Al-Mukhatarah al-Akhlaqiyyah fi al-Istithmar fi al-Musyarakah Allati Tajriha al-Masarif...

20
Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276 Journal of Fiqh, No. 7 (2010) 257-276 ركة التيشا ا رستث ا قيةخطرة اخا اميةسرف اصا اار * اد زة عبد الكريم ABSTRACT One of the most remarkable principles that Islamic banks were established for is seeking to develop communities economically. The practical implementation of this aim is represented in activating investment forms that will actualize this. One of these forms is “Musharakah”, nevertheless, the actual reality of many Islamic banks shows the weakness of investment in this form. One of the most important reasons that made Islamic banks not to implement this form is ethical values risks, such as investor’s trustworthiness and his morals. Therefore, this study aims at demonstrating this risk both in fiqh and banking and attempts to show fiqh and banking solutions for it . The study uses a descriptive reasoning approach and managed to construct a clear banking approach to minimize this risk. As for fiqh solutions for this phenomenon, it centers about to what extent there is a possibility of imposing responsibility as a condition on partner . The study concludes that this condition is not permissible and it recommends making more researches about obstacles that get in the way of activating investing forms and also trying to put real, factual solutions for them. Keywords: Ethical values risk, Musyarakah (equity participation), Investment, Islamic banks يامية، جامعة مست اسامية الدرائر، أكادي الزاحا ا كب*

Transcript of Al-Mukhatarah al-Akhlaqiyyah fi al-Istithmar fi al-Musyarakah Allati Tajriha al-Masarif...

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276 Journal of Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التيجترهيا املصارف اإلسالمية

محزة عبد الكريم محاد *

AbstrAct

One of the most remarkable principles that Islamic banks were established for is seeking to develop communities economically. The practical implementation of this aim is represented in activating investment forms that will actualize this. One of these forms is “Musharakah”, nevertheless, the actual reality of many Islamic banks shows the weakness of investment in this form. One of the most important reasons that made Islamic banks not to implement this form is ethical values risks, such as investor’s trustworthiness and his morals. Therefore, this study aims at demonstrating this risk both in fiqh and banking and attempts to show fiqh and banking solutions for it . The study uses a descriptive reasoning approach and managed to construct a clear banking approach to minimize this risk. As for fiqh solutions for this phenomenon, it centers about to what extent there is a possibility of imposing responsibility as a condition on partner . The study concludes that this condition is not permissible and it recommends making more researches about obstacles that get in the way of activating investing forms and also trying to put real, factual solutions for them.

Keywords: Ethical values risk, Musyarakah (equity participation), Investment, Islamic banks

* كبري املحارض الزائر، أكاديمية الدراسات اإلسالمية، جامعة ماليا

258

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

املقدمة

آله األمني، وعىل النبي والسالم عىل رسوله والصالة العاملني، احلمد هلل رب وصحبه الطيبني الطاهرين، وبعد،

يف السعي لتحقيقها اإلسالمية املصارف قامت التي املبادئ أبرز من إن تنمية املجتمعات اقتصاديًا، والتطبيق العميل هلذا اهلدف يتمثل يف تفعيل الصيغ االستثامرية التي من شأهنا حتقيق ذلك، بيد أن الواقع العميل لكثري من املصارف ومن املرابحة، دائرة يف تقع املصارف استثامرات أغلب أن يظهر اإلسالمية الصيغ يف املخاطر نسبة ارتفاع األمر؛ هذا إىل باملصارف أدت التي األسباب هذه مشكلة تتمركز لذا األخالقية؛ املخاطر سّيام ال األخرى االستثامرية الدراسة يف حماولة طرح حلول مرصفية فقهية للمخاطرة األخالقية يف االستثامر التحلييل، وقد حاولت املنهج الوصفي الدراسة اتبعت هذه يف املشاركة، وقد هذه الدراسة اإلجابة عىل مجلة من األسئلة؛ هي: ما طبيعة املخاطرة األخالقية يف املنظور الفقهي واالقتصادي؟ وما اآلثار املرتتبة عىل ارتفاع املخاطر يف واقع هبا القيام يمكن التي املرصفية السبل وما اإلسالمية؟ املصارف يف االستثامر هذه من للتخفيف الفقهية الطروحات هي وما املخاطرة؟ هذه من للتقليل

املخاطرة؟األخالقية، املخاطر ماهية هي: نقاط ثالثة إىل الدراسة هذه قسمت وقد واملعاجلة املرصفية للمخاطر األخالقية، واملعاجلة الفقهية للمخاطر األخالقية.

ماهية املخاطر األخالقية

أحدمها: ملعنيني, أصالن احلروف وهذه ر، ط خ من مشتقة اللغة يف املخاطر املعاين خالل من ذلك ويظهر احلركة)1(، اضطراب والثاين: واملكانة، الَقْدُر رجل يقال: واملنزلة، والرشف واملكانة القدر ارتفاع فيها، استعملت التي

حتقيق اللغة، مقاييس معجم )1399هـ-1979م(. أمحد احلسني، أبو فارس، ابن 1

وضبط: عبد السالم هارون، بريوت: دار الفكر، ط: بدون، ج2، ص199.

259

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

عليه وسلم اهلل قوله صىل ومنه رفيع)2(، أي: وأمر خطري, قدر، له أي: خطري, هلا)4(. ِمثل ال أي: هلا«)3( خطَر ال اجلنة فإن للجنة؟ مشمٌر »أال احلديث: يف ومن املعاين اللغوية: اإلرشاف عىل اهلالك، يقال: خاطر بنفسه، وخاطر بقومه كذلك إذا أشفاها وأشفى هبا وهبم عىل خطر, أي: عىل شفا ُهلٍك أو نيل ُملٍك)5(، وقد جاء يف احلديث »... إال رجل خرج خياطر بنفسه وماله«)6( أي: يلقيها يف اخلسارة، أو الربح احتاملية لوجود خطرًا؛ الرهان ويسمى باجلهاد)7(. اهللكة أي: تراهنوا، وخاطرهم أي: األمر, تراهنا، وختاطروا عىل أي: يقال: ختاطرا؛

راهنهم)8(.

2 ابن منظور اإلفريقي، أبو الفضل، مجال الدين، حممد بن مكرم، لسان العرب، نسقه وعلق

عليه ووضع فهارسه: مكتب حتقيق الرتاث، )بريوت: دار إحياء الرتاث العريب، ومؤسسة التاريخ العريب، ط3، 1413هـ-1993م(، ج4، ص137. الفريوز آبادي، جمد الدين، الرسالة، الرتاث يف مؤسسة املحيط، حتقيق: مكتب حتقيق القاموس يعقوب، بن حممد 1419هـ-1998م(، ط6، الرسالة، مؤسسة )بريوت: العرقسويس، حممد بإرشاف:

ص386.رواه ابن ماجة يف: ابن ماجة القزويني، أبو عبد اهلل، حممد بن يزيد )1418هـ-1998م(، 3

بريوت: معروف، عواد بشار د. عليه: ق وعلَّ أحاديثه ج وخرَّ حققه ماجة، ابن سنن ج5، ،4332 رقم: حديث اجلنة، صفة )39( باب الزهد، )37( كتاب ، اجليل، دار

ص694، وقال عنه د. بشار معروف: إسناده ضعيف.4 ابن األثري اجلزري، جمد الدين، أبو السعادات، املبارك بن حممد )1422هـ-2001م(،

ص ج1، املعرفة، دار بريوت: شيحا، خليل حتقيق: واألثر، احلديث غريب يف النهاية .504

ج4، العرب، لسان منظور، ابن .201 ص ج11، العروس، تاج انظر:الزبيدي، 5

ص138.البخاري، صحيح )1421هـ-2001م(، إسامعيل بن حممد اهلل، عبد أبو البخاري، 6

ضبط النص: حممود نصار، )بريوت: دار الكتب العلمية، ، كتاب )13( العيدين، باب )11(: فضل العمل يف أيام الترشيق، حديث رقم 969، ص182.

العسقالين ابن حجر النهاية يف غريب احلديث، ج1، ص504، وقد رشح األثري، ابن 7

العسقالين، أمحد ابن حجر نفسه. قتل إىل أدى ذلك العدو ولو قهر بـ: قصد »خياطر« البخاري، قرأ أصله تصحيحًا وحتقيقًا: الشيخ عبد الباري برشح صحيح فتح بن عيل، حمب بإخراجه: قام الباقي، عبد فؤاد حممد وأحاديثه: وأبوابه كتبه رقم باز, بن العزيز

الدين اخلطيب، )بريوت: دار املعرفة، ط: بدون، 1379هـ(، ج2، ص460.ج11، العروس، تاج الزبيدي، ص137. ج4، العرب، لسان منظور، ابن انظر: 8

ص197.

260

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

الفقهاء استخدام فإن االقتصادي؛ الفقهي االستخدام يف املخاطر أما ووجد آنفًا، الباحث ذكرها التي اللغوية املعاين يكاد ال خيرج عن للمخاطرة الباحث أن الفقهاء استخدموا مفهوم املخاطرة عىل عدة معاين، منها: املراهنة، الترصف ومنها فيه، تدبري لإلنسان يكون أن دون احلظ عىل يعتمد ما وكل الذي قد يؤدي إىل الرضر، ويقال: خاطر بنفسه، أي: فعل ما يكون اخلوف فيه أغلب)9(، ومنها كذلك املجازفة وركوب األخطار)10( إضافة إىل احتاملية اخلسارة خماطرتان، »املخاطرة اهلل-: القيم-رمحه ابن اإلمام عنها وقال والضياع)11(. خماطرة التجارة، وهو أن يشرتي السلعة بقصد أن يبيعها ويربح ويتوكل عىل اهلل يف ذلك، واخلطر الثاين: امليرس الذي يتضمن أكل املال بالباطل...«)12(. ويرى ابن ما عرب عنه اإلمام احتامل وقوع اخلسارة، وهو املخاطرة هي: أن الباحث ال االستثامرية واملشاريع التجارة يف الدخول لكون التجارة، بمخاطرة القيم يعتمد النجاح فيها عىل احلظ، بل يكون لإلنسان فيها رأي وتدبري. أما يف املجال االقتصادي فاملخاطرة هي: حالة عدم التأكد من حتمية احلصول عىل العائد أو

من حجمه أو من زمنه أو من انتظامه أو من مجيع هذه األمور جمتمعة)13(.مما سبق يقف الباحث عىل عدة أمور؛ منها: استخدام املخاطرة يف املفهوم للداللة وكذلك واملراهنة، الرهان عىل للداللة الفقهي واالصطالح اللغوي املفهوم مع للمخاطرة اللغوي املفهوم ويلتقي الرضر، وقوع احتاملية عىل أن الباحث بنّي أن سبق فقد التأكد، وعدم االضطراب قضية يف االقتصادي املفهوم يف األمر هذا ونجد واالهتزاز، احلركة اضطراب املخاطرة معاين من

دار بريوت: الفقهية، التعريفات )1997م(، اإلحسان عميم حممد انظر:الربكتي، 9

عىل البجريمي حاشية )د.ت(، حممد بن سليامن البجريمي، ص88. العلمية، الكتب اخلطيب املسامة حتفة احلبيب عىل رشح اخلطيب، ط: األخرية، 4م، القاهرة: مكتبة ومطبعة

مصطفى البايب احللبي، ط: األخرية، ج4، ص402.10 انظر: الكاساين، بدائع الصنائع، ج7،534، وج8، ص32.

)( انظر: الشافعي، حممد بن إدريس )1393هـ = 1973م(، األم، بريوت: دار املعرفة، 11

ط2، ج3، ص186، وج4، ص237.ابن القيم، شمس الدين، أبو عبد اهلل، حممد بن أيب بكر )د.ت(، زاد املعاد يف هدي خري 12

العباد، ط: بدون، 2م، حتقيق: عامد البارودي، القاهرة: املكتبة التوفيقية، ط: بدون، ج5، ص789.

يف املالية اإلدارة أساسيات )1997م(، إبراهيم وحممد شفيق حممد وعبيدات، طنيب 13

القطاع اخلاص، ط1، عامن: دار املستقبل، ط1، ص112.

261

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

وغري مضطربًا أمرًا التجارية العملية من العائد حصول كون يف االقتصادي ثابت فقد يتأتى العائد وقد ال يتأتى.

املعاجلة املرصفية للمخاطر األخالقية

أساسه منطقيًا تالزمًا يقيم عمومًا اإلسالمي االستثامر يف املخاطرة مبدأ إن واملغارم، املغانم وبني وااللتزامات احلقوق وبني واجلزاء العمل بني العدل فاستحقاق الربح يف أي عملية استثامرية إنام منشؤه العمل املخاطر الذي حيقق نامء ذا قيمة اقتصادية، والعمل املخاطر كذلك يتميز باستعداد املستثمر لتحمل نتائج االستثامر ربحًا أو خسارة ولوال هذا االستعداد لتحمل عبء املخاطرة ملا املخاطرة لتحمل فاالستعداد الربح، نشأ ملا وبالتايل االستثامر من األصل قام

رشط رضوري للسالمة الرشعية كي يطيب الربح يف أي عملية استثامرية.)14(بإقامة العدل وذلك مبدأ عام وهو إىل املخاطرة يف االستثامر مبدأ ويستند التوازن بني أطراف التعاقد عىل ضوء القواعد الفقهية التي جتعل اخلراج ملتحمل الضامن وجتعل الغرم عىل مستحق الغرم، ويقوم مبدأ املخاطرة عىل درء مناقضة العدل يف املعامالت املالية بدليل أن سلبها يعد مظهرًا من مظاهر الظلم ويعد إخالاًل مليزان العدل فال جيتمع مغنامن لطرف )ضامن سالمة رأس املال، وضامن العائد(، بينام يستحق الطرف اآلخر مغرمني )خرسان اجلهد، وجربان رأس املال للطرف األول(، لذلك يمكن القول بأن احلكمة الترشيعية ملبدأ املخاطرة هي حتقيق املصلحة أو باستنادها إىل روح الرشيعة ومقاصدها فقد نص الشارع عىل

أن اخلراج بالضامن.)15(املستثمر واملرصف العالقة بني أما املخاطرة األخالقية يف املشاركة فطبيعة اإلسالمي املتمثلة يف املشاركة يف الربح واخلسارة وبالتايل املشاركة يف املخاطرة كانت أحد األسباب املهمة يف كون املستثمر من أهم مصادر املخاطر للمصارف العميل املقارنة بني الباحث أن هذا األمر يتضح من خالل اإلسالمية، ويرى التقليدي، من باب وبضدها تتميز األشياء، يف املرصف اإلسالمي، واملرصف

– دراسة االقتصاد اإلسالمي املخاطرة يف نظرية اهلل، )2006م(، عويضة، عدنان عبد 14

تأصيلية تطبيقية، )رسالة دكتوراه، جامعة الريموك، إربد، األردن، 2006م(، ص32-.33

15 املصدر السابق، ص 66.

262

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

فاملرصف التقليدي يستند يف أغلب استثامراته عىل مبدأ اإلقراض والفائدة، يف حني نجد أن الصورة خمتلفة يف املرصف اإلسالمي، فاالستثامر لديه يقوم عىل

مشاركة العميل املستثمر يف إجراءات املرشوع كافة.)16(ويمكن تقسيم هذه املخاطر إىل عدة أقسام رئيسة، هي:

املواصفات األخالقية يف توفر تنشأ بسبب عدم أن التي يمكن املخاطر أ. العميل املستثمر، فطبيعة العالقة بني املرصف اإلسالمي واملستثمر تتطلب االلتزام الصدق، األمانة، مثل: املستثمر يف األخالقية الصفات من قدرًا االستثامر، نجاح ركائز من أساسية ركيزة الصفات هذه ومتثل باملواعيد، حيث إن فقداهنا أو فقدان بعضها يرفع نسبة املخاطر يف استثامرات املصارف يف والتالعب كالتزوير، وااللتزامات، احلقوق عىل يؤثره ملا اإلسالمية

اإليرادات، واملامطلة يف السداد)17(.العمالء نوعية اختيار هو املخاطر هذه يف التحكم آلية أن الباحث ويرى التي سيقدم املرصف اإلسالمي عىل دخول املشاركة معهم وذلك عن طريق عن ذلك معرفة ويمكن العميل، عند األخالقي االلتزام درجة دراسة طريق قيام املرصف اإلسالمي ببناء قاعدة معلومات عن املستثمرين بحيث توضح كل ما يتعلق هبم، مما له عالقة بالبعد االستثامري، ومن خالل متابعة

مرشوعه االستثامري واالنخراط فيه.ب. املخاطر التي يمكن أن تنشأ بسبب عدم توافر الكفاءة اإلدارية والفنية واخلربة العملية لدى املستثمر. من األمهية بمكان توفر اإلمكانات اإلدارية املرصفية املؤسسات استثامرات تواجه التي املخاطر املنعم، عبد حممد زيد، أبو انظر: 16

والتنمية، املرصفية اإلسالمية يف االستثامر املؤسسات اإلسالمية، بحث يف كتاب: دور السالم، عبد إسامعيل العاموي، ص627. ج2، 2003م، الشارقة، الشارقة، جامعة اإلسالمي البنك تطبيقية آلثارها عىل اإلسالمية-دراسة للمصارف اخلارجية املعوقات األردين، رسالة ماجستري، غري منشورة، جامعة الريموك، إربد، األردن، 2003م، ص63

وما بعدها.ج2، اإلسالمية، املرصفية املؤسسات استثامرات تواجه التي املخاطر زيد، أبو انظر: 17

ص628-629. عطية، مجال الدين، الصعوبات التي تواجه البنوك اإلسالمية منذ قيامها إىل اآلن، بحث يف: جملة املسلم املعارص، عدد 27، 1981م، ص94-95. صديقي، حممد نجاة اهلل، مشكالت البنوك اإلسالمية يف الوقت احلارض، ضمن ندوة قضايا معارصة يف اإلسالمي واملعهد للتنمية، اإلسالمي البنك الرشكات، يف واملسامهة والبنوك النقود

للبحوث والتدريب وجممع الفقه اإلسالمي بجدة، 1993م، ص277-276.

263

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

والفنية واخلربة العملية لدى املستثمر يف جمال مرشوعه أو نشاطه االستثامري؛ وعدم االستثامري املرشوع إنجاح يف مهم سبب املسائل هذه توافر ألن توفرها يؤثر عىل كفاءة املرشوع ويزيد من احتاملية وقوع خسارته، ويرتتب

عىل ذلك ارتفاع نسبة املخاطرة يف هذا املرشوع)18(.للعميل املايل املركز سالمة عدم بسبب تنشأ أن يمكن التي املخاطر ج. املستثمر، تتمثل هذه املخاطر يف احتامالت عدم قدرة العميل املستثمر عىل املمنوح التمويل قيمة واملتمثلة يف املالية مستقباًل، الوفاء بحقوق املرصف وحصة املرصف من األرباح املحققة، وتنشأ هذه املخاطر يف حالة إذا كانت التزامات العميل املالية أكرب من إمكاناته أو موارده الفعلية؛ أي عندما يكون املايل املركز بسالمة هنا املقصود هو وهذا مدينًا، الكيل املايل مركزه صايف

للعميل املستثمر.إن السبب الرئيس يف نشأة هذه النوعية من املخاطر هو طبيعة العالقة بني املرصف اإلسالمي والعميل املستثمر املتمثلة يف مبدأ املشاركة يف املخاطرة، عىل العميل قدرة عدم الحتامل معرضًا املرصف جعل ذلك عىل ويرتتب الوفاء بالتزاماته املالية جتاه املرصف يف حالة فشل املرشوع االستثامري، ويف عىل قائمة والعمالء التقليدية املصارف بني العالقة أن نجد املقابلة اجلهة أساس القرض فاملرصف التقليدي ُمقِرض والعميل مقرتض، فالعالقة بني العميل واملرصف عالقة قرض، فالعميل ملزم برد القرض وفوائده يف آجال حمددة بغض النظر عن نتائج املرشوع من ربح أو خسارة.)19( ويرى الباحث لطالب املالية السالمة توفر من بالتأكد اإلسالمي املرصف قيام رضورة التمويل كأسلوب من أساليب تقليل نسبة املخاطر يف استثامرات املصارف

املخاطر التي تواجه استثامرات املؤسسات املرصفية اإلسالمية, ج2، ص628. أبو زيد، 18

نحو تطوير نظام املضاربة يف املصارف اإلسالمية، )القاهرة: أبو زيد، حممد عبد املنعم، املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ط1، 2000م(، ص215.

ج2، اإلسالمية، املرصفية املؤسسات استثامرات تواجه التي املخاطر زيد، أبو انظر: 19

اهلل، عبد ص13-12. اإلسالمية، للمصارف اخلارجية املعوقات العاموي، ص628. حممد نور عيل، حتليل خماطر االستثامر يف املصارف اإلسالمية بني النظرية والتطبيق، )مكة املكرمة: رابطة العامل اإلسالمي، سلسلة دعوة احلق، عدد 195، 1423هـ(، ص30-وتصورات اإلسالمية البنوك تواجه التي الصعوبات حسن، إسامعيل 31. حممد، لكيفية مواجهتها، بحث يف: جملة جممع الفقه اإلسالمي - جدة، عدد 8، 1994، ج3،

ص707.

264

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

البيانات عن منها: مجيع إجراءات عدة، ويتم ذلك من خالل اإلسالمية، العميل املستثمر كنسخة من عقد الرشكة، وصورة عن السجل التجاري،

وصور عن عقود األمالك العقارية، وأسامء اجلهات التي تعامل معها.د. خماطر مصدرها نوعية املوارد البرشية املتاحة

إن نوعية وطبيعة االستثامرات التي جترهيا املصارف اإلسالمية تشكل مصدرًا االستثامرات هذه لكون نظرًا تواجهها؛ التي املخاطر مصادر من أساسيًا املصارف عن خمتلفة جمموعة عىل والعتامدها خاصة، بطبيعة تتميز التقليدية، فهي –أي املصارف اإلسالمية- تطبق صيغ استثامرية كاملشاركة، الستثامرات اخلاصة الطبيعة وهذه وغريها، واالستصناع... واملرابحة، البرشية املوارد من مميزة نوعية توفر رضورة تتطلب اإلسالمية املصارف القادرة عىل دراسة وتقييم عمل املستثمر وحتديد مدى صالحيته ومالءمته للمشاركة فيه من قبل املرصف اإلسالمي. فإذا توفرت النوعية املالئمة من املوارد البرشية فإهنا سوف متثل أحد الضامنات األساسية املطلوبة ملواجهة املخاطر التي تواجه تلك االستثامرات، وإذا ما عجزت املصارف اإلسالمية سوف فإهنا مؤهلة، غري هلا املتاحة البرشية املوارد كانت أو توفريها، عن تصبح أحد مصادر املخاطر التي تواجه تلك االستثامرات، وسوف تتمثل هذه املخاطر التي يمكن أن تنتج عن هذا املصدر يف املخاطر التي يمكن أن تنشأ نتيجة لعدم القدرة عىل دراسة واختيار العمليات االستثامرية املالئمة. وكذلك املخاطر التي يمكن أن تنشأ نتيجة لعدم قدرة هذه املوارد عىل متابعة العمليات االستثامرية، وعىل عدم القدرة عىل ابتكار حلول للمشاكل التي

يفرزها التطبيق العميل.)20(

انظر: مركز البحوث املالية واملرصفية، التحديات التي تواجه املصارف اإلسالمية، جملة 20

الدراسات املرصفية، السنة 8، جملد 8، عدد1، 2000م، ص52. سمحان، حسني حممد، السنة 4، املرصفية، الدراسات املصارف اإلسالمية، جملة التمويل واالستثامر يف معايري جملد 4، عدد 2، 1996م، ص51. أبو زيد، املخاطر التي تواجه استثامرات املؤسسات )1996م(، املنعم عبد حممد زيد، أبو بعدها. وما ص629 ج2، اإلسالمية، املرصفية الضامن يف الفقه اإلسالمي وتطبيقاته يف املصارف اإلسالمية، القاهرة: املعهد العاملي للفكر الصعوبات التي تواجه البنوك اإلسالمية، اإلسالمي، ط1، ص75 وما بعدها. حممد،

ج3، ص 708.

265

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

يتبني لنا هنا أن توفر املوارد البرشية املالئمة يمثل أحد املتطلبات األساسية يمثل توفرها عدم وأن صحيحة، بصورة االستثامرات هذه لتطبيق الالزمة

مصدرًا من مصادر املخاطر التي تواجه استثامرات املصارف اإلسالمية.املرصيف اجلهاز يف العاملة املالئمة البرشية املوارد توفر أن الباحث ويرى املخاطر لتقليل اسرتاتيجية بناء عنارص من رئيسًا عنرصًا تشكل اإلسالمي تدرس التي هي املوارد هذه لكون نظرًا اإلسالمية؛ املصارف استثامرات يف عدم أو صالحيته مدى تقيم ثم العميل، ِقبل من املقدم االستثامر موضوع صالحيته لدخول املرصف اإلسالمي يف هذا االستثامر, ثم هي التي تقوم بمتابعة هذا االستثامر، ويمكن جتاوز هذا األمر بقيام املصارف اإلسالمية بإنشاء مراكز تدريب خاصة هبا بحيث تعد املوارد البرشية العاملة ضمن أجهزهتا إعدادًا كافيًا املوظفني لتعيني السليمة إتباع األسس اخلاصة، وكذلك للعمل وفق طبيعتها ضمن أجهزة املصارف اإلسالمية، حيث إن الدراسة التي أجراها املعهد العاملي للفكر اإلسالمي تذكر أن املرتبة األوىل يف أسس اختيار العاملني يف املصارف اإلسالمية هي االعتبارات الشخصية، وتأيت بعدها اجلدارة.)21( ويذكر الباحث إسامعيل العاموي يف دراسته التطبيقية التي أجراها عىل البنك اإلسالمي األردين أن نسبة 60٪ من وسائل استقطاب املوظفني يف البنك اإلسالمي األردين كانت

للرتشيح من ِقبل العاملني يف البنك.)22(وإذا انتقلنا باحلديث عن خصوص املشاركة؛ فنجد أن من صور اإلشكاالت األخالقية من ِقبل املشارك تقويم بضاعة أول املدة بأكثر من قيمتها، وتقويمها مبالغ لزيادة قيمتها من بأكثر األصول وتقويم قيمتها، من بأقل املدة آخر يف الرواتب يف واملغاالة إلغائه، أو الربح ختفيض بغية الرأساملية استهالكاهتا التي يتقاضاها املدراء. ومن هنا تكون عملية املراجعة قليلة اجلدوى يف كشف الوضع احلقيقي حلساب األرباح واخلسائر؛ ألن املراجعني يولون جل اهتاممهم

ملرشوعية املرصوفات الواردة يف احلسابات، ال ملدى مالءمتها.

جلنة من األساتذة اخلرباء االقتصاديني والرشعيني واملرصفيني، تقويم اجلوانب اإلدارية 21

ج5، 1996م(، ط1، اإلسالمي، للفكر العاملي املعهد )القاهرة، اإلسالمية، بالبنوك ص198.

العاموي، املعوقات اخلارجية للمصارف اإلسالمية، ص152. 22

266

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

وهذه املشكلة من أهم العوامل التي أدت إىل اجتاه املصارف اإلسالمية بعيدًا عن التمويل باملشاركة ملا ثبت هلا بالتجربة من تدين مستوى األمانة لدى كثري من املتعاملني مع املصارف.)23( إضافة إىل ما سبق، فإن املخاطرة األخالقية تظهر بوضوح هنا إذا أساء الرشيك أو قصد أو خان يف إدارته، فيد الرشيك يد أمانة فال يضمن إال إذا تعدى أو قرص أو خالف الرشوط املتفق عليها، واإلشكالية وال الرشكاء، عن كبرية درجة إىل قلت األمانة نسبة أن املقام هذا يف الواقعة املشاركة خط بتعطيل اإلسالمية للمصارف مربرًا نعطي أن األمر هذا يعني بل عليها السعي اجلاد إىل جتاوز خماطر املشاركة، لكي تفعلها لتقوم بدور تنمي يف املجتمع. وخيتتم الباحث هذه النقطة بعرض جمموعة خطوات للتغلب عىل املخاطر األخالقية، واخلطوات تتمثل يف رضورة توافر جمموعة من املعايري يف

الشخص طالب التمويل، ومن أهم هذه املعايري:األمانة املستثمر يف تتوفر أن فيجب القويم، بالسلوك وااللتزام األمانة .1يأمن لكي حسنة سمعة صاحب كونه إىل إضافة القويم، بالسلوك وااللتزام

املرصف اإلسالمي عىل أمواله من التعدي عليها بأية صورة من الصور)24(.والذي يراه الباحث يف هذا املقام أن عىل املصارف اإلسالمية رضورة التأكد أحد التزكية من بمجرد يكتفي املشاركة، وأال الدخول يف قبل األمر من هذا العمالء املعروفني لدهيا، بل عىل الوحدة املعنية بشؤون االستثامر رضورة وضع

معايري حمددة خيضع هلا كل عميل يطلب التمويل.

انظر:املرزوقي، صالح سعيد، الرشكة املنتهية بالتمليك وتطبيقاهتا يف املصارف اإلسالمية، 23

ص112- 2000م، األردن، - إربد الريموك، جامعة منشورة، غري ماجستري رسالة 113. خان وأمحد، طارق اهلل وحبيب، إدارة املخاطر يف الصناعة املالية اإلسالمية، ط1، )جدة: البنك اإلسالمية للتنمية، ط1، 2003م(، ص69. عيد, حممد عيل, عرض لبعض معارصة قضايا ندوة: ضمن بحث ملواجهتها, ومقرتحات اإلسالمية البنوك مشكالت البنك اإلسالمي النقود والبنوك املسامهة يف الرشكات, حترير: د. منذر قحف, )جدة: يف للتنمية، ط2، 2003م(، ص260 وما بعدها. عبد اهلل, حتليل خماطر االستثامر يف املصارف اإلسالمية بني النظرية والتطبيق, ص69.السالوس، محاية احلسابات االستثامرية، بحث يف: جملة املجمع الفقهي اإلسالمي -رابطة العامل اإلسالمي، السنة 13، عدد 15، ص175.

سمحان، معايري التمويل واالستثامر، جملة الدراسات املالية واملرصفية، جملد4، عدد2، 24

ص50. مركز االقتصاد اإلسالمي للبحوث والدراسات، التمويل باملشاركة يف األرباح، جملة االقتصاد اإلسالمي، عدد75، 1987م، ص41-44. السالوس، محاية احلسابات ،15 عدد اإلسالمي، العامل رابطة اإلسالمي- الفقهي املجمع جملة االستثامرية،

ص152.

267

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

كأن باألمانة، االلتزام عىل املشارك حث اإلسالمي للمرصف ويمكن املتوقعة النسبة يزيد عىل ربح ما حتقق من أن املشاركة املرصف يف عقد ينص املشارك، لصالح فيها حصته عن املرصف يتنازل املرشوع جدوى دراسة يف 20٪ سنويًا فمثاًل إذا توقعت دراسة اجلدوى أن املرشوع سيحقق ربحًا قدره فيمكن للمرصف أن يقول للمشارك: إن ما حتقق من ربح يزيد عىل 20٪ فإنني متربع لك بحصتي فيه، وهذا أمر يدفع املشاركة إىل مضاعفة اجلهد وال يضطره

للخداع)25(.غري أن الباحث يشري هنا إىل أن املصارف اإلسالمية غالبًا تعمل يف بيئة غري إسالمية فهي إذًا تعمل يف بيئة غري بيئتها، فنظرًا لقلة االلتزام بأحكام الرشيعة اإلسالمية جتد املصارف اإلسالمية نفسها عاجزًة عن إحداث تغيري يف وجهات املصارف يعني سكوت األمر ال أن هذا املستثمرين، غري العمالء لدى النظر اإلسالمية عىل ذلك، بل عليها السعي يف تصحيح وجهات النظر وبناء أخالق كالندوات، املتاحة اإلعالم أجهزة اإلسالمي عن طريق املنحى وفق للتجارة

والنرشات، واملؤمترات الصحفية لبيان دورها ورسالتها.بالقدرات التحيل التمويل طالب الشخص عىل فيجب والكفاءة، 2.القدرة والكفاءات الالزمة التي متكنه من النجاح يف املرشوع، ويرى الباحث أن هذه العملية اخلربة توفر أي الفنية: اإلدارية الكفاءة إىل: تقسم أن يمكن الكفاءة باختالف ختتلف اخلربة وهذه فيه، االستثامر املنوي املرشوع إدارة يف الالزمة بأال للعميل، املايل املركز سالمة هنا: هبا واملقصود املالية: والكفاءة املرشوع، يكون العميل معرسًا أو مدينًا بصورة ختل بقدرته عىل الوفاء بالتزاماته للمرصف اإلسالمي، وتشكل الكفاءة عاماًل وقائيًا من املخاطر، بحيث يستطيع املرصف األموال املستثمر العميل يمنح أن قبل األمر هبذا يسرتشد أن اإلسالمي

لالستثامر.ويف هذا املقام يطرح الباحث تساؤاًل مفاده: كيف يمكن للمرصف اإلسالمي احلصول عىل املعلومات املطلوبة عن العميل؟ إن مسألة املعلومات املطلوبة عن العميل من املسائل اهلامة للغاية؛ نظرًا لكوهنا هي الفيصل يف حصول العميل هذه عىل احلصول اإلسالمي للمرصف ويمكن ال، أم التمويل عىل املستثمر

عيد، عرض لبعض مشكالت البنوك اإلسالمية، ص265. 25

268

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

داخل املسؤول املوظف ُيعد الشخصية، بحيث املقابلة املعلومات من خالل: املرصف اإلسالمي مجلة من األسئلة التي يمكن من خالهلا إعطاء صورة أولية مكان إىل امليدانية الزيارات خالل من وكذلك العميل. ومقدرة كفاءة عن تكشف بحيث العميل، امليداين واقعه معلومات عىل للحصول العميل عمل شؤون إدارة يف العميل كفاءة ومدى وطبيعته العمل أسلوب الزيارة هذه

عمله)26(.بيانات قواعد ببناء اإلسالمية املصارف قيام رضورة عىل الباحث ويؤكد باملوافقة القرار املستثمرين وأحواهلم، لكي تكون معينًا هلا يف ومعلومات عن الباحث عىل الدخول معهم يف مرشوعات استثامرية أم عدم الدخول. ويؤكد كذلك عىل رضورة بناء رأي عام يقوم عىل االلتزام باألخالق عمومًا وبأخالق التجارة خصوصًا، وهذا البناء يستلزم عماًل متواصاًل من املدارس والكليات واجلامعات بداية ومن الوعاظ واخلطباء يف املساجد ثانيًا ومن أجهزة اإلعالم

املختلفة ثالثًا.

اآلثار املرتتبة عىل ارتفاع املخاطر يف واقع االستثامر يف املصارف اإلسالمية

واقع عىل بظالهلا ألقت التي اآلثار من مجلة املخاطر وجود عىل ترتب لقد االستثامر يف املصارف اإلسالمية؛ منها:

يف املشاركة مبدأ عىل تعتمد التي االستثامرية األساليب عن االبتعاد .1املخاطرة؛ إن من أهم اآلثار املرتتبة عىل ارتفاع مستوى املخاطر يف االستثامر التي االستثامرية لألساليب املصارف هذه تفضيل اإلسالمية املصارف يف متتاز بارتفاع عامل الضامن وانخفاض نسبة املخاطرة، خاصة بيع املرابحة. املرابحة ألسلوب اإلسالمية املصارف تفضيل الباحث يرجع أن ويمكن واعتامدها عليه بصورة أساسية لعدد من األسباب، منها: كون مقدار الربح فيه حمدد مسبقًا، عىل العكس من األساليب األخرى كاملشاركة واملضاربة، من املرابحة أسلوب يقرتب حيث العقد، هذا تطبيق إجراءات وسهولة أسلوب التمويل التقليدي؛ لذا فقد كان أكثر مالءمة للخربة املتوفرة لدى

عبد يرسى، بعدها. وما ص220 املضاربة، نظام تطوير نحو زيد، أبو انظر: 26

منشور مقال االقتصادية، التنمية يف اإلسالمية البنوك دور )2005م(، الرمحن http://www.islamonline.net/Arabic/ الين: أون إسالم موقع يف

contemporary/2005/06/article04.shtml

269

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

املرابحة عمليات إن حيث اإلسالمية، للمصارف املتاحة البرشية املوارد العاملني بعض عليه د تعوَّ مما تنفيذها إجراءات يف كبري حد إىل تقرتب باملصارف اإلسالمية أثناء عملهم السابق بإدارة االئتامن بالبنوك التقليدية يف منحهم القروض بالفائدة لعمالئهم، وكون عمليات املرابحة لآلمر بالرشاء سهلة التنفيذ وقصرية املدة، مما يرتتب عليه رسعة دوران رأس املال وحتقيق املصارف مع املتعاملني تغطيتها الحتياجات عدد كبري من ربح رسيع مع

اإلسالمية)27(.2. االعتامد عىل االستثامرات قصرية األجل؛ إن من أهم اآلثار املرتتبة عىل ارتفاع مستوى املخاطر يف املصارف اإلسالمية هو طغيان االستثامرات قصرية األجل عىل استثامرات املصارف اإلسالمية، وقد يعزى ذلك إىل عدم توافر والذي املصارف هذه لدى املالئمني واحلجم بالتنظيم االستثامري اجلهاز يمكن االعتامد عليه للبحث عن الفرص االستثامرية ودراستها وتقويمها، إضافة إىل ما سبق فإن طبيعة سلوك املتعاملني حالت دون االعتامد بصورة

أساسية عىل االستثامرات طويلة األجل خاصة املضاربة)28(.

ط1، اإلسالمية، املصارف يف األجل قصري االستثامر يوسف، حسن داود، انظر: 27

)القاهرة: املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ط1، 1996م(، ص26 وما بعدها. أبو زيد، املخاطر التي تواجه استثامرات املصارف اإلسالمية، ج2، ص642. أبو زيد، حممد عبد املنعم، املضاربة وتطبيقاهتا العملية يف املصارف اإلسالمية، ط1، )القاهرة: املعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ط1، 1996م(، ص67-68. أمحد، أوصاف، األمهية النسبية لطرق التمويل املختلفة يف النظام املرصيف اإلسالمي –أدلة عملية من البنوك اإلسالمية، ندوة: خطة االستثامر يف البنوك اإلسالمية اجلوانب التطبيقية والقضايا واملشكالت-البحوث واملعهد البيت، آل اإلسالمية-مؤسسة احلضارة للبحوث امللكي املجمع واملناقشات، ،138 ص 1987م، للتنمية-جدة، اإلسالمي البنك والتدريب، للبحوث اإلسالمي ص 142. وقد أورد الباحث جمموعة من الكشوف اإلحصائية لعمليات التمويل لدى الذكر. اآلنف البحث من بعدها وما ص145 انظر للمزيد اإلسالمية، البنوك بعض التمويل، لطرق النسبية األمهية أمحد، أوصاف د. بحث عىل تعليقه موسى، شحادة،

انظره ملحقًا ببحث د. أوصاف، ص171-170. جلنة من األساتذة اخلرباء االقتصاديني، تقويم الدور االقتصادي للمصارف اإلسالمية، 28

ج4، ص 33-34، 39. دوابه، أرشف حممد، صناديق االستثامر يف البنوك اإلسالمية بني النظرية والتطبيق، )القاهرة: مرص: دار السالم، واملعهد العاملي للفكر اإلسالمي، ط1، بعنوان: توزيع استثامرات بعض انظر: ملحق رقم )6( 2004م(، ص31 وما بعدها. إبراهيم، )1989م(، تقييم املصارف اإلسالمية حسب آجاهلا من: حميسن، عبد احلليم جتربة البنوك اإلسالمية-دراسة حتليلية، رسالة ماجستري، غري منشورة، اجلامعة األردنية،

عامن، األردن، ص 215-216.

270

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

املعاجلة الفقهية للمخاطرة األخالقية يف املشاركة

املشاركة من الرشكة وهي: عقد بني املتشاركني يف رأس املال والربح)29(، ومن أدلة مرشوعيتها قوله صىل اهلل عليه وسلم: »إن اهلل يقول: أنا ثالث الرشيكني ما مل خين أحدمها صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهام«)30(، وقد بعث عليه الصالة

والسالم والناس يتعاملون هبا فأقرهم عىل ذلك)31(.أما املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية فهي أسلوب متوييل يقوم عىل أساس تقديم املرصف جزءًا من التمويل لعميله، بينام يقوم العميل بتغطية اجلزء املتبقي من التمويل الالزم ألي مرشوع عىل أساس أن يشرتكا يف العائد املتوقع

إن كان ربحًا أو خسارة بنسب متفق عليها بني الطرفني)32(.

)الرياض: ط1، واإلسالمية، االقتصادية املصطلحات معجم حممد، بن عيل اجلمعة، 29

املصطلحات معجم نزيه، محاد، وانظر: ص338. 2000م(، ط1، العبيكان، مكتبة ط3، اإلسالمي، للكتاب العاملية الدار )الرياض: ط3، الفقهاء، لغة يف االقتصادية الفقهاء, معجم لغة 1995م(، ص201. قلعة جي وقنيبي, حممد رواس وحامد صادق, )بريوت: دار النفائس، ط1، 1985م(، ص261. الفيومي, أمحد بن حممد, املصباح املنري 1ج2-1، )د.ت(، بدون، ط: القلم, دار )بريوت: للرافعي, الكبري الرشح غريب يف

ص424-423.سنن أيب داود، رواه أبو داود واللفظ له، والبيهقي يف: أبو داود، سليامن بن األشعث، 30

البيوع، كتاب: 1420هـ-1999م(، ط1، الدولية، األفكار بيت والرياض: )عامن، باب: الرشكة، حديث رقم: 3383، ص379. البيهقي، أبو بكر، أمحد بن احلسني، السنن العلمية، ط1، 1414هـ-1994م(، الكربى، حتقيق: حممد عطا، )بريوت: دار الكتب كتاب: الرشكة، باب: األمانة يف الرشكة وترك اخليانة، حديث رقم: 11424، 130/6.وقد حكم الشيخ حممد نارص الدين األلباين عىل احلديث بالضعف، غري أن د.حممد ضياء ضعيف الدين، انظر:األلباين، حممد نارص أنه مرسل. الصحيح الرمحن األعظمي قال: ودمشق، )بريوت، الشاويش، زهري وطباعته: استخراجه عىل أرشف داود، أيب سنن وعامن: املكتب اإلسالمي، ط1، 1991م(، كتاب: البيوع، باب: الرشكة، حديث رقم: 732-3383، ص338. وانظر تفصيل كالم الشيخ األلباين يف: إرواء الغليل يف ختريج ط2، اإلسالمي، املكتب )بريوت: الشاويش، زهري بإرشاف: السبيل، منار أحاديث األعظمي، ص289-288. ج5، ،1468 رقم: حديث الرشكة، كتاب: 1985م(، حممد ضياء الرمحن، املنة الكربى رشح وختريج سنن الصغرى للحافظ البيهقي، )الرياض: رقم: حديث الرشكة، باب: البيوع، كتاب: 2001م(، ط1، األعظمي، الرشد مكتبة

2086، ج5، ص347 وما بعدها )هامش رقم 1(.31 الزيلعي، فخر الدين، عثامن بن عيل، تبيني احلقائق رشح كنز الدقائق، حتقيق: أمحد عناية،

)بريوت: دار الكتب العلمية، ط1، 1420هـ-2000م(، ج4، ص236. ط1، اإلسالمية، املصارف وعمليات معامالت يف الشامل الكريم، عبد حممد إرشيد، 32

)عامن: دار النفائس، ط1، 2001م(، ص32.

271

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

باعتباره باملشاركة« »التمويل أسلوب اإلسالمية املصارف وتستخدم الصيغة التقليدية، وبموجب هذه املصارف به تقوم فعااًل ومتميزًا عام أسلوبًا يقدم املرصف اإلسالمي حصة من التمويل الالزم لتنفيذ أحد املرشوعات أو التمويل من املرصف( احلصة إحدى الصفقات، عىل أن يقدم العميل )طالب

املكملة.املرصف فهو األول فالرشيك رشيكني، أو طرفني املشاركة عملية وتضم التمويل الذي بتقديم الذي يشارك العميل يف نشاطه االقتصادي أو مرشوعه يطلبه العميل، كام أن املرصف يشارك أيضًا يف الناتج الصايف املحتمل من عملية املشاركة سواء أكان ربحًا أم خسارة، ويتم ذلك عىل ضوء أسس عادلة ونسب توزيعية جيري االتفاق عليها بني الطرفني، أما الرشيك الثاين فهو العميل الذي مسؤولية يتوىل قد أنه كام للمرشوع، الكيل التمويل من معينة بحصة يشارك واخلربة املهارات لديه توافرت ما إذا تنفيذه عىل واإلرشاف املرشوع إدارة

العملية الكافية لتحقيق النجاح)33(.

املعاجلة الفقهية للمخاطر األخالقية

من أبرز الطروحات القائمة يف الساحة اجلغرافية الفقهية اليوم ملعاجلة املخاطر األخالقية اشرتاط املرصف اإلسالمي ضامن املشارك لرأس مال املشاركة، سعيًا

إىل املحافظة عىل رأس املال.سبب أن الباحث ويرى قولني، عىل املسألة هذه يف الفقهاء اختلف وقد التعدي بغري تضمن هل األمانة يد كون يف االختالف إىل يعود اختالفهم ومنع والتقصري التعدي عىل الضامن قرص ذلك منهم رأى فمن والتقصري،

جماوزته إىل غريه، ومن رأى عدم ذلك؛ قال بجواز الضامن بالرشط.وأقوال الفقهاء هي:

القول األول: ال يضمن الرشيك إال بالتعدي أو التقصري.

حتليلية، مرصفية دراسة – اإلسالمي املرصيف العمل أساسيات حسن، حممود صوان، 33

العمليات حممد، حسني سمحان، ص145. 2001م(، ط1، وائل، دار )عامن: ط1، 2000م(، – املفهوم واملحاسبة، )الزرقاء: مكتبة اسكندراين، ط1، املرصفية اإلسالمية

ص44.

272

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

فقد ذهب مجهور فقهاء املذاهب األربعة إىل أن يد الرشيك يد أمانة يف مال الرشكة وال يضمن إال إذا تعدى أو قرص أو خالف الرشوط املتفق عليها)34(،

وذهبوا كذلك إىل عدم صحة اشرتاط الضامن عىل األمني)35(.القول الثاين: اشرتاط الضامن عىل األمني رشط صحيح ملزم.

تنوير األبصار, الدر املختار رشح رد املحتار عىل ابن عابدين, حممد أمني بن عمر, انظر: 34

دراسة وحتقيق وتعليق: عادل عبد املوجود, وعيل معوض, )الرياض: دار عامل الكتب، ط: خاصة، 1423هـ-2003م(، ج6، ص495. ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم، البحر الرائق رشح كنز الدقائق، ضبطه وخّرج آياته وأحاديثه: زكريا عمريات، )بريوت: دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ-1997م(، ج5، ص300. الغرياين الصادق عبد الرمحن, مدونة الفقه املالكي وأدلته, )بريوت: مؤسسة الريان، ط1، 2002م(، ج3، ص616. ابن هيثم به: اعتنى املقتصد، املجتهد وهناية بداية أمحد، بن الوليد، حممد أبو احلفيد، رشد طعيمي، )صيدا: املكتبة العرصية، ط1، 1423هـ-2002م(، ج2، ص242. اخلطيب الرشبيني، شمس الدين، حممد بن حممد، مغني املحتاج عىل معرفة ألفاظ املنهاج، حققه وخّرج أحاديثه: طه سعد، راجعه: حممد عزت، )القاهرة: املكتبة التوقيفية، د.ط، د.ت(، زاد املحتاج برشح املنهاج، حققه ج3، ص197.الكوهجي، عبد اهلل بن الشيخ حسن، وراجعه: عبد اهلل األنصاري، )قطر: الشؤون الدينية، ط1، 1987م(، ج2، ص243. الرحيباين، مصطفى السيوطي، مطالب أويل النهى يف رشح غاية املنتهى، )دمشق: املكتب

اإلسالمي، ط1، 1380هـ-1961م(، ج3، ص509.انظر: ابن عابدين، رد املحتار، ج9، ص93. الرسخيس، أبو بكر، حممد بن أمحد، املبسوط، 35

حتقيق: حممد الشافعي، )بريوت: دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ-2001م(، ج15، حققها: النجاة، وطريق القضاة روضة حممد، بن عيل القاسم، أبو السمناين، ص95. د.صالح الدين الناهي، )بريوت: مؤسسة الرسالة، عامن: دار الفرقان، ط2، 1404هـ-جممع حممد، بن غانم حممد، أبو البغدادي، .3599 رقم ص617، ج2، 1984م(، الضامنات، ط1، )مرص: املطبعة اخلريية، ط1، 1308هـ(، ص55. الدسوقي، حممد بن أمحد بن عرفة، حاشية الدسوقي عىل الرشح الكبري، خّرج آياته وأحاديثه: حممد شاهني، البغدادي ص127. ج5، 1417هـ-1996م(، ط1، العلمية، الكتب دار )بريوت: اإلرشاف عىل نكت مسائل اخلالف، املالكي، القايض أبو حممد، عبد الوهاب بن عيل، قارن بني نسخه وخّرج أحاديثه وقدم له: احلبيب بن طاهر، )بريوت: دار ابن حزم، ط1، موفق املقديس, قدامة ابن .1072 رقم: مسألة ص626، ج2، 1420هـ-1999م(، الدين, عبد اهلل بن أمحد, املغني, اعتنى به وخّرج أحاديثه: رائد علفة, )عامن والرياض: بيت الرمحن الفرج، عبد أبو قدامة، ابن الدولية, ط1، 2004م(، ج2، ص1555. األفكار د.ط، الفكر، دار )بريوت: املقنع، متن عىل الكبري الرشح أمحد، بن حممد عمر أيب بن بن منصور البهويت، املغني(. هبامش )مطبوع ص367. ج5، 1412هـ-1992م(، يونس، كشاف القناع عن متن اإلقناع، حتقيق: إبراهيم عبد احلميد، )الرياض: دار عامل

الكتب، ط: خاصة، 1423هـ-2003م(، ج5، ص1957.

273

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

إىل واملالكية)37(، واحلنابلة)38(، وذهب احلنفية)36(، القول رواية عند وهذا ذلك الشوكاين من املتأخرين)39(، ونزيه محاد من املعارصين مشرتطًا أن ال يتخذ

هذا األمر حيلة إىل الربا)40(.

ورد يف جممع الضامنات للبغدادي: »العارية إذا اشرتط فيها الضامن عىل املستعري؛ تصري 36

مضمونة عندنا يف رواية«.البغدادي، جممع الضامنات، ص55.

ورد عن ابن احلاجب قوله: »إذا اشرتط إسقاط الضامن فيام يضمن، أو إثباته فيام ال يضمن 37

ففي إفادته قوالن«.الفايس املالكي, أبو عبد اهلل, حممد بن أمحد, رشح ميارة الفايس عىل حتفة احلكام يف نكت العقود

واألحكام, ضبطه وصححه: عبد اللطيف عبد الرمحن, )بريوت: دار الكتب العلمية, ط1، 1420هـ-2000م(، ج2، ص311.

ورد عن اإلمام أمحد أنه سئل عن اشرتاط ما ال جيب ضامنه هل يصريه الرشط مضمونا؟ 38

فقال: »املؤمنون عىل رشوطهم«. ابن قدامة املقديس، أبو الفرج، عبد الرمحن بن أيب عمر حممد بن أمحد، الرشح الكبري عىل متن

املقنع، )بريوت: دار الفكر، د.ط، 1412هـ-1992م(، ج5، ص367.39 الشوكاين، حممد بن عيل، السيل اجلرار املتدفق عىل حدائق األزهار، حتقيق: حممود زايد،

)بريوت: دار الكتب العلمية، ط1، 1405هـ-1985م(، ج3، ص217.40 محاد، نزيه، بحث بعنوان: عقوبة املدين املامطل، ضمن كتابه: قضايا فقهية معارصة يف املال

واالقتصاد، )دمشق: دار القلم ، وبريوت: الدار الشامية، ط1، 2001م(، ص408.* لقد بحث د.نزيه محاد هذه اجلزئية التي نحن بصددها ضمن بحث مدى صحة تضمني

يد األمانة بالرشط، وقد وقف فضيلته عىل أقوال عدة لعدد من األئمة يقولون بذلك مع اختالف بينهم يف موقع القول.

* فقد نقل هذا القول عن عبيد اهلل بن احلسن العنربي يف الوديعة نقله القايض عبد الوهاب

البغدادي يف: البغدادي املالكي، القايض أبو حممد، عبد الوهاب بن عيل، إرشاف عىل نكت مسائل اخلالف، قارن بني نسخه وخّرج أحاديثه وقدم له: احلبيب بن عيل، )بريوت: دار ابن حزم، ط1، 1420هـ-1999م(، ج2، ص626، مسألة رقم: 1072.ونقله كذلك العلم، حتقيق: أهل مذاهب اإلرشاف عىل إبراهيم، بن املنذر، حممد ابن املنذر يف: ابن حممد نجيب رساج الدين، )قطر: وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية، ط2، 1414هـ-

1993م(، ج1، ص266، رقم 434. ابن املنذر يف: ابن نقله الضامن، املعري إن رشط العارية القول بضامن قتادة ونقل عن *

املنذر، اإلرشاف عىل مذاهب أهل العلم، ج1، ص271، رقم 441.* ونقل عن عثامن البتي القول بضامن الرهن إن اشرتط الراهن الضامن، نقله اجلصاص

يف: اجلصاص، أبو بكر، أمحد بن عيل، خمترص اختالف العلامء، دراسة وحتقيق: د.عبد اهلل أمحد، )بريوت: دار البشائر اإلسالمية، ط1، 1416هـ-1995م(، ج4، ص309، رقم

.2024

274

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276

األدلةأدلة القول األول:

استدل أصحاب هذا الرأي بجملة أدلة، منها:- إن الرشكة ترصف مأذون فيه بإذن صاحبه، وقد قبض الرشيك املال بإذن املالك ال عىل وجه البدل، فإن خالف الرشيك ما اتفق عليه، ضمن ملخالفته؛

لترصفه عىل غري الوجه املأذون له فيه)41(.- إن مقتىض العقد كونه أمانة، فإذا رُشط الضامن فقد التزم ضامن ما مل يوجد

سبب ضامنه، وما كان أصله أمانة؛ ال يصري مضمونًا بالرشط)42(.- إن اشرتاط الضامن ينايف قاعدة الغرم بالغنم، ويقلب املعاملة إىل قرض.

أدلة القول الثاين:استدل أصحاب القول الثاين بكون األمني قد ريض لنفسه بذلك واختاره، والرتايض هو املناط يف حتليل أموال العباد إذا كان موافقًا للرشع)43(، وقد قال

اَرًة َعْن َتَراٍض ِمْنُكْم)]النساء: 29[. اهلل تعاىل: (إاِلَّ َأْن َتُكوَن جِتَ

املناقشة والرتجيح مناقشة أدلة القول األول؛ مل يثبت يف يشء من نصوص الكتاب والسنة ما ينهض حجة عىل كون يد األمانة ال تضمن ما بحوزهتا من أعيان الغري إال يف حالتي التعدي أو التفريط، وإن عمدة استدالل الفقهاء يف تلك املقولة هو استصحاب ألن تقصري؛ أو جناية منه حصلت إذا إال يضمن فال األصلية، الرباءة دليل التضمني حكم رشعي يستلزم أخذ مال معصوم بعصمة اإلسالم، فال جيوز إال

بحجة رشعية، وإال كان كمن أكل أموال الناس بالباطل)44(.ص495. ج6، املحتار، رد عابدين، ابن ص301. ج5، الرائق، البحر نجيم، ابن 41

السيوطي، مطالب أويل النهى، ج3، ص509.السمناين، أبو القاسم، عيل بن حممد، روضة القضاة وطريق النجاة، حققها: د.صالح الدين 42

الفرقان، ط2، 1404هـ - 1984م(، الناهي، )بريوت: مؤسسة الرسالة، وعامن: دار اإلرشاف عىل نكت مسائل اخلالف، املالكي، البغدادي ج2، ص617، رقم: 3599.

ج2، ص626، مسألة رقم: 1072. ابن قدامة، الرشح الكبري، ج5، ص367.43 الشوكاين، السيل اجلرار، ج3، ص217.

األمانة يد تضمني صحة مدى محاد، ص342. ج3، اجلرار، السيل الشوكاين، انظر: 44

بالرشط، بحث يف كتابه: قضايا فقهية معارصة، ص400.

275

املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي جترهيا املصارف اإلسالمية

ألن العقد؛ مقتىض ينايف الضامن اشرتاط إن الثاين: القول أدلة مناقشة مقتىض العقد كونه أمانة فإذا اشرتط ضامنه فقد التزم ما مل يوجد سبب ضامنه

فال يلزمه)45(.إن الناظر إىل مآالت القول بجواز االشرتاط، إذا سلمنا بصحة هذا الرأي، املستثمر، وبناء عليه سيحجم أننا غلبنا مصلحة املرصف عىل مصلحة سنجد املستثمر عن التعامل مع املرصف اإلسالمي هبذه الصيغة، وعليه فنحن بحاجة إىل موازنة بني املصلحتني، فنقول واهلل تعاىل أعلم بعدم صحة االشرتاط، وأن املصارف وعىل ِقبله، من والتقصري التعدي ثبت إذا إال يضمن ال الرشيك اإلسالمية تفعيل اإلجراءات املرصفية القائمة عىل تفعيل دراسات اجلدوى قبل

اخلوض يف املشاريع االستثامرية.

اخلامتة

تناولت هذه الدراسة مسألة املخاطرة األخالقية يف االستثامر يف املشاركة التي هلذه فقهية مرصفية معاجلة إىل الوصول إىل سعيا اإلسالمية، املصارف جترهيا نحو السعي اإلسالمية؛ املصارف لقيام النظري األساس إن املخاطرة، حيث دفع عجلة التنمية يف املجتمع، بيد أن األمر الواقع خيالف ذلك، ومن مربرات هذه املخالفة؛ املخاطرة األخالقية التي تعرتض سبيل تفعيل الصيغ االستثامرية ال سّيام املشاركة، وقد عرضت هذه الدراسة يف ثناياها منهجية مرصفية للتقليل القائم الفقهي فالطرح املخاطرة؛ هلذه الفقهية املعاجلة أما املخاطرة، هذه من اليوم هو اشرتاط الضامن عىل الرشيك، وقد توصلت الدراسة إىل عدم صحة تفعيل رضورة إىل اإلسالمية املصارف يدعو األمر وهذا االشرتاط، هذا

املعاجلات املرصفية للتقليل من هذه املخاطر. للمخاطر واملرصفية الفقهية املعاجلة يف البحث بمزيد الدراسة وتويص

األخالقية يف الصيغ االستثامرية األخرى.

البهويت، منصور بن يونس) 1423هـ-2003م(، كشاف القناع عن متن اإلقناع، حتقيق: 45

قدامة، ابن إبراهيم عبد احلميد، الرياض: دار الكتب، ط: خاصة، ج5، ص1957. الرشح الكبري، ج5، ص367.

276

Jurnal Fiqh, No. 7 (2010) 257-276