الخطاب الديني بين الأدلجة...

55
Journal of Indonesian Islam; ISSN1978-6301 Published by the Institute for the Study of Religion and Society (LSAS) and the Postgraduate Program (PPs), the State Institute for Islamic Studies (IAIN) Sunan Ampel Surabaya - Indonesia اﻟدﻳﻧﻲ اﻟﺧطﺎب اﻷدﻟﺟﺔ ﺑﻳن واﻷﻧدﻧﺳﺔ ﻋﺑداﻟﻘﺎدر رﻳﺎدي اﻟﺣﻛوﻣﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ أﻣﺑﻳﻝ ﺳوﻧﺎن ﺟﺎﻣﻌﺔ، اﺑﺎﻳﺎ ﺳورAbstract: Islam has been understood differently by its adherents. Muslims from different intellectual currents of thought develop sharp difference in their interpretation of Islamic teachings. Muslims of Indonesia are not an exemption. In their effort to make Islam more acceptable in the local context, they have presented a form of Islam hardly found in another part of the Muslim world. This article is an attempt to make a contribution in what is called the “Indonesian version” of Islam. The article speaks of two kinds of Indonesian Islam, namely ideological and intellectual aspects. The former is represented by the political currents aspired to “formalize” Islam as the state religion, while the latter is a pure academic movement aimed at “localizing” Islam in tune with the local values and norms. The paper tries to trace the deep reaches of these two forms of Indonesian Islam and delve into their internal dynamics. While it finds the idea of ideologising and localizing Islam to be originally Indonesian, the paper discovers that the contents of that idea are apparently imported. Keywords: Indonesian Islam, ideologisation, localized Islam, Pribumisasi Islam. ﺗﻣﻬﻳد اﻟﻣﻘﺎﻟﺔ ﻫذﻩ ﺟوﻫرﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﺗﻧﺎوﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﻊ اﻟدﻳن ﻋﻼﻗﺔ ﻗﺿﻳﺔ اﻟﻌﺻر اﻟﺣدﻳث, وﻫو اﻟﻌﺻر ﻳﺗﺳم اﻟذي اﻟﺛﻘﺎﻓﻳﺔ و اﻟﻔﻛرﻳﺔ ﺑﺎﻟﻬﺷﺎﺷﺔ اﻟﻌﺻر. اﻟدﻳﻧﻳﺔ ﺑﻝ ﻓﻳﻪ ﺣﺻﻠت اﻟذي اﻟﺣﺿﺎر اﻋﺎت ﻧز ات ﻓﻳﻪ ﺗﻣت و ﺟﺎﻧب ﻣن أ اﻟر ﻫﻳﻣﻧﺔ ﺳﻣﺎﻟﻳﺔ

Transcript of الخطاب الديني بين الأدلجة...

Journal of Indonesian Islam; ISSN1978-6301 Published by the Institute for the Study of Religion and Society (LSAS) and the Postgraduate Program (PPs), the State Institute for Islamic Studies (IAIN) Sunan Ampel Surabaya - Indonesia

واألندنسة بين األدلجةالخطاب الديني ريادي عبدالقادر

سورابايا ،جامعة سونان أمبيل اإلسالمية الحكوميةAbstract: Islam has been understood differently by its adherents. Muslims from different intellectual currents of thought develop sharp difference in their interpretation of Islamic teachings. Muslims of Indonesia are not an exemption. In their effort to make Islam more acceptable in the local context, they have presented a form of Islam hardly found in another part of the Muslim world. This article is an attempt to make a contribution in what is called the “Indonesian version” of Islam. The article speaks of two kinds of Indonesian Islam, namely ideological and intellectual aspects. The former is represented by the political currents aspired to “formalize” Islam as the state religion, while the latter is a pure academic movement aimed at “localizing” Islam in tune with the local values and norms. The paper tries to trace the deep reaches of these two forms of Indonesian Islam and delve into their internal dynamics. While it finds the idea of ideologising and localizing Islam to be originally Indonesian, the paper discovers that the contents of that idea are apparently imported.

Keywords: Indonesian Islam, ideologisation, localized Islam, Pribumisasi Islam.

تمهيدالعصر قضية عالقة الدين مع المجتمع فيتتناول في جوهرها هذه المقالة

بل الدينية. العصر بالهشاشة الفكرية و الثقافية الذي يتسم العصروهو , الحديثسمالية هيمنة الرأمن جانب و تمت فيه ات نزاعات الحضار الذي حصلت فيه

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

359 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

في النهاية . األمر الذي أدىخرجانب آمن جوانب الحياة االنسانية علىوالحداثة يات قد تم د التعقيدات والتحطار هذه إفي ذا كان الدين ما إالتساؤالت حول لىإدافيد ري جرفين ذا كان الدين مازال له دور فيما يسميه إم ه و تهميشه أغترابا المفتوحة".الساحة "

باللجوء ندونيسي في السياق اإل التؤ استال هن تجيب هذحاولت هذه المقالة أيين في هذا الصدد مع ندونيسحة من قبل المفكرين والمثقفين اإلفكار المطرو األ إلى

التحليل والنقد.

- والعالم الثالث سالميةمن الدول اإلن كثير شأنها كشأ-ندونيسيا كانت إ ولماوالسياسة عام بوجهن دراسة الدين وعالقته بالمجتمع فإالحداثة نكبة قد ابتليت ب

اجتماعيا عتاب تحول خطيرأ ذلك ألنها على 1همية خاصة.بوجه خاص تكتسي أ لىاألمام أم إ إلى سيحدد مسير البلدبشأنه التحول الذي . وساسيا وثقافياودينيا

و فشلهم في مواجهة تلك الظاهرة الخطيرة.مفكريها أمن نخبة نجاحالوراء بقدر

لعالج طروحات المقدمةحول األندونيسيا إللتطور الفكري في المتتبع ولعلضعف ساسية تتمثل في ة نقيصة أن ثمالتي نحن في مقتضاها يالحظ أ القضية

ندونيسيا لم تعد إ نوهي أالموضوع. جوهر القضية في فهم هطراف المعنية بهذاألهذا الحد لىمطروحه إالالدينية فكار يات العصر وأن األلمواجهة تحد فكريا مستعدة

اشتغل بها المفكرون هم الموضوعات التي أالدين و عالقته بالسياسة من قضية تمثلمازالت 1

هذا الموضوع هو ذلك الذي المسلمون في إندونيسيا. ولعل من أهم و أحدث الكتب التي تطرق إلىلى حد كبير الم السياسي. كان الكتاب متأثرا إسى كريم بموضوع الدولة و تهميش اإلكتبه روسلوساط الثقافية في ثيرا للجدل الواسع في األودة المفكر المصري. وكان الكتاب أيضا مبفكر فرج ف

سالمية. فودة وهو الرفض التام للدولة اإل البالد. ويقف المؤلف نفس الموقف الذي اتخذه فرجمد النعيم حأمثال عبد اهللا أيضا في أن المفكرين المسلمين العرب من أهمية هذا الموضوع وتكمن أندونيسيا. وقد كتب النعيم كتابا لدين والدولة في إحوار حول قضية ان يساهموا في الاآلن أ بدوي

خاصا في هذا الصدد بموضوع الشريعة, الدولة والعلمانية حيث اتخذ نفس الموقف الذي اتخذه روسلي كريم.

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

360

صيلة لمعالجة تقديم حلول موضوعية علمية و أ علىلم تعكس قدرة الشعب الناتجة عن الحداثة وجوانبها المتعددة. المشاكل االجتماعية

الموقف من الدين وقضايا العصر د صدبندونيسيون اإلالمفكرون انقسموقد دلجة (وهو التعامل مع الدين يتخذ موقف األول فريقين أساسيين: األ إلىسير الدين وتطبيقه حسب ندنسة (وهو تفيديولوجيا) والثاني يتخذ موقف األكاأل

تخدم داة له والثاني يساألصولية أ لىدونيسي). األول يلجأ فيما يلجأ إنالطابق اإليتعصب تهصوليأول بالليبرالية مدخال و منهجا له. األ - حد ما لىإ -العلمانية و ل علي العقل.يعو تهعلمانيبخر للنقل واآل

تجاه الصولية بصفتها ممثلة األ في األساس إذن دراسة على الدراسةفهذه ندنسة.مدخال لألدلجة و العلمانية بصفتها األ

نه فرض التصنيف من قصور إال أالمصطلح و وبرغم ما يشوب هذا مصطلح صبح المتحاورين من الفريقين معا. وأ ىعل ومفاهيمهاصطالحاته

علي نحو ندونيسيا في إشائعا في الخطاب الديني المعاصر والعلمانيةصولية األ خاص.

مما خيرة ألصولية والعلمانية في األونة األالدراسة حول موضوع ا كثرتولقد ن وثانيا إ .اط الفكرية في البالدوسساخنا في األضوع ما زال ن المو يعني أوال أ

اسي. بل السي الثقافي و الدينيان للوعي تساسيتان األهما المشكل هذين الخطابينالفكرية لنزاعات ت الذي كثرت فيه اقهذا الموضوع في الو وتأتي كثرة الدراسة على

. بين الطرفين

يام أ ىلدام منذ سنوات يرجع إنين قد الصراع الفكري بين االث نأ ضحالواومن ات والثمانينات والتسعينات. وتجدد ف في السبعينشسوكارنو في الستينات, ثم اكت

2005سنة ندونيسي اإلمجلس العلماء صدرت األخيرة منذ أذلك الصراع في السنواا تباعهن أها الليبرالية والتعددية حرام, وأن العلمانية ومعالفتوى المثير للجدل أ

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

361 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

صدرها المجلس ي أالمنشورات المتداولة الت لىهذا باإلضافة إ 2ضالون مضلون.فكار "المسيئة" للدين و يدعو المسلمين نترنت يدين فيها األفي مواقع اإل خصوصا عنها.لالبتعاد

ندونيسيا عامرة بالجدل حول القضايا لراهنة في إوهكذا فإن الساحة الفكرية اذات مانية وانما أيضا بالقضايا األخرىالعلصولية و األال فقط بطبيعة المتعلقة

صولي هذا فإن النقاش حول الخطاب األ وعلى .ية خاصة بالدين والمجتمعمهأضرورية خصوصا جدلية فكرية أصبحت ملحة وباألحرى علماني وما لهما منوالالجدل بين االثنين قد تجاوز حدود التبادل الفكري ويدخل مجال الصراع نوا الصدام وبل التهديد والتكفير.و

المجلس و ف ير موقسفرصد وت -المذكور وىالفت نظرا إلى –لعله من السهل و تجاه قضايا العصر الذي واجهه األمة في البالد خرىمعه الفرق األصولية األ

صولية تمثل كما أنه من الممكن أن نسترشد أن الفرق األ ندونيسيا.اإلسالمية في إفالخطاب الديني ه الفرقة العلمانية.تذلك الذي مثل على االتجاه المعاكس المضاد

الدين وقضايا العصر بين شكالية الجدل الدائر بشأن إندونيسيا و في إ المعاصرالثنائية غلبه بسطوة مشروط أصوليون ا العلمانيون واألالعناصر المختلفة التي مثله

, وبين الماضي والحاضر وبين الديني و الالديني خربين الذات و اآلة يديولوجياألخر(المسيحي اوالغربي) يرفضها جوهرا لآل الجدل وفقا لهذا تكون العلمانيةحيث

سالمي صولية جوهرا للذات اإلاألتكون بينما الدينيتهابزعم عقالنيتها و مة األ حي. و يدعمها الدين وال

مر من الحساسية بمكان بما الخوض في موضوع العلمانية خاصة أ نولذلك فإندونيسي مع اإلن طبيعة المجتأ باإلضافة إلى يكتسيه الموضوع من الالدينية

خر اآلالخارج فكار الرافدة من يرفض بكل السهولة األن أ تدفعه إلىالتقليدي الغربي المسيحي.

2005يوليو 29صدره المجلس خالل المؤتمر الوطني للمجلس يوم الفتوى أ 2

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

362

نسان دة يحبذ البحث العلمي سواء من اإلعقيسالم كن اإللكن لحسن الحظ فإو ن ينمو و ينتشر يتيح الفرصة الواسعة للفكر اإلسالمي أمر الذي , األو الطبيعةأ

او التخدير.حتكار الابعيدا عن

كل ن هذه المقالة تبتعد عن لحساسية الموضوع فإ ساس ونظراذلك األ وعلىالعلمانية صولية و ألاوهو -ت موضوع االبحث يديولوجي حيث وضعتقييم أ

في هذين الخطابين في دائرة النظر المعرفي. وليس حديثنا عن -كالفكر والواقع لىفي السياق اإلندونيسي والنظر إا مطبيعته براز حقيقة وة إال مناسبة إلهذه المقال وهام والهموم.بعيدا عن األهما مرتكزات

ر الخطاب الديني يتكمن الصعوبة في رصد وتفسهمية هذا الموضوع أبقدر وتردي يقيم قرينة على -شكالية معرفيةإك الخطاب الدينيأي –نه خصوصا وا

شكاليات ولعل من أهم اإل خيرة.األو االجتماعي خالل السنوات السياسيالواقع فضال عن ألغاز إطاره المرجعي سالم لإلة قيتلك الطبيعة الميتافيزي يضاأالمعرفية

مقاصد نه يفسر الدين حسب فالكل يدعي أاء والمصالح. هو القابل للتأويل حسب األ روح الدين الحنيف. مع ن تفسيره يتماشىالدين المطلوبة وأ

ليه الدراسة من طبيعة صد بها التوطئة لما تهدف إقي مقدمة موجزة هي هذه ندونيسيا, وذلك باستقصاء "مفتاحه" المتمثل في ظاهرة في إ الدينيالخطاب

ه منناتضمنيالذكر وما سالفيال ختلفينالم قف التيارينالمفارقات في موا علىن الدراسة تنصب ذلك فإ وعلى .و التطرفأ تضرب نحو االعتدال طروحاتأصولي في الخطاب األمفارقات تلك الصيل "الخطاب المناسب" بغية الكشف عن تأ خير.ألخدم القضية برمتها في التحليل االعلماني بما يمهد لحوار هادئ ورشيد يو

–ندونيسيا عن الفكر العربي و الغربي نه ال يمكن فصل الفكر الديني في إوألدراسة الحالة هي ن فإ -فهو قدر التاريخ و المصير المشترك في عصر العولمة

دراسة للواقع كله.

ندونيسيفي المجتمع اإل األدلجي الخطاب

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

363 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

حاليا ص واجهندونيسيا بوجه خان العالم اإلسالمي ككل وا ليس من شك في أوالضعف الداخلي من نتيجة لهيمنة الحداثة من جانب زمة الفكر الديني والثقافي أ

مظاهر لىإ -ولىن النظرة األمما يبدو واضحا م –ت دأزمة جانب آخر. وهذه األتجلت هذه نيسي و ندوفي السياق اإل .والثقافي زمة الواقع السياسي واالجتماعيأ

السياسي والصراع كري والهوس الديني والعنف ظواهر التخلف الفزمة في األ .بادةاإلالطائفي وغيرها من التهديد والتهميش المنظم و بل

من الفراغ واخر التسعيناتيسيا في أندونزال يذكر ما جرى في إ ماالمرء و خالقي بعد سقوط نظام نهيار االقتصادي واالجتماعي واألء السياسي واالاوالخو

بعض الجماعات اإلسالمية ومثيالتها من ن حقا أمؤسف . والسوهارتو المستبدمتاجرين بالدين التطورات المؤلمةفادت من هذه أ في البالد خرىالجماعات األ

ميتها واستثمرت معانات الجماهير وأ كما راهنت على ومؤزرين بالنظم الثيوقراطيةجماعة خبرات العمل السياسي السري المنبثقة من الجماعات الراديكالية مثل

حد شيوع لىإ اوصل ترديهالتي كثر خطورة و األزمة لألطريقا مهد مما ي القاعدةالقضايا المطروحة علي ىعتباتت تشكل أحيث الديني" الصراع واستشراء ظاهرة "

ن. اآل حتىالسياسي والفكري الصعيدين

ن كافة المستويات فإ ه المشكالت علىفي وقت تفاقمت خاللخر آ جانبومن فهم و رصد همية أصيلة تتمركز حول أحلوالقد قدم بالفعل نظام حياة م كسالاإل

طراف المعنية بهذا ألن بعض اتعاليم الدين األخالقية والفكرية والثقافية. غير أفهم دون أدنى ليهإتطرقوا خصوصا صوليين السلفيين من األسالم الجانب من اإل

حيانا.بل كعقيدة أسالم كشريعة لجوهر اإل

لجأ الكثير من سالمي وتراثه الفكر اإل علىفهم هذا الفي غياب وهكذاذلك أن مبررين في سلوب االنتقاء أ التعويل على لىإ السلفيينصوليين و األ

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

364

التراث ن النهائي لكل مشكلة واجهها اإلنسانية و أ سالم عبارة عن الحل اإل 3مكان. صالحة لكل زمان وعمال الكرامات اإلسالمي في نظرهم سلسلة من أ

- حرفية أصول الدين ظواهر و بالتمسك تعني ألصولية ان فهم الكثير أقد و ون مراعاةو السعي إلى تطبيقها في الواقع الراهن بشكل شامل د -والسنةالقرآن قة لمستقرة الشاملة المنبثالرؤية اها نأى أ دات و الضرورات في هذا الواقع.للمستج

إلى تغيير الواقعتقصد حيث و السنة القرآن من الفهم الحرفي الالسياقي على 4.الحرفيحسب هذا الفهم

يضا أ نمافقط عن الفهم أو الرؤية إ تة عبارة ليسصولياألن أخرين, اآلوعند عية و الثقافية و بل جتماية و االنهج في كل ما يتتعلق باألمور السياسعن م

و الواقع المجتمعخضاع تسعى إلى إ ايدولوجيأنها في هذا السياق أو قتصاديةاال 5.ةلحرفييغلب عليها طابع ا لمرجعية نصية بحسب القراءة الخاصة لهاتطويعه و

عتها تسعى إلى فرض ين األصولية بطبإن نقول نستطيع أننا إفية حال أ وعلىيضا أأو ما ينتسب إليها على كل شؤون الحياة و المجتمع، و الدينيةالنصوص النصوص الدينية هي ها, وكأنشئ والحكم على كل ظاهرة بمقتضاتفسير كل

و الواقع. الية على التاريخ متع وحدها تمثل الحقيقة المطلقة

ة ضعف أن اللجوء إلى الماضي هو مرآ -رئيس البرلمان اإلندونيسي األسبق –مين رئيس رأى أ 3

أن الواقع سالمية بين اآلمال و ن خالل كتابه اآلفاق اإلمفكر المسلمين في فهم الحاضر. واقترح -نبجا زاء هذا الضعف من قبل المسلمين من جانب و هيمنة الفكر الغربي منإ -يكون هناك

الثقافي بدال من اللجوء تماما إلىو العلمي المستوى ي متوازن بين اإلسالم و الغرب علىتبادل فكر خذ بكل ما هو غربي كما يريده العلمانييون. انظريون أو األصولالتراث اإلسالمي كما يريده األ

Amin Rais. 1997. Cakrawala Islam antara Cita dan Fakta. Jakarta: Mizan ي األصوليات اإلسالمية . "الفكر العربي بين األصولية والعلمانية ". ف1993. مين العالممحمود أ 4

10مين لعالم. القاهرة: قضايا فكرية للنشر والتوزيع, ص في عصرنا الراهن. إشراف محمد أ 11نفس المرجع, ص 5

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

365 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

ساسي و ألا معياربصفتها الالنصوص الدينية ن األصولية تتعامل مع نظرا ألو و سائر ع مالمجتيضا للسياسة و و إنما أوحيد ليس فقط للسلوك و القيم الصفة اإلطالقية ن يطلق عليها من الممكن أ نه إذا فإ, اليومية يةاإلنساننشاطات ال

قصاء و ن رؤيتها رفضا قد يصل إلى حد اإلض كل ما يخرج عالتمامية حيث ترفالتقصب و و صفة تعادل العنف يطلق عليها نأالصحيح نه من كما أ, هديدالت

التكتل.

ص الرؤية إلى العالم إلى يتقل نهاإبعد كل هذا ل و ليس من المبالغة أن نقو صحيح و ,حرام , حالل ومؤمن و كافريني, دالديني و ثنائية قاطعة بين ما هو

امجهم العلمية و العملية بر كل صوليون في الرؤية التي ينبني عليها األ وهي, خطا . مضل نه حرام و أ معاكس علىخطاب أيعلى مثال اتهامهم وفي

هتحدد خيار يديولوجيةألن خطابهم صادر عن المرجعية اويرتبط بهذا أالحكم, والتاريخي ألن وح علىبالطم ن ذلك يرتبطالسياسي والتاريخي. السياسي أل

و ام الدين من أجل السياسية و إما نكوصا أما لهدف سياسي الستخدعودته إ لن تعود ثانية. -ال قيما–ارتدادا غير واع مستلهما عصورا

نحاء العالم بال كثر خطورة من هذا أن المجتمع المسلم في أن األوغير أ, حيث حصلت فيه تغييرات العشرين استثناء دخل دائرة العولمة في نهاية القرن

الدينية. وعلى هذا النحو كل المستويات الفكرية والثقافية والسياسية و كثيرة علىعالم مجازي وأن وكأنه الجديد العالم لىسلمين نظروا إصوليين من الماألن فإ

الديمقراطية مثال فيه "القيم الحديثة" من أصبحت أحيث مركة العالم الحقيقي هو األ علىمن قبل القوة العالمية خر لمحاولة السيطرة الحضارية ت إال الوجه اآلليس خر الحضاري والديني.اآل

فرز ذلك ظاهرة السيولة في العالقات الدولية وتداعياتها في مرحلة جديدة وقد أصوليون بالقدر الكافي األ لم يتهيأو آثار العولمة التي من مراحل النهب المنظم

التحركات ن عددا كبيرا منهم ما زالوا في غمار و خاصة أ معها للتعامل

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

366

االهيمنة الغربية دون فهم واع لشروط التعامل معه جل الرفض علىأليديولوجية األ . او االنصراف عنهأ

فرضيات الوافد دان رفض بل أ صوليالفكر األ ننجد ألعلمي ا فعلى المستوىهذه والتي حاولت التيارهذا اهات الفكرية داخل كل االتجالذي تمثله مراألالغربي

للقرن صولي األوكان الخطاب الشريعة. سالم وإلاالشكلي باالتجاهات التمسك ي من جانب و بالخطاب الثور 6سلفية العربيةمقترنا بالندونيسيا دائما العشرين في إ

ته مضاد لكل ما هو ن هذا الخطاب بطبيعمما يعني أ خراإليراني من جانب آ المرجعية الرمزية. سالم للحفاظ علىاإلبقاء علي اإلنه يريد فقط غربي عقالني وأ

- حساسهم المتضخم بالذاتمع إ –صحاب هذا الخطاب أن والمدهش حقا أة أولويات الفكر متابعو فهم الذات من جانب عاجزون تمام العجز عن مجرد

ن الكثير منهم لم يبلغ "سن بل أو . خرمن جانب آ صحيحا و فهمها فهماالغربي أوتعاليمه السمحة. ذاته سالم اإل علىالسليم الرشد" العلمي مما يمنعهم من الفهم

ينسحبو التخلف العلمي حساس بالعجز مام اإلأن فقد صح أمين رئيس في قوله إ مع حياءيستحق اإل ويرون فيها مثال أعلى 7ةيو الماضو الرومانسية لىإصوليون األ

ذهانهم و الملموس في أهو ال في عقولهم هذا الماضي غامضا كالضبابكون خذون من الماضي ما يرضيهم ويتركون منه يأ, الماضي يقصدون هم يعرفون أي

كذا فإن وه .معنىو سما بال داللة أ يرضيهم, ويبقى الماضي المتخيل اما الفي مضمونه ليس - سبة لعالقته مع الماضي التاريخيبالن –صولي الخطاب األ

.ة عن المعنىال تعبيرا عن مراوغة تاريخية وانتهازية فكرية خاليإ

في كتابه حركات تطبيق الشريعة و إعادة إنتاج األيديولوجيا السلفية أن حيدر ناصر يرى 6

لشريعة من خالل تأسييس الدولة اإلسالمية هى وليدة تطبيق ا اإلسالمية التي تدعو إلى الحركات يديولوجيا السلفية ال غير. انظرفقط عن أ

Haedar Nashir, Gerakan Islam Syariat: Reproduksi Salafiyah Ideologis di Indonesia (Jakarta: PSAP, 2007), p. 273

89نفس المرجع, ص 7

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

367 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

سالم الجهل باإل باإلضافة إلىوتاريخه الغربي خر اآلبمضمون الجهل, إذا ثم سالمية و غير اإلسالمية اإلات و تنوع المجتمع هتطور وتاريخه و تراثه الثري و

صولية حول الدين و األ وراء تهافت الرؤىبالذات الماضي التاريخيالجهل ب عالقته بالمجتمع.

ربي بسائر مدارسه وتياراته ال لشيئ إال ن موقفهم المعادي للفكر الغأوالحق يرا رفوض سلفا. فالفكر الغربي موروث إنساني حضاري أوال وأخمر مأ غربينه أل

لم يقف ذات الموقف من التراث سيسهوالتراث العربي اإلسالمي في مرحلة تأغربي المعاصر ضافة. والفكر الا و نفتح عليه ترجمة ودراسة واستيعابجنبي بل ااأل

ناك مدارس وتيارات متعارضة ن هحدة حيث أوضعه في سلة وا من الخطأراكي إنساني وما هو دي وما هو مثالي, ما هو اشتومتصارعة. هناك ما هو ما

خلطهم في االنتماء لتيارات على مبريالي تسلطي. وقد انعكس هذا الموقفأ مية معاصرة متباينة دون تمييز.سالإ

التراث لىمن العودة إالمنحاز نحو الماضي و اتخاذهم ن موقفهم كما أضا يأ المستقبل لىساسيا لتقييم الحاضر والتطلع إمعيارا أ الضيقبمفهومه الديني

سالمي قرون عز ومجد وسؤدد ماض يعتقدون؟ لقد شهد التاريخ اإل يأف .مرفوضن السلف من المسلمين من كان أطول من الذل والبؤس واالنحطاط و ا أوقرون

صالحا ومن كان طالحا. فاالنحياز إلي الماضي ال يجوز أن ينبني فقط علىالتراث كما أن العودة إلى ولويات صيرورة التاريخ.اطة بأحاإل "التاريخية" بل إلىوسماته وسياقه و بل وتياراته هحاطة والمعرفة التامة باتجاهاتتستلزم ضرورة اإل

مادة متنوعة لىالدراسة االستقصائية التي تستند إمن انوع ستلزم أيضاوت تاريخهبي وما هو عقلي و نقلي, سني و غير وما هو غي نصي فهناك ما هو ا وكيفا.كم

االتجاهات السنية ن هؤالء ال يعولون في التراث إال علىأيب والغر سني. قطاعية العسكرية. النظم الثيوقراطية واإلا يديولوجيكانت تشكل أالتي المحافظة

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

368

نه إ فالس فكري.الماضي في حد ذاته دليل إ أن االتجاه إلىومن هنا يتضح قديم حلول ت ىعل معن مواكبة المتغيرات وعدم قدرتهابه حصعجز أ على دليل الوراء إلى التحرك - كثر صراحةبعبارة أ – نه دليل علىإ .يةعة للمشكالت اآلنناج

و بل هي قوة قوة تخلف ال قوة تقدم. الماضي الرجوع إلىإلى األمام. و ليس عربا كانوا أم –ون صولياأل ستنارة و اإلبداع.التغييب للوعي و اال

تهم للتراث ءسالمي ومن ثم تنطوي قرااإل وليات التراثيجهلون معا أ -ندونيسيينإمثالية و فارغة أ ة. فمشروعهم ال يخرج عن كونه دعوىفة الالتاريخياآل على

تمثل رد فعل للمرحلة المتردية في تاريخنا المعاصر. فضل الحاالت في أطوبوية

مس ال تصلح بالضرورة لمشكالت حلول األن يتضح كل الوضوح بالفعل أمور العقيدة المثل لخلقه في القرآن الكريم. فأحانه وتعالي ضرب سب واهللاليوم.

حكام.شريعة فيه الناسخ والمنسوخ من األقاطعة وما يتعلق بال

في المعاصرصولي األالمميزة للخطاب العامة الخصائص والسمات تلك هي ير وبل جميع الخطاب األصولي في العالم ثها كتسم بوهي السمات التي ا دونيسياإنثمة أصولية واحدة تليس هنأن نتسارع في القول إالمهم . ولعله من سالمي ككلإلا

كر األصولي المفن لم يكن في فكر بل توجد أصولية داخل كل تيار من تياراتها إصحابه حاب هذا االتجاه وعدم وضوح رؤية أصعقم فكر أ الواحد. وهذا يرجع إلى

.سالميراث اإلجانب واحد من جوانب الت لىنتيجة االقتصار ع

عن ن نتكلم عن األصوليات بدالأنواع و إننا نستطيع أ األصوليةن نعم، إركة أن عدد حواضحا عتدال. و يبدو األصولية، و هي تتراوح بين التشدد و اال

ن بعض األصولية في إندونيسيا يصعب إحصاءها و بل يستحيل أن تحدد إذ أهم كما أن هناك حركات شعبية تعتقد األصوليين ينكرون نسبة األصولية إلى حركتهناك التباس من حيث عدد حركة ذن إأنها أصولية و هي في الواقع غير ذلك.

األصولية في إندونيسيا، و بل من حيث معنى األصولية بالذات. باإلضافة إلى أن . غيرهاصولية و السلفية و بين كلمة الراديكالية مثال و األ هناك تداخال شديدا

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

369 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

األصولية و سلفية زيد تعقيدا إذا نذكر أن هناك ما يسمى باألصولية الاألمر يو ان ولكن إذا كصولية المتشددة. األصولية المعتدلة و األ إلى ضافةباإلالتقليدية

تي تدل على و المواقف و األحكام الدينية ال مصطلح األصولية ينسب إلى الرؤىبه، فإنا نتمسك مفهوم الذي طغيان، و هو الالستعالء و الجمود و التعصب و اال

علىنستطيع أن نتصور رغم تنوع تعريف و مفهوم المصطلح أن األصولية في ذاك الخطاب الذي ينوه بالمرجعية النصية الحرفية تتجسدالعلمي المستوى

لى ادلجة إنها الخطاب الذي يميل إالعملي المستوى , وعلىطالقيةاإلالماضوية .نسانالشريعة في واقع حياة اإلتطبيق ىلوالسعي إ سالماإل

صوليات الدينية التي نتحدث عنها فإن األصولية أو األا تنوع تشكيالتهرغم و ا كان هذا عربي–سالمي التراث اإلشياء من بينها فكرة أن تلتقي حول كثير من األ

يحتوي على مجموعة من الحقائق الحية الخالدة أي -ندونيسيام إالتراث أم فارسيا أمن الخطإ. ة المسلمين ضمان معصومي و كأن التراث لكل زمان و مكان صالحة

يحتوي على جميع اإلجابة التراث و النص بالذات أن عامة لذلك يظن األصوليون نهم يتجنبون الحاجة لإلعادة هذا فإ . و علىعلى كل األسئلة الحاضرة أو القادمة

نهم ينفون ما ا ا و ستمر م االخالقة لتأويل النص على سبيل يمثل حيوية و تجدد 8.عن الواقع نه تراث مفتوح ال يتعالىأ علىخاصة و حقيقية ة ميز للنص من

طار إذ أن اإلسالم يدعو ألصولية مضادة لإلسالم في هذا اإلو الحق أن اجتهادات المتفتحة المتفهمة للنص في تفاعل منبعث مع الواقع. شكال االكل أ إلى

مصالح العباد بصفتها معيار عتبارالسمحة أيضا تأخذ إلى اال اإلسالميةوالشريعة –ظاهر النصوص فقط، و إنما مقاصد العباد. فالشريعة ال تتحكم ب مقتضى

إلى السياق و األمور التي تفرضها وقائع الحياة - باإلضافة إلى النصوص المتجددة بتجدد األزمنة و األمكنة و األحوال.

ية: التاريخ والمعنى". في األصوليات اإلسالمية في . "مفهوم األصول1993 براهيم على.حيدر إ 8

29لعالم. القاهرة: قضايا فكرية للنشر والتوزيع, ص امين عصرنا الراهن. إشراف محمد أ

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

370

نهم ال شترك بين كافة تيارات االتجاه األصولي هو إن القاسم المإذن, إ ل فعال و مثمر.و النص و كيف التعامل معه بشكأ التراثهو يفهمون سلفا ما

. القو أخ كشريعة و عقيدة سالمأيضا عن فهم جوهر اإلثمة تضبيب وغياب و يتعاملون مع نهم اهيك عن غموض والتباس الواقع في أذهان هؤالء وأولئك. إن

التاريخ و الواقع. ا متعالية علىكأنهو الشريعة

لغرب اموقف التضاد ضد يقفون - همأشكالمع اختالف –ضا األصوليون أيدون فهم حيانا أطول الخط بحضارته وفكره ومناهجه علىو حضارته و يهاجمونه

في و في نفس الوقت عاجزون وتطور واتجاهات الحضارة الغربية. لصيرورة دنىألها في نظرهم شر مستطير التفرق بين التيارات المختلفة داخل هذه الحضارة. فك

كل في نظرهم يجابياتها. السلبياتها وا دون نظر إليها باعتبارها حضارة إنسانية ب 9سالم.اإل كفار متآمرون على

ابعة عن ة أو خيالية نبعقائد مثاليعض التعبيرات األصولية وغالبا ما تتميز بللماضى و التي تهدف إلى إعادة خلق عصر ذهبي وجد سابقا. أسطوريةنظرة

ض الظالمية أي الوقوف فيوهذا بدوره يولد المحافظة و الثبات أو ما يسميه البعإلى الماضي على إعادة جوانب غير ظالم الماضي خاصة لو اشتمل هذا الرجوع

مضيئة في التاريخ.

ن يكاد يختفي الفرق بين أشكال األصوليين المختلفة في أه نوهكذا فإدة تطبيق عاإلي إالماضوية يهدف يديولوجيا تنتمي إلي أ والمعتدلةالمتعصبة منها

.عن غير فهم سالم في عالم الواقعاإل

و لعله من المفيد اآلن إلي أن نشير إلي بعض أشكال الحركة األصولية في جبهة الدفاعية التسمي ب متطرفةجماعة ةصولياأللحركة اهذه جملةمن ندونيسيا. إ

انظر 9

Azyumardi Azra, Pergolakan Politik Islam: dari Fundamentalisme, Modernisme hingga Post-Modernisme (Jakarta: Paramadina, 1996), p. 37

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

371 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

التابعة البي ) Jama’ah Islamiah(سالمية الجماعة اإليضا أ ) وFPI( 10سالميةاإلال خوفا وتقية لهذا الخطاب المتطرف قليال فقط نعرض نناغير أشير. اعببكر

اء متذرعا بأساليب الدم مل في الخفالذي يع دبيات هذا التياروانما نظرا لندرة أد ح لىالحماس إ م فخطاب هذا التيار أجوف يميل إلىعلي العمو لكن والحديد. و

هذا الخطاب أن غالبية المنتمين تسطيح مكن الهوس والتشنج, يكفر الخصوم. ويالمعاش, والباحثين عن رين نتيجة ضغوطليه من أنصار المتعلمين والجهلة المخد إ

ن يئسوا من متاع الدنيا.أ الخالص األخروي بعد

حيث يهدف فيما داة لفرض المعتقداتأيضا يجنح نحو العنف كأالتيار هذا مستخدما في و البنية االجتماعية المستقرة النظام السياسي القائم زعزعةلي إ يهدفوهكذا 11.ناهم و طموحهم السياسيليات والرموز الدينية للحصول علي م آلاذلك

اآلخر مصدرا إلي صورة مشوهة و يكون هو هميديفإن اإلسالم تحول في أنتيجة انضمام المصالح السياسية و الفردية التكفير قصاء والعنف و التهديد و بل لإل ليه.الطائفية إ و

عشوائية يبدو واضحا ومقبوال بيد أنها صولية تتسم بالاألهذا القسم من ن علي أإن جل, أ. التي تحيط به االجتماعية والثقافية والسياسية للعشوائيةيضا نتاج أ

في أكثر من اسه عرب عن اتئالحبيب رزق شهاب من أهم القيادي لحركة الجبهة. فقد أيعد 10

امت سالمي و ازدواجيتها في سياستها الخارجية حيث قمناسبة عن الهيمنة األمريكية على العالم اإلراضي الفلسطينية. استيطان األ و أفغانستان و ساعدت إسرائيل على بالهجوم الشرش على العراق

زاء هذه ربي. وا تشددها ضد الكيان الغ ية على نشأة الجبهة كما ساعدت علىكل هذا يمثل الخلف الشريعة و تطبيقها. انظر إلىالجبهة الحل السياسي يكمن في اللجوء قدمت القاضايا

Habib Rizieq Shihab, “Jika Syariat Islam Jalan maka Jadi Negara Islam”, Tashwirul Afkar, 12 (2002).

ثالهذه النقطة انظر م على 11John L Esposito, Ancaman Islam: Mitos atau Realitas (Bandung: Mizan, 1994), p. 132

يضاوأGreg Fealy, Jejak Kafilah Pengaruh Radikalisme Timur Tengah di Indonesia (Bandung: Mizan,

2007), p. 29.

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

372

لفوضي سالمية وليدة عن ااإلرهابية في كثير من البلدان اإلوالحركات صولية األوضاع المتردية في األعن نابعة و الوطني والدولي علي المستوىاالجتماعي

خلف الثقافي لي استشراء التباإلضافة إ ا وسياسيا,وديني اجتماعياالبائس الواقع د والبذخ. وهي أيضا وليدة لمظاهر عن تفاقم الفسا وسمالية وسياسات التبعية للرأ

إلسرائيلي علىسالمية, والعدوان االتغريب األجنبي وفقدان الشعور بالهوية اإلالمسلمين في فلسطين و العدوان األمريكي علي المسلمين في أنحاء العالم. وعلي

صولية هي من البداية حركة ذات خلفية وجذور انتقامية تعتني بالهجوم هذا فإن األ 12االعداء. علي

نها لمعادية للمسلمين إذ أفية و الجذور اوجود هذه الخلونحن ال نخالف لي حد ما. مبررة إولعل ردود الفعل ضد هذه العداوة موجودة حقا و تحدث بالفعل.

الحقيقية القضية ن أذ إصوليون كما يتصوره األمر ال يبدو بتلك السهولة األ ولكنوضوعية ومعقولة للخروج من هذه امج تنموية متقديم بر قضيةهي ببساطة

حرر من انعكاساتها السلبية. واألصولية فاشلة في ذالك اللهم لتوضاع البائسة وااألفي مباني السفارات األجنبية مامسيرات ضخمة أعالء شعارات فارغة في مإال في إ

"اهللا اكبر" في كل المظاهرات عبارة هم ورفع خري.العاصمة أو في المدن الكبيرة األجنبية خصوصا الغربية لضارية علي بعض ممثلي الحكومة األاحتجاجاتهم ا و

وتخلف عقولهم. ضعف صفوفهم ال دليل علي ليس إ

الطالب والقادة السياسيين و المفكرين و هذا أيضا ما دفع المثففين من العلماءوات و يتعاملون معها بصفتها حركة بإنكار هذه الحركا يقومو ن أعلى حد سواء

دانة هذه الحركةقد قام بإ الكلو سالحا لتحقيق أهدافها. العنفرهابية تستخدم إ

للمزيد من التفصيل حول خلفية الحركات الجهادية كالجبهة الدفاعية هذه و جذورها الثقافية انظر 12

مثالMark Juergensmeyer, Teror Atas Nama Tuhan: Kebangkitan Global Kekerasan Agama

(Jakarta: Nizam Press, 2000).

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

373 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

لي سوط عذاب يلهب ألنها أساءت الدين وحولت تسامح اإلسالم وتيسيره إ المكدودين ويثبط من آمال الخالص في اآلخرة.

ؤسها و ضعفها ال تحتاج إلي بسالمية في حالة إننا بهذا نقول إن األمة اإلإلي العمل ما تحتاجن, وا عمال العنفأعمال إرهابية أو شعارات رمزية تدعو إلي أ

بداعي الموضوعي لتصدي معوقات الحاضر. ال واإلنتاج والتجدد المعرفي واإلما نوالكلمات المجردة واألمنيات التعاطفية, إهللا اكبر" ألي شطحات "ااألمة إتحتاج

تعالج بشكل ملموس مشكالتها وقضاياها, وهي تحتاج إلي البرامج الشاملة التي ي حقائق الواقع ومتطلباته. القضايا التي تعكس عل

قد اصبح ال يمكن عالجه بالعنف. و ن العنف نريد أن نقول إ يضاأواننا بهذا األوضاع قم على مكافحته بمواجهة كل نينمو ما لم هذا الداء داء و سيظل العنف

جتماعية و الدينية المتردية و العمل على عالجها فى إطار رؤية الفكرية و اال .العنفطار ال في إ ثقافية شاملة

ولكن السؤال، ما هي هذه الرؤية الثقافية الشاملة؟ البعض سيقول إنها تتمثل جتماعي و التجدد الفكري. و اآلخر سيقول إنها ي تنحية فقه التحرير و التقدم االف

ن كة الديموقراطية الشعبية في حين أرؤية إستراتيجية شاملة تستند إلى المشار نية موضوعية لحقائق واقعنا االجتماعي و القومي رؤية عقالا الثالث سيقول إنهفي المجتمع بما لمجتمعي مع كل القوىن ينفتح باب الحوار ايمكن من خاللها أ

تهاداتها و مواقفها على قاعدة فيها تلك الحركات اإلسالمية على اختالف اجهذه من الكن فبينما أ هام.دل اآلراء ال قاعدة التكفير واالتحترام و تبااالصلح عند فإن األالخاصة المجتمع وخلفياتهطروحات صالحة حسب وضع األ

13.هو الخيار الديموقراطيالكثير

انظر 13

Idris Thaha, Demokrasi Religius (Jakarta: Teraju, 2005), p. xx.

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

374

كثر اعتداال و استئناسا يتمثل فأصولي داخل المعسكر األخر اآلاالتجاه ما أنس تأوهو تيار رسمي معلن مس .)MUI( ندونيسيجلس العلماء اإلممثال في

لي حد التحريف واالجتزاء يؤول إ يضاولكن المجلس أ. يجنح نحو االعتدالواالبتسار في مقارعة التيارات المتطرفة داخل اتجاهه, وكذا التيارات العلمانية.

مر " تبريرا لألاث "االستقرار الفكريحدإلي يبدو أن المجلس يهدف فيما يهدف إو يام منذ أ الواقع وتكريسا للوضع الراهن. وهو لذلك يخدم النظام السياسي بوعي

يضا كثير . وهو لذلك ألي اليوم و خصوصا خالل حكم سوهارتو المستبدوكارنو إسطبقا لمتطلبات الحكم و الحكام حكامه حوير في مواقفه, كذا في فتاواه وأالتغيير والت

المستجدات علي الصعيد السياسي. وان سلوبه بما يساير علي أ محافظان ظل وا لي اليسار لكن في وعي محسوب بما شذ بعض رجاله فمالوا إلي اليمين أو إ

إلي "االجتهاد" يضا نفر من هؤالء وجنحوا علي مكانتهم "الرسمية". كما شذ أ يحافظة منطقية انطالقا من قناع تجاهات والتيارات المختلفةمن أجل التوفيق بين اال

خالقي واستنارة فكرية وحس وطني وقومي.وموقف أاجتهادهم المثيرة للجدل والتي تحرم الخطاب العلماني والليبرالي ظاهرة ولكن إذ أن الكثير بعد إصدار ذلك الفتوىعدام باإلالمجلس علي تحكم والتعددي

و - لخطاب تحريم ان لس الفكرية و العلمية والفقهية. إيتساءلون عن كفاءة المج 14علماء المجلس.دل علي سذاجة فكر أ -ليس فعال تكليفياو يأي رأفكرة الخطاب

-بوعي او بغير وعي –ن يجعلهم أكفيل بن فتواهم عن حرمة العلمانية إتهميش ليه معتقداتهم من المعارضة. وهو إنذار بما ستجرهم إ موقف هافون منيق

برد الفعل على هذا الفتوى - وعددهم ال يحصى-يرين وهكذا فقد قام الكثير من العلماء المستن 14

مزعج. للمزيد من التفصيل انظر ونقده. وقالوا إن الفتوىBudy Munawwar-Rachman, Argumen Islam untuk Sekularisme (Jakarta: PT Grasindo,

2010).

انظر ايضاSyafiq Hasyim (ed.), Pluralisme, Sekularisme dan Liberalisme: Persepsi Kaum Santri Jawa Barat

(Jakarta: ICIP, 2008).

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

375 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

صوليونقرناءهم األليه , وهو ما آل إبعادهم عن المجتمعالعلمانيين و بل إ زيد. يمثال نصر حامد ابالمصريون من مطاردة المفكرين األحرار من أ

بالذات ال تتجلى ن سمة السمحة للشريعة اإلسالمية و لإلسالم أحقا لمؤسف فاالهجومية تلك المواقف نسمعه منهم هو ن أكثر ما أذ المجلس إ علماءخطاب في

إلى فرض قراءتها األصولية على هذه المواقف التي تسعى ضد الخصوم و فكريا وهي بالذات للقضية التي هم في صددها.دراك موضوعي دون إخرين أذهان اآلأن أكثر غير ندونيسي.وواقع المجتمع اإل سالميانعكاسة أكبر للفكر اإلتعبر عن

لي تجاهل السياق الفكري إنما إلي العنف و يميل إ ال نهما يميز هذا االتجاه أ الديني.حزب التحرير الذي مثلته حركة صولي و داخل التيار األن االتجاه الثالث ما أك

كثر إن كان يحمل دعوى أو يحمل رؤية العنفال يضا أ) HTIاإلندونيسي (تأسيس الخالفة لي تطبيق الشريعة من خالل تدعو إ شددا من االتجاه الثاني, وهيت .سالميةاإل

والمالحظة صولي السياسي.األخير يمكن أن نسميه االتجاه األ وهذا االتجاهيمثل امتدادا للفكر المتطرف ن كان فسها علينا هنا أن هذا االتجاه وا ن تفرضالتي

كما فعل المتطرفون عموما. لي العنفإال أنه ال يميل إالدعاة و مدرسي كاديميين و إلي هذا االتجاه عدد كبير من األوينتمي

ق لهم تربية دينية في المعاهد المدارس الدينية و الشباب المسلمين الذين لم تسبها غير قادرة علي نغير أن هذه الحركة وان انتمي إليها أكاديميون إال أ سالمية.اإل

عهم السياسية. يطار النظري المتكامل عن مشار اإلرصد الفكر و . نحاء العالمأعضاءها في ينتشر أن هذه الحركة حركة دولية والملحوظ أ

ويجمعهم قاسم مشترك في أنهم يتعاملون مع اإلسالم من منظور أو مخيل حيث استوجب هذا المنظور أن يولد الرؤية أن اإلسالم في األساس يديولوجيأ

أنه ن شعارهم المعروف هوهكذا فإو سالمية. لي إنشاء الخالفة اإلسياسة تهدف إ

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

376

عة وال شريعة إال بالدولة, وهي الخالفة ال بالشري"ال عزة إال باإلسالم وال إسالم إ سالمية".اإل

نما وا ة حركهذه الالتي تسترضعها دلجةال يقف عند حد األ مراألن على أمن ظاهرة دينية ال عقالنية ال صلة لها ندونيسي مثل فيما ينتشر في مجتمعنا اإليت

هي بالدين الصحيح وال بدعوته للتعقل والتدبر والتفكر. هذه الظواهر العشوائيةفيما مستخلصة من قراءة ظاهرية حرفية للنصوص الدينية المقدسةال انتشار الرؤية

قة. الضي بمقتضي هذه الرؤيةن يتم ال بد أفسير الواقع الراهن وتغييره ن تيعني أبيد أنها ال الحركة هذه ن المجال أ المتخصصون في هذا الباحثونشار ولقد أ

مع وتحرص علي تغييره دانة المجتتميل إلي إنها تحمل رؤية العنف الجسمي إال ألما كان نه كما أنها ترى أ 15سلطوي.لا جهازكالالدينية و الرموز ليات باستخدام اآل

جهازه المجتمع أمرا مطلوبا دينيا فإن المضي قدما إلي ذلك الهدف وتهييئ تغييرسالمية اإلالخالفة قامة ن حرصوا علي إصوليياأل نأصبح أمرا مشروعا. وهكذا فإ

16حواله.غيير المجتمع و تحسين أا لتباعتبارها جهاز منهجهم في كيفية بالرغم من تنوع ين في السياسة صوليإذن هدف األلخالفة ا

لتدرج و ن تتحقق بال إنها ال بد أالهدف حيث إن منهم من يقو ذلك الحصول على خرون يقولون غير ذلك. اآل

معات األخرى الخاضعة عليها أو المجتمع الذي أدانه الحزب كثيرا هو المجتمع األمريكي والمجت 15

التعددية والتسامح الديني. وبل أن بعض مريكية الديموقراطية والتابعة لقيمها. و من القيم األالمتحدث –سماعيل يوسانتو لة "الجريمة العالمية". وقد قال إمريكا بصفتها دو انوا أدأعضاء الحزب أ

مور.انظرى أي أمر من األنه لن يصدق كل ما قالته أمريكا علإ -للحزبالرسمي Munawwar-Rachman, Argumen Islam, p. 127

-موضوع الخالفة أي –لقد تحدث طويال كثير من العلماء و الباحثين المهتمين بهذا الموضوع 16تاب سموه صراع الحضارات: موقف عند الحزب من جملتهم سيف المجاني وزمالؤه في ك

ة راجع هذا الكتاب.مريكا. للمزيد من التفصيل عن هذه القضياإلسالميين اإلندونيسيين تجاه أSaiful Mujani et al., Benturan Peradaban: Sikap dan Perilaku Islamis Indonesia terhadap

Amerika Serikat (Jakarta: Nalar, 2005).

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

377 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

ن تطبق و ال بد أسالمية اإلن الشريعة أالقانوني المستوى علىهذا يعني و أدى -ندونيسيفي السياق اإل –مر الذي األالقائمة. الوضعية القوانينتحل محل

ياسي و معا من وقوع االضطراب والفوضى الس مخاوف المسلمين وغيرهم إلىمية في البالد قد دفع يق الشريعة اإلسالتطب لىاالجتماعي. والحق أن الدعوة إ

السياسية النزاعات في النهاية إلىت دأ قاومةصوليين ماألوموا ايق أن الكثير إلىعيارا موالشريعة سالم إثبات اإلن أواضح الف 17.السائد في البالدوالخوف الشديدة

العادات والتقاليد العربية دخال بعد إ –في البالد جتماعية وحيدا للحياة السياسية واالموقع المقاومة لىإلمشاركة و التشاور امن موقع الدين ل يتحو و -طار الدينفي إ

اجعله عالما مضاد قد عد الشمولية جملة من القوا ن أخالقي سلوكي إلىمن كياو .ودينا محاربا

جانب لىإ ثهوترا هبتاريخسالم و تعاليمه ثم الجهل بمضمون اإلولعل الجهل ذا ن هصوليياتخاذ األ يقف وراءعامة للمجتمعات التاريخيالجهل بالتطور

نها تعبير و أ وضاع اجتماعيةالشريعة نتاج أن الموقف. وكأنهم ال يفهمون أتحقيق مقاصد الشريعة ال يتم بالقفز ن إريس في النهاية لمصالح المجتمع. وتك

ن يضع في االعتبار طبيعة ودون أالموضوعي فوق الحقائق الموضوعية لعالمنا ال يمكن اليوم ن مشكالت عالمنا إونحن نقول تلك الشريعة. بالمجتمع الذي يحيط

ا الحزب. هذنصار الفضفاضة التي يرددها أ "سالمإلال باال عزة إها بصيغة "حل

معارضتها سالمية وتطبيق الشريعة وتأسيس الخالفة اإلمن بين هؤالء الذين قاموا بنقد فكرة 17

لجمعية في البالد والتي ا ينتمون إلى جمعية نهضة العلماء, أكبر و أقوىالذين شبان ال فريق مننحاء البلد. وهؤالء مليون نسمة ينتشرون في أ 50لجديد حصاء ابلغ عدد أعضاءها حسب اإل

سترالية ناقشت الباحثة األسالمية. فقد ع المدني بديال لفكرة الخالفة اإلالشبان قدموا فكرة المجتمطروحات ال ألجل السلطة حيث قامت بتقديم أروبين بوش في كتابها الجديد نهضة العلماء و النض

ة و الدين في المجتمع الحديث. للمزيد من التفصيل انظر:مفكرى الجمعية الشبان حول السياسRobin Bush, Nahdlatul Ulama and the Struggle for Power within Islam and Politics in Indonesia

(Singapore: Institute of Southeast Asian Studies, 2009).

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

378

مشكالت الحاضر في بطن الماضي البحث عن حلول ن باإلضافة إلى ذلك, أآلية الماضوية إنما يعبرون في ن يعول هؤالء علىاستخفاف بالعلم والعقل. وحي

نما هذا إ و إلىالمفاهيم التي تدع. و والدين م لحقائق التاريخدراكهذلك عن عدم إلتطبيق ن دعوتهم ا و التاريخية في مجال التشريع نفسه. المثالية المفاهيم هي الحسن النوايا ومهما غفلت بالمشاعر الدينية النبيلة, مهما انطوت علىعة الشري

عجز ليه الشك علىخير ودليل ال يرقى إفي التحليل األخلف الفكري تكريس للتما كان دعاة هذه النظرة الوراء. ول لىإنه هروب مقنع إمواجهة الواقع. وافالس فى

فإن سلفي صولي كل ما هو غربي ويقبلون كل ما هو أرفض يصرون علىصولي المقترح يكرس في الواقع التبعية للسلفية القديمة كما يكرس المشروع األ

ث التراثي تقديما سطحيا خاليا من تقديم المورو هو في حد ذاتهالحكم الثيوقراطي. الداللة االجتماعية.

. لم تكتس طابعا ثابتا محدداتاريخيا سالمية الشريعة اإلن فإ ذلكفوق كل و أنموذج تشريعي واضح. والحضارة سالمي كله لم يتبلور فعلى صعيد التاريخ اإل

نين الجرمانية التي القواو مجموعات مية برمتها لم تتمحض عن دساتير أسالاإلالغرب. ولم تأخذ الدولة اإلسالمية بأحكام أحد الفقهاء بقوانين يمكن أن تقارن حتى

بين النصية ربعة المرموقين برغم تقديمهم حلوال متنوعة لمشكالت الواقع تتراوح األ مصراعيه. وفتح باب االجتهاد علىسالمي المعاصر لم اإلالحل الخيالي لمشكالت العا ذن هىالخالفة اإلسالمية إ

. و يديرون شؤونهم اليومية العالم وان يسودها وحدها أبفضللن يستطيع المسلمون و أن الشريعة صوليون الذين ما انفكوا يرفعون بكل تشنج عصا الشريعة يجهلون ألاو

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

379 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

ن فصل الدين إذ أ سالميفي التاريخ اإل طالقان الدولة الدينية لم توجد إلم تطبق وأ 18بي سفيان بالخالفة في دمشق.قد تم منذ استئثار معاوية بن ألة عن الدو

ن نتساءل ولعله من المقبول أ د تم منذ قديم.الدولة ق ن فصل الدين عنأجل إم زمنية باعتباره المدينة هل هي ثيوقراطية بحكم رئاسة الرسول أ حول طبيعة دولة

كم والقضاء سياسة الححاكما وسياسيا. وهل كانت سياسية من حيث التشريع و هي للتشريع عن طريق الوحي بما يسمىلوجود المصدر اإل دينية تأسست على

ساس اجتهاداته كحاكم في تفسير وتطبيق أ , أم أنها سياسة زمنية علىقراطيةبالثيو لدنيوية؟ وهل كانت السلطة مور افضال عن تشاوره مع الصحابة في األالوحي, وتوقراطية من حيث الشكل حيث كان الرسول يجمع في يده كافة السلطات عموما أ

19؟نطالقا من مبدإ الشورىالتشريعية والتنفيذية والقضائية أم هي "جمهورية" اه من المعروف نإسئلة, فهذه األ إليه لإلجابة علىنلجأ جواب والالفت أن أي

طار المكاني تساع اإلسالم نوع من المجازفة الي اإلمفهوم الدولة ف عنالحديث نأ ات الموضوعية من مكان ومن عصر إلىطيوطول المدار الزماني واختالف المع

العوامل التي حالت دون ن موت الرسول المفاجئ من أنجزم ن أ واألحرى .خرآسنته اكتمال اإلطار القانوني للدولة اإلسالمية الكبرى. حقيقة أنه ترك كتاب اهللا و

ختالفا كبيرا في سياسة الدولة ثبتت اقانوني, لكن التجارب المعيارية أ ساسكأ نجاز الفتوحات. إمبراطورية بعد األ

وائل ه فصل الدولة عن الدين في المجتمعات المسلمة األيرا الفيدوس في مقالتقام الباحث أ 18

ة منذ لدورية الدولية للدراسات الشرق أوسطية أن اإلسالم قد تم فصله عن السياسالمنشورة في ا ن الفصل تم في نهاية الخالفة الرشيدة. انظر نقول إاية الخالفة الرشيدة. ونحن بد

Ira M Lapidus, “The Separation of State and Religion in the Development of Early Islamic Society,” International Journal of Middle East Studies, 6 (4) October 1975.

الباحثين من بينهم الباحث محمود إسماعيل في كتابه ر من هذه هى التساؤالت التي قدمها كثي 19 75صوليين و العلمانيين, ص اإلسالم السياسي بين األ

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

380

نه وأ عن الدولةمفاهيم متعددة ومتباينة حولن نتحدث أفضل كما أنه من األن طبيعة واذا ما وضعنا في االعتبار أ .سالمليس ثمة مفهوم واحد للدولة في اإل

ة ن النظريأن نقول إصحيح ه من النفإمشروعية علمية فرض تستوجبوضوع الملرصد باتعامل مع الموضوع مية هي التي تالسليمة عن ضرورة الدولة اإلسال

ئنها تستقر كما أ بتياراتها المختلفةم الدولة الدقيق للمعالم المتعاقبة لتطور مفاهييكتسي الحديث وعندئذ . والتماثلالتباين والتنوع, كذا منعطفات التشابه منحنيات

سالم مشروعيته العلمية.في اإلعن مفهوم الدولة أن اإلسالم ال شأن االستنتاج لىإقود المرء حو هذه الغاية ستن يةالعملولكن

سالمية هؤالء المصرون بالدولة اإلو مة وليس دينا و دولة.له بالدولة إذ أنه دين و أسالم يمثل اإلن أو ةسمع السيا تاريخه ال يتماشىاإلسالم منذ بداية ن أسيكتشفون

20.لها الجانب المضاد خالفة م دخل عصر العلمانية منذ انتهاء سالاإلن مصطفي لطيفي أ ويرى

ان بن عفان فيما عرف في تاريخ اإلسالم ب "الفتنة عثم الراشدالخليفة الثالث ومنذ ذلك التاريخ رأى الفقهاء أن ينصرفوا عن السياسة إلى الدين وقال. 21"الكبرى

دارة الشؤون السياسية بدون تدخل منهم. إ يتركوا للخلفاء الحق المطلق في نوأمانية التي انفصلت خالقية للدولة العلفقهاء منذ ذلك الحين المعارضة األوشكل ال

عن اإلسالم ورفضت تطبيق الشريعة. وأول الصحابة الذين كرسوا مبدأ التفريق بين ير خاضعة له بالضرورة هم ثالثة: أبو دولة كسلطة سياسية غاإلسالم كدين و

داهللا بن عمر بن الخطاب. وهذا األخير بايع جميع نس بن مالك وعبهريرة, وأ

يرا الفيدوس. المرجع السابق انظر أ 20الدولة الدينية في اإلسالم". في األصوليات اإلسالمية في . "نهاية 1993يفي. لط مصطفى 21

303مين العالم. القاهرة: قضايا فكرية للنشر والتوزيع. ص عصرنا الراهن. إشراف محمد أ

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

381 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

بمن فيهم - علي للحزازات المعروفة بين بني عدي و هاشم باستثناء -الخلفاء 22معاوية وابنه الفاسق يزيد الذي قتل الحسين.

مام اإلوجوب طاعة الجمع الكثير من علماء السنة إلى هبومنذ ذلك الحين ذئمة ال المروي في صحيح مسلم "يكون بعدي أالجائرعن حديث حذيفة بن اليمان لت كيف أصنع؟ قال تسمع وتطيع األمير وان يهتدون بهديي وال يستنون بسنتي. ق

شؤون الدولة مام الذي يدير ضرب ظهرك". واإلمام الجائر هو بطبيعة الحال اإلالقواعد العامة للشريعة وع إلىلرجي اإلى دستور الشريعة, ألمام من غير اإل

سالمية فرارا منها وتمسكا بالدستور الجاري في دولته. وهذا النظام السياسي هو اإل ما نسميه بالنظام العلماني في الفكر الحديث.

التابعي الحسن واعتمد أهل السنة أيضا في إقرار فصل الدين عن الدولة فتوىتي لم يسبق لها مثيل في حجاج بن يوسف الالذي اعتبر مظالم وجرائم ال البصريمام . وامتثاال لذلك رفض اإل23نسانية "بالء من اهللا يجب الصبر عليه"تاريخ اإل

المعتزلة واضطهد أهل السنة. ل مقاومة المأمون عندما انحاز إلىأحمد بن حنبكجميع خلفاء بني -ي وراء الخليفة المعتصم الذي كان حمد يصلم أماوكان اإل علمانيا. -العباس

بعد من ذلك أ أبرز األئمة السلفيين فقد ذهب إلىأما ابن تيمية الذي يعتبر من ذا كانزيز "السلطة العلمانية". يقول اإلمام "يجوز تولية الحاكم الفاسق إويجيز تع

خالد بن الوليد في الصديق لتوليته بو بكر في ذلك مصلحة للمسلمين كما فعل أحرب الردة". وأضاف ابن تيمية "ستون سنة في حكم إمام جائر أفضل من الصالة

فصال بو حامد الغزالي عندما عقد وهذا ما سار عليه حجة اإلسالم أ 24مام".بدون إستظهر باهللا العباسي مصحة استخالف ال ابه "فضائح الباطنية" للبرهنة علىفي كت

نفس المرجع 22 .121سماء, ص رجع نقال عن الدوالبي, الكني واألنفس الم 23 .118نقال عن محمد رشاد سالم, المقارنة بين الغزالي وابن تيمية, ص 304نفس المرجع ص, 24

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

382

شكل من فة بوالية العهد دون أي رجوع إلىإمام زمانه الذي انتقلت إليه الخالرهم بق ذكان الصحابة السأشكال الشورى. واإلمام الغزالي لم يبتدع ذلك كما أ

زمانهم وهم طغاة فسقة "علمانيون" خلفاء والحسن البصري لم يعارضوا على ن والسنة.يرون بنور القرآاليستنلم يكفر الفقهاء منذ عبد اهللا بن عمر حتى محمد عبده و إاحتراما لنفس المبدو

م للشرع و هالطاهر بن عاشور رؤساء الدول في العالم اإلسالمي بسبب انتهاكية ابن تب الوحي معاو رفض تطبيق القرآن. يقول الحسن البصري معددا انتهاك كافيه إال واحدة كانت أبي سفيان بقوله : "أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن

غير سيف حتى أخذ األمر علىهذه األمة بال ه على(معصية) انتزاعموبقة بنه سكيرا خميرا امشهورة و فيهم بقايا الصحابة و ذوو الفضيلة؛ واستخالفه بعده

بير وادعاؤه زيادا (أي استلحاقه لزياد بن أبيه كأخ له يلبس الحرير و يضرب الطناحجرا" و قتله الصحابى اهللا : "الولد للفراش و للعاهر من الزنا). و قد قال رسول

25حجرا و أصحابه".اوية بقرض ضرائب لم يقرها بني أمية الشرع ابتداء من مع خلفاءوقد انتهك

الشرع الذي ال يعترف إال بالزكاة و الجزية و الخراج، و زادوا في مقدار الجزية و الخراج نقضا للعهد و فرضوا الضرائب على األرض الخراب و حتى على األسماء

من بعده الشريعة بأمره ء بنى أمية. كما انتهك معاوية و خلفا26خالفا للشريعةلعن علي بن أبي طالب في المساجد؛ و عندما اعترض الصحابي حجر بن عدي

. و 27ابي عبد الرحمن بن حسان حياحعلى ذلك قتله و أمر زياد بن أبيه بدفن الصالجزية على المسلمين الجدد مخالفة صريحة للشرع و حرموا فرض خلفاء بني أمية

.187ص، 8و الطبري، ج 120ص 50نفس المرجع نقال عن ابن األثير، جزء 25 .14، ص 3نفس المرجع نقال عن ابن األثير جزء 26 .132، ص 8نفس المرجع نقال عن ابن كثير، البداية و النهاية، جزء 27

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

383 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

وغيروا فرائض الميراث كما جاءت في 28على المسلمين غير العرب إمامة الصالة. 29يالقرآن بغرض عدم المساواة في اإلرث بين المسلم العربي و المسلم غير العرب

و جعلوا في 30و حرم والتهم على المسلمين األعاجم التزوج من المسلمات العربياتبيلة عربية بقبيلته إذكاء للعصبية الجاهلية شيخ قليصلى كل كل مسجد محرابين

اوية هو الذي سن هذا الخرق . و مع31العرب العدنانيةو بين العرب القحطانية ال يتوارثان. لكن معاوية جعل لشريعة. فالمعروف أن الكافر و المسلم لح الواض

رث الكافر ال العكس خالفا للشرع. وكانت دية الذمي مساوية لدية المسلم المسلم ياهللا (صلعم) و كان يأخذ فخفضها معاوية إلى النصف: "مبدال بذلك سنة" رسول

. و كذلك انتهك معاوية "كتاب اهللا 32خر لنفسه وال يضعه في بيت المالالنصف اآلم إذ أمر باستخراج الذهب و الفضة من الغنائم و سنة رسوله في تقسيم مال الغنائ

كما رفض معاوية .33و اختص بها نفسه بدال من إرسالها إلى بيت مال المسلمين"تطبيق آية القصاص: " و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و األنف باألنف و

رفض القصاص من والته الذين كانوا فقد 34ألذن... و الجروح قصاص"األذن باا . و أحدث معاوية بدعة هتك حرمة 35يقطعون أيدي المسلمين بغيا و عدوان

سالم األموات و التمثيل بالجثث. و هو ما كان شائعا في الجاهلية و حرمه اإلحضاره قطع رأس الصحابي عمار بن ياسر و إتحريما شديدا. فقد أمر معاوية ب

.148نفس المرجع نقال عن عبد الوهاب، نصر السياسة الشريعة، ص 28، ص 3. و بن األثير جزء 207 - 190، ص ص 40قنفس المرجع نقال عن الطبري، جزء 29

.14، ص 3و بن خلدون، جزء 234 .61، ص 2نفس المرجع نقال عن العقد الفريد، جزء 30 .61، ص 2نفس المرجع نقال عن عيون األخبار، بن فتيبة، جزء 31 نفس المرجع. 32 .232، ص 10نفس المرجع نقال عن بن كثير، البداية النهاية، جزء 33 .45المائدة، آية 34 .79نفس المرجع نقال عن الطبري، نفس المرجع، ص 35

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

384

بي طالب علىبن أبي بكر الصديق عامل علي بن أ . و مثل بجثة محمد36إليهسنته غير وعلى 37حرقها.ه ثم وضع جثته في جلد حمار ميت وأمصر. فقد قتل

ة الزهراء, وكذلك فعل س الحسين بن فاطمالحميدة سار به ابنه عندما قطع رأالسنة رافضين تطبيق مية من بعدهما منتهكين النص من الكتاب و خلفاء بني أ

لىيستطع العودة إعمر بن عبدالعزيز الخالفة لم الشريعة, وحتى عندما تولىريعة تطبيق الش لىنه عبداهللا عليه وطالبه بالعودة إعة. فلما احتج ابتطبيق الشري

كاملة قائال له: "ما لك يا أبتي ال تطبق الشريعة. فواهللا ما أبالي لو أن القدور غلت لقائناطبق الشريعة غير مبال بأي خطر حتى بماذا ال تي لبي وبك في الحق". أ

ه جوابا يجدر بالسلفية جابم أالده الحكيكن و في القدور المملوءة بالماء المغلى ، بني, فإن اهللا ذم الخمر في القرآن مرتين ن تتمعن فيه: "ال تتعجل ياالمعاصرة أ

لشريعة جملة حمل الناس على ولم يحرمها إال في الثالثة. فإني أخاف يا بني أن أ ن يطبقها جملة.. ومات قبل أ38فيرفضها جملة وتكون من ذلك فتنة"

لغاء إقد تم 1918 الخالفة العثمانية ي عهد بني العباس حتى نهاية ما فأئمة السنة الدولة التي ابتعدت جملة وتفصيال ولم يكفر فقهاء اإلسالم وأ الشريعة

علىشريعة باستثناء فقيه سلفي معاصر أبو األعن الدين وانفصلت عن الائه في كتابه "الخالفة سالم وفقهخلفاء اإل لة ضارية علىذي شن حمالمودودي الحكم السلطان عبد ا الشريعة ابتداء من حكم معاوية إلىنهم لم يطبقو والملك" أل الحميد.

لمعاصرين في عصر وائل فما بالنا بافإذا كان األمر كذلك بالنسبة للفقهاء األنصاف المثقفين وخطباء وا اتسع فيه باب اإلفتاء لمن هب ودب من الجهلة

كبار كانذا ا و سالم السياسي.من المتدلجين باإل المدارسالمساجد وتالمذة

.129، ص 3نفس المرجع نقال عن ابن األثير، جزء 36 129ص 4عن الطبري, جزء نفس المرجع نقال 37 79جع, ص لطبري, نفس المر انفس المرجع نقال عن 38

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

385 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

صد الخالفة اإلسالمية وهم األقدر فشلوا في ر المنغمسين في السياسة الصحابة فما بالنا ,جل السلطةوا وتقارعوا بالسيوف من أتساب بل فهم القرآن والسنة على

فتاء ن من صغار الكتاب الذين تصدوا لإلالدي تين علىوالمتهاف هؤالء المتطفلينب بغير علم ركوبا للموجة واستثمارا لمدها.

بل جاء نتيجة سالم اإللو كانت دينية ال وزن لها في حتىن السياسة نجزم أ مرتبطسالم في اإلو الفكرة عن الخالفة السياسة أ ظهورو .بحتةفعاليات دنيوية بل دينية نظريةليست ذن إ الخالفةالطامحة للسلطة. فمية سالإلبظهور الفرق ا

نتيجة صراعية دنيوية. تكانمنهاجا و تراثا و سالم عقيدة وشريعة, يتناولون اإلنهم فإة الثقالصحابة ماأ

علىشؤون الدولة ال يديرون . وهم مع ذلك وحسن النوايا نالتدي مدفوعين بنزعة االجتماعية أي على حسب سب التطورات ح بل علىفحسب الشريعةقانون حسب سار على منهج سلفه خالل مثال كان الخليفة عثمان بن عفان .الحال مقتضى

بي طالب حكمه ثم عدل عنها بعد ذلك. كما أن علي بن أ من ىولالسنوات األباع سياسة الشيخين. اتضح من هنا رفض الخالفة حين اشترط عليه الصحابة ات

هو نه أة هؤالء و و المرجعية العليا في سياس هو المعيار ابةححال الص أن مقتضى وتغييرهم في سياستهم. اتهم اجتهاد ةحدد مسير الذي وهم –الفرس والروم منهج قد سار على الخليفة عمر بن الخطابن أبل و

لم يتقاعس عن تجميد و دارية والمالية إرساء النظم اإل بصدد -ليسوا مسلمينهد الرسول وأبي بكر. مثال ذلك إلغاء لتي طبقت في عحكام الدينية ابعض األ

زواج المتعة وعدم توزيعه أرض الغنيمة على الفاتحين والغاء حد السرقة إبان عام حد نصحه لوالته وعماله "بتجريد الرمادة. لقد عول على السياسات العملية إلى

من مشكالت لم قالل في الرواية عن محمد لمواجهة ما استجد واإل "القرآن الكريمهدا خارقا نه قد بذل جوهكذا فإ ة في القرآن والسنة.يرد بصددها نصوص صريح

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

386

غضغضة في االقتباسفي ذلك لم يجد و م الدولة العالمية ظصول ونأ وضعفي جنبية.المصادر األمن

توضح بادئ ذي بدء أن الدولة المختلفة حول السلطة والنماذجتلك الصيغ سماعيل:على حد قول محمود إنها ة, كما أية منذ البدايسالم كانت علمانفي اإل

تجعل من المستحيل إطالق أحكام عمومية عن مفهوم ا ناهيك عن تباين موقف الفرق في هذ يةسالمالدولة اإل

مثال لغاء الخالفة الصدد. فإذا كان الخوارج قد دعوا إلى إن بديهي أو صول الدين.فقد اعتبرها الشيعة أصال من أ

الدين قد تم نإذا أخذنا إلى االعتبار أالمفهوم تعقيدا يزداد عم مواقف المتصارعين سواء بالحق توظيفه فقط كمطية لدو سياسية لالمعطيات االجتماعية وان أو بالباطل, في حين أ

خالف التشكل حجر الزاوية فيما شجر من هي التي الثقافية 39الخالفة المزعومةطبيعة حول الفكري

قائال: سماعيلإوذهب فإذا أضيف إلى ذلك انعكاس تللك الخالفات على أدبيات

ثوابت الفرق اإلسالمية أدركنا استحالة الوقوف علىطار الديني ناهيك عن االختالف البين بين اإل سياسية.

الواقع العياني الذي غلف الصراع حول السلطة وبين وع الدولة في موض ور تضفي علىالتاريخي. وكلها أم 40.لغازاإلسالم الغموض واأل

78 صعيل, نفس المرجع, سمامحمود إ 39 نفس المرجع 40

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

387 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

غلب العصر العباسي العصر األموي وباألحرىالدولة القائمة في ن والحق أوة والغلبة الق سية إلىامور السيفيه االحتكام في األ جرىحيث قهر عليها طابع ال

في هذ الصدد. العنصرية دورا خطيرا ولعبت العصبية ندلس بعد ظهور الخالفتين الفاطمية واألموية باألثم تصدع مفهوم الخالفة

ا الوضع الجديد. واستمر الحال و التنديد بهذييد أكذلك في التأ الفرقفقهاء ىار بوتمن الهجرة وجرت بعد 656ط الخالفة العباسية عام سقو على ذلك الشكل حتى

ك و تاتر ثمانيين حتى ألغاها كمال أم العثيد المماليك ذلك محاوالت إحيائها على سماعيل:كما بين محمود إوبديهي .م1924عام

سالم بالصراعات أن يتأثر اإلطار المرجعي للسياسة في اإلين لباسا. وهذا في حد ذاته الدنيوية التي اتخذت من الدالصعيد المعرفي. فالمصادر يشكل إشكالية جدبدة على

نوعين, األول وع علىالموضالتي يعول عليها في دراسة .يتعلق باألساس النظري واآلخر خاص بالتطبيق العملي

والسنة النبوية ول يعتبر القرآن الكريم وبخصوص النوع األوفي هذاالصدد من الصعوبة .انساسياأل انالمصدر ما ه

نتائج محددة حول مفهوم الدولة ن يقف المرء علىبمكان أواألمة والسلطة. إن سيادةوما يندرج تحتها من مفاهيم ال"القرآن حمال أوجه" وما مقولة علي بن ابي طالب بأن

المصالح السياسية آياته حسب ويلذلك من تأ ترتب علىداللته بية تجعل من الصعوبة االستناد إلىذههواء المواأل

ما السنة النبوية فلم تسلم من الوضع حول هذه المفاهيم. أالصحاح من نقدية للتمييز واالنتحال برغم ما قام به الستة

ما عن المصادر التاريخية التي أ بين الصحيح والمنتحل.ي التجارب العيانية للدولة في اإلسالم فاألمر جد تحك

يم والسنة النبوية لم ويالت القرآن الكر خطير. فإذا كانت تأهواء والمصالح فما بالك بكتب تؤرخ لفعاليات تسلم من األ

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

388

ما درجت عليه الحكومات في إلى شارةالبشر؟ وحسبنا اإل 41حراق تراث بعضها البعض.اإلسالم من إ

حول دون تقصي مفهوم الدولة في حجر عثرة ت تشكلشكاليات وغيرها تلك اإلصها يتلخقام بحكام االفتراضية التي اإلسالم كما أنها تفرض المعايير اإلجرائية واأل

ما يلي:فيسماعيل الدكتور محمود إسالم تاريخيا المية مفهوم خرافي. فالحكم في اإلسإن مفهوم الدولة اإل وال:أ

انحصر في صيغتين :الملكية الوراثية و السلطة العسكرية استقراء النص القرآني عن كون األمور الدنيوية متروكة لالجتهاد يكشفا: ثاني

ر ط أ ريات ونظم بقدر ما نظ ىسالم لم ينطو علإال فيما نص عليه صراحة, وان اإل من مبادئ وتعاليم عامة.

مناخا مالئما لشائع والمدار الزماني الطويل هيأا المكانين االمتداد ثالثا: إ سالم.لتعددية صيغ وأشكال دولة اإل

مة في اإلسالم أبعد ما يكون عن تأكيد رابطة الدم. فالدولة رابعا: إن مفهوم األالذين كانوا رعايا أسهموا في تأسيس وازدهار حضارة ة هل الذماإلسالمية اتسعت أل

خ على يوقراطي هو الذي ترس ن المفهوم العلماني ال الثاإلسالم. وهذا يعني أ التاريخي. المستوى

سم بالجدلية الموفقة بين النصوص سالم يت في اإل السلطةن مفهوم خامسا: إ النظرية والواقع العملي العياني.

الخارجية في اإلسالم كان محكوما بمعايير عالقاتالطير سادسا: إن تألدفاع والسلم مطلب في حد ذاته و اوضوابط إنسانية . فالحرب أقرت أما للجهاد أ

ن جنحوا للسلم فاجنح لها"."فإاالختالف في تطبيق هذه المفاهيم أو النكوص عنها قرينة دالة ن سابعا: إ

42ية.سالمالطابع العلماني الزمني للدولة اإل على

81- 78نفس المرجع 41

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

389 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

والثقافة المحلية األندنسة خطابثير الحوار الديني في إندونيسيا في المرحلة يخطر ما أن من من الواضح أ

جتماعية ذات طابع ديني هو وضاع االمعوقات األصولية و األلى جانب الحالية إ. الخاص ا الواقعسالمي الكلية وتطبيقها في دنيكيفية ترجمة تعاليم الدين اإلقضية

كسبت اهتماما كبيرا من قبل المثقفين في الساحة الفكرية في خيرة األالقضية هذه و اللقاءات من خالل الندوات لى الخوض في تناولهاإدفعت الكثير نها كما أالبالد

التي تسعى إلى تفسير الدين ومن بين تلك المحاوالت الفكرية و األعمال الفكرية.ن دونيسي هو ذلك الخطاب الذي يمكن أنحسب الطابع اإل يقهسالمي و تطباإل

ندنسة مأخوذة من كلمة إندونيسيا و تعني ألندنسة. وكلمة األيطلق عليه خطاب اسمع إذ أنني لم أ م حسب السياق اإلندونيسي. والمصطلح من ابتكاريفهم اإلسال

في العربية. نفسها يستخدم الكلمة حداأقبل هذا قط يستخدم اآلليات الفكرية ندونيسيا في إندنسة في سعيه لتفسير الدين وخطاب األ

فيما .مثال العلمانية والتعددية و الليبراليةمن أ ةليالغربية األص العلميةو النظريات . التيارات الثالثةهذه دراسة عن هى في حد ذاتها دراسة خطاب األندنسة نأيعني

في هذه موضع اهتمامنا ةعلمانيالوهو هذه التيارات الثالثة ح واحد منبصأ وما أالخمسينات. ندونيسي منذ أكثر تداوال في المجتمع اإلنها ألسبب المقالة

ال في السنوات العشرة األخيرة نحن في إندونيسيا إ امسمعهنالتعددية و الليبرالية فلم تقريبا.

الفكري الف خفي الوقد تبين ذلك ندونيسيا. خطير في إ موضوعوالعلمانية الفكرية التي أجراها كلالحمالت كما اتضح من يها معارضنصارها و أ بينالمحتدم

ولعل الخطاب المعاكس. دفاعا عن الذات و ردا علىمن العلمانيين و معارضيهم دفاع العلمانية و هجوم ت العلمانيين الفكرية التي تهدف إلىحدث حمالأ

عماله حول ثية أثالحمن من خالل قام به بودي منور ر معارضيها هو ذاك الذي

83 - 82 المرجعنفس 42

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

390

. ولقد ساعدت هذه 2010سنة صدرتوالتي أ العلمانية و الليبرالية و التعددية صوليينلفكري مجددا بين العلمانيين و األالصراع احداث إ األعمال الثالثة على

صدار مجلس العلماء سنوات منذ إ 5سبي الذي دام حوالي الن د فترة من الهدوءبع 43.بتحريم العلمانية اإلندونيسي

التي اجتاحت - صوليةمثل ظاهرة األ –ن ظاهرة العلمانية وليس من شك في أوالعلمانية هنا ما زالت في مرحلة –الخمسينات نو في ندونيسيا منذ عهد سوكار إ

لعلمانية دخلت مرحلة التنظير ثم استمرت في السبعينات والثمانينات وا -التكوينخطر الظواهر الفكرية أمثال نور خالص مجيد, تعد من أمن مدافعيهايدي في أ

اسية بالنسبة كثر حستتطرق إلى موضوع أ ن العلمانيةوذلك أل في البالد.الثقافية و كان ندونيسي وهو موضوع عالقة الدين مع السياسة في الوقت الذي اإللمجتمع ل

لمؤسستين السياسية والدينية قبل يعيش زمنه االجتماعي تحت سيطرة اهذا المجتمع ن يندرج في زمن التحديث ويخضع لجملة التحوالت االجتماعية والتاريخية.أ

فصل هو الموقف الذي دعا إلى واضح. و في هذا الصدد العلمانيين فوموقعند –الموقف الذي يعد نسانية. عن جميع جوانب الحياة اإل وبلالدين عن الدولة

تعاليم جتماعية ولكن أيضا بنسانية و االفقط بالقيم اإلليس مضاد -صولييناأليبدو وكأنه ندونيسيا الحديث حول العلمانية في إن وهكذا فإ دته.يو عق اإلسالم

ة و الليبرالية و التعددية. كما أنها تهدف إلى رد دفاع العلماني هذه األعمال الثالثة إلىتهدف 43

ا ال مكان لها في المجتمع اإلندونيسي. ولكن المؤسف حقا طالقيا إتسلطي اها خطاباألصولية بوصفبوضوح في موضوع الكتب ه و خطابه و ذلك يتجليأيضا تسلطي في موقعن مؤلف هذه الكتب أ

الم للتعددية. س) براهين اإل3) براهين اإلسالم لليبرالية و (2) براهين اإلسالم للعلمانية (1هو (ذاته و م ال براهين سالقترحة في هذه الكتب هى براهين اإلن البراهين الموكأن المؤلف يريد أن يقول إ

التعددية إذن بحت العلمانية و الليبرالية وصالمسلمين مما يعني أنها وجب قبولها و حرم رفضها. أهذا فإن العلمانيين مثل األصوليين أصبحوا بوعي لو لىفي أيدي العلمانيين. وع او دستور ادين

طالقيين. بغير وعي تسلطيين إ

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

391 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

من بشيئدائما بالالدينية والعقالنية الغربية المعادية للدين من جانب و رن مقت .خرمن جانب آ نصوليياألمن بين مدافعيها و معارضيها العداوة و الخصومة

44ن التعريف مازال يشوبه شيئ من الغموض.أما عن مفهوم العلمانية فإخر كمفهوم يعبر بينما يوظفه البعض اآل 45كلمة كمرادف لاللحادال يستخدمالبعض

46التفريق بين ما هو ديني و ما هو دنيوي.عن عن العلمنة وهي عبارة ن العلمانية في إندونيسيا توضح أعن ن الدراسة المتعمقة فإمر األيا كان أ

فبرغم كثرة استخدامه في األوساط الفكرية . مبهما زالمفهوم العلمانية هنا ما في –ذا جاز لنا تعريف هذا المصطلح وا . ال القليلإ ماهيته يفطن إلىوالثقافية لم

نقول إن العلمانية هي مجموعة من الرؤى والتصورات -ضوء التراث اإلسالميو سالم حول الدين ي تبنتها مذاهب فكرية خاصة في اإلفكار التومنظومات األ

لدين عن الدولة.التي تؤمن بادئ ذي بدء بفصل ا وهي الرؤى عالقته بالسياسة,وسع بكثير من مجرد عالقة الدين مع الدولة بالفعل أ العلمانيةموضوع ولكن

جتماعية الظواهر االو أعالقة الدين بالمجتمع موضوع حيث يندرج فيه و السياسةأالتي تحوطها و التي تشكل خلفية ظهور العلمانية مثل ظاهرة العنف السياسي و

ومع قلة نجاح هؤالء ف المصطلح. وهذا بالرغم من كثرة المحاوالت من قبل المتخصصين لتعري 44

ن محاولة دافيد مارتين في كتابه النظرية العامة للعلمانية تستحق الثناء والتقدير. في التعريف فإ انظر

David Martin, A General Theory of Secularisation (Bristol: Western Printing Services, 1978).

ندونيسيا و ككل والذي يحتوي على إ وييالولعل أهم من يمثل هذا االتجاه في األرخبيل الم 45 سالم, العلمانية و فلسفة الغد. انظر يد محمد نجيب العطاس في كتابه اإلماليزيا هو الس

Syed Muhammad Naquib al-Attas, Islam, Secularism and the Philosophy of the Future (London: Mansell Publishing House, 1985).

يف الشائع الذي اتبعه جمع كثير من الناس متخصصين كانوا أم غير ذلك. من هذا هو التعر 46 سالم ضد العلمانية. انظر ة اإلبين هؤالء عمر بكري في كتابه مكافح

Oemar Bakry, Islam Menentang Sekularisme (Jakarta: Mutiara, 1984).

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

392

الحديث عن ن ولذلك فإ. وما شابه ذلك إلرهابالتطرف و ا ظاهرةالديني، و مرا سهال.العلمانية ليس أ

لعلمانية نتيجة ا ة علىالقراءفي ذلك ظاهرة تشويه و تزييف واذا أضيف إلىال ندعي نا وبالتالي فإ. كثر تعقيداأيزيد مر األن سيتبين أ دلجةاألالوقوع في منزلق

و موضوعية أيدة التي تمثل النها هي الوحقراءة صحيحة وأهذه ن قراءتنا أهذه راسات هي مجرد محاولة تحليلية علىن هذه الدراسة كسائر الدإذ أالمصداقية

أننا دلجة. غير إلى األونفس االنزالق اهرة االجتماعية التي تحتمل الخطأ الظناهج العلمانيين ورؤاهم الفكرية ن نتجاوز مجرد المناقشة لمنحاول في هذه الدراسة أ

نساقهم تصويبا وتحقيقا, تفسيرا و تنظيرا. ى ألتقويم والحكم علا إلىالقضية األساسية عن العلمانية في إندونيسيا وفي كثيرمن ن أ بالقول إونبد

أن انخرطت هذه صبحت واقعة اجتماعية منذ البلدان اإلسالمية هي أنها أغرب بؤرتها سالمية في منظومة عالمية وثقافية كونية حيث يمثل الالمجتمعات اإل

لم اآلن بأسره إلى زمن التحديث بكل االع تالمركزية ومرجعيتها التاريخية. وقد دخلحدثت تحوالت كانت متغيرات وأعليها . والحداثة بال شك طرأت اوايجابياته اسلبياته

بمثابة انقطاع للمسارين التاريخي والسوسيولوجي السابقين.فكرية تحوالت اجتماعية وسياسية و ن العلمانية نتاج لمسارات و إهذا ف وعلى

الدين والدنيا. ولكن الحق وسع من تضاد وثقافية متعددة. كما أنها تندرج في أطر أجاءت بال شك -ثةنها امتداد للحداوالتي قد يصح أن يقال إ –هو أن العلمانية

زاحة المؤسسات الدينية عن موقع بالتحوالت الكبرى في المجتمع وبل أفضت إلى إفرزتها المثاقفة الكونية ودعتها يات الجديدة التي أمنة االجتماعية لحساب المعطالهي

دولة التنظيمات الحديثة.ع واقعيا منذ بداية زمن التحديث إال أن العلمانية الرغم من علمنة المجتم وعلى

ال من قبل الدينيين وذلك في سياق ظلت من األمور المسكوت عنها فكريا ولم تثر إ

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

393 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

واستخدامها أداة لنفي اآلخر وتدعيم الشمولية لحاد العلمانية علم على اإلأن شاعة إ سالم.االسمية لإلرى ضروريا حصبح ملحا و باألفإن النقاش حول خطاب العلمانية أ ولذلك

قد تجاوز حدود التبادل الفكري ليدخل إلى حدود ها خصوصا و إن الجدل حول الصدام و اإلرهاب أو التهديد.التكفير و

أول من تكلم في إندونيسيا يعد أحمد سوكارنو الرئيس األول للجمهورية هو و أندنسة من جانب و ن العلمانية شيئ من الوطنيةأ سوكارنو . يرىمانيةلعن الع

ا ي عاش فيهأن البالد الت. أصبح سوكارنو آنذاك واعيا خراإلسالم من جانب آطائفيا ال يمكن أن و ا و لغوياالوطنيون من الخلفيات المختلفة دينيا و أيديولوجي

ت دينا و إنما هي مفهوم متكامل ليس الية موحدة هي في حد ذاتهآال بيتحد إنها ال مضمون هذه اآللية هو العلمانية إذ أ نجاسيال. والواقع أنبابد فيما بع يسمىبالدين المعين أساسا للبالد. غير أنها تعترف بوحدانية اإلله التي هي تعترف

ها في البالد. و على هذا فإن إندونيسيا معروفة عند عترف باس الديانات المأسن و ليس بلدا دينيا. األوائل و المتأخرين من روادها الوطنيين على أنها بلد متدي

الدولة والمجتمع، و الثاني نها تتخذ القيم الدينية أساسا ألخالقيات األول يعني أ 47لدولة و قانونها.ساسيا لأ مصدراالمعين نها تجعل الدينيعني أ

جتماعي ارة عن رؤية العالم أو الواقع االففكرة سوكارنو عن العلمانية إذن عبلتعامل معه بشكل موضوعي بعيدا عن التعاطف بدين الديني واو السياسي و فهوم يعني األخذ بالهوية الذاتية و القومية من جانب و عدم ممعين. و هذا ال

ولعل هذه هي روحية من جانب آخر.الرفض بالقيم الدينية أو األخالقية أو ال ندنسة سوكارنو الرئيسي.أمضمون

سوكارنو عن الدين والدولة انظر ةللمزيد من التفصيل حول فكر 47

Ahmad Suhelmi, Polemik Negara Islam: Soekarno Versus Natsir (Jakarta: Teraju , 2002).

يضاوأRidwan Lubis, Pemikiran Soekarno tentang Islam (Jakarta: CV Haji Masagung, 1992).

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

394

نها غير مؤمنة أو ست دولة دينية ال يعني بالضرورة أعلى أن إندونيسيا ليستبعادية بين العلمانية و الدين. و وجود لهذه العالقة الثنائية االغير مسلمة. إذ ال

كتفي باإلشارة إلى مثال سابق أن ما أكثر األمثلة في ثقافتنا الوطنية الحاضرة و نذكرناه و هو المبدأ األول لـ بانجاسيال و الذي يذكر أن الشعب يؤمن بـ"وحدانية

اإلله".خيار سوكارنو على المشاكل ن هذا إن دل على شيئ فإنه يدل على أ

أنه ذ إ هو خيار علماني يديولوجية التي واجهها آنذاكاالجتماعية و السياسية و األ الموضوعي العلمي سيرفتالعلى نما خروي وا األالتفسير الديني علىال مبني

. دنيوية (علمانية) إلى أسباب موضوعية علمية يستندأي التفسير الذي , الدنيوي .المرموق في هذا السيناريومكانه ن الدين له إذ أ يضا شبه دينيوالخيار أ

عل التفسير أو الرؤية والمهم إشارته هنا هو أن التفسير العلماني يخالف بالفتراثنا ال تتنافض مع إسالمه و إيمانه. و الدينية األصولية غير أن علمانية سوكارنو

جتماعية و الدينية في عصر بالخالفات حول تفسير الظواهر اال الفكري حافلن العصور التي تلى عصور التي بعده على حد سواء. بل إسوكارنو و في ال

حول القضايا الفكرية نتعاشا من حيث الجدل الفكريعصر سوكارنو تعتبر أكثر ا قضية العلمانية و األصولية.جملتها من

أنها ذإن علمانية سوكارنو هي علمانية تطبيقية لعله من الصحيح أن نقول إومرحلة سوكارنو في و التنظير.هي إلى الفكر أ مما كثرمعنية بالتطبيق أ

يجاد الصيغة السياسية إ إلى اسية الساعيةالسيالستينات و السبعينات هي المرحلة بعبارة أخرى ليست مرحلة الجدل ندونيسي. وهي اإلللسياق النموذجية المناسبة

فكل و المبادئ الدينية. أ سالميةالفكري أو التنظير العلمي على المفاهيم اإلالساحة الفكرية الدينية ن في ذلك متناسو ون في السياسة آنذاك منغمسالمفكرين

إلى ذلك يبقىانت هناك محاولة لتفسير الدين فإن اإلطار في ا كذ. وا محضةال سياسيا. األبد

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

395 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

فهين وهي مرحلة الثمانينات إلى اآلما المراحل التي تلي مرحلة سوكارنو أجدل و حول الدين وعالقته بالمجتمعمنهجي التي شهدت تطورات تنظير المراحل

ية والسياسية في البالد الحياة االجتماع علىهمية كبيرة ذات أ قضاياالفكري حول عى نور خالص دمعروف ي الكبير المفكر الودور .سها قضية العلمانيةرأ على

العلمانية كالخطاب ول الذي جاء بفكرة األه المفكر بصف طارمجيد مهم في هذا اإلو بذلك مؤسس المذهب العلماني في وه ن صح التعبير.لعلمانية النظرية إا أي .سياندونيإ

الدولة ع و السياسة و سالم وعالقته بالمجتمحول اإل الجدلفي مجيد شارك وقد مام الجمهور علن أمن عمره حين أ منذ السبعينات وهو في العواشرعلى نحو فعال

الموقف الذي بات سالم ال شأن له بالسياسة, اك إن اإلنذموقفه المثير للجدل آمجيد مشهورا كان و ته المنية.يلقن إلى أ مجاال للصراع الفكري بينه و بين ناقديه

ج موجا كبيرا من ضأال" الشعار الذي ي" اإلسالم نعم و اإلسالم السياسته بمقول مجيد وسوف نرجع إلى من قبل األصوليين.الكبيرة حتياجات االعتراضات و اال

.قريبامجيد بعد ندونيسيا في إطروحات علمانية أ تطورتقد خر, ومن جانب آ

نوعا واحدا من نرصد نأن اآلتطورا يجعله من المستحيل يام حياته ل أوخالحيث علمانيةكثر من أواحدة بل توجد علمانية ليس ثمة ه نوهكذا فإ. العلمانية

متنوعة. تيارا متدفقا له روافد شتى هي األخرىصبحت أنها في يرجع فيما يبدو إلى طبيعة العلمانية نفسها حيث إالتنوع وهذا

رض الواقع من أ و نكوصها رهينة بما جرى على تخلفهاافاتها وتحوالتها, في انعط ديني وسياسي. صراع اجتماعي

البرجوازية الصغيرة ممن إلى -فكارهمرغم تنوع أ –العلمانية صحاب ينتمي أو و بل العربية وحازوا قسطا واسعا من أو الغربية اإلندونيسية أ الجامعاتتعلموا في

الدينية. لقد س به من الثقافة عن قدر ال بأارف العامة والمتخصصة فضال المع

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

396

و راديكاليون النقل لكنهم ليبراليون منفتحون أ حاطوا من ثم بعلوم العقل وعلومأسالمية والغربية اإلتعانق التيارات العقالنية دين ن نظرتهم لللذلك فإ انقالبيون.

. وتأسيسا على والغربي سالمياريخ اإللثورات االجتماعية في التوتتعاطف مع ا دية واجتماعية.ائعقة و عقالنيسالم في نظرهم يمثل ثورة ذلك فاإل

الدين و قضايا العصر تيارات االتجاه العلماني في موقفها من رصد ويمكن .التغريبو االنتقائية التوفيقية و إجماال إلى

" اإلسالم تهكانت مقولو .ما التيار التوفيقي لالتجاه العلماني فقد مثله مجيدأ حقا. الثيوقراطية علىبمثابة الرفض أعاله ةالمذكور السياسي ال" اإلسالمنعم و

سلفيا ذا باع في حقل الدراسات اإلسالمية -وفاته وال يزال حتى –الرجل كان ار الحديثة الغربية العلمانية فكمعجبا بابن تيمية. ولكنه أيضا متأثر بشكل كبير باأل

باكستاني المعروف المفكر ال . ولعل تتلمذه علىح ق دو وكأنه غربي علماني حتى يبؤية الغربية ما ثره في مرحلة دراسته في الواليات المتحدة بالر فضل الرحمن و تأ

رافضا في ذلك نه يلتزم بالعلمانية المحضةضبب حكم البعض على فكره بأحاول ن الرجل توفيقي ما نرى أ. والصواب فييديولوجيا السلفيةاإليبستمولوجية واأل

سالمية المتمثلة في االتجاه السلفي و القيم الغربية المتمثلة أن يوفق بين القيم اإلكبير في االتجاه العلماني. ولكنه في نفس الوقت هو المسؤول الوحيد بشكل

النتشار الفكر العلماني في إندونيسيا لدرجة أنه ال يكاد أن يسمع المرء اسم الرجل ن أ واوهكذا فإن الكثير زعم. ولىاألدرجة العلماني ب نهأ وقد تبادر في ذهنه الإ

السلفية منذ شبابه. ونحن نعول على هذا عزف عن حيث قد مجيد كان علمانيا ي مفكر باعتبار فهم "المنحي الخاص" مفتاحا مفيدا في فهم النكوص في تحليل أ

جماع فكره.تماما مع الدين و اإليمان نيته تتناقضكما زعم الكثير من ناقديه أن علما

استخدمها مجيد في وأنها بعيدة من أن تسمى بالتجديد الديني, وهى الكلمة التي كثير من المناسبات.

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

397 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

هم بتهميش الدين من الحياة ت ا كان ن الرجل ورغم اعتداله وانفتاحه الفكري إال أفقا للنموذج الغربي و حدة, أيالعلمانية الغربية المللصالح والسياسيةاالجتماعية

يم مشروع حضاري نهضوي يلم شمل بعد فشل النماذج الدينية وعجزها عن تقد في نظرمجيد علمانية ن ومن هنا فإ طريق التقدم والنمو. األمة ويضعها على

هى الثقافة التي ة الالدينية, و كانت ترتبط بالثقافة الغربية وبمشروعاتها الفكري ناقديه 48خالقية.األمنظومات دينهم بعاد المسلمين من أسهمت في إ

على الشكل الذي هى ته بطبيعة الحال على أن علماني مجيدد استبع قدو بالعلمانية و العلمنة. األولى هي عبارة يه بين ما يسمفى دوره ميز هؤالء. و تصوره

و سياسية الخل بالحياة ي تدن أين و الحياة و إن الدين ليس له شأعن فصل الدهي عبارة عن تمييز الدين عن الحياة، أي على أن الدين فجتماعية. أما الثانية اال

49ن السياسة غير الدين.وأغير السياسة ن وأ خصوصا ء الناقدين تمييز ال يعني شيئا بالنسبة لهؤالوالحق أن هذا ال

أنه بنفسهم أالعلمانيون قد اعترف تهدى إلى العلمانية. و المطافالعلمنة في نهاية 50بين االثنين. من حيث المبدإنه ال فرق إال أالتمييز هذا بالرغم من

خير من كان عبدالرحمن وحيد المفكر المعروف ورئيس الجمهورية السابق ما أتوظيف بعض عول في كتاباته المنشورة علىحيث يعبر عن التيار االنتقائي

حامد فهمي ندونيسي ماليزي المذكور سلفا و تلميذه اإلالسيد العطاس ال من ناقدي مجيد 48

ني و ما هو دنيوي. اإلسالم دين ين ما هو ديسالم ال يميز بزركشي. فقد كتب رزكشي أن اإل خالق. انظرسياسة, دين و أو

Hamid Fahmi Zarkasy, “Sekularisme Nur Kholis Madjid,” Suara Hidayatullah, 19 December 2006.

طروحات مجيد حول العلمانية انظر للمزيد من أفكار و أ 49Nurcholis Madjid, Islam, Kemoderenan, dan Keindonesiaan (Bandung: Mizan, 2008).

يضاوانظر أزركشي, نفس المرجع. 50Munawwar-Rahman, Argumen Islam, p. 11

يضاوانظر أAhmad A Sofyan, Gagasan Cak Nur tentang Negara dan Islam (Yogyakarta: Titian Ilahi

Press, 2003).

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

398

رجل كان نشازا في تاريخ الفكر ال 51.واألندنسة جوانب التراث في خدمة المعاصرةصرة في بحر من النصية الغيبية عقالنية محا ندونيسيا, كان جزيرة المي في إاإلسوير والترشيد, مصلحا عقالنيا في أحسن من دعاة التن ثرية التسليمية. كان داعيةاألادة صياغة ثقافة اإلسالم عجلي في اقتراحاته المستمرة بصدد إحوال. وانتقائيته تتاأل

معروفا بمقولته أن اإلسالم اإلندونيسي غير سي. و كان الرجل ندونيفي إطار إندونيسي. وربي مثال غير اإلسالم اإلسالم األاإلسالم العربي, كما أن اإل

سة نندلذي استخدمه الرجل لتعبير هذه األطروحة هو أواالصطالح الشائع اأي تطبيق اإلسالم حسب الطابع والسياق )Pribumisasi Islamاالسالم (

علمية الالرغم من اتسام فكر عبدالرحمن وحيد بالمثالية الوب 52ندونيسي الخاص.اإل بعطائه الفكري ومصداقية انتمائيته. ونويعترف ونن الكثير يعلمإال أ

لفكر والثقافة قد جعله "غزاليا" ن منهج وحيد في اأن نقول إ الصحيحولعله من عرية شغزالي يتبع المهج المزاجي في األشياء. الغزالي مزج بين األلنه مثل اإذ أ

ما وحيد فقد مزج بين ماهو ديني وما هو دنيوي, والتصوف وبين النص والذوق. ألعقل. بين النقل واوالواقع, بين الشريعة والتاريخ و بين الدين والثقافة, بين الوحي

ن فكر أذ عداد الليبراليين. وهذا أيضا صحيح إ لىإن الكثير من الباحثين ضموا وحيد إهذا ف 51

الرجل ما كان يتعلق بالقضايا الدينية المحضة وهو حينئذ ليبرالي, وما كان يتعلق بقضايا الدين و عالقته بالسياسة و هو حينئذ علماني. بالنسية للبرالية وحيد انظر علي سبيل المثال:

Greg Fealy and Greg Barton (eds), Nahdlatul Ulama, Traditional Islam, and Modernity in Indonesia (Australia: Monash Asia Institute, 1997).

ة الدين بالدولة. والكثير يظنون أن الكتاب كان فكاره السياسية في كتابه معالجة عالقأبدى وحيد أ 52ث سنوات قبل كتاب وحيد بموضوع اإلسالم حمد شافعي معارف الذي صدر ثالتأييدا لكتاب أكما أنه هو مع تعاليم اإلسالم ن بانجاسيال يتماشىسا للدولة. والكتابان يتفقان في أساوبانجاسيال أ

ونيسي يشكل بانجاسيال الترجمة نداألساس المقبول لدولة إندونيسيا. وهذا يعني أن في السياق اإل ندونيسي).اإلندونيسية لإلسالم أي أنه نوع من أندنسة اإلسالم (تطبيق اإلسالم حسب الوضع اإل

ن بانجاسيال شكل مسلمون بال مساجد أ) في كتابه ال(Kuntowijoyoحد قول كونتو ويجويو وعلى ما سماه ب "وضعية الدين". م

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

399 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

ج مثل هذا لم المز ن اصا وأج خصو ايتساءل كيف تم هذاالمز ن المرء قد نعم إلنقل والعقل يمثل حجر الزاوية على مدار ذ كان الصراع بين ايتحقق تاريخيا إ

تاريخ الفكر اإلسالمي. الجواب إلى هذا السؤال يحتاج إلى سطور طويلة و بل إلىاقشة هذه القضية, ونكتفي بالقول إن دراسة خاصة. وليس لنا مجال للدخول في من

الظاهراتية زاءه االنتقائيةة فكر وحيد الديني مصيب إذا حكم على إالنقد على طبيعسالمية عند تجزيئية تقف من الثقافة الدينية أو اإلنها الوظيفية الوضعية على أ

مضمون. ولكن مع ذلك يحمد للرجل مواقفه الصادقة والمحمودة الحدود الشكل ال حد الصراخ. ة إلىرة الهوس الديني خالل السنوات األخير في مواجهة ظاه

التجريد ة مع فكر مجيد من حيث التعويل علىفقد يلتقي فكر وحيد في النهايتقائية وتبرير السائد التراثي األقوى وليس النقيض األصلح. كما أن االثنين واالن

والعقل والنقل, والشريعة والفلسفة. التوفيق بين الدين والعلم, الممكننه من أباعتقدا اقعية فكرية وسياسية واجتماعية تأويال من سالم باعتباره قوة و أوال اإل االثنان أيضا

تلتقي نه شأنه عدم االصطدام مع الثقافة المحلية أو النظريات العلمية. وهكذا فإ ن رغم اختالفهما في المنهج والمضمون.محصالت فكر هذين الرجلي

لطفي الشوكاني و أولي العلمانيون الجدد من أمثال ار الثالث فقد مثله ما التي أالفكر الليبرالي الغربي في مرحلة همافي تبنيتغريبهما تجلي فقد ي بصار عبداهللا.األ

هذا االتجاه ويعتبر الحداثة و مرحلة ما بعد الحداثة باعتبارها ثورة علمية معرفية.لتفكيكي الرافض افكري المشروع بتشكيل ال فيما نرى - هو المنوط –التغريبي

اشتهروا بأساليبهم ن والذين معهما واالثناسالمي تمام الرفض. الفكري اإلللتراث الهجومية ال فقط على التراث الفكري اإلسالمي بل على اإلسالم نفسه حيث أن

ا في العصر الحديث فضال عن يمان باهللا لم يعد مهم ن اإلبعضهم يقول إ المي.ساإل جناس التراثفكرية في كثير من جوانب وأمغامراتهم ال

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

400

الفلسفات والمنهجيات الغربية إلىالجدد العلمانيين انتماءاتويمكن رد ة وبل إلى األفكار العربية 53كالهيجلية والظاهراتية والبنيوية والوضعية المنطقي

خليل ي و فكار ابن عربي و ابن رشد وعابد الجابري وحسن حنفالقديمة والحديثة كأحمد النعيم وغيرهم. ونحن نثني عليهم عبد الكريم و نصر حامد أبو زيد وعبداهللا أ

الديني والتخليط الفكري هوس لدفاعهم االنتحاري عن المنهج العلمي ضد الخرافة والم العملي من خالل تطبيق الفكر اإلسالمي ثيرهغير أنهم رغم نجاحهم الفكري وتأ

صوصيات التي اتسم بها هملو كثيرا السياق االجتماعي والخوالغربي العلماني أحاثهم ومسجالتهم جرت مع بوأ ن مقاالتهمالمجتمع اإلندونيسي. باإلضافة إلى أ

متجاهلين في ذلك القارئ العادي. من رجال الفكرصفوة نهم أن مع إحاطة هؤالء باألسس النظرية والمنهجية نجد أبالفعل ندرك و

بارهم سالمي بحيث يمكن اعتالتراث الفكري الحديث والفكر اإل هلون كال مناجتين منطلقاتهم الفكرية و تبريراتهم العلمية وغاياتهم متطفلين عليهما. ومن ثم نرى أ

بل أيضا على ىسالماإلالتراث ة والقريبة تعد تزييفا ال فقط علىالبعيد الثقافيةناهيك عن خلل تأويلهم الهشاش . يحة التي تبنتها العلمانية نفسهاطر الصحاأل

برغم اعتقادنا بهشاشة منظوماتهم الفكريةولكن . ىسالماإلالتراث العلمانية و علىقتهم بالتيار الغربي المهيمن يوحي ن عالوعدم صمودها أمام النقد العلمي إال أ

العلماني. همبمشروعية وصدق فكر نيا بندونيسي عن تحريم الخطاب العلماني كان مفتوى مجلس العلماء اإلولعل

سالمي. التراث اإل على هتزييفو هتتسم بتشويهن العلمانية وهو أ ساساألهذا علىذات طابع الفات ن الخو ذاك. وانما نرى أ نرى عن صحة هذا أونحن ال

والثابت أن . العلمانيةتشرذم كشف عن تصولي والعلماني بين التيار األديني ليست مجرد رؤية فكرية و منهجية ن العلمانية الكثير من األصوليين تصوروا أ

لى هذه المذاهب الفكرية الغربية فيما نعتقد عن طريق جارليس تم انتماء فكر العلمانيين الجدد إي 53

ليبرالي: المصدر الرئيسي. سالم الؤلف اإل) مCharles Kurzmanكورزمان (

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

401 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

قية تدعو إلى فصل الدين عن الدولة بل هي كذلك دعوة إلى عزل القيم األخالو ممارستهم، و هي بهذا دعوة دنيوية معادية الناس و دنياه المعرفية عن حياةو

و تصوروا أيضا أن العلمانية عبارة عن نوع من المادية 54للدين و القيم اإلنسانية.ألخالقية الدينية. إنها نوع من ة عن القيم الحيث يكون اإلنسان مجرد مادة ضا

. وبهذا المعنى هاو نكران هاو فقدان هاو عدوانالقيم األخالقية نانية و استغالل األهدار كامل ية و بل اإلنسانية ألنها نوع من إتكون العلمانية مضادة للقيم اإلسالم

الستعمار اصوليين أنها امتداد لرؤية األالمعتدلون من تصور و للثقافة الدينية. نية المجتمع اإلسالمي. الغربي الذي يهدف إلى زعزعة ب

العلمانيين الجدد فشل و يرجع هذا التفاهم السلبي عن العلمانية فيما يبدو إلى نقدهم على التراث اإلسالمي وبل على من جانب وفي العلمانيةفي فهم معنى

وقد تحدثوا عن العلمانية وكأنها القطب المضاد .خرمن جانب آ سالم نفسهاإلرثودكسية و عدم التسامح تجاه م ضد التعاليم أو العقائد األنية. فالنقد الصار للدي

طروحات العلمانيين الجدد التقليدية في بعض الحاالت هى التي تمثل أالمفاهيم وا و تشددمما يفترض ضمنا صعوبة قبولها و استمرارها في المجتمع التقليدى.

ية للدين الحنيف ساسالقواعد األمن ن العوام ما يبدو للمسلمي في هجوم علىيضا أكما تشددوا في 55.غير المسلمينبنكاح الحرمة مثل وجوب الصالة والصوم و سالم إن اإل ل قولهممثى مشاعر المسلمين عامة حمالتهم الفكرية المعادية عل

والتخلف و فساد الطبيعة و تهميش النساء من والصراع و الحرب مصدر العنف

علق بفكر عبداهللا قائال "ترتب على تحدث عبدالرحمن وحيد عن هذه الظاهرة خصوصا فيما يت 54هدم قواعد الدين ار عبد اهللا المبالغة في الحرية أن يتصور الكثير أن الرجل بحريته مصمم علىفكأ

وعقائده". انظرAbdurrahman Wahid, “Ulil Dengan Liberalismenya,” in Ulil Abshar Abdallah, Menjadi

Muslim Liberal (Jakarta: Nalar, 2002), p. xiv. و المسلمة انظر:بخصوص جواز زواج غير المسلم أ 55

Ulil Abshar Abdallah, Menjadi Muslim Liberal (Jakarta: Nalar, 2002), p. 4.

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

402

الحل المثالييمثل ن الغرب أفيه هذا في الوقت الذى زعموا 56.وغير ذلكالمجتمع جميع نواحي حياة اإلنسان من تنمية المجتمع وحقوق الحسنة في سوةاأل كأنه هوو 57.وغير ذلك نسان والتربية والتسامح الديني واالجتماعياإل

ولعل التيار. صحاب هذا ثمة سلبيات تؤخذ على خطاب أن أ هنانا والذي يعنير من ثكاألوربي الذي ربما يعرفون عنه أ لنموذج الغربيباه حابمن أهمها تأثر أص ندونيسي.معطيات الواقع اإل

الشباب اف نصذه الظاهرة وانتشارها خصوصا بين أاستشراء ه نأوالحق كما أنه فكري. فالس وا اجتماعي من ترد ندونيسي يعكس ما وصل إليه المجتمع اإل

خفاقها في التماس الحلول السائدة وا طروحات الفكرية يكشف عن هشاشة األيضا ظاهرة نجاح التحديث الغربي من ت الواقع المتفاقمة. وهذا يفسر ألمشكال

العلمانية في حضور ن اإلندونيسي من جانب آخر إذ أالديني جانب و فشل الفكر أن لثقافة الفكرية هنا خاضعة لما جرى في الغرب خصوصا و ن اأالبالد يعني

ة الغربية حرفيا من غير نهم يقلدون العلمانيكأ العلمانيين اإلندونيسيين يتبدون ندونيسي.التطوير أو إعادة بناءها طبقا للسياق اإل

ومرجعية لغربي كمعيارباعهم النموذج اأتب –لم يكن العلمانيون في الواقع و دراك رباطهم العضوي بمجتمعاتهم حيث بقي تصورهم الضمني على إ قادرين

علماني لعالقتهم بهذا المجتمع استنساخا لنموذج عالقة خارجية بين غرب متطور رصيد معارضيهم ونقادهم وشرق متخلف متدين. وهو األمر الذي أضاف إلى

ام عن بالتغريب وافتقاد الخصوصية. وظلت فئة المثقفين في انفص المتصفين

بخصوص هذا انظر: 56M. Dawam Rrahajo, “Kata Pengantar,” in Munawar-Rahman, Argumen Islam, p. xxi

ن علمانية العلمانيين الجدد تتسم بتلك السمات التي تحدث عنها ولعله من الصحيح أن نقول إ 57) 1نها (أابه المشهور المدينة العلمانية على هارفى كوقس حين يقول عن العلمانية عامة في كت

انظر ) التحرر من القيم.3) التحرر من السياسة و (2التحرر من العالم الخيالى (Harvey Cox, The Secular City: Secularisation and Urbanisation in Theological Perspective (New

York: Collier Book, 1965).

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

403 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

ي توسط دون أمعاتهم تصورا وبقي تصورهم لعالقتهم الثثقافية بمجت الجمهور حقيقي.

العلمانية ومبدئها الخاصة برصد ظاهرة العلمانيين غلب دراسات أن وهكذا فإ"المراهقة الفكرية". وال نستطيع لم تتجاوز طورندونيسي سياق اإلومفهومها طبقا لل

الدراسات في العالم العربي وفي ن نفسرا ألنلتمس العذر لهذا القصور نظ نأالدقة, فضال عن كون مرحلة النضج و الم اإلسالمي اآلخر قد وصلت إلىنحاء العأ

صبحت موضع االهتمام عالميا.تلك الظاهرة ألم الجدد ندونيسيين غة أن نتصور أن أطروحات العلمانيين اإلوليس من المبال

عن س من الخطإ إذا دمغناهم بالعجز حتىا ثقافيا متكامال بل ليتبلور مشروعبين طروحات العلمانية ما ألا تن تباينوا 58صالح الفكري.برامج اإل مجردصياغة

ن نكشف درج تحت كل هذا فإنا بإمكاننا أبعد التقليدية وما ين ومارالية والتقدمية الليب ينطق من رؤية مفكره نأبستمولوجي. اإلمراهقتها الفكرية وخوائها قرينة هامة على

القراءة هى و الدينية. الظواهر االجتماعية و مضببة منتزعة من قراءة خاطئة علىالذي هم في عين االعتبار السياق الخاص الذي يتسم به المجتمع التي ال تأخذ ب

من - مثل المشروع األصولي –الحضاري مهذا ينطلق مشروعه وعلىصدده. سالم ات ومسلمات وجوهر اإلنها تتناقض مع بديهيا إأوهام مثالية أقل ما يقال عنه

ذاته. على نجازات العلمانيين الجدد الذين اعتمدوا بإتقديرنا ن نبدي ومع ذلك ال بد أ

–نجزوا . لقد أندونيسيافي إ منهجا ورؤية لدراسة الفكر الديني والليبراليةالعلمانية

" تأليف أولى اإلبصار عبداهللا و كتاب اإلسالم الصحيح مسلمين ليبراليين ولعل كتاب " أن نكون 58هما مرجعين رئيسيين لليبرالية إندونيسيا نهما مع كوناطئ خير دليل على هذا. إذ أسالم الخضد اإل

خر. هذان الكتابان ات متبعثرة ال عالقة لواحد مع اآلو موضوع طروحاتما يتكونان من أأنهال إي الصحف الوطنية المختلفة. فهما منشورة فمؤلفيهما المقاالت ةعو جممفى الواقع كانا عبارة عن

عمل علمي حيث تغيب فيهما النظرية العامة وضة على أيذن ال يستوفيان الشروط الالزمة المفر إ نه ال توجد فيهما المراجع و االقتباسات. الرئيسية و المنهج المطلوب كما أ فكرةوال

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

404

ي تناول بعض الجوانب فعمال هاما -ات والمفارقاتالنظر عن االختالف بغض علماني وفق تحليل ندونيسيا في إنساق ومنظومات الفكر الديني والسمات في أ

سالمي والغربي التراث الفكري اإلدراسة بجدية هؤالء في ليبرالي. ونعترف صراحةفي النظريات المستمرة هممن خالل مناقشاتهم التحليلية فضال عن قراءات

بية. ة والغر يسالموالمنهجيات اإلدية والقراءة المستمرة ال تكفي. إن العلمانيين ما يزالون يحتاجون إلى ولكن الج

سالمية والحديثة باعتبارهما ة بالنظريات والمناهج الفكرية اإلحاطة الواعياإلفي البالد, رينالمفكممتازة من نخبة نظرية أسهمت في تشكيل رؤىمنطلقات

. ومنها فهم السياسة والدولة والقانونالمجتمع و ول ومنها الفهم الواثق لرؤيتهما حجارب مع البحثية. فضال عن الت مادواتهوأ ماوتقنياتهسالمية والغربية اإل هجامنال

صعيد البحث والدرس التطبيقي. المشتغلين بهذا الفكر علىة المعقدة في معضلة واحدة هي باألساس شكالهم العلمانيفي إوا وقد أخطأقضية ن العلمانية تتعلق فقط بية مما يؤدي إلى اعتساف القول بأإشكالية سياس

فصل الدين عن الدولة, وتركيز همومه العلمية في مجال محدود هو السياسة. ةواقعي انية الأن العلم ضمن السياق السياسي يمكن القولالنه في وهذا خطأ

دده، أي لكونها تحاول تكوين كيان سياسي بمعزل عن الواقع الذي هي في صو ينطبق ذلك بالفعل على األصولية . ألنها تقاوم إلى حد ما الثقافة المحلية

فكارا معارضة تسعى بكل الطريق إلى مية و التي تشكل حركة سياسية و أاإلسال تأسيس دولة إسالمية تستلهم مجتمع المدينة أو عهد الخلفاء الراشدين.

ة نزعالالتنميط الذي يغلب عليه عداء العلمانية على أنها نوع منولذلك اتهم أمستمرين مع المجتمع و نها و أنها في حالة تعارض و تناقضع ةجتماعياال

بعاد فالعلمانية حسب هذا التنميط هي أيديولوجيا إقصائية تأخذ شكل اإل اآلخر.أو العقيدة يمتد إلى العالقات قصاء بسبب المذهب . فاإلمعاجتماعي مذهبي و االالأيضا حيث أن مفهوم "فصل الدين عن الدولة" أصبح "فصل الدين عن جتماعية اال

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

405 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

المجتمع". و لعل هذا هو سبب ما نجده فى المجتمع اإلندونيسي أن العلمانيين يمثلون األقلية و بالتالي التأكيد على الشعور باغتراب هذا الخطاب. و ال يقف

لعلمانية أنها باإلضافة وجد الكثير من ناقدي اقد هنحيث إاألمر إلى هذا الحد، يديولوجي لهزم اآلخرين و العالم. ء و تهديدا للدين تمثل السالح األإلى كونها عدا

و لذلك تحولت العلمانية في أيدي العلمانيين إلى األصولية حيث يهيمن فيها األعداء و المخالفين ر التهديد أو المؤامرة و أصبحت هي األخرى أداة لقمععنص لها.

ساءة بدو أنه من الصحيح فعال أن نقول إن العلمانية في حالة إمن هنا ي. وقد األمر الذي حصل فعال في إندونيسيا على مستوى الخطاب ,خدامهاتاس

غاتية و مذهبية متحجرة واصلة بالضرورة إلى نتيجة هي أصبحت هى األخرى دو غتراب.ـ التجزئة و التشظى االجتماعي و اال مثل األصولية -

ه توريثا غربيا منعزال عن كثير قد رفض الخطاب العلماني بوصفإن الفوهكذا دلة كثيرة على أن العلمانيين يتفاعلون و ظروفه الخاصة. و هنالك أ المحليالواقع

عتبار الخصوصيات افية من غيراألخذ إلى االجتماعية و الثقاالنيات ديناميا مع البمجال السياسي هو المختبر الرئيسي التي تتسم بها هذه البيئة. و يمكن اعتبار ال

لمعرفة تفاعل العلمانية مع المجتمع على شكل ال يندمج فيه خصوصيات هذا و تنوع عباراتهم فصل الدين ي يريده العلمانيون هو على اختالفالمجتمع. فالذ

لدينية و إنما فيه الدين ليس فقط في الحياة ايبتعد عن الدولة على الشكل الذي جتماعية.ياة االأيضا في الح

خاتمةعالقة الدين بالمجتمع حيث في مناقشات حول ندونسيون قام الباحثون اإل

بمنهج المعاملة. فلقد كتب الكثير منهم لتعلأن اإلشكاليات من خاللها اتضح رها ولكن القليل فقط عن الفكر الديني في المجتمع والسياسة والثقافة والحضارة وغي

عنيب ما كتب هؤالء يضرب في اتجاهين أغلئنان. وأيمكن النظر إليه باطم

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

406

يصبان في النهاية األدلجة يمثلها األصوليون واألندنسة يمثلها العلمانيون. االثنان التبريري الدفاعي الالموضوعي. في معين واحد وهو تلك الكتابات ذات الطابع

خ البشرية. شهده تاريسالمي مستودعا لفكر سياسي لم ياألول يرى في العالم اإلحاول تضبيب الوعي في ي في العالم الغربي الحل المثالي النهائي و رىي والثاني

أو انتقائي التراث نظرة تقديس ول نصي غيبي مقلد ينظر إلىالعالم اإلسالمي. فاألسطحية في الدين نظرة عنصري طائفي إقليمي يرى سفسطي متعصب. والثاني

بالمناهج المناهج السلفية القديمة والثانير بثمجردة و تنظيرية محضة. األول متأفي تنظير الفكر اإلسالمي مع -الهرمينيوتيككالبنيوية والسوسيولوجية و –الجديدة ن هذه المناهج ذات طبيعة تفكيكية تجزيئية عاجزة عن التنظير الشمولي. العلم بأأمام -تثناءسمع بعض اال –ما االتجاهات العلمية الجادة فقد خفت صوتها أ

هو العاصم الوحيد و ن المنهج الصحيح ضجيج تقديس الماضي أو تقديس الغير. وأالمنهج نعود إلىن ونحن في حاجة إلى أ قد زال من الساحة والزللمن الشطط

هو ألنه حداث والواقع و ستقراء المفاهيم من ركام األساسا البصفته أالصحيح 59زيفها. وهيم أافكار والمفالفيصل في تحديد صحة األ

صولي والعلماني في التي اتسم بها كل من الخطاب األبعيدا عن المفارقات و صالح لبلد عاش فيه سياسي يعتها نظام بالعلمانية بط نا نرى أفإنندونيسيا, إ

ا صالحة ألن تكون إنهمثل إندونيسيا. ثقافيا فيات مختلفة دينيا و لالمواطنون من خ نهأ , تبدأ من المبدإن األندنسة تبدأ من العلمانيةأي أ. عملية األندنسة مدخال إلى

.وجد في اإلسالم ما يسمى بالدولة أو الخالفة اإلسالميةيال

صدد هذا الموضوع كتابا سماه محمد دوام راهارجو الذي كتب ب ةالقليل اتاالستثناء من هذه 59

يضا شافعي معارف المذكور آنفا. ونحن أحمد و المثقف وسلوك الشعب السياسي, وأيضا أالمفكر ضوع ن خاضا في الجدال الفكري حول هذا المو يد اللذينثني على نورخالص مجيد و عبدالرحمن وح

سلوب الهادئ. عقل السليم والبرهان الصحيح و األبال

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

407 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

اإلنتاجية عرفية و هذا طالما أن العلمانية توضع في إطارها الصحيح كالرؤية المالمستغلة لمصلحة طائفة دون أخرى أو ايديولوجيو ليست األ لإلنسانو اإلبداعية

على هذا فإننا ال بد مثال أن نفرق بين العلمانية التي و . أفراد معينين دون آخرينهي حضارة إنسانية و بين نظامها الرأسمالي األمبريالي الذي حاول باستخدام

اإلبداعي سيطرة العالم والعلم و ويخلي األخير من مضمونه المعرفي و العلمانية التوسيعية.ستغاللية و في توظيفه لخدمة أهدافه و مصالحه اال

تحرير العلم وتأكيد حقيقته كقيمة ول هو مشروع األندنسة األصبح هذا أبو تكون نفالعلمانية ال يجوز أ بداعية.العلم قوة تحريرية تنويرية إ يكون حتى إنسانية

دون آخر. إنها جائزة من نها ليست ملكا لقوم حكرا على طائفة دون أخرى. إ وىسع لكل ق . هى طريق لإلنسانية يت اإلنسانية إلى اإلنسانية و ألجل اإلنسانية

الخير و العدل و الديموقراطية و اإلستنارة و التقدم و اإلبداع.على التكيف على سبيل يجعلها قادرة تهيئ العلمانية والمشروع الثاني هو

أساس ذا كانت العلمانية تعني إف ندونيسية.إلاتصال والتأثير مع الثقافة واالتقبل التعدد و التمايز و التغاير و الحرية و لها حيث تحترم االديموقراطية و مرتكز

التطور و التجدد و النقد و التجاوز، و إنها ال تحتكر الحقيقة على حساب دين ما . ن العلمانية لها كفاءة على هذا التكيففإ أو معتقد ما

نية ظاهرة واقعية موضوعية وليست مجرد ظاهرة فوق أرضية زمانية العلمان إولكن المؤسف حقا أن العلمانيين في هذا البلد ندونيسي.اإل لمجتمعلغير صالحة

في يهملونراء متعالية آو ركزون كثيرا على جوانب نظرية بحتةما زالوا إلى اليوم ين األحيان يتسمون باالزدواجية ن العلمانيين في كثير مو بل إ. ذلك حقائق الواقع

دانتهم على العنف و هم ا لواقع، فهم مثال يعلنون رفضهم و الثنائية في تعاملهم مع اعدائهم. و هم مثل األصوليين الوقت يالزمون العنف الفكري ضد أ في نفس

يلجأون إلى تأويل و فهم خاص للعقيدة الدينية و يجعلونه يمثل أصول الدين رغم التحوير و التخمين الذي يضاف إليه. تعديل والكل

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

408

تنطلق ذا لم إتصلح نها ال المحتوى األهم للعلمانية إذ أهو االجتماعي الواقع ن تتطبق الواسعة ال بد أشكاليتها المحددة ورؤيتها بإ. العلمانية المعاشه من صميم

كد أن نتأذن إطر واقعية. علينا المحلية حتى تتسق حلولها مع أ التجربةطار في إ -يما يبدو واضحاف –ال تغصب الهويات والخصوصيات المحلية، األمر الذي ها أن

مبريالية و الرأسمالية العالمية في عصرنا الراهن، لتنميط العالم تسعى لتحقيقه األسياسيا و اقتصاديا و ثقافيا وفقا لمصالحها. و علينا أن نتنبه أيضا أن العلمانية

في إلى إندونيسيا - تحديث غربي خرىي بعبارة أهي غربية تاريخيا أو -تنتقل حتى ال ندونيسية إال بد أن تكون هناك مالحظات ثقافية "نمطها اإلندونيسي". أي

سطحية هشة و أن تكون هناك أيضا يتحقق من هذا التحديث تغييرات قشرية لمانية خاصة. فتطبيق العالبنيوية الستراتيجية تطبيقية مالئمة مع طبيعة إندونيسيا أهذا التطبيق مع خاص حتى ال يتناقضالمجتمعي الواقع تي مع االهتمام باليأ

التمايزات و ة امراع إلىالخاصة الداعية منهجية الو مع أخصوصية هذا الواقع .ختالفات و الخصوصياتاال

ما أو قانون ما و بل دين ما بدإ وقد تعين على الصعيد التطبيقي أن فرض ممما و الهشاشة أ صياته يؤدي إلى الضوضاءر مراعاة خصو على المجتمع من غي

أيضا يفجر اإلحساس نه كما أ من األحيان فشل ذلك التطبيق كثيريشكل في من غير مراعاة ما الحق أن فرض العلمانية في مجتمع و فقدان الهوية.غتراب و باال

جوء تمايزاته هو في حد ذاته مصدر من مصادر الرفض الالعقالني عليها و اللالمتزمتة االجتماعية م النزعات تفاق كما أنه يؤدي إلى ة.المضاد و المفاهيم أإلى قيم

.المسلحالصراع حد إلىتبلغ قد التي و واذا تعاملنا معها نا في تطبيقهاأخطأ ذاإف للعن امصدر تكونقد إن العلمانية

داة أنية العلماصبحت أو إذا أ خير والوحيد لقضايا العصراأل الحل كأنها هيداة إجرائية معملية وضعية تجزيئية و أو مجرد أ إلنسانيةلو تقليص ألهوية افقدان ل

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

409 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

سلوك و منهج يحمل المالمح الجوهرية من ليست رؤية معرفية و تطبيقية تتكون إلنسانية اإلنسان.

سالم بصفته دين اإلمع العلمانية تتعايش أن ال بد هم من كل ذلك واألوعلى هذا أريد أن أقول فى النهاية أن يجابي. إ بشكلمعه تفاعلتو األغلبية

على حد قول يودي لطيف "ال –ن البلد العلمانية والدين البد أن تتعامال معا إذ إألن الدين في هذا البلد ال يتسم باألحدية كامال أو دينياكامال ن علمانياتك

Monolitik)( 60." []

المراجعصوليين و العلمانيين. الكويت: سالم السياسي بين األإسماعيل, محمود. اإل

. 1993، مؤسسة الشراع العربين األصولية والعلمانية ". في األصوليات . "الفكر العربي بيمينالعالم, محمود أ

لعالم. القاهرة: قضايا امين أ شراف محمداإلسالمية في عصرنا الراهن. إ .1993، فكرية للنشر والتوزيع

"مفهوم األصولية: التاريخ والمعنى". في األصوليات براهيم.إ يدرحعلى, لعالم. القاهرة: قضايا امين أ شراف محمداإلسالمية في عصرنا الراهن. إ

. 1993، فكرية للنشر والتوزيعلطيفي, مصطفى. "نهاية الدولة الدينية في اإلسالم". في األصوليات اإلسالمية

مين العالم. القاهرة: قضايا فكرية للنشر أ حمدشراف مفي عصرنا الراهن. إ .1993، والتوزيع

بي المعاصر. القاهرة: المجلس األعلى. تيارات الفكر العر , مصطفىالغنيعبد . 2001، للثقافة

انظر60

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

410

Abdallah, Ulil Abshar. Menjadi Muslim Liberal. Jakarta: Nalar, 2005. Assyaukanie, Luthfi. Islam Benar versus Islam Salah. Depok: Kata Kita,

2007. al-Attas, Syed Muhammad Naquib. Islam, Secularism and the Philosophy of

the Future. London: Mansell Publishing House, 1985.

Azra, Azyumardi. Pergolakan Politik Islam: Dari Fundamentalisme, Modernisme Hingga Post-Modernisme. Jakarta: Paramadina, 1996.

Bakry, Oemar. Islam Menentang Sekularisme. Jakarta: Mutiara, 1984.

Bush, Robin. Nahdlatul Ulama and the Struggle for Power within Islam and Politics in Indonesia. Singapore: Institute of Southeast Asian Studies, 2009.

Cox, Harvey. The Secular City: Secularisation and Urbanisation in Theological Perspective. New York: Collier Book, 1965.

Esposito, John L. Ancaman Islam: Mitos atau Realitas. Bandung: Mizan, 1994.

Fealy, Greg. Jejak Kafilah Pengaruh Radikalisme Timur Tengah di Indonesia. Bandung: Mizan, 2007.

Fealy, Greg and Greg Barton (eds). Nahdlatul Ulama, Traditional Islam and Modernity in Indonesia. Australia: Monash Asia Institute, 1997

Hasyim, Syafiq (ed.). Pluralisme, Sekularisme dan Liberalisme: Persepsi Kaum Santri Jawa Barat. Jakarta: ICIP, 2008.

Juergensmeyer, Mark. Teror Atas Nama Tuhan: Kebangkitan Global Kekerasan Agama. Jakarta: Nizam Press, 2000.

Karim, Rusli. Negara dan Peminggiran Islam Politik. Yogyakarta: Tiara Wacana, 1999.

Kuntowijoyo. Muslim Tanpa Masjid: Esai-esai Agama, Budaya dan Politik dalam Bingkai Strukturalisme Transendental. Bandung: Mizan, 2001.

Kurzman, Charles (ed.). Liberal Islam, a Sourcebook. New York: Oxford University Press, 1998.

Lapidus, Ira M. “The Separation of State and Religion in the Development of Early Islamic Society.” International Journal of Middle East Studies 6 (4) October 1975.

اخلطاب الديين بني األدجلة واألندنسة

411 JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

Latif, Yudi. Dialektika Islam: Tafsir Sosiologis atas Sekularisasi dan Islamisasi di Indonesia. Yogyakarta: Jalasutra, 2007.

Lubis, Ridwan. Pemikiran Soekarno tentang Islam. Jakarta: CV Haji Masagung, 1992.

Maarif, A Syafii. Islam dan Pancasila Sebagai Dasar Negara: Studi Tentang Perdebatan dalam Konstituante. Jakarta: LP3ES, 1996.

Madjid, Nurcholis. Islam, Kemoderenan dan Keindonesiaan. Bandung: Mizan, 2008.

Martin, David. A General Theory of Secularisation. Bristol: Western Printing Services, 1978.

Mujani, Saiful et al. Benturan Peradaban: Sikap dan Perilaku Islamis Indonesia terhadap Amerika Serikat. Jakarta: Nalar, 2005.

Munawwar-Rachman, Budy. Argumen Islam untuk Sekularisme. Jakarta: PT Grasindo, 2010.

----------. Argumen Islam untuk Liberalisme. Jakarta: PT Grasindo, 2010.

----------. Argumen Islam untuk Pluralisme. Jakarta: PT Grasindo, 2010.

al-Naim, Abdullah-i Ahmad. Syariat, Negara dan Sekularisme. Jakarta: CSRC UIN Jakarta, 2007.

Nashir, Haedar. Gerakan Islam Syariat: Reproduksi Salafiyah Ideologis di Indonesia. Jakarta: PSAP, 2007.

Raharjo, M Dawam. Intelektual, Intelegensia dan Perilaku Politik Bangsa. Bandung: Mizan, 1993.

----------. “Kata Pengantar”. Dalam Argumen Islam untuk Sekularisme. Jakarta: Grasindo, 2010.

Rais, Amin. Cakrawala Islam antara Cita dan Fakta. Jakarta: Mizan, 1997. Shihab, Habib Rizieq. “Jika Syariat Islam Jalan maka Jadi Negara

Islam”. Tashwirul Afkar, 12, 2002.

Sofyan, Ahmad A. Gagasan Cak Nur tentang Negara dan Islam. Yogyakarta: Titian Ilahi Press, 2003.

Suhelmi, Ahmad. Polemik Negara Islam: Soekarno Versus Natsir. Jakarta: Teraju, 2002.

Thaha, Idris. Demokrasi Religius. Jakarta: Teraju, 2005. Wahid, Abdurrahman. Mengurai Hubungan Agama dan Negara. Jakarta:

Grasindo, 1999.

ريادي عبدالقادر

JOURNAL OF INDONESIAN ISLAM Volume 04, Number 02, December 2010

412

----------. “Ulil Dengan Liberalismenya.” Prolog Menjadi Muslim Liberal. Jakarta: Nalar, 2002.

Zarkasy, Hamid Fahmi. Sekularisme Nur Kholis Madjid. Suara Hidayatullah, 19 Desember 2006.