أنه من املفيد الوقوف عندها ، و استخالص منها ما يفيدنا يف وضوح الرؤية فيما حنن مقبلـون علـى

:اخلوض فيه ، و هذه األضرب من التغيري هي . الصيغ من املادة اللغوية ـ تغيري صريف حبت متعلق بتصريف األفعال و اشتقاق1 ـ تغيري جيمع بني الصرف و الصوت ، يتمثل يف التحويرات اليت تصيب بنية الكلمة مما يعـود سـببه إىل تـأثري 2

. األصوات بعضها يف بعض )1( ـ تغيري صويت ينشأ عن تفاعل األصوات دون أن يكون لذلك أي انعكاس على بنية الكلمة3

النوع األول من التغيري ، فهو إذن تغيري صريف حبت ، و نقول يف أثر البكوش أنه ينجر عن يدخل مبحثنا هذا ضمن .هذا التغيري الصريف تغيري يف املعىن ، و هو ما سيتضح لنا كلما تقدمنا أكثر فيما حنن بصدده

ل ، فعل ، و أما الرباعي اـرد ينقسم الفعل الثالثي ارد إىل ثالثة أقسام ، حبسب حركة عينه ، فعندنا فعل ، فع ، و لكل من الثالثي و الرباعي أبنية مزيدة ، و نبدأ مبزيد الثالثي فنقول أنه )2(فعلل مثل دحرج : ففيه وزن واحد هو

:ينقسم إىل ثالثة أقسام .ـ ملحق بالرباعي ارد .ـ ملحق بالرباعي املزيد .ـ غري ملحق بالرباعي

أن تزيـد يف «أن املقصود باإلحلاق هو : يف دراسة هذه األقسام الثالثة نشري إىل أمرين ، أوهلما و قبل أن نتوسع هو أننا سنستمد مادة ما حنن بصدده مـن : ، و ثانيهما )3(»البناء زيادة ، لتلحقه بآخر أكثر منه ، فيتصرف تصرفه

علـى أننـا مل . ن التقسيم و وضوح التبويب ، و ذلك ملا وجدنا فيه من حس " ارتشاف الضرب " كتاب أيب حيان . نتقاعس عن الرجوع إىل مصادر أخرى كلما وجدنا أن األمر يتطلب ذلك

ميكن التمييز يف األفعال الثالثية املزيدة امللحقة بالرباعي ارد بني ما حلقه حرف الزيادة قبل فاءه ، و ما حلقته قبل .ما حلقه بعد المه عينه ، و ما حلقته قبل المه ، مث

: فأما ما حلقه حرف الزيادة قبل احلرف األصلي منه ، فيأيت على ستة أوزان هي .يرنأ : يفعل مثل : األول .ترفل : تفعل مثل : الثاين

.نرجس : نفعل مثل : الثالث

20التصريف العريب ص )1( 65 ص م ـ1993 ـ 2 ـ ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ـ ط عمر بن أيب حفص:فتح اللطيف يف التصريف على البسط و التعريف )2( 19ن الصرف ـ احلمالوي ص شذا العرف يف ف )3(

118

.هلقم : هفعل مثل : الرابع .سنبس : سفعل مثل : اخلامس . مرحب :مفعل مثل : السادس

: و أما ما حلقه حرف الزيادة قبل احلرف األصلي الثاين فستة مبان هي .بيطر : فيعل مثل : األول .حوقل : فوعل مثل : الثاين

.تأبل : فأعل مثل : الثالث .قنرص : فنعل مثل : الرابع

.دهبل : فهعل مثل : اخلامس .)1(مشرج: فمعل مثل : السادس

:رف الزيادة قبل احلرف الثالث األصلي فأربعة مبان هي و أما ما حلقه ح .قلنس : فعنل مثل : األول .غلهص : فعهل مثل : الثاين

.طشيأ : فعيل مثل : الثالث .سنبل : فنعل : الرابع

: و أما املباين اليت حلقها حرف الزيادة بعد احلرف الثالث األصلي فريبوا عددها على ستة .قلسى : مثل فعلى : األول .غلصم : فعلم مثل : الثاين

.قطرن : الثالث فعلن مثل .خلبس : فعلس مثل : الرابع

.زهزق : فعفل : اخلامس .جلبب : فعلل : السادس

و يعلق أبو حيان على مل تقدم من مباين األفعال العربية ، من أن بعضها شائع كثري الدوران على األلسنة ، يتمثـل ل ، فيعل ، فعول ، فعلى ، فيما بعضها اآلخر نادر قل ما يستعمل ، و هو ما تبقى من األبنية ، و طرف منـها يف فوع

.)2(فيه خالف بني النحاة مثل مفعل ، فنعل ، فيعل ، فعيل : أما األبنية امللحقة بالرباعي املزيد حبرف فهي

.تقلسى : تفعلى مثل : األول .عفرت ت: تفعلت مثل : الثاين

381 ص م ـ1999أمحد حممد عبد الدائم ـ دار الكتب املصرية ـ : الصقلي ، تح ابن القطاع:أبنية األمساء واألفعال و املصادر )1( 170 ارتشاف الضرب ص )2(

119

.تقلنس : تفعنل مثل : الثالث .جتلبب :تفعلل مثل : الرابع

.تشيطن : تفيعل مثل : اخلامس .ترهوك : تفعول مثل : السادس .متسكن : متفعل مثل : السابع

: و األبنية امللحقة بالرباعي املزيد حبرفني هي .اسلنقى : افعنلى مثل : األول .س اقعنس: افعنلل مثل : الثاين

.افعنلى مثل اسلنقى : الثالث . احونصل : افونعل مثل : الرابع

و نصل إىل أبنية الثالثي املزيد غري امللحقة ، و هي على ثالثة أقسام ، القسم األول يدخل حتته الزائد حبرف و يتمثل :يف

أفعل: األول .فاعل : الثاين

.فعل : الثالث : حسب ما يلي و القسم الثاين ما زيد حبرفني

.انفعل : األول .افتعل : الثاين

.افعل : الثالث .تفعل : الرابع

.تفاعل : اخلامس :أما القسم الثالث فالزيادة فيه حبرفني

.استفعل : األول .اعشوشب : افعوعل مثل : الثاين

.امحار : افعال مثل : الثالث .اجلوذ : افعول مثل : الرابع

:نية هي اليت أثبتها سيبويه ، و قد أضاف إليها من جاء بعده األبنية التالية هذه األب .تبختر : افعيل مثل اهبيخ أي

.أسرع : افعولل مثل اعثوجج البعري أي .احونصل : افونعل

120

.ادبج : افعل .اجأوى : افعلى .اسلنقى : افعنلى .)1(اسحنكك: افعنلل

.املزيد حبرف و املزيد حبرفني : أما الرباعي فينقسم املزيد فيه إىل قسمني مها هذا عن الثالثي املزيد ، ، يندرج حتت املزيد حبرف بناء واحد هو تفعلل مثل تدحرج ، و أما ما زيد فيه حرفان فعلى وزن افعنلل مثل احرجنم

.)2(و افعلل مثل اطمأن ا ، و بعـض هـذه و مما ميكن مالحظته على هذه الصيغ هو دون شك وفرا حبيث يصعب على الذاكرة استيعا

الصيغ خصب قد جاء على مثاهلا كثرة من األلفاظ ، فيما بعضها اآلخر عقيم ، يصعب على املتكلم أن جيد ألفاظـا على وزا ، حىت أن كتب الصرف اكتفت عند طائفة منها بتكرار ما أورده سيبويه من أمثلة عنها ، و ال خيفـى أن

ن هذه األبنية حيمل طابع البداوة ملا يتسم به من اجلفاء و الوعورة ، و لذا مل يكن غريبا أن متجـه األلـسنة ، قسما م و تتنكب عنه األقالم ، و يف املقابل هذا توجد أبنية تتسم باليسر و الطراوة ، فهي اجلارية على األلسن و األقـالم يف

. العربية احلديثة :ء الثالثية و الرباعية معان صرفية ترجع إىل أوزاا ال إىل داللتها املعجمية ، و هذه أمثلة عنها ملباين الزيادة سوا

: أفعل .ـ التعدية مثل أعفيت الصغري من العمل

.أمثر الشجر: ـ الصريورة .أصبح ، أعرق : ـ الدخول يف الزمان و املكان

.أعجمت الكتاب : ـ السلب .قمح أحصد ال: ـ االستحقاق

.أشجر املكان : ـ الكثرة :فاعل

.تبارز الفارسان : ـ املشاركة .تابعت العمل : ـ املواالة

.جازيت الناجح : ـ الداللة على أن شيء صار صاحب صفة : فعل

.قطع اخلبز : ـ التكثري .قشرت الفاكهة : ـ اإلزالة

401 ص م ـ1965 ـ 1 ـ منشورات مكتبة النهضة بغداد ـ ط خدجية احلديثي:أبنية الصرف يف كتاب سيبويه )1( 42 ـ 41ص م ـ 1973ـ دار النهضة العربية ـ عبده الراجحي :التطبيق الصريف )2(

121

.شرقت : ـ التوجه .فرحت احلزين : ـ التعدية

:عل افت .اختدم : ـ االختاذ

.اختصم : ـ التشارك .مجعته فاجتمع : ـ املطاوعة .اكتتب : ـ الطلب

.أطلقته فانطلق : خيتص مبعىن واحد هو املطاوعة مثل : انفعل :تفعل

.ذكرته فتذكر: ـ املطاوعة .توسد احلجر : ـ االختاذ

تشجع: ـ التكلف .تأمث : ـ التجنب

:تفاعل .تدافع الزوار : املشاركة ـ

.تغافل : ـ التظاهر .تواردت األخبار : ـ التدرج

.باعدته فتباعد : ـ املطاوعة :استفعل

.استغفر اهللا : ـ الطلب .استنسر : ـ التحول .استكرم : ـ االعتقاد .أحكمته فاستحكم : ـ املطاوعة

:تفعلل .دحرجته فتدحرج : ـ املطاوعة

:افعنلل .حرمجت اإلبل فاحرجنمت : املطاوعة ـ

:افعلل اطمأن: ـ املبالغة

122

املعاين السابقة تتأتى من صيغ األفعال كما ذكرنا آنفا ال من معناها املعجمي ، و لكن هذا الفرق غـاب عـن إن ، )1(مع الفعل أطلع بعض النحويني أحيانا ، فوجدنا مثال أبا حيان يورد معىن اهلجوم ضمن معاين صيغة أفعل و ذلك

الذي ذكر الفعل مقترنا باملعىن الذي أسنده أبو حيان للفعل ، لكن يرجح عندنا )2(و يظهر أنه اقتبس ذلك من سيبويه أن سيبويه قصد املعىن املعجمي ال املعىن الصريف حسب ما فهمنا من سياق حديثه ، و هذه املعاين مصدرها احلدس إذ

نسبية اجتهادية توصل إليهـا الـصرفيون نتيجـة « ، فهي كما وصفها عبده الراجحي ال قواعد مطردة تفضي إليها . )3(»االستعمال الغالب

و بعد هذا التقدمي النظري نذهب إىل الشق التطبيقي من هذا العنصر ، و وجهتنا األوىل هي توجيـه أيب جعفـر ، فبعد أن يذكر رأي أيب عبيد القاسم بن )4(ن سورة البقرة م 51من اآلية ) و إذ واعدنا ( لقراءة السبعة إال أبا عمرو معتال لذلك بأن املواعدة إمنا تكون من البشر ، أما اهللا فمنه الوعد و الوعيـد ، ) واعدنا ( سالم ، من إنكاره لقراءة

ار ، مث من قبل معناها من قبل من قرأ ا من األئمة الكب ) وعدنا ( على ) واعدنا ( حيكم عليه بالغلط ، و يقدم قراءة .)5(الذي هو املوافاة ، و خيلص إىل أا على األفصح يف اللغة

و إىل هذا ذهب أستاذه الزجاج الذي صحت عنده القراءتان كالمها ، و الذي رد على اللغويني الـذين أنكـروا ،)6(ستجاب ، فكان هذا مبرتلة املواعدة بأن قبول موسى يحمل على املواعدة ، فاهللا وعد ، و موسى ا ) واعدنا( قراءة

و وافق الطربي الزجاج حني حكم بدوره بصحة القراءتني ، فواعد عنده سليمة من جهة أن اهللا وعد موسـى ، و أن منفرد بالوعـد ، اهللا هذا كان راضيا ملبيا ، و كان جوابه على من اعترض بأن املواعدة إمنا تكون بني البشر ، و أن

، ) واعـدنا ( و يتوسع الفارسي يف احتجاجه لقراءة ، )7(ال تغري يف االستعمال اللغوي املتعارف عليه بأن صحة هذا فذكر أن اهللا وعد موسى ، و أن هذا األخري بني أمرين ، إما أن يكون منه وعد ، و إما أن يكـون قبـل بالوعـد

، و هلذه القراءة جانب ) واعدنا ( لتسليم بصحة قراءة و حرص على إجنازه و الوفاء له ، وكال األمرين يفضيان إىل ا .)8(قد تأيت من الواحد حنو عافاه اهللا) فاعل ( آخر يثبت صحتها و هو أن صيغة

و ال خيرج ابن األنباري عن توجيه الفارسي السابق ، فرأى مثله أن صيغة فاعل قد تدل على الواحد ، كمـا أن ، و يسري العكربي يف أثر ابن األنباري ، فرأى أن صيغة فاعل ليست)9()واعدنا ( ب وفاء موسى بالوعد تبيح القول

173ارتشاف الضرب من كالم العرب ـ ص )1( 56 / 4الكتاب )2( 42التطبيق الصريف ص )3( 421 ص م ـ1982 ـ 2 ـ ط حممد غوث الندوي ـ الدار السلفية: بن أيب طالب ، تح مكي:التبصرة يف القراءات السبع )4( 58 / 1إعراب القرآن )5( 133 / 1 معاين القرآن و إعرابه )6( 60 ـ 59 / 2تفسري الطربي )7( 67 ـ 66 / 2احلجة )8( 82 / 1البيان )9(

123

مبعىن املشاركة من اثنني ، و إمنا هي من الواحد ، و ينقل عن غريه أن ما دام الوعد من اهللا و القبـول مـن موسـى .)1(وفاء فاستجابجائز ، و يورد قوال آخر وهو أن اهللا أمر موسى بال) واعد ( فاستعمال الفعل

، و مل يضف مكي شيء ذا بال إىل ما سبق ، فقد أورد أن املفاعلة تكون من الواحد ، وعلى هذا حيمل معىن الفعل كما مل يستبعد أن تكون من اثنني إذا كان صدر عن موسى وعد بأن يليب ما أمر به ، أو إذا قبـل بـاملطلوب منـه

يكرر أبو حيان ما ذهب إليه سابقوه من داللة املفاعلة على الواحد ، أو أن حيمل قبـول و . )2(و سعى يف الوفاء به ، على أن مـا )3(موسى على أنه وعد، أو أن يكون مضمون وعد اهللا هو الوحي ، و وعد موسى هو ايء للموعد

، )4(العتقاد عند القـرطيب ، و قد وجدنا هذا ا ) واعدنا ( يؤخذ على أيب حيان أنه عد مكي ضمن من غلطوا قراءة .و لسنا نعلم املصدر الذي استقيا منه هذه الفكرة

، و قد حكم عليهـا صـاحبنا ) و الذين عقدت أميانكم ( من سورة النساء ، انفرد محزة بقراءة 33 و يف اآلية ، بيد أنه وجه هـذه القـراءة ) فاعل ( بالبعد ، و ذلك ألن السياق اللغوي يتطلب معىن املشاركة الذي تؤديه صيغة

عقـدت : و الذين عقدم أميانكم احللف ، و هذه العبارة متحولة عن أصل أول هو : العبارة على النحو التايل بتقدير .)5(هلم أميانكم احللف ، سقطت منه الالم مث املفعول األول على أساس أنه الضمري العائد على االسم املوصول

و الذين عقدت أميانكم : العبارة حذف املفعول ، فتكون على تقدير احملذوف على هذه الصورة و قدر الطربي يف ، و أشار الفارسي إىل أن الضمري العائد على االسم املوصول يلزمه حكم النصب ، و قـدر )6(احللف بينكم و بينهم

تقدير يقوم ـ حسب ما فهمنا ـ على تقدير آخر و الذين عاقدم أميانكم ، إال أن هذا ال: العبارة على النحو التايل . )7(عقدت حلفهم أميانكم ، حيث حذف املفعول به و أقيم املضاف إليه ـ الضمري هم ـ مكانـه : سابق عليه هو

و رأى مكي أن القراءة بغري ألف هي على نسبة الفعل إىل األميان ، فيما األصل هو نسبته إىل املخاطبني حـصرا دون ، و علل جميء الفعل على غري صيغة املفاعلـة بظـاهر " احللف " هم ، و قدر يف العبارة حمذوفا هو املفعول من حالف

اللفظ ، حيث أسند الفعل إىل األميان ، مع استبعاد ميني القوم اآلخرين ، و انتهى إىل اإلقرار بأن قراءة الفعل باأللف ، و مل خيالف الزخمشري من سبقه يف أن يف العبارة )8(ن ال األميان ذاا أفضل عنده ، ألن املقصود باآلية أصحاب األميا

.)9("العهود " حذفا ، و ذهب على أن تقديره لفظ

62 / 1التبيان يف إعراب القرآن )1( 240 / 1الكشف )2( 356 / 1البحر احمليط )3( 99 / 2تفسري القرطيب )4( 258 ـ 257 / 1إعراب القرآن ) )5( 272 / 8تفسري الطربي )6( 157 / 3احلجة )7( 389 / 1الكشف عن وجوه القراءات السبع )8( 66 / 2الكشاف )9(

124

قرأ الكوفيون الفعل بوزن تفعل مع إدغام التـاء ]8: الصافات [ ال يسمعون إىل املأل األعلى :و يف قوله تعاىل ر أبو جعفر أن أبو عبيد استصوب قراءة الكوفيني على أسـاس أن العـرب ينـدر يف ، و ذك ) يسمعون ( يف السني

، كـان الـصواب " إىل " كالمها مسعت إليه ، و أن املستعمل تسمعت إليه ، فإذا جاء الفعل دون حـرف اجلـر ه أبو عبيد من صحة الفعـل أملت مسعي إليه ، و أما ما رآ : و رد أبو جعفر بأن معىن مسعت إليه هو ،" يسمعون " ، و مـال )1("يقول " تستلزم أن يليها بعد مفعوهلا الفعل " مسعت " دون أن يليه حرف اجلر ، فغلط ؛ ألن " مسع "

الفارسي إىل قراءة الكوفيني من منطلق أن نفي التسمع يستدعي نفي السمع من جهة التسمع و غريه ، فهو لذلك أبلغ إـم ة لقراءة من قرأ الفعل بالتخفيف فاستمدها من القرآن من قوله تعاىل يف سورة الشعراء ، و أما احلج )2(عنده

فمـن ، أما مكي فاالختيار عنده قراءة التخفيف ، و استدل بقوله تعاىل من سورة اجلـن عن السمع ملعزولون ، و ذهب القرطيب إىل مثل ما ذهب )3( إىل أن اجلن يتسمعون و لكنهم ال يسمعون يستمع اآلن جيد له شهابا رصدا

. )4(إليه مكي من تفضيل قراءة التخفيف ؛ ألا تسلم برغبة اجلن يف التسمع و عجزهم عن نيل غايتهم بضم ياء ]43: النور [ يكاد سنا برقه يذهب باألبصار : و ذاد صاحبنا عن قراءة أيب جعفر املدين لقوله تعاىل

حيث رماها أبو حامت باللحن ألن الفعل بضم الياء متعد بنفسه فلم يكن من حاجـة إىل حـرف ،" يذهب " الفعل ملح إىل رأي من ذهب إىل زيادة حرف اجلر الباء ، أ و أجاب أبو جعفر بأن القراءة على ضم الياء صحيحة ، و ،اجلر

متعلقة باملصدر ، و أن تقدير العبـارة بيد أن الصواب عنده هو تأويل املربد الذي روى عنه األخفش األصغر أن الباء ، و ضعف الزجاج قراءة أيب جعفر ، و رأى أنه مل يقـرأ )5(ذهابه باألبصار أو إذهابه باألبصار : يكون حبسب التايل

حبرف اجلر ، و باالستغناء عن احلرف "ذهب" ا سواه ، و أن الصحيح من كالم العرب يكون بتعدية الفعل ارد ، أما ابن جين فرأيه يف هذه القراءة قائم علـى أن )6(، كما يف قراءة أيب جعفر " أفعل " هذا الفعل على بناء إذا كان

، و هذه الزيادة لتوكيد معـىن ) و ال تلقوا بأيديكم إىل التهلكة : ( حرف اجلر زائد ، مثلما هو احلال يف قوله تعاىل )7(،يكاد سنا برقه يلوي باألبصار ، أو يستأثر ا : على املعىن ، أي التعدي ، و له ختريج آخر للقراءة و ذلك حبملها

، و كـذلك صـنع )8(و ذهب ابن األنباري إىل مثل ما ذهب إليه ابن جين من زيادة الباء يف توجيه قراءة أيب جعفر .)10(هب النور من األبصاريذ: ، و يتأول أبو حيان القراءة اليت حنن بصددها على احلذف ، و تقديرها )9(الزخمشري

467 / 2إعراب القرآن )1( 52 / 6احلجة للقراء السبعة )2( 222 / 2الكشف عن و جوه القراءات السبع )3( 12 / 18تفسري القرطيب )4( 263 / 2إعراب القرآن )5( 50 / 4معاين القرآن و إعرابه )6( 115 ـ 114 / 2احملتسب )7( 198 / 2البيان يف غريب إعراب القرآن )8( 311 / 4الكشاف )9( 427 / 6البحر احمليط )10(

125

الفعل من حيث البناء للمعلوم و البناء للمجهول

رأينا يف عنصر سابق أن النحاة حبثوا يف الفعل من حيث أبنيته و عدد حروفه ، فقسموه حبسب هذا املنظـور إىل ية املزيدة يستخلصون منها املعاين اليت تدل عليها من منطلق أن كل زيادة يف فعل جمرد و فعل مزيد ، و متعنوا يف األبن

اللفظ تقابلها زيادة يف املعىن ، على أن مقاربتهم للفعل و ظواهره اختذت هلا زوايا عديدة ، من ذلك طبيعـة عالقـة لفعل بني حالـه حـني يـسند إىل الفعل مبا يسند إليه ، فقد وجد النحاة أن النظام اللغوي يقيم متييزا واضحا داخل ا

الفاعل ، و بني حاله حني يسند إىل املفعول ، فتتبعوا هذا التمييز القائم على املستوى الشكلي بالفحص و التـدقيق ، يف ذلك مـن نو نريد فيما يلي أن حندد أهم ما توصلوا إليه من نتائج يف هذا الشأن، و أن نضع هلا تقييما ، مستفيدي

. يف ميدان اللسانيات احلديثة قدر اإلمكان نتائج األحباث و نبدأ بالفعل يف حالة البناء للمعلوم ، و لنقل أنه يكون كذلك يف حالته االعتيادية ، أي أن التغيريات اليت ميكـن

عزل عـن أن يكون عرضة هلا هي يف الدرجة الصفر ، مما يعين يف العمق أننا ال نستطيع أن حندد حالة البناء للمعلوم مب حالة البناء للمجهول ، و ليس يف هذا الزعم خروجا عن املألوف ، ففي كل تقابل ال ميكن التعرف إىل أحد الطرفني مبعزل عن الطرف اآلخر ، مما قد جيرنا إىل القول أن كل واحد من حدي التقابل يدخل يف صميم تعريـف مقابلـه ،

ال وجود ألي منهما دون اآلخر ، فالبناء للمعلوم هو ما لـيس بنـاء و نستطيع أن منضي أبعد فنقول دون مبالغة أنه للمجهول ، و العكس صحيح أيضا ، و لدواع عملية سوف نتخذ من الفعل املبين للمعلوم معيارا حندد مـن خاللـه

.ل معامل الفعل املبين للمجهول ، و من مث نكتفي بالقول مؤقتا أن املبين للمعلوم هو ما ليس مبنيا للمجهو حيدد النحاة العرب الفعل املبين للمجهول شكليا بأنه يف املاضي الثالثي الصحيح يبىن على ضم أوله و كسر مـا

، ويف املضارع بضم حرف املضارعة و فتح احلرف ما فبل اآلخر، و التعريف كما هو بين يقوم علـى )1(قبل آخره ع يسمع ، فهم يفهم ، مبنية للمجهول ،و ارتأى ابن يعيش أنه لبنـاء املخالفة ، فاألفعال من مثل ضرب يضرب ، سم

:الفعل للمجهول تلزم اإلجراءات التالية .ـ حذف الفاعل

ـ إقامة املفعول مقامه .)2(ـ تغيري الفعل إىل صيغة فعل

فرع على الفعل املبين للمعلوم ، و مل يتقاعس النحاة يف إثارة قضية هل الفعل املبين للمجهول أصل قائم بنفسه أم املبين للمعلوم ، فيما جنح الكوفيون ومعهم املـربد إىل لىو هنا اختلف النحاة ، فمال أغلب البصريني إىل أنه فرع ع

، و استدلوا على دعواهم هذه بأنه مسع من العرب أفعال مبنية للمجهول مل يرد)3(القول بأنه أصل غري معدول

م 1996 ـ 2ة قازيونس بنغازي ـ ط يوسف حسن عمر ـ منشورات جامع: ، تح االسترباذي حممد بن احلسن : شرح الرضي على الكافية )1(

4 /129 . .69 / 7شرح املفصل ـ ابن يعيش )2( .1340ارتشاف الضرب ـ أبوحيان ص )3(

126

، فكان أن رد عليهم خصومهم بأن العرب قـد تـأيت بـالفرع دون ....جن ، حم ، زكم : وم مثل بناء املعل منها ، و ذكر ابن )1(» بدليل أنه وردت مجوع ال مفرد هلا كمذاكري و حنوه ، و هي ال شك ثوان على املفردات «األصل

" سـوير " و " بويع " أن أفعاال من مثل يعيش للطرف الثاين حجة أخرى أقرب صلة بالنقطة مثار اخلالف ، فحواها ا حرف مـداجتمعت فيها الواو و الياء ، و األوىل منهما ساكنة ، و مع ذلك مل تقلب ياء و تدغم فيما بعدها ، أل

أما ابن حيان فلـم ، ، مما يعين أن البناء للمعلوم أصل للبناء للمجهول )2("ساير " و " بايع " منقلب عن األلف يف . )3(» و هذا اخلالف ال جيدي كبري فائدة «: د يف مثل هذا النقاش طائال ، فقال جي

.)4( و حيذف الفاعل حني بناء الفعل للمجهول توخيا ألغراض معنوية و أخرى لفضية :أما األغراض املعنوية فمنها

. كتب عليكم القتال : ـ العلم بالفاعل مثل قوله تعاىل .كسر الزجاج : ـ اجلهل به مثل .حررت البالد : ـ تعظيمه مثل .زيد يف األسعار: ـ حتقريه مثل

.قتل الربيء : ـ اخلوف منه مثل .علم بأمره : ـ اخلوف عليه مثل

.من يحسن إليه يرد باخلري:ـ التعميم مثل : و من األغراض اللفظية

:ـ إقامة وزن الشعر كقول عنترة مستهلك مايل و عرضي وافر مل يكلم و إذا شربت فإين . من طابت سريرته ، حمدت سريته : ـ إيقاع السجع

و نبحث اآلن فيما يقوم مقام الفاعل حني بناء الفعل للمجهول ، و مع أننا ندرك أننا خنرج ـذا مـن ميـدان قارئ الفطن ، و يعده خطـأ منـهجيا الصرف البحت الذي حنن فيه إىل ميدان النحو ، و هو ما قد يؤاخذنا عليه ال

يحسب علينا ، فإننا نعترف بأنا ما حيملنا على ذلك هو حرصنا على تزويد قارئنا املفترض باملعطيـات الـضرورية ، حىت يستوعب القضايا اليت ستثار يف اجلانب التطبيقي على أكمل وجه ، و نعود إىل ما كنا فيه ، فنقول إن أول عنصر

ة يف أخذ مكانة الفاعل وبالتايل إسناد الفعل له هو املفعول به ، على أن استقصاء كالم العرب يكشف تعود له األولوي ،على أن طرفا من املفاعيل يصح أن حتل يف مكان الفاعل كنائب له ، و هي املفعول به ، املفعول املطلق أو املـصدر

على أن هذا احلكم ال يؤخذ على إطالقه ، فثمة شروط ال املفعول فيه أي ظرفا الزمان و املكان ، و اجلار و ارور ،

274 / 3مهع اهلوامع ـ السيوطي )1( 72 / 7شرح املفصل )2( 274 / 3مهع اهلوامع )3( 519 ـ 518 / 1 نفسهاملصدر )4(

127

.بد من توفرها يف كل عنصر من العناصر السابقة حىت يصح أن حيل حمل الفاعل كنائب له

: ـ املفعول به 1إذا كان الفعل متعديا إىل مفعول واحد جاز حذف الفاعل وإقامة املفعول مقامه ، فيأخذ حكمه ، و يسند إليـه ـ .فعل الأو ما كان يف معناه مما يتعدى إىل مفعـولني " أعطى " إذا كان الفعل متعديا إىل أكثر من مفعول ، و كان الفعل ـ

ليس أصلهما مبتدأ و خرب ، فيجوز عند اجلمهور إقامة املفعول الثاين نائبا للفاعل شرط أمن اللبس ، فإن كان الفعـل .)1(بني من مينعالثاين نكرة ففيه خالف بني من يبيح و

فيجوز إحالل املفعول الثاين نائبا للفاعل إذا أمن اللبس ، " أعلم " أو " ظن " إذا كان املفعول الثاين من أخوات ـ ،و علل ابن يعيش هذا بأن الفاعل جيوز فيه اإلضـمار و التعريـف )2(فإن كان مجلة أو ظرفا أو جارا و جمرورا فاملنع

.)3( نكراتفيما اجلمل ال تكون إال : ـ املصدر 2

: ينوب عن الفاعل بشرطني .ـ أن ال يكون مؤكدا

.)4(سبحان اهللا: ـ أن ال يكون جامدا حنو :و يشترط فيه ما يلي : ـ ظرف الزمان و املكان 3

.. .ليلة ، ساعة : ـ أن يكون خمتصا حنو . )5( مىت ، عندماإذا ،: ـ أن يكون متصرفا أي ال يكون مالزما للظرفية حنو

.علم مبجيئك : مثل : ـ اجلار و ارور4 و نتوقف اآلن عند الفعل املعتل األجوف لنرى احلاالت الثالث اليت يبىن فيها للمجهول كمـا نـص علـى ذلـك

: )6(سيبويه .قيل ، خيف ، بيع : ـ كسر الفاء مثل

" .فعل " كلم أراد أن يبني أن هذا الفعل من بناء و علل ذلك سيبويه بأن املت. ـ إمشام الكسر الضم .قول ، خوف ، بوع : ـ ضم فاء الفعل حنو

519 / 1املصدر السابق ) )1( 129 / 2 م ـ1990 ـ 1، عبد الرمحن السيد ، محد بدوي املختون ـ دار هجر ـ ط ) ابن مالك(حممد بن عبد اهللا الطائي : شرح التسهيل )2( 73 / 7شرح املفصل )3( 73 / 7 املصدر نفسه )4( 522 / 1مهع اهلوامع )5( 342 / 4الكتاب )6(

128

و فسر االسـترباذي املقـصود . )1(و اعترب سيبويه لغة كسر الفاء أصال ، فيما لغة اإلمشام و ضم الفاء دواخل عليها و إمالة الياء بعدها حنو الواو ، و ذكر رأيا آخـر يف الضمةباإلمشام يف هذا املوضع على أنه إمالة كسرة فاء الفعل حنو

اإلمشام و هو ايء بضمة خالصة بعدها ياء ساكنة ، غري أنه حكم على األداء الثاين بأنه مل يشتهر بـني العـرب ، استلهم فكرته و ال يبعد أن يكون قد . )2(وحدد وظيفة اإلمشام يف التنبيه على أن أصل حركة فاء الفعل إمنا هو الضم

األخرية من ابن جين الذي طرقها قبله و توسع يف عرضها ، فقد انتبه إىل أنه عند إسناد الفعل األجوف املتعدي املـبين للمجهول إىل ضمري املتكلم يقع التباس مرده إىل تطابق صيغيت الفعل املبين للمجهول مع صيغة املبين للمعلوم ، و ذلك

ملتكلم هو الفاعل ، و كلت طعامي ، و املتكلم هو املفعول ، يف هذه احلالة يرى ابن جين كلت طعامي ، و ا : يف حنو . )3(أن املتكلم ، دفعا لاللتباس ، يعمد إىل اإلمشام حني يقصد الفعل املبين للمجهول

ا ، و يليهـا و أقام ابن احلاجب ترابية لصور أداء الفعل األجوف املبين للمجهول ، فصيغة كسر الفـاء أفـصحه ، على أن صاحب الوافية مل يكشف عن احملكـات )4(اإلمشام اليت قضى بأا فصيحة ، و أضعفها صيغة ضم فاء الفعل

. اليت اعتمدها إلقامة مثل هذه الترابية ، و نتساءل عما إذا كان قد اكتفى يف ذلك مبا أماله عليه ذوقه اخلاص وا تفسريا ملا يف بناء اهول من الفعل األجوف و تعدد صوره من خـروج و مل يغب على النحاة ضرورة أن جيد

عن االصورة املألوفة، فها هو االسترباذي ينقل تصور ابن احلاجب ألصل الفعل األجوف املبين للمجهـول و التغـيري قول ، بيع ، اسـتثقل : ل الذي انتابه حىت استحال إىل الصورة اليت نعرفه عليها ، فالفعل يف األصل على و زن فعل مث

اللسان الكسرة على حرف العلة فحذفها ، و من هذه النقطة اختذ التغري جمريني ، أما ارى األول فتم فيه قلب اليـاء قول ، بوع ، و يف ارى الثاين قلبت الـضمة : ، فالتحق بذلك املعتل اليائي باملعتل الواوي ، فأصبحا الفعالن واوا

، قيـل : ، فاختذ صورته ، و نطق به على مثاله ، فاستحاال إىل املعتل اليائي ، و حمل املعتل الواوي عليه كسرة يف و يعرض االسترباذي تصورا خمتلفا عن هذا نسبه إىل اجلازويل ، فهذا انطلق من حيث انطلق ابـن احلاجـب ، ،بيع

عل ، بيد أن تصوره للتحول مغاير لذاك الذي قـال فالفعل األجوف املبين للمجهول هو من حيث األصل على وزن ف به ابن احلاجب ، فالتغيري مت عنده بنقل كسرة حرف العلة إىل فاء الفعل من بعد ما جرد من الـضمة ، ألن الكـسرة أخف منها ، و ارتضى االسترباذي تفسري اجلازويل مقتنعا به ، و علة ذاك أن التغيري يف تصور هذا األخري ينبـع مـن

داخل كل فعل ، سواء منهما من كان معتال بالواو أو بالياء ، أما تصور ابن احلاجب فيأخذ عليه انه يقيم التغـيري يف احد الفعلني مث حيمل اآلخر عليه ، وحياول االسترباذي تفهم الدافع الذي محل ابن احلاجب على التقدير الذي رأيناه ،

.)5( » و ال بعد فيه«: متحرك ، و يعقب على ذلك قائال فرياه يف استبعاده نقل الكسرة إىل حرف

املصدر السابق نفس الصفحة )1( 132 / 4شرح الرضي على الكافية )2( 253 / 1املنصف )3( 359 ص ـ1980موسى بناي علوان العاليلي ـ مطبعة النجف ـ : عثمان بن احلاجب ، تح : نظم الكافية سرح الوافية )4( 132 ـ 131 / 4شرح الرضي على الكافية )5(

129

على أن كال وجهي التفسري الذي قدم لنا عن طبيعة التغيري الذي وقع يف الفعل األجوف حني بنائه للمجهـول غـري ائتكافية و ال هي مقنعة ، و لعل أهم ما يعيبها هو انعدام التمييز بني حريف الواو و الياء حني يكونا أنـصاف صـو

)semi-voyel ( و حني يكونا خالصني للمد أي صوائت حمضة ، فالواو و الياء بني احلركتني القصريتني الضمة ، و الكسرة أنصاف صوامت ، فإذا أسقطنا الكسرة استحالت الواو إىل حرف مد ، و إذا قلبت الضمة كـسرة كمـا

غاب هذا عن ذهن اجلازويل أيضا حني تصور أن إسقاط ارتأى ابن احلاجب استحالت الياء حرف مد بدورها ، و قد ـ و هذا ما ال نوافقه عليه ألن احلركة موقعها بعد احلـرف ال فوقـه الكسرة عن الياء و الواو و نقلها إىل فاء الفعل

ال إىل حريف مدالن مـن على أن ما تقدم به الرج. كما يوهم الرسم ـ يبقيهما على حاهلما األول ، فيما مها قد حتوتفسري أغفل جانبا نراه على درجة عالية من األمهية ، و هو القبض على داللة تعدد صور بناء الفعل األجوف حـال

.بنائه للمجهول إن تفسري ما وقع من تغيري حبسب ما يفيدنا به علم األصوات احلديث قد اختذ مسارا مغايرا لذلك الذي تـصوره

م الرأي يف أن أصل الفعلني الواوي و اليائي هو فعل ، و مثاهلما الذي حنتفظ به طوال هذه األسالف ، فإذا كنا نوافقه : يكتبان حبسب األجبدية الصوتية الدوليـة علـى النحـو التـايل نيع ، و اللذا قول ، ب : رحلة قصد التوضيح هو امل

a )'/ qu/wi/la - bu/yi ( ،ل وقعت فيهما الواو و الياء بني مصوتني قصريين لذا بيد أن هاتني الصورتني من الفع ق ــ ــ ل ، : ، فأصبحت صورة الكلمتني على النحو التـايل )1("هنري فليش " سقطتا كما نص على ذلك

، و ملا كانت الكسرة ال تتجانس مع واو املد ، ألن ) qu/i/la –bu/i/'a(: ، و بالكتابة الدولية ب ــ ــ ع خمرج الضمة أسقطت هذه احلركة بدورها ، بيد أن هذا اإلسقاط ال جيد سببه فيما ذكرناه فقط ، و إمنا لـه الواو من

مصدر آخر مهم ، هو أن الفعل األجوف بعد التغيري الذي أصابه ، تقوض التنظيم املقطعي الذي كـان حيفـظ لـه الـضمة ، و الـواو أو اليـاء : احلركة القصرية الفاء و : فبعد أن كان يتشكل من مقاطع ثالثة قصرية هي ،توازنه

ال أكثر بعد تطويل الضمة و احلركة القصرية الفتحة ، صار يتكون من مقطعني الكسرة ، و الالم : و احلركة القصرية وأمـا الواو ، : فأما أوهلما فمقطع متوسط الطول يتكون من الفاء و احلركة الطويلة لتستحيل إىل حرف املد الواو ،

ثانيهما فاملقطع األخري الذي بقي على حاله ، فصارت احلركة القصرية الكسرة يف موقع شاذ ، حيث ال يسمح النظام املقطعي العريب هلا بأن تكون جزء ال من املقطع املتوسط قبلها و ال من املقطع القصري يعدها ، و إذ أنـه يتعـذر أن

: ، فاستحالت الكلمتان نتيجة لذلك إىل الـصورة التاليـة إسقاطها مقطعا ، فقد بات من الضروري كون مبفردها ت ) . quula - buu'a ( بوع ، و يقابلها ،قول

إننا نعتقد أن هذه الصيغة للفعلني األجوفني املبنيني للمجهول هي الصيغة األوىل ، و أن انتقاهلا إىل الـصيغة الـيت الحق ، و أنه حل بينهما صيغة وسطى هي ما اصطلح عليـه القـدماء استقرت عليها يف العربية مل يأت إال يف طور

باإلمشام ، و هنا تالقينا عقبة مردها إىل طبيعة وصف األسالف لإلمشام يف احلالة اليت حنن بصددها ، فاملتكلم العـريب د الوهم الذي ظننـاه حسب هذا الوصف ينتحي بالكسرة حنو الضمة و بالياء حنو الواو ، غري أننا لو دققنا النظر لتبد

56علم اللغة احلديث ص القراءات القرآنية يف ضوء )1(

130

عائقا أمام سالمة تصورنا و متاسكه ، فاإلمشام الذي وصفه النحاة بأنه إمالة من الكسرة حنو الـضمة ، ميكـن قلبـه ، و مل يـصفوه )1(بالقول أنه إمالة للضمة حنو الكسرة ، فما مسعوه يف حقيقة احلال هو صوت بني الضمة و الكسرة

قيل ، بيع ، أما حنن فنقول أن األصـل : نه قد قر يف أذهام أن األصل هو على زنة على أنه انتحاء حنو الضمة إال أل قول ، بوع ، و اإلمشام ميثل مرحلة انتقال بني الصيغتني ، فبعد أن كانت الفـاء ممـدودة بـالواو ، : هو على صيغة

، و اليت أصبحت فيها الفاء تمـد بيـاء دخلت عليها اإلمالة فأصبح مدها بني الواو والياء ، مث جاءت املرحلة الثالثة خالصة ، أما سبب هذا التحول فهو يف رأينا طلب اخلفة أو االقتصاد يف اجلهد حبسب االصطالح احلديث ، فإذا تقرر

و كانت الكسرة و ياء املد متماثالن يف املخرج و وضع اللسان ، كما أن الـضمة «أن الكسرة أخف من الضمة ، ، جاز لنا القول أن الياء أخف من الواو ، و من مث كان قولنا بـانقالب صـيغة )2(»اثالن فيهما أيضا و واو املد متم

. األجوف املبين للمجهول من مطل فائه بواو املد إىل مطلها بالياء متسقا وعى ، فيـأيت البنـاء رشا ، ى ، و اللفيف املفروق مثل : هذا عن الفعل األجوف ، أما الثالثي املعتل الالم مثل

يوعى ، و يف هلجة طيء . يرشى ، ينهى : رشي ، نهي، وعي و مضارعهما : للمجهول بقلب المهما ياء ، فنقول ، و جيوز فيما كانت عينـه مـضمومة )3(رشى ،نهى ، وعى: يبقون األلف على حاهلا ، فيقولون يف األفعال املاضية

وعى أعى ، إذا كان الفعل الثالثي لفيفا مقرونا ، و كان حرفا العلة مثلني صح فيهمـا الفـك ، فتنطق )4(قلبها مهزة .حيي أو حي : و اإلدغام حنو

ديف بناء الفعل املضاعف للمجهول يصح الضم والكسر و اإلمشام يف فاء الفعل ، فيقال يف ر : رد ، رد ، دو يف . ر ، و أشار ابن مالك إىل أن الكسر و اإلمشام هلجـة )5( ، فالبصريون مينعونه فيما الكوفيون يبيحونه كسر الفاء خالف

.)6(لبعض العربو مضارعه بـضم . دحرج ، بعثر : يبىن الرباعي ارد للمجهول وفق القاعدة بضم أوله و كسر ما قبل آخره حنو

.ثر يدحرج ، يبع: األول و فتح ما قبل اآلخر :و نذهب فيما يلي إىل استعراض بعض احلاالت اخلاصة

، ، مثل ، تعلم ، تغوفل )7(ـ إذا كان أول الفعل املاضي تاء مزيدة ضمت مع احلرف الذي يليها حني البناء للمجهول .تدحرج

249 / 1 م ـ1954 ـ 1إبراهيم مصطفى ، عبد اهللا أمني ـ إدارة إحياء التراث القدمي ـ ط : ، تح ابن جين:املنصف )1( 56يف القراءات القرآنية ص )2( 1343ارتشاف الضرب ص )3( 274 / 3مهع اهلوامع )4( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )5( 132 / 2شرح التسهيل )6( 168 م ـ ص 2000 ـ 1حممد باسل عيون السود ـ دار الكتب العلمية ـ ط : ـ تح ) ابن الناظم ( حممد بن حممد بن مالك : شرح ابن الناظم )7(

131

.استخرج ، اعتصر: حنو )1(ـ إذا كان أول الفعل مهزة وصل ضمت و احلرف الثالث

مزيدا من الثالثي األجوف صنع به ما يصنع بارد منه ، فيقال يف " انفعل " أو " افتعل " ـ إذا كان الفعل على وزن .اكتيل ، انسيب ، أو اكتول ، انسوب ، أو اكتيل انسيب : اكتال و انساب

.وتل ، بيطر بوطر قاتل ق: ، حنو )2(ـ إذا كان ثاين حروف الفعل ألفا أو ياء ، قلبت واواسر رابعه وقلبـت ألفـه مزيدا على الثالثي األجوف ضم أوله و ثالثه ، و ك " استفعل " ـ إذا كان الفعل على وزن

.)3(ياءأطول : ، حنو )4(صحت يف البناء للمجهول " استفعل " أو " افتعل " أو " أفعل " ـ إذا صحت الواو أو الياء يف وزن

.أعتون ، استحوذ استحوذ أطول ، اعتون و فاؤه واوا أو ياء جاز يف بنائه للمجهول قلب مهزتـه واوا أو إبقائهـا علـى " أفعل " ـ إذا كان الفعل على وزن

.وونع أونع : ووعز أوعز ، أينع : أوعز : ، حنو )5(حاهلاأجازه البعض اآلخر ، و يبدو أن الصواب مـا ـ اختلف النحاة يف بناء اهول من الفعل الالزم ، فأنكره بعضهم و

ذهب إليه ايزون ، فموقفهم يتفق مع الواقع اللغوي ، أما املنكرون فعولوا على احلجج املنطقية ، من ذلك ما أورده لو بنيت الفعل الالزم للمفعول به لكنت حتذف الفاعل ، فيبقى الفعل غري مستند إىل شيء ، و ذلك «: ابن األنباري

، لكن الفعل الالزم إذا أسند إىل ظرف الزمان أو املكان أو املصدر أو اجلار و ارور بالشروط اليت سبق لنا )6(»حمال .ذكرها جاز ذلك عند مجيع النحاة

و نتوجه بعد هذا التمهيد النظري الضروري إىل اجلانب التطبيقي من دراستنا ، و أول ما نستهل به هـو قولـه ، الذي قرأ احلسن و أبو جعفر ]18: الفرقان [ سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء :تعاىل

بالبناء للمجهول ، و ذكر أبو جعفر أن النحاة يقدمون القراءة بالبناء للمعلوم ، مث عـرض " نتخذ " املدين الفعل منه الثانية الداخلة " من " ، و حجة أيب عمرو أن " نتخذ " جييزا ملوقف أيب عمرو بن العالء و عيسى بن عمر اللذين مل

تتعارض مع بناء الفعل للمجهول ؛ ألنه يف هذه احلالة كان يتوجب حذف حرف اجلر، فتكـون " أولياء " على لفظ ما اختـذت : وضوحا ، فبين أنه يف مجلة من مثل عمرو أن نتخذ من دونك أولياء ، و يزيد صاحبنا قول أيب :العبارة

ما اختـذت مـن : رجال وليا ، فإنه جيوز أن يكون النفي واقعا على فرد بعينه ، فإذا تركبت اجلملة على النحو التايل اليت يفترض ـا إفـادة " من أولياء " رجل وليا ، أصبح النفي عاما ال يصح تقييده مبفرد ، فعلى هذا تتعارض داللة

، و يناقش بعد ذلك موقـف " نتخذ " ملخصوص ، و هو ضمري املتكلمني يف الفعل العموم مع داللتها يف اآلية على ا

130 / 2شرح التسهيل )1( 1344ارتشاف الضرب ص )2( 120 ص م ـ2007 ـ 1 ـ مؤسسة املختار ـ ط علي أبو املكارم:اجلملة الفعلية )3( 1345ارتشاف الضرب ص )4( 1345 ص نفسهاملصدر )5( 93أسرار العربية ص )6(

132

الفراء من قراءة اآلية بالبناء للمجهول فوجده ال خيلو من اضطراب و تناقض ، و أشار إىل أن الكسائي أجاز القـراءة .)1(مع استقباحه هلا" نتخذ " أحال إليها أبو جعفر منتقدا ، فتقوم على أن الفعل لقراءة بناء الفعل للمجهول اليت " الفراء " أما تأول

مـن " دخل على مجلة امسية من مبتدأ و خرب ، و أجاز الفراء القراءة على تقدير قلب يف عناصر اجلملة ، حبيث يكون هذا التقدير هو هو االسم ، و مبعىن آخر يكون هو املفعول به األول ، الذي أصله مبتدأ ، و الذي اضطره إىل" أولياء

ما ارتآه من أن حرف اجلر يف مثل التركيب الوارد باآلية يدخل على املفعول األول ، و ال يـدخل علـى املفعـول تدخل على املفعول األول الذي هو يف األصـل " من " ، و أما الزجاج فخطأ القراءة ، و حجته يف ذلك أن )2(الثاين

ملا تأيت يف مثل سياق اآلية تـدل " من " اقتبسه عنه صاحبنا أبو جعفر من أن مبتدأ ، و محله على هذا تصوره الذي ، وأعرض ابن جين يف مقاربته للقراءة بالفعل املبين للمجهول عن )3(على نفي عام ، و هذا ما ال حيتمله املعىن يف اآلية

، و كـرر )4(ل لنائب الفاعل املضمر يف حمل حا " أولياء " تناول املعىن ، واكتفى بالقول أن حرف اجلر زائد ، و أن يف اآلية هو أن يضم إىل املفعـول األول " من " العكربي ما ذكره النحاة السابقون من أن املوقع الصحيح حلرف اجلر

معـىن " مـن " ، و مل يعترض الزخمشري على بناء الفعل للمجهول ، و أسبغ على حرف اجلـر )5(ال املفعول الثاين بالداللة على اجلن و األصنام ، و كأين بابن جين يرد ذا على من قـال بعمـوم " أولياء " لفظ خصالتبعيض ، و

.)6(داللتها قرأ أهل احلرمني و نافع الفعل به الذين كفروا ل إمنا النسي زيادة يف الكفر يض من سورة براءة 37 و يف اآلية

نيا للمجهول ، و رأى صاحبنا أن كال القراءتني تستهدف معىن ، ففـي مبنيا للمعلوم فيما قرأه الكوفيون مب " يضل " األوىل يؤخر الذين يتولون احلساب من الكفار يف عدة الشهور فيضلون بصنيعهم هذا ، و يف الثانية أن أتباعهم يقعون

عما أشار إليه أبو جعفر ، ، و مل يبعد الفارسي يف االحتجاج للقراءتني )7(يف الضالل حينما جياروم فيما أقدموا عليه فقال يف حالة بناء الفعل للمعلوم أن صنيع الكفار حني يضلون غريهم له احتمالني ، فإما يكونوا ضـالني يف حقيقـة أنفسهم ، أو أم ضلوا حني عمدوا إىل تضليل أتباعهم ، ففي كال احلالتني يصدق عليهم وصف الـضاللة ، و أمـا

، )8(تأوهلا على أن الكفار يتبعون ما ميليه عليهم رؤساؤهم من تأخري الشهور ، فيضلون بذلك احلالة الثانية من الفعل ف ، زين للذين هلم سوء أعمـاهلم و مما يقوي هذه القراءة عنده أن ورد بعدها يف نفس اآلية فعل مبين للمجهول

فعلهم حني يضلون أنصارهم ، و هؤالء وقعتعلى تأويل الفارسي ، فزعماء الكفار يرتد عليهم" مكي " و ال خيرج

273 - 272 / 2إعراب القرآن )1( 264 / 2معاين القرآن )2( 61 ـ 60 / 4معاين القرآن و إعرابه )3( 120 / 2احملتسب )4( 982التبيان ص )5( 448 / 6البحر احمليط )6( 493 / 1إعراب القرآن )7( 194 / 4احلجة )8(

133

املبين للمعلـوم " يضل " و راى ابن جين أن الفاعل يف . )1(عليهم الضاللة ألم تبعوا ما قيل هلم دون أن يسترشدوا .)2("الذين " حيتمل أن يكون الفاعل مضمرا يعود إىل اهللا ، كما حيتمل أن يكون ظاهرا متمثال يف لفظ

فيمسك اليت قضى عليهـا املـوت : مبنيا للمعلوم يف قوله تعاىل " قضى " بو جعفر أن قراءة الفعل و رأى أ أوضح و أكثر مناسبة من قراءته مبنيا للمجهول ، و يعود ذلك يف تقديره إىل أن بناء الفعل للمعلـوم ]22: الرمحن [

،)3(، الذي أمجع القراء على قراءته مبنيا للمعلوم " يرسل " يف هذا املوضع ينسجم مع السياق ، حيث ورد بعده الفعل و هـو مثلـه مـبين " يرسل " و إىل هذا جنح الفارسي الذي بدا له أن الفعل مبنيا للفاعل أصح ألنه معطوف على

متناسـب " قضى " ، و تبعهم مكي يف أن الفعل )4( غري أنه يرى أن البناءين يف الفعل يشتركان يف املعىن نفسه ،فاعل .)5(مع حميطه ، فاألفعال اليت قبله و بعده مبنية كلها للفاعل املتمثل يف اهللا ، وهلذا وقع اختياره على هذه القراءة

503 / 1الكشف )1( 289 / 1احملتسب )2( 526 / 2إعراب القرآن )3( 97 / 6احلجة )4( 240 / 2الكشف )5(

134

الفعل من حيث اختالف حركة عني املضارعة

، و تشغل ، و ال بد ، حيزا من تفكريه ما يصادفه من جـدل ا اليت يواجهها كل باحث جاد يف اللغة من القضاي حاد بني القياس الذي يرتاح إليه العقل ملا جيد فيه من انتظام و بني السماع العاكس للواقع املتشابك ، بـني املطـرد

لتنظري و التأطري ، فكل دارس للغة مداوم على النظـر يف املتوافق مع القوانني اردة و بني الشاذ الذي استعصى على ا ظواهرها ، يرتع ال حمالة إىل طلب القواعد اليت تسريها ، وإىل التنقيب عن املبادئ اليت حتتكم إليها ، و بـذلك جتـد

ما ينغص عليه صفوه غري أن . اجلزئيات املبعثرة يف الظاهر واليت تقدمها له مادة حبثه الكليات العامة اليت تندرج حتتها جد من املفردات ما يعارض هذا احلكم أنه كلما وصل إىل حكم اعتقده شامال يف الظاهرة اليت اختصها بنظره إال و و

. و يبني عن نسبيته و ما محلنا على أن نستهل دراستنا ذا احلديث هو أننا مقبلون على جمال شائك يف الصرف العريب ، حبيث قـل

احلديثة يف هذا امليدان ت الدراسا ندرةدربه و عاد مطمئنا راضيا عن حاله ، و لعل من أسباب هذه الوضع من سلك مبا يكفي مناهجها الناجعة بعد بأضواء حبيث مل يستفد من مثار علوم اللسان احلديثة ، و مل يستنر احلساس من لغتنا ،

.حاجته و رباعي ، وأن ثالثي رد و مزيد ، و أن القسم األول منهما يتفرع إىل إىل جم الفعل يقسمون النحاة العرب رأينا أن

مـن منظـور فيما يلي من صفحات تبويب الفعـل القسم الثاين يتفرع إىل مزيد ثالثي و مزيد رباعي ، و سنتناول ستكون باجتـاه ، و خطوتنا األوىل خاصة صيغ من ضارعيف امل ما استقل به كل بناء من أبنية املاضي خمتلف يتمثل في .الفعل الثالثي

: للفعل ارد الثالثي يف العربية ثالث صور هي .ـ فعل مثل كرم .ـ فعل مثل فهم

.ـ فعل مثل جلس .يفعل : النمط األول من األفعال يأيت مضارعه على بناء واحد هو

: النمط الثاين من األفعال يأيت مضارعه على بنائني و ذهب املربد إىل . )2( ، و هو الصورة القياسية ملضارع فعل )1(هو البناء الذي اقتصر سيبويه على ذكره ـ يفعل و

.)3(أن هذا البناء خيتص باألفعال الالزمة

ىل إبدال حركة عني الفعل إ العربية متيل «ـ يفعل و هو أقل بالنظر إىل البناء السابق ، و ميكن تفسري ذلك بأن

38 / 4الكتاب )1( 119املمتع يف التصريف ـ ابن عصفور ص )2( 209 / 1املقتضب )3(

135

، و نضيف أن أبا علي الفارسي فيما نقل عنه ابن جين كان يرى أن مجيع )1(»ركة جماورة هلا يف املضارع املاضي حب . )2("يفعل " رعها بناء ايصح يف مض" فعل يفعل " األفعال اليت من

:النمط الثالث من األفعال يأيت مضارعه على ثالث أبنية هي خمرج الضمة أقرب إىل خمـرج الفتحـة مـن «؛ و يعود ذلك إىل أن " ل فع" ـ يفعل و هو أخصب أبنية مضارع

.)3(»الكسرة ـل و يأيت ثانيا من حيث األمهية بعد البناء املتقدم .ـ يفع

نعق ينعق ، و مثال : ـ يفعل و هو بناء مشروط بأن تكون عني الفعل أو المه حرفا من حروف احللق ، مثال األوىل هذا باب ما يكون يفعل من فعل فيه " ، و كان أول من نص على هذه الظاهرة سيبويه يف باب شرح يشرح : الثاين

،)5( ، و قد فسرها بأن الفتحة بعض األلف و األلف من حروف احللق فتناسبت احلركة مع هذه احلروف )4("مفتوحا ميكن حدوث االنقباض املالزم إلنتاج أما البكوش ففسر هذه التناسب بأنه أثناء النطق حبروف احللق ينفتح الفم حىت

.)6(مثل هذه احلروف ، لذا كانت الفتحة أنسب احلركات ملثل هذه احلروف على أنه ال يفوتنا أن ننبه إىل أن هذه الظاهرة ليست مطردة ، حيث جند أفعاال توفر فيها الشرط املذكور دون أن

و قد نتساءل إذا ما كان ممكنا أن يتحول مـضارع .... . ، قعد يقعد برأ يربأ : يلحقها التغري املنصوص عليه ، مثل فعل إىل يفعل إذا كان عينه أو المه حرفا من حروف احللق ؟ إن جواب سيبويه بالنفي ، و علل ذلك ـ أو حاول ـ

، و هـو مـا )8( ، و يف موضع آخر رأى أن املانع من ذلك هو خشية االلتباس )7(بأن يفعل من فعلت الزم له الضم ميكن أن نعرب عنه باملصطلح اللساين احلديث بقولنا أن التزام الضم يف هذا الفعل إمنا مت للحفاظ على القيمة اخلالفيـة

. بينه و بني الضربني اآلخرين قة األمر على نظرة فاحصة يف الصور الثالثة للفعل الثالثي تبني لنا أنا النمط األول و هو فعل يفعل يدل يف حقي إن

صفة الزمة للذات ، و من هنا كان يصح القول بأا وصف من حيث داللتها ال فعال باملعىن احلقيقي ، و هـذا مـا فعل ليس فعال بأمت معىن الكلمة ، و إمنا يدل على االتصاف بصفة ، لذلك فهـو إن «: ذهب إليه البكوش حني قال

، و كان ابـن )9(»زم حركة واحدة يف املضارع هي حركة عني املاضي ذاا قليل العدد نسبيا ، قليل التصرف ، يال جين قد أشار إىل أن هذا الضرب من األفعال متميز عن فعل و فعل ، و من عالمات هذا التميز أنه ثابت أبدا علـى

95التصريف العريب ـ الطيب البكوش ص )1( 243 / 1املنصف )2( 95التصريف العريب ص )3( 101 / 4الكتاب )4( ـ نفس الصفحةنفسه املصدر )5( 91التصريف العريب ص )6( 103 / 4الكتاب )7( 104 ص نفسهاملصدر )8( 86التصريف العريب ص )9(

136

ما ختالف حركة عـيين خاصية اللزوم فال يكون منه املتعدي حبال ، كما يتوافق ماضيه و مضارعه يف حركة العني ، في ، و وجـد )2(الصفة بتعبرينـا : لبيان اهليئة أي " فعل " ، و نص يف كتاب آخر له إىل أن )1(قسيميه عيين مضارعهما

.)3(يف ضمة عني هذا الفعل ما يدل على أن الفاعل متلق سليب ، ال دور له يقوم به" أندره رومان " و االستعمال و الشيوع بني النمط األول و الثالث ، و هو )4(ا من حيث الوفرة أما النمط الثاين فيحتل درجة وسط

مثال ال يقوم الفاعل بنشاط ما ، و إمنا ينتابه شـعور " سعد " ، ففي )5(يدل على رد الفعل أكثر من داللته على الفعل فة املالزمة ، أن فاعله على حـال خاص نتيجة لظروف معينة ، و لكنه يفيد ، يف مقابل صيغة فعل اليت تدل على الص

من األحوال ، و مبا أن األحوال متغرية فهو أكثر حركية ، و إذا عرفنا أن النمط األول من األفعال الزم مطلقا ، فإن ربـح ، : شبع ، أمل ، سكر ، سهد ، و املتعدي منه مثـل : النمط الثاين يتوزعه اللزوم و التعدي ، فالالزم منه مثل

. ، كره شهد ، مسع و النمط الثالث من األفعال هو األكثر من حيث الكم ، فما جاء منه متعديا يفوق املتعدي الذي من صيغة فعـل ،

، و هو ما يصح أن نسميه فعال على وجه احلقيقة ، إذ يدل يف أغلب األحيـان علـى )6(كما يفوق الزمه الزم هذا مضارعه اليت تتراوح بني الضمة و الكسرة إشكالية شغلت بال اللغويني ، و يطرح ضبط حركة )7(احلركة و النشاط

طفت يف عليا قيس و متيم مدة طويلة ، أسأل عـن هـذا «: منذ القدم ، فقد روي عن أيب زيد األنصاري أنه قال ياسـا ، الباب صغريهم و كبريهم ألعرف ما كان فيه بالضم أوىل و ما كان منه بالكسر أوىل ، فلم أجـد لـذلك ق

.)8(»و إمنا يتكلم به كل امرئ منهم على ما يستحسن و يستخف ال على غري ذلك و كان من االنشغاالت اليت طرحها اللغويون و النحاة هو كيفية ضبط حركة مضارع األفعال اليت على هذا النمط

ها جائزان ، سواء يف ذلك أن يكونـا مما مل يرد فيها السماع ، فذهب ابن عصفور إىل أن كسر عني املضارعة و ضم ، و على هذا الرأي استقر ابن درستويه فيمـا يرويـه عنـه الـسيوطي ، )9(سمعا يف الفعل أو مل يسمع إال أحدمها

و ألن هذا احلرف ال يتغري لفظه و ال خطه بتغيري حركتـه ... أن الضمة أخت الكسرة يف الثقل «: ذلك ب لو عل ، و أن ما جاء بالضم فدخيل عليه ، و من هنا " فعل " أما ابن جين فجعل من كسر العني املضارع أصال ل ، )10(»

.)11(»" يفعل " ب " فعل " القياس أن يستبد « جاز له القول بأن

376 / 1اخلصائص ) )1( 188 / 1املنصف )2( 100امل يف العربية النظامية ص ) )3( 87 ص التصريف العريب )4( 100امل يف اللغة العربية ص )5( 104 / 4الكتاب )6( 89التصريف العريب ص )7( 207 / 1املزهر يف اللغة ـ السيوطي )8( 121املمتع يف التصريف ص )9( 207 / 1املزهر )10( 187 / 1املنصف )11(

137

يما يعرض و الفرق بني رأي ابن جين من جهة و بني رأي أيب زيد األنصاري و درستويه أن األول حيكم القياس ف له من شؤون اللغة ، و يعتمد املنطق حلل ما يشكل من مسائلها بعيدا عن الواقع ، أما أبو زيد و درستويه فيحتكمان

و يتضح لنا التباين بني و جهيت النظر هـاتني . إىل االستعمال الفعلي للغة ، و يعوالن على السماع للبت يف قضاياها يف الـالزم أقـيس مـن بنـاء " فعل " الذي ماضيه " يفعل " دائما من أن بناء فيما ارتآه ابن جين متوسال القياس

الالزم الذي يأيت مضارعه كما نعرف مـضموم العـني ، " فعل " على " فعل " ، و واضح أنه حيمل هنا )1("يفعل" مدت اإلحصاء أظهرت أن الواقع على خالف و لكن الدراسة التطبيقية على أفعال العربية الفصحى الثالثية و اليت اعت

إن هذا يتناىف و الواقع اللغوي ، إذ «: قياس ابن جين ، يقول صاحب هذه الدراسة معلقا على زعم فيلسوف النحاة .)2(»نرى أن الضم يفوق الكسر

ا كيفية التعـرف علـى و ال خنتم مع األفعال الثالثية قبل أن نتعرض إىل بعض احلاالت اخلاصة من األفعال ، أوهل حركة عني املاضي و املضارع من الفعل األجوف ، فنقول يف اثر ابن جين أن ما كان منها مضموم الفاء يف املاضـي

"فعل" يقوم ، يروم ، يعود ، فهذا من : قمت ، رمت ، عدت ، و مضارعه بالواو أي : املسند إىل تاء املتكلم ، مثل : و أما ما كانت فاء ماضيه املسند إىل تاء املتكلم مكسورة ، و عينه يف املضارع ياء مثـل ،" يفعل " الذي مضارعه

عاف يعاف، كاد : ، و أما األفعال من شاكلة " يفعل " الذي مضارعه " فعل " بعت أبيع ، عشت أعيش ، فهو من .)3("فعل يفعل " فعلى ،يكاد

ة مع األفعال املضعفة ، و جوام أن ما كان من هذه األفعـال متعـديا فـإن و انشغل النحاة حبل املسألة السابق ، )4(حنو رد يرد " يفعل " فر يفر ، و ما كان منها الزما فإن مضارعه على صيغة : حنو " يفعل " مضارعه على صيغة

املضارع ، قد نقلـت إىل و الذي محلهم على هذا هو اعتقادهم بأن احلركة من احلرف املشدد األول الذي هو عني إىل فاء الفعل ، حىت يتحقق اإلدغام الذي من شروطه عندهم سكون احلرف األول ، على : احلرف الساكن قبلها أي

سقوط حركة العـني يف املـضاعف يـؤدي «أن اجتهاد النحاة هذا وجد من يعترض عليه ، فقد رأى البكوش أن ني شدد و فرر متييزا قياسيا نظريـا ، ال يعتمـد الواقـع اللغـوي الظـاهر إمهال نوعها ، و جيعل متييز النحاة ب إلى

)5(»و االستعمال اللغوي الشائع ال تطرح األفعال الرباعية فما فوق أي إشكال يف تعرف حركة مضارعها ، حيث ختضع لالطراد ، فالرباعي يأيت

ل اآلخر، و يف اخلماسي و السداسي بفتح حرف املضارعة و كسر مـا مضارعه بضم حركة املضارعة و كسر ما قب .)6(، فإنه يفتح ما قبل آخره" تفعلل " ، " تفاعل " ، " تفعل " قبل آخره ، ماعدا ما كان منها مبدوء بتاء مزيدة يف

379 / 1اخلصائص )1( 92التصريف العريب ص )2( 238 / 1املنصف )3( 272 / 3 ، مهع اهلوامع ـ السيوطي 120املمتع يف التصريف ـ ابن عصفور ص )4( 101التصريف العريب ص )5( 273 / 3مهع اهلوامع )6(

138

، حيـث ]56: احلجر [ قال و من يقنط : و نشرع اآلن يف اجلانب التطبيقي ، و أول ما نبدأ به قوله تعاىل ، لفتحقرأها أبو عمرو و الكسائي بكسر حركة حرف املضارعة ، و قرأها أهل احلرمني و معهم عاصم و محـزة بـا

و يستفاد من كالم أيب جعفر أن أبا عبيد حكم بصحة القراءة األوىل ، بينما طعن يف القراءة الثانية ، ألنه ظـن أـا اليت قرأ ا األشهب العقيلي ، و الصواب عنـد صـاحبنا هـو أن )1( أنكر فعل يفعل جاءت على فعل يفعل ، كما

قنط الذي مضارعه إما بكسر العني أو : القراءتني اللتني خطأمها أبو عبيد صحيحتان ، و يكون للفعل قنط بناءان مها ص عليه ابن جين من وجوه البنـاء ، و مما يدعم موقف أيب جعفر ما ن )2(ضمها ، و قنط الذي مضارعه مفتوح العني

، و كذا ما أثبته ابن الـسكيت )3(قنط يقنط ، قنط يقنط ، قنط يقنط ، و كذا قنط يقنط : يف هذا الفعل حيث أورد و اعترب املهدوي أن القراءة بكسر عني املضارع أقيس ، و حجته ، )4(»قد قنط يقنط و يقنط و قنط يقنط : يقال «

ل قراءة من قـرأ من سورة الشورة ، و تأو 28لك أن القراء املشهورين أمجعوا على فتح عني املاضي منه يف اآلية يف ذ يقـنط الـذي ماضـيه : بفتح عني املضارع على أنه مجع بني املاضي من قنط الذي مضارعه يقنط ، و بني املضارع

)6(عل قنط مل ينكره اللغويون ، و إىل هذا فقد قرأه غري واحـد ، و ال خيلو هذا التأول من التكلف ، إذ أن الف )5(قنطقبلـها ، ) القانطني (بكسر العني يف اآلية املذكورة أعاله ، واستجاد العكربي قراءة الكسر بسبب ورود اسم الفاعل

ا يذكرنا مبا ذهـب ، و جند يف رأي ابن خالويه م )7("قنط " فهو يرى أنه لو كان الفعل من قنط ، لكان املشتق منه إليه أبو عبيد ، فهو مثله استصوب القراءة بالكسر ، ألن املاضي حبسبه مفتوح العني ، و من مث مل جيز يف مضارعه إال

على فتح النون يف قراءة اآلية الوحيدة اليت تـضمنت صـيغة مجاع القراء كسر العني أو ضمها ، و حيتج لرأيه هذا بإ و خيلص مما سبق إىل أن القراءة بالكسر تحمل علـى ، ]28: الشورة [ عد ما قنطوا من ب املاضي من هذا الفعل

، و مل يقطع الفارسي بـرأي لـصاحل إحـدى )8(، أو يكون حكمها الشذوذ " قنط " إما تقدير الفعل : أحد أمرين مل على الدهشة و العجـب ، القراءتني ، و شاب احتجاجه هلما الشيء الكثري من اخللل و االضطراب ، و هو أمر حي

فقد استدل على صحة قراءة الفتح بإمجاع القراء السبعة على قراءة املاضي بفتح النون من اآلية الـيت مـرت بنـا ، و املاضي املفتوح العني يقابله يف قياس النحاة ـ كما نعرف ـ املضارع املكسور العني ، لذا كانت حجته واهيـة ،

ة الكسر فيقوم على أن يقنط لغة ، فمن هنا كان املضارع املكسور العـني ـ وفـق تعـبريه ـ أما احتجاجه لقراء و لعله كان يفترض به أن يقول أن املاضي املفتوح العني أكثر، ألن له يف املضارع صيغتني خمتلفتني ، فيمـا ،)9(أكثر

.فعل يفعل ، و نرى أن هذا تصحيف ، و الصواب الذي ميليه السياق هو ما أثبتناه : ورد يف النص )1( 68 / 2إعراب القرآن )2( 5 / 2احملتسب )3( 213 / 1 ـ 4أمحد حممد شاكر ، عبد السالم حممد هارون ـ دار املعارف ـ ط: أبن السكيت ، تح : إصالح املنطق )4( 376 / 1شرح اهلداية )5( 329 / 8قرأ بكسر عني الفعل األعمش و ابن وثاب و أبو رجاء العطاردي و الدوري عن أيب عمرو ، أنظر معجم القراءات )6( 785عراب القرآن التبيان يف إ)7( / 1م ـ 1992 ـ 1عبد الرمحن بن سليمان العثيمني ـ مكتبة اخلاجني ـ ط : احلسني بن أمحد بن خالويه ، تح : إعراب القراءات السبع و عللها )8(

346 47 / 5احلجة للقراء السبعة )9(

139

صادفه عند إبراهيم أنيس الـذي يعتقـد أن و لعل الرأي األقرب إىل احلق ن . املاضي املكسور العني له صيغة وحيدة كانت فيه صيغة الفعل بكسر العني أسبق إىل ،األفعال اليت تروى حينا بكسر العني و حينا بفتحها تعكس تطورا لغويا

. )1(صارت مفتوحة العني" االنسجام احلركي " الظهور، مث نتيجة لقانون القراء حلركة عني املضارعة و كان لصاحبنا أيب جعفر موقف منـه ، و ننتقل إىل موضع آخر تباينت فيه قراءات

، فيما قرأ ]31: الرمحن [ سيفرغ لكم فقد قرأ طلحة بن مصرف و حيي بن وثاب و األعمش و محزة و الكسائي عد ذلك ، و بدأ صاحبنا كما هي عادته بعرض قول أيب عبيد ، و من ب سنفرغ لكم عبد الرمحن األعرج و قتادة

وجه له سهام نقده ، فقد ذكر الرجل أن فرغ يفرغ هلجة أهل احلجاز و امة ، و أن هلجة سكان جند هـي فـرغ غري أنه مل يصل إىل علمه أن أحد القراء قرأ ا ، و يرد أبو جعفر على زعم أيب عبيد األخري ما مفاده أن هناك ،يفرغ

ض تصوره عن القراءتني ، فاألوىل منهما جاءت على األصـل ، و يقـصد من قرأ وفق هلجة جند ، و من مث راح يعر مبا أنه مفتوح العني فمضارعه قياسا إما بكسر عني املضارعة أو ضمها ، و مبا أن املضارع يف " فرغ " بذلك أن الفعل

الثانية فأرجع فيها فتح عني احلالة اليت حنن بصددها قد جاء مضموم العني ، فإنه قد لزم أصله فلم يتعداه ، أما القراءة الغني حرف من حروف احللق ، و هذه احلروف يكثر فيها فتح حرف املضارعة مثل : املضارعة إىل أن الم الفعل أي

ذهب يذهب ، كما حيتمل مضارعها يف حاالت أخرى فتح العني أو حتريكها بالضمة أو الكسرة ، علـى أن هنـاك اعدة ، فلم تتحرك عني مضارعها بالفتح يف جوار حرف احللق ، مثـل حنـت طرفا من األفعال احنرفت عن هذه الق

.)2(ينحت هذه احلالة تعرض أمامنا يف وضوح ال مزيد عليه القانون الذي مبوجبه يكون للحروف اللهوية و احللقية تـأثري إن

تجة متيم ، و إذا كانت شـاهدا على احلركات القريبة منها يف اللهجات العربية ، و خصوصا منها هلجة احلجاز و هل ،النحاة بدء بسيبويه تشدد على أن فتح حركة عني املضارعة يف جوار حروف احللق ظاهرة ملحوظة يف هلجـة متـيم

فإا ال ختربنا يف املقابل عما إذا كان هلذه احلروف يف اللهجة احلجازية تـأثري مـا علـى احلركـات القـصرية ، يف احلالة اليت بني يدينا دليال يقودنا إىل اإلجابة على هذا االنشغال ، فأبو حيان يؤكد ما سـبق و أن واجدون و لعلنا

، و ذهـب )3(ذكره أبو عبيد من أن القراءة بضم عني املضارعة هلجة احلجاز و أن القراءة بفتح النون على هلجة متيم قرآن ، فعلى هذا يكون هناك تطابق يف هذه النقطـة مكي بن أيب طالب إىل أن ضم حركة حرف املضارعة هي لغة ال

مبجاورة الصوامت «" رابني " ، فهل جيوز لنا من هذه املعطيات أن نقرر كما فعل )4(بني لغة القرآن و هلجة احلجاز هـل ؟ و )5(»اللهوية و احللقية جند يف اللهجات الشرقية الفتحة ، يف الوقت الذي جند فيها الضمة يف هلجة احلجـاز

منضي أبعد فنقول أن الذين مجعوا مفردات اللغة أعوزم املنهج السليم ، فاقتطعوا لنا طرفا من املفردات على حـسب

60يف اللهجات العربية ص )1( 194 / 3إعراب القرآن )2( 192 / 8يط البحر احمل )3( 302 / 2الكشف )4( 201اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية ص )5(

140

منطوق سكان شرق اجلزيرة ، و طرفا آخر على وفق منطوق سكان غرب اجلزيرة ؟ و هل يصح لنـا القـول بـأن جاز كانوا ينطقون مضارعه مضموم العني ؟ من الصعب نقل لنا من التربة التميمية ، و أن أهل احل " ذهب " مضارع

ـ من أن النحـاة " رابني " احلكم بالنفي أو باإلثبات ، بيد أنه ال يفوتنا أن نعرب عن اندهاشنا ـ إذا ما صح قول جة متيم كان سيجعل و اللغويني العرب مل ينتبهوا هلذه الظاهرة و مل ينصوا عليها ، خصوصا أن إدراكهم ملقابلها يف هل

.من مالحظتهم هلا ـ لو وجدت ـ أمرا ميسورا بني كـسر حـرف املـضارعة ]137: األعراف [ و ما كانوا يعرشون واختلف قراءة القراء يف قوله تعاىل

ن عامر و أبو بكر و كان للكسر النصيب األوىف ، حيث قرأبه ستة من القراء السبعة ، و مل يقرأ بالضم إال اب ،و ضمه ، و رأى أبو جعفر أن الفعل بالضم على الفصيح من كالم العرب ، أما القراءة بالكسر فأورد فيها قول )1(عن عاصم

، و يثري توجيه القراءتني بعض القضايا يأيت يف مقدمتها التضارب يف عـزو صـيغيت )2(الكسائي بأا على هلجة متيم عرب ، و قد رأينا كيف نسب الكسائي كسر عني املضارع إىل متيم ، بيد أننا جند أبـا املضارع إىل الناطقني ا من ال

، )3(حيان ينسب ، يف تعارض تام مع ما سبق ، لغة الكسر إىل احلجاز ، و ينقل حكم اليزيدي يف أا اللغة الفصحى ن أمرنا ، فال نعرف بـأي القـولني ، و هو ما يضعنا يف حرية م )4(و مال الطربي إىل الكسر ، و اعتربه أصح اللغتني

فانتهزها فرصة لطرح ابن خالويه و الطربي قبله ، و أما )5(نأخذ ، و اكتف البعض بالقول إما لغتان كما فعل مكي من ، قاصدا )6( ما عدا استثناءات قليلة الكسر و الضم مجيعا جواز حيث أقر ، " فعل " قضية بناء املضارع من ماضي

صدى عند بعض احملدثني ، منهم أمحد خمتار عمر الذي دعا ابن خالويه حكمسري دون شك ، و قد وجد إىل التيهذا ، و فيمـا سـبق قـضية )7(» تعميم الكسر و الضم يف كل فعل صحيح باستثناء ما كان حلقي العني أو الالم «إىل

فصحى ، و قد رأينا كيف خلع البعض أخرى هي مدى وعي و حتسس اللغويني العرب القدماء للفرق بني اللهجة و ال صفة الفصحى على كسر عني املضارع فيما مال البعض اآلخر إىل خلعها على املضارع املضموم العني ، و أما نعـت بعضهم للصيغتني بأما لغـتان ، فال يسمح السياق بالتعرف على مدلوهلا على وجه اليقني ، إذ حتتمـل أن تكـون

. ل أن تكون صيغتني خمتلفتني فصيحتني مبعىن هلجتني ، كما حتتم

145 / 3معجم القراءات )1( 437 / 1إعراب القرآن )2( 376 / 4البحر احمليط )3( 137 / 12تفسري الطربي )4( 475 / 1الكشف )5( 204 / 1 إعراب القراءات السبع و عللها )6( 183ص م ـ 2001 ـ 1أمحد خمتار عمر ـ عامل الكتب ـ ط : ت لغوية يف القرآن الكرمي و قراءاتهدراسا )7(

141

االختالف بني املصدر و بني اسم املصدر

يرتبط املصدر بالفعل من حيث بنائه و داللته ، فهو يشتمل على حروف الفعل املشتق معه من نفس املادة اللغوية ، احلروف و احلركات ، كما هو األمر يف بعض حاالت املصدر الثالثي الذي على زنـة و يف بعض األحيان يطابقه يف

، أما من حيث الداللة فقد أشار النحـاة إىل أن نقطـة )1(اليت مياثل فيها املصدر فعله " سرق " ، من ذلك " فعل " ز عن املصدر بداللته على الزمن ، على التقاطع بني املصدر و الفعل هي االشتمال على معىن احلدث ، و أن الفعل يتمي

أن القول خبلو املصدر من الزمن مل يعدم من يعترض عليه ، فقد ذهب أحد الباحثني احملدثني إىل أن املصدر يندرج مع .)2(الفعل ضمن املواقيت ، و أن االختالف بينهما يكمن بالضبط يف أن الفعل حمدود املدة فيما املصدر ممتد يف الزمان

رأينا يف دراستنا للفعل من حيث التجرد و الزيادة أن ما كان من األفعال ثالثيا فمصدره السماع عـن العـرب ، و أن الرباعي ارد و املزيد منه و كذا املزيد على الثالثي خيضع لقواعد مطردة ، و الظاهر أن ما يصح على الفعـل

.ع و القياس يصح بدوره على املصدر ، فهو أيضا يتجاذبه السما : مصدر الثالثي ارد

يتفرع الثالثي ارد إىل قياسي و مساعي ، هذا مذهب أكثر النحاة ، و عليه كان سيبويه و األخفش ، بيد أن هذا الرأي وجد من خيالفه من القدماء و احملدثني ، فابن جودي كما نقل عنه أبو حيان كان يذهب إىل أن الفعل الثالثـي

: ، و إىل هذا مال من احملدثني ديزيرة سـقال حيـث قـال )3(فعل ، فعل ، فعل ال يأيت إال مساعا : نه الثالثة بأوزا ، و قريب منه ما انتحاه عباس حسن الذي أعطى األفـضلية يف )4(» مصادر الثالثي مساعية أصال ، تعرف بالقراءة «

األساس األول يف معرفة مصادر الثالثي و إدراك صيغها املختلفة «: ع ، قال معرفة أوزان املصدر الفعل الثالثي للسما .)5(»إمنا هو االطالع على النصوص اللغوية و كثرة قراءا

، بيد أنه يتوجب )6("فعل " مجع سيبويه أبنية األفعال الثالثية بفتح العني و كسرها و ضمها على مصدر واحد هو جل ، فهو ال يقرر ما هو واقع بالفعل ، إذ لو كان قصد ذلك لكان ينـاقض نفـسه بـشكل علينا فهم مقصود الر

مفضوح ، فهو قد ساق ، فيما تبع عبارته هذه ، أبنية عديدة لألفعال الثالثية خمالفة للوزن الذي ذكره، فما يقـصده :لعبارة حني قـال بعـدها بـصفحات أصل يف أبنية املصادر الثالثية ، و هو ما أورده بصريح ا " فعل " هو أن بناء

الطوفان ، و الدوران ، و اجلوالن ، شبهوا هذا حيـث كـان : و قد جاءوا بالفعالن يف أشياء تقاربت ، و ذلك « اجلول و الغلي فجاءوا : و قد قالوا . و تصرفا بالغليان و الغثيان ، ألن الغليان أيضا تقلب ما يف القدر و تصرفه تقلبا

1998 / 22لسان العرب )1( 119امل يف اللغة العربية النظامية ص )2( 491ارتشاف الضرب ص )3( 183الصرف و علم األصوات ص )4( 193 / 3ـ ص ) د ت ( ـ 3عباس حسن ـ دار املعارف ـ ط : النحو الوايف )5( 5 / 4الكتاب )6(

142

، و حيق لنا أن نسأل عن السبب الذي حدى بسيبويه إىل اختاذ هذه الصيغة أصـال لبنـاء املـصدر )1(»صل على األ الثالثي ، إن اجلواب يف رأينا يكمن يف كثرة األفعال اليت جاءت على هذا البناء ، كما أن القرابة بني هذا البناء و بناء

أن سيبويه مل جيعل من هذا البناء مطردا فيما مسع عن العرب ومل على. األفعال الثالثية قد أخذ يف احلسبان دون شك فعل " املتعديني يقاس على " فعل " و " فعل " على خالف الفراء الذي كان أكثر جرأة حني رأى أن مصدر ،يسمع

ـ " اء الـسماع مبـا يف حالة ما إذا مل يسمع املصدر عن العرب ، و أكثر من ذلك نادى باعتماد هذا الوزن و إن ج .)2(يخالفه

خجل خجال ، طمـع طمعـا ، : ، مثل " فعل " و كان الزما ، اطرد له بناء " فعل " إذا كان الفعل على وزن يستوي يف ذلك أن يكون صحيحا أو معتال مثل وجل وجال جوي جوى ، عمي عمى ، أو مضاعفا مثل شل شلال ،

.)3( األلوان و العيوب فتضم فاء املطرد منهو يستثىن من هذا ما دل على عدل عدوال ، و املضاعف سر سـرورا ، : ، مثال الصحيح " فعول " الزما فمصدره على وزن " فعل" إذا كان

م من هـذا و املعتل ورد ورودا ، هار هؤورا ، غفا غفوا ، و نقل أبو حيان أن ابن احلاج يرى بأن املعتل العني أو الال فإذا كان الفعل داال على داء فمـصدره علـى . )4("فعال " و " فعل " البناء قليل لثقله ، و أم يفضلون عليه بناء

، فـإن )5(دب دبيبا ، رحل رحيال : مثل " فعيل " زكام ، سعال ، وإذا دل على سري فمصدره على : حنو " فعال " فيضان ، غليان ، دوران ، جوالن ، فإن أفاد التـأيب كـان : حنو )6("فعالن " مصدره على أفاد الفعل معىن التقلب ف

فعالة " احلران و اهلياج ، فإن كان للحرفة و ما هو قريب منها كالوالية فعلى وزن : حنو " فعال " مصدره على وزن .)7(خياطة ، سياقة ، وزارة: حنو "

، )8(، الذي يدل غالبا على املعاين الثابتـة " فعولة " فمصدره القياسي على وزن " ل فع" إذا كان الفعل على وزن لطف لطافـة ، ظـرف : ، حنو " فعالة " سهل سهولة ، صعب صعوبة ، رطب رطوبة ، كما يأيت على وزن : حنو

.)9(ظرافة ، رهف رهافةمادة املصادر الثالثية ، غري أنه علينا االعتراف بأا ليست هذه هي األوزان اليت اجتهد النحاة يف استخالصها من

جامعة مانعة ، فاالستثناءات فيها كثرية ، و قد أحس بعض املنشغلني بقضايا العربية مبا يشكله هذا التلون الشديد فيها موس للوقوف على زنـة من صعوبة يف تعلم اللغة ، حبيث أن املتمرس مبيداا يضطر أحيانا إىل التماس العون من القا

15املصدر السابق )1( 460 / 2ـ ) د ط ، د ت ( طه عبد الرزاق سعد ـ املكتبة التوفيقية ـ : على شرح األمشوين ، تح حاشية الصبان )2( 282 / 2 مهع اهلوامع )3( 491ارتشاف الضرب من كالم العرب ص )4( 461 / 2حاشية الصبان )5( 125 / 3شرح ابن عقيل )6( 493 / 3شرح التسهيل ـ ابن مالك )7( 489ارتشاف الضرب ص )8( 283 / 2مهع اهلوامع )9(

143

املصدر املطلوب ، فدعوا إىل التيسري ، و ذلك بإخضاع هذه األبنية للقياس ، و هي دعوة تتوافق يف بعض جوانبها مع موقف بعض األسالف من النحاة ، يأيت على رأسهم الفراء الذي كنا أتينا على عرض وجهة نظره ، و قد لقي موقف

وهو رأي سديد ، فيه رفق و حكمة ، و مسايرة واضحة لطبـائع «: س حسن فقال الفراء هذا تأييدا مطلقا عند عبا األشياء ، و ليس فيه ما يسيء للغة ، أو يسد املسالك أمام الراغبني فيها ، املقبلني على اصطناعها ، و إعالء شـأا ،

.)1(»و هلذا جيب األخذ به ، و لعل در الثالثي إىل نتائج جديرة بأن نستعرضها و ننتفع ا و قد توصل بعض الباحثني من دراستهم ألبنية مصا

أهم ما توصلوا إليه هو أن هذه الوفرة يف األبنية تفرعت على أبنية أصلية حمدودة العدد بأساليب معينة ، نذكر من هذه " فعيـل " و صيغة ،" عل ف" نشأت عن مد الضمة قي صيغة " فعول " األساليب متديد احلركات القصرية ، فصيغة

، و منـها " فعـل " نشأت عن مطل الفتحة يف صيغة " فعال " ، و صيغة " فعل " نشأت عن مد الكسرة يف صيغة " فاعلـة " و ،" فعل " من " فعلة " ، و " فعل " من " فعلة " التضعيف أو مد احلرف الصامت كما يف الصيغ التالية

،"فعل" من " فعل " ، و يف " فعل " من " فعل " إسقاط احلركة يف و منها " فعل " من " لة فاعو" ، و " فعل " من ، و هذا اإلسقاط أدى إىل تعديل يف عدد املقاطع ، فبعد أن كانت ثالثة أصبحت اثـنني . " فعل " من " عل ف" و يف

الصيغ ثالثية املقطع ، ملا يف األوىل من اقتـصاد يف اجلهـد و ال يبعد أن تكون الصيغ الثنائية املقطع قد تطورت عن أو الواحق مثل " مفعل " تفعال " العضلي ، و من وسائل التنويع يف األبنية األحرف املزيدة اليت تكون إما سوابق مثل

أوالمها أن وزن بعض ، و خنتم مبالحظتني " مفعلة " ، و قد جيتمعان معا كما يف " فعولة " و " فعالة " تاء التأنيث يف ، و ثانيهما أن العديد من هـذه األبنيـة " فعلوت " و " فعلوتى " و )2("فعال " هذه املصادر غري عريب أصيل مثل

فاأللفاظ اليت جاءت على مثاله تعد على األصابع ، و من الواضح أن العربية احلديثة قد ختلت عن الكثري مـن ،عقيم . ية للذوق السليم ، و اليت ميكن االستعاضة عنها بأبنية أكثر يسرا و أوسع تداوال أبنية املصادر املناف

:مصدر غري الثالثي يغلب على مصادر غري الثالثي القياس ، و ذلك يئها على أوزان مطردة ، و سنقدم هذه األوزان مـرتبني إياهـا

.للثالثي و ما كان رباعيا و مزيدا منه حبسب عدد حروفها ، ال على الفصل بني ما كان مزيدا : مصدرالفعل الرباعي

" فعـال " و" فعال " مصدره على وزن تفعيل حنو سدد تسديد ، كما يأيت على وزن " فعل " الفعل على وزن ـ علية ، فإن على ت : فإن كان الفعل معتل الالم حذفت ياء املصدر وعوضت بتاء يف آخره حنو . كذاب ، كذاب : حنو

.)3(أكثر ، و الوزن األخري"تفعلة " أو "تفعيل"كان مهموزا جاز أن يأيت املصدر على وزن

191 / 3النحو الوايف )1(د أثاروا قضية أن تكون دخيلة على العربية من لغة النبط ، و يف هذا داللة على أن اللغويني القدماء ق" كذاب " أن أبا عبيد أنكر أن تكون ذكر السيوطي)2(

288بعض األبنية غري عربية ، أنظر اإلتقان يف علوم القرآن ص 199 / 3 نفسهاملصدر )3(

144

العني ، حـذفت يف أحسن إحسان ، فإن كان معتل : حنو " إفعال " مصدره على وزن " أفعل " الفعل على وزن ـ .)1(املصدر وقام مقامها تاء التأنيث يف آخره حنو أفاد إفادة

و كذلك مـا . رج رجة : أي الرباعي ارد مصدره على وزن فعلل يف األكثر حنو " فعلل " فعل على وزن ال ـ )2("فوعل " و " فيعل " كان على وزن

.نازل نزال و منازلة : و الثاين أكثر، حنو " مفاعلة " و " فعال " مصدره على وزن " فاعل " الفعل على وزن ـ :ماسي مصدر الفعل اخل

:يصاغ منه املصدر بكسر ثالثه و زيادة ألف قبل آخره ، حنو " افتعل " أو " انفعل " الفعل املبدوء مزة وصل حنو ـ .)3(انتصر انتصار ، استمع استماع

:)4( الفعل املبدوء بتاء زائدة يكون مصدره بضم احلرف الرابع منه ، و يأيت على عشرة أوزانـ .سيد تسيد ت: تفــعل

.تشارك تشارك : تفاعل .تغلغل تغلغل : تفـعلل

.تشيطن تشيطن : تفيعل .متوج متوج : متفعل

.جتورب جتورب : تفوعل .تقلنس تقلنس : تفــنل

.ترهوك ترهوك : تفعول .تعجرف تعجرف : تفعلت .تسلقى تسلقيا : تفعلى

: مصدر الفعل السداسي استبشر استيشار ، : لى وزن استفعل يبىن منه املصدر بكسر ثالثه و زيادة ألف قبل آخره ، حنو ـ الفعل السداسي ع

اسـتعاد : فإذا كان معتل العني ، حذفت عينه و نقلت حركتها إىل احلرف قبلها ، و زيد يف آخره تاء التانيث حنـو .)5(استعادة

:اسم املصدر

497ارتشاف الضرب ص )1( 201 / 3النحو الوايف )2( 130 / 3شرح ابن عقيل )3( 203 / 3النحو الوايف )4( 202 / 3املصدر السابق )5(

145

اقني خمتلفني ، أما أوهلما فيتعلق ببنية املصدر ، حيث لوحظ أن بعض يرد اسم املصدر يف أمهات كتب النحو ضمن سي األمساء الدالة على معىن احلدث ارد ال تقابلها أفعال ميكن القول أا مشتقة منها ، و كان سيبويه أول من أشـار إىل

اإلشارات ما يدل على ، فقد أورد من " اسم املصدر " هذا يف غري موضع من كتابه ، و هو و إن مل يستعمل مصطلح ما حلق من بنات الثالثة «: وعيه هلذا الضرب من األمساء و على ما بينه و بني املصدر من فروق ، ولنستمع إليه يقول

ـ أي الفعل الثالثي ـ ببنات األربعة ، فإن مصدره جييء على مثال اسـتفعلت ، و ذلـك احرجنمـت احرجنامـا لطمانينة و القشعريرة ليس واحد منها مبصدر على اطمأننت و اقشعررت ، كما أن النبـات و اطنأننت اطمئنانا ، و ا ، و هذا التمييز الذي أقامه سيبويه يف عبارته املاضية خيتلف يف اعتقادنا عن متييـز آخـر )1(»ليس مبصدر على أنبت

« لك عباس حسن اللفظ الدال علـى أقامه الرجل بني املصدر وهو ما دل على املعىن ارد ، أو كما عبر عن ذ و بني اللفظ الدال على شيء حمسوس مما ينتمـي إىل عـامل )2(»املعىن العقلي احملض الذي ال وجود له يف غري الذهن

ممـا جـاء «: األعيان ، و الذي ال خيتلف لفظه عن لفظ املصدر إال يف الشيء اليسر ، يقول سيبويه موضحا الفرق شبعت شبعا ، و هذا شبع : أصاب شبعة ، و هذا شبعه إمنا يريد قدر ما يشبعه ، و تقول : ملعىن قوهلم خمالفا للمصدر

. )3(»مألت السقاء ملئا شديدا ، و هو ملء هذا ، أي قدر ما ميأل هذا : و تقول ...فاحش ، إمنا تريد الفعل حو وعلى اخلصوص باب املفعول املطلق ، حيث يتفق أن تأيت أما السياق الثاين لورود اسم املصدر فيتعلق مبيدان الن

استمعت إليه يتحدث مساعا طويال ، : عبارات خيتلف فيها الفعل عن املصدر من حيث عدد احلروف أو الوزن ، حنو ة يطلقـون رجع زيد القهقرى ، و يف هذه احلالة فإن النحـا : أو يباينه يف اللفظ فال يتعلق به إال من قبل املعىن ، حنو

".اسم املصدر " على هذا اللفظ ، فالفاكهي اكتفى يف تعريفه من حيث التوفيق حاول النحاة أن يقدموا تعريفا السم املصدر ، و تراوحت حماوالم

مما هو مبـدوء « و أسفلها عبارة ال نراها اشتملت على حد جامع » أظلوم إن مصابكم رجال «بتقدمي مثال وحيد ، و ينقل لنا السيوطي يف األشباه و النظائر رأيني يف الفرق بني املصدر و امسه ، أما أوهلما )4(» لغري املفاعلة مبيم زائدة

فنسبه لبهاء الدين بن النحاس و فحواه أن املصدر هو اللفظ الدال على املعىن القائم يف النفس ، أما اسم املصدر فهـو ن التهافت اجللي ما يغنينا عن إطالة الوقوف معه ، و أما الرأي الثاين فـأكثر املعىن ذاته ال اللفظ ، و يف هذا القول م

إقناعا ، و أشد قربا من االستعمال االصطالحي للمفهومني ، صدر عن ابن احلاجب ، و مضمونه هو أن املصدر مـا د وجه االسترباذي نقدا ، و ق )5("املصدر الذي له فعل جيري عليه " كان له فعل مستمد منه ، و عبارته بالضبط هي

، أما اسم املصدر فهو مثل املصدر من حيث أنه يدل على )6(الغائمة املعامل " جيري " هلذا التعريف ألنه استعمل كلمة مثاال على ذلك ، و أتبع بتصور " القهقرى " معىن ، إال أنه ينقص عنه من جهة افتقاره لفعل مأخوذ منه ، و قدم لفظ

86 ـ 85 / 4الكتاب )1( 187 / 3لنحو الوايف ا )2( .42 / 4الكتاب )3( 178ص م ـ 1993 ـ 2املتويل رمضان أمحد الدمريي ـ مكتبة وهبة ـ ط : عبد اهللا بن أمحد الفاكهي ، تح : شرح احلدود النحوية )4( 430 / 2األشباه و النظائر )5( 399 / 3شرح الكافية )6(

146

ن اسم املصدر و املصدر لفظني متقاربني يف حروفهما ، يدل أوهلما على الفعل أي احلدث ، و يدل ثان للفرق مفاده أ ، على أن استعماله للفظ اآللـة )1(الطهور و الطهور ، األكل و األكل: ثانيهما على اآللة اليت يتحقق ا الفعل ، حنو

ذلك أن سيبويه ذكر أن لفظ احللب له معنيان ، فهو يفيد من يف تعيني اسم املصدر ليس دقيقا يف رأيينا ، و حجتنا يف و إن كان هذا التوجـه . ، و احلليب ليس آلة للفعل هنا ، و إمنا ناتج عنه )2(ناحية احلليب و من ناحية أخرى الفعل

. من ابن احلاجب قريب من احلقيقة ، إذا أخذنا يف اعتبارنا السياقات اليت استعمله النحاة فيها " فاعل " و صدر عن أيب حيان يف معرض حديثه عن أبنية املصادر ، و بالضبط يف سياق حديثه عن مصدر صيغة

، و قال أن من النحاة من يسميها أمساء مصادر ، " فيعال " و " فعال " من أن هناك مصادر شذت عن القياس و هي ، )3(ال املصطلحني مقبوال ما دام حييالن على شيء واحد ومنهم من يسميها مصادر لفعل مل تجرى عليه ، و اعترب ك

و أطلـق . و هذا التعريف السم املصدر عنده ال خيتلف عن ذلك الذي أتى على ذكره ابن احلاجب كمـا رأينـا ، و لسنا نعرف إذا ما كـان ذلـك )4(على ما يسميه النحاة عادة باملصدر امليمي " اسم املصدر " السيوطي مصطلح

.ور الرجل أم تصحيفا عليه حقيقة تص ناقش عباس حسن الفرق بني املصطلحني بتوسع ، و قلب النظر يف األسس اليت ميكن اعتمادهـا يف رسـم احلـد

إن من جهة الشكل ، و إن من جهة املعىن ، و يبدو أنه سلم آخر األمر بأنه من املتعذر التمييـز بـني الفاصل بينهما لباحثني احملققني ينكر وجود قسم مستقل يطلق عليه اسم املصدر ، و حجته ما سـبق بعض ا «: املصطلحني ، يقول

. )5( »هنا ، و أن تعريف املصدر األصيل ينطبق عليه ، و هذا رأي قوي و دفعه عسري و كان لصاحبنا أيب جعفر موقف خاص يف القضية موضوع حديثنا ، فقد قصر مصدر األفعال الثالثية علـى مـا

ذهـب " و " قوم " هو " ذهب " و " قام " ، و أما ما عداه فاسم للمصدر ، وهكذا فإن مصدر " فعل " نه كان وز فهما عنده اسم مصدر ، و ارجـع هـذا " ذهاب " و " قيام : " ، فأما ما يعترب عادة مصدرا للفعلني السالفني أي "

بنا أبو جعفر ، هو أن اسم املرة من الفعلني السابقني هـو التصور إىل اخلليل و سيبويه ، و دليلهما ، كما عرضه صاح .)6(، فلزم عن هذا أن يكون مصدرمها مفتوح الفاء" ذهبة " و " قومة "

ما ميكن قوله يف ختام حديثنا هو أن اسم املصدر من املصطلحات النحوية اليت مل حتض بتعريف دقيـق ، فبقيـت مضطربة ، فهو يف الصرف مبعىن ، و يف النحو مبعىن مغاير ، و هو خيتلف أيضا من حدوده مبهمة ، و صور استعماله

حنوي إىل آخر ، و لعل االختالف بني املصدر و امسه مرده يف جانب منه إىل اختالف هلجات العرب ، فمصدر الفعل ا املنهج املرتبك ، وجـد نطق به يف جهة بصورة معينة و يف جهة أخرى على حنو خمالف ، فلما مجعت اللغة على هذ

.النحاة أنفسهم أمام صيغ خمتلفة للمصدر ، فذهبوا يف تأويلها إىل أن أحدها مصدرا و غريه امسا للمصدر

431 / 2األشباه و النظائر )1( 42 / 4الكتاب )2( 499ارتشاف الضرب ص )3( 286 / 3مهع اهلوامع )4( 210 / 3النحو الوايف )5( 79 / 3إعراب القرآن )6(

147

يف نص أيب جعفـر " املصطلح " ما سبق يسلمنا إىل نتيجة هامة هي ضرورة االنتباه الحتمال تعدد توظيف هذا إناء الدراسة التطبيقية ، إىل ما ميكن أن جيرنا إليه هذا مـن التبـاس و تـشويش يف موضوع حبثنا ، و أخذ احليطة ، أثن

.الرؤية نتعرض فيما يلي إىل أربع حاالت وظف فيها أبو جعفر املصطلحني لتوجيه قراءات خمتلفة األداء للفظ الواحد ،

، آيتك أال تكلم الناس ثالثة أيام إال رمـزا : من سورة آل عمران 41و أول هذه احلاالت قوله تعاىل يف اآلية حيث أورد صاحبنا أن لفظ الرمز قرىء بثالث كيفيات ، بضم الراء و امليم ، و بفتح الراء و امليم ، و بفـتح الـراء

، و ميكن أن نفهم مـن كـالم أيب )1(و سكون امليم ، و رأى أن الصورتني األوليني للفظ اسم ، أما الثالثة فمصدر جعفر أن الصيغة األوىل و الثانية حتيل إىل ما يرمز به أيا كانت صورته ، و أما الصيغة الثالثة فتحيل على فعل الترميـز

ـ لسنا ندري إن كان هذا خطأ من ابـن جـين أم اليت نسبها إىل األعمش " الرمز " ذاته ، و تأول ابن جين قراءة ، و مل يستبعد احتماال آخر ال يبعد كثريا عما تقدم " ظلمة " على شاكلة "رمزة " تصحيفا عليه ـ على أا مجع ل

، مث استحال لفظ اجلمع هذا بفعل اإلتباع إىل الصيغة اليت قـرأ " رمز " و اجلمع " رمزة " به ، و هو أن يكون املفرد التفاصيل الدقيقـة ، عمـا ارتـآه ، و كما هو واضح فال خيتلف ماذهب إليه ابن جين ، إذا أسقطنا ))2ا األعمش

، و أما أبو حيان فذكر )3(صاحبنا أبو جعفر ، و مل يضف العكربي شيء إىل ما قاله ابن جين ، مكتفيا بنسخ تصوره مث " فعـل " ، أو هي مصدر على صيغة " رموز " ، فاألوىل مجع للفظ " رمز " و قراءة " رمز " خترجيات غريه لقراءة

، و مل يثبت أصحاب املعاجم )4(ة الضمة ، أما الثانية فعلى احتمال أن تكون مجعا لرامز مثل خادم وخدم أتبعت الضم مما جيعل مـن . الشاذة ت، فلم تشر مطلقا إىل الصيغ األخرى اليت وردت يف القراءا " رمز " إال لفظ )5(اليت عدنا إليه

.فسه يفرض ن" رمز " احتمال كوا تنويعات هلجية للفظ بالضم من احلاء و هي قراءة اجلمهور ، و قرأ بكسرها قـراءة " حوبا " و يف اآلية الثانية من سورة النساء قرأ لفظ

، وهذا يف تناقض مع أستاذه الزجـاج )6(شاذة ، و ذهب صاحبنا إىل أن اللفظ بفتح أوله مصدر ، و أما بضمه فاسم ، و يبدو أن رئي التلميذ هو الذي أخذ به النحاة و اللغويون )7(ها املصدر الذي اعترب اللفظ بفتح احلاء االسم و بضم

191 / 1إعراب القرآن )1( 162 / 1احملتسب )2( 258التبيان يف إعراب القرآن ص )3( 177 / 2البحر احمليط )4( )د ت ( حممد سيد الكيالين ـ دار املعرفة ـ : ، تح الراغب األصفهاين:ت يف غريب القرآن ، املفردا43 / 9 ، احملكم 1727 / 20لسان العرب )5(

203ص 242 / 1إعراب القرآن )6( 8 / 2معاين القرآن و إعرابه )7(

148

، أما ابـن منظـور )2( ، و تبعهما يف هذا الراغب األصفهاين )1(فالزخمشري و أبوحيان وافقا صاحبنا فيما ذهب إليه . لعله أقرم إىل الصواب ، و)3(فخالف اجلميع ، إذ نسب اللفظ بضم احلاء إىل لغة متيم و بالفتح إىل هلجة احلجاز

بكسر النون و بضمها ، " نسيا " قرأ لفظ و كنت نسيا منسيا : من سورة مرمي 23 و يف قوله تعاىل من اآلية و رأى صاحبنا أن القراءة بالكسر أوىل لسببني أوهلما أن اللفظ بالكسر اسم و بالفتح مـصدر ، و االسـم أنـسب

، و سـوى الفـراء بـني الـصيغتني ، )4(هما أن املصدر من الفعل نسى إمنا هو النسيان للسياق من املصدر ، و ثاني حيـث " مكـي " ، و إىل هذا مال )5(و عدمها تنويعا لنفس اللفظ ، على شاكلة اجلسر و اجلسر ، و الوتر و الوتر

بأنه يعدمها امسا ال مصدرا ، و مل حيسم الفارسي ، و هو ما يفيد )6(اقتصر على القول بأما لغتان مبعىن الشيء احلقري أمره يف تقدير اللفظني ، فتأرجح بني أن يعد املفتوح منهما مصدرا و املضموم امسا ، و بني عدمها هلجـتني خمتلفـتني

، أما ابن زجنلة فاستقر على أن مفتوح النون مصدرا و مكـسورها )7(مبرتلة الشرب و الشرب و الضعف و الضعف ، و خـالف )9( ، و مل يستبعد الزخمشري ، بعد أن أورد رأي الفراء ، من أن يكون النسي امسـا للمـصدر )8(السما

، )10(الراغب األصفهاين من تقدم ذكرهم ، إذ ذهب إىل أن املصدر ما كان بكسر النون ، و أما مفتوحها فهو االسم ، فال تـصح ، بعني االعتبار باجتاه أن يكون النسي امسا يدفع ، الذي و يظهر مما سبق أن أيب جعفر قد أخذ السياق

العبارة باعتبار اللفظ مصدرا إال بتقدير احلذف ، و ال يبعد أن يكون هذا العامل هو الذي محل الزخمشري علـى مـا هـذا مصدرا ال تبدو لنا موفقة ، و " النسي " على أن حجة صاحبنا الثانية من نفي أن يكون . ذهب إليه من تقدير

" .فعل " يتعارض مع ما نص عليه من أن األصل يف مصادر الثالثي يكون على وزن حيث قـرئ محلته أمه كرها و وضعته كرها : من سورة األحقاف 15و مما اختلف فيه القراء ما جاء يف اآلية

،لفظ يكون مبعىن الغضب و القهر بضم الكاف و فتحها ، و اعترض أبو حامت على قراءة الفتح ، ألن ال " كرها " لفظ : النـساء [ ال حيل لكم أن ترثوا النساء كرهـا :و احتج لقراءة من ضم بإمجاع القراء على الضم يف قوله تعاىل

هلجتان مبعىن واحد ، و يتجاوز هذا حني يـورد قـول " الكره " و " الكره " و الصواب عند صاحبنا هو أن ، ]19 أوىل ألنه املصدر ، و يدعم رأي أيب العباس مبا ذهب إليه اخلليل و سيبويه من أن مصدر كل فعل " لكره ا" املربد بأن ، و أيد الفارسي ما ارتآه صاحبنا حني )11(املصدر" الكره " اسم املصدر و " الكره " ، و عليه ف " فعل " ثالثي هو

159 / 3 ، البحر احمليط 14 / 2الكشاف )1( 134املفردات يف غريب القرآن ص )2( 1036 / 13لسان العرب )3( 159 ـ 158 / 2ب القرآن إعرا )4( 164 / 2معاين القرآن )5( 86 / 2الكشف عن وجوه القراءات السبع )6( 184 / 6احلجة للقراء السبعة )7( 441ص م ـ 1997 ـ 5سعيد األفغاين ـ مؤسسة الرسالة ـ ط : عبد الرمحن بن حممد بن زجنلة ، تح : حجة القراءات )8( 14 / 4الكشاف ) )9( 492ردات يف غريب القرآن ص املف )10( 79 / 3إعراب القرآن )11(

149

للمصدر ، و ذكر إىل ذلك ما رآه البعض من أما صيغتني مـن باعتباره اسم " الكره " كمصدر و " الكره " صنف ، و الضعف و الضعف ، و هو يف هذا يكرر ما فعلـه يف توجيـه لفـظ )1(هلجتني خمتلفتني مثل الشرب و الشرب

.)2(احدا، و نظر الزخمشري إىل الصيغتني من منطلق هلجي ، فهما مثل الفقر و الفقر تؤديان معىن و" النسي " من سورة الواقعة ، اليت قرأ فيها لفظ الشرب بفتح الـشني و ضـمها ، 55 و نصل إىل آخر حالة متمثلة يف اآلية

و كان توجيه صاحبنا هلا يكاد يطابق توجيهه للفظ النسي ، فالشرب املصدر و الشرب اسم املصدر ، و هذا الـذي باعتباره امسا ملا يـشرب ، و بـني " الشرب " بني " مكي " ، و مييز )3(جاجقال به أبو جعفر جنده حبذافريه عند الز

فبالفتح املـصدر " الشرب " ، و يقدم العكربي احتمالني يف تقدير الصيغ اليت قرأ ا )4(باعتباره مصدرا " الشرب " ، و قـدر )5(واحد منها مـصدر و بالضم و الكسر اسم له ، كما ميكن أن تكون الصور الثالثة صيغ هلجية ، كل

" الـشرب " ، و جزم أبو حيان بأن )6(الزخمشري صيغيت الفتح و الضم مصدرين فيما صيغة الكسر امسا للمشروب " شـرب " ، و ذكر ابن زجنلـة أن )7(فيحتمل أن يكون مصدرا أو امسا ملا يشرب " الشرب " مصدر قياسي ، و أما

. )8(فظ بالضم و الفتح صيغتني لنفس الل السيوطي ، حيث نص يف باب ذكر ألفاظ اختلفت فيها لغـة من عند النقطة يف هذه و كان ميكن أن يأيت احلسم

، بيد أن )9(مما اختلف فيه الناطقني بلهجة احلجاز عن الناطقني بلهجة متيم " الشرب " احلجاز و لغة متيم على أن لفظ ن معرفة كيفية النطق بكل منهما ، على أن االحتمال قوي يف أن تكون غياب الشكل يف رسم صوريت اللفظ حرمنا م

إحدى الصورتني بالفتح و األخرى بالضم ، و ال تسعفنا القراءات يف توزيع الصورتني على اللهجتني ، فقراء احلجاز . ابن كثري :نافع و أبو جعفر ، و بني من قرأ بالفتح: انقسموا بني من قرأ بالضم

184 / 6احلجة للقراء السبعة )1( 499 / 5الكشاف )2( 113 / 5معاين القرآن و إعرابه )3( 305 / 2الكشف عن و جوه القراءات السبع )4( 1205التبيان يف إعراب القرآن ص )5( 31 / 6الكشاف )6( 209 / 8البحر احمليط )7( 696حجة القراءات ص )8( 277 / 2املزهر يف علوم اللغة )9(

150

االختالف يف املشتق

مما اختصت به اللغات السامية طبيعتها القائمة على توليد األلفاظ عن طريق االشتقاق ، و هذا يف مقالب اللغـات لفاظ اجلديدة ، و قد تفطن اللغويون العرب القدماء إىل هذه اخلاصية يف اآلرية اليت تتخذ من اإللصاق وسيلة خللق األ

لغتهم فتدارسوها ، يف الصرف و النحو و فقه اللغة ، و وصلوا فيها إىل حقائق ال ختلوا مـن وجاهـة ، و إن كـان م يف هذا اـال ، الدرس اللساين احلديث قد رد بعض ما قرروه من أحكام ، فإن ذلك ال يقدح حبال من قيمة أحباثه

و غايتنا من كتابة هذه األسطر هي استخالص اخلطوط العريضة يف أحباث السلف ، و تقدمي وجهات النظر احلديثة يف .هذا املوضوع

أخذ لفظ من آخر مع تناسب بينهما يف املعىن و تغيري يف اللفظ يضيف زيادة على «: عرف األفغاين االشتقاق فقال ، إن املقصود بتناسب املعىن هو اشتمال اللفظ املشتق و اللفظ )1(»، و هذه الزيادة هي سبب االشتقاق املعىن األصلي

املشتق منه على حد أدىن من املعىن املشترك الذي يربط بني اللفظني ، و يفيد قوله التغيري يف اللفظ أن املشتق و املشتق .زيادة يف احلروف أو يف ترتيب هذه احلروف منه يتحدان يف املادة اللغوية مع اختالف مرده إىل

: و ينقسم االشتقاق إىل اشتقاق أصغر و اشتقاق أكرب :االشتقاق األصغر

توليد صيغة من أخرى وفق أوزان ثابتة يف اللغة ، حبيث يشتمل اللفظ املولد على املعىن الـذي يتـضمنه اللفـظ فهم ، فاهم ، مفهوم ، : ملشتركة بني اللفظني على نفس الترتيب مثل األصلي مع زيادة عليه ، على أن ترد احلروف ا

.تفاهم : االشتقاق األكرب

،صرف ، رصف ، فصر : يشترك فيه اللفظان على نفس احلروف مع اختالفها يف الترتيب بالتقدمي و التأخري ، حنو .رفص

املصدر و بني من ارتأى أنه الفعـل ، فالبـصريون و اختلف النحاة يف قضية أصل املشتقات بني من ذهب إىل أنه : تعصبوا للرأي األول ، و قدموا حججا عديدة عرضها األنباري منها

ـ املصدر أصل ألنه يدل على زمن مطلق فيما الفعل يدل على زمن معني ، .سيط أسبق من املركب ـ املصدر يقتصر يف الداللة على احلدث فيما الفعل يدل على احلدث و الزمن ، و منه فالب

.ـ املصدر له بناء واحد فيما الفعل يتعدد بناءه بتعدد أزمنته و تصريفه .ـ املصدر اسم ، و االسم يقوم بنفسه ، فيما الفعل ال ينفك عن االعتماد على االسم

ى احلدث فتعني من ـ املشتقات مجيعها تدل على احلدث و الزمن إضافة إىل معىن ثالث ، فيما املصدر ال يدل إال عل .هذا أن املصدر ليس من املشتقات

130يف أصول النحو ص )1(

151

: و أما حجج الكوفيني على دعواهم فمنها .فهم فهما : ـ الفعل أصل ألنه يعمل يف املصدر كقولنا

.و املؤكد أسبق من املؤكد . ـ املصدر يذكر توكيدا للفعل كما يف املثال السابق .ـ توجد يف األفعال طائفة ال مصادر هلا

. )1(ـ املصدر ال يتم معناه إال بتصور فاعل ، و الفاعل إمنا هو يف األصل للفعل و كما هو واضح فإن أكثر هذه احلجج مما ال يأبه له علم اللغة احلديث ، ألنه يقوم على أساس غري لغوي ، فطـابع

.املنطق جلي عليه ا الفرع عن األصل ، فحصروها يف مخسة عشرة ، أوردهـا ين اللغويون و النحاة برصد التغيريات اليت يتميز و قد ع

: السيوطي ـ متخذا من املصدر أصال ـ على النحو التايل فهم فهما: ـ زيادة حركة ، حنو

.طالب و طلب : ، حنو ) حرف ( ـ زيادة مادة .ضارب و ضرب : ـ زيادما حنو

.مسا مسو : ـ نقصان حركة ، حنو .ثبت و ثبات : حنو ـ نقصان مادة ،

.غثا غثيان: ـ نقصاما ، حنو .كبرى كبر : ـ نقصان حركة و زيادة مادة ، حنو .عرف عرفان : ـ نقص مادة و زيادة حركة ، حنو

.استنوق من الناقة : ـ زيادما مع نقصاما ، حنو .ندم ندم : ـ تغاير احلركتني ، حنو

.افهم من فهم : و حرف ، حنو ـ نقصان حركة و زيادة أخرى .ظريف ظرافة : ـ نقصان مادة و زيادة أخرى ، حنو

.باعتبار الفاء ساكنة ألا ليست داخلة يف تركيب . خاف خوف : ـ نقص مادة بزيادة أخرى و حركة ، حنو .عد من الوعد : ـ نقصان حركة و حرف و زيادة حركة ، حنو

.)2(فاخر من التفاخر: حرف ، حنو ـ نقصان حركة و حرف و زيادة

اللفظ الدال على : تتعلق هذه التغيريات باالشتقاق األصغر ، و كما هو ظاهر فإن األصل يف الغالب هو املصدر ، أي هو اسم من أمساء األعيان ، و هو ما يفيد بـأن " الناقة " املعىن ارد ، غري أننا نالحظ أن أحد هذه األمساء األصول

كانوا يتقبلون مثل هذا االشتقاق ، بيد أنه وجد اجتاه يقول باشتقاق األمساء من األفعـال ، فقـد نـسب إىل النحاةالزجاج أن الثور أطلق عليه هذا االسم ألنه يثري األرض ، و أن الثوب اختذ هذه التسمية ألنه ثاب أي عاد لباسا بعـد

195 ـ 193اإلنصاف يف مسائل اخلالف ص )1( 349 ـ 348 / 1املزهر يف اللغة )2(

152

إذا جاءت من كـل : تذاءبت الريح «علب الكويف مشتق من ، و أن الذئب كما نقل النحاس عن ث )1(أن كان غزال ، فاألفعال ـ من وجهة نظره ـ إن وجدت ، هـي املـشتقة مـن " برجستراسر " ، و هذا ما يعارضه )2( »اجتاه

، و يقصد باألمساء هنا ما كان جامدا ثنائي أو ثالثي مثل دم ، يد ، منر ذئب ، مما حييـل علـى )3(األمساء ال العكس :سميات مادية ، و تقدم بثالث حجج لدعم تصوره هذا م

:أوالها أن الكثري من هذه السماء ال حيتمل معناها االشتقاق ، فما هو الفعل الذي اشتق منه لفظ األرض مثال ؟

:ثانيها " .مسع " رتبط ا أن هذه األمساء ختالف خمالفة تامة األفعال اليت حيتمل أن تكون مشتقة منها ، مثل األذن و الفعل امل

:ثالثها غياب العالقة بني معاين هذه األمساء و أوزاا ، فاألمساء اليت كان من املفترض أن تنبين علـى وزن واحـد أو أوزان

. )4(، نرى أوزاا متباينة" الرجل " الفم " و " األذن " متقاربة مثل

، " فعـل " تنتمي إىل حقل داليل واحد ، و تشترك يف نفس الوزن على أنه ال ميكن إنكار أن بعض هذه األمساء ، مما يبيح القول بأا مشتقة ، و هو ما قد يقوض دعائم الفكرة اليت دافـع عنـها ..عني ، أنف ، رأس ، قلب : حنو

" .برجستراسر " ا أوهلما فهو أن هذه األمساء قد اشتقت مل يغمض الرجل عينيه عن هذا النوع من األمساء ، و تقدم باقتراحني ، أم

من مادة لغوية ثالثية ، و صبت يف قالب واحد ، و االحتمال الثاين هو أن يكون أحد هذه األلفاظ قد بين على هـذا ، و املشتقات ، و إن كانـت )6( ، أما اسم اآللة و اسم املكان فال خالف يف أا مشتقة )5(الوزن مث أحلقت به البقية

تركة بني اللغات السامية ، فإن العربية متيزت عن أخواا بأن االشتقاق ظل حيا فيها ، فلم يتوقف توليد األلفـاظ مش .)7(اجلديدة كلما دعت إىل ذلك احلاجة ، فيما نضب هذا املعني أو كاد يف بقية اللغات السامية

جييب أبو حيان على هذا حمددا هذه احملكـات و قد نتساءل عن احملكات اليت ا نتعرف على مصدر املشتق ، و أن يكون اللفظ أمكن ، أو أشرف ، أو أبني ، أو أقرب ، أو أليق ، أو أخص ، أو مطلق ، أو جوهر ، أو : فيما يلي

. )8(أحسن تصرفا

345املصدر السابق ص )1( 12 / 2إعراب القرآن )2( 97التطور النحوي للغة العربية ص )3( 98 صنفسهاملصدر ا )4( 99 ص نفسهاملصدر )5( 100 ص نفسهاملصدر )6( 101 ص نفسهاملصدر )7( 53املبدع يف التصريف ص )8(

153

املشتقات و ميزت خدجية احلديثي بني ثالث معان لالشتقاق ختتلف باختالف امليدان الذي وظف فيه املصطلح ، ف اسم الفاعل ، اسم املفعول ، الصفة املشبهة ، اسـم : يف النحو هي األصناف الصرفية اليت تعمل عمل الفعل ، و هي

التفضيل ، و من خصائصها القابلية لتحمل الضمري ، و هذا ما ال يتوفر يف امسي الزمان و املكان ، ألما حييالن على ، و يف الصرف تتحدد املشتقات ـ من وجهة نظر البصريني ـ يف اسم الفاعـل ، ذات متعينة ، فأحلقا هلذا باجلوامد

اسم املفعول ، الصفة املشبهة ، صيغ املبالغة ، اسم التفضيل ، اسم املكان ، اسم الزمان ، املصدر امليمي ، اسم اآللة ، من جهة الوظيفة ، فـإن الـصرفيني و إذا كان النحويون قد نظروا إىل املشتقات )1(مصدر الفعل فوق الثالثي ارد

اعتمدوا زاوية النظر القائمة على التقاطع احلاصل بني املادة اللغوية و الوزن ، كما أخذوا بعني االعتبـار املعـىن يف تقسيمهم هذا ، فاللفظ ال يندرج حتت صنف اسم الفاعل ، رد أنه على وزن فاعل ، بل ال بد أن يكون داال علـى

فإذا كان داال على صفة ثابتة صنف على أنه صفة مشبهة ، و أما امليدان الثالث الذي عين باالشـتقاق صفة متغرية ، فهو فقه اللغة ، الذي منح هذا املفهوم دائرة أوسع مما هي عليه يف النحو و الصرف ، و ذلك أنـه ال يقتـصر علـى

، و قد مر بنا طرف من األمثلة على هذا النوع مـن )2(ناالشتقاق من أمساء املعاين ، و إمنا تعداها ليطال أمساء األعيا .االشتقاق

و مل تعدم و جهيت نظر القدماء يف أصل املشتقات من أنه املصدر أو الفعل من يتبناها و يرافع عنـها مـن بـني امية هو الفعـل ال ينتصر ملذهب الكوفيني ، ذاهبا إىل أن أصل االشتقاق يف اللغات الس " ولفنستون " فهذا ،احملدثني

ل ما قال به النحاة القدماء بأن أصل املشتقات يف العربية هو املصدر إىل احندار أبرز هؤالء النحاة مـن االسم ، و عل أصول فارسية ، و الفرس كما هو معلوم من األمم اآلرية اليت يأخذ االسم يف لغتها مرتلة املصدر الذي منـه يكـون

ك سعيد األفغـاين ، و شك )3(ا أن يسقطوا على اللغة العربية إحدى خصائص لغتهم األم االشتقاق ، لذا مل يكن غريب يف دعوى ولفنستون هذه ، و قدم عليها تصور البصريني القائل بأن األصل يف املشتقات هو االسم ، و احتج لـذلك

الفعل يزيد عليه بداللتـه علـى حبجة عتيقة هي أن املصدر أبسط من الفعل ؛ ألنه يقتصر يف داللته على احلدث فيما ، و ال يـسع )4(الزمن ، و ملا كان األبسط مقدما على املركب ، فإن النتيجة املنطقية هي أن املصدر هـو األصـل

املنصف إال القول بأن حديث األفغاين يف هذا املوضع بعيد عن روح العلم ، متنكب عما يتوجب على الباحـث أن . فه من القضية سجايل حبت يكون عليه من موضوعية ، فموق

ما أوردناه إىل اآلن هو التصور التقليدي لظاهرة االشتقاق ، أما يف العصر احلديث فقد ظهرت ، مع تـبين بعـض اللغويني العرب للمنهج الوصفي ، مبادرات لتجديد الرؤية هلذه الظاهرة ، و من مناحي التوجه اجلديد رفض فكرة أن

ها ، و هكذا مت تفنيد مذهب البصريني يف أن املصدر أصل للمـشتقات و معـه مـذهب تكون كلمة ما أصال لغري الكوفيني من أن أصل املشتقات هو الفعل ، و كان البديل عن هذا هو القول بأن األصل يف االشتقاق هو املادة اللغوية

130 ص م ـ1993 ـ 1راجي األمسر ـ دار الكتب العلمية ـ ط : املعجم املفصل يف علم الصرف ) )1( 247أبنية الصرف يف كتاب سيبويه ص )2( 15 ـ 14تاريخ اللغات السامية ص )3( 143 ـ 142يف أصول النحو العريب ص )4(

154

،)1(ثابت على حد تعبري هنري فليش الثالثية ، و اليت ال تشكل كلمة من كلمات املعجم ، و إمنا هي أشبه ما تكون بال فهي تدخل يف تركيب جمموعة من الكلمات تنشأ من إحداث حتول يف األصل الثالثي بواسطة ما يضاف إليـه مـن الصوائت و الصوامت كسوابق و لواحق و حشو ، و الكلمات اليت تنتج عن هذا اإلجراء حتتفظ باملعىن األصلي العام

.لتغري املعنوي الناتج عن تغاير بناء اموعة االشتقاقية الواحدة نسيب املشترك بينها ، و يكون ا و رأى متام حسان أن هذا التصور اجلديد يتطابق مع إجراء املعجميني العرب القدماء الـذين كـانوا يربطـون

الفعل املاضي مشتق األصول الثالثة أصل االشتقاق ، فاملصدر مشتق منها و «الكلمات بأصل مادا ، و بذلك تعترب ، و ال يقف التصور اجلديد عند هذا احلد ، بل ميضي إىل تقسيم مغاير لألمساء من حيـث اجلمـود )2(»منها أيضا

الـضمائر و الظـروف و األدوات « عند القدماء ، فاألمساء كلها مشتقة ما عـدا هو االشتقاق لذلك الذي عاهدنا قسم الكلمات املشتقة إىل جامدة و متصرفة ، فاألوىل تنطبق على أمساء األعيان عموما ، ، و تن )3(»و بعض اخلوالف

: كما سبق شرحه ، و مثال األوىل )4(و أما الثانية فتضم جمموع الكلمات املختلفة األوزان واملتحدة يف األصل اللغوي .بة كاتب ، مكتوب ، مكتبة ، كتا: جبل ، ر ، سقف ، كتف ، و مثال الثانية

ل من شرع احلديث فيه ، و نعود اآلن إىل القسم الثاين من االشتقاق و هو االشتقاق األكرب ، فنذكر أن ابن جين أوإذ ذكر أن املادة اللغوية الواحدة يف تقلباا املختلفة املستعملة يف اللغة تنطوي على معىن عام واحد ، على أنه مل يطلق

، و مل يفته أن يبني أصالة مفهومه هـذا )5(رد إىل أن هذه الظاهرة ليست مما يط حكمه هذا على كل األصول فأشار ين برد األلفاظ املتماثلة يف بعض حروفها ، املتباعدة من حيث معناها ، لالشتقاق ، فميزه عن مذهب الزجاج الذي ع

واحد من أحنائه موضـع فأما أن يتكلف تقليب األصل ، و وضع كل«: فقال ـ و الضمري يعود على الزجاج ـ ، على أنه من جهة أخرى أرجع فضل السبق يف االنتباه هلذا الضرب من العالقات )6(»صاحبه ، فشيء مل يعرض له

فهذه الطرائق اليت حنن فيها حزنة املذاهب ، و التوارد هلا وعـر «: بني األلفاظ إىل أستاذه أيب علي الفارسي ، فقال م ، و قد )7(» أن تستنكر ، و ال تستبعد ؛ فقد كان أبو علي رمحه اهللا يراها و يأخذ ا املسلك ، و ال جيب مع هذا

، حيث اجتهـد يف إدراج ) ك ل م ( ابن جين أمثلة للربهان على دعواه ، منها حبثه يف يف املعىن العام لتقلبات األصل ، مجيعا حتت معـىن القـوة ) م ل ك ( ، ) ل م ك ( ، ) ل ك م ( ، ) ك م ل ( ، ) ك ل م : ( الصيغ املستعملة منه

.)8(و الشدة

184 ص م ـ2006 ـ 1 ـ الدار العربية للموسوعات ـ ط عبد املقصود حممد عبد املقصود:دراسة البنية الصرفية يف ضوء اللسانيات الوصفية )1( 169اللغة العربية معناها و مبناها ص )2( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر ا )3( نفس الصفحة ـ نفسهاملصدر )4( 12 / 1اخلصائص )5( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )6( 11املصدر السابق ص )7( 13 ص نفسهاملصدر )8(

155

بيد أن هذا التوجه وجد من يعترض عليه إن يف القدمي و إن يف العصر احلديث ، فقد نقل السيوطي وقفة أيب حيان و قدم حجة تـنم االنتقادية إزاءه ، فقد رأى أن االشتقاق الذي قال به ابن جين ال يصح األخذ به و االعتماد عليه ،

عما حتلى به يف تقدير هذا املوضوع من احلس السليم ، فحواها أن املعاين غزيرة و ألفاظ اللغة متناهية ، فلو كانـت كل الكلمات املتأتية من تقليب األصل الواحد تنحصر يف معىن واحد ، لكان يف ذلك تضييق شديد ، يوهن من قدرة

، و هناك حجة أخرى ، مل تكن غائبـة يف )1(تمييز بني املعاين املتباينة بألفاظ خمتلفة اللغة على أداء وظيفتها ، و هي ال احلقيقة عن تفكري ابن جين ، وهي أنه قد يصح أن يكون بني بعض األلفاظ ذات املادة الواحدة معىن عام مـشترك ،

.)2(احملالو لكن االدعاء بأن ذلك صاحل لكل جمموعات األلفاظ ذات األصل الواحد ضرب من و يف معاجلة متام حسان لظاهرة االشتقاق ، و يف ثنايا اقتراحه باعتماد املادة اللغوية ذات احلروف الثالثـة أصـال

)3(للكلمات ، انتقد صراحة صنيع ابن جين ، حيث نفى أن يكون لألصل الثالثي أي محولة داللية ، فدوره وظيفـي .ستوى الداليل حبت ال يتجاوز املستوى الصريف إىل امل

ل ما نستهل به معاجلتنا للشق التطبيقي من عنصرنا هذا قوله تعاىل و أو : و يهيئ لكم مـن أمـركم مرفقـا فتح امليم و كسر الفاء ، كسر امليم و فتح الفاء ، فتح : على ثالث صور " مرفق " ، فقد قرئ لفظ ]16: الكهف [

ل مـن جعفر يف معاجلة القراءات الثالث هلذا اللفظ إىل إيراد أقوال غريه فيها ، و كان أو و الفاء ، و اقتصر أبو امليمبدأ به األصمعي الذي نسب له القول بأن العرب ال تعرف من هذه الصور الثالثة إال ما كان بكسر امليم ، و الـذي

ي الذين ذهبا إىل أن اللفظ بكسر امليم تدل به على العضو ، كما تدل به على املصدر ، و عرض رأي الفراء و الكسائ هو اللغة الفصيحة ، و أن الفتح فيها جائز ، و ختم باستعراض قول األخفش األوسط الذي ميز بني الصور الثالثـة ،

، )4(و أدرجها ضمن أصنافها الصرفية ، فمرفق اسم لآللة ، و مرفق اسم للمكان مثل مسجد ، و مرفق مصدر ميمي ذى أبو علي الفارسي حذو صاحبنا ، فأورد خمتلف تأويالت اللغويني و النحاة يف الـصور الـثالث للفـظ ، و احت

" املرفـق " فأبوعبيدة اعترب املرفق و املرفق امسا لآللة ، و اختص املرفق بالداللة على العضو ، و ارتأى أبو زيـد أن ء إتباعا للقياس يف املصدر امليمي ، و انتقل بعد ذلـك إىل مصدر ، و حبسب الفارسي كان جيب أن يكون بفتح الفا

على أا اسم آلة ، و قدر الفارسي أن " مرفق " التعليق على رأي األخفش ، الذي مل خيتلف عن أيب عبيدة يف تأويل ارسي عىن مـن اسم مثل املسجد ال يفيد الداللة على اسم املكان ، و لعل الف " مرفق " مقصود األخفش من قوله أن

هذا أن املسجد اسم لبناء خمصوص ، ال اسم مكان يصح إطالقه على أي موضع حيدث فيه الـسجود ، و كـذلك ، و يذكر بعد ذلك احتماال آخر نص عليه األخفش هلذا اللفظ ، و هو أن يكون تنويعا لفظيـا للمـصدر " املرفق " لى ما تأوله من كالم األخفش ، و ل مكي من معاجلة الفارسي هلذه املادة ، و مل يقدم أبو علي دليال ع )5("مرفق "

347 / 1 املزهر يف اللغة )1( نفس الصفحةـ نفسهاملصدر )2( 169اللغة العربية معناها و مبناها ص )3( 126 / 2إعراب القرآن )4( 131 / 5احلجة للقراء السبعة )5(

156

الدالة علـى العـضو " مرفق " ، و أضاف ابن زجنلة إىل ما نعرفه أن أبا عمرو ساوى بني )1(فلم يقدم شيء يعتد به لعضو الفتح و الكسر ، غـري أـم الدالة على ا" مرفق " ، و أورد الزجاج أن اللغويني أجازوا يف )2(و بني اسم اآللة

، و مما يستوقفنا عند أيب حيان ما نسبه للفراء من أن أهل احلجاز يفتحون )3(حكموا لصورة الكسر بالكثرة و اجلودة إذا قصدوا اسم اآللة ، و يكسرون امليم إن كان مرادهم العضو ، و أن العـرب " مرفقا " امليم و يكسرون الفاء من

، و لعل )4(ـ قد يكسرون امليم للداللة على املعنيني كالمها بذلك هلجة متيم و ما جاورها من القبائل ـ و لعله يعين أكثر رأي نطمئن إليه ما ساقه الزخمشري من أن القراءة بفتح امليم و كسرها سواء يف داللتهما على اسم اآللة ، و هذا

.)5(الرأي منه يأخذ بعني االعتبار السياق اللغوي لآلية، و قرأ األخـري " عامل " قرأ السبعة إال الكسائي عامل الغيب : من سورة سبأ 03 و يف قوله تعاىل من اآلية

، و قذر أبو جعفر أن اللفظ على صيغة اسم الفاعل يفيد القليل و الكثري ، أما صيغة املبالغة ، " م الع" بصيغة املبالغة واها ، و وقع اختياره على القراءة األوىل ، ألا األنـسب يف تـصوره لـسياق فتختص بالداللة على الكثرة دون س

، و احناز مكي إىل اختيـار أيب جعفـر )7( ، و خالفه الرأي الفارسي الذي بدت له القراءة بصيغة املبالغة أبلغ )6(اآلية فاعل هو كثرة اسـتعماهلا دون أن يكون ذلك للسبب ذاته ، فالذي محل صاحب الكشف على اختيار القراءة باسم ال

، )8(يف القرآن ، هذا و مل يقدح يف القراءة بصيغة املبالغة ، حيث صرح بأن القراء أمجعوا عليها يف بعـض اآليـات .)9(و وجد ابن زجنلة صيغة املبالغة أبلغ يف مدح الذات اإلهلية

، فقد قرأ السبعة بفتح الـراء محر مستنفرة ثر من سورة املد 50 و خنتم بنموذج تطبيقي ثالث ، خنتار له اآلية على أا اسم مفعول ، و قرأ الكسائي بكسر الراء اسم للفاعل ، و القراءة األوىل ال تطرح إشـكاال " مستنفرة " من

بصيغته استنفر ، يفيد : عند أيب جعفر على املستوى الداليل خبالف القراءة الثانية ، فالفعل املشتق منه اسم الفاعل أي الصرفية الطلب ، و ال يعقل أن تكون احلمر طالبة هلذا الفعل من صائديها أو من األسـد حبـسب تأويلنـا للفـظ

،)10(محر نـافرة : ، غري أنه خيتم معاجلته باقتراح أن يكون استنفر مبعىن نفر ، و على هذا تقدر العبارة ب "قسورة" ، و مل خيرج الفارسي عـن التقـدير )11(احدة ، فهما مجيعا عنده مما تكلمت به العربو نظر الفراء للقراءتني بعني و

56 / 2الكشف عن وجوه القراءات السبع )1( 413 ـ 412حجة القراءات ابن زجنلة ص )2( 273 / 3معاين القرآن و إعرابه )3( 103 / 6البحر احمليط )4( 569 / 3الكشاف )5( 407 / 2إعراب القرآن )6( 5 / 6احلجة للقراء السبعة )7( 201 / 2الكشف عن القراءات السبع )8( 34 القراءات ـ ابن زجنلة حجة )9( 373 / 3إعراب القرآن )10( 206 / 3معاين القرآن )11(

157

و إىل هذا جنح أيضا أبو حيان ، و زاد بأن الـسياق )1(رفالذي ذهب إليه أبو جعفر من إنزال الفعل استنفر مرتلة ن ، تارون قراءة الفتح ، ألن الفعـل إذا كـان ، و أورد ابن زجنلة أن أهل املعاين خي )2(اللغوي لآلية يتطلب قراءة الكسر

، و انتهى من معاجلتـه للقـراءتني بتقـدمي " استنفرت " و ال يقولون " نفرت " صادرا عن احلمر فإن العرب تقول ، و ذهب الزخمشري يف تأويل )3(يدل على إسناد الفاعلية هلا " فرت " بصيغة الفاعل ، ألن الفعل بعدها " مستنفرة "

اءة على اسم الفاعل مذهبا مغايرا محل الطابع البالغي ، فرأى أا جيء ا لتدل على شدة نفور احلمر ، فكأـا القر .)4(ترتع إىل ذلك من نفسها

342 / 6احلجة للقراء السبعة )1( 372 / 8البحر احمليط )2( 734حجة القراءات ص )3( 342 / 6الكشاف )4(

158

االختالف بني املفرد و اجلمع

موضوعنا التمييز الدقيق بني مصطلح اجلمع و ما خيالطه من مصطلحات أخرى قريبة منه ، أحسن ما نستهل به إن فاللغة تقدم أضربا متنوعة من األلفاظ الدالة على ااميع ، منها ما يدخل حتت حد اجلمع و منها ما هو مباين لـه ،

املقصود من هذه املصطلحات ، و مبا اختلـف و قد اعتاد النحاة التفريق بني اسم اجلمع و اسم اجلنس و اجلمع ، فما بعضها عن بعض ؟

: اجلمع نصادف يف مفردات اللغة ألفاظا ختتص بأن هلا مفردا من لفظها يوافقها يف اللفظ دون اهليئة مذكورا أو مقـدرا ،

يت ثبت داللتها علـى ، و بنيت على أحد األوزان ال )1(و يصح إطالقها على ما عطف من مفردا عطفا جتاوز االثنني . اجلمع ، فمثل هذه األلفاظ يدرجها النحاة ضمن صنف اجلمع بال خالف

:اسم اجلمع :توجد يف اللغة ألفاظ تدل على جمموع متاما مثل الصنف املتقدم ذكره ، بيد أا ختتلف عنها من جهتني

.)2(ـ ليس هلا واحد من لفظها .ـ ليست على أحد أوزان اجلموع

على . )3(قوم ، إبل ، شعب ، مجهور ، فريق ، سرب ، يطلق عليها النحاة مصطلح اسم اجلمع : اللفظ من حنو فهذاأن هذا املصطلح يتسع ليشمل أيضا األلفاظ العامة مما هلا واحد من لفظها ، بيد أنه يفترق عن اجلمع يف أنه خيرب عنـه

مر بنا الركب املعهود ، كمـا : راكب مسرع ، و نقول و يوصف مثل مفرده ، فنقول ركب مسرع ، مثلما نقول مر بنا الراكب املعهود ، و هناك جانب آخر من االختالف بني هذا الضرب من األمساء و اجلمع ، يتمثـل يف : نقول

أن هذا األخري إذا صغر جيء مبفرده ، أما لفظ الركب و الرحل وما ماثلها فيجري عليها التصغري كما جيـري علـى فهـي بـني املفـرد . فاللغة تعامل مثل هذه األلفاظ معاملة املفرد متاما . ركيب ، و ركيب : مفردها متاما ، فنقول

و اجلمع ، يدل معناها على كثرة من األفراد ، فأشبهت اجلمع ذا ، و ميكن مجعها مثلما جيمع الفرد الـذي علـى .أسراب : سرب : ، حنو )4(وزا

:اسم اجلنسيف اللغة أيضا منط آخر من األلفاظ اخلارجة عن حد اجلمع مع أن مضموا يصدق على جمموعة من اآلحاد ، و مـا

، فيصدق بذلك على)5(» املاهية املعينة «:مييز هذا الضرب من األمساء عن غريه هو بتعبري االسترباذي الداللة على

337 / 3مهع اهلوامع )1( 111شرح احلدود النحوية ـ الفاكهي ص )2( 401ب ص ارتشاف الضر )3( 107التطور النحوي للغة العربية ص )4( 366 / 3شرح الكافية )5(

159

قرشـي ، فارسـي ، : فرد منه جيء باللفظ مضافا إليه ياء النسب حنو الواحد و االثنني و اجلمع ، فإذا قصد إىل امل .مترة من متر ، خنلة من خنل : أو أحلقت به تاء التأنيث حنو ،نبطي

و إذا قارنا بني اسم اجلمع و اسم اجلنس ، وجنامها يشتركان يف أما خمالفان ألوزان اجلموع ، و خيتلفان من حيث على الواحد و االثنني منه ، فيما ال يتأتى ذلك يف اسم اجلمع ، و يأيت املفرد مـن اسـم أن اسم اجلنس يطلق لفظه

مجل مـن إبـل ، : لفظه ، بينما يكون املفرد من اسم اجلمع لفظا مغايرا ، حنو نس بإضافة ياء النسب أو التاء إىل اجل )1(.رجل من قوم

سبب من خالف بني النحاة ، بعضه قائم على أسـاس مـذهيب ، و كالعادة مل ختلوا مسائل اجلمع و ما ميت إليه ب و بعضه بني النحاة البصريني ، فمن األول أن الكوفيني جييزون مجع اسم العلم املذكر الذي حلقته تاء التأنيـث مثـل

لة على اجلمع مما ، و من الثاين ما نقل عن األخفش من أنه أحلق األمساء الدال )2(محزة ، عروة ، و منع البصريون ذلك . ، فخالف ذا سيبويه الذي عدها من أمساء اجلموع )3(خيرب عنها و توصف و تصغر بقسم اجلمع

:مجع املذكر السامل ألن لفظ اجلمع حيافظ على بنية املفـرد مـن حيـث حروفهـا " السامل " أطلق على هذا النوع من اجلوع اسم

، و هي يف الرفع الواو مضموم ما قبلها ، )3( يف اجلمع قياسا إىل املفرد بزيادة عالمة اجلمع وحركاا ، و يقتصر التغيري و يف النصب و اجلر الياء مكسور ما قبلها ، و هي على قول برجستراسر عالمات سامية األصل ، لوحظت يف اللغـة

. ، و يلحق بالواو و النون يف غري اإلضافة النون )4(األكديةاالسم املنقوص مجع املذكر السامل حبذف يائه ، و قد فسر االسترباذي هذا التغيري بأنه لو أبقي علـى اليـاء جيمع

لدخلت عليها الضمة يف حالة الرفع و الكسرة يف حالة النصب و اجلر ، و الضم و الكسر حبسب تعبريه مـستثقالن فحذف الضم و الكسر فالتقى سـاكنان ، فحـذفا األول ، )5(على الياء املكسور ما قبلها إذا كانت طرفا يف الكلمة

قاضني " يف حالة الرفع ، و " قاضون " و هو األصل إىل " قاضيني " قاضيون و " من " قاضي " منهما ، فاستحالت .يف حالة النصب و اجلر" ، و إذا كان يف حكـم و تصور االسترباذي السابق ال خيلو من ضعف كنا قد قد ذكرنا يف موضع سابق أسبابه

املؤكد أن اللفظني يف صيغتهما األصلية ، ثقيالن على اللسان ، فإن مرد ذلك إىل وقوع الياء بني كسرة و ضـمة يف .احلالة األوىل ، و بني كسرتني يف احلالة الثانية ، مما أدى إىل حذف الياء

367 / 3شرح الكافية )1( 372نفس املصدر ص )2( 402ارتشاف الضرب ص )3( 112التطبيق الصريف ص )3( 111التطور النحوي للغة العربية ص )4( 370 / 3شرح الكافية )5(

160

ألف االسم املفرد و واو أو ياء عالمـة اجلمـع ، : و حتذف األلف من االسم املقصور لتعذر اجلمع بني حريف مد و حاول االسترباذي أن يربط بني حالة اجلمع يف االسم املقصور و حالة التثنية ، فذكر أنه يف األوىل حيـذف الـواو

، )1(ةأن الفتحة أخف من الـضمة والكـسر : خشية االلتباس ، و ثانيهما : و يثبت يف الثانية ألحد أمرين ، أوهلما و فاته أن الواو يف التثنية ليست حرف مد كما هي يف اجلمع ، و إمنا حرف من حروف اللـني و كـذلك اليـاء ،

كمـا أن مـا . عصوان ، عصوين ، فتيان ، فتيني : و لذلك جاز أن جيتمع مع حرف املد األلف و مع الياء يف مثل و ال يفوتنا أن نشري . ين املفترض ، ما هو يف احلقيقة إال واو املد وياءه أطلق عليه اسم الضمة و الكسرة يف السبب الثا

.إىل أن الواو و الياء يف االسم املقصور اموع مجعا ساملا إمنا هي حروف لني ساكنة تسبقها حركة الفتحة ىل عام و خاص ، فأمـا و نذهب اآلن إىل تعيني الشروط اليت يتم وفقها مجع االسم مجعا مذكرا ساملا ، و هي تقسم إ

: العام فهو . )2(ـ جترد اللفظ أكان امسا أم وصفا من تاء التأنيث ، فال جيمع االسم املذكر الذي حلقته تاء التأنيث حنـو طلحـة

.هذا عند البصريني ، أما الكوفيون فيجيزونه كما سبق ذكره .)3(ـ أن يكون اللفظ قيد اجلمع امسا ملن يعقل أو صفة ملن يعقل

:و أما الشروط اخلاصة فهي .ـ الداللة على العلمية لألمساء . )4(ـ خلو الصفة من تاء التأنيث

:و أما الصفات اليت جتمع هذا اجلمع فهي .ـ اسم الفاعل .ـ اسم املفعول .ـ صيغ املبالغة

.ـ الصفة املشبهة .ـ االسم املنسوب

)5(.ـ االسم املصغر أرضون ، : سنون ، أرض : سنة : ر السامل بعض األلفاظ الشاذة على القواعد املقررة من مثل و جاء على مجع املذك

لفظ مؤنث خـال " أرض " و علل النحاة هذا بأن لفظ سنة أسقطت المها ، وهي يف تصور النحاة واوا أو هاء ، و

املصدر السابق ـ نفس الصفحة )1( 76 / 1شرح التسهيل )2( 3 / 5شرح املفصل )3( 79 / 1شرح التسهيل )4( 374 / 3شرح الكافية )5(

161

، و هذا حال أمساء العقود مـن )1(من عالمة التأنيث ، فكان إدراج مجعها ضمن املذكر السامل من باب التعويض هلا . )2(األعداد ، حنو عشرون ، ثالثون ، أربعون

بعلبكون و معد : يكرب بعلبك و معد : و جيمع العلم املركب مجع السامل إذا مل يكن جزؤه الثاين مبنيا ، فيقال يف أن جيمع الطـرف األول منـه و يـأيت يكربون ، فإذا كان اسم العلم مركبا تركيبا إضافيا ، فاملتكلم على اخليار يف

.آباء زيد ، أو أباء الزيدين : ، فيقول يف أبو زيد )3(بالطرف الثاين على أصله ، أو جيمع الطرفني معا :مجع املؤنث

القسم الثاين من مجع السامل هو مجع املؤنث ، و يكون بزيادة ألف و تاء مفتوحة إىل آخر االسم اموع ، و ارتأى اسر أن النحويني العرب قد أخطئوا حني جعلوا من األلف و التاء عالمة جلمع التأنيث ، و الـصواب عنـده برجستر

يتمثل يف أن العالمة هي الفتحة السابقة هلما ، و وصل إىل هذه القناعة من بعد إجراء املقارنات بني اللغات الـسامية ة اجلمع باأللف و التاء على هذا النوع من اجلموع أفضل ، و ذهب السيوطي من جهته إىل أن إطالق تسمي )4(الغربية

تمـرات مجـع تمـرة ، : كما يف )5(من مجع املؤنث السامل ، و اعتل لذلك بأنه يطرأ تغيري على بنية االسم اموع .و غرفات مجع غرفة

: ينقسم االسم اموع مجع املؤنث إىل مخسة أنواع علقمة ، مسلمة ، أو : أنيث مطلقا ، سواء كان مؤنثا لفظا و معىن ، أو كان مؤنثا لفظا فقط ، حنو ـ ما ختم بتاء الت

هادئة ، : إجاصة ، أو صفة ، حنو : كان اسم جنس حنو سعاد ، هند ، سواء مـا : ـ ما كان علما على املؤنث ، يستوي يف ذلك ما كان بالتاء أو ما كان جمردا منها ، حنو

.اقال أو غري عاقل كان مسماه ع: أار بعيدات املصب ، على خالف صـفة املؤنـث ، حنـو : ـ صفة االسم اموع املذكر الذي ال يعقل ، حنو

.فاهم : أو صفة للعاقل حنو ،حائض .حجريات ، على خالف املؤنث : ـ مصغر املذكر الذي ال يعقل ، حنو

عذراء ، صغرى ، و يستثىن منها ما : بيداء ، ، أو صفة ، حنو : ـ اسم جنس املؤنث باأللف ، سواء كان امسا ، حنو .)6("أفعل " كان مذكرها على وزن

:أحكام اجلمع املؤنث

5 / 5شرح املفصل )1( 83 / 1شرح التسهيل )2( 385/ 3شرح الكافية )3( 108التطور النحوي للغة العربية ص )4( 77 / 1مهع اهلوامع )5( 23 / 2جامع الدروس العربية ـ الغالييين )6(

162

و علل األنباري ذلك بتجنب اجلمع بني عالمـيت تأنيـث يف . حتذف تاء التأنيث من األمساء إذا مجعت مجع املؤنث .)1(كلمة واحدة

: فتـاة : فالوات ، أو تقلب ياء ، حنـو : فالة : لفا أو مهزة ، تقلب األلف واوا يف مثل ـ إذا كان قبل هذه التاء أ .عباءات أو عباوات : عباءة : فتيات ، أما اهلمزة فيجوز فيها إبقاؤها على حاهلا أو قلبها واوا ، حنو

يثا لفظيا أو معنويـا ، ثالثيـا ، مؤنثا تأن امساـ تتبع حركة العني حركة الفاء يف مجع املؤنث بشرط أن يكون املفرد فـإذا افتقـر . رحالت : نطفات ، رحلة : حلبات ، نطفة : حلبة : ، حنو )2(صحيح العني ، ساكنها غري مضاعف

و شذ مما توفرت فيه الـشروط . عمارات : عمارة : االسم إىل أحد الشروط السابقة بقي على حاله يف اجلمع ، حنو .)3(ل ذلك بأن يف اللفظني لغة بفتح العني يف املفردجلبة و ربعة ، و عل: السابقة لفظا

ـ حتول الياء دون اإلتباع بالضم ، و حتول الواو دون اإلتباع بالكسر ، فيقال يف مجع دمية دميات ، و يف مجع عروة .عروات

. )4(ظلمات: ن ال غري حنو ، ظلمة ـ إذا كانت الصفة على وزن فعلة صحيحة العني ، فحكمها اإلسكا :مجع التكسري

يتميز مجع التكسري على ما سبق من أنواع اجلموع يف أن بنية مفرده يلحقها تغيريات يف اجلمع فال تبقى على حاهلـا املفرد األول ، و من هنا أخذ هذا الضرب من اجلمع تسميته ، و ميز فيه األنباري بني أربعة أنواع حبسب الفروق بني

: و اجلمع ، و هذه الصور هي .رجال : رجل : ـ أن يكون لفظ اجلمع أكثر من لفظ الواحد ، حنو .كتب : كتاب : ـ أن يكون لفظ الواحد أكثر من لفظ اجلمع ، حنو .أسد : أسد : ـ أن يكون مثله يف احلروف دون احلركات ، حنو

. )5(لك ، هجان ، دالصف: ـ أن يكون مثله يف احلروف و احلركات : و أما ابن مالك فأورد ستة أضرب من الفروق ، هي

.صنوان : صنو : ـ التغيري بالزيادة ، حنو .حتفة ، تحف : ـ التغيري باحلذف ، حنو

.أسد : أسد : ـ التغيري بتبديل شكل ، حنو .رجال : رجل : ـ التغيري بزيادة و بتبديل الشكل ، حنو

.قضب : قضيب : بنقص و تبديل شكل ، حنو ـ التغيري

60أسرار العربية ص )1( 82 / 1مهع اهلوامع )2( 83املصدر السابق ص )3( 394 / 3شرح الكافية )4( 63أسرار العربية ص )5(

163

. )1(غلمان: غالم : ـ التغيري بزيادة و نقص و تبديل برجستراسر بدلوه يف تتبع أوجه اخلالف بني املفرد و مجعه املكسر ، و خلص إىل أن هذا اخلالف وظيفي ، و أدىل

.)2(به يتم التفريق بني املفرد و اجلمع :مجوع القلة

: مجوع القلة يف أربعة صيغ هي تنحصر الدالة علـى " ال" أفعل ، أفعال ، أفعلة ، فعلة ، و عد منها أبو حيان مجعا التصحيح على شرط أن يكونا خاليني من

و خالفهما االسترباذي ، فجمعا )4( ، و أيده يف هذا الرأي ابن يعيش )3(العموم و من اإلضافة إىل ما يدل على الكثرة . )5( عنده يصلحان لإلحالة إىل القلة و الكثرة دون اختصاص بأحد املعنينيالسامل

و لعل السؤال الذي يفرض نفسه هو بأية وسيلة مت التوصل إىل أن هذه الصيغ تدل على القلة احملصورة بني الثالثـة غالب متييزا لألعداد من الثالثـة إىل و العشرة ، و جييب ابن يعيش بأنه مت االستدالل على ذلك من خالل استعماهلا ال

فيقال على سبيل املثال ثالثة أطري بدل ثالثة طيور، و قس على ذلك ، و الدليل الثاين هو أا تـصغر مـن ، العشرة .)6(أنيهر ، أما مجع الكثرة ، فريد إىل مفرده إن صغر: لفظها ، فيقال يف أر

: ـ أفعل 1فأس : ، حنو " فعل " ي صحيح العني ، يستوي أن يكون مضاعفا أو معتل الالم على وزن رد يف مجع االسم الثالث يط .أسقف : أفأس ، سقف :

.أيسر : أمشل ، يسار : مشال : ، حنو " فعال " رد على وزن و يط . أشرع : شراع : ، حنو " فعال " و على وزن .أعول : عويل : ، حنو " فعيل " وزن أسهد ، و على: سهاد : ، حنو " فعال " و على وزن

: ـ أفعال 2 .أوقاف : أوهام ، وقف : وهم : فعل مما كان واوي الفاء ، حنو " رد يف مجع ما كان على وزن يط

. أقواس : أسياف ، قوس : سيف : ، حنو " أفعل " يف احلاالت اليت مل تأيت على وزن " فعل " يأيت مجعا لوزن .أرزاق : رزق : ، حنو " فعل " زن على و

.أوالد : ولد : ، حنو " فعل " على وزن .أعضاد : عضد : ، حنو " فعل " على وزن

.أعناب : عنب : ، حنو " فعل " على وزن

70 / 1شرح التسهيل )1( 108التطور النحوي للغة العربية ص )2( 405ارتشاف الضرب ص )3( 3 / 5شرح املفصل )4( 397 / 3شرح الكافية )5( 10 / 5املفصل شرح )6(

164

.أمنار : منر : ، حنو " فعل " على وزن .آذان : أذن : ، حنو " فعل " على وزن

: ـ أفعلة 3 .أعمدة : أعرفة ، عمود : أشرعة ، عريف : شراع : االسم املذكر الرباعي الذي ثالثه حرف مد ، حنو رد يف يط

: بشرط أن تكون عينهما و المهما حرفا واحدا ، أو أن يكونا معتال الالم ، حنـو " فعال " و " فعال " و على وزن . أمسدة : أوعية ، مساد : وعاء

: ـ فعلة 4فتية ، و يف : فىت : ، حنو " فعل " رفقة ، و يف : رفيق : ، حنو " فعيل " هذا البناء ، و إمنا يرد مساعا يف مثل رد ال يط

ثرية: ثور : ، حنو " فعل " غلمة ، و يف : غالم : ، حنو " فعال " :مجوع الكثرة

. أوزان هذا الضرب من اجلمع كثرية ، نقتصر هنا على أمهها : ـ فعل1

.خضر : أخضر و خضراء : ، حنو " أفعل و فعالء " رد للوصف املذكر واملؤنث الذي على وزن يط : ـ فعل 2 صرب: صبور : ، حنو "فعول" رد يف الوصف على وزن يط

.سرر : عمد ، سرير : عماد : و يف االسم الرباعي ثالثه حرف مد ، حنو : ـ فعل 3 .علب : رقى ، علبة : رقية : ، حنو " فعلة " رد لالسم على وزن يط .صغر : صغرى : ، حنو " أفعل " مؤنث " فعلى " رد للصفة على وزن يط : ـ فعال 4: ركـب : بشرط أال تكون عينهما أو المهما يـاء ، حنـو " فعلة " و " فعل " رد لألمساء و الصفات على وزن يط

.جفان : جفنة ،ركاب .مثار : مثرة . شراك : شرك : ، حنو "فعلة " و " ل فع" على وزن .رماح : مجال ، رمح : جمل : لالسم ، حنو " فعل " و " فعل " على وزن .هلاف : هلفان ، هلفانة ، هلفى : للوصف ، حنو " فعلى " و " فعالنة " و " فعالن " على وزن

: ـ فعول 5 :رد لألوزان التالية يط .شعوب : شعب : غري واوي العني ، حنو " فعل "

.قروش : قرش : ، حنو " فعل " .جنود : جند : بشرط أال يكون مضاعف و ال واوي العني أو يائي الالم ، حنو " فعل "

165

.أسود : أسد : غري أجوف و ال مضاعف ، حنو " فعل " .كبود : كبد : ، حنو " فعل " : ـ فعل 6 .نوم : نائم : بشرط أن يكون صحيح الالم ، حنو " فاعل و فاعلة " ى وزن رد للوصف عليط : ـ فعال 7 .قراء : قارئ : بشرط أن يكون صحيح الالم ، حنو " فاعل " رد للوصف املذكر على وزن يط : ـ فعلة 8 .كتبة : كاتب : ، حنو : فاعل " رد وصفا للمذكر العاقل على وزن يط : ـ فعلة 9 .عتاة :عات : املعتل الالم ، حنو " فاعل " رد لوصف املذكر العاقل على وزن طي

: ـ فعلة 10 .قرطة : قرط : ، حنو " فعل" رد لالسم على وزن يط

: ـ فعلى 11" هالك هلكى ، و على وزن : ، حنو " فاعل " قتلى ، و على وزن : قتيل : ، حنو " فعيل " رد للوصف على وزن يط: ، حنـو " فعالن " محقى ، و على وزن الوصف : أمحق : ، حنو " أفعل " ميت موتى ، و على وزن : ، حنو " ل فيع

.سكرى : سكران : ـ فعالء 12 .شعراء : شاعر : ، حنو " فعيل " رد للوصف املذكر العاقل على وزن يط

: ـ أفعالء 13 .أقرباء : قريب: ، حنو " فعيل " رد للوصف املذكر على وزن يط

: ـ فعالن 14 :رد لألمساء على األوزان التالية يط

.جرذان : جرذ : ـ فعل ، حنو .فتيان : فىت : ـ فعل ، حنو .حيتان : حوت : ـ فعل ، حنو

: ـ فعالن 15 :رد لالسم على األوزان التالية يط

.قضبان : قضيب : ـ فعيل ، حنو . ان بطن: بطن : ـ فعل ، حنو .بلدان : بلد : ـ فعل ، حنو

166

: فواعل 16" فوعل " و لوزن . طوالق : خوامت ، طالق : خامت : ذكر عاقل ، حنو إال ما كان وصفا مل " فاعل " رد مجعا لوزن يط .جواهر : جوهر : حنو : ـ فعاىل 17 : رد مجعا لألوزان التالية يط

.صحارى : صحراء : ـ فعالء ، حنو .حباىل : حبلى : فعلى ، حنو ـ

.كسلى : كسالن : ـ فعالن ، حنو : ـ فعاىل 18

.سكارى : سكران : ، حنو " فعلى " و " فعالن " يرجح للوزن ـ فعايل 19

" .فعلى " و " فعلى " و " فعالء " و " فعلى " يف وزن " فعاىل " يقع مجعا ملا وقع عليه : ـ فعايل 20 .كراسي : كرسي : االسم الثالثي الساكن العني ، املختوم بياء مشددة ، حنو رد يف يط

: ـ فعائل 21 : رد مجعا لالسم و الصفة على األوزان التالية يط

.طرائف : طريفة : ـ فعيلة ، حنو .رقائق: محائم ، رقاقة : رسائل ، محامة : رسالة : ـ فعالة بفتح الفاء أوكسرها أو ضمها ، حنو

.مشائل : مشال : ـ فعال ، حنو .عجائز : عجوز : ـ فعول ، حنو

: ـ فعالل 22 :رد فيما يأيت من األوزان يط

.جعافر : جعفر : ـ الرباعي الذي أحرفه أصلية ، حنو .فرازق : فرزدق : ـ اخلماسي الذي كل أحرفه أصلية ، حنو

.عصافري : قناديل ، عصفور : ل دحارج ، قندي: مدحرج : ـ الرباعي املزيد ، حنو

و خنتم حديثنا عن مجع التكسري بالقول أنه ميكن ملا جاء منه على صيغ مماثلة لتلك اليت بنيت عليها ألفاظ املفرد أن : أقـوال : ، و هو ما يسمى جبمع اجلمع أو منتهى اجلموع ، حنو )1(جتمع على األوزان اليت جيمع عليها نظريه املفرد

.مفاتيح : مفاتح . أقاويل

127التطبيق الصريف ص )1(

167

و بعد هذه النظرة الواسعة على اجلموع ، أصبح يف استطاعتنا تناول املسائل التطبيقية املندرجة حتت بـاب املفـرد ، و قـرأ البقيـة " غيابات اجلب " و اجلمع ، و أول ما نستهل به اآلية العاشرة من سورة يوسف ، حيث قرأ نافع

عد أن نقل أبو جعفر اختيار أيب عبيد لقراءة املفرد ، ألن ما ألقي فيه يوسف موضع واحد ، فنـد ، فب " غيابة اجلب " ما ذهب إليه ، ألن فيه تضييقا يف اللغة ، و بين أن القراءة باجلمع تصح من جهتني ، أوهلما ما رواه سيبويه عن العرب

أن : د عشية و أصيال ، و هذا دليل مساعي ، و الثـاين سري عليه عشيانات و أصيالنات ، و املقصو : من أم يقولون ، و تناول مكي الفرق بني القراءتني فأحـسن العـرض ، )1(يكون اجلب حمال لغيابات مجاعة من الناس قبل يوسف

كثرية تغيب عن النظر ، و هناك احتمال آخر للجمع يـرده للمفـرد ، يف اجلب حماال فاجلمع كما رأى يعود إىل أن يف إحدى غيابات اجلب ، و أما قـراءة : هو ان تكون العبارة مبنية على حذف أحد عناصرها ، و يكون التقدير و

مبعـىن اجلمـع ، فتلتقـي " غيابة " اإلفراد فتأويلها أن االنسان ال حيتويه إال موضع واحد ، على أنه ميكن أن يكون ني ، أن قراءة اجلمع يردها التأويل إىل الواحد ، و أن أكثر القراء القراءتان ، و أما اختياره فيقع على قراءة املفرد لسبب

، و قارب أبو حيان قراءة اجلمع من وجهة بالغية ، تفيد من خالهلا صيغة اجلمع املبالغة يف املعـىن الـيت ال )2(هاعلي . )3(حتصل باملفرد

و قـرأ ،الذين هم ألمانتهم و عهدهم راعون و ، قرأ ابن كثري 08 و يف قوله تعاىل من سورة املؤمنون اآلية مصدر حيتمل معىن اإلفراد و اجلمع ، و أن " األمانة " ، و ذهب أبو جعفر إىل أن " األمانات " البقية باجلمع يف لفظ

اجلمع يفيد اختالف األنواع اليت يصدق عليها تسمية األمانة ، و استحسن صـاحبنا اجلمـع ألن املعـىن يتطلبـه ، إن اهللا يـأمركم : من سورة النساء 58و اعترض على حجة أيب عبيد يف اختياره قراءة اجلمع بقوله تعاىل من اآلية

بأن األمانات يف هذه اآلية هي الشيء العيين ، بينما هي يف املوضع قيد احلديث اسـم أن تؤدوا األمانات إىل أهلها يرجـع " األمانة " ، و تناول الفارسي توجيه القراءتني ، فارتأى أن توحيد )4(ابعده" عهدهم " عام بدليل جميء لفظ

من سـورة 58لكوا مصدرا و اسم جنس ، ينضوي حتت لفظه معىن القلة و الكثرة ، و استدل لقراءة اجلمع باآلية يتطابق مع استعمال النحـاة ال " األمانة " ، و نريد أن نشري إىل أن إطالق الفارسي اسم اجلنس على لفظ )5(النساء

"األمانة" هلذا املصطلح ، فقد مر بنا أم حيصرونه فيما كان املفرد منه تلحقه ياء النسب أو تاء التأنيث ، و ليس لفظ املعـىن العـام " األمانة " من شيء يف ذلك ، على أننا نفهم مقصود الفارسي من التسمية اليت أطلقها ، فهو يريد ب

قارب مكي بأسلوبه الواضح الذي عودنا عليه الفروق بني القراءتني ، فاملفرد مصدر يصح أن نسمي بـه ارد ، و ي معطوف عليه ، و هو مثلـه مـصدر " عهدهم " القليل و الكثري من جنسه ، فهذا وجه القراءة به ، و يؤيده أن لفظ

ذا تباينت األنواع اليت يشملها كان حقه اجلمع ، جاء على صيغة املفرد ، و أما قراءة اجلمع فمرجعها إىل أن املصدر إ

10 / 2إعراب القرآن )1( 5 / 2الكشف )2( 285 / 5البحر احمليط )3( 238 / 2إعراب القرآن )4( 279 ـ 278 / 5احلجة للقراء السبعة )5(

168

، و مل يضف )) 1 أن تؤدوا األمانات إىل أهلها : و زاد يف االحتجاج هلا باتفاق القراء على اجلمع يف قوله تعاىل عـاة املهدوي شيء جديدا إىل ما سبق مكتفيا بالتلخيص ، فاألمانة مصدر و لذا كان حقها أن تفرد ، أما مجعها فمرا

.)2(ألنواعها املتباينة من سورة سبأ يطالعنا موضع آخر الختالف القراء بني من قرأ باإلفراد و بني من قرأ باجلمع ، فابن 15 و يف اآلية

، و قرأ محزة و إبـراهيم النخعـي ) من مساكنهم ( كثري و أبو عمرو و نافع وعاصم و أبو جعفر و احلسن قرؤوا ، و قد مال صاحبنا إىل قراءة اجلمع ، ألا مجعت الصحة يف لفظها و معناها ، و تأول قراءة املفرد )من مسكنهم (

خرج من داللته على اإلفراد للداللة على اجلمع ، أو أنه مصدر ال يـستوجب " مسكنهم " إما أن لفظ : بأحد أمرين و اللفظ ، و أما قراءة املفرد فرأى مثـل صـاحبنا ايب ، و وجد الفارسي يف القراءة باجلمع تطابقا بني املعىن )3(اجلمع

يف مواضع سكناهم ، على أنـه : تقدير حمذوف ، فتكون العبارة على النحو التايل بجعفر أا مصدر ، بيد أنه خالفه عدل من مقاربته هذه حني أضاف بأن تضمني املسكن معىن السكىن استوجب إفراده ، ألن حق املـصادر أن تـرد

مبعىن السكىن ، و هـو " مسكن " ، و مل خيرج مكي عن دائرة التأويل اليت رسم حدودها أبو جعفر ، ف )4(ةمفرد . )5(فيوافق فيها اللفظ املعىن" مساكنهم " مصدر يدل على القليل و الكثري ، و أما

القراء بـني قـراءة ، فقد محلت صورة أخرى من اختالف 37 و نتناول اآلن آية أخرى من سورة سبأ هي اآلية ، )6(مجعـا ) غرفـات ( ، فيما قرأ بقية الـسبعة ) غرفة ( املفرد و قراءة اجلمع ، فقد انفرد محزة من السبعة بقراءة

و حكم أبو جعفر لقراءة اجلمع ، ألنه وجدها أوثق صلة بالسياق ، فعبارة اآلية سـادها اجلمـع ، إن يف ألفاظهـا يراد " الغرفة " ، و خالف الفارسي صاحبنا حني ذهب إىل أن )7(، و إن يف ضمائرها ) م ، أولئك أموالكم ، أوالدك (

، و احـتج " الغرفـات " تفيد استغراق اجلنس ، فهي هلذا أعم من " ال " و اسم اجلنس ، يعين ذا أن ا اجلمع من سورة 20 اإلفراد ، و احتج للجمع باآلية على" الغرفة " من سورة الفرقان اليت ورد فيها لفظ 75للمفرد باآلية

دالـة " الغرفـات " من العنكبوت ، حيث ورد فيهما اللفظ مجعا ، و رد على احتمال أن تكون 58الزمر ، و اآلية ، و مل يبعد ابـن زجنلـة عـن حتليـل )8(السياق يفيد املدح ، و ذلك ال يكون إال بإرادة الكثرة على مجع القلة بأن

ىل إتفيد الكثرة ملا فيها من استغراق اجلنس الناتج عن حريف التعريف ، و أضـاف " الغرفة " فرأى مثله أن ،الفارسي ، و طـابق )9( من سورة الزمر 39ذلك أن من عادة العرب الداللة بالواحد عن اجلميع ، و احتج لقراءة اجلمع باآلية

125 / 2الكشف )1( 433 / 1شرح اهلداية )2( 413 / 2إعراب القرآن )3( 13 ـ 12 / 6ة احلجة للقراء السبع)4( 15 / 2الكشف )5( 507 / 2التذكرة يف القراءات الثمان )6( 423 / 2إعراب القرآن )7( 23 ـ 22 / 6احلجة للقراء السبعة )8( 590حجة القراءات ص )9(

169

داال " الغرفـات " لة ، و دفع أن يكون مجع املؤنث يف لفظ توجيه مكي للقراءتني ما وجدناه عند الفارسي و ابن زجن ، ومـن مث " غرف " جمموع أوال على التكسري " الغرفة " أن لفظ : على القلة بأنه ال يبعد أن يكون مجع مجع ، أي

.)1("غرفات " على مجع التأنيث

208 / 2الكشف )1(

الفصـل الثالث للقراءات التـوجيه النحــوي

احلذف ـ

احلمل على املعىن ـ ب على املوضعاإلعرا ـ

171

ذفـاحل

يف و إذا كـان النحو العريب أنه مجع يف تناوله للظواهر اللغوية بني الوصف و التفسري ، يف البارزة صائصاخلمن الوصف يكتفي برصد الواقع اللغوي كما هو ، و تلمس خصائصه احملسوسة ، فإنه يف التفسري يسعى إىل جتاوز هـذا الواقع ، بالبحث يف األسباب الكامنة وراءه ، و اليت أدت به إىل أن يكون على هذه الصورة دون تلك ، و هنا يطرح

ا يفسر ما حيتاج إىل تفسري من موضوع دراسته ؟ لنقـل أن من أين يستمد النحوي األدوات اليت : سؤال هام هو مالحظته ملادة دراسته نفسها ، بعد أن يقوم بالعمليات الـضرورية مـن التعمـيم بعض هذه األدوات يستمدها من

يطة قاعدة بـس النحوي ررو التجريد ، ألن ما يقع يف متناوله من موضوع الدراسة هو دائما عناصر جزئية ، فلكي يق ، أن الـضرورية االستقراء األولية من مثل أن األمساء بعد حروف اجلر تكون جمرورة ، يستلزم ذلك منه ، بعد عملية

فكـرة النصوص و الشواهد اليت يتخذها موضوعا لدراسته ، : حاالت اجلر اليت يقف عليها من املدونة أي من جيردإال بعد أن يقوم بعملية التحليل اليت يهتـدي ـا إىل مكونـات يصل إىل هذا عامة يصوغها يف عبارة لغوية ، و ال

، مث حتديـد صطلحات مب ختصيصها، و ـ حروف اجلر و األمساء ارورة حبسب املثال الذي ذكرناه الظاهرة اللغوية .عبارة لغوية دقيقة قدر اإلمكان العالقات القائمة بينها ، و أخريا بلورة كل هذا يف

التفسري ليست مجيعها قائمة على النحو الذي رأينا ، و ال مجيعها خيضع للشروط املثالية الـيت أتينـا بيد أن أدوات للظواهر اللغوية ، و ليـست نتيجـة احملايدة هذه األدوات ليست مستمدة من املالحظة العلمية على ذكرها ، فبعض

ة ، و من املناخ الفكري السائد ، و ما ميوج فيه من النحوي من ثقافته اخلاص ستمدها يالستقراء تام للجزئيات ، و إمنا ـ على النحو العريب و الذي يلقي نظرة فاحصة تيارات و مذاهب ، املنطق و علـم الكـالم آثار جيد ـ دون شك

قد استمدت مـن و اإلجراءات و املفاهيم ، و قد ترتب على هذا أن بعض املبادئ عليهو أصول الفقه بارزة الطابع ، مما كان له انعكاسات على كيفية وعي النحـويني مبـادة وفق شروط فكرية و تارخيية خاصة املعرفة هذه ضروب

. و من مث التقعيد هلادراستهم ملا كان من املتعذر فهم حقيقة تصور النحاة لظاهرة احلذف يف التراكيب العربية علـى املـستوى النحـوي ، و

القواعد اليت خلصوا إليها يف هذا اال ، مما قد جنده غريبـا و غـري مـربر م إىل سن و إدراك املربرات اليت حدت ، لنكـون هذه الوجهة دون غريها اليت وجهت النحاة معرفة اخللفية الفكرية ، فقد كان من الضروري للوهلة األوىل

. على بينة من أمرنا فيما نصدره يف حقها من أحكام قيقة إذا قلنا أن هذه اخللفية اليت حتكمت يف إدراك النحاة لظاهرة احلـذف يف اجلملـة العربيـة و لعلنا ال جنايف احل

و مفهوم اإلسناد ، و سوف نبسط احلديث فيما يلـي العامل ، مفهوم: ترجع إىل مبدأين أساسيني مها و التقعيد هلا طبقهمـا النحـاة علـى و كيف النظرية ، هماو معامل ، مصدرمها حقيقة من سطور يف هذين املبدأين ، لنقف على

.متخضت عن ذلكاليت النصوص ، و النتائج : مفهوم العامل

172

لن يكون من املبالغة يف شيء إذا قلنا أن النحو العريب يقوم أساسا على مفهوم العامل ، حبيث جنده بصمته يف كـل االرتقاء به إىل مستوى النظريـة ، و مـع أن النحو العريب إىل األبواب النحوية ، مما دفع بالباحثني احملدثني يف قضايا ، حبيث قل أن جند منهم مقاربة نظرية له ، فـإن مـن البحتتناول النحاة القدماء له قد غلب عليه اجلانب التطبيقي

، سـيبويه النحوية إال من منظاره ، و هذا ما جنـده جليـا عنـد احلق القول أن النحاة القدماء مل يدركوا الظواهر هذا باب ما يعمل فيه الفعل فينتصب و هو حال وقع فيـه الفعـل : عناوين أبواب كتابه بعض و يكفي أن ننظر يف

، هذا باب ما خيتار فيـه )2( ، هذا باب ما يعمل عمل الفعل ومل جير جمرى الفعل و مل يتمكن متكنه )1(و ليس مبفعول .)3(تدأ مبنيا عليه الفعلإعمال الفعل مما يكون يف املب

ن مفهوم العامل هو أن بعض األلفاظ ، وهي اليت يسميها النحاة بالعوامل ، يـؤثر يف بعـض األلفـاظ و مضم إن احلركة اإلعرابية ، و أصل العوامل و أقواهـا هـو األخرى ، و هي ما يسمى باملعموالت ، و نتيجة هذا العمل هي

، و أمـا )5(و أن ال تكون جزء مما تعمل فيـه ، ف اليت اشترطوا يف عملها االختصاص و يأيت بعده احلرو ، )4(الفعل و هي املشتقات األربعة املعروفة باإلضافة إىل ، )6(األمساء فاألصل فيها أن ال تعمل ، فإذا عملت فلعلة مشاتها للفعل

.املصدر أو ذلك حينما وجدوا أثـر العمـل وامل لفظية ، و بيد أن النحاة مضوا أبعد من هذا حني أقروا أنه ليس كل الع

عنوي ، و ذلك يف االمسـني املرفـوعني يف امل دون أن يكون يف الكالم عامال لفظيا ، فنادوا بالعامل تصوروا وجوده و صاحب هذا القول الكثري ـ إىل أن العامل هنا هو االبتداء ، اجلملة االمسية ، حيث ذهبوا ـ البصريني منهم حتديدا

اإلسـناد ، وذهـب ، فذهب البعض إىل أنه التعري من العوامل اللفظية و من هذا اللفظ عىن املمن اخلالف يف حتديد هو ما يأخـذه ، وذهب البعض إىل أن املقصود الزجاج يف فهم معىن االبتداء إىل أنه ما يف نية املتكلم من اإلخبار عنه

. )7(سند إليهاللفظ من األولية يف الكالم و التقدم على ما ي لنظرية العامل اليت تبدوا فيها األلفاظ عاملة يف بعضها احلسي و حاول لفيف من النحاة أن خيفف من الطابع املادي

إىل أن حينـا و ، حينـا )8(ت وعالمات مثل عمل النار يف احلطب ، فنبهوا إىل أن العوامل هي يف حقيقة احلال أمرا ، بيد أن )9(أللفاظ من باب التوسع يف الكالم ال غري لتكلم ، و أن النحاة نسبوا الفعل العمل يف احملصلة هو من فعل امل

44 / 1الكتاب )1( 72 ص نفسهاملصدر )2( 88 ص نفسهاملصدر )3( 514 / 1األشباه و النظائر )4( 56 ـ 55 / 1األصول يف النحو ـ ابن السراج )5( 52 ص نفسهاملصدر )6( 85 ـ 84 / 1شرح املفصل ـ ابن يعيش )7( 68أسرار العربية ـ األنباري ص )8( 110 / 1اخلصائص ـ ابن جين )9(

173

اليت بقيت أسـرية املفهـوم عد دائرة التنظري ، فلم يكن هلا سلطان على الدراسة النحوية التطبيقية ، تهذه األقوال مل ت . )1(السابق للعامل

مصدر مفهوم العامـل ، و قـد سال فيها الكثري من احلرب قضية وو من القضايا اليت طرحت على بساط البحث و فد إليـه النحوي العريب ، التفكري أحدمها ارتأى أن هذا املفهوم دخيل على : اختلف الدارسون بني تيارين أساسني

العريب ، فيما بدا فأرجعه البعض إىل النحو السرياين املنتشر يف بيئة العراق قبل ظهور النحو من بيئات فكرية أجنبية ، للبعض اآلخر أنه نتيجة للمنطق األرسطي الذي عرفه العرب يف وقت مبكر ، و ممن ذهب هذا املذهب حممـد عيـد

به ، و أن العقلية العلمية يؤثر يف حبثهـا واغرمواعرفوا املنطق يف وقت مبكر العرب قد إذا عرفنا أن «: حيث يقول العامل النحوي ، إذ فكرةفكري العام الذي حييط ا ، اتضحت بداية الطريق يف ـ و لو بطريق غري مباشر ـ اجلو ال

أمـا ، )2(»قلوها بدورهم إىل دراسـام تركت الفكرة املنطقية ظالهلا على عقول الباحثني من علماء النحو الذين ن رحـم مـن من ذهب إىل أنه ولد التيار الثاين فرأى أن مفهوم العامل أصيل يف الفكر العريب ، مع تلون يف الرأي بني

ـ الذي قـسمه إىل االستداللفهوم و هذا ما يستشف من قول متام حسان يف معرض تناوله مل،النظرية النحوية ذاا بنوعيه اإلسالمية واضح أن االستدالل على الطريقة « :و استدالل فقهي و استدالل حنوي ـ يقول استدالل منطقي

مباشر غري صوري ، و أنه حىت مع استعمال بعض املصطلحات املنطقية مثـل دالل طبيعي است) الفقهي و النحوي ( ، و إىل هذا القناعة وصل حممد سامل صـاحل ، )3(» غري الفكر و التطبيق غري التطبيق فإن الفكر يف النهاية " العكس "

عند أرسطو ، من حيـث هالذي عاهدنا م بأن النحو العريب يشوبه املنطق ، فهو منطق خمالف لذلك و إن سل ،الذي هناك قوانني عقلية بديهية جندها يف النحـو «: يقول ، أنه منطق طبيعي يقوم على قوانني العقل املشتركة بني البشر

، )4(»ديهية ال حيتاج العقل يف إدراكها إىل منطق أرسطو بىل املنطق اليوناين ؛ ألا قوانني إالعريب ال ينبغي أن نردها وليد احلقل قياس النحوي بأن ال أقر حيث و إن كان قاربه من جهة القياس ، عابد اجلابري هذا التوجه ، يؤيد حممد و

حسب ـ و هو احلقل العريب األصيل يف تصوره من بني احلقول املعرفية الثالثة اليت عرفتها الثقافة العربية املعريف البياين مـن و ليس مجعـا يقوم على تقدير شيء على مثال شيء آخر ، إذ ، رسطيلقياس األ با إطالقا صلة له ال ف ـ زعمه

جد من املنادين بأصالة نظرية العامل من يردها إىل تأثر و و ، )5(ية عنهما الستخالص نتيجة ضرور لقولني نوع خاص جند أثرا هلا عنـد و هي فكرة و أصوله ، ىل الذهن هو الفقه إالتفكري النحوي حبقول فكرية عربية أخرى لعل أسبقها

. )7( علم الكالميف احلقل املعريف الذي تأثر به النحاة فحصر مهدي املخزوميأما ، )6(األفغاين

202 ص م ـ2006 ـ 4 ـ عامل الكتب ـ ط حممد عيد:عريب يف نظر النحاة و رأي ابن مضاء و ضوء علم اللغة احلديث أصول النحو ال 1 203ص نفسه املصدر 2 75 ـ 74األصول ص 3 130دراسة يف فكر األنباري ص : أصول النحو 4 132بنية العقل العريب ص 5 104يف أصول النحو ص 6 25 العريب نقد و توجيه صيف النحو 7

174

نظرية العامل نابعـة مـن املالحظـة اخلطوة األوىل يف أقرب إىل احلق يف نظرنا هو أن الرأي الذي يبدو على أن و كانـت لحقها حركات معينة حني تسبقها ألفاظ أخـرى ، بعض األلفاظ ت مضمون هذه املالحظة أن و ،الصرفة

اخلطوة الثانية هي احلكم بأن األلفاظ األوىل مؤثرة يف األلفاظ التالية مبا جتلبه هلا مـن حركـات ، و االنتقـال مـن ، كمـا أن قوالتـه مب ال التأثر املالحظة األوىل إىل احلكم الثاين ال يبدو لنا أنه يستلزم االطالع على منطق أرسطو و

إدراك العقل بأن النار تؤثر يف احلطب فتحرقه ال يلزم عنه ضرورة أن هذا العقل قد استلهم فكرته هذه مـن مقولـة فتطـورت و ال شك يف أن هذه البذرة األوىل يف فكرة العامل النحوي أخذت تنموا شيء فشيء ، ية األرسطية ، العل

على حنو العريب ، و راح النحاة يضيفون إليها حىت اكتملت صورا تطورا عضويا داخليا ضمن نطاق التفكري النحوي انتقاال ، و من املؤكد أن االنتقال من القول بالعامل اللفظي إىل القول بالعامل املعنوي كان ما جند يف مصنفات النحاة

، فكما أن الثانية تؤثر يف ةطبيعيا ، فالقول بالعامل إذن أقرب ما يكون إىل قياس الوحدات اللغوية على عناصر الطبيع بـأوجز فه اجلابري ، و قد عر فكذلك حال األوىل ، و هذا الضرب من القياس مألوف يف الثقافة العربية بعضها بعضا

نالقيه يف الفقه كمـا نالقيـه يف و هذا املفهوم للقياس ،)1(» هو تقدير شيء على مثال شيء آخر «: لفظ حني قال و لعل أحسن ما خنتم به الرد على دعوى من قال مبالبسة ، أيضا يف النحو من الغريب أن جنده ليسلذا علم الكالم ،

و مىت عهد الناس أن النحو ميزج باملنطق ، و هـذه مؤلفـات اخلليـل «: للنحو حني نشأته مقولة السيوطي املنطق . )2(»و سيبويه و معاصريهما و من بعدمها بدهر مل يعهد فيه شيء من ذلك

الزعم بأن هـذا لكنطي إىل النحو العريب ، و هذه حقيقة ال ميكن املراء فيها ، و لقد تسرب تأثري املنطق األرس ذ النحاة العرب باملنطق األرسطي وقع بعـد أخإذ أنردود ، مقول هو التأثري هو العامل احلاسم يف نشأة النحو العريب

مل يتم هذا األخذ دون أن يلفت إليه األنظار ، زمن اخلليفة العباسي املأمون ، و حركة الترمجة الواسعة للتراث اليوناين و املعارضة ، و هذا ما جنده يف تعليق الفارسي ملا ابتدعه الرماين من توظيف ملقوالت املنطق دون أن يالقي االنتقاد و

:اما عن املنهج النحوي األصيل ، قـال يف تناول قضايا النحو ، وهو تعليق يكشف عن أن هذا التوجه كان غريبا مت . )3(» إن كان النحو ما يقوله الرماين فليس معنا منه شيء ، و إن كان النحو ما نقوله فليس معه منه شيء «فبما أنه حل و النظريـة ، و حدوده هذا التأثري املتأخر للمنطق يف النحو العريب درجة على أنه ال يفوتنا أن ننبه إىل حوية العربية قد اكتملت تقريبا من حيث الرؤية و ضبط املسائل ، فلم يبق له من جمال يؤثر فيه إال ما جنده يف إعادة الن

ال يكاد يالمس ما هو أساسـي يف النحـو ، و هو كما نرى تأثري سطحي رسم حدود املفاهيم و التعليل لألحكام ، العوامـل ال يليهـا إال اجلوامـد ال «: ثر يف عالقته مبفهوم العامل ني يظهر لنا هذا األ بو نقدم فيما يلي نصا للشلو

فكما أنه لـيس ...الصفات ، إال أن تكون خاصة للجنس ا ، فيجوز حينئذ حذف املوصوف و إقامة الصفة مقامه :و لكن املستحسن إمنا هـو ..مررت باحلسن ، و ال مررت باجلميل ، ألنه ال خيص جنسا من جنس : مبستحسن

132 ص م ـ2000 ـ 7حممد عابد اجلابري ـ املركز الثقايف العريب ـ ط : بنية العقل العريب )1( 181 / 2بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة )2( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )3(

175

،)1(»مررت بالضاحك ، ألنه خيص جنسا من جنس فيعلم املوصـوف هنـا : مررت ذا الضاحك كما يستحسن : لنقل أوال أن هذا النص تعليل حلكم حنوي هو أن العامل يدخل على املوصوف الذي يكون من أمساء الـذوات أي

املوضـع حيـدد صاحب الـنص فإن مه ، حيدث أن يحذف هذا املوصوف فتقوم الصفة مقا مبا أنه ، و لكن اجلوامد ، فمىت ، معتمدا يف ذلك على املنطق و متوسال مبفاهيمه املستحب املستكره يف قيام الصفة مقام املوصوف من املوضع

كانت الصفة عامة غري حمددة جبنس دون آخر كان املوضع و االستعمال مستكرها ؛ ألنه يؤدي إىل االلتباس ، فـإذا مررت بالناطق ، : مل نعرف أهو روض ، أو مشهد ، أو إنسان ، و على النقيض من ذلك إذا قلنا قلنا مررت باحلسن

هي اخلاصة اليت ميكن محلها على النوع وحده محال " الضحك " ف ، ال يتعدى اجلنس البشري ألن االحتمال واحد نالقيه يف املـصنفات النحويـة األوىل ، و واضح الفرق بني هذا التعليل و ما ماثله و بني التعليل الذي ، )2(بالعرض

يقبح : قال حممد بن يزيد «و لنقارن بينه و بني نص للمربد أثبته النحاس يف كتابه إعراب القرآن يتناول نفس الفكرة .)3(»مررت حبسن على أن تقيم الصفة مقام املوصوف ألنه ال يعرف ما أردت: يف العربية أن تقول

خنلص إليها هي أن نظرية العامل وليدة التفكري النحوي عند العرب ، وليس من مربر مقنع يـدعو إىل و النتيجة اليت . إحلاقها باملنطق اليوناين ، فهي باألساس تصور بسيط الغرض منه تفسري خاصية اإلعراب يف اللغة العربية

:اإلسنادمفهوم يث فيهما كتمهيد ضروري ملوضوع احلـذف يف التراكيـب إن ثاين املفهومني الذين محلنا أنفسنا على بسط احلد

)4(»عملية ذهنية تعمل على ربط املسند باملسند إليه «: و هو حسب تعريف مهدي املخزومي ، العربية هو اإلسناد اإلسناد هو ضم كلمة حقيقة أو حكما أو أكثر إىل أخرى «: ، حيث قال أوضح و أكمل و لعل تعريف الكفوي ،

فهو إذن عملية تركيبية ينشأ عنها شيء جديد ال جنده يف جممـوع ، )5(» أكثر حبيث يفيد السامع فائدة تامة مثلها أو .عنصريها إذا ما أخذنامها كل على حدة

سـند مسى املبتدأ فاخلليل، اجلملة اإلسناد يف ع تضارب فيما يطلق على ركين و وق على أنه ال يفوتنا هنا أن نسجل أن سيبويه قد أخذ عنه هذين املصطلحني مع بعض التعديل ، حيث اسـتعاض عـن رجحي، و )6(ند إليه و اخلرب املس

املبتـدأ " املـسند " ، و الظاهر من املواضع اليت استعمل فيها هذين املصطلحني أنه يريد ب " املسند " ب " السند " ، كما أنه يعرب )7( "املسند إليه " على " املسند " نه يقدم ذكر اخلرب ، و الذي محلنا على هذا هو أ " املسند إليه " و ب

538 / 1األشباه و النظائر 1 49 ص م ـ2009 ـ 3 ـ ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر ـ ط اليعقويب حممود:دروس املنطق الصوري 2 73 / 1إعراب القرآن 3 31ص م ـ 1986 ـ 2مهدي املخزومي ـ دار الرائد العريب ـ ط : يف النحو العريب نقد وتوجيه 4 100ص م ـ 1998 ـ 2مؤسسة الرسالة ـ ط عدنان درويش ، حممد املصري ـ : أيوب بن موسى احلسيين الكفوي ، تح : الكليات 5 2116لسان العرب ص 6 126 / 2 ، 23 / 1الكتاب 7

176

و منه جاز لنا الزعم بأن املـسند و البناء متساويني عنده ، اإلسناد ، فال يبعد أن يكون "املبين عليه " عن اخلرب بلفظ . )1(إليه يعادل املبين عليه

، و هـو بينـة اللفظ ذو محولة حسية أنأول ما نقوله هو ، و عالقة اإلسناد نتعمق يف فهم و نريد فيما يلي أن ـ يستلزم فينشأ عن ذلك متاس و اتصال ، ثابتا ، و يؤتى بالثاين ليعتمد عليهأحدمهايكون شيئني ـ يف عامل التجربة فإذا كان فاضال ، ، مما يعين أنه يقيم بني الركنني ت )2( و سيبويه يستعمل لفظا آخر بديال عن اإلسناد هو البناء ، بينهما

، فكذلك املبتدأ ، الوصف ا على هذ يوجد أوال الشيء املسند إليه ميتاز بالرسوخ و الثبات ، فال يسند إليه شيء حىت ،و إمنا أيضا من حيث الرتبة احملفوظة من حيث النطق به ليس فقط األولية يف الوجود و هو ما يتجلى له من حيث أن للمبتدأ يف بعـض وية إذا كان سيبويه يعطي األول نالحظ أنه فيتم ما تكوين اجلملة ، و مث يؤتى باخلرب له يف النحو ،

،)4(»مها ما ال يغىن واحد منهما عن اآلخر « ف ، فإنه يف أخرى جينح إىل التسوية بني ركين التركيب ، )3(السياقات، فإننـا من متام املعـىن ما يترتب عن هذا الضم يقوم على الضرورة ، و إذا مل يذكر سيبويه فالضم بني املبتدأ و اخلرب

. تفكريه هذا مل يكن بعيدا عن نشعر أنو املسند ، و كيف أمكن اجلمع بينهما ؟ لقد أجاب سيبويه عن هـذا و لكن ما هي طبيعة العالقة بني املسند إليه

اخلرب داال على احليـز املكـاين أو الزمـاين من حيث املاهية ، أو يكون نيتطابقااملبتدأ و اخلرب أن مفادهالسؤال مبا أو يكـون يف مكـان أو هو إن املبتدأ ال بد له من أن يكون املبين عليه شيئا هو «: هذا ما عرب عنه بقوله و ،للمبتدأ إىل مجلة من العالقات ، فقد تكون عالقة تطابق بني ه إذن على حتليل اإلسناد يقوم فهوم فتصور سيبويه مل ، )5(»زمان

زيد منطلق ، فزيد و املنطلق حييالن على ذات واحدة ، ذكرت حينا حتت مسمى : ماهيتني كما يف املثال الذي ضربه إذا كـان « و هذه الفكرة جند صداها عند ابن جين حني نص على أنـه ،" منطلق " و حينا حتت مسمى ، "زيد "

و قـد ، )7(» املبتدأ عني اخلرب «: ليها أيضا ابن هشام حني قال كما نص ع ، )6(»اخلرب مفردا ، فهو املبتدأ يف املعىن . هو الذات فيما املسند احليز املكاين أو الزماين تكون عالقة حلول ذات يف زمان أو مكان ، فاملسند إليه

، و قد واجهتهم يف حاول النحاة أن ينقلوا فكرة اإلسناد من دائرة اجلمل اخلربية التقريرية إىل دائرة اجلمل اإلنشائية حتقيق مسعاهم هذا عراقيل مجة ، ألن بعض أضرب اجلمل اإلنشائية ال تظهر فيه عالقة اإلسـناد بـشكل واضـح ،

ـ تركيبه فيديالنداء اليت أسلوب ، من ذلك حالة فاضطروا إىل التأويل والتقدير ضـمن همعىن تاما مما يستلزم إدراج على مسند و مسند إليه ، فقال النحاة أن حرف النداء ينـوب عـن فعـل نبين ي من جهة أخرى ال هاجلمل ، و لكن

.أدعو : و فاعل حمذوفني ، تقديرمها

23 / 1الكتاب ) 1 81 / 1 نفسهاملصدر 2 24 / 1 نفسهاملصدر 3 23 / 1 نفسهاملصدر 4 127 / 2 نفسهاملصدر 5 29ص م ـ 1988ار جمدالوي ـ مسيح أبو مغلى ـ د: ابن جين ، تح : اللمع يف العربية 6 389 / 6مغين اللبيب عن كتب األعاريب 7

177

ازي ، فاألول منهما مياحلدود اليت رمسهـا لـه مل خيرجوا يف فهمه عن ز النحاة بني اإلسناد احلقيقي و اإلسناد ا ، حبيث يكون كل منهما داال على ذات و املسند ه العالقة بني املسند إليه سيبويه ، أما الثاين منهما فهو ما انقطعت في

.زيد شبيه أو يشبه األسـد : فقد عمد النحاة فيه إىل التقدير ، حبيث تكون اجلملة ، زيد األسد : مغايرة ، مثل قولنا ا فيه ، و كشفوا عن حقيقة أن هذا الضرب من اإلسناد قد اختذه البالغيون موضوعا لبحثهم فتوسعو على أننا نالحظ

.)1(األداة حذفت منه من التشبيه ،ا، و حمصول كالمهم فيه أنه ال يعدو أن يكون ضربالعالقة القائمة بني طرفيه على لفظ يربط املسند باملسند إليه ، و هذه الرابطة مفقودة يف اللغة العربية ، ةاهلندية األوربي يتم اإلسناد يف اللغات

ل املبتدأ خبربه و الفعل بفاعله اتصاال مباشرا ، و قد ذهب مهدي املخزومي إىل أن األمر مل يكن على هـذه حيث يتص د هذا اللفظ الرابط يف فعل الكينونـة ، فترة كانت فيها رابطة اإلسناد متلفظ ا ، و حد بمرت فالعربية احلال دائما ،

و استحالت عالمة اإلسناد آخر األمر إىل صوت ى عالقة اإلسناد ، للداللة عل ) هو( :ستبدل الفعل بضمري الفصل مث ا ذهب إيـه ما ، ويدعم املالحظة األخرية للمخزومي من حيث الربط بني احلركة اإلعرابية و عالقة اإلسناد )2(الضمة

، فإذا معزولني صوتني اإلسناد زالت عنهما احلركة اإلعرابية ، فيغدوان جمرد االزخمشري من أن املبتدأ و اخلرب إذا افتقد على أنـه أنه عقد و تركيب منإلسناد ل الزخمشري تصور و يدل ، )3(حتقق العقد و التركيب بينهما حلقهما اإلعراب

. لطبيعة مفهوم اإلسناد إدراكا النحويني أقرب كانمل حبسب ما درسـه و اجل املفردات و بعد هذا التمهيد الضروري منضي إىل صلب موضوعنا ، فنتناول احلذف يف

.النحاة القدماء :املفرداتحذف

نتناول ظاهرة احلذف يف العناصر املفردة اليت تنبين عليها التراكيب العربية ، جامعني بني ما كان عمدة ال يستغىن عنه . إال بدليل و بني الفضلة اليت جيوز حذفها دون حاجة إىل دليل يف الغالب األعم

:حذف املبتدأ : بتدأ مواضع جيوز فيها حذفه و أخرى يتوجب فبها ذلك ، فمن األوىل للم

: هذا اهلالل ، و من الثانية جوابك : اهلالل ، أي : ، فمن األول قول املستهل )4(مقايلـ إذا دل عليه دليل حايل أو . ؟ سعيدمن : على من سألك ،صاحيب

فتقدير ، ]72: احلج [ قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار : ىل إذا وقع يف مجلة جواب االستفهام ، حنو قوله تعا ـ .النار هو: جواب االستفهام على إظهار املبتدأ يكون كما يلي

326 ص م ـ1995 ـ 5حممود حممد شاكر ـ دار املدين ـ ط : عبد القاهر بن عبد الرمحن اجلرجاين ، تح : أسرار البالغة 1 33 ـ 32يف النحو العريب نقد و توجيه ص 2 83 / 1شرح املفصل 3 286 / 1سهيل شرح الت 4

178

و أما .فعمله لنفسه : أي ، ]46: فصلت [ من عمل صاحلا فلنفسه : ـ بعد فاء اجلواب ، كما يف قوله تعاىل : )1(أربعة حاالت النحاة يف ه ، فحصراحلذف الواجب

كن يف رفقة سعيد الفاضل ، اتق شر : أو الترحم ، حنو أو الذم النعت املقطوع عن التبعية ملنعوته ، يف سياق املدح ـ .هو الفاضل ، هو اللئيم: زيد اللئيم ، و التقدير

نعم الصديق زيد ، : يف أسلوب الذم ، حنو " بئس " يف أسلوب املدح و خمصوص " نعم " أن يكون خرب خمصوص ـ .هو زيد ، هو عمر : و بئس الرفيق عمر ، و التقدير

فجملة القسم االمسية قد حذف منها املبتـدأ فيكـون ، " يف ذميت ألفعلن " ـ ما جاء يف أسلوب القسم على مثال .عهد أو قسم يف ذميت : تقديرها على النحو التايل

.صربي صرب مجيل : صرب مجيل ، أي : ـ أن يأيت خربه مصدرا ناب عن فعله ، حنو : حذف اخلرب

:، من ذلك )2( حيذف اخلرب جوزا إذا دل على ذلك قرينة ؟ يف املسجدمن : سعيد ، ملن سألك: قولك جميبا مثل أن يكون جوابا الستفهام عن املخرب عنه ، ـ

، حنـو يف األوىل كما جيوز حذفه يف الثانيةيف مجلتني امسيتني معطوفتني على بعض ، فيجوز حذف اخلرب أن يكون ـ .، زيد و عمر جمتهد زيد جمتهد وعمر:

. فإذا املطر موجود: ، حنو خرجت فإذا املطر ، أي )3(ـ بعد إذا الفجائية :)4(و حيذف وجوبا يف احلاالت التالية

لـوال : ، و التقدير العاصفة لسافرت لوال: ، حنو داال على كون مطلق " لوال " ـ أن يكون يف حمل خرب ملبتدأ بعد .العاصفة موجودة

.لعمرك قسمي : لعمرك ألخرجن ، و التقدير : ـ أن يكون خرب للمبتدأ الذي دخل عليه حرف القسم ، حنو .كل و رأيه متالزمان : كل و رأيه ، و التقدير : بعد واو املعية ، حنو أـ أن يرد املبتد

.ضريب زيدا قائما : عامال يف مفسر صاحب احلال ، حنو ـ أن يكون املبتدأ مصدرا :الفعل حذف

:حيذف الفعل يف أبواب حنوية كثرية مما تصنف ضمن املنصوبات جوازا وحينا وجوبا، و فيما يلي ملخص ذلك و مثال الثاين مكة ، ملن رأيته يتأهب للسفر ، : ، فمثل األول قولك )5(حيذف جوازا إذا دل عليه دليل حايل أو مقايل

من رأيت ؟ : سعيدا ، ملن سألك : اإلجابة ب

288 ـ 287 / 1 ، شرح التسهيل 256 ـ 255 / 1شرح ابن عقيل أنظر مثال 1 275 / 1شرح التسهيل 2 275املصدر السابق ص 3 1099 ـ 1089 ، ارتشاف الضرب ص 278 ـ 276 / 1 ، شرح التسهيل 253 ـ 248 / 1شرح ابن عقيل 4 214شرح شذور الذهب ـ ابن هشام ص 5

179

: حيذف الفعل وجوبا يف حاالت كثرية منها : إن زيد خرج خرجت ، و مثال الثانية : ، مثال األوىل " إذا " و " إن " الشرط أدايت مرفوع بعد االسمـ أن يقع

.أسلوبك رقى فهذا دليل على كثرة مطالعتك إذا .هدوء ال ضجة ، تعسا لك : ، حنو )1(املصدر حمله يف األمر و النهيـ إذا حل

أمتاديا يف الظلم وقد ـى اهللا : ـ إذا حل املصدر بعد حرف االستفهام ، و كان هذا االستفهام بغرض التوبيخ ، حنو عنه ؟

زيـدا : لى املتقدم ، حنو ـ حيذف يف أسلوب االشتغال إذا تقدم اسم منصوب ، و تأخر فعل عامل يف ضمري يعود ع .أعنته

.أنتم محلة العلم رسالتكم مقدسة : ـ حيذف يف أسلوب االختصاص ، حنو .العمل العمل ، االجتهاد و النشاط : ، حنو )2(ـ حيذف يف أسلوب اإلغراء إذا كان املغرى به مكررا أو معطوفامكـررا أو ، أو كان احملذر منه )3("إياك " املنفصل ـ حيذف يف أسلوب التحذير ، إذا كان احملذر منه ضمري النصب

.إياك و التواكل : النار النار ، اخلمول والتهاون ، و مثال الثاين : منصوبا ، مثال األول إذا قـدرنا املطلق لغري التأكيد و املفعول معه ، و احلال و النعـت املفعولـ حيذف يف حاالت خاصة مع الظرف و

.)4(عاملها فعالحسبك خريا لك ، وراءك أوسع لك ، : و من الصيغ السماعية اليت حذف فيها الفعل بعض األمثال العربية ، منها ـ

أجتمع ، كل شيء : أحشفا و سوء كيلة ، و التقدير : ، و من ذلك أيضا )5(إئت: و قدر سيبويه الفعل احملذوف ب .)7(كتاب مثل هذا احلذف بكثرة االستعمال وعلل صاحب ال ، )6(اصنع كل شيء: و ال ثتيمة حر ، أي

: حذف الفاعل مال ابن مالك يف مناقشته لقضية حذف الفاعل إىل منع إجازة ذلك ، ألن للفاعل وضع خاص به جيعله خمتلفـا عـن

ا دعاه إىل و هذا م ، و مرفوعا مثلهما عمدة يف اجلملة نظريمها يف كونه ه قارنه ما على أساس أن ناللذااخلرب و املبتدأ على أن ذلك مل مينعه من القول بضرورة تقدير الفاعل مصدرا من فعله إذا غاب عن التركيب ، و منع احلكم حبذفه ،

و احلذف فيها على ما يبدو مساعي ال قياسي ، و هذه حذف فيها الفاعل ، اليت إيراد بعض الشواهد من كالم العرب :الشواهد هي

177 / 2شرح ابن عقيل 1 223شرح شذور الذهب ص 2 16 / 3جامع الدروس العربية ،25 / 2 شرح ابن يعيش 3 204 ـ 175 / 2شرح ابن عقيل 4 282 / 1الكتاب 5 343 / 1شرح الكافية 6 283ق ص نفسه املصدر 7

180

فاعـل " رجـال " ، ف ]36: النور [ بح له فيها بالغدو و اآلصال رجال يس : كر ـ قراءة ابن عامر و أيب ب . يسبح : للفعل احملذوف الذي تقديره

: قول الشاعر ـ أرى األيـم ال تبقي كرميا و ال العصم األوابد و النعاما

عـما تـؤاما و ال علجان ينتبان روضا نضـريا نبته .)1(يبقى: فلفظ علجان فاعل لفعل حمذوف تقديره

ظهر ، : مثل )2( ، على شرط أن يكون هذا الفعل داال على رأي ـ إذا غاب الفاعل عن اجلملة قدر مصدرا من فعله اآليات ليسجننه وارأمث بدا هلم من بعد ما : قوله تعاىل فمثال األول أو يكون الفعل فعل استثناء ، ، بان ، تبين

زيدا ، فالتقدير ) ما عدا ( و مثال الثاين وصل املسافرون ماخال .بدا هلم البداء : ، و يكون التقدير ]35: يوسف [ وصل املسافرون ما خال وصول زيد : فيها

: ـ حيذف الفاعل إذا نصب الفعل ما خيتص به ، حنو قول الشاعر علم الضيف و املرملون إذا اغرب أفق و هبت مشااللقد

" .مشاال " و املنصوب " هبت " فالفاعل الريح حمذوف دل عليه الفعل :حذف املفعول به

يلحق احلذف املفعول به كثريا مع األفعال ماعدا أفعال القلوب ، ويضاف إليها املتعجب منه إذ ال يصح التعجب مـن :احلذف على قسمني ، و ينقسم هذا )3(دونه

: ، أي ]129 : آل عمـران [ يغفر ملن يشاء : ، حنو قوله تعاىل أي أن املفعول مراد و مقصود ـ حذف منوي . يغفر ملن يشاءه

خيالفون عـن : ، حنو قوله تعاىل مكأن يضمن الفعل املتعدي معىن الالز ، على جهة اإلعراض ـ حذف غري منوي و ال يعد ابـن .جيازي و يعاقب فالن : حنو و قد يكون مبعىن اإلطالق ، . ينحرفون : ، أي ]63: النور [ أمره

.)4( ذكره املتكلمهشام هذا الضرب من إسقاط املفعول حذفا ، ألنه ليس من غرضزاء الظلـم أ علم املعتدون ج : كأن توجه اخلطاب إىل أحدهم قائال ـ قد حيذف املفعولني معا إذا دل عليهما دليل ،

.علمت : ل جوابا والعقاب ؟ فيق :حذف املستثىن

.قرأت من الكتاب فصلني ليس إال : ، حنو )5("ليس " املسبوقتني ب " غري " و " إال " حيذف املستثىن إذا كان بعد

119 ـ 118 / 1شرح التسهيل 1 122 / 2 نفسهاملصدر 2 343 / 1شرح الكافية 3 356 / 6مغين اللبيب عن كتب األعاريب 4 465 / 6 نفسهاملصدر 5

181

:حذف املنادى :حذف املنادى يف بعض الصيغ السماعية ، حنو قول الشاعر

و األقوام كلهم و الصاحلون على مسعان من جار يا لعنة اهللايف مثل البيت السابق و غريه من الشواهد املسوقة للتدليل على حـذف يا " و ال يفوتنا أن نشري يف أثر ابن يعيش أن

. ، و يف هذه احلالة ينتفي احتمال احلذف )1( حتتمل أن تكون للتنبيه ال للنداءاملنادى :حذف املستثىن

.قرأت من الكتاب فصلني ليس إال : ، حنو )2("ليس " املسبوقتني ب " غري " و " إال " املستثىن إذا كان بعد حيذف :حذف التمييز

كم مالـك ، : االستفهامية و العدد ، حنو " كم " حيذف التمييز يف سياقات خاصة ، لدليل مقايل أو حايل وذلك مع .بعشرين دينارا : بكم هذا ، و التقدير : و عشرين جوابا على سؤال كم دينارا أو درمها مالك ،: و التقدير

: حذف احلال و املالئكة يدخلون عليهم سالم : ، حنو قوله تعاىل )3(حدد ابن هشام سياق حذفه بأن يكون مقوال دل عليه القول

.سالم عليكم : قائلني : ، أي ]127: البقرة [ عليكم : هي ، )4(يف أربع حاالتو منع السيوطي حذفه

كيف وجدت سعيدا ؟: مبتهجا ، ملن سالك : ـ أن تكون جوابا عن سؤال ، حنو قولك .مل يستجب لطلبنا إال مكرها : ـ أن تكون حمصورة ، حنو

.صومي رمضان حمتسبا : ـ أن تكون نائبة عن خرب ، حنو . ]43: النساء [ ال تقربوا الصالة و أنتم سكارى : ـ أن تكون نائبة عن التلفظ بالفعل ، حنو قوله تعاىل

: حذف املعطوف من الذي جنح هو و زيد ؟ ، : ، كأن ترد على من قال )5(حيذف املعطوف مع حرف العطف شرط توفر قرينة مقالية

.عمر و زيد : عمر ، أي : ضافحذف امل

ذا حذف املضاف أقيم املضاف إليه مقامه ، و أعـرب يرى ابن يعيش أن حذف املضاف شائع يف لغة العرب ، و أنه إ ابن جين مـن يعضد هذا ما رواه و و ال يبدو أن النحاة قد توصلوا إىل قواعد حتكم احلذف يف املضاف ، ، )6(إعرابه

24 / 2شرح ابن يعيش 1 465 / 6مغين اللبيب عن كتب األعاريب 2 461 / 6 نفسهمصدر 3 260 / 2مهع اهلوامع 4 348 / 2شرح الكافية 5 23 / 3شرح املفصل 6

182

الشواهد ن كانوا أكثر توفيقا من النحاة يف هذا اال ، و من و لعل البالغيو ، )1(أن الفارسي مل يكن يرى القياس فيه :و التقدير ، ]82: يوسف [ و أسال القرية اليت كنا فيها : اليت خرجها النحاة على حذف املضاف ، قوله تعاىل

و لكـن : و قوله تعاىل جاء أمر ربك ، : ، أي ]22: الفجر [ جاء ربك : ، و قوله تعاىل سأل أهل القرية ا، و علة احلذف األخـري أنـه ال جيـوز لكن الرب بر من آمن باهللا : ، و التقدير ] 177: البقرة [ الرب من آمن باهللا

.)2(اإلخبار باجلثة على احلدث :حذف املضاف إليه

مل تكثر العرب من حذف املضاف إليه كما أكثرت من حذف املضاف ، و أرجع ابن يعيش ذلك إىل أن الغرض من املواضع اليت حيـذف على أنه ميكن القول أن ، )3(ا يتعارض مع احلذف املضاف إليه التعريف و التخصيص ، و هو م

: قياسية ، و منهافيها املضاف إليهحينئـذ ، سـاعتئذ ، وقتئـذ ، : يها ، حنو لضاف إت اجلملة اليتحني يتصل ا ظرف زمان ، فتحذف " إذ " ـ مع . ]01: الزلزلة [ يومئذ حتدث أخبارها : ومنه قوله تعاىل ،يومئذ

: ، حنـو )4(، حيث حيذف املضاف إليهما ، و دليل حذفه وقوع احلـال منـهم " بعض " و " كل " مع لفظي ـ .ذكر " أخبار " علمت ببعض أخبارك ، بشرط أن يكون سبق ل : علمت ببعض مساعا ، و التقدير

مـن : هذا من قبل ، و التقدير فكرت يف : ، حنو " آخر" و " أول " و " بعد " و " قبل " من أمثال ظروفـ مع .قبل كذا مما يعرفه املخاطب

:املوصوف حذف ـ )5(أكثر ما يكون يف الشعر ، و القياس يكاد مينعه حسب ابن جين ذف أقيمت الصفة مقامـه ، و يشترط ، فإذا ح

:حلذفه ما يلي .)6( من املوجودات كثريمررت بطويل ، ألن ما حيتمل هذه الصفة: ـ أن ال ينشأ عن حذفها لبس ، حنو

.)7(مررت بعاقل: ـ أن تكون الصفة جارية على الفعل حنو .)8(ـ أن ال تكون الصفة مجلة

. ]11: اجلن [ و إنا منا الصاحلون و منا دون ذلك : و من أمثلة هذا احلذف قوله تعاىل :حذف الصفة

362 / 2ص اخلصائ 1 23 / 3شرح ابن يعيش 2 29 ص نفسهاملصدر 3 30 / 3شرح ابن يعيش 4 366 / 2اخلصائص 5 ـ نفس الصفحة نفسهاملصدر 6 62 / 3شرح ابن يعيش 7 366 / 2اخلصائص 8

183

اإلطناب و اإلسهاب يتعـارض و هو ذلك أن الغرض منها ال يصح حذف الصفة يف التراكيب العربية ، و السبب يف : سري عليه ليل ، و التقدير : و من أمثلة احلذف يف الصفة ، )1(مع الغرض من احلذف املتمثل يف اإلجياز و االختصار

.سري عليه ليل طويل :حذف عائد الصلة

ذرين و من خلقت : ، حنو قوله تعاىل )2(ف ، منصوبا بفعل تام أو بوص متصالحيذف عائد الصلة جوازا إذا كان ، .خلقته وحيدا : ، و التقدير ] 11: املدثر [ وحيدا

:إذا كان الضمري يف حمل جر يشترط يف حذفه ما يلي .التقيت مبن أنا مرافقه يف السفر : ـ أن يكون جمرورا باإلضافة إىل اسم فاعل ، حنو

، حنـو )3( فيهما فق العامل يت أن لى االسم املوصول حرف جر مثله ، و ع شرط أن يدخل جمرورا حبرف أن يكون ـ .و يشرب مما تشربون منه : ، و التقدير ]33: املؤمنون [ و يشرب مما تشربون : قوله تعاىل

: حذف حرف اجلر ، و يكثر هذا بعد "بل " و إبقاء عملها يف سياقات خاصة ، و ذلك بعد الواو و الفاء و " رب " أجاز النحاة حذف

.)4(فقليل ، و حذفها مع اإلبقاء على عملها من دوا نادر" بل " الواو ، أما بعد الفاء و : قول الشاعر احلذف بعد الواو مثال

و ليل كموج البحر أرخى سدوله علي بأنواع اهلموم ليبتلي :و مثال احلذف بعد الفاء

فمثلك حبلى قد طرقت و مرضع فأهليتها عن ذي متائم مغيل " :بل " و مثال احلذف بعد

ملء الفجاج قتمته ال يشتري كتانه و جهرمه بل بلدة ، مثال األول جواب )5(قياساكما يكون مساعا ، و يكون هذا احلذف فتحذف" رب " حتمل بقية حروف اجلر على

.كيف أصبحت ؟ خري ، و احلمد هللا : لى من سأله رؤبة ع :يةلففي احلاالت التا و أما احلذف القياسي

آ : ، مع تعويضه مزة مفتوحة تليها ألف ، مثل " اهللا " ـ حيذف حرف اجلر إذا كان للقسم و كان املقسم به لفظ . تهدن ها اهللا ألج: اهللا ألخرجن ، أو هاء بسقوط األلف و إثباا ، حنو

.بكم من مرجع : بكم مرجع استعنت يف حبثك ؟ و التقدير : ، حنو كم االستفهاميةبعد" من " ـ حذف

366 / 2اخلصائص 1 169 / 1شرح ابن عقيل 2 173 / 1شرح ابن عقيل 3 269ناظم على ألفية ابن مالك ص شرح ابن ال 4 270 ص نفسهاملصدر 5

184

و اخـتالف و يف خلقكم و ما يبث من دابة آيات لقوم يوقنـون : حذفه إذا تقدم ذكره ، حنو قوله تعاىل ـ . اختالف الليل و النهار و يف: ، و التقدير ]5 ـ 4: اجلاثية [ و النهار الليل

: حذف اجلملة .يلحق احلذف اجلمل كما يلحق املفردات ، و فيما يلي مواضع هذا احلذف كما قررها النحاة

:حذف مجلة الشرط ثق بنفسك تـنجح ، : ، فاألول حنو إذا تقدم عليها طلب بلفظ الشرط و معناه ، أو مبعناه فقط حتذف مجلة الشرط

قل تعالوا أتل عليكم ما حـرم ربكـم : ، ثق بنفسك فإن تثق بنفسك تنجح ، و مثال الثاين قوله تعاىل فالتقدير . قل تعالوا فإن تأتوا أتلوا عليكم : ، و التقدير ]151: األنعام [ عليكم

:حذف مجلة جواب الشرط أنت مذنب : و التقدير نت مذنب إن كذبت ، أ: ، مثال األول )1(حيذف و جوبا إذا تقدمه أو اكتنفه ما يدل عليه

و اهللا إن تساعده حيفظ صنيعك ، و مثال الثـاين قولـه : كذبت أنت مذنب ، و قد يكون ما تقدمه قسم ، حنو إن . ]70: البقرة [ وإنا إن شاء اهللا ملهتدون : تعاىل

:حذف مجلة الشرط و جوابه :بقية األدوات ، وعلل السيوطي ذلك بأمرين دون " إن " حتذف مجلة الشرط وجوابه مع

.ـ أا أم الباب ، فغريها من األدوات حممول عليها : ، و استشهد بقول الشاعر )2(ـ أنه مل يرد يف السماع حبذف مجلة الشرط وجوابه إال معها

سلمى و إن كان فقريا معدما قالت و إن قالت بنات العم يا :القسم حذف مجلة

، )3(نون التوكيـد و ، أو حلقته الالم املوطئة للقسم " لئن " ، " لقد " كثريا إذا وقع جواا بعد حتذف مجلة القسم : احلـشر [ لئن خرجوا ال خيرجون معهم ، ]152: آل عمران [ لقد صدقكم اهللا وعده : حنو قوله تعاىل

12[ ، ألعذبنه عذابا شديدا ]21: نمل ال[ . :حذف مجلة جواب القسم

: حتذف مجلة جواب القسم يف حالتني إن جتتهد و اهللا تنجح ، و مثـال الثـاين : ، مثل الشرط و املبتدأ ، فاألول حنو )4( ما يغين عنه أو اكتنفه ـ إذا تقدمه

.العلم و اهللا فضيلة :حنو

523 / 6مغين اللبيب عن كتب األعاريب 1 464 / 2مهع اهلوامع 2 219 / 2شرح التسهيل 3 514 / 6مغين اللبيب عن كتب األعاريب 4

185

: األنعام [ أليس هذا باحلق قالوا بلى و ربنا : له تعاىل ، حنو قو )1(ـ إذا اقترن القسم حبرف من حروف اجلواب .بلى وربنا هذا احلق : ، و التقدير ]30 :هذا ، وقد يطال احلذف اجلملة ، أو جموعة من اجلمل يف غري ما سبق ، من ذلك

هل تشتري الكتاب ؟: نعم ، ملن سألك : ـ بعد أحرف اجلواب ، حنو قولك جميبا نعم : إذا حذف املخصوص وقدرت العبارة جبملتني ، حنو قوله تعاىل " بئس " و " نعم " علني اجلامدين ـ بعد الف اب العبد إنه أو ] و التقدير هو أيوب ]44: ص ،.

:مالحظات على دراسة النحاة للحذف شام هذا الدليل إىل غري صـناعي ال يصح إال بوجود الدليل ، و قسم ابن ه يف الكالم أمجع النحاة على أن احلذف

األول ما تضمنه واقع احلال أو سياق الكالم مما يعني املتلقي على إدراك احملذوف، أمـا من و مقصوده ، )2(وصناعيالثاين فمرجعه إىل املبادئ النظرية اليت تبناها النحوي ، من ذلك أنه ال عمل بدون عامل ، فإذا وجد العمل كالنصب

االختصاص ، توجه النظر إىل العبارة حبثا عن العامل ، فإذا خلت منه ، كان ال مناص من تقـديره ، مثال يف أسلوب إمنا يعرف من « : ، و هذا كما قال ابن هشام احملذوففالدليل هنا ـ نصب االسم املخصوص ـ يدل على العامل

. )3(»جهة الصناعة منه أداة يف التـهجم علـى متخذا ابن مضاء ، يم ، فقد وعاه و ليس ابن هشام وحده الذي انتبه إىل هذا التقس

أن قسمته للمحذوفات ثالثية ال ثنائية ، فإذا كان النحاة ، و التهوين من نظريتهم ، بيد أنه خالف ابن هشام من قبل ي ذكـره ابـن على القسم الثاين الذفإنه قد اعترض ئدة إال به ، الضرب األول من احلذف الذي ال تتم الفا ب سلمقد

ظهر احملذوف يف الكالم خلالف السنن اليت تلتزمها العـرب لو أ ، ن السخف هشام ، قامسا إياه إىل شطرين ، فشطر بيعلى الصورة الـيت يقـدرها ) زيدا ضربته ( يف تركيب عباراا ، و هذا ما جنده جمسدا يف باب االشتغال ، فلو قلنا

تـبين من مستلزماتفمثل هذا التقدير لك مزيد فائدة يكتسبها السامع ، يف ذ ضربت زيدا ضربته ، ملا كان : النحاة و الشطر الثاين يؤدي إظهار احملذوف املقدر فيه إىل تغري طـابع ، ، و هو بعيد عن واقع الكالم النحاة لنظرية العامل

يـا " ينا النحاة و قدرنا عبارة الكالم ، فيستحيل األسلوب اإلنشائي يف النداء إىل أسلوب خربي يف حال ما إذا جار . )4(، فهذا الضرب من تقدير احلذف أيضا مرفوض" أدعوا حممد " ب "حممد قد تلقى الباحثون العرب ممن تأثروا باملذهب الوصفي محلة ابن مضاء على النحاة تلقيا حـسنا ، و وظفوهـا يف و

،، و هكذا دعا حممد عيد إىل نبذ التأويل كما مارسه القدماء نقض أراء النحاة اليت تتعارض مع املبادئ اليت سلموا ا

219 / 2شرح التسهيل 1 325 / 6مغين اللبيب عن كتب األعاريب 2 . نفسه ـ نفس الصفحة ااملصدر 3 172 ـ 171أصول النحو العريب يف نظر ابن مضاء و ضوء علم اللغة احلديث ص 4

186

مل يقم عليه دليل ، و إمنا هـو نتيجـة للكالم و االكتفاء من املادة اللغوية بظاهرها ، فليس من داع إىل تصور باطن .)1(إلسقاط األفكار الذهنية و الفلسفية على املعطى اللغوي

واملعـىن الفلـسفي ، يد ـ يف أم مل مييزوا بني املعىن الشكلي اللغـوي إن خطأ النحاة يكمن ـ حسب حممد ع على املادة اللغوية إقحاما ، فطلبوا لكل أقحموها من مث فاضطرهم ذلك إىل بناء تصورهم للغة على مفاهيم خاطئة ، و

.)2(و ألزموا كل عبارة أن تشتمل على مسند و مسند إليه عالمة لغوية عامال ، يف دائرة الصورة اللفظية ، أما ما يسبقها من عمليات عقلية بعيدة فحصرهاجمال عمل النحوي حممد عيد يرسم و

عن متناول الوعي فال تدخل يف نطاق علم اللغة و ليست من اختصاص دارس اللغة ، إن هـذا الـدارس مطالـب أن اجلملة قد تأتلف مـن عنـصرين ، بالوقوف عند التكوين الشكلي للكالم ، فال يتعدى املنطوق ، و علية أن يعي

.)3(و قد تنبين على عنصر واحد إذا ما كانت الفائدة تتم بهو يقسم علي أبو املكارم احملذوف إىل قسمني ، فأما األول فهو ما أمكن النطق به يف تراكيب أخرى مماثلة لتلك اليت

ا يعين أن احلذف باعتباره ظاهرة لغوية إمنا هو مـا كـان ممحذف فيها ، و أما الثاين فقسم ال سبيل إىل النطق به ، النحوية داخال يف حد القسم األول ، و أما الثاين فال يعدو أن يكون خترجيا حنويا لتراكيب لغوية تتعارض مع القواعد

.)4(املرضية : و يتقدم أبو املكارم لتصحيح الوضع باقتراحني ، مها

.ـ إعادة صياغة القواعد النحوية وصف املوجود يف اللغة فحسب ، و أما ما وراء هذا الوصف فلـيس جمالـه «د على ـ االقتصار يف صياغة القواع

.)5(»البحث اللغوي دراسة اللغة ، لكن النربة تغريت بعد شيوع أفكـار التيـار جماالت كان هذا الكالم أثناء سيادة املنهج الوصفي يف

مل نعد نعدم من يعيد االعتبار لآلراء النحاة القدماء و يربطهـا إذاث اللغوية العربية ، التحويلي التوليدي يف بيئة األحب كتصور يف فهم التراكيب العربيـة و أداة و هكذا مل يعد احلذف بالنظرية اجلديدة كما فعل عبده الراجحي و غريه ،

بل سبق جليـل يف جمـال ، خطيئة لقدماء ا النحاة العرب ما شاع يف مؤلفات على حنو من تغريات هالتفسري ما يعتري كثري من تفسريات النحويني للمحذوفات أصبح مقبـوال يف ضـوء «: و هذا أحد الدارسني يقول الدرس اللغوي ،

النظرية التحويلية اليت تضع اعتبارا هاما ملا يسمى بالبنية العميقة أو التركيب الباطن ، و تعىن ببيان العالقة بـني هـذا . )6(»التركيب الظاهر التركيب و

181 ص السابقاملصدر 1 182 ص نفسهاملصدر 2 186 ، 184 ، 183 ص نفسهاملصدر 3 343ص م ـ 2007 ـ 1ر غريب ـ ط علي أبو املكارم ـ دا: احلذف و التقدير يف النحو العريب 4 353 ص نفسهاملصدر 5 296ص م ـ 1998ـ الدار اجلامعية ـ طاهر سليمان محودة :ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي 6

187

هلـذا ، و أو للتراث العريب التقليدي للمناهج احلديثة إما العرب نيالباحثطائفة من إن هذا التضارب ينبئ عن اران هو التحرر من كل تبعية سواء و املوقف السليم يف تصورنا ، تغلب العاطفة عليها و غالبا ، سطحيةبالهم مواقفتتسم

جيب أن يؤخذ بعد التمحـيص أيـا كـان «يب القدمي أو للمدارس اللسانية احلديثة ، فما يالئمنا لتراث العر لأكانت و سواء كان النموذج املعتمد عربيا أم غربيا فإنه يتعني نقده يف أسسه و مبادئه العامة و فهمـه يف . املصدر و املنطلق

ظفه فيما يطرح علينا من مشاكل و قـضايا لغويـة إطاره الفكري الذي أنتجه ليتسىن لنا أن نستفيد مما نأخذه و نو .)1(»معاصرة نعيشها راهنا

النحاة العـرب يف اليت صدر عنها نطلقاتاملب حتيط و ختاما هلذه النظرة اليت أردناها أن تكون واسعة قدر اإلمكان تراكيب الشواهد الـيت يف تفسري بعد أن استحال إىل مبادئ نظرية فهم ظاهرة احلذف ، و كيف وظفوا فهمهم هذا

، نقول أنه مل يتوصل النحاة إىل تأسيس نظرية متكاملة واضحة املعامل قادرة علـى حكموا بسريان آلية احلذف فيها اإلحاطة جبميع جتليات ظاهرة احلذف يف املادة اللغوية وصفا و تفسريا ، فكان ما صدر عنهم يف هذا اال عبارة عن

يف آراء النحـوي حـىت ضة ليس بني مدرسة و أخرى أو بني حنوي و حنوي آخر فقط بل أراء مشتتة جزئية و متناق .الواحد

و الـيت ،فنلم مبادة احلذف يف توجيه أيب جعفر للقراءات اجلانب التطبيقي من موضوعنا ، نتعرض فيما يلي إىل و تدأ ، حذف اخلرب ، حذف الفعـل ، حـذف حذف املب : التالية األقسام لنا بعد االستقصاء التام أا تنحصر يف ثبت

، حذف حـرف على الصلة العائد الضمري الفاعل ، حذف املفعول به ، حذف املوصوف ، حذف املضاف ، حذف .اجلر

ملا يترتب عن ذلك من تكرار ال مـربر ، قسم من حاالت حتت كل و إذ بدا لنا أنه من غري املفيد تناول مجيع ما ورد يف هذا املقـام و ننبه.يسمح لنا بتشكيل صورة وافية عن البقية ي من كل قسم ببعض احلاالت مما نكتف أن له ، آثرنا

، ألن التفرقة بينهما ال تقوم ـ فيما نعتقد ـ اإلضمار و احلذف التسوية بنيإىل أننا سنأخذ بقول بعض الباحثني من .على أساس بين

:حذف املبتدأحاالت ، و قـد ]4: الفاحتـة [ )2( " يوم الـدين ملك" قاص و عائشة و مورق العجلي و أبو حيوة قرأ سعد ابن أيب و

تقدم بوجه الذي ، )4(العكربيو وافقه يف هذا .هو ملك : ، فيكون التقدير )3(جها أبو جعفر على حذف مبتدأ خر .)5( بالرفعهاقبل" الرمحن " قراءة، و هي أن تكون خربا يف حال " ملك " آخر يف إعراب

31 ص ـ) د ط ، د ت ( ـ جامعة احلسن الثاين ـ مصطفى غلفان:اللسانيات العربية احلديثة دراسة نقدية يف املصادر و األسس النظرية و املنهجية 1 10 / 1معجم القراءات القرآنية 2 15/ 1إعراب القرآن 3 92 / 1إعراب القراءات الشواذ 4 6 / 1التبيان يف إعراب القرآن 5

188

و قـرأ الكوفيـون " القمر" قرأ أهل احلرمني برفع ، ] 39 : يس [ و القمر قدرناه منازل : قوله تعاىل و يف يف " آيـة " آية هلم القمر ، و يستفاد من تقديره هذا أن : على النحو التايل أبو جعفر قراءة الرفع ، و قدر ، )1(بنصبه

بأن عبارة اآلية معطوفة على النصب الذي اختار قراءة خرب هلا ، و اعترض على أيب عبيد " لقمر ا" حمل رفع مبتدأ ، و و ذهب الفارسي إىل مثل ما ذهب إليه أبو جعفر من ربـط ، )2(، و أن مجيع النحاة قد مالوا إىل قراءة الرفع ما قبلها

، بيد أنه خالفه من حيث قدر أن " هلم " ار و ارور مبتدأ موصوف باجل " آية " عبارة اآلية مبا قبلها ، و تقدير لفظ أما ، و و آية هلم يف املشاهد أو الوجود : كما يلي لديه و عليه يكون تقدير العبارة من املبتدأ و اخلرب اخلرب حمذوف ،

عن تأويل عبـارة ملهدوي و ا العكربي و األنباري عزف، و )3(هلا مرتلة التفسري هلافرت" القمر قدرناه منازل " عبارة مكـي بـن ايب و حذا حذوهم ، )4("قدرناه " مبتدأ خربه اجلملة الفعلية " القمر " وا، فأعرب اآلية مكتفني بظاهرها

فجمـع بـني " الكشف عن وجوه القراءات العـشر " ، وأما يف مؤلفه )5("مشكل إعراب القرآن " يف مؤلفه طالب و االسـتئناف ال و إذا كان إعرابه لعبارة اآلية يف حالة القطع بلها ، و قطعها عنه ، آلية مبا ق ربط عبارة ا : التوجهني

فإنه يف حالة عطفها على ما قبلها واضح التـأثر بـأيب ، الذكر مؤلفه السابق ورد يف خيتلف يف شيء عن ذلك الذي . )6(خاجعفر و الفارسي ، و تأثره بالثاين أكرب ، حيث ميكننا القول أنه نسخ قوله نس

حـذف حالة أخرى مـن ] 19: االنفطار [ يوم ال متلك نفس لنفس شيء : قوله تعاىل يف و وجد أبو جعفر ، و تكـون العبـارة علـى " يوم الدين " العائد على " هو" بالضمري " يوم " الذي قدره يف قراءة الرفع من املبتدأ ،

: ء ، و أما على قراءة النصب ، فتأويل العبارة على النحـو التـايل هو يوم ال متلك نفس لنفس شي : الصورة التالية ، ]4 ـ 3: القارعـة [ يوم يكون الناس القارعة ما القارعة : الدين يوم ال متلك ، و نظري ذلك قوله تعاىل

بالضبط " الدين " س لفظ لي" القارعة " ، و نسجل هنا حتفظنا على هذه املقارنة ، ألن ما يقابل )7(القارعة يوم : أي يضع احتمالني ، وجدناهاآلية، فإذا تولينا بأنظارنا إىل معاجلة أستاذ صاحبنا ـ الزجاج ـ هلذه " يوم الدين " و إمنا

يوم الدين ، أو أا خرب ملبتدأ حمذوف : يف حالة الرفع ، فهي إما صفة ملا قبلها من اآلية السابقة ، أي " يوم " إلعراب أن يكون مبنيا على الفتح يف حمل رفع ، و يفسر الزجـاج " يوم " هو ، و أما حالة النصب فيحتمل فيها : مقدر ب

اختالف ، و واضح من هذا )8(ذلك بأن االسم إذا واله غري املتمكن قد يبىن على الفتح و لو كان حقه الرفع أو اجلر و مل يتعرض األخفش إال لقراءة النـصب ، أيب جعفر ، معاجلة الزجاج لقراءة النصب لتلك اليت وجدناها عند تلميذه

487 / 7معجم القراءات القرآنية 1 453 / 2إعراب القرآن 2 40 ـ 39 / 6احلجة للقراء السبعة 3 486 / 1 ، شرح اهلداية 1082 / 2 ، التبيان يف إعراب القرآن 295 / 2يب إعراب القرآن البيان يف غر 4 151 / 2 م ـ 2003 ـ 1حامت صاحل الضامن ـ دار البشائر ـ ط : مكي بن أيب طالب ، تح : مشكل إعراب القرآن 5 216 / 2 الكشف عن وجوه القراءات العشر 6 446 / 3إعراب القرآن 7 332 / 5معاين القرآن و إعرابه 8

189

بصنيعه هذا يـربط بـني ، إن كان و هو ، )1()حني ( ظرف للزمان مبعىن " يوم " و انصب اهتمامه على إظهار أن ي بـأن و صرح الفارس عن بتوضيح الربط من جهة اإلعراب ،و ما قبلها من حيث املعىن ، فإنه يف املقابل مل ي " يوم " يوم الدين : بالرفع خرب مبتدأ حمذوف ، إال أنه مل يقدر هذا املبتدأ ، و إن كان يف كالمه ما ينبئ أنه يقصد به " يوم "

يعمد إىل ، و قد نسأل ملاذا مل )2("اجلزاء " ، و على النقيض من ذلك يف حالة النصب حيث قذر املبتدأ احملذوف ب ـ اجلواب كامنإنه أبو جعفر ، كما فعل قبل" الدين " تقديره ب ه مل يرد خمالفة القاعدة الـيت يف أن ـ على ما يبدو

و يؤيد تفسرينا هذا ما ذكره مكي بعد أن قذر املبتدأ يف إثـر . املصادر : تقصر اإلخبار بالظرف على األحداث أي و يطالعنا الزخمشري يف حالة النصب ، )3(» ظروف الزمان تكون أخبارا للمصادر « من أن " اجلزاء " الفارسي بلفظ ، ألنه " يدانون " ملن سبقه ، حيث جنح إىل تقدير احملذوف فعال ال مبتدأ ، و لفظ هذا الفعل احملذوف بتأويل خمالف

)4(مبنيا على الفتح يف حمل رفـع "يوم " ، دون أن يستبعد أن يكون " أذكر " ، أو يكون بلفظ " الدين" مشتق من ،" يوم " و واضح من كل هذا حرصه على استبعاد معىن الظرفية عن لفظ الزجاج قبله ، طرقهمال الذي و هو االحت

رفع خرب حمله من اجلائز أن يكون مبنيا يف حني ذكر أن " يوم " يف حالة نصب و جاء أبو حيان باحتمال مل يسبق إليه . )5("هو " ملبتدأ حمذوف مقدر بالضمري

:حاالت حذف اخلرب بنـصب ]99: األنعـام [ و من النخل من طلعها قنوان دانية و جنات من أعناب : قرأ اجلمهور قوله تعاىل

اعتراض ، و قرأ حممد بن عبد الرمحن بن أيب ليلى و األعمش برفعها ، و دفع أبو جعفر عن القراءة األخرية " جنات " ، فتكـون " قنوان " جيعلها معطوفة على " جنات " عىن ، حيث أن رفع أيب عبيدة وأيب حامت القائم على أساس من امل

يف قطع عن قراءة الرفع و متثل دفاع أيب جعفر ال يستقيم ، عندمها مما و هذا ، عن النخيل ناجتة جنات العنب بذلك و هلـم : يلـي كما على ذلك عما قبلها ، و ذلك بإعراا مبتدأ خربه حمذوف ، و تكون صورة العبارة " جنات "

عند أغلب النحاة ، فأخذ به األنباري كما هو دون أن يطاله بيد تأويل أيب جعفر هذا رجحو ، )6(جنات من أعناب و قدر ، )9("من الكرم " ، و غير العكربي يف تقدير اخلرب احملذوف ، فأحاله إىل )8( ، و جاراه يف ذلك مكي )7(التغيري

معطوفـة علـى " جنات " ، بيد أنه ذكر احتماال آخر وهو أن تكون " مث " ملكان الزخمشري اخلرب ب لفظ ظرف ا و سرد أبو حيان آراء النحاة املختلفة يف تقدير اخلرب ، و هو ما رأينا سائر النحاة يأبونه و حيذرون منه ، )10("قنوان "

571 ـ 570 / 2معاين القرآن 1 383 / 6احلجة للقراء السبعة 2 365 / 2الكشف عن وجوه القراءات العشر 3 332 / 6الكشاف 4 429 / 8البحر 5 384 ـ 383 / 1إعراب القرآن 6 333 / 1البيان يف غريب إعراب القرآن 7 301 / 1 القرآن مشكل إعراب 8 525 / 1التبيان يف إعراب القرآن 9

379 / 2الكشاف 10

190

، و دليلـه " أخرجناها "تقدير اخلرب هو االجتهاد ، حيث ارتأى أن ، و يضرب بسهمه يف باب قبل أن يديل بدلوه و لعل أهم ما يلفت انتباهنا يف احلالة السابقة أن التوجيه النحـوي .)1(على ذلك أن الفعل تقدم وروده يف السياق

.معناه شبهة اختالل دفع جهة قد وظف يف خدمة النص من املتخذ من احلذف وسيلة له إن الساعة آتية أكـاد أخفيهـا : ، فاآلية أكثر بروزا احلذف ب التوسل لغائية يف هذه ا و يف احلالة املوالية جند تطرح إشكاال من حيث معناها ، إذ املتعارف عليه يف التصور اإلسالمي العقائدي أن اخلالق قد جعـل ]15: طـه [

" أخفيهـا " عض إىل القراءة الـشاذة ليوم القيامة عالمات ، و ظاهر هذه اآلية يتعارض مع هذا التصور ، لذا مال الب مضمنني الفعل معىن أظهر ، بيد أن أبا جعفر أنكر هذا ، و ذهب إىل ضرورة التمسك بالقراءة املـشهورة ، و أوهلـا

خـربه ، " أكـاد " فلما استوف الفعل أن الساعة آتية أكاد آيت ا ، " ، و التقدير عنده " أكاد " على حذف خرب و ذكر أبو حيان التأويالت املتعددة هلذه اآلية ، من ذلك أن اهلمـزة يف ، )2(إىل مجلة مستأنفة " ا أخفيه" استحالت

مبعىن أريد ، " أكاد " لإلزالة ، أي إزالة اخلفاء مما يحيل معىن الفعل إىل الظهور ، و رأى البعض أن " أخفيها " الفعل جعفر و أب فريق من العلماء منهم ذوف ، و ذكر أن هذا هو اختيار ، فقالوا أن خرب كاد حم بو توسل غريهم باإلعرا

، و هـو احلذف يف اآلية على حنو ما صنع أبو جعفر بتأويل ممن أخذوا و يفيدنا القرطيب باسم علم آخر ، )3(النحاس . )4(أبو بكر األنباري

:حاالت حذف الفعل ]37 ـ 36: النور [ بح له فيها بالغدو و اآلصال رجال يس: ذهب أبو جعفر إىل حذف الفعل يف قوله تعاىل

و ابن عامر و احلـسن ، و تقـدير الفعـل للمجهول ، و هي قراءة عاصم " يسبح " على قراءة من قرأ ببناء الفعل ، و الظاهر أن صاحبنا قد استلهم تأويله هذا من أستاذه الزجـاج ، )5(يسبح: هو "رجال " العامل يف رفع احملذوف

و مل يبتعـد ، )6(مفسر ملا مل يسم فاعله " رجال " ذهب إىل أن حيث و إن تكن زاوية املقاربة عنده خمتلفة نوعا ما ، ، )7(مرفوعة بفعل حمذوف و مفسرة لفاعل الفعل املبين للمجهول " رجال " ف ، الفارسي عما رآه الزجاج و تلميذه

و خربه اجلـار لفعل املقدر و إمنا االبتداء ، ليس ا " رجال " امل يف رفع و جند عند مكي تقدير خمتلف ملا سبق ، فالع رجال " وأضاف العكربي إىل ما سبق تقديرين آخرين يكون فيهما ، )8(يف مطلع اآلية السابقة " يف بيوت " و ارور

.)9("فيها " وف على تأويلحمذأو يكون مرفوعا باالبتداء املسبح ، : مرفوع على أنه خرب ملبتدأ حمذوف يقدر ب "

193 / 4 البحر احمليط 1 178 / 2إعراب القرآن 2 218 / 6البحر احمليط 3 37 ـ 36 / 14تفسري القرطيب 4 260 / 2إعراب القرآن 5 46 ـ 45 / 4معاين القرآن و إعرابه 6 326 / 5راء السبعة احلجة للق 7 139 / 2الكشف عن و جوه القراءات العشر 8 971 / 2التبيان يف إعراب القرآن 9

191

علـى ]84: ص [ فاحلق و احلـق أقـول : يف قراءة أهل احلرمني و أهل البصرة و الكسائي لقوله تعاىل و اتبعـوا " مقـدر ب األول على اإلغراء ، و العامل يف نصبه فعل حمذوف " احلق " نصب أبو جعفر النصب ، تأول

: أحق ، مبعـىن : آخر مل يشر إىل مصدره يكون مبوجبه الفعل مشتق من املغرى به ، أي ، و ذكر احتماال " و امسعوا ،)2(منصوب على القسم حبذف حـرف اجلـر " احلق " أن و جهة خمتلفة حيث استقر على الفراء اختذ ، و )1(أفعله

إما منصوب بفعـل " احلق " ين ، ف ، و مجع األنباري بني التقدير )3(و هو التقدير الذي أخذ به الزجاج فيما يبدو الزموا احلق ، أو اتبعوا احلق ، و إما منصوب على حذف حرف القـسم ، و الـدليل علـى : حمذوف على تقدير

و احتذى العكربي حذو األنباري فيما ساقه من أوجـه ، )4("ألمألن " االحتمال الثاين ما ورد يف مطلع اآلية املوالية ، فيما يشبه أن يكون اعتراضا ، إىل أن سيبويه ال جييز حذف حرف النصب ، بيد أنه أشار يف حالة " احلق " إعراب

مقسوما به أن يكـون نـصبه " احلق " وأضاف مكي إىل احتمال كون ، )5("اهللا " اجلر يف املقسوم به إال مع لفظ . )6(راجعا إىل فعل القسم الذي عمل عمله بعد حذف حرف القسم

: علحذف الفا حاالت بعـذاب بـيس : مل ترد هذه احلالة يف توجيه أيب جعفر للقراءات إال يف موضعني أو هلما قولـه تعـاىل

، و رد أبو حامت هذه القراءة ألنه مل يأت بعد فعل الذم فاعل أو ) بعذاب بئس ( حيث قرأ احلسن ]165 :األعراف[ ،ازها بدليل أنه مسع عن العرب أساليب للمدح و الذم أسقط منها الفاعل و متييزه متييز مفسر له ، و لكن أبا جعفر أج

، و مل جند أثرا لتوجيه )7(بعذاب بئس العذاب : و استعان بالسياق يف تقدير قراءة احلسن فكانت على الصورة التالية أيب حامت من أنه إذا عرضه لقراءة احلسن ببسط قول أثناء ت فابن جين اكتفى أيب جعفر هذا يف املصادر اليت بني أيدينا ،

و هو أحد املنشغلني بتوجيه ، القاضي الفتاح تبىن عبد و ، )8( فعل الذم "ما " فال أقل من أن تلحق ااستلزم القبول لـذم تأويل أيب جعفر لقراءة احلسن ، فأكد على أن حذف الفاعل من فعلي املـدح و ا ، القراءات يف العصر احلديث

من توضـأ يـوم :شائع يف كالم العرب نظما و نثرا ، و من ذلك احلديث املرفوع إىل الرسول " نعم و بئس " نعمت اخلصلة ، و أما اجلملة يف اآلية فهـي يف : الذي يقدر الفاعل فيه على النحو املوايل ، اجلمعة فبها و نعمت

.)9(املتقدم" عذاب "حمل جر صفة للفظ

515 / 2إعراب القرآن 1 413 / 2معاين القرآن 2 342 / 4معاين و إعراب القرآن 3 320 ـ 319 / 2البيان يف غريب إعراب القرآن 4 1107/ 2التبيان يف إعراب القرآن 5 234 / 2الكشف عن و جوه القراءات العشر 6 448 / 1إعراب القرآن 7 267 / 1احملتسب 8 50 ـ 49القراءات الشاذة و توجيهها من لغة العرب ص 9

192

، حيـث ] 59: األنفال [ و ال حتسنب الذين كفروا سبقوا إم ال يعجزون : ا املوضع الثاين فقوله تعاىل م و أ ،، و خطأ بعض من النحويني هذه القراءة ، و ذكر أبو جعفر منهم أبو حامت " وال حيسنب " قرأ محزة الفعل بياء الغيبة

و قراءة محزة ختلو مـن كـل مفعـول ، و رد متعد إىل مفعولني ، " حيسب " وسبب إنكاره هلذه القراءة أن الفعل و ال حيـسنب مـن : صاحبنا جبواز هذه القراءة ، على أن يقدر فاعل حمذوف ، فتستحيل العبارة إىل الصورة التاليـة

احلـرف الفراء ، الذي قدر أن احملـذوف هـو و قد سبق صاحبنا إىل ختريج هذه القراءة ، )1(خلفهم الذين كفروا و تكـون صـورة ، فيسد املصدر املؤول من احلرف و الفعل مسد املفعولني ، " سبقوا " قبل الفعل " أن " املصدري

كان أحد خترجييه لقراءة ، كما سبقه أستاذه الزجاج ، الذي )2(و ال حيسنب الذين كفروا سابقني : العبارة وفق ما يلي ، فتكون العبارة على ما يلي " قبيل املؤمنني " اين فعلى حذف الفاعل املقدر ب محزة ما أورده الفراء ، أما التخريج الث

.)4(و ال حيسنب قبيل املؤمنني الذين كفروا سبقوا: : جعفر و خصوا قراءة محزة بالتخريج أبو على الفارسي ، الذي خرجها على ثالثة و جوه هي أباو ممن تالوا

، و أرجع هذا التأويل إىل األخفش األوسطـ أن يكون الفاعل حمذوفا مقدر بالنيب .و ال حيسنب الذين كفروا أنفسهم سبقوا : ـ أن يكون املفعول األول حمذوفا ، و التقدير

. )5(حمل املفعولني" سبقوا " ، اليت تسد مع فعلها " أن " ـ أن يكون على حذف يف إثر الفارسي ، فلم يتعدى حدود ما قـرره يف " الكشف عن وجوه القراءات العشر " و انساق مكي يف مؤلفه

انفتح على رأي أيب جعفر يف تأويل احملذوف " مشكل إعراب القرآن " ، بيد أنه يف مؤلفه اآلخر )6(ختريج هذه القراءة " أن " و انتقد العكربي تأول القراءة على حذف احلرف املصدري كما صنع الفراء ، و علـة ذلـك أن ، )7(فأثبته .)8(درية موصولة ، و حذف املوصول ال يصح ال يف القياس و ال يف االستعمالاملص

:حاالت حذف املفعول به على ثالثة وجوه ، فأهل احلرمني بفتح الياء و كـسر ]37: براءة [ يضل به الذين كفروا : رأ قوله تعاىل ق

، و احلسن و أبو رجاء بضم الياء و كـسر الـضاد ، ، و الكوفيون بضم الياء و فتح الضاد منه " يضل " الضاد من و تقبل أوب جعفر القراءات الثالث على أساس أن كل منها يعرب عن معىن خاص ، و أول قراءة احلسن و أيب رجاء

ـ ،)9(يضل به الذين كفروا من يقبل منهم: على حذف املفعول به ، و قدر العبارة على الشكل التايل ا و قد اتضح لنستـشف فالذي ي ختريج القراءة على حذف املفعول به قد أخذ به أغلب النحاة ، من بعد العودة إىل بعض املراجع أن

476 / 1إعراب القرآن 1 416 ـ 414 / 1معاين القرآن 2 421 / 2معاين القرآن و إعرابه 4 157 ـ 155 / 4سبعة احلجة للقراء ال 5 494 ـ 493 / 1الكشف عن وجوه القراءات العشر 6 355 / 1مشكل إعراب القرآن 7 630 / 2التبيان يف إعراب القرآن 8 493 / 1إعراب القرآن 9

193

و اكتفى القـرطيب ، )2("أتباعهم " ، و قدر أبو حيان املفعول به بلفظ )1( " الناس " أن املفعول به هو من كالم الفراء و انفرد العكربي بتقدمي ختريج آخر زيادة على ما أورده سائر من ذكرنا ، ، )3(ل النحاس كما هي عادته بترديد تأو

. )4(يضل به اهللا أو الشيطان الذين كفروا: و هو أن يكون احملذوف فاعال ال مفعوال ، و يكون التقدير يف هذه احلال الفعل ، و خرج أبو جعفـر هـذه بضم الياء من ]93 : الكهف[ يفقهون قوال : و قرأ الكوفيون قوله تعاىل

و اقتـدى الفارسـي ، )5(ال يفقهون أحدا قوال : القراءة على حذف املفعول به ، فتكون صورة العبارة على ما يلي أو " النـاس " بصاحبنا فحكم بأن الفعل بضم الياء رباعي متعد إىل مفعولني ، املفعول األول حمذوف تقديره إمـا

. )8( و أبو حيان)7(لك فعل مكي، و كذ )6("أحدا " "حتـضون " ، و قرأ الباقون " حتاضون " من سورة الفجر اختلف القراء املشهورون فقرأ الكوفيون 18و يف اآلية

)10(، و علل حذف املفعول بعلم السامع " الناس " قديره ت ، و أول أبو جعفر القراءة الثانية على حذف مفعول به )9( ، )11("أنفـسهم " لفظ بني و، " أحدا " أي ذهب العكربي ، و إن تأرجح بني تقدير املفعول بلفظ و إىل هذا الر

يره للمحذوف عن ذلك الذي وجدناه عنـد د، و مل خيرج يف تق " حيضون " و قال مكي حبذف املفعول به يف قراءة .)12(النحاس و العكربي

:حذف املضاف حاالت ، جعال له شـركا من سورة األعراف لتوجيه قراءة أهل املدينة و عاصم 190اآلية و قف أبو جعفر عند

و هي القراءة اليت أنكرها األخفش سعيد ، و سبب إنكاره هلا أن سياق اآلية يدل على الذم ، فإذا أخـذنا بظـاهر ه غري مذموم ، لذا كان التقدير الـصحيح تو نعم يف رزقه الكالم مل يكن هلذا الذم من مربر ، ألن إشراك اإلنسان اهللا

جعـال لـه ذا : جعال لغريه شريكا ، أما توجيه صاحبنا هلا فعلى حذف املضاف ، و يكون التقدير : عند األخفش ، و ارتأى مكـي )14( ، و ال يبعد أن يكون استلهم هذا التقدير من أستاذه الزجاج الذي قال بنفس التقدير )13(شرك

437 / 1معاين القرآن 1 42 / 5البحر احمليط 2 205 / 10تفسري القرطيب 3 643 / 2قرآن التبيان يف إعراب ال 4 147 / 2إعراب القرآن 5 172 / 5احلجة للقراء السبعة 6 76 / 2الكشف عن و جوه القراءات العشر 7 154 / 6البحر احمليط 8 373 ـ 372 / 2الكشف عن وجوه القراءات العشر 9

484 / 3إعراب القرآن 10 1286 / 2التبيان يف إعراب القرآن 11 355 ـ 354 / 2ل إعراب القرآن مشك12 455 / 1إعراب القرآن 13 396 / 2معاين القرآن و إعرابه 14

194

ال تحمل اآلية على املدح ، و تقدير هذا احملذوف إما يكون على الصورة اليت أثبتها أبو جعفـر ضرورة احلذف حىت .)1(جعال لغريه شركا: أو يكون يف مطلع الكالم على النحو التايل ، و أستاذه

بكسر الباء على ثالثـة ، ]177: البقرة [ من آمن باهللا لكن الرب : وجه أبو جعفر القراءات يف قوله تعاىل و :أوجه ، يعنينا منها ما كان على تقدير احلذف و مها وجهان

: ، و عليه تكون صورة العبارة على النحو التـايل " من " املضاف إىل االسم املوصول " بر " ـ أن يكون احملذوف .لكن الرب بر من آمن باهللا

و لكن ذو الـرب مـن آمـن : و يكون التقدير على النحو التايل ،" الرب " املضاف إىل " ذو " ـ أن يكون احملذوف . )2(باهللا

دال على اجلثة ، فال يصح أن " من " حدث ، و : مصدر أي " الرب " و يوضح لنا العكربي ضرورة هذا التقدير بأن . )3(»اين فاخلرب غري املبتدأ يف املعىن ، فيقدر ما يصري به األول هو الث«خيرب بالثاين على األول

: حذف املوصوف حاالت وقولوا للناس حسنا ، بفتح احلاء و السني ، و قد وجه أبو جعفر : من سورة البقرة ، قرأ الكوفيون 83 يف اآلية

و قولوا للناس قوال حـسنا ، بيـد أنـه : هذه القراءة على حذف املوصوف و إقامة الصفة مقامه ، و يكون التقدير على حنو غري مباشر حني أشار إىل أن املربد يستقبح إقامة الصفة مقام املوصوف إذا كان ذلك يـؤدي إىل انتقص منها

أوهلما أن أبـو : ، و لن نقف مطوال عند هذا املوضع ، و إمنا نشري قبل أن نقفل باب احلديث فيه إىل أمرين )4(التباسـ علـى ، و ثانيهما أن هذا التأويل قد حضي )5(ه الزجاج جعفر مل يسبق إىل هذا التأويل ، فقد ورد مثله عند أستاذ

.النحاة عامة ما يبدو ـ بإمجاع صادفنا نفس اللفظ باإلعراب ذاته يف قوله تعاىل و ي : و وصينا اإلنسان بوالديه حـسنا ] 15: األحقـاف[ ،

و وصينا اإلنسان بوالديه فعال : حو التايل على الن ، و يكون صورة العبارة " فعال " املوصوف ب وقد قدر أبو جعفر حتتمل أن تكون مصدرا ، كما حتتمل أن تكون امسا صفة ، فتكون بـذلك " حسنا " و رأى ابن جين أن ، )6(حسنا على حنو ما رأينا عند أيب جعفر ، بيد أنه زاد على ذلك بأن حبث يف عامل نصب املوصوف، و تأول " القبيح " نظري ،)7("ألزمناه " ، و ثانيهما أن تكون منصوبا على تقدير " وصيناه " قدم باقتراحني ، أما أوهلما فهو الفعل و ت ، الصفة

343 / 1 ، مشكل إعراب القرآن 486 / 1الكشف عن وجوه القراءات العشر 1 107 ـ 106 / 1إعراب القرآن 2 143 / 1التبيان يف إعراب القرآن 3 73 / 1إعراب القرآن 4 164 / 1اين القرآن و إعرابه مع 5 78 / 3إعراب القرآن 6 265 / 2احملتسب 7

195

و جند عند العكربي تقديرا آخر للموصوف احملذوف زيادة على الذي ذكره كل من أيب جعفر و ابن جين ، يتمثل يف ." وصى " ل العامل يف اجلملة و واضح أنه أخذ بعني االعتبار الفع ، )1("إيصاء " املصدر

:حاالت حذف العائد بعائد االسم املوصول و ثانيهما أوهلما حالتني تتعلق على تناول حتت هذا العنوان سنقتصرنشري بادئ األمر إىل أننا

د علـى االسـم قد توسعنا يف داللة العائد الذي ينحصر عند البعض يف الضمري الذي يعوبصلة املنعوت ، مما يعين أننا . املوصول

: قراءة محزة لقولـه تعـاىل على االسم املوصول ، و ذلك يف العائد حذف هيليها إ أوىل احلاالت اليت نتطرق و الذين عاقدت أميانكم ] و قد وصفها أبو جعفر بالبعـد ، ألن ) عقدت أميانكم ( على صورة ]33: النساء ،

أكثر ، و ذلك ما ال تؤديه صيغة الفعل على قراءة محزة ، و مع ذلك راح يلتمس هلا وجهـا املعاهدة تستلزم طرفني ف و الـذين : تكون مبوجبه العبارة قد مرت بتحوالت متعددة ، فكانت يف مرحلة أوىل على الشكل التـايل للصواب

م أميـانكم احللـف ، و يف و الذين عقد : عقدت هلم أميانكم احللف ، مث حذف حرف اجلر فاستحالت العبارة إىل و خيتلف الفارسي قليال ، )2(باعتباره صلة لالسم املوصول " هم " املرحلة األخرية انصب احلذف على املفعول األول

مضافا إليـه ، " احللف " يف األصل متصل بلفظ " هم " يف تقديره لتركيب العبارة قبل أن يطاهلا احلذف ، فالضمري و مل يـشر و الذين عقـدم أميـانكم ، : بالفعل ، فأصبحت العبارة على الشكل املوايل فلما حذف املضاف اتصل

أكمل العكربي النقص املالحظ يف شرح احلـذف و ، )3(الفارسي إىل حذف الضمري وإن كان كالمه يستبطن ذلك الـضمري : لعائـد ا علىاحللف ، و: اعترى عبارة اآلية ، فاحلذف انصب ـ يف تصوره ـ على املفعول أي الذي

و صـورة ما اشتملت عليه من جماز ، لفا للعبارة نتفهم الداعي له ، و هو إرادة تفسري بيد أنه ذكر تقديرا خمت ، "هم" .)4(أميانكم عقدت حلفهم ذوو: هذا التقدير ما يلي

، خرج أبو جعفر ]77: طـه [ فاضرب هلم طريقا يف البحر يبسا ال ختاف دركا و ال ختشى : و يف قوله تعاىل :على ثالثة وجوه " ختاف " قراءة أهل احلرمني و عاصم و الكسائي بضم الفاء من الفعل

.يف حمل نصب حال " ال ختاف دركا " ـ تكون اجلملة الفعلية " .فيه " املقدر ب عائد املنعوت مع حذف " الطريق " ـ تكون اجلملة يف حمل نعت ل

. )5(أنفة مقطوعة عما قبلهاـ تكون مجلة مستإىل هـذا الوجـه ، أبا جعفر مل يسبق الظاهر أن و ما يهمنا هو الوجه الثاين لتعلقه باملوضوع الذي حنن بصدده ، و

فأستاذه الزجاج مل يتوقف يف هذا املوضع من اآلية إال لتوضيح الفرق املعنوي بني قراءة الفعل بالرفع و بـني قراءتـه

1156 / 2التبيان يف إعراب القرآن 1 258 / 1إعراب القرآن 2 157 ـ 156 / 3احلجة 3 353 / 1التبيان يف إعراب القرآن 4 191 / 2إعراب القرآن 5

196

الوجهني األول إىلو تعرض املربد حبسب ما نقل عنه ابن زجنلة ، )2(وجه القطع أما الفراء فاقتصر على ، و )1(باجلزم ، )4(أورد الوجوه الثالثة مجيعا يف مكي الذي ه أثر ترك يبدو أن توجيه أيب جعفر لقراءة اجلمهور قد ، و )3(و الثالث

.)6(و أبو حيان ،)5(العكربيو كذا هو احلال مع :ت حذف حرف اجلر حاال

ففيما قرأ أهـل احلـرمني ]83: األنعام [ نرفع درجات من نشاء : اختلف القراء املشهورون يف قوله تعاىل ، و قدرها أبو جعفـر " درجات " ، قرأ أهل الكوفة بتنوين " من " و أيب عمرو بإضافة درجات إىل االسم املوصول

، و أخذ مكي ـذا التقـدير و أضـاف )7(نرفع من درجات من نشاء : تقدير على حذف حرف اجلر ، فيكون ال )9( و تردد هذا التوجيه عند العكربي ، )8(ظرف مكان " درجات " احتماال آخر ال يستدعي التأويل ، و هو أن تكون

ن يف حمل مفعول بـه بتـضمني ، و هو أن تكو " درجات " ، و أتى أبو حيان بوجه مغاير يف إعراب )10(و األنباري .)11( يتعدى إىل مفعولنيفعلمعىن " نرفع " ا يهمنا حينا بالتخفيف و حينا بالتشديد ، و م ]11: الـنجم [ ما كذب الفؤاد : و قرء الفعل من قوله تعاىل

يهما حبـرف اجلـر احملـذوف ، هو قراءة التخفيف ، حيث ذهب أبو جعفر إىل أن الفعل خمففا متعد إىل مفعولني ثان ما كذب فؤاد حممد حممدا فيما رآه ، و أضاف صاحبنا أنه مل يسبقه أحد مـن : و يكون التقدير على قوله كما يلي

لكن التصور السالف الذكر مل يكن حمط إمجاع النحاة ، فالفارسي قال بتعدي الفعل إىل ، )12(النحاة إىل هذا التقدير ، و عليه فما من داع على التأويل " ما " اسطة ، و هذا الفعل يف عبارة اآلية هو االسم املوصول مفعول واحد دون و

و وجه األنباري القراءة بالتخفيف وجها خمتلفا عن ذلك الذي قال ، )13(البعيد و القول حبذف الفاعل و حرف اجلر يتحتم تقديره يف العبارة ، فتكون علـى الذيبه أبو جعفر و الفارسي ، فالفعل عنده الزم ال يتعدى إال حبرف اجلر

. )15(قرره األنباري ، و مل حيد مكي يف إعرابه لقراءة التخفيف عما )14(ما كذب الفؤاد فيما رأى: الصورة التالية

370 ـ 369 / 3معاين القرآن و إعرابه 1 187 / 2معاين القرآن 2 459حجة القراءات ص 3 25 / 2مشكل إعراب القرآن 4 899 ـ 898 / 2التبيان يف إعراب القرآن 5 245 / 6البحراحمليط 6 377 / 1إعراب القرآن 7 296 / 1مشكل إعراب القرآن 8 515 / 1التبيان يف إعراب القرآن 9

329 / 1ب القرآن البيان يف إعرا 10 176 / 4البحر احمليط 11 162 / 3إعراب القرآن 12 231 / 6احلجة للقراء السبعة 13 397 / 2البيان يف غريب إعراب القرآن 14 294 / 2 ، الكشف عن وجوه القراءات العشر234 / 2مشكل إعراب القرآن ) 15

197

احلمل على املعىن

من نافلة الكالم القول أن اللسانيات احلديثة قسمت ميدان البحث يف اللغة إىل أربعة مستويات متدرجـة ، هـي قمة اهلرم املستوى الداليل ، و املالحظ على حناة املستوى الصويت مث املستوى الصريف مث املستوى التراكيب و أخريا يف

العرب القدماء أم أدرجوا ضمن حدود حبثهم يف اللغة املستويات الثالثة األوىل ، وآل أمـر التكفـل بالداللـة إىل اللغويني و البالغيني ، و هذا حق مشروع هلم ، فال أحد يعترض على أن حتديد إطار البحث يف ميدان من امليـادين

عود إىل اختيار الباحث ، على شرط أن يكون واعيا باختياره هذا ، قادرا على رسم حدوده بدقة ، متـوفرا علـى ياألدوات اليت تكفل له النجاح يف حبثه ، بيد أن الداللة قد فرضت نفسها عليهم ، حىت ضمن حدود دراسة التراكيب

. فرع على املعىن اإلعراب: و ذلك ما جند صداه يف القول املأثور العربية ، :مصطلح احلمل

إن مصطلح احلمل مثله يف ذلك مثل اإلسناد و التضمني و التعلق و غريها من املصطلحات النحوية ذات أصـل حسي غري خفي ، و لعل ما يوحد بينها مجيعا هو أا تقوم على عالقة االرتباط و االتصال بني شـيئني ، و مل تعـن

، فكأن معىن هذه املادة بديهي ال )1("محل " و الفعل منه " احلمل " يها بتقدمي شرح ملعىن لفظ املعاجم اليت رجعنا إل ،حيتاج إىل توضيح ، و مع ذلك فإننا نرى أن التدقيق يف املعىن اللغوي ضروري لفهم أوضح لداللة املعىن االصطالحي

وصهم بني املعىن اللغوي و املعىن االصطالحي للفـظ فالنحاة كما الحظ حبق علي أبو املكارم قد أوثقوا الصلة يف نص . )2(الواحد ، حبيث أصبح الثاين امتدادا لألول

إن قولنا أن جسما حيمل جسما آخر يعين أن هناك متاس بني اجلسمني و أن موضع احملمول منهما يقع إىل األعلى نا مما قلناه هنا هو عالقة االرتباط و االتصال اليت تنـشأ من احلامل أو مرفوع به ، على أن ما نريد استبقاءه يف أذهان

ضرورة من وضع كال اجلسمني ، و لذا فإننا نرفض ما ذهب إليه ابن منظور من التمييز بني احملمول املتصل و احملمول مله اإلنـسان املنفصل ، فاألول منهما حبسب كالمه مثل محل املرأة و يلفظ بفتح احلاء ، و الثاين مثل الشيء الذي حي

و علل ابن منظور هذا بـأن )3(على رأسه و ال يلفظ إال بكسر احلاء ، أما محل الشجرة فيلفظ بفتح احلاء و كسرها محل الشجرة ظاهر مثل ما حيمل من األشياء على الرأس ، و متصل مثل محل املرأة ، و هلذا كان النطق بـه حمـتمال

ـ و هو أمر يلزم مـن التكلف ، أساسه الظن ال غري ، و إال فمن أين علم الوجهني املذكورين ، و هذا التعليل بادي الذي يدل على مـا " احلمل " الدال على مثار الشجرة مل يوضع يف اللغة إال بعد و ضع لفظ " محل "قوله ـ أن لفظ

عتقادنـا ، جمـرد حماولـة الدال على ما حيمله اإلنسان على رأسه ؟ إن هذا ، يف ا " احلمل " حتمله املرأة من جنني و للتمييز دالليا ملا يرجع إىل جمرد اختالف هلجي يف النطق بنفس اللفظ ، فبعض العرب ينطقه بفتح احلـاء و الـبعض

.الضعف و الضعف ، و الفقر و الفقر : اآلخر ينطقه بكسرها ، و األمثلة على هذا كثرية ، مثل

106 / 2 ابن فارس ، مقاييس اللغة ـ1000 / 15لسان العرب 1 307احلذف و التقدير يف النحو العريب ص 2 1003 / 15لسان العرب 3

198

، ومل يتناولوه نظريا إال يف بعـض اخلطـرات مـن هنـا " على املعىن احلمل" مل يعن النحاة بوضع تعريف ملفهوم

و هناك مما سنشري إليه يف موضعه ، و لذا اضطررنا إىل تلمس تعريف هذا املفهوم يف مؤلفات احملدثني ، و لعل تعريف يب تأويل النصوص املخالفة هذا األسلوب هو أهم أسال «: علي أبو املكارم أكثرها وضوحا و دقة ، و فيما يلي نصه

لقواعد التطابق ، و هو بدوره يبدأ من األحكام املأخوذة من القاعدة و حماولة إسباغها على النص ، و يعتمد يف ذلك .)1 (»على بعض القواعد اليت تنظم العالقة بني النص و القاعدة لتنتج أثرها يف جمال التطبيق

ف هي أن احلمل على املعىن ذو صلة وثيقة بالتأويل النحوي ، و الكاتب يعده أهم إن النقاط البارزة يف هذا التعري التطابق ، و هو حمق يف هـذا كمـا طأساليب التأويل اليت دف إىل تربير اخللل يف الشاهد من حيث خمالفته لضواب

ل إجراءه لعملية احلمل على املعىن سيتبني لنا أثناء تعرضنا بالتحليل لبعض األمثلة ، و أما قول الكاتب أن النحوي خال ا فهذا يينطلق من القاعدة معيدا تشكيل الشاهد وفق مقتضياظاهرة عامة تشترك فيها مجيـع أسـاليب التأويـل عد

.النحوي يف استعمال النحاة حبرصـهم علـى حفـظ " احلمل على املعىن " و حدد عبد الفتاح حسن البجة وظيفة مفهوم

استعان العلماء القدامى بظاهرة احلمل كوسيلة لتسويغ خروج بعـض «: ا من النصوص ، يقول قواعدهم مما خرقه " احلمل على املعىن " النماذج عن العربية كثرية الشيوع يف حماولة إلحلاقها ا لتنتظم القاعدة و تطرد و كان أسلوب

. )2(»أكثر األساليب استخداما التعرض لقواعد التطابق حىت نكسب مناقشتنا ملفهوم احلمل على املعـىن وضـوحا و يدفعنا تعريف أيب املكارم إىل

مسرح املطابقة هـو الـصيغ «: أكرب ، و لذا سنبدأ بأخذ فكرة عنه و ذلك باالستناد ملا أورده متام حسان ، يقول لة عن الفعلية فـإن عالقاـا الصرفية و الضمائر ، فال مطابقة يف األدوات ، و ال يف الظروف مثال إال النواسخ املنقو

و حيصر أضرب . )3(»من تاء التأنيث " نعم " تعتمد على قرينة املطابقة ، و أما اخلوالف فال مطابقة فيها إال ما يلحق :املطابقة فيما يأيت

.ـ العالمة اإلعرابية .التكلم ، اخلطاب ، الغيبة : ـ الشخص ، و املقصود منه أحوال الضمائر الثالثة

.ـ العدد .ـ النوع

.)4(التعريف و التنكري: ـ التعيني ، أي :احلمل على املعين عند قدماء النحاة

251أصول التفكري النحوي ص 1 241ص م ـ 1998 ـ 1عبد الفتاح حسن علي البجة ـ دار الفكر ـ ط : ظاهرة قياس احلمل يف اللغة العربية 2 211اللغة العربية معناها و مبناها ص 3 212 ص نفسهاملصدر 4

199

إما تنظريا باعتباره مفهومـا أو تطبيقـا باعتبـاره أداة " احلمل على املعىن " لن نتطرق إىل كل النحاة ممن تعرضوا ل رمزيتها ، و نستهل حديثنا بشيخ النحاة سيبويه ، الذي سنطيل تفسريية ، و إمنا سنختار بعض األمساء اليت هلا ثقلها و

معه وقفتنا ، و ذلك ألنه أول من تنبه إىل ظاهرة احلمل على املعىن ، و أول من وظفها كأداة تفسريية للنصوص اانبة وحده بل كانوا عالة عليه حىت للقياس ، باإلضافة إىل تأثريه القوي يف النحاة التالني له ، الذين مل يستمدوا منه املفهوم

.يف شواهده : من الشواهد اليت ذهب سيبويه إىل أا مبنية على احلمل على املعىن قول الشاعر

لن تراها و لو تأملت إال و هلا يف مفارق الرأس طيبانها وردت منصوبة ، فخرجها سيبويه علـى أن ه يف القياس النحوي الرفع على حمل مبتدأ ، ولك حق" طيبا " إن لفظ

، و إن كان ظاهر تركيب عبارة البيت يـستبعد هـذا ، )1(قد تعدى إليها ، فكان العامل يف نصبها " ترى " الفعل :و مثل ما تقدم البيت املنسوب إىل ابن قميئة

تذكرت أرضا ا أهلها أخواهلا فيها و أعمامهاالرفع على االبتداء و لكنها و ردت منصوبة ، فاستلزم ذلك التأويل ، فأحلقت مبا انتصب على الفعل " أخواهلا " فحق

: ، و يظهر هذا األسلوب يف التأويل أكثر يف بيت عبد العزيز الكاليب )2("تذكرت " وجدنا الصاحلني هلم جزاء و جنات و عينا سلسبيال

املرفوع ، فحكم القياس فيها الرفع ، و علل سيبويه نصبها بـأن فعـل " اجلزاء " معطوفة على " جنات و عينا " إن . ، فلهذا نصب االمسان " جاز " قد اشتمل على معىن " وجد "

و كـذلك : و من القراءات اليت خرجها سيبويه على حنو ما سبق قراءة احلسن و عبد الرمحن السلمي لقوله تعاىل " قتل " للمجهول و رفع " زين " ، ببناء الفعل ]137: األنعام [ زين لكثري من املشركني قتل أوالدهم شركاؤهم

املبين للمعلوم الذي دلت عليه صيغة " زين" فالوجه يف رفعه أنه فاعل للفعل " شركائهم " على أنه نائب فاعل ، وأما . )3(املبين للمجهول النحاة مل يوظف هذه األداة يف حاالت االختالل يف حركة اإلعراب و خروجها عما تقتضيه القواعد غري أن شيخ

فقط ، بل نراه يف موضع آخر من كتابه و بالضبط يف باب كان و أخواا يتطرق لوجه آخر من احلمل على املعـىن ، بعض األمثلة من الكالم و الشعر و القراءات ممـا و هو ما مل يتطابق فيه الفعل مع املسند إليه يف النوع ، و فيما يلي

:توسل إىل تأويلها باحلمل على املعىن مع أن حقه التذكري إىل أنه قد " بعض " ذهبت بعض أصابعه ، و علل تأنيث : ـ ذكر سيبويه أن بعض العرب تقول

محل املذكر على املؤنث وهي أن ضوابطأصابع ، ومل يفت سيبويه هنا أن يشري إىل إحدى : أضيف إىل مؤنث ، أي . يكون بني احملمول واحملمول عليه عالقة ، فبعض األصابع أصابع

285 / 1الكتاب )1( ـ نفس الصفحةنفسهاملصدر )2( 290 / 1 نفسهاملصدر )3(

200

علـى " فتنتهم " بنصب ]23: األنعام [ مث مل تكن فتنتهم إال أن قالوا : ـ خرج قراءة بعض القراء لقوله تعاىل لفعل الناقص حلقته تاء التأنيث مع أن امسه مذكر حبملـه ، على أن ا " أن قالوا " أا خرب كان و امسها املصدر املؤول

.)1("فتنة " على معىن خربه املؤنث : ـ خرج قول األعشى

و تشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم " . القناة " هذا إىل لفظ مؤنث هومن كونتاء التأنيث مع أن فاعله مذكر " شرق " و علل سيبويه إحلاق الفعل

: ـ خرج قول جرير ملا أتى خرب الزبري تواضعت سور املدينة و اجلبال اخلشع

.)2(على أن السور هو املدينة ، ألنه جزء منها : ـ خرج قول عمر بن ربيعة

وص كاعبان و معصر فكان نصريي دون من كنت أتقي ثالث شخيف " الشخص " ـ ألن " ثالث " ـ و دليل ذلك تذكري العدد قبله " املذكر" شخوص " على أن الشاعر أنث لفظ

. )3(معىن أنثى ، و إمنا عاجله عرضا يف أبواب خمتلفة للحمل على املعىن و كما ذكرنا آنفا فإن سيبويه مل يفرد بابا خاصا من كتابه

، )4(الذي يتعدى اسم الفاعل إىل اسم املفعول و اسم الفاعل و اسـم املفعـول فيـه لـشيء واحـد الفعل : منها باب حيذف منه الفعل لكثرته يف كالمهم حىت صار مبرتلة : ، و منها " كان " و املقصود بالفعل هنا هو الفعل الناقص

، و إذا كان سيبويه قد اسـتعمل )6(ملذكر و أصله التأنيث باب املؤنث الذي يقع على املؤنث و ا : ، و أيضا )5(املثلتعبري احلمل على املعىن يف املوضع الثاين ، و أتى على ذكر املعىن يف املوضع الثالث، فإنه يف املوضـع األول مل خيـص

أن يكون قـد انعدام التطابق بني الفعل و ما يسند إليه من حيث النوع بتسمية خاصة ، و هو ما يدفعنا إىل الشك يف ربط بني عدم التطابق يف احلركة اإلعرابية و بني عدم التطابق يف النوع باعتبارمها تنويعا حلالـة واحـدة ، و أمـا يندرجان حتت نفس املفهوم ، و األرجح عندنا أن ذلك مل يدر خبلده ، و إمنا هو من صنع النحاة بعـده ، و ميكننـا

مرتبة املصطلح النحوي ، و أن توظيفـه " احلمل على املعىن " يه مل مينح عبارة الزعم ـ على بينة مما سبق ـ أن سيبو .هلذه العبارة كان أدخل يف التوظيف اللغوي العادي

معـاين " هذا عن رائد البصريني ، فماذا عن رائد الكوفيني الفراء ؟ إن مصدرنا املباشر ألفكاره النحوية هو كتابه ترتيب خاص كما هو احلال يف كتاب سيبويه ، و إمنا يف شـكل تعليقـات علـى اآلي ، و هي تأيت دون " القرآن

51 / 1املصدر السابق 1 52 / 1 نفسهاملصدر 2 566 / 3 نفسهاملصدر 3 45 / 1 نفسهاملصدر 4 280 / 1 نفسهاملصدر 5 561 / 3 نفسهاملصدر 6

201

، حيـث قـرأ ]10: يوسف [ يلتقطه بعض السيارة : ففي معرض خترجيه لقراءة احلسن من قوله تعاىل ،الكرميو أضـاف أن العـرب إذا ، وضح الفراء أن علة تأنيث الضمري يف الفعل هي إسناده إىل السيارة ، " تلتقطه " احلسن

كان يف كالمها املذكر مضافا إىل مؤنث ، و كان املضاف مبرتلة الفعل أو اجلزء من املـضاف إليـه كـان تأنيـث :و التذكري عندها سواء ، و قدم شواهد شعرية تثبت دعواه هذه ، منها هو طاعم على قبضة موجوءة ظهر كفه فال املرء مستح و ال

.، و الظهر يف حكم اجلزء من الكف " الكف " ألن الشاعر قصد " موجوءة" فأنث لفظ قد صرح السري عن كتمان و ابتذلت وقع احملاجن باملهرية الذقن

ها سيبويه ، و اشـترط فالفعل أسند إىل احملاجن بدل الوقع ، فلحقته تاء التأنيث ، و أورد أبياتا أخرى مماثلة لليت ذكر الفراء جلواز هذا التصرف يف الكالم أن تصح العبارة بسقوط املضاف املذكر ، على منوال ما مر من الشواهد ، أمـا

و لنا . )1(عليه" جارية " مل تدل " غالم " قد ضربين غالم جاريتك ، فال يصح ، ألنه إذا سقط : يف عبارة على حنو :ن احظتعلى ما قاله الفراء مال

ـ أنه على ما يبدو قد تأثر بسيبويه ليس فقط يف الشواهد اليت ساقها و إمنا أيضا فيما جيب أن يكون عليه هذا الكالم .حىت يليب شرط الصحة .يف وصف الظواهر اللغوية و تفسريها " احلمل على املعىن " ـ أنه مل يوظف عبارة

]33: الرمحن [ يا معشر اجلن و اإلنس إن استطعتم أن تنفذوا : ىل على أننا جنده يف معرض تعليقه على قوله تعا على املثىن " استطعتما " على اجلمع ، بدل " استطعتم " ـ بعد أن الحظ غياب التطابق يف العدد ، حيث جاء يذهب

ن و اإلنس امسا جـنس فاجل «، و يف اجلمع مراعاة للمعىن ) يقصد اجلن و اإلنس ( ـ إىل أن يف التثنية مراعاة للفظ . )2 (»يدالن على اجلمع

ن الكوفيني انتبهوا ، إما بتأثري البصريني ، أو نتيجة ملالحظتهم اخلاصة ، إىل ظـاهرة أ و من هذا حيق لنا االستنتاج ب ف جتليـات هـذه احلمل على املعىن ، بيد أن ممثل مدرسة الكوفة و نعين به الفراء مل يربط مثله مثل سيبويه بني خمتل

. الظاهرة على حنو ما جنده عند النحاة املتأخرين ، و حـدث )3( اتضحت معامل احلمل على املعىن أكثر مع املربد ، و أقيمت املقابلة بينه و بني احلمل على اللفـظ

أن نقارن بـني حتليـل الربط بني جتلياته يف النوع و العدد ، و يكفي للوقوف على التغري الذي طرأ على هذا املفهوم و اختالف داللتها على العدد ، حيث مل يشر مطلقا إىل أن هذه احلالة تـدخل " من " سيبويه لصلة االسم املوصول و هذا ما يظهر يف معـرض . ربطها باحلمل على املعىن . ، و حتليل املربد القائم على )4(ضمن نطاق احلمل على املعىن

، و يعود ذلـك " أول " خالفت يف النوع صاحبها " فتية " ، فاحلال " ما تكون فتية احلرب أول " تعليقه على عبارة

37 /2معاين القرآن )1(

3117املصدر نفسه2 303 / 2 ، 297 / 2املقتضب 3 415 / 2الكتاب 4

202

: يف رأي املربد إىل احتادمها يف املعىن ، فهذا مماثل حلالة انتفاء التطابق يف العدد ، و قدم على هذا أمثلة منها قوله تعاىل و منهم من يستمعون إليك ] الم للمربد ـ و إن كانت تدل يف األصل على ـ و الك" من " ف ]42: يونس

فما منكم من أحـد : الواحد قد ضمنت معىن اجلمع يف اآلية ، و يقرر أن الظاهرة نفسها موجودة يف قوله تعاىل و من يقنت منكن هللا و رسوله و تعمل صـاحلا ، و يعلق على قراءة أيب عمرو ]47: احلاقة [ عنه حاجزين

. )1(األوىل اللفظ ، و راعى يف الثانية املعىن" من " بأنه راعى يف ]31: حزاب األ[ و متيز ابن السراج عن سابقيه بعقد فصل من كتابه األصول خصه ألحد مظاهر احلمل على املعىن ، أطلـق عليـه

عة الذي مر بنا سابقا ، حيث أنث عمر بن ربي بيت، و ضرب لذلك أمثلة منها " تأنيث املذكر على التأويل " تسمية عنـدي ثالثـة : ، و استحسن هذا األسلوب يف النعت ، مثل قول القائـل )2(ألنه قصد النساء " شخوص " لفظ

.)3(عندي ثالث رجال نسابات: و أول العبارة على النحو التايل ،نساباتد ابن جين الذي أفرد هلا فصال من كتابه اخلصائص ، أكمل مقاربة نظرية لظاهرة احلمل على املعىن جندها عن و لعل

و قد استهله بالتأكيد على أن هذا األسلوب واسع ، متفش يف القرآن و كالم العرب شعرا و نثرا ، و تنـاول نقطـة :هامة مل يسقط إىل علمنا أن أحدا سبقه إليها ، و هي استقصاء صور أسلوب احلمل على املعىن على النحو التايل

.تأنيث املذكر ـ .ـ تذكري املؤنث

.ـ محل الواحد على معىن اجلماعة .ـ محل اجلماعة على معىن الواحد

. )4(ـ محل الثاين على لفظ قد يكون عليه األول و إذا كانت الصورة األوىل من احلمل على املعىن مستعملة على نطاق واسع كما يرى ابن جين ، فـإن الـسبب يف

، )5( إىل أا تقوم على رد الفرع إىل األصل ، أما الصورة الثانية وهي تذكري املؤنث فغريبة منكـرة ذلك يعود حبسبه و بوسعنا أن نفهم السبب يف ذلك يف ضوء تعليله للصورة األوىل ، و هي أا تنـبين علـى رد أصـل إىل فـرع ،

.و معروف أن النحاة جيعلون من املذكر أصال للمؤنث : و مثل ابن جين للصورة األخرية يف احلمل على املعىن بقول الشاعر

بدا يل أين لست مدرك ما مضى و ال سابق شيئا إذا كان جائيا ، و يبدو لنا إدراج هذه احلالة ضمن " مدرك " مع أا يف الظاهر معطوفة على منصوب هو خرب ليس " سابق " جبر .)6( على املعىن غري مقنع على اإلطالق ، و لعله من الصواب إفرادها بتسمية التوهم على حنو ما صنع سيبويهاحلمل

253 ـ 252 / 3املصدر السابق 1 476 / 3األصول 2 477 ص نفسهاملصدر 3 411 / 2اخلصائص 4 415 ص نفسهاملصدر 5 101 ـ 100 / 3الكتاب 6

203

و أورد ابن جين أحد شروط احلمل على املعىن ، و هو أنه مىت مت احلمل على املعىن يف الكالم كان الرجوع عنه إىل ، و مل يلق كالم ابـن جـين )1(م جاز حينئذ العودة إىل اللفظ اللفظ مستكرها ضعيفا ، فإذا حدث انقطاع يف الكال

السالف قبوال عند كافة النحاة ، فهذا ركن الدين حسن بن حممد االسترباذي يستدل بالقرآن يف جواز احلمل علـى لك أي اللفظ بعد احلمل على املعىن ، و كذا يف جواز احلمل على املعىن بعد احلمل على اللفظ ، دون أن يترتب عن ذ

. )2(ضعف يف الكالم د و أبو علي الفارسي قد سبقا ابن جين يف االجتهاد لوضع قواعد ألسلوب احلمل على املعىن ، فـاألول و كان املرب

، و أما الثاين فقضى بأنـه إذا )3(منهما قرر أنه ال جيوز احلمل على املعىن إال بعد متام الكالم أو استغنائه حبسب تعبريه ظـاهر اللفظمل على اللفظ و احلمل على املعىن ، كانت األولوية للحمل على اللفظ ، و اعتل لذلك بأن اجتمع احل

.)4(مشاهد ، أما املعىن فخفي مستور مث قست قلوبكم من بعـد : و يأيت اآلن الدور على اجلانب التطبيقي من هذا املبحث ، و نستفتح بقوله تعاىل

، حيث خطأ ]74: البقرة [ د قسوة و إن منها ملا يتفجر منه األار و إن منها ملا يشقق ذلك فهي كاحلجارة أو أش على أساس من أنه ال فاعل مؤنـث " تشقق " على تأنيث الضمري يف الفعل )5(أبو حامت قراءة األعمش و ابن مصرف

قراءة حبملها علـى املعـىن ، ألن االسـم جعفر خالفه الرأي ذاهبا إىل جواز هذه ال با أ يعود عليه هذا الضمري، لكن .)6(حييل على احلجارة و هي مؤنث" ما " املوصول

إن تبدوا ما يف أنفسكم أو ختفوه حياسبكم به اهللا فيغفر ملن يشاء و يعـذب مـن يـشاء : و يف قوله تعاىل ، ، و وجه أبو جعفر هذا النصب " يعذب " و "يغفر " ، قرأ ابن عباس و األعرج بنصب الفعلني ]284: البقـرة [

، و ذكر أن هذا هو مذهب البصريني يف تأويل هذه القراءة ، و عليـه " أن " على إضمار حرف النصب و املصدري . )7(يكون العطف فيها على املعىن ال على اللفظ ، و رأى أن العطف على اللفظ أحسن

، و تقـدير العبـارة " أن " أشار إليه صاحبنا ، فالفعالن منصوبان عنده ب و جند عند العكربي مزيد توضيح ملا و ذهب األنباري يف تقديره لقراءة النصب مذهبا قريبا ممـا . )8(يكن منه حساب فغفران : يكون على الشكل التايل

إن يكن إبداء : جه التايل صادفناه عند العكربي ، فبعد أن نبه على نصب الفعل بأن املضمرة قدر عبارة اآلية على الو

420 / 2اخلصائص 1 419 / 1ئر األشباه و النظا 2 281 / 3املقتضب 3 418 ـ 417 / 1األشباه و النظائر 4 131 / 1معجم القراءات 5 70 / 1إعراب القرآن 6 172 ـ 171 / 1نفسهاملصدر 7 233 / 1التبيان 8

204

ا ، و علق بأن هذه القراءة ضعيفة يف القياس ، و السبب يعود إىل أنه إذا اسـتوىف أو إخفاء منكم فمحاسبة فغفران من .)1(الشرط جزاءه مل يعد للنصب موجب

يف الفعل املضارع عمـا و ظاهر يف هذا املثال أن مفهوم احلمل على املعىن قد وظف لتربير خروج احلركة اإلعرابية تستوجبه القواعد ، على أنه ميكننا الذهاب أبعد يف إدراك مقصد النحاة مما يطلقون عليه احلمل على املعىن يف سياقات مماثلة ملا حنن فيه ، فهذا املفهوم غري املنسجم ال جيمع بني جتلياته املتغايرة أي جامع ، و هذا ما يفسر صعوبة صـبه يف

ته ، فهو يف ذهن النحوي كل شيء ما عدا الـشكل أو بني عن تعذر وضع تصنيف حلاال متماسك ، و ي إطار تعريف املنصوب ملا كان يتحتم على النحاة ربطه مبا قبله ، و كان هذا الربط منتفيا من جهة اللفـظ " يغفر " فالفعل . اللفظ

.هة املعىن د من القول بأنه مرتبط مبا قبله من ج ب هلم، مل يكن) الشكل ( ، اختلف القراء بني من قرأ بالتذكري و بـني ]73: النساء [ كأن مل يكن بينكم و بينه مودة : و يف قوله تعاىل

محل املؤنث على املذكر و هـو : ، أي )2(من قرأ بالتأنيث ، و خرج أبو جعفر من ذكر على أنه قدر مودة مبعىن الود و فصل مكي القول يف قراءة الياء ، و ذهب إىل أن العلة يف ذلك أن املودة و الود مبعىن أحد صور احلمل على املعىن ،

واحد ، و أن تأنيث املودة على غري احلقيقة ، فهي ، لو شئنا أن نوضح قوله أكثر، من املعقوالت اليت ال يصح فيهـا ، و تبعه العكربي يف إرجاع غيـاب )3(هتذكري و ال تأنيث ، و ذكر سببا ثالثا هو حدوث الفصل بني الفعل و فاعل

.)4(التطابق يف النوع بني الفعل و ما أسند إليه بوحدة املعىن بني املودة والود ، و يف الفصل بني الفعل و فاعله ]128: النـساء [ فال جناح عليهما أن يصاحلا بينهما صـلحا : و يواجهنا أبو جعفر يف تأويله لقوله تعاىل

و املـصدر املـرتل مرتلـة " يصاحل " جديد من مفهوم احلمل على املعىن ، فقد اعترب غياب التطابق بني الفعل مبلمح من باب احلمل على املعىن ، و هو ذا يشري إىل أن الرابط بني الفعل و املـصدر يف هـذه " صلحا " املفعول املطلق

للنحاة تقديرين هلـذه العبـارة ، ركا ، على أنه أشار إىل أن يدعه ت : احلالة معنوي أكثر منه لفظي ، و ماثله بعبارة صلح ، و يف هذه احلالة ينتفي احلمـل علـى : فمنهم من يقول بأن العامل يف نصب املصدر الفعل املشتق منه ، أي

انفـرد أبـو ، و )5(املعىن ، و منهم من يقول أنه منصوب بالفعل الظاهر ، و هذا يلزم عنه اإلقرار باحلمل على املعىن جعفر فيما يبدو ذا التوظيف للحمل على املعىن ، إذ مل جند عند النحاة ممن تعرضوا هلذا املوضع من اآلية أي إشـارة

.إىل هذا املفهوم يف تأويلها ـ ] 45: املائدة [ و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العني بالعني : و خرج أبو جعفر قوله تعاىل ع برف

معطوفـة علـى " العـني " على ثالثة وجوه أحدها أن تكون العني ، و هي القراءة اليت رفع سندها إىل الرسول ، و نالحظ أن هذه احلالة من احلمل علـى )6("قلنا " يدل على معىن " كتبنا " من جهة املعىن ، ألنا قوله " النفس "

186 / 1البيان 1 274 / 1إعراب القرآن 2 392 / 1الكشف 3 372 / 1التبيان 4 292 / 1ب القرآن إعرا 5 327 ـ 326 / 1 نفسهاملصدر 6

205

كون التضمني على هذا صورة من صوره ، و سبق الزجاج تلميذه إىل هـذا املعىن داخلة فيما يطلق عليه التضمني ، في تتبع العكربي خطى أيب جعفر و ، )1(معطوفة على املوضع " العني " التأويل بيد أن عبارته كانت قلقة ، فقد ذكر أن

د األنباري إال وجهـني ، و مل يور )2(مع مزيد إيضاح " العني " يف توجيه هذه القراءة ، فساق األوجه الثالثة يف رفع ، و شابه توجيه أيب حيان هلذه القراءة توجيه )3(، والوجه الذي أسقطه هو احلمل على املعىن " العني " يف توجيه رفع

، و قدر أن العامل يف رفـع " النفس بالنفس " على العطف على موضع " العني " الزجاج من حيث أنه ذهب برفع . )4("قلنا " مبعىن " كتبنا " هو املعىن ، ف " العني " ]73: األنعام [ و يوم يقول كن فيكون قوله احلق يوم ينفخ يف الصور عامل الغيب و الشهادة : و يف قوله تعاىل

،)6(احلمـل علـى املعـىن " عامل " ، و كان من ضمن ما وجه به أبو جعفر الرفع من )5("عامل " قرأ اجلمهور برفع املبين للمجهول يدل على صيغة املبين للمعلوم اليت ارتفع " ينفخ " يف تقدير فاعل ، فالفعل " عامل " ذلك أن و تفسري ، و هذا الضرب من التقدير قد مر بنا نظريا له عند سيبويه ، و وافق العكربي صاحبنا أبا جعفـر يف " عامل " ا لفظ

ح أن يكون خرب مبتدأ حمـذوف ، أو صـفة لالسـم املوصـول من وجهني ، فقد ذكر أنه يص " فاعل " تقدير رفع ، مسقطا احتمال احلمل على املعىن ، غري أنه أورد يف مؤلفه اخلاص بالقراءات )7("يقول " ، أو فاعال للفعل " الذي "

" عامل " له املقتضب أن الشاذة ما يفيد أنه يقدر الرفع يف قراءة اجلمهور على احلمل على املعىن ، و هو ما يلزم من قو ، و على نقيضه فقد ساير األنباري أبا جعفر يف الوجوه الثالثـة الـيت قـدرها يف إعـراب )8("ينفخ " فاعل للفعل

. ، بل ميكن القول أنه نسخ رأيه نسخا )9("عامل " تلتقطه : ] 10: يوسف [ السيارة يلتقطه بعض : و جاء يف قراءة احلسن و أبو رجاء و قتادة من قوله تعاىل

مذكر ، و أول أبو جعفر هذه القراءة على احلمل على " بعض " بتأنيث الضمري مع أن ما أسند إليه الفعل و هو لفظ ، و مل يـشر )10(املعىن ، فبعض السيارة يتضمن معىن سيارة ، و احتج ملا رآه بشواهد استمدها من عنـد سـيبويه

دد التعليق على قراءة احلسن أا من قبيل احلمل على املعىن ، و اقتصر على أا مقبولة عنـد مجيـع الزجاج و هو بص ، و اكتفى العكربي بتكرار قول أيب جعفـر دون )11(النحويني ، و أن تعليل ذلك عندهم هو أن بعض السيارة سيارة

179 / 2معاين القرآن و إعرابه 1 439 / 1التبيان 2 293 ـ 292 / 1البيان 3 506 / 3البحر احمليط 4 461 / 2معجم القراءات 5 374 / 1إعراب القرآن 6 509 / 1التبيان 7 488 / 1إعراب القراءات الشواذ 8 327 / 1البيان 9

10 / 2إعراب القرآن 10 94 / 3معاين القرآن و إعرابه 11

206

القراءة هو املنبع الذي استقى منه مجيـع النحـاة ، و لعلنا ال نعدو الصدق إذا قلنا أن حتليل سيبويه هلذه ، )1(إضافةو أن ما زادوه إىل ما قال ينحصر يف تصنيفها ضمن احلمل على املعىن ، و لعل إعراب القرآن أليب جعفر أقدم مصدر

. تضمن مثل هذا التصنيف قل : عن الكسائي لقوله تعاىل و يف قراءة ابن أيب عبلة و إبراهيم بن يوسف عن األعشى و زيد بن علي و قتيبة

بنصب النار ، ذهب أبو جعفر إىل أن النصب يف هذا املوضع حيتمـل ]72: احلـج [ أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ثالث تقديرات ، ختتلف باختالف تقدير العامل ، و من هذه التقديرات احلمل على املعىن ، و ذلك بتضمني الفعـل

" أنبـئكم " بتضمني الفعل " النار " ، و قد سبق الزجاج تلميذه إىل تعليل نصب )2( "أعرف " معىن الفعل " أنبئ " ، و أضربت املصادر اليت بني أيدينا )3(، دون أن يستعمل األستاذ مصطلح احلمل على املعىن " أعرفكم " معىن الفعل

صاحبه، كما يفعل غالبـا ، قـول أيب جعفـر عن ذكر هذا التقدير ، نستثين من ذلك تفسري القرطيب ، الذي نسخ . )4(نسخا

برفـع ] 69 ـ 68: الفرقان [ يضاعف له العذاب و من يفعل ذلك يلق آثاما : و قرأ عاصم قوله تعاىل ، و خرج أبو جعفر هذه القراءة على وجهني ، أحدمها احلمل على املعـىن ، و ذلـك بتـضمني " يضاعف " الفعل

و استمد أبو جعفـر مـن ، )5(يضاعف له العذاب : ما لقي اآلثام ؟ فيكون اجلواب عليه : هاما تقديره الكالم استف حبيث مل يزد إال بتصنيفه حتت تسمية احلمل على املعىن ، و آثار بقيـة النحـاة ، )6(الزجاج صورة هذا التأويل أستاذه

و أضـاف ، )9(و العكـربي ، )8(و مكي ، )7(ند الفارسي ختريج القراءة على القطع و االستئناف ، و هو ما نالقيه ع ، و جـاراه يف ذلـك أبـو )10(الزخمشري احتماال آخر و هو أن تكون اجلملة الفعلية يف قراءة الرفع يف حمل نصب حال

.)11(حيان "تـك " خـرب على أنه " مثقال " قرأ اجلماعة بنصب ]16: لقمان [ إن تك مثقال حبة : و يف قوله تعاىل

تامة و مـا " تك " ، و هذا على تقدير أن " مثقال " و امسها ضمري مستتر ، و قرأ نافع و أبو جعفر و األعرج برفع ، و تطرق أبو جعفر للقراءة األخرية بسبب اعتراض أيب حامت عليها ، و مفاد هذا االعتراض أنـه )12(بعدها فاعل هلا

724 / 2التبيان 1 234 / 2إعراب القرآن 2 438 / 3معاين القرآن و إعرابه 3 446 / 14تفسري القرطيب 4 284 / 2إعراب القرآن 5 76 / 4معاين القرآن و إعرابه 6 352 / 5احلجة 7 147 / 2الكشف 8 991 / 2التبيان 9

372 / 4الكشاف 10 472 / 6البحر احمليط 11 193 / 7معجم القراءات 12

207

يف النوع ، و رد أبو جعفر بأن هذا جائز قد تكلمت بـه "مثقال" فعل مطابقة الفاعل يلزم يف الضمري املستكن يف ال ، و علل الفراء تأنيث الفعـل )1("حبة " إىل " مثقال " العرب ، فهو من احلمل على املعىن ، و أرجع ذلك إىل إضافة

، و تأول مكي القراءة على احلمـل علـى )2(مضافة إىل اسم مؤنث ، و املعىن موجه إىل املضاف إليه " مثقال " بأن ، و ذهب ابن زجنلة يف تعليل تأنيث الفعل )3(متضمن معىن املظلمة أو السيئة أو احلسنة " مثقال " املعىن ، ذاهبا إىل أن

اكتسب التأنيـث " مثقال " ، و امتازت عبارة األنباري يف ختريج هذه القراءة بالوضوح ، فاملضاف )4(مذهب مكي ، و على العموم فإن توجيه القراءة باحلمل على املعىن قد أخذ مسارين ، فإمـا القـول بتـضمني )5(ضاف إليه من امل

" . حبة " معىن لفظ مؤنث كما فعل مكي ، أو القول بأن التأنيث جاءه من املضاف إليه " مثقال " و حور عني و حلم طري مما يشتهون : و خرج أبو جعفر قراءة األعمش و محزة و الكسائي من قوله تعاىل

باجلر على احلمل على املعىن ، فاملقصود ، حبسبه ، أن أهل اجلنة ينعمون ذه األشـياء كمـا ]22 ـ 21: الواقعة [ نه ، غري أ )7( ، و ال ابتكار يف تأويل صاحبنا ، حيث نقل عن أستاذه الزجاج العبارة و املضمون )6(ينعمون حبور العني

كان أوضح منه يف صب هذا التأويل ضمن خانة احلمل على املعىن ، و اتفق الفارسي و مكي ـ و هو أمـر رأينـاه ، كما اتفـق العكـربي )8(مقاربة حور عني: يتكرر مرارا ـ يف تأويل عبارة اآلية على حذف املضاف ، و التقدير

. و هو عطف على اللفظ ال على املعىن ، )9("أكواب " على " حور " و ابن األنباري يف عطف

372 ـ 371 / 2إعراب القرآن 1 328 / 2معاين القرآن 2 188 / 2الكشف 3 565حجة القراءات ص 4 255 / 2البيان 5 207 / 3إعراب القرآن 6 111 / 5معاين القرآن و إعرابه 7 304 / 2 ، الكشف 257 / 6احلجة 8 415 / 2 ، البيان 1204 / 2التبيان 9

208

اإلعراب على املوضع

أشرنا يف املبحث املاضي أن الفضل يعود لسيبويه يف لفت االنتباه إىل ظاهرة احلمل على املعىن ، و على دراسـتها تأويل الشواهد ، و رد شوارد النصوص إىل أحضان القواعد ، و من املؤكـد أنـه دراسة تطبيقية ، و اختاذها أداة يف ظاهرة اإلعراب على املوضع ، و التوسل ا يف تفسري خروج بعض النـصوص عنصاحب الفضل أيضا يف الكشف

تعـود إىل النـوع على قانون التطابق ، و إذا كان احلمل على املعىن ـ كما رأينا ـ يتعلق بصور خمتلفة من التطابق و العدد و احلركة اإلعرابية ، فإنا احلمل على املوضع جماله أضيق إذ ينحصر يف االختالل املالحظ يف احلركة اإلعرابية

] املوضع أو احملل [ يقصد ما «: عرف عبد الفتاح حسن على البجة هذا األسلوب من التأويل النحوي بقوله ركة اإلعرابية اليت يستحقها اللفظ أو اجلملة أو املركب من املوقع اإلعرايب ، خالفا للحركة اليت تظهر النحاة تلك احل

، و إذا كنا نتقبل هذا التعريف يف خطوطه العريضة ، فإننا نعترض عليه من قبل إدراجه اجلملة ضمن هـذا )1(»عليه .تباين احلركة اليت يوجبها هلا القياس النحوي األسلوب ، و ذلك يعود إىل أن هذه ليس هلا حركة ظاهرة قد

،)2( حدد ابن السراج اللفظ و التراكيب اليت حتتمل أن يكون هلا موضعا خيالف لفظها يف فصل خاص مـن كتابـه :و قسمها إىل قسمني

.ـ اسم مفرد مبين .ـ اسم قد عمل فيه عامل أو جعل مع غريه مبرتلة اسم

. األول حبسب املؤلف أمساء اإلشارة و األمساء املوصولة و غريها و يدخل ضمن نطاق : أما القسم الثاين فعلى أربعة أضرب .ـ اجلمل اليت هلا حمل من اإلعراب

: ـ اسم عمل فيه حرف ، و هو على قسمني ، و سقوطه ال ينفـي و وظيفة هذا احلرف هي التوكيد . ما يف البيت من إنسان : ـ قسم احلرف فيه زائد ، حنو

ما يف البيت مـن إنـسان و ال : ، فيقال يف املثال السابق )3(عن الكالم صفة الصحة ، و جيوز العطف على موضعه .حيوان

مررت بزيد ، و ذهبت إىل عمر ، فاالمسان من املثالني يف حمل نصب ، و يعلل : ـ قسم احلرف فيه غري زائد ، حنو .مت إحالل فعل متعد مكان الفعل الالزم لنصب االمسان ابن السراج ذلك بأنه لو

العاملة عمل ليس مع امسها ، فهذه جيوز يف املعطوف عليهـا " ال " ـ اسم بين مع غريه ، كأمساء األعداد املركبة ، و .ال عهد و ذمة لك ، أو ال عهد و ذمة لك: ، حنو )4(أن يحمل على اللفظ أو حيمل على املوضع

299ظاهرة قياس احلمل يف اللغة العربية ص )1( 61 / 2األصول )2( 63 ص املصدر نفسه )3( 67 ص املصدر نفسه )4(

209

ما يعطف على األلفاظ املبهمة اليت ال تتم إال مبوصوهلا ، و مثل الكاتب لذلك بالعطف على األمساء املوصولة مـع ـ

. صلتها و مع أن حماولة ابن سراج حتمل هنات واضحة ، فإن حماولته كانت سباقة يف تعيني املقصود من املوضع يف اصـطالح

.النحاة إىل سيبويه ألخذ فكرة دقيقة عن نشأة هذا املصطلح النحوي و كيف وظفـه شـيخ على أنه يتوجب علينا العودة

مل حيظ عنده مبقاربة نظرية ، و إمنا جتلى يف التطبيق و املمارسة ، " احلمل على املوضع " النحاة ، لنقل بادئ األمر أن ، )ليها و يكون حمموال على االبتداء فيشاركه فيه االسم الذي و " إن " ما يكون حمموال على (و هو يالقينا يف باب

، و ذهب إىل أن فيه وجهان ، أما الوجه احلسن فهو " إن " و قد ناقش سيبويه االسم املرفوع الذي عطف على اسم قبل أن تدخل عليه أداة النصب ، و ملا كان حمل االسم يف هذه احلالة الرفع على " إن " محل املعطوف على موقع اسم

كان ذلك مسوغا لرفع االسم املعطوف عليه ، و أما الوجه الثاين الضعيف فهو العطف على الضمري املستكن االبتداء منطلق و سعيد ، و من الـشواهد الـيت حـشدها سـيبويه اإن زيد : ، و ذلك يف مثال من حنو )1("إن " يف خرب

:و املتضمنة ألسلوب احلمل على املوضع قول جرير و سادة أطهار ة فيهم و املكرماتإن اخلالفة و النبو

ألنه معطوف على اخلالفة اليت تستوجب حركة الرفع على أساس من أـا " املكرمات " و يف هذا البيت ارتفع لفظ .عليها حبسب تأويل سيبويه " إن " مبتدأ قبل دخول

، و املثل )2()ا باب ما جيري على املوضع ال على االسم الذي قبله هذ ( و يتطرق سيبويه لنفس الظاهرة حتت عنوان ليس زيد جببان و ال خبيال ، و رأى صاحب الكتاب أن الوجه الصحيح يكـون جبـر االسـم : الذي ينطلق منه هو

، و القـائم علـى اإلعراب على املوضع املعطوف حىت تستوي العبارة ، و أتى بشاهد شعري على هذا الضرب من : لعطف على اسم جمرور حبرف جر زائد ، و البيت لعقيبة األسدي ، يقول ا

معاوي إننا بشر فأسجح فلسنا باجلبال و ال احلديدا ، )3(زائدة ، ال يخل حذفها باملعىن ، و أا لو سقطت لكان االسم منـصوبا " باجلبال " و يعلق سيبويه بأن الباء من

:ه أيضا قول لبيد و مما استشهد ب فإن مل جتد من دون عدنان والدا و دون معد فلتزعك العواذل

.األوىل ، اليت جرت حبرف اجلر الزائد " دون " الثانية محلت على املوضع من " دون " ف :كما استشهد ببت العجاج

حذارا من يأسة اليائس أو كشحا طوى من بلد خمتارا

144 / 2الكتاب )1( 66 / 1 نفسهاملصدر )2( 67 ص نفسهاملصدر )3(

210

.الزائدة " من " ارور ب" يأسة " على املوضع من " حذارا " عطف الشاعر و تناول سيبويه احلمل على املوضع يف عجلة من باب النداء ، فقد وجه استفهم من اخلليل عن سبب نصب الـصفة

ة ملنصوب ، و هو ما نفهم منـه أن صب ألنه صف يا زيد الطويل ، فأجابه أستاذه أنه ن : التابعة للمنادى املفرد يف مثل اخلليل كان مييز بني احلركة الظاهرة و اليت هي يف حقيقتها حركة بناء ، و بني احلركة املقدرة الراجعة إىل حمل اللفظ

و يتوسل سيبويه ذا األسلوب يف مكان آخر من كتابه ، و هو االسم املرفوع املعطوف على املستثىن ، و املثال ، بيد أنه رفع محال له علـى موضـع " عمرو " ما أتاين غري زيد و عمرو ، و القياس يقتضي جر : ربه هو الذي ض

. و عمرو ما أتاين إال زيد : ، و تقدير العبارة عنده على النحو التايل )1("زيد " قد تفطنوا إىل ما يقع حتته مـن ظـواهر و إن كانوا و ال يبدو أن هذا املصطلح قد شاع بني حناة الكوفة األوائل ،

اسـم من سورة املائدة جنده يذهب إىل نصب االسم املعطوف على 45ففي معرض تعقيب الفراء على اآلية لغوية ، فيـه فيجـوز عنه و أن يقطع أوىل ، فيه النصب فيكون ه خرب أن يليه : ، و ميز يف ذلك بني حالتني "أن " و " إن "

: اجلاثيـة [ و إذا قيل إن وعد اهللا حق و الساعة ال ريب فيها :ستشهد على احلالة األوىل بقوله تعاىل الرفع ، و ا ، بيد أنه نـزع ]3: التوبة [ أن اهللا بريء من املشركني و رسوله : ، و استشهد للحالة الثانية بقوله تعاىل ]32

، على " إن " املوضع ، و إمنا العطف على الضمري الكامن يف خرب إىل أن العامل يف رفع هذا املعطوف ليس احلمل على إذا كان هذا مبنيا ، فإن تبين فيه اإلعـراب اسـتقبح " إن " أنه يستفاد من كالمه أنه جييز رفع املعطوف على اسم

. )2(رفعه ان يبيح عطف املرفوع على اسـم رأي الفراء السابق غري متوافق مع رأي الكسائي يف املسألة ، فهذا ك و الظاهر أن

سواء كان هذا ظاهر اإلعراب أو مبنيا ، و يقدم لنا أبو حيان تفاصيل أخرى حول مسألة متعلقة باحلمل على " أن " من البدل و النعت و عطف البيان و التوكيـد ، " إن " املوضع عند شيخ حناة الكوفة، فالكسائي جييز رفع تابع اسم

، و هذا ما ينكره البصريون حبسب ما عرض األنباري يف املسألة اخلالفية بني املـذهبني )3(على اخلرب كما جييز تقدمها فنـا إىل أن دافـع و يعر . )4("قبل متام اخلـرب " إن " العطف على موضع " رقم أربعة و عشرين ، و اليت عنوا ب

إن زيدا و عمرو قادمـان ، يرتفـع : ن ، ففي قولنا البصريني من منع هذا يعود إىل أن اخلرب جيتمع على رفعه عامال ، و البصريون " عمرو " على أساس من أنه خربها ، كما يرتفع بعمل املبتدأ الذي هو " إن " مبا تعمل فيه " قادمان "

ـ )5(من قواعدهم رفض اجلمع بني عاملني على معمول واحد ذا ، و ال يكاد خيرج املربد عما قـرره سـيبويه يف ه كأن ، ليـت ، لعـل ، : ، و هي " إن " املوضوع ، فقد أخذ برأيه يف امتناع احلمل على املوضع يف التابع ألخوات

344 / 2املصدر السابق )1( 311 ـ 310 / 1معاين القرآن )2( 1288ارتشاف الضرب ص )3( 158اإلنصاف يف مسائل اخلالف ص )4( 152أسرار العربية ص )5(

211

، و الـتمين " كأن " خر هو التشبيه يف آو العلة يف ذلك ، و الكالم للمربد ، هو أا قد باينت معىن االبتداء إىل معىن .)1("لعل " و الرجاء يف " ليت " يف

على أنه قد أضاف إىل مفهوم احلمل على املوضع مزيدا من الوضوح ، حيث أقام العالقة بني جتلياته املختلفة ، وهـذا األمر مل يكن متحققا عند سيبويه ، فقد أشار إىل ظاهرة احلمل على املوضع يف باب النداء دون أن يـستعمل هـذا

على وعي بكل أبعاده ، و أما املربد فوظـف يكن بأن شيخ النحاة ملاملصطلح كما رأينا ، مما قد حيملنا على االعتقاد ، ويستشهد لـذلك )2(املصطلح يف باب النداء دون لبس ، فنراه يعلل نصب النعت بعد املنادى باحلمل على املوضع

:بقول جرير فما كعب بن مامة و ابن سعدى بأجود منك منك يا عمر اجلوادا

املرفوع ، ألنه متت مراعاة احلركة األصلية اليت يستحقها املنـادى ، " عمر " انتصب مع أنه نعت ل " اجلوادا "فلفظ .و هي حركة النصب

النافية للجنس ، فاالسم املعطوف عليها و على امسهـا ـ ال " ال " و وظف املربد جبالء احلمل على املوضع يف باب و ما عملت فيـه يف حمـل " ال " ـ مرفوع ، ألن ها ، و يرتلوما مرتلة اللفظ الواحد و امس " ال " يفصل النحاة بني

.)3(رفع مبتدأ :و هي نستنتج مما سبق بعض األبواب النحوية اليت تتجلى فيها ظاهرة احلمل على املوضع ،

.ـ باب إن و أخواا .ـ باب النداء

.النافية " ال " ـ باب :يل و نضيف إليها التا .ـ باب االستثناء .ـ باب اإلضافة

و ما جيمع بني هذه األبواب هو أن احملمول على املوضع فيها مجيعا ينحصر يف تابع من التوابع اخلمسة ، و سـوف .نفصل القول يف الصفحات التالية يف بعض هذه األقسام مما مل نوفها حقها

:و أخواا " إن " باب محال على املوضع ، و قد ناقش النحاة بعده شروط هذا " إن " نه جيوز رفع املعطوف على اسم رأينا عند سيبويه أ

ن يف ذلك على حنو ما عرضه علينا ابن األنباري ، لكن النقاش امتد إىل مسألة ون و الكوفي والعطف ، و انقسم البصري الزجاج باإلجياب حسب ما نقل لنا ابن على املوضع ؟ لقد أجاب " " إن" ذات صلة ، و هي هل جيوز رفع صفة اسم

برفـع ]48: سبأ [ ريب يقذف باحلق عالم الغيوب قل إن : يعيش ، و خرج عليها قراءة من قرأ يف قوله تعاىل

114 / 4املقتضب 1 208 نفسهاملصدر 2 379 ص نفسهاملصدر 3

212

، و رد ابن يعيش عليه منتقدا حجته القائمة على قياس )1(ريب: يف اآلية ، أي " إن " نعتا على موضع اسم " عالم " : جيوز يف األوىل ، و اشتمل رد ابن يعيش على حجتني ال، حبيث أن ما جيوز يف الثانية" ال " على " ن إ"

فيـصح " إن " مع امسها تترتل مرتلة اللفظ الواحد ، و دليل ذلك أنه ال ينفصل عنها ، أما اسـم " ال " ـ أوهلما أن .تأخره عليها لتقدم اخلرب

ألنه منفصل عنه حبرف العطف ، أما الصفة فمـشدودة إىل " إن " له على موضع اسم ـ أن االسم املعطوف صح مح .موصوفها ، ال حيجزها عنه حاجز

" أن " و يطرق أبو حيان جانبا آخر من املسألة يتعلق مبا إذا كان احلمل على املوضع جائز مع املعطوف على اسـم الذين يعتد برأيهم قد منعوا هذا ، غري أن هناك طرفا مـن النحـاة املفتوحة اهلمزة ، و كان جوابه أن أكثر البصريني

جـاز اجلملةأباحوه مطلقا ، وفصل فريق ثالث بني موضع اجلواز و موضع املنع ، فإذا كان املوضع يصلح للمفرد و : ، و مثـال الثانيـة أن زيدا قائم و عمرو قائم : احلمل على املوضع ، و إذا مل جيز كان املنع ، و مثال األول قولنا

علمت أن زيدا قائم و عمرو ، فإن جاء مثل التركيب األخري وجب تأويله على رفع املعطوف على االبتداء و خـربه .)2(حمذوف

و يسهم أبو حيان يف سياق رده على ابن مالك الذي زعم إمجاع النحاة على العطف على املوضع يف املعطوف على : العامة للحمل على املوضع ، و هي ، بذكر شروط" إن " اسم

.ـ أن يكون لالسم لفظ و موضع .ـ أن يكون املوضع حبق األصالة

.)3(ـ أن يكون مثة حمرز للموضع : باب النداء

النعـت ، : ، و بني بقية التوابع و هـي " ال " مييز النحاة يف توابع املنادى بني البدل و عطف النسق ارد من ، فالتابعان األوالن يبنيان على ما يبىن عليـه املنـادى مـن " ال " عطف البيان ، عطف النسق املعرف ب ،التوكيد

يا بشر و عمرو ، و العلة يف ذلك عنـد ابـن مالـك أن : يا غالم زيد ، و مثال املعطوف : ، فمثال البدل )4(ضم .يا غالم يا زيد ، يا بشر و يا عمرو : يل ، فالتقدير يكون على النحو التا)5(حرف النداء مضمر قبلهما

باعا حلركة أما بقية التوابع فينظر فيما إذا كانت مضافة أم ال ، فإذا كانت مضافة إضافة لفظية فيجوز فيها الرفع اتهـا ، أما إذا كانت مضافة إضـافة معنويـة فيتوجـب في )6(بناء املنادى ، كما جيوز فيها النصب محال على املوضع

68 / 8شرح املفصل 1 1290 ص ارتشاف الضرب 2 1289 ص نفسهاملصدر 3 401 / 3شرح التسهيل 4 402 ص نفسهاملصدر 5 403 / 3 ، شرح التسهيل 362 / 1شرح الكافية ، االسترباذي 6

213

، و يف حالة ما إذا كانت هذه التوابع جمردة من اإلضافة جاز فيها الرفع و النصب ، فالرفع علـى لفـظ )1(النصب، ، و ذهب االسترباذي إىل أن القياس يف توابع املنادى املبين على الضم هو النصب )2(املنادى ، و النصب على موضعه

فظ يف إعرابه ال يف بنائه ، و دليل ذلك أن النعت ال يتبـع املنـادى يف و احتج لذلك بأن هذه التوابع إمنا هي تابعة لل .)3(جاءين هؤالء الكرام: لفظه فيجر يف حنو

: باب اإلضافة نتناول ضمن هذا الباب احلمل على مضاف املصدر و احلمل على اسم الفاعل ، أما األول فيكون املضاف إليه فاعال

: ، كما يكون مفعـوال ، حنـو ]4: الروم [ يومئذ يفرح املؤمنون بنصر اهللا : ىل يف املعىن كما هو يف قوله تعا رضيت على فهم الدرس زيد ، فإذا كان املعطوف على املضاف إىل املصدر جير لفظا إتباعا للفظ ال خالف فيه ، فإن

: هذا إىل ثالثة مذاهب ل لنا أبو حيان انقسامهم حولقمحله على املوضع نقطة خالف بني النحاة ، و ين .ـ مذهب سيبويه و غالبية البصريني املنع

ـ مذهب الكوفيني و بعض من البصريني اإلجازة ، مع اشتراط الكوفيني يف اإلتباع على حمل املفعول ارور ذكـر ال أن يفـصل بـني عجبت من شرب املاء و اللنب زيد ، و االختيار عند الفريقني احلمل على اللفظ إ : الفاعل ، حنو

.التابع و املتبوع ، ففي هذه احلالة يستوي عند الكوفيني احلمل على اللفظ و احلمل على املوضع ـ مذهب اجلرمي القائم على التفصيل ، فإذا كان التابع معطوفا أو بدال جاز محله على املعىن ، و إذا كـان نعتـا أو

. )4(توكيدا مل جيز فإن كان منصوبا )5( املصدر املضاف إىل سم الفاعل ، و الذي ال يكون إال فاعال على خالف ا املضاف إىل ا أم ،

هذا ضارب زيدا و عمروا ، و إن كان جمرورا و التابع نعت أو توكيد فيجب جـر : كان تابعه منصوبا أيضا ، حنو و اسـم ن كان التابع بدال أو عطفا وإن كان بعض النحاة جييز النصب على املوضع و اجلر على اللفظ ، فإ ، التابع

و كان مـثىن أو مجـع " ال " ، و أما يف حالة اقتران اسم الفاعل ب )6( جاز اجلر و النصب " ال " الفاعل جمرد من ، النعت ، التوكيـد : مذكر سامل فمذهب ابن عصفور و أيب احلسن األبذي جواز اجلر و النصب يف التوابع األربعة

.)7(البدل ، عطف النسق و خنتم هذه املقاربة النظرية للحمل على املوضع بذكر بعض النقاط اليت مجعناها من ثنايا املصادر اليت عدنا إليهـا ،

ن ذكرمها ابن السراج و املتعلقة بإعمال احلمل على املوضع يف الكالم ، حيـث اشـترط أال اتلن ال امن ذلك القاعدت إال بعد متام الكالم ، و هذا ما رأينا البصريني يأخذون به يف حالة العطـف يعطف على املوضع الذي فيه حرف عامل

362 / 1شرح الكافية 1 402 / 3 ، شرح التسهيل 363 ص نفسهاملصدر 2 364 / 1شرح الكافية 3 2262ارتشاف الضرب ص 4 68 / 6شرح املفصل ) 5 2277ارتشاف الضرب ص 6 2278 ص نفسهاملصدر 7

214

، و تترتب على ذلك قاعدة أخرى هي استواء احلمل على اللفظ و احلمل على املوضع عنـد متـام " إن " على اسم بني احلمل على اللفظ ، و حاول ابن السراج أن يقيم متييزا )1(الكالم ، فإذا مل يتم كانت األولوية للحمل على اللفظ

و احلمل على املوضع متوسال مبفهوم العامل ، ففي احلمل على اللفظ يعمل يف االسم املعطوف وما يعطف عليه عامل . )2(واحد ، و يف احلمل على املوضع يقدر يف االسم املعطوف عامال مضمرا هو تكرير ملا عمل يف املعطوف عليه

يق املوسع ملفهوم احلمل على املوضع يقوم على فرضية مل تتم الربهنة عليهـا و هـي أن إن التنظري املبتسر و التطب كالم العريب خيضع يف كل جتلياته لقوانني مطردة ، و لعل ما ذهب إليه متام حسان من إسقاط العريب لـبعض قواعـد

.يقة التطابق مبا فيها حركة اإلعراب عند ضمان عدم اللبس أكثر واقعية و أقرب إىل احلق أولئك عليهم لعنة اهللا : و نباشر فيما يلي اجلانب التطبيقي البحت وأول ما نستفتح به قراءة احلسن لقوله تعاىل

حيث قرأ رفعا االمسني املعطوفني ، و خرج أبو جعفر هذه القراءة على ]161: البقرة [ و املالئكة و الناس أمجعون أولئك عليهم أن يلعنـهم اهللا : الفاعل يف املعىن ، و التقدير عنده " اهللا " طوفة على العطف على املوضع ، فمالئكة مع

، و مل يشذ عن هؤالء إال أبو )4( ، و جند التخريج نفسه عند الزجاج و عند سائر النحاة )3(و املالئكة و الناس أمجعون ال " لعنـة " و مراده من هذا أن املـصدر حيان يف تفسريه ، حيث ذهب إىل أنه ال حمرز للموضع ألنه ال طالب له ،

"اهللا" ، ألن معناه ال يدل على صفة احلدوث ، و منه فإن املضاف إليه " يلعن " و الفعل " أن " يستقيم أن ينفك إىل و تلعنهم املالئكة ، و على حذف مـضاف ، : ال جيوز تأويله فاعال ، و وجه القراءة على حذف الفعل ، و التقدير

و املالئكـة و النـاس : لعنة اهللا و لعنة املالئكة ، و على حذف خرب ، و تقدر العبارة على النحو التايل : لتقدير و ا . )5(أمجعون يلعنوم

،" طـائر " برفع ]38: األنعام [ و ما من دابة يف األرض و ال طائر يطري جبناحيه : وقرأ احلسن قوله تعاىل ، الـذي هـو الرفـع ، " دابـة " فر القراءة على احلمل على املوضع ، فطائر معطوف على موضع و وجه أبو جع

، و تعرض الزجاج قبله لقراءة الرفع هذه ، و خرجها على حنو ما وجـدنا )6( ما دابة يف األرض و ال طائر :و التقدير علـى )9( و أبو حيان )8(العكربي: و أطبق النحاة بعدمها ، )7(عند تلميذه ، و فضل القراءة باجلر على القراءة بالرفع

.نفس التوجيه

64 / 2األصول ) 1 65 ص نفسهاملصدر 2 103 / 1إعراب القرآن 3 / 1 القـرآن ، التبيان يف إعراب 131 / 1 ، البيان يف غريب إعراب القرآن 221 / 1 ، إعراب القراءات الشواذ 236 / 1إعراب القرآن و معانيه 4

132 636 ـ 635 / 1البحر احمليط 5 364 / 1إعراب القرآن 6 245 / 2معاين القرآن و إعرابه 7 377 / 1 ـ إعراب القراءات الشواذ 393 / 1التبيان 8 125 / 4البحر 9

215

و رفع " يكون " ، بتأنيث الضمري يف ] 145: األنعام [ إال أن يكون ميتة أو دما : و قرأ أبو جعفر قوله تعاىل ، و ذاد أبو جعفـر عـن " ة ميت" على مرفوع " دما " و هو ما عده بعض النحاة حلنا ، ألنه عطف منصوبا " ميتة "

الذي حمله " أن تكون " معطوفة على املصدر املؤول " دما " هذه القراءة و خرجها متوسال باحلمل على املوضع ، ف " دمـا " ، و تردد الفراء يف توجيه هذه القراءة ، فبعد أن حكم بان الرفع ال يصح ألن لفظ )1(النصب على االستثناء

، و مل يبعد رأي األنباري عما وجدناه عنـد )2("أن تكون " أجاز عطفه على املصدر املؤول معطوف عليها ، عاد ف معطـوف علـى " دمـا " التامة املستغنية عن اخلرب، و " تكون " على أا اسم " ميتة " أيب جعفر ، حيث أول رفع

و لعله جيدر بنا القول أن تأويل . )3(راباملصدر املؤول ، غري أنه مل يستعن باحلمل على املوضع فيما ذهب إليه من إع . بالعطف على املصدر املؤول ال يستقيم معه املعىن املستفاد من العبارة " دما " نصب

قرأ أبو عمرو و شيبة و نـافع و عاصـم ]59: األعراف [ اعبدوا اهللا ما لكم من إله غريه : و يف قوله تعاىل املـستحق " إلـه " نعت ل " غري " وجه أبو جعفر القراءة على احلمل على املوضع ، ف ، و " غري " و محزة برفع

، و ال حيوز صاحبنا يف توجيهه هذا على عود السبق ، فقبلـه )4(ملوضع االبتداء ، ألن حرف اجلر الداخل عليه زائد ، و ال )5("مـن " انية من حرف اجلر الزائد بعد جتريد الث " إله " ل " غري " الفراء قد ذهب إىل أن التأويل يبيح إتباع

حمـل الـصفة " غري " بد من اإلشارة إىل أن الفراء مل يستعمل مصطلح احلمل على املوضع ، و أىب الفارسي أن مينح بدال اتباعا للفارسي ، و أجاز " غري " ، و أمسك مكي بالعصا من الوسط ، فأعرب )6("إله " مفضال إعراا بدال ل

، و اقتـصر )8(البدل و الصفة على املوضـع : ، و صنع العكربي صنيع مكي ، فجمع بني اإلعرابني ))7ا صفة إعرا .)9(صفة" غري " األنباري على إعراب

من يضلل اهللا فال هادي له ونـذرهم يف طغيـام يعمهـون : و وجه أبو جعفر قراءة الكوفيني لقوله تعاىل فعل جـواب على أنهاملتصرف مع الغائب املفرد باحلمل على موضع " يذرهم " بإسكان الفعل ]186: األعـراف [

العرب و إن كانت أن إىله ، و كان سيبويه سباقا إىل مثل هذا التوجيه ، و مل يفته أن ينب)10(الشرط املقدر بعد الفاء

400 / 1إعراب القرآن 1 360 / 1معاين القرآن 2 347 / 1آن البيان يف غريب إعراب القر 3 426 / 1إعراب القرآن 4 382 / 1معاين القرآن 5 40 / 4احلجة 6 467 / 1الكشف 7 577 / 1التبيان 8 367 / 1البيان 9

453 / 1إعراب القرآن 10

216

)3( و الفارسـي )2( الزجـاج كـل مـن ، و مل خيـرج )1(جتيب عن اجلزاء بالفعل ، فقد كانت تعدل عنه إىل غريه ، و ساق العكربي احتماال خمتلفا يف سكون الفعل ، و هـو التخفيـف يف توجيه القراءة عما ذكره سيبويه )4(و مكي

.)5(لتوايل احلركات ،" إن " و كسر مهـزة " ول رس" برفع ]3: براءة [ أن اهللا بريء من املشركني و رسوله : و يف قوله تعاىل

،" إن " ، وجه أبو جعفر الرفع على احلمل علـى املوضـع مـن اسـم )6(و هي قراءة احلسن و األعرج و غريهم على العطف على املوضع ، غري أنه مل يلبث أن دفـع " رسوله " ، و خرج العكربي رفع )7(و استحسنه لطول الكالم

، و أنكر األنباري ما ذهب إليه الـبعض )8(املفتوحة مع معموليها هلا حمل غري االبتداء " أن " ن مثل هذا التخريج ، أل املفتوحة اليت تؤول مع امسها وخربها مصدرا ، ألن هذه ال يكـون االسـم " أن " على موضع " رسوله " من محل

.)9(بعدها يف حمل مبتدأ على خالف املكسورة ]27: لقمان [ و لو أمنا يف األرض من شجرة أقالم و البحر ميده : لعامة لقوله تعاىل و خرج أبو جعفر قراءة ا

، و ال نعرف بالضبط من هو احملمول عليه يف مقصود صـاحبنا ، و مل )10(على احلمل على املوضع " البحر " برفع ، و مل يـشر )11(يـه ، و ال وظيفتـه يكن كالم الزجاج بأوضح من تلميذه ، إذ مل حيدد على وجه الدقة احملمول عل

، و كذلك صنع مكي ، فاألول خرجـه علـى القطـع " البحر " الفارسي إىل احتمال احلمل على املوضع يف رفع ، على أن أبو حيان يسعفنا بشرح واف ملسألة احلمـل )13( ، و الثاين اهتدى بسيبويه ، فأعربه حاال )12(و االستئناف

املفتوحة إذا قدرت مع معموهلـا يف حمـل " أن " بالرفع ميكن محله على " البحر " ه النقطة ، ف هذ يف املوضععلى و امسها فعلى أساس أما يف حمل رفع مبتدأ ، و هو مـا " أن " على " البحر " فاعل على رأي املربد ، أما من يعطف

. )14(يف حمل رفع باالبتداء" لو " د املفتوحة مع امسها بع" أن " يعين أنه يأخذ بالرأي القائل أن ،" آيات " برفع ]4: اجلاثيـة [ و يف خلقكم و ما يبث من دابة آيات : و قرأ املدنيان و أيب عمرو قوله تعاىل

ـ " آيات " و وجهها أبو جعفر على احلمل على املوضع ، من جهة أا معطوفة على اـيف اآلية السابقة ، و اليت حمله

91 ـ 90 / 3الكتاب 1 393 / 2معاين القرآن و معانيه 2 110 / 4احلجة 3 485 / 1الكشف 4 606 / 1التبيان 5 343 / 3معجم القراءات 6 484 / 1إعراب القرآن 7 635 ـ 634 / 2التبيان 8 394 / 1البيان 9

374 / 2إعراب القرآن 10 200 / 4معاين القرآن و إعرابه 11 458 / 5احلجة 12 117 / 2مشكل إعراب القرآن 13 186 / 7البحر 14

217

"إن" مرفوعة عطفـا علـى موضـع " آيات " جنح الفارسي ، ف التقدير ، و إىل هذا )1("إن " لنصب امسا ل ا .)5( و ابن زجنلة)4( و األنباري)3( ، و تبعه مكي)2(و معموهلا

إال هو سادسهم ما يكون من جنوى ثالثة إال هو رابعهم و ال مخسة : و يف القراءة املنسوبة للحسن لقوله تعاىل ذهب أبو جعفر يف تأويلها إىل احلمل على املوضـع ، " أكثر " برفع ]7: اادلـة [ و ال أدىن من ذلك و ال أكثر

ارور لفظا و املرفوع حمال معمـوال " جنوى " ، على أن االحتمال األكرب أن يكون لفظ )6(و مل حيدد احملمول عليه ، )7(صواب دون أن يعىن بتحديد حمله من اإلعراب " أكثر " و رأى الفراء أن الرفع يف لفظ ،" يكون " للفعل الناقص

، و أجاز فيه أبـو حيـان )8("جنوى " و كان العكربي أوضح يف إعرابه ، حيث أجاز فيه الرفع عطفا على موضع .)9(العطف على املوضع و الرفع على االبتداء

61 ـ 60 / 3قرآن إعراب ال 1 169 / 6احلجة 2 267 / 2الكشف 3 363 / 2البيان 4 658حجة القراءات ص 5 244 / 3إعراب القرآن 6 140 / 3معاين القرآن 7 1212 / 2التبيان 8 234 / 8البحر 9

218

امتة ـــخ من شأن كل باحث يف موضوع ما أن خيرج منه بنتائج هي حمصلة عمله ، و مربره يف نفس الوقت ، و حبثنـا يف

دماء ـ و أبو جعفر قد فتح أعيننا على حقائق تتصل بتصور النحاة العرب القكتاب أيب جعفر وفق اخلطة اليت اتبعناها تأثر و كذا يف عالقة نظريتهم بنص القرآن الكرمي و ما بينهما من ـ للغة العربية و القوانني السارية فيها ، واحد منهم

، و احلقيقة أن كتاب أيب جعفر يف إعراب القرآن قد تضمن كل هذا ، ففيه من مسائل اللغة ، و من اخلالف و تأثري القرآنية املشهور منها و الشاذ ، و من حملات عـن هلجـات صرية و الكوفية ، و من القراءات بني حناة املدرستني الب

.العرب ما يرقى به إىل مرتبة الكتاب املوسوعي بشرح الـنص القـرآين ، ضمنيا ، و يدخل كتاب أيب جعفر ضمن جمهود عام التزم فيه النحاة من كال املدرستني

و الفارسي و ابـن و الزجاجو املربد و قد كان لألخفش و أبو حامت فهمه على القراء ، و تبسيط مضامينه ، و تيسري و كانـت جين من البصريني و الكسائي و الفراء من الكوفيني مؤلفات يف القرآن شرحا و إعرابـا و احتجاجـا ،

رية الضرورية ملثل هذه املهمـة ، وسيلتهم يف ذلك هي النظرية النحوية اليت ابتدعوها ، و اليت وفرت هلم األدوات النظ و لذا قل أن جند من النحاة من مل يؤلف يف القرآن شرحا و إعرابا ، أو من مل يطبق تصوراته على آي القرآن ، و إذا

أن أحد العوامل األساسية يف ذلـك هـي كان النحاة قد سكتوا عن دوافعهم إىل مثل هذا العمل فإننا نستطيع القول . و حمتواه يف لغته ، نص القرآنثريت حولكون قد أت دفع الشبهات اليت

و عند من تاله ، و لعل كتاب أيب جعفر الوقوف على بعض كتب النحاة هذه عند من سبقه ة لنا دراس أتاحت لقد إىل ليـشمل ، فكتابه اتسع باملقارنة إليها هذا النحوي عمل هو الطريقة املميزة اليت انفرد ا أهم ما استرعى انتباهنا

و إمنـا ، املدرسة البصرية اليت ينتمي إليها بالوالء أصحاب اخلاصة زبدة ما حوته كتب سابقيه ، ليس فقط من آراءه ، غـريه صنع كما طال أيضا ما أفرزته عقول أعالم الكوفة ، و مل يكتف برصف هذه اآلراء بعضها إىل جانب بعض

.درجة عالية من التشويق إىل حتواهمب ارتفع كتابه تيار من التوتر يف ثنايا، سرى به و إمنا أثار بينها جدال مستمرا النحاس ثقافة عصره يف العلوم اإلسالمية فلم يكن متبحرا يف علم النحو بشقيه البصري و الكـويف ع عقل لقد وس

ات ، و إطالع على لغات العرب ، ، و إمنا كان له زاد وافر يف القراء ال ننسى أنه تتلمذ للبصريني و الكوفيني ، فقط يف شـرح آي القـرآن إسـهام و صحابته و كبار التابعني ممن كان هلم و متكن من املأثور من أحاديث الرسول

و التعليق عليها ، و قد اختمر كل هذا يف عقله و صبه يف كتابه إعراب القرآن الذي ال نشك يف أنه كان من خـوامت . مؤلفاته العديدة

و هـذا بعـد ، و شخصية أيب جعفر قوية طاغية ، ميالة إىل إثارة اجلدل و االعتراض على اخلصم إن بدا هلا زيغه ي الصواب ، و لذا مل يتورع من توجيه النقـد شاغلها إصابة احلق و توخ ، و إعمال النقد فيها االستماع إىل دعواه

ن ، و مل ختل هذه الشخصية من صفة التناقض تتجلى يف موقفهـا مـن املباشرين منهم و غري املباشري إىل أساتذته ،

219

ها النحاة ، و حينا تذود عنها و تهون من شأا ملخالفتها قواعد اللغة كما استن ، القراءات ، ففي مواطن تنتقص منها .و تصرح بأن القراءة الثابتة عن كبار القراء ال سبيل إىل الطعن فيها

حلدودها جعفر كما قلنا ثقافة عصره و هضمها على أكمل وجه ، و لكنه يف اآلن نفسه ظل حبيسا لقد وعى أبو ا ، لقـد سابق مل يفكر يف ختطيها و استشراف آفاق جديدة ، و فتح أبواب يلج منها الفكر إىل ميادين ال عهد له

اليت بين عليها النحو عند اخلليل و سيبويه اجتهد الرجل دون شك ، و لكن هذا االجتهاد مل يطل األصول ، فاملبادئ .إىل أبعد حد ميكننا القول أنه كان حمافظا يف آرائه ا مقدسة مرعية ، لذظلت معه على حاهلا ،

النحـو التطبيقـي ، نطاقلو أردنا أن نصنف كتاب أيب جعفر موضوع حبثنا هذا لقلنا دون تردد أنه يدخل ضمن على حسب متطلبات اآليـة موضـع ساقها مسائل النحو ليس وفق ما تفرضه طبيعتها من ترتيب ، و إمنا فقد أورد

جاءت هذه املسائل على غري نظام ، يعاجل الكاتب بعضها يف مكان ، مث يعود إليها يف مكان آخـر ، اإلعراب ، و لذا يث مل يفردوا كتبا خالصة ملسائل النحو على ح ، خاصة أعمال النحاة الكوفيني و هذا الصنف من التأليف طغى على

.على سبيل املثال " املقتضب " و املربد يف " الكتاب " حنو ما فعل سيبويه يف و التعرض إلعراب القرآن جير صاحبه ال حمالة إىل اخلوض يف القراءات ، و ما تثريه من قضايا معقدة لـيس فقـط

األصول النحويـة ، و نحوي أن يوجهها مكيفا إياها مع متطلبات القياس على املستوى الشكلي ، حيث يتعني على ال .أن يراعي حمتواها أيضا لعمق الصلة بني اإلعراب و املعىن بو إمنا هو مطالب

من القراءات فريقان ، فريق راعى األصول النحوية جاعال منها غاية مهه ، فلم يتـورع أمـام و النحاة يف موقفهم و احلياد عن سنن العرب يف كالمها ، و أكثـر صول خمالفة صارخة من اامها باللحن الفت هذه األ القراءات اليت خ

و قدر مرتلة صاحبها خصوصا إذا كان مـن القـراء ، راعى حرمة القراءة هؤالء النحاة من املتقدمني ، و فريق ثان القاعدة النحوية ، متوسال يف ذلك أساليب شـىت السبعة امع على قراءم ، فسعى جاهدا إىل التوفيق بني القراءة و

.حتت ما يسمى بالتأويل النحوي بعضها ندرج ي جعفر ينتمي إىل الفريق األول من النحاة ، فعدد القراءات اليت ردهـا ملخالفتـها األصـول ا و ميكننا القول أن أب

احليلة يف التوفيق بينها و بني هذه األصـول ، عوزهتيقدم على ذلك إال بعد أن مل يكن بيد أنه ، نسبيا النحوية كثرية قد رأينا أن أساليب هذا التأويل قـد اتـضحت و قد استعان بالتأويل النحوي كثريا للوصول إىل مثل هذه الغاية ، و

و هو أحـد أسـاليب ، "احلمل على املعىن " ل توظيفه صورها عنده على حنو أنضج عن ذي قبل ، و من ذلك أن إلعراب القرآن قبله ممـن ن تعرض مجيع م من، بل أرقى توظيف أستاذه الزجاج له من كان أكمل و أرقى ، يلالتأو

.اطلعنا على مؤلفام ، و الداللية و الصرفية و النحوية الصوتية: على املستويات لغوية لقد وجه أبو جعفر القراءات فيما محلته من ظواهر

فهم ، القراءات هذه إحدى، وفق قارئ القرآن ل، و ذلك حىت يتسىن و التبسيط التفسريو كانت تعليقاته دف إىل معانيه و إدراك مقاصده ، و إضافة إىل هذا كان التوجيه يسعى إىل إضفاء شرعية على هذه القراءات اليت قد يـذهب

و ال الـسليم ، العريب فية لقواعد الكالم إىل أا جما ، و الذي له معرفة سطحية بالقواعد النحوية ، الظن باملطلع عليها

220

توفر نظريتهم علـى علىالربهنة النحاة إرادةيسعنا أن نسقط هدفا آخر كان يف الصميم من عملية التوجيه ، و هو .و إجياد املسوغات له األدوات اليت تكفل هلا استيعاب مجيع ما نطقت به العرب ،

اليت ذهـب بنـا هل حقق أبو جعفر األهداف الضمنية : إجابة وافية له و أخريا نطرح سؤاال ال حميص من تقدمي على حذر يف تقدير عمل الرجل ، و لنأخذ بعـني االعتبـار اجتهادنا و تأويلنا إىل نسبتها إليه يف مؤلفه هذا ؟ لنكن

اهر الـيت محلتـها لقد استطاع أن جيد احللول لكثري من القضايا اليت طرحتها خمتلف الظـو معطيات عصره الثقافية ، القراءات القرآنية ، و ال نستطيع أن ننكر أن شطرا هاما فيما ذهب إليه يقبل به العقل الرتيه و يرضاه ، و يف املقابـل و بكل موضوعية فإن الرجل قد جانبه التوفيق يف فهم طرف من الظواهر اليت أصبحنا ، يف عصرنا بفضل تطور علوم

لقد بذل أبو جعفر يف مؤلفه هذا ثال ظاهرة اإلدغام ، لى سبيل امل ع من ذلك اير أو أفضل ، اللغة ، نفهمها على حنو مغ أخذنا بعني االعتبار معطيات عصره و شـروطه نتفهمها إذا جهدا ال يسعنا إال التنويه به ، و مهما كانت اهلنات فإننا

. املوضوعية

221

قائمة املصادر و املراجع

. هـ 1429 ـبرواية ورش عن نافع ، ـ درا املعرفة ـ دمشق ـ الطبعة التاسعة : القرآن الكرمي دار ضة عبد الفتاح إمساعيل شليب ـ : مكي بن أيب طالب محوش القيسي ، حتقيق : ـ اإلبانة عن معاين القراءات

) .د ت ( مصر للطباعة و النشر طبعة دار الكتب ـ أمحد حممد عبد الدائم: ابن القطاع الصقلي ، حتقيق : ـ أبنية األمساء و األفعال و املصادر

. م 1999املصرية ـ . م 1965: وىل الطبعة األ ـخدجية احلديثي ـ منشورات مكتبة النهضة بغداد: ـ أبنية الصرف يف كتاب سيبويه

شعبان حممد إمساعيل ـ عامل الكتب : أمحد بن حممد البنا ، حتقيق : إحتاف فضالء البشر بالقراءات األربعة عشر ـ . م1987بريوت ، مكتبة الكليات األزهرية ـ الطبعة األوىل ـ الطبعة األوىل ـ مؤسسة الرسالة شعيب األرناؤوط ـ: جالل الدين السيوطي ، حتقيق : اإلتقان يف علوم القرآن ـ . م 2008 الطبعة األوىل عفيف دمشقية ـ معهد اإلمناء العريب ـ : أثر القراءات القرآنية يف تطور الدرس النحوي ـ . م 1978 ـ الكويت عبد العال سامل مكرم ـ مؤسسة علي جراح الصباح: أثر القراءات القرآنية يف الدراسات النحوية ـ ) .د ت (

عبد املهيمن طحان ـ دار املنارة للنشر و التوزيع جدة : أبو عمرو الداين ، حتقيق : ـ األحرف السبعة للقرآن . م 1997الطبعة األوىل ـ

لطبعة األوىل ـ ا وآخرونطه حممد الزيين : ريايف ، حتقيق احلسن بن عبد اهللا الس: ـ أخبار النحويني البصريني . م 1955

رجب عثمان حممد ـ مكتبة اخلاجني : أبو حيان األندلسي ، حتقيق : ـ ارتشاف الضرب من لسان العرب . م 1998الطبعة األوىل ـ

.) د ت (عبد الرحيم حممود ـ دار املعرفة بريوت: حممود بن عمر الزخمشري ، حتقيق : ـ أساس البالغة فولفديتريش فيشر ، ترمجة سعيد حسن حبريي ـ مؤسسة املختارالقاهرة ـ الطبعة : فقه اللغة العربية ـ األساس يف

. م 2002األوىل ـ . م1986حممد عيد ـ عامل الكتب ـ الطبعة الثالثة ـ : ـ االستشهاد و االحتجاج باللغة

حممود حممد شاكر ـ دار املدين بالقاهرة ـ دار : عبد القاهر بن عبد الرمحن اجلرجاين ، حتقيق : ـ أسرار البالغة . م 1995املدين جبدة ـ الطبعة اخلامسة ـ

222

مطبوعات امع ـحممد جت البيطار: عبد الرمحن بن حممد بن أيب سعيد األنباري ، حتقيق : ـ أسرار العربية ) .د ت ( العلمي العريب دمشق

. م 1998 أمحد خمتار عمر ـ عامل الكتب ـ الطبعة الثامنة : ي ، ترمجة ماريو با: ـ أسس علم اللغة العربية ةعبد اإلله نبهان و آخرون ـ مطبوعات جممع اللغ: جالل الدين السيوطي ، حتقيق : ـ األشباه و النظائر

. م 1987بدمشق ـ . م 2005لثقايف العريب ـ الطبعة السابعة ـ نصر حامد أبو زيد ـ املركز ا: ـ إشكاليات القراءة و آليات التأويل

ابن السكيت ، حتقيق ـ أمحد حممد شاكر ، عبد السالم حممد هارون ـ داراملعارف ـ الطبعة : ـ إصالح املنطق .الرابعة

. م1978عبد القادر عبد اجلليل ـ دار صفاء بعمان ـ الطبعة األوىل ـ : ـ األصوات اللغوية . م 1981متام حسان ـ دار الثقافة الدار البيضاء ـ الطبعة األوىل ـ : األصول ـ

. م 2007علي أبو املكارم ـ دار غريب ـ الطبعة األوىل ـ : ـ أصول التفكري النحوي . م 1989حممد عيد ـ عامل الكتب ـ الطبعة الرابعة ـ : ـ أصول النحو العريب

. م 2006د سامل الصاحل ـ دار السالم ـ الطبعة األوىل حمم: ـ أصول النحو دراسة يف فكر األنباري الرسالة ـ الطبعة الثالثة عبد احلسني الفتلي ـ مؤسسة : حممد بن سهل بن السراج ، حتقيق : ـ األصول يف النحو

. م 1996 عثيمني ـ مكتبة عبد الرمحن بن سليمان ال: احلسني بن أمحد بن خالويه ، تح : ـ إعراب القراءات السبع و عللها

. م 1992اخلاجني ـ الطبعة األوىل ـ ـ الطبعة األوىل حممد السيد أمحد عزوز ـ عامل الكتب : أبو البقاء العكربي ، حتقيق : ـ إعراب القراءات الشواذ

. م 1996 رضوان ، حممد عبد املنعم حممد حممد تامر ، حممد : أمحد بن حممد بن إمساعيل النحاس ، حتقيق : ـ إعراب القرآن

. م 2007ـ دار احلديث القاهرة ـ دار الكتاب اجلديدة ـأمحد شاكر الكاليب: كيس فريستيج ، ترمجة : ـ أعالم الفكر اللغوي التقليد اللغوي العريب

. م 2007املتحدة ـ الطبعة األوىل ـ دار املعرفة اجلامعية مصر حممود سليمان ياقوت:جالل الدين السيوطي ، حتقيق : النحوـ االقتراح يف علم أصول

. م 2006

ـ األلسنية التوليدية و التحويلية و قواعد اللغة العربية ـ ميشال زكريا ـ املؤسسة اجلامعية للدراسات ـ الطبعة . م 1983األوىل ـ

ـ دار الفكر العريب فضل إبراهيم حممد أبو ال: علي بن يوسف القفطي ، حتقيق : ـ انباه الرواة على أنباه النحاة . م 1986مؤسسة الكتب الثقافية ببريوت ـ الطبعة األوىل ـ بالقاهرة ،

223

الشيخ عبد الرمحن بن حيي املعلمي اليماين : عبد الكرمي بن حممد بن منصور التميمي السمعاين ، حتقيق : ـ األنساب . م 1980مكتبة ابن تيمية ـ الطبعة الثانية ـ

جودة مربوك حممد مربوك ، رمضان عبد : أبو الربكات بن األنباري ، حتقيق : ـ اإلنصاف يف مسائل اخلالف . م 2002مكتبة اخلاجني ـ الطبعة األوىل ـ ـ التواب

. م2008 ـ عبد العال املسئول ـ عامل الكتب احلديث إربد ـ الطبعة األوىل: ـ اإليضاح يف علم القراءات مركز البحوث ـعبد اهللا بن عبد احملسن التركي: إمساعيل بن عمر بن كثري ، حتقيق : البداية و النهاية ـ . م 1997 و الدراسات العربية و اإلسالمية ـ الطبعة األوىل ـ

.)د ط ، د ت ( اح القاضي ـ دار الكتاب العريب عبد الفت: ـ البدور الزاهرة ـ مكتبة دار التراث حممد أبو الفضل إبراهيم: حممد بن عبد اهللا الزركشي ، حتقيق : ـ الربهان يف علوم القرآن

. م 1984الطبعة الثالثة ـ حممد أبو الفضل إبراهيم : جالل الدين عبد الرمحن السيوطي ، حتقيق : ـ بغية الوعاة يف طبقات اللغويني و النحاة

. م 1979دار الفكر ـ الطبعة الثانية ـ م 2000 ـ حممد عابد اجلابري ـ املركز الثقايف العريب ـ الطبعة السابعة: ـ بنية العقل العريب

طه عبد احلميد طه ، مصطفى السقا ـ اهليئة : أبو الربكات األنباري ، حتقيق : ـ البيان يف غريب إعراب القرآن . م 1980املصرية العامة للكتاب ـ

السيد أمحد صقر ـ دار التراث القاهرة ـ الطبعة : اهللا بن مسلم بن قتيبة ، حتقيق عبد: ـ تأويل مشكل القرآن . م 1973الثانية ـ

عبد الستار أمحد فراج ـ مطبعة حكومة الكويت : حممد مرتضى احلسيين الزبيدي ، حتقيق : ـ تاج العروس .م 1965

.الطبعة اخلامسة ـ عبد احلليم النجار ـ دار املعارف مبصر : كارل بروكلمان ، ترمجة : ـ تاريخ األدب العريب . م 2002اجلامعية اجلزائر ـ إبراهيم الكيالين ـ ديوان املطبوعات : بالشري ، ترمجة . ر.د: ـ تاريخ األدب العريب

. م 2004 جورج تامر ، مؤسسة كونراد أدناور ـ الطبعة األوىل ـ : تيودور نودلكه ، ترمجة : ـ تاريخ القرآن حممد املختار ولد أباه ـ منشورات املنظمة اإلسالمية للتربية و العلوم: ـ تاريخ القراءات يف املشرق و املغرب

. م 2001و الثقافة ـ م1929إسرائيل ولفنستون ـ مطبعة االعتماد ـ الطبعة األوىل ـ : ـ تاريخ اللغات السامية

حممد غوث الندوي ـ الدار السلفية ـ الطبعة الثانية : مكي بن أيب طالب ، حتقيق : اءات السبع ـ التبصرة يف القر . م 1982

عبد اهللا بن احلسن العكربي ، حتقيق علي حممد جباوي ـ مطبعة عيسى البايب احلليب: ـ التبيان يف إعراب القرآن ) .د ط ، د ت (

224

ـ اجلماعة اخلريية أمين رشدي سويد : ر بن عبد املنعم بن غلنون ، حتقيق طاه: ـ التذكرة يف القراءات الثمان . م 1991لتحفيظ القرآن الكرمي جبدة ـ الطبعة األوىل ـ

. م 1992الطيب البكوش ـ املطبعة العربية تونس ـ الطبعة الثالثة ـ : ـ التصريف العريب . م1973عربية بريوت ـ عبده الراجحي ـ دار النهضة ال: ـ التطبيق الصريف

الطبعة الثانيةـ رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني : برجشتراسر ، مراجعة : ـ التطور النحوي للغة العربية .م 1994

عادل أمحد عبد املوجود و آخرون : ، حتقيق ) أبو حيان األندلسي ( حممد بن يوسف : ـ تفسري البحر احمليط . م 1993 بريوت ـ الطبعة األوىل ـ دار الكتب العلمية

م1976 عبد السالم حممد هارون ـ مكتبة اخلاجني القاهرة الطبعة األوىل ـ: األزهري ، حتقيق : ـ ذيب اللغة أوتو يرتزل ـ دار الكتب العلمية بريوت ـ الطبعة : عثمان بن سعيد الداين ، حتقيق : ـ التيسري يف القراءات السبع

. م 1996 ـ األوىل حممود حممد شاكر ، أمحد حممد شاكر: حممد بن جرير الطربي ، حتقيق : ـ جامع البيان عن تأويل القرآن

) .د ت ( مكتبة ابن تيمية القاهرة ـ الطبعة الثانية رون الثامنة و العشمصطفى الغالييين ـ منشورات املكتبة العصرية بريوت ـ الطبعة : ـ جامع الدروس العربية

. م 1993 حمب الدين اخلطيب ، حممد فؤاد عبد الباقي ، قصي حمب : حممد بن إمساعيل البخاري ، حتقيق : ـ اجلامع الصحيح

. هـ1400الدين اخلطيب ـ املطبعة السلفية ـ الطبعة األوىل ـ مكتبة التراث مكة ـ ابعلي حسني البو: علي بن حممد السخاوي ، حتقيق : ـ مجال القراء و كمال اإلقراء

. م 1987 الطبعة األوىل ـ ـاملكرمة جندة هاجر ، سعيد الغز ـ املكتب التجاري للطباعة بريوت ـ الطبعة : جان جاك بريين ، ترمجة : ـ جزيرة العرب

. م 1960األوىل ـ اهللا بن عبد احلسن التركي و آخرون عبد: حممد بن أمحد بن أيب بكر القرطيب ، حتقيق : ـ اجلامع ألحكام القرآن

. م 2006مؤسسة الرسالة ـ الطبعة األوىل ـ . م 2007علي أبو املكارم ـ مؤسسة املختار القاهرة ـ الطبعة األوىل ـ : ـ اجلملة الفعلية

.) د ت ( طه عبد الرزاق سعد ـ املكتبة التوفيقية : ـ حاشية الصبان على شرح األمشوين ، حتقيق حممد بن يوسف بن حممد السوريت ، زين العابدين املوسوي : حممد بن احلسن بن دريد ، حتقيق : ـ مجهرة اللغة

. هـ 1344مطبعة جملس دائرة املعارف حيدرآباد ـ الطبعة األوىل الطبعة اخلامسة سعيد األفغاين ـ مؤسسة الرسالة ـ : عبد الرمحن بن حممد بن زجنلة ، حتقيق : ـ حجة القراءات

. م 1997

225

دار املأمون ـبدر الدين قهوجي و آخرون : احلسن بن عبد الغفار الفارسي ، حتقيق : ـ احلجة للقراء السبعة . م 1984للتراث الطبعة األوىل ـ

. م 2007 ـعلي ابو املكارم ـ دار غريب ـ الطبعة األوىل : ـ احلذف و التقدير يف النحو العريب حممد أبو الفضل إبراهيم : جالل الدين عبد الرمحن السيوطي ، حتقيق : ـ حسن احملاضرة يف تاريخ مصر و القاهرة

. م 1968دار إحياء الكتب العربية ـ الطبعة األوىل ـ . م 1957حممد علي النجار ـ املكتبة العلمية ـ : عثمان بن جين ، حتقيق : ـ اخلصائص

. م 2001أمحد خمتار عمر ـ عامل الكتب ـ الطبعة األوىل ـ : القرآن الكرمي و قراءاته ـ دراسات لغوية يف الدار العربية للموسوعات ـعبد املقصود حممد عبد املقصود : ـ دراسة البنية الصرفية يف ضوء اللسانيات الوصفية

. م 2006الطبعة األوىل ـ . م 1997عامل الكتب ـ أمحد خمتار عمر ـ : ـ دراسة الصوت اللغوي . م 2009 الطبعة الثالثة ـ ـحممود اليعقويب ـ ديوان املطبوعات اجلامعية اجلزائر: ـ دروس املنطق الصوري

غامن قادوري احلمد ـ اللجنة الوطنية لالحتفال مبطلع القرن اخلامس عشر : ـ رسم املصحف دراسة لغوية تارخيية . م 1982 ـ اهلجري ـ الطبعة األوىل

) .د ط ، د ت ( ـ رسم املصحف و ضبطه ـ شعبان حممد إمساعيل ـ دار السالم ـ م1993الطبعة الثانية ـ ـ حسن هنداوي ـ دار القلم دمشق : عثمان بن جين ، حتقيق : ـ سر صناعة اإلعراب

يب األرناؤوط إبراهيم الزيبقشع: مشس الدين حممد بن أمحد بن عثمان الذهيب ، حتقيق : ـ سري أعالم النبالء م 1996مؤسسة الرسالة ـ بريوت ـ الطبعة احلادية عشر ـ

. م 2007أمحد بن حممد بن أمحد احلمالوي ـ مطبعة املدين ـ الطبعة األوىل ـ : ـ شذا العرف يف فن الصرف عبد القادر : اد ، حتقيقعبد احلي بن أمحد بن حممد العكري ابن العم: ـ شذرات الذهب يف أخبار من ذهب

. م 1986 الطبعة األوىل ـ ـاألرناؤوط ، حممود األرناؤوط ـ دار بن كثري ـ دمشق ، بريوت حممد حمي الدين عبد احلميد ـ دار مصر للطباعة ـ الطبعة : عبد اهللا بن عقيل ، حتقيق : ـ شرح ابن عقيل

. م 1980العشرون حممد باسل عيون السود : ، حتقيق ) ابن الناظم ( حممد بن حممد بن مالك : فية ابن مالك ـ شرح ابن الناظم على أل

. م 2000 دار الكتب العلمية ـ الطبعة األوىل ـ عبد الرمحن السيد ، محد بدوي املختون ـ دار : ، حتقيق ) ابن مالك ( حممد بن عبد اهللا الطائي : ـ شرح التسهيل

. م 1990 وىل ـهجر ـ الطبعة األ املتويل رمضان أمحد الدمريي ـ مكتبة وهبة : عبد اهللا بن أمحد الفاكهي ، حتقيق : ـ شرح احلدود يف النحو

. م 1993الطبعة الثانية ـ .) د ت ( حممد حمي الدين عبد احلميد : مجال الدين بن هشام ، حتقيق : ـ شرح شذور الذهب

226

منشورات جامعة ـيوسف حسن عمر: مد بن احلسن االسترباذي ، حتقيق حم: ـ شرح الرضي على الكافية . م 1996قازيونس بنغازي ـ الطبعة الثانية ـ

أمحد حسن مهديل ، علي سيد علي ـ دار الكتب : احلسن بن عبد اهللا السريايف ، حتقيق : ـ شرح كتاب سيبويه . م 2008العلمية ـ الطبعة األوىل ـ

) .د ت ( املطبعة املنريية ـمجاعة من العلماء : يعيش بن علي بن يعيش ، حتقيق : املفصل ـ شرح . ه 1415حازم سعيد حيدر ـ مكتبة الرشد الرياض ـ : أمحد بن عمار املهدوي ، حتقيق : ـ شرح اهلداية

يلي ـ مطبعة النجفموسى بناي علوان العال: عثمان بن احلاجب ، حتقيق : ـ شرح الوافية نظم الكافية م 1980

الطبعة األوىل تفاروق الطباع ـ مكتبة املعارف بريوت: أمحد بن فارس بن زكريا ، حتقيق : ـ الصاحيب م 1993

أمحد عبد الغفور عطار ـ دار العلم للماليني ـ الطبعة الرابعة : إمساعيل بن محاد اجلوهري ، حتقيق : ـ الصحاح . م 1990

. م 1996 ـديزرية سقال ـ دار الصداقة العربية ـ الطبعة األوىل: ـ الصرف و علم األصوات حممد بن علي األكوع احلوايل ـ مكتبة : احلسن بن أمحد بن يعقوب اهلمداين ، حتقيق : ـ صفة اجلزيرة العربية

. م 1990اإلرشاد صنعاء ـ الطبعة األوىل ـ والدراسات أمحد خان ـ مركز فيصل للبحوث: بن أمحد بن عثمان الذهيب ، حتقيق حممد : طبقات القراء ـ . م 1997اإلسالمية ـ الطبعة األوىل ـ حممد أبو الفضل إبراهيم ـ دار املعارف: حممد بن احلسن الزبيدي ، حتقيق : طبقات النحويني و اللغويني ـــ . م 1984القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ غالب فاضل املطليب ـ دار كنوز املعرفة عمان ـ الطبعة األوىل: ظاهرة اإلعراب يف العربية مدخل فيلولوجي ـ . م 2009

. م 1998ـ ظاهرة احلذف يف الدرس اللغوي ـ طاهر سليمان محودة ـ الدار اجلامعية ـ الطبعة األوىل ـدار الفكر عمانعبد الفتاح حسن علي البجة ـ : ـ ظاهرة قياس احلمل يف اللغة العربية

. م 1998 أبو هاجر حممد السعيد بن بسيوين زغلول ـ دار الكتب العلمية : احلافظ الذهيب ، حتقيق : ـ العرب يف أخبار من غرب

. م 1985بريوت ـ الطبعة األوىل ـ . م 1980 رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني ـ: يوهان فك ، ترمجة : ـ العربية

. م 1993 ـإبراهيم السامرائي ـ مكتبة املعارف بريوت ـ الطبعة األوىل: ـ العربية تطور و تاريخ . م 2000 دار غريب ـ ـكمال بشر : ـ علم األصوات

227

. م 2004ضة مصر ـ الطبعة التاسعة ـ ـأمحد وايف : ـ علم اللغة وزارة الثقافة و اإلعالم ـمهدي املخزومي ، إبراهيم السامرائي: اخلليل بن أمحد الفراهيدي ، حتقيق : ـ العني

. م 1980ـ بغداد عبد العزيز بن عبد اهللا بن باز: أمحد بن علي بن حجر العسقالين ، حتقيق : ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري

) .دت ( و آخرون ـ داراملعرفة بريوت عمر بن أيب حفص الزموري ـ ديوان املطبوعات اجلامعية : البسط و التعريف ـ فتح اللطيف يف التصريف على

. م 1993اجلزائر ـ الطبعة الثانية ـ م 1999رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني ـ الطبعة السادسة ـ : ـ فصول يف فقه اللغة

. م 1990حامت صاحل الضامن ـ جامعة بغداد ـ : ـ فقه اللغة . م 1993 ـهاشم صاحل ـ املؤسسة الوطنية للكتاب اجلزائر : حممد أركون ، ترمجة : سالمي ـ الفكر اإل

. م 1994سعيد األفغاين ـ مديرية الكتب و املطبوعات اجلامعية ـ : ـ يف أصول النحو . م 2003إبراهيم أنيس ـ مكتبة األجنلومصرية ـ : ـ يف اللهجات العربية

. م 1986 ـاملخزومي ـ دار الرائد العريب بريوت ـ الطبعة الثانيةمهدي : ـ يف النحو العريب م 1981عبد الفتاح القاضي ـ دار الكتاب العريب بريوت ـ : ـ القراءات الشاذة و توجيهها

. م 1966 ـعبد الصبور شاهني ـ مكتبة اخلاجني القاهرة: ـ القراءات يف ضوء علم اللغة احلديث . م 2005مسري شريف استيتية ـ عامل الكتب احلديث ـ : بني العربية واألصوات اللغوية ـ القراءات القرآنية

. م 1988حممد هارون ، مكتبة اخلاجني ـ الطبعة الثالثة ـ : عمرو بن عثمان بن قنرب ، حتقيق : ـ الكتاب . م 1990 ـ3حمسن مهدي ـ دار املشرق بريوت ـ ط : أبو نصر الفرايب ، حتقيق : ـ كتاب احلروف

حمب الدين عبد : ، حتقيق ) ابن أيب داود ( عبد اهللا بن سليمان بن األشعث السجستاين : ـ كتاب املصاحف م 2002السجان واعظ ـ دار البشائر اإلسالمية بريوت ـ الطبعة الثانية ـ

) .د ت ( مبصر الطبعة الثالثة ابن جماهد ، حتقيق شوقي ضيف ـ دار املعارف: ـ كتاب السبعة يف القراءات عامل الكتب ، مكتبة النهضة ـزهري غازي زاهد: أمحد بن حممد النحاس ، حتقيق : ـ كتاب شرح أبيات سيبويه

. م 1986العربية ـ بريوت ـ الطبعة األوىل ـ مكتبة لبنان ـرونرفيق العجم و آخ: حممد علي التهانوي ، حتقيق : كشاف اصطالحات الفنون و العلوم ـ . م 1996الطبعة األوىل ـ

عادل أمحد عبد املوجود و آخرون : حممود بن عمر الزخمشري ، حتقيق : ـ الكشاف عن حقائق غوامض الترتيل . م 1998مكتبة العبيكان الرياض ـ الطبعة األوىل ـ

حممد شرف الدين : حاجي خليفة ، حتقيق مصطفى بن عبد اهللا : ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون يالتقايا ، رفعت بيلكه الكليسي ـ دار إحياء التراث العريب ـ بريوت

228

مطبوعات جممع اللغة ـحمي الدين رمضان: مكي بن أيب طالب ، حتقيق : ـ الكشف عن وجوه القراءات السبع . م 1974العربية دمشق ـ

مؤسسة الرسالة ـعدنان درويش ، حممد املصري: سيين الكفوي ، حتقيق أيوب بن موسى احل: ـ الكليات . م 1998الطبعة الثانية ـ

) .د ط ، د ت ( ـ اللسانيات العربية احلديثة ـ مصطفى غلفان ـ جامعة احلسن الثاين حممد الشاذيل ـ دار عبد اهللا علي الكبري ، حممد أمحد حسب اهللا ، هاشم: ابن منظور ، حتقيق : ـ لسان العرب

. املعارف مبصر . م1988مسيح أبو مغلى ـ دار جمدالوي ـ : عثمان بن جين ، حتقيق : ـ اللمع يف العربية

. م 1997خمتار الغوث ـ دار املعارج الدولية الرياض ـ الطبعة األوىل ـ : ـ لغة قريش . م 1998لكتب ـ الطبعة الثالثة ـ متام حسان ـ عامل ا: ـ اللغة العربية معناها و مبناها

عبد الكرمي جماهد ـ املؤسسة العربية : تشيم رابني ، ترمجة : ـ اللهجات العربية القدمية يف غرب اجلزيرة العربية م 2002للدراسات و النشر بريوت ـ الطبعة األوىل ـ

. م 1978 ـربية للكتاب ليبيا تونس أمحد علم الدين اجلندي ـ الدار الع: ـ اللهجات العربية يف التراث ) .د ط ، د ت ( عبده الراجحي ـ دار املعرفة اجلامعية : ـ اللهجات العربية يف القراءات القرآنية

. م 1993 ـعبد الغفار حامد هالل ـ مكتبة وهبة ـ الطبعة الثانية : ـ اللهجات العربية نشأة و تطور م 2002 ـحممد خان ـ دار الفجر ـ الطبعة األوىل: رآنية ـ اللهجات العربية و القراءات الق

منشورات وزارة الثقافة والفنون اجلمهورية العراقية ـغالب فاضل املطليب : ـ هلجة متيم و أثرها يف العربية املوحدة . م 1978

ة دار العروبة ـ الطبعة عبد احلميد السيد طلب ـ مكتب: أبو حيان األندلسي ، حتقيق : ـ املبدع يف التصريف . م 1982األوىل

208 /1) دط ، دت ( زسكني ـ مكتبة اخلاجني ـ حممد فؤاد : أبو عبيدة معمر بن املثىن ، حتقيق : ـ جماز القرآن حسن محزة ـ املركز القومي للترمجة ـ الطبعة األوىل : أندره رومان ، ترمجة : ـ امل يف العربية النضامية

. م 2007 يوسف غازي ، جميد النصر ـ املؤسسة اجلزائرية : فرديناند دو سوسري ، ترمجة : ـ حماضرات يف األلسنية العامة

. م 1986للطباعة ـ علي النجدي ناصف و آخرون ـ الس األعلى للشؤون اإلسالمية مصر: عثمان بن جين ، حتقيق : ـ احملتسب

. م 1994 عزة حسن ـ دار الفكر املعاصر بريوت ، دار الفكر : عثمان بن سعيد الداين ، حتقيق : ط املصاحف ـ احملكم يف نق

. م 1973دمشق ـ الطبعة الثانية ـ

229

عبد احلميد هنداوي ـ دار الكتب العلمية بريوت : علي بن إمساعيل بن سيدة ، حتقيق : ـ احملكم و احمليط األعظم . م 2000ـ الطبعة األوىل

) . د ت ( مكتبة املتنيب القاهرة آثر جفري ـ: ، حتقيق ابن خالويه : ـ خمتصر يف شواذ القرآن من كتاب البديع م1997رمضان عبد التواب ـ مكتبة اخلاجني ـ الطبعة الثالثة ـ : ـ املدخل إىل علم اللغة

ملخزومي ـ مطبعة مصطفى البايب احلليب ـ الطبعة مهدي ا: ـ مدرسة الكوفة و منهجها يف دراسة اللغة و النحو . م 1958الثانية ـ

عبد احلليم النجار ـ مكتبة اخلاجني مصر ، مكتبة املثىن : اجنتس جولدتسهر ، ترمجة : ـ مذاهب التفسري اإلسالمي . م 1955بغداد ـ

، حتقيق ) أبو شامة املقدسي ( بن إمساعيل بن إبراهيم عبد الرمحن: ـ املرشد الوجيز إىل علوم تتعلق بالكتاب العزيز . م 1975طيار آليت قوالج ـ دار صادر بريوت ـ

دار التراث القاهرة ـحممد أمحد جاد املوىل بك وآخرون : جالل الدين اليسوطي ، حتقيق : ـ املزهر يف علوم اللغة ) .د ت ( الطبعة الثالثة

: حممد بن حممد بن احلسن بن هبة اهللا ابن حماسن البغدادي ابن النجار ، حتقيق : تاريخ بغداد ـ املستفاد من ذيل . م 1988قيصر أبو فرح ـ دار الكتاب العريب ـ بريوت ـ

حامت صاحل الضامن ـ دار البشائر دمشق ـ الطبعة األوىل : مكي بن أيب طالب ، حتقيق : ـ مشكل إعراب القرآن .م 2003

حممد علي الصابوين ـ مركز إحياء التراث اإلسالمي ـ الطبعة األوىل : أبو جعفر النحاس ، حتقيق : ـ معاين القرآن . م 1988

هدى حممود قراعة ـ مكتبة اخلاجني ـ الطبعة : ، حتقيق ) األخفش األوسط ( سعيد بن مسعدة : ـ معاين القرآن . م 1990األوىل ـ

عامل الكتب بريوت ـ حممد علي النجار ، أمحد يوسف جنايت : حيي بن زياد الفراء ، حتقيق : ـ معاين القرآن . م 1983الطبعة الثالثة ـ

الطبعة ـعبد اجلليل عبده شليب عامل الكتب بريوت : إبراهيم بن السري الزجاج ، حتقيق : ـ معاين القرآن و إعرابه . م 1988األوىل ـ

الطبعة األوىل ـإحسان عباس ـ دار الغرب اإلسالمي: ياقوت احلموي الرومي ، حتقيق :ـ معجم األدباء .م 1993

. م 2002عبد اللطيف اخلطيب ـ دار سعد الدين دمشق ـ الطبعة األوىل ـ : ـ معجم القراءات . م 1979ر الفكر ـ عبد السالم حممد هارون ـ دا: أمحد بن فارس بن زكريا ، حتقيق : معجم مقاييس اللغة ـ

م1996 ـالطبعة األوىل ـإميل بديع يعقوب ـ دار الكتب العلمية : ـ املعجم املفصل يف شواهد اللغة العربية

230

. م 1993راجي األمسر ـ دار الكتب العلمية بريوت ـ الطبعة األوىل ـ : ـ املعجم املفصل يف علم الصرف . م 1936 ـونستك ـ مكتبة بريل يف ليدن. ى . ا : ـ املعجم املفهرس أللفاظ احلديث النبوي .هـ 1364 ـحممد فؤاد عبد الباقي ـ دار احلديث القاهرة : ـ املعجم املفهرس أللفاظ القرآن الكرمي

عبد اللطيف حممد اخلطيب ـ الس الوطين : ابن هشام األنصاري ، حتقيق : ـ مغين اللبيب عن كتب األعاريب . م 2000فنون و األدب ـ الطبعة األوىل ـ للثقافة و ال

حممد سيد الكيالين ـ دار املعرفة : ، حتقيق ) الراغب األصفهاين ( احلسني بن حممد : ـ املفردات يف غريب القرآن .بريوت

. م 1979عبد السالم حممد هارون ـ دار الفكر ـ : أمحد بن فارس بن زكريا ، تح : ـ مقاييس اللغة حممد عبد اخلالق عضيمة ـ جلنة إحياء التراث اإلسالمي القاهرة : حممد بن يزيد املربد ـ حتقيق : ضب ـ املقت

. م 1994الطبعة الثالثة ـ م 2001ـ دار عمار عمان ـ الطبعة األوىل ـ و آخرون حممد أمحد مفلح القضاة : دمات يف علم القراءإت قـ م

فخر الدين قباوة ـ مكتبة لبنان ـ الطبعة األوىل : ابن عصفور اإلشبيلي ، حتقيق : ع الكبري يف التصريفتـ املم . م 1996

. م 1978 ـدسة ارة ـ الطبعة السه األجنلومصرية القاةيم أنيس ـ مكتبهإبرا: ـ من أسرار اللغة . م 2002ة األوىل ـ ا حممد موسى ـ دار اإلسراء ـ الطبععط: ـ مناهج الدرس النحوي دارالكتاب العريب ـحممد عبد اـعظيم الزرقاين ، حتقيق فواز أمحد زمرييل: القرآن ـ مناهل العرفان يف علوم

. م 1995بريوت الطبعة األوىل ـ حممد عبد القادرعطا: عبد الرمحن بن علي بن حممد بن اجلزري ، حتقيق : ـ املنتظم يف تاريخ امللوك و األمم

. م 1992ـ دار الكتب العلمية ـ بريوت ـ الطبعة األوىل ـ و آخرون إبراهيم مصطفى ، عبد اهللا أمني ـ إدارة إحياء التراث القدمي ـ الطبعة : عثمان بن جين ، حتقيق : ـ املنصف

. م 1954األوىل ـ . م 1938 ـالعالمية ـ املكتبة ) النحاس ( حممد بن أمحد بن إمساعيل الصفار: ـ الناسخ و املنسوخ

مجال الدين حممد شرف ـ دار : حممد بن حممد بن حممد بن يوسف اجلزري ، تح : ـ النشر يف القراءات العشر . م 2002الصحابة للتراث ـ الطبعة األوىل ـ

س الدينحممد حسني مش: يوسف بن تغري بردي األتابكي ، تعليق : ـ النجوم الزاهرة يف ملوك مصر و القاهرة . م 1992دار الكتب العلمية ـ الطبعة األوىل ـ

) .د ت ( عباس حسن ـ دار املعارف مصر ـ الطبعة الثالثة : ـ النحو الوايف . م 1995الشيخ أمحد طنطاوي ـ دار املعارف مصر ـ الطبعة الثانية ـ : ـ نشأة النحو و تاريخ أشهر النحاة

مجال الدين حممد شرف ـ : حممد بن حممد بن حممد بن يوسف اجلزري ، حتقيق : ـ النشر يف القراءات العشر

231

. م 2002الصحابة للتراث بطنطا ـ الطبعة األوىل ـ دار الطبعة األوىل ـأمحد مشس الدين ـ دار الكتب العلمية: جالل الدين السيوطي ، حتقيق : ـ مهع اهلوامع

. م 1998 أمحد األرناؤوط ، تركي مصطفى دار إحياء التراث العريب : ل بن أيبك الصفدي ، حتقيق خلي: ـ الوايف بالوفيات

. م 2000بريوت ـ الطبعة األوىل ـ إحسان عباس ـ دار صادر : أمحد بن حممد بن أيب بكر بن خلكان ، حتقيق : ـ وفيات األعيان و أنباء أبناء الزمان

. م 1968بريوت ـ :ئل اجلامعية قائمة الرسا

ـ املنهج اللغوي لقراءة نافع موازنة بني راوييه ورش و قالون ـ العيد عالوي ـ ماجستري كلية اآلداب والعلوم . م 2008 ـ 2007اإلنسانية و االجتماعية ـ جامعة حممد خيضر ببسكرة ـ

هللا سليمان حممد أديب ـ رسالة ـ التوجيه اللغوي و النحوي للقراءات القرآنية يف تفسري الزخمشري ـ عبد ا . م 2002ماجستري ـ كلية اآلداب ـ جامعة املوصل ـ

ـ التأويل النحوي عند الفخر الرازي يف مفاتيح الغيب ـ أكرم نعيم عصوان احلميداوي ـ كلية اآلداب ـ جامعة . م 2008الكوفة ـ

اءات من خالل تفسريه التحرير والتنوير ـ حممد بن سعد ـ االمام حممد الطاهر بن عاشور و منهجه يف توجيه القر . هـ 1427بن عبد اهللا القرين ـ رسالة ماجستري ـ كلية الدعوة و أصول الدين جامعة أم القرى ـ

ـ التأويل النحوي يف احلديث الشريف ـ فالح إبراهيم نصيف الفهد ـ رسالة دكتوراه ـ كلية اآلداب ـ جامعة . م 2006ـ بغداد