. ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ : ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ....

632
ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ. ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻤﻔﻴﺩ ﺍﻷﻨﺎﻡ ﻭﻨﻭﺭ ﺍﻟﻅﻼﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻟﺤﺞ ﺒﻴﺕ ﺍﷲ ﺍﻟﺤﺭﺍﻡ. ﺘﺄﻟﻴﻑ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺒﻥ ﺠﺎﺴﺭ ﺍﻟﻨﺠـﺩﻱ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤـﻲ ﺍﻟﻭﻫ ﺒﻲ ﺍﻷﺸﻴﻘﺭﻱ ﺜﻡ ﺍﻟﻤﻜﻲ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﻋﻔﺎ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ﻭﻨﻔﻊ ﺒﻌﻠﻭﻤﻪ ﺁﻤﻴﻥ. ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻭل، ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟ ﺜﺔ. ﺍﻟﺭﻴﺎﺽ١٤١٢ ﻩ، ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ١٩٩٢ . ﻁﺒﻊ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﻘﺔ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺴﻤﻭ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻷﻤﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴـﺯ ﺁل ﺴﻌﻭﺩ، ﺃﺠﺯل ﺍﷲ ﻤﺜﻭﺒﺘﻪ. ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ. - ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺅﻟﻑ: - ﻨﺴﺒﻪ: ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻌﻼﻤﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺒﻥ ﺠﺎﺴﺭ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒـﻥ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺒﺠﺎﺩ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﻨﺴﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺒﺴـﺎﻡ ﺒﻥ ﻋﻘﺒﺔ ﻤﻥ ﺁل ﺭﺍﺠﺢ ﻤﻥ ﺃﻭﻫﺒﺔ ﺘﻤﻴﻡ. - ﻤﻭﻟﺩﻩ: ﻭﻟﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺠﻠﻴل ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﺃﺸﻴﻘﺭ) ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﻭﺸـﻡ( ﻓـﻲ ﺸـﻬﺭ ﻤﺤﺭﻡ ﺴﻨﺔ١٣٢٣ ﻩ، ﻭﺭﺒﺎﻩ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺃﺤﺴﻥ ﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﻟﻤﺎ ﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺴﺒﻊ ﺴﻨﻴﻥ ﺠﻌﻠﻪ ﻋﻨﺩ ﻤﻘ ﺭﺉ ﻴﺴﻤﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺒﻥ ﻤﻭﺴﻰ ﻴﻌﻠﻤـﻪ ﺍﻟﻘـﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻭﻟﻤﺎ ﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺃﺭﺒﻊ ﻋﺸﺭﺓ ﺴﻨﺔ ﺤﻔﻅ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻤﺠﻴﺩ. - ﻤﺸﺎﻴﺨﻪ:

Transcript of . ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ : ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ....

.بسم اهللا الرحمن الرحيم :اسم الكتاب

.مفيد األنام ونور الظالم في تحرير األحكام لحج بيت اهللا الحرام عبد اهللا بن عبد الرحمن بن جاسر النجـدي التميمـي : الشيختأليف

.بي األشيقري ثم المكي السلفي عفا اهللا عنه ونفع بعلومه آمينيالوه .ثةالجزء األول، الطبعة الثال .م ١٩٩٢ه، الموافق ١٤١٢الرياض طبع على نفقة صاحب السمو الملكي األمير عبد اهللا بن عبد العزيـز

.آل سعود، أجزل اهللا مثوبته .بسم اهللا الرحمن الرحيم :ترجمة المؤلف - : نسبه - محمد بـن هو الشيخ العالمة عبد اهللا بن عبد الرحمن بن جاسر بن

عثمان بن عبد اهللا بن محمد بن أحمد بن بجاد ينتهي نسبه إلى بسـام .بن عقبة من آل راجح من أوهبة تميم

: مولده - فـي شـهر ) من أعمال الوشـم (ولد هذا العالم الجليل في بلد أشيقر

ه، ورباه والده أحسن تربية ولما بلغ من العمر سبع ١٣٢٣محرم سنة رئ يسمى عبد الرحمن بن موسى يعلمـه القـرآن سنين جعله عند مق

.الكريم ولما بلغ من العمر أربع عشرة سنة حفظ القرآن المجيد : مشايخه -

ثم اشتغل بطلب العلم لدى شيخه إبراهيم بن صالح بن عيسى من بلد أشيقر والزمه مالزمة تامة وكان ابتداء طلبه العلم لدى شيخه إبـراهيم

، وال زال يقرأ عليه في كثير من الفنون قـراءة ه ١٣٣٦المذكور سنة ه، ومن الكتب التي قرأها على شـيخه ١٣٤٢بحث وتحقيق إلى سنة

ثم بعد إكمالها قرأ عليه فتح المجيد ) مجموعة التوحيد(في أول الطلب ثم شرح الدليل وشرح الزاد وشرح الشينشوري مع حاشـية إبـراهيم

ى شيخه عشر مرات تقريبا وفي الباجوري في الفرائض كرره قراءة علاللغة العربية شرح الشيخ خالد على األجرومية ثم متممـة األجرويـة

المنتهىوشرحيهما لألهدل والفاكهي، ثم شرح القطر ثم قرأ عليه شرح للشيخ منصور البهوتي قراءة بحث وتحقيق وتفهـم وتـدقيق وأكمـل

على نسـخته المنتهىدراسته عليه مرتين وعلق رحمه اهللا على شرح فوائد نفسية الخطية أثناء الدرس والمطالعة حاشية حافلة تحتوي على

ومباحث غزيرة وهي باقية حتى اآلن لم تجرد ولو جردت لجاءت فـي مجلدين وليتها تجرد ألن الكتابة قد استغرقت جميع مواضـع البيـاض

.ويخشى من انقطاع أطراف الورق فتذهب الفائدة بفقدان بعض الكلماتوقرأ على شيخه في العروض كتاب الجـدول الصـافي فـي علمـي

العروض والقوافي وقرأ عليه الجزرية وشروحها البن المصنف والشيخ زكريا األنصاري وغيرهما وقرأ عليه أطرفا من الكتب الستة وتفسـير القرآن العظيم وغير ذلك من الفنون وقد أجازه بسنده للرواية عنه وبعد

م إلى عنيزة رحل إلى مكة فاستوطنها سكنا له وقرأ رحيل شيخه إبراهيعلى علماء الحرم المكي والزمهم وتضلع في العلم فكان فقيها ال يجاري وقد وهبه اهللا فهما ثاقبا وقوة في الحفظ وفراسة في األحكـام، ومـن

العلماء الذين درسوه الشيخ سعد وقاص البخاري مـن علمـاء مكـة .المكرمة

لعالم العالمة البحر الفهامة السلفي الشيخ محمد الطيب ومن مشايخه ا األنصاري المدني رحمه اهللا فقرأ عليه قراءة بحث وتحقيق وقد خصص له مجلسا للقراءة عليه وقد استفاد منه علما كثيرا وقد أجازه جماعـة من العلماء األعالم واألجالء الكرام منهم العالمـة الشـيخ أحمـد بـن

.العيسى إبراهيم بن حمد : أعماله - ه، تولى القضاء في المستعجلة بمكة ثم تعـين ١٣٥٠في صفر سنة

ه، ثم تعين في قضاء المدينة المنورة ١٣٥٥في الطائف وذلك في سنة ه، وأقـام فيهـا ١٣٥٦على ساكنها أفضل الصالة والسالم وذلك سنة

بنقله إلـى قاضيا سبع سنين ثم صدر أمر الملك عبد العزيز رحمه اهللا ه، وأن يكـون برئاسـة القضـاء عضـوا ١٣٦٣مكة في أول عـام

وسكرتيرا ثم صدر أمر الملك عبد العزيز رحمه اهللا بأن يكون معاونـا لرئيس القضاة بمكة ثم مساعدا لرئيس القضاء في مكة ولمـا أنشـئت هيئة التمييز لألحكام تعين عضوا فيها ثم رئيسا لها حتى أحيـل علـى

ه، بموجب القـرار رقـم ٩٣-٧-١عد إلكماله السن النظامية في التقاه، فتجرد للعبادة ونفع الخلق الكثير وكان آية ٩٣-٦-٢٥في ٢٦٩٧

ه، لـه مـن ١٤٠١-٢-١٠في مكارم األخالق، توفى رحمه اهللا فـي .األبناء عبد العزيز وإبراهيم

: مؤلفاته -

الظالم في تحرير األحكام كتاب مفيد األنام ونور(لشيخنا من المؤلفات لحج بيت اهللا الحرام، وهو هذا، وحاشيته على المنتهى وشرحها علقها أثناء الدرس وفي أوقات المطالعة وهي باقية على الهامش لم تجرد وقد تقدم ذكرها، وله فوائد في الفقه الحنبلي ال تقل عن ستة كراريس ولـه

بس على الشيخ المغربي ألفها رسالة سماها تنبيه النبيه والغبي فيما الته، رد فيها على شيخ ١٣٥٨في المدينة المنورة في آخر شعبان سنة

مغربي أنكر تكليم اهللا لموسى وزعم أن جبريل أظهر لموسى كـالم اهللا من اللوح المحفوظ وهذا اعتقاد مبدع خالف مـا عليـه أهـل السـنة

سمعه موسـى والجماعة من أن اهللا جل وعال كلم موسى حقيقة بكالم من اهللا تقدس وعال وتتضمن الرسالة سماع جبريل عليه السالم القرآن

. الكريم من رب العزة والجالل واإلكرام وأن اهللا يتكلم إذا شاء بصـوت ولشيخنا رسالة في وجوب السمع والطاعة لولي أمـر المسـلمين وإن

ه، ١٣٤٧-٨-٢٥جار ما لم يأمر بمعصية ألفها في بلد شـقراء فـي فت لمناسبة حصلت حين ذاك وهي رسالة مفيدة، وله غير ذلك مـن وأل

الرسائل والمسائل وصلى اهللا على نبينا محمد وعلـى آلـه وصـحبه .أجمعين

.بسم اهللا الرحمن الرحيم :خطبة الكتاب - قال المؤلف عبد اهللا بن عبد الرحمن بن جاسر عفا اهللا عنه، الحمـد

إلكرام، والشكر له ذي الفضـل والجـود ذي الجالل واهللا الحي القيوم والكرم والمنن العظام، الذي هدانا لإلسالم، وأسبغ علينا نعمه وألطافـه الجسام، وشرع لنا فضال منه وتكرما حج بيته الحرام، وجعلـه محـال

وأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له . لتنزالت الرحمة ومحو اآلثام، وأطلق وقت العمرة في جميـع العـام، الذي خص الحج بوقت محدود

. وفرض الحج والعمرة على كل حر مسلم مكلف مستطيع مـن األنـام وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله وخليله وحبيبه أفضل من أحرم من ميقات ولبى ووقف بعرفة نهارا إلى الغروب وبات بمزدلفـة

لى اهللا عليه وسلم ومنى ورمى ونحر وحلق وطاف بالبيت الحرام، وصوعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بسنته وسعوا كما سعى بين الصـفا

.والمروة، ووقفوا بتلك المشاعر العظامفإن الحج من أفضل الطاعات عنـد رب العـالمين، وأجـل : أما بعد

األعمال الصالحة لمحو ذنوب المذنبين، وقد استعنت اهللا سبحانه وتعالى مفيد األنام ونور الظالم فـي تحريـر : (تاب، وسميتهوألفت فيه هذا الك

).األحكام لحج بيت اهللا الحراموهو يشتمل على بيان أحكام الحج وإيضاح مشكالته، وذكر مصححاته

ومفسداته وأركانه وواجباته ومسنوناته، وغير ذلـك مـن متعلقاتـه، ا فـي وسقت فيه بحوثا مفيدة وفوائد فريدة ال تجدها في غيره، ال سيم

المسائل التي كثر فيها السؤال واالستشكال في مواسم الحج، مثل مسألة ما إذا طاف المتمتع وسعى لعمرته ثم أحـرم بـالحج قبـل الحلـق أو التقصير هل يصح حجه أم ال؟ ومثل مسألة المتمتع هل يكفيه لعمرتـه وحجه سعى واحد بين الصفا والمروة أم ال بد من سعين واحد للعمـرة

للحج؟ وسقت األحاديث الصحيحة في ذلك، ومثل مسألة رمـى واآلخرالجمار الثالث لنفسه ومستنيبه أو موليه، ومثل مسألة منع أخذ الشـعر والظفر عند اإلحرام إذا كان في عشر ذي الحجة ومن نيته أن يضـحي

أو يضحى عنه، ووجوب أخذ ذلك عند إتمام عمرتـه، وبيـان الفـرق وث المفيدة، وتكلمت في الغالب على بعـض بينهما، وغير ذلك من البح

األحاديث التي أوردها الفقهاء في المناسك والزيارة وهي غير صحيحة وال حسنة، كما أني أرجح من الروايات واألقوال ما يوافق الـدليل وإن خالف الصحيح من المذهب، مثل قـول صـاحب المنتهـى واإلقنـاع

ة يستقبل القبلـة مـع أن إنه إذا أتى على رمي جمرة العقب: وغيرهماالصحيح الذي تدل عليه السنة أنه يجعل مكة عن يساره ومنـى عـن يمينه وغير ذلك، وقد تعرضت في بعض المسائل لذكر الخـالف بـين

وال يجوز لمن أراد دخول مكـة أو الحـرم أو : األئمة السيما في فصلوبـاب نسكا تجاوز الميقات بغير إحرام؛ وفي باب اإلحرام ومحظوراته،

.الفدية، فإني قد سقت في ذلك مذاهب األئمة أكثر مما سقته في غيرههذا، وإني قد أسوق العبارة الصريحة في بيان المسألة ثـم أعقبهـا

هذا بعبارة تؤيدها من المنتهى أو اإلقناع أو غيرهما، ولم أتلفت إلى أن .يعد تكرارا ألن منه ما يحلو لزيادة اإليضاح

إذا مات : (ى جمع هذا الكتاب قوله صلى اهللا عليه وسلموقد دعاني إل صدقة جارية، أو علم ينتفع بـه، أو : ابن آدم انقطع عمله إال من ثالث

، وإن لم أكن أهال لإلكرام فقد يكرم الطفيلـي فـي )ولد صالح يدعو له .محل الكرام

هذا، وإني أرجو من الواقف عليه والناظر فيه إن وجد فيه ما يوافق لحق والصواب فليبادر بالقبول ويتذكر يوم الحساب عند رب األربـاب، ا

وإن عثر على شيء زلت فيه القدم أو سبق به القلم فليستحضر بقلبـه

أنه لم يسلم من الخطأ إال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم سيد العـرب :والعجم، كما قيل

آآ ومن ذا الذي ترضى سجاياها كلهاآ آآ.أن تعد معايبهكفى المرء نبال

:وكما قيل آآ من يلتمس للناس عيبا يجد لهمآ

آآ.عيوبا ولكن الذي فيه أكثروأسأل اهللا العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الخطأ والزلـل،

ويحفظنا من التصنع بالقول والعمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكـريم ع مال وال بنون إال مـن أتـى اهللا يوم ال ينف(وسببا للفوز بجنات النعيم

).وما توفيقي إال باهللا عليه توكلت وإليه أنيب) (بقلب سليموهذا أوان الشروع في المقصود بعون اهللا الملـك المعبـود، فـأقول

.وباهللا االعتماد وهو الموفق للصواب والسداد :كتاب المناسك -- إذا تعبـد : ، يقال تنسكجمع منسك بفتح السين وكسرها، وهو التعبد

من النسـيكة، : وغلب إطالقها على متعبدات الحج، والمنسك في األصلومحيـاي (أي ذبيحتي ): إن صالتي ونسكي: (وهي الذبيحة، قال تعالى

: النسك باإلسكان: قال الجوهري). ومماتي هللا رب العالمين ال شريك له .الذبيحة، انتهى: العبادة، وبالضم

والعمرة يجبان بشروط خمسة يأتي ذكرها إن شاء اهللا واعلم أن الحج قصد مكـة وعرفـة : القصد إلى من تعظمه، وشرعا: تعالى والحج لغة

الزيـارة، ويقـال : لعمل مخصوص في زمن مخصوص والعمرة لغـة

زيارة البيت الحرام على وجه مخصـوص، : وشرعا. إذا زاره: أعمره .ووجوبهما بالكتاب والسنة

وهللا على الناس حج البيت من استطاع : (ب فقوله عز وجلفأما الكتا وأتموا الحج : (، وقوله)إليه سبيال ومن كفر فإن اهللا غني عن العالمين

وأما السنة فمنها ما في الصحيحين عن ابن عمر رضـي ). والعمرة هللابنـي : (سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقـول : اهللا عنهما قال

شهادة أن ال إله إال اهللا، وأن محمدا رسـول اهللا، :اإلسالم على خمسوإقام الصالة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت اهللا الحرام من

يـا : (، ومنها حديث عائشة رضي اهللا عنها قالـت )استطاع إليه سبيالنعم عليهن جهاد ال قتال فيه : رسول اهللا هل على النساء من جهاد؟ قال

اه أحمد وابن ماجة بإسناد صحيح، وإذا ثبت ذلك في رو). الحج والعمرة: واألخبار الواردة في فضله كثيرة مشهورة. حق النساء فالرجال أولى

فمنها ما في الصحيحين عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضـي أي العمل أفضل؟ : سئل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: (اهللا عنه قال

: الجهاد في سبيل اهللا، قيل: ثم ماذا؟ قال: يلإيمان باهللا ورسوله، ق: قال ).حج مبرور: ثم ماذا؟ قال

من حـج : (سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: وعنه قال رواه ) هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمـه

غفر له ما : (البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي إال أنه قاللعمرة : (وعنه أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال). تقدم من ذنبه

). إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إال الجنـة رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجـة، وعـن

قلت يا رسول اهللا نرى الجهـاد أفضـل : (عائشة رضي اهللا عنها قالترواه ). لكن أفضـل الجهـاد حـج مبـرور : أفال نجاهد؟ فقالاألعمال

قلت يا رسول : (ولفظه قالت. وابن خزيمة في صحيحه. البخاري وغيرهعليهن جهاد ال قتـال فيـه الحـج : اهللا هل على النساء من جهاد؟ قال

قال رسول اهللا : وعن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه قال). والعمرةتابعوا بين الحج والعمر فإنهما ينفيـان الفقـر (: صلى اهللا عليه وسلم

والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ولـيس للحجـة رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان فـي ). المبرورة ثواب إال الجنة

حجة :وقال أبو هريرة. حديث حسن صحيح: صحيحهما، وقال الترمذين األحاديث واآلثار، وتجب العمرة مبرورة تكفر خطايا سنة وغير ذلك م

على المكي أيضا، ونص الغمام أحمد على أنها ال تجب علـى المكـي كان ابن عباس يـرى العمـر واجبـة : (بخالف غيره، قال اإلمام أحمد

) يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما عمرتكم الطـواف بالبيـت : ويقول .وهو من رواية إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف

والقول بوجوب العمرة على أهل مكة قول ضـعيف : قال شيخ اإلسالم جدا مخالف للسنة الثابتة، ولهذا كان أصح الطريقين عن أحمد أن أهل مكة ال عمرة عليهم رواية واحدة، وفي غيرهم روايتان وهـي طريقـة أبي محمد المقدسي، وطريقة المجد أبي البركات فـي العمـرة ثـالث

.كة انتهى كالمه رحمه اهللا تعالىب على غير أهل مروايات، ثالثها تجوعن اإلمام أحمد رحمه اهللا أن العمرة سنة وليست واجبة، روى ذلك

عن ابن مسعود، وبه قالت المالكية والحنفية وشيخ اإلسالم، فعلى هذه الرواية يجب إتمامها إذا شرع فيها، والمـذهب وجوبهـا كمـا تقـدم؛

باس وزيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن ويروى ذلك عن عمر وابن ع .المسيب وسعيد بن جبير وغيره وهو أحد قولي الشافعي

وفرض الحج سنة تسع من الهجرة عند أكثر العلماء وقيل سنة عشر، وقيل ست، وقيل خمس، ولم يحج النبي صلى اهللا عليـه وسـلم بعـد

اضـي المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع، قال الق هجرته إلىسميت بذلك ألنه صلى اهللا عليه وسـلم ودع النـاس فيهـا، : أبو يعلى

، أو ألنه لم يعد على مكة بعد انتهـى؛ وال )ليبلغ الشاهد الغائب: (وقالخالف بين العلماء أن حجة الوداع كانت سنة عشر من الهجرة وكـان

.قارنا فيهاوسلم كان قارنا ال أشك أنه صلى اهللا عليه: قال اإلمام أحمد رحمه اهللا

سـمعت رسـول اهللا : (والمتعة أحب إلي انتهى، واستدل بما روى أنسصلى اهللا عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعـا يقـول لبيـك عمـر

متفق عليه، وقول اإلمام أحمد والمتعة أحب إلـي، وذلـك ألن ). وحجاـ : (النبي صلى اهللا عليه وسلم تأسف فقال ا لو استقبلت مـن أمـري م، ويأتي الكالم على ذلـك فـي )استدبرت ما سقت الهدى ولحللت معكم

.موضعه إن شاء اهللا تعالىوالحج فرض كفاية كل عام على من لم يجب عليه عينا، نقلـه فـي

.اآلداب الكبرى البن مفلح عن الرعاية البن حمدانقال الشيخ عثمـان بـن . وقال هو خالف ظاهر قول األصحاب انتهى

من ال يجب عليه الحج عينا بأن يكـون : ويمكن أن يقال: نجديقائد الأدى حجة اإلسالم فالحج في حقه بعد ذلك فرض كفاية باعتبار اندراجه في عموم المخاطبين بفرض الكافية فيعزم كل عام على الحج مع القدرة

لو لم يحج غيره، وهو نفل في حقه أيضا باعتبار خصوصه فيسن لـه كل عام مع القدرة، فزيـد مـثال إذا كـان أدى حجـة العزم على الحج

اإلسالم ثم رأى الناس تهيئوا للخروج إلى الحج فعزم علـى الخـروج معهم كان عزمه وأخذه في األسباب على سبيل النفلية ظاهرا، ثـم إذا حج الجميع فمن كان منهم حجته حجة اإلسالم فثوابـه ثـواب فـرض

موم المخاطبين بفرض الكفايـة العين، وغيره إن كان ممن دخل في عأثيب كل فرد منهم ثواب فرض الكفاية الستوائهم في مطلق أداء فرض

.الكفايةوملخص هذا الحج في حق هذا القسم عند التوجه إليه فرض كفايـة

على العموم، نفل على الخصوص، وبعد فعل الحج يتبين أنهـم قـاموا الكفاية، ومثل هـذا بفرض الكفاية فيثابون على الخصوص ثواب فرض

يأتي في الصالة على الميت ونحوها، فال منافاة بـين كـالم الرعايـة وغيرها لما علمت من ثبوت االعتبارين المذكورين، وبهذا أيضا ينـدفع ما أورده الشيخ خالد األزهري في جمع الجوامع، والظاهر أيضا سقوط

هذا مـا فرض الكفاية بفرض العين لحصول المقصود مع كونه أعلى،وال يجب الحج والعمرة في العمر إال . ظهر لي ولم أره مسطورا انتهى

: مرة واحدة إال لعارض نذر أو قضاء نسك، لما روى أبو هريرة قـال يا أيها الناس قد فـرض : (خطبنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فقال

أكل عام يا رسول اهللا؟ فسـكت حتـى : عليكم الحج فحجوا، فقال رجاللو قلت نعم لوجبت ولمـا : الها ثالثا، فقال النبي صلى اهللا عليه وسلمق

خطبنـا : وعن ابن عباس قال. رواه أحمد ومسلم والنسائي). استطعتميا أيها الناس كتب عليكم الحج، : (رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فقال

ا لو قلته: أفي كل عام يا رسول اهللا؟ فقال: فقال األقرع بن حابس فقالولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا أن تعملوا بها، الحـج . لوجبت

ووجوبهما على . رواه أحمد والنسائي بمعناه. مرة، فمن زاد فهو تطوعالفور نص عليه أحمد، فيأثم إن أخرهما بال عذر بناء علـى أن األمـر

: المطلق عند األصوليين للفور، ويؤيد خبر ابن عباس مرفوعـا قـال فإن أحدكم ال دري مـا يعـرض -يعني الفريضة - ا إلى الحجتعجلو(

الحج واجب على الفور عند أكثـر : قال شيخ اإلسالم. رواه أحمد). له . العلماء انتهى

لو كان واجبا على الفور لم يؤخره صلى اهللا عليه وسـلم، : فإن قيل ن أما تأخيره صلى اهللا عليه وسلم هو وأصحابه الحج بناء على أ: قيل

الحج فرض سنة تسع فيحتمل أنه كان في آخرها، أو ألنه أطلـع نبيـه صلى اهللا عليه وسلم على أنه ال يموت حتى يحج فيكون على يقين من

.اإلدراكقال أبو زيد الحنفي، أو الحتمال عدم االستطاعة، أو حاجة خوف في

.حقه منعه من الخروج ومنع أكثر أصحابه خوفا عليهالحج فرض سنة تسع كما تقدم وأن فرضه كـان فـي والصحيح أن

وهللا على الناس حج البيت من : (آخرها، وأن آية فرضه هي قوله تعالىوهي نزلت عام الوفود آخر سنة تسع وأنه صـلى ) استطاع إليه سبيال

اهللا عليه وسلم لم يؤخر الحج بعد فرضه عاما واحدا، وهذا هو الالئـق .ه وسلمبهديه وحاله صلى اهللا علي

الثاني العقـل، . أحدها اإلسالم: للحج والعمرة خمسة شروطويشترط وهما شرطان للوجوب والصحة، فال يجب حج وال عمرة على كافر ولو

مرتدا ألنه ممنوع من دخول الحرم، وهو مناف له، ويعاقب الكافر على الحج والعمرة وعلى سائر فروع اإلسالم كالصـالة والزكـاة والصـوم

أي ال يجب الحج والعمرة : وحيد إجماعا، قال الشيخ عثمان بن قائدكالتعلى الكافر وجوب أداء، وأما وجوب الخطاب فثابت، وهذا مبني علـى

.الصحيح عند األصوليين من خطاب الكفار بالفروع انتهىوال يجب الحج والعمرة عليه باستطاعته في حال ردتـه فقـط بـأن

اإلسالم ألنه ليس من أهل الوجوب زمن استطاع زمن الردة دون زمن الردة، وال تبطل استطاعته في إسالمه بردته، بل يثبت الحج في ذمتـه إذا عاد لإلسالم، وإن حج واعتمر ثم ارتد ثم أسلم وهو مسـتطيع لـم يلزمه حج وال عمرة ألنهما إنما يجبان في العمر مرة واحدة وقد أتـى

يان بهما ال تبطلهما إذا عاد إلـى بهما في حين إسالمه، وردته بعد اإلت .اإلسالم كسائر عباداته

وال يصح الحج والعمرة من الكافر ولو مرتدا، ألن كـال مـن الحـج والعمرة عبادة من شرطها اإلسالم، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط،

لـئن أشـركت : (ويبطل إحرامه ويخرج منه بردته فيه لقولـه تعـالى ).ليحبطن عملك

) رفع القلم عن ثالثـة (يجب الحج والعمرة على المجنون لحديث وال الحديث، وال يصحان منه إن عقده بنفسه أو عقده له وليـه كالصـوم، وإنما صح من الصغير دون التمييز إذا عده له وليه للنص الوارد فـي ذلك، وال تبطل استطاعته بجنونه فيحج عنه، وال يبطل إحرامه بالجنون

عاقل ثم جن بعد إحرامه كالصوم ال يبطل بـالجنون، وال إذا أحرم وهو .يبطل اإلحرام باإلغماء والموت، والسكر كالنوم

الرابع كمال الحرية، وهما شـرطان للوجـوب . الشرط الثالث البلوغ واإلجزاء فقط دون الصحة، فال يجب الحج وال العمرة على الصغير ألنه

فلم يجبا عليه؛ لما فيه مـن غير مكلف، وال على قن ألن مدتهما تطولإبطال حق السيد، وكذا مكاتب ومدبر، وأم ولد ومعتق بعضـه ومعلـق

أن امـرأة (عتقه بصفة، ويصح الحج والعمرة منهم لحديث ابن عباس يا رسول اهللا ألهـذا : رفعت إلى النبي صلى اهللا عليه وسلم صبيا فقالت

.رواه مسلم). نعم ولك أجر: حج؟ قالأهل العبادة فصح منه الحج والعمرة كالحر، وقد نظم الشيخ والقن من

عثمان بن قائد النجدي شروط وجوب الحج والعمرة في بيتـين فقـال :رحمه اهللا تعالى

آآ الحج والعمرة واجبانآ آ.في العمر مرة بال تواني

بشرط إسالم كذا حريةآ آآ.عقل بلوغ قدرة جلية

ة إلى أن وجوبهما بالشروط المـذكورة فقوله في البيت بال توان إشار على الفور، فيأثم إن أخرهما بال عذر، وقوله قدرة جلية إشـارة إلـى

ويجزئ الحج والعمرة كافرا أسـلم وهـو حـر . االستطاعة، واهللا أعلممكلف ثم أحرم بحج قبل دفع من عرفه أو بعده إن عاد فوقف في وقته،

ق من جنون وهو حر مكلف أو أحرم بعمرة ثم طاف وسعى لها، أو أفاوال يجـزئ حـج الصـغير . بالغ ثم أحرم بحج أو عمرة وفعل ما تقدم

والقن والمكاتب والمدبر وأم الولد والمعتق بعضه والمعلق عتقه بصفة عن حجة اإلسالم، إال أن يبلغ الصغير وهو حر مسلم عاقل محرما، أو

و بعده قبل فوات يعتق القن المكلف ونحوه محرما قبل الدفع من عرفة أوقت الوقوف إن عاد إلى عرفة فوقف قبل طلوع فجـر يـوم النحـر، ويلزمه العود إلى عرفة في وقت الوقوف إن أمكنه العود لوجوب الحج على الفور ما لم يكن أحرم مفردا أو قارنا وسعى فيه بعد طواف القدوم

و صغير ولو سعى قن أ: فال يجزئه على األصح، قال في اإلقناع وشرحهبعد طواف القدوم وقبل الوقوف والعتق والبلوغ وقلنا السعي ركن وهو المذهب لم يجزئه الحج عن حجة اإلسالم لوقوع الركن في غير وقـت الوجوب، أشبه ما لو كبر لإلحرام ثم بلغ، فعلى هذا ال يجزئه ولو أعاد السعي بعد البلوغ والعتق ألنه ال يشرع مجـاوزة عـدده وال تكـراره

خالف الوقوف من حيث إنه إذا بلغ أو أعتق بعده وأعاده فـي وقتـه ويجزئه، إذ استدامته مشروعة وال قدر له محدود ما دام وقت الوقـوف باقيا، وقيل يجزئه إذا أعاد السعي لحصول الركن األعظم وهو الوقوف

بلغ أو عتق فـي طوافهـا وإن وتبعية غيره له، وال تجزئ العمرة من .انتهىأعاده وفاقا

ومعنى قوله وال قدر له محدود أن الوقوف بعرفة يكفي ولو لحظة فال ويتجه : يقدر بساعة أو ساعتين ونحو ذلك، قال الشيخ مرعي في الغاية

الصحة ولو بعد سعي إن فسخ حجة إلى عمرة ولم يسق هديا أو يقـف .بعرفة كما يأتي انتهى

ال غبار عليه كما يأتي قلت ما ذكره صاحب الغاية من االتجاه واضح أنه يسن للمفرد والقارن الفسخ إذا لم يسوقا هـديا أو يقفـا بعرفـة، وحينئذ إذا فسخ حجة إلى عمرة صح ذلك بل الفسخ سنة ولكن لو لـم يفسخ حجة إليها، فالذي ينبغي أن يقال به هو القول باإلجزاء إذا أعـاد

مـذهب، السعي، وإن حكى بصيغة التمريض وخالف الصـحيح مـن ال .واهللا أعلم) الحج عرفة(لحديث

ومتى أمكنه العود إلى عرفة في وقت الوقـوف فلـم يفعـل اسـتقر الوجوب عليه سواء كان مؤسرا أو معسرا، ألن ذلك وجب عليه بإمكانه

وال تجزئ عمـرة الصـغير . في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعدهوالمعلق عتقه بصفة عـن والقن والمكاتب والمدبر وأم الولد والمبعض

عمرة اإلسالم إال أن يبلغ الصغير أو يعتق القن ونحـوه فـي العمـرة محرما قبل الشروع في طوافها فتجزئهم عن عمرة اإلسـالم إذا طـاف

.وسعى لهاومنها إذا بلغ الصـبي أو : قال ابن رجب في القاعدة السادسة عشرة

فهل يجزئهمـا عـن عتق العبد وهما محرمان قبل فوات وقت الوقوف حجة اإلسالم؟ على روايتين أشهرهما اإلجزاء، فقيل ألن إحرامهما انعقد

وقيل بل يقدر ما مضى منه كالمعدوم . مراعي ألنه قابل للنقل واالنقالبوقيل إن قلنا اإلحرام شـرط محـض كالطهـارة . ويكتفي بالموجد منه

.ه انتهىللصالة اكتفى بالموجود منه، وإن قيل هو ركن لم يكتف بويكون من بلغ محرما وقن عتـق محرمـا : قال في المنتهى وشرحه

أي بعد بلوغه وعتقه ألنها حال تصح لتعيـين اإلحـرام : كمن أحرم إذاأي حال : كحال ابتداء اإلحرام وإنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين، إذا

ابعه قاله الموفق ومن ت. البلوغ والعتق وما قبله تطوع لم ينقلب فرضاوقال جماعة منهم صاحب الخالف واالنتصار والمجد . وقدمه في التنقيح

ينعقد إحرام الصغير والقن موقوفا، فإذا تغيرت حاله إلى بلوغ : وغيرهم .أي اإلحرام كزكاة معجلة انتهى: أو حرية تبين فرضيته

.قلت لعل من فائدة الخالف زيادة أجر الفرض على النقل، واهللا أعلم ويتجه لو حج وفي ظنه أنه صبي أو قن : الشيخ مرعي في الغايةقال

.فبان بالغا أو حرا أنه يجزئه انتهى :فصل -- ويصح الحج والعمرة من صغير ذكر أو أنثى ولو ولد لحظة، فإن كان

مميزا أحرم بإذن وليه، وإن لم يكن مميزا أحرم عنـه وليـه فيصـير .مالكية والشافعيةالصغير محرما بذلك، وهو مذهب ال

ال ينعقد إحرام الصبي وال يصير محرما بإحرام وليه، : وقالت الحنفية ألن اإلحرام سبب يلزم به حكم فلم يصح من الصبي كالنذر، ودليل مـن

أن امرأة رفعت إلى النبـي صـلى اهللا : (قال بالصحة حديث ابن عباس .رواه مسلم). نعم ولك أجر: ألهذا حج؟ قال: عليه وسلم صبيا فقالت

ويحرم ولي في مال عمن لم يميز لتعذر النية : قال في المنتهى وشرحه منه، وولي المال األب أو وصيه أو الحاكم، وظاهره ال يصح من غيرهم

قلت إن لم يكن ولي فمن يلي الصغير يعقد له كما ذكره فـي . بال إذنهم .اإلقناع وغيره في قبول زكاة وهبة انتهى

: وهذا ظاهر قوله صلى اهللا عليـه وسـلم : محمد الخلوتي قال الشيخ .حيث لم يستفصل فيسأل هل له أب حاضر أو ال؟ انتهى) نعم ولك أجر(

فإن أحرمت عنه أمه صح لقول النبي صـلى : قال الموفق في المغني وال يضاف األجر إليها إال لونه تبعا ال فـي ) ولك أجر: (اهللا عليه وسلميحرم عنـه أبـوه أو وليـه : مام أحمد في رواية حنبلاإلحرام، قال اإل

ظاهر كالم أحمد أنه ال يحرم عنه إال : واختاره ابن عقيل، وقال القاضيوليه، ألنه ال والية لألم على ماله، واإلحرام يتعلق به إلزام مـال فـال

يصح من غير ذي والية كشراء شيء له، فأما غير األم والـولي مـن . وابنه فيخرج فيهم وجهان بناء على القول في األم األقارب كاألخ والعم

أما األجانب فال يصح إحرامهم عنه وجها واحدا انتهى ملخصا؛ ومعنى إحرام الولي عنه، نيته إلحرام له فيجرده كما يجرد الكبير نفسه، ويعقد له اإلحرام، ويصير الصغير محرما سواء كان الولي محرمـا أو حـالال

جة اإلسالم، أو ممن كان قد حج عن نفسه، وألن الـولي ممن عليه حيعقد له النكاح ولو كان مع الولي أربع نسوة، ويقـع إحـرام الصـغير

ويتجه احتمـال : الزما، وحكمه كالمكلف نصا، قال في الغاية وشرحهاقوي الصحة لو أحرم الولي عن نفسه وعن موليه الغير المميز معـا،

.على حدته وهو متجه انتهىكما لو جعل لكل إحراما أدخلت نفسي وهذا الصغير في نسك كذا ونحـو ذلـك، : وعليه فيقول

شخص يصح أن يحرم عن غيره بـالحج فـي حـال : ويعايا بها فيقالإحرامه عن نفسه، ويجاب عنها فيقال هذا في الولي فإنـه يصـح أن

.يحرم عن الطفل المولى عليه ولو كان الولي محرما، واهللا أعلمويحرم مميز بإذن الولي عن نفسه ألنه يصح وضوءه فيصح إحرامه

.كالبالغ، وليس لولي المميز تحليله إذا أحرم كالبالغوال يصح إحرام المميز بغير إذن وليه ألنه يؤدي إلى لزوم ما لم يلزم

فلم ينعقد بنفسه كالبيع؛ وال يحرم الولي عن المميز لعدم الـدليل علـى كن الصغير، مميزا كان أو دونه، فعله بنفسه كـالوقوف ذلك وكل ما أم

بعرفة والمبيت بمزدلفة وليالي منى لزمه فعله؛ بمعنى أنه ال يصـح أن يفعل عنه لعدم الحاجة إليه، ال بمعنى أنه يأثم بتركه ألنه غيـر مكلـف سواء أحضره الولي فيهما، أعني الوقوف والمبيت أو غير الولي أو لم

فعل ولي بنفسه أو نائبه عن مميز وغيره ما يعجزهمـا يحضره أحد، ويمن أفعال حج وعمرة، لكن ال يبدأ ولي أو نائبه في رمـي جمـرات إال بنفسه كنيابة حج، فإن بدأ برمي عن موليه وقع عن نفسـه إن كـان محرما بفرضه، كمن أحرم عن غيره وعليه حجة اإلسـالم، قـال فـي

من قد رمى عن نفسه ألنه ال يجوز وال يجوز أن يرمي عنه إال: المغنيلكـن : أن ينوب عن الغير وعليه فرض نفسه، قال في المنتهى وشرحه

ال يبدأ ولي في رمي جمرات إال بنفسه كنيابة حج، فإن رمى عن موليه .وقع عن نفسه إن كان محرما بفرضه انتهى

قال الشيخ محمد الخلوتي على قول صاحب المنتهى لكن ال يبدأ فـي أي فيما إذا كان حج فرض كما قيد به في شرحه، قال : ي إال بنفسهرم

وما عجز عنه الصغير فعله عنه الـولي لكـن ال : في اإلقناع وشرحهأي عن الصغير إال من رمى عن نفسه كمـا فـي : يجوز أن يرمي عنه

النيابة في الحج إن كان الولي محرما بفرضه، قاله في المبدع وشـرح ال وقع الرمي عن نفسه كمن أحـرم عن الصغير أوالمنتهى، وإن رمى

.عن غيره وعليه حجة اإلسالم، انتهى ملخصايفهم من كالمهم أنه إذا كان الولي محرما بنفل الحج أنه يجوز : قلت

له أن يرمي عن موليه قبل رميه عن نفسه، ويقاس عليه النائب فـي لنائب محرما بنفل رمي الجمار إذا رمى عن مستنيبه قبل نفسه إذا كان ا

الحج، ويأتي البحث في ذلك مستوفى عند ذكـر رمـي الجمـار، واهللا .الموفق للصواب

ويتجه أنه ال يصح رمي عن صغير من : قال الشيخ مرعي في الغاية غير موليه كما ال يصح اإلحرام من غيره عنه وتقدم وهو متجه، قـال

.لحج انتهىشارح الغاية أو من أذن له الولي كبقية أفعال اوهو صريح في كالمهم حيث قالوا ويفعل ولي صغير ومميز بنفسه أو

قال اإلمـام : نائبه ما يعجزهما من أفعال الحج، قال الموفق في المغني .أحم يرمي عن الصبي أبواه أو وليه انتهى

وكان ابن عمر رضي اهللا عنهما يحج بصبيانه وهـم صـغار فمـن ومن لم يستطع أن يرمي، رمى عنه، وإن استطاع منهم أن يرمي رمى،

كان الولي حالال لم يعتد برميه ألنه ال يصح منه لنفسه رمى، فال يصح عن غيره، ومعنى هذا أنه ال يعتد برمي الحالل وهو من لم يحـج فـي هذه السنة التي رمى فيها ألنه غير متلبس بعبادة الحج في هذه السـنة

منها ولذا لم يصح منه الرمـي عـن فلم يكن صالحا ألدائها وال شيء نفسه لكونه لم يحج، وإذا لم يصح منه عن نفسه فعن غيره من بـاب

.أولى، هذا ما ظهر لي، واهللا أعلموال يرد عليه إحرام الولي عمن لم يميز حيث كان يصح إحرامه عنه

ولو كان حالال، ألنا نقول إذا عقد الولي اإلحرام للصغير صار الصـغير كما تقدم قريبا، وإن أمكن الصبي أن يناول النائب الحصا ناوله محرما

إياه وإال استحب أن توضع الحصاة في كفه ثم تؤخذ فترمى عنه، فـإن وضعها النائب في يده ورمى بها عنه فجعل يده كاآللة فحسن ليوجـد منه نوع عمل، وإن أمكن الصغير أن يطوف ماشيا فعله كـالكبير وإال

أو راكبا كالمريض، ويجوز وإن لم يكن الطفل طـاهرا طيف به محموالشخص صـح : ألن طهارته ليست شرطا لصحة طوافه، فيعايا بها فيقال

طوافه بال طهارة وال تيمم من غير عجز عن استعمال ذلك وال عدم، وال فرق بين أن يكون الحامل له حالال أو حراما ممن أسقط الفرض عـن

مل له بمنزلة المركوب ولوجود الطواف من الصبي نفسه أوال جعال للحاكمحمول مريض، ولم يوجد من الحامل إال النية كحالة اإلحرام بخـالف

.الرميوتعتبر النية من الطائف به، فإن لم ينو الطواف عـن الصـبي لـم

وتعتبر النية من الطـائف بـه، قـال الشـيخ : يجزئه، قال في اإلقناعالتمييز وإال فال بد من النية منه كـاإلحرام ولعله إذا كان دون: منصور .انتهى

ويعتبر نية طائف به انتهى، قـال الشـيخ محمـد : قال في المنتهى لعله في غير المميز على قياس اإلحرام، وعلى قياسه أيضـا : الخلوتي

.أنه إذا كان مميزا يأتي به لنفسه بنيته بإذن وليه انتهىد له اإلحرام بأن يكون وليه أو نائبـه ويعتبر كونه ممن يصح أن يعق

ألن الطواف تعتبر له النية فلما تعذرت من الصغير اعتبرت ممـن لـه النيابة عنه بالشرع، بخالف الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى، فإن نوى الطائف بالصغير الطواف عن نفسه وعن الصبي وقع الطواف عن

ألن الطواف فعل واحد ال يصـح الصبي كالكبير يطاف به محموال لعذر، وقوعه عن اثنين، ونفقه الحج التي تزيد على نفقة الحضر وكفارته في مال وليه إن كان وليه أنشأ السفر به تمرينا على الطاعة ألنه السـبب فيه وكما لو أتلف مال غيره بأمره قال ابن عقيل، وال حاجة إلى التمرن

رة واحدة وقد ال يجب إذا فقـدت على الحج ألنه ال يجب في العمر إال م .شروطه أو أحدهما

مقيما وأما نفقة الحضر، ففي مال الصبي بكل حال ألنه ال بد له منها كان أو مسافرا، وأما سفر الصبي مع الولي للتجارة أو الخدمة أو إلـى مكة ليستوطنها أو ليقيم بها لعلم أو غيره ممـا يبـاح للـولي السـفر

حج وغيره ومع اإلحرام وعدمه، فـال نفقـة علـى بالصبي في وقت الالولي بل هي على الصبي قال في المبدع رواية واحدة، وعمد صـغير وعمد مجنون لمحظور خطأ ال يجب فيه إال ما يجب في خطأ المكلف أو

فال يجب بفعلهما شيء إال فيما يجـب في نسيانه لعدم اعتبار قصدهمالشعر وتقليم الظفر وقتل الصـيد على المكلف في خطأ ونسيان كإزالة ا

.والوطء، بخالف الطيب ولبس المخيط وتغطية الرأسأي إذا طرأ جنونه بعد إحرامه وإال فسـيأتي أن : قال الشيخ الخلوتي

.اإلحرام ال ينعقد مع الجنون وال اإلغماء وال السكر انتهىهما يأتي ذلك في باب اإلحرام وتقدم شيء منه، وإن فعل الولي ب: قلت

فعال لمصلحة كتغطية رأس الصغير أو المجنون المحرم لبرد أو حر أو تطيبه لمرض أو حلق رأسه ألذى، فكفارته على الولي إذا كان الـولي أنشأ السفر به تمرينا على الطاعة، أما لو سافر به لتجارة ونحوها فهي في مال الصبي كما لو فعله الصبي نفسه، هذا مقتضى مـا نقلـه فـي

وع والمبدع، وشرح المنتهى لمؤلفه الفتوحي عن المجد واقتصروا الفرعليه، فأما إن فعله الولي ال لعذر فكفارته عليه بكل حال كمـن حلـق

وإن وجب في كفـارة : رأس محرم بغير إذنه، قال في المنتهى وشرحهعلى ولي بأن أنشأ السفر به تمرينا على الطاعة صوم صام الولي عنه

تداء كصوم عن نفسه، وعلم منه أن الكفارة لو لم تجب لوجوبها عليه اب

على الولي ودخلها صوم لم يصم الولي، ألن الواجب بأصل الشـرع ال .تدخله النيابة انتهى

قوله وإن وجـب فـي : قال الشيخ منصور في حاشيته على المنتهى كفارة على ولي إلى آخره، يعني إذا وجبت الكفارة على الولي لكونـه

سفر به تمرينا على الطاعة وكان فيها صـوم فللـولي الصـوم أنشأ اللوجوبها عليه ابتداء كصومه عن نفسه، وعلم منه أنه ال يصـوم فـي كفارة عن الصبي حيث وجبت عليه ألن الواجب بأصل الشرع ال تدخله

.النيابة كما مر، هذا مفهوم كالمه في الفروعفي كفارة صـوم صـام وإن وجب: وعبارة التنقيح وتبعه في اإلقناع

الولي فعمومه يتناول ما إذا كانت الكفارة على الولي أو الصبي، وهـل هو مراد لكون الصوم إذا من توابع الحج فتدخله النيابة تبعا كركعتـي الطواف، ويكون مخالفا لكالم الفروع كما هو مقتضـى قولـه، يعنـي

لفا ألصـله أو وإن وجدت فيه شيئا مخا: صاحب التنقيح في أول خطبتهغيره فاعتمده فإنه وضع عن تحرير أو ال لكونه جزم في اإلنصاف بما قاله في الفروع غير حاك فيه خالفا، ولعل هـذا هـو حكمـة عـدول المصنف، يعني الشيخ محمد بن أحمد الفتوحي في المنتهى عمـا فـي

.التنقيح مع كونه التزمه أوال انتهىقوله وإن وجـب فـي : حاشية المنتهى قال الشيخ محمد الخلوتي في

كفارة إلى آخره هذه العبارة تبع المصنف فيها ظاهر كالم الفروع وهو وإن وجب في كفارة : مخالف لظاهر عبارة التنقيح، وعبارته في التنقيح

صوم صام الولي وتبعه في اإلقناع في التعبير، وكـل مـن العبـارتين ض بحسب الظـاهر ألن صـدرها مشكل، أما األولى فلما فيها من التناق

يقتضي أن الكفارة استقرت على الولي، وقوله عنه يقتضي أنها وجبت على موليه، وأما الثانية فألن إطالقها يقتضي أنه متى وجب في الكفارة صوم سواء كانت وجبت على الولي أو الصغير لـزم الـولي الصـوم،

: فإن قلت. بةفيقتضي أن ما وجب في الصوم بأصل الشرع تدخله النياويجاب عن التناقض الالزم عليها بأن . األولى: أي العبارتين أولى؟ قلت

قوله صام عنه ليس لكون الكفارة استقرت على الصـبي بـل لكـون الوجوب جاء من جهته ألن أصل الفعل عنه، وبأن الضمير فـي عنـه راجع للواجب ال للصغير وإن كان هذا خالل حل شيخنا، يعنـي خالـه

وعبارة المبدع، فإذا وجبت علـى الـولي . منصورا في شرحهالشيخ .ودخل فيها الصوم فصومها عن نفسه انتهى

عبارة المصنف، يعني صاحب المنتهى، ولـو وهي معينة للمراد من أسقط يعني صاحب المنتهى لفظ عن لكان أظهر للمـراد انتهـى كـالم

.الخلوتيقولـه صـام عنـه؛ : هىقال الشيخ عثمان بن قائد في حاشية المنت

المتبادر من عبارته أن الصوم عن الصغير، وهو مناقض لقوله وجـب والحاصل أن صوم كفارة واجبة على ولـي واجـب علـى . على ولي

الولي، وصوم كفارة في مال الصبي واجب على الصبي إذا بلـغ كمـا متى دخل في الكفارة الالزمة للولي صـوم : وفي المبدع. ذكره منصور

نفسه، وهي ظاهرة ال غبار عليها فيتعين حمل ما نهى علـى صام عن أي عن ذلك الواجب، اللهم إال أن يقال معنـى : ذلك بأن يراد بقوله عنه

كونه عن الصغير أن الوجوب إنما جاء من جهته فنسب إليـه، وفـي التنقيح واإلقناع وإن وجب في كفارة صوم صام الولي وفيها عموم غير

في اإلنصاف بما قاله في الفروع الذي جـزم بـه مراد بقرينة أنه جزم: المصنف، يعني صاحب المنتهى هنا غير حاك فيه خالفا، قال منصـور

ولعل هذا حكمة عدول المصنف عما في التنقيح مع كونه التزمـه أوال .فما هنا أولى من عبارتهما على ما فيه فتأمل انتهى كالم عثمان

وعلى هـذا لـو : اع بعد كالم سبققال الشيخ منصور في شرح اإلقن كانت الكفارة على الصبي ووجب فيها صوم لم يصم الولي عنه بل يبقى

فإن مات أطعم عنه كقضاء رمضان وهذا مقتضـى . في ذمته حتى يبلغ .كالمه أيضا في المبدع وشرح المنتهى لمؤلفه

وإن وجب فـي : انتهى كالم الشيخ منصور وفي الغاية للشيخ مرعي مطلقا صوم صام ولي خالفا للمنتهي في تفصيله، إذ الصـوم ال كفارة

.يصح ممن لم يميز ومن مميز نفل انتهىوإن وجب في كفارة صـوم : قال الشيخ سليمان بن علي في منسكه

.صام ولي إذ الصوم من الطفل ال يصح ومن المميز نفل انتهىـ :تبنيه ذه المسـألة تبين من العبارات المتقدمة حصول الخالف في ه

فصاحب الفروع واإلنصاف فيه والمبدع والمنتهى وشـرحيه للمؤلـف وحاشية الشيخ منصور على المنتهى وشرحه على اإلقنـاع، . ومنصور

والشيخ محمد الخلوتي في حاشيته على المنتهى، والشيخ عثمان بـن قائد النجدي في حاشيته على المنتهى يرون أنه إذا وجبت الكفارة على

دخلها صوم صام الولي، وإن وجبت الكفارة على الصـبي فـال الولي ويصوم الولي عنه؛ وأما صاحب التنقيح فيه وصاحب اإلقنـاع والغايـة وسليمان بن علي فيرون أنه إذا وجب في كفارة صـوم صـام الـولي

.سواء كانت الكفارة على الولي أو الصبي

لمسألة في هـذا ويكون حكم ا. أي القولين أولى؟ قلت األول: فإن قيل وعلى هذا لو كانت الكفـارة علـى : كما قاله الشيخ منصور حيث قال

الصبي ووجب فيها صوم لم يصم الولي عنه بل يبقى في ذمتـه حتـى يبلغ، فإن مات أطعم عنه كقضاء رمضان انتهى كـالم منصـور، واهللا

.أعلمـ د ووطء الصبي كوطء البالغ ناسيا، فإن كان قبل التحلـل األول أفس

حجه وإال فال ويمضي في فاسده ويلزمه القضاء بعد البلوغ نصا، ويعايا صبي مميز كلفناه بالحج في صباه مع أنه ال يصح إال بعـد : القبها في

هذا فيما إذا أحرم بالحج بإذن وليه ثم أفسده : البلوغ ويجاب عنها فيقالمنصوص، بالجماع فإنه يلزمه القضاء لكن ال يصح إال بعد البلوغ في ال

فلو قضاه قبل بلوغه لم يصح نص عليه ألنه إفساد إلحرام الزم وذلـك يقتضي وجوب القضاء، ونية الصبي تمنع التكليف بفعل العبادات البدنية لضعفه عنها، ونظير ذلك وجود االحتالم أو الوطء من المجنون، فإنـه

أهليته يوجب الغسل عليه لوجود سببه وال يصح منه إال بعد اإلفاقة لفقد .للغسل في الحال

وكذا الحكم إذا تحلل الصبي من إحرامه لفوات وقت الوقـوف فـإن يقتضيه إذا بلغ، وفي الهدي التفصيل السابق أو تحلل الصبي إلحصار، وقلنا يجب القضاء يقضيه إذا بلغ والفدية على مـا سـبق، ويـأتي أن

د البلوغ لزمه المحصر ال يلزمه قضاء، لكن إذا أراد الصبي القضاء، بعأن يقدم حجة اإلسالم على المقضية كالمنـذورة، فلـو خـالف وقـدم المقضية على حجة اإلسالم فهو كالحر البالغ يحرم قبل الفرض بغيـره فينصرف نفله إلى حجة اإلسالم ثم يقضي بعد ذلك، ومتى بلغ الصـبي

في الحجة الفاسدة التي وطيء فيها في حال يجزئه عن حجة الفرض لو نت صحيحة بأن بلغ وهو بعرفة أو بعده وعاد فوقف في وقته ولـم كا

يكن سعى بعد طواف القدوم لحجة أو قرانه فإنه يمضي في تلك الحجة التي بلغ في أثنائها ثم يقضيها فورا ويجزئه ذلك الحج القضـاء عـن حجة اإلسالم والقضاء كما يأتي نظيره في العبد، أما إن كان قد سـعى

وم، فقد تقدم في الشرط الثالث من شروط الحج الكـالم بعد طواف القدفي ذلك فراجعه إن أردت، وذكر الموفق في المغني وجها أن الصبي ال يجب عليه القضاء إذا أفسد حجه لئال تجب عبادة بدنية على من لـيس

.من أهل التكليف، وهذا الوجه وجيه، واهللا أعلم :فصل -- ر أو أنثى صغير أو كبير على ما تقدم ويصح الحج والعمرة من قن ذك

في الصغير الحر لعدم المانع، ويلزمان القن البالغ بنـذره لهمـا، أمـا الصغير فال ينعقد نذره، وال يجوز أن يحرم قن بنذر وال نفـل، ومثلـه مدبر وأم ولد، وال أن تحرم زوجة بنفل حج أو عمرة إال بـإذن سـيد

د القن والمرأة اإلحرام بنفل بـال وزوج لتفويت حقهما باإلحرام، فإن عقإذن سيد وزوج، فللزوج والسيد تحليلهما ويكونان كمحصر، ويأثم من لم يمتثل من قن وزوجه، وله وطء زوجته وأمته إذا أحرمتا بال إذنه إذا أمرهما بالتحلل وخالفتا، وال يجوز لزوج وسيد تحليلهما مع إذن لهمـا

زوج وسيد رجـوع فـي إذن في إحرام لوجوبه بالشروع، ويصح من بإحرام قبل إحرامهما، ومتى علما برجوع امتنع عليهما اإلحرام كما لو لم يأذن الزوج والسيد وإال فالخالف في عزل الوكيل قبل علمـه بعـزل

والمذهب أنه ينعزل فيكون الحكم هنا كما لو لم يأذنـا، قـال : موكله له

يعلم من أحرم بـالرجوع فله التحليل إذا وإن لم: الشيخ عثمان النجدي .انتهى

وال يصح رجوع في إحرام بعد إذن فيه وبعد إحرام للزومه، وال يجوز لزوج وسيد تحليل زوجة وقن أحرما بنذر أذن فيه زوج وسـيد للقـن والزوجة، فإن لم يأذنا في اإلحرام بالنذر فللسيد تحليل قنه مننه، وليس

لواجب بأصـل الشـرع، وال للزوج تحليل زوجته منه لوجوبه عليها كايمنع زوج زوجته من فرض كملت شروطه ونفقتها عليه كقـدر نفقـة الحضر وما زاد فمن مالها، ويستحب لها استئذانه فإن أذن وإال حجـت بمحرم، فلو لم تكمل شروطه فله منعها من الخروج إليه ومن اإلحـرام

فلـو لـم :قال الشيخ عثمان. به لتفويتها حقه فيما ليس بواجب عليهاتكمل شروط الوجوب بل شروط اإلجزاء أعني سوى االستطاعة بـدليل أنه لو كان نفال في حق غير المستطيعة لملك تحليلها، والحاصـل أنـه متى أحرم الحر المسلم المكلف غير المستطيع فإنه يلزمه المضي فيـه ويجزئه ذلك عن حجة الفرض بحيث أنه لو استطاع بعد ذلك لم تلزمـه

ويأتي أن االستطاعة شرط للوجوب . ، رجال كان أو امرأة انتهىإعادتهفقط ال للصحة واإلجزاء، وإن أحرمت بحج الفرض الـذي لـم تكمـل شروطه بال إذنه لم يملك تحليلها لوجوب إتمامه بشروعها فيه، وليس للزوج منعها من العمرة الواجبة إذا كملت شروطها وال تحليلها منها إذا

ومن . لم تكمل شروطها لوجوبها بالشروع فيها كالحج أحرمت بها وإنأحرمت بواجب حج أو عمرة بأصل الشرع أو النذر فحلف زوجها ولـو بالطالق الثالث ال تحج العام لم يجز أن تحل من إحرامها للزومه ويقـع عليه الطالق، وتصير في هذه الحال بال محرم، إن لم يكن معها غيـره

لها، وإن أفسد قن حجه بوطء فيـه قبـل ممن يصلح أن يكون محرماالتحلل األول مضى في فاسده وقضاه كحر، ويصح القضـاء مـن قـن مكلف في رقه ألنه وجب فيه فصح كالصالة والصـيام بخـالف حجـة اإلسالم، وليس لسيده منعه من قضاء إن كان شرع فيما أفسده من حج

موجبه قضاء أو عمرة بإذنه، ألن إذن السيد فيه إذن في موجبه، ومنما أفسده على الفور، فإن لم يكن بإذن السيد فله منعه منه كالنذر، وإن عتق القن قبل أن يأتي بالقضاء لزمه أن يبتدئ بحجة اإلسـالم ألنهـا آكد، فإن خالف فبدأ بالقضاء فحكمه كالحر يبدأ بنذر أو غيره قبل حجة

فـي المنتهـى اإلسالم فيقع عن حجة اإلسالم ثم يقضي في القابل، قالوإن عتق قن في الحجة الفاسدة أو بلغ الحـر فـي الحجـة : وشرحه

الفاسدة وكان عتقه أو بلوغه في حال تجزئه عن حجة الفرض لو كانت الحجة الفاسدة صحيحة مضى فيها كـالحر وقضـاها وأجزأتـه حجـة القضاء عن حجة اإلسالم وحجة القضـاء ألن القضـاء يحكـي األداء

أي بأن كان ذلك قبل الـدفع : حال تجزئه عن الفرضفقوله في . انتهىمن عرفة أو بعده وعاد ووقف في وقت الوقوف ولم يكن سـعى بعـد طواف القدوم لحجه أو قرانه كما مر، أما إن بلغ بعد الوقوف ولم يقف ثانيا فإنه ال تجزئه حجة القضاء عن حجة اإلسالم والقضاء؛ قال المحب

ا لم تجزئه فليس له فعل حجة القضاء قبـل وإذ: بن نصر اهللا البغدادياإلسالم فإن أحرم بالقضاء انصرف إلى حجـة اإلسـالم ويبقـى حجة

القضاء في ذمته كالعبد إذا أفسد حجته ثم عتق فإنهم ذكروا ذلك فيهما، .انتهى كالم ابن نصر اهللا

وقن في جنايته بفعل محظور في إحرامه كحر معسـر فـي الفديـة ت العبد ولم يصم ما وجب عليه فيسن لسيده أن يطعـم بالصوم، فإن ما

عنه كما ذكروه في قضاء رمضان وال يصوم عنـه، وإن تحلـل القـن لحصر عدو منعه من الحرم أو حلله سيده لعدم إذنه له لم يتحلل قبـل الصوم كحر أحصر وأعسر فيصوم عشرة أيام بنية التحلل ثـم يتحلـل،

عليه لوجوبه بأصل الشرع فهو وليس للسيد منع القن من الصوم نص كرمضان، وإن أفسد قن حجة بأن وطيء فيه قبل التحلل األول صام عن البدنة عشرة أيام كالحر المعسر، وكذا إن تمتع قن أو قـرن أو أفسـد

ثالثة في الحج وسبعة إذا رجع ألنـه : عمرته صام عن الدم عشرة أيامبصفة والمبعض حكـم ال مال له، وحكم المدبر والمكاتب والمعلق عتقه

القن فيما ذكره، ومشترى القن المحرم كبائعه في تحليله إن كان أحـرم بال إذن بائعه وفي عدمه إن كان أحرم بإذنه، وللمشتري فسخ البيع إن لم يعلم بإحرام القن لما فيه من تفويت منافعه عليه مدة الحج ولم يملك

إن ملك مشتر تحليله بأن المشتري تحليله إن كان إحرامه بإذن البائع، فكان أحرم بال إذن البائع فال فسخ ألن إبقاءه في اإلحرام كإذنه له فيـه

.ابتداء وكذا ال فسخ للمشتري إن علم أنه محرم :فصل -- وليس للوالدين منع ولدهما من حج الفرض والنذر وال تحليله منـه،

ل منه، وكذا كل وال يجوز للولد طاعتهما في ترك الحج الواجب أو التحلما وجب كصالة الجماعة والجمع والسفر للعلم الواجب ألنها فرض عين فال يعتبر إذن األبوين فيها كالصالة، ولكل من أبوي حر بالغ حرين منع ولدهما البالغ من إحرام بنفل حج أو عمرة كمنعـه مـن نفـل جهـاد

يعتبر لإلخبار، وأما ما يفعله في الحضر من نفل نحو صالة وصوم فال .فيه إذن وتجب طاعتهما في غير معصية

.قال في المستوعب وغيره ولو كانا فاسقين وهو ظاهر إطالق أحمد قال في اإلنصاف وظاهر رواية المرودي ال طاعة لهما فـي مكـروه

.وظاهر رواية جماعة ال طاعة لهما في ترك مستحب .سنة راتبةال يجوز منع ولده من : وقال المجد وتبعه ابن تميم تجب طاعتهما فيما فيه نفع لهما وال ضرر عليـه : قال شيخ اإلسالم

.ولو شقووقع خلف في المبـاح، فقيـل يلزمـه : قال الشيخ مرعي في الغاية

طاعتهما ولو كانا فاسقين فال يسافر إال بإذنهما، ويتجه صحة هذا فـي .سفر وفي كل ما يخافان عليه منه انتهى

لدهما البالغ إذا أحرم بحج التطوع لوجوبـه بالشـروع وال يحلالن و فيه، وال يحلل غريم مدينا أحرم بحج أو عمـرة لوجوبهمـا بالشـروع فيهما، وليس لولي سفيه مبذر بالغ منعه من حج الفرض وعمرتـه وال تحليله من إحرام بأحدهما لتعينه عليه كالصالة وتدفع نفقته إلـى ثقـة

مقام الولي في التصرف له، ويحلل سـفيه ينفق عليه في الطريق يقومبصوم كحر معسر إذا أحرم السفيه بنفل لمنعه في التصرف في ماله إن زادت نفقة السفر على نفقة اإلقامة ولم يكتسب السـفيه الزيـادة فـي سفره، فإن كانت نفقة السفر بقدر نفقة الحصر أو زادت وكان يكتسـب

.الزائد لم يحلل ال ضرر عليه في ماله :فصل --

الشرط الخامس لوجوب الحج والعمرة االستطاعة لآليـة واألخبـار، وهي شرط للوجوب فقط ال للصحة واإلجزاء، فغير المستطيع إذا حـج واعتمر صح ذلك منه وأجزأه عن حجة اإلسالم وعمرتـه، وال تبطـل االستطاعة بجنون ولو مطبقا وال ردة، ويحج عنهما، وكذا الموت، على

.تي إن شاء اهللاما يأواالستطاعة ملك زاد يحتاجه في سفر ذهابـا وإيابـا مـن مـأكول

ومشروب وكسوة وملك وعائه ألنه ال بد منه، وال يلزمه حمل الزاد إن وجد بثمن مثله أو زائد يسيرا بالمنازل في طرق الحاج، وملك راحلـة

لمثله فـي لركوبه بآلتها بشراء أو كراء يصلحان أعني الراحلة وآلتها مسافة قصر عن مكة وهي مسيرة يومين قاصدين معتدلين، وذلك أربع وعشرون ساعة بسير األثقال من اإلبل ودبيب األقدام، وال يعتبر ملـك راحلة فيما دون مسافة القصر عن مكة من مكي وغيره بينه وبين مكن دون المسافة كأهل لزيمة وبحرة ووادي فاطمة المسمى سـابقا بمـر

ن ونحوهم، لقدرتهم على المشي فيها غالبا، وألن مشقتها يسيرة الظهرا: ع بها بخالف البعيدة، ويعايا بها فيقـال وال يخشى فيها عطب لو انقط

هذا فيمـا : فقير ال يجد راحلة مع وجوب الحج عليه ويجاب عنها فيقالإذا كان بمكة أو قريبا منها وهو قادر على المشي، وكذا من مكـل مـا

لكنه أخر الحج حتى افتقر فإن الحج واجب في ذمته واهللا أعلم، يحج به إال لعاجز عن المشي كشيخ كبير فيعتبر له ملك الراحلة بآلتها حتى فيما

وأمـا الـزاد . دون مسافة القصر، وال يلزمه السير حبوا ولو أمكنـه فيعتبر، قربت المسافة أو بعدت مع الحاجة إليه أو ملك ما يقدر به من

و عرض على تحصيل الزاد والراحلة وآلتهما، فإن لم يملك ذلك لم نقد أ

يلزمه الحج لكن يستحب لمن أمكنه المشي والكسب بالصنعة، ويكـره لمن حرفته المسألة، وينبغي أن يكثر من الزاد والنفقة عند إمكانه ليؤثر محتاجا ورفيقا، وأن تطيب نفسه بما ينفقه ألنـه أعظـم فـي أجـره،

ال يشارك غيره في الزاد وأمثاله، واجتماع الرفاق كل يوم ويستحب أن على طعام أحدهم على المناوبة أليق بالورع من المشاركة في الـزاد، ويعتبر كون ما تقدم من الزاد والراحلة وآلتهما أو ما يقدر بـه علـى تحصيل ذلك فاضال عما يحتاج إليه من كتب ومسكن للسكنى أو مسكن

فقته أو نفقة عياله أو بضاعة يختل ربحها المحتاج يحتاج إلى أجرته لنإليه لو صرف فيه شيئا منها لما فيه من الضرر عليه ، وخادم لنفسـه ألنه من الحوائج األصلية وعما ال بد له منه من لباس مثلـه وغطـاء ووطاء وأوان ونحوها، وفاضال عن قضاء دينه حـاال كـان الـدين أو

بد له منه كمؤنثه ومؤنة عيالـه الـذين مؤجال هللا أو آلدمي، وعما التلزمه مؤنتهم، لكن إن كن المسكن واسعا أو الخادم نفسيا فـوق مـا يصلح له وأمكن بيعه وشراؤه قدر الكفاية منه ويفضل ما يحـج بـه،

مستطيع، فإن لم يفضل عنه ما يحج به لم يلزمه، وكـذا لزمه ذلك ألنه ويقدم النكاح مـع عـدم . رىإن استغنى بإحدى نسختي كتاب باع األخ .الوسع للنكاح والحج من خاف العنت نصا

ويعتبر في االستطاعة أن يكون له إذا رجـع : قال في اإلقناع وشرحه من حجه ما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام ولـم يعتبـر علـى رواية ما يكفيه بعد رجوعه، فيعتبر إذا أن يكون له ما يقـوم بكفايتـه

عياله إلى أن يعود، وجزم به في الكافي والروضة، وقدمه فـي وكفايةوأن يكون فاضال عن : الرعاية انتهى ملخصا، قال في المنتهى وشرحه

مؤنته ومؤنة عياله على الدوام حتى بعد رجوعه من عقار أو بضـاعة أ راتب من بيت المال : يتجر فيها أو صناعة ونحوها، كعطاء من ديوان

.يلزمه لتضرره بإنفاق ما في يده إذا انتهى ونحوه، وإال لموالزاد الذي تشترط القدرة عليه هو ما يحتاج إلهـي : قال في المغني

في ذهابه ورجوعه من مأكول ومشروب وكسوة، فإن كـان يملكـه أو وجده يباع بثمن المثل في الغالء والرخص أو بزيادة يسيرة ال تجحـف

بماله لم يلزمه كما قلنا في شراء بماله لزمه شراؤه، وإن كانت تجحفوأما الراحلة فيشترط أن يجد راحلة تصحل : المال للوضوء إلى أن قال

ويعتبر أن يكون هذا فاضال عما يحتاج إليـه لنفقـة : لمثله إلى أن قالوأن يكون فاضال عمـا . عياله الذين تلزمه مؤنتهم في مضيه ورجوعه

ما ال بد منه، وأن يكون فاضال يحتاج هو وأهله إليه من مسكن وخادم و .انتهى ملخصا. عن قضاء دينه

وفي هامش اإلقناع عن المطلع مـدة : قال الشيخ عبد اهللا بن ذهالن وكتب عليه بعضهم عن المبدع ما نصه وظاهره . ذهابه ورجوعه انتهى

أنه قصد النفقة عليه وعلى عياله إلى أن يعود ويبقى لـه مـا يقـوم .ياله من عقار أو بضاعة أو صناعة انتهىبكفايته وكفاية ع

وذكر في اإلنصاف عن هذا القول أنه الصحيح من المذهب وقال بـه جموع من الفقهاء؛ واآلخر قاله في الروضـة والكـافي والرعـايتين

قلت ما قاله . والفائق فقط، والمفهوم ال يساعده انتهى كالم ابن ذهالنئق أقرب إلى الصـحة ولـو لـم في الروضة والكافي والرعايتين والفا

يساعده مفهوم عبارة بعض األصحاب بقولهم وعيتبر أن يكون لـه إذا

رجع من حجه ما يقوم بكفايته، وكفاية عياله على الدوام كمـا سـنبين .ذلك قريبا إن شاء اهللا تعالى

يشترط في الزاد ما يكفيه لذهابه ورجوعه فاضال عما : قالت الشافعية قة من تلزمه نفقتهم وكسوتهم مـدة ذهابـه ورجوعـه يحتاج إليه لنف

وفاضال عن مسكن وخادم يحتاج إليهما وعن قضاء دين يكـون عليـه .حاال كان أو مؤجال انتهى

االستطاعة هي إمكان الوصول بال مشقة عظمت ولـو : قالت المالكية بال زاد وراحلة لذي صنعة تقوم به ولو بالسؤال، إذا كان ذلك عيشـه

الده وكانت العادة إعطاءه وقدر على المشي، وإن يكونا آمنا على في بنفسه وماله، ويعتبر ما يرجع به إلى محل يمكنه فيه التعيش إن خشي

.الضياع باإلقامة بمكة انتهىمقدار ما يتعلق به وجوب الحج ملك مال يبلغه إلـى : وقالت الحنفية

ماشيا بنفقة متوسطة فاضال مكة ذاهبا وراجعا راكبا في جميع السفر العن مسكنه وخادمه وفرسه وسالحه وآالت حرفة وثيابه وأثاثه ونفقـة من عليه نفقته وكسوته وقضاء ديونه ولو مؤجلة إلى حين عوده، وال

.يشترط نفقة لما بعد إيابه ال سنة وال شهرا وال يوما انتهىحنابلـة اعتبـار أن فتحرر لنا من ذلك أن المقدم من الروايتين عند ال

يكون له من النفقة إذا رجع من حجة ما يقوم بكفايته وكفايـة عيالـه على الدوام؛ وعلى الرواية األخرى عندهم ال يعتبر ذلك وإنما يعتبر أن يكون عنده من النفقة ما يقوم بكفايته وكفاية عياله مدة ذهابـه للحـج

وهذه الرواية أقـرب ورجوعه فقط وفاقا للحنفية والمالكية والشافعية، إلى الصواب إن شاء اهللا تعالى، ألن القـول بـأن اإلنسـان ال يكـون

مستطيعا للحج إال إذا كان عنده من النفقة بعد رجوعه من الحـج مـا يكفيه ويكفي عياله على الدوام، أي دوام حياته يقضي بـأن ال يكـون

أن عنـده غالب األغنياء مستطيعين للحج ألنه قل من يثق من األغنياء من المال ما يكفيه ويكفي عياله على الدوام، هذا مـا ظهـر لـي واهللا

.أعلمال يملك الزاد والراحلة وتوابعهما مستطيعا ببذل غره له وال يصير من

ما يحتاج إليه لحجته وعمرته ولو أباه أو ابنه للمنة وفاقـا للحنفيـة، ل إنسان نفسه ليحج وعلى األصح عند الشافعية كبذل رقبة لمكفر أو كبذ

.عن نحو مريض ال يرجي برء مرضه وليس له ما يستنيب بهومن االستطاعة سعة الوقت بأن يكون متسعا يمكن الخروج والمسير

حسب العادة لتعذر الحج مع ضيق وقته؛ فلو شرع من وقـت وجوبـه ومـن . فمات بالطريق تبينا عدم وجوبه عليه لعدم وجود االسـتطاعة

أمن طريق يمكن سلوكه ألن إيجاب الحج مع عدم ذلك ضرر االستطاعة وهو منفي شرعا، ولو كان الطريق الممكن سلوكه بحرا أو غير معتاد ألن غايته أنه مشق وهو ال يمنع الوجوب كبعد البلد، وإن غلب الهالل في الطريق لم يلزمه سلوكه، وإن غلبت السالمة فيه لزمه، وإن سـلم

قـال . ال غالب منهما بل استويا لم يلزمه سـلوكه فيه قوم وهلك قوم و .أعان على نفسه فال يكون شهيدا: الشيخ

ويشترط في الطريق إمكان سلوكه بال خفارة، فإن لم يمكن سلوكه إال إن كانت الخفارة يسيرة : بها لم يجب ولو يسيرة، وقال الموفق والمجد

خفـارة الغـدر مـن لزمه ألنه ضرر يسير، وزاد المجد إذا أمن باذل الولعله مراد من أطلق بل يتعين، قال شيخ : المبذول له، قال في اإلنصاف

الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الـدفع عـن المخفـر وال : اإلسالم .تجوز مع عدم الحاجة إليها كما يأخذه السلطان من الرعايا انتهى

من باب خفر بالعهد يخفر من باب ضرب وفي لغة : قال في المصباح حميته وأجرته من طالبه فأنا خفيـر : إذا وفى به، وخفرت الرجل: قتل

جعل الخفير : والخفارة مثلثة الخاء. واالسم الخفارة بضم الخاء وكسرهاوتمامه فيه ويشترط في الطريق أن يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد

ق المعتاد بالمنازل في األسفار ألنه لو كلف حمل مائة وعلف بهائمه فومن ذلك أدى إلى مشقة عظيمة، فإن وجد على العادة ولو بحمـل مـن

.منهل إلى آخر أو العلف من موضع إلى آخر لزمه ألنه معتادقلت اشتراط العلف فيما إذا كان مركوبه حيوانا كما هو ظاهر ومـن

االستطاعة دليل لجاهل طريق مكة وقائد ألعمى، ألن في إيجابه عليهما يل وقائد ضررا عظيما وهو منتف شرعا، ويلزم الجاهل واألعمى بال دل

أجرة مثلهما لتمام الواجب بهما، ولو تبرع القائد والـدليل لـم يلـزم الجاهل واألعمى للمنة، فلو كملت له الشروط ولم يكن الطريـق آمنـا فمات لم يلزمه هذا المذهب، فلو كملت له الشروط ولم يكن الطريق آمنا

يلزمه هذا المذهب، وعن اإلمام أحمد رحمه اهللا تعالى أن سعة فمات لمالوقت وأمن الطريق وقائد األعمى ودليل الجاهل من شرائط لزوم األداء اختاره األكثر، فعلى هذا يأثم إن لم يعزم على الحج إذا اتسـع الوقـت وأمن الطريق ووجد القائد والدليل كما نقول في طرو الحيض بعد دخول

، فإن الحائض تأثم إن لم تعزم على القضاء إذا زال، فالعزم فـي الوقتالعبادات مع العجز عنها يقوم مقام األداء في عدم اإلثم حال العجز، فإن

سعة الوقـت : مات من وجد الزاد والراحلة قبل وجود هذين الشرطين

وأمن الطريق وعلى قياسهما قائد األعمى ودليل الجاهل، أخرج عنه من ن ينوب عنه، على القول الثاني لموته بعد جوبـه عليـه دون ماله لم

والفرق بين شـرط : القول األول لعدم وجوبه عليه، قال في المستوعبالوجوب وشرط األداء أن ما كان شرطا في الوجـوب إذا مـات قبـل وجوده لم يجب الحج في ماله، وما كان شـرطا فـي األداء ووجـوب

كملت في حقه شرائط الوجوب ووجـب السعي إذا مات قبل وجوده فقد .الحج في ماله انتهى

واختلفت الرواية في إمكان المسـير وتخليـة : قال في الشرح الكبير الطريق، فروى أنهما من شرائط الوجوب ال يجب الحج بـدونهما، ألن اهللا سبحانه وتعالى إنما فرض الحج على المستطيع وهذا غير مستطيع،

ل الحج فكان شرطا كالزاد والراحلة، وهو مذهب وألن هذا يتعذر معه فعأبي حنيفة والشافعي، وروى أنهما من شرائط لزوم األداء، فلو كملـت

موته، الشروط الخمسة ثم مات قبل وجود هذين الشرطين حج عنه بعد وإن أعسر بعد وجودهما بقي في ذمته وهو ظاهر كالم الخرقي، وذلـك

الـزاد : ما يوجب الحج؟ قال: (ما سئلألن النبي صلى اهللا عليه وسلم لفمن كملت له الشروط الخمسـة . حديث حسن انتهى ملخصا) والرحلة

المتقدمة وجب عليه السعي للحج والعمرة فورا نصا، فيأثم إن أخره بال عذر بناء على أن األمر للفور وفاقا للحنفية والمالكية، وإنما يجب عليه

ج في وقت المسير وإال انتظر إلى وقـت السعي فورا للحج إذا كان الح .المسير للحج

وعند الشافعية إذا وجدت شرائط وجوب الحج وجب على التراخي فله تأخيره ما لم يخش العضب، فإن خشيه حرم عليه التأخير على األصـح

عندهم؛ وعندهم أيضا إذا أخره فمات تبين أنه مات عاصيا على األصح موته عاصيا أنه لو شهد بشهادة ولم يحكـم لتفريطه؛ قالوا ومن فوائد

بها حتى مات لم يحكم بها، كما لو بان فسقه، ويحكـم بعصـيانه مـن .السنة األخيرة من سني اإلمكان على األصح عندهم

:في االستنابة في الحج والعمرة: فصل -- والعاجز عن سعي لحج وعمر لكبر أو مرض ال يرجى بـرؤه لنحـو

ث ال يقدر مع الثقل على ركوب راحلة ولو في محمل زمانة أو ثقل بحيأي نحيفها ال يقدر : إال بمشقة شديدة غير محتملة أو لكونه نضو الخلقة

ثبوتا على راحلة إال بمشقة غير محتملة، يلزمه أن يقـيم مـن يحـج ويعتمر عنه فورا من بلده ألنه وجب عليه كذلك، قال الشيخ مرعي أو

: وبهذا قالت الشافعية والحنفية، وقالت المالكية. موضع أيسر فيه انتهىمن استطاع إليه : (ال حج عليه إال أن يستطيع بنفسه ألن اهللا تعالى قال

وهذا غير مستطيع، وألن هذه عبادة ال تدخلها النيابة مع القدرة ) سبيالودليل الجمهور حـديث . فال تدخلها مع العجز كالصوم والصالة انتهى

ق عليه وهو حجة قاطعة ودليل واضح، ويكفي أن ينوي الخثعمية المتفالنائب عن المستنيب وإن لم يسمه لفظا، وإن نسي اسمه ونسبه نـوى

وأجزأ فعل نائب عمن عوفي مـن نحـو . من دفع إليه المال ليحج عنهمرض أبيح ألجهل االستنابة، ألنه أتى بما أمر به فخرج من عهدته كما

.شرع في الصوم ثم قدر على الهديلو لم يبرأ وكالمتمتع إذا ال يجزئه، ألن هذا بدل إيـاس : وقالت الشافعية وأصحاب أبي حنيفة

ولنا أن المسـتنيب . فإذا برأ تبينا أنه لم يكن ميؤسا منه فلزمه األصلأتى بما أمر به فخرج من عهدته، والمعتبر لجواز استنابة النائب اليأس

ئبه من النسك أو بـده وال يجـزيء ظاهرا، وسواء عوفي قبل فراغ نامستنيبا إن عوفي قبل إحرام نائبه لقدرته على المبدل قبل الشروع في البدل، ومن يرجى برؤه ال يستنيب؛ فإن فعل لم يجزئه وإن لـم يبـرأ

.وفاقا للشافعيةوقالت الحنفية له ذلك ويكون مراعى؛ فإن قدر على الحـج بنفسـه

تهى وما تقدم ذكره في االستنابة هو فيمـا إذا لزمه، وإال أجزأه ذلك انكان الحج فرضا؛ أما إن كان نفال فتصح االستنابة فيه عند الحنابلة ولو لم يكن المستنيب معذورا كما يـأتي إن شـاء اهللا تعـالى؛ وإن كـان

ـ ىالمعضوب قادرا على نفقة راكب ولم يجد نائبا في الحج عنـه انبنفإن قلنا هـو شـرط . المسير على ما تقدمبقاؤه في ذمته على إمكان

للزوم األداء بقي في ذمته حتى يجد نائبا، وإن قلنا شرط للوجوب وهو المذهب لم يثبت في ذمته، فإذا وجد النائب بعد لم تلزمه االسـتنابة إال أن يكون مستطيعا إذ ذاك، قال ابن نصـر اهللا البغـدادي علـى قـول

لكن إذا لم -في ال قبل إحرام نائبه األصحاب وأجزأ فعل نائب عمن عويعلم النائب حتى أحرم فهل يقع حجه عن نفسه أو عن مستنيبه، وهـل نفقته على مستنيبه أو في ماله، وهل ثـواب حجـه لنفسـه أو لمـن استنابه؟ لم أجد من تكلم على ذلك، ويتوجه وقوعه عن مستنيبه ولزوم

زاء ذلك عنـه لـم يفـت نفقته أيضا وثوابه له أيضا، ألنه إن فات إجن وقوعها عنه نفال، انتهى كالم ابن نصر اهللا، واستظهره الشيخ عثمـا

شخص صح نفـل حجـه قبـل : وعليه فيعايا بها، فيقال: بن قائد وقال .وإن عوفي قبل إحرام النائب لم يجزئهقال في اإلقناع . فرضه انتهى

د إحرامه فإنه مفهومه أنه لو عوفي بع: قال الشيخ عبد اهللا بن ذهالن .زئه ولو كان إحرامه قبل الميقات انتهىجي

وال يجزيء مستنيبا إن عوفى قبل إحرام : قال الشيخ مرعي في الغاية نائبه، ويتجه وال يرجع عليه بما أنفق قبل أن عوفى بل بعده لعزله إذا

.انتهىأي على : قوله ويتجه وال يرجع المستنيب عليه: قال في شرح الغاية

نائبه بما أنفق قبل أن عوفى المستنيب بل يرجع عليه بما أنفق من مال أي بعد أن شفي لعزله إياه إذا، أي بمجرد شفائه انعـزل : مستنيبه بعده

. نائبه حكما أي سواء علم أم لم يعلم قياسا على الوكيل، وهو متجهة وفي القلب من إطالق هـذه العبـار : قال ابن العماد في شرح الغاية

قال الشيخ ابن عوض في حاشية الدليل، قال ابن . شيء فليتأمل انتهىوتفصيل مرعـي فـي هـذا : نصر اهللا وحكى كالمه آنف الذكر، ثم قال

ظاهر، ألنه قبل أن عوفى كان وكيال فله النفقة وبعده ال، لعزله حكمـا قلـت : وصرح بما قاله مرعي الشيخ منصور في شرح المفردات، فقال

النفقة انتهى، وقول ابن نصر اهللا أظهر يعض عليه بالنواجذ ويلزمه رد ومن لزمه حج أو عمرة بأصل الشرع : انتهى، قال في المنتهى وشرحه

أو بإيجابه على نفسه فتوفي قبله ولو قبل التمكن من فعله لنحو حبس : أو أسر أو عدة وكان استطاع مع سعة الوقت وخلف ماال أخرج عنـه

أي ما يفعالن : أي ال من الثلث حجة وعمرة: الهأي الميت من جميع مأي من بلد الميت نصا، ألن القضاء يكـون بصـفة : به من حيث وجبا

قوله ولـو : األداء ولو لم يوص بذلك انتهى، قال الشيخ محمد الخلوتيقولـه ولـو قبـل : قبل التمكن عبارة شيخنا في حاشيته على المنتهى

يرجى برؤه ومعتدة ونحو ذلك، التمكن كأسير ومحبوس ظلما ومريضوكان قد وجد الزاد والراحلة وآلتهما في حال اتساع الوقت لحجة، كما مر آنفا بناء على الصحيح من أن اتساع الوقت شرط للوجـوب، أمـا على قول األكثر من أنه شرط للزوم األداء فإنه يستناب عنه حيث كـان

.انتهىقد وجد الزاد والراحلة بآلتهما على كل حالة واعلم أن كالم المتن هنا ظاهر في البناء على قول األكثـر مـن أن

اتساع الوقت شرط للزوم األداء، فإنه قوله ولو قبل التمكن معناه فيمـا يظهر ولو ضاق الوقت ولم يتمكن من السعي، وأما حمل شيخنا له على من لم يتمكن لمانع كالحبس ونحوه مع اتساع الوقت فتكلف غير ظاهر

دعاه إليه حمل كالم المصنف هنا وفيما سلف على وتيرة واحـدة مـن : قلت. في المسألة انتهى كالم الخلوتي المشي على الصحيح من القولين

الصحيح من القولين في المسألة أن اتساع الوقت شرط للوجوب، قـال ومن وجب عليه الحج الجتماع الشروط السـابقة : في اإلقناع وشرحه

ط في الحج بأن أخره لغير عذر أو لم يفـرط كالتـأخير فتوفي قبله فرلمرض يرجي برؤه أو لحبس أو أسر أو نحوه، أخرج عنه من جميـع ماله حجة وعمرة، ولو لم يوص به؛ ألنه حق استقر عليه فلم يسـقط بموته ولهذا كان من جميع ماله، وال فرق بين الواجب بأصل الشرع أو

ج عنه من حيث وجب عليـه ال مـن إيجابه على نفسه، ويكون اإلحجاحيث موته، ألن القضاء يكون بصفة األداء، ويجوز أن يستناب عنه من أقرب وطنيه لتخير المنوب عنه لو كان حيا، ويجوز من خـارج بلـده دون مسافة القص؛ ألن ما دونها في حكـم الحاضـر، وال يجـوز أن

نيب عنـه يستناب عنه مما فوق مسافة القصر، وال يجزئه حج من است .مما فوق المسافة لعدم إتيانه بالواجب انتهى ملخصا

يسقط بالموت، فإن وصى به فهو من الثلـث : وقال أبو حنيفة ومالك ألنه عبادة بدنية فيسقط بالموت كالصالة، وعند الشافعية متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج فإنه يجب أن يخرج عنه من جميع ماله مـا

فإن كان له وطنان : تمر وفاقا للحنابلة، قال في المغنييحج به عنه ويعاستنيب من أقربهما، فإن وجب عليه الحج بخراسان ومات ببغـداد أو وجب عليه ببغداد فمات بخراسان، فقال أحمد يحج عنه من حيث وجب

ويسقط حـج : قال في المنتهى وشرحه. عليه ال من حيث موته انتهىأجنبي عنـه بـدون مـال ودون إذن عمن وجب عليه ومات قبله بحج

قال في الغاية ويرجع على تركتـه إن نـواه . وارث وكذا عمرة انتهىوتبعه الشيخ سليمان بن علي في منسكه فقال ويسـقط بحـج . انتهى

أجنبي عنه بال إذن وارث ويرجع على تركته إن نـواه انتهـى، قـال وله : نهقوله ويسقط بحج أجنبي ع: الخلوتي في حاشيته على المنتهى

: الرجوع بما أنفق على ما في اإلقناع قبيل باب صوم التطوع، وعبارتهويجوز أن يحج عنه حجة اإلسالم ولو بغير إذن وليه وله الرجوع على

يوقع الحـج والعمـرة : قال في اإلقناع وشرحه. التركة بما أنفق انتهىيسقط ويأتي وال. عن الميت وال إذن له وال لوارثه كالصدقة عنه انتهى

حج عن معضوب حي ولو معذورا إال بإذنه، ويقع حج من حج عن حي بال إذنه عن نفسه ولو كان الحج نفال عن محجوج عنه بال إذنه، قـال

لكن قياس ما سبق آخر الجنائز يصح : الشيخ منصور في شرح المنتهىوال يصح : قال الشيخ سليمان بن علي. جعل ثوابه لحي أو ميت انتهى

حي بال إذنه ويقع على نفسه ولو نفال، فإن جعل ثوابه لـه النسك عن ولو مات من وجب عليه الحج واستقر في ذمته، أو مات . حصل انتهى

نائبه في طريق الحج، حج عنه من حيث مات هو أو نائبه فيمـا بقـي مسافة وقوال وفعال، لفعله قبل موته بعض ما وجب عليه وهو السـعي

فيه، فال يلزم أن يحج عنه من وطنـه، ألن إلى ذلك الموضع الذي ماتالمنوب عنه لم يكن عليه أن يرجع إلى وطنه ثم يعود إلى الحج، قـال

يؤخذ منه جواز نيابة اثنين في حجة واحدة كل : ابن نصر اهللا البغداديواحد منهما يأتي ببعضها، ولم أجد من ذكر ذلك وهـو غيـر ممتنـع

ج فمات في الطريق حج عنه من فإن خرج للح: قال في المغني. انتهىحيث مات؛ ألنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب ثانيا، وكـذلك إن

من حيث مات لذلك، ولو أحرم بالحج ثم مات صحت مات نائبه استنيب النيابة عنه فيما بقي من النسك، سواء كان إحرامه لنفسـه أم لغيـره

د فعل بعضها قضـي نص عليه، ألنها عبادة تدخلها النيابة، فإذا مات بع: قال الشيخ منصور في حاشيته على اإلقناع. عنه باقيها كالزكاة انتهى

قوله حج عنه من حيث مات ينبغي تقييده فيما إذا مات بأن يكون وجب عليه قبل موته بأن اتسع الوقت له وإال انبنى على القولين السـابقين،

قياس ما قبله موضع موته إلى دون مسافة قصر فوإذا استنيب عنه من ال يمتنع ويجزئه بخالف ما لو استنيب من فوق المسـافة، وإذا مـات النائب في حج النفل، فظاهر كالمهم ال تجب االستنابة فيما بقي مع أنه

قلت ظـاهر : يجب بالشروع، ولم أر من تعرض له انتهى كالم منصورعبارات األصحاب خالف ما ذكره منصور ألن حج النفل يجب بالشروع فيه وقد أطلق األصحاب الوجوب فلم يقيدوه بما إذا شرع فيـه بنفسـه

دون نائبه، وبما إذا كان فرضا ال نفال، وإذا كان الحال ما ذكر فإطالقهم .يستفاد منه العموم ما لم يأت دليل صريح يؤيد ما ذكره منصور

إذا مات في الطريق من قصد الحج نفال أو مات نائبه فال يخلو : فائدة ا أن يكون قد أحرم أوال، فإن كان قد أحرم وجبت االستنبابة في إتمام إم

نسكه ألنه باإلحرام قد شرع فيه فوجب إتمامه، وإن كان لم يحرم فـال تجب االستنابة فيه ألنه لم يشرع في حج النفل فلم يكن واجبـا عليـه،

.هذا ما ظهر لي واهللا أعلمجب عليه الحج فتوفي قبله حج ومن و: قول فقهائنا رحمهم اهللا: تنبيه

عنه من حي وجب عليه ال من حيث موته ال يعارض ما ذكروه من أنه إذا مات في الطريق حج عنه من حيث مات، ألن المراد باألول إذا مات غير قاصد للحج، والمراد بالثاني إذا مات في أثنـاء الطريـق قاصـدا

.للحج، واهللا أعلمأحرم بالحج وأتى ببعض المناسك وعجز إذا مرض من: األولى: فوائد

عن طواف اإلفاضة فإنه يطاف به راكبا أو محموال، وال يستنيب إن كان حجه فرضا، فإن كان نفال جاز له أن يستنيب ولـو لغيـر عـذر؛ ألن

.االستنابة في نفل الحج جائزة ولو لغير عذر ففي بعضه من باب أولىاف الوداع ولو كـان معـذورا إذا ال يصح أن يستنيب في طو: الثانية

كان حجه فرضا، بل يطاف به راكبا أو محموال، فإن لم يفعل فعليه دم، أما إن كان حجه نفال فله االستنابة فيه ولو كان لغيـر عـذر كطـواف

.اإلفاضة وأولى

إذا توفي إنسان وقد بقي عليه بعض مناسك الحج فإنها تفعل : الثالثة فرق بين الفرض والنفل وال كون الحج عن نفسه أو عنه بعد موته وال

.واهللا أعلم. عن غيرهلكن يأتي في فصل ثم يفيض إلى مكة حكم المحـرم إذا مـات، وأن

النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يأمر أن يؤدى عنه بقية الحج في الرجل ويأتي في باب محظورات اإلحرام أيضـا، . الذي وقصته راحلته بعرفة

عليه نسك ومات قبله وضاق ماله عـن أدائـه مـن بلـده ومن وجباستنيب به من حيث بلغ، أو لزمه دين وعليه حج وضاق ماله عنهمـا

وحج بما أخذ للحج من حيـث أخذ من ماله لحج بحصته كسائر الديونبلغ، قال اإلمام أحمد رحمه اهللا في رجل أوصى أن يحج عنه وال تبلـغ

بلغ النفقة للراكب من غيـر مدينتـه، النفقة، قال يحج عنه من حيث تإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مـا : (وهذا لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم

وإن . وألنه قادر على أداء بعض الواجب فلزمه كالزكاة انتهى) استطعتمصد من وجب عليه حج أو نائبه بطريقة فعل عنه ما بقي مسافة وفعال

نه أسقط عنه بعض الواجب، وإن وقوال؛ فيستناب عنه من حيث صد ألأوصى شخص بنسك نفل وأطلق فلم يقل من محل كذا، جـاز أن يفعـل عنه من ميقات بلد الموصي، نص عليه أحمد ما لم تمنع منـه قرينـة كجعل ما يمكن الحج به من بلده فيستناب به منه كحج واجب كما لـو

بلـغ صرح به، وإن لم يف ثلثه بحج من محل وصيته حج به من حيث ومـن ضـمن : أو يعان به في الحج نص عليه أحمد، قال في الفروع

. الحجة بأجرة أو جعل فال شيء له ويضمن ما تلف بال تفريط كما سبققولـه : انتهى، قال في حاشية ابن قندس على مشكالت مسائل الفروع

ومن ضمن الحجة بأجرة أو جعل، معنى ذلك ما يفعله أهـل زماننـا أن له جعل على أن يحج ويعتمر ويكون الجعل له فإذا لم يتفق النائب يجعل

له إتمامها، إما لكونه أحصر أو ضل أو تلف ما أخذه أو مات قبل إتمام وقـد سـبق . الحج المسقط للفرض، فإنه يضمن ما تلف وال شيء له

ولو أحصر أو ضل أو : كالمه، يعني صاحب الفروع بما يشبه ذلك فقالوإن : فال يحتسب له بشيء، قال صاحب الرعايةتلف ما أخذه فرط أوال

كان النائب ضمن الحجة بأجرة أو بجعل فال شيء له ويضمن ما تلـف أو أنفق منه ولو لم يفرط، وما لزمه إذا من دم أو كفارة بفعل محظور أو ترك واجب ففي ماله، وكذا دم اإلحصار، إال أن قال قلت بل يستأجر

منها ولوارثه أخذ األجرة من مستنيبه أو ما من تركته من يتمم ما لزمه .بقي منها، انتهى كالم ابن قندس في حاشيته ملخصا

إذا تقرر هذا فمقتضى قاعدة المذهب أن : قال الشيخ سليمان بن علي الجعالة صحيحة على الحج والعمرة وعلى أحدهما، ومقتضى الجعالـة

ل بفسخه لعقـد الجعالـة أيضا أن المجعول له إذا تعذر عليه إتمام العمباختياره أو بموته أو حبسه أنه ال يستحق شيئا، لكن على قـول ابـن قندس هذا الذي حكاه عن صاحب الرعاية، وهو قوله بل يستأجر مـن تركته يعني تركة النائب من يتمم ما لزمه منها، ولوارثه أخـذ األجـرة

جرة أوال مـن من مستنيبه أو ما بقي منها، أنه إذا استناب النائب بـأ يطوف طواف اإلفاضة ويفعل باقي النسك أنه يلزم دفع الجعـل إليـه، فعلى هذا إذا مات ثم تمم باقي النسك صح، وإن لم يكـن تمـم وكـان الفائت طواف اإلفاضة فتتميمه ممكن ألن طواف اإلفاضة ال حد آلخره،

. واهللا أعلم انتهى

ج قضاء أو نذرا أن وال يصح ممن لم يحج عن نفسه وكذا من عليه ح يحج عن فرض غيره وال نذره وا نافلته حيا كان محجوجا عنه أو ميتا، فإن فعل انصرف إلى حجة اإلسالم ورد النائب ما أخذه من غيره ليحج

: عنه لعدم إجزاء حجه عنه ووقوعه عن نفسه، ويعايـا بهـا فيقـال ابها أن شخص نوى شيئا فألغيناه وصححنا له غيره من غير نية، وجو

يقال هاذ فيما إذا نوى الحج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه فإنه يرد وأما من حج عن نفسه واعتمـر . ما أخذ ويكون الحج عن نفسه انتهى

صح منه ذلك عن غيره ولو كان غير عدل، ويحرم على الصحيح مـن المذهب أخذ األجرة على النيابة في الحج، وتجوز الجعالة، وظاهر جواز

لعدل إذا كان بتعيين الموصى أو كان بغير عوض ولو لـم يعينـه غير ا .أن يكون عدالالموصى، وأما النائب بعوض فيشترط

ويحج عن الموصى بمباشرة إنسان قال في المنتهى وشرحه المصنف ثقة سوى المعين، وقال في القندسية في سجود السـهو والثقـة هـو

فمن عليه عمرة اإلسـالم أو الضابط العدل وكذا حكم من عليه العمرة،عمرة قضاء أو نذر لم يجز ولم يصح أن يعتمر عن غيره وال نذره وال

يجوز أن يحـج : نافلته، وبهذا قالت الشافعية، وقالت الحنفية والمالكية .عن غيره من لم يحج عن نفسه انتهى

ومن أدى أحد النسكين فقط صح أن ينوب فيه قبـل أداء اآلخـر وأن ونفله، فمن حج حجة اإلسالم فله أن يحج نذرا ونفـال وأن يفعل نذره

ينوب عن غيره في الحج قبل أن يعتمر، ومن اعتمر عمرة اإلسالم فله أن يعتمر نذرا ونفال وأن ينوب عن غيره في العمر قبل أن يحج، قـال

وليس للصبي وللعبد أن ينوبا في الحج عن غيرهما ألنهما : في المغني

لحج عن أنفسهما فهما كالحر البالغ في ذلك وأولـى لم يسقطا فرض افرض ألنهما مـن منه، ويحتمل أن لهما النيابة في حج التطوع دون ال

أهل التطوع دون الفرض وال يمكن أن تقع الحجة التي نابا فيهـا عـن فرضهما، لكونهما ليسا من أهله فبقيت لمن فعلت عنه، وعلى هـذا ال

لبالغ الحر الذي قد حج عن نفسه انتهـى، يلزمهما رد ما أخذا لذلك كاويصح أن ينوب الرجل عن المرأة، وأن تنوب المرأة عن الرجـل فـي

.الحج والعمرة وال كراهة في نيابتها عنه للخبروحكم النائب كالمنوب عنه في ذلك ألنه فرعه، فلو أحرم بنذر أو نفل

يـه حجـة عمن عليه حجة اإلسالم وقع إحرامه عنها وكذا لو كان علقضاء أو حجة نذر وأحرم بنفل، ولو أحرم بنذر حج ونفله مـن عليـه حجة اإلسالم وقع حجه عنها دون النذر والنفل، نص عليه اإلمام أحمد

وتبقى المنذورة في ذمته، وكذا حكم العمرة وفاقا : لقول ابن عمر وأنسإلمام يقع ما نواه وهو رواية عن ا: للشافعية، وقالت الحنفية والمالكيةويصح أن يحج عن معضوب واحـد : أحمد، وقول أبي بكر عبد العزيز

حجـات : في فرضه وآخر في نذره في عام واحد، ويعايا بهـا فيقـال هذا : مفروضات تقع عن مكلف واحد في عام واحد، ويجاب عنها فيقال

في المعضوب إذا نذر حجات وكان عليه حجة اإلسالم فاستناب أشخاصا .واحدة انتهى ألدائها في سنة

والمعضوب هو العاجز عن حج لكبر أو نحوه من العضـب بمهملـة ومعجمة وهو القطع كأنه قطع عن كمال الحركة والتصرف، ويصح أن يحج عن ميت واحد في فرضه وآخر في نذره في عام واحـد ألن كـال عبادة مفردة كما لو اختلف نوعهما وأي النائبين أحرم أو ال قبل اآلخر

جة اإلسالم ثم الحجة األخرى التي تأخر إحرام نائبها عن نـذره فعن حولو لم ينوه الثاني عن النذر، ألن الحج يعفى فيه عن التعيـين ابتـداء

ذلك كالحج ويصح أن يجعل قـارن النعقاده مبهما ثم يعين، والعمرة فيأحرم بحج وعمرة أو بها ثم به الحج عن شخص استنابه فيه والعمـرة

استنابه فيها بإذن الشخصين في ذلك ألن القران نسك عن شخص آخرمشروع، فإن لم يأذنا وقع الحج والعمرة للنائب ورد لهمـا مـا أخـذه منهما ألنه أمر بنسك مفرد ولم يأت به فكان مخالفا كمـن أمـر بحـج فاعتمر أو عكسه ذكره القاضي أبو يعلي وغيره وقـدم فـي المغنـي

ة كل واحد منهما نصـفها، فـإن أذن والشرح يقع عنهما ويرد من نفقأحدهما دون اآلخر رد على غير اآلذن نصف نفقته وحده ألن المخالفة في صفته ال في أصله ولو أمر بأحد النسكين فقرن بينه وبين النسـك اآلخر لنفسه فالحكم فيه كذلك ودم القران على النائب إن لم يؤذن لـه

ون اآلخر فعلى اآلذن نصـف فيه وإن أذنا فعليهما، وإن أذن أحدهما د .الدم ونصفه على النائب

قال في اإلقناع وشرحه، ومن أوقع نسكا فرضا أو نفال عن حي بـال إذنه أو أوقع نسكا لم يؤمر به كأمره بحج فيعتمر وعكسه بـأن يـؤمر

أي كإخراج زكاة حي بال إذنه، : باالعتمار فيحج لم يجز عن الحي كزكاةلف فيما تقدم ما أخذه من اآلمر لعدم فعله ما أخـذ ويرد المأمور المخا

العوض ألجهل ويقع الحج والعمرة عن الميت وال إذن له وال لوارثـه .كالصدقة عنه انتهى

وتقدم أنه لو جعل ثوابه لحي أو ميت حصل فليعاود ويتعين النائـب بتعيين وصي جعل إليه التعيين لقيامه مقام الموصى، فإن أبى الوصـي

ين عين غيره كوارث أو حاكم، وكذا لو أبى موسى إليه بحج عـن التعيغيره لسقوط حقه بإبائه، ويصح أن يستنيب القادر والعاجز فـي نفـل الحج وفي بعضه كالصدقة وكذا عمرة وهذا المذهب وفاقا للحنفية ألنها

.حجة ال تلزمه بنفسه فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوبنه قادر على الحج بنفسـه فلـم يجـز أن وقالت الشافعية ال يصح أل

.يستنيب فيه كالفرض وهو رواية عن اإلمام أحمدويأتي في باب اإلحصار قول صاحب المغني والشرح فـإن أحـب أن

يستنيب من يتمم عنه أفعال الحج جاز في التطوع ألنه جاز أن يستنيب في جملته فجاز في بعضه وال يجوز في حج الفرض إال أن ييأس عـن

.القدرة عليه في جميع العمر كما في الحج كله انتهىفإن قيل كيف تجوز االستنابة في البعض، وتطوع الحج والعمرة يجب

إتمامه بالشروع فيهما ألن نفلهما كفرضهما؟ قلت ال مانع شرعا للقادر من االستنابة في بعض نفل الحج والعمرة؛ ألنه تجوز االستنابة للقـادر

ه أولى وألن االستنابة في بعضه إتمام لما شرع فيه ال في كله ففي بعضترك لإلتمام، ولكن يشترط في ذلك أن يكون المستنيب قد أتى بـبعض الحج ثم استناب في إكماله، أما من لم يفعل بعض الحـج فلـيس لـه

.استنابة غيره في بعضه هذا ما ظهر لي، واهللا أعمللحج أن يكون قد تلبس بالحج فإن قيل هل يعتبر في النائب في إتمام ا

الظاهر األول ألن غير المتلبس : قلت. في سنة اإلتمام أوال ال يعتبر ذلكبالحج في تلك السنة غير صالح ألداء هذه العبادة أو بعضها عن نفسه فعن أداء بعضها بالنيابة عن غيره من باب أولى، وقد نـص فقهاؤنـا

لرمي، فقالوا ال يعتد برمـي رحمهم اهللا عل مثل ذلك في االستنابة في ا

حالل، ومرادهم بذلك من لم يحج تلك السنة، هذا ما ظهـر لـي، واهللا .أعلم

ويستحب أن يحج عن أبويه إن كانا ميتين أو عاجزين، ويقـدم أمـه ألنها أحق بالبر، ويقد واجب أبيه على نفلهـا، وال يجـوز أن يشـرك

.موالديه ي حجة واحدة بخالف األضحية، واهللا أعلالنسك فرضا كان أو نفال أمين فيما أعطيه من مـال والنائب في بفعل

يحج منه أو يعتمر، فيركب وينفق منه بمعروف ويضمن نائب ما أنفقه زائدا على نفقة المعروف أو ما زاد على نفقة طريق أقرب من الطريق البعيد إذا سلكه بال ضرر في سلوك األقرب؛ ألنه غير مأذون فيه نطقـا

وال عرفا، ويجب عليه أن يرد ما فضل عن نفقته بالمعروف ألنـه لـم يملكه له المستنيب وإنما أباح له النفقة منه، وجزم الشيخ مرعي بأنـه ال يرد الفاضل إن كان بجعل معلوم وإال رده، قال في اإلرشاد وغيره في حج عني بهذا فما فضل لك ليس له أن يشتري به تجارة قبـل حجـه

.انتهىقال اإلمام أحمد في الذي يأخذ دراهم للحج ال يمشي وال يقتـر فـي

النفقة وال يسرف، وقال في رجل أخذ حجة عن ميت ففضلت معه فضلة يردها وال يناهد أحدا إال بقدر ما ال يكون سرفا وال يدعو إلى طعامه وال

أما إذا أعطي ألف درهم أو كذا وكذا فقيل له حج بهذه: يتفضل، ثم قالفله أن يتوسع فيها، وإن فضل شيء فهو له، وإذا قال الميـت حجـوا عني حجة بألف درهم فدفعوها إلى رجل فله أن يتوسع فيها وما فضـل

وصفة المناهدة أن يدفع كل واحد من الرفقة شـيئا مـن : فهو له قلتالنفقة وإن لم يتساووا إلى من ينفق عليهم منه ويأكلون جميعـا؛ فلـو

: كثر من رفيقه فال بأس وهي مباحة فلذا قال اإلمام أحمـد أكل بعضهم أوال يناهد أحدا إال بقدر ما ال يكون سرفا، قال في المغنـي بعـد كـالم

إحداهما ال يجوز وهو مذهب : وفي االستئجار على الحج روايتان: سبقأبي حنيفة وإسحق، واألخرى يجوز وهو مذهب مالك والشافعي وابـن

خالف أنه متى لم يجز أخذ األجرة فال يكون إال نائبـا وفائدة ال. المنذرمحضا وما يدفع إليه من المال يكون نفقة لطريقه، فلو مات أو أحصـر أو مرض أو ضل الطريق لم يلزمه الضمان لما أنفق، نص عليه أحمـد ألنه إنفاق بإذن صاحب المال، وإذا ناب عنه آخر فإنه يحج من حيـث

طريق ألنه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب بلغ النائب األول من الكما لو خرج بنفسه فمات فـي : عنه فلم يكن عليه اإلنفاق دفعة أخرى

بعض الطريق فإنه يحج عنه من حيث انتهى، وما فضل معه من المال رده إال أن يؤذن له في أخذه، ويتفق على نفسه بقدر الحاجة من غيـر

بشيء منه إال أن يؤذن له في ذلك إسراف وال تقتير، وليس له التبرع وما لزمه من الدماء بفعل محظور فعليه في ماله لم يـؤذن لـه فـي الجناية فكان موجبها عليه كما لو لم يكن نائبا ودم المتعة والقـران إن أذن له في ذلك على المستنيب ألنه أذن في سببهما، وإن لم يؤذن لـه

لمستنيب ألنه للتخلص من مشقة فعليه ألنه كجناية، ودم اإلحصار على االسفر فهو كنفقة الرجوع، وإن أفسد حجه فالقضاء عليه ويرد ما أخذ، ألن الحجة لم تجز عن المستنيب لتفريطه وجنايته وكذلك إن فاته الحج بتفريطه، وإن فات بغير تفريط احتسب له بالنفقة ألنه لم يفت بفعله فلم

وجوب القضاء فهو عليه في مالـه يكن مخالفا كما لو مات، وإن قلنا بكما لو دخل في حج ظن أنه عليه ولم يكن ففاته، وإن أقام بمكة أكثـر

من مدة القصر بعد إمكان السفر للرجوع، أنفق من مال نفسه، ألنه غير مأذون له فيه فأما من ال يمكنه الخروج قبل ذلك فله النفقة ألنه مأذون

بمكة سنين ما لم يتخذها دارا، فإن له فيه، وله نفقة الرجوع وإن أقام اتخذها دارا ولو ساعة لم يكن له نفقة رجوعه ألنه صار بنية اإلقامـة مكيا فسقطت نفقته فلم تعد، وإن مرض في الطريق فعـاد فلـه نفقـة

فأشبه ما لـو قطـع رجوعه ألنه ال بد له منه وقد حصل بغير تفريطه ـ رض فرجعـت فعليـه عليه الطريق أو أحصر، وإن قال خفـت أن أم

الضمان ألنه متوهم، وعن أحمد فيمن مرض في الكوفة فرجع يرد مـا أخذ وفي جميع ذلك إن أذن له في النفقة فله ذلك ألن المال للمسـتنيب فجاز ما أذن فيه، وإن شرط أحدهما أن الدماء الواجبة عليه على غيره

يه فلـم لم يصح الشرط؛ ألن ذلك من موجبات فعله أو الحج الواجب عليصح شرطه على غيره كما لو شرطه على أجنبـي، وإن قلنـا يجـوز االستئجار على الحج جاز أن يستنيب من غير استئجار فيكـون الحكـم فيه على ما ذكرنا وأن يستأجر، فإن استأجر من يحج عنه أو عن ميت اعتبر فيه شروط اإلجارة وما يأخذه أجرة يملكه ويباح له التصرف فيه

ه في النفقة وغيرها وما فضل فهو له، وإن أحصر أو ضـل والتوسع بالطريق أو ضاعت النفقة فهو من ضمانه وعليـه الحـج، وإن مـات

البهيمة المسـتأجرة انفسخت اإلجارة لتلف المعقود عليه كما لو ماتتويكون الحج أيضا من الموضع الذي بلغ إليه النائب ومـا لزمـه مـن

نتهى ملخصـا وبتصـرف فـي التقـديم الدماء فعليه ألن الحج عليه اوالتأخير، وفيه مع ما تقدم وما يأتي بعض تكرار سقناه طلبا للفائـدة،

ونفقة حج فاسد على نائب كقضائه ويـرد : قال الشيخ مرعي في الغاية

ما أخذ ويتجه تبين وقوع الحج من أصله عن النائب انتهى، قـال فـي لم يخدم نفسه مثله ويرجع وله أي النائب نفقة خادمه إن: شرح اإلقناع

بما استدانه لعذر وبما أنفق على نفسه بنية رجوع انتهـى، قـال فـي المنتهى وشرحه ويجع نائب بما استدانه لعذر على مستنيبه ويرجع بما أنفق على نفسه بنية رجوع، وظاهره ولو لم يستأذن حاكما ألنه قام عه

نه أي النائـب ألنـه بواجب وما لزم نائبا بمخالفته كفعل محظور ضـم بجنايته، وكذا نفقة نسك فسد وقضائه ويرد ما أخذ ألن النسك لم يقـع

.عن مستنيبه لجنايته وتفريطه انتهىاألولى أن يكون أخـذ : قلت حاصل ذلك أن النائب في الحج له حالتان

من المستنيب أو وارثه ماال معلوما ليحج عن المستنيب في مقابل ذلك ة يكون النائب ضامنا للحجة ألنها في عهدته فما غرمـه ففي هذه الحال

في حجته هذه من نفقة أو دم نسك أو جبران أو غير ذلك، ففي مالـه ألنه أخذ المال ملتزما للحج عن المستنيب وليس على المستنيب شـيء من النفقة أو غيرها سوى ما دفع أوال من المال للنائب وإن لم يتيسـر

بنفسه أو نائبه رد جميع ما أخذه من المال للمستنيب للنائب إتمام الحج أو وارثه، ألنه لم يف بما حصل عليه االتفاق بينه وبين المسـتنيب أو

الحالة الثانيـة أن يكـون . وارثه وعلى هذا عمل الناس قديما وحديثاالنائب قصد الحج عن المستنيب من غير مقابلة مال معلوم، بل حصـل

لمستنيب أو وارثه على أن يحـج عـن المسـتنيب االتفاق بينه وبين ابنفقته فقط فهذا نائب محض وأمين فيما ينفقه من مال المستنيب، فمـا لزمه في حجته من أجرة مركوب أو نفقة بمعروف أو دم أو غير ذلك، فمن مال المستنيب، وإن قصرت النفقة واستدان بنية الرجـوع علـى

في حجته ما لم يتعد أو يفرط، مستنيبه رجع وال يضمن شيئا مما لزمهوتقدم . وتقدم كالم ابن قندس فيمن ضمن الحجة فليراجع وباهللا التوفيق

أن االستنابة عن الحي في فرضه ال تصح إال أن يكون معضـوبا، واهللا .أعلم

: فصل -- : في مخالفة النائب -- أو إذا أمـره بحـج فتمتـع : قال في المغني ومثله في الشرح الكبير

اعتمر لنفسه من الميقات ثم حج نظرت، فإن خرج إلى الميقات فـأحرم منه بالحج جاز وال شيء عليه نص عليه أحمد وهو مذهب الشـافعي، وإن أحرم بالحج من مكة فعليه دم لترك ميقاته ويرد من النفقة بقدر ما

ال يقـع : ترك من إحرام الحج فيما بين الميقات ومكنة، وقال القاضـي عن اآلمر ويرد جميع النفقة ألنه أتى بغير ما أمر به، وهو مذهب فعله

أبي حنيفة، ولنا أنه إذا أحرم من الميقات فقد أتى بالحج صحيحا مـن ميقاته، وإن أحرم به من مكة فما أخل إال بما يجبره الدم فلـم تسـقط

دونه، وإن أمره باإلفراد نفقته، كما لو تجاوز الميقات غير محرم فأحرم رن لم يضمن شيئا وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة يضمن ألنـه فق

مخالف، ولنا أنه أتى بما أمر به وزيادة فصح ولم يضمن، ثم إن كـان أمره بالعمرة بعد الحج ففعلها فال شيء عليه، وإن لم يفعـل رد مـن النفقة بقدرها، وإن أمره بالتمتع فقرن، وقع عن اآلمر، ألنه أمر بهمـا

لف في أنه أمره باإلحرام بالحج من مكـة فـأحرم بـه مـن وإنما خاالميقات، وظاهر كالم أحمد أنه ال يرد شيئا من النفقـة وهـو مـذهب

يرد نصف النفقة ألن غرضه في عمره مفردة : الشافعي، وقال القاضي

وتحصيل فضيلة التمتع وقد خالفه في ذلك وفوته عليه وإن أفراد وقـع صف النفقة ألنه أخل باإلحرام بالعمرة مـن عن المستنيب أيضا ويرد ن

الميقات وقد أمره به وإحرامه بالحج من الميقات زيادة ال يستحق بـه شيئا، وإن أمره بالقران فأفرد أو تمتع صح ووقع النسكان عن اآلمـر ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام النسك الذي تركه من الميقات،

كين ففعل أحـدهما دون اآلخـر رد مـن وفي جميع ذلك إذا أمره بالنسالنفقة بقدر ما ترك ووقع المفعول عن اآلمر وللنائب من النفقة بقدره، وإن أمره بالحج فحج ثم اعتمر لنفسه أو أمره بعمرة فاعتمر ثم حـج عن نفسه صح ولم يرد شيئا من النفقة ألنه أتى بما أمـر بـه علـى

من غيره جاز ألنهما سواء وجهه، وإن أمره باإلحرام من ميقات فأحرمفي األجزاء، وإن أمره باإلحرام من بلده فأحرم من الميقات جاز ألنـه األفضل، وإن أمره باإلحرام من الميقات فأحرم من بلده جاز ألنه زيادة ال تضر، وإن أمره بالحج في سنة أو باالعتمار في شهر ففعلـه فـي

يأتي في بـاب اإلحـرام و. غيره جاز ألنه مأذون فيه في الجملة انتهىمسائل في النيابة تناسب هذا الموضع وكذلك في الكالم عن رمي الجمار

.فلتراجع عند الحاجة :فصل -- ويشترط لوجوب الحج على المرأة شابة كانت أو عجوزا مسافة قصر

ودونها وجود محرم نصا، قال اإلمام أحمد، المحرم من السـبيل، قـال وهذا الشرط من قسم االستطاعة ال شرط سادس، الشيخ محمد الخلوتي

ويدل لذلك قول اإلمام المحرم من السبيل انتهى، فمن لم يكن لها محرم غني بالغ عاقل حر : لم يلزمها الحج بنفسها وال بنائبها ويعايا بها فيقال

هذا في المرأة إذا كانت غنيـة : ويجاب عنها فيقال. ال يجب الحج عليهفإن المقدم من الروايتين أنه ال يجب الحج عليهـا، لكن ليس لها محرم

وال فرق بين حج الفرض والتطوع في اشتراط المحرم، ويعتبر المحرم لكل ما يعد سفرا عرفا، وال يعتبر المحرم إذا خرجت في أطراف البلـد مع عدم الخوف عليها ألنه ليس بسفر، والمحرم معتبر لمن لعورتهـا

. كثر ألنها محل الشهوة بخالف من دونهـا حكم وهي بنت سبع سنين فأوإماء المرأة يسافرن معها وال يفتقرن إلى محرم ألنه : قال شيخ اإلسالم

ال محرم لهن في العادة الغالبة ويتوجه في عتقائها من اإلماء مثله على ما قاله شيخ اإلسالم من أنه ال محرم لهن في العادة، ويحتمل عكسـه

وظاهر كالمهم، : فسهن بالعتق، قال في الفروعالنقطاع التبعية وملك أنأي األصحاب، اعتبار المحرم للكل، أي األحرار وإمـائهن وعتقـائهن

المحـرم للحـرة لعموم األخبار، وعدمه، أي المحرم للمذكورات كعـدم ال يشترط المحرم : األصل فال يباح لها السفر بغيره مطلقا، ونقل األثرم

نها تخرج مع النساء ومع كل من أمنتـه، في الحج الواجب قال أحمد ألوقال ابن سيرين تخرج مع مسلم ال بأس به، وقال األوزاعي مع قـوم عدول، وقال مالك مع جماعة من النساء، وقال الشـافعي مـع حـرة مسلمة ثقة، وقال بعض أصحابه وحدها مع األمن، والصـحيح عنـدهم

خنا تحـج كـل يلزمها مع نسوة ثقات ويجوز لها مع واحدة، وعند شيامرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال إن هذا متوجه في كل سـفر طاعـة وعنه ال يعتبر المحرم إال في مسافة القصر وفاقا ألبي حنيفـة كمـا ال يعتبر في أطراف البلد مع عدم الخوف انتهى كـالم صـاحب الفـروع

تركوا القول بظاهر الحديث واشترط كل واحـد : ملخصا، قال ابن المنذر .شرطا ال حجة معه عليه انتهى كالم ابن المنذر

قلت الصحيح من المذهب أن المحرم شرط للوجوب وعليه فال يجـب : الحج على المرأة التي ال محرم لها كما قال اإلمام أحمـد رحمـه اهللا

المحرم من السبل والمحرم المعتبر لوجوب النسك وجواز سفرها معـه غيره من العقل والبلـوغ، وسـمي زوج ، ويشترط فيه ما يشترط في

الزوج محرما مع حلها له لحصول المقصود من صيانتها وحفظها بـه مع إباحة الخلوة بها، والمحرم أيضا من تحرم عليه المرأة على التأبيد

أمهـا جب كاألب واالبن واألخ والعم والخال، أو سبب مباح كـزو سبنكن يستثنى من سـبب وابن زوجها وأبيه وأخيها من رضاع لحرمتها، ل

مباح نساء النبي صلى اهللا عليه وسلم فإنهن محمرات على غيره على األبد ولسنا محارم لهن إال من بينه وبينهن نسب أو رضاع محـرم أو مصاهرة كذلك، وحكمهن وإن كان قد انقطع بموتهن لكن قصدنا بيـان خصوصيتهن وفضيلتهن، وخرج بقولنا مباح أم الموطوءة بشـبهة أو

نا وبنتها فليس الواطئ لهن محرما لعدم إباحة السبب، وخرج بقولنـا زلحرمتها المالعنة فإن تحريمها على المالعن عقوبة وتغليظ ال لحرمتها فال يكون المالعن محرما لها، ويعتبر أن يكون المحرم ذكرا فأم المرأة

ـ ن دون وبنتها ليستا محرما لها، ويعتبر كونه بالغا عـاقال مسـلما فمغير المكلف ال يحصـل بـه البلوغ والمجنون والكافر ليس محرما ألن

المقصود من الحفظ، والكافر ال يؤمن عليها كالحضـانة وكالمجوسـي ويشترط كن المحرم ذكرا مكلفا مسلما : العتقاده حلها، قال في الفروع

ـ و خالفا ألبي حنيفة والشافعي انتهى، وال تعتبر الحرية في المحـرم فل

كان أبو المرأة أو أخوها من نسب أو رضاع أو ولد زوجهـا أو أبـوه ونحوه عبدا لم يضر ذلك، والعبد ليس محرما لسيدته نص عليه اإلمام أحمد ألنها ال تحرم عليه أبدا، إذ لو أعتقته لجاز له أن يتزوجها وألنـه

ن ال يؤمن عليها ولو جاز له النظر إليها، وعن اإلمام أحمـد روايـة أ العبد محرم لسيدته، وقال صاحب المحرر ذكر القاضي في شرح المذهب أن مذهب أحمد أنه محرما وفقا للشافعي، واختار ابـن عقيـل ثبـوت المحرمية بوطء الشبهة وهو ظاهر ما في التلخيص فإنه قال بسبب غير محمر، واختاره شيخ اإلسالم وذكره قول أكثر العلمـاء لثبـوت جمـع

في اآلية بخالف الزنا، قال الشيخ يحيـى بـن عطـوة األحكام فيدخل: في بلد الجبيلة وهـو تلميـذ العسـكري ٩٤٨التميمي المتوفى سنة

قلت لم أر من سـبقه . يشترط في محرم المرأة أن يكون بصيرا انتهىإلى ذلك من األصحاب، وفي النفس من اشتراط ذلـك شـيء، والـذي

.حرمية، واهللا أعلمينبغي القول به عدم اشتراط ذلك في المونفقة المحرم زمن سفره معها ألداء نسكها على المـرأة ألنـه مـن

سبيلها، فيشترط لوجوب النسك عليها أن تملك زادا وراحلة بآلتهما لها ولمحرمها، وأن تكون الراحلة وآلتها صالحين لهما على ما تقدم، فـإن

الشـيخ محمـد لمت تملك المرأة ذلك لها ولمحرمها لم يلزمها، قـال الخلوتي في حاشيته على المنتهى ونفقة المحرم عليها زوجا أو غيـره لكن الذي يلزمها في جانب الزوج ما زاد على نفقة الحضر فيما يظهـر

قلت ال معنى لما ذكره الخلوتي هنا، والذي يظهر مـن . فليراجع انتهىفقـة إطالقهم خالفه، وإنما يقال ذلك في مسألة أخرى وهي أن وجوب ن

.الزوجة على زوجها في السفر يكون بقدر نفقة الحضر وما زاد فعليها

فيجب لها عليـه بقـدر نفقـة : قال الشيخ منصور في شرح اإلقناع أي إذا كان الذي معها زوجها وهـذه مسـألة : الحضر وما زاد فعليها

الزوجة تلزمها نفقة زوجها زمن سـفره : وتحقيق ذلك أن نقول. أخرىنسكها حيث كان محرما لها سواء زادت على نفقة الحضـر معها ألداء

أم لم تزد، كما أن الزوج يلزمه نفقة زوجته بقدر نفقه الحضر ال غيـر إذا تقرر هذا اتضح لك أن عبارة الشيخ منصـور فـي . وما زاد فعليها

شرح اإلقناع قد خرج فيها عن موضوع المسألة التي جـرى التفريـع الخلوتي في حاشيته على المنتهى قد فيها ما عليها، وأن عبارة الشيخ

أطلقه األصحاب من وجوب نفقة المحرم على المرأة في السفر زوجا أو ويجوز لها أن تتـزوج مـن : غيره، واهللا ولي التوفيق، قال في الغاية

يحج بها انتهى، وال يلزم المحرم مع بذلها الزاد والراحلة وما يحتاجـه نحو كبيرة عاجزة، قال المحب بن نصـر سفر معها للمشقة كحجة عن

مفهوم كالمهم أنه إذا كان مسافرا معها وامتنع من صحبتها لزمـه : اهللاذلك لعدم المشقة انتهى، وتكون إن امتنع محرمها من سفره معها كمن

وفـي . ال محرم لها فال وجوب عليها وظاهر كالمهم ال يلزمها أجرة لهله ال النفقة كقائد األعمى وال دليل ويتوجه أن يجب له جرة مث: الفروع

يخص وجوب النفقة انتهى، والمذهب ما تقدم من وجوب نفقته عليها، ومن أيست منه أي المحرم استنابت من يفعل : قال في المنتهى وشرحه

النسك عنها ككبير عاجز، فإن وجدت بعد فحكمها كالمعضوب، والمراد حتى فقد لما قدمناه مـن أيست بعد أن وجدت المحرم وفرطت بالتأخير

اإلمام الذي أشار إليه هو قوله المحرم من قلت نص . نص اإلمام انتهىالسبيل وعليه وال يجب الحج عليها ولو كانت غنية إذا لم تجد محرما،

أي في إجزاء الحج عنها ألن المعضوب إذا : وقوله فحكمها كالمعضوب، وعلـى القـول استناب لعجزه ثم عوفى بعد حج النائب عنه يجزئـه

المقابل للمذهب منن أن وجود المحرم شرط للـزوم األداء ال للوجـوب فإنها إذا أيست من المحرم يلزمها أن تستنيب من يؤدي النسك عنهـا، سواء وجدت المحرم قبل ذلك وفرطت بالتأخير حتى فقـد أو لـم تجـد

شخص صحيح قوي يستطيع الثبـوت : محرما أصال، ويعايا بها، فيقالى الراحلة يجوز له أن يستنيب في حجة اإلسالم، وجوابها أن يقـال عل

هذا في المرأة إذا أيست من المحرم، وقلنا إنه شرط للزوم األداء علـى الرواية التي هي مقابل المذهب أو على المذهب من أن المحرم شـرط للوجوب إذا كانت قد وجدته وفرطت بالتأخير حتى عدم، فإن عليها أن

.ن يؤدي النسك عنها، واهللا أعلمتستنيب مومن أيست منه استنابت، : قال في المنتهى: قال الشيخ محمد الخلوتي

حمله ولده الموفق على من وجدت المحرم أوال ثم عدمته، وليس مبنيا على القول بأن المحرم شرط للزوم األداء فإن المنصف يعنـي الشـيخ

أنه شرط للوجوب ال للـزوم الفتوحي قد مشى سابقا على الصحيح من األداء وبين في شرحه أن مما ينبني على هذا القول أن من لـم تجـد محرما ال يلزمها الحج بنفسها وال بنائبها، وعبارته هنـا بـدون هـذا الحمل ظاهرة في القول بالقول الضعيف وعبارة شيخنا في حاشـيته ال

الشيخ منصور التي تخلو عن تعقيد انتهى كالم الخلوتي، وعبارة شيخه قوله ومن أيست منه أي المحرم استنابت، هـذا : أشار إليها هذا نصها

محمول على ما إذا وجدت المحرم ثم عدمت كما قال ولده الموفق، وإال فمبني على أن المحرم شرط للزوم األداء ال للوجوب كما يعلم من كالمه

: ؛ وحكايتهفي أول الفصل في شرحه يعني شرح الفتوحي على المنتهىنص اإلمام انتهى كالم منصور، ومراده بنص اإلمام هـو قـول أحمـد

ففي كالم الشيخ منصور نوع تعقيد كما قالـه : قلت. المحرم من السبيلتلميذه ابن أخته محمد الخلوتي، ولو قال الشيخ منصور هـذا محمـول على ما إذا وجدت المحرم ثم عدمت، كما قال ولده الموفق، وكما يعلـم

ن كالمه في أول الفصل في شرحه وحكايته نص اإلمـام، وإال فهـو ممبني على القول بأن المحرم شرط للزوم األداء ال للواجب، لسلم مـن

وإن حجـت امـرأة بـدون . التعقيد الذي أشار إليه الخلوتي واهللا أعلممحرم حرم سفرها بدونه وأجزأها حجها وفاقا لألئمة الثالثة كمن حـج

زمه من نحو دين فإنه يحرم عليه ذلك ويجزئه الحج، لكن وترك حقا يلعلى الصحيح من المذهب ال رخصة له فال قصر وال فطـر ألن السـفر محرم، وإن مات محرم سافرت معه بالطريق فإن كان مات قريبا رجعت ألنها في حكم الحاضرة، وإن كان مات بعيدا مضت في سفرها للحـج،

شيئا ألنه بغير محرم ولو مع إمكان إقامتهـا ألنها ال تستفيد برجوعها ببلد، ألنها تحتاج إلى الرجوع ولم تصر محصرة إذ ال تستفيد بالتحلـل زوال ما بها كالمريض، لكن إن كان حجها تطوعا وأمكنها اإلقامة ببلد

وإن مات بالطريق : فهو أولى من السفر بغير محرم، وقال في المنتهىرة انتهى، وقال في اإلقناع وإن مـات مضت في حجها ولم تصر محص

المحرم قبل خروجها لم تخرج، وإن مات بعده، فإن كان قريبا رجعـت، وإن كان بعيدا مضت ولم تصر محصرة انتهى، قال الشيخ عثمان بـن

فبين عبارة اإلقناع والمنتهى تخالف باإلطالق والتقييـد، : قائد النجديقلـت ألن . على ذلك انتهـى ولم ينبه الشيخ منصور في شرح المنتهى

صاحب المنتهى أطلق مضيها إذا مات، وصاحب اإلقناع قيده بما إذا كان بعيدا واهللا أعلم، وقد ذكر صاحب المنتهى واإلقناع وغيرهما في بـاب العدد تفاصيل جيدة فيما إذا كان المحرم المتوفى زوجا فليراجـع فـي

إذا مات محرمها قريبـا محله عند الحاجة إليه، وعلى القول برجوعها فهو فيما إذا أمكنها الرجوع، وإال بأن كانت في سـيارة فيهـا ركـاب سواها أو بابور بري أو بحري أو طائرة مثال، فإنها في هذه الحالـة ال تتمكن من الرجوع في الغالب إذا مات محرمها، وحينئذ ال إثم عليها إذا

ن الرجوع، ولكنها خشيت لم ترجع للعذر، وكذلك فيما يظهر لو تمكنت مفي رجوعها بغير محرم انفراد فاسق بها في الطريق أو عدم االهتـداء إليه أو ضررا يلحقها في بدنها أو مالها، فإنه ال يلزمها الرجوع ولـو

.كانت دون مسافة قصر، واهللا أعلميصح حج المغصوب على الحج وأجيـر الخدمـة والمكـاري ) تتمة(

ليس علـيكم جنـاح أن : (مفسرين في قوله تعالىوالتاجر، قال بعض الهو النفع والربح في التجارة، وكان نـاس مـن ) تبتغوا فضال من ربكم

العرب يتأثمون أن يتجروا أيام الحج، وإذا دخلت عشر ذي الحجة كفوا ق، ويسمون مـن يخـرج للتجـارة عن البيع والشراء فلم يقم لهم سو

بالحاج، وقيل كانت عكاظ ومجنـة الداج، ويقولون هؤالء الداج وليسواوذو المجاز أسواقا في الجاهلية يتجرون فيها أيـام الموسـم، وكانـت معايشهم منها فلما جاء اإلسالم تأثموا فرفع عنهم الجنـاح فـي ذلـك وأبيح لهم، وإنما يباح ما لم يشغل عن العبادة، وعن ابن عمر رضـي

الوجه وإن قوما يزعمـون اهللا عنهما أن رجال قال له إنا نكرى في هذاأن ال حج لنا، فقال سأل رجل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم عمـا

ليس عليكم جنـاح أن تبتغـوا : (سألت عنه، فلم يرد عليه حتى نزلت .فدعا به فقال أنتم حجاج) فضال من ربكم

وعن عمر رضي اهللا عنه أنه قيل له هل كنتم تكرهون التجـارة فـي قال في . انتهى. كنت معايشنا إال من التجارة في الحجالحج؟ فقال وهل

سوق من أعظم أسواق الجاهليـة وراء : عكاظ وزان غراب: المصباحهـي صـحراء : قرن المنازل بمرحلة من عمل الطائف، وقال أبو عبيد

مستوية ال جبل بها وال علم، وهي بين نجد والطائف وكان يقام فيهـا ف شهر، ثم يأتون موضعا دونه إلى السوق في ذي القعدة نحوا من نص

مكة يقال له سوق مجنة فيقام فيه السوق إلى آخر الشهر، ثم يـأتون موضعا قريبا منهن يقال له ذو المجاز فيقام فيـه السـوق إلـى يـوم التروية، ثم يصدرون إلى منى، والتأنيث لغة الحجاز، والتذكير لغة تميم

وذو المجاز سوق كانت : اموسانتهى كالم صاحب المصباح، قال في القمجنـة : قال األزرقـي . لهم على فرسخ من عرفة بناحية كبكب انتهى

سوق بأسفل مكة على بريد منها وهي سوق لكنانة وأرضها من أرض .كنانة وهي التي يقول فيها بالل رضي اهللا عنه

وذو المجاز سوق لهـذيل عـن يمـين : وهل أردن يوما مياه مجنة وقـد . قريب من كبكب على فرسخ من عرفة انتهىالموقف من عرفة

: حصل في عكاظ أربعة أيام في الجاهلية بين قريش وبين هوازن وهييوم شمطة ويوم العبال ويوم يثرب ويوم الحريرة، وهـذه المواضـيع معروفة اآلن وهي قريبة من مطار الطائف فيستدل على موضع عكـاظ

.بهذه المواضع األربعة، واهللا أعلم

ا تقرر هذا فإن الحج من المغصوب واألجير والتـاجر صـحيح وال إذ إثم، نص على ذلك اإلمام أحمد وفاقا لألئمة الثالثة، قال فـي الفصـول

ولو لم يكن تجارة كان : والثواب بحسب اإلخالص، قال أحمد: والمنتخب .أخلص انتهى

لصوم ولهذا ذكر في اإلقناع والمنتهى وغيرهما أنه متى نوع مع نية ا هضم الطعام مع نية الحج التجارة أو رؤية البالد النائية أن ذلك ينقص من األجر، وهذا مع عدم تمحض النية كلها لذلك فإن تمخضـت لـذلك

هللا جل وعال، قال فعبادة باطلة فيجب على كل مسلم أن يخلص أعمالهالرياء المحض ال يكاد يصـدر : الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن رجب

ؤمن في فرض صالة وصوم، وقد يصدر في نحو صـدقة وحـج، من موهذا العمل ال يشك مسلم أنه حابط، وقال إن شارك الرياء العمل مـن أصله فالنصوص الصحيحة على بطالنه، وإن كان أصل العمـل هللا ثـم طرأ عليه خاطر الرياء ودفعه لم يضر بال خالف، وإن استرسـل معـه

طل بذلك انتهى، وإن حج على حيوان فخالف، رجح أحمد أن عمله ال يبمغصوب ومثله سيارة مغصوبة أو بما مغصوب، عالما ذاكرا لذلك وقت حجه لم يصح وإال صح، وما أحسن ما قال بعض الفضالء فـي هـذين

:البيتين آآ إذا حججت بمال أصله سحتآ

آ.فما حججت ولكن حجت العير ما يقبل اهللا إال كل صالحةآ

آآ.يت اهللا مبرورما كل من حج ب

ولو تاب من ذلك في الحج قبل الدفع من : قال الشيخ مرعي في غايته إن حجة يصح . عرفة أو بعده إن عاد فوقف في الوقت مع تجديد إحرام

وقـد سـئل الشـيخ موسـى . لتلبسه بالمباح حال فعل األركان انتهىالحجاوي عمن حج بمال حرام ما حم حجه؟ فأجـاب إذا حـج بالمـال

حرام من جمل أو نفقة لزمه أن يحج ثانيا لعدم سقوطه بالمال الحرام الوروي أن اإلمام مالكا رحمه اهللا وقف في المسجد الحرام فـي . انتهى

أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنـا : الحج ونادى .من حج بمال حرام فليس له حج انتهى: مالك بن أنس

:باب المواقيت -- مواضع وأزمنة معينة لعبـادة : الحد، وشرعا: مع ميقات، وهو لغةج

مخصوصة، فميقات أهل المدينة ذو الحليفة بضم الحاء وفـتح الـالم، وهي أبعد المواقيت عن مكة وبينها وبين مكة عشر مراحل أو أقـل أو أكثر بحسب اختالف السير والطرق فإن منها إلى مكة عدة طرق وبينها

تة أميال تقريبا وتعرف اآلن بأبيار علي، قيـل سـميت وبين المدينة سبذلك ألن عليا رضي اهللا عنه قاتل الجن في بعض تلك اآلبار، قال شيخ

وهو كذب ال أصل له فإن الجن لم يقاتلهم أحد : اإلسالم رحمه اهللا تعالىمن الصحابة، وعلي رضي اهللا عنه أرفع قدرا من أن تثبت الجن لقتاله،

هذه البئر وال مذمة، وال يستحب أن يرمى بهـا حجـر وال وال فضيلة لغيره، بل فعل ذلك والقول به من خرافات الجاهلين، وفي هذا الميقـات مسجد يسمى مسجد الشجرة وقد خرب وعمر في سنة ثمان وثمـانين

قد اختبرت ذرع ذلك فكـان : ومائتين وألف، قال السمهودي في تاريخهلمعروف بباب السالم إلى عتبة مسـجد من عتبة باب المسجد النبوي ا

الشجرة بذي الحليفة تسعة عشر ألف ذراع بتقـديم المثنـاة الفوقيـة وسبعمائة ذراع بتقديم السين واثنين وثالثين ذراعا ونصف ذراع بذراع

:اليد، وقد نظم بعضهم أسماء المواقيت وأسماء أهلها فقال آآ عرق العراق يلملم اليمنىآ

آ.حرم المدنيوذو الحليفة ي والشام جحفة إن مررت بهاآ

آآ.وألهل نجد قرن فاستبن :ونظمها بعضهم أيضا مبينا مقدار بعد كل منها عن مكة، فقال آآ قرن يلملم ذات عرق كلهاآ

آ.في البعد مرحلتان من أم القرى ولذي الحليفة بالمراحل عشرةآ

آآ.وبها لجحفة ستة فأخبر تري .اد بسير اإلبل المحملة والمشي على اإلقدامانتهى، والمر الجحفة بضـم الجـيم وسـكون : وميقات أهل الشام ومصر والمغرب

الحاء المهملة، قرية على طريق المدينة خربة قرب رابغ علـى يسـار تعرف اآلن بالمقابر كان اسمها مهيعـة فجحـف السـيل الذاهب لمكة

د عن مكة، قال في المنتهـى بأهلها فسميت بذلك، وتلى ذا الحليفة بالبعوبينها وبين المدينة ثمان مراحل وبينها وبـين مكـة ثـالث : وشرحه

مراحل أو أربع، ومن أحرم من رابغ فقد أحرم قبـل الميقـات بيسـير .انتهى

بينها وبين مكة خمس مراحل : وفي فتح الباري البن حجر العسقالني .حل نظر انتهىأو ست، وفي قول النووي في شرح المذهب ثالث مرا

قلت ما ذكره الحافظ في الفتح وجيه ألن المسافة التي بـين الجحفـة .ومكة هي كما ذكر خالفا لما في شرح المهذب والمنتهى وغيرهما

ولهذا صار الناس : قال شيخ اإلسالم في منسكه األخير بعد كالم سبق لمـن يحرمون قبل الجحفة من المكان الذي يسمى رابغا، وهذا ميقـات

حج من ناحية المغرب كأهل الشام ومصر وسائر المغرب، لكـن أهـل الشام إذا اجتازوا بالمدينة النبوية كما يفعلونه في هذه األوقات أحرموا من ميقات أهل المدينة فإن هذا هو المستحب لهم باالتفاق، وإن أخروا

.اإلحرام إلى الجحفة ففيه نزاع انتهىميقاته الجحفة كأهل مصر والشام إذا مروا ومن : وقال في االختيارات

على المدينة فلهم تأخير اإلحرام إلى الجحفة، وال يجب عليها اإلحـرام .من ذي الحليفة، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك انتهى

صـلى اهللا وحكى األثرم عن اإلمام أحمد أنه سئل أي سنة وقت النبي جحفـة كانـت مسـكن وال. عليه وسلم المواقيت؟ فقال عام حج انتهى

اليهود فدعا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ربه في أوائل الهجـرة أن ينقل حمى المدينة إليها فنقلها إليها حتى لو مر بها طائر حم فنزلت في

فإن قيل كيف جعلت ميقاتا وفيها الحمى المذكورة مع . اليهود فقطعتهمل الحمى إليها مدة مقام أن في ذلك ضررا على المسلمين؟ أجيب بأن نق

اليهود بها، ثم زالت الحمى عنها بزوالهم من الحجاز أو قبله حين أقت النبي صلى اهللا عليه وسلم المواقيت، وذلك ألنه صلى اهللا عليه وسلم ال يأمر بما فيه ضرر على المسلمين كمـا علـم مـن قواعـد الشـريعة

والمغربـي بـذي وعند المالكية إذا مر المصري والشـامي . المطهرةوفي منسك . الحليفة فاألفضل لهم أن يحرموا منها ولهم التأخير للجحفة

ومن حج في البحر مـن : الشيخ يحيى الحطاب من المالكية، قال مالكأهل مصر والشام وشبههما أحرم إذا حاذى الجحفة، قال شارحه الشيخ

شرحه أي وال يؤخره إلى البر، وعليه درج الخرشي في: محمد البنانيإن من سافر في البحر فإنه يحـرم إذا حـاذى الميقـات وال : حيث قال

فعليه إذا لم يحرم عند محاذاة الميقـات ببحـر . يؤخره إلى البر انتهىوأخره إلى البر أساء وعليه دم عندهم، وقد نقل ابن الحاج في مناسكه رواية ابن نافع عن مالك وهي تخالف ما تقدم عن مالك، ونص ما في

اسك ابن الحاج قال ابن نافع ال يحرم المسافر في السفن، ورواه عن منمالك رحمه اهللا انتهى، كذا في الحطاب على منسك خليل انتهى، وعنـد الحنفية أن من سلك طريقا ليس فيه ميقات معين برا أو بحـرا اجتهـد

أحرم إذا حاذى ميقاتا منها، ومن حذو األبعد أولـى، وإن لـم يعلـم وة فعلى مرحلتين من مكة كجدة، وعندهم أن من ترك ميقاته الذي المحاذا

جاوزه وأحرم من ميقات آخر ولو أقرب إلى مكة من األول، سقط عنه الدم، وإن المدني إذا جاوز ذا الحليفة غير محرم إلى الجحفة كره، وفي لزوم الدم عندهم خالف، والصحيح عدم وجوبه ألنه إذا كان في طريقه

سالك مخير عندهم في أن يحرم من األول وهو األفضـل، أو ميقاتان فاليحرم من الثاني فإنه رخصة له، وروي عن أبي حنيفة أنه قال في غير

إذا مروا على المدينة فجاوزوها إلى الجحفة فال بأس بذلك : أهل المدينةوأحب إلي أن يحرموا من ذي الحليفة ألنهم لما وصلوا إلـى الميقـات

.افظة حرمته فيكره لهم تركها انتهىاألول لزمهم محمن سلك البحر أو طريقا لـيس فيـه شـيء مـن : وقالت الشافعية

المواقيت الخمسة أحمر إذا حاذى أقرب المواقيت إليه، فإذا كـان عنـد

محاذاة ذي الحليفة على ميلين منها، وعند محاذاة الجحفة علـى ميـل ه أحرم عند محاذاة األبعد كان ميقاته الجحفة، وإن استويا في القرب إلي

من مكة، فإن لم يحاذ شيئا كاآلتي من غربي جدة في البحر أحرم على إنما سقت في هذا الموضـع مـذاهب األئمـة : قلت. مرحلتين من مكة

في هذا الكتاب، ويأتي إن شـاء الثالثة رغبة في حصول الفائدة للناظر ومن : لة عند قولنااهللا تحقيق الكالم في هذه المسألة على مذهب الحناب

لم يمر بميقات من المذكورات أحرم بحج أو عمرة وجوبا إذا علم أنـه .حاذى أقرب المواقيت، وباهللا التوفيق

وميقات أهل اليمن يلملم بفتح التحتية أوله ويقال له ألملـم بهمـزة أوله، وهو أصل يلملم قلبت الهمزة ياء، ويقال أيضا يرمـرم بـراءين

بدل الالمين، فإن أريد به الجبل فمنصرف، وإن أريد به البقعة ين مهملتوجبل معروف انتهـى، وفـي : فغير منصرف، قال في اإلقناع وشرحه

المصباح وألملم جبل بتهامة على ليلتين من مكة، وهو ميقـات أهـل اليمن، وقد غلب على البقعة فيمتنع الصرف للعملية والتأنيث، ويبـدل

يلملم انتهى ملخصا، وبـين يلملـم وبـين مكـة من الهمزة ياء فيقال واليمن كل ما كان على يمين الكعبة مـن بـالد . مرحلتان أربعون ميال

. الغور، والنسبة إليه يمني على القياس، ويماني علـى غيـر القيـاس وميقات أهل نجد قرن بفتح القاف وسكون الراء، يقال له قرن المنازل،

نجـد : ل المحملة، قال في المصـبح على يوم وليلة من مكة بسير اإلبسمي بها بالد معروفة من ديار العرب مما يلي العـراق وليسـت مـن

كـل مـا وراء : الحجاز وإن كانت من جزيرة العرب، قال في التهذيبالخندق الذي خندقه كسرى على سواد العراق فهو نجد إلى أن تميل إلى

كل ما ارتفـع : ينانعالحرة، فإذا ملت إليها فأنت في الحجاز، وقال الصمن تهامة إلى أرض العراق فهو نجد انتهى، وقد غلط صاحب المصباح

وقرن بالسكون ميقات أهل نجد، وهو جبـل مشـرف علـى : حيث قالوقال فـي شـرح . عرفات، ويقال له قرن المنازل وقرن الثعالب انتهى

وقرن جبل أملس كأنه بيضة في تدوره، وهو مطـل علـى : المصابيحقرن جبل مطـل علـى : نتهى، وهذا وهم، وقال في القاموسعرفات ا

عرفات والحجر األملس النقي وميقات أهل نجد وهي قرية عند الطائف قلت قرن المنازل هو ميقات أهل نجد وهـو . أو اسم الوادي كله انتهى

معروف مشهور ويسمى اآلن بالسيل الكبير، ويتصل وادي السيل هـذا قرنا الذي تمر معه السيارات الذاهبة مـن بوادي المحرم المسمى أيضا

الطائف إلى مكة مع الجبل المسمى كرا، وكالهما يطلق عليهما اسم قرن الميقات المذكور فمن أحرم من أحدهما فقد أحرم من الميقات الشـرعي

.واهللا أعلمإنه جبـل مشـرف : وأما قرن الثعالب فقد قال الفاكهي في أخبار مكة

ريبا من مسجد الخيف بينـه وبـين المسـجد ألـف على أسفل منى قوخمسمائة ذراع، وقيل له ذلك لكثرة ما كان يأوي إليه مـن الثعالـب

.انتهى كالمهوميقات أهل المشرق والعراق وخراسان وابقي الشرق ذات عـرق،

أي جبل صغير، أو أرض سـبخة : منزل معروف سمي بذلك لعرق فيهوهي قرية خربة قديمة، وعرق هو الجبل تنبت الطرفا، قال في اإلقناع

المشرف على العقيق انتهى ملخصا، وإذا كان الميقات قرية فانتقلت إلى مكان آخر فموضع اإلحرام من األولى، وإن انتقل االسم إلى الثانية؛ ألن

الحكم تعلق بذلك الموضع فال يزول بخرابه، وقد رأى سعيد بن جبيـر رق فأخذ بيده حتى خرج به من البيـوت رجال يريد أن يحرم من ذات ع

وقطع الوادي فأتى به المقابر هذه ذات عرق األولى، قـال فـي فـتح عرق بكسر العين وسكون الراء بعدها قاف هو الحد الفاصـل : الباري

ذات عرق : بين نجد وتهامة انتهى ملخصا، قال بعض متأخري الحنفيةأحرم منه فقد أحرم من بعد المضيق إلى جهة العراق وقبل العقيق فمن

واألفضل في حق أهل العراق : قال بعض الشافعية. الميقات بيقين انتهىوالمشرق أن يحرموا من العقيق، وهو واد بقرب ذات عرق أبعد منهـا

ذات عرق وهي ميقات أهل المشرق والعراق وخراسـان : قلت. انتهىلعقيق وباقي الشرق، وموضعها معروف مشهور، وبها واد وهي بين ا

وبين قرية المضيق، وكان بعض حجاج أهل نجد إذا حجوا على اإلبـل يحرمون منها فيدخلون إليها مع الطريق المسمى اآلن عند أهـل نجـد وغيرهم بريع الضريبة بفتح الضاد وكسر الراء علـى وزن الزريبـة،

ممن على جهاتهم فهم فـي هـذه وأما أهل المشرق والعراق وغيرهمون من هذا الميقات ألنهم يحجون فـي الغالـب علـى األزمان ال يحرم

سيارات وهي ال تتمكن من عبور هذا الطريقة لمشقته، وإنمـا يـأتون على قرن الميقات أو من طريق جدة وأما العقيق فهو واد كبير معروف مشهورة وهو غير وادي العقيق الذي بقرب المدينة المنورة الذي ورد

اهللا عنهما قال سمعت رسول اهللا صلى فيه الحديث، عن ابن عمر رضي أتأني الليلة آت من ربي فقال صل : (اهللا عليه وسلم بوادي العقيق يقول

فإن هـذا بينـه وبـين ) في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجة .المدينة أربعة أميال تقريبا

وقـت : وهي المواقيت كلها ثبتت بالنص لما روى ابن عبـاس قـال صلى اهللا عليه وسلم ألهل المدينة ذا الحليفة وألهل الشـام رسول اهللا

هن لهن ولمن أتى علـيهن . الجحفة وألهل نجد قرنا وألهل اليمن يلملممن غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من

.متفق عليه. أهل وكذلك أهل مكة يهلون منهاسلم وقت ألهل العـراق ذات وعن عائشة أن النبي صلى اهللا عليه و

. رواه مسلم. رواه أبو داود والنسائي، وعن جابر نحوه مرفوعا. عرقواألفضل أن يحرم من أول الميقات وهو الطـرف األبعـد عـن مكـة احتياطا، وإن أحرم من الميقات من الطرف األقـرب مـن مكـة جـاز

.إلحرامه من الميقات وفاقا لألئمة الثالثةأحرم من قرن المسمى بالسيل من موضع القهاوي التـي إذا ): تنبيه(

خارج الوادي إلى جهة مكة فإنه ال يعتبر محرما من الميقات المـذكور، بل يكون حكمه حكم من جاوز الميقات بغير إحرام، ويلزمه مـا يلـزم المجاوز للميقات غير محرم من الدم، وقد وقع في ذلك جم غفير مـن

بينت هذه القهاوي وصار الحجـاج نا بعد أالحجاج والمعتمرين ال سيميقفون عندها بسياراتهم لإلحرام، وقليل من الحجاج من إذا أراد اإلحرام يرجع إلى الوادي حتى يحرم من نفس الميقات الذي وقته رسـول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فالواجب على من نصح نفسه التنبه لذلك وتنبيه

هاوي التي بعد الوادي مما يلي مكـة، الجاهل عن اإلحرام من نفس الق .واهللا يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

والمواقيت المذكورة ألهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن يريد أي ) هـن لهـن (الحج والعمرة كما في الحديث، وقوله فـي الحـديث

المواقيت المذكورة للجماعات المذكورة أو ألهلن على حذف المضـاف، ) هن ألهلهـن (في صحيح البخاري في باب مهل أهل اليمن بلفظ ووقع

هن لهم ولمن أتى عليهن من غيـرهن (ظ فووقع في البخاري أيضا بلممن أراد الحج والعمر ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتـى أهـل

ومعنى هن لهم أن المواقيـت المـذكورة ألهـل الـبالد ) مكة من مكةالشامي أو المدني أو المصري أو غيـرهم المذكورة، فعلى هذا إذا مر

على غير ميقات بلده كالشامي يمر بذي الحليفة والنجدي يمـر بـذات عرق فإنه يحرم من الميقات الذي مر عليه ألنه صار ميقاتـه، ومـن منزله بين الميقات ومكة كأهل خليص وعسفان ووادي فاطمة وبحـرة

فميقاته من موضـعه وحده بالحاء المهملة ولزيمة والشرائع ونحوهمومـن : (وفاقا للمالكية والحنفية والشافعية لقوله صلى اهللا عليه وسلم

فإن كان له منزالن جاز أن يحـرم مـن ) كان دون ذلك فمهله من أهلهأقربهما إلى مكة، واألولى أن يحرم من البعيد عن مكة كما تقـدم فـي

كلها منزلـه، طرفي الميقات، وجزم الشيخ مرعي في الغاية بأن بالده ومن منزله دونها فيمقاته منه، والمراد مـن بلـده : قال محمد الخلوتي

وحكم من منزله دون الميقات خارجا من الحرم كأهـل لزيمـة . انتهىوالشرائع ووادي فاطمة ونحوهم إذا جاوز قريته إلى ما يلي الحرم حكم

سـة المجاوز للميقات ألن موضعه ميقاته فهو في حقه كالمواقيت الخمفي حق األفقي وأهل مكة ومن بها من غيرهم، سواء كانوا في مكة أو في الحرم كمنى ومزدلفة إذا أرادوا العمرة فمن الحـل، ومـن التنعـيم أفضل، وهو مذهب الحنابلة وفاقا للحنفية ألن النبي صـلى اهللا عليـه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم، متفـق

وألن أفعال العمرة كلها في الحرم فلم يكن بد من الحل ليجمع في عليه،إحرامه بين الحل والحرم، بخالف الحج فنه يخرج إلى عرفة وهي مـن الحل فيحصل الجمع بين الحل والحرم، والتنعيم أقرب الحل إلى مكـة،

كلما تباعد فهـو أعظـم لألجـر، وفـي التلخـيص : وقال اإلمام أحمدعرانة أفضل وفاقا للشافعية العتماره صلى اهللا عليه والمستوعب من الج

وسلم منها، فإن أحرم أهل مكة وحرمها من مكة أو من الحـرم انعقـد إحرامهم بالعمرة ألهليتهم له، ومخالفة الميقات ال تمنع االنعقـاد كمـن أحرم بعد الميقات، وفيه دم لمخالفة الميقات كمن جاوز الميقـات، بـال

إلى الحل قبل إتمام العمرة ولو بعد الطواف أجزأتـه إحرام ثم إن خرج عمرته عن عمرة اإلسالم ألن اإلحرام من المحل المشروع لـه لـيس شرطا لصحة النسك وكذا تجزئة العمرة إن لم يخرج إلى الحل لما سبق

.قدمه في المغني، قال الزركشي هو المشهوراإلحـرام مـن وفوات اإلحرام من الميقات ال يقتضـي الـبطالن ألن

الميقات ليس شرطا كما تقدم، فإن أحرم من مكة أو الحرم قارنـا فـال دمه عليه ألجل إحرامه بالعمرة من مكة تغليبـا للحـج علـى العمـرة

وأما دم القران فيلزمه بشرطه، وإن أراد . الندراجها فيه وسقوط أفعالهاو غيره إذا من بمكة أو الحرم الحج فإن يحرم من مكة مكيا كان الحاج أ

أمرنا رسول اهللا صـلى : (كان في مكة من حيث شاء منها، لقول جابرونص أحمد . رواه مسلم) اهللا عليه وسلم لما حللنا أن نحرم من األبطح

في رواية حرب يحرم من المسجد، وفي اإليضاح والمبهج ألبي الفـرج من تحت الميزاب ويسمى الحطيم، لكن حديث جابر صـريح : الشيرازي

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر الصحابة رضـي اهللا عـنهم أن في

يحرموا من األبطح ولم أطلع على دليل يقضي بتفضـيل اإلحـرام مـن .المسجد أو من تحت الميزاب أو غيرهما من بقاع مكة، واهللا أعلم

ويجوز إحرامه من سائر الحرم ومن الحل كالعمرة وكما لو خرج إلى ال دم عليه لعدم الدليل على وجوبه، ويأتي في باب الميقات الشرعي، و

صفة الحج شيء مما تقدم، ومن لم يمر بميقات من المذكورات أحـرم بحج أو عمرة وجوبا إذا علم أنه حاذى أقرب المواقيت منه لقول عمر

رواه البخاري، وسن لـه ) انظروا حذوها من طريقكم: (رضي اهللا عنهجب، فإن لم يعلم حذو الميقات أحرم من أن يحتاط ليخرج من عهدة الوا

بعد إذ اإلحرام قبل الميقات جائز، وتأخيره عنه حرام فإن تساويا قربـا منه فإنه يحرم من حذو أبعدهما من مكة من طريقه، ألنه أحوط، فإن لم يحاذ ميقاتا كالذي يجيء من سواكن إلى جدة من غير أن يمر برابغ وال

ل جدة قبل محاذاتهما، أحرم عـن مكـة بقـدر يلملم ألنهما أمامه فيصمرحلتين فيحرم في المثال من جدة ألنها على مرحلتين من مكة، ألنـه أقل المواقيت، وتقدم البحث في ذلك على مذاهب األئمة الثالثـة، فـإن أحرم ثم علم بعد أنه قد جاوز غير محرم ما يحاذي الميقات فعليـه دم،

.وهو متجه: المبدع قاله في المغني والشرح، قال في :فصل -- وال يجوز لمن أراد دخول مكة ولو لتجارة أو زيـارة أو أراد دخـول

الحرم أو أراد نسكا تجاوز الميقات بغير إحرام إن كـان حـرا مسـلما مكلفا؛ بخالف الرقيق والكافر وغير المكلف، ألنهم ليسوا من أهل فرض

و غير مكلف ثم لزمهم اإلحرام الحج، فلو جاوز الميقات رقيق أو كافر أبأن عتق الرقيق، وأسلم الكفار، وكلف غير المكلـف، أحرمـوا مـن

موضعهم ألنه حصل دون الميقات وعلى وجه مباح فكان له أن يحـرم منه كأهل ذلك الموضع وال دم عليهم إذا أحرموا من موضعهم، ألنهم لم

، فإن لـم يـرد يجاوزوا الميقات حال وجوب اإلحرام عليهم بغير إحرامالحرم وال نسكا لم يلزمه اإلحرام بغير خالف، ألنه صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه أتوا بدرا مرتين وكانوا يسافرون للجهاد فيمرون بذي الحليفة

وليس ألحد أن يجاوز الميقـات إذا أراد : قال شيخ اإلسالم. بغير إحرامأو لزيارة فينبغي لـه الحج أو العمرة إال بإحرام، وإن قصد مكة لتجارة

يجب اإلحرام مـن : الحنفيةوعند . أن يحرم، وفي الوجوب نزاع انتهىالميقات ألحد النسكين، ويحرم تأخيره عنه لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة أو الحرم ولو كان لقصد التجارة أو غيرها من إرادة نزهـة

اإلحرام عن الميقـات أو دخول بيته ولم يرد نسكا، ويلزمه الدم بتأخير ويجب عليه أحد النسكين إن لم يحرم عند دخول الميقات أو بعده إلـى أن دخل مكة فيلزمه التلبس بحجة أو عمرة ليقوم بحق حرمة البقعـة، وعندهم أيضا أن من جاوز الميقات غير محرم ثم أحرم بعد المجـاوزة

ميقات مـن أي يجب عليه الرجوع إلى : أو لم يحرم بعدها فعليه العودالمواقيت، ولو كان أقربها إلى مكة ولم يتعين عليه العود إلى خصوص

وعن أبي يوسف األولى أن يحرم مـن . ميقاته الذي تجاوزه بال إحرامميقاته كما صرح به في المحيط، وإن لم يعد مطلقا فعليه دم لمجـاوزة

فإن عاد قبل شروعه في طواف أو وقوف سقط الدم إن لبـى . الميقاتال يسقط الدم بالعود محرما لبـى أو لـم : ن الميقات، وقال أبو حنيفةم

يلب، وقال زفر ال يسقط لبى أو لم لب ألن جنايتـه ال ترتفـع بـالعود، وعندهم أيضا يجوز لمن منزله الميقات أو داخله من أفقـي وغيـره،

وعند . دخول الحرم ومكة إال أن يريد نسكا، هذا ملخص مذهب الحنفيةأن المار بالميقات، إما أن يريد مكة أوال، فإن كان ال يريد مكة المالكية

أو كان غير مخاطب بالنسك كالعبد والصبي فال إحرام عليه، فإن بدا له دخول مكة بعد تعدي الميقات فأحرم فال دم عليـه ولـو كانـت حجـة اإلسالم، وإن كان يريد مكة وجب عليه اإلحرام ولو لم يرد نسكا، فلـو

ير إحرام وجب عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منـه إال أن دخلها بغيغلب على ظنه فوات الحج أو الرفقة التي ال يجد غيرها فيحـرم مـن

وإن أحرم بعد تعدي الميقات . مكانه الذي هو به وال يرجع ويلزمه هديوجب عليه الهدي ولو لم يرد نسكا، ألن قصد مكة كقصد النسك كما في

عتمدوه، قال أبو مصعب من أصحاب مالك وعبد الملك نقل ابن عرفة واال يجوز أن يدخل مكة إال محرما ولو لتجارة أو لكونها وطنه أو لزيارة أهل بمكة أو الستقضاء حق من غرمائه أو لشـبه ذلـك، وقـال ابـن

له أن يدخل حالال وال شيء عليه، هذا ملخص مذهب المالكية، : شهابسان إلى الميقات وهو يريد حجا أو عمـرة وعند الشافعية إذا انتهى إن

لزمه أن يحرم منه، فإن جاوزه غير محرم عصى ولزمه أن يعود إليـه ويحرم منه إن لم يكن له عذر، فإن كان له عذر كخـوف الطريـق أو االنقطاع من الرفقة أو ضيق الوقت أحرم ومضى في نسكه ولزمـه دم

ام فأحرم منه أو بعد اإلحرام إذا لم يعد، فإن عاد إلى الميقات قبل اإلحرودخول مكة قبل أن يطوف أو يفعل شيئا من أنواع النسك سـقط عنـه الدم، وإن عاد بعد فعل نسك لم يسقط عنه الدم، وسواء في لزوم الـدم من جاوزه عامدا أو جاهال أو ناسيا أم معذورا بغير ذلك، وإنما يفترقون

ويأثم العامد، وأما إذا لم يرد حجا في اإلثم فال إثم على الناسي والجاهل

زمه اإلحرام إذا أتى الميقات، هذا ملخـص مـذهب لوال عمرة فإنه ال يالنـوع : قال الشيخ أبو محمد المقدسي في المغني. الشافعية واهللا أعلم

الثالث المكلف الذي يدخل للحرم إما مكة أو غيرها ليغر قتال وال حاجة ميقات غير محرم، وبه قال أبـو حنيفـة متكررة فال يجوز له تجاوز ال

وعـن . ال يجب اإلحرام عليـه : وبعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهمأحمد ما يدل على ذلك، وقد روى عن ابن عمر أنه دخلها بغير إحـرام وألن الوجوب من الشرع ولم يرد من الشارع إيجاب ذلك على كل داخل

.فبقى عن األصلاإلحرام بعد تجاوز الميقات رجـع فـأحرم إذا ثبت هذا فمتى أراد هذا

منه، فإن أحرم من دونه فعليه دم كالمريد للنسك انتهى ملخصا، وقـال أيضا ومن دخل الحرم بغير إحرام ممن يجب عليه اإلحرام فـال قضـاء عليه، وهذا قول الشافعي، وقال أبو حنيفة يجب عليه أن يأتي بحجة أو

تحية البقعة فإذا لم يأت به سـقط عمرة إلى أن قال ولنا أنه مشروع كإذا : قال في الفروع. لتحية المسجد وتمامه فيه ومثله في الشرح الكبير

أراد حر مسلم مكلف نسكا أو مكة نص عليه أو الحرم لزمه إحرام من ميقاته وفاقا ألبي حنيفة ومالك إال أن أبا حنيفة يجـوز لمـن منزلـه

ول الحرم ومكة إال أن يريد نسكا الميقات أو داخله من أفقي وغيره دخوال وجه للتفرقة، وظاهر مذهب الشافعي يجوز مطلقا إال أن يريد نسكا، وعن أحمد مثله ذكرها القاضي وجماعة وصححها ابـن عقيـل وهـي أظهر للخبر السابق، وينبني على عموم المفهوم واألصل عدم الوجوب

.ميعني عدم وجوب اإلحرام على كل داخل، واهللا أعل

ال يجوز لمن أراد دخول الحرم أو مكة أو أراد نسكا تجـاوز ): تنبيه( الميقات بغير إحرام هذا هو المذهب وعن اإلمام أحمد روايـة ال يجـب عليه اإلحرام إذا لم يرد نسكا ذكرهـا القاضـي أبـو يعلـى وجماعـة وصححها ابن عقيل واستظهرها ابن مفلح في الفروع، قال الموفق في

ألن الوجوب من الشرع ولم يرد من الشارع إيجاب ذلك على كل المغني . داخل فبقى على األصل انتهى

وروى عن ابن عمر أنه دخلها بغير إحرام وهو الصحيح من مـذهب الشافعية، إذا تقرر هذا فعلى المذهب لو لم ينو نسكا ودخل مكة غيـر

لدم إنمـا يجـب محرم فهل يلزم دم أو ال؟ الظاهر أنه ال يلزمه دم ألن الجبران النقص الذي حصل في نسكه، وهذا لم يأت بنسك يجبـره بـدم وتقدم قريبا قول صاحب المغني إن اإلحرام مشروع لتحية البقعة فإذا لم يأت به سقط كتحية المسجد، فإن تجاوز الميقات بغير إحرام لقتال مباح

مغفر ولم جاز لدخوله صلى اهللا عليه وسلم يوم فتح مكة وعلى رأسه الينقل عنه وال عن أحد من أصحابه أنه دخل مكة محرما ذلك اليـوم، أو لخوف أو لحاجة تتكرر كحطاب وفيج وهو رسول السلطان وناقل ميرة وحشاش وحطاب وفحام وناقل فاكهة من الطائف أو غيـره وصـاحب البريد ونحوهم ومكي يتردد لقرية بالحل، قال مرعي أو خارج الميقـات

ال (هؤالء لهم الدخول بال إحرام لما روى حرب عن ابن عباس ف. انتهى) يدخل إنسان مكة إال محرما إال الجمالين والحطابين وأصحاب منافعهـا

احتج به أحمد دفعا للمشقة والضرر لتكرره، قال ابن عقيـل وكتحيـة المسجد في حق قيمة للمشقة، ثم إن بدا لمن ال يلزمه اإلحـرام ممـن

تتكرر حاجته، والمكي الذي يتردد إلى قريته بالحل أن تقدم ذكرهم ممن

يحرم أو بدا لمن لم يرد الحرم كقاصد عسـفان أو المضـيق أو وادي فاطمة المسمى بمر الظهران أو لزيمة أو الشرايع ونحوهم أن يحرم أو تجاوز الميقات غير قاصد مكة ثم بدا له قصدها فجميع هؤالء يحرمون

اإلحرام فيه، ألنهم حصلوا دون الميقات على من الموضع الذي بدا لهموجه مباح، فأشبه أهل ذلك المكان وال دم على واحد منهم ألنهـم لـم يجاوزوا الميقات حال وجوب اإلحرام عليهم بغيـر إحـرام، وألن مـن منزله دون الميقات لو خرج إلى الميقات ثم عاد غير محرم وأحرم من

اعلـم أن : ثمان بن قائد النجـدي منزله لم يلزمه شيء، قال المحقق عاإلسالم : المار على الميقات ال يجوز له تجاوزه بال إحرام بسبعة شروط

خامس والحرية والتكليف وإرادة مكة أو الحرم هذه األربعة وجودية، والعدم القتال المباح والخوف والحاجة المتكررة وهذه : والسادس والسابع

أحرم من الميقات لـدخول مكـة أو وحيث . الثالثة عدمية فتدبر انتهىالحرم ال لنسك طاف وسعى وحلق أو قصر وحل من إحرامه، قال فـي

وأبيح للنبي صلى اهللا عليه وسلم وأصـحابه دخـول : وشرحه المنتهىمكة محلين ساعة من يوم الفتح، وهي من طلوع الشمس إلـى صـالة

يوم فـتح العصر، ال قطع شجر ألنه صلى اهللا عليه وسلم قام الغد منإن مكة حرمها اهللا ولـم يحرمهـا : (مكة فحمد هللا وأثنى عليه، ثم قال

الناس فال يحل لمؤمن يؤمن باهللا واليوم اآلخر أن يسفك بها دمـا وال يعضد بها شجرا، فإن أحد ترخص بقتال رسـول اهللا صـلى اهللا عليـه

ـ اعة وسلم فقولوا إن اهللا أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أحلت لي سمن نهار وقد عادت حرمتها كحرمتها باألمس فليبلـغ الشـاهد مـنكم

وكذا في اإلقناع وشرحه وغيرهما من كتـب األصـحاب مـع ) الغائب

تصريحهم بجواز مجاوزة الميقات بال إحرام لدخول مكة أو الحـرم إذا كان لقتال مباح، واستدلوا بفعل النبي صلى اهللا عليه وسلم وهو دخول

ح وعلى رأسه المغفر، فإذا جاز لنا دخول مكة أو الحـرم مكة يوم الفتبال إحرام للقتال المباح فكيف يكون دخول النبي صلى اهللا عليه وسـلم وأصحابه مكة محلين ساعة من يوم الفتح من خصائصه صلى اهللا عليه وسلم؟ والذي يظهر أن الخصوصية إنما هي في جواز البداءة بالقتـال

اعة التي أحل اهللا مكة فيها لرسـوله صـلى اهللا وعاد التحريم بعد السبالقتال فيها، أما إذا بـدأنا أحـد عليه وسلم فال يجوز لنا أن نبدأ أحدا

وال تقتلوهم عند المسـجد الحـرام : (بالقتال جاز لنا قتاله لقوله تعالىأما ترك اإلحرام لدخول مكة أو ) حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم

ال المباح وهو الدفاع عن المسلمين فليس مـن خصائصـه الحرم للقتصلى اهللا عليه وسلم، ولم يبح للنبي صلى اهللا عليه وسلم وال ألحد من

ومن تجاوز الميقات . أصحابه وال غيرهم قطع الشجر وقتل صيد الحرمبال إحرام يريد نسكا فرضا أو نفال ولو كان جاهال أنه الميقات أو حكمه

رها، لزمه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه حيث أمكـن أو ناسيا أو مككسائر الواجبات إن لم يخف فوت حج أو علة نفسه أو أهلـه أو مالـه لصا أو غيره، فإن خاف لم يلزمه رجوع ويحرم من موضعه، فإن رجع إلى الميقات فأحرم منه فال دم عليه ألنه أتى بالواجب عليه كما لو لـم

رم دون الميقات من موضعه أو غيره لعـذر أو وإن أح. يجاوزه ابتداءغيره صح وعليه دم وفاقا لألئمة الثالثة سواء أمكن رجوعه أم ال، وإن رجع محرما إلى الميقات لم يسقط الدم برجوعه، نص عليه ألنه وجـب لتركه إحرامه من ميقاته فلم يسقط كما لو لم يرجع، وإن فسـد نسـكه

ال إحرام لم يسقط دم المجاوزة نص عليه هذا الذي تجاوز فيه الميقات بكدم محظور، ونقل منها يسقط ألن القضاء واجب، وعند الحنفيـة مـن كان منزله في نفس الميقات أو داخل الميقات إلى الحرم كأهـل لزيمـة والشرائع والمضيق ووادي فاطمة وبحرة ونحوهم، فإن ميقاته للحـج

هاء الحل وهو في رخصـة والعمرة جميع المسافة من الميقات إلى انتوعدم لزوم كفارة ما لم يدخل أرض الحرم بال إحرام، وإحرامـه مـن دويرة أهل أفضل، وله دخول مكة بغير إحرام إذا لم يرد نسكا، فإن أراد نسكا وجب عليه اإلحرام حينئذ، وأما من كان منزله خارج الميقات إلى

ولو لقصد مكـة أو الحل فيجب عليه اإلحرام من الميقات ألحد النسكينالحرم أو تجارة بها أو نزهة أو دخول بيته، هذا ملخص مذهبهم، قـال

وال وجه للتفرقة يعني تفرقة الحنفية بين من : صاحب الفروع ابن مفلحكان خارج الميقات وبين من كان فيه أو دونه إلى الحرم، حيث قـالوا

ارج الميقات بوجوب اإلحرام لدخول مكة أو الحرم مطلقا على من كان خ .دون من كان في الميقات أو داخله إلى الحرم إذ لم يرد نسكا واهللا أعلم

وعند المالكية من تردد إلى مكة بحطب أو فاكهة أو غيرهما من دون الميقات كأهل وادي فاطمة ولزيمة والمضيق وجدة فله أن يدخل مكـة

ن يتعـدى بغير إحرام، أما إن تردد لها من المواقيت فال يجـوز لـه أ الميقات بال إحرام هذا مذهبهم في هذه المسئلة، وفي إلزامهم للمتـردد المذكور باإلحرام من الميقات كلما مر عليه مشقة وحرج، وقـد قـال

).وما جعل عليكم في الدين من حرج: (تعالىإذا ركب إنسان طائرة من نجـد قاصـدا مكـة ألداء نسـكه ): فائدة(

روف بالسيل، وحيث إنه ال يتمكن من النزول فميقاته الشرعي قرن المع

بالطائرة في الميقات المذكور وقصد جدة لينزل في مطارها فإن الواجب عليه والحالة ما ذكر نية اإلحرام في الطائرة إذا أتى على الميقات قرن المذكور أو على ما يحاذيه فإذا نزل بجدة محرما قصد مكة ألداء نسكه،

حرام إذا أتى على الميقات أو حاذاه بقصد اإلحـرام وال يجوز له ترك اإلمن جدة، ألن اإلحرام من الميقات أو ما يحاذيه واجب وتجاوزه بغيـر

ومثله إذا ركب طائرة من المدينة ونحوها قاصدا . إحرام محرم وفيه دموكره إحرام بحجة أو عمرة قبـل الميقـات المكـاني . مكة واهللا أعلم

أن رجال : (ا نقله أبو شامة عن أبي بكر الخاللوينعقد، ووجه الكراهة ممن الميقات الذي وقت : جاء إلى مالك بن أنس فقال من أين أحرم؟ قال

فإن أحرمـت : رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأحرم منه، فقال الرجل: ما تكره من ذلك؟ فقـال : ال أرى ذلك، فقال: من أبعد منه؟ فقال مالكوأي فتنة في زيادة الخير؟ فقال مالك فـإن اهللا : أكره عليك الفتنة، فقال

فليحذر الذين يخالفون عن أمـره أن تصـيبهم فتنـة أو : (تعالى يقولوأي فتنة أكبر من أنك خصصت بفضل لم يخص به ) يصيبهم عذاب أليم

ـ ك بـن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم؟ وفي رواية أن رجال قال لمالأحرم رسـول اهللا صـلى اهللا عليـه من حيث : أنس من أين أحرم؟ قال

فال تفعـل، : إن زدت على ذلك؟ قال: وسلم، فأعادها عليه مرارا، فقالوما في هذا من الفتنة، إنما هـي أميـال : فإني أخاف عليك الفتنة، قال

) فليحذر الذين يخالفون عـن أمـره : (قال فإن اهللا تعالى يقول. أزيدهاوأي فتنة أعظم من أن تـرى : لكوأي فتنة في هذا؟ قال ما: قال. اآلية

حكاه في كتاب الباعث . أن اختيارك خير من اختيار اهللا واختيار رسولهقال أحمد هو أعجب إلي، وقال القاضي أبو . على إنكار البدع والحوادث

يعلى وأصحابه وأبو محمد المقدسـي فـي المغنـي والسـامري فـي أحرم مـن أن عمران بن حصين(المستوعب وغيرهم، وروي الحسن

يتسامع النـاس أن : مصره، أي بلده فبلغ ذلك عمر، فغضب عليه وقال. رجال من أصحاب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أحرم مـن مصـره

إن عبد اهللا بن عامر أحرم من خراسان فلما قدم علـى عثمـان : وقال .وراهما سعيد واألثرم) المه فيما صنع وكرهه له

ان أن يحرم من خراسان أو كرمـان، وعنـد كره عثم: وقال البخاري المالكية يكره اإلحرام قبل الميقات المكاني، وعند الشـافعية يجـوز أن

الصحيح عندهم اإلحرام : وفي األفضل قوالن. يحرم قبل وصوله الميقاتوالثاني من دويرة . من الميقات اقتداء برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

حرام من أي ميقات كان، سواء كان ميقات أهله، وعند الحنفية يجب اإلوالسنة عندهم أن يكون إحرامه من ميقات بلده واألفضل . بلده أو غيره

ألنه من باب المبادرة إلى الطاعات والمسـارعة إلـى . من دويرة أهلهالخيرات، والفاضل عندهم كل ما قدمه على ميقاته من غير دويرة أهله

في أشهر الحج، والحـرام عنـدهم قبل وصول ميقاته لكن بشرط كونه تأخيره عن الميقات المعين لهن والمكروه عندهم تجاوز ميقاتـه إلـى أدنى منه إذا كان في طريقه ميقاتان، ويصح اإلحرام عندهم في جميـع الصور الموافقة والمخالفة إال أنه يجب في الحرام الدم، فـال يشـترط

. أعلملصحة اإلحرام مكان وال زمان هذا مذهبهم، واهللامن السنة : (ويكره عندنا أن يحرم بالحج قبل أشهره لقول ابن عباس

رواه البخـاري وألنـه أحـرم ) أن ال يحرم بالحج إال في أشهر الحـج بالعبادة قبل وقتها فأشبه ما لو أحرم قبل الميقات المكاني، فإن أحـرم

ـ ه بالحج قبل أشهره انعقد، ويدل لصحة إحرامه بالحج قبل أشهره قولوكلهـا ) يسئلونك عن األهلة قل هي مواقيت للنـاس والحـج : (تعالى

أي ) الحج أشـهر معلومـات : (وقوله تعالى. مواقيت للناس فكذا للحجوال ينقلـب ) الحـج عرفـة : (معظمه فيها كقوله عليه الصالة والسالم

خالفا لما اختـاره . إحرامه بالحج قبل ميقاته المكاني أو الزماني عمرةبن حامد، نقل أبو طالب وسندي يلزمه الحج إال أن يفسـخه اآلجري وا

.بعمرة فله ذلك على ما يأتي إن شاء اهللا تعالى وميقات العمرة الزماني جميع العام لعدم المخصص لها بوقـت دون

آخر فتباح كل وقت من أوقات السنة في أشهر الحج وغيرها، فال يكره أيـام التشـريق كـالطواف اإلحرام بها يوم النحر وال يوم عرفـة وال

المجرد، إذ األصل اإلباحة وال دليل على الكراهة، ويـأتي فـي صـفة العمرة بيان صورة اإلحرام يوم النحر، وأشهر الحج شوال وذو القعـدة وعشر من ذي الحجة، وسمي شوال بذلك ألن فيه يخرج الحاج فتشول

م كانوا يقعدون أي تحركها؛ وسمي ذوي القعدة بذلك ألنه: اإلبل بأذنابهافيه عن القتال، وقيل ألن موسى عليه السالم قعد فيه بطـور سـيناء، وقيل ألنهم كانوا يقعدون فيه عن األسفار؛ وسـمي ذو الحجـة بـذلك لوقوع مناسكه فيه، وما قلناه من أن أشهر الحج شـوال وذو القعـدة وعشر من ذي الحجة هو ما رواه ابن عمر مرفوعا وقاله جمـع مـن

: ابة، فيوم النحر منها ألن العشر بإطالقها لأليام كالعدة، قال تعالىالصحوالذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشـهر (

العرب تغلب التأنيث : ، قال القاضي أبو يعلى والموفق وغيرهما)وعشرا في العدد خاصة لسبق الليالي فتقول سرنا عشرا، وإنما فات الحج بفجر

فـإن قيـل . يوم النحر لخروج وقت الوقوف فقط ال بخروج وقت الحجوأقل الجمع ثالثة، ) الحج أشهر معلومات: (األشهر جمع في قوله تعالى

وعلـى ) فإن كان له إخوة: (الجمع يطلق على اثنين كقوله تعالى: قلناوالمطلقـات يتربصـن : (اثنين وبعض آخر كعدة ذات األقراء قال تعالى

ألنها تشمل القرءين وبعض الثالث عند من جعل ) الثة قروءبأنفسهن ثالقروء األطهار كما هو رواية عن أحمد، وهو مذهب الشافعي، أما من جعل األقراء الحيض، كما هو الصحيح من المذهب، فال بد مـن ثالثـة

.أقراء كاملة في العدة، واهللا أعلميوم النحـر (فوعا يوم النحر هو يوم الحج األكبر لحديث ابن عمر مر

وعند الشافعية ميقات الحج الزمـاني . رواه البخاري) يوم الحج األكبرشوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة آخرها طلوع الفجر يـوم العيد وليس منها يوم النحر وال ينعقد اإلحرام بالحج عندهم فـي غيـر

عمرة مجزئـة هذه المدة، فإن أحرم به في غيرها لم ينعقد حجا وانعقد ولو أحرم عندهم قبل أشهر الحج . من عمرة اإلسالم على األصح عندهم

إحراما مطلقا انعقد عمرة، وعند المالكية الميقات الزماني مـن ابتـداء شوال من أول ليلة الفطر إلى قرب فجر ليلة النحر بقدر ما يسع اإلحرام

وهو المشهور ويمتد زمن اإلحالل منه إلى انتهاء ذي الحجة. والوقوفعندهم، وقيل إلى الحادي عشر، وقيل إلى آخر أيـام الرمـي، وفائـدة الخالف عندهم في تأخير طواف اإلفاضة، فعلى المشهور ال يلزمه الدم إال إذا أخره إلى المحرم، وعلى القولين الضعيفين ال يلزمه إال إذا أخره

و المشـهور إلى الحادي عشر أو عن أيام الرمي؛ وإنما كان ما ذكر هألن أقل ) الحج أشهر معلومات: (عندهم للتمسك بالحقيقة في قوله تعالى

الجمع ثالثة، ومعنى اآلية عندهم الحج وقته أشهر معلومات بمعنى أن له التحلل في ذي الحجة بتمامه، وال يلزمه دم إال بـدخول المحـرم، ال

ذلك لم يقله مالك بمعنى أن له أن يبتدئ اإلحرام به بعد فجر النحر، فإن .وال غيره ممن يعتد به

ويكره اإلحرام عندهم بالحج قبل شوال ولكنه ينعقد، وعنـد الحنفيـة شـوال وذو : يكره اإلحرام بالحج قبل أشهره مع الصحة، وأشهر الحج .القعدة وعشر من ذي الحجة منه يوم النحر وفاقا للحنابلة

: باب -- في اللغة نية الدخول في التحـريم، يقـال اإلحرام أول األركان، وهو

إذا دخـل : إذا دخل في الربيع، وأنجد: أشتى إذا دخل في الشتاء، وأربعإذا دخل فـي الصـباح : إذا دخل تهامة، وأصبح وأمسى: نجدا، وأتهم

.والمساءنية الدخول في النسك وإن لم يتجرد من ثيابه المحظورة : وفي الشرع

ج أو يعتمر، سمي الدخول في النسك إحرامـا، على المحرم ال نيته ليحمن النكاح : ألن المحرم بإحرامه حرم على نفسه أشياء كانت مباحة له

.والطيب والصيد وأشياء من اللباس ونحوهاويسن لمريد اإلحرام أن يغتسـل ) تحريمها التكبير(ومنه في الصالة

ثى، ولـو حائضـا أو وفاقا للحنفية والشافعية والمالكية ذكرا كان أو أنألن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس وهـي (نفساء،

وأمر عائشة أن تغتسل إلهـالل الحـج . رواه مسلم). نفساء أن تغتسلوهي حائض، فإن رجت الحائض والنفساء الطهر قبـل الخـروج مـن الميقات استحب لهما تأخير الغسل حتى تطهرا ليكون أكمل لهمـا وإال

غتسلتا قبل الطهر لما تقدم، وألن مجاوزة الميقات بال إحرام غير جائز اعلى ما تقدم، ويتيمم عادم الماء إلحرامه وكذا العاجز عـن اسـتعماله لنحو مرض وفاقا للشافعية كسائر ما يستحب له الغسل، وال يضر حدثه

ويتجه ولو كـان الحـث بجمـاع : بعد غسله قبل إحرامه، قال مرعين الطفل يغسله وليه انتهى، فعلى هذا إذا اغتسل لإلحرام ثم وحيض، وإ

أحدث قبل نية اإلحرام فقد حصل المسنون كحدثه بعد غسل لإلحرام ثـم أحدث قبل نية اإلحرام فقد حصل المسنون كحدثه بعد غسـل الجمعـة

.وقبل صالتهالو اغتسل ثم أحدث ثم توضأ وأحرم لم ينـل فضـل : وقالت الحنفية

وعـن اإلمـام . ن كماله أن يصلي به، هذا هو الراجح عندهمالغسل ألأحمد ال يستحب التيمم، اختاره الموفق والشارح وصاحب الفائق وابـن

والصـحيح أن : قال الموفق. عبدوس في تذكرته وصوبه في اإلنصافالتيمم غير مسنون ألنه غسل غير واجب فلم يستحب التيمم لـه عنـد

لفرق بين الواجب والمسنون أن الواجـب وا. عدم الماء كغسل الجمعةشرع إلباحة الصالة والتيمم يقوم مقامه في ذلـك، والمسـنون يـراد للتنظيف وقطع الرائحة، والتيمم ال يحصل هذا بل يحصل شعثا وتغييـرا

قلت وهذه الرواية هي التي تطمـئن إليهـا الـنفس وإن كـان . انتهى .المذهب خالفها واهللا أعلم

التيمم لغسل اإلحرام عند العجز عـن : ر األبصار للحنفيةقال في تنوي أن من لم يجـد : وعند المالكية. الماء ليس بمشروع ألنه ملوث انتهى

ماء يغتسل به لإلحرام أو وجده ولكن خاف باستعماله ضررا أو زيادته أو تأخير برء فإنه ال يتيمم لإلحرام، وعند الحنفية ال يقوم التيمم مقـام

العجز عن الماء إال لمن جاز له أن يصـلي صـالة سـنة الغسل عندويسـتحب أن : قال شيخ اإلسالم رحمـه اهللا . اإلحرام فإنه يتيمم حينئذ

.يغتسل لإلحرام ولو كانت نفساء أو حائضا انتهىقال شمس الدين ابن القيم رحمه اهللا تعالى بعد كالم سبق في صـفة

نبي صلى اهللا عليـه وسـلم فصلى ال(حجة النبي صلى اهللا عليه وسلم الظهر بالمدين بالمسجد أربعا ثم ترجل وادهـن ولـيس إزاره ورداءه وخرج بين الظهر والعصر فنزل بذي الحليفة فصلي بها العصر ركعتين ثم بات بها وصلى بها المغرب والعشاء والصبح والظهر فصـلى بهـا

لما أراد خمس صلوات وكان نساؤه كلهن معه وطاف عليهن تلك الليلة فوقد قـال ) اإلحرام اغتسل غسال ثانيا إلحرامه غير غسل الجماع األول

إنه رأى النبي صلى اهللا عليـه وسـلم تجـرد إلهاللـه (زيد بن ثابت وقـال ابـن . قال الترمذي حديث حسن غريب انتهى ملخصا) واغتسل

القيم أيضا وخرج صلى اهللا عليه وسلم من المدينة يوم السبت لخمـس ن ذي القعدة بعد ما صلى الظهر بالمدينة أربعا والعصـر بـذي بقين م

الحليفة ركعتين وبات بذي الحليفة ثم أهل بعد صالة الظهر مـن يقـوم األحد بذي الحليفة في موضع مصاله ثم ركب ناقته واستوت به علـى البيداء وهو يهل ودخل صلى اهللا عليه وسلم مكة يوم األحد صبح رابعة

وسن لمريد اإلحرام تنظف . نتهى ملخصا من زاد المعادمن ذي الحجة امن حلق العانة وقص الشارب ونتف اإلبط وتقليم األظفار، : بأخذ شعره

لكن محل سنية أخذ الشعر وتقليم األظفار عند اإلحرام هو فيما إذا كان في غير عشر ذي الحجة لمن يريد التضحية عن نفسه أو لمن يضـحي

أما إذا أراد أن يضحي عن نفسه أو علم أن أحدا عنه غيره تلك السنة،

يضحي عنه فإنه يحرم عليه إذا دخل عشر ذي الحجة أخذ شـيء مـن شعره أو ظفره أو بشرته حتى يضحي أو يضحى عنه، ويأتي إن شـاء

وسن له أيضا قطع رائحة : اهللا تعالى الكالم على ذلك في باب األضحيةأخذ الشعر واألظفار فاستحب فعلـه كريهة كالجمعة وألن اإلحرام يمنع

قبله لئال يحتاج إليه في إحرامه فال يتمكن منه فيه، قال إبـراهيم كـان ويسـن لمريـد . يستحبون ذلك ثم يلبسون أحسن ثيابهم رواه سـعيد

اإلحرام أن يتطيب ولو امرأة غير محدة لحرمة الطيب عليها في بدنـه ره كالعود والبخور وماء سواء كان الطيب مما تبقى عينه كالمسك أو أث

كنت أطيب رسول اهللا صـلى اهللا (الورد، لقول عائشة رضي اهللا عنها رواه ) عليه وسلم إلحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطـوف البيـت

كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسـول اهللا : (وقالت. البخاريح الـواو والوبيص بفـت . متفق عليه) صلى اهللا عليه وسلم وهو محرمهـو بريـق أثـره ولمعانـه، قـال : وكسر الموحدة آخره صاد مهملةالويبص زيادة على البريق والمراد به : اإلسماعيلي كما نقله القسطالني

.التأللؤ قال وهو يدل على وجود عين باقية ال الريح فقط انتهىقال شيخ اإلسالم وكذلك إن شاء المحرم أن يتطيب فـي بدنـه فهـو

ؤمر المحرم قبل اإلحرام بذلك فإن النبـي صـلى اهللا عليـه حسن وال ي .وسلم فعله ولم يأمر به الناس انتهى

: ويستحب للمرأة إذا أرادت اإلحرام خضاب بحناء لحديث ابـن عمـر وألنه مـن الزينـة أشـبه ) من السنة أن تدلك المرأة يديها في حناء(

اإلحرام فيه وهـو ويكره لمريد اإلحرام تطييبه ثوبه الذي يريد. الطيبإزاره ورداؤه، فإن طيبه فله استدامة لبسه ما لم ينزعه، فـإن نزعـه

فليس له لبسه والطيب فيه، ألن اإلحرام يمنع الطيب ولـبس المطيـب نزعه وأثر الطيب باق لم يغسله حتى يذهب فـدى دون االستدامة، فإن

خـر الستعماله الطيب، أو نقل الطيب من موضع من بدنه إلى موضع آأو تعمد مسه بيده فعلق الطيب بها أو نحى الطيب عن موضعه ثم رده إليه بعد إحرامه فدى ألنه ابتداء للطيب، فإن ذاب الطيب بالشـمس أو بالعرق، فسال إلى موضع آخر من بدن المحرم فال شيء عليه لحـديث

كنا نخرج مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إلى مكـة : (عائشة قالتاهنا بالمسك عند اإلحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فنضمد جب

ومذهب . رواه أبو داود). فيراها النبي صلى اهللا عليه وسلم فال ينهاهاوعند الحنفية يستحب . الشافعية في الطيب عند اإلحرام كمذهب الحنابلة

لمن أراد اإلحرام أن يدهن ويتطيب، وبما ال يبقى أثـره مـن الطيـب يستحب عندهم بالمسك وإذهاب جرمه بماء الورد ونحوه مـن و: أفضل

الماء السافي، واألولى عندهم أن ال يطيب ثيابه، وعند المالكية يكـره لمريد اإلحرام أن يتطيب، واحتجوا بحديث يعلى بن أمية أن رجال أتـى

يا رسول اهللا كيف ترى في رجل أحرم : النبي صلى اهللا عليه وسلم فقالمخ بطيب؟ فسكت النبي صلى اهللا عليه وسـلم يعنـي بعمرة وهو متض

اغسل الطيب الذي بك ثالث مرات وانزع عنك الجبـة : (ساعة، ثم قالمتفق عليه، وألنه يمنـع مـن ) واصنع في عمرتك ما تصنع في حجتك

ابتدائه فمنع عندهم من استدامته، وحجة األئمة الثالثة ما تقـدم مـن ال خالف بين جماعة أهل العلم : لبراألحاديث عن عائشة، قال ابن عبد ا

بالسير واآلثار أن قصة صاحب الجبة كانت عام حنين والجعرانة سـنة . أي فهو ناسخ انتهى: ثمان، وحديث عائشة في حجة الوداع سنة عشر

ويتجرد مريد اإلحرام عن المخيط إن كان ذكـرا ألنـه عليـه الصـالة والتجرد مـن : اهللا تعالىوالسالم تجرد إلهاله، قال شيخ اإلسالم رحمه

اللباس واجب في اإلحرام وليس شرطا فيه، فلو أحرم وعليه ثيابه صح ذلك بسنة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وباتفاق األئمة أهـل العلـم،

وعند الحنفية التجرد مسـتحب . وعليه أن ينزع اللباس المحظور انتهىللمخـيط ينعقـد وليس بواجب قبل اإلحرام حتى لو أحرم وهو البـس

واختلف كالم الشافعية . ويكره، وعند المالكية التجرد عن المخيط واجبفي ذلك، فعند النووي في منسكه أن التجرد سنة، والذي مشـي عليـه

ويسن لمن يريـد . النووي في المجموع كالرافعي في العزيز أنه واجبه روا) خيـر ثيـابكم البيـاض (اإلحرام أن يلبس ثوبين أبيضين لحديث

إن (النسائي، ويجوز اإلحرام في غير البياض بال خالف، وفي الحـديث وهـي العبـاءة ) موسى بن عمران عليه السالم أحرم بعباءة قطوانية

.المخططةويستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين، فـإن كـان : قال شيخ اإلسالم

أبيضين فهما أفضل، ويجوز أن يحرم في جميع أجناس الثياب المباحـة لقطن والكتان والصوف، والسنة أن يحرم في إزار ورداء سـواء من ا

كانا مخيطين أو غير مخيطين باتفاق األئمة، ولو أحرم في غيرهما جاز إذا كان مما يجوز لبسه، ويجوز أن يحرم في األبـيض وغيـره مـن

.األلوان الجائزة وإن كان ملونا انتهىله التنظيف فـي بدنـه ويسن أن يكونا نظيفين كما تقدم ألنه يستحب

فكذلك في ثيابه، والثوبان اللذان يحرم فيهما إزار ورداء، سواء كـان جديدين أو غسيلين، فالرداء على كتفه واإلزار في وسـطه لمـا روى

قال ) ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين: (أحمد عن ابن عمر مرفوعالتبصرة بعضه ابن المنذر ثبت ذلك ويجوز إحرامه في ثوب واحد، وفي ا

على عاتقه، ويسن لمريد اإلحرام أن يلبس نعلين لما تقدم من الخبـر، والنعالن هما التاسومة، وال يجوز له لبس سرموزة ونحوها إن وجـد النعلين، وللمرأة لبس المخيط في اإلحرام إال القفازين، والمراد بالمخيط

والبرنس هو كل ما يخاط على قدر المبلوس عليه كالقميص والسراويلوالقباء والدرع ونحوه مما يصنع من لبد ونحوه وإن لـم يكـن فيـه خياطة، ولو لبس إزارا موصال أو اتشح بثوب مخيط أو اتزر به جـاز

بسا للمخيط المصنوع على قدر الملبوس عليـه لمثلـه، ألن ذلك ليس لوعند المالكية والشافعية والحنفية يسن أن يلبس المحـرم إزارا ورداء

نعلين وأن يكون اإلزار والرداء أبيضين نظيفين جديـدين أو خلقـين و .وفاقا لمذهب الحنابلة

عندي ثوب قد أحرمت فيـه حججـا مـا : قال اإلمام مالك رحمه اهللا غسلته، قال بعض علماء المالكية يريد مالك بذلك أنه ال يشـترط فـي

ل إحرامـه ثوبي اإلحرام أن يكونا جديدين بل يجوز له أن يلبس في حاغير الجديد ولو كان خلقا أو وسخا وال يلزمه غسله حيث كان طـاهرا ولكن األولى غسله حيث كان وسخا ألن النظافة من اإليمـان، ويحمـل قول مالك عندي ثوب إلى آخره على أنه غير وسخ ولو كـان وسـخا لغسله، كيف ال؟ وهو إمام دار الهجرة فكالمه يدل على جواز اإلحـرام

.غير الجديد ولو لم يغسله انتهى في

ال يضطبع حال اإلحرام وإنما يسن االضطباع حـال ) األولى: فائدتان( الطواف فقط خالفا لما توهمه العوام من أن االضطباع في جميع أحوال

.اإلحرام: قال البخاري رحمه اهللا في صحيحه، وقال إبراهيم النخعي): الثانية(

قال الحافظ ابن حجر في الفتح أي بغير المحـرم ال بأس أن يبدل ثيابه،ثيابه ما شاء، وفي رواية ابن أبي شيبه أنهم لم يروا بأسـا أن يبـدل

كان : وحدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال: المحرم ثيابه قال سعيدأصحابنا إذا أتوا بئر ميمون اغتسلوا ولبسوا أحسن ثيابهم فدخلوا مكة

.انتهىد في مسائله عن الحسن إنه كان ال يرى بأسا أن يظـاهر قال أبو داو

المحرم بما شاء من األزر واألردية ويبدل ثيابه التي أحرم فيها بغيرها .انتهى. من الثياب

له أن يبيت في غير الثوب الذي أحرم فيه وله أن يبدل : قالت المالكية عقب صـالة ويسن إحرامه. انتهى. ثوبه وإن كان لقمل آذاه وأن يبيعه

فرض أو نفل ندبا نص عليه ألنه صلى اهللا عليه وسلم أهل فـي دبـر رواه النسائي، وإحرامه عقب الصالة أولى، وإن شاء أحـرم إذا . صالة

ركب، وإن شاء أحرم إذا سار قبل مجاوزة الميقات، لورود ذلـك كلـه عنه صلى اهللا عليه وسلم، وال يركعهما وقت نهى وال من عدم المـاء

وال يركعهما من عجـز ) ال يقبل اهللا صالة بغير طهور(التراب لحديث وعن استعمال الماء والتراب لقروح ال يستطيع معها مس البشرة لفقـد

ويتوجه انه يستحب أن يستقبل القبلـة عنـد : شرطه، قال في الفروع .إحرامه صح عن ابن عمر انتهى

ب صالة إما فرضا يستحب أن يحرم عقي: قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا وإما تطوعا إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي اآلخر إن كـان يصلي فرضا أحرم عقيبه وإال فليس لإلحرام صالة تخصه وهذا أرجـح

.انتهىوأهل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فـي : قال ابن القيم رحمه اهللا

ضا ثـم أهـل لمـا حجة الوداع في مصاله ثم ركب على ناقته وأهل أياستقلت به على البيداء، قال ابن حزم كان ذلك قبل الظهر بيسير وهـذا

والمحفوظ أنه إنما أهل بعد صالة الظهر ولم يقل أحد قط إن وهم منه، : إحرامه كان قبل الظهر وال أدري من أين له هذا؟ وقد قال ابن عمـر

الشجرة حين قـام ما أهل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إال من عند(والحـديثان فـي ) إنه صلى الظهر ثم ركـب (وقد قال أنس ) به بعيره

الصحيح، فإذا جمعت أحدهما إلى اآلخر تبين أنه إنما أهل بعـد صـالة .الظهر انتهى ملخصا

واألولى اإلحرام عقيب الصـالة لمـا روى : قال أبو محمد في المغني رسول اهللا صلى اهللا عليه ذكرت البن عباس إهالل(سعيد بن جبير قال

وسلم، فقال أوجب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم اإلحرام حين فـرغ من صالته ثم خرج فلما ركب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم راحلتـه

أهل حين استوت به : واستوت به قائمة أهل فأدرك ذلك منه قوم فقالواى عال البيـداء فأهـل الراحلة وذلك أنهم لم يدركوا إال ذلك، ثم سار حت

رواه أبـو داود ). فأدرك ذلك منه قوم فقالوا أهل حـين عـال البيـداء واألثرم، وهذا لفظ األثرم، وهذا فيه بيان وزيادة علم فيتعين حمل األمر

وعند الحنفية يصلي ركعتين بعد اللبس ينوي بهما سـنة . عليه انتهى

قت نهـى، ولـو اإلحرام يقرأ فيهما بسورتي اإلخالص وال يصليهما وأحرم بغير صالة جاز إحرامه وكره، فإذا سلم فاألفضل أن يحرم وهـو جالس مستقبل القبلة في مكانه، وعند الشافعية يصلي ركعتـين ينـوي بهما سنة اإلحرام يقرأن فيهما بعدد الفاتحة سورتي اإلخـالص، فـإن

أغنته عن ركعتي اإلحرام ولو صالهما منفردتين عن أحرم بعد فريضة لفريضة كان أفضل، فإن كان اإلحرام في وقـت كراهـة الصـالة لـم ا

يصلهما على األصح عندهم، وفي األفضل من وقـت اإلحـرام قـوالن والثاني أن يحرم . أحدهما أن يحرم عقب الصالة وهو جالس: للشافعي

.إذا ابتدأ السير راكبا أو ماشيا، وهذا هو الصحيح عندهمند اإلحرام هذا مذهبهم، وعند المالكيـة ويستحب أن يستقبل القبلة ع

يسن لمريد اإلحرام أن يركع ركعتين إن كان متوضئا وإال بأن لم يجـد ماء تيمم وركعهما، ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي اإلخـالص، فـإن كان وقت نهي انتظر وقت الجواز إال أن يخاف فوات الرفقة فيحرم بغير

نته عن ركعتي اإلحرام، واألفضل صالة، فإن أحرم بعد صالة فريضة أغعندهم تخصيصه بركعتين فإذا استوى راكبا أحرم وإن كان ماشيا فحين يشرع في المشي هذا ملخص مذهبهم، وال ينعقد اإلحرام إال بالنية فهي شرط فيه، فإن قيل قد سبق أن اإلحرام هو نية النسك فكيـف يقـال ال

في النية مـع أنـه يـؤدي إلـى تنعقد النية إال بالنية، وأن النية شرط التسلسل، وأما التجرد فليس ركنا وال شرطا في النسك، قلنا لمـا كـان التجرد هيئة تجامع نية النسك ربما أطلق اإلحرام عليها فـاحتيج إلـى التنبيه، على أن تلك الهيئة ليست كافية بنفسها بل ال بد معها من النية

سوق هدي كما يأتي إن شاء اهللا وأنها ال تفتقر إلى غيرها من تلبية أو .تعالى

وال يكون الرجل محرما بمجرد مـا فـي : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا قلبه من قص الحج ونيته، فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج مـن بلده بل ال بد من قول أو عمل يصير به محرما، هذا هو الصحيح مـن

.القولين انتهىاإلحرام أن ينوي بقلبه الدخول في الحج والتلبس وعند الشافعية صفة

به، وإن كان معتمرا نوى الدخول في العمرة، وإن كـان قارنـا نـوى الدخول في الحج والعمرة، والواجب أن ينوي هذا بقلبه وال يجب التلفظ

.به وال التلبية ولكن األفضل أن يتلفظ به بلسانه وأن يلبينية النسك، وينعقد بمجرد النيـة علـى وعند المالكية حقيقة اإلحرام

ولو لم يحصل قول وال فعل يتعلقان به من تلبية وتجرد . الراجح عندهممن المخيط، ومقابل هذا قول خليل مع قول أو فعل تعلقا به وهو تـابع

.البن شاش وابن بشير واللخمي وهو ضعيفال وعند الحنفية اإلحرام هو الدخول في التزام حرمة ما يكـون حـال

عليه قبل التزام اإلحرام، ويشترط لصحة اإلحرام عندهم النية والتلبية، أو تقليد البدنة مع السوق، وال يدخل في اإلحرام بمجرد النية بل ال بـد من التلبية أو ما يقوم مقامها حتى لو نوى ولم يلب ال يصير محرمـا،

النية، هذا وكذا لو لبي ولم ينو، وعند أبي يوسف يصير محرما بمجرد .واهللا أعلم. ملخص مذهبهم في هذه المسألة

ويستحب التلفظ بما أحرم به فيقصد بنيته نسكا معينا لفعله صلى اهللا عليه وسلم وفعل من معه في حجة الوداع، وألن أحكام ذلـك تختلـف

فاستحب تعيينه ليترتب عليه مقتضاه، ونية النسك كافية فال يحتاج معها إنمـا األعمـال (سوق هدي، خالفا للحنفية لعموم حديث إلى تلبية وال

وإن لبى أو ساق هديا من غير نية لم ينعقد إحرامـه للخبـر، ) بالنياتولو نطق بغير ما نواه نحو أن ينوي العمرة فيسبق لسانه إلى الحج أو ينوي الحج فيسبق لسانه إلى العمرة أو ينوي القران فيسبق لسانه إلى

أحدهما فيسبق لسانه إلى كليها، انعقد إحرامه بما نواه أحدهما أو ينوي دون ما لفظ به وفاقا للشافعية والحنفية ألن النية محلها القلب، وينعقد إحرامه حال جماعة ألنه ال يخرج منه به، ويفسـد إحرامـه بالجمـاع فيمضي في فاسده ويقضيه كما يأتي إن شاء اهللا تعالى، ويخـرج مـن

وال يخرج ) لئن أشركت ليحبطن عملك: (م قوله تعالىاإلحرام بردة لعمومنه بجنون وإغماء وسكر وموت لخبر المحرم الذي وقصته راحلتـه،

م أهليتـه السكر لعد ووال ينعقد اإلحرام مع وجود الجنون أو اإلغماء أاللهم إني أريد النسـك : للنية، فإذا أراد اإلحرام نوى بقلبه قائال بلسانه

ن عمرة أو حج أو قران ويلفظ بما عينه فيسـره لـي الفالني ويعينه موتقبله مني وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني أو فلي أن أحـل، فإذا أراد التمتع قال اللهم إني أريد العمر فيسرها لي وتقبلها منـي وإن

اللهم إنـي : وإن أراد اإلفراد قال. حبسني حابس فمحلي حيث حبستنياللهـم : وإن أراد القران قال. ه مني ويشترطأريد الحج فيسره لي وتقبل

إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما منـي ويشـترط، وهـذا االشتراط سنة، ويفيد هذا الشرط شيئين أحدهما أنه إذا عاقه عـدو أو مرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق ونحوه أن له التحلل، والثاني أنه

رأى االشتراط في اإلحـرام عمـر متى حل بذلك فال شيء عليه، وممن

وعلي وابن مسعود وعمار رضي اهللا عنهم، به قال عبيـدة السـلماني وعلقمة واألسود وشريح وسعيد بن المسيب وعطاء وعكرمة والشافعي بالعراق، وأنكر االشتراط ابن عمر وطاوس وسعيد بن جبير والزهـري

قوط الدم، فأما وعن أبي حنيفة أن االشتراط يفيد س. ومالك وأبو حنيفةالتحلل فهو ثابت عنده بكل إحصار واحتجوا بأن ابن عمر كـان ينكـر

حسبكم سنة نبيكم صلى اهللا عليـه وسـلم، وحجـة : االشتراط ويقولدخـل النـي : (القائلين باالشتراط ما روت عائشة رضي اهللا عنها قالت

ي يا رسول اهللا إن: صلى اهللا عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقالتحجـي : (أريد الحج وأنا شاكية؟ فقال النبي صـلى اهللا عليـه وسـلم

متفق عليه، وعن ابن عباس رضي ) واشترطي أن محلي حيث حبستنييا رسول : أن ضباعة أتت النبي صلى اهللا عليه وسلم فقالت(اهللا عنهما

لبيك اللهم لبيك ومحلي مـن : اهللا إني أريد الحج فكيف أقول؟ قال قوليرواه مسـلم، ) تحبسني، فإن لك على ربك مـا اسـتثنيت األرض حيث

اللهم إني أريد الحج فإن تيسر وإال فعمرة، وال : ولقول عائشة لعروة قلقول ألحد مع قول النبي صلى اهللا عليه وسلم فكيف يعارض بقول ابـن عمر، ولو لم يكن في االشتراط حديث لكان قول الخليفتين الراشدين مع

ن فقهاء الصحابة أولى من قول ابـن عمـر، وإذا من قد ذكرنا قوله مقال في المستوعب . اشترط وحل فال شيء عليه، نص عليه اإلمام أحمد

فلي أن أحل خير، : وغيره إال أن يكون معه هدي فيلزمه نحره؛ ولو قالاللهم إنـي أريـد النسـك : فإن اشترط بما يؤدي معنى االشتراط كقوله

حرج علي، جاز ألنه في معنى ما تقدم في الفالني إن تيسر لي وإال فال الخبر، وإن قال في إحرامه متى شئت أحللته أو إن أفسدته لم أقضه لم

يصح اشتراطه ألنه ال عذر له في ذلك وإحرامـه صـحيح، وإن نـوى : االشتراط ولم يتلفظ به لم يفد لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم لضباعة

قال الشـيخ ) األرض حيث حبستيمن (أي مكان إحاللي ) قولي محلي(أما : قلت. انتهى. والقول ال يكون إال باللسان: منصور في شرح اإلقناع

القول في حديث ضباعة هذا فهو صريح في األمر بـالنطق باالشـتراط ولكن قد يكون القول بالفعل ) قولي محلي حيث حبستني(حيث جاء فيه

إنما يكفيـك أن (يه أيضا كما في حديث عمار حين تمرغ في الصعيد وف، فالقول يطلق على )بيديك هكذا ثم ضرب بيديه األرض(أي تفعل ) تقول

.الفعل أيضا كقولهم قال بيده هكذا، واهللا أعلمقال ابن أبي الفتح في المطلع ومحلي أي مكان إحاللي بفـتح الحـاء

وكسرها فالفتح مقيس والكسر سماع، يقال حل بالمكان يحل بضم حاء ظـاهر : وحل من إحرامه وأحل منه انتهى، وقال الزركشـي المضارع،

كالم الخرقي وصاحب التلخيص أنه يحل بمجرد الحصر وهـو ظـاهر .الحديث

:فصل -- ويخير مريد اإلحرام بين التمتع واإلفـراد والقـران، ذكـره جماعـة

مـن : خرجنا مع النبي صلى اهللا عليه وسلم فقال(إجماعا لقول عائشة أن يهل بحج وعمرة فليهل، ومن أراد أن يهل بحج فليهـل، أراد منكم

ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل، قالت وأهل بالحج وأهل به ناس معـه ). وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بالعمرة وكنت فيمن أهل بعمرة

وما روي في هذا الحديث عن عائشة رضي اهللا عنها مـن . متفق عليهه وسلم أهل بالحج يخالف ما روي عنها وعن غيرها أنه صلى اهللا علي

. من الصحابة من أنه صلى اهللا عليه وسلم قرن بين الحـج والعمـرة وإسناد القران أصح من إسناد اإلفراد كما يأتي في كالم شيخ اإلسـالم وغيره، وذهبت طائفة من السلف والخلف أنه ال يجوز إال التمتع، وقاله

أهل الحديث، وكره التمتع عمـر وعثمـان ابن عباس ومن وافقه من .ومعاوية وانب الزبير وبعضهم والقران

واختلف في علة اسمه متمتعا؟ فقال ابن القاسم أنه يتمتع بكل مـا ال يجوز للمحرم فعله في وقت حلوله من العمرة إلى وقت إنشاء الحـج،

صد وقيل سمي متمتعا إلسقاط أحد السفرين وذلك أن حق العمرة أن تقبسفر وحق الحج أن يقصد بسفر فلما تمتع بإسقاط أحد السفرين ألزمه

.اهللا هديا كالقارن انتهىوأفضل األنساك الثالثة التمتع في قول ابن عمر وابن عباس وعائشة

وجمع، ونص عليه اإلمام أحمد في رواية صالح وعبد اهللا، وقال ألنـه : قال أبو داود وسمعته يقولآخر ما أمر به النبي صلى اهللا عليه وسلم،

تمتع أحب : نرى التمتع أفضل، وسمعته قال لرجل يريد أن يحج عن أمهإلي، قال إسحق بن إبراهيم كان اختيار أبي عبـد اهللا الـدخول بعمـرة

لو استقبلت من أمري ما اسـتدبرت مـا : (لقوله صلى اهللا عليه وسلم ).سقت الهدي وألحللت معكم

ر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة وفي الصحيحين أنه أم إال من ساق هديا وثبت على إحرامه لسوقه الهدي وتأسف وال يـنقلهم

إن : إال إلى األفضل وال يتأسف إال عليه، وروي المروذي عـن أحمـد ألن النبي صلى (ساق الهدي فالقران أفضل وإن لم يسقه فالتمتع أفضل

دي ومنع كل من ساق الهـدي مـن اهللا عليه وسلم قرن حين ساق اله ).الحل حتى ينحر هديه

ومن وافى الميقات في أشهر الحج فهو : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا مخير بين ثالثة أنواع، وهي التي يقال لها التمتع واإلفراد والقران، فإن شاء أهل بعمرة فإذا حل منها أهل بالحج وهو يخص باسم التمتـع وإن

جميعا أو أحرم بالعمرة ثم أدخـل عليهـا الحـج قبـل شاء أحرم بهماالطواف وهو القران وهو داخل في اسم التمتع في الكتاب والسنة وكالم الصحابة، وإن شاء أحرم بالحج مفردا وهو اإلفراد، وتحقيق األفضـل

فإن كان يسافر سفرة للعمـرة من ذلك أنه يتنوع باختالف حال الحاج،افر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقـيم وسفرة أخرى للحج أو يس

بها حتى يحج فهذا اإلفراد له أفضل باتفاق األئمة األربعـة، واإلحـرام بالحج قبل أشهره ليس مسنونا بل مكروه، وإذا فعله فهل يصير محرما

.بعمرة أو بحج؟ فيه نزاعوأما إذا فعل ما يفعله غالب الناس وهو أن يجمع بين العمرة والحـج

في سفرة واحدة ويقدم مكة في أشهر الحج وهي شـوال وذو القعـدة وعشر من ذي الحجة، فهذا إن ساق الهدي بالقران أفضل له، وإن لـم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل فإنه قـد ثبـت بـالنقول

أن النبـي (المستفيضة التي لم يختلف في صحتها أهل العلم بالحـديث لما حج حجة الوداع هو وأصحابه أمرهم جميعهم صلى اهللا عليه وسلم

أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة إال من ساق الهدي فإنه أمره أن يبقى على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله يوم النحر، وكان النبي صـلى اهللا عليه وسلم قد ساق الهدي هو وطائفة من أصحابه وقرن هو بـين

ولم يعتمر أحد بعد الحج ممـن ) وحجا لبيك عمرة: العمرة والحج فقالكان مع النبي صلى اهللا عليه وسلم إال عائشة وحدها ألنهـا كـان قـد

تقضي : (حاضت فلم يمكنها الطواف ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم قالفأمرها أن تهل بالحج وتدع ) الحائض المناسك كلها إال الطواف بالبيت

م إنها طلبت من النبي صلى اهللا عليه أفعال العمرة ألنها كانت متمتعة، ثوسلم أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن فاعتمرت من التنعـيم ولم يكن على عهد النبي صلى اهللا عليه وسلم وخلفائه الراشدين أحـد يخرج من مكة ليعتمر إال لعذر ال في رمضان وال في غيـره، والـذين

فيهم من اعتمر بعد الحج من حجوا مع النبي صلى اهللا عليه وسلم ليس مكة إال عائشة كما ذكر، وال كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين والذين استحبوا اإلفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفره ويعتمـر في أخرى ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هـذا

ا نادرا، وقد تنازع السـلف لم يكونوا يفعلونه قط اللهم إال أن يكون شيئفي هذا هل يكون متمتعا عليه دم أم ال؟ وهل تجزئة هذه العمـرة عـن

وقد اعتمر النبي صلى اهللا عليه وسلم بعد هجرته (عمرة اإلسالم أو ال؟ فإنه قرن بين العمرة ) والعمرة الرابعة مع حجته: أربع عمر إلى أن قال

فاق الصحابة على ذلك، ولم ينقل والحج باتفاق أهل المعرفة بسنته وباتعن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعا حل فيه بل كانوا يسمون القـران تمتعا، وال نقل عن أحد من الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين وسـعى سعيين وعامة المنقول عن الصحابة في صفة حجته صـلى اهللا عليـه

رف مرادهم وجميع وسلم ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على من لم يعالصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج كعائشة وابن عمر وجابر قالوا

أنه تمتع بالعمرة إلى الحج، فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة وابـن عمر بإسناد أصح من إسناد اإلفراد ومرادهم بالتمتع القران كمـا ثبـت

لبيك عمرة : قال اإلحرام فإن كان قارناذلك في الصحاح أيضا، فإذا أراد لبيـك : لبيك عمرة، وإن كان مفردا قـال : وحجا، وإن كان متمتعا قال

حجا، أو قال اللهم إني قد أوجبت عمرة وحجا أو أوجبـت عمـرة، أو أوجبت حجا، أو أريد الحج، أو أريدهما، أو أريد التمتع بـالعمرة إلـى

لـك عبـارة الحج، فمهما قال من ذلك أجزاء باتفاق األمة ليس فـي ذ مخصوصة وال يجب شيء من هذه العبارات باتفاق األئمة، كما ال يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصالة والصيام باتفاق األئمة بل متى لبـى قاصدا لإلحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، وال يجب عليه أن يتكلم

بذلك كمـا قبل التلبية بشيء، ولكن تنازع العلماء هل يتحسب أن يتكلمتنازعوا هل يستحب التلفظ بالنية في الصالة؟ والصواب المقطوع به أنه ال يستحب شيء من ذلك فإن النبي صلى اهللا عليه وسـلم لـم يشـرع للمسلمين شيئا من ذلك وال كان يتكلم قبل التكبير بشيء من ألفاظ النية

قالـت ال هو وال أصحابه، بل لما أمر ضباعة بنت الزبيـر باالشـتراط لبيك اللهم لبيك ومحلـي مـن األرض حيـث : (فكيف أقول؟ قال قولي

إني أريـد (رواه أهل السنن وصححه الترمذي، ولفظ النسائي ) تحبسنيلبيك اللهم لبيك ومحلي مـن األرض حيـث : (؟ قولي)الحج فكيف أقول

، وحـديث االشـتراط فـي )تحبسني فإن لك على ربك مـا اسـتثنيت أمرها باالشتراط في التلبية ولم بهذا اللفظ أنه الصحيحين لكن المقصود

يأمرها أن تقول قبل التلبية شيئا ال اشتراطا وال غيره، وكان يقول فـي بم أهللت؟ إلى : تلبيته لبيك عمرة وحجا، وكان يقول للواحد من أصحابه

أن قال واإلهالل هو التلبية، قال ولو أحرم إحراما مطلقا جاز، فلو أحرم الحج من حيث الجملة وال يعرف ها التفصيل جاز، ولو أهل ولبى بقصد

كما يفعل الناس قصدا للنسك ولم يسم شيئا بلفظه وال قصـد بقلبـه ال تمتعا وال إفرادا وال قرانا، صح حجه أيضا وفعل واحدا من الثالثة، فإن فعل ما أمر به النبي صلى اهللا عليه وسلم أصحابه كـان حسـنا، وإن

وإن حبسني حابس فمحلـي : رط على ربه خوفا من العارض فقالاشتحيث حبستني كان حسنا فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط على ربهـا لمـا كانـت شاكية، فخاف أن يصدها المرض عن البيت ولم يكن يأمر بذلك كل من

سالم رحمه اهللا، قال شمس الدين ابـن القـيم انتهى كالم شيخ اإل. حجثم أهل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم (رحمه اهللا تعالى بعد كالم سبق

ولم ينقل عنه أنه صلى لإلحرام ركعتين غير ) بالحج والعمرة في مصالهفرض الظهر، وإنما قلنا إنه كان قارنا لبضعة وعشرين حديثا صـحيحة

اهللا جميعها، وذكر منها حديث جابر بـن صريحة في ذلك وساق رحمهحجتـين : أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حج ثالث حجج(عبد اهللا

رواه الترمذي وغيره، ). قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر معها عمرةسمعت رسول اهللا صـلى : وحديث عمر بن الخطاب رضي اهللا عنه قال

ي الليلة آت من ربي عز وجل أتان: (اهللا عليه وسلم بوادي العقيق يقولرواه البخـاري ). فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة

إنـي قـد سـقت الهـدي (في صحيحه، وحديث البراء الذي جاء فيه رواه أبو داود، وحديث علي الذي رواه النسائي، وجاء فيـه ). وقرنت

مـا رواه و) سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يلبي بهما جميعـا (

أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم (مسلم من حديث عمران بن حصين ) جمع بين حج وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل قرآن يحرمـه

وقـرن (وما رواه اإلمام أحمد من حديث سراقة بن مالك الذي جاء فيه إسناده ثقـات، ومـا رواه ) النبي صلى اهللا عليه وسلم في حجة الوداع

أن رسـول اهللا (مام أحمد أيضا من حديث الهرماس بن زياد الباهلي اإل، ومـا )صلى اهللا عليه وسلم قرن في حجة الوداع بين الحج والعمـرة

أن رسول اهللا صـلى اهللا (رواه أحمد أيضا من حديث جابر بن عبد اهللا وفيه الحجاج ) عليه وسلم قرن بالحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدا

أة وحديثه ال ينزل عن درجة الحسن ما لـم يتفـرد بشـيء أو بن أرط: يخالف الثقات، وما رواه اإلمام أحمد أيضا من حديث أم سلمة قالـت

أهلوا يا آل محمد بعمرة : (سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقولوما رواه مالك في الموطأ من حديث عائشة، وجاء فيه قـال ) في حج

من كان معه هدي فليهل بالحج مـع : (عليه وسلمرسول اهللا صلى اهللا العمرة ثم ال يحل حتى يحل منهما جميعا ومعلوم أنه كان معه صلى اهللا

.انتهى. عليه وسلم الهدي فهو أولى من بادر إلى ما أمر بهثم يلي التمتع في األفضلية اإلفراد، ألن فيه كمال أفعال النسكين ولما

أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم (وجابر في الصحيحين عن ابن عباسوقال عمر وعثمان وجابر هو أفضل األنساك، لمـا ذكرنـا ). أفرد الحج

وإلتيانه بالحج تاما من غير احتياج إلى آخر، وتقدم قريبا في كالم شيخ وأن إسناد ) أنه صلى اهللا عليه وسلم أهل بالحج والعمرة قارنا(اإلسالم

فراد، وأيد ذلك ابن القيم فـي كتـاب الهـدي القران أصح من إسناد اإل .النبوي وساق بضعة وعشرين حديثا على ذلك

ثم يلي اإلفراد في األفضلية القران، وتقدم أنه صلى اهللا عليه وسـلم وعند الحنفية أفضل األنساك القران، قـالوا وهـو اختيـار . حج قارنا

فـراد بـالحج، الجمهور من السلف وكثير من الخلف، ثم التمتع ثم اإلوعند الشافعية أفضل األنساك اإلفراد ثم التمتع ثـم القـران، والقـران أفضل من إفراد الحج من غير أن يعتمر بعده في سـنته فـإن تـأخير العمرة عن سنة الحج مكروه عندهم، والمراد بسنته عندهم ما بقي من شهري ذي الحجة الذي هو شهر حجة، أما إذا لم يعتمر في تلك السنة

وعنـد . أصال فإن كال من التمتع والقران أفضل من اإلفـراد عنـدهم .أفضل األنساك اإلفراد، ثم القران، ثم التمتع: المالكية

بالعمرة أطلقـه وصفة التمتع الذي هو أفضل األنساك عندنا أن يحرم جماعة منهم صاحب المحرر والوجيز وجزم آخرون من ميقات بلده في

إلمام أحمد وروى معناه بإسناد جيد عن جـابر، أشهر الحج نص عليه اوألنه لو لم يحرم بها في أشهر الحج لم يجمع بين النسكين فيـه ولـم

ويتحلل ألنه لو أحرم : قال في المستوعب. يكن متمتعا، وأن يفرغ منهابالحج قبل التحلل من العمرة لكان قارنـا واجتمـاع النسـكين التمتـع

يحرم بالحج من مكة أو قريب منهـا نقلـه والقران ممتنع لتباينهما ثمإذا اعتمر في أشهر الحج : (حرب وأبو داود، لما روي عن عمر أنه قال

وعن ابـن عمـر ) ثم أقام فهو متمتع، وإن خرج ورجع فليس بمتمتعوظـاهره ) فمن تمتـع : (نحوه ويشترط أن يحج في عامه لقوله تعالى

رة في غير أشهر الحج ثـم يقتضي المواالة بينهما وألنه لم أحرم بالعمحج من عامه ال يكون متمتعا فلئال يكون متمتعا إذا لم يحج من عامـه أولى، واشتراط اإلحرام من مكة أو قريب منها ذكره في المقنع والفائق

ثم يحرم بـالحج : والرعايتين والحاويين وجزم به في اإلقناع، وعبارتهكثر األصحاب عدم التقييـد والذي عليه أ. من مكة أو قريب منها انتهى

ونسبه في الفروع إلى األصحاب منهم صاحب المذهب ومسبوك الذهب والخالصة، ذكره في اإلنصاف وقطع بعدم التقييد في المنتهى، وعبارته

أي من مكة أو قربها : مع شرحه ثم يحرم به أي الحج في عامه مطلقا .أو بعيد منها بعد فراغه منها أي العمرة انتهى

وأفضل : ال في العمدة للشيخ منصور وشرحها للشيخ عثمان بن قائدق األنساك التمتع بأن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج في عامه من مكة، أو قربها، أو بعيد منها خالفا لما يوهمه تقييد

إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج مـن : قلت. اإلقناع بالقرب منها انتهىمن مسافة قصـر الميقات وفرغ منها وتحلل ثم أحرم بالحج في عامه

فأكثر عن مكة فإنه يكون متمتعا كما جرى عليه في المنتهى، وغيـره ولكن ال دم عليه كما يأتي بيان ذلك في الشرط الثالث من شروط وجوب

.الدم على المتمتع، واهللا أعلمتمتعا، ولـو أتـم أفعـال ولو أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج لم يكن م

العمرة من طواف وسعى وحلق أو تقصير في أشهرة، ويـأتي الكـالم ولو تحلـل : قال القاضي أبو يعلى وغيره: على هذا إن شاء اهللا تعالى

من الحج يوم النحر ثم أحرم فيه بعمرة فليس بمتمتع في ظاهر ما نقـل لـيس مـن ابن هانئ ليس على معتمر بعد الحج هدي ألنه في حكم ما

.أشهره بدليل فوت الحج فيه انتهىعمرة وصفة اإلفراد أن يحرم بالحج مفردا فإذا فرغ من الحج اعتمر

وصفة القران أن يحرم بها جميعا لفعلـه . اإلسالم إن كانت باقية عليه

صلى اهللا عليه وسلم، أو يحرم بالعمرة ثم يـدخل عليهـا الحـج قبـل أهللنا بالعمرة ثم أدخلنـا : (شة قالتالشروع في طوافها، لما روت عائ

أن ابن عمر فعله وقال هكذا صنع رسول (وفي الصحيحين ) عليها الحجوسـاء ) أنه أمر عائشة بذلك(وفي الصحيح )اهللا صلى اهللا عليه وسلم

كان إدخال الحج على العمرة في أشهر الحج أو ال؛ ألنه ال يعتبر لصحة حج في أشهره لصحة اإلحـرام بـه إدخال الحج على العمرة اإلحرام بال

فإن كان شرع في طواف : قبل أشهره كما تقدم، قال في اإلقناع وشرحهالعمرة لم يصح إدخاله عليها ألنه شرع في التحلل من العمرة كما لـو سعى إال لمن معه الهدي فيصح اإلدخال ولو بعد السـعي بنـاء علـى

حله ويصـير قارنـا، المذهب أنه ال يجوز له التحلل حتى يبلغ الهدي مجزم به في المبدع والشرح وشرح المنتهى لمؤلفه هنا وهو مقتضـى كالمه في اإلنصاف، وقال في الفروع وشرح المنتهى لمؤلفه في موضع

ال يصير قارنا إذا انتهى أي بل يصير متمتعا، قال فـي المنتهـى : آخرويصح إدخال حج على عمرة ممن معه هـدي : وشرحه للشيخ منصور

وال : (لو بعد سعيها بل يلزمه كما يأتي ألنه مضطر إليه لقوله تعـالى و ).تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله

ويصير قارنا على المـذهب : قال في شرحه هنا؛ يعني شرح المؤلف ورده في أثناء الفصل بعده؛ ومن أحرم به أي الحـج ثـم أدخلهـا أي

ة ألنه لم يرد به أثـر ولـم العمرة عليه لم يصح إحرامه بها أي العمريستفيد به فائدة بخالف ما سبق فال يصير قارنا انتهى بل يصير مفـردا

قال الشيخ محمـد الخلـوتي فـي : ألنه ال يلزمه باإلحرام الثاني شيءظاهر سياق المتن أن : حاشيته على المنتهى على قوله ولو بعد سعيها

ويصير قارنا علـى :يكون قارنا وصرح بذلك في شرحه هنا حيث قالالمذهب انتهى، ولكن صرح في شرحه فيما يأتي بأ،ه يكون متمتعا وهو مخالف لذلك، وعبارة شيخنا، يعني الشيخ منصورا في الحاشـية عنـد

ومحل . قول المصنف في الفصل اآلتي وإال صار قارنا بعد تقدير المتنكان كـذلك هذا إذا لم يدخله عليها بعد سعيها لكونه ساق الهدي، فإن

فهو متمتع هذا مقتضى كالمه في شرحه، وفي األنصاف يكـون قارنـا ولم يحك خالفا وتبعه في اإلقناع انتهى، ويمكن التوفيـق بـين كـالم

ه هنا بيـان صـحة المصنف، يعني الفتوحي هنا وفي شرحه بأن غرضاإلحرام بالحج على هذا الوجه المخصوص ال بيان صفة مـن صـفات

قابلته بالصفة غير الصحيحة، وغرضه في الشرح بيـان القران بدليل مأنه في هذه الحالة يسمى متمتعا ال قارنا تنبيها على مخالفة مـا فـي األنصاف وإن مشى عليه في اإلقناع، وذكر المصنف في شرحه هنا أنه المذهب فيكون ذلك اختيارا له وهذا تقدير لكالمهم فليحرر انتهى كـالم

فة غير الصحيحة التي ذكرها محمد الخلوتي، هـي قلت والص. الخلوتيقوله في المنتهى، ومن أحرم بالحج، ثم أدخلها عليه لم يصح إحرامـه

.بها، واهللا أعلميعني أن قـول الفتـوحي فـي : وقول الخلوتي فيكون ذلك اختيارا له

شرحه على المنتهى ويصير قارنا على المذهب اختيار له، واهللا أعلـم، خ عثمان بن قائد النجدي على قول الشيخ محمـد الخلـوتي وقال الشي

األظهر واهللا أعلم أنه متى أحرم بالحج قبل فراغه مـن : أقول. فليحررالعمرة حيث جاز له اإلدخال فإنه يصير قارنا على كل حال كما يؤخـذ ذلك من صريح اإلنصاف وكذلك صريح اإلقناع وشـرح المنتهـى فـي

إطالق قول المصنف اآلتي وإال صار قارنا، موضع بال دفاع وكما يفهمهفإنك إذا قابلت هذا الموضع بما ذكره الشارح هناك ظهر لك الرجحان،

.واهللا ولي التوفيقوعليه التكالن فتأمل وتمهل، انتهى كالم الشيخ عثمـان، قـال فـي

وإن ساقه أي الهدي متمتع لم يكن له : المنتهى وشرحه للشيخ منصوررته فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحليل بحلق أن يحل من عم

فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما، أي الحج والعمر معا نصا، ألن التمتـع أحد نوعي الجمع بين الحج والعمر كالقران وال يصير قارنا الضـطراره إلدخال حجه على عمرته، هذا معنى كالمه في شرحه هنا، يعني شـرح

شارة إليه انتهى ملخصا، وقوله الضطراره إشـارة المنصف وتقدمت اإلمنه إلى الفرق بين هذه الصورة وبين ما إذا أدخل الحج على العمر قبل الشروع في طوافها مت تمكنه من التحلل منها لعدم سوقه الهدي، أمـا هذه الصورة فإنه ال يتمكن من التحلل لسوقه الهدي، وجـزم الشـيخ

ه في هذه الصورة قان، ولكن الصـحيح مرعي بن يوسف في غايته بأنقـال فـي المنتهـى وشـرحه . أنه في هذه الصورة متمتع واهللا أعلم

ويشترط في وجوب دم متمتع وحده أي دون القـارن زيـادة : لمنصوروأن يحل منها أي العمرة قبل إحرامه : عما تقدم ستة شروط إلى أن قال

ج بأن أدخله عليهـا به أي الحج وإال يحل من العمرة قبل إحرامه بالحكما فعل عليه الصالة والسالم، صار قارنا فيلزمه دم القـران ولـيس

قـال الشـيخ . بمتمتع، وظاهره ولو بعد سعيها لمن معه هدي انتهـى قوله وإال صار قارنا محل هذا إذا لم : منصور في حاشيته على المنتهى

هو متمتع، ساق الهدي، فإن كان كذلك ف يدخله عليها بعد سعيها لكونه

هذا مقتضى كالمه في شرحه، وفي اإلنصاف يكون قارنا ولم يحك خالفا .وتبعه في اإلقناع انتهى ملخصا

قد اختلف كالم األصحاب في هذه المسـألة اختالفـا : األول) تنبيهان( واضحا ولم يأت أحد منهم بما يزيل اإلشكال فاستعنت اهللا جـل وعـال

فظهر لي الصواب بتوفيق اهللا الملك الوهاب، وأمعنت النظر في المسألة المتمتع إذا أحرم من الميقات بعمرة متمتعا بهـا : فأقول وباهللا التوفيقحالة ساق فيها الهدي وحالة أخرى لم يسق فيها : إلى الحج له حالتان

هديا، فالحالة التي ساق الهدي فيها إذا طاف لعمرته وسعى ثبت علـى زمه إدخال الحج على العمرة لسـوقه الهـدي إحرامه لسوقه الهدي ول

ويثبت على إحرامه حتى يحل منهما جميعا يوم النحر، وهـذه الحالـة يكون فيها متمتعا ال قارنا، وإن لم نقل بأنه متمتع لزم منه أن من ساق

.الهدي ال يكون متمتعا أصالحلق وأما الحالة التي لم يسق فيها هديا فإنه إذا طاف لعمرته وسعى

أو قصر وحل من عمرته ثم أحرم بالحج، لكن في هذه الحالة إذا أدخل الحج على العمرة باختياره أو اضطراره فيما إذا ضاق الوقت وخشـي فوات الحج أو خشيته حائض ونحوها وكان ذلك اإلدخال قبل الشـروع في طواف العمرة، صح اإلدخال المذكور وصار قارنا، وحينئذ يطـوف

دوم إن أمكنه كسائر القارنين، فإن كان قد شرع في طـواف بالبيت للقالعمرة لم يصح إدخال الحج عليها ولزمه التحلل من العمرة ألنـه قـد

وأما القارن فله حالتـان . شرع في التحلل بالشروع في طواف العمرةحالة ساق الهدي فيها، وحالة لم يسق فيها هديا، فالحالة التـي : أيضا

يثبت على إحرامه بعد طواف القدوم والسعي بعده إن ساق الهدي فيها

لم يؤخر السعي إلى أن يطوف لإلفاضة وال يحل في هذه الحالة إال يوم .النحر

وأما الحالة التي لم يسق فيها هديا فالسنة أن يفسـخ نيتـه بـالحج وينويه عمرة ويتحلل منها، سواء كان الفسخ بعد الطواف والسـعي أو

ينو فسخ الحج إلى العمرة فإنه يثبت على إحرامـه وال قبلهما، وإن لميحل من حجته وعمرته إال يوم النحر، وقد نص اإلمام أحمد رحمـه اهللا تعالى أن عمل القارن كعمل المفرد، وأنه يسقط ترتيـب العمـرة عـن القارن ويصير الترتيب للحج، إذا تقرر هذا فالفرق بين حالـة القـارن

حالة المتمتع التي ساق الهدي فيهـا أيضـا أن التي ساق الهدي فيها والمتمتع إذا طاف بالبيت يطوف طواف العمرة الذي هـو ركـن، وأمـا

هو نفل وال يطوف للعمـرة ألن القارن فإنه يطوف طواف القدوم الذي طواف العمرة يختص بالمعتمر عمرة مفردة، وبالمتمتع ال غيـر، وقـد

ي الكتاب والسنة وكالم الصحابة، تقدم أن القران داخل في اسم التمتع فوهذا الفرق قد من اهللا به علي في هذه المسألة التي كثير فيها النـزاع واالختالف بين األصحاب، فله الحمد والشكر ال نحصي ثناء عليـه بـل

.هو كما أثنى على نفسه، واهللا أعلملذي وقع اختالف بين األصحاب في المحرم المتمتع ا): التنبيه الثاني(

لم يسق الهدي إذا طاف لعمرته وسعى ولم يحلق أو يقصر، ثم أحـرم بالحج فهل يصح حجه ويصير قارنا إلدخاله الحج على العمرة ويلزمـه دم لتركه الحلق، والتقصير، أو ال يصح حجه إلدخاله الحج على العمرة قبل التقصير أو الحلق وهو ممن ليس معه هدي؟ وهذا نص ما نسوقه

ل في هذه المسألة التي طال النزاع فيها، ال سيما فـي وقـت من األقوا

ويصح إدخال حج علـى : قال في المنتهى وشرحه: موسم الحج، فنقولعمرة ممن معه هدي ولو بعد سعيها، قال الشـيخ عثمـان بـن قائـد

مفهومه أنه إذا لم يكن معه هدي، ال يصح إحرامه بـالحج إذا : النجديال أنه ينعقد فاسدا ويمضي فيه كما يدل عليه إال بعد فراغه من العمرة،

ومع مخالفته إلى حج أو : صريح كالمه اآلتي في الفصل الثاني في قولهقران يتحلل بفعل حج ولم يجزه عن واحد منهمـا وال دم وال قضـاء، فقوله ولم يجزه دليل على عدم الصحة، وقوله وال قضاء دليل على أنه

أقول ظـاهر : ى، قال الشيخ عبد اهللا أبو بطينلم ينعقد فاسدا فتدبر انتهالمغني أنه يصير في هذه الحالة أيضا قارنا وكذا المسـتوعب وأفتـى بذلك الشيخ سليمان بن علي، وخالفه الشيخ عبد اهللا بن ذهالن، ورد ما في المغني العالمة الشيخ إبراهيم بن نصر اهللا، وقال إنه سهو ألنه قدم

عالمة ابن مفلح بأن المراد بمـا هنـا المتمتـع أنه ال يصح، وأجاب الالسائق للهدي، فعلمت أن ما أفتى به سليمان بن علي اعتمـاد علـى ظاهر العبارة من غير تحرير لكن على القاعدة هو مشكل انتهى كـالم

عبارة المغني التي أشارة إليها الشيخ، : قلت. الشيخ عبد اهللا أبي بطين: مائة واثنتي عشرة من الجزء الثالـث أبو بطين هي قوله بصفحة أربع

وإن أحرم بالحج قبل التقصير فقد أدخل الحج على العمرة فيصير قارنا انتهى، وعبارة المغني هذه فيها إشكال جدا ألنه بعد الشروع في طواف العمرة ال يصح إدخال الحج عليها، وكذا بعد سعيها بطريق األولـى إال

رة وسعى وأحرم بالحج قبل الحلق أو لمن معه هدي فكيف إذا طاف للعمالتقصير للعمرة يكون قارنا؟ هذا خالف صريح عبارات األصحاب حيث

ذكروا أنه بعد الشروع في طواف العمرة ال يصح إدخال الحـج عليهـا .ألنه قد شرع في التحليل من العمرة إال لمن معه هدي، واهللا أعلم

ها الشيخ عبـد اهللا أبـو وعبارة الشيخ سليما بن علي التي أشار إلي وإذا طاف المتمتع وسعي ولم يحلق، ثم أحرم وقد بقي : بطين هذا نصها

عليه حلق العمرة الواجب فالظاهر أن هذا يصير قارنـا فيلزمـه حكـم القران، قاله في المستوعب وغيره في المتمتع، والناسي والعامد سواء

جـواز ذلـك مـع والظاهر لنا: انتهى، قال الشيخ عبد اهللا بن ذهالناإلشكال ألنه بعد الطواف للعمرة ال يصح إدخال الحج عليها لمن لـيس

إذا : معه هدي كما صرح به غير واحد انتهى، قال في الشـرح الكبيـر أدخل الحج على العمرة قبل طوافها من غير خوف لفوات جـاز وكـان

هذا قارنا بغير خالف، فأما بعد الطواف فليس له ذلك وال يصير قارنا وبيصير قارنا، وحكى ذلك عن أبـي : قال الشافعي وأبو ثور، وقال مالك

ولنا أنه شرع في التحلل من العمرة فلم يجـز . حنيفة كما قبل الطوافإدخال الحج عليها كما بعد السعي، إال أن يكون معهد هدي فلـه ذلـك

نقل الشيخ أحمد المنقور في مجموعة ما تقدم مـن كـالم وقد . انتهىليمان، وكالم شيخه عبد اهللا بن ذهالن، وكالم صاحب الشرح، الشيخ س

الحلق من واجبـات : ثم قال وكذلك عبارة المنتهى، واإلقناع مع قولهمالعمرة، ومن ترك واجبا فعليه دم فهل يصح إحرامه بالحج قبل الحلـق أو التقصير، كما نقل عن الشيخ أبي المواهب ويلزمه دم أم ال لقـولهم

وبعضهم عبر أنه يتحلل منها، ولقولهم ال يصـح إدخـال ويفرغ منها،الحج على العمرة بعد الطواف إال لمن معه هدي فيها إشـكال، وميـل شيخنا، يعني ابن ذهالن مع الثقل إلى عم صحة إحرامه بـالحج، واهللا

ويشترط في : انتهى كالم المنقور، قال ابن منجا في شرحه للمقنع. أعلمة في حق من لم يسق الهـدي أن يكـون قبـل إدخال الحج على العمر

الطواف، فلو طاف ثم أدخل عليها الحج لم يصح ألنه قد أتى بمقصـود العمرة وشرع في التحلل منها، فإن كان ساق الهدي لم يمنع من ذلـك

قلت بل يلزمه إدخال الحج على العمرة الضطراره إلى ذلك لعدم : انتهى .اهللا أعلمصحة تحلله من العمرة لسوقه الهدي، و

وقال في الجزء الثالث من الشرح الكبير بصفحة أربعمائـة وإحـدى وفي الحديث دليل على أنه ال يحل إال بالتقصير وهذا ينبني على : عشرة

فـإن : أن التقصير هل هو نسك أو ال؟ وسنذكر ذلك إن شاء اهللا تعالىـ رة أحرم بالحج قبل التقصير وقلنا هو نسك فقد أدخل الحج علـى العم

وصار قارنا انتهى كالم الشارح، وعلى نسخة خطية من الشرح الكبيـر حاشية بخط الشيخ احمد بن إبراهيم بن نصر اهللا البغدادي المتوفى سنة سبع وثالثين وثمانمائة، قوله وصار قارنا كذا وقع في المغنـي، وهـو مشكل إذ إدخال الحج على العمرة إنما يصير به قارنـا إذا كـان قبـل

شروع في أفعال العمرة كما تقدم إيضاحه في بـاب اإلحـرام، فكيـف الوتحتها حاشـية . يصير قارنا وقد طاف للعمرة وسعى فهذا سهو انتهى

المصـنف : أخرى بخط الشيخ إبراهيم بن مفلح جوابه لقائل أن يقـول يتكلم في المعتمر إذا أدخل الحج على العمرة وقد تقدم لك الكالم عليـه

حالة ساق فيها هديا، وأخرى ال، فأما إذا ساق الهـدي : ينباعتبار حالتفإنه يصح إدخال الحج على العمرة قبل الطواف وبعده، صرح به فـي

قلت ما ذكره الشيخ أحمد بن إبـراهيم . بابا اإلحرام ويصير قارنا انتهىبن نصر اهللا وجيه، ألن عبارة الشرح الكبير التي علق عليها ابن نصر

فـإن أحـرم :ي حالة عدم سوق الهدي، ألن نصها هكذااهللا صريحة فبالحج قبل التقصير، وقلنا هو نسك فقد أدخل الحج على العمرة وصـار

فهذا واضح في أنه في هذه الحالة يسوغ له التقصير وأنه . قارنا انتهىلم يقصر وأدخل الحج على العمرة يكون قارنـا، وكـذا فـي المغنـي،

قبل التقصير فقد أدخل الحج علـى العمـرة وإن أحرم بالحج : وعبارته .فيصير قارنا انتهى

وأما الحالة التي ساق الهدي فيها فال تنطبق علـى عبـارة الشـرح الكبير المذكورة، ألنه ليس له أن يحلق أو يقصر لسوق الهدي، وأمـا

فأما إذا ساق الهدي فإنه يصـح إدخـال : قول الشيخ إبراهيم بن مفلحإذا ساق الهدي لزمـه : بل الطواف وبعده فيقال عنهالحج على العمرة ق

إدخاله الحج على العمرة، فإذا طاف وسعى لعمرته ثبت على إحرامـه : ولم يتحلل بحلق وال تقصير، ألنه مضطر إلى إدخاله عليها، قال تعالى

، فإذا ذبحه يوم النحر حل )وال تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله(ألن التمتع أحد نوعي الجمع بين الحج والعمرة من الحج والعمرة معا،

كالقران، فحمل الشيخ إبراهيم بن مفلح عبارة الشرح الكبير المـذكورة على من ساق الهدي بعيد لما أوضحناه؛ كما أن قوله إذا ساق الهـدي يصح إدخال الحج على العمرة قبل الطواف وبعده يحتاج إلى زيادة بيان

.ما تقدم، واهللا أعلموهو أنه يلزمه اإلدخال كقال في المقنع قبيل باب صفة الحج، فإن كان معتمرا قصر من شعره

وتحلل إال أن يكون المتمتع قد ساق هديا فال يحل حتى يحـج وعليهـا قوله فإن كان معتمرا قصر من شعره إلى آخـره، : حاشية، هذا نصبها

التـي مـع ألنه عليه الصالة والسالم اعتمر ثالث عمر سوى عمرتـه

حجته وكان يحل إذا سعى، وظاهره أن التقصير له أفضل من الحلـق، فلو أحرم بالحج قبل التقصير وقلنا هو نسك صار قارنا فـإن تركهمـا فعليه دم إن قلنا هما نسك، وإن وطئ قبله فعليه دم وعمرته صحيحة،

فـإن قيـل إن الحلـق : انتهى من المبدع، قال ابن منجا في شـرحه نسك كما هو الصحيح من المـذاهب لـم يحـل قبـل فعلـه والتقصير

يتوقف على فعل ما كالطواف، وإن قيل ليس بنسك حل قبله ألن الحل ال والحلق والتقصير نسك فـي الحـج : ليس بنسك انتهى، قال في المغني

والعمرة في ظاهر مذهب أحمد وقول الخرقي وهو قـول مالـك وأبـي بنسك وإنما هـو إطـالق مـن حنيفة والشافعي، وعن أحمد أنه ليس

محظور كان محرما عليه باإلحرام فأطلق منـه عنـد الحـل كاللبـاس والطيب وسائر محظورات اإلحرام، فعلى هذه الرواية ال شـيء علـى تاركه ويحصل الحل بدونه وذكر دليل من قال بهذه الرواية، ثـم قـال

عنـد والرواية األولى أصح وذكر دليل من قال بهـا أيضـا فليراجـع وذكر في الشرح الكبير مثل عبارة المغني هـذه سـواء . االحتياج إليه

بسواء، وقال في المغني أيضا بعد كالم سـبق وهـذا ينبنـي عـل أن التقصير نسك وهو المشهور فال يحل إال به، وفيه رواية أخـرى أنـه

فإن قيل فبأي . محظور فيحل بالطواف والسعي حسب انتهىإطالق من الذي تطمئن إليه الـنفس هـو : ون وبأيهما تفتون؟ قلتالقولين تعتمد

القول بصحة إحرامه بالحج قبل الحلق أو التقصير إذا كـان ناسـيا أو جاهال لكن يلزمه دم لتركه الحلق أو التقصير، وإنما قلت بهـذا القـول نظرا إلى أن اهللا سبحانه وتعالى لم يجعل علينا في الدين مـن حـرج،

قد تحمل المشاق في سبيل أداء نسكه لربـه أرحـم وإلى أن هذا الحاج

الراحمين وبذل ماله وأجهد نفسه هللا رب العالمين، فإذا وصل إلى مكة شرفها اهللا مستبشرا بها بعد الجهد والمشقة وإنفاق المال وطاف وسعي لعمرته ونسى الحلق والتقصير، أو جهل أنه يلزمه أحدهما، ثـم أحـرم

بذلك وجه اهللا وأداء ما افترضه عليه طالبـا بالحج مع المحرمين مريدامرضاته وثوابه، وقلنا بعدم صحة حجة مع تحمله تلك المشاق صار في

ومـا جعـل : (ذلك حرج وضيق عليه وإبطال ألعماله، وقد قال تعـالى ربنا ال تؤاخذنا إن نسـينا أو : (، وقال تعالى)عليكم في الدين من حرج

عفي ألمتي عـن الخطـأ : ( عليه وسلميات، وقال صلى اهللاآل) أخطأنا، وممن قال بصحة حجه والحالـة هـذه )والنسيان وما استكرهوا عليه

صاحب المغني والشرح والمستوعب والمبدع، وقال بـه الشـيخ أبـو الموهب الحنبلي، والشيخ سليمان بن علي وتتمشى صحة حجة علـى

والتقصـير عن اإلمام أحمد التي تنص على أن الحلـق الرواية الثانية ليس بنسك وإنما هو إطالق من محظور فإنه على هذه الرواية ال شيء

وبـه قالـت . على تارك الحلق والتقصير ويحصل الحل بدونه كما تقدمألن عندهم إذا أحرم بالحج بعد كمـال سـعي العمـرة، وقبـل ة يالمالك

الحالق، يصح إحرامه ولم يكن مردفا للحج على العمرة وحرم الحلـق عليه هدي لوجوب تأخير الحلق عليه بسبب إحرامه بالحج، فإن ويجب

.حلق لم يسقط عنه الهدي ولزمته فدية أيضا لحلقه وهو محرموالحاصل عندهم أن الواجب أصالة ترك اإلحرام بالحج حتـى يحلـق

للعمرة، فإن خالف ذلك الواجب وأحرم بالحج قبل حلقه للعمـرة لزمـه ن الحج، وأهدى لترك ذلك الواجب األصـلي، تأخير الحلق إلى الفراغ م

فإن قدم الحلق قبل الفراغ من الحج لزمه هدي لترك التأخير الواجـب

وفدية إلزالة األذى، قالوا ولو كان الحلق بالقرب كمن اعتمر في آخـر يوم عرفة ثم أحرم بالحج ولم يحلق حتى وصل إلى منى يـوم النحـر

الخلق للنسك الثاني ال لألول، كما فحلق، فيلزمه الدم وال يسقط عنه ألننقله الحطاب عن الطراز انتهى كالمهم، وحكى صحة حجـه، والحالـة هذه عن أبي حنيفة، ويأتي إن شاء اهللا في باب دخول مكة البحث فـي المتمتع إذا فرغ من عمرته وحجه، ثم علم أنه على غير طهارة فراجعه

.عند الحاجة إلى ذلك :فصل -- ارن كالمفرد في األجزاء نقله الجماعـة، ويسـقط ترتيـب وعمل الق

العمرة ويصير الترتيب للحج كما يتأخر الحالق إلى يوم النحر فوطـؤه قبل طواف القدوم، وكان لم يدخل مكة قبل ذلك أو دخلها ولـم يطـف

أعني إذا وطئ وطئا ال يفسد الحـج، مثـل أن : لقدومه ال يفسد عمرتهنه ال يفسد حجه، وإذا لم يفسد حجه لم تفسـد وطئ بعد التحلل األول فإ

وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنمـا طـافوا : (عمرته لقول عائشة .متفق عليه) طوافا واحدا

فمن تمتع بالعمرة إلى : (ويجب على المتمتع دم إجماعا، لقوله تعالى ويجب على قارن دم ألنـه ترفـه . اآلية) الحج فما استيسر من الهدي

قوط أحد السفرين كالمتمتع، والدم المذكور دم نسك ال دم جبران لما بستقدم من أفضلية التمتع على غيره وال نقص فيه يجبر به بشـرط أن ال

ذلـك : (يكون المتمتع والقارن من حاضري المسجد الحرام لقوله تعالى، وهذا في المتمتع، والقارن )لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام

ليه، وحاضرو المسجد الحرام هم أهل مكة وأهل الحرم ومـن مقيس ع

كان من الحرم دون مسافة القصر ألن حاضر الشيء من حـل فيـه أو قرب منه، أوجاوره بدليل رخص السفر، فمن له منزالن متأهـل بهمـا أحدهما دون مسافة القصر من الحرم كأهل وادي فاطمة المعروف سابقا

واآلخر . ولزيمة والشرايع وبحرة ونحوهابمر الظهران وكأهل المضيق فوق مسافة القصر أو مثلها كجدة والطائف لم يلزمه دم التمتع ولو كان إحرامه من المنزل البعيد، أو كان أكثر إقامته، إو إقامة ماله في البعيد ألن بعض أهله من حاضري المسجد الحرام فلم يوجـد الشـرط؛ فلـو

مكة فحاضر ال دم عليه لعموم اآلية، استوطن أفقي ليس من أهل الحرم ومن دخل مكة من غير أهلها متمتعا أو قارنا ناويا اإلقامة بها بعد فراغ

بلـدا نسكه أو نوى اإلقامة بعد فراغه من النسك، أو اسـتوطن مكـي كالمدينة والطائف وجدة، ثم عاد إلى مكة مقيما متمتعا أو قارنا لزمـه

.نسك لم يكن من حاضري المسجد الحرامدم، ألنه حال الشروع في اللو ساق المتمتع أو القارن : قال المحب بن نصر اهللا البغدادي): فائدة(

هديا تطوعا من قبل الميقات فهل يجزئه عن الدم الواجب، أو ال بد من دم آخر؟ لم أجد من صرح بذلك وظاهر األحاديث يجزئه، وظاهر كالمهم

نه بالهدي فلم يجز عن واجب غيره انتهى يلزمه غيره ألنه استحق لتعيالصحيح أنه يجزئه عن هـدي التمتـع والقـران لظـاهر : كالمه، قلت

.األحاديث، وال عبرة بظاهر كالمهم، واهللا أعلم :فصل -- ويشترط في وجوب دم متمتع وحده دون القارن زيادة عما تقدم ستة

:شروط

فمـن : (لحج لقوله تعـالى أن يحرم بالعمرة في أشهر ا: الشرط األول واالعتبار بالشهر الذي ). تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي

أحرم بها فيه ال بالشهر الذي حل منها فيه، فلو أحرم بالعمرة في شهر رمضان الذي ليس من أشهر الحج، ثم حل منها بـأن طـاف وسـعى

تمتعا ألن وحلق، أو قصر في شوال الذي هو من أشهر الحج لم يكن ماإلحرام نسك يعتبر للعمرة أو من أعمالها فاعتبر فـي أشـهر الحـج كالطواف، وإن أحرم األفقعي بعمرة في غير أشهر الحـج، كرمضـان مثال، ثم أقام بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحج من عامـه فهو متمتع نصا، ألنه اعتمر وحج في أشهر الحج من عامه وعليـه دم

إنـه ال يشـترط : اآلية، وهذا مبني على قول الموفق والشـارح لعموملوجوب الدم على المتمتع اإلحرام بالعمرة من الميقات أو مسافة قصر، ويأتي في الشرط الخامس إن شاء اهللا تعالى، أما إن اعتمر بعد الحـج فإنه ال يكون متمتعا، ألن عمرته حصلت في غير أشهر الحـج، وقـال

ال نعلم أحدا، : قال ابن المنذر. ر بعد النحر فهي متعةمن اعتم: الحسنذكره في المغني، وتقدم في صفة التمتع شيء من ذلك . قال بهذا القول

.فليراجعأن يحج من عامه، فلو اعتمر في أشهر الحج وحـج : الشرط الثاني

من عام آخر فليس بمتمتع لآلية، ألنه يقتضي المواالة بينهما وألنهم إذا وا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج، ثم حج من عامه فليس أجمع

بمتمتع فلئال يكون متمتعا إذا لم يحج من عامه مـن بـاب أولـى، ألن .التباعد بينهما أكثر وتقدم ذلك في صفة التمتع

أن ال يسافر بين الحج والعمر مسافة قصر فأكثر، فإن : الشرط الثالث الحج بعد حلة من العمرة فال دم عليه، سافر مسافة قصر فأكثر فأحرم ب

إذا اعتمر في أشهر الحج : (نص عليه أحمد لما روي عن عمر أنه قالوألنه إذا رجع إلـى ) ثم أقام فهو متمتع، فإن خرج ورجع فليس بمتمتع

الميقات أو ما دونه لزمه اإلحرام منه، فإن كان بعيدا فقد أنشـأ سـفرا .د السفرين فلم يلزمه دمبعيدا لحجة فلم يترفه بترك أح

فعلى هذا إذا اعتمر في أشهر الحج ثم سافر إلى جدة أو الطائف : قلت ونحوهما مما يبلغ مسافة قصر عن مكة ثم رجع منهما محرما بـالحج في عامه سقط عنه دم التمتع، ألنه أحرم بالحج من مسافة قصر عـن

:مكة هذا مقتضى كالمهم قال ناظم المفردات فة القصر لذي األسفارآآآ مسا

آ.ما بينما الحج واالعتمار به دم المتعة والقرانآ

آآ.سقوطه فواضح البرهانيعني إذا أحرم بالعمرة وحل منهـا ثـم : الشيخ منصورقال شارحها

سافر فأحرم بالحج من مسافة قصر فأكثر من مكة سقط عنه دم التمتع، إلى الميقات فـال دم وروي ذلك عن عطاء وإسحاق والشافعي إن رجع

.عليه .إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإال فال: وقال أصحاب الرأي إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلـت : وقال مالك

.متعته وإال فال

وقال الحسن هو متمتع وإن رجع إلى بلده، واختاره ابن المنذر لعموم قول عمر وذكر ما تقدم عنـه ثـم ولنا). فمن تمتع بالعمرة إلى الحج(

وأما سقوط دم القرآن بالسفر المذكور فهو القياس ولكن كالمهـم : قاليقتضي لزومه ألن اسم القران باق بعد السفر بخالف المتمتع، قال فـي

.والصحيح أن اسم التمتع باق أيضا انتهى: الفروعأن ال يعود : وإنما يجب الدم على المتمتع بأربعة شروط: قال النووي

إلى ميقات بلده إلحرامه الحج، وأن يكون إحرامه بالعمرة فـي أشـهر الحج، وأن يحج من عامه، وأن ال يكون من حاضري المسجد الحـرام وهم أهل الحرم؛ ومن كان منه على أقل من مرحلتين، فإن فقد أحد هذه

.الشروط فال دم عليه وهو متمتع على األصح، وقيل يكون مفردا انتهىأن يحل من العمرة قبل إحرامه بالحج، فإن أحرم بـه : الشرط الرابع

قبل حله من العمرة كما فعل النبي صلى اهللا عليه وسلم صـار قارنـا وليس بتمتع ولو بعد سعي العمرة لمن معه هـدي، ولزمـه دم قـران لترفهه بترك أحد السفرين، هكذا ذكر في المنتهى واإلقناع، وغيرهمـا

ضع بأنه يكون قارنا؛ وبيان ذلك أنه إذا لم يكن معه هـدي في هذا المووأحرم بالحج قبل الشروع في طواف العمرة فإنه يصير قارنا، وإال بأن كان اإلحرام به بعد الشروع في طواف العمرة فإنه ال يصح كما تقـدم، أما إذا كان معه هدي لزمه إدخال الحج على العمرة ألنه مضـطر إلـى

ان ممنوعا من التحلل لسوقه الهدي، وهل يكون متمتعا اإلدخال حيث ك .حينئذ أو قارنا؟ تقدم البحث في ذلك فليراجع

أن يحرم بالعمر من ميقات بلده أو من مسافة قصر : الشرط الخامس فأكثر من مكة، فلو أحرم من دون مسافة قصر من مكـة كمـن قريـة

حكـم حاضـري المضيق أو لزيمة لم يكن عليه دم تمتـع ألن حكمـه المسجد الحرام، وإنما يكون عليه دم مجاوزه الميقات بغير إحـرام إن تجاوزه كذلك، وهو من أهل الوجوب، واختـار الموفـق والشـارح أن األفقي إذا ترك اإلحرام من الميقات وأحرم من دونه بعمرة، ثم حل منها

، دم المتعـة : وأحرم بالحج من مكة من عامه فهو متمتع، وعليه دمانإذا تجـاوز : ودم إلحرامه من دون الميقات، وقال القاضي أبـو يعلـى

الميقات حتى صار بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر فأحرم منه فال وليس : دم عليه للمتعة، ألنه من حاضري المسجد الحرام، قال الموفق

بجيد فإن حضور المسجد الحرام إنما يحصل باإلقامة به ونيته ذلك وهذا .حصل منه اإلقامة وال نيتهالم توإن أحرم األفقي بعمرة في غير أشهر الحج ثـم أقـام : قال الموفق

بمكة واعتمر من التنعيم في أشهر الحج وحجم من عامة فهو متمتـع نص عليه أحمد وعليه دم؛ وفي تنصيصه على هذه الصورة تنبيه على

.إيجاب الدم في الصورة األولى بطريق األولى انتهىما ذهب إليه الموفق بناء منه على أنه ال يشـترط لوجـوب دم : قلت

التمتع اإلحرام بالعمرة من الميقات أو مسافة قصر وصححه في اإلقناع وما ذهـب إليـه الموفـق هـو . ومشى على اشتراط ذلك في المنتهى

.الصحيح كما ذكره صاحب اإلقناعسافرا غير منتقل قال في المغني بعد كالم سبق فأما إن خرج المكي م

ثم عاد فاعتمر من الميقات وحج من عامه فال دم عليه، ألنه لم يخرج قلـت . بهذا السفر عن كون أهله من حاضري المسجد الحرام انتهـى

كأهل مكة إذا رجعوا من مصيف الطائف إلى مكة وأتـوا بعمـرة مـن

الميقات في أشهر الحج وحجوا من عامهم فإنه ال دم عليهم، ألنهم لـم .يخرجوا بذلك عن كونهم من حاضري المسجد الحرام، واهللا أعلم

أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها ذكره : الشرط السادس .القاضي أبو يعلى، وتبعه األكثرون لظاهر اآلية وحصول الترفه

فال تكفي نية عمرة فقط في وجوب الدم : قال الشيخ مرعي بن يوسف ر الموفق والشارح أنه ال يشترط نية التمتع لوجوب الـدم انتهى، واختا

وقدمه في المحرر والفائق، ومشى في المنتهى واإلقناع على اشـتراط ذلك، والصحيح ما اختاره الموفق والشارح لما يأتي مـن أن المفـرد والقارن يسن لهما فسخ نيتهما بالحج وينويان بإحرامهما بذلك عمـرة

ا طاف وسعى قصر وحل من إحرامه وأنـه ال مفردة وأن من كان منهميمنع الفسخ إال سوق الهدي أو الوقوف بعرفة، وأنه إذا فسـخ يكـون متمتعا عليه دم التمتع، وقد يكون الفسخ بعد الطواف والسعي بمكة أو بعد خروجه منها إلى منى قبل الوقوف، ومع هذا كله فإنه لم ينو التمتع

لتمتع، إذا تقرر هذا فيرد على من ذهب إال حين الفسخ ووجب عليه دم اإلى اشتراط نية التمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها مسـئلة الفسـخ اآلتية فإن األصحاب أوجبوا عليه دم التمتع وإن لم ينـو التمتـع فـي

.ابتداء العمرة أو في أثنائها، واهللا أعلمي كونه أي قال في المنتهى وشرحه وال تعتبر هذه الشروط جميعها ف

.اآلتي بالحج والعمرة يسمى متمتعا فإن المتعة تصح من المكي كغيرهأي ليس علـيهم دم انتهـى، : ورواية المروذي ليس ألهل مكة متعة

ومعناه في اإلقناع وشرحه، وال يعتبر لوجوب دم تمتع وقـران وقـوع النسكين عن واحد ، فلو اعتمر لنفسه وحج عن غيره أو اعتمر عـن

وحج عن نفسه أو فعل ذلك عن اثنين بأن حـج عـن أحـدهما غيره واعتمر عن اآلخر، وجب الدم بشرطه وهو على النائب إن لم يأذنا لـه في ذلك ألنه بسبب مخالفته، وإن أذنا فعليهما، وإن أذن أحدهما وحـده فعليه النصف والباقي على النائب على ما ذكره في الشـرح فيمـا إذا

سكين فقرن بينهما لهما واستنابه واحد فـي أحـد استنابه اثنان في النالنسكين فقرن له ولنفسه، قال في الغاية وشرحها ويتجه، وكذا صـوم وجب على نائب أحرم متمتعا، فإن كان مأذونا له فـي التمتـع فعلـى مستنيبه، وإن كان بال إذن فعليه، هذا إن كان نائبا عن واحد، وإن كان

تعا بال إذنهما فعليه أن يصوم العشرة أيـام، نائبا عن اثنين فأحرم متموإن كان بإذنهما احتمل أن يصوم نائب الثالثة وهما أي اآلذنان السبعة، ويجبر الكسر فيصوم كل واحد أربعة أيام، ألن اليـوم ال يتـبعض فـي الصيام، واحتمل أن يصوم كل واحد منهما خمسة أيام لوجـوب ذلـك

.بسببهما وهو متجه انتهى :فصل -- فمـن : (دم وتمتع وقران بطلوع فجر يوم النحر لقوله تعـالى ويلزم

أي فليهد، وحمله على ) تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، وعـن )الحج عرفـة (أفعال الحج أولى من حمله على إحرامه كقوله

اإلمام أحمد رحمه اهللا تعالى رواية يجب الدم على المتمتـع والقـارن الحج وفاقا للحنفية والشافعية، وعن اإلمام أحمد رواية بـإحرام بإحرام

ويتوجه أن ينبني عليها ما إذا مـات : العمرة، قال ابن مفلح في الفروعبعد سبب الوجوب يخرج عنه من تركته، وقال الشـافعي فـي أظهـر

فائدة الروايات إذا تعذر الدم وأراد االنتقال : قوليه، وقال بعض أصحابنا

صوم فمتى ثبت التعذر ففيه الروايات، وأما وقت ذبحـه فصـرح إلى ال .أكثر األصحاب أنه ال يجوز ذبحه قبل وجوبه

وقال القاضي وأصحابه ال يجوز قبل فجر يوم النحر، : قال في الفروع .وفاقا ألبي حنيفة ومالك فظاهره يجوز إذا وجب انتهى

عدمه فيأتي فـي قال في اإلنصاف هذا الحكم مع وجود الهدي أما مع كالم المصنف يعني الموفق في أثناء باب الفدية أن وقت وجوب صـوم الثالثة علة المتمتع والقارن وقت وجوب الهدي، ويجوز تقديمها بإحرام

.العمرة نص عليه وعليه أكثر األصحاب انتهىويلزمه بطلوع فجر يوم النحر، فإن طلع : قال الشيخ سليمان بن علي

.ه، وإن طلع وهو معسر فال، ولو أيسر انتهىوهو موسر لزمقلت صريح عبارة األصحاب أن دم التمتع والقران يجب بطلوع فجـر

يوم النحر وعليه ال يلزم من وجوبه جواز ذبحـه بطلـوع الفجـر ألن األصحاب صرحوا في باب الهدي واألضاحي أن وقت ابتداء ذبح هـدي

يد من يـوم النحـر أو بعـد التمتع والقران ونحوهما هو بعد صالة العمضي قدرها في حق من ال صالة في موضعه وذكروا أنه إن ذبح هديا أو أضحية قبل وقته المذكور لم يجزئه وصنع به ما شـاء ألنـه لحـم وعليه بدل الواجب لبقائه في ذمته وهذا هو الصحيح، فإطالق األصحاب

.هنا يقيد بما هناكع إذا أحرم بـالحج فـإذا وجـب وعند الشافعية وقت وجوب دم التمت

جازت إراقته ولم يتوقت بوقت لكن األفضل إراقته يوم النحر، ويجـوز إراقته بعد الفراغ من العمرة وقبل اإلحرام بالحج على األصح عنـدهم وال يجوز قبل التحلل من العمرة على األصح عندهم، وأما الصوم فـال

ـ يء مـن مـذهبهم يجوز عندهم تقديمه على اإلحرام بالحج ويأتي شومذهب غيرهم في باب الفدية إن شاء اهللا، وال يسقط دم تمتع وقـران بفساد نسكهما نص عليه ألن ما وجب اإلتيان به في الصحيح وجب في الفاسد كالطواف وغيره، وال يسقط دم تمتع وقران أيضا بفوات الحـج

.كما لو فسد ما لم يقضه على صفة أعلى وإال سقط قال محمد الخلوتيدم : وإذا قضى القارن قارنا لزمـه دمـان : قال في المنتهى وشرحه

.لقرانه األول ودم لقرانه الثاني انتهىيعني إذا قضي القـارن : المنتهىقال الشيخ منصور في حاشيته على

. الذي فاته الحج قارنا لزمه دمان دم لقرانه األول ودم لقرانـه الثـاني فيه ما وجب به كالصحيح كما يعلم مما وأما من أفسد قرانه فإنه يذبح

.يأتي انتهىوإذا قضى القارن مفردا لم يلزمه شيء لقرانه األول ألنه أتى بنسـك

أفضل من نسكه فإذا فرغ من قضي مفردا من الحج أحرم بالعمرة مـن أبعد الميقاتين اللذين أحرم في أحدهما بالقران وفي اآلخر بالحج كمـن

م من أبعد الميقاتين، وإن لم يحرم بالعمرة مـن فسد حجه ثم قضاه يحر .أبعد الميقاتين لزمه دم لتركه واجبا

وإن قضى القارن مفردا لم يلزمه شيء قال : قال في المنتهى وشرحه للشيخ منصور يعني ال لما فاته وال لما أتى به ألنه المنتهىفي حاشية

نـه الفائـت ألن انتقل إلى صفة أعلى وجزم بعضهم أنه يلزمه دم لقراالقضاء كاألداء قال في الفروع وهو ممنوع؛ فعلم أن قولهم ال يسـقط الدم بفوات النسك ليس على إطالقه ومقتضى كالمهـم أن القـارن إذا قضى متمتعا ال يلزمه شيء للفائت ألنه انتقل إلـى صـفة أعلـى، وال

أن يحرم للقضاء ألنه ال ترفه فيه بترك السفر إذ يلزمه بعد فراغ العمرةبالحج من أبعد الميقاتين، وأن المتمتع إذا قضى يلزمه دم لتمتعه الفائت على أي صفة قضاه ألنه لم يؤده على وجه أعلى، ودم آخر إن قضـى متمتعا أو قارنا ال مفردا واهللا أعلم انتهى كالم الشـيخ منصـور فـي

ـ ت ألن حاشيته، قلت لكن قوله وجزم بعضهم أنه يلزمه دم لقرانه الفائالقضاء كاألداء غير وجيه؛ ألن هذا التعليل ال يطابق الواقع ألن القضاء هو اإلفراد كاألداء غير وجيه؛ ألن هذا التعليـل ال يطـابق الواقـع ألن القضاء هو اإلفراد واألداء هو القران، ولو قال ألن الدم ال يسقط فـي

.الجملة بفوات النسك لصلح التعليل والتعبير واهللا أعلمقضى القارن متمتعا فإذا تحلل من العمرة أحرم بالحج من األبعد وإن

من الميقاتين اللذين أحرم من أحدهما قارنا ومن اآلخر بالعمرة ألنه إذا كان األبعد األول فالقضاء يحكيه ألن الحرمات قصاص، وإن كان الثاني

ـ ال فقد وجب عليه اإلحرام بحلوله فيه لوجوب القضاء على الفـور، ققلـت . والظاهر أنه ال دم عليه إذا لفوات الشرط انتهى: الشيخ منصور

مراد الشيخ منصور بقوله لفوات الشرط ما ذكروه في الشرط الثالث من وأن ال يسافر بين الحـج : شروط وجوب الدم على المتمتع حيث قالوا

والعمرة مسافة قصر فإن فعل فأحرم بالحج من مسافة قصر فأكثر فـال .واهللا أعلم. يه نصادم عل

:فصل -- ويسن لمن كان قارنا أو مفردا فسخ نيتهما بالحج وينويان بإحرامهما

ذلك عمرة مفردة فمن كان منهما قد طاف وسـعى قصـر وحـل مـن إحرامه، وإن لم يكن طاف وسعى فإنه يطوف ويسعى ويقصر ويحـل،

تمتعين ويتمـان فإذا فرغا من العمرة وحال منها أحرما بالحج ليصيرا مأفعال الحج ما لم يكونا ساقا هديا أو وقفا بعرفة ألنه صـح أن النبـي صلى اهللا عليه وسلم أمر أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلـوا

وقال سـلمة . كلهم ويجعلوها عمرة إال من كان معه هدي، متفق عليه: دة، فقالكل شيء منك حسن جميل إال خلة واح: بن شبيب لإلمام أحمد

كنت أرى أن لك عقال، عنـدي : قالت. تقول بفسخ الحج: وما هي؟ قالثمانية عشر حديثا جيادا صحاحا كلها في فسخ الحج أتركها لقولك؟ وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عبـاس وجـابر وعائشـة وأحاديثهم متفق عليها ورواه غيرهم وأحاديثهم كلها صحاح، وإذا فسخ

لحج إلى العمرة صار متمتعا حكمه حكم المتمتعين في وجـوب الـدم اال يجب الدم ألن من شرط وجوبـه أن : وغيره وقال القاضي أبو يعلى

: ينوي في ابتداء العمرة أو في أثنائها أنه متمتع، قال الموفق والشارحوهذه دعوى ال دليل عليها تخالف عموم الكتاب وصريح السنة الثابتـة

فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فمـا استيسـر مـن : (تعالى قال فإن اهللامن : (، وفي حديث ابن عمر أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال)الهدي

لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحل ثـم ليهل بالحج وليهد ومن لم يجد هديا فليصم ثالثة أيام في الحج وسـبعة

وألن وجوب الدم في المتعـة للترفـه . متفق عليه). هإذا رجع إلى أهلبسقوط أحد السفرين، وهذا المعنى ال يختلف بالنية وعدمها فوج بأن ال يختلف وجوب الدم، على أنه لو ثبت أن النية شرط فقد وجدت فإنه ما حل حتى نوى أنه يحل ثم يحرم بالحج انتهى كالم الموفق، قلت وهـو

: يس بشيء، قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالىالحق وما قاله القاضي ل

قد ثبت بالنقول المستفيضة التي لم يختلف فـي صـحتها أهـل العلـم بالحديث أن النبي صلى اهللا عليه وسلم لما حـج حجـة الـوداع هـو وأصحابه أمرهم جميعهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة إال من

ه حتى يبلغ الهدي محله يوم ساق الهدي فإنه أمره أن يبقي على إحرامالنحر، وكان النبي صلى اهللا عليه وسلم قد ساق الهدي هو وطائفة من

لبيك عمرة وحجا ولم يعتمر : أصحابه وقرن هو بين العمرة والحج فقالبعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلى اهللا عليـه وسـلم إال عائشـة

نبي صـلى اهللا عليـه ألنها قد حاضت فلم يمكنها الطواف ألن الوحدها فأمرها أن ) تقضي الحائض المناسك كلها إال الطواف بالبيت: (وسلم قال

تهل بالحج وتدع أفعال العمرة ألنها كانت متمتعة، ثم إنها طلبـت مـن النبي صلى اهللا عليه وسلم أن يعمرها فأرسلها مع أخيها عبد الـرحمن

شمس الـدين ابـن بن أبي بكر فاعتمرت من التنعيم، وتمامه فيه، قال القيم رحمه اهللا تعالى بعد كالم سبق، وفي السنن عن البراء بن عازب،

خرج رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه فأحرمنـا بـالحج : قالاجعلوا حجكم عمرة فقال الناس يا رسول اهللا قـد : (فلما قدمنا مكة قال

به فـافعلوه، أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟ فقال انظروا ما آمركم فرددوا عليه القول فغضب ثم انطلق حتى دخـل علـى عائشـة وهـو

: من أغضبك أغضبه اهللا، فقـال : غضبان فرأت الغضب في وجه فقالتقال ابن القـيم رحمـه اهللا ). وما لي ال أغضب وأنا آمر أمرا فال يتبع

ونحن نشهد اهللا علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضا علينا فسخه إلى عمرة تفاديا من غضب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم واتباعا ألمره، فواهللا ما نسخ هذا في حياته وال بعده وال صح حرف واحد يعارضه وال

خص به أصحاب دون من بعدهم، بل أجرى اهللا سبحانه علـى لسـان هل ذلك مختص بهم؟: سراقة أن يسأله

ي ما نقدم على هذه األحاديث، فأجاب بأن ذلك كائن ألبد األبد، فما ندر وهذا األمر المؤكد الذي أغضب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم علـى

وفي االنتصار وعيون المسائل لـو . من خالفه، وتمامه في زاد المعادواختار ابن حزم وجوبه وقـال هـو . ادعى مدع وجوب الفسخ لم يبعد

: بن عبـاس وفي مسلم عن ا. قول ابن عباس وعطاء ومجاهد وإسحاقفإن قيـل هـل . أن من طاف حل وقال سنة نبيكم صلى اهللا عليه وسلم

يصح الفسخ وإن لم ينو فعل الحج من عامه؟ قيل منعـه ابـن عقيـل وغيره نقل ابن منصور ال بد أن يهل بالحج من عامه ليستفيد فضـيلة التمتع وألن الحج على الفور فال يؤخر لو لم يحرم به فكيف وقد أحرم

ختلف كالم القاضي أبو يعلى وقدم الصحة ألنه بالفسـخ حصـل به، واعلى صفة يصح منه التمتع، وألن العمرة ال تصير حجا والحج يصـير عمرة لمن حصر عن عرفة أو فاته الحج، قلت وفيما قاله القاضي نظر ألنه إنما يحصل على صفة يصح منه التمتع إذا حج من عامـه الـذي

عام الفسخ فإن الصفة المذكورة منتفية عنـه فسخ فيه، أما إذا لم يحج فالصحيح ما نقله ابن منصور من أنه ال بد أن يهل بالحج مـن عامـه ليستفيد فضيلة التمتع وأال ينو إهالال بالحج من عامه فإنه ال يسوغ له

.فسخ الحج، واهللا أعلم ال يجوز له فسخ الحج إلى: وقالت الحنفية والمالكية والشافعية وداود

العمرة، وقولهم هذا رد للنصوص الصحيحة الصريحة الواردة في ذلك، ومن أراد االطالع على حجج الطرفين واألحاديث الـواردة فـي ذلـك

فليراجع زاد المعاد يظفر بالمارد واهللا الموفق؛ فإن كان المفرد والقارن الفسخ لما تقدم من أن السائق للهدي يثبت علـى ساقا الهدي لم يصح

وال يحل إال يوم النحر أو كانا وقفا بعرفة لم يصح الفسـخ ألن إحرامهمن وقف بعرفة قد أتى بمعظم الحج وأمن فوته بخالف غيره فلو فسخا في الحالتين حال سوق الهدي والوقوف بعرفة فلغو وهما باقيان علـى

.نسكهما الذي أحرما بهق المتمتع ولو سا: قال في اإلقناع وشرحه ومثله في المنتهى وشرحه

هديا لم يكن له أن يحل من عمرته فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته فإذا ذبحه يوم النحر حـل مـن الحـج ) أو التقصير(قبل تحلله بالحلق .والعمرة معا انتهى

ومفهومه أنه ال يحل منهما حتى يذبح الهدي وهو خالف ما يأتي من جمـرة العقبـة وحلـق رمي : أن التحلل األول يحصل باثنين من ثالثة

وطواف، وتقدم في صفة التمتع البحث في ذلك وهي يسمي فـي هـذه .الصورة متمتعا أو قارنا فليراجع

تمتع الناس مع النبي صلى اهللا عليه وسلم بـالعمرة : (قال ابن عمر إلى الحج، فقال من كان معه هدي فإنه ال يحل من شيء حـرم عليـه

نوعي الجمع بين الحـج والعمـرة وألن التمتع أحد) حتى يقضي حجه .كالقران

ال يمنع نية الفسخ للمفـرد والقـارن إال سـوق الهـدي أو ): تنبيه( الوقوف بعرفة، أما من لم يسق الهدي ولم يقف بعرفة فإنه يسـن لـه

اعلم أن فسخ القارن : فسخ الحج إلى العمرة كما تقدم، قال في اإلنصاف

وعليـه . شـرطه نـص عليـه والمفرد حجهما إلى العمرة مسـتحب ب .األصحاب قاطبة وهو من مفردات المذهب انتهى

قال في المنتهى وشرحه للمصنف، وسن لمفرد وقارن فسخ نيتهمـا بحج وينويان بإحرامهما ذلك األول الذي هو اإلفراد أو القـران عمـرة مفردة فمن كان منهما قد طاف وسعى قصر وحل من إحرامه، وإن لـم

ن يطوف ويسعى ويقصر ويحل من إحرامـه علـى يكن طاف وسعى فإاألصح نص على ذلك ألنه صح أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم أمـر أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمـرة إال

وليس الفسخ إبطاال لإلحرام من أصـله . من كان معه هدي متفق عليه .بل نقل له من الحج إلى العمرة انتهى

قوله ويسن لمـن كـان : قال الشيخ منصور في حاشيته على اإلقناع قارنا أو مفردا فسخ نيتهما بالحج إلى آخره ظاهره سواء كـان طـاف

يفسخ : وسعى أم ال، وهو ظاهر كالم كثير من األصحاب، قال في المقنع. إن طاف وسعى فظاهره أن الطواف والسعي شرط في استحباب الفسخ

وذكر أنه إذا طاف وسـعى ثـم . األمر كذلك انتهى قال ابن منجا وليسفسخ يحتاج إلى طواف وسعي ألجل العمرة ورده الزركشي بأنه لـيس

يقتضي أنه يطوف طوافا ثانيا، قال في اإلنصاف عقبـه في كالمهم ما قلت قال في الكافي يسن لهما إذا لم يكن معهما هدي أن يفسخا نيتهما

ال من إحرامهما بطواف وسعي وتقصير بالحج وينويا عمرة مفردة ويحوكأنه يلوح باالعتراض على الزركشي في قوله . ليصيرا متمتعين انتهى

وليس في كالمهم ما يقتضي أنه يطوف طوافا ثانيا كما زعم ابن منجـا فإن كالم الكافي المذكور يقتضي إعادة الطواف والسعي حيث قال ويحال

بما إذا لم يكونا طافـا وسـعيا من إحرامهما بطواف وسعي ولم يقيدهفمقتضاه مطلقا وهو واضح ألن طواف القدوم نفل فكيف يجـزئ عـن طواف العمرة وهو ركن، والسعي شرطه أن يكون بعد طـواف نسـك

.والطواف السابق لم يكن للعمرة فلم يعتد بالسعي بعده لها واهللا أعلمزو انتهـى وتابع في شرح المنتهى القولين في الموضعين من غير ع

قلت الصحيح عدم إعـادة الطـواف . كالم الشيخ منصور في الحاشية .والسعي، واهللا أعلم

والمعتمر غير المتمتع يحل بكل حال إذا فرغ من عمرته فـي أشـهر الحج وغيرها ولو كان معه هدي ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم اعتمر

ن معه هـدي ثالث عمر سوى عمرته التي مع حجته فكان يحل فإن كانحره عند المروة إن أمكن، وإال يمكن كما في هذه األزمان نحره في أي بقاع الحرم شاء ألن كله منحر، والمرأة إذا دخلت مكة متمتعة فحاضت أو نفست قبل طواف العمرة لم يكن لهـا أن تـدخل المسـجد الحـرام وتطوف بالبيت فإن خشيت فوات الحج أو خافه غيرها أحـرم بـالحج

والخشية ليست شرطا لجواز إدخال الحـج علـى : قال منصور. اوجوبالعمرة كما مر بل شرط لوجوبه فيجب إذا ألن الحج واجـب فـورا وال

وصار قارنا نـص . طريق له إال ذلك فتعين انتهى من حاشية المنتهىوقال أبـو حنيفـة يصـير . عليه في الحائض وفاقا للمالكية والشافعية

اإلمام أحمد ما قاله غيره، ودليلنا ما روى مسلم أن رافضا للعمرة، قال : عائشة كانت متمتعة فحاضت فقال لها النبي صلى اهللا عليـه وسـلم

وألن إدخال الحج على العمرة يجوز مـن غيـر خشـية ) أهلي بالحج(الفوات فمعها أولى لكونها ممنوعة من دخول المسجد ولم تقض طواف

د، ويجب بإدخال الحج على العمرة دم القدوم لفوات محله كتحية المسجقران إن لم يكمن من حاضري المسجد الحرام قياسا على المتمتع كمـا

: تقدم وتجزئ عمرة القارن عن عمرة اإلسالم، قال في شرح المنتهـى فإن كان أحرم بالعمرة وطاف وسعى لها ثم أدخل الحج عليها لسـوقه

والذي سبق هـو . انتهى الهدي فعليه دم التمتع وليس بقارن كما سبقوإن ساقه أي الهدي متمتع لم يكن لـه أن : قوله في المنتهى وشرحه

يحل من عمرته فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحليل بحلـق فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما أي الحج والعمرة معا نصا وال يصـير

قط العمرة قارنا الضطراره إلدخال الحج على عمرته انتهى ملخصا، وتسمن أحرم (عن القارن فتندرج أفعالها في الحج لحديث ابن عمر مرفوعا

بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد عنهما حتى يحل منهما .إسناده جيد رواه النسائي والترمذي وقال حسن غريب) جميعا

:فصل -- ومن أحرم وأطلق بأن نوع الدخول في نسك ولم يعين نسـكا صـح

إحرامه نص عليه أحمد وفاقا لألئمة الثالثة كإحرامه بمثل ما أحرم بـه فالن، وحيث صح مع اإلبهام صح مع اإلطالق لتأكده وكونه ال يخـرج منه بمحظوراته وله صرف اإلحرام إلى ما شاء من األنساك نص عليه أحمد بالنية ال باللفظ ألن له أن يبتدئ اإلحرام بأي األنساك شاء فكـان

رف المطلق إلى ما أراد، والصرف واجب وإال يكون متالعبا، وما له صعمل من أحرم مطلقا من طواف وغيره قبل صرفه ألحد األنساك فهـو

وألن ) وإنما لكل امرئ مـا نـوى (لغو ال يعتد به لعدم التعيين لحديث الطواف وغيره وجد ال في حج وال عمرة فلم يجزه واألولـى صـرف

ن التمتع أفضل، وإن أحرم بمثل ما أحرم به فالن إحرامه إلى العمرة ألأو أحرم بما أحرم به فال وعلم ما أحرم به فالن، قبل إحرامه أو بعـده

إن عليا قدم من اليمن فقال له النبـي : انعقد إحرامه بمثله لحديث جابربم أهللت؟ فقال بما أهل به رسول اهللا صلى اهللا : (صلى اهللا عليه وسلم

.رواه مسلم وغيره). فاهد وامكث حراما عليه وسلم قاللم يقل علي رضي اهللا عنه باهاللك، تـوقيرا وتلـذذا بـذكر ): تنبيه(

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، واهللا أعلم، فإن كان األول أحرم مطلقا كان للثاني الذي أحرم بمثله صرف إحرامه إلى ما شاء من األنساك كما

ين عليه صرف إحرامه إلى ما يصرفه إليـه لو أحرم هو مطلقا وال يتعاألول وال إلى ما كان صرفه إليه األول بعد إحرامه مطلقا، ويعمل الثاني بقول األول إنه أحرم بنسك كذا ال بما وقع في نفسه هو قـال الشـيخ

فإن جعل . وظاهره سواء كان فالن عدال أو فاسقا انتهى: محمد الخلوتيأو بمثله إحرام فالن واستمر الجهل فللثاني من أحرم بما أحرم به فالن

جعله عمره لصحة فسخ اإلفراد والقران إليها وله جعله حجا أو قرانا، ولو شك الذي أحرم بما أحرم به فالن أو بمثله هل أحرم األول فكما لو لم يحرم األول ألن األصل عدمه فينعقد إحرامه مطلقا فيصرفه لما شاء

لقا فإن صرفه قبل طوافه وقع طوافه بعـد ذلـك كما لو أحرم ابتداء مطإلى صرفه إليه، وإن طاف قبل صرفه إلى نسك معين لم يعتد بطوافـه ألنه ال في حج وال عمرة وتقدم، ولو كان إحرام األول فاسدا بأن كـان في حال الجنون أو السكر أو اإلغماء أو وطئ فيه فكنذره عبادة فاسدة

من األنساك إال أنه يكون على الوجه الصحيح فينعقد إحرام الثاني بمثله أحرمت يوما أو أحرمت بنصـف : المشروع، ويصح وينعقد إحرام قائل

نسك ونحوهما كأحرمت نصف يوم أو بثلث نسك ألنه إذا أحرم زمنا لم يصر حالال فيما بعده حتى يؤدي نسكه ولو رفض إحرامه، وإذا دخـل

ويصرفه لما شاء، وال يصـح في نسك لزمه إتمامه فيقع إحرامه مطلقا إن أحرم زيد مثال فانا محرم لعدم الجزم حيث علق إحرامه، : إحرام قائل

وكذا إن كان زيد محرما فقد أحرمت فلم يكن محرما لعدم جزمه، فـإن كان زيد محرما والحالة هذه لم يتعين إحرام الثاني بمثله فيما يظهـر،

.واهللا أعلمق الوقت أن يحرم بالحج فيفوته فيلزمه إذا خاف الرجل لضي): فائدة(

القضاء ودم الفوات فالحيلة أن يحرم إحراما مطلقا وال يعينه فإن اتسع له الوقت جعله حجا أو قرانا أو تمتعا وإن ضاق عليه الوقـت جعلـه عمرة وال يلزمه غيرها قاله شمس الدين ابن القيم رحمـه اهللا، ومـن

إحرامه بإحداهما ولغـت األخـرى ألن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد الزمان ال يصلح لهما مجتمعتين فيصح بواحدة منهما مفـردة كتفريـق الصفقة وال ينعقد اإلحرام بهما معا كبقية أفعالهما وكنذرهما فـي عـام واحد فإنه يجب عليه إحداهما في ذلك العام ألن الوقت ال يصلح لهمـا،

صومين في يوم ولو فسدت هذه هو كنية: قال القاضي أبو يعلى وغيرهوالظـاهر أنـه ال : المنعقدة لم يلزمه إال قضاؤها، قال الشيخ منصـور

يلزمه فعل الثانية في العام القابل وال كفارة ألنه من نذر المحـال، واهللا .أعلم انتهى

بنسك تمتع أو إفراد أو قران ونسيه أو أحرم بنذر ونسـى ومن أحرم لى عمره استحبابا ألنها اليقين ألنه يسن له ما نذره قبل طواف صرفه إ

فسخ الحج والقران إليها من العلم فمع النسيان أولى، ويجوز صـرف

إحرامه إلى غير العمرة لعدم تحقق المانع فإن صرفه إلى قران أو إفراد صح حجا فقط دون العمرة فيما إذا صرفه إلى قران ألنـه يحتمـل أن

يصح إدخال العمرة عليه فصحة العمـرة يكون المنسي حجا مفردا فالمشكوك فيها فال تسقط من ذمته بالشك وال دم عليه ألنه لم يتحقق أنه قارن وال يجب الدم مع الشك في سببه وإن جعل المنسي عمرة فكفسخ حج إلى عمرة فيصح إن لم يقف بعرفة ولم يسـق هـديا ويلزمـه دم

العمرة جميعا لصحتهما المتعة بشروط لآلية ويحزئه تمتعه عن الحج وعلى كل تقدير ألن غايته أن يكون أحرم قارنا أو مفردا وفسخهما سنة كما تقدم، وإن نسى ما أحرم به أو ما نذره بعد الطواف وال هدي معـه يتعين صرفه إلى العمرة وال يجعله حجا وال قرانا الحتمـال أن يكـون

ى العمرة بعد طوافها المنسي عمرة، وتقدم أنه ال يجوز إدخال الحج علهدى معه فيسعى ويحلق أو يقصر، ثم يحرم بالحج مـع بقـاء لمن ال

وقته ويتمه ويسقط عنه فرضه لتأديته إياه ويلزمه دم بكل حال ألنه إن كان المنسي حجا أو قرانا فقد حلق فيه في غيـر أوان الحلـق، وفـي

حج وعليه دم الحلق قبل أوانه دم جبران، وإن كان معتمرا فقد تحلل ثم لكن إن فسخ نية الحج إلى العمر : المتعة بشروطه، قال الشيخ منصور

.قبل حلقه فال دم عليهقلت وهو كما قال ألن فسخ المفرد والقارن نيتهما بحج إلـى عمـرة

سنة كما تقدم، ومراد منصور بقوله فال دم عليه أي للحـق، وأمـا دم م، قال الشيخ مرعي في الغاية التمتع فيلزمه إذا فسخ بشروطه واهللا أعل

فيسعى ويحلق ثم يحرم بحج مع بقاء وقت وقوف ويتمه ويتجه وال دم ، ألن الحـج المنتهىيعني لإلقناع و: للحلق إن تبين أنه حاج خالفا لهما

أما دم التمتع فيلزمه إذا فسـخ : فسخ بالصرف انتهى كالم مرعي، قلتليه من صرفه إلى العمـرة كما تقدم واهللا أعلم، وإذا خالف ما وجب ع

بعد الطواف بأن صرف إحرامه مع نسيانه بعد طواف وال هدى معه إلى حج أو إلى قران لم يصح ويتحلل بفعل حج الحتمال أن يكون حجا ولم يجزه فعل ذلك عن واحد من الحج والعمرة الحتمال أن يكون المنسـي

معـه أو عمرة فال يصح إدخال الحج عليها بعد طوافها لمن ال هـدى يكون المنسي حجا فال يصح إدخال العمرة عليه وال دم عليه وال قضاء للشك في سببهما الموجب لهما واألصل براءته لكن إن كان عليه حجة

: اإلسالم أو عمرته فإنها تستمر باقية بذمته، قال في المنتهى وشـرحه ومن كان معه هدى وطاف ثم نسى ما أحرم به صرفه إلى الحج وجوبا

وأجزأه حجه عن حجة اإلسالم لصحته بكل حال وال يجوز له التحلل قبل إتمام نسكه انتهى، وإن أحرم عن اثنين استناباه في حج أو عمرة وقع عن نفسه أو أحرم عن أحدهما ال بعينه وقع إحرامه ونسكه عن نفسـه دونهما لعدم إمكان وقوعه عنهما وال مرجح ألحدهما ويضمن ما أخذه

حج به عنهما فيرد لهما بدله وكذا يقع عن نفسه لو أحرم عنه منهما ليوعن غيره بطريق األولى ويرد ما أخذه من الغير، ومن أهـل لعـامين

من عامه واعتمر من قابـل قالـه لبيك العام وعام قابل حج: بأن قالويتجه احتمال أن : عطاء حكاه عنه أحمد ولم يخالفه، قال الشيخ مرعي

ومن أخذ من اثنين حجتين ليحج عنهما في عام واحد ذلك ندب انتهى، أدب على فعله ذلك لفعله محرما نصا، وقال في اإلنصاف قلت قد قيـل إنه يمكن فعل حجتين في عام واحد بأن يقف بعرفة ثم يطوف للزيـارة بعد نصف ليلة النحر بيسير ثم يدرك الوقوف بعرفة ثانيا قبـل طلـوع

قلت قوله بيسير وذلك ألجل دخول وقت طواف الفجر ليلة النحر انتهى، الزيارة ألنه سيأتي أن وقته يدخل بمضي نصف ليلة النحر لمن وقـف بعرفة قبل وإال يكن وقف بعرفة فوقته بعد الوقوف بعرفـة فـال يعتـد

.بالطواف قبل الوقوفوال يصح ممن أحرم بالحج ووقف بعرفة ثم طاف : قال الشيخ منصور

لعقبة وحلق في نصف الليل الثاني أن يحرم بحجة وسعى ورمى جمرة اأخرى ويقف بعرفة قبل الفجر ألن رمى أيام التشـريق عمـل واجـب باإلحرام السابق فال يجوز مع بقائه أن يحرم بغيره هـذا معنـى كـالم القاضي أبي يعلى وسلم اإلجماع على أنه ال يجوز حجتان في عام واحد

.انتهىومن استنابه اثنان في عام بنسك : ع وشرحهماقال في المنتهى واإلقنا

فأحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صح إحرامه عنه ولم يصح إحرامه لآلخر بعده نصا في ذلك العام بحج ولو بعد طوافه للزيارة بعد نصـف ليلة النحر ورميه ألن توابع اإلحرام األول من المبيت ليالي منى، ورمي

صح إدخال إحرام على إحرام انتهى بتصـرف الجمار أيامها باقية فال يوجيه وتقدم قريبا، وإن نسي المعين باإلحرام من مستنيبيه وتعذر علمه فإن فرط نائب كأن تعذر علمه من تفريطه بأن كان يمكنه كتابة اسـمه أو ما يتميز به فلم يفعل أعاد الحج عنهما فيحج عن كل واحـد حجـة

عينه لعدم أولويته، وإن فرط موصى لتفريطه وال يكون الحج ألحدهما بإليه بذلك بأن لم يسمه للنائب غرم موصى إليـه نفقـة إعـادة الحـج عنهما، وإال يفرط نائب وال موصى إليه بأن سماه الموصى إليه للنائب وعينه ابتداء ولم يحصل منه تفريط في نسيانه لكنه نسيه فالغرم لـذلك

فنفقته التفريط ألن الحج عنهما من تركة موصييه المستناب عنهما لعدم هذا إن كان : عليهما وال موجب لضمانه عنهما، قال في اإلقناع وشرحه

النائب غير مستأجر لذلك أي للحج عنهما ألنه أمـين، وإال بـأن كـان أي لزم النائب األجير أن : مستأجرا له إن قلنا تصح اإلجارة للحج لزماه

ى، وتقدم الكالم على االسـتنابة يحج عنهما ليوفي بما استؤجر له انتهفي الحج وعلى ضمان الحجة بأجرة في فصل االسـتنابة فـي الحـج

.والعمر فليراجع عند الحاجة فإنه مفيد جداوالمستحب أن يأخذ الحـاج عـن : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى

غيره ليحج، ال أن يحج ليأخذ فمن كان قصده إبـراء ذمـة الميـت أو الحج أو رؤية المشاعر فهذا آخذ ليحج ومثله كل رزق أخذ الشوق إلىصالح، ففرق بين من يقصد الدين فقط والدنيا وسيلة وبـين على عمل

من يقصد الدنيا والدين وسيلة؛ فاألول ال بأس به واألشـبه أن الثـاني .ليس له في اآلخرة من خالق انتهى

ح أن يحج وصي ال يص: ال يصح حج وصي، قال في اإلنصاف) فائدة( .بإخراجها، وال يصح أن يحج وارث على الصحيح من المذهب انتهى

إذا كان فيها فضل إال بإذن الورثة وإن لم يكن : قال في الشرح الكبير وما قاله الشارح وجيه واهللا . فيها فضل جاز ألنه ال محاباة فيها انتهى

.أعلم : فصل -- يه وسلم وأمره بها، وهي ذكـر فـي والتلبية سنة لفعله صلى اهللا عل

اإلحرام فلم تجب كسائر األذكار، ويسن ابتداء التلبية عقب إحرامه على لبيك : فأهل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بالتوحيد: األصح لقول جابر

اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك إن الحمد والنعمـة لـك والملـك ال ول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وجـاء شريك لك، الحديث وهذه تلبية رس

ذلك في الصحيحين رواه البخاري عن عائشة ومسلم عن جابر، وقيل إا استوى على راحلته وجزم به في المقنع وغيره وتبعهم في المختصـر ومشى على األول في المنتهى واإلقناع وغيرهما، ويسن ذكـر نسـكه

رة وحجـا لحـديث فيها وذكر العمرة قبل الحج للقارن فيقول لبيك عملبيك عمـرة : (أنس، قال سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول

.متفق عليه) وحجاوقال جابر قدمنا مع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ونحن نقول لبيك

قدم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم : بالحج الحديث، وقال ابن عباسرهم أن يجعلوهـا عمـرة وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج، فـأم

متفق ) حل كله: (يا رسول اهللا أي الحل؟ قال: فتعاظم ذلك عندهم، فقالوارفع الصوت بالتلبية، من قولهم استهل الصـبي : ومعنى اإلهالل. عليه

ما من مسـلم (إذا صاح، ويسن اإلكثار من التلبية لخبر سهل بن سعد أو مـدر حتـى يلبي إلى لبى ما عن يمينه وشماله من شجر أو حجر

رواه الترمذي بإسناد جيد، وابن ماجـة . تنقطع األرض من ههنا وههنامن رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين، وهو ضعيف عنهم، ويسن

رواه ) سمعتهم يصرخون بهـا صـراخا : (جهر ذكر بالتلبية لقول أنسقال رسول اهللا صلى اهللا عليـه : البخاري، وخبر السائب ابن خالد قال

أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصـحابي أن يرفعـوا أصـواتهم : (وسلمأسانيده جيـدة رواه الخمسـة وصـححه الترمـذي ) باإلهالل والتلبية

وأخرجه مالك في الموطأ والشافعي عنه وابن حبان والحاكم والبيهقـي

باب ما جاء فـي رفـع الصـوت : وصححوه، قال الترمذي في جامعهد ثم قال حديث خالد عن أبيـه حـديث بالتلبية وساق بسنده حديث خال

حسن صحيح وهو خالل بن السائب بن خالد بن سويد األنصاري عـن وال يجهد نفسه في رفع صوته زيادة على الطاقـة خشـية . أبيه انتهى

ضرر يصيبه، وال يستحب إظهار التلبية في مساجد الحل وأمصاره، قال ـ رز، لقـول ابـن أحمد إذا أحرم في مصره ال يعجبني أن يلبي حتى يب

إن هذا لمجنون إنما التلبية إذا برزت : عباس لمن سمعه يلبي بالمدينةيعني إذا خرجت من العمران إلى البراز، واحتج القاضي وأصحابه بـأن إخفاء التطوع أولى خوف الرياء على من ال يشاركه في تلـك العبـادة

طواف البراري وعرفات والحرم ومكة، وال يستحب إظهارها في بخالف القدوم والسعي بعده خوف اشتغال الطائفتين والساعين عن أذكـارهم،

.وال بأس بالتلبية سرا للمفرد والقارن في طواف القدوم والسعي بعدهوأما المتمتع والمعتمر فيقطعان التلبية إذا شرعا في طواف العمـرة،

ويكره رفع الصوت بها حول البيت وإن لم يكـن طائفـا لـئال يشـغل ائفين عن طوافهم وأذكارهم المشروعة لهم، ويستحب أن يلبي عن الط

أخرس ومريض وصغير ومجنون ومغمى عليه، وزاد بعضـهم ونـائم تكميال لنسكهم وكاألفعال التي يعجزون عنها، ويسن الدعاء بعد التلبية

أن (فيسأل اهللا الجنة ويعوذ به من النار لما روى خزيمـة بـن ثابـت عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته سـأل اهللا عـز رسول اهللا صلى اهللا

رواه الشـافعي ) وجل رضوانه الجنة واسـتعاذ برحمتـه مـن النـار والدارقطني، وفي إسناده صالح بن محمد بن أبي زائدة وهـو مـدني ضعيف، ويدعو بما أحب ألنه مظنة إجابة الدعاء، ويسن عقبها الصالة

ضع شرع فيه ذكر اهللا تعـالى على النبي صلى اهللا عليه وسلم ألنه موفشرع فيه ذكر رسوله صلى اهللا عليه وسلم كالصالة واألذان وال يرفع صوته بالدعاء والصالة عليه صلى اهللا عليه وسلم عقب التلبية لعـدم

إن لبيك اللهم لبيك، لبيك ال شـريك لـك لبيـك : وروده، وصفة التلبية .الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك

قال . النصب) والنعمة(في حديث عائشة وجابر والمشهور في وتقدم عياض ويجوز الرفع على االبتداء ويكون الخبر محذوفا، والتقـدير إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك، قاله ابن األنبـاري والمشـهور نصـب والملك ويجوز الرفع وتقديره والملك كذلك انتهى من فتح الباري، قـال

أجمع العلماء على هـذه التلبيـة انتهـى، وهـي :الطحاوي والقرطبيمأخوذة من لب بالمكان إذا لزمه فكأنه قال أنا مقـيم علـى طاعتـك، وكررت ألنه أراد إقامة بعد إقامة، ولبيك لفظه مثنى وليس بمثنى حقيقة ألنه ال واحد له في لفظه، ولم يقصد به التثنية بل التكثير كحنانيك، أي

حمة، وقيل معنى التلبية إجابة دعوة إبـراهيم رحمة بعد رحمة أو مع رحين نادى بالحج، وقيل محمد عليهما من اهللا أفضل الصالة والسـالم،

أكثر العلماء على أنه إبراهيم صلى اهللا عليـه : قال في تصحيح الفروع: قلـت . وسلم وقد قطع به البغوي وغيره من أهـل التفسـير انتهـى

وأن الخطاب في لبيك اهللا سبحانه الصحيح أن الداعي هو اهللا عز وجل وتعالى لداللة ما بعده من اللفظ اللهم وال شريك لـك وإثبـات الحمـد والنعمة والملك له سبحانه ال شريك له ويأتي قريبا ما يؤيد ذلك عـن

.شيخ اإلسالم رحمه اهللا

لبيك إن العيش عـيش : وسن لمن رأى ما يعجبه أو يكرهه أن يقول اهللا عليه وسلم حين وقـف بعرفـات ورأى جمـع اآلخرة، قاله صلى

وقالـه صـلى اهللا . رواه الشافعي وغيره عن مجاهد مرسال. المسلمينرواه الشافعي أيضا، لكـن . عليه وسلم في أشد أحواله في حفر الخندق

اللهم ال عيش إال عـيش اآلخـرة، ومعنـاه أن : ليس فيه لبيك بل قال .واهللا أعلم. حياة الدار اآلخرةالحياة المطلوبة الهنيئة الدائمة هي

فإذا أحرم لبى بتلبية رسول اهللا صلى اهللا : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا لبيك اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة : عليه وسلم

لك والملك ال شريك لك، وإن زاد على ذلك لبيك ذا المعـارج أو لبيـك الصحابة يزيدون ورسول اهللا صلى اهللا وسعديك ونحو ذلك جاز كما كان

عليه وسلم يسمعهم فال ينهاهم، وكان هو يداوم على تلبيته ويلبي مـن حين يحرم سواء ركب دابته أو لم يركبها، والتلبية هي إجابة دعوة اهللا لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم صلى اهللا عليه

المنقاد لغيره كما ينقاد الذي لبـب وأخـذ وسلم، والملبي هو المستسلم مطيعون ألمرك بلبته؛ والمعنى إنا مجيبون لدعوتك مستسلمون لحكمك

مرة بعد مرة دائما ال نزال على ذلك، والتلبية شعار الحج فأفضل الحج العج والثج، فالعج رفع الصوت بالتلبية، والثج إراقـة دمـاء الهـدي،

للرجل بحيث ال يجهد نفسـه، والمـرأة ولهذا يستحب رفع الصوت بها ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها، ويستحب اإلكثار منها عند اخـتالف

أو األحوال مثل أدبار الصلوات ومثل ما إذا صعد نشزا أو هـبط واديـا سمع ملبيا أو أقبل الليل والنهار أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعـل مـا

تغرب الشمس فقد أمسى مغفورا إنه من لبى حتى (وقد روى . نهى عنه

له، وإن دعا عقب التلبية وصلى على النبي صلى اهللا عليه وسلم وسأل اهللا رضوانه، واستعاذ برحمته من سخطه والنار فحسن، انتهـى كـالم

كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم : (شيخ اإلسالم، وفي حديث جابرهبط واديـا وفـي أدبـار يلبي في حجته إذا لقي راكبا أو عال أكمة أو

، وأمـا اسـتحبابها فيمـا إذا فعـل )الصلوات المكتوبة وفي آخر الليلمحظورا ناسيا، ثم ذكره فلتدارك الحج واستشعار إقامته عليه ورجوعه

مـن : إليه، وكسر همزة إن أولى من فتحها عند الجماهير، قال ثعلـب ص، أي لبيك كسر فقد عم، يعني حمد اهللا على كل حال، ومن فتح فقد خ

لبيك إن : ألن الحمد لك أي لهذا السبب الخاص، قال في الفروع، ويقوليعني شيخ اإلسالم هو أفضـل : أي بكسر الهمزة عند أحمد، قال شيخنا

.عند أصحابنا والجمهور انتهىإن الزمخشري نقل عن الشافعي اختيـار الفـتح رده : وقول األسنوي

تؤخذ من الزمخشري ألن أصـحاب األذرعي بأن اختيارات الشافعي ال وال . الشافعي أدرى باختياراته من غيرهم ولم ينقلوا ذلك عنـه انتهـى

تسن الزيادة على تلبية رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ألنه صـلى اهللا عليه وسلم لزم تلبيته هذه فكررها ولم يزد عليهـا وال تكـره الزيـادة

بي تلبية رسول اهللا صـلى عليه أحمد ألن ابن عمر كان يل عليها، نصلبيك وسعديك والخير بيـديك والرغبـاء : (اهللا عليه وسلم، ويزيد معها

متفق عليه، يروي في والرغباء فتح الراء والمد وضـم ). إليك والعمللبيك ذا النعماء والفضل لبيك لبيك مرغوبا : الراء مع القصر، وزاد عمر

.رواه األثرم. ومرهوبا إليك لبيك .أنسا كان يزيد لبيك حقا حقا تعبدا ورقا وروى أن

لبيك : (وعن أبي هريرة أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال في تلبييه حديث حسن رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وصـححه ) إله الحق لبيك

وال يستحب تكرار التلبية في حالة واحدة قاله أحمد، . ابن حبان والحاكمما شيء تفعله العامة يلبون : وقال له األثرم: قال في المستوعب وغيره

دبر الصالة ثالثا؟ فتبسم وقال ال أدري من أين جاءوا به؟بلى ألن المروي التلبية مطلقا من غيـر : قلت أليس يجزئه مرة؟ قال

تكرارها ثالثا في : تقييد وذلك يحصل بمرة، وقال الموفق وتبعه الشارح .يحب الوتر انتهىفإن اهللا وتر : دبر الصالة حسن

وال تشرع التلبية بغير العربية لقادر على التلبيـة بهـا ألنهـا ذكـر مشروع فلم تشرع بغير العربية مع القدرة كاآلذان واألذكار المشروعة في الصالة، وإن لم يكن قادرا على العربية لبى بلغتـه كـالتكبير فـي

فارسـية والتركيـة وتجوز التلبية بالعربية وال: الصالة، وقالت الحنفية .والهندية وغيرها بأن لسان كان انتهى

ويستحب التلبية في مكة والمسجد الحرام وسـائر مسـاجد الحـرم كمسجد منى وفي عرفات أيضا وسائر بقاع الحرم ألنها مواضع النسك،

ولبى النبي صلى اهللا عليه وسلم بمزدلفة قالـه ابـن : قال في الفروعابن مسعود من منى إلى عرفة فقيل له ليس رواه مسلم، ولبى . مسعود

أجهل الناس أم نسوا؟ خرجت مـع : (اليوم يوم تلبية بل يوم تكبير فقالرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة

وال بأس أن يلبـي . رواه أحمد انتهى). إال أنه يخالطها تكبير أو تهليلللمحرم فلم تركه لغيره كسائر األذكار، تلبـي الحالل ألنها ذكر مستحب

المرأة استحبابا لدخولها في العمومات، ويعتبر أن تسمع نفسها التلبية

ألنها ال تكون متلفظة بذلك إال كذلك ويكره جهرها أكثـر مـن سـماع على أنه السنة في المـرأة أن ال رفيقتها، قال ابن المنذر أجمع العلماء

ما كره لها رفع الصوت مخافـة الفتنـة بهـا، ترفع صوتها انتهى، وإنويقطع الحاج التلبية عند رمي أول حصاة من جمرة العقبة، قال اإلمـام أحمد يلبي حتى يرمي جمرة العقبة يقطع عند أول حصاة وفاقا للحنفية

أن أسـامة كـان ردف (والشافعية ألن في الصحيحين عن ابن عباس إلى المزدلفة ثم أردف الفضل من النبي صلى اهللا عليه وسلم من عرفة

مزدلفة إلى منى فكالهما قال لم يزل النبي صلى اهللا عليه وسلم يلبـي : ، وللنسائي فلما رمى قطع التلبية، ورواه حنبل)حتى رمى جمرة العقبة

قطع عند أول حصاة، وأصح الروايتين عن مالك قطع التلبية إذا زالـت .الشمس من يوم عرفة

م ال يخلو من أربع حاالت ألنه إما أن يكـون محرمـا المحر): تنبيه( بعمرة متمتعا بها إلى الحج أو مفردا أو قارنا أو معتمرا عمـرة، ففـي حالة إحرامه بعمرة متمتعا بها إلى الحج أو بعمرة مفردة يقطع التلبيـة إذا شرع في طواف العمرة، وفي حالة إفراده بالحج أو قرانه بين الحج

يلبي سرا في طواف القدوم والسعي بعده ويكره له رفع والعمرة له أنالصوت بالتلبية لئال يشغل الطائفين عن طوافهم وأذكارهم، وفي حالـة ما إذا كان حاجا سواء كان متمتعا أو مفردا أو قارنا فإنه يقطع التلبيـة عند رمي أول حصاة من جمرة العقبة، واهللا أعلم، قـال اإلمـام أحمـد

عن فالن ثم ال يبـالي : إذا حج عن رجل يقول أول ما يلبي: رحمه اهللاأن ال يقول بعد، وذلك لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم للذي سمعه يلبي

وقد بوب للحديث أبـو ) لب عن نفسك ثم لب عن شبرمة(عن شبرمة

باب من حج عن غيره ولم : فقال. البركات المجد ابن تيمية في المنتقىإن النبي صلى اهللا عليـه : (قال عن ابن عباس يكن حج عن نفسه، ثممن شبرمة؟ قال أخ لـي : لبيك عن شبرمة قال: وسلم سمع رجال يقول

حج عن نفسـك ثـم : ال، قال: أو قريب لي قال حججت عن نفسك؟ قالفاجعل هـذه عـن : رواه أبو داود وابن ماجة، وقال). حج عن شبرمة

هذه عنك وحـج : (يه قالنفسك ثم احجج عن شبرمة، والدارقطني، وفقانتهى، وقد أخرج هذا الحديث أيضا ابن حبان وصـححه ). عن شبرمة

قال في . والبيهقي وقال إسناده صحيح، وليس في هذا الباب أصح منهوقد روى موقوفا والرفع زيادة يتعين قبولها إذا جاءت من : نيل األوطار

يمان، قـال طريق ثقة، وهي ههنا كذلك ألن الذي رفعه عبدة بـن سـل بن الحافظ وهو ثقة محتج به في الصحيحين وقد تابعه على رفعه محمد

بسر ومحمد بن عبيد اهللا األنصاري وكذا رجح عبد الحق، وابن القطان رفعه، ورجح الطحاوي أنه موقوف وتمامه فيه، وعند الشافعية التلبية

رام ال سنة وليست واجبة وفاقا لنا، وعند أبي حنيفة أنها من شرط اإلحيصح إال بها كالتكبير للصالة، وعند المالكية أنها واجبة يجب بتركهـا

.واهللا أعلم. دمينبغي أن يحذر الملبي في حال تلبيته مـن أمـور ): تنبيه مهم جدا(

من الضحك واللعب ونحو ذلك، وليكن مقبال على : يفعلها بعض الغافلينيجيـب ربـه وبارئـه ما هو بصدده بسكينة ووقار وليشعر نفسه أنه

سبحانه وتعالى، فإن أقبل على اهللا بقلبه مخلصا له في القول والعمـل خائفا من ربه راجيا له أقبل اهللا عليه وأثابه فإن الحج المبرور ليس له جزاء إال الجنة، وإن أعرض عن اهللا تعالى وتعلق على غيره وارتكـب

أو المباهاة، أعـرض شيئا من البدع أو الفسوق أو العصيان أو الرياءاهللا عنه وأحبط عمله، عياذا باهللا من الخذالن، ومن نزغات الشـيطان،

.واهللا الموفق والهادي إلى سواء السبيل :محظورات اإلحرام: باب -- ) أحدها: (وهي ما يحرم على المحرم فعله بسبب اإلحرام، وهي تسعة

وسواء في ذلك العمد إزالة الشعر من جميع بدنه ولو من أنفه بال عذر،وال تحلقوا رءوسكم حتى تبلغ الهدي : (والنسيان والجهل، لقوله تعالى

وهذا نص على حلق الرأس وألحق بالحلق القلع والنتف ونحوه، ) محلهوبالرأس سائر البدن ألنه في معناه؛ فإن كان للمحرم عذر من مرض أو

إبقـاء الشـعر قمل أو قروح أو صداع أو شدة حر لكثرته مما يتضرر بأزال الشعر وفدى كما لو احتاج ألكل صيد فأكله فعليه جـزاؤه لقولـه

فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو : (تعالىولما روى كعب بن عجرة رضي اهللا عنه عن رسـول ) صدقة أو نسك

لعلك آذك هوامك، قال نعم يا رسول: (اهللا صلى اهللا عليه وسلم أنه قالاحلق رأسك وصم ثالثة أيام : اهللا، فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

متفق عليه واللفظ للبخاري، وفي ). أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاةفقال احلقه واذبح شاة . أجل: كأن هوام رأسك تؤذيك؟ فقلت: (لفظ مسلم

). أو صم ثالثة أيام أو تصدق بثالثة آصع من تمر بين سـتة مسـاكين عب بن عجرة بضم العين وسكون الجيم وفـتح الـراء، ابـن أميـة وك

.البلوي، حليف األنصار شهد الحديبية ونزلت فيه آية الفديةأن يد كعب قطعت : وأخرج ابن سعد بسند جيد عن ثابت بن عبيد اهللا

وتـوفى بالمدينـة سـنة إحـدى . في بعض المغازي، ثم سكن الكوفة

، وقصة كعب حصلت وهو محرم مع وخمسين، وله في البخاري حديثانهو أمك بتشـديد المـيم، : النبي صلى اهللا عليه وسلم بالحديبية، وقوله

جمع هامة بتشديدها، والمراد بها هنا القمل كما جاء ذلك صريحا عـن كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول اهللا صـلى : (كعب حيث قال

ما كنت أرى الجهد قـد اهللا عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال .الحديث متفق عليه). بلغ بك ما أرى

تقليم األظفار ألنه إزالة جـزء مـن : من محظورات اإلحرام): الثاني( بدنه تحصل به الرفاهية فأشبه إزالة الشعر إال من عذر فيباح عند العذر كالحلق، وسواء كان التقليم من يد أو رجل أصلية أو زائـدة، وسـواء

أو قصا أو نحوهما وسواء في ذلك العمد والنسيان والجهل، كان تقليمافمن حلق ثالث شعرات فصاعدا أو قلم ثالثة أظفار فأكثر ولو مخطئا أو ناسيا فعليه دم شاة أو صيام ثالثة أيام أو إطعام ستة مسـاكين، هـذا

فـي أربـع : المذهب قاله القاضي وفاقا للشافعي، وعن أحمد روايـة ية، نقلها جماعة اختارها الخرقي، وقال أبو حنيفة ال شعرات تكون الفد

يجب الدم بدون ربع الرأس؛ ألن الربع يقوم مقام الكل وكذا في الرقبـة إذا حلق من رأسه ما أمـاط : كلها أو اإلبط الواحد أو العانة، وقال مالك

به األذى وجب الدم، ويأتي تفصيل الفدية في بابها إن شاء اهللا تعـالى، ثالث ألنها جمع وألحقت حالة عدم العذر بحالة وجوده ألنها وخصت بال

فبالقياس على الحلق ألنه في معنـاه : أولى بوجوب الفدية، وأما التقليمفي حصول الرفاهية، وفيما دون الثالث من الشعرات في األظفار في كل واحد طعام مسكين، ففي شعرة واحدة طعام مسـكين، وفـي شـعرتين

في تقليم ظفر واحد طعام مسكين، وفي ظفرين طعاما طعاما مسكينين، و

مسكينين، ألنه أقل ما وجب شرعا فدية، وفي قص بعض الظفر ما في جميعه وفي قطع بعض شعرة ما في جميعها، ففي بعض الظفر أو بعض الشعرة طعام مسكين، وفي شعرتين وبعض أخرى، أو ظفرين، وبعـض

وهو يجب فيهما سواء طاال أو آخر فدية كاملة، ألنه غير مقدر بمساحة قصرا كالموضحة يجب المقدر فيها مع كبرها وصغرها، وإن حلق رأسه مثال أو قص ظفره بإذنه، فالفدية على المحلوق رأسه دون الحالق وفاقا لمالك والشافعي، وإن حلق رأسه أو قص ظفره بال إذنه لكنه سكت ولم

ألن اهللا على المحلوق رأسه ينه الحالق ولو كان الحالق محرما فالفديةتعالى أوجب الفدية بحلق الرأس مع عمله أن غيره يحلقه، وألن الشعر أمانة عند كوديعة فإذا سكت ولم ينه الحالق فقد فرط فيه فيضمنه، وال شيء على الحالق ونحوه ولو محرما ألنه محظور واحد فـال يوجـب

قليم ظفره فحلقه أو فديتين، ولو أكره المحرم على حلق شعر نفسه أو تقلمه بيده مكرها فالفدية عليه ألنه إتالف وهو يستوي فيه من باشـره طائعا أو مكرها، وإن كان المحرم المحلوق رأسه مكرها وحلق رأسـه بيد غيره أو كان نائما وحلق رأسه فالفدية على الحالق، نـص عليـه

ه كحلـق محـرم وفاقا لمالك، وكذا قلم ظفره ألنه أزال ما منع من إزالترأس نفسه، وألنه ال فعل من المحلوق رأسه كـإتالف أجنبـي وديعـة

. غيره، وقيل على المحلوق رأسه وفقا ألبي حنيفة، وللشافعي القـوالن :قلت حاصل ذلك أن المحرم المحلوق رأسه ونحوه له أربع صور

.أن يحلق زيد رأس عمرو بإذن عمرو: األولى .عمرو مع سكوت عمرو أن يحلق زيد رأس: الثانية

أن يكره زيد عمرا على حلق رأس عمرو بيده، أعنـي بيـد : الثالثة .عمرو

أن يكره زيد عمرا على حلق رأس عمرو بيد زيـد أو كـان : الرابعة عمرو نائما وحلق زيد رأس عمرو، فالفدية في الصور الثالث األولـى

لق، ومثل ذلـك على عمرو، والفدية في الصورة الرابعة على زيد الحايقال في الظفر ونحوه، واهللا سبحانه أعلم، ومن طيب غيـره والغيـر محرم فكحالق، فإن كان بإذنه أو سكت ولم ينهه فالفدية على المفعـول به، وإن كان مركها أو نائما فعلى الفاعل، ويأتي أنه ال فدية على مـن

و قلـم تطيب مركها إن شاء اهللا تعالى، وإن حلق محرم شعر حـالل أ المحرم أظفار حالل أو طيب المحرم حالال بال مباشر طيـب أو ألـبس محرم حالال مخيطا فال فدية على المحرم وفاقا لمالك والشافعي إلباحـة ذلك للحالل وألنه شعر أو ظفر مباح اإلتالف، فلم يجب بإتالفـه جـزاء

.يتصدق بشيء كبهيمة األنعام، وعند أبي حنيفةن في إزالة الشعر، وفي الطيب وفي اللبس واحـد وحكم الرأس والبد

ألنه جنس واحد لم يختلف إال موضعه، فإن حلق شعر رأسـه وبدنـه ففدية واحدة كما لو لبس قميصا وسراويل أو تطيب في رأسه وبدنه أو لبس فيهما فعليه فدية واحدة ألن الحلق إتالف هو آكد من ذلـك ومـع

إن حلق من رأسه شعرتين ومن بدنه ذلك ففيه فدية واحدة فهنا أولى، وشعرة أو حلق من بدنه شعرتين، ومن رأسه واحدة فعليه دم أو صـيام ثالثة أيام أو إطعام ستة مساكين كما لو كانت من موضع واحـد، وإن خرج في عينيه شعر فقلعه فال شيء عليه أو نظل شعر حاجبيه فغطـى

له إزالته مـن غيـر عينيه فإزالة فال شيء عليه ألن الشعر آذاه فكان

فدية كقتل الصيد الصائل، بخالف ما إذا حلق شعره لقمل أو صـداع أو شدة حر فتجب الفدية ألن األذى من غير الشعر وكذا إن انكسر ظفـره

أو قطع إصبعا فقصه ألنه يؤذيه بقاؤه وكذا إن وقع بظفره مرض فأزاله بع ال يفـرد بحكـم بظفرها أو جلدة عليها شعر فهدر ألنه زال تبعا والتا

كقطع أشفار عيني إنسان يضمنها دون أهدابها أو افتصد فـزال شـعر فهدر وإن لم يمكن مداواة مرضه إال بقصه قصه وفدى، قال أبـو داود في مسائله ألحمد وساق بسنده إلى عطاء قال يعصر المحـرم القرحـة

وإن خلل المحرم لحيته أو مشـطها أو خلـل رأسـه أو . والدمل انتهىطه فسقط منه شعر ميت فال شيء عليه، قال اإلمام أحمد رحمه اهللا مش

إن خلل لحيته فسقط إن كان شعرا ميتا فال شيء عليه انتهـى، : تعالىوإن تيقن أن الشعر بان بالمشط أو التخليل فدى، وتستحب الفدية مـع الشك في كونه بان بمشط أو كان ميتا احتياطا لبراءة ذمتـه وال يجـب

صل عدمه، وللمحرم حك بدنه ورأسه برفق نص عليه أحمد مـا ألن األلم يقطع شعرا فيحرم عليه، وللمحرم غسل رأسه وبدنـه فـي حمـام وغيره بال تسريح، ألن تسريحه تعريضا لقطعه روى ذلك عـن عمـر

ألن النبي (وعلي وابن عمر وجابر وغيرهم وفاقا ألبي حنيفة والشافعي ه وهو محرم ثم حرك رأسه بيديه فأقبل صلى اهللا عليه وسلم غسل رأس

ال يزيد : (متفق عليه حديث أبي أيوب، واغتسل عمر وقال) بهما وأدبررواه مالك والشافعي، وقد روي عن ابن عباس، ). الماء الشعر إال شعثا

قال ربما قال لي عمر ونحن محرمون بالجحفة تعال أباقيك أينا أطـول ى أباقيك أصابرك في البقـاء تحـت رواه سعيد، ومعن. نفسا في الماء

الماء ليعلم أينا أطول نفسا فيه، وكره اإلمام مالك للمحرم أن يغطس في

والكراهة تفتقـر إلـى دليـل : الماء ويغيب فيه رأسه، قال في الفروع .انتهى

وإذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره : قال شيخ اإلسالم ن يغتسل من الجنابة باالتفاق وكـذلك وإن تيقن أنه انقطع بالغسل وله أ

وللمحر غسل رأسـه بسـدر وخطمـى وصـابون . لغير الجنابة انتهىفي المحرم الذي وقصـته : وأشنان ونحوها لقوله صلى اهللا عليه وسلم

وقيس على السدر ) اغسلوه بماء وسدر مع بقاء اإلحرام عليه(راحلته توعب والموفق في ما يشبهه، وذكر جماعة أنه يكره وجزم به في المس

المغني والشارح وابن رزين وحكاه الموفق عن أبـي حنيفـة ومالـك والشافعي لتعرضه لقطع الشعر، وعنه يحرم والصحيح الجـواز وقالـه القاضي وغيره وهو ظاهر ما قدمه في الفروع، وصححه فـي الكـافي

، ومشى عليه في المنتهى واإلقناع وغيرهما، ورواية التحـريم وغيرهواهللا أعلم، وإن وقع في أظفاره مرض فأزالها من ذلك المرض ضعيفة،

فال شيء عليه وتقدم وإن انكسر ظفره فأزال أكثر مما انكسـر فعليـه فدية ما زاد على المنكسر لعدم الحاجة إلى إزالتـه بخـالف المنكسـر

تعمد تغطية رأس الذكر إجماعا لنهيـه ) الثالث من محظورات اإلحرام(سلم المحرم عن لبس العمائم والبرانس، وقولـه فـي صلى اهللا عليه و

واألذنان من الـرأس، ) وال تخمروا رأسه(الذي وقصته راحلته المحرم ومنه أيضا النزعتان والصدغ، والتحذيف والبياض فوق األذنين، فمـا كان من الرأس حرم على الذكر تغطيته ألن إحرام الرجـل فـي رأسـه

طى الرأس أو بعضـه حتـى أذنيـه فإن غ وإحرام المرأة في وجهها،قلنسوة طويلة أو كل ثوب : بالصق معتاد كعمامة وخرقة وبرنس بالضم

رأسه منه دراعه كانت أو جبة أو غير معتاد ولو بقرطاس فيه دواء أو ال دواء فيه وكعصابة لصداع ونحوه كرمد ولو يسيرا وطين طاله به أو

الفدية وفاقـا لألئمـة بحناء أو غيره ولو بنورة حرن بال عذر وعليهالثالثة ألنه فعل محرما في اإلحرام يقصد به الترفه أشبه حلق الـرأس، فإن فعل ما تقدم من التغطية عمدا لعذر كمرض وبرد شديد جاز ذلـك

وإن كان ناسيا أو جاهال أو مكرهـا : وعليه الفدية وفاقا لألئمة الثالثةإذا اسـتيقظ : لإلمـام أحمـد فال شيء عليه، قال أبو داود في مسائله

المحرم من منامه وقد غطى رأسه فليكشفه عنه وال شيء عليه وليفزع إلى التلبية انتهى، وإن ستره بغير الصق بأن استظل في محمل ضـبطه الجوهري وصاحب القاموس كالمجلس وعكس ابن مالك، ونحوه مـن

ـ رم هودج وعمارية ومحارة، ومثل ذلك سيارة غير مكشوفة ونحوها حبال عذر وفدى ألن ابن عمر رأى على محرم عودا يستره من الشـمس فنهاه عن ذلك، رواه األثرم واحتج به أحمد، وكذا لـو اسـتظل بثـوب ونحوه راكبا ونازال كالمحمل، ومثله االستظالل بالشمسـية إذا جعلهـا

ويـروى عـن : فوق رأسه ال حياله كما يأتي، قال الموفق في المغنيرأيت أحمد بن المعدل في الموقف في يوم حر شديد وقد : لالرياشي قا

ضحى للشمس فقلت له يا أبا الفضل هذا أمر قد اختلف فيه فلو أخـذت :بالتوسعة، فأنشأ يقول

آآ ضحيت له كي أستظل بظلهآ آ.إذا الظل أضحى في القيامة قالصا

فوا أسفا إن كان سعيك باطالآ آآ.ويا حسرتا إن كان حجك ناقصا

وعن اإلمام أحمد رواية بجواز االستظالل في المحمل وبالثوب ونحوه وفاقا ألبي حنيفة والشافعي فعلى هذه الرواية يجوز للمحرم الركوب في السيارة التي ليست مكشوفة وفي الطائرة وعليها يجوز له االسـتظالل

ورخص فـي االسـتظالل . بالشمسية وإن كان فوق رأسه، واهللا أعلمل ونحوه ربيعة والثوري، وروي ذلك عـن عثمـان وعطـاء، بالمحم

ويجوز للمحرم تلبيد رأسه بعسل وصمغ ونحوه لئال يدخلـه غبـار أو رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه (دبيب أو يصيبه شعث لحديث ابن عمر

ويجوز أن يحمل على رأسه شيئا كطبـق . متفق عليه) وسلم يهل ملبداه ألنه ال يستدام ويجوز أن ينصب بحياله ومكتل وأن يضع يده على رأس

أعتي بإزائه ومقابلته شيئا يستظل به كثوب عن الحر أو البرد أمسـكه حججنا مع النبي صلى (إنسان أو رفعه بعود لما روت أم الحصين قالت

اهللا عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبالال وأحدهما آخذ بخطـام رواه ) من الحر حتى رمى جمرة العقبـة ناقته واآلخر رافع ثوبه يستره

أحمد ومسلم، وأجاب اإلمام أحمد بأنه يسير ال يراد لالستدامة بخـالف االستظالل بالمحمل، ومثل نصب الثوب حيال المحرم نصـب الشمسـية حياله فال شيء على المستظل بها على المذهب، بخالف ما إذا كانـت

هب، وعلى الرواية األخرى فوق رأسه فقد تقدم أنه ال يجوز على المذايجوز ولو جعلها فوق رأسه، واهللا أعلم، ولو استظل بخيمة أو شـجرة ولو طرح عليها شيئا يستظل به تحتها أو استظل بسقف أو جدار ولـو

أن النبي صـلى اهللا عليـه (قصد به الستر فال شيء عليه لحديث جابر محرم ذكـر رواه مسلم، ولو غطى) وسلم ضربت له قبة بنمرة فنزلها

وجهه جاز وال إثم وال فدية، ومن خاف بردا أو استحى من عيب يطلع

عليه الناس في بدنه لبس وفدي، ويأتي ذلك إن شاء اهللا فـي الرابـع .ورات اإلحرامظوالسادس من مح

إذا مات المحرم لم يبطل إحرامه فيغسل بماء وسدر أو صابون ) فرع( كان ذكـرا ال يلـبس مخيطـا وال ونحوه ال كافور، ويجنب الطيب وإن

يغطي رأسه وإن كان أنثى ال يغطي وجهها وال يؤخذ شيء من شـعره أو ظفره، وإن فعل به ذلك فال فدية على فاعله لكن ظاهر الحديث أنـه يأثم لمخالفته قوله صلى اهللا عليه وسلم في الرجل الذي وقصته راحلته

طوه وال تخمروا رأسه، اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه وال تحن( .رواه الجماعة). فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا

وروي عدم بطالن إحرامه عن عثمان وعلي وابن عباس، وبه قـال : عطاء والثوري والشافعي وإسحق، وقال مالك واألوزاعي وأبو حنيفة

يبطل إحرامه بالموت ويصنع به كما يصنع بالحالل، وروي ذلـك عـن وطاوس ألنها عبادة شرعية فبطلت بالموت كالصالة عائشة وابن عمر

والصيام، ولنا حديث ابن عباس في الرجل الذي وقصته راحلته، وهـو حجة قاطعة يجب المصير إليها وال يصار إلى القياس مع وجود راحلته، وهو حجة قاطعة يجب المصير إلها وال يصار إلى القياس مـع وجـود

ابة في الحج أنه إذا توفي وقـد بقـي الدليل، وقد سبق في فصل االستنعليه بعض مناسك الحج أنها تفعل عند بعد موته، سواء كانت حجتـه فرضا أو نفال عن نفسه أو عن غيره، وهذا هو الذي مشى عليه فـي

: المنتهى واإلقناع وغيرهما، وهو المذهب، وقال البخاري في صـحيحه عليه وسلم أن يؤدي باب المحرم يموت بعرفة ولم يأمر النبي صلى اهللا

عنه بقية الحج ثم ذكر حديث الرجل الذي وقصته راحلته وهو واقـف

بعرفة، قال القسطالني في شرحه على صـحيح البخـاري بعـد قـول بقية الحج أي كرمي الجمار والحلق وطواف اإلفاضة ألن أثر : المصنف

صلى اهللا إحرامه باق ألنه يبعث يوم القيامة ملبيا، وإنما لم يأمر النبي عليه وسلم أن يؤدي عنه بقية الحج ألنه مات قبل الـتمكن مـن أداء بقيته فهو غير مخاطب به كمن شرع في صالة مفروضـة أول وقتهـا فمات في أثنائها فإنه ال تبعة عليه فيها إجماعا انتهى كالم القسطالني، وقد ذكرنا ذلك استطرادا وإال فموضع ذكره في فصل االسـتنابة تقـدم

: يأتي في فصل ثم يفيض إلى مكة شيء من ذلك، قال شيخ اإلسـالم ووأما الرأس فال يغطيه المحرم ال بمخيط وال غيره، فال يغطيه بعمامـة وال قلنسوة وال كوفية وال ثوب يلصق به وال غيره، ولـه أن يسـتظل تحت السقف والشجر، ويستظل في الخيمة ونحو ذلك باتفـاقهم، وأمـا

ل كالمحارة التي لها رأس في حال السير فهـذا فيـه االستظالل بالمحمنزاع، واألفضل للمحرم أن يضحي لمن أحرم له كما كان النبي صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه يضحون، وقد رأى ابن عمر رجال ظلل عليه فقال

أحرمت له، ولهذا كان السلف يكرهون القبـاب ضح لمن أأيها المحرم رأس، وأما المحامل المكشوفة فلم يكرهها على المحامل وهي التي لها

إال بعض النساك وهذا في حق الرجل دون المرأة، ولـيس للمحـرم أن يلبس شيئا مما نهى عنه النبي صلى اهللا عليه وسلم إال لحاجة والحاجة مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه أو مثل مرض نـزل

قدر الحاجة فإذا اسـتغنى عنـه به يحتاج معه إلى تغطية رأسه فيلبسإما بصيام ثالثة أيام، وإما بنسك كشـاة، وإمـا : نزع وعليه أن يفدي

بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو شعير أو مـد .من بر وإن أطعمه خبزا جاز انتهى

من محظورات اإلحرام لبس الذكر عمدا المخيط قل اللـبس أو : الرابع نه أو بعضه مما عمل على قدر الملبوس فيه مـن بـدن أو كثر في بد

بعضه من قميص وعمامة وسراويل وبرنس بضمتين، وهـو قلنسـوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه دراعة كانت أو جبة، والجمـع البـرانس ونحوها ولو درعا منسوجا أو لبدا معقودا ونحوه مما يعمل على قـدر

ا للرجلين وكالقفازين تثنيـة قفـاز شيء من البدن وكالخفين أو أحدهمشيء يعمل لليدين كما يعمل للبزاة، قال القاضـي أبـو يعلـى : كتفاحولو كان المخيط غير معتاد كجورب في كف وخف فـي رأس : وغيره

وران، وهو شيء يلبس تحت الخف كخـف، لمـا . فعليه الفدية انتهىمـا يلـبس : روى ابن عمر أن رجال سأل النبي صلى اهللا عليه وسلم

ال يلبس المحرم القميص وال العمامـة وال البـرنس وال : (المحرم؟ قالالسراويل وال ثوبا مسه ورس وال زعفران وال الخفـين إال أن ال يجـد

رواه الجماعـة، وفـي ) نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبينيقـول علـى : رواية ألحمد قال سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

أن رجـال نـادى فـي (ا المنبر وذكر معناه، وفي رواية للدارقطني هذوهي شاذة، يعني : قال في الفتح). المسجد ماذا يترك المحرم من الثياب

رواية الدارقطني، فتنصيصه على القميص يلحق به ما في معناه مـن الجبة والدراعة، والعمامة يلحق بها كل ساتر مالصق أو ساتر معتـاد،

يلحق بها الثياب وما في معناها، وال فرق بين قليل اللـبس والسراويل : وكثيره لظاهر الخبر، فإن لم يجد إزارا لبس سراويل لقول ابن عباس

من لـم يجـد : (سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يخطب بعرفات. متفق عليه). إزارا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين

أن أبا الشعثاء أخبره عن ابن عبـاس : و بن ديناروفي رواية عن عمرمن لـم يجـد : (أنه سمع النبي صلى اهللا عليه وسلم وهو يخطب يقول

إزارا ووجد سراويل فيلبسها، ومن لم يجد نعلين ووجد خفين فيلبسهما، رواه أحمد، وهذا بظـاهره ناسـخ ). ال: ليقطعهما؟ قال: ولم يقل: قلت

ألنه قال بعرفـات فـي وقـت الحاجـة، لحديث ابن عمر بقطع الخفينوحديث ابن عمر كان بالمدينة كما سبق في رواية أحمد والـدارقطني،

من لم يجد نعلين : (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عن جابر قالرواه أحمد ومسلم، ). فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل

شق إزاره وشد كل نصف على ومثل السراويل في المنع من اللبس لو ساق، ألنه في معناه ومتى وجد إزارا خلع السـراويل كـالمتيمم يجـد الماء، وإن اتزر المحرم بقميص فال بأس به ألنه ليس لبسـا للمخـيط المصنوع لمثله، وإن عدم نعلين أو وجدهما ولم يمكن لبسهما لضيق أو

زر بول وكنادر غيره لبس خفين ونحوهما من ران وغيره كسر موزة وبال فدية لظاهر الخبر المتقدم، ولو وجبت لبينها ألن تأخير البيان عـن

وإن وجد نعال ال يمكنه : المنتهىفي شرح وقت الحاجة ال يجوز، وقال هذا المذهب وقدم فـي : لبسها فلبس الخف فدى نصا، قال في اإلنصاف

ـ اع، انتهـى الفروع، واختار الموفق وغيره ال فدية، وجزم به في اإلقنوإذا ليس الخفين لعدم النعلـين لـم يلزمـه . كالمه في شرح المنتهى

قطعهما في المشهور عن أحمد، وفي المنتهى واإلقناع وغيرهما يحرم قطعهما لحديث ابن عباس وجابر السابقين فإنهما لم يذكرا فيهما قطـع

قطع الخفين فساد، وألن الخف ملبوس أبيح لعدم : الخفين، ولقول عليغيره أشبه لبس السراويل من غير فتق عند عدم اإلزار ولنهي النبـي

: صلى اهللا عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال أبو الشعثاء البن عباسالخفـان : رواه أحمد، وروى أيضا عن عمر. ال: ليقطعهما؟ قال: لم يقل

نعالن لمن ال نعل له، وعن اإلمام أحمد رواية بقطع الخفين ونحوهمـا كونا أسفل من الكعبين، وجوزه جمـع، قـال الموفـق وغيـره، حتى ي

واألولى قطعهما عمال بالحديث الصحيح حديث ابن عمر وخروجا مـن الخالف وأخذا باالحتياط، قال الشارح والذي قاله صحيح فعلى روايـة القول بالقطع إذا لبس الخفين من غير قطع فدى وهو قول عروة بـن

والثوري، والشافعي، وإسحاق، وابن المنـذر، الزبير، ومالك بن أنس،. وأصحاب الرأي لحديث ابن عمر عن النبي صلى اهللا عليه وسلم وتقدم

وأجيب عن ذلك بأن زيادة القطع لم يذكرها جماعة، وروى أنهـا مـن قول ابن عمر ولو سلم صحة رفعها إلى النبي صلى اهللا عليـه وسـلم

فلو كان القطع واجبـا لبينـه فهي بالمدينة، وخبر ابن عباس بعرفات،صلى اهللا عليه وسلم للجمع العظيم الذي لم يحضر كثير منهم كالمه في

فإن قيل حديث ابن عمر فيـه . المدينة في موضع البيان ووقت الحاجةقيل خبر ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكـم وهـو . زيادة لفظ القطع

بالمدينة وهذا أولى من جواز اللبس بال قطع فيكون هذا الحكم لم يشرع العجب من أحمد في هذا : دعوى النسخ، وبهذا يجاب عن قول الخطابي

من قوله بعدم القطع فإنه ال يخالف سنة تبلغه وقلت سنة لـم تبلغـه، وفيما قاله الخطابي شيء فإنه قد يخالف لمعارض راجح كما هو عادة

عهم بين األخبـار، المتبحرين في العلم الذين أيدهم اهللا بمعونته في جم

فإن قلنا بالترجيح أمكن ترجيح المطلق بأنه ثابت من حديث ابن عباس وجابر كما تقدم، ورواية اثنين أرجح من رواية واحد أعني عبد اهللا بن عمر الذي نص في حديثه على القطع واهللا أعلم، قال في المغني فـإن

ه نص عليـه لبس المقطوع مع وجود النعل فعليه الفدية وليس له لبسأحمد، وبهذا قال مالك وقال أبو حنيفة ال فدية عليه ألنه لو كان لبسـه محرما وفيه فدية لم يأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم بقطعهمـا لعـدم الفائدة فيه، وعن الشافعي كالمذهبين، ولنا أن النبي صـلى اهللا عليـه

جـوز مـع وسلم شرط في إباحة لبسهما عدم النعلين فدل على أنه ال يوجودها، وألنه مخيط العضو على قدره فوجبت على المحـرم الفديـة

من وإن لبس مقطوعا : قال في اإلقناع وشرحه. يلبسه كالقفازين انتهىخف وغيره دون الكعبين مع وجود نعل حرم كلبس الصحيح ألن قطعه

قـال فـي . كذلك ال يخرجه عن كونه مخيطا وفدى للبسه كذلك انتهىوإن لبس خفا مقطوعا دون الكعبين مع وجود نعل حرم . ىشرح المنته .وفدى انتهى

واألفضل أن يحرم في نعلـين إن : وقال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى تيسر، والنعل هي التي يقال لها التاسومة، فإن لم يجد نعلين لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين فإن النبي صلى اهللا عليه وسـلم أمر بالقطع أوال ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمـن لم يجد إزارا، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص في المقطوع أوال ألنه يصير بالقطع كالنعلين ولهذا كان الصـحيح أنـه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين مثل الخف المكعب والجمجم والمـداس

اء كان واجدا للنعلين أو فاقدا لهما، وإذا لم يجد نعلـين ونحو ذلك سو

وال ما يقوم مقامهما مثل الجمجم والمداس ونحو ذلك فلـه أن يلـبس الخف وال يقطعه، وكلك إذا لم يجد إزارا فإنه يلبس السراويل وال يفتقه، هذا أصح قولي العلماء ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رخص في البدل

قـال فـي . كما رواه ابن عباس انتهى كالمـه رحمـه اهللا في عرفاتوذكر القاضي جوازه وابن عقيل في مفرداته وصاحب المحرر : الفروع

ألنه لـيس بخـف، : وشيخنا، يعني جواز لبس المقطوع مع وجود نعلوإنما أمرهم بالقطع أوال ألن رخصة البدل لم تكن شرعت ألن المقطوع

نما المباح بطريق البدل الخـف المطلـق يصير كنعل فإباحته أصلية، وإانتهى كالم الفروع، وهو وجيه موافق لكالم شيخه شيخ اإلسالم، قـال

ويباح للمحرم النعل لمفهوم ما سبق، وهي الحذاء : في اإلقناع وشرحهوهي مؤنثة وتطلق على التاسومة ولو كانت النعل بعقب وقيـد، وهـو

قتضى الحديث سـنية لـبس قلت م. السير المعترض على الزمام انتهى .النعلين عند اإلحرام، واهللا أعلم

وال يعقد المحرم عليه شيئا من منطقة وال رداء وال غيرهما لقول ابن رواه الشافعي، وليس له أن يجعل للمنطقـة ) وال يعقد عليه شيئا(عمر

والرداء ونحوهما زرا وعروة وال يخله بشوكة أو إبـرة أو خـيط وال ه في إزاره فإن فعل من غير حاجة أثم وفدى ألنه كمخـيط، يغرز أطراف

ومثل ذلك الحزام الذي يجعل فيه رصاص البندق فإنه ممنوع لبسه على المحرم إذا زره قياسا على المنطقة التي لها زر وعروة مـا لـم يكـن

.حاجة للبسه كخوف، واهللا أعلمعقده، قـال ويجوز للمحرم شد وسطه بمنديل وحبل ونحوهما إذا لم ي

اإلمام أحمد في محرم حزم عمامته على وسطه ال يعقدها ويدخل بعضها

في بعض الندفاع الحاجة بذلك، قال طاوس فعله ابن عمر إال إزاره فله عقده لحاجة ستر العورة وإال هميانه ومنطقته اللذين فيهما نفقته إذا لم

عن ابن عباس ، وروي )أوثق عليك نفقتك(يثبتا إال بالعقد لقول عائشة وابن عمر معناه، بل رفعه بعضهم، وألن الحاجة تدعو إلـى عقـدهما فجاز كعقد اإلزار، فإن ثبتا بغير العقد، كما لو أدخل السيور بعضها في بعض لم يجز عقدهما إال لحاجة وكما لو لم يكن فيهما نفقة وإن لم يكن

لبسـهما في منطقة أو هميان نفقة لم يعقدهما، فإن عقدهما ولو كـان لحاجة أو وجع ظهر فدى كما لو لبس مخيطا لحر أو برد، ولـه حمـل جراب وقربة الماء في عنقه وال فدية عليه وال يدخل حبلها في صـدره

قلت ومثله حمل الساعة وجعل حبل الكيس في عنقه، وأمـا . نص عليهإذا جعل الساعة في ذراعه وزرها فالظاهر أنه ال يجوز قياسـا علـى

ولـه أن : قال شيخ اإلسالم. التي لبسها لغير حاجة واهللا أعلم المنطقةيعقد ما يحتاج إلى عقده كاإلزار وهميان النفقة، والرداء ال يحتاج إلـى عقده فال يعقده وإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع واألشبه جوازه حينئـذ، وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ فيه نزاع وليس على تحريم

دليل إال ما نقل عن ابن عمر أنه كره عقد الـرداء، وقـد اختلـف ذلك المتبعون البن عمر فمنهم من قال هو كراهة تنزيه كأبي حنيفة وغيره،

ويجوز للمحرم أن يلتحـف . ومنهم من قال كراهة تحريم انتهى كالمهعدا رأسـه ويرتـدي بـه وبـرداء بقميص، أعني يغطي به جسده ما

ولو لبس إزارا موصال أو اتشح بثوب مخيط أو :موصلز قال في اإلقناعاتزر به جاز انتهى ألن ذلك كله ليس بلبس للمخيط المصـنوع لمثلـه،

وقد أحرم عمر بن الخطاب رضي اهللا عنه مرة فـي رداء فيـه بضـع .عشرة رقعة

وإذا طرح على كتفيه قباء ونحوه كعباءة فدى ولو لم يدخل يديه فـي روى ابن المنذر مرفوعا أنه نهـى عـن لـبس كميه، هذا المذهب لما

األقبية للمحرم ورواه البخاري عن علي وألنه عادة لبسه كـالقميص، وقال الخرقي في مختصره وإن طرح على كتفيه القباء فال يدخل يديـه

ظاهر هذا اللفظ إباحة لبس القبـاء : في الكمين، قال الموفق في المغنيالحسن وعطاء وإبراهيم، وبه قـال ما لم يدخل يديه في كميه وهو قول

إذا أدخل كتفيه في القباء فعليه : أبو حنيفة، وقال القاضي وأبو الخطابالفدية وإن لم يدخل يديه في كميه وهو مذهب مالك والشـافعي ألنـه مخيط لبسه المحرم على العادة في لبسه فلزمته الفدية إذا كان عامـدا

صلى اهللا عليه وسلم نهى عـن كالقميص، وروى ابن المنذر أن النبيلبس األقبية، ووجه قول الخرقي ما تقدم من حديث عبد الـرحمن بـن عوف في مسألة إن لم يجد إزارا لبس السراويل، وإن لم يجـد نعلـين لبس الخفين، وألن القباء ال يحيط بالبدن فلم تلزمه الفدية بوضعه على

به، وقياسهم منقوض كتفيه إذا لم يدخل يديه في كميه كالقميص يتشحبالرداء الموصل، والخبر محمول على لبسه مع إدخال يديه في كميـه، انتهى كالم الموفق، فعلى اختيار الخرقي والموفق، ومن تقدم ذكـرهم يجوز للمحرم طرح العباءة ونحوها على كتفيه من غير أن يدخل يديـه

حرم أن يلبس وكذلك يجوز للم: قال شيخ اإلسالم. في الكمين واهللا أعلمكل ما كان من جنس اإلزار والرداء فله أن يلتحـف بالقبـاء والجبـة والقميص ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق األئمة عرضا ويلبسـه مقلوبـا

يجعل أسفله أعاله ويتغطى باللحاف وغيره لكـن ال يغطـي رأسـه إال القمـيص لحاجة، والنبي صلى اهللا عليه وسلم نهى المحرم أن يلـبس

رنس والسراويل والخف والعمامة ونهاهم أن يغطوا رأس المحـرم والببعد الموت وأمر من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هـذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه النبي صلى اهللا عليه وسلم، فما كان في معنى القميص فهو مثله، وليس له أن يلبس القمـيص ال بكـم وال

ل فيه يديه أو لم يدخلهما، وسواء كان سـليما أو بغير كم، وسواء أدخمخروقا، وكذلك ال يلبس الجبة وال القباء الذي يدخل يديه فيه وكـذلك الدرع وأمثال ذلك باتفاق األئمة، وأما إذا طرح القباء على كتفيه مـن غير إدخال يديه ففيه نزاع، وهذا معنى قول الفقهاء ال يلبس المخـيط،

ن اللباس على قدر العضو، وكذلك ال يلبس ما كـان والمخيط ما كان مفي معنى الخف كالموق والجورب ونحو ذلك، وال يلبس ما كـان فـي

.انتهى كالمه رحمه اهللا. معنى السراويل كالتبان ونحووإذا كان به شيء من قروح أو غيرها ال يحب أن يطلع عليـه أحـد

لبس وفدى كما لبس وفدى نص عليه أحمد، ولو خاف المحرم من بردلو اضطر إلى أكل صيد، وله لبس خاتم وتقلد بسيف لحاجة كخوف عدو

لما صالح رسول اهللا صـلى اهللا (ونحوه لما روى البراء بن عازب قال عليه وسلم أهل الحديبية صالحهم على أن ال يدخلها إال بجلبان السالح

جة ألنهم لم متفق عليه، وهذا ظاهر في إباحته عند الحا) القراب بما فيهيكونوا يأمنون أهل مكة أن ينقضوا العهد، ومنع اإلمام أمـد أن يتقلـد بالسيف لغير حاجة، وإنما منع أحمد من تقلده لغير حاجة ألنه في معنى

القياس يقتضي إباحته ألنه ليس في معنى اللبس : اللبس، وقال الموفق

ير حاجـة، كما لو حمل قربة في عنقه، وال يجوز حمل السالح بمكة لغال يحل ألحد أن يحمل (وهذا المذهب لما روى مسلم عن جابر مرفوعا

وقال أبو داود في مسائله ألحمد وساق بسنده إلى بسطام ) السالح بمكةبن مسلم قال سألت الحسن ومحمد بن سيرين عن الرجل يخـرج إلـى

قال المجد بن تيميـة . مكة ويحمل معه السالح فلم يريا به بأسا انتهىاعتمر (باب المحرم يتقلد بالسيف للحاجة، عن البراء قال : في المنتقي

النبي صلى اهللا عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل وعن ابن عمـر ) مكة حتى قاضاهم ال يدخل مكة سالحا إال في القراب

أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفـار قـريش (وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم علـى أن بينه

يعتمر العام المقبل وال يحمل سالحا عليهم إال سيوفا وال يقـيم إال مـا أحبوا فاعتمر في العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم، فلما أن أقـام

رواهما أحمد والبخـاري، وهـو ) بها ثالثة أيام أمروه أن يخرج فخرجى أن للمحصر نحر هديه حيث أحصر انتهى، والقـراب بكسـر دليل عل

القاف هو وعاء يجعل فيه راكب البعير سيفه مغمدا ويطرح فيه الراكب عصاه ونحوها ويعلقه في الرحل، ففي هذين الحديثين دليل على جـواز حمل السالم بمكة للعذر والضرورة فيخصص بهذين الحـديثين عمـوم

ال يحـل : (رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمقال . حديث جابر عند مسلمفيكون هذا النهي فيما عـدا مـن حملـه ) ألحد أن يحمل بمكة السالح

للحاجة والضرورة، ويخصص بهذين الحديثين أيضا عموم قـول ابـن حملت السالح في يوم لم يكن : (عمر رضي اهللا عنه للحجاج بن يوسف

رواه ). ح يدخل الحـرم يحمل فيه، وأدخلت السالح الحرم ولم يكن السال .البخاري

من محظورات اإلحرام تعمد الطيب إجماعا ألنه صـلى اهللا : الخامس عليه وسلم أمر يعلى بن أمية بغسل الطيب، وقال فـي المحـرم الـذي

) ال تمسـوه بطيـب (متفق عليهما، ولمسلم ) ال تحنطوه(وقصته ناقته أو شيء منهما، ولو فيحرم على المحرم بعد إحرامه تطييب بدنه وثيابه

كان التطييب له في غيره بإذنه، وكذا لو سكت ولم ينهه وتقدم، وسبق حكم ما لو تطيب قبل إحرامه ثم استدامه ويحرم على المحرم لبس مـا

وال ثوبا مسه زعفران (صبغ بزعفران أو ورس لحديث ابن عمر، وفيه لوجـه والورس نبت أصفر يكون باليمن تتخذ منه الحمـرة ل ) أو ورس

الورس نبات كالسمسم ليس إال بـاليمن : قاله الجوهري، وفي القاموس. يزرع فيبقى عشرين سنة، نافع للكلف طالء وللبهـق شـربا انتهـى

ويحرم على المحرم لبس ما غمس في ماء وردد أو بخر بعود ونحـوه كعنبر ألنه مطيب، ويحرم عليه أيضا الجلوس والنوم على مـا صـبغ

أو غمس في ماء ورد أو بخر بعود أو نحوه، فـإن بزعفران أو ورس فرش فوق الطيب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة والمباشرة غير ثياب بدنـه فال فدية بالنوم عليه وال بالجلوس عليه ألنه ال يعد مستعمال له، بخالف ثياب بدنه ولو صفيقة، ويحرم على المحرم االكتحال بمطيب واالستعاط

طيب ألنه استعمال للطيب أشبه شمه، ويحرم على بمطيب واالحتقان بمالمحرم قصد شم األدهان المطيبة كدهن ورد ودهن عود ودهن بنفسـج بفتح الباء والنون والسين معرب بوزن سفرجل، شـمه رطبـا ينفـع المحرورين وإدامة شمه ينوم نوما صالحا ومرباه ينفع من ذات الجنب

اله في القاموس، ودهن خيـري، وذات الرئة، نافع للسعال والصداع قوهو المنثور، ودهن زنبق بوزن جعفر يقال هو الياسمين قاله الشـيخ

والمعـروف : موسى الحجاوي في حاشية اإلقناع، وقال الشيخ منصورقال في القـاموس الزنبـق . أنه غيره لكنه قريب منه في طبعه انتهى

ه المذكورات فإن فعل وقصد شم هذ. دهن الياسمين وورد انتهى: كجعفرووجد رائحة الطيب حرم وفدى، ويحرم على المحرم اإلدهان باألدهـان المطيبة ألنها تقصد رائحتها وتتخذ للطيب أشبهت ماء الورد، ويحـرم

الغالية : على المحرم شم مسك وكافور وعنبر وغالية، قال في المصباح، ومـاء أخالط من الطيب، وتغليت بالغالية وتغللت إذا تطيبت بها انتهى

ورد وزعفران وورس وتبخر بعود ونحوه كعنبر ألنها هكذا تسـتعمل، ويحرم على المحرم أكل وشرب ما فيه طيب يظهر طعمه أو ريحه ولو مطبوخا أو مسته النار حتى ولو ذهبت رائحته وبقي طعمه ألن الطعـم مستلزم الرائحة ولبقاء المقصود منه، فإن بقي اللون فقط دون الطعـم

حة فال بأس بأكله لذهاب المقصود منه، وإن مس من الطيب ما ال والرائيتعلق بيده كمسك غير مسحوق وقطع كافور وقطع عنبر وقطع عـود ونحوه فال فدية عليه بذلك، ألنه غير مستعمل للطيب، وله شـم قطـع العود، ألنه ال يتطبب به إال بالتبخير، ولو شم الفواكه كلها من األتـرج

والسفرجل والموز وغيرهـا، وكـذا نبـات ومي والتفاح والبرتقال واللالصحراء كشيح، وخزامى، وقيصوم، وإذخر، ونحوه مما ال يتخذ طيبـا

.وكذا ما ينبته اآلدمي لغير قصد الطيب كحناء وعصفر. هو نبت يهري اللحم الغليظ وبذره القرطم انتهـى : قال في القاموس

ة واألكل ألنهما ال يدخالن في وله شم القرنفل والهيل وجعلهما في القهو

مسمى الطيب وإنما يستعمالن غالبا في األبازير، وقد نص الفقهاء على أن القرنفل ليس من الطيب فيكون الهيل من باب أولـى ألن القرنفـل أفضل األفاويه الحارة وأذكاها وأشهرها عند العرب، كمـا قـال امـرؤ

:القيس في معلقته المشهورة تضوع المسك منهماآآآ إذا قامتا

نسيم الصبا جاءت بريا القرنفآلآإذا تقرر هذا فإن الهيل ال يدخل في مسمى الطيب، واهللا أعلـم، ولـه

.شمالزرنب : دار صيني ومن أنواعه القرفة، وشم زرنب قال في القاموس

طيب أو شجر طيب الرائحة والزعفران انتهى، وللمحرم شم ما ينبتـه . يتخذ منه طيب كريحان فارسي، وهو الحبقاآلدامي لطيب وال

الفـوتنج، يشـبه : نبات طيب الرائحة فار سـيته : قال في القاموس الفوتنج النهري، وخص الريحـان : النمام، وحبق الماء وحبق التمساح

. الفارسي بعض العلماء بالضميران، وهو صنف من الريحان الفارسـي بالريحان الجمـام السـتدارته هو العنبج المعروف بالشام: قال بعضهم

على األصل واحد انتهى، وماء ريحان وفواكـه والعصـفر والقرنفـل والريحان : ونحوها كهو فيحل للمحرم استعماله، قال في اإلقناع وشرحه

عند العرب هو اآلس وال فدية في شمه قطعا قاله في المبدع انتهى، قال فديـة فـي شـمه والريحان عند العرب اآلس وال: في شرح المنتهى

.انتهىذكر الفقهاء أن الريحان نوعان أحدهما يسمى عنـد العـرب ): تنبيه(

اآلس واآلخر يسمى الريحان الفارسي وهو الحبق وأنه ال فديـة فـي

شمهما، والمعروف اآلن من الريحان بالديار النجدية نوع مـن أفخـر أعلـم، الطيب سوى المذكورين وفيه الفدية إذا قصد المحرم شمه واهللا

النـرجس بفـتح النـون وكسـرها : وله شم نرجس قال في القاموسمعروف نافع شمه للزكام والصداع الباردين وأصله منقوع في الحليـب ليلتين يطلى به ذكر العنين فيقيمه ويفعل عجيبا انتهى، والنرجس بفتح النون وكسرها وكسر الجيم أعجمي معرب، وله شم التمام، قـال فـي

التمام نبت طيب مدر يخرج الجنين الميت والدود ويقتل القمل القاموس وله شم . وخاصته النفع من لسع الزنانير شربا مثقاال بسكنجبين انتهى

برم وهو ثمر العضاة كأم غبالن وهي شجر السمر، وله شم مرزجوش، بالفتح المرد قوش معرب مـر رنكـوش وعربيتـه : قال في القاموس

ول والمغص ولسعة العقرب واألوجاع العارضة السمسق نافع لعسر البمن البرد والماليخوليا والنفخ واللقوة وسيالن اللعاب من الفم مدر جدا

الثاني ما ينبته : قال في المغني. مجفف رطوبات المعدة واألمعاء انتهىاآلدميون للطيب وال يتخذ منه طيب كالريحان الفارسـي والمرزجـوش

أحدهما يباح بغير فدية قاله عثمان بـن : انوالنرجس والبرم ففيه وجهعفان وابن عباس والحسن ومجاهد وإسحق، واآلخر يحرم شمه فـإن فعل فعليه الفدية وهو قول جابر وابن عمر والشافعي وأبي ثـور ألنـه

.يتخذ للطيب فأشبه الوردوكرهه مالك وأصحاب الرأي ولم يوجبوا فيه شيئا، وكالم أحمد فيـه

ليس من آلة المحرم ولم يذكر فديته : فإنه قال في الريحانمحتمل لهذا وذلك ألنه ال يتخذ منه طيب فأشبه العصفر انتهى كالم صاحب المغني، والمذهب جواز شم المرزجوش والنرجس والبرم والريحـان الفارسـي

كما تقدم، ويفدي المحرم بشم ما ينبته اآلدمي لطيب ويتخذ منه كـورد لخاء وتشديد البـاء آخـره وهـو المنثـور، وبنفسج وخيري بكسر ا

ضـرب مـن : النيلوفر ويقـال النينـوفر : والنيلوفر، قال في القاموسالرياحين ينبت في المياه الراكدة بارد في الثالثة رطب في الثانية ملـين صالح للسعال وأوجاع الجنب والرئة والصدر، وإذا عجن أصله بالمـاء

.انتهى. الثعلبعجن بالزفت أزال داء وطلى به البهق مرات أزاله، وإذاالبان شجر ولحب : ويقدي المحرم بشم ياسمين وبان قال في القاموس

ثمره دهن طيب وحبه نافع للبرش والنمش والكلف والحصف والبهـق والسعفة والجرب وتقشر الجلد طالء بالخل وصـالبة الكبـد والطحـال

غما خاصا انتهى، ويفدي شربا بالخل، ومثقال منه شربا مقيء مطلق بلبشم الزنبق وال فدية بادهان بدهن غير مطيب كزيت شـيرج وسـمن ودهن البان حتى في رأسه لحديث ابن عمر أن النبي صلى اهللا عليـه

رواه أحمـد وابـن ماجـة ) ادهن بزيت غير مقتت وهو محرم(وسلم والترمذي وقال هذا حديث غريب ال نعرفه إال من حديث فرقد السنجي،

عن سعيد بن جبير عن ابن عمر وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد، وقد روى عنه الناس انتهى، وحديث ابن عمر هذا في إسناده المقال الـذي

غير مقتت، قـال : أشار إليه الترمذي ومن عدا فرقدا فهم ثقات، وقولهطبخ فيه الرياحين أو خلـط بأدهـان طيبـة : زيت مقتت: في القاموس

قال ابن المنذر أجمع عوام أهل العلم علـى أن : في المغنيقال . انتهىللمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن، ونقل األثرم جواز ذلـك عن ابن عباس وأبي ذر األسود بن يزيد وعطاء والضحاك وغيـرهم،

الزيت الذي يؤكل ال يدهن المحرم به : ونقل أبو داود عن أحمد أنه قال

ه ال يدهن رأسه بشيء من األدهـان وهـو قـول رأسه، فظاهر هذا أنعطاء والشافعي ومالك وأبي ثور وأصحاب الرأي ألنه يزيـل الشـعث ويسكن الشعر، فأما دهن سائر البدن فال نعلم عن أحمد فيه منعا وإنما الكراهة في الرأس خاصة، وقال القاضي في إباحته في جميـع البـدن

ظاهر كالم أحمد سواء دهن رأسـه روايتان، فإن فعله فال فدية فيه في ولنا أن وجوب الفدية يحتـاج : أم غيره إال أن يكون مطيبا إلى أن قال

إلى دليل وال دليل فيه من نص وال إجماع، وال يصح قياسه على الطيب انتهى ملخصا، إذا تقرر هذا فالذي عليه أكثر ألصحاب إباحة األدهـان

لك إذا لم يكن فيه طيب حتى بالزيت والشيرج والسمن والشحم ونحو ذ: وقال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى. في رأسه وهو المذهب واهللا أعلم

وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوهما إذا لم يكن فيه .طيب ففيه نزاع مشهور، وتركه أولى انتهى

وإن جلس عند عطار أو جلس في موضع ليشم الطي فشمه مثل من كعبة حال تجميرها أو حمل شيئا فيه مسك ليجد ريحه فـدى إن قصد ال

شمه، نص عليه ألنه شمه قاصدا أشبه ما لو باشره فإن لم يقصد شمه كالجالس عند عطار لحاجة وكداخل السوق مثل السوق المسمى في مكة

، بالتصغير ال لشم طيب أو داخل الكعبة للصالة ال لشم طيـب، بسويقةلنفسه أو للتجارة وال يمسه فغير ممنـوع ألنـه ال وكمن يشتري طيبا

يمكن االحتراز منه ولمشتريه حمله وتقليبه إذا لم يمسه ولو ظهر ريحه ألنه لم يقصد الطيب ولم يسـتعمله، وقليـل الطيـب وكثيـره سـواء للعمومات، ولو قبل الحجر األسود وشم فيه طيبا لم يضره ذلك، ما لـم

.يقصد شم الطيب، واهللا أعلم

إذا تطيب ناسيا أو عامدا لزمه إزالته بمهما أمكن من المـاء ): تنبيه( وغيره من المائعات ألن القصد اإلزالة، فإن لم يجد مائعـا يزيـل بـه الطيب فإن يزيله بما أمكنه من الجاهدات كحكه بخرقة وتـراب وورق

ولـه . شجر وحجر وخشب ألن الواجب إزالته حسب اإلمكان وقد فعـل نفسه وال شيء عليه لمالقاة الطيـب ألنـه تـارك، واألفضـل غسله ب

االستعانة على غسله بحالل لئال يباشره ويقدم غسله على غسل نجاسة وحدث، لكن إن قدر على قطع رائحته بغير الماء فعل وتوضأ بالماء ألن

.المقصود من إزالة الطيب قطع رائحتهأكول وذبحه إجماعا السادس من محظورات اإلحرام قتل صيد البر الم

واصطياده ) يا أيها الذين آمنوا ال تقتلوا الصيد وأنتم حرم: (لقوله تعالىوأذاه ولو لم يقتله ) وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما: (لقوله تعالى

أو يجرحه في االصطياد أو األذى، وصيد البر هو ما كان وحشيا أصـال منه اعتبارا بأصله وال ضمان إن ال وصفا فلو تأهل كحمام وبط وظبا ض

توحش أهلي من إبل أو بقر أو غيرهما فال يحرم قتله لألكل وال جـزاء فيه، ويحرم قتل واصطياد متولد من المأكول وغيره كالسمع وهو ولـد

للتحريم كما غلبوا تحريم أكله على الحالل، لكن الضبع من الذئب تغليبا ، ويحرم قتله واصطياد متولـد بـين يفديه المحرم إذا قتله لتحريم قتله

وحشي وأهلي وبين وحشي وغير مأكول لما تقدم، فحمام وبط وحشيان وإن تأهال وبقر وجواميس أهلية وإن توحشت اعتبـارا باألصـل، وإذا أتلف المحرم صيدا أو تلف في يده أو بعضه بمباشرة أو سـبب ولـو

سائقا أو قائدا فعليـه بجناية دابة هو المتصرف فيها بأن كان راكبا أو

جزاؤه إن كان اإلتالف بيدها أو فمها ال برجلها نفحا وال وطئا، ومثـل .ذلك سائق السيارة إذا أتلف صيدا بمباشرة أو سبب، واهللا أعلم

ومن قتله : (أما كونه يضمنه بالجزاء إذا أتلفه فباإلجماع لقوله تعالى ).عممنكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من الن

وأما كونه يضمنه إذا تلف في يديه فألنه تلف تحت يد عادية أشبه ما .لو أتلفه، إذ الواجب على المحرم إما إرساله أو رده على مالكه

وأما ضمان جزئه باإلتالف والتلف فألن جملته مضـمونة فضـمنت أبعاضه كاآلدمي والمال، وإن انفلتت الدابة منه فأتلفت صيدا أو بعضـه

جزاء عليه، ويحرم على المحرم الداللة علـى الصـيد واإلشـارة فالواإلعانة ولو بإعارة سالح ليقتله أو يذبحه به سواء كان مع الصائد ما يقتله به أو ال، أو يناوله سالحه أو سوطه أو يدفع إليه فرسا ال يقـدر على أخذ الصيد إال به لحديث أبي قتادة المتفق عليه، ويضمن المحـرم

.بالداللة عليه واإلشارة إليه واإلعانة عليه بشيء مما تقدم دالصيوقد ذكروا أن من دفع لشخص آله فقتـل : قال الشيخ عثمان بن قائد

بها شخصا انفرد القاتل بالضمان، ولعل الفرق أن اآلدمي لما كان مـن شأنه الدفع عن نفسه وال يقدر عليه إال بمزيد قوة قويت المباشرة فلـم

ا السبب بخالف الصيد فإن من شأنه أن ال يدفع عـن نفسـه يلحق به .انتهى كالمه. فضعفت المباشرة فألحق بها السبب

وال ضمان على دال وال مشير بعد أن رآه من يريد صيده، وكذا لـو أعاره آلة لغير الصيد فاستعملها في الصيد ألن ذلك غيـر محـرم، وال

بالسبب، وال تحرم داللـة تحرم داللة على طيب ولباس لعدم ضمانهماحالل محرما على صيد بغير الحرم ألن صيد الحالل حالل بغير الحـرم

ومن قتلـه مـنكم : (فداللته أولى ويضمنه المحرم إذا قتله لقوله تعالىإال أن يكون الصـيد فـي الحـرم ) متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم

تحريم صيد الحرم على فيشترك الحالل والمحرم في الجزاء كالمحرمين لالحالل والمحرم، فإن اشترك في قتل صيد حالل ومحمر أو سبع ومحرم في الحل فعلى المحرم الجزاء جميعه ثم إن كان جـرح أحـدهما قبـل صاحبه والسابق بالجرح الحالل أو السبع فعلى المحرم جزاؤه مجروحا

محرم فجرحه اعتبارا بحال جنايته عليه ألنه وقت الضمان، وإن سبقه الوقتله الحالل أو السبع فعلى المحرم أرش جرحه فقط ألنه لم يوجد منه

.سوى الجرحقلت هكذا ذكر األصحاب، والظاهر أن المحرم إذا جرح الصيد جرحا ال

يتمكن معه من االمتناع وال يعيش بعده فإنه يلزمه جزاؤه كله، ولو قتله . سبحانه أعلمالحالل أو السبع بعد الجرح المذكور، واهللا

وإن كان جرحهما في حالة واحدة أو أحدهما بعد اآلخر ومات منهمـا فالجزاء كله على المحرم تغليبا للوجوب، وإذا دل محرم محرما علـى صيد ثم دل اآلخر آخرا ثم كذلك إلى عشرة مثال فقتله العاشر فـالجزاء

لـو دل حـالل على جميعهم الشتراكهم في اإلثم والتسبب في القتل، وحالال على صيد في الحرم فكداللة محرم محرما على الصـيد فيكـون جزاؤه بينهما نص عليه أحمد، وإن نصب حالل شبكة ونحوها ثم أحرم، أو أحرم ثم حفر بئرا بحق كأن حفرها بداره ونحوها من ملكه أو موات

لـم أو للمسلمين بطريق واسع لم يضمن ما تلف بذلك لعدم تحريمه ما يكن حيلة على االصطياد فإن كان حيلة ضمن، وإن لم يكن حفر البئـر بحق كحفرها بطريق ضيق ونحوه ضمن ما تلـف بهـا مـن الصـيد

كاآلدامي إذا تلف في هذه المسألة ويحرم على المحرم أكل ما صاده هو أو غيره من المحرمين أو ذبحه أو دل عليه حالال أو أعانـه عليـه أو

ث أبي قتادة المتفق عليه، ويحرم على المحرم أكل مـا أشار إليه لحديصيد ألجله لما في الصحيحين من حديث الصعب بـن جثامـة وعلـى المحرم الجزاء إن أكل ما صيد ألجله ألنه إتالف منع منه بسبب اإلحرام

قتل المحرم صيدا ثم يأكله فإنه يضمنه لقتله ال ألكله، نص عليه بخالف لم يتكرر كما يأتي، وإن أكل المحرم بعـض مـا ألنه مضمون بالجزاء ف

صيد ألجله ضمنه بمثله من اللحم لضمان أصله لو أكله كله بمثله مـن النعم وال مشقة في ضمان البعض بمثله من اللحم لجواز عدول المحرم إلى عدل البعض من طعام أو صوم، وال يحرم على المرء أكل غير مـا

عليه، فلو ذبح محل صيدا لغيره من صيد أو ذبح له إذا لم يدل ونحوه المحرمين حرم على المذبوح له لما سبق، وال يحرم على غيـره مـن المحرمين، وما حرم على محرم للداللة أو إعانة أو صيد أو ذبح لـه ال يحرم على محرم غير الدال أو المعين، أو الذي صيد أو ذبح له كمـا ال

دا ضمنه لقتله ال ألكله وتقـدم يحرم على الحالل، وإن قتل المحرم صيألنه ميتة يحرم أكله على جميع الناس كما يأتي، والميتة غير متمولـة فال تضمن، وبيض الصيد ولبنه مثله فيما سبق، ويحرم تنفير الصـيد، فإن نفره فتلف أو نقص في حال نفوره ضمن التالف بمثلـه أو قيمتـه

و بنقله فجعله تحـت وما نقص بأرشه، وإن أتلف المحرم بيض صيد ولصيد آخر أو لم يجعله أو ترك مع بيضه بيضا آخر فنفر أو جعـل مـع بيضه شيئا فنفر الصيد عن بيضه حتى فسد البيض ضمنه بقيمته مكانه

في بيض النعام قيمته، ويضم لبن الصيد بقيمتـه وال : لقول ابن عباس

ى بـيض يضمن البيض المذر وال ما فيه فرخ ميت ألنه ال قيمة لو سوالنعام فإن لقشرة قيمة فيضمنه بقيمته وإن كان مذرا أو فيه فرخ ميت، وإن باض على فراشه أو متاعه صيد فنقل البيض برفق ففسد البـيض بنقله فكجراد تفرش في طريقه فيضمنه، وإن كسر بيضة فخرج منهـا فرخ فعاش فال شيء فيه، وإن مات بعد خروجه ففيه ما فـي صـغار

صغير أوالد النغم، وفـي فـرخ : تلف بيضه، ففي فرخ الحمامأوالد المحوار بضم الحاء المهملة صغير أوالد اإلبل، وفيمـا عـداهما : النعامة

قيمته ألن غيرهما من الطيور يضمن بقيمته، وال يحل لمحرم أكل بيض الصيد إذا كسره هو أو محرم غيره ويحل للحالل، وإن كسـره حـالل

ألجل المحرم لم يبح للمحرم أكله كالصيد الذي فكلحم صيد إن كان أخذهذبح ألجله، وإن لم يكن الحالل أخذه ألجل المحرم أبيح للمحرم كصـيد ذبحه حالل ال لقصد المحرم، ولو كان الصيد مملوكا وأتلفـه المحـرم ضمنه جزاء لمساكين الحرم وقيمة لمالكه ألنهما سببان مختلفـان، وال

أعني ملكا متجددا بشراء ولـو بوكيلـه وال يملك المحرم الصيد ابتداءباتهاب وال باصطياد، فإن أخذه بأحد هذه األسباب ثم تلف فعليه جزاؤه، وإن كان مبيعا وتلف بيد المحرم المشتري فعليه القيمة لمالكـه ألنـه مقبوض بيد فاسد فيضمنه كصحيحه، وعليه الجزاء لمساكين الحـرم،

، وإن تلف في يده فعليه الجـزاء فقـط وإن أخذه المحرم رهنا لم يصحلمساكين الحرم، وال يضمنه لمالكه ألن صحيح الرهن ال ضـمان فيـه ففاسده كذلك وإن لم يتلف فعليه رده إلى مالكه لفساد العقد، فإن أرسل المحرم الصيد فعليه ضمانه لمالكه وال جزاء فيه، وعلـى المحـرم رد

د، وال يسترد المحرم الصيد الـذي الصيد المبيع أيضا لمالكه لفساد العق

باعه وهو حالل بخيار وال عيب في ثمنه وال غير ذلك، وإن رد الصـيد المشتري على البائع المحرم بعيب في الصيد أو خيار للمشـتري ذلـك لقيام سبب الرد ثم ال يدخل في ملك المحرم لعدم أهليته لتملكه، وعلـى

محرم إرساله، ويملك المحرم هذا يكون أحق به فيملكه إذا حل ويلزم الالصيد بإرث ألنه أقوى من غيره وال فعل منه، وفي معنى اإلرث تنصف الصداق كأن أصدق امرأته صيدا وهو حالل ثم طلقها وهو محرم عـاد نصفه عليه قهرا إذا كان الطالق قبل الدخول، وإن أمسك المحرم صيدا

يد قبـل إرسـاله أو حتى تحلل من إحرامه لزمه إرساله، فإن تلف الصذبحه بعد تحلله أو أمسك محرم أو حالل صيد حرم وخرج به إلى الحل ضمنه ألنه تلف بسبب كان في اإلحرام أو الحرم، أو ذبح محـل صـيد حرم مكة ضمنه وكان الصيد ميتة في الصور المتقدمة، قال في المنتهى

حالال وإن أمسكه أي الصيد محرما بالحرم أو الحل أو أمسكه: وشرحهبالحرم فذبحه المحرم ولو بعد حله من إحرامه أو ذبحه ممسكه بالحرم ولو بعد إخراجه من الحرم إلى الحل ضمنه وكان ما ذبح لغيـر حاجـة أكله ميتة نصا، ولو ذبح محل صيد حرم فكالمحرم فما لغير حاجة أكله

.ميتة انتهى ملخصايعنـي : كـالمحرم قـال قال الخلوتي في حاشيته على المنتهى قوله ف

.الشيخ منصورا في الحاشية، أي فيكون ميتة انتهىوإن أمسكه : انظر النكتة في ذكر المسألة مع اندراجها في قوله: أقول

.محرما أو حالال بالحرم إلى آخره وحرره، انتهى كالم الخلوتي

نظـرت فيـه : أقول. المنتهىقال بعض األذكياء فيما كتبه على شرح أن النكتة دفع توهم كون المراد من ذلك ذبـح حـالل أو محـرم فظهر

.صيدا الحرم طارئا ال أصليا انتهىوإن أحرم وفي يده صيد أو دخل الحرم المكي بصيد لم يزل ملكه عنه

فيرده من أخذه على مالكه إذا حل الستدامة ملكه عليه ويضـمنه مـن ال يزيل الملـك كالغصـب قتله بقيمته له لبقاء ملكه عليه، وزوال اليد

والعارية ويلزمه إرساله في موضع فيه وإزالة يده المشاهدة عنه مثـل معه ما إذا كان في قبضته أو رحله أو خيمته أو قفصه أو مربوطا بحبل

ونحوه دون يده الحكيمة مثل أن يكون الصيد في بيته أو بلـده أو يـد يد فعال فلم يلزمه شيء نائبه الحالل في غير مكانه ألنه لم يفعل في الص

وال يضمنه إذا تلف بيده الحكمية، وللمحرم نقل الملك في الصيد الـذي بيده الحكمية ببيع وغيره، ومن غصب الصيد من يد محرم حكمية لزمه رده إليها الستدامتها عليه فلو تلف الصيد في يد المحرم المشاهدة قبل

لم يضمنه، وإن تمكن من التمكن من إرساله بأن نفره ليذهب فلم يذهب إرساله فلم يرسله ضمنه، وكذا حكم من دخل الحرم بصيد، وإن أرسـل

.الصيد إنسان من يد المحرم المشاهدة قهرا لم يضمنهومن أمسك صيدا في الحل فأدخله الحرم المكي لزمه إرسـاله ألنـه

ومن ملك صيدا في الحـل : صار صيد حرم بحلوله فيه، قال في المغنيدخله الحرم لزمه رفع يده عنه وإرساله فإن تلف في يـده أو أتلفـه فأ

.فعليه ضمانه كصيد الحل في حق المحرمإن ذبحه فعليه الجزاء وروى ذلك عن ابن عمر، وممـن : قال عطاء

كره إدخال الصيد الحرم ابن عمر وابن عباس وعائشة وعطاء وطاوس

اهللا وسـعيد بـن وإسحاق وأصحاب الرأي، ورخص فيه جابر بن عبد جبير ومجاهد ومالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر ألنه ملكه خارجا وحل له التصرف فيه فجاز له ذلك داخل الحرم كصيد المدينة إذا أدخله

.حرمهاولنا أن الحرم سبب محرم للصيد ويوجب ضـمانه فحـرم اسـتدامة

ؤه كمـا لـو إمساكه كاإلحرام، وألنه صيد ذبحه في الحرم فلزمه جـزا صاده منه، وصيد المدينة ال جزاء فيه بخـالف صـيد الحـرم انتهـى ملخصا، أو أمسك صيدا في الحرم فأخرجه إلى الحل لزمه إرساله فـإن تلف في يده ضمنه كصيد الحل في حق المحرم إذا أمسكه حتى تحلـل، وإن قتل صيدا صائال عليه دفعا عن نفسه خشية تلفها أو خشية مضرة

أو إتالف ماله أو بعض حيواناته لم يضمنه ألنه قتله لدفع شره كجرحهفلم يضمنه كآدمي، أو تلف الصيد بسب تخليصه من شـبع أو شـبكة ونحوها ليطلقه أو أخذ الصيد محرم ليخلص من رجله خيطا أو نحـوه فتلف بذلك لم يضمنه ألن فعل أبيح لحاجة الحيوان، ولو أخـذ الصـيد

عة عنده فال ضمان عليه إن تلف بـال تعـد وال محرم ليداويه فهو وديتفريط ألنه محسن، وللمحرم أخذ ما ال يضر الصيد كيد متآكلـة ألنـه مصلحة الحيوان فإن مات بذلك لم يضمنه، وإن أزمن المحـرم الصـيد فعليه جزاؤه ألنه كتالف، وال تأثير لحرم وال إحرام في محرم األكل غير

با للحظر كما تقدم، ومحرم األكل ثالثـة المتولد بين مأكول وغيره تغلي :أقسام

الفواسق وهي الحدأة بوزن عنبة والجمع حداء بحذف الهـاء : األول غزالن، والغراب األبقع وغراب البين والفأرة والحية : وحدآن أيضا مثل

أمر رسول اهللا صلى اهللا : (والعقرب والكلب العقور، لحديث عائشة قالتالحـدأة، والغـراب، : مس فواسق في الحل والحرمعليه وسلم بقتل خ

.والفأرة، والعقرب، والكلب العقور، متفق عليهوما يباح أكله من الغربان وهو غراب الزرع أحمر الرجلين والمنقار

وقد اتفـق العلمـاء علـى : ال يباح قتله ألنه من الصيد، قال في الفتحيقال له غراب الزرع إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك و

وأفتوا بجواز أكله يعني في غير الحرم واإلحرام فبقي مـا عـداه مـن .الغربان ملحق باألبقع انتهى

لحديث عائشة المذكور لكن ذكـر ويستحب قتل الفواسق المذكورات .الفقهاء في كتاب الصيد أن الكلب العقور يجب قتله

إن لـم يوجـد منـه أذى كل ما كان من طبعه األذى و: القسم الثاني كاألسد والنمر والذئب والفهد والبازي والصـقر والشـاهين والعقـاب والحشرات المؤذية كالحية والزنبـور والبـق والبعـوض والبراغيـث

.ونحوها فكل هذه يستحب قتلها في الحل والحرامما ال يؤذي بطبعه كالرخم والبوم والديدان فـال تـأثير : القسم الثالث

ويجوز قتله، : لإلحرام فيه وال جزاء في ذلك، قال في المبدعللحرم وال .وقيل يكره وجزم به في المحرر وغيره، وقيل يحرم انتهى

بعيره وهو نزع القراد عنـه وفاقـا ألبـي وال بأس أن يقرد المحرم حنيفة والشافعي، وعند مالك ال يجوز، ويحرم على المحـرم ال علـى

ألنه يترفه بإزالته كإزالة الشـعر وقتـل الحالل ولو في الحرم قتل قملمن رأسه وبدنه وباطن ثوبه ويجوز من ظاهره قال : صئبانه ألنه بيضه

القاضي أبو يعلي وابن عقيل، وظاهر كالم الموفق والشـارح العمـوم

وجزم به ابن رزين وغيره، وقدمه في الرعاية الكبرى وغيرها وهـو حيح الفروع وهو ظاهر ظاهر كالم كثير من األصحاب وصححه في تص

كالم صاحب المنتهى، ولو كان قتله للقمل وصئبانه بزئبق ونحوه فيحرم في اإلحرام فقط وكذا رميه لما فيه من الترفه وال جـزاء فـي القمـل وصئبانه إذا قتله أو رماه أشبه البعوض والبراغيث لخبر كعب، وألنه ال

المذهب قدمه في قيمة له كسائر المحرم المؤذي وهذا هو الصحيح منالمغني والشرح وشرح ابن رزين وصححه في الـنظم وصـححه فـي تصحيح الفروع أيضا ومشى عليه في المنتهى واإلقناع، وعن اإلمـام أحمد رواية يتصدق بشيء إن قلنا بحرمة قتله وفاقا للحنفية والمالكية وجزم به في الهداية والمستوعب والمحـرر والرعـايتين والحـاويين

.رهموغيوعن اإلمام أحمد رواية ثالثة بجواز قتل القمل للمحرم جزم بها فـي

الوجيز والتصحيح وغيرهما، وال يحرم باإلحرام صيد البحـر واألنهـار واآلبار والعيون ولو كان مما يعيش فـي البـر والبحـر كالسـلحفاة

أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعـا : (والسرطان ونحوهما لقوله تعالىإال في الحرم ولو للحالل كصيد من آبار الحـرم وبركـه ) م وللسيارةلك

ماجن بالنون ألنه حرمى أشبه صيد الحرم وألن حرمة الصيد للمكان فال فرق، وطير الماء والجراد من صيد البر فيضمن بقيمته في مكانه ألنـه متلف غير مثلى، وعن اإلمام أحمد رواية يتصدق بتمرة عـن جـرادة

ن عمر، وقال مالك عليه جزاء الجراد بحكم حكمين لمـا وروي عن ابأن رجال جاء إلى عمر بن الخطاب فسأله عن (رواه عن يحيى بن سعيد

تعال، فقال كعب درهم فقـال : جرادة قتلها وهو محرم فقال عمر لكعب

عمر لكعب إنك لتجد الدراهم، لتمرة خير من جرادة، وروى أيضا عـن اء إلى عمر بن الخطاب فقال إني أصت جرادة أن رجال ج(زيد بن أسلم

وللشافعي مثله عن ابن عباس، ) وأنا محرم فقال أطعم قبضة من طعامأن عمر قال لكعب في جرادتين قتلهما ونسي إحرامـه ثـم (وله أيضا

بخ درهمان خير : درهما، قال: ما جعلت في نفسك؟ قال: ذكره فألقاهمافي طريقه فقتلـه بمشـيه فعليـه فإن انفرش الجراد ) من مائه جرادة

جزاؤه، وعن اإلمام أحمد رواية ال يضمن الجراد ألن كعبا أفتى بأخـذه وأكله وقال هو من صيد البحر، والمذهب أن الجراد يضمن بقيمته وأنه من صيد البر كما تقدم، وإن أتلف بيض طير لحاجة كالمشي عليه فعليه

ر إلى أكله بخالف ما لو وقع جزاؤه ألنه أتلفه لمنفعته أشبه ما لو اضطمن شجرة على عين إنسان فدفعها فانكسرت فال ضمان عليه، وإذا ذبح المحرم الصيد وكان مضطرا فله أكله ولمن به مثـل ضـرورة الـذابح لحاجة األكل، وما ذبحه المحرم من الصيد ميتة في حق غير المضطر،

الشـيخ منصـور فإذا ذبحه كان ميتة ذكره القاضي، قـال : قال المبدعيقضي أنه ميتة في حق غيـر المنتهىالبهوتي وكالم صاحب اإلقناع ك

المضطر ومذكى في حق المضطر فيكون نجسا طاهرا بالنسبة إليهمـا .وفيه نظر

يمكن الجـواب : قال الشيخ عثمان بن قائد النجدي في شرحه للعمدة اهر أن معنـى يقتضي ذلك إذ الظ المنتهىبأن ال نسلم أن كالم اإلقناع و

أي كالميتة في الحل والحرمة ال من كـل وجـه فـي : قولهما إنه ميتةالنجاسة، إذ المشبه ال يعطي حكم المشبه به من كل وجه، ويدل علـى

. ذكر تفريعهم على ذلك أنه ال يباح إال لمن يباح له أكلهـا واهللا أعلـم .انتهى كاله في شرح العمدة

أي : معنى قولـه ميتـة المنتهىى وقال عثمان أيضا في حاشيته عل كميتة في التحريم ال في النجاسة بقرينة قولهم فال يبـاح إلـى آخـره فيكون طاهرا في حق الجميع مباحا في حق المضطر ال في حق غيـره

.ألن التحريم لحرمته ال لنجاسته انتهىهو ميتة نجس في حق غيـره ال فـق : وقال الشيخ مرعي في غايته

.هىحق نفسه انتوقال الشيخ سليمان بن علي في منسكه، وكان ما ذبحه لغير حاجـة

أكله ميتة على جميع الناس ولحاجة أكله متية نجسة في حق غيـر ال .في حق نفسه انتهى

قلت ما قاله الشيخ عثمان وجيه وإن كان خالف ما ذهب إليه منصور .ومرعي وسليمان، واهللا أعلم

كان ما ذبح لغير حاجة أكله ميتة نصا ولو و: قال في المنتهى وشرحه عليه ألنه محرم لمعنى فيه لحق هللا تعالى كذبيحـة المجوسـي لصول

فساواه فيه وإن خالفه في غيره، ومفهومه وإن كان لحاجة أكله فمذكى .لحل فعله وقاله في الفروع توجيها وقال القاضي ميتة انتهى

د، قال منصور في حاشـية ويتوجه حله لكل أح: ونص عبارة الفروع المنتهى فظهر لك أن تقييده بقوله لغير حاجة أكله على بحث صـاحب الفروع لكن في كالمه اآلتي تبعا للتنقيح أنه ميتة في حق غير المضطر الذابح له ومقتضاه أنه مذكى في حق الـذابح وهـو مخـالف لكـالم

نع أن يكـون األصحاب كما يعلم من اإلنصاف وغيره، ويبعد جدا أو يمت .مذكى في حق الذابح ميتة في حق غيره انتهى ملخصا

وأجاب الشيخ عثمان على قول الشيخ منصور هذا بجوابـه المتقـدم .قريبا

ولمحرم احتاج إلى فعل محظور فعله ويفدي : قال في المنتهى وشرحه وكذا لو اضطر كمن بالحرم إذا اضطر إلى ذبح صيد فله ذبحـه وأكلـه

أي الميتة بأن : في حق غيره فال يباح إال لمن يباح له أكلها وهو ميتةوقوله ميتة أي لعدم أهلية المـذكى للزكـاة واهللا . يكون مضطرا انتهى

.أعلموعند المالكية لو مات صيد البر بسهم المحرم أو كلبه أو ذبحه فإنـه

ال يحل ألحد تناوله، وجلده نجس كسائر أجزائه وكذا إن لم يصده بـأن أمر غالمه بذبحه أو أعانه على صيد بإشارة أو مناولة سوط أو نحـوه

لو ذبح المحرم أو : فإن يكون ميتة عندهم على كل أحد، وقالت الشافعيةالحالل في الحرم صيدا صار ميتة على األصح فيحرم على كل أحد أكله

ه ويصير ميتة ألنه ال يباح إال بالتذكية وهو ليس من أهلها لقيام معنى ب .كالمجوسي انتهى

قال في المغني وإذا ذبح المحرم الصيد صار ميتة يحرم أكلـه علـى جميع الناس، وهذا قول الحسن والقاسم وسـالم ومالـك واألوزاعـي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وقال الحكم والثوري وأبو ثـور ال

بـن بأس بأكله، قال ابن المنذر هو بمنزلة ذبيحة السارق، وقال عمرودينار وأيوب السختياني يأكله الحالل إلى أن قال ولنا أنه حيوان حـرم

عليه ذبحه لحق اهللا تعالى فلم يحل بذبحه كالمجوسي، وكذا الحكم فـي .صيد الحرم إذا ذبحه الحالل انتهى ملخصا

وإذا اضطر المحرم فوجد صيدا وميتة أكل الميتة وبهـذا : وقال أيضا يأكـل : لك، وقال الشافعي وإسحاق وابن المنذرقال الحسن الثوري وما

الصيد وهذه المسألة مبنية على أنه إذا ذبح الصيد كان ميتة فيسـاوي الميتة في التحريم ويمتاز بإيجاب الجزاء وما يتعلق به من هتك حرمة اإلحرام فلذلك كان أكل الميتة أولى إال أن ال تطيب نفسه بأكلها فيأكـل

ه انتهى كالم المغني، والذي مشـى عليـه فـي الصيد كما لم يجد غيرواإلقناع وغيرهما أن المحرم يقدم أكل الميتة علـى الصـيد، المنتهى

إن الميتة محرمة لذاتها والصيد محـرم : ورأيت حاشية هذا نصها فيهلسبب عارض، وقولهم إن تذكية المحرم له تجعله ميتة ليس نصا مـن

ال من باب التشبيه، ثـم إن أكـل الشارع وإنما هي كلمة فقيه ال تصح إ .الميتة ضار في الغالب والتعرض للضرر حرام في نفسه انتهى

قلت ويعلم اهللا أن لو وقعت لي هذه المسألة عياذا باهللا لقـدمت أكـل الصيد على الميتة وسقت الجزاء ألن نفسي ال تطيب بأكلها علـى مـا

.ذكره الموفق، واهللا غفور رحيمه إذا احتاج المحرم إلى فعل محظور كلبس وحلق وأكل تقدم أن) تتمة(

صيد فله فعله وعليه الفدية لحديث كعب بن عجرة لما احتاج إلى حلـق رأسه وأباح له صلى اهللا عليه وسلم حلقه وأوجب عليه الفدية، والباقي في معناه وألن أكل الصيد إتالف فوجب ضمانه كما لو اضطر إلى طعام

علـى قولـه فـي المنتهىد الخلوتي في حاشية غيره، قال الشخ محمولمحرم احتاج إلى فعل محظور فعله ويفدي هل هو عام حتى : المنتهى

الظاهر ال، ألن الكالم في المحظور : في الوطء أو ال؟ قال شيخنا منصورقلت وهو كما قال الشيخ منصور بال إشـكال . غير المفسد تأمل انتهى

.واهللا أعلمعقد النكاح فال يتـزوج المحـرم وال : رات اإلحراممن محظو: السابع

يزوج غيره بوالية وال وكالة، وال يقبل للمحرم النكاح وكيله الحالل وال تزوج المحرمة، والنكاح في ذلك كله باطل تعمده أو ال لما روى مسـلم

) ال ينكح المحرم وال ينكح وال يخطـب (في صحيحه من عثمان مرفوعا بفتح الياء وال ينكح بضم الياء وكسر الكاف معنا ال وقوله ال ينكح هو

يتزوج وال يزوج إال في حق النبي صلى اهللا عليه وسـلم فـال يكـون محظورا بخالف أمته وألن اإلحرام يمنع من الوطء ودواعيه فمنع عقد النكاح كالعدة، واالعتبار بحالة عقد النكاح ال بحالة الوكالة، فلو وكـل

قد النكاح فعقده بعد حله من إحرامه صح عقده، وهل محرم حالال في عمثله لو وكل محرم محرما في عقد النكاح فعقده الوكيل بعد حله وحـل موكله من إحرامهما؟ الظاهر نعم لوقوع العقد حال حل الموكل والوكيل واهللا أعلم، ولو وكل حالل حالال فعقده الوكيل بعـد أن أحـرم هـو أو

قد لما تقدم، ولو وكل حالال حالال في عقد النكاح موكله فيه لم يصح العثم أحرم الموكل لم ينعزل وكيله بإحرامه فإذا حل الموكل كـان لوكيلـه عقد لزوال المانع، ولو وكل حالل حالال في عقد النكاح فعقده وأحـرم الموكل فقالت الزوجة وقع العقد في اإلحرام وقال الـزوج وقـع قبلـه

نه يدعي صحة العقد وهي الظاهر، وهـي تـدعي فالقول قول الزوج أل .فساده فكان القول قوله

ثم إن طلق الزوج قبل الدخول وكان قد أقبضها نصـف المهـر فـال رجوع له به وإن لم يكن أقبضها فال طلب لها به لتضمن دعواها أنها ال تستحقه لفساد العقد، وإن كان بالعكس بأن قالت الزوجة وقع العقد قبل

م وقال الزوج وقع في اإلحرام فالقول قوله أيضا ألنه يملك فسخه اإلحرافقبل إقراره به لكن لها نصف الصداق ألن قوله ال يقبـل عليهـا فـي إسقاطه ألنه خالف الظاهر ويصح النكاح مع جهل الـزوج والزوجـة وقوع عقد النكاح هل كان قبل اإلحرام أو فيه؟ ألن الظاهر من العقـود

تزوجتك وقد حللت وقالت بل كنت محرمـة صـدق، الصحة، وإن قالتزوجتك بعد انقضاء : وتصدق هي في نظيرتها في العدة بأن قال الزوج

عدتك وقالت بل قبله ولم تمكنه من نفسها فقولها ألنها مؤتمنـة علـى القـول قـول : ومنه تعلم أن قولهم: نفسها، قال الشيخ محمد الخلوتي

.انتهىمدعي صحة العقد ليس على إطالقه وإن أحرم اإلمام األعظم لم يجز أن يتزوج لنفسه وال لغيره بالواليـة

العامة وال الخاصة، وال أن يزوج أقاربه بالوالية الخاصة وال أن يزوج غيرهم ممن ال ولي لها بوالية العامة كالخاصـة، ويجـوز أن يـزوج

نهـم خلفاؤه كالقضاة واألمراء إن كانوا حالال من ال ولي له أولهـا أل ليسوا وكالء عنه وألنه يجوز بوالية الحكم ما ال يجوز بوالية النسـب، وأما وكيله في تزويج نحو بنته فليس له عقدة بعد إحرامه حتى يحـل، وأما تزويج نوابه لنحو بناتهم وأخواتهم إذا كانوا حالال فصحيح ألنه ال

اإلمـام فـال وإن أحرم نائب اإلمام األعظم فكإحرام . نيابة لهم عنه فيهيجوز أن يتزوج لنفسه وال لغيره بالوالية العـام وال الخاصـة، وال أن يزوج أقاربه بالوالية الخاصة وال غيرهم ممن ال ولي له بالوالية العامة

كالخاصة، وتكره خطبة محرم بكسر الخاء امرأة على نفسه وعلى غيره إن الحمد هللا :وخطبة محل محرمة كخطبة عقد النكاح بضم الخاء وهي

نحمد ونستعينه إلى آخرها، ويكره حضور المحرم وشهادته في النكـاح .بين حاللين

وإال فالشهادة في عقد فاسد حـرام انتهـى، قـال : قال الشيخ مرعي قوله وشهادته فيه أي شهادة المحرم المنتهىالخلوتي في حاشيته على

ين حرام لكونـه من محرمعقدا من محلين ال من محرمين ألن شهادته .عقدا فاسدا، وشهادة العقد الفاسد حرام انتهى

وتباح الرجعة للمحرم وتصح ألنها إمساك كشراء أمة لوطء وغيـره لورود عقد النكاح على منفعة البضع خاصة بخالف شراء األمة ويصح اختيار من أسلم على أكثر من أربع نسوة لبعضهن في حال اإلحرام ألنه

ال ابتداء للنكاح كالرجعة وأولى، وال فدية عليـه فـي ةمإمساك واستداشيء من ذلك كله أعني جميع ما تقدم من صور عقد النكاح ألنه عقـد فاسد ألجل اإلحرام فلم تجب به فدية كشراء الصيد، وال فرق فيه بـين

.اإلحرام الصحيح والفاسدة من محظورات اإلحرام وطء يوجب الغسل وهو تغييب حشف :الثامن

) فمن فرض فيهن الحج فال رفـث : (أصلية في فرج أصلي لقوله تعالىقبال كان الفرج أو دبرا، من آدمي أو غيره : هو الجماع: قال ابن عباس

حي أو ميت فمن جامع في فرج أصلي قبـل التحلـل األول ولـو بعـد الوقوف بعرفة فسد نسكهما حكاه ابن المنذر، إجماع العلمـاء أنـه ال

سك إال به، وفي الموطأ بلغني أن عمر وعليا وأبا هريرة سئلوا يفسد النعن رجل أصاب أهله وهو محرم فقالوا ينفذان لوجههما حتـى يقضـيا

حجهما ثم عليهما حج من قابل والهدي، ولم يعرف لهم مخالف، ولـو كان المجامع ساهيا أو جاهال أو مكرما نصا أو نائمة نقله الجماعة ألن

لصحابة قضوا بفساد النسك ولم يستفصلوا، وذكـر فـي من تقدم من االفصول رواية عن اإلمام أحمد ال يفسد حج الناسي والجاهل والمكـره ونحوهم وخرجها القاضي أبو يعلي في كتاب الروايتين، واختارها شيخ اإلسالم تقي الدين أبو العباس ابن تيمية وصاحب الفائق ابـن قاضـي

ح في الفروع وقال هذا متجه ورد ما احتج به الجبل ومال إليه ابن مفلاألصحاب وهو جديد قول الشافعي، ويجب بالجماع قبل التحلل األول في

أهد ناقة ولتهد ناقة، ويقوم مقـام البدنـة : الحج بدنة لقول ابن عباسبقرة أو سبع شياه ولو لم تتعذر فإن لم يجد بدنة صام عشرة أيام ثالثة

رجع من أفعال الحـج كـدم المتعـة لقضـاء أيام في الحج وسبعة إذابذلك، والتحلل األول يحصل باثنين من ثالثة، الصحابة رضي اهللا عنهم

طواف اإلفاضة، والحلق أو التقصير، ورمي جمرة العقبة، ويأتي : وهيذكر ذلك في موضعه إنشاء اهللا تعالى، وال يفسد اإلحرام بشـيء مـن

ول، وعلى الواطئ والموطـوءة المحظورات غير الجماع قبل التحلل األالمضي في فاسده وال يخرجان منه بالوطء، وحكم اإلحرام الذي أفسـده المحرم بالجماع حكم اإلحرام الصحيح فيفعل بعد الفساد كما كان يفعـل قبله من الوقوف وغيره ويجتنب ما يجتنب قبل الفسـاد مـن الـوطء

، ويقضي مـن فسـد وغيره وعليه الفدية إذا فعل محظورا بعد اإلفسادنسكه بالوطء كبيرا كان أو صغيرا نصا، واطئا أو موطوءة، فرضا كان الذي أفسده أو نفال أو نذرا فورا، قال في الغاية، وجوبا انتهى، لقـول ابن عمر فإذا أدركت قابال فحج وأهد، وعن ابن عباس مثله، وعن عبد

وحل إذا حلـوا فـإذا : اداهللا بن عمرو مثله رواه الدارقطني واألثرم وزكان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك وأهديا هديا فإن لم تجدا فصـوما ثالثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما، وهذا كله إن كان المفسد نسكه من واطئ وموطوءة مكلفا ألنه ال عذر له في التأخير، وإال يكن مكلفـا

د حجة اإلسالم فورا لـزوال بل بلغ بعد انقضاء الحجة الفاسدة قضى بععذره، ويصح قضاء عبد وأمة في رقهما لتكليفهمـا ويكـون إحـرام الواطئ والموطوءة في القضاء من حيث أحرما أوال بمـا أفسـدا مـن الميقات أو قبله ألن الحرمات قصاص، بخالف المحصـر إذا قضـي ال

مـه يلزمه اإلحرام إال من الميقات نص عليه ألن المحصر فيه لـم يلز إتمامه وإن لم يكونا أحرما قبل الميقات بل منه أو دونـه إلـى مكـة لزمهما اإلحرام من الميقات ألنه ال يحل تجاوزه بال إحرام، وإن أفسـد القضاء فوطئ فيه قبل التحلل األول لم يجب عليه قضاؤه وإنما يقضـي عن الحج األول كما لو أفسد قضاء صوم أو صـالة وألن الواجـب ال

.فواته وإنما يبقى ما كان واجبا في الذمة على ما كان عليهيزداد بإذا كان ما أفسده بالجماع قضـاء وجـب قضـاء : قال ابن الصالح

المقضي ال القضاء فلو أحرم بالقضاء عشر مرات وأفسد الجميع لزمـه .قضاء واحد عن األول وكفارة لكل واحد من العشرة انتهى

أهد ناقة : ها إن طاوعت لقول ابن عباسونفقة المرأة في القضاء علي ولتهد ناقة، وإن أكرهت المرأة فالنفقة على الزوج ألنه المفسد لنسكها

ونفقة قضاء : فكانت عليه نفقتها كنفقة نسكه، قال في المنتهى وشرحهنسك مكرهة على مكره ولو طلقها إلفساده نسكها كنفقة نسكه، وقياسه

.فقة قضائه انتهىلو استدخلت ذكر نائم فعليها ن

قال في اإلنصاف ولو طلقها وتزوجت بغيره، ويجبر الـزوج الثـاني يعني الموفق أن : وظاهر كالم المصنف: على إرسالها إن امتنع ثم قال

زوجها الذي وطئها يجوز ويصلح أن يكون محرما لها في حجة القضاء وهو صحيح وهو ظاهر كالم األصحاب قاله في الفـروع، وقـد ذكـر

لمصنف والشيخ وابن منجا في شرحه يكون بقربها ليراعي أحوالهـا اون معها محرم غير الـزوج ألنه محرمها، ونقل ابن الحكم يعتبر أن يك

قلت فيعابا بها انتهى كالم اإلنصاف وتستحب تفرقتهما في القضاء وفاقا لمالك والشافعي من الموضع الذي أصابها فيه وفاقا للشافعي، وعنه من

يحرمان وفاقا لمالك وزفر، ودليلنا ما روى ابن وهب بإسناده عن حيث أن رجال جامع امرأته وهما محرمان فسـأل النبـي (سعيد بن المسيب

أتما حجكما ثم ارجعا وعليكمـا حجـة : صلى اهللا عليه وسلم فقال لهماأخرى من قابل حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتها فأحرما وتفرقـا،

وروى األثرم عـن ) أحد كما صاحبه ثم أتما مناسككما وأهدياوال يواكل ابن عمر وابن عباس معناه إلى أن يحال من إحرامهمـا ألن التفريـق

حتى إذا كنتما فـي المكـان الـذي (خوف المحظور وقوله في الحديث إلى آخره يعني أنهما يحرمان من المكان الذي أحرمـا ) أصبتها فأحرما

لميقات لما تقدم قريبا مـن أن إحـرام الـواطئ منه وأصابها فيه قبل اوالموطوءة في القضاء من حيث أحرما أو ال بما أفسدا من الميقات أو قبله ألن الحرمات قصاص، وليس المعنى أنه إذا كان أصابها بعـد أن أحرما من الميقات وجاوزاه ال يحرمان إال من ذلـك الموضـع الـذي

ذه الصورة يلزمهمـا اإلحـرام مـن أصابها فيه بعد الميقات ألنه في هالميقات ولو كان قبل المكان الذي أصابها فيـه واهللا أعلـم، ويحصـل

التفريق بأن ال يركب معها على بعير وال يجلس معها في خبائها ومـا أشبه ذلك بل يكون قريبا منها فيراعى أحوالها ألنه محرمها كما سـبق

النزول والمحمل والفسطاط يتفرقان في : عن اإلنصاف، قال اإلمام أحمدوما أشبه ذلك ألنه ربما يذكر إذا بلغ الموضع فتتـوق نفسـه فيواقـع

.المحظور ففي القضاء داع بخالف األداءال يتفرقان لتذكر شدة المشقة بسبب لذة يسيرة فيندمان : وقال الحنفية

والعمرة في ذلك كالحج ألنها أحد النسكين فيفسـدها . ويتحرزان انتهىء قبل الفراغ من السعي كالحج قبل التحلل األول، وال يفسد العمرة الوط

الوطء بعد الفراغ من السعي وقبل الحلق كالوطء في الحج بعد التحلـل األول، ويجب المضي في فاسد العمرة ويجب قضـاؤها فـورا كـالحج ويجب عليه دم وهو شاة لنقص العمرة عن الحج، قال فـي المنتهـى

فيها كحج فيفسدها وطء قبل تمام سعي ال بعده، وعمرة وطئ : وشرحهأي السعي، وقبل حلق ألنه بعد تحلل أول، وعليه بوطئه في عمرته شاة لنقص حرمة إحرامها عن الحج لنقص أركانها ودخولها فيه إذا جامعته سواء وطئ قبل تمام السعي أم بعده قبل الحلق، وال فدية على مكرهـة

ومثلها النائمة ) وما استكرهوا عليه( في وطء في حج أو عمرة لحديث .وال يلزم الواطئ أن يفدى عنها أي النائمة والمكرهة انتهى

وهذا بخالف النفقة فإن المكره يلزمه نفقة المرأة التي كرههـا : قلت على الوطء كما تقدم واهللا أعلم، لكن إن كان المفسد لعمرتـه مكيـا أو

حل سواء كان قد أحرم بالعمرة حصل بمكة مجاورا أحرم للقضاء من الالتي أفسدها منه أم من الحرم ألن الحل هو ميقاتها، قال فـي اإلقنـاع وشرحه وإن أفسد المتمتع عمرته ومضى في فاسدها وأتمها خرج إلى

الميقات فأحرم منه بعمرة مكان التي أفسدها ألن الحرمات قصاص، فإن فرغ من حجه خـرج خاف فوت الحج أحرم به من مكة وعليه دم، فإذا

فأحرم من الميقات بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدي يذبحه إذا قدم .مكة لما أفسد من عمرته نص عليه انتهى

وإن أفسد المتمتـع عمرتـه ومضـى فـي : وعبارة المغني والشرح يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحـج فـإن : فاسدها فأتمها فقال أحمد

وعليه دم فإذا فرغ من حجه خـرج إلـى خشي الفوات أحرم من مكة الميقات فأحرم منه بعمرة مكان التي أفسدها وعليه هدي يذبحه إذا قدم

.مكة لما أفسد من عمرته انتهىوإن أفسد المتمتع عمرته ومضى فيها فأتمها فقـال : وعبارة الفروع

يخرج إلى الميقات فإذا فرغ منه أحرم بعمرة مكان التي أفسدها، : أحمددي بمكة لما أفسد من عمرته انتهى، وإن أفسد المفرد حجته وأتمها وف

فله اإلحرام بالعمرة من أدنى الحل ألنه ميقاتها، وإن أفسد القارن نسكه فعليه فداء واحد لما تقدم أن عمل القارن كعمـل المفـرد، وإن جـامع المحرم بعد التحلل األول وقبل التحلل الثاني بأن رمـي جمـرة العقبـة

ق مثال ثم جامع قبل طواف اإلفاضة لم يفسد حجه، قارنا كـان أو وحلمفردا أو متمتعا لكن فسد إحرامه بالوطء فيمضي إلى الحل، التنعيم أو غيره، ليجمع بين الحل والحرم فيحرم منه ليطوف للزيارة فـي إحـرام صحيح ألن الحج ال يتم إال به ألنه ركن ثم يسعى إن لم يكن سعى قبـل

.يتحلللحجه ووالمراد فساد ما بقي منه ال ما مضى إذ لو فسد كله : قال في المبدع

لوقع الوقوف في غير إحرام، وليس هذا عمرة حقيقة، واإلحرام إنمـا

وجب ليأتي بما بقي من الحج، هذا ظاهر كالم جماعة مـنهم الخرقـي إنه يعتمر، يحتمل أنهم أرادوا هـذا : فقول أحمد ومن وافقه من األئمة

وسموه عمرة ألن هذه أفعالها وصححه في المغني والشرح، ويحتمـل أنهم أرادوا عمرة حقيقة فيلزمه سعي وتقصير وعلى هذا نصوص أحمد وجزم به القاضي وابن عقيل وابن الجوزي وألنه إحرام مستأنف فكان فيه طواف وسعي وتقصير كالعمرة المفردة والعمرة تجري مجرى الحج

.ما انتهىبدليل القران بينهويلزمه شاة بوطئه بعد التحلل األولى وقبل الثاني لعدم إفساده للحـج

كوطء دون فرج قبل التحلل األول بال إنزال ولخفة الجنابـة، والقـارن كالمفرد ألن الترتيب للحج ال للعمرة بدليل تأخير الحلق إلى يوم النحر،

فـي المغنـي جمرة العقبة ثم وطئ ففإن طاف للزيارة وحلق ولم يرم .والشرح ال يلزمه إحرام من الحل وال دم عليه لوجود أركان الحج

وقال في الفروع فظاهر كالم جماعة كما سبق لوجود الوطء قبل مـا يتم به التحلل، والوطء بعد التحلل األول محرم لبقـاء تحـريم الـوطء

فظـاهر كـالم : المنافي وجوده صحة اإلحرام، وقول صاحب الفـروع ما سبق، يعني من أنه يفسد إحرامه إذا لم يرم جمرة العقبـة، جماعة ك

وإن طاف للزيارة وحلق، ووافقه منصور في شرح اإلقناع حيـث قـال فيفسد إحرامه بالوطء قبل رمي جمرة العقبة انتهـى، والـذي يتـرجح

: وشـرحه المنتهـى عندي ما يأتي من أن إحرامه ال يفسد قـال فـي حلق، ورمي، وطواف إفاضـة، : ن ثالثةويحصل التحلل األول باثنين م

فلو حلق وطاف ثم وطئ ولم يرم فعليه دم لوطئه ودم لتركـه الرمـي، .وحجه صحيح انتهى

رمي، : ويحصل التحلل األول باثنين من ثالثة: قال في اإلقناع وشرحه وحلق، وطواف فلو حلق وطاف ثم واقع أهله قبل الرمي فحجه صحيح

واإلقناع وشرحهما أنـه ال يفسـد المنتهى وعليه دم، فظهر من عبارةإحرامه فال يلزمه إحرام من الحل إذا وطئ بعد الحلق وطواف اإلفاضة وقبل رمي جمرة العقبة، بخالف ما لو وطئ بعد الحلق والرمي وقبـل طواف اإلفاضة فإن حجه صحيح أيضا لكـن يفسـد إحرامـه بـالوطء

في إحرام صـحيح كمـا فيمضي إلى الحل فيحرم منه ليطوف لإلفاضة .تقدم قريبا، واهللا أعلم

المباشرة من الرجل للمرأة فيما دون : من محظورات اإلحرام: التاسع الفرج قبل التحلل األول بشهوة باستمناء أو قبلة أو لمس وكـذا نظـر لشهوة ألنه وسيلة إلى الوطء المحرم فكان حراما فإن فعل فأنزل فعليه

ألنها مباشرة اقترن بها اإلنزال فأوجبتها كالجمـاع بدنة نقله الجماعة في الفرج ولم يفسد نسكه وال إحرامه كما هو ظاهر عباراتهم خالفا لما

لكن يحـرم مـن : ذكره الشيخ موسى الحجاوي في مختصره حيث قالالحل لطواف الفرض، ورده شارحه الشيخ منصور فقال ظاهر كالمه أن

ذا أنزل، وهو غير متجه ألنه لـم يفسـد هذا في المباشرة دون الفرج إإحرامه حتى يحتاج لتجديده، فالمباشرة كسائر المحرمات غير الـوطء،

والمقنع والتنقـيح واإلنصـاف المنتهىهذا مقتضى كالمه في اإلقناع كوالمبدع وغيرها، وإنما ذكروا هذا الحكم فيمن وطئ بعد التحلـل األول

اة للقول باإلفسـاد انتهـى كـالم إال أن يكون على وجه االحتياط مراعمنصور، فظهر من هذا أن القول بفساد اإلحرام بالمباشرة دون الفـرج قبل التحلل األول إذا أنزل خالف مقتضى عبارات من تقدم ذكـرهم، ألن

المباشرة دون الفرج استمتاع ال يجب بنوعه الحد فلم يفسد نسـكه وال ن اإلنزال بشهوة، والفرق بينه إحرامه بها كما لو لم ينزل وكما لو لم يك

وبين الصوم أنه يفسده كل واحد من محظوراته، بخالف الحج فإنـه ال .يفسده إال الجماع في الفرج قبل التحلل األول، واهللا أعلم

ثالثة أيام في الحـج، وسـبعة إذا : فإن لم يجد بدنة صام عشرة أيام اهللا عنهم بذلك رجع من أفعال الحج كدم المتعة، لقضاء الصحابة رضي

فإن لم ينزل بالمباشرة دون الفرج قبل التحلل األول فالواجب عليه شاة كفدية األذى، أعني أنه يخير بين ذبح شاة أو إطعام سـتة مسـاكين أو صيام ثالثة أيام، ومثله في التخيير ما وجب بوطء في عمرة أو في حج

التحلل األول وقبل وهل إذا باشر دون الفرج بعد: قلت. بعد التحلل األولالثاني يلزمه شاة كما يلزمه في الوطء في الفرج لبقاء التحـريم أوال؟ الظاهر أنه يلزمه إذا أنزل، أما إذا لم ينزل ففيه تفصيل نذكره في بـاب

.الفدية إن شاء اهللا تعالىيجب على المحرم التحفظ من محظـورات اإلحـرام إال فـي ): تنبيه(

هنا عليها فيما سبق، وربما ارتكب بعض النـاس مواضع العذر التي نبشيئا من محظورات اإلحرام وقال أنا أفتدي متوهما أنه بالتزامه للفديـة يتخلص من إثم المعصية وذلك خطأ صريح وجهل قبيح، فإنـه يحـرم عليه الفعل وإذا خالف أثم ووجبت عليه الفدية وليس الفديـة مبيحـة

افعة إلثمه من أصله كسـائر الكفـارات، لإلقدام على فعل المحرم وال رومن فعل شيئا مما يحكم بتحريمه عمدا فقد أخرج حجه عن أن يكـون

.مبرورا :فصل --

والمرأة إحرامها في وجهها فيحرم عليها تغطيته ببرقع أو نقـاب أو ـ ال تنتقب ال(غيره لحديث ابن عمر رواه ) رأة، وال تلـبس القفـازين م

المرأة في وجهها وإحرام الرجـل فـي إحرام : (عمرالبخاري، قال ابن رأسه، فإن غطت وجهها لغير حاجة فدت كما لو غطى الرجل رأسـه، والحاجة كمرور رجال قريبا منها فتسدل الثوب من فوق رأسها علـى

رواه أحمد وأبو داود وغيرهما ولو مس الثـوب ). وجهها لفعل عائشةتر أن ال يصيب بشرتها فـإن وجهها، وشرط القاضي أبو يعلي في السا

أصابها ثم ارتفع بسرعة فال شيء عليها وإال فدت السـتدامة السـتر، ورده الموفق بأن هذا الشرط ليس هو عن أحمد وال هو في الخبر بـل الظاهر منه خالفه فإنه ال يكاد يسلم المسدول من إصابة البشـرة فلـو

اله الموفق، قال كان شرطا لبين انتهى ملخصا وصحح في الفروع ما قفتسدل أي تضع الثوب فوق رأسها وترخيه على : في المنتهى وشرحه

وجهها لحاجة إلى ستر وجهها كمرور أجانب قريبا منها لحديث عائشة كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول اهللا صلى اهللا عليـه (

ـ ا وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجههـا فـإذا جاوزونإنما لهـا أن تسـدل علـى : قال أحمد. رواه أبو داود واألثرم) كشفناه

وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل، وال يضـر مـس المسدول بشرة وجهها خالفا للقاضي وإنما منعت من البرقع والنقـاب ألنه معد لستر الوجه ومتى غطته لغير حاجة فدت، ويحرم تغطيتـه أي

ويجب تغطية رأسها وال يمكنها تغطية جميع رأسـها إال وجه المحرمة، أي الوجـه إال : أي الوجه وال يمكنها كشف جميعـه : بتغطية جزء منه

بكشف جزء من الرأس فستر الرأس كله أولى لكونه أي الرأس عـورة

في الجملة وال يختص ستره بإحرام، وكشف الوجـه بخالفـه انتهـى ومن ذلك أن النبـي ) الم الموقعينإع(ملخصا، قال ابن القيم في كتابه

يعني في ) ال تنتقب المرأة وال تلبس القفازين(صلى اهللا عليه وسلم قال اإلحرام فسوى بين يديها ووجهها في النهي عما صنع على قدر العضو ولم يمنعها من تغطية وجهها وال أمرها بكشفه ألبتة، ونساؤه صلى اهللا

لة وقد كن يسدلن على وجههـن إذا عليه وسلم أعلم األمة بهذه المسأفكيـف : حاذاهن الركبان فإذا جاوزوهن كشفن وجوههن إلى أن قـال

يحرم ستر الوجه في حق المرأة مع أمر اهللا لها أن تدني عليهـا مـن .جلبابها لئال تعرف ويفتن بصورتها وتمامه فيه

قلت وفيه الرد على من قال بعدم وجوب ستر المـرأة وجههـا عـن ل األجانب عياذا باهللا من الخذالن، وفي تفسير سورة النور لشيخ الرجا

سدلت الثوب سدال من باب : اإلسالم ما يشفي ويكفي، قال في المصباحأرخيته وأرسلته من غير ضم جانبيه فإن ضممتهما فهو قريب من : قتل

.التلفف، قالوا وال يقال فيه أسدلته باأللف انتهىوهل السدل : وز في حاشيته على شرح الزادقال عبد الوهاب بن فير

واجب أو مستحب؟ فيه تردد انتهى كالم ابن فيروز، قلـت ذكـر فـي الفروع جواز السدل، وعبارته ويجوز لها أن تسدل على الوجه للحاجة

وعـن : كان الركبان إلى آخره إلـى أن قـال : وفاقا وذكر قول عائشةونحن محرمات مع أسماء كنا نخمر وجوهنا(: فاطمة بنت المنذر قالت

رواه مالك، أطلق جماعة جواز السدل وقال أحمد إنما لها )بنت أبي بكرأن تستدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب مـن أسـفل

ومعناه عن ابن عباس رواه الشافعي انتهـى ملخصـا، وبـه يحصـل .الجواب عما تردد فيه ابن فيروز

المرأة وجهها بشيء ال يمـس البشـرة ولو غطت: قال شيخ اإلسالم جاز باالتفاق وإن كان بمسه فالصحيح أنه يجوز أيضا، وال تكلف المرأة أن تجافي سترتها على الوجه ال بعود وال بيدها وال غير ذلك فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم سوى بين يديها ووجهها وكالهما كبدن الرجل ال

وسلم كن يسدلن على وجوههن مـن كرأسه، وأزواجه صلى اهللا عليهغير مراعاة المجافة، ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صـلى اهللا

وإنما هذا قـول بعـض ) إحرام المرأة في وجهها: (عليه وسلم أنه قالالسلف، لكن النبي صلى اهللا عليه وسلم نهاهـا أن تنتقـب أو تلـبس

خف مع أنه يجوز له أن القفازين كما نهى المحرم أن يلبس القميص والتفاق األئمة، والبرقع أقوى من النقاب فلهذا نهـى ايستر يديه ورجليه ب

مة ال تلبس ما يصـنع لسـتر الوجـه عنه باتفاقهم، ولهذا كانت المحركالبرقع ونحوه فإنه كالنقاب انتهى وال تحرم تغطية كفيها، ويحرم عليه

فـار وقتـل الصـيد ما يحرم على الرجل من إزالة الشعر وتقلـيم األظ ونحوها إال لبس المخيط وتغطية الرأس وتظليل المحمل وغيره كالهودج والمحفة لحاجتها إلى الستر، ويحرم عليها وعلى الرجل لبس قفازين أو

هما كل ما يعمل لليـدين : قفاز واحد، والقفاز بضم القاف وتشديد الفاءكـالجوربين إلى الكوعين يدخلهما فيه لسترهما مـن الحـر أو البـرد

للرجلين كما يعمل للبزاة جمع باز وهو من جوارح الطير التـي يصـاد بها، ولما كان من عادة الصائد بالبازي أن يضعه على يده بعد إدخالها في مثل القفاز، وهو غالف يعمل من الجلود على قدر اليد خوفـا مـن

القفازين تأثر اليد بمخالب البازي إذا لم يكن عليها وقاية، شبه العلماء .بما يعمل ليد صاحب البازي حيث كان معروفا لديهم، واهللا أعلم

غالف يصنع لليد كما يفعله حملة البزاة : والقفازان: قال شيخ اإلسالم ال تنتقـب (ودليل تحريم لبس القفازين حديث ابن عمر مرفوعا . انتهى

نسـائي رواه أحمد والبخـاري وال ) المرأة المحرمة وال تلبس القفازينوالترمذي وصححه، وإن كان الخبر ورد في حق المرأة، فالرجل أولى، وال يلزم من جواز تغطيتهما بكمها لمشقة التحرز جوازه بهمـا بـدليل جواز تغطية الرجل قدمه بإزاره ال بخف، وإنما جاز تغطية قدميها بكـل شيء ألنهما عورة في الصالة، وفي لبس القفازين أو أحدهما الفديـة

لنقاب فإن شدت يديها بخرقة على حناء أوال فدت لسترها لهـا بمـا كايختص بهما أشبه القفازين وكشد الرجل شيئا على جسده فإن لفتهمـا من غير شد فال فدية ألن المحرم الشد ال التغطية كبدن الرجـل، هـذا

وظاهر كالم األكثر ال يحـرم عليهـا ذلـك : المذهب، وقال في الفروع .ال يحرم عليها شد يديها بخرقة، واهللا أعلميعني . انتهى

ويباح لها خلخال ونحوه من حلي كسـوار ونحـوه كـدملج، نقلـه كن نساء ابن عمر يلبسن الحلي والمعصفر وهـن : (الجماعة، قال نافع

رواه الشافعي، وال دليل للمنع، وال يحرم على الرجل والمرأة ) محرمات: كره لباس الزينة، قال اإلمام أحمـد لباس زينة، وفي الرعاية وغيرها ي

المحرمة والمتوفى عنها زوجها يتركان الطيب والزينة ولهمـا سـوى ذلك، وفي التبصرة يحرم ويكره للمحرم والمحرمة كحل بإثمد ونحـوه

: من كل كحل أسود لزينة لما روي عن عائشة أنها قالت المرأة محرمةوال يكره اكتحال لهمـا )اكتحلي بأي كحل شئت غير اإلئمد أو األسود(

بذلك لغير الزينة كوجع عين لحاجة وألن األصل عدم الكراهة، وال يكره غير اإلثمد ونحوه ألنه ال زينة به إذا لم يكن مطيبا، فإن كـان مطيبـا حرم، ويكره لها خضاب ألنه من الزينة كالكحل باإلثمد، وال يكره لهـا

تحب، وال بأس بذلك للرجـل الخضاب بالحناء عند إرادة اإلحرام بل يسفيما ال تشبه فيه بالنساء ألن األصل اإلباحة وال دليل للمنـع، ويجـوز لرجل وامرأة محرمين لبس المعصفر والكحلي وغيرهما من األصـباغ لقوله صلى اهللا عليه وسلم في حديث ابن عمر فـي حـق المحرمـة

أو حليا أو ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا(رواه أبو داود، وعن عائشة وأسماء أنهمـا كانتـا ) سراويل أو قميصا

تحرمان في المعصفر وألنه ليس بطيب، وال بأس باستعماله وشمه فلم يكره المصبوغ به كالسواد ولهما لبس كـل مصـبوغ بغيـرورس أو زعفران ألن األصل اإلباحة إال ما ورد الشرع بتحريمـه أو كـان فـي

، ولهما قطع رائحة كريهة بغير طيب ألنه ليس من المحظـورات معناهبل مطلوب فعله، والنظر في المرآة جائز لهما جميعا لحاجـة كمـداواة جرح وإزالة شعر بعينه، ويكره نظرهما في المرآة لزينـة كاالكتحـال باإلئمد، وال يصلح شعثا وال ينفض عنه غبارا لحديث أبي هريرة وعبد

بأهل عرفة، انظروا إن اهللا تعالى يباهي المالئكة(مرفوعا اهللا بن عمرورواه أحمد، وللمحرم لبس خاتم مباح مـن ) إلى عبادي أتوا شعثا غبرا

ال بـأس : فضة أو عقيق ونحوه لما روى الدارقطني عن ابن عبـاس رخص للمحـرم فـي الهميـان : وفي رواية: بالهميان والخاتم للمحرموله ختان نصا، وقطع عضو عند الحاجة إليه، والخاتم، وله بط جرح،

أن النبي صـلى اهللا (وأن يحتجم ألنه ال رفاهية فيه ولحديث ابن عباس

متفق عليه، فإن احتـاج المحـرم فـي ) عليه وسلم احتجم وهو محرمالحجامة إلى قطع شعر فله قطعه وعليه الفدية لما قطعه من الشعر كما

.لو احتاج لحلق رأسهوللمحرم أن يحتجم فـي رأسـه وغيـر : اإلسالم رحمه اهللاقال شيخ

رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعر الذكر جاز فإنه قد ثبت في الصـحيح وال ) أن النبي صلى اهللا عليه وسلم احتجم في وسط رأسه وهو محرم(

.يمكن ذلك إال مع حلق بعض الشعر، ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك انتهىذكرا كان أو أنثى ما نهى اهللا تعالى عنه من ويجتنب المحرم): تتمة(

: الرفث وهو الجماع، روي عن ابن عباس وابن عمر، وقال األزهـري الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة انتهى، وروي عـن ابن عباس أنه قال الرفث غشيان النساء والتقبيل والغمز وأن يعـرض

و السباب، وقيل المعاصي روي ذلك لها بالفحش من الكالم، والفسوق هعن ابن عباس وابن عمر وعطاء وهو الصحيح كما يـأتي، والجـدال

: وهو المراء فيما ال يعني أي يهم، روي عن ابن عمر قال ابن عبـاس هو أن تماري صاحبك حتى تغضبه، قال في المستوعب يحـرم عليـه

.نتهىالفسوق وهو السباب والجدال وهو المماراة فيما ال يعني اولم يكن النبي صلى اهللا عليه وسلم يـأمر أحـدا : قال شيخ اإلسالم

لبى بـالحج، : بعبارة بعينها وإنما يقال أهل بالحج أهل بالعمرة، أو يقالالحج أشهر معلومات فمن فرض : (لبى بالعمرة، وهو تأويل قوله تعالى

نه فـي وقد ثبت ع) فيهن الحج فال رفث وال فسوق وال جدال في الحجالصحيح أنه قال من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه

وهذا على قراءة من قرأ فال رفث وال فسوق بـالرفع، . كيوم ولدته أمه

اسـم للمعاصـي كلهـا، : اسم للجماع قوال وعمال، والفسوق: فالرفثهو المراء في أمر الحج فإن اهللا قد وضحه : والجدال على هذه القراءة

وقطع المراء فيما كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامـه، بينه ووعلى القراءة األخرى قد يفسر بهذا المعنى أيضا، وقد فسروها بأن ال يماري الحاج أحدا، والتفسير األول أصح فإن اهللا لم ينـه المحـرم وال

ا قـال غيره عن الجدال مطلقا، بل الجدال قد يكون واجبا أو مستحبا كموقد يكون الجدال محرما في الحـج ) وجادلهم بالتي هي أحسن: (تعالى

وغيره كالجدال بغير علم، والجدال في الحق بعد ما تبين ولفظ الفسوق يتناول ما حرمه اهللا تعالى ال يختص بالسباب وإن كان سباب المسـلم فسوقا فالفسوق يعم هذا وغيره، والرفث هـو الجمـاع، ولـيس فـي

رات ما يفسد الحج إال جنس الرفث فلهـذا ميـز بينـه وبـين المحظوالفسوق، وأما سائر المحظورات كاللباس والطيب فإنه وإن كان يأثم بها فال يفسد الحج عند أحد من األئمة المشهورين، وينبغي للمحـرم أن ال يتكلم إال بما يعنيه، وكان شريح إذا أحرم كأنه الحية الصماء انتهى كالم

.المشيخ اإلس: قلت العرب تزعم أن األفاعي صم واهللا أعلم، قال في اإلقناع وشرحه

من كان (ويستحب له قلة الكالم إال فيما ينفع لحديث أبي هريرة مرفوعا .متفق عليه) يؤمن باهللا واليوم اآلخر فليقل خيرا أو ليصمت

حديث حسن ) من حسن إسالم المرء تركه ما ال يعنيه(وعنه مرفوعا رواه الترمذي وغيره، ويستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبيـة وذكـر اهللا وقراءة القرآن واآلمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعلـيم الجاهـل، ونحو ذلك من المطلوبات شرعا انتهى ملخصا، وللمحـرم والمحرمـة

اتجار وعمل صنعة ما لم يشغال، أي االتجار، وعمل الصنعة عن واجب شغال عن واجب حرما أو عن مستحب كرها، قال ابن أو مستحب، فإن

كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسـواقا فـي : عباس رضي اهللا عنهمالـيس (الجاهلية فلما جاء اإلسالم تأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت

يعني في مواسـم الحـج رواه ) عليكم جناح أن تبتغوا فضال من ربكمكنت رجال أكرى فـي : امة التيمي قالالبخاري، وألبي داود عن أبي أم

ليس لك حج فلقيت ابن عمر فقلت إنـي . هذا الوجه وكان ناس يقولون: أكرى في هذا الوجه وإن ناسا يقولون ليس لك حج؟ فقال ابـن عمـر

أليس تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمـار؟ صلى اهللا عليه وسلم بلى، قال فإن لك حجا، جاء رجل إلى النبي : فقلت

فسأله مثل ما سألتني فسكت عنه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فلـم ) مـن ربكـم ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضال(يجبه حتى نزلت اآلية

: فأرسل إليه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وقرأ عليه هذه اآلية وقالنا نكري فهل لنا إ(لك حج، إسناده جيد ورواه الدارقطني وأحمد، وعنده

.أنتم حجاج: فقال: وتحلقون رؤوسكم، وفيه: وفيه) من حج؟

:باب الفدية - ما يعطـي فـي : الفداء: قال الشيخ منصور في حاشيته على اإلقناع

افتكاك األسير أو إنقاذ من هلكه، وإطالق الفدية في محظورات اإلحرام حظورا منها فكأنه صار في هلكة يحتاج إلـى فيه إشعار بأن من أتى م

إنقاذه منها بالفدية التي يعطيها، وسبب ذلك واهللا أعلـم تعظـيم أمـر اإلحرام وأن محظوراته من المهلكات لعظم شأنه وتأكد حرمته، ولم أجد

من اعتنى بالتنبيه على هذا فليستفد فإنه من النفائس كذا رأيتـه بخـط .هىابن نصر اهللا البغدادي انت

أعطى فداءه، ويقال فـداه إذا : والفدية مصدر فداه، يقال فداه وفاداه قال له جعلت فداك، والفدية، والفداء، والفدا، والفدا بمعنـى، إذا كسـر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح أوله قصر، وحكى صـاحب المطلـع عـن

وهي مصدر فداه: يعقوب فداء ممدودا مهموزا مثلث الفاء، قال منصوردم أو صوم أو إطعام يجب بسبب : يفديه فداء انتهى، والفدية في الشرع

نسك كدم تمتع وقران أو يجب بسبب ترك واجب كتـرك اإلحـرام مـن الميقات أو الوقوف بعرفة إلى الليل لمن وقف نهارا، وسائر الواجبـات كترك المبيت بمزدلفة أو ليالي منى أو ترك رمـي الجمـار أو طـواف

يجب بسبب فوات الحج بعدم وقوفه بعرفة لعـذر حصـر أو الوداع، أو غيره حتى طلع فجر يوم النحر، ولم يشترط أن محلي حيث حبسـتني، فإن كان اشترط فال دم عليه، أو يجب لفعل محظـور مـن محظـورات اإلحرام فيه، أو يجب بسبب حرم مكة كقتل صيده وقطع حشيشه وبناته

المحظور إذا احتاج إلى فعله لعذر وشجره، وله تقديم الفدية على الفعلكأن يحتاج إلى حلق ولبس وتطيب بعد وجـود العـذر المبـيح لفعـل المحظور ألنها كفارة فجاز تقديمها على وقت الوجوب ككفارة اليمين له تقديمها على الحنث بعد عقد اليمين وكتعجيل الزكاة لحـول أو حـولين

.بعد ملك النصاب الزكوي :أحدها على التخيير وهو نوعان: ث أضربوالفدية على ثال يخير فيه المخرج بين الصيام ثالثة أيام أو إطعام : النوع األول منهما

ستة مساكين لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر أو زبيب أو

شعير أو أقط كفطرة وكفارة، أو ذبح شاة فال يجزئ الخبز كما ال يجزئ ب، واختار شيخ اإلسالم إجزاء الخبز في في الفطرة والكفارة على المذه

الفدية كما اختار إجزاءه في الكفارة فيكون لكل مسكين رطالن عراقيـة .من الخبز على القول بإجزائه كما قيل بذلك في الكفارة

وينبغي أن يكون ما يخرجه بأدم ليكفي المساكين المؤنة على قيـاس بإجزائه أو أخرجها مدا من الكفارة سواء أخرج الفدية خبزا على القول

من بـر : البر أو نصف صاع من غيره وإخراج الفدية مما يأكل أفضلوشعير وغيرهما كالكفارة وخروجها من خالف من أوجبه لظاهر قولـه

).من أوسط ما تطعمون أهليكم: (تعالىوعند المالكية والشافعية ال يجزئ من البر إال نصـف صـاع كبقيـة

وإن شئت (عن اإلمام أحمد لما في سنن أبي داود األصناف وهو روايةفالحديث إنما ذكر فيـه ) فتصدق بثالثة آصع من تمر بين ستة مساكين

التمر ويقاس عليه البر والشعير والزبيب، فالحكم ثبت في البر بطريـق التنبيه أو القياس على التمر، والفرع يماثل أصله وال يخالفه، والمذهب

ويجـزئ فـي فديـة : شيخ اإلسالم في االختيارات الرواية األولى، قال . األذى رطال خبز عراقية

وينبغي أن يكون بإدام ومما يأكله أفضل؛ من بر أو شـعير انتهـى، والفدية التي يخير فيها بين ما ذكرناه في هذا النوع األول هـي فديـة حلق أكثر من شعرتين وتقليم أكثر من ظفرين، وفدية تغطية الرأس من الذكر أو أوجه من األنثى، وفدية اللبس والطيب، وفدية اإلمناء بنظـرة واحدة، والمباشرة دون الفرج بغير إنزال، وفدية اإلمذاء بالمباشرة دون الفرج، وبتكرار النظر، وفدية ما إذا قبـل أو لمـس بشـهوة فأمـذى

فالواجب في ذلك كفدية األذى يخير بين صيام أو صدقة أو نسك شـاة فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففديـة مـن : (ه تعالىلقول

، وتجب الفدية ولو حلق أو قلـم أو لـبس أو )صيام أو صدقة أو نسكغطى رأسه أو تطيب لعذر أو غيره وهو مذهب المالكيـة والشـافعية

وقال صلى اهللا عليه وسلم . اآلية) فمن كان منكم مريضا: (لقوله تعالىنعم يا رسول اهللا، فقـال : علك آذاك هوام رأسك؟ قالل(لكعب بن عجرة

احلق رأسك وصم ثالثـة أيـام أو اطعـم سـتة : صلى اهللا عليه وسلممتفق عليه فدلت اآلية والخبـر علـى وجـوب ) مساكين أو انسك شاة

الفدية على التخيير، ألنه مدلول في حلق الرأس، وقيس عليـه تقلـيم ي اإلحرام ألجل الترفه فأشبه حلق األظفار واللبس والطيب ألنه يحرم ف

.الرأسالمذهب أن الفدية تجب على من لبس أو غطـى رأسـه أو ): تنبيه(

تطيب عمدا، بخالف ما إذا كان جاهال أو ناسيا أو مكرها كما يأتي واهللا .أعلم

وعن اإلمام أحمد رحمه اهللا أنه إذا حلق من غير عذر فعليه دم مـن بن عقيل وهو مـذهب الحنفيـة ألن اهللا سـبحانه غير تخيير، اختاره ا

وتعالى خير بشرط العذر فإذا عدم العذر زال التخيير، والمذهب الرواية األولى ألن كل كفارة ثبت التخيير فيها مع العذر ثبت مع عدمه كجـزاء الصيد ال فرق بين قتله للضرورة إلى أكله أو لغير ذلك، وإنما الشـرط

يير، وتقدم حكم ما إذا قطع شعرتين أو قلم ظفرين لجواز الحلق ال للتخ .أو ما دونهما في باب محظورات اإلحرام

جزاء الصيد يخير فيـه : من الضرب الذي على التخيير: النوع الثاني من وجب عليه بين إخراج مثل الصيد من النعم فـإن اختـاره ذبحـه

، ألن اهللا وتصدق به على مساكين الحرم وال يجزئه أن يتصدق به حيـا سماه هديا، والهدي يجب ذبحه، وله ذبحه أي وقت شاء فـال يخـتص بأيام النحر ألن األمر به مطلق، أو تقويم المثل بدراهم فإذا علـم مثـل الصيد الذي وجب عليه جزاؤه قوم المثل ال الصيد بدراهم أو غيرها من

يه وبقـرب النقود الرائجة، ويكون التقويم بالموضع الذي أتلف الصيد فمحل تلف الصيد، ويكون التقويم بمحل اإلخراج إذا لـم يكـن موضـع اإلتالف أو قربه، ويشتري بالنقود التي هي قيمه المثل طعاما يجزئ في الفطرة وهو البر والشعير والتمر والزبيب واألقط كواجب في فديه أذى

.وكفارةمـع وجزم الشيخ مرعي بن يوسف في الغاية بإجزاء قـوت غيـره

.عدمه وما جزم به مرعي له وجه صحيح، واهللا أعلموأن أحب أخرج من طعام مجزئ يملكه بقدر القيمة متحريا العدل فال

يجب عليه الشراء من غيره إذا كان موجودا عنده وال يجوز أن يتصدق بالدراهم، ألن اهللا تعالى ذكر في اآلية التخيير بين ثالثة أشـياء وهـذا

عم كل مسكين من مساكين الحرم مدا من حنطة أو نصف ليس منها فيطصاع من غيرها، ألن دبل الهدي الواجب للمساكين أو يصوم عن طعام

ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل : (كل مسكين يوما لقوله تعالىمن النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بـالغ الكعبـة أو كفـارة طعـام

فعطف بأو، وهي للتخيير، قال في اإلقناع ) صياما مساكين أو عدل ذلك

وإن بقي من الطعام ما ال يعدل يوما بـأن كـان دون طعـام : وشرحه .مسكين صام عنه يوما كامال ألن الصوم ال يتبعض انتهى

وإن بقي دونه صـام يومـا انتهـى قـال : قال في المنتهى وشرحه اء؟ وظاهر كالم اإلقنـاع انظر هل المراد مع إخراج ذلك الجز: الخلوتي

بل صريحه أن الكالم مفروض فيما إذا صام بقدر عدد األمداد وبقي من الطعام المعدل باأليام أقل من مد فإنه يصوم عنه يوما كامال، وال يجمع بين الصوم واإلطعام، قال الشيخ عثمان النجدي على قوله في المنتهى

اختار الصيام عن اإلطعام وإن بقي دونه صام يوما، يعني إذا: وشرحهفبقي ما ال يعدل طعام مسكين صام يوما كامال كما لو كان الطعام عشرة أمداد بر ونصفا فيصوم أحد عشر يوما، أما لـو أحـب اإلطعـام فـي الصورة المذكورة فالظاهر أنه يخرج ما معه وال يجب عليه تكميـل وال

عض الجزاء ويطعـم وال يجوز أن يصوم عن ب: صيام، قال في اإلقناععن بعضه انتهى كالم الشيخ عثمان، وما قاله الشيخ عثمان ظـاهر ال

وإن بقـي دونـه : غبار عليه، وهو مراد األصحاب وال يفهم من قولهمصام يوما أنه إذا أطعم عشرة أمداد وبقي نصف مد صام عنـه يومـا كامال ألنه تبيعض للجزاء وهو ممنوع يدل لـذلك قولـه فـي اإلقنـاع

وال يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن بعضه نص : وشرحهومثله . عليه ألنها كفارة واحدة فلم يجز فيها ذلك كسائر الكفارات انتهى

.في شرح المنتهى، واهللا أعلموال يجب التتابع في هذا الصوم لعدم الدليل عليه واألمر بـه مطلـق

له خير بـين أن يشـتري فيتناول الحالين وإن كان الصيد مما ال مثل بقيمته طعاما يجزئ في الفطرة، وإن أحب أخرج من طعام يملكه بقـدر

ربع صاع أو : القيمة كما تقدم فيطعمه للمساكين لكل مسكين مد بر، أينصف صاع من غيره من تمر أو شعير أو زبيـب أو أقـط، وبـين أن

اه، قـال يصوم عن كل طعام مسكين يوما لتعذر المثل فيخير فيما عـد الشيخ عثمان بن قائد فتكون المساكين بقدر األمداد وأنصاف اآلصـع،

.وأيام الصوم بقدر المساكين انتهىمن أضرب الفدية على الترتيب، وهـو علـى ثالثـة : الضرب الثاني

:أنواعفمن تمتع : (دم المتعة والقران فيجب الهدي لقوله تعالى: النوع األول

وقيس القارن عليه لترفهـه ) استيسر من الهديبالعمرة إلى الحج فما بترك أحد السفرين كالمتمتع، بل القران أولى ألن أفعال المتمتع أكثر من أفعال القارن، والدم الذي يجب على المتمتع والقارن هو دم نسك ال دم جبران، فإن عدم المتمتع والقارن الهدي موضعه أو وجده يباع وال ثمن

يام ثالثة أيام في الحج، قيل معناه في أشهر الحج، معه إال في بلده فصوقيل معناه في وقت الحج وال يلزمه أن يقترض ثمن الهدي، ولو وجد من يقرضه ويعمل بظنه في عجزه عن الهدي فإن الظاهر من المعسـر استمرار إعساره فلهذا جاز للمعسر االنتقال إلى الصـوم قبـل زمـان

يوم النحر، واألفضل أن يكون آخر وجوب الصوم ألنه يجب بطلوع فجرالثالثة يوم عرفة نص عليه أحمد فيصوم يوم عرفـة هنـا اسـتحبابا للحاجة إلى صومه ويقدم اإلحرام بالحج قبل يوم التروية الذي هو اليوم الثامن فيكون اليوم السابع من ذي الحجة محرما فيحرم قبـل طلـوع

األفضـل أن : لحج، وعنهفجره وهو أولها ليصومها كلها وهو محرم با! يكون آخرها يوم التروية وهو اليوم الثامن ومال إليه صاحب الفـروع

وروى عن ابن عمر وعائشة، فعلى هذه الرواية يحرم قبل طلوع فجـر يوم السادس ويصوم السادس والسابع والثامن ويقف بعرفات مفطـرا

الصـيام وهذا أرفق له خصوصا في أيام الحر فإن الوقوف بعرفة مـع يشق وله تقديم األيام الثالثة قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بـالعمرة وأن يصومها في إحرام العمرة ألن إحرام العمرة أحد إحرامـي التمتـع فجاز الصوم فيه وبعد كاإلحرام بالحج، وألنه يجوز تقديم الواجب علـى

هر وقت وجوبه إذا وجد سبب الوجوب وهو هنا إحرامه بالعمرة في أشالحج كتقديم الكفارة على الحنث بعد اليمين، وال يجـوز تقـديم صـوم الثالثة قبل إحرام العمر لعدم وجود سبب الوجوب كتقديم الكفارة علـى

.اليمينوهل إذا صام الثالثة قبل وقت وجوبها لعسرته ثم أيسر : قال الخلوتي

ن موسـرا وقت وجوبها يلزمه هدي؟ الظاهر أنه يلزمه ألنه تبين أنه كاوقت الوجوب إذ وقت الوجوب إنما يدخل بفجر يوم النحر كما تقدم ثـم

يلزمـه، ولعـل : رأيت في المسألة خالفا فقال ابن الزاغوني في اإلقناعإطالق كثيـر يخالفـه، أي كـالم ابـن : علته ما تقدم، وقال ابن رجب

جمـع أنه ال يلزمه ألنه يلزم عليه ال: الزاغوني، يعني فاختيار ابن رجببين البدل والمبدل منه فليحرر، وقد نقل شيخنا عبارة ابن رجـب فـي

انتهى كالم الخلوتي، ومـراد الخلـوتي . القواعد في القاعدة الخامسةبقوله شيخنا الشيخ منصور وعبارة ابن رجب في القواعد قال ومنهـا إذا كفر المتمتع بالصوم ثم قدر على الهدي وقت وجوبه فصـرح ابـن

ي اإلقناع بأنه ال يجزئه الصوم وإطالق األكثرين يخالفه بـل الزاغوني فوفي كالم بعضهم تصريح به وربما أشعر كالم أحمد بذلك ألنـه صـوم

صح فبرئت ذمته به فصادف وقت وجوب الهدي ذمته بريئة من عهدة قلت ويأتي الكالم على هذا قريبـا . الواجب، انتهى من القاعدة الخامسة

.إن شاء اهللا تعالى: وقت وجوب صوم األيام الثالثة المذكورة في قوله جل وعال): تنبيه( وقت وجوب الهدي وهو طلوع فجر يـوم ) فصيام ثالثة أيام في الحج(

.النحر على ما تقدم ألنها بدلهصوم الثالثة بعد اإلحرام بالعمرة أو في إحرام العمرة وقبـل ): فائدة(

م بالحج أولها للسابع وآخرها اإلحرام بالحج جائز، وصومها وهو محرالتاسع سنة فضيلة، وصومها أيام منى واجب مع أن أيام منى وهي أيام التشريق ال يجوز صومها عن تطوع وال عن واجب إال عن دم التمتـع

: والقران واهللا أعلم، وإذا رجع إلى أهله صام سبعة أيام لقولـه تعـالى عة إذا رجعتم تلك عشـرة فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسب(

).كاملةوال يصح صوم السبعة بعد إحرامه بالحج قبل فراغه منه، ألن المراد،

يعني من عمل الحج ألنه المذكور، ) إذا رجعتم: (واهللا أعلم بقوله تعالىوال يصـح . وال يصح صوم السبعة في أيام منى لبقاء أعمال من الحج

الزيارة ألنه قبل ذلك لم يرجع من صوم السبعة بعد أيام منى قبل طواف. عمل الحج، وكذا ال يصح صوم السبعة بعد طواف الزيارة وقبل السعي

وإن صام السبعة بعد الطواف والسعي صح ذلك ألنه رجع مـن عمـل الحج، واالختيار أن يصومها إذا رجع إلى أهله، أي وطنه لحديث ابـن

م يجد فليصم ثالثة أيام فمن ل: (عمر أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قالقلت وهـذا الحـديث . متفق عليه). في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله

دليل واضح على أن المراد بالرجوع في اآلية الكريمة الرجوع إلى أهله وقال في المنتهى وإن صامها قبل بعـد إحرامـه . أي وطنه واهللا أعلم

.يام السبعةبحج أجزأ لكن ال يصح أيام منى انتهى، يعني بذلك صأي بعد فراغه من الحـج : قال الخلوتي قوله بعد إحرامه بحج أجزأه

وبعد مضي أيام منى كما يأتي في قوله لكن ال يصح أيام منى كما يعلم بإذا فرغتم من ) وسبعة إذا رجعتم: (من التقييد، ومن تفسير قوله تعالى

اب الكناية أعمال الحج انتهى، قال الشيخ عثمان، وعلى هذا فهو من بحيث أطلق صاحب المنتهى الملزوم وهو اإلحرام بـالحج وأراد الـالزم وهو الفراغ منه وإال فظاهره غير مراد، ولهذا اعترض الحجاوي على من عبر بذلك كالمنقح والمصنف انتهى، ومـراده بالمصـنف صـاحب

وكالم المنتهى هنا غير محرر انتهى، قلت : المنتهى، قال الشيخ مرعيال صاحب المنتهى وإن صام السبعة قبل رجوعه إلى أهـل بعـد ولو ق

فراغه من الحج أجزأ لما ورد عليه اعتراض، واهللا أعلم، فإن لم يصم الثالثة قبل يوم النحر صام أيام منى كما تقدم، وهي أيام التشريق لقول

لم يرخص في أيام التشـريق إال لمـن لـم يجـد : (ابن عمر وعائشةاري، وألن اهللا تعالى أمر بصيام األيام الثالثـة فـي رواه البخ). الهدي

الحج ولم يبق من الحج إال هذه األيام فتعين فيها الصوم، وال دم عليـه إذا صامها أيام منى ألنه صامها في الحج فإن لم يصم الثالثة في أيـام منى وال قبلها ولو لعذر كمرض صام بعد ذلـك عشـرة أيـام كاملـة

يه دم لتأخيره واجبا من مناسك الحج عن وقتـه استدراكا للواجب وعلكتأخير رمي جمار عن أيام منى، وكذا إن أخر الهدي عن أيـام النحـر لغير عذر فعليه دم لتأخير الهدي الواجب عن وقته، فإن كان لعذر كأن

ضاعت نفقته فال دم عليه وليس عليـه إال القضـاء كسـائر الهـدايا تأخير صيام الثالثة عـن أيـام منـى الواجبة، فإن قيل ما الفرق بين

وتأخير الهدي عن أيام النحر حيث أوجبوا في األول بالتأخير عن أيـام منى دما ولو لعذر ولم يوجبوا في الثاني دما إذا كان التأخير عن أيـام النحر لعذر؟ قيل الفرق بينهما أن صوم الثالثة متسع وقتها ألن أولـه

ق العذر له بخالف أيام النحر التي هي من إحرامه بالعمرة فيندر استغرا .زمن الهدي فإن وقتها ليس بمتسع، واهللا أعلم

وال يجب تتابع وال تفريق في صوم الثالثـة : قال في اإلقناع وشرحه وال في صوم السبعة وال بين الثالثة والسـبعة إذا قضـي الثالثـة أو

ي جمعـا وال صامها أيام منى ألن األمر ورد بها مطلقا، وذلك ال يقتض .تفريقا انتهى ومثله في المنتهى

قوله إذا قضي، التقييد به جرى على الغالب وإال فلـو : قال الخلوتي صام أيام منى عن الثالثة صح وكان أداء، وال يجب بينها وبين السبعة حينئذ تتابع وال تفريق، ومما تقرر تعلم أن قوله إذا قضي راجع للثالثة

.محل لها معين حتى تقضي بفواته انتهى فقط، إذ السبعة الوقول الخلوتي وإال فلو صام أيام منى عن الثالثة صـح وكـان أداء،

فيقال ال يفهم من عبارة اإلقناع وشرحه أنه إذا صاح الثالثة أيام منـى أنها تكون قضاء ألن صاحب اإلقناع وشرحه أراد أنه إذا قضى الثالثـة

ه الخلوتي لكانت عبارة اإلقناع وشـرحه بعد أيام منى ولو كان كما فهمهكذا إذا قضي الثالثة أو قضاها أيام منى لكنه قال أو صامها أيام منـى

.فتدبر

والظاهر أن محل عدم وجوب التتابع في صيام الثالثة إذا صامها في غير أيام التشريق، أما إذا صامها فيها فإنه يجب التتابع ألنه لم يبق من

يام الثالثة فتعين فيها الصوم ولم أر من نبـه علـى الحج سوى هذه األومتى وجب عليه الصوم لعجزه عـن الهـدي وقـت . ذلك، واهللا أعلم

وجوبه فشرع في الصوم أو لم يشرع فيه ثم قدر على الهدي لم يلزمه االنتقال إليه اعتبارا بوقت الوجوب كسائر الكفارات وإن شاء انتقل عن

صل، ومعنى هذا أنه لو طلع عليه فجر يـوم الصوم إلى الهدي ألنه األالنحر وهو معسر ولم يصم الثالثة ثم أيسر جاز له الصوم وال يلزمـه الهدي، فإن شاء االنتقال من الصوم إلى الهدي فله ذلك ألن الهدي هو

.األصلوإن صام قبل الوجوب لعسرته ثـم قـدر علـى : قال الشيخ منصور

اغوني بأنـه ال يجزئـه الصـوم، الهدي وقت الوجوب فصرح ابن الزوإطالق األكثرين يخالفه، وفي كالم بعضهم تصريح به قاله في القاعدة الخامسة، واقتصر عليه في اإلنصاف انتهى، وتقدم الكـالم فـي هـذه المسألة قريبا، قال في المنتهى وشرحه وال يلزمه من قدر على هـدي

ه أي الصوم شـرع بعد وجوب صوم بأن كان بعد يوم النحر انتقال عنفيه أي الصوم أو فال، اعتبارا بوقت الوجوب فقد استقر الصـوم فـي

.ذمته وإن أخرج الهدي إذا أجزأ، ألنه األصل انتهىقوله بعد وجوب صوم ظاهره أنه لو صام قبل وجوبـه : قال الخلوتي

ثم قدر على الهدي زمن وجوب صوم وهو يوم النحر أنه يلزمه الهدي قلت الظـاهر أنـه ال يلزمـه . عليه ابن الزاغوني انتهىوهو ما مشى

الهدي إذا قدر عليه بعد صوم الثالثة حال عسرته ولو كان صيامه قبل

وجوب صوم ألنه يلزمه منه الجمع بين البدل والمبدل منه وهـو غيـر ومن لزمه صوم المتعة فمات قبل أن يأتي بـه . الزم شرعا واهللا أعلم

بأن أمكنه الصوم ولم يصم أطعم عنه لكل يـوم كله أو بعضه لغير عذر مسكين من تركته إن كانت وإال استحب لوليه كقضاء رمضان وال يصام عنه لوجوبه بأصل الشرع، بخالف النذر، وإن كان لعذر فال إطعام عنه

.لعدم تقصيره وال شيء عليهال دخل لإلطعام في فدية التمتع والقران إذا كان من وجبـت ): تنبيه(

عليه الفدية حيا وإنما الواجب عليه الهدي، فإن لم يجد فالصـيام كمـا .تقدم، واهللا أعلم

: المحصر يلزمه الهدي لقوله تعـالى : النوع الثاني من الضرب الثاني ينحره بنية التحلل مكان اإلحصار ) فإذا أحصرتم فما استيسر من الهدي(

على هـدي التمتـع فإن لم يجد المحصر الهدي صام عشرة أيام قياسابنية التحلل ثم حل، وليس له التحلل قبل الذبح أو الصوم، وال إطعام في هذا النوع كما أن فدية التمتع ال إطعام فيها إذا كان من وجبت عليه حيا كما تقدم التنبيه على ذلك، ووجه قياس المحصر على المتمتع هو كون

فمن تمتع : (المتمتعوجوب الهدي فيهما بالنص في قوله تعالى في حق بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام

فـإن : (وفي قوله تعالى في حق المحصر). في الحج وسبعة إذا رجعتم ).أحصر تم فما استيسر من الهدي

فلما كان كذلك قاسموا ما يقوم مقامه وهو الصيام في اإلحصار عنـد ص عليه في التمتع، وهو الصـيام إذا لـم يجـد عدم الهدي على ما ن

.الهدي، هذا ما ظهر لي واهللا أعلم

فإن قيل لم اعتبرت النيـة فـي المحصـر دون : قال الشيخ الفتوحي غيره؟ فالجواب إنما اعتبرت ألن من أتى بأفعال النسك أتى بما عليـه

ـ ن فحل بإكماله فلم يحتج إلى نية بخالف المحصر، فأنه يريد الخروج م .انتهى. العبادة قبل إكمالها فافتقرت إلى نية

فدية الوطء أو إنزال مني بمباشـرة : النوع الثالث من الضرب الثاني دون فرج لشهوة أو قبلة أو استمناء أو لمس أو تكرار نظر لشهوة في حج قبل التحلل األول فتجب بذلك بدنة أو ما قام مقامها كالبقرة وسـبع

ثالثة في . بدنة أو ما يقوم مقامها صام عشرة أيامشياه، فإن لم يجد الالحج وسبعة إذا رجع، أي فرغ من عمل الحج كـدم المتعـة لقضـاء الصحابة به، قاله ابن عمر وابن عباس وعبد اهللا بن عمرو رواه عنهم

وتجب شـاة . األثرم ولم يظهر لهم مخالف في الصحابة فيكون إجماعافي الباب قبله أن الوطء يفسد النسك إن كان الوطء في العمرة، وتقدم

قبل التحلل األول، والوطء بعد التحلل األول، وقبـل الثـاني ال يفسـد .النسك، بل يفسد اإلحرام فليعاود ذلك حيث استوفينا فيه الكالم

ويجب بالوطء في حـج قبـل : قال الخلوتي في حاشته على المنتهى فإن لم يجدها هـل يصـوم التحلل األول بدنة وبعده شاة على ما تقدم

عشرة أيام لذلك أو تستقر في ذمته حتى يجدها؟ وهل هي كفدية الوطء وقال : في الترتيب أو كفدية األذى في التخيير؟ الذي اختاره شيخنا األول

ويجب بوطء في عمرة شاة، وإذا لم يجدها هل يصـوم : الخلوتي أيضابفدية األذى، أو فدية عشرة أيام لذلك؟ وهل هي فدية تخيير إلحاقا لها

ترتيب إلحاقا لها بفدية الوطء؟ توقف فيه شيخنا، يعني الشيخ منصـور ثم استظهر أنه يصوم لذلك وأنها كفيدة الوطء انتهى كـالم الخلـوتي،

: وتعقبه الشيخ عثمان بن قائد النجدي في حاشيته على المنتهى، فقـال ن قول الشارح، يعنـي أقول هذا البحث نشأ من الغفلة مما يأتي قريبا م

منصورا في شرح المنتىهى، وكذلك لو وطيء فـي العمـرة أي فـإن الواجب عليه كفدية األذى صيام أو صدقة أو نسك، وعلى هـذا فـذكر المصنف، يعني الشيخ الفتوحي في المنتهى، الشاة فـي الـوطء فـي العمرة مع ما هو مرتب غير ظاهر إال أن يقال إن المقصود ذكر فديـة

طء في الحج قبل التحلل األول وهي مرتبة، وأما فدية العمرة فذكرت الوولهذا لم يتعـرض المصـنف، : بطريق التبعية ال لكونها من هذا القسم

والحاصل أنه . يعني التوحي لما إذا لم يجد الشاة كما فعل في بدنة الحجمتى وجب في الوطء شاة في حج بعد التحلل األول، أو في عمرة فـإن

ال تجب بخصوصها بل على التخيير المذكور على ما نقله الشيخ الشاة منصور في شرحه هنا وفي شرح اإلقناع عن الشـرح الكبيـر فتـدبر

.انتهى كالم الشيخ عثمان: قال في اإلنصـاف : ما قاله الشيخ عثمان هو صريح عباراتهم: قلت

فـي ومثال فعل المباشرة الموجبة للدم كل استمتاع يوجب شاة كالوطء العمر وبعد التحلل األول إن قلنا به والمباشرة من غير إنزال ونحو ذلك

. إذا قلنا تجب شاة فحكمها حكم فدية األذى على ما تقدم في أول البابوهذا أيضا من غير خالف جزم به الشارح وابن منجا وغيرهما انتهى،

الوطء إذا تقرر هذا فما أوجب شاة كالوطء في الحج بعد التحلل األول وصيام ثالثـة أيـام أو : في العمرة فحكمها حكم فدية األذى على التخيير

إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة تجزئ في األضحية أو سـبع بدنـة أو .سبع بقرة، واهللا أعلم

ويجب على المرأة المطاوعة مثل ذلك المذكور في الحج والعمر، وال : ه عليه الصالة والسـالم تجب فدية الوطء على المكرهة والنائمة لقول

وال يجب علـى ) عفى ألمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه( .الواطئ أن يفدي عنها وتقدم في الثامن من محظورات اإلحرام

الدماء الواجبة لغير ما تقدم كـدم : الضرب الثالث من أضرب الفدية طلـع وجب لفوات الحج بعدم وقوفه بعرفة لعذر حصر أو غيره حتـى

فجر يوم النحر ولم يشترط أن محلي حيث حبستني فإن كان اشترك فال دم عليه، أو وجب الدم لترك واجب كترك اإلحـرام مـن الميقـات أو الوقوف بعرفة إلى الليل لمن وقف نهارا وسائر الواجبات كترك المبيت بمزدلفة أو ليالي منى أو رمي الجمار أو طواف الوداع فيلزمـه مـن

تيسر كدم المتعة من حكمه وحكم الصيام بدله، أعني أنه يجب الهدي مافإن عدم الهدي صام ثالثة أيام فـي . عليه دم كدم المتعة على الترتيب

الحج وسبعة إذا رجع هكذا صرح في اإلقناع والمنتهـى وغيرهمـا أن الدم الواجب لفوات حج أو لترك واجب حكمه حكم دم التمتع، يعني على

يام ثالثة أيام في الحج إن أمكن ذلك فأما إذا لم يمكـن الترتيب، لكن صكما إذا ترك طواف الوداع أو رمي إحدى الجمرات في أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى ليلة اليوم الثاني أو الثالث فإنه يصوم عشرة أيام بعد

أما إن ترك المبيت بمنى ليلة أحد عشر فإنه يمكنه أن يصوم أيام . الحج .الثالثة، وحينئذ يكون قد صام ثالثة أيام في الحج، واهللا أعلم التشريق

لكن في مسألة الفوات ال يتصور صوم الثالثة قبل : قال الشيخ منصور يوم النحر ألن الفوات إنما يتحقق بطلوع فجره وإنما ألحق بدم التمتـع لتركه بعض ما اقتضاه إحرامه كالمترفه يترك أحد السفرين ولم يلحـق

حصار مع أنه أشبه به إذا هو إحالل من إحرامه قبـل إتمامـه، ألن باإلالبدل في اإلحصار ليس منصوصا عليه وإنما ثبت قياسا، وقياسه على األصل المنصوص عليه أولى، على أن الهدي هنـا كهـدي اإلحصـار والصيام مثل الصيام عن دم اإلحصار إال أن التحلـل فـي اإلحصـار ال

الهدي أو الصيام بنية التحلل وهذا يجوز قبـل الحـل يجوز إال بعد ذبح .وبعده انتهى كالمه

ومعنى كالم الشيخ منصور هذا أن الصيام ليس منصوصا عليه فـي اإلحصار وإنما ثبت قياسا على التمتع فألحق الفوات بدم التمتـع ولـم يلحق بدم اإلحصار ألنهم قد جعلوا هـدي التمتـع أصـال حيـث كـان

يه وعلى بدله، وهو الصيام في اآلية الكريمـة، وقاسـوا منصوصا علعليه دم اإلحصار كما تقدم في النوع الثاني من الضرب الثاني ألنه لـم

.ينص فيه على الصيام فصار كالفرعولما كان األمر كذلك قاسوا دم الفوات على األصل المنصوص عليـه

قيسـوه علـى وعلى بدله، وهو هدي التمت وبدله وهو الصيام، ولم يالفرع، وهو دم اإلحصار الذي نص فيه في اآلية الكريمة على الهـدي فقط ولم ينص فيه على بدله وهو الصـيام وإن كـان الفـوات أشـبه باإلحصار محافظة على أولوية القياس على األصل المنصـوص عليـه

فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسـر : (وعلى بدله في قوله تعالى). فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعـتم من الهدي

.اآلية، واهللا أعلموما وجب من الدماء للمباشرة في غير الفرج كالقبلة واللمس والنظر

بشهوة، فما أوجب منه بدنة وهو الذي فيه إنزال وكان قبل التحلل األول

الترتيـب من الحج فحكمه حكم البدنة الواجبة بالوطء في الفرج علـى فتجب البدنة أو ما يقوم مقامها، كالبقرة وسبع شياه، فإن لم يجد ذلـك صام عشرة أيام ثالثة في الحج وسبعة إذا رجع، ألنه دم وجب بسـبب المباشرة أشبه الواجب بالوطء في الفرج، وما عدا ما يوجب بدنه، بـل

لل األول أوجب دما كاستمتاع لم ينزل فيه وكالوطء في العمرة وبعد التحفي الحج فإنه يوجب شاة، وحكمها حكم فدية األذى لما في ذلـك مـن الترفه وهي على التخيير كما تقدم، وقد قال ابـن عبـاس رضـي اهللا

عليه فدية مـن : فيمن وقع على امرأته في العمرة قبل التقصير(عنهما .رواه األثرم). صيام أو صدقة أو نسك

يير الهدي أو صيام ثالثـة أيـام أو ففدية األذى يجب فيها على التخ إطعام ستة مساكين، وهي صاع ونصف من البر لكل مسكين ربع صاع أو ثالثة آصع من غيره مما يجزئ في فطرة لكل مسكين نصف صـاع

.وتقدم شيء من ذلك في النوع الثاني من الضرب األول من هذا البابفأمنى أو استمنى وإن كرر النظر فأمنى أو قبل فأمنى أو لمس لشهوة

فأمنى وكان ذلك قبل التحلل األول فعليه بدنة قياسا على الوطء، فإن لم ام ثالثة في الحج وسبعة إذا رجع كما تقدم قريبا، ]يجدها صام عشرة أ

وإن كرر النظر قبل التحل األول أو بعده وقبل الثاني فأمـذى أو قبـل عليه شاة ألنه يحصل فأمذى أو لمس لشهوة فأمذى أو استمنى فأمذى ف

به التذاذ، أو أمنى بنظرة واحدة قبل التحلل األول أو بعده وقبل الثـاني فعليه شاة أو صيام ثالثة أيام أو إطعام ستة مساكين كفدية األذى ألنـه فعل يحصل به اللذة أوجب اإلنزال أشبه اللمس، وإن لم ينزل بـالنظرة

شيء عليه لقوله صلى اهللا الواحدة فال شيء عليه أو أنزل علن فكر فال

إن اهللا عفا ألمتي عما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو : (عليه وسلممتفق عليه، وألنه ال نص فيه وال إجماع، وال يصح قياسه على ). تتكلم

تكرار النظر ألنه دونه في استدعاء الشهوة وإفضـائه إلـى اإلنـزال، الكراهة إذا تعلـق بمباحـة ويخالفه في التحريم إذا تعل بأجنبية، وفي

كصائمة فيبقى على األصل، وأن أمذى بنظرة من غير تكرار للنظر فال شيء عليه لمشقة االحتراز منه أو احتلم فال شيء عليه ألنه ال يمكـن االحتراز منه، وخطأ في كل ما تقدم من المباشرة دون الفرج وتكـرار

كعمد في حكم الفدية النظر والتقبيل واللمس لشهوة أنزل أو أمذى أو الكالوطء فال تختلف الفدية بالخطأ والعمد فيه، والمرأة كالرجل مع شهوة فيجب عليها مع الشهوة ما يجب عليه الشتراكهما في اللذة، فـإن لـم

.توجد منها شهوة فال شيء عليهاعبارات األصحاب صريحة فـي أن االسـتمتاع فيمـا دون ): مسألة(

ه شاة فهل تجب الشاة حتى لو لم يمذ وحتى لو الفرج بال إنزال يجب بكان االستمتاع بعد التحلل األول وقبل الثاني أو ال؟ وهل إذا كرر النظـر أو قبل أو لمس لشهوة أو استمنى فلم ينزل ولم يمذ عليه شـاة أو ال؟ وهل يفرق بين ما إذا حصل ذلك قبل التحلل األول وبين ما إذا حصـل

وقبل الثاني أو ال؟ ينبغي أن يحرر، فأقول وبـاهللا ذلك بعد التحلل األولوأما االستمتاع بال إنزال فيجـب بـه : قال في اإلقناع وشرحه: التوفيق

.شاة كما تقدم انتهىفظاهرة أن الشاة تجب على المستمتع بما دون الفرج إذا لـم ينـزل

ذلـك سواء أمذى أم لم يمذ، أما إن أنزل باالستمتاع فعليه بدنة إذا كانوما أوجـب مـن : قبل التحلل األول كما تقدم، قال في المنتهى وشرحه

ذلك شاة كما لو أمذى بذلك أي المباشرة دون الفـرج وتكـرار النظـر والتقبيل واللمس بشهوة فكفدية أذى أو باشر ولم ينزل أو أمنى بنظرة

وخطأ في الكل، أي كل مـا ذكـر مـن : وقال أيضا. فكفدية أذى انتهىدون الفرج وتكرار نظر وتقبيل ولمس بشهوة أنزل أو أمذى أو مباشرة

.ال، كعمد في حكم الفدية كالوطء انتهىوروى األثرم بإسناده عن عبد الرحمن بن الحارث أن : قال في المغني

عمر بن عبد اهللا قبل عائشة بنت طلحة محرما فسأل فأجمه له على أن ل ألنه لم يذكر، وسواء أمذى أو لم يهريق دما، والظاهر أنه لم يكن أنز

إن قبل فأمذى أم لم يمذ فعليـه دم، وسـائر : يمذ، وقال سعيد بن جبيراللمس بشهوة كالقبلة فيما ذكرنا ألنه استمتاع يلتذ به فهو كالقبلة، قال أحمد فيمن قبض على فرج امرأته وهو محرم فإنه يهريـق دم شـاة،

فصل، فإن : فيهرق دما إلى أن قال إذا قبل المحرم أو لمس: وقال عطاءكرر النظر حتى أمذى، فقال أو الخطاب عليه دم، وقال القاضي ذكـره الخرقي قال القاضي ألنه جزء من المني وألنه حصل به التـذاذ فهـو

وإن لم يقترن بالنظر مني أو مذي فال شيء عليه سواء كرر . كاللمسجرد امرأته ولم يكن منه وقد روي عن أحمد فيمن . النظر أم لم يكرره

غير التجريد أن عليه شاة، وهذا محمول على أنه لمس فإن التجريد ال يعري عن اللمس ظاهرا أو على أنه أمني أو أمذي، أما مجرد النظر فال شيء فيه فقد كان النبي صلى اهللا عليه وسلم ينظر إلى نسـائه وهـو

.محرم، وكذلك أصحابه انتهىإحـداهما : إذا كرر النظر فأنلز ففيه روايتـان : يرقال في الشرح الكب

وهو المذهب إذا كان قبـل : قلت. عليه بدنة روى ذلك عن ابن عباس

التحلل األول في الحج، والثانية عليه شاة، وهو قول سعيد بـن جبيـر وروى أيضا عن ابن عباس، وقال أبو ثور ال شيء عليه وحكى عـن

شرة فأشبه الفكر، ولنا أنـه إنـزال أبي حنيفة والشافعي ألنه ليس بمبابفعل محظور فأوجب الفدية كاللمس، وقد روى األثرم عن ابن عبـاس

فعل اهللا بهذه وفعل إنها تطيبت لـي (رضي اهللا عنهما أنه قال له رجل تـم حجـك : فكلمتني وحدثتني حتى سبقتني الشهوة، فقال ابن عبـاس

كذلك ذكره أبو الخطاب فإن كرر النظر فأمذى فعليه شاة، و) وأهرق دماألنه جزء من المني لكونه خارجا بسبب الشهوة وألنه حصل به التـذاذ فهو كاللمس، فإن لم يقترن به مني وال مذي فال شيء عليه كرر النظر أو لم يكرره، وقد روي عن أحمد فيمن جرد امرأته ولم يكن منه غيـر

تجريد ال يخلـو التجريد أن عليه شاة وهو محمول على أنه لمس فإن العن اللمس ظاهرا أو على أنه أمنى أو أمذى، أما مجرد النظر فال شيء فيه، فقد كان النبي صلى اهللا عليه وسلم ينظر إلى نسائه وهو محـرم

.وكذلك أصحابه انتهىقلت ومن هذه العبارات التي سقناها يظهر أن المباشرة دون الفـرج

فيها شاة حتى لو لـم يحصـل بقبلة أو لمس بشهوة أو استمناء يجببالمباشرة مني وال مذي ولو كان ذلك بعد التحلل األول لبقاء التحـريم وإطالقهم وجوب الفدية ويكون حكمها حكم فدية األذى على التخييـر، وتقدم بيان الفرق بين المني والمذي فيما إذا كانت المباشرة دون الفرج

.قبل التحلل األولإنه إذا لم يحصل بسببه مني وال مذي فـال كفـارة وأما تكرار النظر ف

فيه إال أنه إذا كان بشهوم يحرم ذلك على المحرم، وأما إذا أمذى بنظرة

واحدة فال شيء عليه لمشقة التحرز كما أنه ال شيء على مـن فكـر فأنزل وال على من احتلم، هذا ما ظهر لي من كالمهم في هذه المسألة،

.واهللا سبحانه أعلم :فصل -- وإن كرر محظورا في إحرامه من جنس واحد غير قتل صيد مثـل أن

حلق ثم أعاد الحلق أو قلم أظفاره ثم أعاد أو لبس مخيطا ثم أعاد لبسه أو غيره، وكذا لو تعدد السبب فلبس لبرد، ثم نزع ثم لبس لنحو مرض أو تطيب، ثم أعاد أو وطيء، ثم أعاد أو فعل غيرها من المحظـورات

ن باشر دون الفرج، ثم أعاد ذلك ثانيا ولو غير الموطوءة أو ال فعليه كأكفارة واحدة للكل تابع الفعل أو فرقه ألن اهللا تعالى وتدقس أوجب فـي حلق الرأس فدية واحدة ولم يفرق بين ما وقع في دفعة أو دفعات، فلو قلم ثالثة أظفا أو قطع ثالثة شعرات ثم قلم أو قطع مثل ذلك في وقـت

آخر قبل التكفير لزمه كفارة واحدة، وهي دم أو صيام ثالثـة أيـام أو إطعام ستة مساكين ولم تلزمه كفارة ثانية، ومثل ذلك إذا لبس المحـرم لعذر البرد أو المرض ونحوهما فزال العذر لزمه الخلع في الحال فـإذا عاد عليه العذر من البرد أو المرض فله أن يلبس، فإذا زال خلع وهلم جرا، وعليه في ذلك كفارة واحدة إن لم يكفر عن الفعل األول، فإن كفر عن الفعل األول لزمه عن الثاني كفارة ثانية ، وهكذا أبدا ألن السـبب الموجب للكفارة الثانية غير عين السبب الموجب للكفارة األولى فأشبه

.ما لو حلف ثم حنث وكفر ثم حلف ثانيا وحنث فإنه يكفر أيضاأنه إن كرره ألسباب مثل أن لبس للبرد : ن اإلمام أحمد رحمه اهللاوع

ثم لبس للحر ثم لبس للمرض فكفارات، وإن كان لسبب واحد فكفـارة

واحدة، وروى األثرم عن اإلمام أحمد فيمن لبس قميصا وجبة وعمامة وغير ذلك لعلة واحد فكفارة واحدة، فإن اعتل فلبس جبة ثم بـرأ ثـم

ال، هذا عليه كفارتان، وقال ابن أبي موسى في : ، فقالاعتل فلبس جبةإذا لبس وغطى رأسه متفرقا وجب عليه دمان وإن كان فـي : اإلرشاد

والمذهب ما ذكرناه أوال مـن أنـه ال . وقت واحد، فعلى روايتين انتهىفرق بين ما وقع في دفع أو دفعات أو اختلف سببه وكرره ألجهل مثـل

اتحد سببه في أنه ليس عليه إال كفارة واحدة المرض والبرد والحر أو .ما لم يكفر عن الفعل األول على ما تقدم

فإن لبس قميصا وسراويل وعمامـة وخفـين : قال في الشرح الكبير كفاه فدية واحدة ألن الجميع لبس فأشبه الطيب في رأسه وبدنه وفيـه

ح خالف ذكرناه فيما مضى انتهى، وقد نقل الشيخ منصـور فـي شـر اإلقناع عبارة الشرح الكبير هذه معتمدا عليها، قـال فـي المنتهـى أو

.لبسأي ثوبا في بدنه أو رأسـه أو خفـا فهـو : قال الخلوتي في حاشيته

.انتهى. موافق لما نبه عليه في اإلنصاف من أن الثالثة من جنسإذا لبس وغطى رأسه ولـبس الخـف ففديـة : قال الزركشي وغيره

.الجميع من جنس واحد قاله في اإلنصاف، انتهى واحد، ألنعمـوم كـالم : قال الشيخ عثمان النجدي في حاشيته على المنتهـى

الزركشي يقتضي أن تغطية الرأس بجميع أنواعها حتى بالتظليل بمحمل متحدة مع لبس المخيط، والمفهوم من اإلقناع التفصيل، وهـو أنـه إن

لبس المخيط في بدنه وإال فجنس غطى رأسه بمخيط كطاقية وعمامة فك .آخر له فدية على حدته فليحرر انتهى كالم الشيخ عثمان

الذي يظهر من كالم األصحاب أن التظليل بمحمل ونحوه ملحق : أقول .بتغطية الرأس لوجهين

ذكرهم االستظالل بمحمل في محظور تغطية الرأس، قال : الوجه األول ة الرأس، فمتى غطاه ولو بقرطاس به الثالث تغطي: في المنتهى وشرحه

دواء أو ال أو بطين أو نورة إلى أن قال أو ستره بغير الصـق، بـأن استظل في محمل ونحوه أو بثوب ونحوه راكبا أو ال، حرم بـال عـذر وفدى ألنه ستره بما يستدام ويالزمه غالبا أشبه ما لو سـتره بشـيء

.وغيرهيالقيه انتهى ملخصا وكذا ذكر في اإلقناع تعليلهم أن االستظالل بمحمل ونحوه هـو مـن سـتر : الوجه الثاني

الرأس بما يستدام ويالزمه غالبا وشبهوا االستظالل بـه بمثـل سـتر الرأس بالشيء الذي يالقيه، وحيث الحال ما ذكر فإن تغطيـة الـرأس بجميع أنواعها حتى بالتظليل بمحمل متحدة مع لبس المخيط، وال يفهم

قناع سوى ذلك خالفا لما ذكره الشيخ عثمان رحمه اهللا، فاعتمد من اإلما ذكرته هنا واعتبره تحريرا للمسألة، واهللا أعلم، ويتعدد جزاء الصيد

فجـزاء : (بتعدده ولو قتلت معا ولو كانت من جنس واحد لقوله تعالىومثل المتعدد ال يكون مثـل أحـدها، وإن فعـل ) مثل ما قتل من النعم

من أجناس بأن حلق وقلم ظفره وتطيب ولبس مخيطا فعليـه محظورالكل جنس واحد فداء سواء فعل ذلك مجتمعا أم متفرقا اتحدت فديتها أو اختلفت ألنها محظورات مختلفة األجناس فلم يتداخل موجبها كالحـدود

: المختلفة، وعكسه إذا كانت من جنس واحد، قال في المنتهى وشـرحه من أجناس فلكل جنس فـداء، قـال الخلـوتي فـي وإن كان المحظور

قوله فلكل جنس فداء، أي لم تتكـرر أفـراده أو : حاشيته على المنتهى

تكررت وكان قبل التكفير، وهذا الحمل متعين ليوافق ما صدر به انتهى ويكفر وجوبا من حلق أو قلم أظفاره أو وطيء أو باشر دون الفرج أو

أو مخطئا أو جاهال أو مكرها أو نائما أو قلع قتل صيدا عامدا أو ناسياشعره عبثا أو صوب رأسه إلى تنور أو تصلى على نار فأحرق اللهـب شعره ألنه إتالف فاستوى عمده وسهوه وخطؤه واختياره كإتالف مـال آدمي لكن تقدم في باب أو محظورات اإلحرام فيما إذا حلق رأسه مكرها

الفدية على حالق، وكذا لو قلم ظفـره فليعـاود أو نائما أن. بيد غيرهوألن اهللا تعالى وتقدس أوجب الفدية على من حلق رأسه ألذى به وهو معذور فكان ذلك تنبيها على وجوبها على غير المعذور بطريق األولـى ودليال على وجوبها على المعذور بنوع آخر كالمحتجم بحلـق موضـع

أو جاهال أو مكرها أو تطيب ناسيا أو محاجمه، وإن لبس مخيطا ناسياجاهال أو مكرها أو غطى رأسه ناسيا أو جاهال أو مكرها فـال كفـارة

عفي ألمتي عن الخطـأ والنسـيان ومـا : (لقوله عليه الصالة والسالموال كفارة على من أكرهه على لـبس أو تطيـب أو ). استكرهوا عليه

أهله بطل حجه ألنه شـيء ال إذا جامع: تغطية رأس، قال اإلمام أحمديقدر على رده، ومصيد إذا قتله فقد ذهب ال يقدر على رده، والشعر إذا حلقه فقد ذهب ال يقدر على رده، فهذه الثالثة العمد والخطأ والنسـيان فيها سواء وكل شيء من النسيان بعد هذه الثالثة فهو يقدر علـى رده

ه عن رأسـه ولـيس عليـه مثل ما إذا غطى المحرم رأسه ثم ذكر ألقاشيء أو لبس خفا نزعه وليس عليه شيء، ويلحـق بـالحلق تقلـيم األظفار بجامع اإلتالف، ويلزمه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال أي

أن (بمجرد زوال العذر من النسيان والجهل واإلكراه لخبر يعلي بن أمية

ليه جبة وعليه رجال أتى النبي صلى اهللا عليه وسلم وهو بالجعرانة وعأثر خلوق أو قال أثر صفرة فقال يا رسول اهللا كيف تأمرني أن أصـنع

اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك أثـر الخلـوق، أو : في عمرتي؟ قالمتفق عليـه، ). قال أثر الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك

جة فلم يأمره بالفدية مع سؤاله عما يصنع، وتأخير البيان عن وقت الحاغير جائز، فدل ذلك على أنه عذره لجهله، والناسي والمكره في معناه، ومتى أخر غسل الطيب وخلع اللباس عن زمن اإلمكان فعليـه الفديـة

.الستدامة المحظور من غير عذرحكم الجاهل إذا علم حكم الناسي إذا ذكر، وحكم المكره حكم ): تنبيه(

ال على العفو، ومن لم يجد ماء الناسي، ألنه مقرون به في الحديث الدلغسل طيب وهو محرم مسح الطيب بنحو خرقة أو حكه بتراب ونحوه، ألن الواجب إزالته حسب اإلمكان، ويستحب أن يستعين علـى إزالتـه بحالل لئال يباشره المحرم، وله غسله بيده لعموم أمره صلى اهللا عليـه

أخر غسل الطيب عنه وسلم بغسله وألنه تارك له، وله غسله بمائع فإن بال عذر فدى لالستدامة أشبه االبتداء، وإن وجد ماء ال يكفي لوضـوئه وغسل الطيب غسل به الطيب وتيمم لوضوئه إن لم يقدر علـى قطـع رائحته بغير الماء، ومن تطيب قبل إحرامه في بدنه فله استدامة ذلـك

ص كأني أنظر إلـى وبـي : (في إحرامه لحديث عائشة رضي اهللا عنهامتفـق ). المسك في مفارق رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وهو محرم

كنا نخرج مع النبي صلى اهللا عليه وسلم إلـى (عليه، وألبي داود عنها مكة فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند اإلحرام فإذا عرقت إحدانا سال

، وحـديثها )على وجهها فيراها النبي صلى اهللا عليه وسلم فال ينهاهـا

كان في حجة الوداع سنة عشر، وحديث يعلي بن أمية كـان عـام هذاحنين بالجعرانة سنة ثمان ذكره ابن عبد البر اتفاق أهل العلم بالسـير واآلثار، وليس للمحرم لبس ثوب مطيب بعد إحرامه وتقدم لقوله صلى

). ال تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران وال الورس(اهللا عليه وسلم ه، فإن لبس مطيبا بعد إحرامه عمدا فدى، وإن أحرم وعليـه متفق علي

قميص ونحوه خلعه ولم يشقه وال فدية عليه لحديث يعلي بن أمية وألن محظورات اإلحرام إنما تترتب على المحـرم ال علـى المحـل فيجـوز لإلنسان اإلحرام وعليه المخيط ثم يخلعه إال على الرواية التي ذكرهـا

عاية أن عليه الفدية فإن مقتضاها أنه ال يجوز قالـه ابن حمدان في الرابن رجب في القاعدة السابعة واألربعين، وألن شق اللباس إتالف مـال لم يحتج إليه خالفا لمن قال بذلك مدعيا بأنه يحصل تغطية الرأس حين ينزعه، ورد بأن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر يعلي بخلعه ولم يأمره

الشق أو الفدية باإلحرام فيه لبينه صلى اهللا عليه وسلم بشقه ولو وجب ألن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، فإن استدام لبس المخيط ولو لحظة فوق الوقت المعتاد من خلعه فدي ال ستدامة المحظور بـال عذر، فإن لبس بعد إحرامه ثوبا كان مطيبا وانقطع ريحه، أو افترش ما

نقطع ريح الطيب منه ويفوح ريحه برش ماء على ما كان كان مطيبا وامطيبا وانقطع ريحه ولو افترشه تحت حائل غير ثيابه ال يمنع الحائـل ريحه وال مباشرته فدى ألنه مطيب بدليل أن رائحته تظهـر عنـد رش الماء والماء ال رائحة له، وإنما هو من الطيب الذي فيه أشبه مـا لـو

فإن فرش فوق الطيب ثوبا صفيقا يمنع الرائحة ظهرت الرائحة بنفسها،والمباشرة غير ثيبا ب بدنه فال فدية بالنوم عليه وال بـالجلوس عليـه

ألنه ال يعد مستعمال له بخالف ثياب بدنه التي هي اإلزار والرداء ولـو صفيقة فعليه الفدية، وإن مس طيبا يظنه يابسا فبان رطبا ففي وجـوب

في اإلنصاف وتصحيح الفروع ال فدية عليه، وقال الفدية وجهان صوب .قدمه في الرعاية الكبرى في موضع

من رفض إحرامه لم يفسد إحرامـه : في حكم رفض اإلحرام): فائدة( بذلك ألن اإلحرام عبادة ال يخرج منها بالفساد فلم يخرج منها برفضـها

رد نية، قال بخالف سائر العبادات، ولم يلزمه دم لرفض اإلحرام ألنه مجوهو ظاهر كالم كثير من األصحاب انتهى، ومشى عليـه : في اإلنصاف

في المنتهى وشرحيه واإلقناع وشرحه، وقيل يلزمه دم لرفض اإلحـرام ذكره في الترغيب وغيره وقدمه في الفروع، وحكم إحرامه باق وعلـى

أحد كال القولين تلزمه أحكام اإلحرام ألن التحلل من الحج ال يحصل إال بإما بكمال أفعاله أو التحلل منه عند الحصر أو بالعـذر إذا : ثالثة أشياء

شرط في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني وما عداها لـيس لـه التحلل به، فإن فعل محظورا بعد رفضه إحرامه فعليـه فـداؤه لبقـاء إحرامه ويأتي إن شاء اهللا الكالم على هذه المسألة في باب اإلحصـار

فوات، وقد ذكر في المنتهى واإلقناع هناك أنـه يلزمـه دم لـرفض والاإلحرام، وذكرا هنا أنه ال يلزمه دم لرفضـه فكالمهمـا فـي البـابين متناقض إال أن يحمل على ما قاله الشيخ عثمان النجدي من أن ما هنا

وعنـد . في حق غير المحصر، وما هناك في حق المحصر، واهللا أعلمفض اإلحرام فصنع ما يصنعه الحالل من لبس الثياب الحنفية إذا نوى ر

الممنوعة على المحرم من المخيط ونحوه والتطيب والحلـق والجمـاع وقتل الصيد فإنه ال يخرج بذلك من اإلحرام ويجب عليه أن يعود كمـا

كان محرما ويجب دم واحد لجميع ما ارتكب ولو فعل كل المحظـورات كاب المحظورات إلى قصد واحد، وهـو استحسانا عندهم ألنه أسند ارت

تعجيل اإلحالل فيكفيه لذلك دم واحد وسواء نوى الرفض قبل الوقـوف أو بعده إال أن إحرامه يفسد بالجماع قبل الوقوف، ومع هذا يجب عليه أن يعود كما كان محرما، ألنه باإلفساد لم يصر خارجا منه، وإنما يتعدد

لم ينو الـرفض فـي أول ارتكابهـا عندهم الجزاء بتعدد الجنايات إذاواستمر عليها، ثم نية الرفض إنما تعتبر عندهم ممن زعم أنه يخـرج من اإلحرام بارتكاب الجناية لجهله مسألة عدم الخروج، وأما من علـم أنه ال يخرج من اإلحرام بالرفض وارتكاب الجناية فإن نية الـرفض ال

لزمه إتمام نسكه وليس لـه وعند المالكية إذا عقد إحرامه. تعتبر منهرفضه فإذا رفضه لم يرتفض وال يلزم رافضه هدي وال غيره، وأما إذا وقع الرفض في أثناء األفعال الواجبة عليه كالطواف والسعي ارتفـض ذلك الفعل فقط ويكون كالتارك له فيطالب بغيره وأصـل اإلحـرام لـم

.يرتفضرفض، وإنما ذكروا ما يؤدي فإنهم لم ينصوا على ذكر ال: أما الشافعية

فـرع : إلى معناه، فقال الشيخ زكريا األنصاري في كتابه أسنى المطالبإذا صرف األجير بعد اإلحرام عن المستأجر الحج إلـى نفسـه وظـن انصرافه إليه لم ينصرف ألن اإلحرام من العقود الالزمة، فـإذا انعقـد

قـاء العقـد على وجه ال يجوز صرفه إلى غيره ويستحق المسـمى لب وإال بأن حبس المحرم بحـق كـأن : انتهى، وقال أيضا بعد كالم سبق

حبس بدين يتمكن من أدائه فال يجوز له التحلل بـل عليـه أن يـؤدي ويمضي في نسكه، فلو تحلل لم يصح تحلله فإن فاتح الحج في الحبس

لم يتحلل إال بعمرة انتهى، وقد ذكر في حاشية شرح المنهج فـي بـاب م فيمن كان إحرامه مطلقا صرفه بنيته لما شاء وجوبا وال يجوز اإلحرا

فظهر من هذا أن اإلحرام عنـدهم ال ينفسـخ . له إبطال اإلحرام انتهىبالرفض، ألنه من العقود الالزمة وهو باق عليه عندهم، فاتضح ممـا

.تقدم أن اإلحرام ال يرتفض على المذهب األربعة، واهللا أعلم :فصل -- هدي أو إطعام يتعلق باإلحرام أو الحرم كجزاء صـيد حـرم أو وكل

إحرام وما وجب من فدية لترك واجب أو فوات حج، أو وجـب بفعـل محظور في حرم كلبس ووطء فيه فهو لمساكين الحرم، قال ابن عباس

الهدي واإلطعام بمكة وكذا هدي تمتع وقران ومنذور : رضي اهللا عنهماثم محلها إلى البيـت : (الحرم لقوله تعالى للحرم ونحوها فهو لمساكين

وأما ما وجب لتـرك ) هديا بالغ الكعبة: (وقال في جزاء الصيد) العتيقواجب أو فوات حج فألنه هدي وجب لترك نسـك أشـبه دم القـران، واإلطعام في معنى الهدي، وكل هدي قلنا إنه لمساكين الحرم فإنه يلزم

مكـة : يع الحرم، قال اإلمام أحمدذبحه في الحرم ويجزئه الذبح في جمكل فجـاج مكـة (ومنى واحد، واحتج األصحاب بحديث جابر مرفوعا

منى (رواه أحمد وأبو داود لكنه في مسلم عنه مرفوعا ). طريق ومنحرالطريـق، : وإنما أراد الحرم ألنه كله طريق إليها، والفـج ) كلها منحر

ثم محلها إلـى البيـت : (الىوقوله تع). هديا بالغ الكعبة: (وقوله تعالىال يمنع الذبح في غيرها كما لم يمنعه بمنى، ويلزم تفرقة لحمه ) العتيق

في الحرم أو إطالقه بعد ذبحه لمساكين الحرم إن قدر على إيصاله إليهم

بنفسه أو بمن يرسله معه، ألن المقصود من ذبحه بالحرم التوسعة على .اإلطعاممساكينه وال تحصل بإعطاء غيرهم، كذا

قولهم لمساكينه ظاهر تعبيرهم : قال الخلوتي في حاشيته على المنتهى بالجمع أنه ال يجزئ دفعه إال إلى أقل الجمع، وقياس الفطرة أنه يجزئ

لكن إلحاقه بالكفارة أشبه فليتنبـه : إلى واحد، قال شيخنا يعني منصورامع، قال الشـيخ انتهى، وقول الخلوتي إال إلى أقل الجمع أي إال إلى ج

ظاهر تعبيرهم بالجمع أنـه ال يجـزئ الـدفع لواحـد : عثمان بن قائد: كالفطرة، اللهم إال أن يقال المراد الجنس، لكن قال الشـيخ منصـور

ويتجه : إلحاقه بالكفارة أشبه فتأمل انتهى، قال الشيخ مرعي في غايتهس الفطرة فال يجزئ اقتصار على واحد، بل ثالثة، واحتمل أو اثنين وقيا

.يجزئ اقتصاره على واحد انتهىويجب صرف لحمه إلى مساكينه، : قال في التحفة البن حجر الشافعي

ويكفي االقتصـار : أي الحرم أي ثالثة منهم، قال الشرواني في حاشيتهعلى ثالثة من فقرائه أو مسـاكينه وإن انحصـروا، ألن الثالثـة أقـل

على ثالث ضمن له أقـل متمـول الجمع، فلو دفع إلى اثنين مع قدرته ومساكين الحرم من كان مقيما به أو واردا إليه من حاج وغيره . انتهى

ممن له أخذ زكاة لحاجة كالفقير والمسكين والمكاتب والغارم لنفسـه، بخالف المؤلف الغني والغارم للغير إذا كان غنيا، فإن دفع من الهدي أو

نيا أجزأه كالزكاة، قال الشيخ مرعي أو اإلطعام إلى فقير في ظنه فبان غفي غايته، ويتجه ال إن ظنه نحو مسلم فبان عكسه انتهـى، ويجـزئ

مكـة ومنـى : نحره في أي نواحي الحرم كان الذبح، قال اإلمام أحمـد واحد، ومراده في اإلجزاء ال في التساوي في الفضيلة ومنى كلها منحر

في الحج بمنى وفي العمرة واألفضل أن ينحر . لما تقدم من حديث مسلمبالمروة خروجا من خالف مالك حيث كان ال يرى النحر للحج إال بمنى

وفي هذه األزمة وقبلها ال يتأتى النحر للعمرة : قلت. وال للعمرة إال بمكةبالمروة لكثرة الحجاح وحصوص البناء من جوانبها، فلو حصل النحـر

ء ال سيما لدى السعي بين بها لحصل تلويث الحجاج والمعتمرين بالدماالصفاء والمروة، ولحصل بسبب كثرة الدماء روائح كريهة مؤذية كمـا ال يخفي على متأمل، وإن سلم الهدي حيا إلى مساكين الحرم فنحـروه بالحرم أجزأ لحصول المقصود، وإن لم ينحروه استرده مـنهم ونحـره

ـ منه لوجوب نحره، فإن أبى أن يسترده أو عجـز عـن اسـترداده ضلمساكين الحرم لعدم خروجه من عهد الواجب، فإن لم يقدر على إيصال ما وجب ذبحه بالحرم إلى مساكين الحرم بنفسه أو وكيله، جاز نحـره

ال يكلف اهللا نفسـا إال : (في غير الحرم كالهدي إذا عطب، لقوله تعالىوجاز تفرقة الهدي الذي عجز عن إيصـاله بنفسـه أو بمـن ) وسعها

عه حيث نحره، أي بالمكان الذي نحره فيه، وأما فديـة األذى يرسله موفدية اللبس وتغطية الرأس ونحوها كطيب وما أوجب شاة كالمباشـرة دون الفرج إذا لم ينزل وما وجب بفعل محظور خارج الحرم ولو لغيـر

ألنه صـلى اهللا (عذر، فله تفرقتها دما كانت أو طعاما حيث وجد سببها كعب بن عجرة بالفدية بالحديبية، وهـي مـن الحـل، عليه وسلم أمر

). واشتكى الحسين بن علي رأسه فحلقه علي ونحر عنه جزورا بالسقيارواه مالك واألثرم وغيرهما، وله تفرقتها فـي الحـرم أيضـا كسـائر

.الهدايا

يستثنى من فعل المحظور خارج الحرم قتل الصـيد خـارج ): تنبيه( هديا بـالغ : (اج فدائه إال بالحرم، لقوله تعالىالحرم فإنه ال يجزئ إخر

.وتقدم) الكعبة :فصل -- ووقت ذبج فدية األذى واللبس ونحوهما كتغطية الرأس والطيب ومـا

ألحق بذلك من المحظورات حين فعل المحظور، وله الذبح قبله إذا أراد فعله لعذر ككفارة اليمين ونحوها، وكذلك ما وجب لتـرك واجـب مـن

ولو أمسـك صـيدا أو : بات الحج يكون وقته من ترك ذلك الواجبواججرحه ثم أخرج جزاءه ثم تلف المجروح أو الممسك أو قدم من أبيح له الحلق فيدته قبل الحلق ثم حلق أجزأه، ودم اإلحصـار يخرجـه حيـث أحصر من حل أو حرم، نص عليه أحمد ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم

بالحديبية وهي من الحل، ودل على ذلـك قولـه نحر هديه في موضعه) وصدوركم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محلـه : (تعالى

وألنه موضع حله فكان موضع نحره كالحرم، وأمـا الصـيام والحلـق : فيجزئه بكل مكان فال يختص بالحرم لقول ابن عباس رضي اهللا عنهما

، وألنه ال يتعدى نفعه إلى حـد الهدي واإلطعام بمكة والصوم حيث شاءفال معنى لتخصيصه بمكان بخالف الهدي واإلطعـام، والـدم المطلـق يجزيء فيه شاة كأضحية فيجزيء الجذع من الضأن وهو ما تم له ستة أشهر أم الثني من المعز، وهو ما تم له سنة، أو سبع بدنـة أو سـبع

).هديفما استيسر من ال: (بقرة لقوله تعالى في المتمتعشاة أو شرك في دم، وقولـه فـي : قال ابن عباس رضي اهللا عنهما

وفسـره صـلى اهللا ). ففدية من صيام أو صدقة أو نسك: (فدية األذى

عليه وسلم في حديث كعب بن عجرة بذبح شاة، وما سوى هذين مقيس عليهما، وأما إذا قيد الدم بنحو بدنة تقيد بذلك فيجب بعينه، فإن ذبـح

ليه دم مطلق بدنة أو بقرة، فهو أفضل مما تقدم ألنها أوفر من وجوب علحما وأنفع للفقراء، وتجب كلها ألنه اختار األعلى ألداء فرضه فكـان

إن سـبعها : كله واجبا كاألعلى من خصال الكفارة إذا اختاره، وال يقاليكون واجبا فقط والباقي تطوع، له أكله وهديته كما قـال فـي بعـض

وقيل يلزمه سبعها فقط والباقي له أكله والتصرف فيه كذبحـه العلماء، فإن ذبح بدنة لم تلزمه كلها في األشهر، : سبع شياه، قال ابن أبي المجد

وينبغي أن يبنى على الخالف زيادة الثـواب : قال ابن اللحام في قواعده: فإن ثواب الواجب أعظم من ثواب التطوع انتهى، قال مرعي في غايته

ها ويتجه إن كانت كلها ملكه انتهى، ومن وجبت عليه بدنـة وتجب كل: كنا ننحر البدنة عن سبعة، فقيـل لـه : (أجزأته عنها بقرة لقول جابر

، رواه مسلم كعكسه، أي إجـزاء )وهل هي إال من البدن: والبقرة؟ فقالالبدنة عن البقرة، ولو كان ذبح البقرة عن البدنة أو بالعكس في جزاء

لق، فإن نوى شيئا بعينه لزمه ما نواه، قال ابن عقيـل، صيد ونذر مطويجزئه عن كل واحدة من البدنة والبقرة سبع شياه ولو فـي نـذر أو جزاء صيد قدمه في الشرح، ويجزئه عن سبع شياه بدنـة أو بقـرة، سواء وجد الشياه أو عدمها في جزاء الصـيد وغيـره، ألن أصـحاب

نوا يتمتعون فيذبحون البقـرة عـن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كاأمرنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن نشترك : (سبعة، ولحديث جابر

رواه مسلم، وذكر جماعـة إال ). في اإلبل والبقر كل سبعة منا في بدنة

في جزاء الصيد فال تجزئ بدنة عن بقرة، وال عن سبع شياه، والمذهب .اإلجزاء كما تقدم

أو تطوع أو هدي متعة أو قران كوقت أضـحية ووقت ذبح هدي نذر من بعد مقدار صالة العيد فال يجزئ قبل ذلك، وتقدم في باب اإلحرام في

ويلزم دم تمتع وقران بطلوع فجر يوم النحر الخالف فـي ذلـك : فصلوسن أكله وتفرقته من هدي تطوع غير عاطـب، . فليراجع عند الحاجة

في حرم أو إحرام كلبس ووطء، وال يأكل من هدي واجب بفعل محظور أو واجب لترك واجب من واجبات الحج أو لفوات حج ونحو ذلك غيـر دم متعة أو قران فله األكل منهما نص عليه أحمد، ألن سـببهما غيـر محظور فأشبها هدي التطوع، فإن أكل مما ليس له األكل منه ضمن ما

األكل منه إذا كانوا أكله بمثله لحما ويعطيه إلى الفقراء، ويجوز لرفقتهفقراء بخالف ما إذا عطب الهدي بالطريق واجبا كان أو تطوعا أو عجز عن المشي صحبة الرفاق فإنه يذبحه موضعا وجوبا ليأخـذه الفقـراء، ويحرم أكله وأكل خاصته منه ولو فقراء، وإنما منع المهدي ورفقته من

عطـب ليأكـل هـو األكل من الهدي العاطب لئال يقصروا في حفظـه في : ورفقته منه فتلحقه التهمة في عطبه لنفسه ورفقته، قال في اإلنصاف

الذين معه ممن تلزمـه مؤنتـه فـي : وقد صرح األصحاب بأن الرفقةالسفر ويأتي الكالم على هذا مستوفى في باب الهـدي واألضـاحي إن

.شاء اهللا تعالىبمنى وقد سيق من وكل ما ذبح: قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا): فائدة(

الحل إلى الحرم فإنه هدي، سواء كان من اإلبـل أو البقـر أو الغـنم، ويسمى أيضا أضحية بخالف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنـه أضـحية

وليس بهدي كما في سائر األمصار، فإذا اشترى الهدي مـن عرفـات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إن اشـتراه بـالحرم فذهب به إلى التنعيم، وأما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه فيها ففيه نزاع، فمذهب مالك أنه ليس بهدي، وهو منقول عن ابن عمر، ومذهب

.الثالثة أنه هدي وهو منقول عن عائشة انتهىوجوب دم التمتع عن الشافعة إذا أحرم بالحج فإذا وجب جاز ): تتمة(

ت، لكن األفضل إراقته يوم النحر، ويجوز إراقته عندهم ولم يتوقت بوقإراقته عندهم بعد الفراغ من العمرة وقبل اإلحرام بالحج على األصـح، وال يجوز قبل التحلل من العمرة على األصح، وأما الصوم فـال يجـوز تقديمه على اإلحرام بالحج، وال يجوز صوم شيء من الثالثة في أيـام

كما تقدم، وعند المالكيـة إذا ذبـح التشريق، وهذا كله مخلف لمذهبنا : قال فـي التلقـين . هدي التمتع والتطوع قبل فجر يوم النحر لم يجزه

الواجب لكل واحد من التمتع والقران هدي ينحـره بمنـى، وال يجـوز فال يجوز قبل أن يحرم بالحج : وأما الصيام. تقديمه قبل فجر يوم النحر

أخرها صام أيام التشـريق، وإن ويكره تأخير الثالثة إلى أيام منة، فإنوجب عليه هديان أو أكثر لنقص في حج متقدم على الوقـوف بعرفـة صام عن كل هدي وجب عليه ثالثة أيام قبل عرفة، فمن عليه هـديان صام ستة عن كل هدي ثالثة، وهكذا وصام سبعة أيام لكـل هـدي إذا

ا ما عـدا رجع من منى، هكذا ذكر علماء المالكية، وهو موافق لمذهبننفيهم جواز صيام الثالثة قبل اإلحرام بالحج ألنه عندنا يجوز صـيامها

.بعد اإلحرام بالعمرة كما تقدم :باب جزاء الصيد --

جزاؤه ما يستحق بدله على من أتلفه بمباشرة أو سـبب مـن مثـل الصيد ومقاربه وشبهه ولو أدنى مشابهة، أو من قيمة ما ال مثل لـه،

.ؤنا رحمهم اهللا هذا الباب لبيان نفس جزاء الصيدوقد عقد فقهاوأما باب الفدية الذي تقدم فهو بيان لما يفعل بجزائه فال تكرار كمـا

قدم توهمه بعضهم واهللا أعلم، ويجتمـع الضـمان لمالكـه والجـزاء لمساكين الحرم إذا كان الصيد ملكا لغير متلفه، وتقدم في السادس مـن

اج الجزاء بعد الجرح وقبل الموت ككفارة قتل المحظورات، ويجوز إخر .اآلدمي

أحدهما له مثل من النعم خلقة ال قيمة فيجـب فيـه : والصيد ضربان أحـدهما مـا : مثله نص عليه اإلمام أحمد لآلية، والذي له مثل نوعان

: قضت فيه الصحابة ففيه ما قضت به لقوله صـلى اهللا عليـه وسـلم ) الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذعليكم بسنتي وسنة الخلفاء (

رواه أحمد والترمذي وحسنه وألنهم أقرب إلى الصواب وأعرف بمواقع الخطاب، ففي النعامة بدنة، والمراد بالبدنة هنا البعير ذكرا كان أو أنثى حكم به عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عباس ومعاوية وأكثر العلماء،

ته فكان مثال لها فيدخل في عمـوم الـنص، ألنها تشبه البعير في خلقطائر : وجعلها الخرقي من أقسام الطير ألن لها جناحين فيعايابها، فيقال

يج فيه بدنة، ويجب في كل واحد من حمار الوحش بقرة، قضى به عمر وقاله عروة ومجاهد ألنه شبيهة به، ويجب في بقـرة الـوحش بقـرة

وقاله عطاء وقتادة، وفي قضى به ابن مسعود، وروى عن ابن عباس: بقرة، والوعل بفتح الواو مع فتح العين وكسـرها وسـكونها : الوعل

تيس الجبل، قاله في القاموس، وهو األروى قاله في الصحاح، يـروى

في األروى بقرة، ويقال لذكر األوعال إيل علـى : عن ابن عمر أنه قالديد النـون المفتوحـة، األول بكسر القاف وتش: وزن قنب وخلب وسيد

والثاني بضم الخاء المعجمة وتشديد الالم المفتوحـة، والثالـث بفـتح السين المهملة وتشديد المثناة التحتية المكسورة، وفي اإلبل بقرة قالـه ابن عباس ويقال للمسن منه الثيتل بوزن جعفر وفيه بقرة لمـا تقـدم،

عليه وسلم عـن سألت النبي صلى اهللا(وفي الضبع كبش، لقول جابر رواه أبو داود، ). هو صيد، وفيه كبش إذا صاده المحرم: الضبع؟ فقال

وروى أيضا ابن ماجة والدارقطني عن جابر نحوه مرفوعا، وقضي به عمر وابن عباس، وبه قال عطاء، والشافعين وأبو ثور، وابن المنـذر،

هـون كان العلماء بالشام يعدونها مـن السـباع ويكر : وقال األوزاعي . أكلها، وهو القياس إال أن اتباع السنة واآلثار أولى انتهى

) حكم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في الضبع بكـبش (قال اإلمام وفي المقنع أو شاة، وفـي الظبـي وهـو . فحل الضأن: انتهى، الكبش

. الغزال عنز قضى به عمر وابن عباس، وروى عن علي وقاله عطـاء أن رجـال جـاء (من المعز، وعن محمد بن سيرين هي األنثى: والعنز

إني أجرت أنا وصاحب لي فرسين نستبق إلـى : عمر بن الخطاب فقالثغرة ثنية فأصبنا ظبا ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال عمر رضي اهللا

فحكما عليـه بعنـز : عنه لرجل إلى جنبه تعال حتى نحكم أنا وأنت قالالمؤمنين ال يستطيع أن يحكـم فـي هذا أمير : فولى الرجل وهو يقول

ظبي حتى دعا رجال فحكم معه، فسمع عمر رضي اهللا عنه قول الرجل فدعاه فسأله هل يقرأ سورة المائدة؟ فقال ال، فقال هل تعرف هذا الرجل

لو أخبرتني أنك تقرأ سـورة المائـدة : ال، فقال: الذي حكم معي؟ فقال

يحكـم : (يقول في كتابه العزيزألوجعتك ضربا، ثم قال إن اهللا عز وجل رواه . ، وهذا عبد الرحمن بن عوف)به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة

: مالك في الموطأ انتهى من الزركشي على الخرقي، قال فـي الشـرح وفي الثعلب شاة ألنه يشبه الغزال، وممن قال فيه الجزاء قتادة وطاوس

: قلـت . سـبع انتهـى ومالك والشافعي، وعن أحمد ال شيء فيه ألنهالصحيح من المذهب أنه ال شيء في الثعلب ألنه سبع مفتـرس بنابـه فيحرم أكله على الصحيح من المذهب وليس صيدا، وفي الوبر بسكون

هو دويبة كحالء دون السنور ال : الباء واألنثى وبرة، قال في القاموسذنب لها، وفي ضب جدي قضى به عمر وأربد، والوبر مقـيس علـى

لضب، قال الخلوتي، وال ضرورة في إدراجه فيما قضت فيه الصـحابة األن قياس المذهب مذهب، ويصح أن يعزى لصـاحبه علـى الصـحيح عندهم انتهى، قال عبد الوهاب بن فيروز في حاشيته على شرح الـزاد

أربد براء، مهملة بعدها باء موحدة : على هذا الموضع، قال ابن قندس .حجر في اإلصابة انتهىأشار إليه شيخنا ابن

قال شيخنا يعني أباة محمد بن فيروز أربد التميمي تابعي انتهى كـالم .عبد الوهاب المذكور

قلت ليس األمر كما قاله ابن فيروز، فإن أربد المذكور ليس هو أربد : التميمي بل هو أربد بن عبد اهللا البجلي، قال ابن حجر فـي اإلصـابة

جلي أدرك الجاهلية وحكمه عمر في قصـة جـزاء أربد بن عبد اهللا الب: الضب، قال عبد الرزاق عن ابن عيينة عن المخـارق بـن عبـد اهللا

خرجنا حجاجا فأوطأ رجل منا يقال لـه : (سمعت طارق بن شهاب يقول: قال. احكم فيه: أربد بن عبد اهللا ضبا فأتينا عمر نسأله، فقال له عمر

قلت فيه جدي قـد : مرتك أن تحكم، قالأنا أ: أنت خير مني وأعلم، قالإسناده صحيح ورواه األعمش عن ) ففيه ذلك: قال. جمع الماء والشجر

وقد . سليمان بن ميسرة عن طارق ولم يسم الرجل انتهى كالم ابن حجرذكره في اإلصابة في القسم الثالث المحتوى على المخضـرمين الـذين

بر قط أنهم اجتمعـوا بـالنبي أدركوا الجاهلية واإلسالم، ولم يرد في خ: صلى اهللا عليه وسلم وال رأوه، سواء أسلموا في حياتـه أم ال، قـال

وقال ابـن . هؤالء ليسوا أصحابه باتفاق من أهل العلم بالحديث انتهىأربدة يسكون الراء بعدها موحدة مكسـورة، ويقـال : حجر في التقريب

والطبقـة الثالثـة : لتق. أربد التميميم المفسر صدوق من الثالثة انتهىعلى اصطالح صاحب التقريب هي الطبقـة الوسـطى مـن التـابعين،

.كالحسن، وابن سيرين، واهللا أعلمفاتضح مما تقدم حصول الوهم لمحمد بن فيروز حيث ظن أن صاحب

قصة جزاء الضب القاضي فيه هو أرد التميمي مع أنه أربد بن عبد اهللا .البجلي، واهللا أعلم

الذكر من أوالد المعز له ستة أشهر، وفي اليربوع جفرة من والجدي المعز لها أربعة أشهر، قضى به عمر وابم مسعود وجابر، وفي األرنب

: عناق، قضى به عمر، وعن جابر أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قـال رواه الدارقطني، والعناق األنثى ). في األرنب عناق وفي اليربوع جفرة(

وهو كل ما عب : ز أصغر من الجفرة، وفي واحدة الحماممن أوالد المعالماء وهدر شاة، قضى به عمر وابنه وعثمان وابن عباس في حمـام الحرم وقيس عليه حمام اإلحرام، وروي أيضا عن ابـن عبـاس فـي

كـل مـا : الحمام في حال اإلحرام وليس ذلك علة وجه القيمة، وقولهم

في الماء فيكرع كما تكرع الشـاة عب بالعين المهملة أي وضع منقاره وال يأخذ قطرة قطرة كالدجاج والعصافير، وهـدر أي صـوت، وإنمـا أوجبوا فيه شاة لشبهة بها في كرع الماء، ومن هنا قـال أحمـد فـي

وسندي كل طير يعب الماء كالحمام فيه شاة، فيدخل : رواية ابن القاسمس جمع دبسي بالضم والدبا. فيه القطا والفواخت والوراشين والقمارى

هو طائر لونـه : ضرب من الفواخت، وقال الفتوحي في شرح المنتهىبين السواد والحمرة يقرقر واألنثى دبسية ونحوا كالسفانين جمع سفنة

طائر بمصر : بكسر السين وفتح الفاء والنون ومشددة قاله في القاموساما، وقال ال يقع على شجرة إال أكل جميع ورقها ألن العرب تسميها حم

الكسائي كل ما طوق حمام فيدخل في الحجل ألنه مطوق فهذا كله يخير فيه بين ذبح المثل المذكور أو تقويم المثل بنقود وأخذ طعام يجزئ في الفطرة بقيمته ويطعم كل مسكين مد بر أو نصف صاع مـن غيـره أو

.يصوم عن كل إطعام مسكين يوما وتقدم في باب الفديةما لم تقض فيه الصحابة وله مثل من النعم فيرجع فيه : الثانيالنوع

ويعتبر أن يكونا ) يحكم به ذوا عدل منكم: (إلى قول عدلين لقوله تعالىمن أهل الخبرة ألنه ال يتمكن من الحكم بالمثل إال بها فيعتبران الشـبه خلقة ال قيمة لفعل الصحابة، ويجوز أن يكون القاتل أحدهما نص علي

ظاهر اآلية، وروي أن عمر أمر كعب األحبار أن يحكم علة نفسه أحمدفي الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم، وأمر أيضا أربد بن عبـد اهللا البجلي بذلك حين وطيء الضب فحكم علة نفسه بجدي فأقره، وكتقويمه

ويجوز أن يكون الحاكمان بمثل الصـيد : عرض التجارة إلخراج زكاتهتلين، وحمله ابن عقيل على ما إذا قتلـه خطـأ أو جـاهال المقتول القا

بتريمه لعدم فسقه، وعلى قياسه إذا قتله لحاجة أكل ألنه قتل مباح لكن .يجب فيه الجزاء

ولعله مرادهم ألن قتل العمد : وهو قوي، قال منصور: قال في التنقيح عتبر من ينافي العدالة انتهى، قال مرعي في غايته ويتجه عدم هذا، والم

.العدالة حال الحكم فلو تابا قبله قبل كالشهادة انتهىأما إذا تابا هل يصح مهما بعد ذلـك أم ال؟ الظـاهر ال : قال الخلوتي

، ومشـى عليـه )عفا اهللا عما سلف: (مانع من ذلك بدليل قوله تعالىشيخنا في شرحه انتهى، يعني بشيخه الشـيخ منصـورا فـي شـرح

بعد قول المنتهى ألن قتل العمد ينافي العدال إن لـم المنتهى، وعبارته يتب وهي شرط الحكم انتهى، ويضمن كل واحد من الكبيـر والصـغير والصحيح والمعيب والذكر واألنثى والحائل والحامل بمثله لآليـة، وإن فدى الصغير بكبير والذكر بأنثى والمعيب بصحيح فهو أفضل ألنـه زاد

ل فألقت جنينها ميتا ضمن نقـص األم فقـط خيرا، ولو جني على الحامألن الحمل فـي البهـائم زيـادة : قال في شرح اإلقناع. كما لو جرحها

لغير مريد اللحم، واهللا أعلم، وإن ألقت الجنين حيا لوقـت : قلت. انتهىيعيش لمثله ثم مات ففيه جزاؤه، وإن كـان لوقـت ال يعـيش لمثلـه

ويجوز فداء أعور من عين وفداء فكالميت جزم به في المغني والشرح، أعرج من قائمة بأعور وأعرج من أخرى، ألن االختالف يسير ونـوع العيب واحد، وال يجوز فداء أعور بأعرج وال أعرج بـأعور الخـتالف أنواع العيب، ويجوز فداء أنثى بذكر وذكر بأنثى ألن لحمه أوفر وهـي

.أطيب فيتساويان

ن النعم فيجب فيه قيمته مكان إتالفـه ما ال مثل له م: الضرب الثاني كمال اآلدمي غير المثلى وهو سائر الطيور ولو أكبر من الحمام كاإلوز بكسر الهمزة وفتح الواو وتشديد الزاي جمع إوزة ويقال وز جمع وزة كتمر وتمرة ذكره الحجاوي في حاشية اإلقناع، وكالحبـارى والحجـل

لك ألنه القيـاس تركنـاه فـي والكبير من طير الماء والكركي وغير ذالحمام لقضاء الصحابة رضي اهللا عنهم فيه، وإن أتلف المحرم أو مـن بالحرم جزءا من صيد فاندمل أو تلف في يده جـزء منـه ثـم انـدمل والصيد ممتنع أي يمكنه الجري أو الطيران وله مثل من الـنعم ضـمن

ب ضمان جملته الجزء المتلف بمثله لحما من مثله من النعم ألن ما وجبالمثل وجب في بعض مثله كالمكيالت، والمشقة مدفوعة لجواز عدوله إلى عدله طعاما أو صياما كما سبق، وما ال مثل له إذا أتلف جـزأه أو تلف جزؤه في يده ثم اندمل وهو ممتنع يضمن ما نقص من قيمته ألن

مجنيـا جملته مضمونة بالقيمة فكذلك أبعاضه فيقوم الصيد سليما ثـم عليه فيجب ما بينهما ليشتري به طعاما، وإن نفر المحرم صيدا فتلـف

ألن عمر دخل (بشيء ولو بآفة سماوية أو نقص في حال نفوره ضمن دار الندوة فعلق رداءه فوقع عليه حمام فأطاره فوقع على واقف فـي

). من معه، فحكم عليه عثمان بشـاة : البيت فخرجت حية فقتلته، فسألهي دار قصي بن كالب التي اجتمعت فيها : الشافعي، ودار الندوة رواه

قريش للمشورة في قتل النبي صلى اهللا عليه وسلم قبل الهجرة، هـي الموضع المسمى، الزيادة وفيها بابان أحدهما يسمى باب زيادة واآلخر يسمى باب القطبي، وقيل هي موضع مقام الحنفي، واألول أصـح واهللا

ل مقام الحنفي ألجل توسعة المطاف كما أزيل باب زيـادة وقد أزي. أعلم

وباب القطبي لتوسعة الحرم ودخول عمر دار الندوة كان في خالفته وقد أتى مكة حاجا، واهللا أعلم، وكذا إن جرحه فتحامل، فوقع في شي تلـف به، ألنه تلف بسببه، وال يضمنه إن تلف بعد نفوره في مكانه بعد أمنه،

رم صيدا فأصابه ثم سقط المرمـى علـى آخـر فماتـا وإن رمى المحضمنهما لتلفهما بجنايته، فلو مشى المجروح قليال ثم سقط على آخـر فماتا ضمن المجروح لموته بجنايته فقط دون مـا سـقط عليـه، ألن

أي : سقوطه عليه ليس من فعله، وإن جرحه المحرم جرحا غير مـوح ره فعليه ضـمان مـا نقصـه غير مسرع إلى الموت فغاب ولم يعلم خب

فيقوم صحيحا وجريحا غير مندمل ثم يخرج بقسطه من مثله إن كـان مثليا وإال ما نقصه، قال الخلولتي أي يخرج من مثله لحما يساوي ذلك اللحم القسط الذي نقص من الثمن انتهى، فإن نقص ربعا أخـرج ربـع

عل بأرشـه مـا مثله أو سدسا أخرج سدس مثله وإن لم يكن له مثل فيفعل بقيمة ما ال مثل له ألنه موجب جناته، وكذا إن وجده ميتـا بعـد جرحه غير موح ولم يعلم موته بجرحه ألنه ال نعلم حصول التلف بفعله فال يجب عليه جزاؤه كله، وإن وقع بعد جرحه في ماء يقتله مثله أو ال

سـببه فمات ضمنه، أو تردى صيد جرحه من علو فمات ضمنه لتلفه بوإن اندمل الجرح وصار الصيد غير ممتنع من قاصده فعليـه جـزاؤه جميعه ألنه عطله فصار كالتالف أو جرحه جرحا موحيا ال تبقـى معـه الحياة غالبا فعليه جزاؤه جميعه كقلته ألنه سبب للموت، وكل ما يضمن به اآلدمي يضمن به الصيد في اإلحرام والحرم من مباشـرة أو سـبب

وإشارة وإعانة وكذلكما جنت دباته بيدها أو فمها فأتلفت صـيدا كداللةفالضمان على راكبها أو قائدها أو سائقها المتصرف فيها، كما لو كان

أي نفحت بها فال ضمان عليـه فيـه : المتلف آدميا، وما جنته برجلهاكذنبها بخالف وطئها بها وتقدم في السـادس مـن المحظـورات، وإن

فأتلفت صيدا لم يضمنه كاآلدمي إذا أتلفته ألن يده ليسـت انفلتت الدابة عليها إال الضارية كما ذكروه في باب الغصب، وإن نصب المحرم شبكة أو نحوها فوقع فيها صيد ضمنه أو حفر المحرم بئرا بغير حـق بـأن حفرها في غصب أو طريق ولو واسعا لنفع نفسه فوقـع فيهـا صـيد

نصب شبكة ونحوها كشـرك وفـخ قبـل ضمنه لعدوانه بحفرها، وإنإحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه لم يضمنه إن لم يتحيل، كمـا لـو صاده قبل إحرامه وتركه في منزله فتلف بعد إحرامه وكذا إن حفر بئرا بحق فتلف بها صيد وأن نتف المحرم أو من بالحرم ريـش الصـيد أو

نقص زال أشـبه مـا لـو شعره فعاد ما نتفه فال شيء عليه فيه ألن الاندمل الجرح، فإن صار الصيد غير ممتنع بنتف ريشه ونحوه فكما لـو جرحه جرحا صار به غير ممتنع فعليه جزاؤه جميعه، وإن نتفه فغـاب ولم يعلم خبره فعليه ما نقصه، وإن اشترك جماعة في قتل صيد ولـو

كالمشير كان بعضهم ممسكا للصيد واآلخر قاتال أو كان عضهم متسبباوالدال والمعين واآلخر قاتال فعليهم جزءا واحد وإن كفـروا بالصـوم، روي عن عمر وابنه وابن عباس، ألن الجماعة إنما قتلوا صيدا واحدا فلزمهم مثله، وإذا اتحد الجزاء في المثل اتحد في الصوم ألنـه بدلـه

كل واحد على(بخالف ما إذا اشتركوا في قتل آدمي، وعن اإلمام أحمد اختاره أبو بكر وفاقا ألبي حنيفة، وقاله مالك فـي المشـتركين ) جزاء

ككفارة قتل اآلدمي، والرواية الثالثة عن اإلمام أحمد عليهم جزاء واحد إال أن يكون صوما فعلى كل واحد صوم تام، ومن أهدى فبحصته وعلى

صـحابه اآلخر صوم تام، نقلها الجماعة ونصرها القاضي أبو يعلـى وأ ألن الجزاء بدل ال كفارة ألن اهللا سبحانه عطف عليه الكفارة والصـوم كفارة فيكمل ككفارة قتل اآلدمي، والمذهب عليهم جزاء واحد وإن كفروا بالصوم، وإن اشترك حالل ومحرم في قتل صيد حرمى فالجزاء عليهما نصفان الشتراكهما في التقل وإن تعددت جهة التحـريم فـي أحـدهما

حدت في اآلخر، وهذا االشتراك الذي هذا حكمه هو الذي يقـع فيـه واتالفعل منهما معا أو يجرحه أحدهما قبل اآلخر ويموت منهمـا أي مـن الجرحين بالسراية، فإن جرحه أحدهما وقتله اآلخر فعلى الجارح أرش نقصه ألنه لم يشارك في القتل وعلى القاتل جزاؤه مجروحا ألنه قتلـه

قتل القارن صيدا فعليه جزاء واحد لعموم اآلية وكـذا لـو كذلك، وإذا تطيب أو لبس وكذا المحرم يقتل صيدا في الحرم، وكلما قتل المحرم أو من بالحرم صيدا حكم عليه بلزوم الجزاء وال يتداخل كمـا سـبق فـي

وعمر وغيـره مـن ) فجزاء مثل ما قتل من النعم: (الفدية لقوله تعالى عنهم حكموا في الخطأ وفيمن قتل، ولم يسألوه هل الصحابة رضي اهللا

كان قتل أوال أو ال، وألن الجزاء كفارة قتل الصيد فاستوى فيه المبتدئ والعائد كقتل اآلدمي واآلية اقتضت الجزاء على العائد لعمومها، وذكـر

ال يمنـع ) ومن عاد فينتقم اهللا منه: (العقوبة في العائد في قوله تعالى .اهللا سبحانه وتعالى أعلمالوجوب، و

:صيد حرمي مكة والمدينة ونباتهما: باب -- يحرم صيد حرم مكة على الحالل والمحرم إجماعـا لمـا روى ابـن

عباس رضي اهللا عنهما أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال يـوم فـتح إن هذا البلد حرمه اهللا يوم خلق السموات واألرض فهـو حـرام : مكة

إلى يوم القيامة ال يختلى خالها وال يعضد شوكها وال ينفـر بحرمة اهللا صيدها وال يلتقط لقطتها إال من عرفها، فقال العباس إال اإلذخـر فإنـه

واسـتثناؤه : قال النـووي . متفق عليه. لقينهم وبيوتهم، قال إال اإلذخرصلى اهللا عليه وسلم اإلذخر محمول على أنه أوحى إليـه فـي الحـال

ذخر وتخصيصه من العموم، أو أوحى إليه قبل ذلك بأنه إن باستثناء اإلطلب أحد استثناء شيء فاستثنه، أو أنه اجتهد انتهى، وعلم من الحديث أن مكة كانت حراما قبل إبراهيم وعليه أكثر العلماء، وقيل إنما حرمـت

أي ) إن إبراهيم حرمها(بسؤال إبراهيم، وفي الصحيحين من غير وجه فمن أتلف من صيد حرم مكة شيئا ولو كـان المتلـف أظهر تحريمها،

كافرا أو صغيرا أو عبدا ألن ضمانه كالمال وهم يضمنونه فعليه ما على المحرم في مثله، نص عليه أحمد ألنه كصيد اإلحرام والستوائهما فـي التحريم فوجب أن يستويا في الجزاء، فإن كان الصيد مثليا ضمنه بمثله

وال يلزم المحرم بقتل صيد الحرم جـزاءان نـص عليـه وإال فبقيمته، أي : اإلمام أحمد لعموم اآلية، وحكم صيد مكة حكم صيد اإلحرام مطلقـا

في التحريم ووجوب الجزاء وإجزاء الصوم وتملكه فال يملكـه ابتـداءبغير إرث، وضمانه بالداللة ونحوها سواء كان الدال في الحل أم الحرم،

ال جزاء على الدال إذا كان في الحل، والجـزاء : علىوقال القاضي أبو يعلى المدلول، والصحيح األول فكل ما يضمن في اإلحرام يضـمن فـي الحرم إال القمل فإنه ال يضمن في الحرم وال يكره قتله فيه، قـال فـي

وقتله : بغير خالف نعلمه ألنه حرم في حق المحرم ألجل الترفه: المبدعفي السادس من محظورات اإلحرام أنـه يحـرم مباح في الحرم، وتقدم

على المحرم قتل القمل وصئبانه وأنه ال جزاء فيه على المذهب، قـال

إال أنه، أي الحرم يحرم صيد بحرية، أي الحـرم : في المنتهى وشرحه .لعموم الخبر وال جزاء فيه أي صيد بحر بالحرم لعدم وروده انتهى

وجد سمكا فـي بركـة مـاجن قلت وصيد بحري الحرم كمثل ما إذا .ونحوها واهللا أعلم

وإن رمى الحالل من الحل صيدا في الحرم كله أو بعض قوائمه فـي الحرم ضمنه وكذا إن كان جزء منه فيه غير قوائمه إن لم يكن قائمـا تغليبا لجانب الحظر فإن كانت قوائمه األربع بالحل وهو قائم ورأسه أو

يد الحرم كالشجرة إذا كـان أصـلها بالحـل ذنبه بالحرم لم يكن من صوأغصانها في هواء الحرم أو أرسل كلبه على صيد في الحـرم فقتلـه ضمنه أو قتل صيدا على غصن في الحرم وأصل الغصـن فـي الحـل ضمنه ألن الهواء تابع للقرار، وقرار الغصن حرم فهو من صيد الحرم،

بالحرم أو هلك ولده وصيده معصوم، أو أمسك صيدا بالحل فهلك فرخه بالحرم ضمن الهالك من الفرخ أو الولد ألنه تلف بسببه، وال يضمن أمه ألنها من صيد الحل وهو حالل للمحل، ولو رمى الحالل صيدا ثم أحرم قبل أن يصيبه ضمنه اعتبارا بحالة اإلصابة وهـذا فـي اإلمكـان ألن

في الحل ثم حل قبل األحرام هو النية كما تقدم، ولو رمى المحرم صيدا اإلصابة لم يضمن الصيد اعتبارا بحالتها، وإن قتل الحالل مـن الحـرم صيدا في الحل بسهمه أو كلبه فال جزاء فيه ألنه ليس من صيد الحـرم فليس معصوما، أو قتل الحالل صيدا على غصن في الحل أصـل فـي

يكون صـيده الحرم فال جزاء فيه لتبعية الهواء للقرار، وقراره حل فال معصوما، أو أمسك الحالل صيدا بالحرم فهلك فرخه بالحل أو هلك ولده بالحل لم يضمن الفرخ والولد ألنه من صيد الحـل، وإن كـان الصـيد

والصائد له في الحل فرماه بسهمه أو أرسل كلبه في الحل على صـيد بالحل فقتل الصيد الذي كان بالحل وهو في الحرم أو قتل غيـر الـذي

رسل عليه الكلب في الحرم لم يضمن، أو فعل ذلك سهمه بأن رمى به أمحل صيدا بالحل فشطح السهم فقتل صيدا في الحرم لم يضمن ألنه لـم يرسل كلبه على صيد بالحرم وإنما دخل الكلب باختيار نفسه، أشبه مـا لو استرسل بنفسه وكذا شطوح السهم بغير اختياره، ولو دخـل سـهم

في الحل الحرم أو دخل كلب محل أرسل كلبه على صيد محل رمى صيدافي الحل الحرم ثم خرج منه فقتل صيدا أو جرحه بالحل ثم دخل الصيد الحرم فمات بالحرم لم يضمن ألن القتل والجرح بالحل، وال يحل صـيد وجد سبب موته بالحرم تغليبا للحظر كما لو وجد سببه في اإلحرام فهو

.وال يحل ما وجد سبب موته بالحرم: تهىميتة، قال في المنأو : كالمسألة المتقدمة في قوله يعني صاحب المنتهـى : قال الخلوتي

أرسل كلبه من الحل على صيد بالحل فقتله أو غيره في الحل أو فعـل ذلك سهمه، إلخ ألن سبب القتل وهو نهش الكلـب أو إصـابة السـهم

من حل كل ما كان غيـر حصل بالحرم، وهو دفع لما عساه أن يتوهم مضمون مع أنه ليس على إطالقه بل ما كان منه سبب موته بالحرم ال

وقال ابن مفلح . يحل كما أن جميع ما كان مضمونا ال يحل فتدبر انتهىفي الفروع، ويحرم الصيد في هذه المواضع ضمنه أوال؛ ألنه قتل فـي

.الحرم وألنه سبب تلفه انتهىلو رمى الحالل من الحل صيدا فـي الحـل : حقال في المغني والشر

فجرحه وتحامل الصيد فدخل الحرم فمات حل أكله وال جـزاء فيـه ألن

الذكاة في الحل فأشبه ما لو جرح صيدا ثم أحرم فمـات الصـيد بعـد .إحرامه ويكره أكله لموته في الحرم انتهى

في ويحل ما جرحه من بالحل في الحل ومات : قال في شرح المنتهى الحرم كما في اإلقناع انتهى، فأطلق في اإلقناع وشرح المنتهى إباحـة

وال يحل ما : أكله من غير تقييد بكراهة، وهذه المسألة ال يشملها قولهموجد سبب موته بالحرم ألن سبب الموت في هذه المسألة وهو جـرح

.الصيد حصل بالحل ال بالحرم، واهللا أعلم :فصل -- الحرم المكي حتى ما فيه مضرة كشوك وعوسـج ويحرم قطع شجر

بفتح العين والسين المهملتين معروف ذو شوك لعموم قوله صـلى اهللا ال يحرم ما فيـه : ، وقال أكثر األصحاب)وال يعضد شجرها(عليه وسلم

مضرة كشوك وعوسج ألنه مؤذ بطبعه كالسياع ذكـره فـي المبـدع، ) ال يختلى خالها(يه وسلم ويحرم قطع حشيش الحرم لقوله صلى اهللا عل

حتى شوك وورق وسواك ونحوه ويضمن القاطع ذلـك كمـا يـأتي إال اليابس من شجر وحشيش وورق ونحوها ألنه بمنزلة الميت، وإال مـا زال بفعل غير آدمي فيجوز االنتفاع به نص عليه ألن الخبر في القطـع

إلذخر لقول وإال ما انكسر ومل يبن أي ينفصل فإنه كظفر منكسر، وإال ا) إال اإلذخر: يا رسول اهللا إال اإلذخر فإنه لقينهم وبيوتهم قال: (العباس

نبت طيب الرائحـة، والقـين الحـداد، وإال : وهو بكسر الخاء والهمزةالكمأة والفقع ألنهما ليسا بشجر وال حشيس، والفقع نوع مـن الكمـأة

زرعـه آدمـي وهو األبيض الرخو، وإال الثمرة ألنها تستخلف، وإال ما من بقل ورياحين وزرع وشجر غرس من غير شجر الحرم فيباح أخذه

: واالنتفاع به ألنه مملوك األصل كاألنعام وقوله صلى اهللا عليه وسـلم المراد ما ال يملكه أحد ألن هذا يضاف إلى مالكـه، ) وال يقطع شجرها(

ويباح رعي حشيش الحرم، ألن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثـر فيـه، ولم ينقل سد أفواهها، ولدعاء الحاجة إليه أشبه قطع اإلذخر، بخـالف

.االحتشاش لها فإنه ال يجوزاليابس من الكأل والخال مقصـور، : الحشيش والهشيم: قال الجوهري

: الرطب منه، قال ابن نصر اهللا البغدادي في حواشي المحـرر : والعشبالحشيش دخل فـي فكان ينبغي للمصنف أن يقول في رعي عشبه ألن

قوله إال اليابس، وكأن المصنف أطلق اسم الحشيش على الرطب تجوزا .باعتبار ما يئول إليه انتهى

ويباح انتفاع بما زال من شجر الحرم أو انكسر من أغصانه بغير فعل آدمي نصا ولو لم يبن أي ينفصل لتلفه فصار كالظفر المنكسر وتقـدم،

اقط، وإذا قطع اآلدمي ما يحرم قطعـه مـن ويجوز االنتفاع بالورق السشجر الحرم وحشيشه ونحوه حرم انتفاعه به، وحرم انتفاع غيره بـه ألنه ممنوع من إتالفه لحرمة الحرم فإذا قطعه من يحرم عليه لم ينتفع به كصيد ذبحه محرم ال يحل له وال لغيره، ومن قطـع شـجر الحـرم

سطة عرفا ببقرة وضمن وحشيشه ونحوه ضمن الشجرة الكبيرة والمتوفي الدوحة بقـرة وفـي (الصغيرة عرفا بشاة لما روي عن ابن عباس

وقاله عطاء، والدوحة الشجرة العظيمة والجزلة الصغيرة، ) الجزلة شاةويخير من وجب عليه جزاء شجر الحرم وحشيشه وصيده بين الشاة أو

يم البقرة أو البقرة فيذبحها ويفرقها أو يطلقها لمساكين الحرم وبين تقوالشاة بدراهم ويفعل بقيمتها كجزاء صيد بأن يشتري بها طعاما يجـزئ

في فطرة فيطعم كل مسكين مدبر أو نصف صاع من غيره، أو يصـوم عن إطعام كل مسكين يوما، ويضمن الحشيش والورق بقيمتـه نـص عليه اإلمام أحمد ألن األصل وجوب القيمة ويتخير فيها كجزاء صيد ال

ه ويفعل بالقيمة كما سبق، ويضمن الغصن بمـا نقـص أصـله مثل لكأعضاء الحيوان وكما لو جنى على مال آدمي فنقص، وبفعل بأرشـه كما مر، فإن استخلف الغصن والحشيش والورق ونحوه سقط الضمان

.كما لو قطع شعر آدمي ثم نبت أو ريش صيد فعادضمان عليه ألنه لم وكذا لو رد شجرة قلعها من الحرم إليه فنبتت فال

يتلفها ويضمن نقصها إن نبتت ناقصة لتسببه فيه، وإن قلع شجرة من الحرم فغرسها في الحل لزمه ردها إلى الحرم إلزالة حرمتها فإن تعـذر ردها أو يبست ضمنها ألنه أتلفها، أو قلعها من الحـرم فغرسـها فـي

لى الحل غير الحرم فيبست ضمنها فإن قلع الشجرة المنقولة من الحرم إ .الغارس لها بالحل ضمنها القالع وحده ألنه المتلف لها

فلو قلعها غيره من الحل ضمنها الغير، ويتجـه مـع : قال في الغاية إمكان رد ال بدونه وأنه ينتفع بها إذا انتهى، ويضمن من نفر صيدا من الحرم فخرج إلى الحل فقتله غيره فيه لتفويت المنفر حرمته بإخراجـه

ويتجه مع : لى الحل وال ضمان على قاتله بالحل، قال مرعي في الغايةإقصد تنفير انتهى، يعني أن من نفر صيدا من الحرم إلى الحـل فقتلـه

وهذا االتاه وجيه ألنه إذا لم يقصد تنفيره . غيره يضمن مع قصد التنفير .ال يكون مؤاخذا به، واهللا أعلم

لى الحل إذا قتل به إن لم يـرده ويضمن من أخرج صيدا من الحرم إ إلى الحرم فإن رده إليه فال ضمان، والفرق بين الشـجر والصـيد أن

ولهذا وجب : الشجر ال ينتقل بنفسه وال تزول حرمته بإخراجه إلى الحلعلى مخرجه رده فكان جزاؤه على متلفه بخالف الصيد فـإن تنفيـره

رجه جزاؤه، فلو فداه يفوت حرمته بإخراجه إلى الحل فلزم منفره أو مخأي الصيد الذي نفره أو أخرجه إلى الحل ثم ولد الصيد وقتل ولده لـم

.يضمن منفره أو مخرجه ولده ألنه ليس من صيد الحرمقال الخلوتي لعله ما لم تكن حامال قبل اإلخراج انتهى، ويضمن مـن

قطع غصنا في هواء الحل أصل الغصن أو بعض أصله بالحرم لتبعيتـه صله بخالف ما لو قتل الحالل صيدا على غصن في الحل أصله فـي أل

الحرم فال جزاء فيه لتبعية الهواء للقرار وقراره حل فال يكون صـيده معصوما وتقدم، وال يضمن ما قطعه من غصن بهواء الحرم وأصله كله بالحل لتبعيته ألصله بخالف ما لو قتل صيدا على غصـن فـي الحـرم

فإنه يضمنه ألن الهواء تابع للقرار فهـو مـن صـيد وأصله في الحل .الحرم وتقدم

قال الخلوتي على قوله في المنتهى وال يضمن ما قطعه مـن غصـن بهواء الحرم وأصله بالحل ألن الغصن تابع ألصله يرد عليه مـا تقـدم فيما إذا قتل صيدا على غصن بالحرم وأصله بالحل فتدبر، وقد يفـرق

ن معتمدا على الغصن الذي هو بالحرم جعل كأنه أصله بأن الصيد لما كاوهواؤه تابع لقراره هو، وأما الغصن نفسه فهو تابع ألصله ال لقـراره

.فتدبر، انتهى

:فصل --

ال يخرج من تراب الحرم وال يدخل إليـه : قال اإلمام أحمد رحمه اهللا وال يخرج من حجارة مكـة : باسمن الحل، كذلك قال ابن عمر وابن ع

وكـره إخـراج : إلى الحل، والخروج أشد في الكراهة، قال في المنتهى .تراب الحرم وحجارته إلى الحل انتهى

فعلى هذا فإخراج األواني المعمولة من الفخار للشرب وغيـره مـن تراب الحرم إلى الحل مكروه واهللا أعلـم، وال يكـره وضـع الحصـى

مسجده صلى اهللا عليه وسلم زمنه وبعده، وفي سنن بالمساجد كما في باب في حصى المسجد حدثنا سهل بن تمام بن بزيع حـدثنا : أبي داود

عمر بن سليم الباهلي عن أبي الوليد سألت ابن عمر عن الحصى الذي مطرنا ذات ليلة فأصبحت األرض مبتلة فجعل الرجـل : في المسجد فقال

ته فلما قضى رسول اهللا صـلى اهللا يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تح .عليه وسلم الصالة قال ما أحسن هذا انتهى

ويحرم إخراج تراب المساجد وإخراج طيبها في الحل والحـرم ألنـه انتفاع بالموقوف في غير جهته قاله في شرح اإلقناع وشرح المنتهـى

حدثنا عثمان بـن : يؤيد هذا ما في سنن أبي داود قال: قلت. وغيرهماي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع قاال حدثنا األعمش عن أبي صـالح أب

حـدثنا ) كان يقال إن الرجل إذا أخرج الحصى من المسجد يناشده: (قالمحمد بن إسحق أبو بكر، يعني الصاغاني حدثنا أبو بدر شـجاع بـن الوليد حدثنا شريك حدثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال

إن الحصاة : (قد رفعه إلى النبي صلى اهللا عليه وسلم قال أراه: أبو بدر .انتهى) لتناشد الذي يخرجها من المسجد

قال المنذري وإسناده جيـد، . ويقاس التراب على الحصا، واهللا أعمل وقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث فذكر أنه روى موقفا علـى أبـي

.مرفعه وهم من أبي بدر، واهللا أعل: هريرة وقالإذا أراد : قال في شرحي اإلقناع والمنتهى قال اإلمام أحمد رحمـه اهللا

أن يستشفى من طيب الكعبة لم يأخذ منه شيئا ويلزق عليها طيبا مـن عنده ثم يأخذه، ذكر ذلك في المغني والشرح وشرح المنتهى واإلقنـاع

ده وغيرها، وجواز االستشفاء بطيب الكعبة أو بطيب يلزقه عليها من عنثم يأخذه فيه نظر، واألظهر عدم جوازه وإن خالف نـص اإلمـام ألن االستشفاء به من قبيل التبرك به وهو ممنوع لألدلة الواردة في مثـل ذلك، بخالف ماء زمزم فإن التبرك بشربه جائز لألحاديث الواردة فيـه، واهللا أعلم، وال يكره إخراج ماء زمزم ألنه يستخلف فهو كالثمرة، قـال

أخرجه كعب ولم يزد عليه انتهـى، وروى عـن عائشـة : مام أحمداإلأنها كانت حمل من ماء زمزم وتخبر أن النبي صـلى : (رضي اهللا عنها

.رواه الترمذي وقال حسن غريب). اهللا عليه وسلم كان يحملهال بأس بنقل ماء زمزم : قال الشيخ ابن العماد في شرح الغاية) فائدة(

ثير من الحجاج، وخاصيته من أنه طعام طعم وشفاء للهدية كما يفعله كسقم، ال ترفع كما ظنه بعضهم، وال تبدله المالئكة كما ظنه آخرون، لكن من صحبه معه، وفقد الماء في الطريق ال يباح له التيمم ألن عنده ماءطهورا ويجب عليه استعماله وكذا إن اضطر إليه عطشان من حيـوان

.فظ فإنه مهم انتهىمحترم فيجب بذله فليحما ذكره ابن العماد من وجوب استعمال مـاء زمـزم إذا فقـد : قلت

مستصحبه الماء في الطريق محله إذا لم يخف باستعماله عطش نفسـه

أو ولده أو حرمته من زوجة ونحوها أو امرأة من أقاربه أو رفيقـه أو .حيوان محترم فإن خاف ذلك شرع له التيمم، واهللا أعلم

:فصل -- ومكة أفضل من المدينة لحديث عبد اهللا بن عدي بن الحمـراء أنـه

سمع النبي صلى اهللا عليه وسلم يقول وهو واقف بالحزورة في سـوق واهللا إنك لخير أرض اهللا وأحب أرض اهللا إلى اهللا، ولـوال أنـي : (مكة

رواه أحمد والنسائي وابن ماجـة والترمـذي ). أخرجت منك ما خرجتحيح، ولمضاعفة الصالة فيها أكثر، والحزورة كانت هي وقال حسن ص

سوق مكة وكانت بفناء دار أم هانئ فدخلت في المسجد الحـرام، قيـل إنها األكمة التي كانت بين باب أم هانئ وبين باب الوداع، وقيل غيرها، وتستحب المجاورة لمن ال يخاف الوقوع في محظور بمكة، قـال فـي

كيف لنا بالجوار بمكة؟ قال النبي : رحمه اهللالمغني والشرح قال أحمد واهللا إنك ألحب البقاع إلى اهللا عز وجل، ولـوال : (صلى اهللا عليه وسلم

وإنما كره عمر الجوار بمكة لمـن هـاجر ) أني أخرجت منك ما خرجتمنها، وجابر بن عبد اهللا جاور بمكة وجميع أهل البالد، ومن كان مـن

رج ويهاجر أي ال بأس به، وابن عمـر أهل اليمن ليس بمنزلة من يخوالمقام بالمدينة أحب إلي من المقام بمكة لمن قوى : كان يقيم بمكن قال

ال يصبر (عليه ألنها مهاجر المسلمين وقال النبي صلى اهللا عليه وسلم انتهـى ). أحد على ألوائها وشدتها إال كنت له شـفيعا يـوم القيامـة

عمر ومن حديث أبي هريرة وأبـي والحديث رواه مسلم من حديث ابنوتضاعف الحسن والسيئة بمكان وزمان ) أو شهيدا(سعيد وسعد وفيهن

فاضلين لقول ابن عباس اآلتي، وقد سئل اإلمام أحمد هل تكتب السـيئة

أكثر من واحدة؟ فقال ال إال بمكة لتعظيم البلد، ولو أن رجال بعدن وهم: عذاب األليم، وال ينافيه قوله تعـالى أن يقتل عند البيت أذاقه اهللا من ال

من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فـال يجـزى إال (ومراد ابن عباس مضاعفة السيئات بـالكيف ال ). مثلها وهم ال يظلمون

.بالكم كما قرره شيخ اإلسالم، واهللا أعلم: ولوروى األزرقي بسنده أن عمر بن الخطاب رضي اهللا عنه كان يق

.لخطيئة أصيبها بمكة أعز علي من سبعين خطيئة أصيبها بركبة انتهىوركبة هي الصحراء الواسعة المعروفة بطريق نجد، وروى األزرقـي

يا أهل مكـة ال : (بسنده أن عمر بن الخطاب رضي اهللا عنه كان يقولوبسنده عـن ) تحتكروا الطعام بمكة فإن احتكار الطعام بمكة للبيع إلحاد

وبسنده عـن ) ومن يرد فيه بإلحاد بظلم يعمل عمال سيئا: (هد قالمجاليس أحد من خلق اهللا تعـالى يهـم بسـيئة : (عبد اهللا بن مسعود قال

فيؤخذ بها وال تكتب عليه حتى يعملها غير شيء واحد، قـال ففزعنـا من هم أو حـدث : ما هو يا أبا عبد الرحمن؟ فقال عبد اهللا: لذلك فقلناومـن : (يلحد بالبيت أذاقه اهللا عز وجل من عذاب أليم ثم قرأنفسه بأن

المجاورة : قال شيخ اإلسالم). يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليمهذا هو الصـواب : قلت. بمكان يكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان

الذي ال شك فيه، وإال فماذا ينفع المقيم في مكة أو المدينة مع فسـقه أو نفاقه؟ وماذا يضر غيره ممن أقام فـي بلـد مـن بلـدان وفجوره

المسلمين سوى مكة والمدينة مع صالحه وكمال إيمانه وتقـواه؟ واهللا المستعان، والصالة في المسجد الحرام بمائة ألف صالة؛ ونص اإلمـام

أحمد رحمه اهللا أن الطواف للغريب أفضل من الصالة النافلة والصـالة .فللمكي أفضل من الطوا

ويستحب لمن أتي مكة اإلكثار من سائر التطوعات بالمسجد الحـرام واغتنام الزمان في تلك البقعة المشرفة الفاضلة من طواف وتالوة قرآن وذكر مشروع واعتكاف وغير ذلك، وكان كثير من السلف يحيى الليـل مدة إقامته بمكة، وفعله اإلمام أحمد رحمه اهللا ليلة قدومه وهو في تلك

لحجة ماشيا، والصالة بمسجد النبي صلى اهللا عليه وسلم بألف صالة، اوفي المسجد األقصى بخمسمائة صالة، وبقية حسنات الحرم كصالة فيه

.فكل عمل صالح فيه بمائة ألفواألظهر أن مرادهم غير صالة النساء في البيوت فـإن : وفي الفروع

سجد الحـرام لقولـه صالتها في بيتها بمكة أفضل من صالتها في المال تمنعوا إماء اهللا من حرم اهللا وبيتها خير لها، : (صلى اهللا عليه وسلم

فظاهر كالمهـم أن المسـجد الحـرام نفـس ) وإن النفل بالبيت أفضلالمسجد، وقيل الحرام كله مسجد، ومع هذا فالحرم أفضـل مـن الحـل

ذي أسرى سبحان ال: (انتهى، قال ابن جرير في تفسيره على قوله تعالىاختلف فيه وفي معناه فقـال بعضـهم ). بعبده ليال من المسجد الحرام

وقال آخرون : يعني من الحرم كله مسجد وذكر دليل من قال به ثم قالوأولى األقـوال : بل أسرى به من المسجد وذكر دليل من قال به ثم قال

في ذلك بالصواب أن يقال إن اهللا عز وجل أخبر أنه أسرى بعبده لـيال والمسجد الحرام هو الذي يتعارفه الناس بينهم إذا . من المسجد الحرام

.ذكروه انتهى

وما خلق اهللا خلقا أكرم عليـه مـن نبينـا : وقال في اإلقناع وشرحه محمد صلى اهللا عليه وسلم كما دلت عليه البراهين، وأما نفس تـراب

لكعبة أفضل تربته صلى اهللا عليه وسلم فليس هو أفضل من الكعبة بل االكعبة أفضل من مجرد الحجرة، فأما والنبي صلى : منه، قال في الفنون

اهللا عليه وسلم فيها فال واهللا وال العرش وحملته والجنة ألن بـالحجرة ال حاجة إلى هذا التكلـف الـذي : قلت. جسدا لو وزن به لرجح انتهى

يه وسلم ذكره ابن عقيل صاحب الفنون في حق نبينا محمد صلى اهللا علال تطروني كما أطرت : (وقد قال صلى اهللا عليه وسلم. فإنه من اإلطراء

.الحديث). النصارى ابن مريمال يعرف أحد من العلماء فضل تراب القبـر علـى : قال شيخ اإلسالم

الكعبة إال القاضي عياض ولم يسبقه أحد إليه وال وافقه أحد قط عليـه، تكملة، حكى عـن أبـي بكـر : كهقال الشيخ سليمان بن علي في منس

صالة في مسـجدي هـذا : (النقاش في شأن قوله صلى اهللا عليه وسلمأفضل من ألف صالة فيما سواه إال المسجد الحرام، وصالة في المسجد

زاد ابـن خزيمـة ) الحرام أفضل من مائة ألف صالة في مسجدي هذامثير الغرام يعني مسجد المدينة رواه عبد اهللا بن الزبير، وروى صاحب

قـال : الساكن في كتابه عن جابر بن عبد اهللا رضي اهللا عنهمـا قـال صالة في مسجدي هذا أفضل من ألف : (رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

صالة فيما سواه إال المسجد الحرام، وصالة في المسجد الحرام أفضـل ية فحسبت ذلك في هذه الروا: ، قال أبو بكر النقاش)من مائة ألف صالة

فبلغت صالة واحدة بالمسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وسـتة أشهر وعشرين ليلة، وصالة يوم وليلة في المسجد الحرام وهي خمس

صلوات عمر مائتي سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال .انتهى

حسبنا ذلك فوجدنا صالة واحدة عن ست وخمسين سنة وسـتة : قلت حدا، وحسبنا صالة يوم وليلة فوجدناها عـن مـائتي أشهر إال يوما وا

سنة واثنتين وثمانين سنة وستة أشهر إال خمسة أيـام، وذلـك علـى رواية جابر بن عبد اهللا، فانظر يا أخي إلى هذا الفضل الكبير والعطـاء الكثير فإذا كان هذا على هذه الرواية فما بالك بها في رواية عبد اهللا بن

وصالة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألـف (فيها الزبير التي قال فإنه يزاد على العدد المذكور تسعمائة وتسـعة ) صالة في مسجدي هذا

وتسعون مرة؛ يعني أن العدد الذي ذكرناه هنا يكون على روايـة ابـن وهذا شيء يعجز الحـاذق . الزبير جزءا واحدا من ألف جزء واهللا أعلم

سنينه وأعوامه ولياليه وأيامه، فحق لمثل الماهر في الحساب عن ضبط هذا الحرم الشريف أن تشد إليه الرحال وتتلف فيه أنفس الرجال فضال

. عن األموالروى أحمد والبـزار وابـن : وفي أحكام المساجد للزركشي الشافعي

حبان في صحيحه من حديث حماد بن زيد وغيره عن حبيب المعلم عن قـال : اهللا بن الزبير رضي اهللا عنهما قال عطاء بن أبي رباح عن عبد

صالة في مسجدي هذا أفضل من ألف : (رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمصالة في غيره من المساجد إال المسجد الحرام، وصالة فـي المسـجد

وإسـناده ) الحرام أفضل من الصالة في مسجدي هذا بمائة ألف صـالة لبر وقال إنه الحجة عنـد على شرط الشيخين ال جرم صححه ابن عبد ا

التنازع وإنه نص في موضع الخالف قاطع عند من ألهم رشده ولم تمل

به عصبيته، يعني في القول بأفضلية مسجد المدينـة علـى المسـجد الحرام، ثم ذكر أن بعض الناس طعن في حبيب المعلم، وبعضهم أعـل

إسـناده الحديث ورد ذلك بما يطول ذكره، ثم نقل عن الذهبي أنه قـال صالح، وروى ابن عبد البر هذا الحديث بإسناد آخر ثم قـال ورجـال إسناده علماء أجالء ولم ينفرد ابن الزبير بذلك، بل روى مـا يوافقـه

:أنس وجابر وأبو الدرداء، ولقد أحسن القائل في مدح مكة آآ أرض بها البيت المحرم قبلةآ

آ.للعالمين لها المساجد تعدل ها وصيودهاآحرم حرام أرض

آ.والصيد في كل البالد محلل وبها المشاعر والمناسك كلهاآ

آ.وإلى فضيلتها البرية ترحل وبها المقام وحوض زمزم مشرعاآ

آ.والحجر والركن الذي ال يرحل والمسجد العالي المحرم والصفاآ

آ.والمشعران لمن يطوف ويرمل وبمكة الحسنات ضوعف أجرهاآ

آآ.عنه الخطايا تغسل وبها المسيءوالصيد في كل البالد محلل، أي ما عدا صـيد حـرم المدينـة : قوله

المنورة على الصحيح، وأعلم أن العلماء صرحوا بأن هذه المضـاعفة فيما يرجع إلى الثواب فقط وال يتعدى ذلك إلى األجزاء عن الفوائت، فلو

ي أو المسجد كان عليه صالتان فصلى في مسجد مكة أو المسجد النبو

األقصى صالة واحدة لم تجزه عنهما، وهذا ال خالف فيه بين العلمـاء خالفا لما يغتر به بعض الجهلة، وأعلم أيضـا أن هـذه المضـاعفة ال تختص بالصلوات بل كل حسنة يعملها العبد في الحرم بمائة ألف، فمن

بدرهم صام بها يوما كتب اهللا له صوم مائة ألف يوم، ومن تصدق فيها كتب اهللا له مائة ألف درهم صدقة، ومن ختم القرآن مرة واحدة كتـب اهللا له مائة ألف ختمة بغيرها، ومن سبح اهللا تعالى فيها مرة كتـب اهللا

.له مائة ألف مرة بغيرها، إلى غير ذلك من أعمال البر وتقدماإلخـالص : يشترط لحصول المضاعفة المشار إليها شرطان): تنبيه(

ي العمل والمتابعة للرسول صلى اهللا عليه وسـلم، ألن اإلخـالص هللا فيعني : والمتابعة شرطان لصحة األعمال وقبولها وكذلك إذا فقد أحدهما

إذا كان العمل خالصا هللا ولم يكن على سنة الرسول صـلى اهللا عليـه كما أنه إذا كان العمل على سنة الرسول صـلى اهللا : وسلم فإنه ال يقبل

م ولكنه لم يكن خالصا هللا فإنه ال يقبل أيضا، فال يقبـل مـن عليه وسلأعمال العبد إال ما كان خالصا هللا صوابا على سنة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فيجب على كل من أراد نجاة نفسه يوم لقاء ربه أن يفتش نفسه ويتوب إلى ربه ويخلص جميع أعماله لربه أكرم األكرمين، ويتبع

وله محمد أشرف المرسلين صلى اهللا عليه وسلم واهللا الموفق، سنة رس .وهو الهادي إلى سواء السبيل

:فصل -- وحد حرم مكة من طريق المدينة ثالثة أميال عند بيوت السقيا، ويقال

وهي دون التنعيم، ويعـرف اآلن : لها بيوت نفار، بكسر النون وبالفاءبيوت غفـار بـالغين، قـال : قيبمساجد عائشة، وفي أخبار مكة لألزر

المـاء : واألضـاءة . محشيه وتسمى اضاه بني غفار كما ذكر يـاقوت وغفار، قبيلة من كنانة، وقد قال ابن ظهيرة . المستنقع من سيل وغيره

إن الحصحاص وهو مقبرة المهاجرين المعروف اليوم بالمختلع يسـمى ل عند أضـاة وحده من طريق اليمن سبعة أميا. بضاة بني غفار انتهى

لبن بالضاد المعجمة على وزن قناة، ولبن بكسر الالم وسكون الموحدة، وحده من طريق العراق سبعة أميال على ثنية خل بخاء معجمة مفتوحة

وفـي . والم مشددة هكذا في ضبط الشيخ الحجاوي في اإلقناع بـالقلم جبل رجل بكسر الراء وسكون الجيم، وهل : المنتهى والمبدع وغيرهما

بالمقطع بفتح الميم وبقاف ساكنة وطاء مفتوحة هكذا ضـبطه الشـيخ : الحجاوي في اإلقناع بالقلم، وعبـارة المنتهـى والمبـدع وغيرهمـا

بالمنقطع، وفي أخبار مكة لألزرقي قال ومن طريق العراق على ثنيـة وفي بعض المناسك المعتمدة بفتح . خل بالمقطع على سبعة أميال انتهى

ن القاف على ما ضبطه المحب الطبري، وسـبب تسـميته الميم وسكو .بذلك أنهم قطعوا منه حجارة الكعبة في زمن ابن الزبير

قال األزرقي في أخبار مكة، وإنما سمي المقطع ألنـه جبـل صـلب وقال في موضع من . الحجارة فكان يوقد بالنار ثم يقطع، وقيل غير ذلك

ن البنائين حين بنى ابن الزبيـر وإنما سمي المقطع أل: كتابه أخبار مكةالكعبة وجدوا هناك حجرا صلبا فقطعوه بالنار فسـمي ذلـك الموضـع المقطع، إلى أن قال ثنية خل بطرف المقطع منتهى الحرم مـن طريـق

.انتهى كالم األزرقي. العراق

ومن هذا يتضح صحة ما ضبطه الحجاوي في اإلقناع أن ثنيـة خـل بقاف ساكنة وطاء مفتوحـة فليعتمـد ذلـك بخاء معجمة وأن المقطع

.ويعول عليه واهللا أعلمومن الجعرانة بسكون العين وتخفيف الراء على المشهور تسعة أميال

في شعب عبد اهللا بن خالد، وحده من طريق جدة عشـر أميـال عنـد منقطع األعشاش أي منتهى طرفها جمع عشر بضم العين المهملة وهو

آلن بالشميسي وسابقا بالحديبية، فحد الحـرم دون الموضع المعروف ادونه إلى مكة وليس الموضع المعروف اآلن بالشميسي والحديبية داخال

.في الحرم كما يتضح ذلك من أعالم الحرم المنصوبة هناكإن علمي الحرم من طريق جدة هما العلمان القديمان من : تنبيه مهم

م بإشارة جبريل عليـه السـالم زمن نبينا إبراهيم صلى اهللا عليه وسلأمـا . بوضعهما في تلك البقعة كسائر حدود الحرم من الجهات األخرى

العلمان الجنوبيان المسامتان لعلمي الحرم المذكورين فقد أحـدثا فـي جمادى الثانية سنة ست وسبعين وثلثمائة وألـف مـن أجـل طريـق

الطريـق السيارات المؤدي بينهما ثم صار عدول السيارات مـن هـذا الجنوبي الذي يمر بين العلمين المحدثين إلى الطريق الشمالي الذي يمر

.بين علمي الحرم القديمين وإلزالة اللبس لزم التنبيه على ذلكوحده من طريق الطائف على عرفـات مـن : قال في اإلقناع وشرحه

بطن نمرة سبعة أميال عند طرف عرفة، وحده من بطن نمرة أحد عشر قلت هكذا ذكر األزرقي وتبعه بعض الفقهاء من الحنابلـة . تهىان. ميال

وغيرهم وفيه نظر ألن عرفة حل فكيف يكون بطنها حـدا؟ وقـد ذكـر األزرقي أن حده من طريق الطائف على عرفات من بطن نمرة سـبعة

أميال وهذان جهة واحدة فاعتمد حده من هذه الجهة سبعة أميال ال أحد وعلى تلك المذكورات أنصاب الحرم ولـم تـزل . عشر ميال واهللا أعلم

وهل يعتبر ذلك التحديد من الكعبة : قال الشيخ عثمان بن قائد. معلومةقلت الظاهر أن اعتبار ذلك مـن الكعبـة . أو المسجد أو من مكة انتهى

.كما هو مصرح به في بعض المناسك، واهللا أعلمفه في القرب والبعد سبب بعد التحديد وقربه من الحرم واختال): فائدة(

هو ما ذكر الشيخ عبد الرحمن بن رجب أنه لما نزل الحجـر األسـود . انتهى. أضاء له نور عظيم فحدد الحرم على ذلك النور

ربنا : ولما قال إبراهيم عليه الصالة والسالم: وفي أخبار مكة لألزرقي لـى أرنا مناسكنا، نزل إليه جبريل فذهب به فأراه المناسـك ووقفـه ع

حدود الحرم فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب األعالم ويحثي عليها وجاء جبريـل : التراب، وكان جبريل عليه السالم يقفه على الحدود قال

بالحجر األسود إلى إبراهيم فوضعه إبراهيم عليه الصالة والسالم فـي م من موضعه هذا فأنار شرقا وغربا ويمنا وشماال فحرم اهللا تعالى الحر

.انتهى كالم األزرقي. حيث انتهى نور الحجر وإشراقه من كل جانبوحيث الحال ما ذكر وأن حدود الحرم مختلفة في القرب والبعـد وأن

وضع حدود الحرم هو بإيقاف جبريل عليـه الصـالة والسـالم ألبينـا إبراهيم صلى اهللا عليه وسلم على حدود الحرم وظهور أن حد الحـرم

دينة ثالثة أميال ومن طريق جدة عشرة أميـال مـع أن من طريق المالحدين متجاوران فبذلك تبين أنه ليس لالجتهاد في تحديد الحرم مساغ وأنه ال يجوز ألحد أن يحدث حدا للحرم ويضع عليه أنصابا من تلقـاء نفسه ألنه قد ال يكون ذلك حدا للحرم في نفس األمر، أما إذا أتى علـى

م فإنه ينظر إلى محاذاة أقرب األعالم إليه وليس في محل ليس به أعال .اإلمكان سوى ذلك مع عدم الجزم بأن هذا حد للحرم واهللا أعلم

:حد حرم مكة من الجهات في هذه األبيات: قال الشيخ محمد الخلوتي آآ وللحرم التحديد من أرض طيبةآ

آ.ثالثة أميال لمن رام إتقانه آوسبعة أميال عراق وطائف

آ.وجدة عشر ثم تسع جعرانة ومن يمن سبع بتقديم سينهاآ

آآ.فسل ربك المحمود يرزقك غفرانهأول من نصب الحدود للحرم أبونا إبـراهيم عليـه الصـالة ): فائدة(

والسالم ثم قصي، وقيل إسماعيل ثم قصي ثم قريش بعد قلعهم لها، ثم عمر بـن الخطـاب ثـم نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم عام الفتح ثم

عثمان بن عفان ثم معاوية ثم عبد الملك بن مروان وفي عـام مائـة وتسع وخمسين لما رجع المهدي من الحج أمر بتجديدها وكذلك جددها المقتدر باهللا العباسي، وفي سنة ثالث مائة وخمـس وعشـرين أمـر الراضي باهللا العباسي بعمارة العلمين من جهة التنعـيم، وفـي سـنة

ائة وستة عشر أمر المظفر صاحب أربل بعمارة العلمين من جهـة ستمعرفة، ثم الملك المظفر صاحب اليمن سنة ستمائة وثـالث وثمـانين، وجددها السلطان أحمد األول العثماني سنة ألف وثالث وعشرين، وكل هؤالء أظهروا وجددوا ما حدده أبونا إبراهيم عليه الصالة والسالم بعد

.هم أحدثوا حدودا من عند أنفسهمالدراسة، ال أن :فصل --

إنـي (ويحرم صيد المدينة لحديث عامر بن سعد عن أبيه مرفوعـا رواه ). أحرم ما بين البتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتـل صـيدها

مسلم، والمدينة من الدين بمعنى الطاعة ألن المقـام بهـا طاعـة، أو أي في : كهم، يقال فالن في دين فالنبمعنى الملك ألنه دين أهلها أي مل

قرأت على أبـي علـي : ملكه وطاعته، قال الحافظ بن حجر العسقالنيأمـر : الصدفي في هامش نسخته من صحيح البخاري بخطه ما نصـه

المدينة في طيب ترابها وهوائها يجده من أقام بها ويجد لطيبها أقـوى وكذلك العود وسائر رائحة ويتضاعف طيبها فيها عن غيرها من البالد،

أنواع الطيب، وللمدينة أسماء منها ما رواه عمر بن الخطاب شبة فـي قال النبي صـلى اهللا عليـه : أخبار المدينة من رواية زيد بن أسلم قال

للمدينة عشرة أسماء هي المدينـة وطابـة وطيبـة والمطيبـة (وسلم وروى )والمسكينة والدار والجابرة والمجبورة والمحببـة والمحبوبـة

: الزبير في أخبار المدينة من طريـق ابـن أبـي يحيـى مثلـه، وزاد والقاصمة وتمامه فيه انتهى، واألولى أن ال تسمى بيثـرب ألن النبـي صلى اهللا عليه وسلم غيره لمـا فيـه مـن التثريـب وهـو التغييـر واالستقصاء في اللوم، وما وقع في القرآن فهو حكاية لمقالة المنافقين،

ي األصل اسم لرجل من العمالقة بني المدينة فسميت به، وقيل ويثرب فيثرب اسم أرضها قاله الحجاوي في حاشية اإلقناع، قال فـي اإلقنـاع

فلو صاد من حرم المدينة وذبح صيدها صحت تذكيتـه، قـال : وشرحهتحريم صيدها يدل على أنه ال تصح ذكاته وإن قلنا تصح فلعدم : القاضي

ي زوال ملك الصيد نص عليه مع أنـه ذكـر فـي تأثير هذه الحرمة فوإن صـاده وذبحـه : قال في شرح المنتهـى . الصحة احتمالين انتهى

ويحرم قطع شجرها وحشيشها . صحت تذكيته جزم به في اإلقناع انتهىإن إبراهيم حرم مكة ودعا ألهلها وإني حرمت المدينة كما حرم (لحديث

لى منا دعا إبـراهيم ألهـل إبراهيم مكة ودعوت في صاعها ومدها بمثمتفق عليه، ولما روى أنس أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قـال ). مكة

ولمسـلم وال يختلـى ) المدينة حرم من كذا إلى كذا ال يقطع شـجرها (خاللها وال يحدث فيها حدث من أحدث فيهـا حـدثا فعليـه لعنـة اهللا

تدعو لحاجـة ويجوز أخذ ما . متفق عليه). والمالئكة والناس أجمعينإليه من شجرها للرحل والقتب وعوارضه وآلة الحرث ونحو ذلك كآلة

والعارضة لسقف المحمـل والمسـاند مـن . الدياس والجذاذ والحصادالقائمتين اللتين تنصب البكرة عليهما والعارضة بين القـائمتين ونحـو

أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم لمـا (ذلك كعود البكرة، لما روى جابر رم المدينة قالوا يا رسول اهللا إنا أصحاب عمل وأصـحاب نضـج وال ح

القائمتـان والوسـادة : نستطيع أرضا غير أرضنا فرخص لنـا، فقـال رواه ). والعارضة والمسند فأما غير ذلك فال يعضد وال يخبط منها شيء

أحمد فاستثنى الشارع صلى اهللا عليه وسلم ذلك وجعله مباحا، والمسند ، ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من حشيشها للعلف لقوله عود البكرة

المدينة حرام ما بين عير إلى ثور (صلى اهللا عليه وسلم في حديث علي ال يختلى خاللها وال ينفر صيدها وال يصلح أن تقطع منها شجرة إال أن

رواه أبو داود، وألن المدينة يقـرب منهـا شـجر ). يعلف رجل بعيرها من احتشاشها أفضى إلى الضرر، بخالف مكة، ومـن وزرع، فلو منعن

أدخل إليها صيدا فله إمساكه وذبحه، نص عليه بخالف مكة لقول أنس كان النبي صلى اهللا عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقـال (

يا أبا عمير ما فعل : له أبو عمير، قال أحسبه فطيما، وكان إذا جاء قالجمة، وهو طائر صغير كان يلعب به، متفق عليه، قال النغير بالغين المع

حديث أبي عمير يدل على جواز اإلمساك : المحب بن نصر اهللا البغداديفأين دليل الذبح؟ وفي شرح المحرر ألن إمساكه يفضى إلى تلفه بغيـر فائدة فذبحه المفضي إلى جواز أكله أولى انتهى، قـال فـي المنتهـى

من ذلك أي من صـيدها أو شـجرها أو وال جزاء فيما حرم: وشرحهلم يبلغنا أن النبي صلى اهللا عليه وسلم وال أحـدا : حشيشها، قال أحمد

من أصحابه حكموا فيه بجزاء انتهى، وال يلزم من الحرمة الضمان وال ويحـرم صـيد المدينـة وشـجرها : من عدمه عدمها، قال في المغني

و حنيفة ال يحرم ألنه لـو وحشيشها وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبكان محرما لبينه صلى اهللا عليه وسلم بيانا عاما، ولو وجب فيه الجزاء

ولنا ما روى علي رضي اهللا عنه أن النبي صلى اهللا عليه . كصيد الحرممتفـق عليـه، وروى ). المدينة حرم ما بين ثور إلى عيـر (وسلم قال

بن زيد متفق على أحاديثهم، تحريم المدينة أبو هريرة ورافع وعبد اهللا فمن فعل ممـا حـرم : ورواه مسلم عن سعد وجابر وأنس إلى إن قال

إحداهما ألجزاء فيه، وهذا قول أكثر أهل العلم : عليه شيئا ففيه روايتانوهو قول مالك والشافعي في الجديد، والثانية يجب فيـه الجـزاء روى

يم وابـن المنـذر ألن ذلك عن ابن أبي ذئب وهو قول الشافعي في القدإني أحرم المدينة مثل ما حـرم : (رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

ونهى أن يعضد شجرها ويؤخذ طيرها، فوجب فـي هـذا ) إبراهيم مكةالحرم الجزاء كما وجب في ذلك إذ لم يظهر بينهما فرق، وجزاؤه إباحة

سـعد أن سلب القاتل لمن أخذه، لما روى مسلم بإسناده عن عامر بن

سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاء أهل العبد فكلموه أن يرد على غالمهم أو علـيهم،

معاذ اهللا أن أرد شيئا نفلنيه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فأبى : فقالمن : (قال أن يرد عليهم، وعن سعد أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

رواه أبو داود، فعلى هذا يباح لمن وجـد ) وجد أحدا يصيد فيه فليسلبهآخذ الصيد أو قاتله أو قاطع الشجر سلبه، وهـو أخـذ ثيابـه حتـى سراويله، فإن كان على دابة لم يملك أخذها، ألن الدابـة ليسـت مـن السلب، وإنما أخذها قاتل الكافر في الجهاد، ألنه يسـتعان بهـا علـى

حرب بخالف مسألتنا، وإن لم يسلبه أحد فـال شـيء عليـه سـوى اللفظ البخاري عن علي رضـي : قلت. االستغفار والتوبة، انتهى ملخصا

ما عندنا شيء إال كتاب اهللا، وهذه الصحيفة عـن النبـي : اهللا عنه قال: وفي مسـلم ) المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا(صلى اهللا عليه وسلم

جبل بالمدينة، : بالعين المهملة واأللف مهموز آخر راءوعائر . إلى ثورواتفقت الروايات التي في البخاري كلها علـى إبهـام : قال القسطالني

وحرمها أيضا ما بين البتيها لقول أبي هريرة قال رسول . الثاني انتهىمتفق عليه، والالبـة ). ما بين البتيها حرام(اهللا صلى اهللا عليه وسلم

رض تركبها حجارة، وال تعارض بين الحديثين لما يـأتي، الحرة وهي أقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري رواية ما بين البتيها أرجح لتوارد الرواة عليها، ورواية جبليها ال تنافيها فيكون عند كل جبـل البـة، أو البتيها من جهة الجنوب والشمال، وجبليها من جهة المشرق والمغرب،

فيما قاله الحافظ بن حجـر : قلت. ي الفتحح في المطلعوعاكسه ابن أبنظر ظاهر، فإنه ليس عند كل جبل البـة، وال أن البتيهـا مـن جهـة

الجنوب والشمال وجبليها من جهة المشرف والمغرب، بل الحقيقـة أن حديث ما بين البتيها يعني من جهة المشرق والمغرب، بل الحقيقـة أن

جهة المشرق والمغرب، فإن من جهـة حديث ما بين البتيها يعني منالمشرق حرة ومن جهة المغرب أخرى، وحديث ما بين ثور إلى عيـر يعني من جهة الجنوب والشمال، فثور من جهة الشمال وعير من جهة الجنوب واهللا أعلم، وقدر حرم المدينة يريد في بريد نصا، قـال اإلمـام

. ا فسره مالك بـن أنـس ما بين البتيها حرام بريد في بريد، كذ: أحمدوقد أنكر جماعة من العلماء أن بالمدينـة جـبال يسـمى ثـورا : قلت

.واعتقدوا أنه خطأ من بعض رواة الحديث لعدم معرفتهم لهأهل المدينة ال يعرفون عندهم جبال يقال : قال القسطالني قال أبو عبيد

لمـا وقـع له ثور وإنما ثور بمكة، وقيل إن البخاري إنما أبهمه عمداثـور جبـل بمكـة وجبـل : عنده أنه وهم، لكن قال صاحب القاموس

وأما ) المدينةحرم ما بين عير إلى ثور(بالمدينة، ومنه الحديث الصحيح إن هـذا تصـحيف : قول أبي عبيد بن سالم وغيره من أكابر األعـالم

والصواب إلى أحد ألن ثورا إنما هو بمكة فغير جيد لما أخبرني الشجاع بعلي الشيخ الزاهد عن الحافظ أبي محمد عبد السـالم البصـري أن ال

حذاء أحد جانحا إلى ورائه جبال صغيرا يقال له ثور، وتكـرر سـؤالي عنه طوائف من العرب العارفين بتلك األرض فكل أخبر أن اسمه ثـور، ولما كتب إلى عفيف الدين المطري عن والده الحافظ الثقة قال إن خلف

اله جبال صغيرا مدورا يسمى ثورا يعرفه أهل المدينة خلفا أحد عن شمعن سلف، ونحو ذلك قاله صـاحب تحقيـق النصـرة انتهـى كـالم

.القسطالني

قال الشيخ أبو محمد المقدسي في المغني وتبعـه صـاحب الشـرح فأما قوله ما بين ثور إلى عير فقال أهل العلم بالمدينة ال نعرف : الكبير

وال عيرا وإنما هما جبالن بمكة فيحتمل أن النبـي صـلى اهللا بها ثورا عليه وسلم أراد قدر ما بين ثور وعير، ويحتمل أنه أراد جبلين بالمدينة

ليس : قلت. وسماهما ثورا وعيرا تجوزا انتهى كالم الموفق رحمه اهللااألمر كما قاله الشيخ الموفق عفا اهللا عنه فإن ثورا معروف عند أهـل

مدينة، وهل جبل صغير لونه يضـرب إلـى الحمـرة بتـدوير لـيس البمستطيل خلف أحد من جهة الشمال، وعيرا جبل مشهور بالمدينة أيضا من جهة الجنوب قرب ذي الحليفة ميقات أهل المدينة، وهذا ليس فيـه

: إشكال، قال في فتح الباري نقال عن شيخه أبي بكر بن حسين المراغيينقلون عن سلفهم أن خلف أحد من جهة الشمال إن خلف أهل المدينة

جبال صغيرا يضرب لونه إلى الحمرة بتدوير يسمى ثورا قال وقد تحققه قلت قـد سـهل اهللا لـي المجـاورة . انتهى كالم ابن حجر. بالمشاهدة

بالمدينة سبع سنين ابتداؤها أول شهر المحرم سنة ألف وثلثمائة وست شهر محرم سنة ألف وثلثمائـة وثـالث وخمسين وانتهاؤها في أثناء .وستين فالحمد هللا رب العالمين

حول المدينة اثني عشر مـيال (قد جعل صلى اهللا عليه وسلم ): فائدة( رواه مسلم عن أبي هريرة،قال بعض العلمـاء وهـو الموضـع ) حمى

قال . المسمى بالنقيع في ديار مزينة على نحو عشرين ميال من المدينةرحمه اهللا وكذلك حرم مدينة رسول اهللا صـلى اهللا عليـه شيخ اإلسالم

وهو ما بين البتيها والالبة هي الحرة وهي األرض التي فيهـا : وسلم حجار سود وهو بريد في بريد، والبريد أربعة فراسخ وهو من عير إلى

ثور، وعير هو جبل عند الميقات يشبه العير وهو الحمار، وثـور هـو هو غير جبل ثور الذي بمكة، فهذا الحرم أيضا ال جبل من ناحية أحد، و

يصاد صيده وال يقطع شجره إال لحاجة كآلة الركوب والحرث ويؤخـذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف، وإذا أدخل إليه صيدا لم يكن عليـه إرساله، وليس في الدنيا حرم ال بيـت المقـدس وال غيـره إال هـذان

يسمى غيرهما حرما كما يسمى الجهال الحرمان حرم مكة والمدينة، والفيقولون حرن المقدس وحرم الخليل فإن هذين وغيرهما لـيس بحـرم باتفاق المسلمين، والحرم المجمع عليه حرم مكة، وأما المدينـة فلهـا حرم أيضا عند الجمهور كما استفاضت بذلك األحاديث عن النبي صـلى

ثالث إال في وج وهو واد اهللا عليه وسلم ولم ينازع المسلمون في حرم بالطائف وهو عند بعضهم حرم وعند الجمهـور لـيس بحـرم انتهـى

وحكم وج وهو واد بالطائف كغيـره : قال في المنتهى وشرحه. ملخصاوالخبر فيه ضـعفه . من الحل فيباح صيده وشجره وحشيشه بال ضمان

بر قلت الخ. أحمد وغيره، وقال ابن حبان واألزدي لم يصح حديثه انتهىالذي أشار إليه هو حديث محمد بن عبد اهللا بن سنان عن أبيـه عـن

إن صيد وج وعضاهه حرم محـرم (عروة بن الزبير عن أبيه مرفوعا رواه أحمد وأبو داود وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفا فقـد ) هللا

ضعفه أحمد، وقال أبو حاتم في محمد ليس بقوي في حديثه نظر، وقال يتابع عليه، وقال ابن حبان واالزدي لم يصح حديثه، وحمل البخاري ال

القاضي أبو يعلى ذلك على االستحباب للخروج من الخالف، قـال ابـن القيم رحمه اهللا وفي سماع عروة من أبيه نظر وإن كان قـد رآه واهللا

صيد وج وشجره مباح وهو واد بالطائف، وقال : أعلم، قال في المغني

صيد : (محرم ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم قالهو : أصحاب الشافعيرواه أحمد في المسند، ولنا أن األصـل اإلباحـة ) وج وعضاهها محرم

والحديث ضعيف ضعفه أحمد ذكره أبو بكر الخالل فـي كتـاب العلـل .انتهى

:دخول مكة وما يتعلق به من الطواف والسعي وغيره: باب -- بالحرم، وفي اإلقنـاع وشـرحه يسن االغتسال لدخول مكة ولو كان

ولدخول حرمها ولم لحائض ومثلها النفساء فتغتسل لدخول مكة انتهى، وكان النبي صلى اهللا عليـه وسـلم : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى

يغتسل لدخول مكة وكان يبيت بذي طوى وهي عند اآلبار التي يقال لها تسال ودخول مكة نهارا وإال آبار الزاهر، فمن تيسر له المبيت بها واالغ

فليس عليه شيء من ذلك ولم ينقل عن النبي صلى اهللا عليه وسلم وال غسل اإلحرام، والغسـل عنـد : عن أصحابه في الحج إال ثالثة أغسال

دخول مكة، والغسل يوم عرفة، وما سوى ذلك كالغسل لرمي الجمـار اهللا عليه ولم وللطواف والمبيت بمزدلفة فال أصل له ال عن النبي صلى

وال عن أصحابه، وال استحبه جمهور األئمة ال مالك وال أبو حنيفة وال أحمد وإن كان قد ذكره طائفة من متأخري أصحابه بل هو بدعة إال أن يكون هناك سبب يقتضي االستحباب مثل أن يكون عليه رائحة يـؤذي

.الناس بها فيغتسل إلزالتها انتهى: تعالى في صفة حجته صلى اهللا عليه وسـلم قال ابن القيم رحمه اهللا ثم نهض صلى اهللا عليه وسلم إلى أن نزل بذي طوى وهي المعروفـة (

اآلن بآبار الزاهر فبات بها ليلة األحد ألربع خلـون مـن ذي الحجـة، . وتمامه فيـه ) وصلى بها الصبح ثم اغتسل من يومه ونهض إلى مكة

موضـع بالشـهداء وفيـه قلت في زمننا هذا يسمى بالزاهر موضعانالبستان المسمى ببستان الزاهر، والموضع الثاني بجـرول قـرب ذي طوي وهو بستان معالي وزير المالية عبد اهللا السليمان الحمدان، وأما بئر طوي فهي معروفة مشهورة عند أهل مكـة بالموضـع المسـمى

يل بجرول ومكتوب عليها بئر طوي مالصقة لدار السادة العلويين آل عقباب االغتسال عند دخول مكـة، : قال البخاري في صحيحه. واهللا أعلم

كان ابن عمر رضي اهللا عنهما يبيت بذي : (وساق بسنده إلى نافع قالطوي ثم يصلي به، أي بذي طوي الصبح، ويغتسل به ويحدث أن النبي

وظـاهر إطـالق : قال القسطالني). صلى اهللا عليه وسلم كان يفعل ذلكناول المحرم والحالل الداخل لها أيضا، وقد حكاه الشافعي في البخاري يت

األم عن فعله صلى اهللا عليه وسلم عام الفتح انتهى، وفي أثر ابن عمر هذا استحباب االغتسال بذي طوي، وهو محول على من كان بطريقـه بأن يأتي من طريق المدينة، أما من لم يكن بطريقه كمثل من أتى مـن

نحوهما فإنه يغتسل من طريقـه الـذي ورد منـه واهللا نجد أو اليمن ووطوى بكسر الطاء اسم بئر أو موضـع بقـرب : قال القسطالني. أعلم

طوي بضمها ويجوز فتحها والتنوين وعدمه كما فـي : مكة، وألبي ذرالقاموس فمن صرفه جعله اسم واد ومكان وجعله نكرة ومن لم يصرفه

طوي يصدق على واد، وموضع :قلت. جعله بقعة وجعله معرفة انتهىبجرول وبئر طوي في الموضع المذكور كما هو معلـوم بالمشـاهدة، ويسن أن يدخل مكة نهارا لفعله صلى اهللا عليه وسلم، ففي مسلم مـن

كان ال يقدم مكة إال بات بذي طوي حتى (طريق أيوب عن نافع ولفظه ليال، نقل ابن وقيل: قال في الفروع) يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا

هانئ ال بأس به، وإنما كرهه من السراق انتهى، وأخرج النسائي أنـه صلى اهللا عليه وسلم دخل ليال ونهارا، قال القسطالني وال يعلم دخولـه صلى اهللا عليه وسلم ليال إال في عمرة الجعرانـة كمـا رواه أصـحاب

ثنيـة كـداء ويسن أن يدخل مكة من أعالها من. السنن الثالثة انتهىبفتح الكاف ممدود مهموز مصروف وغيره مصروف، قال شيخ اإلسالم

وإذا أتى مكة جاز أن يدخلها والمسجد مـن جميـع : (رحمه اهللا تعالىالجوانب لكن األفضل أن يأتي من وجه الكعبة اقتداء بالنبي صـلى اهللا

ـ وم عليه وسلم، فإنه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي فيها اليباب المعالة، ولم يكن على عهد النبي صلى اهللا عليه وسلم لمكـة وال للمدينة سور وال أبواب مبنية ولكن دخلها من الثنية العليا ثنيـة كـداء بالفتح والمد المشرفة على المقبرة انتهى، قال ابن القـيم رحمـه اهللا

الثنية فدخل النبي صلى اهللا عليه وسلم مكة نهارا من أعالها من: تعالىالعليا التي تشرف على الحجون، وكان في العمرة يدخل مـن أسـفلها، وفي الحج دخل من أعالها وخرج من أسفلها ثم سار حتى دخل المسجد

وهل يسن الدخول من الثنية العليا لكل داخـل : قلت. وذلك ضحى انتهىسواء كانت تلقاء طريقه أم لم تكن في طريقه؟ لم أر من تعرض لهـذا

من أصحابنا، وقد ذهب أبو بكر الصيدالني وجماعة من الشافعية البحثواعتمده الرافعي إلى أنه إنما يستحب الدخول منها لمـن كانـت فـي طريقه، وأما من لم تكن في طريقه، فقالوا ال يستحب له العدول إليهـا، وذهب النووي إلى أن الدخول منها نسك مستحب لكـل أحـد وصـوبه

ليه في المجموع وزوائد الروضة، واعتمـده وصححه، وهو ما مشي عالمتأخرون منهم، وظاهر كالم الحنابلة يقتضي سنية ذلك إلطالقهم سنية

الدخول من أعالها من ثنية كداء، ولكن ينبغي تقييد هذا اإلطالق بما إذا كانت ثنية كداء إزاء طريقه، أما إذا لم تكن في طريقه فال يستحب لـه

ه أبو بكر الصيدالني واعتمده الرافعي، قال الشيخ العدول إليها، كما قالأحب للحاج أن : يدخل المدني من كداء، قال في المدونة: خليل المالكي

يدخل مكة من كداء لمن أتى من طريق المدينة انتهى من المواق علـى خليل، وقال ابن حجر في الفتح، ثنية كداء بفتح الكاف والمـد، وهـذه

ها إلى المعلى مقبرة أهل مكة وهي التي يقـال الثنية هي التي ينزل منلها الحجون بفتح المهملة وضم الجيم، وكانت صعبة المرتقى فسـهلها معاوية ثم عبد الملك ثم المهدي على ما ذكره األزرقي ثم سـهل فـي عصرنا هذا منها سنة إحدى عشرة وثمانمائة موضع ثم سهلت كلها في

د العشرين وثمانمائـة، وكـل زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدوثم سـهلت فـي : قلت. عقبة في جبل أو طريق عال تسمى ثنية انتهى

زمن الشريف الحسين بن علي في حدود الثالثين وثلثمائة وألـف ثـم سهلت في زمن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سـعود

.رحمه اهللا ثم سهلت تسهيال كامال بعدهمن أسفلها من ثنية كدي بضم الكاف والتنـوين وسن خروج من مكة

دون ذي طوى من جهة مكة بقرب شعب الشافعيين، ويقال لهـا بـاب كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يدخل من : (شبيكة لقول ابن عمر

قـال . متفق عليه) الثنية العليا التي بالبطحاء ويخرج من الثنية السفلىنها كهدي ال كرضى وال كفتي خالفـا ثنية كدي التي يخرج م: الخلوتي

.للغالطين في ذلك انتهى

قلتك ثنية كدي تعرف اآلن بريع الرسام دون مقبرة الشيخ محمود إلى مكة، وقد سهلت وهي اآلن في الشارع العام الموصل إلى جـرول واهللا أعلم، وأما كدي مصغرا لهو لمن خرج من مكة إلى اليمن وليس مـن

ثنية كدي عند باب شبيكة : شيء قال في فتح الباري هذين الطريقين فيبقرب شعب الشافعيين من ناحية قعيقعان، وكان بناء هذا الباب عليهـا

.في القرن السابع انتهىال وجود اآلن لهذا الباب وقد أزيل التساع البلد، وقال األزرقـي : قلت

بـن ثنية كدي التي يهبط منها إلى ذي طوى وهي التي دخل منها قيسسعد بن عبادة يوم الفتح وخرج منها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم إلى المدينة وعليها بيوت يوسف بن يعقوب الشـافعي ودار آل طرفـة الهذليين يقال لها دار األراكة فيها أراكة خارجة من الدار على الطريق

:وهي الدار التي يقول فيها حسان بن ثابت األنصاري إن لم تروهاآ آآ عدمنا خيلنا

آآ.تثير النقع موعدها كداءانتهى كالم األزرقي، قلت فيما قاله األزرقي نظر ظاهر فكالمه غيـر

محرر ألن ثنية كدي بضم الكاف هي الثنية التي تسمى ثنية الشافعيين، وتعرف اآلن بريع الرسام كما تقدم وهي التي خرج منهـا رسـول اهللا

ي أشار إليها حسان بن ثابت رضـي اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وأما الت :عنه في قصيدته المشهورة وجعلها موعد خيل المسلمين في قوله

آآ عدمنا خيلنا إن لم تروهاآ آآ.تثير النقع موعدها كداء

ودخل منها رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يوم فتح مكة وقال صلى ثنية كـداء بفـتح فهي ) ادخلوها من حيث قال حسان: (اهللا عليه وسلم

الكاف والدال مع المد وهي التي تسمى بالحجون بأعلى مكة وبها باب وفي القاموس وكـدا كسـما اسـم . المعالة مقبرة أهل مكة واهللا أعلم

عرفات وجبل بأعال مكة ودخل النبي صلى اهللا عليه وسلم منه وكسمي جبل مسفلة مكة: بأسفلها وخرج منه، وجبل آخر بقرب عرفة، وكقرى

على طريق اليمن، وكدي منقوصـة كفتـي ثنيـة بالطـائف، وغلـط المتأخرون في هذا التفصيل واختلفوا على أكثر من ثالثين قوال انتهـى

وفيما قاله صاحب القاموس نظر فإن الذي خرج منـه صـلى اهللا : قلتعليه وسلم هي ثنية كدى بضم الكاف كهدي وقرى ال ثنية كدي كسمي

وأما قوله وكقرى جبل . خرج من مكة إلى اليمن بالتصغير ألن هذه لمنمسفلة مكة على طريق اليمن فليس األمر كذلك بل هذه لمن خرج مـن

والحاصل أن ثنية كدى بضم الكاف على وزن . مكة إلى المدينة ونحوهاهدى وقرى هي التي خرج منها صلى اهللا عليه وسلم للمدينة، وثنيـة

من مكة إلى اليمن، وقـد كدى مصغرة على وزن سمي هي لمن خرجالكدية : عكس ذلك صاحب القاموس، يدل لذلك ما في المصباح حيث قال

األرض الصلبة، والجمع كدى مثل مدية ومدى، وبالجمع سمي موضـع بأسفل مكة بقرب شعب الشافعيين، وقيل فيه ثنية كدي فأضـيف إليـه

تح وكـداء بـالف : للتخصيص ويكتب بالياء ويجوز باأللف إلى أن قـال الثنية العليا بأعلى مكة عنـد المقبـرة وال ينصـرف للعلميـة : والمد

والتأنيث، وتسمى تلك الناحية المعلى، وبالقرب مـن الثنيـة السـفلى

موضع يقال له كدي مصغر، وهو على طريق الخارج مـن مكـة إلـى :اليمن، قال الشاعر

آآ أقفرت بعد عبد شمس كداءآ .آآ انتهى.فكدي فالركن والبطحاء

ادخل وافتح، واخرج وضم، وهذا ضابط : وأهل مكة يقولون): فائدة( .طريف

ينبغي لمن أراد الدخول إلى مكة أو إلى المسجد الحـرام أو ): تنبيه( إلى المواضع التي فيها زحام أن يتحفظ من إيذاء الناس فـي الزحمـة ويتلطف بمن يزاحمه ويلحظ بقلبه فضيلة البقعة التي هو فيهـا والتـي

هو متوجه إليها ويمهد عذر من زاحمه ويصفح عنه ألنه فـي الغالـب .مزحوم، وما نزعت الرحمة إال من قلب شقي

الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، : (قال صلى اهللا عليه وسلم فلقد كان بعض مـن ال ) ارحموا من في األرض يرحمكم من في السماء

علـى الضـعفاء مـن النسـاء شفقة وال رحمة لديه بالمسلمين يهجم والرجال بقوته في الطواف والسعي ورمي الجمار ونحوها حتى يسقطوا

وفـي . باألرض ويدسوا باألرجل فال حول وال قوة إال باهللا العلي العظيموفي سنة خمسائة : قال ٢٣٢تاريخ مكة للفاسي في الجزء الثاني ص

أربعة وثالثـون وأحدى وثمانين ازدحم الحجاج في الكعبة، فمات منهم وفي سنة تسع عشرة وسـتمائة مـات ٢٣٥نفرا، وقال أيضا في ص

. بالمسعى جماعة من الزحام لكثرة الخلق الذي حجوا في هـذه السـنة من الجزء الثاني وجدت بخط الميورقي أنه ٢٤٠وقال أيضا في صفحة

في يوم الخميس رابع عشر ذي الحجة سنة سبع وسـبعين وسـتمائة

في خروجهم إلى العمرة فـي بـاب المسـجد الحـرام ازدحم الحجاجالمعروف بباب العمرة فمات بالزحمة جمع كثير يبلغون ثمـانين نفـرا وقال عددت خمسة وأربعين ميتا انتهى باختصار، ووجدت هذه الحادثة بخط غيره، وذكر أنها في ثالث عشر ذي الحجة وأنهـا اتفقـت حـين

.عمرة من المسجد الحرام انتهىخروج الحجاج إلى العمرة من باب الويسن أن يدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة، والدخول منه يسن

لكل قادم منم أي جهة كان بخالف الدخول من الثنية العليا فإنـه يسـن منها إذا كانت في طريقه كمثل أهل المدينة، وأما من لم تكن في طريقه

إليها كمـا تقـدم، والفـارق كأهل نجد واليمن فال يستحب لهم العدول بينهما أن الدوران حول المسجد الحرام ال يشق بخالفه حول البلد واهللا

أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم دخـل (أعلم، والدليل لذلك حديث جابر رواه ). مكة ارتفاع الضحى وأناخ راحلته عند باب بني شيبة ثم دخـل

.مسلم وغيرهزاء باب بني شيبة الباب المعروف وبإ: قال منصور في شرح اإلقناع

بباب السالم لكن قال في حاشيته على المنتهى باب بنـي شـيبة هـو المعروف اآلن بباب السالم فحصل من التناقض بين كالمه فـي شـرح اإلقناع وحاشية المنتهى، والمعروف أن باب بني شيبة هو باب السالم

مناف، وهو اآلن وكان باب بني شيبة يعرف أوال بباب عبد شمس وعبدثالثة أبواب وأما العقد الذي خلف المقام فالظاهر أنه ليس بـاب بنـي شيبة كما يزعمه المطوفون اآلن، وربما وافقهم بعض أهل العلـم مـن

ولعل الحامل لهم على ذلـك أن المسـجد . أهل مكة وغيرهم على ذلكلسـعة، الحرام لم يبلغ في زمنه صلى اهللا عليه وسلم ما بلغه اآلن من ا

وال شك أن باباه ملتصق به، وبين باب السالم الذي هو أحـد أبـواب المسجد الحرام اآلن والمسجد الذي كان في زمنه صلى اهللا عليه وسلم مسافة طويلة ألن الذي في زمنه صلى اهللا عليـه وسـلم هـو مقـدار المطاف المبلط في هذا الزمن، وهذه نظرة وجيهة، واهللا أعلم أي ذلـك

ا العقد الذي خلف المقام فالظاهر أنه ليس باب بني شـيبة ألن أم. كانالعقد المذكور داخل في المسجد القديم وقد انتهى الكالم فيه ألنـه قـد

.أزيل للتوسعة على الطائفين وهللا الحمدبسم اهللا وباهللا ومن اهللا وإلـى اهللا : ويقول عند دخول المسجد الحرام

قدم رجله اليمنى في الدخول، وإن شاء اللهم افتح لي أبواب رحمتك، ويأعوذ باهللا العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان : قال

الرجيم، بسم اهللا والحمد هللا اللهم صل على محمـد وعلـى آل محمـد وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قـدم

وافتح لي أبواب فضـلك، : نه يقولرجله اليسرى وقال هذا الدعاء إال أوهذا الدعاء والذكر مستحب في كل مسجد، وقد وردت فيه أحاديث في الصحيح وغيره يحصل من مجموعها ما ذكرناه، وقد خـص الرحمـة بالدخول والفضل بالخروج، ألن العرف الشـرعي اسـتعمال الرحمـة

مخلصـين المقابلة للفضل في المنح اإللهية المفاضة على المتعبـدين ال المتبعين، والمساجد بنيت لذلك فناسب ذكر الرحمة عند دخولها، وأيضا فالمصلي تواجهه الرحمة كما ورد فناسب سؤالها لمريد الدخول لمحـل الصالة، وإن لم يقصد الدخول لصالة، واستعمال الفضـل فـي المـنح اإللهية المفاضة على المتسببين في حصول أرزاقهم فناسب ذكر الفضل

فـإذا قضـيت : (الخروج منها، أال ترى إلى قوله سبحانه وتعـالى عند

ليس : (وقوله تعالى) الصالة فانتشروا في األرض وابتغوا من فضل اهللافإذا رأى البيت رفع يديه، نـص ) عليكم جناح أن تبتغوا فضال من ربكم

عليه اإلمام أحمد روى ذلك عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال الثوري ارك والشافعي وإسحاق ألن الدعاء مستحب عند رؤية البيت، وابن المب

وقد أمر برفع اليدين عند الدعاء قال في اإلقناع وكبر، قـال منصـور واليهوتي للحديث رواه البيهقي في السنن وحكاه في الفروع بقيل، ولم

.يذكره، أي التكبير في المنتهى وغيره، وقيل ويهلل انتهىوروى عن النبي صلى اهللا عليه وسلم : تعالىقال ابن القيم رحمه اهللا

اللهم أنـت السـالم إلـى : أنه كان عند رؤيته يرفع يديه ويكبر ويقولآخره، والحديث مرسل ولكن سمع هذا سعيد بن المسيب من عمر بـن

اللهم أنت السـالم ومنـك : وقال. الخطاب رضي اهللا عنه يقوله انتهىالم األول اسم اهللا، والثاني من أكرمتـه والس. السالم حينا ربنا بالسالم

اللهـم زد هـذا البيـت . بالسالم فقد سلم، والثالث السالمة من اآلفاتتعظيما أي تبجيال، وتشريفا أي رفعة وإعالء، وتكريمـا أي تفضـيال، ومهابة أي توقيرا، وإجالال وبرا بكسر الباء اسم جامع للخير، وزد من

عتمره تعظيما وتشريفا وتكريمـا ومهابـة عظمه وشرفه ممن حجه واوبرا، الحمد هللا رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جالله، والحمد هللا الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهال، والحمـد هللا على كل حال، اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام، وقد جئتك لـذلك

ي شأني كله ال إله إال أنت، ذكر ذلـك األثـرم اللهم تقبل مني وأصلح لوإبراهيم الحربي، يرفع بهذا الدعاء صوته إن كان رجـال ألنـه ذكـر مشروع فاستحب رفع الصوت به كالتلبية، وما زاد من الدعاء المناسب

اللهم إني أسألك في مقامي هذا أن تقبل توبتي وتتجاوز : فحسن كقولهمد هللا الذي بلغني بيته الحرام الذي عن خطيئتي وتضع عني وزري، الح

جعله مثابة للناس وأمنا اللهم إني عبدك والبلد بلدك والحـرم حرمـك والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك أسألك مسألة المضطر الخائف لعقوبتك الراجي رحمتك الطالب مرضاتك، وهذا الدعاء يقوله إذا عاين البيت، ال

ه البيت قبل ارتفاع األبنية، وهـو عند وصوله للمحل الذي كان يرى من: المسمى أوال برأس الردم، واآلن يسمى بالمدعى، قال شـيخ اإلسـالم

ولم يكن قديما بمكة بناء يعلو على البيت وال كان فوق الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء، وال كان بمنى بناء وال بعرفات مسجد وال عنـد

الخلفاء الراشدين، ومنهـا مـا الجمرات مسجد بل كل هذه محدثة بعد أحدث بعد الدولة األموية فكان البيت يرى قبل دخول المسجد وقد ذكـر ابن جرير أن النبي صلى اهللا عليه وسلم كان إذا رأى البيت يرى قبـل دخول المسجد وقد ذكر ابن جرير أن النبي صلى اهللا عليه وسلم كـان

لبيـت تشـريفا وتعظيمـا إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا اوتكريما ومهابة وبرا وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلـك، وقـد

. استحب ذلك من استحبه عند رؤيته البيت ولو كان بعد دخول المسجد .انتهى

ة ما أمكنه من الخشـوع ينبغي أن يستحضر عند رؤية الكعب): فائدة( والتذلل والخضوع فهذه عادة الصالحين وعباد اهللا المخلصين العارفين ألن رؤية البيت تذكر وتشوق إلى رب البيت، وقد حكي أن امرأة دخلت

أين بيت ربي؟ أين بيت ربـي؟ فقيـل : مكة فجعلت تقول من عظم ولها

أسـرعت نحـوه هذا بيت ربـك، ف : أال ترينه؟ فلما الح قالوا لها: لهاوألصقت جبينها بالحجر األسود فما رفعت إال ميتة من غلبة الشـوق،

جئتك لذلك اللهم تقبل مني وأصلح لي شأني كله ال : فلسان حالها ينشدإله إال أنت، ذكر ذلك األثرم وإبراهيم الحربي، يرفع بذا الدعاء صـوته

ية، ومـا إن كان رجال ألنه ذكر مشروع فاستحب رفع الصوت به كالتلباللهم إني أسألك في مقامي هذا : زاد من الدعاء المناسب فحسن كقوله

أن تقبل توبتي وتتجاوز عن خطيئتي وتضع عنـي وزري، الحمـد هللا الذي بلغني بيته الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمنا اللهم إني عبـدك والبلد بلدك والحرم حرمك والبيت بيتك، جئت أطلـب رحمتـك أسـألك

لة المضطر الخائف لعقوبتك الراجي رحمتك الطالب مرضاتك، وهذا مسأالدعاء يقوله إذا عاين البيت، ال عند وصوله للمحل الذي كان يرى منه البيت قبل ارتفاع األبنية، وهو المسمى أوال برأس الردم، واآلن يسمى

ولم يكن قديما بمكة بناء يعلو على البيـت : بالمدعي، قال شيخ اإلسالمال كان فوق الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء، وال كان بمنى بناء و

وال بعرفات مسجد وال عند الجمرات مسجد بل كل هـذه محدثـة بعـد الخلفاء الراشدين، ومنها ما أحدث بعد الدولة األموية فكان البيت يرى قبل دخول المسجد وقد ذكر ابن جرير أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم

رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيمـا كان إذا وتكريما ومهابة وبرا وزد من شرفه وكرمه ممن حجة واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلـك، وقـد استحب ذلك من استحبه عند رؤيته البيت ولو كان بعد دخول المسـجد

.انتهى

ينبغي أن يستحضر عند رؤية الكعبة ما أمكنه من الخشـوع ): ائدةف( والتذلل والخضوع فهذه عادة الصالحين وعباد اهللا المخلصين العارفين ألن رؤية البيت تذكر وتشوق إلى رب البيت، وقد حكي أن امرأة دخلت

أين بيت ربي؟ أين بيت ربي؟ فقيـل : مكة فجعلت تقول من عظم ولههاهذا بيت ربـك، فأسـرعت نحـوه : نه؟ فلما الح قالوا لهاأال تري: لها

وألصقت جبينها بالحجر األسود فما رفعت إال ميتة من غلبة الشـوق، :فلسان حالها ينشد

آآ هذه دارهم وأنت محبآ آآ.ما بقاء الحياة في األجساد

وعن أبي بكر الشبلي رحمه اهللا تعالى أنه غشي عليـه عنـد رؤيـة :فأنشدالكعبة ثم أفاق

آآ هذه دارهم وأنت محبآ آآ.ما بقاء الدموع في اآلماق

يستحب أن ال يعرج أول دخوله على اسـتئجار : قال النووي): فائدة( منزل أو حط قماش وتغيير ثياب أو غير ذلك، بل يبدأ بالطواف ويقـف بعض الرفقة عند متاعهم ورواحلهم حتى يطوفوا ويسعوا ثم يرجعـوا

ويدل لذلك ما في : قلت. تاعهم واستئجار المنزل انتهىإلى رواحلهم ومأن النبي صلى اهللا عليه وسلم حـج (القرى، قال عن عروة بن الزبير

فأخبرتني عائشة أن أول شيء بدأ به النبي صلى اهللا عليه وسلم حـين قدم مكة أن توضأ ثم طاف بالبيت ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به

ر مثل ذلك ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم عمالطواف بالبيت، ثم معاوية وعبد اهللا بن عمر، ثم حججت مع أبي الزبير

بن العوام فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم رأيت المهـاجرين واألنصار يفعلون ذلك، ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر وهذا ابـن

ال أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشـيء عمر عندهم فال يسألونه وحين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت، وقد رأيت أمي وخـالتي حين تقدمان ال تبتدئان بشيء أول من البيت تطوفان به، أخرجاه انتهى

.من القرى للطبريوقد نقل هذا الحديث بلفظ مسلم مع قليل من االختصار، ثـم يبتـدئ

ن محرما بها متمتعا أو غيره ولم يحتج أن يطوف بطواف العمرة إن كالها طواف القدوم كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصالة فإنه يكتفي بهـا عن تحيته، ويبتدئ بطواف القدوم إن كان مفردا أو قارنا وهو سـنة، ويسمى طواف الورود وهو تحية الكعبة فاستحبت البداءة بـه ولقـول

عليه وسلم حين قدم مكة توضأ ثم طـاف إن النبي صلى اهللا: (عائشةوتحية المسجد الحـرام الصـالة وتجـزئ عنهـا . متفق عليه) بالبيت

الركعتان بعد الطواف وهذا ال ينافي أن تحية المسجد الحرام الطـواف .ألنه مجمل وهذا تفصيله

أن تحية الكعبة مقدما على تحية المسجد فيكـون أول مـا : والحاصل ال إذا أقيمت الصالة أو ذكر فريضة فائتة أو خاف فوت يبدأ به الطواف إ

ركعتي الفجر أو الوتر أو حضرت جنازة فيقدمها على الطواف التسـاع وقته ثم يطوف إذا فرغ من صالته تلك، واألولى للمرأة تأخير الطـواف إلى الليل إذا أمنت الحيض والنفاس، وال تزاحم الرجال لتستلم الحجـر

وف المحظور ألنه أستر لها لكن تشير المرأة إلـى األسود وال لغيره خالحجر كما يشير الرجل الذي ال يمكنه الوصول إليه إال بمشـقة، قـال

باب طواف النساء مع الرجال، وقال لي عمـرو : البخاري في صحيحهحدثنا أبو عاصم هو الضـحاك بـن : بن علي بن بحر الباهلي البصري

أخبرنا عطاء إذ منع ابن هشـام :قال ابن جريج. مخلد النبيل البصريكيف تمنعهن؟ وقد طاف نسـاء : النساء الطواف مع الرجال، قال عطاء

.النبي صلى اهللا عليه وسلم مع الرجال، أي في وقت واحدجبـل : أن ثبيـرا المـذكور : وقد ذكر القسطالني في شرح هذا األثر

ب من منى بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى وعلى يمين الذاهإلى عرفات، وهذا وهم وخطأ واضح فإن ثبيرا جبل المزدلفة هو الـذي

: كان أهل الجاهلية ال يدفعون منها حتى تشرق عليه الشمس ويقولـون أشرق ثبير كيما نغير، ويبعد كل البعد أن تجاور أم المؤمنين عند جبـل

يـر المزدلفة، والصواب أن ثبيرا الذي جاورت عنده أم المؤمنين هو ثب :الذي أشار إليه امرؤ القيس في معلقته حيث قال

آآ كأن ثبيرا في عرانين وبلهآ آآ.كبير أناس في بجاد مزمل

ويسمى اآلن عند العامة بجبل الرخم، ويقابله جبل حراء المسمى اآلن جبل النور، وقوله في جوف ثبير يعني أنها مقيمة في أسفله في األرض

لعدل، وكثير من الحجاج النجديين ينزلون فيه، الواسعة هناك المسماة باوبمكة خمسة جبال أخر يسمى كل واحد منها ثبيرا كما ذكره األزرقـي وياقوت والبكري، واستحب اإلمام مالك للرمأة الجميلة إذا قدمت نهـارا أن تؤخر الطواف إلى الليل، قال النووي الشافعي ولـو قـدمت امـرأة

رجال استحب لها أن تؤخر الطواف ودخـول جميلة أو شريفة ال تبرز لل .المسجد إلى الليل انتهى

وإن كانت امرأة ال تبرز للرجال يستحب لهـا أن : قال السندي الحنفي تؤخر الطواف إلى الليل ألنه أتسر لها انتهى، قال األزرقي ورأى عطاء

غطـي : بن أبي رباح امرأة تريد أن تستلم الركن فصاح بها وزجرهـا .انتهى. حق للنساء في استالم الركنيديك ال

باب ما جـاء فـي النـوم فـي : قال األزرقي في تاريخ مكة): فائدة( كنـا ننـام فـي : المسجد الحرام وساق بسنده إلى عمرو بن دينار قال

قلـت : المسجد الحرام زمان ابن الزبير، وبسنده إلى ابن جـريج قـال .انتهى. بل أحبه لعطاء أتكره النوم في المسجد الحرام؟ قال ال

أو من أدار الصفوف حول الكعبة خالد بن عبد اهللا القسـري ): فائدة( نقله األزرقي بسنده إلى سفيان بن عيينة، ونقل بعضهم عن الزركشـي الشافعي أن أول من فعله عبد اهللا بن الزبيـر، ويمكـن الجمـع بـين

ذلك خالـد بعـد الكالمين بأن عبد اهللا بن الزبير فعله أوال ثم تبعه على .قتل ابن الزبير واهللا أعلم

ويضطبع بردائه في طواف القدوم وفي طواف العمر للمتمتع ومن في معناه غير حامل معذور وغير محرم من مكـة أو قربهـا فـي جميـع

.أبوعهأن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه األيمن، وهو معنى من : واالضطباع

جعل طرفيه على عاتقه األيسر، وهـو تحت إبطه األيمن، وي: عبر بقولهمعنى من عبر بقوله ويلقي طرفيه على كتفه األيسر فيكـون المنكـب األيمن مكشوفا على هيئة أرباب الشجاعة إظهارا للجالدة فـي ميـدان العبادة، مأخوذ من الضبع وهو عضد اإلنسان افتعال منه، وكان أصـله

ت بعد ضاد أو صاد أو طاء اضتبع فقلبوا التاء طاء ألن التاء متى وضع

ساكنة قلبت طاء، ودليل االضطباع ما روى أبو داود وابن ماجة عـن يعلى بن أمية أن النبي صلى اهللا عليه وسلم طاف مضطبعا، وروي عن ابن عباس أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه اعتمروا مـن

م قـذفوها علـى الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ث .عواتقهم اليسرى

واالضطباع محله إذا أراد الشروع في الطواف، وليس كما يتوهمـه بعض الناس من أن االضطباع سنة في جميع أحوال اإلحـرام، وإنمـا االضطباع سنة مع دخوله في الطواف أو قبيل الشروع فـي الطـواف،

ور بحملـه ويضطبع استحبابا غير حامل معذ: قال في المنتهى وشرحهبردائه انتهى، فقوله بحمله متعلق بمعـذور، وقولـه بردائـه متعلـق

إن لم : بيضطبع، وقال عبد الوهاب بن فيروز على قوله في شرح الزاديكن حامل معذور بردائه، قوله إن لم يكن حامل معـذور باإلضـافة أي

.بأن حمل في ردائه معذورا انتهىقوله : ر، قال الشيخ عثمان النجديفيما جنح إليه ابن فيروز نظ: قلت

غير حامل معذور وهو باإلضافة أي غير حامل شخصا معذورا كمريض وصغير فال يستحب في حق الحامل الطائف به اضطباع وال رمل كمـا سيأتي، هكذا ينبغي أن يفهم، ويدل هل قول العالمة ابن قندس عند قول

خر ليطوف به ال يرمـل الفروع أو حامل معذور أي المعذور إذا حمله آفاألظهر ما قاله الشيخ عثمان من أن حامل المعـذور ال . الحامل انتهى

يستحب له االضطباع مطلقا سواء حمل المعذور في ردائه أو لم يحمله فيه، ويؤيد هذا قوله في اإلقناع وشرحه ويطوف سبعا يرمل في الثالثة

نساء وغير محرم األول منها ماش غير راكب وغير حامل معذور وغير

من مكة أو من قربها فال يسن هو، أي الرمل وال االضطباع، لهم لعدم وجود المعنى الذي ألجله شرع الرمل، ومن ال يشرع له الرمل ال يشرع له االضطباع انتهى ملخصا، ومنه يتضح عدم وجاهة ما ذهب إليه عبد

فـإذا فـرغ الوهاب بن فيروز في حاشيته على شرح الزاد واهللا أعلم، المضطبع من الطواف سوى رداءه فجعله على عاتقه، وال يضطبع فـي

ما سـمعنا فيـه شـيئا ويبتـدئ : قال اإلمام أحمد. السعي لعدم ورودهالطواف من الحجر األسود ألنه صلى اهللا عليه وسلم كان يبتـدئ بـه

وهو جهة المشرق فيحاذي الحجر ظـائف ) خذوا عني مناسككم(وقال ستقبله بوجهه أو يحاذي بعضه بجميع بدنه ألن مـا لـزم بكل بدنه وي

استقباله لزم بجميع البدن كالقبلة، فإن لم يحاذ الحجر أو بعضـه بكـل بدنه بأن ابتدأ بالطواف عن جانب الركن من جهة الباب بحيـث خـرج شيء من بدنه عن محاذاة الحجر، أو بدأ بالطواف من دون الركن الذي

زم لم يحتسب بذلك الشوط لعدم محـاذاة بدنـه به الحجر كالباب والملتللحجر ويحتسب له بالثاني وما بعده ويصير الثاني أوله ألنه قد حـاذى فيه الحجر بجميع بدنه وأتى على جميعه، فإذا أكمل سبعة أشواط غيـر

: األول صح طوافه وإال لم يصح، قال الشيخ سليمان بن علي في منسكهمن ورائه كان أمكن لتحقق المحـاذاة فيحاذيه بجميع بدنه، وإن قصده

بكل بدنه حالة المرور ويزول اإلشكال ذكره بعض الحنابلـة الشـاميين المتأخرين، أو يحاذي بعضه بكل بدنه انتهى، ويأتي فـي كـالم شـيخ اإلسالم وابن القيم رحمهما اهللا أنه ال يتقدم عنـه إلـى جهـة الـركن

فتوحي والد صاحب المنتهـى اليماني، قال الشيخ عثمان بن قائد قال الوذلك بأن يقف مقابل الحجر حتى : فيما رأيته بخطه على هامش المحرر

يكون مبصرا لضلعي البيت اللذين عن أيمن الحجـر وأيسـره، وهـذا احتراز من أن يقف في ضلع الباب ويستلمه منه فال يكون محاذيا لـه

ى، واختار شـيخ ببدنه فمتى رأى الضلع اآلخر فقد حاذاه بكل بدنه انتهاإلسالم رحمه اهللا أنه يجزئه المحاذاة لكله أو بعضـه بـبعض بدنـه، واختاره جماعة من األصحاب وصححه ابن رزين في شرحه وأطلقهما في المغني والشرح والمحرر، والنفس تطمئن إلى هذا القول وإن كـان الذهب ما قدمناه من أنه ال بد من محاذاته أو بعضه بكـل البـدن واهللا

أعلم، ثم يستلم الحجر، أي يمسحه بيده اليمنى، فإن تعذر لنحو أقطـع أن رسـول اهللا (اليمنى أو أشلها فباليسرى، ودليل االستالم حديث جابر رواه مسـلم، ) صلى اهللا عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاسـتلمه

افتعال من السالم وهو التحية، وأهل اليمن يسمون الحجـر : واالستالمسود المحيا ألن الناس يحيونه باستالمه، وقد ورد عن النبي صـلى األ

أنه نزل من الجنة أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا (اهللا عليه وسلم ومن الحكمة : قال السيوطي. رواه الترمذي وقال حسن صحيح) بني آدم

في سواد الحجر األسود بعد بياضه تنبيه األمة علـى أن المعصـية إذا الحجر بمجرد التقبيل له فتأثيرها في القلب الذي هو أرق منه أثرت في

أولى انتهى، ويقبل الحجر من غير صوت يظهر للقبلة لحديث ابن عمر أن النبي صلى اهللا عليه وسلم استقبل الحجر ووضع شفتيه عليه يبكي (

يا عمـر هاهنـا : طويال ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكى فقالأن أسلم قال رأيـت (رواه ابن ماجة وفي الصحيحين ). اتتسكب العبر

إني ألعلم أنك حجر ال تضر وال تنفع : عمر بن الخطاب قبل الحجر وقالوإنما ) ولوال أني رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقبلك ما قبلتك

قال عمر رضي اهللا عنه ذلك لئال يغتر بهذا التقبيل بعض من ألف فـي بادة األحجار تعظيما ورجاء بقصد طلب شفاعتها له عند اهللا، الجاهلية ع

فأخبر رضي اهللا عنه أن الحجر األسود ال يضر وال ينفع وأنه إنما قبله اقتداء بالنبي صلى اهللا عليه وسلم، وأشاع عمـر هـذا فـي الموسـم ليحفظه عنه أهل الموسم المختلفو األوطان واهللا أعلن، ونص أحمد في

ويسجد عليه فعله ابن عمر وابـن عبـاس، فـإن شـق : رواية األثرمأن (استالمه وتقبيله لم يزاحم واستلمه بيده وقبل يده لحديث ابن عباس

رواه مسلم، وروي عـن ) النبي صلى اهللا عليه وسلم استمله وقبل يدهابن عمر وجابر وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس، فإن شق استالمه

ما استلمه به، روي عن ابن عباس موقوفـا، بيده استلمه بشيء وقبل فإن شق عليه استالمه بشيء أشار إليه بيـده أو بشـيء واسـتقبله

طاف النبي صلى اهللا عليه (بوجهه لحديث البخاري عن ابن عباس قال وسلم بالبيت على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشـيء كـان عنـده

وسلم محجن بكسر المـيم والذي أشار به صلى اهللا عليه: قلت). وكبرعصا محنية الرأس، وال يقبل : وسكون المهملة وفتح الجيم بعدها نون

المشار به من يده أو شيء من غير مس الحجر به لعـدم وروده، وال يزاحم الستالم الحجر أو تقبيله فيؤذي أحدا من الطائفين، وفي البخاري

جر؟ فقـال رأيـت سأل رجل ابن عمر رضي اهللا عنهما عن استالم الحأرأيـت إن : رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يستلمه ويقبله، قال قلـت

زحمت أرأيت إن غلبت؟ قال اجعل أرأيت باليمن، رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يستلمه ويقبله، وذكر شراح هذا األثر أن السائل البـن

أنه ال يرى عمر هو الزبير ابن عربي راويه، وظاهر كالم ابن عمر هذا

الزحام عذرا في ترك االستالم، وروى سعيد بن منصـور مـن طريـق رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتـى يـدمي، : القاسم بن محمد قال

أن ابن عمر كـان ال يـدع الـركن األسـود : وفي تاريخ مكة لألزرقيواليماني في كل طواف طافه بهما حتى يستلمهما، لقد زاحم على الركن

دة الزحام حتى رعف فخرج فغسل عنه ثم رجع فعاد يـزاحم مرة في شفلم يصل إليه حتى رعف الثانية فخرج فغسل عنه ثم رجع فمـا تركـه حتى استلمه، وبسنده أن عبد اهللا بن عمر كان ال يترك استالم الركنين في زحام وال غيره حتى زاحم عنه يوم النحر وأصابه دم فقال قد أخطأنا

كنـت : إلى ابن عيينة عن إبراهيم بن أبي مرة قال هذه المرة، وبسندهأزاحم أنا وسالم بن عبد اهللا بن عمر على الركن حتى نستلمه، وبسنده إلى هشام بن عروة عن أبيه أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قـال

كيف صنعت يا أبا محمد في اسـتالم الحجـر؟ (لعبد الرحمن بن عوف قال كال قد فعلت استلمت وتركـت فقـال وكان قد استأذنه في العمرة ف

أن : وبسنده إلى هشام بن عروة) قد أصبت: النبي صلى اهللا عليه وسلمعمر بن الخطاب كان يستلم إذا وجد فجوة فإذا اشتد الزحام كبر كلمـا حاذاه، وبسنده إلى عطاء أنه سمع ابن عباس يقول إذا وجـدت علـى

طاوس قل ما استلم الـركنين إذا الركن زحاما فال تؤذ وال تؤذى، وكانرأى عليهما زحاما انتهى ملخصا، وكـالم الحنابلـة صـريح فـي أن المزاحمة التي تؤذي الغير أقل أحوالها الكراهة، وعن عبد الرحمن بن

قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم لعمر رضي اهللا عنـه : الحارث قالكن فإنك تؤذي الضعيف يا أبا حفص إنك رجل قوي فال تزاحم على الر(

رواه الشافعي وأحمد ) ولكن إن وجدت خلوة فاستلمه وإال فكبر وامض

وغيرهما، وهو مرسل جيد، فظهر مما تقدم أن المزاحمة على الحجـر بحيث يحصل منها إذاء لنحو ضعيف منهي عنها لآلثار المتقدمة، وأما

وقد خالفه فعل عبد اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما فليس بحجة ال سيماوالده عمر رضي اهللا عنه وعبد الرحمن بن عوف وابن عباس وغيرهم من الصحابة واهللا أعلم، ويقول عند استالم الحجر أو استقباله بوجهـه

بسم اهللا واهللا أكبـر اللهـم إيمانـا بـك : إذا شق استالمه لنحو زحامعليه وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة محمد نبيك صلى اهللا

أن النبـي (وسلم، ويقول ذلك كلما استلمه لحديث عبد اهللا بن السائب اهللا : وزاد جماعـة ) صلى اهللا عليه وسلم كان يقول ذلك عند اسـتالمه

اللهم : أكبر اهللا أكبر ال إله إال اهللا واهللا أكبر اهللا أكبر وهللا الحمد، وقولهجل إيماني أنـك حـق إيمانا بك مفعول له أي فعلت ذلك إيمانا بك أي أل

ووفـاء : فعلت ذلك، كذا في المطلع البن أبي الفتح الحنبلـي، وقولـه وهللا على الناس : (بعهدك، قال المحقق عثمان بن قائد لعله قوله تعالى

روي عن علي رضي اهللا عنه : اآلية، وفي المطلع ما نصه). حج البيتبا فألقمه الحجر لما أخذ اهللا عز وجل الميثاق على الذرية كتب كتا: قال

فهو يشهد للمؤمن بالوفاء وعلى الكافر بالجحود وذكره الحـافظ أبـو .الفرج بن الجوزي انتهى

يأتي هذا : (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: وعن ابن عباس قال الحجر يوم القيام له عينان يبصر بهما ولسان ينطق بـه يشـهد لمـن

والترمذي وصححه ابن خزيمـة رواه أحمد وابن ماجة). استلمه بحقوابن حبان والحاكم، وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم، فإن لم يكن الحجر موجودا والعياذ باهللا بأن ذهب به كما ذهبت به القرامطة حـين

ظهروا على مكة وقف مقابال لمكانه كما ذكروه في استقبال الكعبـة إذا إذا (لمه وقبل يـده لحـديث هدمت، واستلم الركن وقبله، فإن شق است

).أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتمتاريخ أخذ القرامطة للحجر األسود سـنة سـبع وعشـرين ): تنبيه(

وثالثمائة ولما أخذوه حملوه على نحو أربعين بعيرا فما حملـوه علـى بعير إال أهلكه اهللا، ومكث الحجر عندهم بضع عشرة سنة فأصابهم بالء

رئيسهم الجذام، فراودوه على ترجيعه فامتنع عنادا إلـى عظيم وأصابأن مات وتولى أخوه فتطير من الحجر فبدأ برده إلى موضـعه وحملـه على قعود هزيل فسمن، ولما جاء رسول القرامطة بالحجر إلـى مكـة عظم فرح أهلها مع جميع المسلمين وكثر شكرهم هللا تعالى على ذلـك،

وهل أمنتم أن نكون أتلفنا الحجر األسـود : فال الرسول عند رؤية ذلكإن الحجـر : وجئناكم بشبهه من بعض األودية؟ فقال بعـض العلمـاء

األسود له خاصية بأنه ال يغطس في الماء إذا ألقى فيه وال تعدوا عليه ال أبرح حتى أختبر، فدعا بإناء كبير ووضـع فيـه : النار فقال الرسول

الماء ثم أوقد النار عليـه ثالثـة ماء ورمى فيه الحجر فطفا على وجه أيام فلم تعد عليه فعجب من ذلك وقال هذا دين مفخم، هكذا نقله بعض العلماء من المؤرخين وغيرهم واهللا على كل شيء قدير، قال الخرقي ثم

فقوله إن . أتى الحجر األسود إن كان فاستلمه إن استطاع وقبله انتهى .ود عند القرامطةكان ألنه ألف مختصره والحجر األس

أن النبي (ثم يأخذ الطائف على يمينه مما يلي باب البيت لحديث جابر صلى اهللا عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشـى علـى

رواه مسلم، ويجعل البيت على يسـاره ). يمينه فرمل ثالثا ومشى أربعا

ليقرب جانبه ) ككمخذوا عني مناس: (لفعله صلى اهللا عليه وسلم وقد قال: األيسر الذي هو مقر القلب إلى البيت وقال شيخ اإلسـالم رحمـه اهللا

لكون الحركة الدورية تعتمد فيها اليمنى على اليسرى، فلما كان اإلكرام قلت يكفينا في ذلك سنة نبينا محمد . في ذلك للخارج جعل لليمنى انتهى

ى يساره فوجب علينا صلى اهللا عليه وسلم فإنه لما طاف جعل البيت علاتباعه سواء عرفنا الحكمة في ذلك أم ال واهللا الموفق، قال شمس الدين

ولما دخل صلى اهللا عليه وسلم في حجتـه : ابن القيم رحمه اهللا تعالىالمسجد عمد إلى البيت ولم يركع تحية المسجد فـإن تحيـة المسـجد

احم عليه ولـم الحرام الطواف فلما حاذى الحجر األسود استلمه ولم يزيتقدم عنه إلى جهة الركن اليماني ولم يرفع يديه ولم يقل نويت بطوافي هذا األسبوع كذا وكذا وال افتتحه بالتكبير كما يكبر للصالة كمـا يفعلـه من ال علم عنده بل هو من البدع المنكرات، وال حاذى الحجر األسـود

واستلمه ثم أخذ بجميع بدنه ثم انفتل عنه وجعله على شقه بل استقبلهعن يمينه وجعل البيت عن يساره ولم يدع عند الباب بدعاء وال تحـت الميزاب وال عند ظهر الكعبة وأركانها وال وقت للطواف ذكرا معينا، ال

ربنا آتنا في الدنيا حسـنة (بفعله وال بتعليمه بل حفظ عنه بين الركنين ه هذا ثالثة األشواط ورمل في طواف) وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النار

األول، وكان يسرع مشيه ويقارب بين خطاه واضطبع بردائـه فجعلـه على أحد كتفيه وأبدى كتفه اآلخر ومنكبه، وكلما حاذى الحجر األسـود

عصـا محنيـة : أشار إليه واستلمه بمحجنة وقبل المحجن، والمحجـن بله وال الرأس، وثبت عنه أنه استلم الركن اليماني ولم يثبت عنه أنه ق

كان رسول : (قبل يده عند استالمه، وقد روى الدارقطني عن ابن عباس

وفيـه ) اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليهصالح الحـديث وضـعفه : عبد اهللا بن مسلم بن هرمز قال اإلمام أحمد

غيره، ولكن المراد بالركن اليماني هاهنا الحجر األسود فإنـه يسـمى الركن اليماني مع الركن اآلخر ويقال لهما اليمانيان، ويقـال لـه مـع الركن الذي يلي الحجر من ناحية الباب العراقيان، ويقال للركنين اللذين يليان الحجر الشاميان، ويقال للركن اليماني والذي يلي الحجر من ظهر

الحجـر الكعبة الغربيان، ولكن ثبت عنه صلى اهللا عليه وسلم أنه قبـل األسود، وثبت عنه أنه استلمه بيده فوضع يده عليه ثم قبلهـا، وثبـت عنه أنه استلمه بمحجن فهذه ثالث صفات، وروى عنه أيضا أنه وضع شفتيه عليه طويال يبكي، وذكر الطبراني عنه بإسناد جيد أنه كـان إذا

بسم اهللا واهللا أكبر، وكان كلمـا أتـى علـى : استلم الركن اليماني قال .اهللا أكبر: الحجر األسود قال

وذكر أبو داود الطيالسي وأبو عاصم النبيل عن جعفر بن عبد اهللا بن رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه، ثم : (عثمان قال

رأيت عمـر : قال رأيت ابن عباس يقبله ويسجد عليه، وقال ابن عباسرسول اهللا صلى اهللا عليـه بن الخطاب قبله وسجد عليه، ثم قال رأيت

أنه قبل الركن (وروى البيهقي عن ابن عباس ). وسلم فعل هكذا ففعلتاليماني ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثالث

قلت والمراد بالركن اليماني هنا الحجر األسود كما يـأتي فـي ). مراتل ابن القيم وذكر البيهقـي كالم ابن القيم رحمه اهللا وكما تقدم عنه، قا

رأيت النبي صلى اهللا عليه وسلم سجد على : (أيضا عن ابن عباس قالالحجر ولم يستلم صلى اهللا عليه وسلم ولـم يمـس مـن األركـان إال

قال الشافعي رحمه اهللا ولم يدع أحد استالمهما هجـرة ). اليمانيين فقط عليه وسلم وأمسك لبيت اهللا ولكن استلم ما استلم رسول اهللا صلى اهللا

: ما أمسك عنه انتهى كالم ابن القيم رحمه اهللا، وقال أيضا عند سـياقه األوهام التي توهمها بعض الناس في حجته صلى اهللا عليه وسلم ومنها وهم من زعم أنه صلى اهللا عليه وسلم كان يقبل الركن اليمـاني فـي

يطلق عليه وعلـى طوافه وإنما ذلك الحجر األسود وسماه اليماني ألنه . اآلخر اسم اليمانيين فعبر بعض الرواة عنه باليماني منفـردا انتهـى

وقد ذكر بعض العلماء أنه إنما قيل للحجر األسود والركن اليماني : قلتاليمانيان للتغليب كما قيل في األب واألم األبوان، وفي الشمس والقمـر

والتمـر األسـودان العمران، وفي الماء: القمران، وفي أبي بكر وعمروإذا دخل : ونظائره كثيرة واهللا أعلم، قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى

المسجد بدأ بالطواف فيبتدئ من الحجر األسود يستقبله استقباال يستلمه ويقبله إن أمكن وال يؤذي أحدا بالمزاحمة عليه، فإن لم يمكن اسـتمله

ويجعل البيت عـن يسـاره، وقبل يده وإال أشار إليه ثم ينفتل للطواف وليس عليه أن يذهب إلى ما بين الركنين وال يمشي عرضا ثـم ينفتـل

بسم اهللا واهللا أكبر، وإن : للطواف بل وال يستحب ذلك ويقول إذا استلمهاللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعـا : شاء قال أيضا

يجعل البيت عن يساره فيطوف لسنة نبيك محمد صلى اهللا عليه وسلم، وسبعا، وال يخترق الحجر في طوافه لما كان أكثر الحجر من البيت واهللا أمر بالطواف به ال بالطواف فيه، وال يستلم من األركـان إال الـركنين اليمانيين دون الشاميين فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم إنما اسـتلمها

السالم واآلخران هما فـي داخـل بأمر ألنهما على قواعد إبراهيم عليه .البيت

فالركن األسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم وال يقبل، واآلخـران ال يستلمان وال يقبالن، واالستالم هو مسحه باليد، وأمـا سـائر جوانـب البيت ومقام إبراهيم وسائر ما في األرض مـن المسـاجد وحيطانهـا

ينا محمد صلى اهللا عليـه وسـلم ومقابر األنبياء والصالحين كحجرة نبومغارة إبراهيم ومقام نبينا محمد صلى اهللا عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وغير ذلك من مقامات األنبياء والصالحين وصخرة بيت المقدس ال يستلم وال يقبل باتفاق األمة، وأما الطواف بذلك فهو من أعظم البـدع

فإن تاب وإال قتل انتهى كالمـه المحرمة، ومن اتخذه دينا فإنه يستتاب رحمه اهللا، فأول ركن يمر به الطائف يسمى الشامي والعراقـي وهـو جهة الشام ثم يليه الركن الغربي والشامي وهو جهة المغرب ثم اليماني جهة اليمن، فإذا أتى على الركن اليماني استلمه ولـم يقبلـه وال يـده

ني، وحديث مجاهد عن ابـن خالفا للخرقي حيث قال بتقبيل الركن اليمارأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم إذا اسـتلم الـركن : عباس قال

هـذا ال : اليماني استلمه ووضع خده األيمن عليه فقال ابن عب البـر يصح وإنما يعرف التقبيل في الحجر األسود وتقدم كالم ابن القيم في أن

وال يقبـل الـركنين الركن اليماني يسمى به الحجر األسود، وال يستلم لم أر النبي صلى اهللا عليـه (األخيرين الشامي والغربي لقول ابن عمر

: متفق عليه، وقال ابن عبد البر). وسلم يمس من األركان إال اليمانيينما أراه يعني النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يستلم الركنين اللذين يليان

قواعد إبراهيم وال طـاف الحجر إال ألن البيت لم يتم من جهتهما على

الناس من وراء الحجر إال لذلك، وتقدم شيء من ذلك في كـالم شـيخ اإلسالم وابن القيم رحمهما اهللا تعالى، وطاف معاويـة فجعـل يسـتلم األركان كلها فقال ابن عباس لم تستلم هذين الركنين ولم يكـن النبـي

مـن البيـت صلى اهللا عليه وسلم يستلمهما؟ فقال معاوية ليس شيء . لقد كان لكم في رسول اهللا أسـوة حسـنة : مهجورا، فقال ابن عباس

ويطوف سبعا يرمل في الثالثة األول منها مـاش . فقال معاوية صدقتلما تقدم من حديث جابر وكذلك رواه ابن عمر وابـن عبـاس متفـق

رمل النبي صلى اهللا عليه وسلم في عمـره (عليهما، وقال ابن عباس رواه أحمد، ) حجه وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء من بعده كلها وفي

وإن كان أصل الرمل إلظهار الجلد للمشركين فبقى الحكـم بعـد زوال ما لنـا : أن عمر قال بعد استالمه الحجر األسود(علته، وفي البخاري

والرمل إنما كنا رأينا المشركين وقد أهلكهم اهللا ثم قال شـيء صـنعه رأينـا : انتهى، وقولـه ) عليه وسلم فال نحب أن نتركهالنبي صلى اهللا

بوزن فاعلنا بالهمز من الرؤية أي أريناهم بذلك أنا أقوياء ال نعجز عن مقاومتهم وال نضعف عن محاربتهم، وجعله ابن مالك من الرياء الـذي

معناه أظهرنا لهـم القـوة : هو إظهار المرائي خالف ما هو عليه فقالوقد أهلكهم اهللا أي فال حاجة لنا اليوم إلى ذلـك ونحن ضعفاء، وقوله

فهم رضي اهللا عنه بترك الرمل لفقد سببه، ثم قال رضي اهللا عنه بعـد هو شيء صنعه النبي صلى اهللا عليه وسلم فـال : أن رجع عما هم به

أي لعدم اطالعنا على حكمته وقصور عقولنا عن إدراك : نحب أن نتركهببا باعثا على تذكر نعمـة اهللا تعـالى علـى حقيقته، وقد يكون فعله س

.إعزازه اإلسالم وأهله واهللا أعلم

فإن قيل إنما رمل النبي صلى اهللا عليه وسلم : قال الموفق في المغني وأصحابه إلظهار الجلد للمشركين ولم يبق ذلك المعنى إذ قد نفـى اهللا

قد رمل النبـي :المشركين فلم قلتم إن الحكم يبقى بعد زوال علته؟ قلناصلى اهللا عليه وسلم وأصحابه واضطبع في حجة الوداع بعـد الفـتح

.فثبت أنه سنة ثابتة انتهىوال يسن رمل وال اضطباع لراكب وحامل معذور ونساء ومحرم مـن

مكة أو من قربها لعدم وجود المعنى الذي ألجله شرع الرمـل، وهـو ع له الرمل ال يشـرع لـه إظهار الجلد والقوة ألهل البلد، ومن ال يشر

قال ابن المنذر أجمع أهل العلم علـى : قال في الشرح الكبير. االضطباعأنه ال رمل على النساء حول البيت وال بين الصفا والمروة إلى أن قال وليس على أهل مكة رمل وهذا قول ابن عباس وابن عمر رضـي اهللا

الرمل إنما شـرع عنهم، وكان ابن عمر إذا أحرم من مكة لم يرمل ألن في األصل إلظهار الجلد والقوة ألهل البلد، وهذا المعنى معدوم في أهل البلد، والحكم فيمن أحرم من مكة حكم أهل مكة لما ذكرنا عن ابن عمر وألنه أحرم من مكة أشبه أهل البلد وليس عليهم اضطباع ألن مـن ال

إذا أحرم بالحج يشرع له الرمل ال يشرع له االضطباع كالنساء والمتمع : قلـت . من مكة ثم عاد وقلنا يشرع له طواف القـدوم ال يرمـل فيـه

: الصحيح أنه ال يشرع له طواف القدوم واهللا أعلم، قال أحمد رحمه اهللاليس على أهل مكة رمل عند البيت وال بين الصفا والمروة انتهى كـالم

.المغنيصاحب الشرح ومثله في ي غير طواف القدوم للمفـرد والقـارن، وال يسن رمل وال اضطباع ف

وطواف العمر لألفاقي سواء كان متمتعا بأن كانت العمرة فـي أشـهر

الحج أوال؛ ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه إنمـا اضـطبعوا ورملوا في طواف القدوم والعمرة فقط، وال يقضي الطائف االضـطباع

ره خالفا للقاضي أبـي والرمل وال يقضي بعضه إذا فاته في طواف غيالرمل بفتحتين الهرولـة، ورمـل بـين : قال في مختار الصحاح. يعلى

الصفا والمروة يرمل بالضم رمال ورمالنا بفتح الـراء والمـيم فيهمـا .انتهى

وفسره األصحاب بإسراع المشي مع تقارب الخطا من : قال الزركشي لعدم تمكنه منه غير وثب، والرمل أولى من الدنو من البيت بدون رمل

مع القرب للزحام ألن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولـى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها أو زمانها، وإن كان ال يتمكن من الرمل أيضا مع البعد عن البيت لقوة الزحام أو كان إذا تـأخر فـي

ت مع ترك الرمـل حاشية الطائفين للرمل يختلط بالنساء فالدنو من البيأولى من البعد لخلوه عن المعارض، ويطوف مع الزحام كيفما أمكنـه بحيث ال يؤذي أحدا فإذا وجد فرجة رمل فيها ما دام في الثالثـة األول لبقاء محله، وال يسن رمل في غير األشواط الثالثة األول مـن طـواف

ألربعـة القدوم أو طواف العمرة، فإن ترك الرمل فيها لم يقضـه فـي ا الباقية ألنها هيئة فات موضعها فسقطت كالجهر في الركعتين األوليـين وألن المشي هيئة في األربعة كما أن الرمل هيئة في الثالثة، فإذا رمـل في األربعة األخيرة كان تاركا للهيئة في جميع طوافه كتارك الجهر في

.الركعتين األوليين من العشاء إذا جهر في األخيرتينذكر القاضي أبو يعلى أن من ترك الرمل واالضطباع فـي طـواف و

القدوم أتى بهما في طواف الزيارة ألنها سنة أمكن قضـاؤها فتقضـي

كسنن وهذا ال يصح كما ذكرنا فيمن تركه في الثالثة األول ال يقضـيه في األربعة وكذلك من ترك الجهر في صالة الجهر ال يقضيه في األربعة

جهر في صالة الجهر ال يقضيه في صالة السـر، وال وكذلك من ترك اليقتضي القياس أن تقتضي هيئة عبادة فـي عبـادة أخـرى؛ وتـأخير الطواف حتى يزول الزحام ألجل الرمل والدنو من البيـت أو ألحـدهما أولى من تقديمه مع فواتهما أو فوات أحدهما ليـأتي بـالطواف علـى

اط الباقية من الطواف بال رمل الوجه األكمل، ويمشي في األربعة األشولألخبار المتفق عليها التي تقدمت اإلشارة إليها ويكون الرمل من الحجر إلى الحجر، وإن ترك الرمل في شيء من الثالثة أتى به فيما بقى منها ألن تركه للهيئة في بعض محلها ال يسقطها في بقيـة محلهـا كتـارك

ة جهريـة ال يسـقطه فـي الجهر في إحدى الركعتين األوليين من صالالثانية، وكلما حاذى الحجر األسود والركن اليماني استلمهما اسـتحبابا

كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ال يدع أن : (لما روى ابن عمر قالوكـان ابـن عمـر : قال نافع) يستلم الركن اليماني والحجر في طوافه

ـ ر األسـود وإن شـق يفعله، رواه أبو داود ولكـن ال يقبـل إال الحجاهللا : استالمهما للزحام أشار إليهما، ويقول كلما حاذى الحجر األسـود

طـاف : (أكبر فقط من غير تهليل لحديث البخاري عن ابن عباس قـال ) النبي صلى اهللا عليه وسلم على بعير كمال أتى الركن أشار بيده وكبر

ذى الحجـر وكلما حا: وقال في الشرح الكبير. هذا الصحيح من المذهباألسود والركن اليماني استلمهما أو أشار إليهما ويقول كلمـا حـاذى

ال إله إال اهللا واهللا أكبر إلى أن قال ويكبر كلما حـاذى الحجـر : الحجرقالت عائشة رضـي . ال إله إال اهللا واهللا أكبر: األسود لما رويناه ويقول

جعـل الطـواف إنما: (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: اهللا عنها). بالبيت وبين الصفا والمروة ورمى الجمار إلقامة ذكر اهللا عز وجـل

.رواه األثرم وابن المنذر انتهىقال في المنتهى وشرحه وكلما حاذى طائف الحجر األسـود والـركن

ظاهره من غيـر : اليماني استلمهما ندبا، قال الشيخ عبد اهللا أبو بطينل الشيخ سليمان بن علي في منسكه بعـد تقبيل وهو المذهب انتهى، قا

فظاهر هذا أن تقبيل الحجر األسود والسجود عليه مسـنون : كالم سبقفي ابتداء كل أسبوع ال في كل طوفه، وإنما المسنون في كـل طوفـة استالمه هو واليماني باليد، فإن شق استلمه بشـيء انتهـى، وقـال

واستالم اليماني عنـد ويستحب استالم الحجر األسود وتقبيله : النوويمحاذاتهما في كل طوفة، وهو في األوتار آكد ألنها أفضل انتهى، وتقدم في كالم ابن القيم أنه صلى اهللا عليه وسلم كلما حاذى الحجر األسـود استلمه بمحجنه وقبل المحجن، فظاهره سنية تقبيل الحجر في كل طوفة

كلما حاذى الحجر استلمه كلما حاذاه؛ ألنه إذا كان صلى اهللا عليه وسلمبمحجنه وقبل المحجن فإن تقبيل الحجر نفسه كلما حاذاه الطائف مـن

.باب أولى واهللا أعلموردت األحاديث واآلثار بسنية استالم الحجر األسود والركن ): تنبيه(

اليماني، وأما اإلشارة إليهما من غير استالم فوردت أيضا في الحجـر ، وعبارة األصحاب صريحة في استحباب اإلشـارة األسود دون اليماني

إليهما كلما حاذاهما لكن لم أطلع على دليل يقضي باستحباب اإلشـارة .إلى الركن اليماني واهللا أعلم

وقد ذكر في الشرح الكبير واإلقناع وغيرهما أن من سـنن الطـواف ستالم، استالم الحجر وتقبيله أو ما يقوم مقامه من اإلشارة عند تعذر اال

وأن من سننه استالم الركن اليماني فقط ولم يذكروا اإلشارة إليه عنـد وتستحب القراءة في . تعذر استالمه، وهذا هو األسعد بالدليل واهللا أعلم

الطواف نص عليه ال الجهر بها فيه، ويكره الجهر بـالقراءة فيـه إن : ىأغلط المصلين أو الطائفين، قال شـيخ اإلسـالم رحمـه اهللا تعـال

ويستحب له في الطواف أن يذكر اهللا تعالى ويدعو بما يشرع، وإن قرأ القرآن فال بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي صلى اهللا عليه وسلم ال بأمره وال بقوله وال بتعليمه بل يدعو فيه بسائر األدعية الشـرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فال

أصل له، لكن كان النبي صلى اهللا عليه وسلم يختم طوافه بين الركنين ) ربنا آتنا في الدنيا حسن وفي اآلخرة حسنة وقنا عذاب النـار : (بقوله

كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكـر واجـب باتفـاق أنـه (األئمة انتهى، وروى أحمد في المناسك عن عبد اهللا بن السـائب

نبي صلى اهللا عليه وسلم يقول بين الركن الـذي بـه الحجـر سمع الربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسـنة : (األسود والركن اليماني

ورواه أبو داود وقال بين الركنين، وأخرجـه أيضـا ) وقنا عذاب النار: النسائي وصححه ابن حبان والحاكم، وعن أبي هريرة مرفوعـا قـال

اللهم إني أسألك : ركن اليماني سبعون ملكا فمن قالوكل به، ويعني ال(العفو والعافية في الدنيا واآلخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة

رواه ابـن ماجـة، وفـي إسـناده ) حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمينإسماعيل بن عياش وفيه مقال، وفي إسناده أيضا هشام بن عمار وهو

الحديث قد ذكره الحافظ بن حجر في التلخيص وقـال ثقة تغير بأخرة، و .إسناده ضعيف

أحـدها أنهـا : في حسنة الدنيا سبعة أقـوال : قال في المطلع) فائدة( المرأة الصالحة، قاله علي رضي اهللا عنه، والثاني أنها العبـادة وهـو مروى عن الحسن رحمه اهللا، والثالث أنها العلم والعبادة وروى عـن

، والرابع أنها المال قاله أبو وائل وغيره، والخامس أنهـا الحسن أيضاالعافية قاله قتادة، والسادس أنها الرزق الواسع قاله مقاتل، والسـابع

أحدها أنها الحـور العـين : وفي حسن اآلخرة ثالثة أقوال. أنها النعمةقاله علي رضي اهللا عنه، والثاني أنها الجنة قالـه الحسـن وغيـره،

.ها العفو والمعافاة انتهى كالم صاحب المطلعوالثالث أنواألقرب أن المراد كل ذلك، وأعم منه مما ينشأ منه خير دنيوي : قلت

أو أخروي، هذا في حسنة الدنيا، والمراد بحسنة اآلخرة جميـع ذلـك وأفضل منه النظر إلى وجه اهللا تعالى وزيارته جل وعال يوم المزيـد،

منه بمنه وكرمه وجوده وإحسانه فإنه أكـرم رزقنا اهللا ذلك وال حرمنا ويكثر في بقية طوافه من الذكر والـدعاء، . األكرمين وأرحم الراحمين

اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا أي عمال متقبال يزكـو : ومنهلصاحبه ثوابه ، ومساعي الرجل أعماله الصالحة واحدها مسعاة، قـال

ذنبا مغفورا، رب اغفر وارحـم وتجـاوز الحجاوي في حاشية اإلقناع وعما تعلم وأنت األعز األكرم، قال الشيخ عبد الغني اللبدي الحنبلي فـي

واجعله حجا مبرورا إذا كان الطواف في : الظاهر أن محل قوله: منسكهالحج وكذا في طواف عمرة ألنها تسمى حجا أصغر، وأما غير ذلك فال

: قال األسنوي. زكريا األنصاري في المنهجواهللا أعلم انتهى، قال الشيخ

عمرة مبرورة ويحتمل األطـالق مراعـاة : والمناسب للمعتمر أن يقولللحديث ويقصد المعنى اللغوي وهو القصد انتهى، قال ابن حجر وظاهر كالمهم أن المعتمر يعبر بالحج أيضا وهو ظاهر مراعاة للخبر وألنهـا

إنها تسمى حجا شرعا لقوله صـلى تسمى حجا لغة بل قال الصيدالني ويدعو في طوافه بما . انتهى) العمرة هي الحج األصغر(اهللا عليه وسلم

أحب ويصلى على النبي صلى اهللا عليه وسلم ألن ذلك مسـتحب فـي اللهـم : جميع األحوال ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى، وإن شاء قال

ك وهذا مقام العائذ بك مـن إن هذا البيت بيتك الحرم حرمك واألمن أمنقوله وهذا مقام العائذ بك من النار كالم يقولـه : قال ابن الصالح. النار

المستعيذ ويعني بالعائذ نفسه وهو كما يقال هذا مقام الذليل وليس كما توهمه بعض مصنفي المناسك المشهورة من أنه إشـارة إلـى مقـام

بعض عوام مكة رأيـت إبراهيم عليه السالم وهذا غلط فاحش وقع إلى منهم من يطوف الغرباء ويشير إلى مقام إبراهيم عند انتهائه إلى هـذه

.الكلمة من دعائه انتهىونقل الرافعي عن أبي حامد أنه يشـير عنـد : قال ابن حجر الهيتمي

قوله وهذا مقام العائذ بك من النار إلى مقام إبراهيم عليه السالم وأقره، يره أنه يشير إلى نفسه واستحسنه، بل قال ابن لكن نقل األذرعي عن غ

وفيه نظـر ألنـه إذا استحضـر . الصالح إن األول غلط فاحش انتهىاستعاذة خليل اهللا تعالى حمله ذلك على غاية مـن الخـوف واإلجـالل والسكينة والوقار وذلك هو المطلوب في هذا المحل فكان أبلغ وأولـى،

المقام يدل على أنه يشـير إليـه وأيضا فتخصيص هذا الدعاء بمقابلة الصحيح ما قاله ابن الصالح، وما استحسنه : قلت. انتهى كالم الهيتمي

األذرعي، ففيما قاله ابن حجر الهيتمي وما نقله الرافعي عن أبي حامد نظر ظاهر، ألنه لم ينقل عن النبي صلى اهللا عليه وسلم وال عن الخلفاء

عين وال عن التابعين وال عن أحد الراشدين وال عن سائر الصحابة أجممن العلماء المعتبرين اإلشارة إلى شيء حين الطواف بالبيـت سـوى الحجر األسود وعند بعض الفقهاء والـركن اليمـاني، فاإلشـارة فـي

.الطواف إلى مقام إبراهيم ليس مشروعا بل هو فعل مبتدع واهللا أعلممقام إبـراهيم فإنـه إذا حصل على الطائفين زحام من جهة ): تنبيه(

يسوغ تأخيره بقدر إزالة الضرر ألن المقام ليس هو البقعة التي هو بها .اآلن وإنما هو نفس الحجر واهللا أعلم

لقد وضع الملك فيصل بن عبد العزيز يرحمـه اهللا بعـد ): تنبيه آخر( ه، المقام بداخل زجاج ١٣٨٧عصر يوم السبت ثامن عشر رجب سنة

محاط بشباك صغير طلبا للتوسعة على الطائفين وذلك بعـدما أزيلـت األعمدة والشباك الكبير وسقفهما الذي على المقام فجـزاه اهللا أحسـن

.الجزاء والحمد هللا رب العالمينأعوذ بك مـن الشـرك اللهم إني : ويقول إن شاء عند الركن العراقي

والشك والشقاق والنفاق وسوء األخالق وسوء المنظر وسوء المنقلب في األهل والمال والولد، اللهم أظلني في ظلك يـوم ال ظـل إال ظلـك واسقني من حوض نبيك محمد صلى اهللا عليه وسلم شـرابا هنيئـا ال

ربـي أظمأ بعده يا ذا الجالل واإلكرام، وإن شاء بـين الشـامي أي الغ اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشـكورا وعمـال مقبـوال : واليماني

وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور، وعند الفراغ من ركعتـي الطـواف اللهم هذا بلدك الحرام ومسجدك الحرام وأنا عبدك وابن : يقول إن شاء

عبدك وابن أمتك أتيتك بذنوب كثيرة وخطايا جمة وأعمال سيئة وهـذا ام العائذ بك من النار اللهم اغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم اللهم إنك مق

دعوت عبادك إلى حج بيتك الحرام وقد جئت إليك طالبا بذلك رحمتـك مبتغيا مرضاتك وأنت مننت بذلك علي فاغفر لي وارحمني إنك على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحسـاب

غير ذلك من الدعاء المشروع، ويدع الحديث في الطواف إال الذكر إلى والقراءة واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما ال بد منه كالسـالم ورده ألن الطواف بالبيت كالصالة إال أن اهللا أباح فيه الكالم فمن تكلـم

وحكـم : فيه فال يتكلم إال بخير، قال الشيخ سليما بن علي في منسـكه واف حكم الصالة إال أن الكالم أبيح فيه واألكل والشرب ولو كثيـرا الط

انتهى، قلت أما األكل والشرب كثيرا في الطواف ففي النفس منه شيء قال شـيخ اإلسـالم . وهو ينافي المروءة فال ينبغي القول به واهللا أعلم

وقوله الطواف بالبيت صالة لم يثبت عن النبي صـلى : رحمه اهللا تعالى. عليه وسلم ولكن هو ثابت عن ابن عباس وقد روى مرفوعا انتهىاهللا

ومن طاف أو سعى راكبا أو محموال لغير عذر لم يجزئه الطـواف وال السعي ألن الطواف عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبا كالصـالة هذا هو الصحيح من المذهب ومشى عليـه فـي المنتهـى واإلقنـاع

المتأخرين من الحنابلة، وإن طاف أو سعى راكبا أو وغيرهما من كتبأن النبي صلى اهللا عليه وسـلم (محموال لعذر أجزأه لحديث ابن عباس

وعن أم سـلمة ) طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنطوفي : شكوت إلى النبي صلى اهللا عليه وسلم أني أشتكي؟ فقال: (قالت

متفق عليهما، وكان طوافـه صـلى اهللا ) ةمن وراء الناس وأنت راكب

كثر عليه الناس : (عليه وسلم راكبا لعذر كما يشير إليه قول ابن عباسهذا محمد؟ هذا محمد؟ حتى خرج العواتق من البيوت، وكـان : يقولون

النبي صلى اهللا عليه وسلم ال تضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليـه والشرح فعلى هذا تكون كثرة الناس رواه مسلم، قال في المغني ) ركب

وشدة الزحام عذرا ويحتمل أن يكون النبي صلى اهللا عليه وسلم قصـد : تعليم الناس مناسكهم فال يتمكن منه إال بالركوب انتهى، قال في المقنع

وعنه ال يجزئه إال لعذر وال . ومن طاف راكبا أو محموال أجزأه) مسألة(يصح طوف الراكب للعـذر بغيـر : رحيجزئ عن الحامل، قال في الش

: خالف علمناه، فإن فعل ذلك لغير عذر فعن أحمد فيه ثـالث روايـات إحداهن ال يجزئه وهو ظاهر كالم الخرقي ألن النبي صـلى اهللا عليـه

فلم يجز فعلها راكبـا لغيـر عـذر ) الطواف بالبيت صالة: (وسلم قاليجزئه وال شيء عليـه كالصالة، والثانية يجزئه ويجبره بدم، والثالثة

فأما السعي محموال . اختارها أبو بكر وهو مذهب الشافعي وابن المنذروراكبا فيجزئه لعذر ولغير عذر ألن المعنى الذي منع الطواف راكبا غير

واختار الموفق في المغني أنه . موجود فيه انتهى كالم الشارح ملخصاتار روايـة اإلجـزاء فـي يجزئ السعي راكبا ولو لغير عذر، وممن اخ

الطواف راكبا ولو لغير عذر ابن حامد والمجد وغيرهما وقد عـد فـي الشرح الكبير الطواف ماشيا من سنن الطواف والصحيح من المذهب ما تقدم، وعدم إجزاء طواف الراكب من غير عذر من مفردات المـذهب،

بوا أو قال الشيخ عبد الغني اللبدي في منسكه وهل يجزئ أن يطوف حزحفا لغير عذر؟ لم أر من نبه عليه ومثله لو كان منحنيا كالراكع، ولو

.قيل بعدم صحته حينئذ لكان له وجه واهللا أعلم انتهى

والصحيح من المذهب أنه يشترط لصحة الطواف المشـي مـع : قلت القدرة عليه واهللا أعلم، فعلى المذهب إذا طاف أو سعى محموال لعـذر

أي الحامـل والمحمـول : أو السعي عن المحمول إن نويا وقع الطوافعنه أو نوى كل منهما عن نفسه ألن المقصود هنا الفعل وهو واحد فال يقع عن شخصين ووقوعه عن المحمول أولى ألنه لم ينو بطوافـه إال لنفسه والحامل لم يخلص قصده بالطواف لنفسه وألن الطواف عبـادة

م تقع عن فرضه كالصالة، وصحة أخـذ أدى بها الحامل فرض غيره فلالحامل عن المحول األجرة تدل على أنه قصده به ألنه ال يصـح أخـذه عن شيء يفعله لنفسه ذكره القاضي أبو يعلى وغيره، وإن نوى الحامل والمحمول الطواف عن الحامل وقع الطواف عن الحامل لخلـوص كـل

نفسه واآلخر لم ينو منهما بالنية للحامل وإن نوى أحدهما الطواف عن وإنما لكل امرئ (الطواف وقع لمن نوى منهما حامال أو محموال لحديث

وإن عدمت النية منهما أو نوى كل منهما عن اآلخر لم يصح ) ما نوىالطواف لواحد منهما لخلو طواف كل منهما عن نية منـه، قـال فـي

فسه فيقع الثالث أن يقصد كل واحد عن ن: الشرح الكبير بعد كالم سبقللمحمول دون الحامل وهذا أحد قولي الشافعي، والقـول اآلخـر يقـع

يقع لهما ألن كل واحـد منهمـا : للحامل ألنه الفاعل، وقال أبو حنيفةطائف بنية صحيحة فأجزأ الطواف عنه كما لو لم ينو صاحبه شيئا، قال شيخنا وهو قول حسن، ووجه األول أنه طواف أجزأ عن المحمول فلـم

ع عن الحامل وألنه طواف واحد فلم يقع عـن شخصـين كالراكـب يقوتمامه في الشرح، قال في اإلنصاف عما إذا نوى كل منهما عن نفس والنفس تميل إلى ذلك أي إلى وقوعه عن الحامل ألنه هو الطائف وقد

: قلـت . وقال أبو حفص العكبري ال يجزئ عن واحد منهما: نواه لنفسه .واهللا أعلم. ن وقوعه عن المحمولوالمذهب هو ما تقدم م

وإن حمله بعرفات لعذر أو ال أجزأ الوقـوف عنهمـا ألن المقصـود الحصول بعرفة وهو موجود، وإن طاف منكسا بأن جعل البيـت عـن

وقد ) خذوا عني مناسككم: (يمينه لم يجزئه لقوله عليه الصالة والسالمره؛ ويجـوز فـي جعل صلى اهللا عليه وسلم البيت في طوافه على يسا

أي طـاف طوافـا منكسـا : فتح الكاف صفة لمصدر محذوف) منسكا(أي طاف منكسا طوافـه واهللا أعلـم، وإن : ويجوز كسرها ويكون حاال

طاف القهقهرى بأن مشى إلى جهة قفاه وجعل البيت عـن يمينـه لـم يجزئه أو طاف على جدار الحجر بكسر الحاء المهملة لم يجزئه لقولـه

والحجر منه لقوله صـلى اهللا عليـه ) وليطوفوا بالبيت العتيق(: تعالىفمن لم يطف به لم . رواه مسلم) هو من البيت(وسلم في حديث عائشة

يعتد بطوافه ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم طاف من وراء الحجر، وقد ولـو : قال النووي) لتأخذوا عني مناسككم: (قال عليه الصالة والسالم

لحجر ليس من البيت ال يلزمه منه أنه ال يجب الطـواف سلم أن بعض اخارج جميعه ألن المعتمد في باب الحج االقتداء بفعل النبي صـلى اهللا عليه وسلم فيجب الطواف بجميعه سواء كان من البيت أم ال واهللا تعالى أعلم انتهى، أو طاف على شاذروان الكعبة لم يجزئه ألن الشاذروان من

الشاذروان بفتح الشـين والـذال المعجمتـين : المطلع الكعبة، قال فيالقدر الذي ترك خارجا عن الجدار مرتفعا عـن وجـه : وسكون الراء

األرض قدر ثلثي ذراع، والذراع أربع وعشرون إصبعا، وهو جزء من الكعبة نقصته قريش وهو ظاهر في جوانب البيت إال عند الحجر األسود

صار يعسر الدوس عليه فجزى اهللا فاعل وهو في هذا الزمان قد صفح فوفي هذا الزمن قد بقى الموضـع : قلت. الخير خيرا انتهى كالم المطلع

الذي جهة باب الكعبة والملتزم لم يصفح مراعاة لتسهيل االلتزام فيمـا ولو وضع يده : وقال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى. يظهر لي واهللا أعلم

ه أستار الكعبة لم يضره ذلك فـي أصـح على الشاذروان الذي يربط فيقولي العلماء وليس الشاذروان من البيت بل جعل عمادا للبيت انتهـى، وإن طاف طوافا ناقصا ولو نقصا يسيرا لم يجزئه ألنه لم يطف بجميع

أو ) إنما األعمـال بالنيـات (البيت، أو لم ينو الطواف لم يجزئه لحديث نه لم يرد به الشرع وال يحنث به مـن طاف خارج المسجد لم يجزئه أل

حلف ال يطوف بالكعبة، أو طاف محدثا ولو حائضا لم يجزئـه لقولـه رواه ) الطواف بالبيت صالة إال أنكم تتكلمون فيه: (صلى اهللا عليه وسلم

الترمذي واألثر من حديث ابن عباس، وقال صـلى اهللا عليـه وسـلم ) ير أن ال تطوفي بالبيـت افعلي ما يفعل الحاج غ: (لعائشة حين حاضت

ويلزم الناس انتظار الحائض ألجله فقط إن أمكن لتطوف طواف اإلفاضة وال يلزمهم انتظارها للنفاس لطول مدته، وإن طاف نجسا ثوبه أو بدنه أو بقعته لم يجزئه كالمحدث، أو طاف شاكا في الطواف في طهارته وقد

ه شكه في طهارته بعد تيقن الحدث لم يجزئه استصحابا لألصل وال يضرفراغه من الطواف ألن الظاهر صحته كشكه في الصالة أو غيرها بعـد الفراغ، قال الخرقي ويكون طاهرا في ثياب طاهرة، قال الموفق يعنـي في الطواف وذلك ألن الطهارة من الحدث والنجاسة والستارة شـرائط

وعن لصحة الطواف في المشهور عن أحمد وهو قول مالك والشافعي،أحمد أن الطهارة ليست شرطا، فمتى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما

كان بمكة، فإن خرج إلى بلده جبره بدم وكذلك يخرج في الطهارة مـن النجس والستارة، وعنه فيمن طاف للزيارة وهو ناس للطهارة ال شيء عليه وقال أبو حنيفة ليس شيء من ذلك شرطا واختلف أصحابه فقـال

هو سنة ألن الطواف ركن للحج فلـم : هو واجب، وقال بعضهمبعضهم يشترط له الطهارة كالوقوف، ولنا ما روى ابن عباس أن النبي صـلى

رواه ) الطواف بالبيت صالة إال أنكم تتكلمون فيه: (اهللا عليه وسلم قالوكذلك المـرأة : الترمذي واألثرم انتهى من المغني، وقال شيخ اإلسالم

يمكنها طواف الفرض إال حائضا بحيث ال يمكنها التأخر الحائض إذا لمبمكة ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة علـى الطـائف إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة مطلقـا أجـزأه الطواف وعليه دم إما شاة وإما بدنه مع الحيض والجنابة وشـاة مـع

ال فال يجوز لحائض أن تطوف إال طـاهرة إذا الحدث األصغر، إلى أن قأمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضا لم تطف بالبيت لكن تقف بعرفة وتفعل سائر المناسك مع الحيض إال الطواف فإنها تنتظـر حتى تطهر إن أمكنها ذلك ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت

وأما : ي العلماء، وقال رحمه اهللا أيضاأجزأها ذلك على الصحيح من قولالذي ال أعلم فيه نزاعا أنه ليس لها أن تطوف مع الحـيض إذا كانـت قادرة على الطواف مع الطهر، فما أعلم منازعا أن ذلك يحـرم عليهـا وتأثم به، وتنازعوا في أجزائه؛ فمذهب أبي حنيفة يجزئها ذلـك وهـو

القول بأن هـذه العـاجزة عـن وأما: قول في مذهب أحمد إلى أن قالالطواف مع الطهر ترجع محرمة أو تكون كالمحصر أو يسـقط عنهـا الحج أو يسقط عنها طواف الفرض فهذه أقوال كلها مخالفـة ألصـول

الشرع مع أني لم أعلم إماما من األئمة صرح بشيء منهـا فـي هـذه ـ ن الصورة وإنما كالم من قال عليها دم أو ترجع محرمة ونحو ذلك م

السلف واألئمة كالم مطلق يتناول من كان يفعل ذلك في عهدهم وكـان زمنهم يمكنها تحتبس حتى تطهر وتطوف وكانوا يأمرون األمـراء أن يحتبسوا حتى تطهر الحيض ويطفن، ولهذا ألزم مالك وغيره المكـاري لها أن يحتبس معها حتى تطهر وتطوف انتهى ملخصا من نحو عشـر

المثال السادس أن : بد اهللا محمد بن القيم رحمه اهللاوقال أبو ع. ورقاتالنبي صلى اهللا عليه وسلم منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهر

فظن من ظن ) اصنعي ما يصنع الحاج غير أن ال تطوف بالبيت: (وقالأن هذا حكم عام في جميع األحوال واألزمان، ولم يفرق بين حال القدرة

إمكان االحتباس لها حتى تطهر وتطـوف وبـين والعجز وال بين زمن الزمن الذي ال يمكن فيه ذلك وتمسك بظاهر النص ورأى منافاة الحيض للطواف كمنافاته للصالة والصيام إذ نهى الحائض عن الجميع سـواء ومنافاة الحيض لعبادة الطواف كمنافاته لعبادة الصالة، ونـازعهم فـي

مع الحيض ولم يجعلوا الحـيض أحدهما صححوا الطواف . ذلك فريقانمانعا من صحته بل جعلوا الطهارة واجبة تجبر بالدم ويصح الطـواف بدونها كما يقوله أبو حنيفة وأصحابه وأحمد في إحدى الروايتين عنـه وهي أنصهما عنه، وهؤالء لم يجعلـوا ارتبـاط الطهـارة بـالطواف

واجبـة مـن كارتباطها بالصالة ارتباط الشرط بالمشروط بل جعلوهـا واجباته وارتباطها به كارتباط واجبات الحج به يصح فعله مع اإلخـالل

والفريق الثاني جعلوا وجـوب الطهـارة للطـواف . بها ويجبرها الدمواشتراطها بمنزلة وجوب السترة واشتراطها بل وبمنزلة سائر شـروط

الصالة أو واجباتها التي تجب وتشترط مع القدرة وتسقط مع العجـز، وا وليس اشتراط الطهارة للطـواف أو وجوبهـا لـه بـأعظم مـن قال

اشتراطها للصالة، فإذا سقطت بالعجز عنها فسـقوطها فـي الطـواف بالعجز عنها أولى وأحرى، قالوا وقد كان في زمن النبي صلى اهللا عليه وسلم وخلفائه الراشدين يحتبس أمراء الحج للحـيض حتـى يطهـرن

اهللا عليه وسلم في شـأن صـفية وقـد ويطفن، ولهذا قال النبي صلى وحينئـذ ) أحابستنا هي؟ قالوا إنها قد أفاضت، قال فلتنفر إذا: (حاضت

.كانت الطهارة مقدورة لها يمكنها الطواف بهافأما في هذه األزمان التي يتعذر إقامة الركب ألجل الحيض فال تخلـو

ل الركب حتى أحدها أن يقال لها أقيمي بمكة وإن رح: من ثمانية أقسامتطهري وتطوفي، وفي هذا من الفساد وتعريضها للمقام وحدها في بلد

.الغربة مع لحوق غاية الضرر لها ما فيه .أن يقال يسقط طواف اإلفاضة للعجز عن شرطه: الثاني أن يقال إذا علمت أو خشيت مجيء الحيض في وقته جاز لها : الثالث

.تقديمه على وقتهال إذا كانت تعلم بالعادة أن حيضها يأتي في أيام الحـج أن يق: الرابع

وأنها إذا حجت أصابها الحيض هناك سقط عنها فرضه حتـى تصـير .آيسة وينقطع حيضها بالكلية

أن يقال بل تحج فإذا حاضت ولم يمكنها الطواف وال المقام : الخامس لى رجعت وهي على إحرامها تمتنع من النكاح ووطء الزوج حتى تعود إ

البيت وتطوف وهي طاهرة ولو كان بينها وبينه مسافة سنين، ثـم إذا

أصابها الحيض في سنة العود رجعت كما هي وال تزال كذلك كل عـام .حتى يصادفها عام تطهر فيه

أن يقال بل تتحلل إذا عجزت عن المقام حتى تطهـر، كمـا : السادس لى الحج لزمها، يتحلل المحصر مع بقاء الحج في ذمتها، فمتى قدرت ع

.ثم إذا أصابها ذلك أيضا تحللت وهكذا أبدا حتى يمكنها الطواف طاهراأن يقال يجب عليها أن تستنيب من يحج عنها كالمعضـوب : السابع

.وقد أجزأ عنها الحج، وإن انقطع حيضها بعد ذلكأن يقال بل تفعل ما تقدر عليه من مناسك الحج ويسقط عنها : الثامن

عنه من الشروط والواجبات، كما يسقط عنها طواف الـوداع ما تعجزبالنص، وكما يسقط عنها فرض السترة إذا شلحتها العبيد أو غيـرهم، وكما يسقط عنها فرض طهارة الجنب إذا عجزت عنها لعدم المـاء أو مرض بها وكما يسقط فرض اشتراط طهارة مكان الطواف إذا عـرض

يسقط شرط استقبال القبلة في الصـالة فيه نجاسة يتعذر إزالتها، وكماإذا عجز عنه، وكما يسقط فرض القيام والقراءة والركوع والسجود إذا عجز عنه المصلي، وكما يسقط فرض الصوم عن العاجز عنه إلى بدله وهو اإلطعام ونظائر ذلك من الواجبات، والشروط التي تسقط بـالعجز

ة أقسام ال مزيد عليهـا، ومـن عنها إما إلى بلد أو مطلقا، فهذه ثمانيثم تكلم رحمه اهللا . المعلوم أن الشريعة ال تأتي بسوي هذا القسم الثامن

تعالى على األقسام السبعة المتقدمة وأبطل قول من قال بها أو أحـدها ورده ردا شافيا كافيا ال مزيد على حسنه، ثم قـال فـإذا بطلـت هـذه

أن يقال تطوف بالبيت والحالة هذه التقديرات تعين التقدير الثامن وهو وتكون هذه ضرورة مقتضية لدخول المسجد مع الحيض والطواف معه

وليس في هذا ما يخالف قواعد الشريعة بل يوافقها كما تقدم إذ غايتـه سقوط الواجب أو الشرط بالعجز عنه وال واجب في الشريعة مع عجـز

هـذا تشـترط لـه وال حرام مع ضرورة، فإن قيل الطواف كالصالة ولالطـواف (الطهارة من الحديث، وقد أشار إلى هذا بقوله في الحـديث

والصالة ال تشرع وال تصح مع الحيض فكـذا شـقيقها ) بالبيت صالةومشبهها وألنها عبادة متعلقة بالبيت فلم تصح مع الحيض كالصـالة، فالجواب أن يقول باشتراط طهارة الحدث للطواف لم يدل عليه نص وال

ماع، بل فيه النزاع قديما وحديثا، فأبو حنيفة وأصحابه ال يشترطون إجذلك، وكذلك أحمد في إحدى الروايتين عنه، وقد نص أحمد في إحـدى الروايتين عنه على أن الرجل إذا طاف جنبا ناسيا صح طوافـه وال دم عليه، وعنه رواية أخرى عليه دم، وثالثة أنه ال يجزئه الطواف إلى أن

وقد دلت أحكام الشريعة على أن الحائض أولى بالعذر من الجنـب :قالالذي طاف مع الجنابة ناسيا أو ذاكرا فإذا كان فيه النزاع المذكور فهي أحق بالجواز منه فإن الجنب يمكنه الطهارة وهي ال يمكنهـا فعـذرها بالعجز والضرورة أولى من عذره بالنسيان فإن الناسي لما أمر به من

رة والصالة يؤمر بفعله إذا ذكره، بخالف العاجز عـن الـركن أو الطهاالشرط فإنه ال يؤمر بإعادة العبادة معه إذا قدر عليـه، فهـذه إذا لـم يمكنها إال الطواف على غير طهارة وجب عليها ما تقدر عليه وسـقط

وقال النبي ) فاتقوا اهللا ما استطعتم: (عنها ما تعجز عنه كما قال تعالىوهـذه ال ) إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم( عليه وسلم صلى اهللا

تستطيع إال هذا وقد اتقت اهللا ما استطاعت فليس عليهـا غيـر ذلـك فإن : بالنص وقواعد الشريعة والمطلق يقيد بدون هذا بكثير إلى أن قال

قيل لو كان طوافها مع الحيض ممكنا أمرت بطواف القـدوم وطـواف عنها طواف القدوم والوداع علـم أن طوافهـا مـع الوداع فلما سقط

الحيض غير ممكن قيل ال ريب أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم أسـقط طواف القدوم عن الحائض وأمر عائشة لما قدمت وهي متمتعة فحاضت أن تدع أفعال العمرة وتحرم بالحج، فعلـم أن الطـواف مـع الحـيض

لمحظورات ال تباح إال في محظور لحرمة المسجد أو للطواف أو لهما واحال الضرورة وال ضرورة بها إلى طواف القدوم ألنه سنة بمنزلة تحية المسجد، وال إلى طواف الوداع فإنه ليس من تمام الحج، ولهذا ال يودع المقيم بمكة وإنما يودع المسافر عنها فيكون آخر عده بالبيت فهـذان

يجاب فيهما أو في أحدهما أو الطوافان أمر بهما القادر عليهما إما أمر إاستحباب كما هي أقوال وليس واحد منهما ركنا يقف صحة الحج عليه، بخالف طواف الفرض فإنها مضطرة إليه وهذا كما يباح لهـا دخـول المسجد واللبث فيه للضرورة وال يباح لها الصالة وال االعتكاف فيـه،

هـذه الحادثـة فـي وبالجملة فالكالم في: وإن كان منذورا إلى أن قالأحدهما في اقتضاء قواعد الشريعة لها ال لمنافاتها وقد تبـين : فصلين

والثاني في أن كالم األئمة وفتاويهم في االشـتراط . ذلك بما فيه كفايةوالوجوب إنما هو في حال القدرة والسعة ال في حال الضرورة والعجز

غاية المفتي بها أنه فاإلفتاء بها ال ينافي نص الشارع وال قول األئمة ويقيد مطلق كالم الشارع بقواعد شريعته وأصولها ومطلق كالم األئمـة بقواعدهم وأصولهم، فالمفتي بها موافق ألصـول الشـرع وقواعـده

.ولقواعد األئمة وأصولهم وباهللا التوفيق انتهى ملخصا

وقد سقت كالم الشيخين في هذه المسألة ألني لم أر من األصحاب من وفى الكالم فيهما سواهما، ومن كالمهما يتضح أنهما يريان القـول است

بصحة طواف الحائض طواف اإلفاضة الذي هو ركـن فـي الحـج إذا اضطرت إلى طوافه بأن لم تتمكن من المقام بمكة حتى تطهـر لسـفر رفقتها عنها، وقولهما هذا وجيه وإن كان خالف المذهب عند متأخري

اء حكم الحائض في صحة طوافها لإلفاضة قلت وحكم النفس. األصحابالذي هو ركن في الحج إذا اضطرت إلى طوافه بأن لم تتمكن من المقام

وإن طـاف . بمكة حتى تطهر من نفاسها لسفر رفقتها عنها واهللا أعلمإن أبا بكر بعثه في الحجة التـي : (عريانا لم يجزئه لحديث أبي هريرةبكر عليها قبل حجة الـوداع يـؤذن أمر النبي صلى اهللا عليه وسلم أبا

متفق ). أال ال يحج بعد العام مشرك وال يطوف بالبيت عريان: يوم النحرإن أبا بكر بعثه، أي بعث أبا هريرة سنة تسع : عليه، وقوله في الحديث

وكذا لو انكشف من العورة ما تبطل به الصـالة . من الهجرة واهللا أعلمساء فإنه ربما انكشف من بـدنها فـي وكثيرا ما يقع في ذلك جهال الن

طوافها ما تبطل به صالتها لكون األنثى كلها عـورة فـي الصـالة إال ويتجه : وجهها، والطواف صالة كما تقدم، قال الشيخ مرعي في الغاية

احتمال عدم صحة الطواف في المغصوب وفي الحرير لغير أنثى انتهى، أو لعذر لم يجزئه ألنـه أو قطع الطواف بفصل طويل عرفا ولو سهوا

أو ) خذوا عني مناسـككم : (صلى اهللا عليه وسلم والى بين طوافه وقالأحدث في بعضه لم يجزئه ألن الطهارة شرط فيه على الصـحيح مـن المذهب، وإذا وجد الحدث بطلت فيبطـل الطـواف كالصـالة فتشـترط المواالة في الطواف والسعي ال بين الطواف والسعي كما يـأتي، ولـو

مس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح طوافه اعتبارا بجملته كما ال يضر التفات المصلي بوجهه، وعلى قياسه لو مـس أعلـى جـدار الحجر، وإن طاف في المسجد من وراء حائل من قبة وغيرها أجـزأه

وإن طـاف علـى : الطواف ألنه في المسجد، قال في المنتهى وشرحهاء كصالته إليها أو قصد في طوافـه غريمـا سطح المسجد توجه اإلجز

وقصد معه طوافا بنية حقيقية أي مقارنة للطـواف ال حكميـة توجـه اإلجزاء في قياس قولهم ويتوجه احتمال كعاطس قصد بحمـده قـراءة

وفـي اإلجـزاء عـن فـرض : قال في الفروع. قاله في الفروع انتهى، إذا قصـد حمـد المرجح عدم اإلجـزاء : قلت. القراءة وجهان انتهى

والنيـة : العطاس والقراءة واهللا أعلم، قال الشيخ منصـور البهـوتي الحكمية أن ينويه قبل ويستمر حكمها وهو معنى استصـحاب حكمهـا

قال الشيخ عثمان بن قائد النجدي قولـه بنيـة . ذكره ابن قندس انتهىالنية الحقيقيـة أن ينـوي الطـواف : حقيقية ال حكمية، قال ابن قندس

يقة، والنية الحكمية أن يكون قد حصلت له نية ثم استمر حكمها ولم حقويجب استصحاب حكم النيـة وهـو أن ال : يقطعها، وهو معنى قولهم

ينوي قطعها انتهى، قوله في الحكمية قد حصلت له نية، قيل معناه واهللا أعلم أن ينوي الطواف قبل الشروع فيه ثم يعرض له غريم في الطواف

زمته له مستصحبا لحكم تلك النية أي غير قاطع لهـا فـال فيتبعه لماليجزئه الطواف في هذه الحالة وهذا بخالف ما لو لم يعرض له غريم بل شرع في الطواف مستصحبا لحكم تلك النية فإنه يصح طوافـه بشـرط

.قرب الزمن بين النية والشروع

ـ ه مالزمـة وأما النية الحقيقية فهي ما قارنت الطواف الذي قصد معالغريم بأن ينوي عند الشروع فيه الطواف فإنه ال يضر مع ذلك قصـد الغريم كما لو نوى الصوم وقصد معه هضم الطعام أو نـوى الصـالة وإدمان السهر لكن ثوابه ينقص بذلك انتهى كالم الشيخ عثمـان، وإن شك في عدد األشواط أخذ باليقين ليخرج من العهدة بيقين، ويقبل قول

.ن في عدد األشواط كعدد الركعات في الصالةعدليويسن فعل سائر المناسك من السعي والوقوف والرمي وغيرها على

طهارة، وإن قطع الطواف بفصل يسير بني من الحجر األسود لعدم فوت إذا أقيمـت (المواالة بذلك أو أقيمت صالة مكتوبة صلى وبنى لحـديث

واف صالة فتدخل في العمـوم، أو والط) الصالة فال صالة إال المكتوبةحضرت جنازة صلى وبنى ألنها تفوت بالتشاغل عنها، ويكون البنـاء من الحجر األسود ولو كان القطع من أثناء الشوط ألنه ال يعتد بـبعض شوط قطع فيه، وحكم السعي في ذلك كطواف ثم بعـد تمـام الطـواف

جابر في صفة يصلي ركعتين واألفضل كونهما خلف مقام إبراهيم لقول حتى أتينا البيت معه اسـتلم الـركن : (حج النبي صلى اهللا عليه وسلم

واتخذوا مـن : (فرمل ثالثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأويأتي سياق حديث ) فجعل المقام بينه وبين البيت) مقام إبراهيم مصلى

صـلى اهللا جابر في أول باب صفة الحج إن شاء اهللا تعالى، وقراءتـه عليه وسلم اآلية المذكورة بيان منه لتفسير القرآن ومـراد اهللا منـه،

جعلـت لـي األرض (وحيث ركعهما من المسجد أو غيره جاز لعمـوم وصالهما عمر بذي طوى، وال شـيء عليـه ) مسجدا وتربتها طهورا

لترك صالتهما خلف المقام، وهما سنة مؤكدة يقرأ فيهما بعد الفاتحـة

لحديث ) قل هو اهللا أحد(وفي الثانية ) قل يا أيها الكافرون: (ىفي األولفصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وقل هـو (جابر

رواه مسـلم، ). اهللا أحد، ثم عاد إلى الركن فاستلمه ثم خرج إلى الصفاوال بأس أن يصليهما إلى غير سترة ويمر بين يديـه الطـائفون مـن

لنساء، فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم صالهما والطواف بين الرجال وايديه ليس بينهما شيء، وكان ابن الزبير يصلي والطواف بـين يديـه فتمر المرأة بين يديه فينتظرها حتى ترفع رجلها ثم يسجد، وكذا سـائر الصلوات بمكة ال يعتبر لها سترة، قاله في المغني والشرح، وتكفي عن

كتوبة وسنة راتبة كركعتي اإلحرام وتحيـة المسـجد، ركعتي الطواف مويسن اإلكثار من الطواف كل وقت؛ ونص اإلمـام أحمـد أن الطـواف

جـنس : لغريب أفضل من الصالة بالمسجد الحرام، قال شيخ اإلسـالم وله جمع أسابيع من الطواف، فـإذا . القراءة أفضل من الطواف انتهى

ل عائشة والمسور بن مخرمـة، فرغ منها ركع لكل أسبوع ركعتين لفعوبه قال عطاء وطاوس وسعيد بن جبير وإسحق، وكرهه ابـن عمـر والحسن والزهري ومالك وأبو حنيفة ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يفعله قال في المغني والشرح وشرح اإلقناع والمنتهى وغيرها من كتب

يوجب كراهته وكون النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يفعله ال: األصحابألن النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يطف أسبوعين وال ثالثة وذلك غيـر مكروه باالتفاق، وال تعتبر المواالة بين الطواف والركعتين، ألن عمـر صالهما بذي طوى وتقدم وأخرت أم سلمة الركعتين حين طافت راكبـة

ع ركعتين بأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم؛ واألولى أن يركع لكل أسبوعقبه، ولطائف تأخير سعيه عن طوافه بطواف أو غيـره فـال تجـب

المواالة بينهما، وال بأس أن يطوف أول النهار ويسعى آخـره أو بعـد .ذلك لكن تسن المواالة بينهما

ما جاء في كراهة طواف المجذوم مع : قال في القرى للطبري) فائدة( طاب رأى امـرأة مجذومـة أن عمر بن الخ(الناس، عن ابن أبي مليكة

تطوف بالبيت فقال لها يا أمة اهللا ال تؤذي الناس لو جلست في بيتـك، ففعلت فمر بها رجل بعد ذلك فقال لها إن الذي نهاك قد مات فاخرجي،

أخرجه مالك وسـعيد بـن ). ما كنت ألطيعه حيا وأعصيه ميتا: فقالت .منصور بتغيير بعض اللفظ انتهى

المتمع من العمرة والحج ثم علم أنه كان على غيـر إذا فرغ ): فرع( طهارة في أحد طوافيه للعمرة والحج وجهل الطواف الذي كان فيه على غير طهارة، هل هو طواف العمرة أو طواف الحج؟ لزمه األحوط لتبرأ ذمته بيقين، واألحوط كونه بال طهارة في طواف العمرة، فلـم تصـح

منها بالحلق لفساد الطواف فكأنه حلق عمرته لفساد طوافها، ولم يحل قبل طواف عمرته، فيلزمه دم للحلق لبقاء إحرامه، وكذا لو قلم أطفاره لزمه لذلك دم ألنه كرر محظورا من أجناس، ويكون قد دخل الحج على العمر فيصير قارنا ويجزئه طواف اإلفاضة عن الحج والعمر كالقـارن

الذي يظهر لزوم إعادة الطواف : رفي ابتداء إحرامه، قال الشيخ منصوالحتمال أن يكون المتروك فيه الطهارة هو طواف الحج فال يبرأ بيقـين

وقد ذكر مثل ذلك الشيخ مرعي فـي الغايـة فقـال . إال بإعادته انتهى .ويتجه ندبا إعادة طواف حج وسعيه احتياطا انتهى

ـ ): تنبيه( ن أنـه بعـد ال يرد على ما هنا ما سبق في باب اإلحرام مالشروع في طواف العمرة ال يصح إدخال الحج عليهـا إال لمـن معـه

هدي، ألنا نقول إدخاله الحج على العمر هنا هو قبـل الشـروع فـي طوافها لعدم اعتبار طوافه، ألنا قدرنا وقوعه بغير طهرا، هذا ما ظهـر لي واهللا أعلم، وإذا قدرنا أن الطواف بغير طهارة هو طواف اإلفاضـة

مه إعادة الطواف لوقوعه غير صحيح ويلزمه إعادة السـعي علـى لزالتقديرين المذكورين أي تقدير كون الطواف وقع على غير طهارة فـي طواف العمر أو اإلفاضة ألنه وجد بعد طواف غير معتد به، ألنا قـدرنا كونه وقع بغير طهارة، وإن كان وطيء المتمتع بعد حله مـن عمرتـه

بال طهارة حكمنا بأنه أدخل حجا على عمرة فاسـدة وقد فرضنا طوافها لوطئه فيها فلم تصح، وال يصح إدخال الحج عليه ويلغو ما فعله مـن أفعال الحج لعدم صحة اإلحرام به، ويتحلل بالطواف الذي قصده للحـج

دم للحق، ودم للوطء فـي عمرتـه، : وعليه دمان. من عمرته الفاسدةصل له حج وال عمرة لفساد العمـرة ودم لكل محظور وقع منه وال يح

بالوطء فيها وعدم صحة إدخال الحج عليها إذا، وحينئذ فال يبـرأ مـن .الواجب ويلزمه قضاؤه

وأما التطوع فقال الشيخ مرعي في غايته ال يقضيه للشك، واالحتياط ولو قدرنا الطواف بال طهـارة : القضاء انتهى، قال في اإلقناع وشرحه

وطيء بعد حله من العمرة لم يلزمه أكثر من إعـادة من الحج أي وقدالطواف والسعي للحج، ويحصل له الحج والعمرة لحصول الوطء زمن

وقد سبق في باب اإلحرام البحث في حكم المتمتع الذي . اإلحالل انتهىلم يسق الهدي إذا طاف لعمرته وسعي ولم يحلق أو يقصر ثـم أحـرم

س يعض عليه بالنواجـذ، ويـأتي فـي بالحج فعليك بمراجعته فإنه نفيثم يخرج إلى الصفا أنه إذا ترك التقصير والحلـق وقـد طـاف : فصل

وسعى لعمرته طوافا وسعيا صحيحين عليه دم، وأنه إذا وطـيء قبـل التقصير والحلق فعمرته صحيحة وعليـه دم فتنبـه لـذلك واهللا ولـي

.التوفيق :فصل -- اإلسالم، والعقل، والنيـة، : شيئا ويشترط لصحة الطواف ثالثة عشرة

وستر العورة، وطهارة الحدث ال لطفل دون التمييز لعدم إمكانها منـه، وطهارة الخبث حتى للطفل، وتكميل السبع، وجعل البيت عـن يسـاره، والطواف بجميع البيت بأن ال يطوف على جدار الحجـر، وأن يطـوف

ال إذا حضرت جنازة أو ماشيا مع القدرة على المشي، وأن يوالي بينه إأقيمت صالة، وأن ال يخرج من المسجد أعني أن يطوف بالمسجد، وأن

.يبتدئ من الحجر األسود فيحاذيه بكل بدنه وتقدم ذلك كله موضحااستالم الحجر األسود، وتقبيله أو ما يقوم مقامه : وسن الطواف عشر

ي، واالضـطباع، من اإلشارة عند تعذر االستالم، واستالم الركن اليمانوالرمل، والمشي في مواضعه، والدعاء، والذكر، والدنو مـن البيـت وركعتا الطواف، وإذا فرغ من ركعتي الطواف وأراد السعي سن عوده

.إلى الحجر فيستلمه لحديث جابر :فصل -- أي باب المسجد المعروف بباب الصفا، : ثم يخرج إلى الصفا من بابه

قبيس عليه درج وفوقه أزج كـإيوان، وبعـد طرف جبل أبي : والصفاالعمارة الجديد صار فوقه قبة وأزيل األزج فيرقى عليه حتى يرى البيت

إن النبي صلى اهللا عليه وسـلم : (إن أمكنه فيستقبله لحديث أبي هريرةلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعال عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه

رواه مسلم، وفـي حـديث ). اء أن يدعوفجعل يحمد اهللا ويدعو ما شالحديث ). فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة: (جابر

ال إله إال اهللا وحده ال شريك لـه، : رواه مسلم، ويكبر ثالثا ويقول ثالثاله الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي ال يموت بيده الخيـر وهـو

ال اهللا وحده ال شريك له صدق وعده ونصر على كل شيء قدير، ال إله إعبده وهزم األحزاب وحده؛ واألحزاب هم الذين تحزبوا على النبي صلى

ال : قريش وغطفان واليهود ويقـول : اهللا عليه وسلم في غزوة الخندقاللهم . إله إال اهللا وال نعبد إال إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون

أي : طواعية رسولك، اللهم جنبني حدودكاعصمني بدينك وطواعيتك ومحارمك، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب مالئكتك وأنبيـاءك ورسـلك وعبادك الصالحين، اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لـي في اآلخرة واألولى واجعلني من أئمة المتقين واجعلني من ورثة جنـة

: إنك قلـت وقولـك الحـق النعيم واغفر لي خطيئتي يوم الدين، اللهم ادعوني أستجب لكم، وإنك ال تخلف الميعاد، اللهم إذ هديتني لإلسالم فال تنزعني منه وال تنزعه مني حتى تتوفاني على اإلسالم، اللهم ال تقدمني

هذا دعاء ابن عمر، قال اإلمام أحمد ). للعذاب وال تؤخرني لسوء الفتنيرا حتى إنه ليملنا ونحن شباب ويدعو دعاء كث: يدعو به، قال نافع بعده

وال يلبي على الصفا لعدم وروده ويأتي حكم التلبية في السعي إن شاء اهللا تعالى ثم ينزل من الصفا فيمشي حتى يبقى بينه وبين العلـم وهـو الميل األخضر في ركن المسجد على يساره نحو سـتة أذرع فيسـعى

شـرط أن ال يـؤذي وال ماش بالتنوين فاعل يسعى سعيا شديدا نـدبا ب يؤذى حتى يتوسط بين الميلين األخضرين وهما العلمان أحدهما بـركن

المسجد واآلخر بالوضع المعروف بدار العبـاس، وقـد أزيلـت الـدار للتوسعة وهما بعد العمارة الجديدة بجداري المسعى، فيترك شدة السعي

ل القبلـة حتى يأتي المروة، وهي أنف جبل قيقعان فيرقى عليها ويستقبويقول عليها ما قال على الصفا لما في حديث جابر، قـال ابـن القـيم

ثم نزل صلى اهللا عليه وسلم من الصفا إلى المروة يمشـي : (رحمه اهللافلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد

هذا الذي صح عنه وذلك اليوم قبل الميلين األخضرين فـي أول ) مشىسعي وآخره، والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه هكذا، قال جابر ال

وظاهر هذا أنه كان ماشيا، وقد روى مسلم في : عنه في صحيح مسلمطاف النبـي : (صحيحه عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد اهللا يقول

صلى اهللا عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصـفا اه الناس وليشرف ولم يطف رسول اهللا صـلى اهللا عليـه والمروة لير

: قال ابن حزم). وسلم وال أصحابه بين الصفا والمروة إال طوافا واحداال تعارض بينهما ألن الراكب إذا انصب به بعيـره فقـد انصـب كلـه وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده، وعندي في الجمع بينهما وجـه

سعى ماشيا أوال ثم أتم سعيه راكبا وقـد آخر أحسن من هذا، وهو أنهقلت البن : جاء ذلك مصرحا به، ففي صحيح مسلم عن أبي الطفيل قال

عباس أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هـو؟ فـإن ما قولك صدقوا : قال قلت: قومك يزعمون أنه سنة، قال صدقوا وكذبوا

عليه وسلم كثير عليـه النـاس إن رسول اهللا صلى اهللا: وكذبوا؟ قالوكـان : هذا محمد حتى خرج عليه العواتق من البيوت قـال : يقولون

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ال يضرب الناس بين يديه قال فلما كثر .انتهى. والمشي أفضل) عليه الناس ركب

وجه مشروعية السعي الشديد لما روى أحمد في المسند عن ): تنبيه( رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم : (بنت أبي تجراه قالتحبيبة

يطف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسـعى اسعوا فإن : حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول

وحديث حبيبة هذا أخرجه الشافعي أيضا وغيره ). اهللا كتب عليكم السعيشيبة عن حبيبة، وفي إسناده عبد اهللا بن المؤمل من حديث صفية بنت

وهو ضعيف، وله طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة والطبراني عـن وإذا انضمت إلى األولـى قويـت، : ابن عباس، قال ابن حجر في الفتح

قوله بنت أبي تجراه قال في الفتح بكسر المثناة وسكون الجيم بعـدها ى نساء بني عبد الدار، قوله يدور وهي إحد: راء ثم ألف ساكنة ثم هاء

وإن مئزره ليدور من شدة السعي، والضـمير : به إزاره وفي لفظ آخرفي قوله به يرجع إلى الركبتين أي يدور إزاره بركبتيه انتهـى، وفـي سنن ابن ماجة عن حبيبة بنت أبي تجراه إحدى نساء بني عبد الـدار،

ين ننظر إلى رسـول دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حس: (قالتاهللا صلى اهللا عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمـروة وإن مئـزره ليدور في وسطه من شدة سعيه حتى إني ألقـول إنـي ألرى ركبتيـه

ذكره فـي المغنـي، ) اسعوا فإن اهللا كتب عليكم السعي: وسمعته يقولرأيت رسـول اهللا : (ولما روت صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة قالت

ال يقطـع : لى اهللا عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة وهو يقـول صولما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضـي ) األبطح إال شدا

جاء إبراهيم عليه السالم بهاجر وبابنها إسماعيل وهي : (اهللا عنهما قالترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمـزم فـي أعلـى

ؤمئذ أحد وليس بها ماء ووضع عنـدهما جرابـا المسجد وليس بمكة يفيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقا فتبعتـه أم إسـماعيل

يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنـس : فقالتآهللا الذي : وال شيء؟ فقالت له ذلك مرارا وجعل ال يلتفت إليها فقالت له

إذا ال يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبـراهيم : م، قالتنع: أمرك بهذا؟ قالحتى إذا كان عند الثنية حيث ال يرونه استقبل بوجهه البيت ثـم دعـا

رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير : (بهؤالء الكلمات ورفع يديه فقالوجعلـت أم إسـماعيل ) ذي زرع عند بيتك الحرام، حتى بلغ يشكرون

الماء حتى إذا نفـد مـا فـي السـقا ترضع إسماعيل وتشرب من ذلكأو قال يتلبط، فانطلقت . عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى

كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في األرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا، فهبطت مـن

عها ثم سعت سعي اإلنسان الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درالمجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هـل ترى أحدا فلم تر أحدا ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس قال النبي صلى اهللا عليه وسلم فذلك سعى الناس بينهما، فلما أشرفت على المروة

: سمعت أيضا فقالـت سمعت صوتا فقالت صه، تريد نفسها ثم تسمعت فقد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملك عند موضـع زمـزم،

ولألثر بقية تأتي إن شـاء ) فبحث بعقبه أو قال بجناحه حتى ظهر الماء .اهللا عند الكالم على ماء زمزم وفضله

ويجب استيعاب ما بين الصفا والمروة لفعله عليه الصـالة والسـالم فإن لم يرقهما ألصق عقب رجليه بأسفل ) اسككمخذوا عني من: (وقوله

الصفا وألصق أصابعهما بأسفل المروة ليستوعب ما بينهما وإن كـان راكبا لعذر فعل ذلك بدابته وهذا كان أوال، أما بعـد العمـارة الجديـدة فالظاهر أنه ال يكون مستوعبا للسعي إال إذا رقى على المحل المتسـع

، ثم ينقلب فينزل عن المروة فيمشـي فـي وهو آخر درجة واهللا أعلمموضع مشيه ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا يفعـل ذلـك سـبعا، يحتسب بالذهاب سعيه والرجوع سعية، يفتتح بالصفا ويختم بـالمروة لخبر جابر، فإن بدأ بالمروة لم يحتسب بذلك الشوط لمخالفته قوله عليه

يسن ألهل مكة اإلسراع بين ، وال )خذوا عني مناسككم(الصالة والسالم ليس على أهل مكة رمل عند البيـت : الصفا والمروة، قال اإلمام أحمد

وال بين الصفا والمروة، ذكره في المغنـي والشـرح وتقـدم، ولـيس : السعي، أعني اإلسراع، بواجب وال شيء على تاركه فإن ابن عمر قال

هللا عليه وسلم إن أسع بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول اهللا صلى ا(يسعى، وإن أمش فقد رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يمشي وأنا

رواه أبو داود وابن ماجة، وألن ترك الرمل في الطـواف ). شيخ كبيرويكثر من الدعاء والذكر . بالبيت ال شيء فيه فبين الصفا والمروة أولى

اهللا عنه فيما بين الصفا والمروة، ومنه ما ورد عن ابن مسعود رضي رب اغفر وارحم واعف عما : أنه كان إذا سعى بين الصفا والمروة قال

إنما جعـل رمـي : (تعلم وأنت األعز األكرم، وقال صلى اهللا عليه وسلمقال الترمذي حديث ) الجمار والسعي بين الصفا والمروة إلقامة ذكر اهللا

بين وال يسن السعي بينهما أي : حسن صحيح، قال في اإلقناع وشرحه

الصفا والمروة إال في حج أو عمرة فهو ركن كما يأتي فليس السـعي كالطواف في أنه يسن كل وقت لعدم ورود التطوع به مفردا انتهى، قال

ويشترط كونه أي السعي بعد طواف لنسك ولـو : في المنتهى وشرحهويشترط تقـدم : مسنونا كطواف القدوم انتهى، قال في اإلقناع وشرحه

يه ولو كان الطواف الذي تقدم عليه مسنونا كطواف القدوم، الطواف علخذوا : (ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم إنما سعى بعد الطواف وقال لنا

انتهى، وعبارة المنتهى وكونه بعد طواف ولو مسـنونا ) عني مناسككمقال الشيخ منصور في حاشية المنتهى قوله وكونه بعد طـواف . انتهى

عني إذا كان في نسك من حج أو عمرة أو قران، ولو قال ي: ولو مسنوناوال يصح إال بعد طواف نسك لكان أصوب، وال يستحب السعي مع كـل طواف، وال يصح إذا لم يكن طواف نسك كما نبه عليه الحجـاوي فـي الحاشية انتهى، قال الخلوتي في حاشية المنتهى قولـه وكونـه بعـد

الحجاوي في حاشية التلقيح مـع أي طواف نسك كما نبه عليه : طوافوقال الخلوتي أيضا قوله . أنه لم يتنبه له في اإلقناع فأطلق فتدبر انتهى

ولو مسنونا وهو طواف القدوم ألنه يصدق عليه أنه مسنون، وطواف إذا سلم الخلوتي أن طواف القدوم يصدق عليه : قلت. نسك وتمامه فيه

اوي لم يتنبه له في اإلقناع أنه مسنون وطواف نسك سقط قوله إن الحجويشترط تقدم الطواف عليه ولو مسـنونا : ألن عبارة اإلقناع هذا نصها

.انتهى. كطواف القدوموحيـث : تقدم في اإلقناع وشرحه في باب المواقيت ما نصه): تنبيه(

لزم اإلحرام من الميقات لدخول مكة أو الحرم ال لنسك طـاف وسـعى ى، فعبارة اإلقناع وشرحه في باب المواقيت وحلق وحل من إحرامه انته

مناقضة لعبارته هنا التي نصها وال يسن السعي بينهما إال في حـج أو عمرة انتهى، ومناقضة أيضا لما في حاشيته على التنقيح ومـال قالـه منصور في شرح المنتهى وحاشيته عليه ولما قاله الخلوتي في حاشيته

الصواب هو ما فـي مـتن اإلقنـاع على المنتهى والذي يظهر لي أن والمنتهى هنا من صحة السعي بعد الطواف المسنون كطـواف القـدوم فشمل كالمهما ما إذا أحرم من الميقات لدخول مكة أو الحرم ال لنسـك

وقد يقال إذا أحرم من الميقات لـدخول : فإنه يسن له الطواف والسعينه يكون في حكم مكة أو الحرم ال لنسك وطاف وسعى وحلق أو قصر فإ

.المعمر فيصدق عليه أنه سعى بعد طواف نسك، واهللا أعلمويستحب أن يسعى طاهرا من الحدث األكبر واألصغر ومن النجاسـة

في بدنه وثوبه ساترا لعورته، بمعنى أنه لو سعى عريانـا أجـزأه وإال فكشف العورة محرم وسترها واجب مطلقا، ويشـترط للسـعي النيـة

فأما السعي بين الصفا والمروة فظاهر كالم : ، وقال في المغنيوالمواالةأحمد أن المواالة غير مشروطة فيه، فإنه قال في رجل كان يسعى بـين الصفا والمروة فلقيه قادم يعرفه يقف يسلم عليه ويسأله، قال نعم أمـر الصفا سهل إنما كان يكره الوقوف في الطواف بالبيت، فأما بين الصفا

تشترط المواالة فيـه قياسـا علـى : وقال القاضي. فال بأس والمروةالطواف، وحكاه أبو الخطاب رواية عن أحمد واألول أصح، ألنه نسك ال

: يتعلق بالبيت فلم تشترط له المواالة كالرمي والحالق، وقد روى األثرمأن سودة بنت عبد اهللا بن عمر امرأة عروة بن الزبير سعت بين الصفا

ضت طوافها في ثالثة أيام وكانت ضخمة، وكـان عطـاء ال والمروة فقيرى بأسا أن يستريح بينهما، وال يصـح قياسـه علـى الطـواف ألن

الطواف يتعلق بالبيت وهو صالة، ويشـترط لـه الطهـارة والسـتارة فاشترطت له المواالة، بخالف السعي انتهى كالم المغنـي ومثلـه فـي

يرهما على اشـتراط المـواالة الشرح ومشى في المنتهى واإلقناع وغوالمرأة ال ترقى الصفا وال المروة وال تسعى بين . للسعي وهو المذهب

ليس على النساء رمل بالبيت وال : (العلمين سعيا شديدا لقول ابن عمرال تصعد المرأة فوق الصـفا والمـروة، وال : بين الصفا والمروة، وقال

وألن المطلوب منهـا السـتر، رواه الدارقطني،). ترفع صوتها بالتلبيةوفي ذلك تعرض لالنكشاف، والقصد بشدة السعي إظهار الجلد ولـيس ذلك مطلوبا في حقها، وإن سعى على غير طهارة بأن سعى محـدثا أو نجسا كره له ذلك وأجزأه ألنه عبادة ال تتعلق بالبيت أشـبه الوقـوف

ي تقـدم عليـه ويشترط تقدم الطواف على السعي ولو كان الطواف الذمسنونا كطواف القدوم للمفرد والقارن وتقدم، ألن النبي صلى اهللا عليه

فإن سعى بعد ) خذوا عني مناسككم: (وسلم إنما سعى بعد الطواف وقالطوافه الواجب أو المسنون ثم علم أنه طاف غير متطهـر لـم يجزئـه السعي لبطالن الطواف الذي تقدمه فوجوده كعدمـه، وال تسـن عقـب السعي صالة لعدم وروده، وإن سعى المفرد أو القارن مع طواف القدوم لم يعد السعي مع طواف اإلفاضة ألنه ال يشرع تكراره، وإن لـم يكـن سعي مع طواف القدوم، أو كان متمتعا سعى بعد طواف اإلفاضة ليأتي بركن الحج، فإذا فرغ من السعي فإن كان متمتعا ليس معه هدى حلـق

جميع شعره وقد حل ولو كان ملبدا رأسه فيستبيح جميـع أو قصر منمحظورات اإلحرام، واألفضل هنا التقصير ليتوفر الحلق للحج، وال يسن

تمتع الناس مع رسول اهللا صـلى : (تأخير التحلل لحديث ابن عمر قال

اهللا عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول اهللا صلى اهللا عليـه ن كان معه هدى فإنه ال يحل من شيء حرم منه حتى م: وسلم مكة قال

يقضي حجة ومن لم يكن معه هدي فليطف بالبيت والصـفا والمـروة فإن ترك التقصير والحلق فعليه دم، فإن . متفق عليه). وليقصر وليحلل

وطيء قبله فعمرته صحيحة وعليه دم، روى عن ابن عباس وبهذا قال وقع على امرأته قبل تقصـيرها مالك وأصحاب الرأي، قال أحمد فيمن

عليها هـي، وهـذا : عليه أو عليها؟ قال: من عمرتها تذبح شاة، قيلمحمول على أنها طاوعته، وتقدم في الثامن من محظـورات اإلحـرام

.بأبسط من هذا فليراجعذكر الفقهاء أنه إذا دخلت عشر ذي الحجة حرم علـى مـن ): فائدة(

من شعره أو ظفره أو بشرته لحديث يضحي أو يضحى عنه أخذ شيء إذا رأيتم هالل ذي الحجة وأراد أحـدكم أن يضـحي (أم سلمة مرفوعا

رواه الجماعة إال البخاري، ولفـظ أبـي ). فليمسك عن شعره وأظفارهمن كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هالل (داود وهو لمسلم والنسائي أيضا

وفـي روايـة ) يضـحي ذي الحجة فال يأخذن من شعره وأظفاره حتى ).وال من بشرته(لمسلم

ويتجه هذا في غير متمتـع حـل مـن : قال الشيخ مرعي في الغاية : عمرته، انتهى، يعني فإنه يحلق أو يقصر وجوبا وال يتناوله التحـريم

ولو ضحى أو ضحي عنه، ألن الحلق والتقصير نسك علـى الصـحيح مع المتمتع هـدي أدخـل وفعل هذا النسك واجب واهللا أعلم، وإن كان

الحج على العمرة، وليس له أن يحل وال أن يحلق أو يقصر حتى يحـج فيحرم بالحج بعد طوافه وسعيه لعمرته ويحل من الحج والعمـرة يـوم

النحر نص عليه أحمد، وإن كان الذي طاف وسعى لعمرته معتمرا غير ن فـي متمتع فإنه يحلق أو يقصر وقد حل ولو كان معه هدي سواء كا

أشهر الحج ولم يقصد الحج من عامه أم كان في غير أشهر الحج ولو قصده من عامه ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم اعتمر ثالث عمر سوى عمرته التي مع حجته وكان يحل منها، ومتى كان معه هدي نحره عند المروة كذا قال األصحاب، لكن في هذا الزمن ال يمكنه النحـر عنـدها

ه من الحرم جاز، وإن كان الذي طاف وسعى حاجا مفردا أو وحيث نحرقارنا بقي على إحرامه حتى يتحلل يوم النحـر لفعلـه عليـه الصـالة والسالم، ومن كان متمتعا أو معتمرا قطع التلبية إذا شرع في طـواف

كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا : (العمرة لحديث ابن عباس يرفعهوالمراد من ذلك أن المحـرم : ال الترمذي حسن صحيحق) استلم الحجر

بالعمرة يقطع التلبية إذا شرع في طوافها، أما المحرم بالحج فال يقطعها إال إذا رمى جمرة العقبة سواء كان قارنا أم متمتعا أم مفردا وال بـأس بالتلبية في طواف القدوم للمفرد والقارن سرا نص عليه، قال الموفـق

.ر بها لئال يختلط على الطائفين وكذا السعي بعده انتهىيكره الجهإسالم وعقل ونية معينة : شروط السعي تسعة: قال في الغاية): تنبيه(

ومواالة ويتجه كطواف ومشي القادر وتكميل السبع واستيعاب ما بـين الصفا والمروة وكونه بعد طواف صحيح ولو مسنونا أو في غير أشهر

وسننه طهارة . بأوتار من الصفا وإشفاع من المروةالحج ويتجه وبدء حدث وخبث وستر عورة وذكر ودعاء وإسراع ومشى بمواضعه ورقي ومواالة بينه وبين طواف، فإن طاف في يوم وسعى في آخر فال بـأس

.وال يسن عقبه صالة انتهى كالم الغاية

قال الصحيح من المذهب اشتراط المشي في السعي للقادر، و): فائدة( فأما السعي راكبا فيجزئه لعذر ولغيـر عـذر، ألن : الموفق في المغني

المعنى الذي منع الطواف راكبا غير موجود فيه ومثله في الشرح وتقدم واختلفـت : عند الكالم على الطواف راكبا فليراجع، قال فـي المغنـي

الرواية في السعي، فروى عن أحمد أنه ركن ال يتم الحج إال به وهـو طاف : (ول عائشة وعروة ومالك والشافعي لما روى عن عائشة قالتق

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وطاف المسلمون، يعني بـين الصـفا والمروة فكانت سنة ولعمري ما أتم اهللا حج من لم يطف بـين الصـفا

وألنه نسك في الحج والعمرة فكان ركنا فيهمـا . رواه مسلم) والمروةروى عن أحمد أنه سنة ال يجب بتركه دم، روى ذلك كالطواف بالبيت، و

فـال : (عن ابن عباس وأنس وابن الزبير وابن سيرين لقول اهللا تعالىونفى الحرج عن فاعله دليل علـى عـدم ) جناح عليه أن يطوف بهما

، )من شعائر اهللا: (وجوبه فإن هذا رتبة المباح وإنما تثبت سنيته بقولهبركن إذا تركه وجب عليـه دم وهـو هو واجب وليس: وقال القاضي

مذهب الحسن وأبي حنيفة والثوري وهو أولى ألن دليل من أوجبـه دل .على مطلق الوجوب ال على كونه ال يتم الحج إال به

وأما اآلية فإنها نزلت لما تحرج ناس من السعي في اإلسالم لما كانوا ا والمـروة، يطوفون بينهما في الجاهلية ألجل صنمين كانا على الصـف

كذلك قالت عائشة انتهى ملخصا، والصحيح من المذهب هـو الروايـة األولى أن السعي ركن ومشى عليه المتأخرون من الحنابلة قـال ابـن

وطاف رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : القيم رحمه اهللا، وقال ابن حزمعـا، بين الصفا والمروة سبعا راكبا على بعيره يخب ثالثا ويمشـي أرب

وهذا من أوهامه وغلطه رحمه اهللا فإن أحدا لم يقل هذا قط غيـره وال رواه أحد عن النبي صلى اهللا عليه وسلم البتة وهـذا إنمـا هـو فـي الطواف بالبيت فغلط أبو محمد ونقله إلى الطواف بين الصفا والمروة، وأعجب من ذلك استدالله عليه بما رواه من طريق البخاري عن ابـن

ن النبي صلى اهللا عليه وسلم طاف حين قدم مكة واستلم الـركن عمر أأول شيء ثم خب ثالث أطواف ومشى أربعا فركع حين قضـى طوافـه بالبيت وصلى عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف، فأتى الصفا فطـاف

ولم نجد عـدد : بالصفا والمروة سبعة أشواط وذكر باقي الحديث، قال: قلت. ة منصوصا ولكنه متفق عليه هذا لفظهالرمل بين الصفا والمرو

المتفق عليه السعي في بطن الوادي في األشواط كلها، وأما الرمل فـي الثالثة األول خاصة فلم يقله وال نقله فيما نعلم غيره، وسألت شـيخنا عنه؟ فقال هذا من أغالطه وهو لم يحج رحمه اهللا تعالى، وقـال ابـن

اهللا عليه وسلم سعيه عند المروة أمر كـل القيم أيضا فلما أكمل صلى من ال هدي معه أن يحل حتما وال بد قارنا كان أو مفـردا وأمـرهم أن يحلوا الحل كله من وطء النساء والطيب ولبس المخيط وأن يبقوا كذلك

لو اسـتقبلت : (إلى يوم التروية ولم يحل هو من أجل هديه، وهناك قال: إلى أن قـال ) لهدي ولجعلتها عمرةمن أمري ما استدبرت لما سقت ا

ولم يحل أبو بكر وال عمر وال علي وال طلحة وال الزبيـر مـن أجـل الهدي، وأما نساؤه صلى اهللا عليه وسلم فأحللن وكن قارنات إال عائشة فإنها لم تحل من أجل تعذر الحل عليها بحيضها، وفاطمة حلت ألنها لم

ل من أجل هديه وأمر مـن يكن معها هدي وعلي رضي اهللا عنه لم يحأهل بإهالل كإهالله صلى اهللا عليه وسلم أن يقيم على إحرامه إن كـان

معه هدي وأن يحل إن لم يكن معه هدي، وتقدم الكالم على هـذا فـي ويسن لمن كان قارنا أو مفردا فسخ نبتهمـا بـالحج وينويـان : فصل

حمه اهللا هنـا بإحرامهما ذلك عمرة مفردة، وعلى ما ذكره ابن القيم روفيما تقدم يتضح أنه يرى وجوب فسخ القارن والمفرد حجهمـا إلـى

.عمرة إذا لم يسوقا هديا، واهللا أعلمإن قيل قد ورد عنه صلى اهللا عليه وسلم ما يقتضي المنـع ): فائدة(

) لو تفتح عمل الشـيطان (حيث قال عليه الصالة والسالم ) لو(من قول في التلهف على أمور الدنيا إما طلبا كقوله لـو قلنا الممنوع استعمالها

فعلت كذا حصل لي كذا، وإما هربا كقوله لو كان كذا وكذا لمـا حصـل علي كذا وكذا لما في ذلك من عدم التوكل، أما تمني القربات كما فـي هذا الحديث فال محذور في ذلك النتفاء المعنى المذكور واهللا أعلم، وقد

اهللا األوهام التي توهمها بعض الناس في حجتـه ساق ابن القيم رحمه صلى اهللا عليه وسلم وذكر منها وهم من قال إنه صلى اهللا عليه وسلم حل بعد طوافه وسعيه، كما قال القاضي أبو يعلى وأصحابه، قال وقـد بينا أن مستند هذا الوهم وهم معاوية أو من روى عنه أنه قصر عـن

.بمشقص على المروة في حجته انتهىرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم والحمد هللا رب العالمين حمدا كثيرا كما يحب ربنا ويرضى، وصـلى

.اهللا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينمفيد األنام، ويليه الجزء الثاني وأوله باب : تم الجزء األول من كتاب

.صفة الحج

:ة الحج والعمرة وما يتعلق بذلكصف: باب --

نذكر في هذا الباب صفة الحج بعد حل المتمتع من عمرته، ونبدأ بذكر حديث جابر في صفة حج النبي صلى اهللا عليه وسـلم، وهـو حـديث صحيح عظيم مشتمل على جمل من مناسك الحج وفوائده، ونفائس من

ي في صـحيحه، مهماته وقواعده، وهو من أفراد مسلم لم يروه البخار .ورواه أبو داود كرواية مسلم ورواه ابن ماجة

قال مسلم في صحيحه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم جميعا عن حاتم، قال أبو بكر حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد اهللا فسأل عـن القـوم

ي فقلت أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيـده إلـى حتى انتهى إلرأسي فنزع زري األعلى ثم نزع زري األسفل ثم وضع كفه بين ثـديي وأنا يومئذ غالم شاب فقال مرحبا بك يا ابن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصالة فقام في نساجه ملتحفا بها كلما وضعها

ه من صـغرها ورداؤه إلـى جنبـه علـى على منكبه رجع طرفاها إليالمشجب فصلى بنا فقلت أخبرني عن حجة رسول اهللا صلى اهللا عليـه

إن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم : (وسلم فقال بيده فعقد تسعا فقالمكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسـول اهللا

كثير كلهم يلتمس أن يـأتم صلى اهللا عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتـى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسـلت

اغتسـلي : إلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كيـف أصـنع؟ قـال فـي واستثفري بثوب وأحرمي، فصلى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظـرت

إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلـك وعـن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك، ورسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل بـه مـن

لبيك اللهم لبيك، لبيك ال شريك لك لبيك، : فأهل بالتوحيدشيء عملنا به إن الحمد والنعمة لك والملك ال شريك لك، وأهل النـاس بهـذا الـذي يهلون به فلم يرد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عليهم شـيئا منـه،

.ولزم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم تلبيته الحج لسنا نعرف العمرة حتى قال جابر رضي اهللا عنه لسنا ننوي إال

إذا أتينا معه استلم الركن فرمل ثالثا ومشى أربعا ثم نفـذ إلـى مقـام فجعـل ) واتخذوا من مقام إبـراهيم مصـلى (إبراهيم عليه السالم فقرأ

المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول، وال أعلمه ذكره إال عن النبـي قل هو اهللا أحد، قل يا أيها (تين صلى اهللا عليه وسلم كان يقرأ في الركع

ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصـفا، ) الكافرونأبدأ بما بـدأ ) إن الصفا والمروة من شعائر اهللا(فلما دنا من الصفا قرأ

اهللا به، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبل فوحد اهللا وحده ال شريك له، له الملك وله الحمد وهـو وكبره وقال ال إله إال اهللا

على كل شيء قدير، ال إله إال اهللا وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم األحزاب وحده؛ ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثالث مرات ثم نـزل إلـى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتـى إذا صـعدنا

مروة كما فعل على الصفا حتـى إذا مشى حتى أتى المروة ففعل على اللو أني اسـتقبلت مـن أمـري مـا : كان آخر طوافه على المروة فقال

استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هـدي

فليحل وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسـول عليه وسلم أصابعه ألعامنا هذا أم ألبد؟ فشبك رسول اهللا صلى اهللا: اهللا

) دخلت العمرة في الحج مرتين، ال بل ألبد أبد: (واحدة في األخرى وقالوقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى اهللا عليه وسـلم فوجـد فاطمـة رضي اهللا عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها

فذهبت إلـى : العراقإن أبي أمرني بهذا، فقال فكان علي يقول ب: فقالترسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم محرشا على فاطمـة للـذي صـنعت مستفتيا لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فيما ذكرت عنه فأخبرته أنـي

صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال : أنكرت ذلك عليها فقالال تحـل اللهم إني أهل بما أهل به رسولك، قال فإن معي الهدي ف: قلت

قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى اهللا عليه وسلم مائة قال فحل الناس كلهم وقصروا إال النبي صلى اهللا عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى

بهـا منة فأهلوا بالحج وركب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فصـلى الظهر والعصر والمغرب والغشاء والفجر ثم مكث قليال حتـى طلعـت الشمس وأمر بقبة من شعر تضر له بنمرة فسار رسول اهللا صـلى اهللا عليه وسلم، وال تشك قريش إال أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حتى

ة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتـى إذا زاغـت أتى عرف: الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال

إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، أال كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودمـاء

أول دم أضع من دمائنا دم ابـن ربيعـة بـن الجاهلية موضوعة، وإن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلتـه هـذيل، وربـا الجاهليـة موضوع وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا اهللا في النساء فـإنكم أخـذتموهن بأمـان اهللا واسـتحللتم

ئن فرشكم أحدا تكرهونـه، فروجهن بكلمة اهللا، ولكم عليهن أن ال يؤطفإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهـن علـيكم رزقهـن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصـمتم

كتاب اهللا، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قـد : بهلسماء وينكتها بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى ا

اللهم أشهد اللهم أشهد ثالث مرات، ثم أذن ثم أقام فصـلى : إلى الناسالظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلـى

ـ زل واقفـا الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يحتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليال حتى غـاب القـرص وأردف أسامة خلفه، ودفع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وقد شنق للقصواء

أيهـا : الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنـى الناس السكينة السكينة كلما أتى حبال من الحبال أرخى لها قليال حتـى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغـرب والعشـاء بـأذان واحـد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذن وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فـدعاه وكبيـره

ه فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وهلله ووحد

وأردف الفضل بن عباس، وكان رجال حسن الشعر أبيض وسيما فلمـا دفع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يـده علـى وجـه

ى الشق اآلخر ينظر فحـول رسـول اهللا الفضل فحول الفضل وجهه إلصلى اهللا عليه وسلم يده من الشق اآلخر على وجه الفضـل فصـرف وجهه من الشق اآلخر ينظر حتى أتى بطن محسر فحرك قليال ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي

ة منها مثل حصى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاالخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثالثا وستين بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكال من لحمها وشربا من مرقهـا ثـم

كـة ركب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصـلى بم انزعوا بني عبد : الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال

المطلب فلوال أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوا ).فشرب منه

وحدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا جعفر بـن محمـد اهللا أتيت جابر بن عبد اهللا فسألته عن حجتـه رسـول : حدثني أبي قال

صلى اهللا عليه وسلم وساق الحديث بنحو حديث حاتم بـن إسـماعيل، وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار عري : (وزاد في الحديث

فلما أجاز رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه ويكون منزله ثم فأجاز ولم يعرض له

).ى أتى عرفات فنزلحت

حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن جعفر حدثني أبي عـن نحـرت (أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال : جابر في حديثه ذلك

هاهنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها م وحدثنا إسحق بـن إبـراهي ) موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف

أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيـه عـن أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : جابر بن عبد اهللا رضي اهللا عنهما

لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثالثا ومشى انتهى حديث جابر بن عبد اهللا، قال عطاء كان منزل النبي صلى . أربعا . عليه وسلم بمنى بالخيف قاله في المغنياهللا: ونتكلم اآلن على شيء قليل من معانيه ولغته، فنقول وباهللا التوفيق

قوله فسأل عن القوم، فيه أنه يستحب لمـن ورد عليـه زائـرون أو أمرنـا (ضيفان أن يسأل عنهم لينزلهم منازلهم كما في حديث عائشـة

وفيه إكـرام ) نزل الناس منازلهمرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن نأهل بيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كما فعل جابر بمحمد بن علي،

مرحبا، ومنها مالطفة : ومنها استحباب قوله للزائر والضيف ونحوهماالزائر بما يليق به وتأنيسه، وهذا سبب حل جابر زري محمد بن علـي

غالم شام، فيه تنبيه على أن وأنا يومئذ: ووضع يديه بين ثدييه، وقولهالرجل الكبير ال يحسن إدخال اليد في جيبه والمسح بين ثدييه، ومنهـا

هي بكسر النون وتخفيف : جواز تسمية الثدي للرجل، وقوله في نساجةالسين المهملة وبالجيم، وهو ثوب ملفق على هيئة الطيلسان، وقولـه

ثـم شـين معجمـة ورداؤه إلى جنبه على المشجب هو بميم مكسورة اسم ألعواد توضع عليهـا الثيـاب : ساكنة ثم جيم ثم باء موحدة، وهو

اسـم : ثم ركب القصواء، هي بفتح القاف وبالمد: ومتاع البيت، وقولهوأهل الناس بهذا الـذي : لناقة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وقوله

ا منـه يهلون به فلم يرد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عليهم شـيئ .ولزم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم تلبيته

فيه إشارة إلى ما روى من زيادة النـاس فـي : قال القاضي عياض كما روى في ذلك عن عمر رضي اهللا عنه أنه : التلبية من الثناء والذكر

لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك مرهوبا منك ومرغوبا : كان يزيدلبيك وسعديك والخيـر بيـديك : رضي اهللا عنهماوعن ابن عمر . إليك

لبيك حقا تعبدا ورقا، : وعن أنس رضي اهللا عنه. والرغباء إليك والعملفكان : استلم الركن، يعني الحجر األسود، أي مسحه بيده، قوله: وقوله

أبي يقول وال أعلمه ذكره إال عن النبي صلى اهللا عليه وسـلم، إلـخ، فر بن محمد روى هذا الحديث عن أبيه عن جابر معنى هذا الكالم أن جع

: إنه قرأ هاتين السورتين، قال جعفر: فكان أبي، يعنى محمدا يقول: قالوال أعلم أبي ذكر تلك القراءة عن قراءة جابر في صالة جابر، بل عـن جابر عن قراءة النبي صلى اهللا عليه وسلم في صالة هاتين الـركعتين،

ذكره إال عن النبي صلى اهللا عليه وسلم، لـيس وال أعلمه : وأما قولههو شكا في ذلك ألن لفظة العلم تنافي الشك بل جزم برفعه إلى النبـي

هزم األحزاب وحده، معناه هـزمهم بغيـر : قوله. صلى اهللا عليه وسلمالـذين : قتال من اآلدميين، وال بسبب من جهتهم، والمـراد بـاألحزاب

حتـى : قوله. عليه وسلم يوم الخندق تحزبوا على رسول اهللا صلى اهللاإذا كان آخر طوافه على المروة، فيه داللة لمذهب الجمهور وأن الذهاب من الصفا إلى المروة يحسب مرة، والرجوع إلى الصفا ثانية، والرجوع

إلى المروة ثالثة وهكذا فيكون ابتداء السبع من الصفا وآخرها بالمروة، ر الصيرفي من الشافعية وحكي عن ابن وقال ابن بنت الشافعي وأبو بك

جرير يحسب الذهاب إلى المروة والرجوع إلى الصفا مرة واحدة فيقـع : وهذا الحديث الصحيح يرد عليهم حيث جاء فيه. آخر السبع في الصفا

لو أني استقبلت من أمري : حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال، الحـديث، وكـذلك عمـل ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة

فوجد فاطمة، إلخ، فيه : قوله. المسلمين على تعاقب األزمان واهللا أعلمإنكار الرجل على زوجته ما رآه منها من نقص في دينها ألنه ظـن أن ذلك ال يجوز فأنكره، والتحريش اإلغراء والمراد هنا أن يذكر لـه مـا

م يحلقـوا مـع أن وقصروا فإنما قصروا ول: يقتضي عتابها، وأما قولهالحلق أفضل، ألنهم أرادوا أن يبقى شعر يحلق في الحج، فلو حلقوا لم يبق شعر فكان التقصير هنا أحسن ليحصل في النسكين إزالة شعر واهللا

قوله فأجاز رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حتى أتـى عرفـة، . أعلم: قولـه معنى أجاز جاوز المزدلفة ولم يقف بها بل توجه إلى عرفـات

فأتى بطن الوادي، هو وادي عرنة بضم العين وفتح الراء وبعدها نون، وليست عرنة من أرض عرفات عند العلماء كافة إال مالكا : قال النووي

وجعل حبل المشاة بين يديـه، روى حبـل : قوله. فقال هي من عرفاتبالحاء المهملة وإسكان الباء، وروى جبل بالجيم وفـتح البـاء، قـال

واألول أشبه بالحديث، وحبل المشاة طـريقهم الـذي : ضي عياضالقايسلكونه، وقيل أراد صفهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيها بحبل الرمـل،

وقد شنق للقصواء الزمام إلى آخره، معنى شنق ضـم وضـيق، : قوله: وهو بتخفيف النون، ومورك الرحل، قال الجوهري قـال أبـو عبيـد

هو الموضع الذي يثني : الميم وكسر الراء المورك والموركة يعني بفتحالراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا مل من الركـوب، وضـبطه

وهو قطعة أدم يتورك عليهـا الراكـب : القاضي عياض بفتح الراء قالتجعل في مقدم الرحل شبه المخدة الصغيرة، وفي هذا استحباب الرفـق

كلمـا : واب الضعيفة، قولهفي السير من الراكب بالمشاة وبأصحاب الدأتى حبال من الحبال أرخى لها قليال حتى تصعد إلخ، الحبال هنا بالحاء المهملة المكسورة جمع حبل، وهو التل اللطيف من الرمـل الضـخم،

ولم يسبح بينهما شيئا، معناه لم يصل بينهمـا نافلـة، والنافلـة : قولهى أسـفر جـدا، قـال حت: تسمى سبحة الشتمالها على التسبيح، قوله

ويحتمـل : النووي الضمير في أسفر يعود إلى الفجر المذكور أوال، قلتوقوله جدا . أن الضمير يعود إلى النبي صلى اهللا عليه وسلم واهللا أعلم

ثم سلك الطريق الوسطي، إلخ، فيه : بكسر الجيم، أي إسفارا بليغا، قولهما غبر، أي : ، وقولهأن سلوك هذا الطريق في الرجوع من عرفات سنة

لوال أن يغلبكم الناس لنزعت معكم، : ما بقي، قوله صلى اهللا عليه وسلممعناه لوال خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن االستقاء الستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا

.الكالم على حديث جابراالستقاء واهللا أعلم، انتهى ما أردناه من يستحب : ونرجع إلى ذكر صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك، فنقول

لمتمتع حل من عمرته ولغيره من المحلين بمكة وقربها اإلحرام بالحج فحـل (يوم التروية لقول جابر في صفة حج النبي صلى اهللا عليه وسلم

ومـن كـان معـه الناس كلهم وقصروا إال النبي صلى اهللا عليه وسلم ويـوم ) هدي،فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فـأهلوا بـالحج

: اعلم أن أيام المناسك سبعة: التروية ثامن ذي الحجة، قال ابن رسالنفالسابع ذكر مكي بن أبـي . أولها سابع ذي الحجة وآخرها ثالث عشر

طالب في باب عمل الحج أن اسمه يوم الزينة ألنهـم كـانوا يزينـون حاملهم وهوادجهم للخروج، وأما يوم الثامن فاسمه يوم التروية بالتاء م

المثناة فوق، وسمي بذلك لترويهم فيه المـاء، وسـمي يـوم النقلـة النتقالهم فيه من مكة إلى منى، والتاسع يوم عرفـة، والعاشـر يـوم النحر، والحادي عشر يوم القر بفتح القاف وتشديد الراء، ألنهم قارون

، والثاني عشر يوم النفر األول بفتح النون وسـكون الفـاء، فيه بمنىوسمي الثامن يوم : والثالث عشر يوم النفر الثاني انتهى؛ قال األصحاب

التروية ألنهم كانوا يتروون فيه الماء لما بعده، أو ألن إبراهيم عليـه السالم رأى ليلة الثامن في المنام ذبح ابنه إسماعيل فأصبح يتروى في

لرؤيا ويفكر أهو حلم أم من اهللا تعالى؟ فلما كان ليلة عرفـة رأى أمر اذلك أيضا فعرف أنه من اهللا فسمي يوم عرفة، قال الحافظ ابن حجر في

ألن تلك األماكن لم تكن فيها إذ ذاك آبار وعيـون، وأمـا : فتح البارياآلن فقد كثرت جدا واستغنوا عن حمل الماء انتهى، ويسمى يوم الثاني

:ر أيضا بيوم الرؤوس كما يأتيعشإذا رأيت الماء : عن نافع عن ابن عمر رضي اهللا عنهما قال): فائدة(

فـإن : بطريق مكة ورأيت البناء يعلو أخاشبها فخذ حذرك، وفي روايةاألمر قد أظلك انتهى، ومحل استحباب اإلحرام بالحج يوم التروية لمـن

وأراد الصيام فيستحب له أن ذكرنا هو في حق غير متمتع لم يجد هديايحرم بالحج من ليلة سابع ذي الحجة قبل الفجر ليصوم ثالثة األيام في إحرام الحج، ويكون آخر تلك الثالثة يوم عرفة فيصوم السابع والثامن

والتاسع، وإن أحرم ليلة السادس فصامه وصام السابع والثامن أجـزأ الوقوف بعرفـة مـع الصـيام ألنه أرفق به ال سيما في أيام الحر فإن

واألشهر عن أحمد وعليه األصحاب األفضـل أ، : يشق، قال في الفروعآخرها عرفة وفاقا ألبي حنيفة، وعن أحمد يوم التروية وفاقـا لمالـك والشافعي، وروى عن ابن عمر وعائشة، وفي البخاري عن ابن عباس

رفـة ال تصوم قبل يوم عرفة وفي يوم عرفة ال جناح وألن صـومه بع يستحب، وله تقديمها بإحرام العمرة نص عليه وهو أشهر ألن العمـر سبب لوجوب صوم المتعة ألن إحرامها يتعلق به صحة التمتـع فكـان سببا لوجوب الصوم كإحرام الحج انتهى ملخصا، وتقدم ذلك في بـاب الفدية، قال في اإلقناع وشرحه، ويستحب أن يفعل عند إحرامه من مكة

ا ما يفعله عند إحرامه من الميقات من غسل وتنظيف وتطيـب أو قربهفي بدنه وتجرد ذكر من مخيط ولـبس إزار ورداء أبيضـين نظيفـين

ومثلـه فـي . ونعلين ثم بعد ذلك يطوف أسبوعا ويصلي ركعتين انتهىالمغني والشرح وغيرهما، قلت لم أطلع على دليل يقضـي باسـتحباب

ة قبله فإن العلماء قـد ذكـروا ذلـك الطواف قبل اإلحرام بخالف الصال .وتقدم واهللا أعلم

من أراد أن يضحي أو يضحي عنه فإنه ال يأخذ من شعره وال ) فائدة( من ظفره وال من بشرته شيئا إذا أراد اإلحرام بالحج أو العمرة أو بهما في عشر ذي الحجة ألن األخذ من ذلك في العشـر لمريـد التضـحية

تع إذا حل من عمرته في عشر ذي الحجة فإنه يقصـر محرم، أما المتمأو يحلق وجوبا وال يحرم عليه ذلك ولو ضـحى أو ضـحي عنـه ألن الحلق والتقصير نسك على الصحيح وتقدم ويأتي في باب األضـحية إن

شاء اهللا تعالى، ثم بعد ذلك يحرم بالحج من المسجد الحرام واألفضـل واإليضاح ألبي الفـرج الشـيرازي من تحت الميزاب، ذكره في المبهج

ولم يذكر دليال على ذلك وكان عطاء يستلم الركن ثم ينطلق مهال بالحج وال يطوف بعد إحرامه بالحج لوداعه نصا لعدم دخول وقته لقول ابـن عباس ال أرى ألهل مكة أن يطوفوا بعـد أن يحرمـوا بـالحج، وال أن

و طاف وسعى بعـده لـم يطوفوا بين الصفا والمروة حتى يرجعوا، فليجزه سعيه ألنه لم يسبقه طواف واجب وال مسنون وفاقا لمالك وخالفا للشافعي، ويجوز إحرامه بالحج من حيث شاء من بقية الحـرم ومـن خارجه وال دم عليه نصا، وفي المغني إن أحرم من الجانب اآلخر ثـم

التنعيم سلك الحرم فال شيء، نص عليه أحمد في رجل أحرم للحج من فقال ليس عليه شيء وذلك ألنه أحرم قبل ميقاته، ولو أحرم من الحـل ولم يسلك الحرم فعليه دم ألنه لم يجمع بين الحل والحرم انتهى ومثلـه في الشرح، ومنع القاضي أبو يعلى وأصحابه وجوب إحرامه من مكـة والحرم وهو الذي مشى عليه المتأخرون من الحنابلة وهو المذهب، قال

وجاز وصح إحرامه من خارج الحرم وال دم عليه : في المنتهى وشرحهويصح : نصا انتهى، وقال في المنتهى وشرحه أيضا في باب المواقيت

أن يحرم من بمكة لحج من الحل كعرفة وال دم عليه كما لو خرج إلـى الميقات الشرعي وكالعمرة انتهى، وقال في اإلقناع وشرحه فـي بـاب

وز إحرامه من الحل كالعمرة أو كما لو خرج إلى الميقات ويج: المواقيتالشرعي وال دم عليه لعدم الدليل على وجوبه انتهى ملخصا، وتقدم في باب المواقيت حكم ما إذا أراد من بمكة أو الحرم الحج مكيـا كـان أو

فإذا كان يوم التروية أحـرم : غيره، قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى

عل عند الميقات إن شاء أحرم من مكة وإن شاء من خارج فيفعل كما فمكة هذا هو الصواب، وأصحاب النبي صلى اهللا عليه وسلم إنما أحرموا كما أمرهم النبي صلى اهللا عليه وسلم من البطحاء، والسنة أن يحـرم من الموضع الذي هو نازل فيه وكذلك المكي يحرم من أهله كمـا قـال

من كان منزله دون مكة فمهله من أهلـه (سلم النبي صلى اهللا عليه و .انتهى). حتى أهل مكة يهلون من مكة

وكان صلى اهللا عليه وسلم يصلي مدة مقامه : قال ابن القيم رحمه اهللا بمكة بمنزله الذي هو نازل فيه بالمسلمين بظاهر مكة يعنـي بـاألبطح

ثنين والثالثاء فأقام بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصالة يوم األحد، واالواألربعاء، فلما كان يوم الخميس ضحى توجه بمن معه من المسـلمين إلى منى فأحرم بالحج من كان أحل منهم من رحالهم ولم يدخلوا إلـى المسجد ليحرموا منه بل أحرموا ومكة خلف ظهورهم فلما وصل إلـى منى نزل بها وصلى بها الظهر والعصر وبات بها وكان ليلـة الجمعـة

وال يخطب يوم السابع بعد صالة الظهر بمكة لعـدم وروده ثـم . نتهىايخرج يوم التروية من مكة محرما إلى منى قبل الزوال فيصـلي بهـا

: الظهر مع اإلمام ويبيت بمنى إلى أن يصلي مع اإلمام الفجر لقول جابروركب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إلى منى فصـلى بهـا الظهـر

ب والعشاء والفجر ثم مكث قليال حتى طلعت الشـمس والعصر والمغروهذا قول سفيان ومالك والشافعي وإسحق وأصحاب الراي، وليس ذلك واجبا بل سنة ألن عائشة تخلفت ليلة عرفة حتى ذهب ثلثا الليـل، وإن أحرم قبل يوم التروية كان ذلك جائزا، وقد روى عن عمر رضـي اهللا

كم يقدم الناس عليكم شعثا إذا رأيتم الهـالل عنه أنه قال ألهل مكة ما ل

من كان بمكـة : فأهلوا بالحج، وهذا مذهب ابن الزبير وقال اإلمام مالكفأحب أن يهل من المسجد لهالل ذي الحجة انتهى، والمستحب اإلحرام يوم التروية حين التوجه إلى منى كما تقدم وبهذا قال ابن عمر وابـن

لسنة أن يبيت الحجيج بمنى فيصلون بهـا وا: عباس، قال شيخ اإلسالمالظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر وال يخرجون منها حتى تطلع الشمس كما فعل النبي صلى اهللا عليه وسلم وأما اإليقاد فهـو بدعـة مكروهة باتفاق العلماء، وإنما اإليقاد بمزدلفة خاصة بعد الرجوع مـن

عة، ويسيرون من منى إلى نمـرة عرفة، أما اإليقاد بمنى أو عرفة فبدطريق ضب هو الطريق : قلت. على طريق ضب من يمين الطريق انتهى

المزفت الذي تسلكه السيارات في هذا الزمن فتسير معه وتكون مزدلفة .على يسارك إذا كنت قاصدا عرفة ثم إذا سلكت طريق ضب المذكور

وأمـا الطريـق يكون مأزما عرفة وعلماء الحرم على يسارك أيضا، اآلخر فهو على جهة اليسار من مزدلفة فإذا سلكته صار المشعر الحرام على يمينك ثم تسير بين المأزمين فإذا جاوزت ما بينهما أتيـت علـى علمي الحرم وعلى عرنة بالنون، وبين علمي الحرم المذكورين وجدار

اع مسجد إبراهيم القبلي المسمى مسجد عرنة بالنون تقريبـا ألـف ذر وثمانمائة ذراع بذراع اليد كما اختبرنا ذلك، وقال األزرقي ألـف ذراع

وإنما اإليقـاد : وستمائة ذراع وخمسة أذرع انتهى، وقول شيخ اإلسالمبمزدلفة خاصة مراده ما يفعل سابقا من إيقاد النار بها، قال األزرقـي في تاريخ مكة وساق بسنده إلى غنيم بن كليب عن أبيه عن جده قـال

رأيت النبي صلى اهللا عليه وسلم في حجته وقد دفع من عرفة إلى جمع والنار توقد بالمزدلفة وهو يؤمها حتى نزل قريبا منها، وساق بسـنده

كانت النار توقد على عهد رسول اهللا : أيضا عن نافع عن ابن عمر قالصلى اهللا عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي اهللا عنهم، يعنـي

دلفة بعد الرجوع من عرفة انتهى، وقد أبدلت في زماننا هذا وقبله بالمزبالسرج التي توضع في منارة المشعر الحرام كما يأتي، ولو صادف يوم التروية يوم جمعة وهو مقيم بمكة ممن تجب عليه وزالت الشمس وهو بمكة فال يخرج قبل صالة الجمعة لوجوبها بالزوال، والخروج إلى منى

وقت غير واجب وقب الزوال إن شاء خرج إلى منى وإن شاء في ذلك الأقام بمكة حتى يصلي الجمعة فإن خرج اإلمام إلى منى أمر من يصـل بالناس الجمعة إن اجتمع معه العدد لئال تفوتهم، فإذا طلعت الشمس من يوم عرفة سار من منى إلى عرفة فأقام بنمرة ندبا حتى تزول الشمس،

ونمرة موضع بعرفة وقيل بقربها وهو خـارج : حهقال في اإلقناع وشرعنها، وهو الجبل الذي عليه أنصاب؛ أي عالمات الحرم على يمينك إذا

وفي زمننـا هـذا : قلت. خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف انتهىليست أنصاب الحرم على جبل بل هي على أرض مسـتوية كمـا هـو

شمس سار مـن منـى فإذا طلعت ال: مشاهد، قال في المنتهى وشرحهموضع بعرفة إلى الزوال ثم يأتي عرفة انتهى ملخصا، قال : فأقام بنمرة

موضع بعرفات أو الجبـل الـذي عليـه : ونمرة كفرحة: في القاموسأنصاب الحرم على يمينك خارجا على المأزمين تريد الموقف، ومسجدها

ـ : معروف انتهى، قال في المصباح ل ونمرة موضع قيل من عرفات وقيونمرة ليست من عرفة كعرنة : بقربها خارج عنها انتهى، وقال النووي

.انتهى

ونمرة كانت قرية خارجـة عـن : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى عرفات من جهة اليمين فيقيمون بها إلى الزوال كما فعل النبي صـلى اهللا عليه وسلم ثم يسيرون منها إلى بطن الوادي، وهو موضع النبـي

اهللا عليه وسلم الذي صلى فيه الظهر والعصر وخطب وهو فـي صلىحدود عرفة ببطن عرنة، وهناك مسجد يقال له مسجد إبـراهيم وإنمـا بني في أول دولة بني العباس، فيصلي هناك الظهر والعصر قصرا كما فعل النبي صلى اهللا عليه وسلم ويصلي خلفه جميع الحجيج أهل مكـة

خطب بهم اإلمام كما خطب النبي صلى اهللا عليه وغيرهم قصرا وجمعا يوسلم على بعيره ثم إذا قضى الخطبة أذن المؤذن وأقام ثم يصلي كمـا جاءت بذلك السنة ويصلي بعرفة ومزدلفة ومنى قصرا، ويقصـر أهـل مكة وغير أهل مكة وكذلك يجمعون الصالة بعرفة ومزدلفة كما كان أهل

عليه وسلم بعرفة ومزدلفـة وكـذلك مكة يفعلون خلف النبي صلى اهللا كانوا يفعلون خلف أبي بكر وعمر، ولم يأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم وال خلفاؤه أحدا من أهل مكة أن يتموا الصالة وال قالوا لهـم بعرفـة

أتموا صالتكم فإنا قوم سفر، ومن حكى ذلك عنهم فقد : ومزدلفة ومنى عليه وسلم أنه قال ذلـك فـي أخطأ ولكن المنقول عن النبي صلى اهللا

غزوة الفتح لما صلى بهم بمكة، وأما في حجه فإنه لم ينزل بمكة ولكن كان نازال خارج مكة وهناك كان يصلي بأصحابه انتهى كالمه رحمه اهللا

وموضع نزوله صلى اهللا عليه وسـلم فـي حجتـه كـان : قلت. تعالى .باألبطح أعلى مكة واهللا أعلم

نمرة قرية غربي عرفات وهي خراب : رحمه اهللا تعالىقال ابن القيم اليوم نزل بها صلى اهللا عليه وسلم حتى إذا زالت الشمس أمر بناقتـه

القصواء فرحلت ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عرنة فخطب الناس، وتمامه يأتي، قال األزرقي، ونمرة هو الجبل الذي عليه أنصاب

من مأزمي عرفة تريد الموقـف، وتحـت الحرم على يمينك إذا خرجت جبل نمرة غار أربعة أذرع في خمسة أذرع ذكروا أن النبي صـلى اهللا عليه وسلم كان ينزله يوم عرفة حتى يروح إلى الموقف وهـو منـزل األئمة إلى اليوم، والغار داخل في جدار دار اإلمارة في بيت في الـدار

قلت في . عشر ذراعا انتهىومن الغار إلى مسجد عرنة ألفا ذراع وأحد كالم األزرقي نظرا ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم ضربت له قبـة أي خيمة بنمرة فنزل بها ال بالغار وفي هذا الزمن ال يوجـد علـى الجبـل

. المذكور أنصاب للحرم وإنما أنصاب الحرم على وجه األرض كما تقدمعليه وسلم لم يكـن قال ابن القيم رحمه اهللا وموضع خطبته صلى اهللا

من الموقف فإنه خطب بعرنة وليست من الموقف وهو صلى اهللا عليه واعلم : وسلم نزل بنمرة وخطب بعرنة ووقف بعرفة انتهى، قال النووي

أنه ليس من عرفات وادي عرنة وال نمرة وال المسجد الذي يصلي فيه واضـع اإلمام المسمى مسجد إبراهيم ويقال له مسجد عرنة بل هذه الم

خارج عرفات على طرفها الغربي مما يلي مزدلفة وهذا نص الشـافعي كالم شيخ اإلسالم وابن القيم والنووي المتقدم صريح في : انتهى، قلت

أن نمرة ليست من عرفة وهو الذي اتضح لنا بعـد التحـري الشـديد والوقوف على تلك المواضع ومشاهدتها ألن حد عرفة من الغرب هـو

نون، ونمرة هي غربي وادي عرنة من جهـة الجـرم، وادي عرنة بالوكذلك مسجد عرنة المسمى مسجد إبراهيم ليس من عرفات، وال عبرة

آخر المسجد من عرفات ألنـه يكذبـه الحـس الظـاهر : بقول من قال

بالمشاهدة لعلمي عرفة، وألن نفس المسجد المذكور فـي بطـن وادي ي المسجد، وكـل مـا عرنة بالنون وللوادي بقية من جهة عرفة شرق

وقال النووي أيضا واعلم . ذكرناه يتضح بالوقوف والمشاهدة واهللا أعلمأن عرفة ونمرة بين عرفات والحرم ليستا من واحد منهما وأما جبـل

.الرحمة ففي وسط عرفات انتهى وهو كما قالال ينافي هذا ما يأتي من أن من حد عرفة من الشمال وادي ): تنبيه(

الوادي مستطيل فهو حد لعرفة غربا ومن حدها شـماال واهللا عرنة ألن فإذا زالت الشمس استحب لإلمام أو نائبه أن يخطب خطبة واحدة . أعلم

إن كنت (يقصرها لقول سالم بن عبد اهللا للحجاج بن يوسف يوم عرفة تريد أن تصيب السنة فقصر الخطبة وعجل الصالة، فقـال ابـن عمـر

يفتتحها بالتكبير يعلم الناس فيها مناسكهم مـن رواه البخاري، و) صدقالوقوف ووقته والدفع من عرفات والمبيت بمزدلفة وأخذ الحصا ورمى الجمار وغير ذلك من الحلق والنحر، فإذا فرغ من خطبته أمر بـاألذان فنزل وصلى الظهر والعصر جمعا بأذان لألولى وإقامتين لكـل صـالة

فإذا فرغ من خطبته نـزل : قناع وشرحهإقامة لحديث جابر، قال في اإلفصلى الظهر والعصر جمعا إن جاز له الجمع كالمسافر سفر قصر بأذان وإقامتين، وكذلك يجمع غيره أي غير اإلمام ولو منفردا ألن الجماعـة

ثـم يجمـع مـن : ليست شرطا للجمع انتهى، قال في المنتهى وشرحهلعصر ويعجل انتهـى، قـال يجوز له الجمع حتى المنفرد بين الظهر وا

قوله ويعجل، أي يجمع : الشيخ محمد الخلوتي في حاشيته على المنتهىجمع تقديم انتهى وفيه قصور، والمراد بالتعجيل هو تعجيل الصالة حين

والسنة تعجيل الصـالة حـين : تزول الشمس، قال في المغني والشرح

روى سـالم تزول الشمس وأن يقصر الخطبة ثم يروح إلى الموقف لما إن كنت تريد أن تصيب السنة فقصر الخطبة (أنه قال للحجاج يوم عرفة

رواه البخاري، وألن تطويل ذلك ). وعجل الصالة، فقال ابن عمر صدقيمنع الرواح إلى الموقف في أول وقت الزوال والسنة التعجيل في ذلك

نـي وتمامه فيه قول وألن تطويل ذلك يمنع الرواح إلى الموقف، إلخ يعيمنع الرواح إلى عرفة في أول وقت الزوال ألن السنة تعجيل الـدخول

.إلى عرفة وعرفة كلها موقف، واهللا أعلمتنبيه ظاهر كالم المصنف يعني الموفق أن أهل مكة : قال في اإلنصاف

ومن حولهم كغيرهم إذا ذهبوا إلى عرفة ومزدلفة ومنى، وهو صحيح، على الصحيح من المذهب نص عليه، فال يجوز لهم القصر، وال الجمع

وعليه أكثر األصحاب، وجزم به في المستوعب وغيـره وقدمـه فـي ال يجمع وال يقصر : الفروع، وقال اختاره األكثر وقدمه في الفائق وقال

عند جمهور أصحابنا، واختار أبو الخطاب في العبادات الخمس والشيخ واختار المصنف يعنـي تقي الدين جواز القصر والجمع لهم فيعايابها،

الموفق جواز الجمع فقط، قال في الفروع وهو األشـهر عـن أحمـد ثم لما خرج صلى اهللا عليه وسـلم : وقال شيخ اإلسالم. فيعايابها انتهى

إلى منى وعرفة خرج معه أهل مكة وغيرهم ولما رجـع مـن عرفـة أتمـوا : رجعوا معه ولما صلى بمنى أيام منى صلوا معه ولم يقل لهـم

صالتكم فإنا قوم سفر ولم يحد النبي صلى اهللا عليه وسـلم السـفر ال منى (بمسافة وال بزمان ولم يكن بمنى أحد ساكن في زمنه، ولهذا قال

ولكن قيل إنها سكنت في خالفة عثمان وأنه بسبب ذلك ) مناخ من سبقأتم عثمان الصالة ألنه كان يرى أن المسافر من يحمل الزاد والمزاد ثم

ذلك يذهب إلى عرفات فهذه السنة، لكن في هذه األوقات ال يكاد أحد بعديذهب إلى نمرة وال إلى مصلى النبي صلى اهللا عليه وسلم بل يـدخلون عرفات فهذه السنة، بل يدخلون عرفات على طريق المأزمين ويدخلونها قبل الزوال ومنهم من يدخلها ليال ويبيتون بها قبل التعريف، وهذا الذي

فعله الناس كله يجزئ معه الحج، لكن فيه نقص عن السنة فيفعل مـا ييمكن من السنة مثل الجمع بين الصالتين فيؤذن أذانا واحدا ويقيم لكل

.صالة انتهى كالم الشيخ رحمه اهللا تعالىما ذكره شيخ اإلسالم كان في زمنه، وأما زمننا هذا فإن غالب : قلت

طريق ضـب علـى السـيارات وهـو الحجاج يذهبون إلى عرفات منالطريق المبعد المزفت ويتمكنون من الذهاب إلى نمرة وإلى الصالة في مصلى النبي صلى اهللا عليه وسلم مع اإلمام وبدونه لألمن الشامل فـي هذا الزمن من طريق المأزمين على السيارات وكـذلك المشـاة علـى

نة أربعين وإحـدى األقدام وأصحاب الدواب، وسنح لي هنا ما تذكرته سوأربعين بعد الثالثمائة واأللف حين أتيت عرفـات للحـج فاستشـهدت

واذكروا إذا أنـتم قليـل : (بهاتين اآليتين الكريمتين، وهما قوله تعالىمستضعفون في األرض تخافون أن يتخطفكم النـاس فـآواكم وأيـدكم

).بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكروناللهم أعنـا علـى ذكـرك ) بروا يا أولي األبصارفاعت: (وقوله تعالى

وشكرك وحسن عبادتك يا أرحم الراحمين، وسبق في كالم شيخ اإلسالم أن السنة قصر الصالة بعرفة ومزدلفة ومنى ألهل مكة وغير أهل مكـة وكذلك الجمع بعرفة ومزدلفة ألهل مكة وغير أهل مكة وأن هذا الـذي

.لم وأبو بكر وعمر رضي اهللا عنهمافعله رسول اهللا صلى اهللا عليه وس

قسم ال يجمع وال يقصر في : الناس في زمننا هذا ثالثة أقسام): تنبيه( عرفة ومزدلفة ومنى، وقسم يجمع وال يقصر فـيهن، وقسـم يقصـر ويجمع بعرفة ومزدلفة ويقصر وال يجمع بمنى، وهذا القسم الثالث هـو

يـه وسـلم والخليفتـين الذي معه الدليل من سنة النبي صـلى اهللا عل فلما : قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى. الراشدين أبي بكر وعمر واهللا أعلم

طلعت الشمس سار صلى اهللا عليه وسلم من منى إلى عرفة وأخذ على طريق ضب على يمين طريق الناس اليوم وكان من أصـحابه الملبـي

هـؤالء ومنهم المكبر وهو يسمع ذلك وال ينكر على هؤالء وال علـى فوجد القبة قد ضربت له بنمرة بأمره، وهي قرية غربي عرفات وهـي خراب اليوم فنزل بها حتى إذا زالت الشـمس أمـر بناقتـه القصـواء فرحلت، ثم سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عرنة فخطب النـاس وهو على راحلته خطبة عظيمة قرر فيها قواعد اإلسالم وهـدم فيهـا

هلية وخطب خطبة واحدة ولم تكن خطبتين جلـس قواعد الشرك والجابينهما، وموضع خطبته لم يكن من الموقف فإنه خطب بعرنة، وليسـت من الموقف، وهو صلى اهللا عليه وسلم نزل بنمرة وخطب بعرنة ووقف

ثم أقام الصالة فصـلى الظهـر . بعرفة، فلما أتم خطبته أمر بالال فأذنوم جمعة؛ فدل أن المسافر ال يصلي ركعتين أسر فيهما بالقراءة وكان ي

جمعة ثم أقام فصلى العصر ركعتين أيضا ومعه أهل مكة وصلوا بصالته قصرا وجمعا بال ريب ولم يأمرهم باإلتمام وال بترك الجمع، ومن قـال

أتموا صالتكم، فإنا قوم سفر فقد غلط فيه غلطا بينا ووهم : إنه قال لهمذلك في غزوة الفتح بجوف مكة حيث كانوا وهما قبيحا، وإنما قال لهم

.في ديارهم مقيمين انتهى

السنة أن يقيم بنمرة يوم عرفة إلى الزوال ثم يسير منها إلى ): تنبيه( بطن وادي عرنة بالنون ويصلي هناك الظهر والعصر جمعـا وقصـرا ويخطب بهم اإلمام في حدود عرفة ببطن عرنة وهو موضـع المسـجد

الذي يدل له حديث جابر، وأما عبارة المنتهى وشـرحه اآلن، وهذا هوكاإلقناع فإنها تقتضي أن السنة اإلقامة بنمرة إلى الـزوال والصـالة جمعا بها وأنها من عرفة، ولكن حديث جابر صريح في أنه صـلى اهللا عليه وسلم لم يصل الظهر والعصر من يوم عرفة بنمرة، وإنمـا أقـام

رة إلى الزوال فقط ثم ارتحل وسار منها إلـى صلى اهللا عليه وسلم بنمبطن وادي عرنة فصلى هناك الظهر والعصر جمعا وقصرا ببطن عرنة

كما أن ) وارفعوا عن بطن عرنة(وهي ليست من عرفة كما في الحديث نمرة ليست من عرفة بطريق األولى، ألنها غربي عرنة بـالنون مـن

يد وإزالة اإلشكال الذي وقع فيه جهة الحرم وتقدم ذلك ولكن أعدناه للتأك .الفقهاء ومؤلفو المناسك، واهللا أعلم

فلما فرغ صلى اهللا عليه وسلم من صـالته : قال ابن القيم رحمه اهللا الظهر والعصر ركب حتى أتى الموقف فـوق فـي ذيـل الجبـل عنـد الصخرات واستقبل القبلة وجعل حبل الماشة بين يديه وكان على بعيره،

الدعاء والتضرع واالبتهال إلى غروب الشمس وأمر الناس أن فأخذ في يرفعوا عن بطن عرنة وأخبر أن عرفة ال تختص بموقفه ذلك، بل قـال

وأرسل إلى الناس أن يكونوا علـى ) وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف(مشاعرهم ويقفوا بها فإنها من إرث أبيهم إبراهيم، وكذلك هناك أقبـل

الحج يوم عرفـة مـن أدرك (ه عن الحج فقال ناس من أهل نجد فسألوقبل صالة الصبح فقد أدرك الحج أيام منى ثالثة أيام التشـريف فمـن

انتهى ملخصـا، ) تعجل في يومين فال إثم عليه، ومن تأخر فال إثم عليهقال في اإلقناع وشرحه، ثم يأتي موقف عرفة ويغتسل له، أي للوقوف

االغتسال لعرفة قد روى في حـديث : مقال شيخ اإلسال. استحبابا انتهىعن النبي صلى اهللا عليه وسلم وروى عن ابن عمر، ولم ينقـل عـن النبي صلى اهللا عليه وسلم وال عن أصحابه في الحج إال ثالثة أغسـال غسل اإلحرام والغسل عند دخول مكة والغسل يوم عرفة وما سوى ذلك

فال أصل له ال عـن كالغسل لرمي الجمار والطواف والمبيت بمزدلفة،النبي صلى اهللا عليه وسلم وال عن أصحابه وال استحبه جمهور األئمة، ال مالك وال أبو حنيفة وال أحمد وإن كان قد نقله طائفة مـن متـأخري أصحابه بل هو بدعة إال أن يكون هناك سبب يقتضي االستحباب مثل أن

تهى، قـال فـي يكون عليه رائحة يؤذي الناس بها فيغتسل إلزالتها انالمغني والشرح والمنتهى واإلقناع وغيرها وحد عرفـات مـن الجبـل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر

وذكر األزرقي بسنده عن ابن عباس أنه قال حد عرفة من الجبل . انتهىالمشرف على بطن عرنة إلى جبال عرفة إلى وصيق إلى ملتقى وسيق

وهذا مطابق لحدود عرنة بالمشاهدة، وقوله إلـى . ووادي عرنة انتهىجبال عرفة هي سلسلة الجبال والهضاب المتصل بعضها بـبعض مـن الشرق والجنوب، قال النووي قال إمام الحرمين ويطيـف بمنعرجـات عرفات جبال وجوهها المقبلة من عرفات انتهى، وهذا تحديـد جـامع

وأما عرفات فحدها ما جوز وادي عرنة، أي :مفيد، وقال النووي أيضاجاوز الوادي من جهة عرفات إلى الجبال المقابلة ممـا يلـي بسـاتين تنسب إلى عبد اهللا بن عامر بن كريز بن خال عثمان بن عفـان الـذي

افتتح فارس وخراسان، وقد اكتشفتها في خامس عشر صفر سنة ألف قي الذي يجري معه مـاء وثالثمائة وثمان وثمانين هجرية فوجدت السا

العين مستطيال ومشيت معه جنوبا شرقا حتى أتيت على موضع بركـة العين فوجدتها مبنية هي وساقيها بالحجارة والنورة القوية الصلبة وقد عجزت عن فصل النور من الحجارة، وهذا هو أول اكتشاف لبسـاتين

عي، ألن ابن عامر وعينها، ووجدت موضعها على طبق ما حدده الشـاف الجبال المقابلة لوادي عرنة في قول الشـافعي هـي سلسـلة الجبـال والهضاب الجنوبية والشرقية المتصل بعضها ببعض التي هـي حـدود عرفة، فبساتين ابن عامر داخلة فـي عرفـة، ألنهـا دون الهضـاب الشرقية، والجنوبية التي هي حدود عرفة والحاصل أن حدود عرفة من

من الشرق الجبل المشرف المسمى سعدا وما اتصل جهاتها األربع هي به من الجبال إلى الهضاب الجنوبية التي هي حدود عرفة جنوبا إلى أن تلتقي بوادي عرنة على مسامته جبل نمرة، وحدود عرفة من الجهـة الشرقية الشمالية هي من الجبل المشرف سعد المذكورة وما اتصل بـه

ق ووادي عرنة فحد عرفـة مـن من الجبال إلى وصيق وملتقى وصيالشمال ملتقى وصيق بوادي عرنة وحدها من الغرب وادي عرنة، أمـا مسجد عرنة فإنه في نفس الوادي، والوادي هو حد عرنة من الغـرب وبمشاهدة علمي عرفة القديمين يتضح أن جميع المسـجد لـيس مـن عرفة، ويقال إن صدر هذا المسجد كانت بنايته في المحل الذي خطـب

فيه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الخطبة البليغة، وصلى فيه رسول اهللا صلى عليه وسلم يوم عرفة صالة الظهر والعصر جمع تقديم، وذلك في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة النبويـة والعلمـان القـديمان

المذكوران يقعان شرقا شماال عن المسجد المذكور وهما فاصالن بـين ي عرنة من جهة الغرب عن عرفة، فما كـان شـرقا عـن عرفة وواد

العلمين المذكورين فهو من عرفة، وما كان غربا عنهما فمن عرنـة، وقد وجدت مكتوبا على العلم الجنوبي منهما في حجر ملزق بالعلم مـا

بسم اهللا الرحمن الرحيم وبه نستعين أمر بعمارة علمي عرفـات : نصهفة األنام في حجة اإلسالم سـيدنا وموالنـا المفروض القيام بها على كا

اإلمام األعظم مفترض الطاعة على كافة األمم أبو جعفر المنصور عبـد اهللا أمير المؤمنين أمتع اهللا بطول بقائه، وله بقية لم نتمكن من قراءتها لصعوبة معرفتها، وتاريخ اكتشافي لما هو مكتوب في العلم المذكور في

: ين وثالثمائة وألف فليعتمد ذلك، قال األزرقـي جمادى األولى سنة سبعحدثني جدي قال حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح قال رأيـت الفـرزدق جاء إلى قوم من بني تميم في مسجد لهم بعرفة معهم مصاحف لم يبعد مكانهم من موقف اإلمام فوقف عليهم ففداهم باألب واألم، وقـال إنكـم

.على إرث من إرث آبائكمأن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة، واسمه إالل بوزن هالل ويسن

وبعض العامة تسمية القرين بضم القاف مصغرا وال يشـرع صـعوده، ويقال لجبل الرحمة أيضا جبل الدعاء، ويقف مستقبل القبلة راكبا، قال

وهذا مستثنى من النهي عن اتخاذ ظهور الـدواب مجلسـا : ابن الحاجحديث جابر عنه عليه الصالة والسالم فجعل بطـن يجلس عليها انتهى ل

ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديـه واسـتقبل أي طريقهم الذي يسلكونه، وقيل أراد صفهم : القبلة، وقوله حبل المشاة

ومجتمعهم في مشيهم تشبيها بحبل الرمل، وهذا بخالف سائر المناسك

، وفي االنتصار ومفردات أبي يعلى الصغير والعبادات فإنه يفعلها راجالأفضلية المشي في الحج على الركوب، وهو ظاهر كالم ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن فإنه ذكر أن الحسن بن علي حج خمس عشرة حجة

أمـا : قلـت . ماشيا، وذكر غيره خمسا وعشرين والجنائب تقاد معـه يه وسلم بها راكبا، ولنا به الوقوف بعرفة فقد وقف النبي صلى اهللا عل

وتختلف أفضـلية : صلى اهللا عليه وسلم أسوة حسنة، قال شيخ اإلسالمالحج راكبا أو ماشيا بحسب الناس، والركوب واقفا أفضل انتهى ويرفع

.يديه واقف بعرفة وال يجاوز بهما رأسهإذا كان بعرفة غربا عن جبل الرحمة الذي وقف عنده صـلى ): تنبيه( عليه وسلم أو شماال أو جنوبا عنه، فإن ال يستقبل الجبل المـذكور اهللا

وإنما يستقبل القبلة هذه هي السنة، وقد رأيـت أكثـر الحجـاج حـين الوقوف بعرفات يستقبلون الجبل ويدعون وهم متوجهون إلى الشرق أو الجنوب أو الشمال ويقولون نحن نشاهد الجبل، وغالبهم ال يطمـئن إال

للجبل في منزله بعرفه وحين الدعاء فينبغي التنبه لهذا وتبيـه برويته الناس على استقبال القبلة حين الوقوف والدعاء، أما إذا كان الواقـف بعرفات شرقا عن جبل الرحمن فإنه إذا استقبله يكون مستقبال للقبلـة ولكن ليس هو موقف النبي صلى اهللا عليه وسلم الذي وقف فيه بعرفة

.، واهللا أعلمكما يأتيالسنة أن يقف بعرفات عند الصـخرات لحـديث جـابر ): تنبيه آخر(

فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعـل حبـل (المتقدم، وفيه والصخرات المـذكورات لـم أر مـن ) المشاة بين يديه واستقبل القبلة

الفقهاء وال من مؤلفي المناسك وال من شـراح الحـديث مـن عـين

وفي تواريخ مكة شيء من بيان موضعها لكنه غير محـرر موضعها، فال يكفي وال يشفي، ولم أعلم إلى ساعتي هذه مـن حـرر موضـعها تحريرا واضحا، وقد صار عادة أهل نجد سابقا والحقا يقفون هناك على اإلبل في حفرة شرقا عن جبل الرحمة وهم فيها مستقبلون للقبلة لكـن

أعلم موقف النبي صلى اهللا عليه وسلم ألنـه ال هذه الحفرة ليست واهللا وجعل حبل المشاة بين (ينطبق على موضعها حديث جابر حيث جاء فيه

ومن كان واقفا في الحفرة المذكورة ال يكون بين يديه حبل مشاة ) يديهفرضي اهللا عن جابر بن عبد اهللا لقد وصف موقف النبي صلى اهللا عليه

ينطبق عليه هو المحل الكائن عند الجبـل وسلم وصفا واضحا، والذيمن جهته الجنوبية، فإذا وقفت فيه صار الحبل المسمى جبـل الرحمـة على يمينك وكنت حينئذ مستقبال القبة وصار حبل المشاة بـين يـديك تشاهدهم وهم يمشون، وهناك الصخرات عليها بناية من الجهات األربع

راء مكة من السابق يقفـون على هيئة المسجد وفيه محراب، وكان أم .في هذا الموضع، واهللا أعلم

يجب على كل من أراد نجاة نفسه أن يتـوب إلـى اهللا توبـة ) فائدة( نصوحا ال سيما في هذا الموقف العظيم ويستحضر بقلبه عظمـة ربـه

وروى ابن ماجة فـي . أرحم الراحمين ويخلص أعماله هللا رب العالميني اهللا عنها إن رسول اهللا صلى اهللا عليـه قالت عائشة رض: سننه، قالما من يوم أكثر أن يعتق اهللا فيه عدبا من النار مـن يـوم : (وسلم قال

عرفة، فإنه ليدنو عز وجل، ثم يباهي بكم المالئكـة، فيقـول مـا أراد ويستحب أن يكون مفطرا ليتقوى على الدعاء : قال في المغني) هؤالء؟

نتين انتهى، ويكثر الدعاء واالستغفار مع أن صومه بغير عرفة يعدل س

والتضرع وإظهار الضعف واالفتقار ويلح فـي الـدعاء وال يسـتبطئ ال إلـه إال : اإلجابة ويجتنب السجع ويكرر الدعاء ثالثا ويكثر من قـول

اهللا وحده ال شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهـو حـي ال واهللا اجعل في قبري نورا، يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير،

وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، ويسر لي أمري، ويدعو بما أحب اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كالمـي وتعلـم : ومما ورد أفضل، ومنه

سري وعالنيتي وال يخفى عليك شيء من أمري أنـا البـائس الفقيـر ألك مسألة المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه أس

المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعـوك دعـاء الخـائف الضرير، من خضعت لك رقبته وذل لك جسده وفاضت لك عيناه ورغم لك أنفه، يا من ال يشغله سمع عن سمع وال تشتبه عليه األصوات، يـا من ال تغلطه المسائل وال تختلف عليه اللغات، يا من ال يبرمـه إلحـاح

لحين وال تضجره مسألة السائلين أذقنا برد عفوك وحالوة مغفرتـك المأفضل الـدعاء يـوم عرفـة (وفي الحديث . برحمتك يا أرحم الراحمين

) وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي ال إله إال اهللا وحده ال شريك لـه كـان (رواه مالك في الموطأ، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

ال إله إال اهللا وحده ال : ي صلى اهللا عليه وسلم يوم عرفةأكثر دعاء النب). شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شـيء قـدير

رأيـت أعرابيـا وهـو : رواه الترمذي، وروى عن سفيان الثوري قالإلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتنـي : مستلق بعرفة يقول

فو عني منك وعلمك في سابق وأمرك بي محيط، ضعيفا؟ ومن أولى بالعأطعتك بإذنك والمنة لك وعصيتك بعلمك والحجة لك فأسـألك بوجـوب

حجتك وانقطاع حجتي وبفقري إليك وغناك عني أن تغفر لي وترحمني، إلهي لم أحسن حتى أعطيتني ولم أسيء حتى قضيت علي، اللهم أطعتك

إله إال اهللا ولم أعصك فـي بنعمتك في أحب األشياء إليك شهادة أن الأبغض األشياء إليك الشرك بك فاغفر لي ما بينهما، اللهم أنـت أنـيس المؤنسين ألوليائك وأقربهم بالكفاية للمتوكلين عليك تشـاهد مـا فـي ضمائرهم وتطلع على سرائرهم وسري لك اللهم مكشوف وأنـا إليـك

ـ ي الهمـوم ملهوف، إذا أوحشتني الغربة آنسني ذكرك، وإذا صبت إللجأت إليك استجارة بك علما أن أزمة األمور بيـديك ومصـدرها عـن

اللهم قد آويتني مـن : قضائك، وكان إبراهيم بن إسحاق الحربي يقولأي تعبي، وبصرتني من عمـائي وهـديتني مـن : ضنأي بالفتح والمد

جهلي وجفائي أسألك ما يتم به فوزي وما آمل في عاجل دنياي وديني لي ومعادي ثم ال أقدر على أداء شكره إال بتوفيقك وإلهامـك ومأمول أج

إذ هيجت قلبي القاسي على الشخوص إلـى حرمـك وقويـت أركـاني الضعيفة لزيارة عتيق بيتك ونقلت بدني إلى مواقف حرمك اقتداء بسنة خليلك واحتذاء على مثال رسولك صلى اهللا عليه وسلم واتباعا آلثـار

وأصفيائك، وأدعوك فـي مواقـف األنبيـاء خيرتك من خلقك وأنبيائكعليهم الصالة والسالم ومناسك السعداء ومشاهد الشهداء دعـاء مـن أتاك لرحمتك راجيا وعن وطنه نائيا ولقضاء نسكه مؤديا ولفرائضـك قاضيا ولكتابك تاليا ولربه عز وجل داعيا ملبيا ولقلبه شـاكيا ولذنبـه

غلقا ولنفسه ظالما وبجرمه عالما، دعاء خاشيا ولحظه مخطئا ولرهنه ممن عمت عيوبه وكثرت ذنوبه وتصرمت أيامه واشتدت فاقته وانقطعت مدته، دعاء من ليس لذنبه سواك غافرا وال لعيبه غيـرك مصـلحا وال

لضعفه غيرك مقويا وال لكسره غيرك جابرا وال لمأمول خيـر غيـرك .معتقا معطيا وال لما يتخوف من حر ناره غيرك

اللهم وقد أصبحت في بلد حرام في شهر حرام في فئـام مـن خيـر األنام، أسألك أن ال تجعلني أشقى خلقك المـذنبين عنـدك وال أخيـب الراجين لديك وال أحرم اآلملين لرحمتك الزائـرين لبيتـك وال أخسـر

.المنقلبين من بالدكفسي مـا قـد اللهم وقد كان من تقصيري ما قد علمت ومن توبيقي ن

عرفت ومن مظالمي ما قد أحصيت، فكم من كرب قد نجيت ومن غم قد جليت ومن هم قد فرجت ومن دعاء قد استجبت ومن شدة قـد أزلـت ورخاء قد أنلت، منك النعماء وحسن العطـاء ومنـي الجفـاء وطـول االستعصاء والتقصير عن أداء شكرك، لك النعماء يا محمود فال يمنعك

تي من حاجتي إلى حيث انتهى لها سؤالي ما تعـرف من إعطائي مسأل .من تقصيري وما تعلم من ذنوبي وعيوبي

اللهم فأدعوك راغبا وأنصب لك وجهي طالبا وأضع لك خدي مـذنبا راهبا فتقبل دعائي وارحم ضعفي وأصلح الفساد من أمري واقطع مـن

.الدنيا همي وحاجتي واجعل فيما عندك رغبتيني منقلب المدركين لرجائهم المقبـول دعـاؤهم المفلـوج اللهم واقلب

حجتهم المبرور حجهم المغفور ذنـبهم المحطـوط خطايـاهم الممحـو سيئاتهم المرشود أمرهم، منقلب من ال يعصى لك بعده أمرا وال يـأتي بعده مأثما وال يركب بعده جهال وال يحمل بعده وزرا، منقلب من عمرت

ك وطهرت األدناس مـن بدنـه واسـتودعت قلبه بذكرك ولسانه بشكرالهدي قلبه وشرحت باإلسالم صدره وأقررت قبل الممات بعفوك عينـه

وأغضضت عن المآثم بصره واستشهدت في سبيلك نفسه برحمتك يـا أرحم الراحمين، وصلى اهللا على سيدنا محمد وآلـه وصـحبه وسـلم

ال باهللا العلـي تسليما كثيرا كما يحب ربنا ويرضى، وال حول وال قوة إربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي اآلخرة حسـن : (العظيم، ويكثر من قول

).وقنا عذاب الناراللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وال يغفر الذنوب إال أنت فاغفر لي

مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، ويكثر البكـاء مـع .عثراتذلك فهناك تسكب العبرات وتقال ال

قال الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن رجب في اللطائف بعـد كـالم سبق وفضل يوم عرفة مشهور، ففي الصحيحين عن عمر بن الخطـاب

يا أمير المؤمنين آيـة فـي : رضي اهللا عنه أن رجال من اليهود قال لهكتابكم لو علينا معشر اليهود أنزلت التخذنا ذلك اليوم عيـدا، قـال أي

اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت علـيكن نعمتـي : (قال قوله تعالى آية؟إني ألعرف اليوم : فقال عمر رضي اهللا عنه) ورضيت لكم اإلسالم دينا

الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول اهللا صـلى اهللا عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم جمعة، فهذه اآلية تشهد لمـا روى

رفة أنه يوم المغفرة والعتق من النار، فيوم عرفة له فضـائل في يوم عأنه يوم إتمام الدين، وإكمال النعمة، ومنها أنه عيد ألهـل : متعددة منها

اإلسالم كما قال عمر بن الخطاب وابن عباس رضي اهللا عنهما، ويشرع صيامه ألهل األمصار، ومنها أنه قيل إنه الشفع الذي أقسم اهللا تعالى به

كتابه وأن الوتر يوم النحر، وقد روى ذلك عن النبي صلى اهللا عليه فيوشاهد : (وسلم، وقيل إنه الشاهد الذي أقسم اهللا به في كتابه، قال تعالى

الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم الجمعـة وقيـل بـالعكس، ) ومشهودأفضـل : (ومنها أنه روى أنه أفضل األيام، قال صلى اهللا عليه وسـلم

يوم : وذهب إلى ذلك طائفة من العلماء ومنهم من قال) يوم عرفةاأليام ومنها أنه روى . وهو اختيار شيخ اإلسالم رحمه اهللا: قلت. النحر أفضل

إنه كان يقال يوم عرفة بعشرة آالف يوم يعني : عن أنس بن مالك قالومنها أنه يوم الحج األكبر عن جماعة من السلف، وقيـل . في الفضل

وهو الصحيح الذي تدل عليه السـنة : قلت. كبر يوم النحريوم الحج األوإن كان الشيخ عبد الرحمن بـن رجـب رحمـه اهللا حكـاه بصـيغة

قلت لغير الحـاج الواقـف . ومنها أن صيامه كفارة سنتين. التمريضومنهـا أنـه يـوم . بعرفة فإنه ال يستحب له صومه تطوعا واهللا أعلم

تق من النار والمباهاة بأهل الموقف مغفرة الذنوب والتجاوز عنها والعوليحذر من الذنوب التي . كما ورد ذلك عن النبي صلى اهللا عليه وسلم

تمنع من المغفرة والعتق من النار، فمنها االختيال، عن النبي صلى اهللا ما يرى أكثر عتيقا وال عتيقة من يوم عرفة ال يغفـر : (عليه وسلم قال

: متعاظم في نفسه المتكبر، قال اهللا تعـالى والمختال هو ال) اهللا لمختالإن اهللا ال : (، وقال عليه الصالة والسالم)واهللا ال يحب كل مختال فخور(

ومنها اإلصرار على الكبائر، من يطمع ). ينظر إلى من جر ثوبه خيالءفي العتق من النار يمنع نفسه من الرحمة باإلصرار على كبـائر اإلثـم

توبـق . ت لنفسك وال وقف على طريقك غيركواألوزار، باهللا ما نصحقل هو من عند (قلت من أين هذا . نفسك بالمعاصي فإذا حرمت المغفرة

).أنفسكم آآ فنفسك لم وال تلم المطاياآ

آآ.ومت كمدا فليس لك اعتذارإذا كنت تطمع في العتق من النار فاشتر نفسـك مـن اهللا فـإن اهللا

من كرمت عليه . موالهم بأن لهم الجنةاشترى من المؤمنين أنفسهم وأاشـترى بعـض . نفسه هان عليه كل ما يبذل في انفكاكها مـن النـار

. الصالحين نفسه من اهللا ثالث مرات أو أربعا فتصـدق بوزنـه فضـة واشتر عامر بن عبد اهللا بن الزبير نفسه من اهللا ست مـرات يتصـدق

دق بها، وكان أبـو بها، واشترى حبيب نفسه من اهللا بأربعين ألفا تصهريرة رضي اهللا عنه يسبح كل ليلة اثنتي عشرة ألف تسبيحة يفك بذلك

ويحك قد رضـينا منـك . من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل. نفسهبفكاك نفسك بالندم وقنعنا منك بثمنها بالتوبة والحزن وفي هذا الموسم

ه يـد مد غلي. من ملك سمعه وبصره ولسانه غفر له. قد رخص السعراالعتذار وقم على بابه بالذل واالنكسار وارفع قصة ندمك على صحيفة

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفـر لنـا : (وقل. خدك بمداد الدموع الغزاركانت أحوال الصادقين في الموقف فر ). وترحمنا لنكونن من الخاسرين

توافق مطـرف . فمنهم من كان يغلب عليه الخوف والحياء: عفة تتنوعاللهـم ال تـرد أهـل :ن عبد اهللا بن الشخير وبكر المزني فقال أحدهماب

ما أشرفه من موقف وأرجاه ألهله لوال : الموقف من أجلي، وقال اآلخروقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلـى . أني فيهم

المحترقة وقد حال البكاء بينه وبين الدعاء، فلما كـادت الشـمس أن . رأسه إلى السماء وقال واسواتاه منك وإن عفـوت عنـي تغرب رفع

األمان األمان فقد : وقف بعض العافين بعرفة إلى غروب الشمس فنادى :دنا االنصراف فياليت شعري ما فعلت بحاجة المسكين

آآ وإني ألدعو اهللا أسأل عفوهآ آ.وأعلم أن اهللا يعفو ويغفر

ألن أعظم الناس الذنوب فإنهاآ آآ.في رحمة اهللا تصغر وإن عظمت

انتهى ملخصا من اللطائف، قلت ما قاله الفضيل بن عياض رحمه اهللا هو في حق الواقفين بعرفات المخلصين أعمالهم هللا عز وجل الذين لـم يصرفوا شيئا من عباداتهم لغيره، أما من صرف شيئا من أنواع العبادة

اء أو توكل أو رغبة أو لغير اهللا من دعاء اهللا من دعاء أو خوف أو رجرهبة أو خشية أو خشوع أو استعانة أو استغاثة أو استعاذة أو ذبح أو نذر أو غيرها من العبادات، فهذا قد ارتكب ظلما عظيما مانعا لمغفرتـه ما دام مصرا على شركه، كمن يدعو اهللا ويراقب شيخه في دعائه كما

قبون مشايخهم في عباداتهم يفعله أتباع مشايخ الطرق فإن المريدين يراوأذكارهم فيصرفون مرتبة اإلحسان التي ال تصلح إال اهللا جـل وعـال لمشايخهم، ومشايخهم يشترطون على أتباعهم مـراقبتهم فـي جميـع

.حاالتهم، فإن هللا وإنا إليه راجعونووقت الوقوف بعرفة من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم

أتيـت : (لحديث عروة بن مضرس الطائي قـال النحر هذا هو المذهبالنبي صلى اهللا عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصالة فقلـت يـا رسول اهللا إني جئت من جبلي طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسـي واهللا ما تركت من حبل إال وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال النبي صلى اهللا

معنا حتى ندفع وقد وقف قبـل عليه وسلم من شهد صالتنا هذه ووقفرواه الخمسـة ). ذلك بعرفة ليال أو نهارا فقد تم حجه وقضـى تفثـه

وصححه الترمذي، ولفظه له ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط كافة أئمة الحديث، وألن ما قبل الزوال من يوم عرفة فكان وقتا للوقوف كما

ف فيه ال يمنع كونه وقتا بعد الزوال، وتركه صلى اهللا عليه وسلم الوقوللوقوف كما بعد العشاء، وإنما وقف النبي صلى اهللا عليه وسلم وقـت

جئت من جبلي طيء همـا أجـا وسـلما : الفضيلة، وقوله في الحديثجبالن معروفان بقرب بلد حائل، وقوله واهللا ما تركت من حبل يـروى

طال، وروى وهو ما اجتمع منه واسـت : بالحاء المهملة أحد حبال الرملجبل بالجيم واهللا أعلم، واختار شيخ اإلسالم وأبو حفص العكبري وحكي إجماعا أن وقت الوقوف من الزوال يوم عرفـة، وهـو قـول مالـك والشافعي وأكثر الفقهاء، ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم إنما وقف بعد

إلى طلوع فجر يوم النحر لقـول ) خذوا عني مناسككم: (الزوال وقد قالفقال أبو الزبيـر ) ال يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع: (جابر

: قلـت . فقلت له أقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ذلك؟ قـال نعـم وفائدة الخالف في ذلك أنه لو وقف أول النهار ثم خرج من عرفة قبـل الزوال ولم يعد إليها صح حجه وعليه دم هذا على المـذهب، وعلـى

خرج من عرفة قبل الزوال ولم يعد إلهيا في وقت الوقوف لم مقابله إذا .يصح حجه، واهللا أعلم

فعلى المذهب من حصل بعرفة في وقت الوقوف وهو من طلوع الفجر يوم عرفة إلى طلوع الفجر يوم النحر ولو لحظة مختارا ولو مارا بهـا

و عبد آبق راجال أو راكبا ولو في طلب غريم أو طلب نحو دابة شاردة أأو نائما أو جاهال بأنها عرفة وهو من أهل الوقوف بأن يكون مسـلما عاقال محرما بالحج صح حجه وأجزأ عن حجة اإلسالم إن كـان حـرا

وقد أتى عرفـة قبـل (بالغا وإال فنفل لعموم قوله صلى اهللا عليه وسلم ال أبو ثور ال وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة؛ وق) ذلك ليال أو نهارا

يجزئه ألنه ال يكون واقفا إال بإرادة، ودليل األئمة األربعة عموم الحديث المذكور، وال يصح الوقوف من مجنون ومغمى عليه وسـكران وفاقـا للشافعي لعدم عقله إال أن يفيقوا وهم بعرفات قبل خروج وقت الوقوف،

. ي وقـت الوقـوف وكذا لو أفاقوا بعد الدفع منها وعادوا فوقفوا بها فوقال مالك وأصحاب الرأي في المغمى عليه يجزئه، ومن فاته الوقوف بعرفة قبل طلوع فجر يوم النحر فاته الحج لحديث جابر، ويسـتحب أن يقف طاهرا من الحدثين ومن نجاسة ببدنه وثوبـه كسـائر المناسـك، ويصح وقوف الحائض إجماعا ووقفت عائشة الصديقة بنت الصـديق

هللا عنهما حائضا بأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم، وال يشـترط رضي اللوقوف طهارة وال سترة وال استقبال القبلة وال نية، لكن كشف العورة محرم وعكس الوقوف إحرام وطواف وسعي، ال يصـير مـن حصـل بالميقات محرما بال نية ألن اإلحرام هو النية كما سبق، وكذا الطـواف

ويجب أن يجمع في الوقـوف بـين . بال نية وتقدموالسعي ال يصحان خذوا (الليل والنهار من وقف نهارا لفعله صلى اهللا عليه وسلم مع قوله

فإن دفع من عرفة قبل غروب الشمس فعليـه دم كـدم ) عني مناسككممتعة وهو ذبح شاة، فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في الحج وسبعة إذا

وقوف في جزء من أجزاء الليل، وال يفسد رجع ألنه ترك واجبا وهو الالحج بتركه أشبه ترك اإلحرام من الميقات، وصيام ثالثة األيام في الحج في هذه الصورة يتعين عنها صيام ثالثة أيام التشريق ألنه لم يبق مـن

وإن عاد إلى عرفة قبل الغـروب ووقـع . أيام الحج سواها واهللا أعلم

ألنه أتى بالواجب وهو الجمع بين الليـل الغروب وهو بها فال دم عليه،ويجب أن : والنهار في الوقوف، قال الشيخ سليمان بن علي في منسكه

يجمع في الوقوف بين الليل والنهار من وقف نهارا، فـإن دفـع قبـل الغروب فعليه دم إن لم يعد قبله ويقع الغروب وهو بها، قال في الشرح

روب وقد فاته بخروجه فأشـبه مـن ألنه عليه الوقوف حال الغ: الكبيرقـال فـي . تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه ثم عاد إليه انتهـى

ومن وقف بعرفة نهارا ودفع قبل غروب الشمس فعليـه دم، : اإلنصافهذا المذهب، ثم قال تنبيه محل وجوب الدم إذا لم يعد إلى الموقف قبـل

ني والشرح والوجير، الغروب هذا الصحيح من المذهب جزم به في المغوغيرها وقدمه في الفروع وغيره، وقال في اإليضـاح ألبـي الفـرج الشيرازي ولم يعد إلى الموقف قبل الفجر وقاله ابن عقيل في مفرداته، فإن عاد إلى الموقف قبل الغروب أو قبل الفجر عند من يقول به فال دم

لـوجيز عليه على الصحيح من المذهب وعليه أكثرهم جزم بـه فـي ا وفي الواضح وشـرح . وغيره وقدمه في الفروع وقيل عليه دم مطلقا

لو عاد إليه قبل الفجر فال دم عليه ألنه أتى بالواجـب وهـو : المنتهىالوقوف في الليل والنهار فلم يجب عليه دم كمن تجاوز الميقات غيـر محرم ثم رجع إليه فأحرم منه، والذي يظهر أن شارح المنتهى قال ذلك

وقد تبع الشيخ منصور : قلت. عا البن عقيل انتهى كالم الشيخ سليمانتبوعبـارة . في شرحه على المنتهى الشيخ الفتوحي في شـرحه عليـه

ويجب أن يجمع في الوقوف بين الليل والنهار من وقف نهارا، : اإلقناعفإن دفع قبل غروب الشمس فعليه دم إن لم يعد قبلـه انتهـى، فكـالم

صريح في مخالفة شرح المنتهى، ثم قال منصـور فـي صاحب اإلقناع

فإن عاد إلهيا ليال فال شيء عليه، والظاهر أنه قال ذلك : شرح اإلقناعمتابعة للفتوحي في شرحه على منتهاه من غير نظر إلى الترجيح كمـا

. تابعه أيضا في شرحه للمنتهى وكما جرى عليه في شـرح المختصـر ن دفع قبل الغروب ثم عاد نهـارا فوقـف فإ: وعبارة المغني باختصار

حتى غربت الشمس فال دم عليه، فإن لم يعد حتى غربت الشمس فعليه دم ألن عليه الوقوف حال الغروب وقد فاته بخروجه وكذا عبارة الشرح

إذا تقرر هذا فالمذهب كما في المغني والشرح واإلنصاف ومتن . الكبيررها أن من وقف نهارا ودفع قبل اإلقناع ومتن المنتهى والمختصر وغي

وقال . الغروب فعليه دم إن لم يعد قبل الغروب ويقع الغروب وهو بعرفةابن عقيل في مفرداته إن عاد إلى الموقف قبل الفجر فال دم عليه وتبعه في اإليضاح ومشى عليه الشيخ محمد الفتوحي في شرح المنتهى وتبعه

إلقناع والمنتهى والمختصـر الشيخ منصور البهوتي في شروحه على اوإن وافى عرفة ليال فقط فال دم عليه بعدم وقوفه جزءا من . واهللا أعلم

النهار ألنه ليس بواجب على من لم يوافها إال ليال ووقف بها، قال في من (المغني والشرح ال نعلم فيه مخالفا لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم

وألنه لم يدرك جـزءا مـن النهـار ) أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحجقال الشيخ سـليمان بـن . فأشبه من منزله دون الميقات إذا أحرم منه

علي في منسكه ولعل سقوط الدم عنه فيما إذا منعه عذر عن الوقـوف قلت كالم األصحاب مطلق في أنه ال دم على من لم يواف . نهارا انتهى

ه عذر عن الوقـوف نهـارا ألن عرفة إال ليال ولم يقيدوه بما إذا كان ل .الوقوف نهارا ليس بواجب على من لم يواف عرفة إال ليال، واهللا أعلم

إذا خاف فوت الوقوف بعرفة إن صلى صالة آمن صلى صالة ): فائدة( خائف إن رجا إدراك الوقوف لما في فوت الحج من الضرر العظيم، قال

ال وركبانـا للقبلـة وإذا اشتد الخوف صلوا رجـا : في شرح المختصروغيرها يومئون طاقتهم، وكذا حالة هرب مباح من عدو أو سيل ونحوه أو خوف فوت عدو يطلبه أو وقت وقوف بعرفة انتهى، فعلى هـذا إذا خاف فوت الوقوف بعرفة صلى الفريضة راجال أو راكبا في سـيارة أو

.اهللا أعلمعلى دابة أو غيرهما للقبلة أو غيرها ويوميء بقدر طاقته ووقفة الجمعة في آخر يومها ساعة اإلجابة للخبر، فإذا اجتمع ) فائدة(

قال ابن . فضل يوم الجمعة ويوم عرفة كان لهما مزية على سائر األياموأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعـدل : القيم رحمه اهللا تعالى

سي في اإلعـالم قال الفا. اثنتين وسبعين حجة فباطل ال أصل له انتهىوفي سنة عشرين وسبعمائة وقف الناس بعرفة يوم الجمعة وهذه تكملة مائة جمعة وقفها المسلمون من الهجرة النبوية إلى اآلن قال البرزالـي

وإن وقف كل الحجيج الثامن أو العاشر خطأ أجزأهم، أو وقوف . انتهىقال الشيخ . ماالحجيج إال يسيرا الثامن أو العاشر خطأ أجزأهم نصا فيه

ولو رأى الهالل طائفة قليلة لـم ينفـردوا : سليمان بن علي في منسكهبالوقوف بل الوقوف مع الجمهور، واختار في الفروع أنه يقف من رآه

قلت الوقوف بعرفة . في التاسع ومع الجمهور وهو حسن انتهى كالمهر مرتين بدعة لم يفعله السلف كما سنوضحه في باب الفوات واإلحصـا

.بأبسط من هذا إن شاء اهللا تعالىمن دفع قبل غروب الشمس من المحل الذي وقف فيه بعرفة ): تنبيه(

ألجل الزحمة ونيته أن يتقدم إلى السعة وال يخرج من عرفة بل يقـف

قـال شـيخ . بها حتى تغرب الشمس وهو بها لم يضره ذلك واهللا أعلمالشمس ال يخرجون منها ويقفون بعرفة إلى غروب : اإلسالم رحمه اهللا

حتى تغرب، فإذا غربت يخرجون إن شاءوا بين العلمين وإن شاءوا من جانبهما، والعلمان األوالن حد عرفة فال يجاوزهما حتى تغرب الشمس، والميالن بعد ذلك حد مزدلفة وما بينهما حد عرنـة وال يقـف بـبطن

عرنة المسمى عرنة، قلتك لما كان العلمان األوالن حد عرفة فإن مسجد مسجد إبراهيم هو في عرنة بال إشكال فال يجزئ الوقوف بـه وتقـدم، وقول الشيخ رحمه اهللا والميالن بعد ذلك حد مزدلفة، أقـول المـيالن

قال الحطاب نقال عـن تـاريخ . المذكوران هما علمان للحرم واهللا أعلممـين وعرنة التي يجتنب الحاج الوقوف فيها هي واد بين العل: الفاسي

اللذين هما على حد عرفة، والعلمين اللذين هما على حد الحرم فليسـا وهو كما قال واهللا أعلم ويأتي في : قلت. من عرفة وال من الحرم انتهى

كالم شيخ اإلسالم تحديد مزدلفة وأنها ما بين مأزمي عرفة إلى بطـن محسر وهذا هو الصحيح بخالف ما ذكره هنا من قوله والمـيالن بعـد

.حد مزدلفة ذلك :فصل -- ثم يدفع بعد غروب الشمس من عرفة إلى مزدلفة بسكينة ووقار لقول

فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة (جابر رضي اهللا عنه قليال حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول اهللا صلى اهللا

صـيب مـورك عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها لي، والقصواء التي )أيها الناس السكينة السكينة: رحله ويقول بيده اليمنى

قطع طرف أذنها، ولم تكن ناقة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كذلك،

معنى شنق ضم وضيق وهو بتخفيـف : قال النووي. وإنما كان لقبا لهاـ : شنق البعير يشـنقه ويشـنقه : قال في القاموس. النون انتهى ه كف

بزمامه حتى ألزق ذفراة بقادمة الرجل أو حتى رفع رأسه وهو راكبـه قـال . ضم إليه زمام ناقته انتهى: قال ابن القيم في معنى شنق. انتهى

ابن هشام في السيرة والفاكهي في تاريخ مكة والفاسي وغيرهم كانـت اإلجازة بالحاج من عرفة إلى مزدلفة ومن منى إلى مكة في بني سـعد

قال ابن إسحاق كان صفوان بـن الحـارث بـن . مناة بن تميمبن زيد شجنة هو الذي يجيز للناس بالحج من عرفة ثم بنوه من بعده حتى كان آخرهم الذي قام عليه اإلسالم كرب بن صفوان بن الحارث بن شـجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بـن تمـيم، وذكـر

ربيعة بن عثمان التيمي وعبد اهللا بـن الفاكهي عن الواقدي قال سألت جعفر عن آخر المشركين الذي دفع بالناس من عرفة ومن منى فقـال ربيعة بن عثمان آخرهم كرب وقال عبد اهللا بن جعفر دفع بهـم سـنة ثمان، وكرب هو كرب من صفوان على ما ذكره ابن إسحاق في السيرة

.لكتابوقد استوفيت الكالم في هذا المقام في غير هذا ايجب على الحاج الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لحـديث ): تنبيه(

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم لم ينصـرف مـن (جابر رضي اهللا عنه رواه مسلم وأبو داود ). عرفة حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليال

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم دفـع (وابن ماجة، وحديث علي وأسامة : قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمـه اهللا تعـالى ). الشمس حين غابت

ويقفون بعرفة إلى غروب الشمس ال يخرجون منها حتى تغرب الشمس فلما غربت الشـمس واسـتحكم : قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى. انتهى

غروبها بحيث ذهبت الصفرة أفاض صلى اهللا عليه وسلم مـن عرفـة لخرقي إلى غروب الشمس معناه ويجب وقول ا: قال في المغني. انتهى

عليه الوقوف إلى غروب الشمس فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم وقف بعرفة حتى غابت الشمس في حديث جابر، وفي حديث علـي وأسـامة

: انتهى ملخصا، قال فـي المقنـع ). أن النبي دفع حين غربت الشمس(، قـال فـي ومن وقف بعرفة نهارا ودفع قبل غروب الشمس فعليه دم

يعني أنه يجب عليه الوقوف إلى غـروب الشـمس ألن : الشرح الكبيرالنبي صلى اهللا عليه وسلم فعل ذلك، رواه جابر وغيره، وقـال عليـه

انتهى ملخصا، وقد أجمع األئمة ). خذوا عني مناسككم: (الصالة والسالماألربعة على وجوب الوقوف بعرفة إلـى غـروب الشـمس مسـتدلين

الصحيحة الصريحة عن المعصوم صلى اهللا عليه وسلم، فإن باألحاديثقيل حديث عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة الطائي يدل على جواز

أتيت النبي صلى اهللا : (قال: الدفع من عرفة قبل غروب الشمس ولفظهعليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصالة فقلت يا رسـول اهللا إنـي

حتي وأتعبت نفسي، واهللا ما تركـت مـن جئت من جبل طيء أكللت راحبل إال وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول اهللا صلى اهللا عليـه

من شهد صالتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل : وسلمقال الترمذي هـذا حـديث ) ذلك ليال أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه

لى جواز الدفع من عرفـة قلنا ال يدل حديث عروة هذا ع. حسن صحيحوقـد (منها أن قوله صلى اهللا عليه وسلم : قبل غروب الشمس لوجوهيفسره فعله صلى اهللا عليه وسلم فإنه صلى ) وقف بعرفة ليال أو نهارا

اهللا عليه وسلم وقف بالمسلمين نهارا إلى غروب الشمس، فعلم من هذا

لحـج لمـن أن الوقوف إلى غروب الشمس واجب ونسك من مناسك ا، )خذوا عني مناسككم(وافى عرفة نهارا، وقد قال صلى اهللا عليه وسلم

ومنها أن حديث عروة بن مضرس يدل على أنه وقف بعرفة ليال ألنـه لو كان قد وقف بها نهارا مع الجمع العظيم ما قال للنبي صلى اهللا عليه

تحـرى فهل لي من حج؟ ولما كان عروة وافى عرفة ليال صار ي: وسلم: في وقوفه وينتقل من موضع إلى آخر وقال للنبي صلى اهللا عليه وسلم

واهللا ما تركت من جبل إال وقفت عليه فهل لي من حج؟ ألنه قد شك في صحة وقوفه من عدمها فأجابه صلى اهللا عليه وسلم بأنه إذا كان قـد وقف بعرفة ليال أو نهارا في زمن الوقوف قبل الزمن الذي سأل رسول

وقد أخذ الفقهاء بهذا حيث . اهللا صلى اهللا عليه وسلم فيه فإن حجه تامقالوا من حصل بعرفة في وقت الوقوف ولو لحظة ولو مـارا بهـا أو نائما أو جاهال بأنها عرفة صح حجه، واستدلوا لـذلك بعمـوم حـديث

وبهذا ) وقد أتى عرفة قبل ذلك ليال أو نهارا(عروة هذا حديث جاء فيه فهذا الحديث ال يدل على جـواز . األئمة األربعة رضوان اهللا عليهم قال

االنصراف من عرفة قبل غروب الشمس وإنما يـدل علـى أن حجـه صحيح وهذا متفق عليه بين األئمة إال مالكا، وهذا كما لو ترك اإلحرام

ومنها أنه . من الميقات فإنه يحرم عليه وحجه صحيح وعليه دم وتقدممن عرفة جائزا قبل غروب الشمس لـرخص صـلى اهللا لو كان الدفع

عليه وسلم للضعفة أن يتقدموا من عرفة إلى مزدلفـة قبـل غـروب الشمس خوفا من الزحام الذي ال نظير له في سائر المشاعر كما رخص للضعفة أن يتقدموا بعد غيبوبة القمر من مزدلفة إلى منـى فلمـا لـم

، وحيث إن النبي صلى اهللا عليه يرخص لهم في ذلك علم أنه غير جائز

وسلم لم يدفع من عرفة إال بعد غروب الشـمس واسـتحكام غروبهـا وذهاب الصفرة قليال علم من فعله وتشريعه أن هذا هو وقـت جـواز

خذوا : (الدفع من عرفة لمن وقف نهارا، وقد قال عليه الصالة والسالمبول والتسـليم فأخذ المسلمون ذلك عنه وتلقـوه بـالق ) عني مناسككم

وصاروا يدفعون من عرفة كما دفع منها صلى اهللا عليـه وسـلم بعـد غروب الشمس وهو المشرع صلى اهللا عليه وسلم؛ فالذي أفتى عـروة بن مضرس بالحديث المتقدم هو الذي وقف بالمسلمين بعرفـات إلـى غروب الشمس ولم يدفع منها إال بعد الغروب وأمر الجمع العظـيم أن

ك عنه بأن ال يدفعوا من عرفة إال بعد غـروب الشـمس، وال يأخذوا ذليجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فصلوات اهللا وسالمه عليه، فـإن

أنه ال نقص فيـه ) فقد تم حجه(قيل مقتضى قوله صلى اهللا عليه وسلم ولو انصرف قبل الغروب ألنه وقف بعرفة نهارا فشمله حـديث عـروة

بران، قلنا معنى قوله صلى اهللا عليه وسلم فقد وأنتم توجبون عليه دم جأي أدرك الوقوف بعرفة ولم يفته الحج بدليل أنه لو انصـرف : تم حجه

بعد الوقوف إلى أهله ولم يأت بطواف اإلفاضة لم يتم حجه ولم تجزئـه هذه الحجة عن حجة اإلسالم إن كانت باقية عليه فعلم أن معنـى تـم

ه الحج ونحن نقول بذلك وبـأن حجـه أي أدرك الوقوف ولم يفت: حجهصحيح وعليه األئمة الثالثة رحمهم اهللا تعالى، وال ينافي هـذا وجـوب

من ترك نسـكا أو نسـيه : الدم عليه لقول ابن عباس رضي اهللا عنهمافإن يهريق دما، وهذا قد ترك نسكا فعله صلى اهللا عليه وسلم في حجته

الشمس وقال صـلى اهللا ومعه الجمع العظيم وهو الوقوف إلى غروب وعنـد . واهللا سبحانه وتعالى أعلـم ) خذوا عني مناسككم(عليه وسلم

اإلمام مالك إذا دفع من عرفة قبل غروب الشمس ال حج له ما لم يعـد .إلى عرفة نهارا ويقف بها حتى تغرب الشمس

ويكون حال دفعه من عرفة إلى مزدلفة مستغفرا، وسـميت مزدلفـة وهو التقرب، ألن الحجيج إذا أفاضـوا مـن عرفـات :بذلك من الزلف

أي تقربوا ومضوا إليها، وتسمى أيضا جمعـا الجتمـاع : ازدلفوا إليهاوللمزدلفـة : قال في المغني. الناس بها، وتسمى أيضا بالمشعر الحرام

مزدلفة، وجمع، والمشعر الحرام انتهى، ويدفع مع اإلمام : ثالثة أسماءلحجيج على طريق المأزمين ألن النبـي صـلى اهللا أو نائبه وهو أمير ا

فـإذا أفـاض مـن : عليه وسلم سلكها وهما جبالن، قال شيخ اإلسالمعرفات ذهب إلى المشعر الحرام على طريق المأزمين، وهـو طريـق الناس اليوم، وإنما قال الفقهاء على طريق المأزمين ألنه إلـى عرفـة

نبي صلى اهللا عليه وسلم طريق أخرى تسمى طريق ضب، ومنها دخل الإلى عرفات وخرج على طريق المأزمين، وكان في المناسك واألعيـاد يذهب من طريق ويرجع من أخرى فدخل مكة من الثنية العليا وخـرج من الثنية السفلى، ودخل المسجد من باب بني شيبة وخرج بعد الوداع من باب حزورة، ودخل إلى عرفات من طريق ضب وخرج من طريـق

لمأزمين، وأتى إلى جمرة العقبة يوم العيد من الطريق الوسطى التـي ايخرج منها إلى خارج منى ثم يعطف على يساره إلى الجمرة ثـم لمـا رجع إلى موضعه بمنى الذي نحر فيه هديه وحلق رأسـه رجـع مـن الطريق المتقدمة التي يسير منها جمهور الناس اليوم انتهـى كالمـه

والطريق الوسطى التي ذكرها شيخ اإلسالم هي : قلت. رحمه اهللا تعالىالمعروفة اآلن بسوق العرب والذي يأتي مع هذه الطريق يخرج منهـا

إلى جمرة العقبة، وجمرة العقبة ليست من منى بل هي حد له من جهة مكة، وهذا معنى قول شيخ اإلسالم يخرج منها إلى خارج منى، وقولـه

ي ألن أمامه الجبل المسمى بالعقبة أ: ثم يعطف على يساره إلى الجمرةالتي فوق الجمرة وعلى يساره الوادي الـذي يخـرج علـى الجمـرة المذكورة وقد أزيلت العقبة للتوسعة وأما الطريق المتقدمة التي ذكرهـا شيخ اإلسالم فهي طريق الناس اليوم التي فيها الجمرات الـثالث، واهللا

.أعلمفي الجبال حيث يلتقي بعضها ببعض المأزم المضيق: قال في النهاية

قال . ويتسع ما وراءه والميم زائدة، فكأنه من األزم القوة والشدة انتهى. ازم ويقال المأزمان مضيق بين جمع وعرفة انتهى/وال: في القاموس

ما يعجبني أن يدفع إال مـع : فإن دفع قبل اإلمام كره لقول اإلمام أحمدقبله خالفا للخرقي، ويسرع في الفجوة اإلمام، وال شيء عليه في الدفع

كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يسير العنق فإذا وجد (لقول أسامة اإلسـراع، : انبساط السير، والـنص : والعنق. متفق عليه) فجون نص

إن النبي صـلى اهللا عليـه : ويلبي في الطريق لقول الفضل بن العباسمتفـق عليـه، ويـذكر اهللا . ةوسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقب

تعالى ألنه في زمن السعي إلى شعائره، فإذا وصل مزدلفة صلى المغرب إن كان ممن يبـاح لـه : والعشاء جمعا، وقال الشيخ منصور البهوتي

الصحيح الذي تدل له السنة هو الجمـع والقصـر : قلت. الجمع انتهىم، ويصلي المغـرب لكافة الحجاج سواء كانوا مكيين أم أفقيين واهللا أعل

والعشاء قبل حط رحله، قال في اإلقناع وشرحه بإقامة لكل صالة بـال أذان هذا اختيار الخرقي، قال ابن المنذر هو رواية أسامة وهـو أعلـم

بحال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فإنه كان رديفه وإنما لـم يـؤذن فة، وظـاهر لألولى هاهنا ألنها في غير وقتها بخالف المجموعتين بعر

حتى أتى المزدلفة فصـلى بهـا (كالم األكثرين يؤذن لألولى لقول جابر وإن إذن وأقام لألولى فقط ولم ) المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين

جمـع رسـول اهللا : (يقم للثانية فحسن لحديث مسلم عن ابن عمر قالـ ا صلى اهللا عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع فصلى المغرب ثالث

لكن السنة أن يقيم لهـا انتهـى كـالم ) والعشاء ركعتين بإقامة واحدة .اإلقناع وشرحه

قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى في سياق أوهام بعض من وصف حجة ومنها وهم من وهم في أنه صلى اهللا عليه : النبي صلى اهللا عليه وسلم

الليلـة وسلم صلى الظهر والعصر يوم عرفة والمغرب والعشاء تلـك بأذانين وإقامتين، ووهم من قال صالهما بإقامتين بال أذان أصال، ووهم من قال جمع بينهما بإقامة واحدة، والصحيح أنه صالهما بأذان واحـد وإقامة لكل صالة انتهى، وال يتطوع بين المغرب والعشاء المجموعتين

).ينهماإن النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يصل ب(لقول أسامة وابن عمر قال الشيخ منصور البهوتي لكل ال يبطل جمع التأخير بـالتطوع بـين

.المجموعتين بخالف جمع التقديم كما ذكروه في الجمع انتهى. التطوع بينهما خالف السنة وإن قلنا بعدم البطالن واهللا أعلـم : قلت

وإن صلى المغرب في الطريق ترك السنة وأجزأته الصالة وفاقا لمالـك لشافعي وخالفا ألبي حنيفة ألن كل صالتين جاز الجمع بينهمـا جـاز وا

.التفريق بينهما كالظهر والعصر بعرفة

وإن فاتته الصالة مـع اإلمـام بعرفـة أو : قال في المنتهى وشرحه مزدلفة جمع وحده لفعل ابن عمر انتهى، ومقتضى مفهومه أنه لو أراد

ادا بل مراده أن من لم يصـل الصالة قبل اإلمام أنه ال يجمع وليس مرمع اإلمام جمع وحده سواء كان ذلك قبل اإلمام أم بعده وإن كان معـه رفقة صلى بهم جمعا وقصرا لتحصل لهم فضيلة صالة الجماعة ثم يبيت

ثم اضطجع رسـول اهللا (بمزدلفة حتى يصبح ويصلي الفجر لقول جابر حين تبين له الصبح صلى اهللا عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الفجر

فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغـرب : قال شيخ اإلسالم) بأذان وإقامةقبل تبريك الجمال إن أمكن، ثم إذا بركوها صـلوا العشـاء، وإذا أخـر العشاء لم يضره ذلك ويبيت بمزدلفة ومزدلفة كلها يقال لهـا المشـعر

ـ ل الحرام، وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسـر فـإن بـين كمشعرين حدا ليس منهما، فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة أي وبطن

: نمرة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسر، قال النبي صلى اهللا عليه وسلمعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفـة كلهـا موقـف (

) وارفعوا عن بطن محسر، ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها طريـق دلفة إلى أن يطلع الفجر فيصلي بها الفجر في أول والسنة أن يبيت بمز

الوقت ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يسفر جدا قبل طلوع الشـمس، فإن كان من الضعفة كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة

وال ينبغي ألهل القوة أن يخرجوا من مزدلفـة : إلى منى إذا غاب القمربها الفجر ويقفوا بها، ومزدلفة كلها موقـف حتى يطلع الفجر فيصلوا

لكن الوقوف عند قزح أفضل وهو جبل الميقدة وهو المكان الذي يقـف الناس فيه اليوم قد بني عليه بناء وهو المكان الذي يخصه كثيـر مـن

. الفقهاء باسم المشعر الحرام انتهى كالم شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالىوينزل عند جبـل قـزح، واألصـح أنـه : قال في الدر المختار للحنفية

المشعر الحرام وعليه ميقدة انتهى، ويأتي الكالم على تسـميته بجبـل .الميقدة إن شاء اهللا قبيل الفصل

حد مزدلفة ما بين : قال األزرقي في تاريخ مكة والماوردي وغيرهما مأزمي عرفة ووادي محسر، وليس الحدان منها ويدخل فـي مزدلفـة

وفي حـديث جـابر . شعاب الداخلة في الحد المذكور انتهىجميع تلك الحتـى أتـى (المتقدم ما يدل على أن المشعر الحرام قزح حيث جاء فيه

المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسـبح بينهما شيئا، ثم اضطجع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حتـى طلـع

ين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء الفجر وصلى الفجر حين تبالمراد بالمشعر الحـرام : قال النووي. الحديث) حتى أتى المشعر الحرام

هنا قزح بضم القاف وفتح الزاي وبحاء مهملة وهو جبل معروف فـي مزدلفة، وهذا الحديث حجة للفقهاء في أن المشعر الحرام هـو قـزح،

المشعر الحـرام جميـع : الحديثوقال جماهير المفسرين وأهل السير ومزدلفة انتهى، وتقدم في كالم الموفق وشيخ اإلسالم أن المزدلفة تسمى

حد مزدلفة من مأزمي عرفة إلى : بالمشعر الحرام قال الموفق والشارحقرن محسر وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب، ففي أي موضـع

. كل المزدلفة موقف :وقف منها أجزأه لقول النبي صلى اهللا عليه وسلمرواه أبو داود وابن ماجة، وعن جابر عن النبي صلى اهللا عليه وسـلم

وليس وادي محسر من ) وقفت هاهنا بجمع وجمع كلها موقف: (أنه قالقـال فـي اإلقنـاع . انتهـى ) وارفعوا عن بطن محسر(مزدلفة لقوله

من فإذا أصبح بمزدلفة صلى الصبح بغلس أول وقتها لما تقدم: وشرحهحديث جابر وليتسع وقت الوقوف عند المشعر الحرام ثم يأتي المشـعر

وتسمى أيضا المزدلفة بذلك : الحرام، سمي بذلك ألنه من عالمات الحجتسمية للكل باسم البعض واسمه في األصل قزح، وهـو جبـل صـغير

: بالمزدلفة فيقف عنده ويحمد اهللا تعالى ويهلله ويكبره ويدعو ويقـول ا وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفـر لنـا اللهم كم

فـإذا أفضـتم مـن عرفـات (وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق فاذكروا اهللا عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبلـه لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واسـتغفروا اهللا إن اهللا

: قال في المغني. ثم ال يزال يدعو إلى أن يسفر جدا انتهى )غفور رحيموالمستحب االقتداء برسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم في المبيت إلى أن يصبح ثم يقف حتى يسفر، وال بأس بتقديم الضعفة والنساء، وممن كان يقدم ضعفة أهله عبد الرحمن بن عوف وعائشة، وبـه قـال عطـاء

بو ثور وأصحاب الرأي وال نعلم فيه مخالفا، وألن والثوري والشافعي وأفيه رفقا بهم ودفعا لمشقة الزحام عنهم واقتداء بفعل نبيهم صـلى اهللا

وله الدفع قبل اإلمام وليس : قال في اإلقناع وشرحه. عليه وسلم انتهىأي بعد نصف : ويباح الدفع من مزدلفة بعده: له الدفع قبل نصف الليل

عليه كما لو وافاها بعده؛ أي بعد نصف الليل لقول ابن الليل وال شيء أنا ممن قدم النبي صلى اهللا عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة (عباس

الضعفة بفتح الضاد المعجمة والعين المهملـة : قلت. متفق عليه). أهلهالنساء والصبيان والمشايخ العاجزون وأصـحاب : والفاء جمع ضعيفأرسـل : (وعن عائشة قالـت . الزحمة واهللا أعلم األمراض ليرموا قبل

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل . رواه أبو داود انتهى كالم اإلقناع وشـرحه ). الفجر ثم مضت فأفاضت

حديث ابن عباس هذا يدل على الرخصة للضعفة ال غيـر، وأمـا : قلتيم رحمه اهللا أنـه منكـر، وإن جـاء حديث عائشة فيأتي كالم ابن الق

مزدلفة بعد الفجر فعليه دم لتركه نسكا واجبا، وإن دفـع غيـر رعـاة وسقاة قبل نصف الليل فعليه دم إن لم يعد إليها قبل الفجر سواء كـان عالما بالحكم أم جاهال ذاكرا أم ناسيا ألنه ترك نسكا واجبا، والنسـيان

كالمعدوم ال في جعل المعدوم كـالموجود، إنما يؤثر في جعل الموجود فإن عاد إلى مزدلفة قبل الفجر فال دم عليه كمن لم يأت مزدلفة إال في النصف الثاني من الليل ألنه لم يدرك فيها جزءا من النصف األول فلـم

ومـن لـم : يتعلق به حكمه كمن لم يأت عرفة إال ليال، قال في المغنياألخير من الليل فال شيء عليه ألنـه لـم يواف مزدلفة إال في النصف

يدرك جزءا من النصف األول فلم يتعلق به حكمـه كمـن أدرك الليـل بعرفات دون النهار انتهى ومثله في الشرح، وأما الرعاة والسقاة فـال دم عليهم بالدفع قبله ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رخـص للرعـاة

ن النبي صلى اهللا عليه وسلم رخص والسقاة فال دم عليهم بالدفع قبله ألورخص للعباس في ترك البيتوتة (للرعاة في ترك البيتوتة لحديث عدي

وألن عليهم مشقة لحاجتهم إلى حفظ مواشـيهم وسـقي ) ألجل سقايتهالحاج فكان لهم ترك المبيت بمزدلفة كليالي منى، قال الشيخ سليمان بن

ل، وأما السقاة فالظاهر إنهم وأما الرعاة فهم رعاة اإلب: علي في منسكهالذين يأتون بالماء للحاج وليس كذلك، وإنما هذه الرخصة لسقاة زمزم

.ألن الرخصة إنا وقعت للعباس وهو صاحب زمزم انتهى

وفيه أي الدفع من مزدلفة : ويدل لذلك قوله في المنتهى وشرحه: قلت تهى، قـال أي نصف الليل على غير رعاة وغير سقاة زمزم دم ان: قبله

وليس له الدفع قبل نصف الليل، فإن فعل فعليـه دم، : في الشرح الكبيرإن مر بها : وإن دفع بعده فال شيء عليه وبه قال الشافعي، وقال مالك

ولنا أن النبـي . ولم ينزل فعليه دم، وإن نزل فال دم عليه متى ما دفعوإنما أبيح ) لتأخذوا عني مناسككم(صلى اهللا عليه وسلم بات بها وقال

الدفع بعد نصف الليل بما ورد من الرخصة فيـه انتهـى ومثلـه فـي األولـى أتـى : حكم المبيت بمزدلفة يشتمل على صـور : قلت. المغني

مزدلفة في النصف األول من الليل ودفع منها قبل مضي نصـف الليـل ولم يعد إليها قبل الفجر، الثانية لم يأت مزدلفة إال بعد الفجـر، الثالثـة

تى مزدلفة في النصف األول من الليل ودفع منها بعد نصـف الليـل، أالرابعة أتى مزدلفة في النصف اآلخر من الليل ودفع منها قبل أن يبيت بها، الخامسة دفع من مزدلفة قبل نصف الليل األول وعاد إليهـا قبـل الفجر؛ فعليه في األولى والثانية دم على غير سقاة ورعاة وليس عليه

الثة والرابعة والخامسة شيء هذا مقتضى كالم فقهائنا رحمهـم في الث .اهللا، واهللا أعلم

ثم سار صلى اهللا عليه وسلم حتى أتى : قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى المزدلفة فتوضأ وضوء الصالة ثم أمر المؤذن باالذان فأذن المؤذن ثم

طوا رحـالهم أقام فصلى المغرب قبل حط الرحال وتبريك الجمال فلما حأمر فأقيمت الصالة ثم صلى عشاء اآلخرة بال أذان ولم يصـل بينهمـا شيئا ثم نام حتى أصبح ولم يحيي تلك الليلة وال صح عنه فـي إحيـاء ليلتي العيدين شيء، وأذن في تلك الليلة لضعفة أهله أن يتقدموا إلـى

يرموا منى قبل طلوع الفجر وكان ذلك عند غيبوبة القمر وأمرهم أن ال حديث صحيح صححه الترمذي وغيره، وأما . الجمرة حتى تطلع الشمس

أرسل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم (حديث عائشة رضي اهللا عنها بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت، وكان

). ذلك اليوم الذي يكون رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يعنـي عنـدها داود، فحديث منكر أنكره اإلمام أحمد وغيره ثم ذكر ما يـدل رواه أبو

ومما يدل على بطالنه ما ثبت في الصحيحين عن : على إنكاره، ثم قالاستأذنت سودة رسول اهللا صلى اهللا : (القاسم بن محمد عن عائشة قالت

عليه وسلم ليلة المزدلفة أن تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت امرأة فأذن لها فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصـبحنا فـدفعنا ثبطة قالت

بدفعه، وألن أكون استأذنت رسول اهللا صـلى اهللا عليـه وسـلم كمـا فهذا الحديث الصحيح يبين أن ) استأذنته سودة أحب إلي من مفروح به

فما تصنعون بالحديث الذي : فإن قيل. نساءه غير سودة إنما دفعن معهأن رسول اهللا صـلى اهللا عليـه (م حبيبة رواه مسلم في صحيحه عن أقيل قد ثبت في الصحيحين أن رسول اهللا ) وسلم بعث بها من جمع بليل

صلى اهللا عليه وسلم قدم تلك الليلة ضعفة أهله وكان ابن عباس فيمن قدم، وثبت أنه قدم سودة، وثبت أنه حبس نساءه عنـده حتـى دفعـن

ن كان محفوظا فهي إذا مـن بدفعه، وحديث أم حبيبة انفرد به مسلم فإفما تصنعون بما رواه اإلمام أحمد عـن : فإن قيل. الضعفة التي قدمها

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم بعث به مع أهله إلى منـى (ابن عباس قيل نقدم عليه حديثه اآلخر الـذي ) يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر

النبي صـلى اهللا عليـه أن (رواه أيضا اإلمام أحمد والترمذي وصححه

ولفـظ ) وسلم قدم ضعفة أهله وقال ال ترموا الجمرة حتى تطلع الشمسقدمنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أغيلمـة بنـي عبـد (أحمد فيه

المطلب على حمرات لنا من جمع فجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبينـي ال لنبـي نهـى ا (ألنه أصح منه، وفيه ) ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس

وهو محفوظ ) صلى اهللا عليه وسلم عن رمي الجمرة قبل طلوع الشمسقدم : (قلت وقد رواه الخمسة وصححه الترمذي ولفظه. بذكر القصة فيه

وأخرجـه أيضـا ) ضعفة أهل وقال ال ترموا الجمرة حتى تطلع الشمسالطحاوي وابن حبان وصححه وحسنه الحافظ في الفتح ولـه طـرق،

وب على االختصاص أو على الندب، والمـراد بهـم وقوله أغيلمة منصالصبيان، وحمرات بضم الحاء المهملة والميم جمع لحمر وحمر جمـع لحمار، ويلطح بفتح الياء التحتية والطاء المهملة وبعدها حاء مهملـة

. اللطح الضرب اللين على الظهر ببطن الكـف انتهـى : قال الجوهريمالطفة لهم، وقوله أبينـي بضـم وإنما فعل صلى اهللا عليه وسلم ذلك

الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون ياء التصغير وبعدها نون مكسورة ثم ياء النسبة المشددة قاله ابن رسالن في شرح السـنن، قـال فـي

األبيني بوزن األعيمي تصغير األبناء بوزن األعمى وهو جمـع : النهاية .ابن انتهى

ثم تأملنا فإذا أنه ال تعارض : هللا، قالرجعنا إلى كالم ابن القيم رحمه ا بين هذه األحاديث فإنه أمر الصبيان أن ال يرموا الجمرة حتـى تطلـع الشمس فإنه ال عذر لهم في تقديم الرمي، أما من قدمه مـن النسـاء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمـة النـاس

لرمي قبل طلوع الشمس وحطمتهم، وهذا الذي دلت عليه السنة جواز ا

للعذر بمرض أو كبر يشق عليه مزاحمة الناس ألجلـه، وأمـا القـادر أحدها الجـواز : وفي المسألة ثالثة مذاهب. الصحيح فال يجوز له ذلك

بعد نصف الليل مطلقا للقادر والعاجز كقول الشافعي وأحمـد رحمهمـا . فة رحمـه اهللا والثاني ال يجوز إال بعد طلوع الفجر كقول أبي حني. اهللا

والثالث ال يجوز ألهل القوة إال بعد طلوع الشمس كقول جماعة من أهل العلم، والذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل بعد غيبوبـة القمـر ال نصف الليل، وليس مع من حده بالنصف دليل واهللا أعلم، ثم ذكر حديث

الوقوف عروة بن مضرس الطائي ثم قال وبهذا احتج من ذهب إلى أن ابـن : بمزدلفة والمبيت بها ركن كعرفة وهو مذهب اثنين من الصحابة

عباس وابن الزبير رضي اهللا عنهم، وإليـه ذهـب إبـراهيم النخعـي والشعبي وعلقمة والحسن البصري وهو مذهب األوزاعي وحمـاد بـن أبي سليمان وداود الظاهري وأبي عبيد القاسم بـن سـالم، واختـاره

ير، وابن خزيمة، وهو أحد الوجوه للشافعية، واحتج ابن جر: المحمدانأحدهما أن النبي صلى اهللا عليه وسلم مد وقت : من لم يره ركنا بأمرين

الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر، وهذا يقتضي أن من وقف بعرفة قبـل طلوع الفجر بأيسر زمان صح حجه، ولو كان الوقوف بمزدلفة ركنا لم

كان ركنا الشترك فيه الرجال والنساء فلمـا يصح حجه، الثاني أنه لو قدم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم النساء بالليل علم أنه ليس بركن، وفي الدليلين نظر فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم إنمـا قـدمهن بعـد المبيت بمزدلفة وذكر اهللا تعالى بها لصالة عشاء اآلخرة والواجب هـو

الفجر فال ينافي أن يكون المبيت بمزدلفـة ذلك، وأما توقيت بعرفة إلى ركنا وتكون تلك الليلة وقتا لهما كوقت المجموعتين مـن الصـلوات،

وتضييق القوت إلحداهما ال يخرجه عن أن يكون وقتا لهما حال القدرة قـد يقـال وقـت : كالم ابن القيم رحمـه اهللا ملخصـا، قلـت . انتهى

فيه، بخالف الوقوف بعرفـة المجموعتين من الصلوات يحصل أداؤهما مع الفجر فإنه ينتفي الوقوف بمزدلفة لضيق الوقت فلم يحصل أداء في وقتهما إال لواحد منهما وهو الوقوف بعرفة فقط، بخالف المجمـوعتين فإنه يحصل أداؤها معا في وقتهما، فالفارق موجـود والقيـاس غيـر

ه وعلو رتبته مطابق مع االعتراف بفضل شمس الدين بن القيم وتحقيق .رحمه اهللا تعالى

الميقدة المذكورة في كالم شيخ اإلسالم المتقدم قـد ذكرهـا ): تنبيه( هي إسطوانة من حجارة مدورة تدويرها أربعة وعشرون : األزرقي فقال

ذراعا وطولها اثنا عشر ذراعا وفيها خمس وعشرون درجـة، وهـي ون الرشيد الشمع ليلة على أكمة مرتفعة كان يوقد عليها في خالفة هار

مزدلفة، وكانت قبل ذلك توقد عليها النار بالحطـب، وبعـد أن تـوفي هارون الرشيد وضع عليها مصابيح، قال وبين مسجد مزدلفـة وبـين

: قزح أربعمائة ذراع وعشرة أذرع انتهى كالم األزرقي ملخصـا، قلـت ـ س المشاهد في زمننا هذا هو أن المشعر الحرام المسمى قزح فـي نف

جبل صغير جدا عليه اآلن منارة تجعل فيها تلك : مسجد مزدلفة، وقزحالليلة السرج بالكهرباء، وطول مسجد مزدلفة تسعة وخمسـون متـرا ونصف، وعرضه سبعة وثالثون مترا، وقد قسمت طوله وعرضه فصار كما ذكرته وذلك سنة تسع وستين وثالثمائة وألف، وقـد تقـدم عـن

افع عن ابن عمر أن النار كانت توقد علـى عهـد األزرقي بسنده عن نرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بالمزدلفة بعد الرجوع من عرفة، وتقدم

عن شيخ اإلسالم أن اإليقاد بمزدلفة خاصة بعد الرجـوع مـن عرفـة .فليراجع عند الحاجة إليه

:فصل -- هلية ال كان أهل الجا: (ثم يدفع قبل طلوع الشمس إلى منى لقول عمر

أشرق ثبير، فخـالفهم : يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس ويقولونرواه الجماعـة ) النبي صلى اهللا عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس

) أشرق ثبيـر كيمـا نغيـر (إال مسلما لكن في رواية أحمد وابن ماجة وقوله أشرق ثبير بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وكسـر الـراء

فعل أمر من اإلشراق، وثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون القافوالضم منادى حذف منه حرف النداء، والمعنى لتطلع عليك الشـمس،

إذا أسـرع فـي : وكيما نغير بالنون أي نذهب سريعا، يقال أغار يغيرثم أردف النبي (العدو واهللا أعلم، ويدفع وعليه السكينة لقول ابن عباس

يا أيها النـاس إن البـر : لم الفضل بن العباس وقالصلى اهللا عليه وسفإذا بلغ وادي محسر بالحاء ) ليس بإيجاف الخيل واإلبل فعليكم السكينة

المهملة والسين المهملة المشددة، وهو واد بين مزدلفة ومنى ولـيس وهو خمسمائة ذراع : من واحد منهما كما تقدم، قال األزرقي في تاريخه

أسرع قدر رمية حجر فإن كان راكبـا . عا انتهىوخمسة وأربعون ذراحتى أتى بطن محسر حرك قليال، والعلة فيمـا : حرك دابته لقول جابر

كما في المجموع للشافعية أن النصارى كانت تقف هناك فنسرع نحـن وال : مخالفة لهم، وعبر الغزالي بالعرب بدل النصارى، قال ابن حجـر

مراده بالعرب العرب من النصارى، وقيل مانع أن كال كان يقف ثم، أو ألنه محل هالك أصحاب الفيل، وبحثه األسـنوي : ومشى عليه النووي

لعدم روايته له منقوال ثم قال هو كديار ثمود إذ يسن لمـن مـر بهـا اإلسراع، ويؤيد األول قول عمر وابنه رضي اهللا عنهما عند إسراعهما

:في وادي محسر وضينهاآآآ إليك تعدو قلقا

آ.معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينهاآ

آآ.قد ذهب الشحم الذي يزينهاواعترض الثاني بأن نزول العذاب على أصحاب الفيل إنما كان بمحل

يسمى المغمس بفتح الميم الثانية وقد تكسر، بل المعـروف أن الفيـل ذه األبيات أبو علقمة أخو المذكور لم يدخل الحرم أصال انتهى، وقائل ه

أسقف نجران ألمه وابن عمه لما توجه يريد النبـي صـلى اهللا عليـه وسلم، والوضين بطان عريض منسوج من سيور أو شعر، أو ال يكون

.االنزعاج واهللا أعلم: إال من جلد كما في القاموس، والقلقمحسـر فلما أتى صلى اهللا عليه وسلم بطن : قال ابن القيم رحمه اهللا

حرك ناقته وأسرع السير، وهذه كانت عادته في المواضع التـي نـزل فيها بأس اهللا بأعدائه فإن هنالك أصاب أصحاب الفيـل مـا قـص اهللا

أي : علينا؛ ولذلك سمي ذلك الوادي وادي محسر ألن الفيل حسر فيـه أعيي وانقطع عن الذهاب، وكذلك فعل في سلوكه الحجر وديار ثمـود

به وأسرع السير، ومحسر برزخ بين منى وبين مزدلفة ال فإنه تقنع بثومن هذه وال من هذه، وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبـين كل مشعرين برزخ ليس منهما، فمنى من الحرم وهي مشعر، ومحسـر من الحرم وليس بمشعر ومزدلفة حرم ومشعر، وعرنة ليست مشـعرا

كالمه رحمه اهللا، ويكون في وهي من الحل، وعرفة حل ومشعر انتهىدفعه من مزدلفة إلى منى ملبيا إلى أن يرمي جمرة العقبة لقول الفضل

لم يزل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يلبي حتى رمـى : (بن العباسرواه مسلم مختصرا، وجمرة العقبة آخر الجمرات مما يلي منى ) الجمرة

ليست من منى، بل هي حد وأولها مما يلي مكة؛ وهي الجمرة الكبرى ومن جهة مكة، وهي التي بايع النبي صلى اهللا عليـه وسـلم األنصـار عندها على الهجرة، والجمرة اسم لمجتمع الحصا، سميت بذلك الجتماع

تجمر بنو فالن إذا اجتمعوا، وقيل إن العرب تسـمي : الناس بها، يقالوقيـل ألن الحصا الصغار جمارا فسميت بذلك تسمية الشيء بالزمـة،

أي أسرع فسميت : إبراهيم لما عرض له إبليس فحصبه جمر بين يديهبذلك، ويأخذ حصا الجمار من طريقه قبل أن يصل إلى منى، أو يأخـذه من مزدلفة، ومن حيث أخذ الحصا جاز لقول ابن عباس قال رسول اهللا

القط لي حصا فلقطت (صلى اهللا عليه وسلم غداة العقبة وهو على ناقته أمثال : ه سبع حصيات هن حصا الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقولل

يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك : هؤالء فارموا، ثم قال .رواه ابن ماجة، وكان ذلك بمنى). من كان قبلكم الغلو في الدين

ثم سار صلى اهللا عليه وسلم من مزدلفة للفضل بـن : (قال ابن القيم و يلبي في مسيره وانطلق أسامة بن زيد على رجليـه فـي عباس وه

سباق قريش، وفي طريقه ذلك أمر ابن عباس أن يلـتقط لـه حصـى الجمار سبع حصيات ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعل مـن ال علم عنده، وال التقطها بالليل فالتقط له سبع حصيات من حصى الخذف

وينفضهن . الحديث) ال هؤالء فارموافجعل ينفضهن في كفه ويقول أمث

بالنون والفاء الموحدتين من فوق، وفي بعـض الروايـات يقبضـهن .واألولى أصح واهللا أعلم

ويأخذ حصا الجمار سبعين حصاة أكبر مـن : قال في المنتهى وغيره والسبعون لمـن أراد : قلت. الحمص ودون البندق كحصا الخذف انتهى

عجل فيكفيه تسع وأربعون حصـاة كمـا هـو التأخر، وأما من أراد التوالحديث يدل على أن ابن عباس لم يلقط للنبي صلى اهللا عليـه . ظاهر

وسلم غداة العقبة، أي صباح يوم النحر إال سبع حصيات فقط وهي التي : والخذف بالخاء والذال المعجمتـين . رمى بها جمرة العقبة واهللا أعلم

يخذف بها، وليس المراد أن رمي هو الرمي بنحو حصاة بين السبابتينالجمار يكون على هيئة الخذف وإنما المراد أن حصا الجمار بقدر حصا

: وقدرهن نحو حبة الباقال انتهى، قـال الخرقـي : الخذف، قال النوويإنمـا : ويأخذ حصا الجمار من طريقه أو من مزدلفة، قال في المغنـي

ل الرمي فإن الرمـي استحب ذلك لئال يشتغل عند قدومه مني بشيء قبتحية منى كما أن الطواف تحية المسجد فال يبدأ بشيء قبله؛ وكان ابن

كانوا يتـزودون : عمر يأخذ الحصا من جمع وفعله سعيد بن جبير وقالخذ الحصـا مـن : الحصا من جمع واستحبه الشافعي، وعن أحمد قال

لى حيث شئت، وهو قول عطاء وابن المنذر وهو أصح إن شاء اهللا تعاقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم غداة العقبـة : ألن ابن عباس قال

وذكر الحديث ثم قال وكان ذلك بمنـى، ) القط لي حصا(وهو على ناقته قـال األثـرم : وال خالف في أنه يجزئه أخذه من حيث كان إلى أن قال

يكون أكبر من الحمص ودون البندق، وكان ابن عمر يرمي بمثل بعـر .تهى ومثله في الشرح الكبيرالغنم ان

ويأخذ حصا الجمار من طريقه قبل أن يصل : قال في اإلقناع وشرحه إلى منى أو يأخذه من مزدلفة، ومن حيث أخذه أي الحصا جـاز لقـول ابن عباس وذكر الحديث، قال في المنتهى وشرحه ومن حيث شاء أخذ

ما تقدم مـن حصا الجمار، وكره أخذ الحصا من الحرم يعني المسجد؛ لجواز أخذه من جمع ومنى وهما من الحرم، وقد أوضحته في الحاشـية

وعبارة الشيخ منصور في الحاشـية قـال هكـذا فـي . انتهى ملخصااإلنصاف وغيره وفيه نظر فإنه ذكر أن جواز أخذها من طريقه ومـن مزدلفة ومن حيث شاء هو المذهب وأن عليه األصحاب، وأيضا فـابن

نبي صلى اهللا عليه وسلم من منى وابن عمر أخذها من عباس جمعها للكانوا يتزودون الحصا من جمـع، ومزدلفـة : جمع، قال سعيد بن جبير

ومنى من الحرم، ولعل المراد بالحرم هاهنا نفـس المسـجد الحـرام، وهـذا واهللا أعلـم : وأصل العبارة لصاحب الفروع قال في تصـحيحها

أي أراد : وفي معنـاه قـوة انتهـى سهو، وقال ولعله أراد حرم الكعبة بالحرم المسجد الحرام، يؤيده قوله في المستوعب وإن أخذه من غيرها جاز إال من المسجد لما ذكرنا أنه يكره إخراج شيء من حصـا الحـرم

الصحيح من كالمهم أن له أخذ حصا الجمـار : قلت. وترابه وتمامه فيهمن حيث شاء إال من من مزدلفة ومن طريقة منها إلى منى ومن منى و

نفس المسجد الحرام واهللا أعلم، وكره أخذ الحصا من الحش ألنه مظنة نجاسته، وكره تكسير الحصا لئال يطير إلى وجهه شـيء يؤذيـه، وال

لم يبلغنا أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم : قال اإلمام أحمد. يسن غسلهالف في أجزائه، إال أن تعلم نجاسته فيغسله خروجا من الخ. فعله انتهى

وتجزئ مع الكراهة حصاة نجسة، أما أجزاؤها فإلطالق قوله صلى اهللا

وأما كراهتها فخروجا من الخـالف، ) أمثال هؤالء فارموا(عليه وسلم فإن غسل الحصاة النجسة زالت الكراهة لزوالها علتها، وتجزئ حصاة

وهـو حجـر : غير معهودة كحصاة من مسن وبرام ومرمـر، ومـرو ان، ورخام وكدان، وسواء السوداء والبيضاء والحمـراء لعمـوم الصووالبرام من . ما تسن عليه السكين ونحوها: والمسن بكسر الميم. الخبر

الحجارة، يعمل منه قدور البرام، وال تجزئ حصاة صغيرة جدا أو كبيرة ألمره صلى اهللا عليه وسلم بالرمي بمثل حصا الخذف، فال يتناول ما ال

ا، وال كبيرة تسمى حجرا، وال تجزئ حصاة رمي بها ألخذه يسمى حصصلى اهللا عليه وسلم الحصا من غير المرمى وألنها استعملت في عبادة

.فال تستعمل فيها ثانيا كماء وضوءوقال الشافعي يجزئه ألنه حصا فيدخل في العموم انتهى، وال يجـزئ

نحاس وحديد الرمي بغير حصا كجوهر وزمرد وياقوت وذهب وفضة وورصاص وخشب وطين، ومدر، وهو قطع الطين اليابس ونحو ذلـك،

) خذوا عني مناسككم(ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رمى بالحصا وقال يجوز بالطين والمدر وما كان من جنس األرض، وقال : وقال أبو حنيفة

منى كإلى ويصرف، : نحوه الثوري، فإذا وصل إلى منى، قال القاموسإنما (يت بذلك لكثرة ما يمنى بها من الدماء، وروي عن ابن عباس سم

سميت بذلك ألن جبريل لما أراد أن يفارق آدم قال له تمن قال أتمنـى .انتهى. الجنة فسميت منى ألمنية آدم عليه السالم

وحدها من وادي محسر إلى جمرة العقبة، ووادي محسـر وجمـرة با الطريق الوسطى التي تخرج علـى العقبة ليسا من منى سلك استحبا

الجمرة الكبرى ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم سلكها وبدأ بجمرة العقبة

إنه انتهى إلـى جمـرة (سواء كان راكبا أو ماشيا لحديث ابن مسعود العقبة فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات وهو راكب يكبر مع كـل

هاهنـا : وذنبا مغفورا، ثم قـال اللهم اجعله حجا مبرورا: حصاة، وقالرواه أحمد، فال يبدأ بشـيء ). كان يقوم الذي أنزلت عليه سورة البقرة

قبل رميها ألنها تحية منى، وامتازت جمـرة العقبـة عـن الجمـرتين اختصاصها بيوم النحر، وأن ال يوقف عنـدها، : األخرتين بأربعة أشياء

ن أسفلها استحبابا أي ال وكونها ترمى يوم النحر بعد الشروق وترمى ممن أعلى العقبة التي أزيلت في زمننا هذا، ويرميهـا بسـبع حصـيات

رمى رسـول اهللا (واحدة بعد واحدة بعد طلوع الشمس ندبا لقول جابر صلى اهللا عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فـإذا زالـت

.أخرجه الجماعة). الشمسن رمى بعد نصف ليلة النحر أجزأه الرمي قال في اإلقناع وشرحه، فإ

إن كان قد وقف بعرفة وإال فبعده كطواف اإلفاضة، لما روى أبـو داود عن عائشة أن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر أم سـلمة ليلـة النحـر

أنه أمرها أن (وروي ) فرمت جمرة العقبة قبل الفجر ثم مضت فأفاضتاحتج به أحمد، وألنه وقت ) جرتعجل اإلفاضة وتوافي مكة مع صالة الف

للدفع من مزدلفة فكان وقتا للرمي كما بعد طلوع الشمس، وحديث أحمد محمـول ) ال ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس(عن ابن عباس مرفوعا

.على وقت الفضيلة جمعا بين األخبار انتهى كالم اإلقناع وشرحهديث عائشة وحديث ابن قد تقدم كالم ابن القيم رحمه اهللا على ح: قلت

عباس المذكورين وذكر أن حديث عائشة هذا منكر أنكره اإلمـام أحـد وجزم . وغيره وذكر في زاد المعاد أدلة إنكاره فليراجع عند الحاجة إليه

الشيخ مرعي في غايته بأن وقت الحلق من نصف ليلة النحر لمن وقف قبـل رمـي قبله كرمي واهللا أعلم، وإن غربت الشمس من يوم النحر

من فاتـه : جمرة العقبة فإنه يرميها من غده بعد الزوال لقول ابن عمرالرمي حتى تغيب الشمس فال يرمي حتى تزول الشمس من الغد، فـإن رمى بسبع الحصيات دفعة واحدة لم يجزئه الرمي إال عن حصاة واحدة يحتسب بها ويتمم عليها ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رمـى سـبع

ويؤدب نصا من رمي أكثـر مـن ) خذوا عني مناسككم: (وقال رمياتويؤخذ مـن . حصاة دفعة واحدة زجرا له وردعا لغيره عن االقتداء به

هذا أن من فعل بدعة يؤدب ال سيما إذا خيـف أن يقتـدي بـه فيهـا، ويشترط علمه بحصول ما يرميه من الحصا في المرمـى فـي جمـرة

الرمي في ذمته فال يزول عنه بـالظن العقبة وغيرها، ألن األصل بقاء .وال بالشك فال يبرأ إال بيقين

وإن رمى حصاة فشك هل وقعت في المرمى أو ال لم : قال في المغني يجزئه ألن األصل بقاء الرمي في ذمته فال يـزول بالشـك، وإن كـان

.الظاهر أنها وقعت فيه أجزأته ألن الظاهر دليل انتهىوإن رمى حصاة فشك هل وقعت في المرمى أو : قال في الشرح الكبير

ال؟ لم يجزئه ألن األصل بقاء الرمي في ذمته فال يزول بالشك، وعنـه يجزئه ذكره ابن البنا في الخصال، وإن غلب على ظنه أنها وقعت فيـه

قال الشيخ منصور وعنه يكفـي ظنـه . أجزأته ألن الظاهر دليل انتهى .ل ال مشقة في اليقين انتهىوقواعد المذهب تقتضيه إال أن يقا

قلت المذهب اشتراط العلم بحصول ما يرميه من الحصا في المرمـى وال يجزئ وضع الحصا في المرمى ألن الوضع ليس برمي . واهللا أعلم

خـذوا عنـي : (بل يعتبر طرحها لفعله صلى اهللا عليه وسـلم وقولـه با فـي غيـر ولو أصابت الحصاة مكانا صل: ، قال في اإلقناع)مناسككم

المرمى ثم تدحرجت إلى المرمى أو أصابت ثوب إنسـان ثـم طـارت فوقعت في المرمى أجزأته ألن الرامي انفرد برميها، وكذا لو نفضها أي الحصاة من وقعت على ثوبه فوقعت في المرمى أجزأته نصا لحصولها

.في المرمى انتهىثوبـه فـورا ويتجه إن نفضها من وقعت على: قال مرعي في الغاية

وأنه ال بد من مريها بيد فال يجوز الرمي بالقوس أو الرجـل أو الفـم فلو وقعت خارجه ثم تدحرجت فيـه أو علـى : انتهى، قال في المنتهى

ثوب إنسان ثم صارت فيه ولو بنفض غيره، أي الرامي أجزأته انتهى، قوله ثم صارت فيه يؤخذ مـن : قال الخلوتي في حاشيته على المنتهى

وما اتجه الشيخ مرعـي : قلت. لعطف بثم أنه ال تشترط الفورية انتهىامن اشتراط الفورية وجيه خصوصا في رمي الجمرات الثالثة بعد يـوم النحر، فإن لو رمي مثال حصاة من الجمرة األولى وتأخرت فلم تقع في المرمى إال بعد رميه شيئا من الجمرة الثانية لحصل خلل في الترتيـب

وقال ابن عقيل في مسألة ما إذا نفض . رط في الرمي واهللا أعلموهو شمن وقعت على ثوبه ال تجزئه ألن حصولها في المرمى بفعـل : الحصاة

الثاني دون األول، قال في الفروع وهو أظهر، قال في اإلنصاف وهـو والمذهب اإلجـزاء : قالت. الصواب، قال الشيخ منصور وهو كمال قال

ذهب إليه ابن عقيل وجيه ال سيما وقد استظهره ابن كما تقدم، ولكن مامفلح في الفروع وصوبه المرداوي في اإلنصـاف، وارتضـاه الشـيخ

وإن رمى الحصاة فاختطفها طائر قبل حصولها في . منصور واهللا أعلم

المرمى أو ذهبت بها ريح عن المرمى لم يعتد له بها لعدم حصولها في حصا ال نفس الشاخص، قـال الشـيخ هو مجتمع ال: المرمى، والمرمى

المرمى الذي تترتب عليـه األحكـام : سليمان بن علي في منسكه تنبيهيعتبر حصول كل حصاة في المرمـى، هـو األرض المحيطـة : بقولهم

بالميل المبني، فلو طرح الحصاة في رأس البناء لم يعتد بها ألنها لـم .تحصل في المرمى انتهى ملخصا

صاة في رأس البناء كما يفعله كثير مـن الحجـاج إذا طرح الح: قلت فتدحرجت في المرمى المحطوط بالبناء في الجمـرات الـثالث فإنهـا تجزئة، أما إذا بقيت على رأس البناء فإنها ال تجزئه فيما يظهـر لـي

رواه مسلم . ويكبر مع كل حصاة لفعله صلى اهللا عليه وسلم. واهللا أعلمأي : اة اللهم اجعلـه حجـا مبـرورا من حديث جابر ويقول مع كل حص

وذنبا مغفورا وعمال مشكورا، لما . أي تقبله: مقبوال، يقال بر اهللا حجهرأيت سالم بن عبـد اهللا اسـتبطن : (روى حنبل عن زيد بن اسلم قال

الوادي ورمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصـاة اهللا أكبـر اهللا حدثني أبي أن : سألته عما صنع؟ فقالاللهم اجعله فذكره ف: أكبر ثم قال

النبي صلى اهللا عليه وسلم رمى الجمرة من هذا المكان ويقـول كلمـا وكذا كان ابن عباس يقول، ويرفع الرامـي للجمـار ). رمى مثلما قلت

يمناه حتى يرى بالبناء للمفعول بياض إبطه ألن في ذلك معونـة علـى ع حصيات يكبر مـع كـل فيرميها بسب: الرمي، قال في المغني والشرح

.حصاة ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ثم ينصر وال يقفويسـتبطن : قال في المنتهى واإلقناع وغيرهما من كتـب المـذهب

الوادي ويستقبل القبل ويرمي على حاجبه األيمن ندبا انتهى لحديث عبد

هللا لما أتى عبد ا(الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي أبي بكر الكوفي قال بن مسعود جمرة العقبة استبطن الوادي واستقبل القبلة وجعـل يرمـي الجمرة على حاجبه األيمن ثم رمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم

واهللا الذي ال إله غيره من هاهنا رمى الذي أنزلت عليـه سـورة : قالقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه ابن ماجة، وقال شيخ ). البقرة

يرمي جمرة العقبة مستقبال لها يجعل البيـت عـن : حمه اهللاإلسالم ريساره ومنى عن يمينه، هذا هو الذي صح عن النبي صلى اهللا عليـه

وما ذكره األصحاب من استقبال القبلـة عنـد : قلت. وسلم فيها انتهىرمي جمرة العقبة هو استناد على رواية الترمذي المذكورة، وقد روى

) وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينـه : (يههذا الحديث البخاري وفحدثنا حفص بن عمر ومسلم بن : وكذلك رواه مسلم وأبو داود، ولفظه

أنبأنا شعبة عن الحكم عن إبـراهيم عـن عبـد : إبراهيم المعني، قااللما انتهى إلى الجمـرة الكبـرى : (الرحمن بن زيد عن ابن مسعود قال

رمى الجمرة بسـبع حصـيات جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه وانتهـى، ومـا رواه ) وقال هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقـرة

البخاري ومسلم وأبو داود هو الصحيح، وما رواه الترمذي وابن ماجة شاذ في إسناده المسعودي وقد اختلط واهللا أعلم، وقوله فـي الحـديث

كور فيها فكأنه سورة البقرة، خصها بالذكر ألن كثيرا من أفعال الحج مذقال هذا مقام الذي أنزلت عليه أحكام المناسك منبها بذلك على أن أفعال الحج توقيفية، ويحتمل أنه خص سورة البقرة بـذلك لطولهـا وعظـم

وله رمى جمرة العقبة من . قدرها وكثرة ما فيها من األحكام واهللا أعلمرماهـا مـن فوقها ألن عمر رضي اهللا عنه جاء والزحام عند الجمرة ف

فقوها، قال في اإلقناع وشرحه، وله رميها؛ أي جمرة العقبة من فوقها لفعل عمر انتهى، قال في المنتهى وشرحه، وله رميها؛ أي الجمرة من فوقها لفعل عمر لما رأى من الزحام عندما انتهى، لكن الذي صح عن

بيـت النبي صلى اهللا عليه وسلم هو رمي جمرة العقبة مستقبال لها واللتأخذوا عنـي : (عن يساره ومنى عن يمينه وقد استبطن الوادي وقال

فاتباع سنته صلى اهللا عليه وسلم أولى من األخذ بفعل عمـر ) مناسككموقـد : رضي اهللا عنه من رميها من فوقها، قال ابن حجر العسـقالني

أي جمرة العقبة جاز سواء اسـتقبلها : أجمعوا على أنه من حيث رماهاعن يمينه أو يساره أو من فوقها أو من أسفلها أو وسـطها أو جعلها

.واالختالف في األفضل انتهى كالمهوقولهم له رمى جمرة العقبة من فوقها وذلك أن هناك عقبة معتليـة

في جانب الجمرة وقد أزيلت العقبة في زمننا هذا فما ذكره العلماء فـي مرة العقبة من فوقهـا كتبهم من اآلثار وأقوال العلماء من ذكر رمي ج

إنما كان ذلك قبل إزالة العقبة التي في ظهر الجمرة المـذكورة شـماال شرقا وكان إزالة العقبة في شهر جمادى األولى سنة سـتة وسـبعين وثلثمائة وألف، وزوال العقبة ال يؤثر في حكم الرمي المتعلق بـالجمرة

ة عن شـمالك، من أن األفضل رميها مستقبال لها منى عن يمينك ومكوال يقف الرامي عند جمرة العقبة بل يرميها وهو مـاش بـال وقـوف

إن النبي صلى اهللا عليه وسلم كان (عندها لقول ابن عمر وابن عباس رواه ابن ماجة وروى البخـاري ) إذا رمى جمرة العقبة مضى ولم يقف

ولضـيق : معناه من حديث ابن عمر، قال في شرح اإلقناع والمنتهـى إن دعاءه كان فـي : أي عندها، وقال ابن القيم وقيل وهو أصح المكان

. نفس العبادة قبل الفراغ منها، فلما رمي جمرة العقبـة فـرغ الرمـي والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها أفضل منه بعد الفراغ منهـا

.انتهى ويأتي يكره طرد الناس عند رمي الجمار لحديث أيمن بن نابل عن): فائدة(

رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : (قدامة بن عبد اهللا العامري قالقـال ) يرمي الجمار على ناقة ليس ضرب وال طـرد وال إليـك إليـك

هذا حديث حسن صحيح، وإنما يعرف هذا الحديث مـن هـذا . الترمذيالوجه وهو حديث أيمن بن نابل وهو ثقة عند أهل الحديث، ورواه ابن

رأيت رسـول اهللا : (دامة بن عبد اهللا المذكور ولفظهماجة من حديث قصلى اهللا عليه وسلم رمى الجمرة يوم النحر على ناقة لـه صـهباء ال

ويقطع التلبية مع ابتداء الرمي، يـروى ). ضرب وال طرد وال إليك إليكذلك عن ابن مسعود وابن عباس وميمونة رضي اهللا عنهم، وبـه قـا

والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب عطاء وطاووس وسعيد بن جبير كنـت رديـف : (الرأي لحديث الفضل بن عباس رضي اهللا عنهما قـال

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتـى رواه الجماعة، ورديفه يومئذ أعلم بحاله من غيره، ). رمى جمرة العقبة

ألفاظ حديث الفضل ويستحب قطع التلبية عند أول حصاة لما في بعضرواه حنبل في المناسـك ) حتى رمي جمرة العقبة قطع عند أول حصاة(

وهذا بيان يتعين األخذ به، وفي رواية من روى أن النبـي صـلى اهللا عليه وسلم كان يكبر مع كل حصاة دليل على أنه لم يكن يلبـي وألنـه

لبيـة يتحلل بالرمي، وإذا شرع فيه قطع التلبيـة كـالمعتمر يقطـع الت .بالشروع في الطواف

عبارة األصحاب صريحة في أنه ال يقطع التلبية إال إذا ابتـدأ ) تنبيه( في رمي جمرة العقبة، فهل إذا أخر رميها حتى طاف لإلفاضة وسـعى يلبي حتى يرميها أم ال؟ ظاهر عبارتهم أنه يلبي حتى يشرع في رميهـا

في طـواف اإلفاضـة إلطالقهم ذلك، والذي يترجح عندي أنه إذا شرع يقطع التلبية كما يقطعها المعتمر إذا شرع فـي طـواف العمـرة، ألن طواف اإلفاضة شروع في التحلل كالشروع في الرمي وأولى، وألنه إذا حلق بعد الطواف حصل له التحلل األول فلم يبق وجه لمشروعية التلبية

.هللا أعلمبعد التحلل مع أنه لم يرم جمرة العقبة، هذا ما ظهر لي واأصل مشروعية الرمي كما في مثير الغـرام السـاكن البـن ) فائدة(

أنه لما فرغ أبونا إبراهيم عليه الصالة والسالم من بناء البيت : الجوزيأتاه جبريل فأراه الطواف ثم أتى به جمرة العقبة، فعرض له الشـيطان

قال لـه فأخذ جبريل سبع حصيات وأعطاها إبراهيم، وأخذ سبعا أيضا وارم وكبر، فرميا وكبرا حتى غاب الشيطان، ثم أتى الجمـرة الوسـطى فعرض لهما الشيطان ففعال كما تقدم، ثم أتيا الجمرة القصوى فعـرض

قال رسـول اهللا : قلت وفي حديث عائشة قالت. لهما ففعال كذلك انتهىإنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي (صلى اهللا عليه وسلم

رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ). جمار إلقامة ذكر اهللا تعالىالإنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة إلقامة ذكـر (ولفظه

وسكت عنه أبو داود، وأما الترمذي فقال إنه حديث حسـن ) اهللا تعالىفاتضح من هذا الحديث أن أصل مشروعية الرمي هـو أيضـا . صحيح

اهللا تعالى ويأتي في فصل، ثم يرجع من أفاض إلـى مكـة إلقامة ذكر .شيء من أحكام رمي الجمار إن شاء اهللا تعالى

سئل صلى اهللا عليه وسلم أن يبنى (قال ابن القيم رحمه اهللا ): فائدة( قـال ) ال، منى مناخ لمن سبق إليـه : له بمنى بناء يظله من الحر فقال

يها وأن من سبق إلى مكان منها وفي هذا دليل على اشتراك المسلمين ف .فهو أحق به حتى يرتحل عنه وال يملكه بذلك انتهى كالمه

أال تبني لك بمنى بناء يظلك؟ : قلت يا رسول اهللا: (وعن عائشة قالت رواه ) ال، منى مناخ مـن سـبق : فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

حـديث حسـن الدارمي في سننه والترمذي وابن ماجة، وقال الترمذيصحيح وقال ابن القيم أيضا في الهـدي فـالحرم ومشـاعره كالصـفا والمروة والمسعى ومنى وعرفة ومزدلفة ال يختص بها أحد دون أحـد بل هي مشتركة بين الناس؛ إذ هي محل نسكهم ومتعبدهم فهي مسـجد من اهللا وقفه ووضعه لخلقه ولهذا امتنع النبي صلى اهللا عليه وسلم أن

.بيت بمنى يظله من الحر وقال منى مناخ من سبق انتهى يبنى لهإذا ضاقت أرض منى بالحاج ولم يجد موضعا ينزل فيه بمنـى : تنبيه

ساغ له أن ينزل في أي أرض تلي أرض منى كمزدلفة وال دم عليه ألنه . معذور حكمه حكم المكره المضطر ألنه ال يستطيع سوى ذلك واهللا أعلم

ي سنة اثنتين وسبعين وثالثمائة وألف صـدر أمـر وفي أول السنة أعنصاحب السمو الملكي ولي عهد المملكة العربية السعودية علي وعلـى جماعة من أعيان أهالي مكة بالنظر في البناء المحدث بمنى وتقرير ما نراه، فتوجهنا إلى منى ونظرنا فيه فقررنـا إزالـة األبنيـة المحدثـة

وادي محسر فوافق سموه على قرارنـا واألحوشة التي كادت أن تبلغ وأمر بإزالة البناء وتوسيع الشوارع فكان ذلك حسنة من حسناته يلقى

بها ربه يوم يجزي اهللا المحسنين ثم عاد بعض الناس إلى البناء بمنـى .وهذا ال يجوز

ربما قال : قال الحافظ بن الجوزي: قال الشيخ محمد السفاريني) نكتة( يج خلق كثيرون ويحتاج كل واحد مـنهم أن يرمـي قائل نعلم أن الحج

وهذا ) يعني إن تأخر وأما إن تعجل فيكفيه تسع وأربعون(سبعين حصاة من زمن أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصالة والسالم، والمرمى مكان صغير ثم ال يجوز أن يرمي بحصاة قد رمى بهـا قبـل، ونـرى

ه ذلك؟ فالجواب ما روى عن سعيد بن الحصا في المرمى قليال فما وج) الحصا قربان فما قبل منه رفع وما لم يقبل منه بقـى : (جبير أنه قال

ما تقبل منها يرفع انتهى : وألن ابن عباس قال: قال في المغني. انتهىوكذلك في الشرح الكبير، وروى األزرقي بسنده إلى سعيد بن جبير أنه

ل منه رفع، وما لم يتقبل منه فهو الذي إنما الحصا قربنان فما تقب: (قالواهللا ما قبل اهللا من امرئ حجـة : (وبسنده إلى ابن عمر أنه قال) يبقى

واهللا ما قبل اهللا مـن : (وبسنده إلى ابن عباس أنه قال) إال رفع حصاهانتهى، ثم ينحر هديه إن كان معـه واجبـا ) امرئ حجة إال رفع حصاه

إنـه (ة حجته صلى اهللا عليه وسـلم كان أو تطوعا لقول جاب في صفرمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثالثا وسـتين بدنـة بيده، ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة

). ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكال من لحمها وشربا مـن مرقهـا .رواه أحمد ومسلم

وكان ينحرها قائمـة معقولـة يـدها : تعالىقال ابن القيم رحمه اهللا اليسرى، وكان عدد هذا الذي نحره عدد سني عمره، ثم أمر عليـا أن

يتصدق بجاللها ولحومها وجلودها في المساكين وأمـره أن ال يعطـي الجزار في جزارتها شيئا منها وقال نحن نعطيه من عندنا، وقـال مـن

.شاء اقتطع انتهىلما قدم علي من اليمن على رسول : (عازب قالوفي حديث البراء بن

اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال لي انحر من البدن سبعا وستين أو سـتا رواه أبـو داود ) وستين وانسك لنفسك ثالثا وثالثين أو أربعا وثالثـين

والنسائي وحديث جابر أصح سندا من حديث البـراء، قولـه أو سـتا وكان جملة الهدي الذي قدم به علـي وستين هكذا في سنن أبي داود،

من اليمن والذي أتى به رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم مائة كما فـي قال النووي والقرطبي ونقله القاضي عياض عن جميـع . صحيح مسلم

أن النبـي صـلى اهللا (إن الصواب ما وقع في رواية مسلم من : الرواةال مـا ) ا فنحر ما غبرعليه وسلم نحر ثالثا وستين بيده ثم أعطى علي

وقع في رواية أبي داود واهللا أعلم، فإن لم يكن معه هدي وكان عليـه هدي واجب لتمتع أو قران أو نحوهما اشتراه وذبحـه، وإن أحـب أن يضحي اشترى ما يضحي به، وكذا إن أحب أن يتطوع بهدي ثم يحلـق

أن (مر ولحديث ابن ع) محلقين رءوسكم ومقصرين: (رأسه لقوله تعالىمتفـق ). رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم حلق رأسه في حجة الـوداع

إن رسول اهللا صـلى اهللا (ويبدأ بشق رأسه األيمن لحديث أنس . عليهعليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثـم قال للحالق خذ وأشار إلى جانبه األيمن ثم األيسر ثـم جعـل يعطيـه

رواه أحمد ومسلم وأبو داود، ويستقبل القبل في الحلق ألنـه . )الناسنسك أشبه سائر المناسك، ويكبر وقت الحق كـالرمي، واألولـى أن ال

يشارط الحالق على أجرة، وإن قصر فمن جميع شعر رأسه نص عليه اإلمام أحمد ال من كل شعرة بعينها ألن ذلك يشق جدا وال يكاد يعلـم إال

قلت هذا ال يعدل عنه وال يسع الناس غيـره : اإلنصافبحلقه، قال في وهو عام في جميـع ) محلقين رءوسكم ومقصرين: (انتهى لقوله تعالى

شعر الرأس، وال يجزئ حلق بعض الرأس أو تقصيره ألن النبي صـلى اهللا عليه وسلم حلق جميع رأسه فكان ذلك تفسيرا لمطلق األمر بالحلق

ه، قال في الشرح الكبير يلزمه الحلـق أو أو التقصير فيجب الرجوع إليوبـه قـال ) يعني في التقصير(التقصير من جميع شعره وكذلك المرأة

مالك، وعنه يجزئه بعضه كالمسح كذلك قال ابن حامد، وقال الشـافعي يجزئه التقصير من ثالث شعرات، وقال ابن المنذر يجزئه ما يقع عليه

وعند أبي حنيفـة يجـزئ ربـع اسم التقصير لتناول اللفظ له انتهى،الرأس، وعند أبي يوسف نصفه، ومن لبد رأسه أو ضفره أو عقصـه فكغيره في جواز التقصير، والمرأة تقصر من شعرها على أي صفة كان من ضفر وعقص وغيرهما قدر أنملة فأقل من رؤوس الضفائر لحديث

) لتقصيرليس على النساء الحلق إنما على النساء ا(ابن عباس مرفوعا رواه أبو داود والدارقطني والطبراني وقد قوى إسناده البخـاري فـي التاريخ وأبو حاتم في العلل، وحسنه الحافظ، وأعله ابن القطـان، ورد عليه ابن المواق وألن الحلق مثله في حقهن فتقصر من كل قرن قـدر

ه أنملة، ونقل أبو داود تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من أطرافقدر أنملة، وكذا عبد يقصر وال يحلق إال بإذن سيده ألن الحلق يـنقص قيمته، قال الزركشي ألن الشعر ملك للسيد ويزيد في قيمته ولم يتعـين زواله فلم يكن له ذلك كغير حال من اإلحرام، نعم إن أذن له سيده جاز

إن لوا يحلق بال إذن سيده ويتجـه : إذ الحلق له انتهى، قال في الغايةويسن لمن حلق أو قصر أخذ أظفاره وشـاربه . نقصت به قيمته انتهى

ثبت أن رسول اهللا صـلى اهللا عليـه : (وعانته وإبطه، قال ابن المنذروكان ابن عمر يأخـذ مـن شـاربه ) وسلم لما حلق رأسه قلم أظفاره

وأظفاره، ويستحب إذا حلق أن يبلغ العظم الذي عند منقطع الصدغ من ابلغ العظمين، افصل الرأس من اللحيـة، : ن عمر للحالقالوجه لقول اب

من السنة إذا حلق أن يبلغ العظمـين، وقـال فـي : وكان عطاء يقولالمغني والشرح وكان عطاء وطاووس والشافعي يحبون لو أخـذ مـن

ويسن أخذ أظفاره وشاربه، وقـال : لحيته شيئا انتهى، قال في الفروعقال النووي قال الشافعي رحمه اهللا . ىابن عقيل وغيره ومن لحيته انته

ولو أخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا كان أحب إلي ليكون قد : تعالىوقـد : قال ابن حجـر الهيتمـي . وضع من شعره شيئا هللا تعالى انتهى

أنه (يستأنس لما قاله الشافعي بما صح عن ابن عمر رضي اهللا عنهما وفـي . انتهـى ) لحيته وشاربهكان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من

أن عبد اهللا بن عمر كان إذا حلق في حج أو (الموطأ عن مالك عن نافع ).عمرة أخذ من لحيته وشاربه

وعن مالك أنه بلغه أسن سالم بن عبد اهللا كان إذا أراد أن يحرم دعا بالجملتين فقص شاربه وأخذ من لحيته قبل أن يركب وقبـل أن يهـل

ت يحمل ما ذكروه في األخذ من اللحية علـى مـا إذا قل. محرما انتهىكانت كثيفة وأخذ منها ما زاد على القبضة ألن األحاديـث الصـحيحة صريحة في وجوب إعفاء اللحى، وقد حرم شيخ اإلسالم ابـن تيميـة

وكالم الشافعي يدل على . وغيره من العلماء المعتبرين حلقها واهللا أعلم

إلى اهللا بذلك لقوله ليكون قد وضـع مـن أن األخذ منها ألجل التقرب .شعره شيئا هللا تعالى واهللا أعلم

ويجب االحتراز عند الحلق والتقصير من حلق أو تقصير الشعر النازل عن حد الرأس كالعنق والعارض قبل إكمال حلق الرأس أو تقصيره فإنه محظور، أما إذا كان الحلق بعد رمي جمرة العقبة وطواف اإلفاضة جاز

له ذلك ألنه قد حصل له التحلل األول بهما فحل له كل شيء إال النساء قال في شرح اإلقناع قال أبو حكيم ثم يصلي ركعتين انتهى، . واهللا أعلم

لم أر أحدا من : يعني بعد الحلق أو التقصير، قال بعض علماء الشافعيةقياسـا أصحابنا قال بسنية الركعتين بعد الحلق بل الذي يتجه كراهتهما

قلـت مـا قالـه . على الصالة بعد السعي بجامع عدم ورود كل انتهىالبعض وجيه لعدم ورود سنية الركعتين عنه صلى اهللا عليه وسلم وقد

ولم ينقل أنه فعل ذلك وال أمر بـه وال أقـر ) خذوا عني مناسككم(قال واألصلع الذي ال شعر علـى رأسـه : قال في المغني. عليه واهللا أعلم

حب أن يمر الموسى على رأسه، روى ذلك عن ابن عمر، وبه قال يستمسروق وسعيد بن جبير والنخعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب

أجمع كل من نحفظ عنه مـن أهـل العلـم أن : قال ابن المنذر. الرأياألصلع يمر الموسى على رأسه وليس ذلك واجبا، وقال أبو حنيفة ألن

) إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم: (وسلم قالالنبي صلى اهللا عليه فهذا لو كان ذا شعر وجب عليه إزالته وإمرار الموسى على رأسه، فإذا

ولنا أن الحلق محله الشـعر فسـقط . سقط أحدهما لتعذره وجب اآلخربعدمه كما يسقط وجوب غسل العضو في الوضوء بفقده، وألنه إمـرار

به دم فلم يجب عند التحلل كإمراره علـى لو فعله في اإلحرام لم يجب

وسن إمرار الموسى على : قال في المنتهى. الشعر من غير حلق انتهىقال في اإلقناع ومن عدم الشـعر اسـتحب أن يمـر . من عدمه انتهى

الموسى على رأسه انتهى، قال في اإلنصاف وفي النفس من ذلك شيء وبأي شيء قصـر : بيرقال في الشرح الك. وهو قريب من العبث انتهى

الشعر أجزأه وكذلك إن نتفه أو أزاله بنورة ألن القصد إزالتـه ولكـن السنة الحلق أو التقصير ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم حلـق رأسـه

والحلق أفضل من التقصير ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم فعله، . انتهىاللهـم : (وسلم ولحديث أبي هريرة قال، قال رسول اهللا صلى اهللا عليه

اغفر للمحلقين، قالوا يا رسول اهللا وللمقصـرين، قـال اللهـم اغفـر للمحلفين، قالوا يا رسول اهللا وللمقصرين، قال اللهم اغفر للمحلقـين،

ولفظ أبي . متفق عليه) قالوا يا رسول اهللا وللمقصرين قال وللمقصرينحل له كل ثم بعد رمي جمرة العقبة وحلق أو تقصير قد). ارحم: (داود

شيء حرم عليه باإلحرام من الطيب والصيد واللباس وغيـر ذلـك إال النساء، نص عليه في رواية الجماعة وطئا ومباشرة وقبلـة ولمسـا

إذا رميتم وحلقتم فقد حـل : (بشهوة وعقد نكاح لحديث عائشة مرفوعارواه سعيد، وعـن عائشـة ) لكم الطيب والثياب وكل شيء إال النساء

كنت أطيب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قبل أن يحرم ويـوم (: قالتوللنسـائي . متفق عليـه ) النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك

طيب رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم لحرمه حين أحرم ولحله بعد ما (وهذا قول ابن الزبير وعائشة ) رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت

وطاووس والنخعي وعبد اهللا بن الحسين وخارجة بـن وعلقمة وسالم زيد والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وعن اإلمام أحمد أنه يحل له

كل شيء إال الوطء في الفرج ألنه أغلظ المحرمـات ويفسـد النسـك بخالف غيره، وقال مالك ال يحل له النساء وال الطيب وال قتل الصـيد

ومذهب الجمهور . وهذا حرام) د وأنتم حرمال تقتلوا الصي: (لقوله تعالىيرد هذا القول ويمنع أنه محرم وإنما بقي عليه بعض أحكام اإلحـرام،

قال القاضـي وابنـه . قال في الفروع ثم قد حل له كل شيء إال النساءوجماعة والعقد، وظاهر كـالم ) يعني الموفق(وابن الزاغوني والشيخ

يعني شـيخ (حله وقاله شيخنا أبي الخطاب وابن شهاب وابن الجوزيوذكره عن أحمد، قال في التصحيح القول األول وهـو المنـع ) اإلسالم

أيضا من عقد النكاح اختاره من ذكره المصنف واختاره ابن نصـر اهللا والقول . في حواشيه وابن منجا في شرحه وجزم به في الرعاية الكبرى

تهـى، ومشـى فـي الثاني ظاهر كالم أكثر األصحاب وهو الصواب اناإلقناع وشرح المنتهى وغيرهما من كتب متأخري األصحاب على المنع من عقد النكاح بعد التحلل األول وقبل الثاني إلحاقا بالوطء والمباشـرة

.والقبلة واللمس بشهوة واهللا أعلم :فصل -- رمي لجمرة العقبة، وحلق أو : ويحصل التحلل األول باثنين من ثالثة

وطواف إفاضة؛ لحديث سعيد عـن عائشـة السـابق وقـيس تقصير، الطواف على الحلق والرمي، فلو حلق وطاف ثم واقع أهله قبل الرمـي فحجه صحيح وعليه دم لوطئه، فلو ترك الرمي بأن ذهب إلى أهله ولم يرم فعليه دم أيضا لتركه الرمي، ويحصل التحلل الثاني بالثالـث مـن

سعي، إن كان متمتعا ولـو سـعى مـع الحلق والرمي والطواف مع العمرته أو كان مفردا أو قارنا ولم يسع مع طواف القدوم، فعلـى هـذا

يحصل التحلل الثاني باثنين من أربعة، فإن كان المفرد أو القارن سعى مع طواف القدوم لمن تسن له إعادة السعي كسائر األنسـاك ألنـه ال

سعى لم يحل حتى يسع في يشرع تكراره كما سبق، ولو طاف ولم يكن األصح، قال في المغني والشرح والحلق أو التقصير نسك فـي الحـج

: والعمرة في ظاهر مذهب أحمد وهو قول مالك وأبي حنيفة والشـافعي وعن أحمد أنه ليس بنسك وإنما هو إطالق من محظور كـان محرمـا

وسائر عليه باإلحرام فأطلق فيه عند الحل كاللباس وقتل الصيد والطيب محظورات اإلحرام، فعلى هذه الرواية ال شيء على تاركه ويحصل الحل

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر بالحل من العمـرة (بدونه، ووجهها قدمت على رسول اهللا صـلى اهللا عليـه : (فروى أبو موسى، قال) قبله

وسلم فقال لي بم أهللت؟ قلت لبيك بإهالل كإهالل رسول اهللا صـلى اهللا قال أحسنت فأمرني فطفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثـم . عليه وسلمأن النبي صلى اهللا عليه وسـلم (وعن جابر . متفق عليه). قال لي أحل

من كان منكم ليس معه هدي فليحـل : لما سعى بين الصفا والمروة قالوألن ما كان محرما في اإلحرام إذا أبيح . رواه مسلم). وليجعلها عمرة

إطالقا من محظور كسائر محرماته، والرواية األولى أصـح فـإن كانالنبي صلى اهللا عليه وسلم أمر به، فروى ابن عمر أن النبي صلى اهللا

من لم يكن معه هدي فليطف بالبيـت وبـين الصـفا (عليه وسلم قال وعن جابر أن النبي صلى اهللا عليـه وسـلم ). والمروة وليقصر وليحل

) بطواف بالبيت وبين الصفا والمـروة وقصـروا أحلوا إحرامكم: (قال: وأمره يقتضي الوجوب وألن اهللا تعالى وصفهم بـه بقولـه سـبحانه

ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم بـه ) محلقين رءوسكم ومقصرين(

كاللبس وقتل الصيد وألن النبي صلى اهللا عليـه وسـلم تـرحم علـى يكن من المناسك لما دخله المحلقين ثالثا وعلى المقصرين مرة ولو لم

التفضيل كالمباحات، وألن النبي صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه فعلـوه في جميع حجهم وعمرهم ولم يخلوا به ولو لم يكن نسكا لمـا داومـوا عليه بل لم يفعلوه ألنه لم يكن من عادتهم فيفعلوه عادة وال فيه فضـل

واهللا أعلم الحل بفعله، ألن وأما أمره بالحل فإنما معناه . فيفعلوه لفضلهذلك كان مشهورا عندهم فاستغنى عن ذكره، وال يمتنع الحل من العبادة

واختار ابن القيم رحمه . بما كان محرما فيها كالسالم من الصالة انتهىاهللا أن الحلق نسك وليس بإطالق من محظور، وهو الذي مشى عليـه

حاب وهو المذهب، فعليـه في المنتهى واإلقناع وغيرهما من كتب األصإذا ترك الحلق والتقصير معا وجب عليه دم، وعلم من كونهما نسكا أنه ال بد من نيتهما كنية الطواف نبه عليه الشيخ منصور في كل من شرح المنتهى والحاشية، وإن أخر الحلق والتقصير عن أيام منى فال دم عليه

وال : (ف اإلفاضة لقولـه تعـالى ألنه ال حد آلخرهما كما أنه ال حد لطوافبين أول وقتـه دون آخـره ) تحلقوا رءوسكم حتى تبلغ الهدي محله

وعـن . فمتى أتى به أجزأه، وبهذا قال عطاء وأبو يوسف وأبو ثـور أحمد عليه دم بتأخيره الحلق والتقصير عن أيام منـى، وهـو مـذهب

وال فـرق الحنفية ألنه نسك أخره عن محله، ومن ترك نسكا فعليه دم،في التأخير بين القليل والكثير والعامد والساهي، وقال مالـك الثـوري

من تركه حتى حـل فعليـه دم : وإسحق وأبو حنيفة ومحمد بن الحسنألنه نسك فوجب أن يأتي به قبل الحل كسائر مناسكه، قال في الشـرح

إحداهما أن التحلل إنمـا يحصـل : وهل يحل قبله؟ فيه روايتان: الكبير

لحلق والرمي معا وهو ظاهر كالم الخرقي وقول الشافعي وأصـحاب باإذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم : (الرأي لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم

وترتيب الحل عليهما دليل علـى حصـوله بهمـا ) كل شيء إال النساءوألنهما نسكان يتعقبها الحل فكان حاصال بهما كالطواف والسعي فـي

نية يحصل التحلل بالرمي وحده وهذا قول عطـاء ومالـك والثا. العمروهو الصحيح إن شـاء اهللا ) يعني عمه الموفق(وأبي ثور، قال شيخنا

إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء (تعالى لقوله في حديث أم سلمة قال بعض أصحابنا هذا ينبني علـى : وكذلك قال ابن عباس) إال النساء

نا هو نسك حصل الحل به، وإال حصل بـالرمي الخالف في الحلق إن قلوحده وهو الذي ذكره شيخنا في كتابه المشروح انتهى كالم الشـارح،

وعبـارة : ومراده بالكتاب المشروح المقنع ألن الشرح الكبير شرح لهظاهر كالم الخرقي هاهنا أن الحل إنمـا يحصـل بـالرمي : المغني قال

أحمـد وهـو قـول الشـافعي والحلق معا وهو إحدى الروايتين عـن إذا رميـتم وحلقـتم : (وأصحاب الرأي لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم

وترتيب الحـل عليهمـا دليـل علـى ) فقد حل لكم كل شيء إال النساءحصوله بهما وألنهما نسكان يتعقبهما الحل فكان حاصال بهما كالطواف

ذا وطـيء وعن أحمد إذا رمى الجمرة فقد حـل وإ . والسعي في العمرةبعد جمرة العقبة فعليه دم ولم يذكر الحلق، وهذا يدل علـى أن الحـل بدون الحلق وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور وهو الصحيح إن شـاء

إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كـل : (اهللا تعالى لقوله في حديث أم سلمةقال بعض أصحابنا هذا ينبنـي : وكذلك قال ابن عباس) شيء إال النساء

على الخالف في الحلق هل هو نسك أو ال؟ فإن قلنا نسك حصل الحـل

: تقدم أن التحلل األول يحصل باثنين من ثالثة: قلت. به، وإال فال انتهىرمي، وحلق أو تقصير، وطواف إفاضة، وأن الحلق والتقصـير نسـك

.وهذا هو الصحيح من المذهب وعليه عمل المسلمين قديما وحديثالق على الرمي أو على النحر أو طاف للزيارة قبل رميـه وإن قدم الح

أو نحر قبل رميه جاهال أو ناسيا فال شيء عليه، وكذا لو كان عالمـا سمعت رسول اهللا صـلى اهللا : لحديث عبد اهللا بن عمرو بن العاص قال

يـا : عليه وسلم وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمـرة فقـال : بل أن أرمي؟ فقال ارم وال حرج، وأتـاه آخـر رسول اهللا إني حلقت ق

إني : فقال إني ذبحت قبل أن أرمي؟ فقال ارم وال حرج، وأتاه آخر فقالأفضت إلى البيت قبل أن أرمي؟ قال ارم وال حرج، قال فما رأيته سـئل

: وعنـه قـال . متفق عليـه ). يومئذ عن شيء إال قال افعلوا وال حرجوسلم في حجة الوداع بمنـى للنـاس وقف رسول اهللا صلى اهللا عليه(

يا رسول اهللا لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر؟ : يسألونه، فجاء رجل فقاليا رسول اهللا لـم أشـعر : فقال اذبح وال حرج، ثم جاء رجل آخر، فقال

ارم وال حرج، قال فما سـئل رسـول اهللا : فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال). إال قال افعـل وال حـرج صلى اهللا عليه وسلم عن شيء قدم وال أخر

يا رسول اهللا حلقت قبـل : جاء رجل فقال: (وعن علي قال. رواه مسلميا رسـول اهللا إنـي : انحر وال حرج، ثم أتاه آخر فقال: أن أنحر؟ قال

رواه أحمد، وقوله ). احلق أو قصر وال حرج: أفضت قبل أن أحلق؟ قالم وال دم فيه، قال في وال حرج، يدل على أنه ال إث: صلى اهللا عليه وسلم

لكن يكره ذلك للعالم خروجا من الخـالف، قـال فـي : اإلقناع وشرحهقـال فـي المغنـي . الغاية، لكن السنة تقديم رمي فنحر فطواف انتهى

كان النبي صلى اهللا عليه وسلم يسـأل : والشرح وروى ابن عباس قاله يوم النحر بمنى قال رجل رميت بعد مـا أمسـيت قـال ال حـرج روا

البخاري فإن أخرها إلى الليل لم يرمها حتى تزول الشمس مـن الغـد، وبه قال أبو حنيفة وإسحق، وقال الشافعي ومحمد وأبو يوسف وابـن المنذر يرمي ليال لقول النبي صلى اهللا عليه وسلم ارم وال حرج، ولنـا أن ابن عمر رضي اهللا عنهما قال من فاته الرمي حتى تغيب الشـمس

تى تزول الشمس من الغد، وقول النبي صلى اهللا عليه وسـلم فال يرم حارم وال حرج إنما كان في النهار ألنه سأله في يوم النحـر وال يكـون

.اليوم إال قبل مغيب الشمسوعنـد . وقال مالك يرمي ليال وعليه دم ومرة قال ال دم عليه انتهـى

ه على النحـر أو إن قدم الحلق على الرمي فعليه دم، وإن قدم: المالكيةالنحر على الرمي فال شيء عليه ألنه باإلجماع ممنوع من حلق شعره قبل التحلل األول وال يحصل إال برمي الجمرة، فأما النحر قبـل الرمـي فجائز ألن الهدي قد بلغ محله، وعندهم أيضا ال تجزئه اإلفاضـة قبـل

حر فعليه دم، الرمي، وعند الحنفية إن قدم الحلق على الرمي أو على النومذهب الحنابلة هو مـا تقـدم لألحاديـث . فإن كان قارنا فعليه دمان

.الصحيحة الواردة في رفع الحرج عمن قدم أو أخر شيئا قبل شيءوهناك سئل صلى اهللا عليه : قال ابن القيم رحمه اهللا بعد كالم له سبق

ال: وسلم عمن حلق قبل أن يرمي، وعمن ذبح قبل أن يرمـي، فقـال خرجت مع النبي صـلى اهللا (وقال أسامة بن شريك : حرج إلى أن قال

يا رسول اهللا سـعيت : عليه وسلم حاجا وكان الناس يأتونه، فمن قائلقبل أن أطوف أو أخرت شيئا وقدمت، فكان يقول ال حرج ال حـرج إال

على رجل اعترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فـذلك الـذي حـرج أن أطوف في هذا الحـديث لـيس بمحفـوظ وقوله سعيت قبل). وهلك

والمحفوظ تقديم الرمي والنحر والحلق بعضها على بعض انتهى كالمه والسنة أن يرمي جمرة العقبة ثم ينحر ثم يحلـق ثـم . رحمه اهللا تعالى

يطوف طواف اإلفاضة ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رتبها كذلك، فإن با، ثم يخطب اإلمام أو نائبه يوم أخل بترتيبها فال شيء عليه وتقدم قري

النحر بكرة النهار بمنى خطبة مفتتحة بالتكبير يعلمهـم فيهـا النحـر خطبنـا (واإلفاضة والرمي للجمرات كلها أيام منى لحديث أبي بكرة قال

: أتدرون أي يوم هذا؟ قلنـا : النبي صلى اهللا عليه وسلم يوم النحر فقالأليس : أنه سيسميه بغير اسمه، قال اهللا ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا

اهللا ورسـوله أعلـم، : أي شهر هذا؟ قلنـا : قال. بلى: يوم النحر؟ قلنا: أليس ذا الحجة؟ قلنـا : فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال

اهللا ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننـا أنـه : أي بلد هذا؟ قلنا: بلى، قالفإن دمـاءكم : بلى، قال : لدة؟ قلناأليست بالب: قال. سيسميه بغير اسمه

وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هـذا اللهم اشهد فليبلـغ : نعم، قال: إلى يوم تلقون ربكم، أال هل بلغت؟ قالوا

الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع، فال ترجعـوا بعـدي كفـارا والبخاري، وعن ابـن عبـاس رواه أحمد) يضرب بعضكم رقاب بعض

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم خطب الناس يوم النحر (رضي اهللا عنهما اللهم هل بلغت، اللهم : ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: يعني بمنى، وفيه

.رواه البخاري). هل بلغت

وخطب صلى اهللا عليه وسلم النـاس : قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وتحريمه وفضله يعني بمنى خطبة

عند اهللا وحرمة مكة على جميع البالد، وأمر بالسمع والطاعـة لمـن قادهم بكتاب اهللا، وأمر الناس بأخذ مناسكهم عنه ، وقال لعلي ال أحـج بعد عامي هذا، وعلمهم مناسكهم وأنزل المهاجرين واألنصار منازلهم،

جعوا بعده كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض، وأمر وأمر الناس أن ال يرال : (بالتبليغ عنه، وأخبر أنه رب مبلغ أوعى من سامع وقال في خطبته

وأنزل المهاجرين عن يمين القبلة واألنصـار ) يجني جان إال على نفسهعن يسارها والناس حولهم وفتح اهللا له أسماع الناس حتى سمعها أهل

اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، : (خطبته تلكمنى في منازلهم، وقال في ، وودع حينئـذ )وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكـم قال عطاء كان . الناس فقالوا حجة الوداع انتهى كالمه رحمه اهللا تعالى

.منزل النبي صلى اهللا عليه وسلم بمنى بالخيف قاله في المغني وتقدمكبر ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم قـال ويوم النحر هو يوم الحج األ

رواه البخاري، وسمي بذلك ) هذا يوم الحج األكبر(في خطبته يوم النحر من الوقوف بالشعر والدفع منه إلى منى والرمي : لكثرة أفعال الحج فيه

والنحر والحلق وطواف اإلفاضة والرجوع إلى منى ليبيت بها وليس في .يد ويوم يحل فيه من إحرام الحجغيره مثله، وهو مع ذلك يوم ع

:فصل -- ثم يفيض إلى مكة فيطوف متمتع لقدومه كطوافه لعمرته السابق فـي

دخول مكة نصا بال رمل وال اضطباع ألنه قد رمل في طواف العمرة، ثم يطوف للزيارة واختار ذلك الخرقي وأكثر األصحاب، ويطـوف مفـرد

رفة للقدوم نصا برمل واضطباع ثم وقارن لم يدخال مكة قبل وقوفهما بعللزيارة، قال الخرقي وإن كان متمتعا فيطوف بالبيت سـبعا وبالصـفا والمروة سبعا كما فعل للعمرة ثم يعود فيطوف طوافا ينوي به الزيـارة

).وليطوفوا بالبيت العتيق: (وهو قوله عز وجلالذي ذكـره أما الطواف األول: قال أبو محمد موفق الدين بن قدامة

الخرقي هاهنا فهو طواف القدوم ألن المتمتع لم يأت بـه قبـل ذلـك، والطواف الذي طافه في العمرة كان طوافها ونص أحمـد علـى أنـه

قلت ألبي عبـد اهللا رحمـه اهللا : مسنون للمتمتع في رواية األثرم، قالتعالى فإذا رجع، أعني المتمتع، كم يطوف ويسعى؟ قال يطوف ويسعى

ويطوف طوافا آخر للزيارة عاودناه في هذا غير مرة فثبت عليه، لحجه وكذا الحكم في القارن والمفرد إذا لم يكونا أتيا مكة قبل يوم النحـر وال طافا للقدوم فإنهم يبدآن بطواف القدوم قبل طواف الزيارة نص عليـه

فطاف الـذين : (أحمد أيضا، واحتج اإلمام أحمد بما روت عائشة قالتا بالعمرة وبين الصفا والمروة ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعـوا أهلو

من منى لحجهم، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طـافوا طوافـا فحمل أحمد قول عائشة على أن طوافهم لحجهـم هـو طـواف ) واحدا

القدوم وألنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع فلم يكن طواف الزيـارة ية المسجد عند دخوله قبل التلبس بصالة الفرض، ولـم مسقطا له كتح

أعلم أحد وافق أبا عبد اهللا على هذا الطواف الذي ذكره الخرقـي بـل المشروع طواف واحد للزيارة كمن دخل المسجد وقد أقيمـت الصـالة فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد، وألنه لم ينقل عن النبـي صـلى اهللا

الذين تمتعوا معه في حجة الوداع وال أمر عليه وسلم، وال عن أصحابة

به النبي صلى اهللا عليه وسلم أحدا، وحديث عائشة دليل على هذا فإنها قالت طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وهذا هو طواف الزيارة ولم تذكر طوافا آخر ولو كان هذا الذي ذكرته طـواف القـدوم

زيارة الذي هو ركن الحج الذي ال يتم إال لكانت قد أخلت بذكر طواف البه وذكرت ما يستغنى عنه، وعلى كل حال فما ذكرت إال طوافا واحـدا فمن أين يستدل به على طوافين، وأيضا فإنها لما حاضت قرنت الحـج إلى العمر بأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم ولم تكن طافت للقـدوم وال

وسلم، وقد ذكر الخرقي في موضع آخر أمرها به النبي صلى اهللا عليه في المرأة إذا حاضت فخشيت فوات الحج أهلت بالحج وكانت قارنة ولم يكن عليها قضاء طواف القدوم وألن طواف القـدوم لـو لـم يسـقط بالطواف الواجب لشرع في حق المعتمر طواف للقـدوم مـع طـواف

تع الذي يعـود العمرة ألنه أول قدومه إلى البيت فهو به أولى من المتم .إلى البيت بعد رؤيته وطوافه به

وفي الجملة إن هذا الطواف المختل فيه ليس بواجب وإنما الواجـب طواف واحد وهو طواف الزيارة وهو في حق المتمتع كهو فـي حـق القارن والمفرد في أنه ركن للحج ال يتم إال به وال بد من تعيينه، فلـو

يجئه انتهى كالم الموفـق، واختـار نوى به طواف الوداع أو غيره لمالشيخ تقي الدين ما رجحه الموفق وصححه الشيخ أبـو الفـرج عبـد

.الرحمن بن رجب: قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى بعدما حكى كالم الموفق المتقدم قلـت

لم يرفع كالم أبي محمد اإلشكال وإن كان الذي أنكره هو الحـق كمـا ، فإن أحدا لم يقل إن الصحابة لما رجعـوا أنكره، والصواب في إنكاره

من عرفة طافوا للقدوم وسعوا ثم طافوا لإلفاضة بعده وال النبي صـلى اهللا عليه وسلم هذا لم يقطع قطعا، ولكن كـان منشـأ اإلشـكال أن أم المؤمنين فرقت بين المتمتع والقارن فأخبرت أن القارنين طافوا طوافـا

لعمرة طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى واحدا وأن الذين أهلوا بالحجهم وهذا غير طواف الزيارة قطعا فإنه يشترك فيه القارن والتمتـع فال فرق بينهما فيه، ولكن الشيخ أبـو محمـد لمـا رأى قولهـا فـي المتمتعين أنهم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى، قال لبس فـي

افين، والذي قاله حق ولكن لـم يرفـع هذا ما يدل على أنهم طافوا طواإلشكال، فقالت طائفة هذه الزيادة من كالم عروة أو ابنه هشام أدرجت في الحديث وهذا ال يتبين ولو كان فغايته أنه مرسل ولم يرتفع اإلشكال عنه باإلرسال، فالصواب أن الطواف الذي أخبرت به عائشة وفرقت به

ين الصفا والمروة ال الطواف بالبيت بين المتمتع والقارن هو الطواف بوزال اإلشكال جملة، فأخبرت عن القارنين أنهم اكتفوا بطـواف واحـد بينهما لم يضيفوا إليه طوافا آخر يوم النحر وهذا هو الحق، وأخبـرت عن المتمتعين أنهم طافوا بينهما طوافا آخر بعد الرجوع من منى للحج

لجمهور، وتنزيل الحديث على هـذا وذلك األول كان للعمرة وهذا قول ايسـعك : (موافق لحديثها اآلخر، وهو قول النبي صلى اهللا عليه وسـلم

وكانـت قارنـة ) طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتـك ويوافق قول الجمهور، ولكن يشكل عليه حديث جابر الذي رواه مسـلم

ـ (في صحيحه حابه بـين لم يطف النبي صلى اهللا عليه وسـلم وال أصطوافه األول هذا يوافق قول من يقول ) الصفا والمروة إال طوافا واحدا

يكفي المتمتع سعي واحد،كما هو إحدى الروايتين عن أحمد رحمـه اهللا

نص عليه في رواية ابنه عبد اهللا وغيره، وعلى هـذا فيقـال عائشـة مـن أثبتت وجابر نفى والمثبت مقدم على النافي، أو يقال مراد جـابر

قرن مع النبي صلى اهللا عليه وسلم وساق الهدي كـأبي بكـر وعمـر وطلحة وعلي رضي اهللا عنهم وذوي اليسار فإنهم إنما سـعوا سـعيا واحدا وليس المراد به عموم الصحابة، أو يعلل حديث عائشة بأن تلـك الزيادة فيه مدرجة من قول هشام وهذه ثالث طرق للناس في حـديثها،

ويأتي قريبا إن شاء اهللا البحـث : قلت. تهى كالم ابن القيمواهللا أعلم انفي مسألة المتمتع هل يكفيه سعي واحد بين الصفا والمـروة لعمرتـه

.وحجه أم ال بد من سعيين بينهما، واهللا الهادي إلى سواء السبيلطـواف : واألطوفة المشروعة في الحج ثالثة: قال الموفق والشارح

وطواف القدوم، وهو . يتم الحج إال به بغير خالف الزيارة، وهو ركن الوطواف الوداع، وهو واجب يجب بتركه دم، . سنة ال شيء على تاركه

على تارك طواف القدوم دم : وقال مالك. وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابهوال شيء على تارك طواف الوداع، وما زاد على هذه األطوفة فهو نفل

: قال جـابر . ي واحد بغير خالف علمناهوال شرع في حقه أكثر من سعلم يطف النبي صلى اهللا عليه وسلم وال أصحابه بين الصفا والمروة إال (

رواه مسـلم، وال يكـون السـعي إال بعـد ). طوافا واحدا طوافه األولالطواف، فإن سعى مع طواف القدوم لم يسع بعده، وإن لم يسع معـه

وسمي طواف الزيارة بذلك ألنه سعى مع طواف الزيارة انتهى ملخصا، يأتي من منى فيزور البيت وال يقيم بمكن بل يرجع إلى منى، ويسـمى

ويسمى الصدر : طواف الزيارة اإلفاضة ألنه يفعل بعدها، قال في اإلقناعوهو رجوع المسافر من مقصده ألنه يفعل : بفتح الصاد والدال المهملة

نه يسمى طواف الصدر قاله ابـن بعده أيضا، وما ذكره في اإلقناع من أأبي الفتح في المطلع وابن حمـدان فـي الرعايـة والسـامري فـي المستوعب وقدمه الزركشي، وصحح في اإلنصاف أن طواف الصدر هو طواف الوداع وتبعه في المنتهى، ويعين طواف الزيارة بنيتـه لحـديث

وقوفـه وكالصالة، ويكون طواف الزيارة بعـد ) إنما األعمال بالنيات(خذوا عنـي : (بعرفة ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم طاف كذلك، وقال

وطواف الزيارة هو الطواف الذي به تمام الحج فهو ركن من ) مناسككمثـم ليقضـوا تفـثهم : (أركانه إجماعا قاله ابن عبد البر، لقوله تعالى

حججنا : (، وعن عائشة قالت)وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيقمع رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية،

يا : فأراد النبي صلى اهللا عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله فقلتيا رسول اهللا إنها قـد : رسول اهللا إنها حائض، قال أحابستنا هي؟ قالوا

تكن فعلم منه أنها لو مل . متفق عليه) اخرجوا: أفاضت يوم النحر، قالأفاضت يوم النحر لكانت حابستهم فيكون طواف الزيارة حابسا لمن لـم يأت به، فإن رجع إلى بلده قبل أن يطوف للزيارة رجع من بلده باقيـا على إحرامه بمعنى بقاء تحريم النساء عليه ال الطيب، وليس المخـيط ونحوه لحصول التحلل األول إن كان رمى جمرة العقبـة وحلـق، وإذا

من بلده طاف طواف اإلفاضة وتقدم حكم ما لو وطئ قبل طـواف رجع اإلفاضة، والرمي في الثامن من محظورات اإلحرام، قـال فـي شـرح

ويحرم بعمرة إذا وصل إلى الميقات فإذا حل منها طاف لإلفاضة : اإلقناعقد يقال إن هذا من إدخال العمرة على الحج وفيه ما تقدم، : قلت. انتهى

نوع هو إدخال العمرة على الحج الكامل بخالف ما إذا لم وقد يقال المم .يكن بقي من الحج إال طواف اإلفاضة فقط واهللا أعلم

ويأتي في فصل أركان الحج وفي باب اإلحصـار البحـث فـي هـذه المسألة، وال يجزئ عن طواف اإلفاضة غيره من طـواف الـوداع أو

طواف الزيارة مـن وأول وقت) وإنما لكل امرئ ما نوى(غيره لحديث نصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة قبل، وإال يكن وقف بعرفة فوقته بعد الوقوف بعرفة فال يعتد به قبله وفعله يوم النحر أفضل لحديث ابن عمر

أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصـلى (اهللا عليـه أن النبي صلى(متفق عليه، وفي حديث جابر ) الظهر بمنى

قال ابن القيم رحمه اهللا لما ساق . رواه مسلم). وسلم صلى بمكة الظهربعض األوهام التي ذكرها بعضهم في صفة حجة النبي صلى اهللا عليـه

ومنها على القول الراجح وهم من قال صلى الظهـر يـوم : وسلم قال النحر بمكة، والصحيح أنه صالها بمنى انتهى، وإن أخر طواف الزيارة

إلى الليل فال بأس بذلك، وإن أخره عن يوم النحر وعن أيام منى جـاز كالسعي، وال شيء عليه ألن آخر وتقه غير محدود، وعند الشافعية أول وقت طواف الزيارة من نصف الليل من ليلة النحر ويبقـى إلـى آخـر العمر، واألفضل في وقته أن يكون في يوم النحر، ويكره عندهم تأخيره

م التشريق من غير عذر، وعند الحنفية أوله طلوع الفجـر مـن إلى أيايوم النحر وآخره آخر أيام النحر، وعند المالكية يدخل وقـت طـواف اإلفاضة بطلوع الفجر من يوم النحر وآخره تمام شهر ذي الحجة، وإن

قال الحطاب وكذا لو طاف لإلفاضة وأخـر . دخل شهر محرم فعليه دمم فنه يعيد طواف اإلفاضة ويسعى وعليـه السعي حتى دخل شهر محر

الهدي كما ذكره سند في باب المحصر انتهى كالمه، ثم يسعى متمتـع لحجه بين الصفا والمروة ألن سعيه األول كـان لعمرتـه، وال يكتفـى بسعي عمرته ألنها نسك آخر بل يسعى لحجه، ويسعى من لم يسع مع

ـ م يعـده ألنـه ال طواف القدوم من مفرد وقارن، ومن سعى منهمـا ليستحب التطوع بالسعي كسائر األنساك إال الطواف بالبيت ألنه صـالة،

وال نعلم فيه خالفا، والسعي ركن في الحج فـال : قال في الشرح الكبير .يتحلل

رأيـت : (التحلل الثاني إال بفعله لحديث حبيبة بنت أبي تجراة قالـت ا والمروة والناس بين رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يطوف بين الصف

يديه وهو رواؤهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يـدور رواه أحمـد، ) اسعوا فإن اهللا كتب عليكم السـعي : به إزاره وهو يقول

ثم يخـرج : وتقدم الكالم على هذا الحديث في باب دخول مكة في فصلمرته لـم ما أتم اهللا حج امرئ وال ع(وعن عائشة . إلى الصفا فليراجع

متفق عليه مختصر فإن فعل السـعي قبـل ) يطف بين الصفا والمروةالطواف عالما أو ناسيا أو جاهال أعادة لما تقدم من أن شرط السـعي

قلت عبارات األصحاب صريحة واضـحة فـي أن . وقوعه بعد الطوافالمتمتع إذا أفاض إلى مكة يلزمه بعد طواف اإلفاضة السعي بين الصفا

وقال . والعمرة نسك آخر. لحجه، ألن سعيه األول كان لعمرته والمروةوليس على المفرد إال سعي واحد وكذلك : شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى

القارن عند جمهور العلماء وكذلك المتمتع في أصح قوليهم وهو أصح الروايتين عن أحمد، وليس عليه إال سعي واحد فإن الصـحابة الـذين

صلى اهللا عليه وسلم لم يطوفوا بين الصفا والمروة إال تمتعوا مع النبي

مرة واحدة قبل التعريف، فإذا اكتفى المتمتع بالسعي األول أجزأه ذلـك كما يجزئ المفرد والقارن، وكذلك قال عبد اهللا بن أحمد بن حنبل، قيل

إن طـاف طـوافين : المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: ألبيين الصفا والمروة فهو أجود، وإن طاف طوافا واحـدا يعني بالبيت وب

قال أحمد حدثنا الوليد بن . فال بأس، وإن طاف طوافين فهو أعجب إليالمفرد : مسلم حدثنا األوزاعي عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقول

وقد . والقارن والمتمتع بجزئه طواف بالبيت وسعى بين الصفا والمروةلمتمتعين مع النبي صلى اهللا عليه وسلم مع اتفاق اختلف في الصحابة ا

الناس على إنهم طافوا أوال بالبيت بين الصفا والمروة ولما رجعوا من عرفة قيل إنهم سعوا أيضا بعد طواف اإلفاضة، وقيل لم يسعوا، وهـذا

لم يطف النبي صلى اهللا : (هو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر قالبين الصفا والمروة إال طوافا واحـدا طوافـه عليه وسلم وال أصحابه

، وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين، لكن هذه الزيادة )األولقيل إنها من قول الزهري ال من قول عائشة، وقد احتج به بعضهم على

واألظهر ما في حديث جـابر : أنه يستحب طوافان بالبيت وهذا ضعيفدخلت العمرة في الحج إلـى يـوم (لم ويؤيده قوله صلى اهللا عليه وس

القيامة فالمتمتع من حين أحرم بالعمر دخل في الحج لكنه فصل بتحلـل ليكون أيسر على الحاج، وأحب الدين إلى اهللا الحنيفيـة السـمحة، وال يستحب للمتمتع وال لغيره أن يطوف للقدوم بعد التعريـف، بـل هـذا

مع النبي صلى اهللا عليـه الطواف هو السنة في حقه كما فعل الصحابة وسلم، فإذا طاف طواف اإلفاضة فقد حل له كل شيء النسـاء وغيـر

قوله رحمه اهللا وقد روي في حـديث . كالم شيخ اإلسالم. النساء انتهى

عائشة أنهم طافوا مرتين مراده بحديث عائشة الحديث المتقـدم الـذي ن أهلوا بالعمرة فطاف الذي(تكلم عليه ابن القيم رحمه اهللا، وقد جاء في

وبين الصفا والمروة ثم حلو ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعـوا مـن ، ومراد عائشة بهذا الطواف اآلخر هو السعي بين الصـفا )منى لحجهم

والمروة كما هو ظاهر كالم شيخ اإلسالم المتقدم، وقد حققه ابن القـيم وال لغيـره أن وال يستحب للمتمتـع : كما تقدم قريبا، وقوله رحمه اهللا

يطوف للقدوم بعد التعريف إلى آخره خالفا لما ذهب إليه الخرقي وهي وقال في الفروع بعد . رواية األثرم عن أحمد وتقدم ذلك قريبا واهللا أعلم

يعنـي . وعند يجزئ سعي عمرته واختاره شـيخنا انتهـى : كالم سبقيحتاج بعد صاحب الفروع أن المتمتع إذا سعى لعمرته يجزئه سعيها فال

ذلك إلى سعي آخر بين الصفا والمروة لحجه على هذه الروايـة التـي وفـي : قلـت . اختارها شيخه سيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهللا تعالى

خرجنا مع رسول اهللا صلى : (صحيح مسلم عن جابر رضي اهللا عنه قالنا اهللا عليه وسلم مهلين بالحج معنا النساء والولدان فلما قدمنا مكة طف

مـن : بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمفأتينا : الحل كله، قال: قلنا أي الحل؟ قال: لم يكن معه هدي فليحلل، قال

النساء، ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب، فلما كان يوم الترويـة أهللنـا اهللا صلى بالحج وكفانا الطواف األول بين الصفا والمروة فأمرنا رسول

فهذا ) اهللا عليه وسلم أن نشترك في اإلبل والبقر كل سبعة منا في بدنةالحديث يدل داللة واضحة على أن المتمتع يكفيه سعي واحـد لعمرتـه وحجه بين الصفا والمروة، ولقد أول النووي هذا الحديث وصرفه عـن

ف قوله وكفانا الطوا: ظاهره حيث قال في شرح مسلم على هذا الحديث

األول بين الصفا والمروة يعني القارن منا وأما المتمتع فال بد له مـن السعي بين الصفا والمروة في الحج بعد رجوعه مـن عرفـات وبعـد

هذا صـرف للحـديث عـن : قلت. طواف اإلفاضة انتهى كالم النوويفأتينـا النسـاء، (ظاهره الذي ال يحتمل التأويل، ألن قوله في الحديث

، ومسسنا الطيب فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا ولبسنا الثيابصريح واضح في أنهم حلـوا مـن ) الطواف األول بين الصفا والمروة

إحرام العمر فإنهم أهلوا أوال بالحج مفردين له ثم بعد طوافهم بالبيـت وبين الصفا والمروة أمر صلى اهللا عليه وسلم من لم يكن معهد هـدي

إلى العمر فسمعوا وأطاعوا وفسخوا حجهـم فصـار منهم بفسخ الحجحكمهم بعد الفسخ حكم المتمتع ابتداء، ولو كانوا قارنين كما جنح إليه النووي ما أتوا النساء وال لبسوا الثياب وال مسوا الطيب، ألن القارنين يثبتون على إحرامهم كالمفردين وال يحلون إال يوم النحر، إذا تقرر ذلك

يث صريح في أن المتمتع يكفيه السعي لعمرتـه وأنـه ال فإن هذا الحديحتاج بعد طواف اإلفاضة إلى سعي بين الصفا والمروة لحجه، ويـدل

لم يطف النبي صلى اهللا : (لذلك أيضا الحديث اآلخر عن جابر أيضا، قالعليه وسلم وال أصحابه بين الصفا والمروة إال طوافا واحـدا طوافـه

النبي صلى اهللا عليه وسلم كـان قارنـا : فإن قيل. رواه مسلم). األولقلنا هذا مسلم ولكن معظم الصحابة رضـي . والقارن يكفيه سعي واحد

اهللا عنهم كانوا متمتعين ألنهم فسخوا حجهم إلى العمرة وحلـوا مـن إحرامهم بأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم حيث لم يكن معهـم هـدي،

م لم يطوفوا بين الصـفا والمـروة إال وحديث جابر هذا صريح في أنهطوافا واحدا قبل التعريف فهو عام يشمل القارن والمتمتع، وإذا قيل إن

الذين لم يطوفوا بين الصفا والمروة إال طوافا واحدا هـم القـارنون ال المتمتعون قلنا هذا تقييد لما أطلقه الحديث بغير دليل مع أن حديث جابر

فأتينا النسـاء، ولبسـنا : (اال لقائل، حيث جاء فيهالمتقدم ال يحتمل مجالثياب، ومسسنا الطيب، فلما كان يوم التروية أهللنـا بـالحج وكفانـا

ويؤيد ذلك ما في سنن أبـي داود، ) الطواف األول بين الصفا والمروةقدم رسول اهللا صلى اهللا عليه وأصحابه ألربع خلون من (عن جابر قال

بالبيت وبالصفا والمروة قال رسول اهللا صلى اهللا ذي الحجة، فلما طافواعليه وسلم اجعلوها عمرة إال من كان معه الهـدي، فلمـا كـان يـوم التروية أهلوا بالحج، فلما كان يوم النحر قدموا فطـافوا بالبيـت ولـم

انتهى ويؤيد ذلك أيضـا مـا فـي سـنن ) يطوفوا بين الصفا والمروة .النسائي

كم طواف القـارن والمتمتـع بـين الصـفا : هقال النسائي في سنن لـم يطـف : (والمروة؟ وساق بسنده إلى جابر رضي اهللا عنه أنه قال

النبي صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه بين الصـفا والمـروة إال طوافـا انتهى، قال السندي في حاشيته علـى سـنن النسـائي قولـه ) واحدا

ل مطلقا والصحابة كانوا أي الذي وافقوه في القران، وقيل ب: وأصحابهما بين قارن ومتمتع وكل منهما يكفيه سعي واحد وعليه بنى المصنف

فترجمـة النسـائي : قلـت . يعني النسائي ترجمته انتهى كالم السنديلحديث جابر وهي قوله كم طواف القارن والمتمتع بين الصفا والمروة

هللا أعلم، ولكـن تفيد أنه يرى شمول الحديث للقارن والمتمتع جميعا وايشكل على ما تقدم ما روى البخاري في صحيحه فـي بـاب قـول اهللا

قال عـن ابـن ) ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام: (تعالى

أهل المهاجرون : أنه سئل عن متعة الحج فقال(عباس رضي اهللا عنهما ـ ا، واألنصار وأزواج النبي صلى اهللا عليه وسلم في حجة الوداع وأهللن

اجعلـوا إهاللكـم : فلما قدمنا مكة قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمبالحج عمرة إال من قلد الهدي، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينـا

من قلد الهدي فإنه ال يحل له حتى يبلـغ : النساء ولبسنا الثياب، وقال الهدي محله ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج فـإذا فرغنـا مـن

المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقد تم حجنا وعلينا الهدي فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثالثة أيام في : (كما قال تعال

إلى أمصاركم الشاة تجزئ فجمعوا النسكين في ) الحج وسبعة إذا رجعتم: يعام بين الحج والعمرة الحديث، قال الحافظ بن حجر في فتح البـار

قوله فقد تم حجنا ومن هنا أي من قوله فقد تم حجنا إلى آخر الحـديث موقوف على ابن عباس، ومن هنا إلى أوله مرفوع انتهى، فحديث ابن عباس هذا يدل على أن المتمتع ال يكفيه لعمرته وحجه سعي واحد بين الصفا والمروة وأنه ال بد له من سعيين واحد للعمرة وآخر للحج واهللا

ومما تقدم يتضح أن المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصـفا : قلت. مأعلوالمروة لعمرته وحجه لحديث جابر المتقدم، وهو اختيار شيخ اإلسـالم ابن تيمية رحمه اهللا ورواية عن اإلمام أحمد، وإن سعى بينهما مـرتين واحدة لعمرته، وأخرى لحجه عمال بحديث ابن عبـاس المتقـدم فهـو

جمهور العلماء واهللا أعلم، ثم بعد التحلل الثاني قد حل أحوط وهو قول .له كل شيء حتى النساء

إذا مرض من أحرم بالحج وأتى ببعض المناسك وعجـز عـن : فائدة طواف اإلفاضة فإنه يطاف به محموال أو راكبا وال يسـتنيب إن كـان

ذا حجه فرضا، فإن كان نفال جاز له أن يستنيب ولو لغير عذر، ألنـه إ جازت االستنابة في كل الحج ولو لغير عذر جازت في بعضه من بـاب

.أولى، واهللا أعلمإذا توفي إنسان وقد بقي عليه بعض مناسك الحج فإنها تفعـل : تتمة

عنه بعد موته، وال فرق بين الفرض والنفل وال كون الحج عن نفسه أو فليراجع كما عن غيره، وتقدم في فصل االستنابة في الحج أول الكتاب

تقدم ذلك أيضا في باب محظورات اإلحرام، ولكن في صحيح البخـاري باب المحرم يموت بعرفة، ولم يأمر النبـي صـلى اهللا عليـه : ما نصه

وسلم أن يؤدى عنه بقية الحج، ثم ذكر حديث الرجـل الـذي وقصـته راحلته وهو واقف بعرفة، قال القسطالني في شرحه على البخاري بعد

أي كرمي الجمار والحلق وطـواف اإلفاضـة : مصنف بقية الحجقول الألن أثر إحرامه باق ألنه يبعث يوم القيامة ملبيا، وإنما لم يأمر النبـي صلى اهللا عليه وسلم أن يؤدى عنه بقية الحج ألنه مات قبل التمكن من أداء بقيته فهو غير مخاطب به كمن شرع فـي صـالة مفروضـة أول

نائها فإنه ال تبعة عليه فيها إجماعـا انتهـى كـالم وقتها فمات في أث .القسطالني

:فصل -- ثم يأتي زمزم فيشر منها لما أحب لحديث جابر قال قـال رسـول اهللا

رواه أحمد وابن ماجة ). ماء زمزم لما شرب له: (صلى اهللا عليه وسلموابن أبي شيبة والبيهقي والـدارقطني والحـاكم وصـححه المنـذري

مياطي وحسنه الحافظ وفي إسناده عبد اهللا بن المؤمل وقد تفرد به والدكما قال البيهقي وهو ضعيف وأعله ابن القطان به، وقد رواه البيهقـي

من طريق أخرى عن جابر، وفيه سويد بن سعيد، وهو ضعيف جدا وإن كان مسلم قد أخرج له فإنما أخرج له في المتابعات، لكن يأتي في كالم

م رحمه اهللا تعالى أن عبد اهللا بن المبارك روى هذا الحديث عن ابن القيابن أبي الموالي عن محمد بن المنكدر، وأن ابن أبي الموالي ثقة وعن

أنها كانت تحمل من مـاء زمـزم وتخبـر أن (عائشة رضي اهللا عنها رواه الترمذي وقال حديث ) رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم كان يحمله

أن (رجه البيهقي والحاكم وصححه، وعن ابن عباس حسن غريب، وأخرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم جاء إلى السـقاية فاستسـقى، فقـال

يا فضل اذهب إلى أمك فأت اهللا رسوله صلى اهللا عليه وسـلم : العباسيا رسول اهللا إنهـم يجعلـون : اسقني، فقال: بشراب من عندها، فقال

أتى زمزم وهم يسـقون ويعملـون اسقني فشرب، ثم: أيديهم فيه، قاللوال أن تغلبوا لنزلت : اعملوا فإنكم على عمل صالح، ثم قال: فيها، فقال

رواه ) حتى أضع الحبل على هذه، يعني عاتقـه وأشـار إلـى عاتقـه .البخاري

وفي الحديث كراهة التقذر والتكره للمأكوالت والمشروبات وأن األصل وفيـه تواضـعه . ق ما يخالف األصلفيها الطهارة والنظافة حتى يتحق

صلى اهللا عليه وسلم حيث شرب من ماء زمزم وهم يضـعون أيـديهم .فيهإن آية ما : (وعن ابن عباس أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

رواه ابـن ماجـة ) بيننا وبين المنافقين ال يتضلعون من مـاء زمـزم سـول اهللا صـلى اهللا قال ر: وعن ابن عباس قال. والدارقطني والحاكم

ماء زمزم لما شرب له، إن شربته لتستشفي به شفاك اهللا، (عليه وسلم

وإن شربته يشبعك أشبعك اهللا به، وإن شربته لتستشفي به شفاك اهللا، وإن شربته يشبعك أشبعك اهللا به، وإن شربته لقطع ظمئك قطعـه اهللا،

). قيا إسـماعيل وإن شربته مستعيذا أعاذك اهللا، وهي هزمة جبريل وساللهـم :فكان ابن عباس إذا شرب ماء زمزم، قال: رواه الدارقطني قال

مـاء : قولـه . إني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا، وشفاء من كل داءزمزم لما شرب له، فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب إذا شـاء

) ما(خرة، ألن اهللا ألي أمر شربه ألجله سواء كان من أمور الدنيا أو اآللوال أن تغلبوا وذلك بأن : قوله. في قوله لما شرب له من صيغ العموم

يظن الناس أن النزع سنة فينزع كل رجل لنفسه فيغلب أهـل السـقاية .أي ال يروون من ماء زمزم: ال يتضلعون: قوله. عليها

امتأل شبعا أو ريا حتى بلغ الماء أضالعه : وتضلع: قال في القاموس أي حفرة جبريل ألنه ضربها برجله : هزمة جبريل بالزاي: قوله. نتهىا

غمزه بيده فصـارت فيـه : هزمه يهزمه: فنبع الماء، قال في القاموسوسـقيا : قولـه . والهزائم البئار الكبيرة الغزر المـاء : حفرة، ثم قال

.أي أظهره اهللا ليسقي بها إسماعيل في أول األمر: إسماعيلور زمزم هو ما روى ابن عباس رضـي اهللا عنهمـا سبب ظه: فائدة أن هاجر لما أشرفت على المروة حين أصابها وولدها العطش على ما (

تقدم في السعي سمعت صوتا فقالت صه، تريد نفسـها، ثـم تسـمعت فسمعت أيضا، فقالت قد أسمعت إن كان عندك غواث، فإذا هي بالملـك

احه حتى ظهر الماء فجعلـت عند موضع زمزم فبحث بعقبه أو قال بجنتحوضه، وتقول بيدها هكذا تغترف من الماء في سقائها وهـو يفـور

: قال رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم : قال ابن عباس) بعدما تغترف

لو لم تغترف من المـاء : يرحم اهللا أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال(ال : فقال لها الملكلكانت زمزم عينا معينا، قال فشربت وأرضعت ولدها،

تخافوا الضيعة فإن هاهنا بيت اهللا يبنى هذا الغالم وأبـوه فـإن اهللا ال يضيع أهله، وكان البيت مرتفعا من األرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ

.أخرجه البخاري). عن يمينه وشمالهماء زمزم سيد المياه وأشرفها وأجلها : قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى را وأحبها إلى النفوس وأغالها ثمنا وأنفسها عند الناس، وهو هزمة قد

وثبت في الصحيح عن النبي صلى اهللا عليـه . جبرائيل وسقيا إسماعيلوسلم أنه قال ألبي ذر وقد أقام بين الكعبة وأستارها أربعين ما بين يوم

إنهـا : (وليلة، وليس له طعام غيره فقال النبي صلى اهللا عليه وسـلم وفي سنن ابن ماجة ). وشفاء سقم(وزاد غير مسلم بإسناده ) عام طعمط

من حديث جابر بن عبد اهللا رضي اهللا عنه، عن النبي صلى اهللا عليـه وقد ضعف هذا الحديث طائفـة ) ماء زمزم لما شرب له: (وسلم أنه قال

بعبد اهللا بن المؤمل رواية عن محمد بن المنكدر، وقد روينا عن عبـد اللهم إن ابن أبي المـوالي : المبارك أنه لما حج أتى زمزم فقالاهللا بن

حدثنا عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي اهللا عنه عن نبيك صـلى فإني أشربه لظمأ يوم ) ماء زمزم لما شرب له: (اهللا عليه وسلم أنه قال

القيامة، وابن أبي الموالي ثقة، فالحديث إذا حسن، وقد صححه بعضهم هم موضوعا، وكال القولين فيه مجازفة، وقد جربـت أنـا وجعله بعض

وغيري من االستشفاء بماء زمزم أمورا عجيبة واستشفيت به من عدة أمراض فبرأت بإذن اهللا، وشاهدت من يتغذى به األيام ذوات العدد قريبا من نصف الشهر أو أكثر وال يجد جوعا ويطوف مع النـاس كأحـدهم

عليه أربعين يوما وكان له قوة يجامع بها أهـل وأخبرني أنه ربما بقي .ويصوم ويطوف مرارا انتهى كالم ابن القيم رحمه اهللا تعالى

وفي صحيح مسلم في فضائل أبي ذر ثم قال يعني رسول اهللا صـلى قلت قد كنت هاهنا منذ ثالثـين : متى كنت هاهنا؟ قال(اهللا عليه وسلم

ما كان لـي طعـام إال : ؟ قال قلتفمن كان يطعمك: بين ليلة ويوم، قالماء زمزم، قسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما أجد على كبدي سخفة

).إنها مباركة إنها طعام طعم: جوع، قالسقيت رسول اهللا صـلى اهللا : (وعن ابن عباس رضي اهللا عنهما قال

فحلف عكرمة مـا : عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم، قال عاصمقـال عاصـم، يعنـي : قوله. رواه البخاري). إال على بعيركان يومئذ

قوله فحلف عكرمة يعني مولى ابن عباس، قوله ما كان يعني . األحولأي يوم سقاه ابن عبـاس : رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قوله يومئذ

.من ماء زمزم إال راكبا على بعيرليه وسلم زمزم بعد قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى، ثم أتى صلى اهللا ع

لوال أن يغلبكم الناس لنزلت فسقيت : (أن قضى طوافه وهم يسقون فقالمعكم ثم ناولوه الدلو فشرب وهو قائم فقيل هذا نسخ لنهيه عن الشـر قائما، وقيل بل بيان منه ألن النهي على وجه االختيار وترك األولـى،

اكبا أو ماشـيا؟ وقيل بل للحاجة وهذا أظهر، وهل كان في طوافه هذا رطاف رسول اهللا صلى اهللا عليه (فروى مسلم في صحيحه عن جابر قال

وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الـركن بمحجنـه ألن يراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه وفي الصحيحين عـن

طاف النبي صلى اهللا عليه وسلم في حجة الوداع على: (ابن عباس قال

وهذا الطواف ليس بطواف الوداع فإنه كان ) بعير يستلم الركن بمحجنليال، وليس بطواف القدوم لوجهين ثم ذكرهما عمار رحمه اهللا تعـالى

فإذا لم يكن طواف الوداع وال طواف القدوم فإن الطـواف : قلت. انتهى .المذكور هو طواف اإلفاضة الذي هو ركن الحج واهللا أعلم

لحفاظ بن حجر العسقالني الشـيخ ابـن عرفـة حـين سأل ا: لطيفة اجتماعه به في مصر عن ماء زمزم لم لم يكن عذبا فقال ابن عرفة في جوابه إنما لم يكن عذبا ليكون شربه تعبدا ال تلذذا، فاستحسن ابن حجر

.جوابه وطرب به انتهى: وعن وهب بن منبه أنه قال في زمـزم : قال األزرقي في تاريخ مكة

والذي نفسي بيده إنها لفي كتاب اهللا تعالى مضنونة، وإنها لفي كتـاب اهللا برة وإنها لفي كتاب اهللا سبحانه شراب األبرار، وإنها لفي كتاب اهللا

والذي نفس وهب بيده ال يعمد إليها أحد : طعام وشفاء سقم، إلى أن قالبسـند فيشرب منها حتى يتضلع إال نزعت منه داء وأحدثت له شفاء، و

خير بئر في الناس بئـر زمـزم، : األزرقي إلى علي رضي اهللا عنه قالتنافس الناس في زمزم فـي : وبسنده إلى العباس بن عبد المطلب قال

الجاهلية حتى إن كان أهل العيال يغدون بعيالهم فيشربون منها فتكـون وبسنده إلى ابـن عبـاس . صبوحا لهم وقد كنا نعدها عونا على العيال

كانت تسمى في الجاهلية شباعة يعني زمزم وإنها نعم العون على : قالالعيال، وبسنده إلى ابن عباس أيضا قال قال رسول اهللا صلى اهللا عليه

وبسنده إلى الضحاك بن ) التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق(وسلم بلغني أن التضلع من ماء زمزم بـراءة مـن النفـاق وأن : مزاحم قالثم يشر من ماء . وشرحه المنتهىقال في . هب الصداع انتهىماءها يذ

زمزم لما أحب ويتضلع منه ويرش على بدنه وثوبه لحديث محمد بـن كنت جالسا عند ابن عباس فجاءه رجـل : عبد الرحمن بن أبي بكر قال

من زمزم، قال فشربت منها كما ينبغي؟ قـال : فقال من أين جئت؟ قالفاستقبل القبلة أي الكعبة واذكـر اسـم اهللا فكيف؟ قال إذا شربت منها

وتنفس ثالثا من ماء زمزم وتضلع منها، فإذا فرغت منها فاحمـد اهللا آية ما بيننا وبين المنـافقين (فإن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

رواه ابن ماجة انتهى، وأخرجه أيضـا ). أنه ال يتضلعون من ماء زمزم .يق ابن أبي مليكةالدارقطني والحاكم من طر

ورد أن زمزم عين مـن : األولى قال الشيخ محمد السفاريني: فائدتان الجنة، وذكر بعضهم أن حبشيا وقع في بئر زمزم فنزحت مـن أجلـه فوجدوها تفور من ثالث أعين، أقواها وأكثرها ماء عين مـن ناحيـة

ة الحجر األسود، والثانية من جهة الصفا، والثالثة مـن جهـة المـرو .انتهى

ال بأس بنقل ماء زمزم : الثانية قال الشيخ ابن العماد في شرح الغاية للهدية تبركا به كما يفعله كثير من الحجاج، وخاصيته من أنـه طعـام طعم وشفاء سقم ال ترفه كما ظنه بعضهم، وال تبدله المالئكة كما ظنـه

التـيمم آخرون لكن من صحبه معه وفقد الماء في الطريق ال يباح لـه ألن عنده ماءا طهورا ويجب عليه استعماله، وكـذا إن اضـطر إليـه

ال : قلت. عطشان من حيوان محترم فيجب بذله، فليحفظ فإنه مهم انتهىنسلم البن العماد إطالقه هذا الكالم في عدم إباحة التيمم لمن كان معـه

يثا وفـيهم ماء من زمزم ال سيما إذا كان قليال ألن المسلمين قديما وحدالعلماء المحققون يتيممون ومعهم المـاء الـذي يحتاجونـه لشـربهم

وطبخهم خصوصا في الطرق التي ال يوجد فيها الماء مسافة اليـومين والثالثة واألربعة على اإلبل، وقد يردون الماء ومعهم شيء فاضل من الماء الذي يحملونه وال يوجب ذلك عدم صحة تيممهم، أما وجوب بذله

ذا اضطر غليه عطشان فهو صحيح بشرط أن ال يحتاج إليه صـاحبه إفإن احتاج إليه صاحبه واضطر إلى شربه فال يلزم بذلـه لغيـره، ألن حاجته مقدمة على حاجة غيره، والضرر ال يزال بالضـرر كمـا نـص

.العلماء على ذلك، واهللا أعلمء زمزم جاز ومن حمل شيئا من ما: قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى

ويسن أن يدخل البيت والحجـر منـه . فقد كان السلف يحملونه انتهىخرج رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من عندي : (لحديث عائشة قالت

وهو قرير العين طيب النفس، ثم رجع إلي وهو حزين فقلت له؟ فقـال إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت إني أخاف أن أكون أتعبـت

رواه الخمسة إال النسائي وصححه الترمذي، وأخرجه ). من بعدي أمتيدخلت مع (أيضا وصححه ابن خزيمة والحاكم، وعن أسامة بن زيد قال

رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم البيت، فجلس فحمد اهللا وأثنـى عليـه وكبر وهلل، ثم قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخده

وكبر ودعا، ثم فعل ذلك باألركان كلها، ثم خـرج فأقبـل ويديه ثم هلل ). على القبلة وهو على الباب فقال هذه القبلة هذه القبلة مرتين أو ثالثا

رواه أحمد والنسائي ورجاله رجال الصحيح، وأصله في صحيح مسـلم إن النبي صلى اهللا عليه وسلم لم يصل في البيت ولكنه كبر فـي (بلفظ

في هذا الحديث دليل على مشـروعية وضـع : الشوكانيقال ). نواحيه. الصدر والخد على جميع األركان مع التهليل والتكبير والدعاء انتهـى

لما فتح رسول اهللا صلى اهللا عليـه (وعن عبد الرحمن بن صفوان قال وسلم مكة انطلقت فوافقته قد خرج من الكعبة وأصحابه قـد اسـتلموا

وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول اهللا البيت من الباب إلى الحطيم رواه أحمد وأبو داود، وفي إسناده يزيد ). صلى اهللا عليه وسلم وسطهم

بن أبي زياد وال يحتج بحديثه، وقد ذكر الدارقطني أن يزيد بن أبي زياد تفرد به عن مجاهد، ولكن ذكر الذهبي أنه صدوق من ذوي الحفظ، وكر

مة الكبار، قال شيخ اإلسـالم رحمـه اهللا في الخالصة أنه كان من األئوله أن يفعل االلتزام قبل طواف الوداع فإن هذا االلتزام ال فرق : تعالى

بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حـين االلتزام للقادم قد يكون من بـاب االشـتياق : قلت. انتهى. يدخلون مكة

عنه وللمسافر أيضا ألنه أراد مفارقة بيت اهللا للبيت بعد الغربة الطويلة العتيق، وقد يكون االلتزام من باب الذل والخضوع بين يدي اهللا في هذا المقام الشريف على حسب نية الملتزم وقصده، خالفا لما يعتقده بعض الجهلة من أن التزام البيت والتمسح به ووضع الخد والصـدر عليـه

من الشفاء والنفع ودفع الضـرر والسـقم، يحصل لهم به بركة البيت .وهذا االعتقاد من أعظم الضالل عياذا باهللا من الخذالن

وكان ابن عباس رضي اهللا عنهما يلتزم ما بين الركن والباب ويقول ال يلتزم ما بينهما أحد يسأل اهللا تعالى شيئا إال أعطاه إياه، فيجب على

وأن يتبع سنة رسول اهللا صلى كل مسلم أن يخلص عمله هللا جل وعال،اهللا عليه وسلم، فاإلخالص في العمل والمتابعة للرسول صلى اهللا عليه وسلم شرطان لقبول العمل، فإن فقد الشرطان أو أحدهما فالعمل غيـر

.مقبول عند اهللا، واهللا ال يضيع أجر من أحسن عمال واهللا أعلم

إلى سـقف البيـت وال وال يرفع بصره : قال الشيخ مرعي في الغاية وذلك لما ذكـره المحـب : قلت. يشتغل بذاته بل بإقباله على ربه انتهى

واعجبا للمرء المسلم إذا دخل : الطبري في القرى عن عائشة أنها قالتالكعبة كيف يرفع بصره قبل السقف ال يـدع ذلـك إجـالال هللا تعـالى

ـ (وإعظاما له ة مـا خلـف دخل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم الكعبأخرجه أبو ذر وابن الصالح في ) بصره موضع سجوده حتى خرج منها

ومنها أنه ال يرفع : قال ابن ظهيرة في الجامع اللطيف. منسكيهما انتهىدخل رسول اهللا (بصره إلى السقف لحديث عائشة رضي اهللا عنها قالت

صلى اهللا عليه وسلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خـرج .أخرجه البيهقي في سننه والحاكم في المستدرك) نهاموإنما كره ذلك ألنه يولد الغفلة واللهو عن القصد : قال المحب الطبري

انتهى، ويكون حال دخول البيت والحجر حافيا بال خف وال نعـل لمـا أول من خلع الخف والنعل فلم : روى األزرقي عن الواقدي عن أشياخه

وليد بن المغيرة إعظاما لها فجرى ذلك عادة وبغير يدخل الكعبة بهما السالح نصا، ويكبر في نواحيه، ويدعو في نواحيه، ويصلي فيه ركعتين

دخل النبي صلى اهللا عليه وسلم وبالل وأسامة بن زيد (لقول ابن عمر : هل صلى فيه رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم؟ قال: البيت، فقلت لبالل

بين العمودين تلقاء وجهه قال ونسيت أن أسـأله : أين؟ قال: نعم، قلتمتفق عليه، فإن لم يدخل البيت فال بأس لحديث عائشة وتقدم ) كم صلى

ودخول نفس الكعبة ليس بفرض وال : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالىسنة مؤكدة بل دخولها حسن والنبي صلى اهللا عليه وسلم لم يدخلها في

مرة الجعرانة وال عمرة القضية، وإنما دخلهـا الحج وال في العمر ال ع

ومن دخلها يستحب له أن يصلي فيها ويكبر اهللا ويدعوه . عام فتح مكةويذكره، وإذا دخل من الباب حتى يصير بينه وبين الحائط ثالثـة أذرع والباب خلفه فذلك هو المكان الذي صلى فيه النبـي صـلى اهللا عليـه

والحجر أكثره من البيت من حيـث ينحنـي وسلم، وال يدخلها إال حافيا حائطه فمن دخله فهو كمن دخل الكعبة، وليس على داخل الكعبـة مـا ليس على غيره من الحجاج بل يجوز له من المشي حافيا وغير ذلك ما

.يجوز لغيره، واإلكثار من الطواف بالبيت من األعمال الصالحة انتهىهل دخل رسـول : هنا ثالث مسائلوها: قال ابن القيم رحمه اهللا تعالى

اهللا صلى اهللا عليه وسلم البيت في حجته أم ال؟ وهل وقف في الملتـزم بعد الوداع أم ال؟ وهل صلى الصبح ليلة الوداع بمكة أو خارجها منها؟

فزعم كثير من الفقهاء وغيرهم أنه دخل البيت في : فأما المسألة األولىالبيت من سنن الحـج اقتـداء حجته، ويرى كثير من الناس أن دخول

بالنبي صلى اهللا عليه وسلم، والذي تدل عليه سنته أنه لم يدخل البيـت في حجته وال في عمرته وإنما دخله عام الفتح، ففي الصحيحين عـن

دخل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يوم فتح مكة على : (ابن عمر قالان بن طلحة بالمفتاح فجاء ناقة ألسامة حتى أناخ بفناء الكعبة فدعا عثم

به ففتح فدخل النبي صلى اهللا عليه وسلم وأسامة وبالل وعثمان بـن فبادرت الناس : طلحة، فأجافوا عليهم الباب مليا ثم فتحوه، قال عبد اهللا

أين صلى رسول اهللا صـلى اهللا عليـه : فوجدت بالال على الباب فقلتونسيت أن أسأله كم صـلى :بين العمودين المقدمين، قال: وسلم؟ قال

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس ) رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمأن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيـت (

فأخرجوا صـورة إبـراهيم : فأمر بها فأخرجت، قال: وفيه اآللهة، قال: عليه وسـلم وإسماعيل في أيديهما األزالم، فقال رسول اهللا صلى اهللا

قاتلهم اهللا، أما واهللا لقد علموا أنهما لم يستقسما بها قط، قـال فـدخل فقيل كان ذلك دخولين صلى فـي ) البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه

أحدهما ولم يصل في اآلخر، وهذه طريقـة ضـعفاء النقـد كلمـا رأوا ف اختالف لفظ جعلوه قصة أخرى كما جعلوا اإلسـراء مـرارا الخـتال

ألفاظه، وجعلوا شراءه من جابر بعيره مرارا الختالف ألفاظه، وجعلـوا وأما الجهابذة النقـاد . طواف الوداع مرتين الختالف سياقه ونظائر ذلك

فيرغبون عن هذه الطريقة وال يجبنون عن تغليط من ليس معصوما من ل والقول قـو : قال البخاري وغيره من األئمة. الغلط ونسبته إلى الوهم

بالل ألنه مثبت شاهد صالته، بخالف ابن عباس، والمقصود أن دخوله إنما كان في غزاة الفتح ال في حجة وال عمرة، وفي صحيح البخـاري

أدخل النبي : قلت لعبد اهللا بن أبي أوفى: عن إسماعيل بن أبي خالد قالخـرج : (ال، وقالت عائشة: صلى اهللا عليه وسلم في عمرته البيت؟ قال

اهللا صلى اهللا عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس رسول ثم رجع إلي وهو حزين القلب، فقلت يا رسول اهللا خرجت من عنـدي

إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت إنـي : وأنت كذا وكذا؟ فقالفهذا ليس فيه أنه كـان فـي ) أخاف أن أكون قد أتعبت أمتي من بعدي

ته حق التأمل أطلعك التأمل على أنه كان فـي غـزاة حجته بل إذا تأملوسألته عائشة أن تدخل البيت فأمرها أن تصلى فـي . الفتح واهللا أعلم .الحجر ركعتين

وأما المسألة الثانية وهي وقوفه في الملتزم، فالذي روي عنـه أنـه فعله يوم الفتح ففي سنن أبي داود عن عبد الرحمن بن أبـي صـفوان

تح رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم مكـة انطلقـت فرأيـت لما ف: (قالرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقـد استلموا الركن من الباب إلى الحطيم ووضعوا خـدودهم علـى البيـت

وروى أبو داود أيضا مـن ) ورسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وسطهمطفت مع عبد اهللا فلما حاذى دبر : (لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه قا

أال تتعوذ؟ قال نعوذ باهللا من النار، ثم مضى حتـى اسـتلم : الكعبة قلتالحجر فقام بين الركن والباب فوضع صدره وجبهته وذراعيـه وكفيـه

هكذا رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : هكذا وبسطهما بسطا، وقالالوداع وأن يكون فـي غيـره، ، فهذا يحتمل أن يكون في وقت )يفعله

ولكن قال مجاهد والشافعي وغيرهما إنه يستحب أن يقف في الملتـزم بعد طواف الوداع ويدعو، وكان ابن عباس رضي اهللا عنهما يلتزم مـا بين الركن والباب، وكان يقول ال يلتزم ما بينهما أحد يسأل اهللا تعـالى

ابن القيم، ومراده بقوله طفت شيئا إال أعطاه إياه واهللا أعلم انتهى كالم مع عبد اهللا هو عبد اهللا بن عمرو بن العاص رضي اهللا عنه، فعمـرو هو ابن شعيب بن محمد بن عبد اهللا بن عمرو بن العاص، فعبد اهللا بن عمرو هو جد شعيب المذكور، والطائف هو محمد مع أبيه عبد اهللا بـن

.عمرو، واهللا أعلمهي موضع صالته صلى اهللا عليه وسلم صالة وأما المسألة الثالثة، و

الصبح صبيحة ليلة الوداع، فنذكرها إن شاء اهللا عند الكالم على وجوب ومـن : قال في اإلقناع وشرحه. طواف الوداع على من خرج من مكة

أراد أن يستشفي بشيء من طيب الكعبة فليأت بطيب من عنده فليرقـه أي يحرم ذلك ألنه : لكعبة شيئاعلى البيت ثم يأخذه وال يأخذ من طيب ا

وفـي جـواز : قلـت . صرف للموقوف في غير ما وقف عليه انتهـى االستشفاء بالطيب الذي يضعه على الكعبة نظر ظاهر، ولو قيل بـالمنع من ذلك لكان له وجه صحيح ألنه من قبيل التبرك ولم يرد عن النبـي

شدون رضي اهللا صلى اهللا عليه وسلم جواز ذلك، وال فعله الخلفاء الراعنهم وال سائر الصحابة رضي اهللا عنهم، ولو كان خيرا لسبقونا إليـه

.واهللا الموفق الهادي إلى سواء السبيلاألول؛ منع اإلمام مالك أن يشترك مع بني شيبة غيرهم في : تنبيهات

خدمة البيت ألنها والية منه صلى اهللا عليه وسلم لهم، وأمـا نزعهـا أن النبـي صـلى اهللا (د نص الحديث على منعه، وذلك منهم بالكلية فق

عليه وسلم قبض من عثمان بن طلحة يوم الفتح مفتاح الكعبة ودخل به الكعبة ومعه أسامة بن زيد وبالل بن رباح وعثمان بن طلحـة فخـرج

فدعا ) إن اهللا يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها(وهو يتلو هذه اآلية خذوها يا بنـي أبـي طلحـة : ليه المفتاح وقالعثمان بن طلحة فدفع إ

: ، وروى األزرقي بسنده قال)بأمانة اهللا سبحانه ال ينزعها منكم إال ظالمثم نزل رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم من الكعبـة ومعـه المفتـاح (

فتنحى ناحية من المسجد فجلس وكان قد قبض السقاية من العبـاس، ، فلما جلس بسط العباس بن عبـد وقبض المفتاح من عثمان بن طلحة

بأبي وأمي يا رسول اهللا أجمع لنا الحجابة والسقاية، : المطلب يده فقالأعطيكم ما ترزءون منه، ثم قال : فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ادع : ادع لي عثمان، فقام عثمان بن عفان، فقال: صلى اهللا عليه وسلم

ان رسول اهللا صـلى اهللا عليـه لي عثمان، فقام عثمان بن طلحة، وكوسلم قال لعثمان بن طلحة يوما وهو بمكة يدعوه إلى اإلسـالم ومـع عثمان بن طلحة المفتاح فقال صلى اهللا عليه وسلم لعلك سـترى هـذا

لقد هلكـت قـريش : المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت، فقال عثمانعزت وعمـرت يومئذ وذلت، فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم بل

فدعاني رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم : يومئذ يا عثمان، قال عثمانبعد أخذه المفتاح، فذكرت قوله صلى اهللا عليه وسلم وما كان قال لـي،

خذوها يا بنـي أبـي : فأقبلت فاستقبلته ببشر واستقبلني ببشر، ثم قال سـبحانه طلحة تالدة خالدة ال ينزعها منكم إال ظالم، يا عثمـان إن اهللا

: وتعالى استأمنكم على بيته فخذوها بأمانة اهللا عز وجل، قـال عثمـان فلما وليت ناداني فرجعت إليه فقال صلى اهللا عليه وسلم، ألم يكن الذي قلت لك؟ قال فذكرت قوله لي بمكة، فقلت بلى أشهد أنـك رسـول اهللا

وقـال فأعطاه المفتاح والنبي صلى اهللا عليه وسلم مضطبع عليه بثوبه .انتهى). عليه السالم غيبوه

أجمع العلماء على حرمـة أخـذ خدمـة : قال الحطاب: التنبيه الثاني الكعبة أجرة على فتحها لدخول الناس خالفا لما يعتقده بعض الجهلة من أن بني شيبة وال والية عليهم وأنهم يفعلون بالبيت ما شـاءوا انتهـى

ن هذا ينافي أخذ الحجابة بأمانة اهللا قلت وهو كما قال، أل. كالم الحطابالتي اشترطها عليهم النبي صلى اهللا عليه وسلم، وفي زمننـا هـذا إذا فتح آل شيبة الكعبة في موسم الحج يحصل لهم مـن الحجـاج الـذين يدخلونها شيء من المال ولو تنزهوا عن األخذ لكان هو الالئـق بهـم

في لباب المناسك وشـرحه قال . واألحسن في حقهم واهللا ولي التوفيق

أمر كسوة الكعبة زادها اهللا شرفا وكرما إلى السلطان : لمال علي قاريإذا صارت خلقا إن شاء باعها وصرف ثمنها في مصالح البيـت كمـا اقتصر عليه في الفتاوى السراجية وإن شاء ملكها ألحد ولو لواحد من

أي جمع : لى الفقراءالمسلمين إذا كان من المساكين، وإن شاء فرقها عمنهم سواء من أهل مكة وغيرهم ويستوي بنو شيبة وخدمهم فيهم، وال بأس بالشراء منهم، أي من الفقراء بعد أخذهم وقبضهم على مـا فـي النخبة، لكن في البحر الزاخر أنه ال يجوز قطع شيء من كسوة الكعبة

ومـن وال نقله وال بيعه وال شراؤه وال وضعه في أوراق المصـحف، حمل شيئا من ذلك فعليه رده، وال عبرة بما يتوهم الناس أنهم يشترونه

رجل اشترى مـن : وفي النخبة. من بني شيبة فإنهم ال يملكونه انتهىبعض الخدام ستر الكعبة ال يجوز، ولو نقله المشتري إلى بلدة أخـرى

مـام يتصدق به على الفقراء وهذا إذا لم ينقله اإلمام ، أما إذا نقلـه اإل للخدام أو آلخر من المسلمين فجائز كما تقدم أن األمر رفيه إلى اإلمـام انتهى، وهو محمول على ما إذا كانت الكسوة من عمد اإلمام بخالف ما

قال . إذا كانت من وقف فإنه يراعي شرط واقفه في جميع األحكام انتهىالبيت إذا يندب دخول : في الدر المختار على متن تنوير األبصار للحنفية

لم يشتمل على إيذاء نفسه أو غيره، وما يقوله العـوام مـن العـروة الوثقى والمسمار الذي في وسطه أن سرة الدنيا ال أصل له، وال يجوز شراء كسوة الكعبة من بني شيبة بل من اإلمام أو نائبه وله لبسها ولو

: ي قولـه جنبا أو حائضا انتهى، قال في رد المحتار البن عابدين الحنفإذا لم يشتمل على إيذاء نفسه ومثله فيما يظهر دفـع الرشـوة علـى

ويحرم أخذ األجرة ممن يدخل البيت بال : دخوله، لقوله في شرح اللباب

خالف بين علماء اإلسالم وأئمة األنام كما صرح به في البحر وغيـره وقد صرحوا بأن ما حرم أخذه حـرم دفعـه إال لضـرورة وال . انتهى

هنا ألن دخول البيت ليس من مناسك الحـج انتهـى مـن رد ضرورة أي للشاري إن كان امرأة أو كان : وله لبسها: وقال أيضا قوله. المحتار

رجال وكانت الكسوة من غير الحرير كما في شرح اللباب، ونقل بعـض المحشين عن المنسك الكبير للسندي تقييد ذلك أيضا بما إذا لـم تكـن

قال في اإلقناع . يما كلمة التوحيد انتهى من رد المحتارعليها كتابة ال سويتصدق بثياب الكعبة إذا نزعت نص عليه اإلمام أحمد لفعـل : وشرحه

عمر رواه مسلم عن ابن أبي نجيح عنه فهو مرسل، وروى الثوري أن شيبة كان يدفع خلقان البيت إلى المساكين وقياسا على الوقف المنقطع

ف انتهى، وفي هذه األزمان يأخذ آل شيبة كسوة بجامع انقطاع المصرالكعبة القديمة كل سنة ويبيعونها في الدكاكين وغيرها جهارا ويتمولون قيمتها مع غناهم عن ثمنها وهذا مخـالف للنصـوص الشـرعية ألن مصرف كسوة الكعبة إذا نزعت للفقراء والمساكين، واهللا أعلم ثم فـي

الكعبة في دائرة األوقاف بعد أن رأت الحكومة حفظ كسوة ١٣٨١سنة تكسى بالكسوة الجديدة، وذلك ألمور شرعية، وقررت آلل شيبة مبلغـا كبيرا عوضا عن الكسوة القديمة وصار آل شيبة يقبضونه سنويا مـن

.الحكومة السعودية، أيدها اهللا بنصره :فصل -- م إلـى ثم يرجع من أفاض إلى مكة بعد الطواف والسعي على ما تقد

ويتجه المراد معظم : منى فيبيت بها وجوبا، قال الشيخ مرعي في غايتهلم يرخص النبي صـلى اهللا عليـه : (الليل انتهى لحديث ابن عباس قال

رواه ابن ماجة ثـالث ) وسلم ألحد يبيت بمكة إال للعباس ألجل سقايتهليال إن لم يتعجل في يومين وليلتين إن تعجل ويصلي بها ظهـر يـوم

أن النبي صلى اهللا عليـه (لنحر نصا، نقله أبو طالب لحديث ابن عمر افـإن . وسلم أفاض يوم النحر، ثم رجع فصلى الظهر بمنى متفق عليه

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم انصرف إلـى : (قيل جاء في حديث جابرمختصـر ) المنحر فنحر، ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر

قد جمع النووي بينهما بأنه طـاف : هذا التنافي قلت من مسلم، وظاهرلإلفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها ثم رجـع إلـى منى وصلى بها الظهر مرة أخرى إماما بأصحابه حـين سـألوه ذلـك فيكون متنفال بالظهر الثانية التي بمنى وهذا كما ثبت في الصحيحين في

م ببطن نخل أحد أنواع صالة الخوف مرتين صالته صلى اهللا عليه وسلمرة بطائفة ومرة بأخرى فروى ابن عمر صالته بمنى، وجابر صـالته

.بمكة، وهما صادقانوذكر ابن المنذر نحوه، ويمكن الجمع بأن يقال إنه صلى بمكـة، ثـم

رجع إلى منى فوجد أصحابه يصلون الظهر فدخل معهم متـنفال ألمـره بذلك لمن وجد جماعة يصلون وقـد صـلى واهللا صلى اهللا عليه وسلم

قلت وقد ساق المحقق شمس الدين بن القـيم . أعلم انتهى كالم النوويواختلف في تـرجيح : رحمه اهللا حديث ابن عمر، وحديث جابر، ثم قال

. أحد هذين القولين على اآلخر ثم ذكر الوجوه التي قال بها كل فريـق حديث ابن عمر الوجه الخـامس، ومن الوجوه التي احتج بها من رجح

وهو أن حديث ابن عمر متفق عليه وحديث جابر مـن أفـراد مسـلم فحديث ابن عمر أصح منه، وكذلك هو في إسناده فإن رواتـه أحفـظ

وأشهر وأتقن فأين يقع حاتم بن إسماعيل من عبيد اهللا؟ وأين يقع حفظ ث ابن عمر جعفر من حفظ نافع انتهى، ثم بعد ذلك رجح رحمه اهللا حدي

فإنه لما ساق بعض األوهام التي ذكرها بعضهم في صفة حجته صـلى ومنها على القول الراجح وهم من قال إنه صـلى : اهللا عليه وسلم قال

الظهر يوم النحر بمكة، والصحيح أنه صالها بمنى انتهى وما صـححه ثم : رحمه اهللا هو الذي نص عليه اإلمام أحمد، قال في المنتهى وشرحه

جع من أفاض إلى مكة فيصلي ظهر يوم النحر بمنـى لحـديث ابـن يرعمر، قال في اإلقناع وشرحه ويصلي بها يعني منى ظهر يـوم النحـر نصا نقله أبو طالب لحديث ابن عمر، قال عطاء كان منزل النبي صـلى

.اهللا عليه وسلم بمنى بالخيف قاله في المغني وتقدمالة من صالة الظهر يوم النحر إلى يكبر المحرم في دبر كل ص: فائدة

آخر أيام التشريق، ألنه قبل صالة الظهر مشغول بالتلبية فال يقطعها إال عند رمي جمرة العقبة، وليس بعدها صالة قبل الظهـر فيكبـر بعـدها ويستوي هو والحالل في آخر مدة التكبير، وهذا ما لم يكن قد دفع من

ل الفجر فإنه يقطع التلبية مـن مزدلفة بعد نصف الليل ورمى الجمر قبوصفة التكبيـر . ابتداء الرمي، وحينئذ يكبر دبر صالة الفجر واهللا أعلم

اهللا أكبر اهللا أكبر ال إلـه إال اهللا : ما ذكر في صالة العيد، وهو أن يقولواهللا أكبر وهللا الحمد، ويرمي الجمرات الثالث بمنى في أيام التشـريق

تلي يوم النحر كل يوم بعد الـزوال لحـديث وهي أيام منى الثالثة التيرمى النبي صلى اهللا عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضـحى : (جابر قال

كنـا : (أخرجه الجماعة وقال ابن عمـر ). وأما بعد فإذا زالت الشمسرواه البخـاري وأبـو داود، وقولـه ) نتحين فإذا زالت الشمس رمينا

صـلى اهللا عليـه وسـلم أي نراقب الوقت المطلوب، ولقولـه : نتحينوأي وقت رمـى بعـد الـزوال أجـزأه إال أن ) لتأخذوا عني مناسككم(

وسـميت أيـام . المستحب المبادرة إليها حين الزوال لقول ابن عمـر التشريق بذلك لتشريق الناس لحوم األضاحي فيها وهو تقديدها ونشرها

فـإن .في الشمس، أو إلشراق نهارها بنور الشمس وليلها بنور القمرقيل لو كانت الحكمة في تسميتها ذلك لزم أن تسمى كـل هـذه األيـام

قبل حكمة التسمية ال يلزم . الثالثة في جميع شهور السنة أيام التشريقثم رجع صلى اهللا عليه وسـلم (قال ابن القيم رحمه اهللا تعال . اطرادها

ل بعد اإلفاضة إلى منى من يومه ذلك فبات بها فلما أصبح انتظـر زوا الشمس فلما زالت مشى من رحله إلى الجمار ولم يركب فبدأ بـالجمرة األولى التي تلي مسجد الخيف فرماها بسبع حصيات واحدة بعد واحـدة

اهللا أكبر ثم يقدم على الجمرة أمامها حتى أسـهل : يقول مع كل حصاةفقام مستقبل القبلة ثم رفع يديه ودعا دعاء طويال بقدر سورة البقرة ثم

ى إلى الجمرة الوسطى فرماها كذلك ثم انحدر ذات اليسار ممـا يلـي أتالوادي فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو قريبا من وقوفه األول ثم أتى الجمرة الثالثة، وهي جمرة العقبة فاستبطن الـوادي واسـتعرض الجمرة فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه فرماها بسبع حصـيات

رمها من أعالها كما يفعل الجهال وال جعلهـا عـن يمينـه كذلك ولم يواستقبل البيت وقت الرمي كما ذكره غير واحد من الفقهاء، فلما أكمل

فقيل لضيق المكـان بالجبـل، ) الرمي رجع من فوره ولم يقف عندهافلمـا (وقيل وهو أصح إن دعاءه كان في نفس العبادة قبل الفراغ منها

الرمي، والدعاء في صلب العبادة قبـل الفـراغ رمى جمرة العقبة فرغ

ولم يزل في نفسي هل كان : منها أفضل منه بعد الفراغ منها إلى أن قاليرمي قبل صالة الظهر أو بعدها، والذي يغلب على الظن أنه كان يرمي قبل الصالة ثم يرجع فيصلي ألن جابرا وغيره قالوا كان يرمي إذا زالت

مس برميه، وأيضا فإن وقت الزوال للرمي أيام الشمس فعقبوا زوال الشمنى كطلوع الشمس لرمي يوم النحر والنبي صلى اهللا عليه وسلم يـوم النحر لما دخل وقت الرمي لم يقدم عليه شيئا من عبادات ذلك اليـوم، وأيضا فإن الترمذي وابن ماجة رويا في سننهما عن ابن عباس رضي

ى اهللا عليه وسلم يرمي الجمار إذا زالت كان رسول اهللا صل(اهللا عنهما ، وقـال )قدر ما إذا فرغ من رميه صلى الظهر(زاد ابن ماجة ) الشمس

الترمذي حديث حسن ولكن في إسناد حديث الترمذي الحجاج بن أرطأة، وفي إسناد حديث ابن ماجة إبراهيم بن عثمان بن شيبة وال يحتج بـه

مام أحمد أنه كان يرمـي يـوم وذكر اإل. ولكن ليس في الباب غير هذا. النحر راكبا وأيام منى ماشيا في ذهابه ورجوعه انتهى كالم ابن القيم

ويستحب الرمي أيام منى قبل صـالة الظهـر : قال في اإلقناع وشرحهكان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يرمي الجمار إذا (لقول ابن عباس

رواه ابن ماجـة ) لظهرزالت الشمس قدر ما إذا فرغ من رميه صلى اانتهى، وفي إسناده ما تقدم، وللسقاة والرعاة الرمي ليال ونهارا للعذر ولو كان رميهم في يوم واحد، أو في ليلة واحدة من أيام التشريق، وإن رمى غير السقاة والرعاة قبل الزوال، أو ليال لم يجزئه الرمي فيعيـده

وأصحاب الـرأي فـي نصا وبه قال مالك والشافعي، ورخص إسحاق. الرمي يوم النفر قبل الزوال وال ينفر إال بعد الزوال، وعن أحمد مثلـه

قال في اإلنصاف وعنه يجوز رمي متعجل قبل الزوال وينفر بعده، ونقل

إن رمى عند طلوعها متعجل، ثم نفر كأنه لم ير عليه دما : ابن منصوري صلى اهللا عليـه وجزم به الزركشي انتهى، والمذهب األول، ألن النب

وسلم إنما رمى بعد الزوال، وآخر وقت رمى كل يوم من أيـام الرمـي ويستحب أن ال يدع الصـالة مـع . األربعة إلى المغرب ألنه آخر النهار

اإلمام في مسجد منى وهو مسجد الخيف لفعله عليه الصالة والسـالم مرء وفعل أصحابه، فإن كان اإلمام غير مرضي لفسق أو نحوه، صلى ال

: برفقته محافظة على الجماعة، قال شيخ اإلسـالم رحمـه اهللا تعـالى ويستحب أن ال يدع الصالة في مسجد منى وهو مسجد الخيف مع اإلمام فإن النبي صلى اهللا عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون بالنـاس قصرا بال جمع بمنى ويقصر الناس كلهم خلفهم أهل مكة وغيـر أهـل

يا أهل مكـة (روى عن النبي صلى اهللا عليه وسلم أنه قال مكة، وإنمالما صلى بهم بمكة نفسها، فإن لـم يكـن ) أتموا صالتكم فإنا قوم سفر

للناس إمام عام صلى الرجل بأصحابه، والمسجد بنى بعد النبي صـلى اهللا عليه وسلم لم يكن على عهده انتهى كالمه، ويرمي كل جمرة مـن

احدة بعد واحدة كما تقدم في رمي جمرة العقبة، الثالث بسبع حصيات وفيبدأ بالجمرة األولى، وهي أبعدهن من مكة وتلى مسجد الخيـف فـي القرب فيجعلها عن يساره ويرميها بسبع حصيات، ثم يتقدم قليال لـئال يصيبه الحصا فيقف ويدعو رافعا يديه ويطيل، ثم يأتي الوسطى فيجعلها

بع حصيات ويقف عندها بعد أن يتقدم قليال عن يمينه ويرميها كذلك بسلئال يصيبه الحصا ويدعو ويرفع يديه ويطيل، ثم يأتي جمـرة العقبـة

أي يأتي من بطنه عند مريها وال : ويجعلها عن يمينه ويستبطن الواديوالصحيح أنـه يسـتعرض . يقف عندها، هكذا ذكر فقهاؤنا رحمهم اهللا

عن يساره ومنـى عـن يمينـه جمرة العقبة عند الرمي ويجعل البيتأفاض رسول اهللا صلى اهللا : (وتقدم، وعن عائشة رضي اهللا عنها قالت

عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كـل جمـرة بسـبع

فيطيل القيام حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند األولى وعند الثانية قـال . رواه أحمد وأبو داود). ويتضرع، ويرمي الثالثة، وال يقف عندها

حديث عائشة هذا ليس بالبين في أنـه صـلى اهللا : ابن القيم رحمه اهللاعليه وسلم صلى الظهر بمكة يومئذ، وأين هذا في صريح الداللة إلـى

ـ ) أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنـى (قول ابن عمر ق متفعليه، وحديث عائشة من رواية محمد بن إسحاق، وابن إسحاق مختلف في االحتجاج به ولم يصرح بالسماع بل عنعنه انتهى، وتمامه فـي زاد

أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسـبع حصـيات : (المعاد، وعن ابن عمريكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة طويال ويدعو

يه ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشـمال فيسـهل فيقـوم ويرفع يدمستقبل القبلة، ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويال، ثـم يرمـي جمـرة

هكـذا : العقبة من بطن الوادي، وال يقف عندها، ثم ينصرف، ويقـول رواه أحمـد والبخـاري، ). رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يفعله

كان يدعو بدعائه الذي دعـا بـه بعرفـه وروى أبو داود أن ابن عمركان ابن عمر وابـن : وقال ابن المنذر) وأصلح وأتم لنا مناسكنا(ويزيد

اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبـا مغفـورا، : مسعود يقوالن عند الرميأن النبي صلى اهللا عليه وسلم كان إذا : (وسعيا مشكورا، وعن ابن عمر

رواه الترمذي وصـححه، وفـي ) با وراجعارمى الجمار مشى إليها ذاه

أنه كان يرمي الجمرة يوم النحر راكبا وسائر ذلـك ماشـيا (لفظ عنه . رواه أحمـد ). ويخبرهم أن النبي صلى اهللا عليه وسلم كان يفعل ذلك

كان يأتي الجمار في األيام الثالثة بعـد (وأخرج نحو أبو داود عنه بلفظ عا ويخبر أن النبي صلى اهللا عليـه وسـلم يوم النحر ماشيا ذاهبا وراج

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم كـان (وعن ابن عباس ) كان يفعل ذلكرواه الترمذي، قال في المنتهى واإلقنـاع والغايـة ). يمشي إلى الجمار

ويسـتقبل القبلـة فـي الجمـرات كلهـا، : وغيرها من كتب األصحابجمرة العقبة يجعل البيـت والصحيح الذي تدل عليه السنة أنه في رمي

عن يساره ومنى عن يمينه وهو اختيار شـيخ اإلسـالم وابـن القـيم رحمهما اهللا وتقدم التنبيه على ذلك غير مرة، وترتيب الجمرات شـرط بأن يرمي أوال الجمرة التي تلي في القرب مسجد الخيف ثم الوسطى ثم

يجزئه ما قدمه العقبة، فإن نكس الرمي بأن قدم على األولى غيرها لم على األولى نص عليه ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رتبها في الرمي،

وألنه نسك متكرر فاشترط الترتيب فيـه ) لتأخذوا عني مناسككم: (وقالوترتيب الجمرات شرط، فلو نكـس : كالسعي، قال في المنتهى وشرحه

ين كالعـدد فبدأ بغير األولى لم يحتسب له إال بها ويعيد األخرتين مرتبتأي السبع حصيات فهو شرط لكل واحدة منها ألنه عليه الصالة والسالم رمى كال منها بسبع، فإن أخل الرامي بحصاة من األولى لم يصح رمي الثانية وال الثالثة، وإن أخل بحصاة من الثانية لم يصح رمـي الثالثـة

هل مـن إلخالله بالترتيب انتهى ملخصا، وإن جهل الرامي محلها بأن جأي جمرة ترك الحصاة بني على اليقين، فإن شك أمن األولـى أو مـا

بعدها، جعله من األولى، أو شك في كونه من الثانية أو الثالثة جعله من .الثانية لتبرأ ذمته بيقين كما لو تيقن ترك ركن وجهل محله

هل تجب المواالة في الرمي أم ال؟ قال الشيخ مرعي في غايته : فائدة : جه أنه ال تجب مواالة رمي انتهى، قال الشـيخ محمـد الخلـوتي ويت

الظاهر أنه ال تشترط المواالة ويدل عليه قولهم وإن جهـل مـن أيهـا تركت بني على اليقين أي فيجعلها من األولى فيذهب إليهـا فيرميهـا بحصاة واحدة فقط ثم يعيد رمي ما بعدها فإنه لو كانت المواالة معتبرة

فأما : قال في المغني: قلت. ولى كامال لطول الزمن انتهىألعاد رمي األالسعي بين الصفا والمروة، فظاهر كالم أحمد أن المواالة غير مشترطة

تشترط المواالة، واألول أصح فإنه نسك ال يتعلـق : فيه، وقال القاضيبالبيت فلم تشترط له المواالة كالرمي والحالق انتهى ملخصـا، فجعـل

الرمي والحالق أصال في عدم اشتراط المـواالة فيهمـا صاحب المغني وقاس عليهما السعي بين الصفا والمروة ومثله في الشرح الكبير، ومن هذا يتضح صحة ما بحثه الشيخ مرعي ومحمد الخلوتي واهللا أعلم، ثم يرمي في اليوم الثاني ثالث الجمرات مرتبة على صفة ما تقدم، ويرمي

إن لم يتعجل في اليوم الثاني، وعدد الحصا لكـل في اليوم الثالث كذلك جمرة سبع حصيات لما تقدم، وأما جميع حصا الجمار فسبعون إن لـم يتعجل يرمي منها جمرة العقبة يوم النحر بسبع حصيات وباقيها في أيام التشريق كل يوم إحدى وعرين حصاة في الجمرات الثالث كـل جمـرة

جل فعدد الحصا فـي حقـه تسـع أما من تع. بسبع حصيات وتقدم ذلكوأربعون حصاة ألن اليوم الثالث يسقط عنه رميه، وكل هـذا ظـاهر ال غبار عليه، وإن أخر الرمي كله مع رمي يوم النحر بـأن أخـر رمـي

جمرة العقبة يوم النحر، وأخر رمي األول والثاني من أيـام التشـريق أيام الرمي كلهـا فرماها بعد الزوال آخر أيام التشريق أجزأه أداء ألن

بمثابة اليوم الواحد ألنها كلها وقت للرمي، ومعنى ذلك أن أيام الرمـي األربعة كيوم واحد منها للرمي تأخيرا ال تقديما، فلو رمى جمرات األيام الثالثة مرتبا في أول يوم من أيام التشريق مثال لم يجزئه، ولـو أخـر

بعد الزوال أجزأه لكنه بتأخير الرمي كله إلى آخر يوم منها ورمى مرتباالرمي إلى آخر أيام التشريق تارك لألفضل وهو اإلتيان بـالرمي فـي

وإن أخر رمي يوم ولـو : مواضعه المتقدمة، قال في المنتهى وشرحهكان المؤخر رميه يوم النحر إلى غده أو أكثر أجزأه أداء، أو أخر رمي

وال أجزأه رميه أداء ألن أيام الكل إلى آخر أيام التشريق ورماها بعد الزالتشريق كلها وقت للرمي، فإذا أخره عن أول وقته إلى آخـره أجـزأه كتأخير وقوف بعرفة إلى آخر وقته، ويجب ترتيبه أي الرمـي بالنيـة كمجموعتين وفوات الصالة، فإذا أخر الكل مثال بدأ بجمرة العقبة فرمى

الوسطى ثم العقبة ناويا عن فنوى رميها ليوم النحر، ثم يأتي األولى ثمأول يوم من أيام التشريق، ثم يعود فيبدأ من األولى حتى يـأتي علـى

وإن أخر الرمي كلـه . األخيرة ناويا عن الثاني وهكذا عن الثالث انتهىعن أيام التشريق أو أخر جمرة العقبة عن أيام التشريق أو ترك المبيت

شريق غير الثالثة لمن تعجل فعليـه بمنى ليلة أو أكثر من ليالي أيام التقال الشيخ . من ترك نسكا أو نسيه فإنه يهريق دما: دم لقول ابن عباس

وعلم منه أنه لو ترك دون ليلة فـال شـيء : منصور في شرح اإلقناعولعل المراد ال : عليه وظاهره ولو أكثرها انتهى، قال في شرح المنتهى

وقـال . فة على ما سبق انتهـى يجب استيعاب الليلة بالمبيت بل كمزدل ويتجه المراد أي من البيتوتة بمنى معظم الليل، وتقدم: الشيخ مرعي

وال يأتي بالرمي بعد أيام التشريق كالبيتوتة بمنى لياليها إذا تركها ال يأتي بها لفوات وقته واستقرار الفداء الواجب فيه، قال فـي المنتهـى

زالة شعرة طعام مسكين، وفي وفي ترك حصاة واحدة ما في إ: وشرحهترك حصاتين ما في إزالة شعرتين مثل ذلك، وهذا إنما يتصور في آخر جمرة من آخر يوم وإال لم يصح رمي ما بعدها وفي أكثر من حصاتين

قولـه وفـي تـرك : دم لما تقدم في حلق الرأس انتهى، قال الخلوتيا قبلها مـن حصاة، إلخ بشرط أن يكون من األخيرة، وأن يكون سائر م

الجمرات وقع تاما وأن تكون أيام التشريق قد مضت، فإنه لو كان الترك من غير األخير لم يصح رمي ما بعد الجمرة التي ترك منها ولو كان ما قبل المتروك منها ناقصا لم يصح رميه ولم يصح رمي ما بعده بـالمرة

جب عليـه ولو كان الترك من األخيرة ولم تمض جميع أيام التشريق وأن يعيد ولم يجزئه اإلطعام لبقاء وقت الرمي كما تقدم جميع ذلك فافهم

وعن اإلمام أحمد يجزئه خمس حصيات، وفي رواية أخرى . تسلم انتهىواألولى أن ال ينقص في الرمي عن سبع حصيات : ست، قال في المغني

ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم رمى بسبع حصيات فإن نقص حصاة أو اتين فال بأس وال ينقص أكثر من ذلك نص عليه لما روى ابن أبي حص

يتصدق بتمـرة أو : سئل طاووس عن رجل ترك حصاة قال: نجيح قاللقمة فذكرت ذلك لمجاهد فقال إن أبا عبد الرحمن لم يسمع قول سـعد

رجعنا من الحجة مع رسـول اهللا صـلى اهللا : (يعني ابن مالك قال سعدرميت بست وبعضنا يقول بسـبع، فلـم يعـب عليه وسلم بعضنا يقول

رواه األثرم وغيره، ومتى أخل بحصاة واجبة مـن ). بعضنا على بعضاألولى لم يصح رمي الثانية حتى يكمل األولى، فإن لـم يـدر مـن أي الجمار تركها بنى على اليقين، وإن أخل بحصاة غير واجبة لـم يـؤثر

رح الكبير، والمذهب مـا تركها انتهى من المغني ملخصا ومثله في الشقدمناه من أن عدد السبع شرط، وحديث سعد هـا رواه أيضـا أحمـد والنسائي ورجاله رجال الصحيح؛ ولكن ال يكون دليال بمجرد ترك إنكار بعض الصحابة على البعض اآلخر إال أن يثبت أن النبي صلى اهللا عليه

بسـبع وسلم اطلع على ذلك وأقره وقد رمى صلى اهللا عليـه وسـلم واهللا أعلم، وليس علـى أهـل ) لتأخذوا عني مناسككم: (حصيات وقال

سقاية الحجيج وهم سقاة زمزم على ما في المطلع البـن أبـي الفـتح والمستوعب للسامري والمبدع وغيرها من كتب األصـحاب وال علـى

أن العباس اسـتأذن (الرعاء مبيت بمنى وال مزدلفة لما روى ابن عمر عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجـل سـقايته النبي صلى اهللا

أن رسول اهللا صـلى اهللا (متفق عليه، وعن عاصم بن عدي ) فأذن لهعليه وسلم رخص لرعاة اإلبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحـر

رواه الخمسة وصححه الترمذي ). ثم يرمون يومين ثم يرمون يوم النفرأي جمرة العقبة ثم يخرجـون وال : النحرقوله يرمون يوم . وابن حبان

أي يرمون اليوم الثـاني عشـر : قوله ثم يرمون يومين. يبيتون بمنىقوله . لذلك اليوم واليوم الذي فاتهم الرمي فيه وهو اليوم الحادي عشر

أي اليوم الثالث عشر إن لم يتعجلوا واهللا أعلـم، : ثم يرمون يوم النفررواه أبو داود ) وا يوما ويدعوا يومارخص للرعاء أن يرم(وفي رواية

إن رسول اهللا (والنسائي، وفي الموطأ بسنده عن عاصم بن عدي بلفظ

صلى اهللا عليه وسلم رخص لرعاء اإلبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثـم يرمـون

ذي أرخص فيه رسول اهللا صلى تفسير الحديث ال: ، قال مالك)يوم النفراهللا عليه وسلم لرعاء اإلبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى، واهللا أعلم أنهم يرمون يوم النحر فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا مـن الغد، وذلك يوم النفر األول فيرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم

عليه فإذا وجب عليـه ومضـى ذلك ألنه ال يقضي أحد شيئا حتى يجبكان القضاء بعد ذلك فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا وإن أقاموا إلى الغـد

.رموا مع الناس يوم النفر اآلخر ونفروا انتهىالمراد بالسقاة أهل زمزم خاصة، وأما السقاة في غير زمـزم : فائدة

حكمهـم كالذين يذهبون إلى المياه ويرجعون بالماء إلى الحجيج بمنى فحكم أهل األعذار وليسوا بالسقاة المشار إليهم في الحديث واهللا أعلـم، فإن غربت الشمس وأهل سقاية الحج والرعاة بمنى لزم الرعاء المبيت النقضاء وقت الرعي وهو النهار دون أهل السقاية فال يلزمهم المبيـت

.ولو غربت وهم بمنى ألنهم يسقون بالليللـزوم المبيـت : نصر اهللا في حواشي الكـافي قال المحب بن: فائدة

للرعاء إذا غربت الشمس هل هو مطلقا أو بشرط أن ال تكون إبلهم في المرعى، فإن كانت فيه كان لهم الخروج من منى بعد الغروب إليها لـم أجد فيه نقال، والظاهر أنهم إن خافوا عليها جاز لهم الخروج وإال فـال

مريض، ومن له مال يخاف عليـه ونحـوه انتهى، قال في اإلنصاف والكغيره يعني في لزوم البيتوتة بمنى، هذا المذهب وعليه األصحاب، ثـم

وقيل أهل األعذار من غير الرعاء كالمرضى ومن له مال يخـاف : قال

ضياعه ونحوهم حكمهم حكم الرعاء في ترك البيتوتة جزم به المصنف، وكذا خوف فـوات : لفصوليعني الموفق والشارح وابن تميم، قال في ا

قلت هذا والذي قبله هو الصـواب، قـال : ماله وموت مريض، ثم قالوأهل األعذار كالمرضى ومن خاف ضـياع مالـه ونحـوهم : الشارح

قال ابن القـيم . كالرعاء، ألن الرخصة لهؤالء تنبيه على غيرهم انتهىسقاية وإذا كان النبي صلى اهللا عليه وسلم قد رخص ألهل ال: رحمه اهللا

وللرعاء في ترك البيتوة، فمن له مال يخاف ضياعه أو مريض يخـاف من تخلفه عنه أو كان مريضا ال تمكنه البيتوتة سـقطت عنـه بتنبيـه

وإن كان مريضا أو محبوسا أو له . النص على هؤالء واهللا أعلم انتهىعذر جاز أن يستنيب من يرمي عنه كالمعضوب يستنيب في الحج كلـه

. عنه واألولى أن يشهده إن قدر على الحضور ليتحقق الرمي إذا عجزويستحب أن يضع المريض ونحوه الحصا في يد النائب ليكون له عمل في الرمي، ولو أغمي على المستنيب لم تبطل النيابة بذلك فله الرمـي عنه كما لو استنابه في الحج ثم أغمى عليه وهذا فيما إذا كان الحـج

نفال جاز له أن يستنيب من يرمي عنه ولو لغير عذر فرضا، أما إن كانلما تقدم أول الكتاب أن النيابة في حج النفل تجوز للقادر في كله وفـي

.بعضه، فتنبه لهذا وال تغفل، واهللا أعلمذكر األصحاب أنه ال يجوز للنائب في رمـي الجمـار أن : فائدة جليلة

ا ذلك بما إذا كان محرما يرمي عن مستنيبه قبل رميه عن نفسه، وقيدووال يجوز أن يرمى عنه إال من قد رمى عـن : بفرضه، قال في المغني

قـال . نفسه ألنه ال يجوز أن ينوب عن الغير وعليه فرض نفسه انتهىوال يجوز أن يرمي إال من قد رمى عن نفسه ألنه ال : في الشرح الكبير

ى، قـال فـي يجوز أن ينوب عن الغير وعليه فرض نفسه كالحج انتهلكن ال يبدأ ولي في رمي جمرات إال بنفسـه كنيابـة : المنتهى وشرحه

حج، فإن رمى عن موليه وقع عن نفسه إن كان محرما بفرضه انتهى، لكن ال : قال الشيخ محمد الخلوتي في حاشيته على قول صاحب المنتهى

أي فيما إذا كان حج فرض كما قيـد بـه فـي : يبدأ في رمي إال بنفسهأي : ه انتهى، قال في اإلقناع وشرحه لكن ال يجوز أن يرمي عنهشرح

عن الصغير إال من رمى عن نفسه كما في النيابة في الحـج إن كـان الولي محرما بفرضه قاله في المبدع وشرح المنتهى انتهى، فمفهـوم عبارة المغني والشرح وشرح المنتهى وحاشـية الخلـوتي واإلقنـاع

أو النائب محرما بنفل أنه يجـوز أن يرمـي وشرحه أنه لو كان الوليعن مستنيبه أو موليه قبل أن يرمي عن نفسه، وإذا قلنا بعـدم جـواز رمي النائب عن مستنيبه أو الولي عن موليه قبل رميه عن نفسه فيما إذا كان حجه فرضا فهل إذا رمى النائب عن نفسه أو الولي عن موليه

وز أن يرميها عن مستنيبه أو موليه الجمرة األولى في أيام التشريق يجفي ذلك اليوم قبل رمي الجمرة الوسطى وجمرة العقبة عن نفسه، أو ال يجوز؟ لم أر ألصحابنا الحنابلة كالما في ذلك، وجواز ذلك ال يبعد فيمـا يظهر ألنه إنما رمى الجمرة األولى عن مستنيبه أو مواليه بعد رميهـا

الترتيب المشترط في رمـي الجمـار، عن نفسه وألنه ليس فيه إخالل ب .والمنع من القول بالجواز يحتاج إلى دليل، واهللا أعلم

قال ابن حجـر : ونسوق اآلن بعض عبارات أصحاب المذاهب، فنقول فلو رمى الجمرة األولى لم يصـح أن يرمـي عـن : الهيتمي الشافعي

المستنيب قبل أن يرمي الجمرتين الباقيتين عن نفسـه علـى األوجـه

عندي من احتمالين لألسنوي خالفا للزركشي حيث رجح مقابلـه، قـال ألن المواالة بين الجمرات ال تشترط، وكما له أن يطوف عن غيـره إذا كان قد طاف عن نفسه وبقي عليه أعمال الحـج انتهـى، والفـرق أن الطواف ركن مستقل بنفسه ال ارتباط له بما بعده فحيث فعله جـاز لـه

وأما رمي الجمرات الثالث فهو واجب واحد له أجـزاء فعله عن غيره،كما أن الطواف كذلك، فكما ليس له الطواف عن غيره ما بقي عليه من طوافه شيء وإن لم تجب المواالت فيه كذلك ليس له الرمي عن غيره

من عليـه رمـى : ما بقي عليه من رميه شيء، ويدل لما ذكرته قولهاليوم الثالث لكل جمرة أربع عشرة حصاة اليوم الثاني مثال لو رمى في

لم يقع شيء منها عن يومه ألن رمي أمسه لم يتم، ولو كان األمر كما ذكره لزمه الوقوع عن يومه ألن رمي أمسه لم يتم، ولو كان األمر كما ذكره لزمه الوقوع عن يومه ألن رمي أمسه بالنسبة لكل جمرة تم قبل

كالمهم على أن الجمـرات كـالجمرة الشروع في الجمرة الثانية، فدل وبما تقرر يعلم أنـه لـو : الواحدة وهو صريح فيما ذكرته إلى أن قال

استناب من عليه رمي أول أيام التشريق في ثانيها من رمي أولها عن نفسه تخير النائب بين أن يقدم رمي نفسه عند كـل جمـرة أو رمـي

ابن حجر المذكور، وقال مستنيبه ألنه قد فعل ما استنيب فيه انتهى كالم فرع له أنا جماعة في الرمي عنهم جاز كمـا : أيضا في تحفة المحتاج

هو ظاهر لكن هل يلزمه الترتيب بينهم بأن ال يرمي عن الثاني مثال إال بعد استكمال رمي األول، أو ال يلزمه ذلك فله أن يرمي األولى عن الكل

ة كذلك؟ كل محتمـل واألول ثم الوسطى كذلك ثم األخيرة كذلك ثم األخيرأقرب قياسا على ما لو استنيب عن آخر وعليه رمي ال يجـوز لـه أن

فإن قلت ما . يرمي عن مستنيبه إال بعد كمال رميه عن نفسه كما تقرر. عليه الزم له فوجب الترتيب فيه، بخالف ما على األول فـي مسـألتنا

تيب رعاية لـذلك قصد الرمي له صيرة كأنه ملزوم به فلزمه التر: قلتوفي حاشية الشيخ أحمد بن قاسم الشـافعي . انتهى كالم صاحب التحفة

أن ما ذكره صاحب التحفة أحد احتمالين، والثاني أنه ال يتوقـف علـى رمي الجميع بل إن رمى الجمرة األولى صـح أن يرمـي عقبـه عـن المستنيب قبل أن يرمي الجمرتين الباقيتين عن نفسه، وفي الخادم أنـه

وقال في لباب المناسـك وشـرحه مـن كتـب . الظاهر انتهى مخلصاولو رمى بحصاتين إحداهما عن نفسه واألخرى عن غيره جاز : الحنفية

ويكره؛ أي لتركه السنة فإن ينبغي أن يرمي السبع عن نفسه أوال ثـم وقال في توضيح المناسـك مـن كتـب . يرميها عن غيره نيابة انتهى

يرمي عن غيره أن يرمي أوال عن نفسـه ثـم ويستحيب لمن: المالكيةعمن ناب عنه، فإن رمى جمرة بتمامها أوال عن نفسه ثم رماها عمـن ناب عنه أو العكس أجزأه وترك المندوب وهو التتابع بـين الجمـرات الثالث من غير فصل بشيء؛ ولو رمى حصاة عن نفسه وحصاة عمن

الحصيات من غير فصل ناب عنه أجزأه أيضا وترك المندوب وهو تتابعخالفا للقابسي القائل إنه يعيد عن نفسه وعن غيره وال يعتد من ذلـك وال بحصاة واحدة، ومنه على الظاهر لو رمى عن نفسه حصـاتين أو أكثر وعن اآلخر مثله أو دون أو أكثر كما في البناني؛ وأما إن شـرك

احد مهمـا بينه وبين من ناب عنه في الحصاة الواحدة لم يجزئه عن ووكذا لو رمى بحصاتين قصد بهما عن نفسه ومن ناب عنه انتهى، ومن هذا يظهر الجواز في مسألتنا هذه لدى الحنفية واإلجزاء لدى المالكيـة

والصحة لدى الشافعية في أحد االحتمالين لألسنوي ورجحه الزركشـي وتقدم الكالم في ذلـك فـي . الشافعي واستظهره في الخادم، واهللا أعلم

.فصل ويصح الحج والعمرة من صغيرذكر األصحاب أنه ال يعتد برمي حالل ومرادهم بذلك واهللا أعلم : فائدة

من لم يحج في تلك السنة التي رمى فيها ألنه غير متلبس بتلك العبادة فلم يكن صالحا ألدائها عن نفسه فعن غيره من باب أولى، واهللا أعلم،

لحج والعمرة وفي فصـل ومـن أحـرم وتقدم في فصل االستبانة في ا .وأطلق شيئا من مسائل النيابة فليعاود عند االحتياج إليه

ويستحب لإلمام أو نائبه أن يخطب في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال خطبة يعلمهم فيها حكم التعجيل والتأخير والتوديـع لحاجـة

خطبنا رسـول : (قالت الناس إلى تعليمهم ذلك لحديث سراء بنت نبهاناهللا : أي يوم هـذا؟ قلنـا : اهللا صلى اهللا عليه وسلم يوم الرؤوس فقال

رواه أبو داود وسـكت ). أليس أوسط أيام التشريق: ورسوله أعلم قالعنه، وسكت عنه المنذري، وقال في مجمع الزوائد رجاله ثقات، وعن

رسـول اهللا رأينـا : (ابن أبي نجيحعن أبيه عن رجلين من بني بكر قاالصلى اهللا عليه وسلم يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته

رواه ). وهي خطبة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم التي خطب بمنـى أبو داود وسكت عنه، وسكته عنه المنذري والحـافظ فـي التلخـيص

حدثني من سمع خطبـة : وعن أبي نضرة قال. ورجاله رجال الصحيحيا أيها الناس : ( عليه وسلم في أوسط أيام التشريق فقالالنبي صلى اهللا

أال إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، أال ال فضل لعربي على عجمـي وال لعجمي على عربي وال ألحمر على أسود وال ألسـود علـى أحمـر إال

رواه أحمد، ) بلغ رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: بالتقوى أبلغت؟ قالوارجاله رجال الصحيح، وسمي اليوم الثاني مـن : جمع الزوائدقال في م

أيام التشريق بيوم الرؤوس ألنهم كانوا يأكلون فيه رؤوس األضـاحي، .واهللا أعلم

أولها بـبطن عرنـة يـوم : الخطب المشروعة في الحج ثالث: فائدة عرفة، وثانيها بمنى يوم النحر بكرة، وثالثها بمنى أيضـا فـي اليـوم

ولكل حـاج ولـو أراد . ن أيام التشريق بعد الزوال واهللا أعلمالثاني مفمن تعجل في يومين فـال : (اإلقامة بمكة التعجيل إن أحب لقوله تعالىهـي للنـاس : قال عطاء). إثم عليه ومن تأخر فال إثم عليه لمن اتقى

أيام منى : (يعني أهل مكة وغيرهم، ولقوله صلى اهللا عليه وسلم: عامةرواه ). جل في يومين فال إثم عليه، ومن تأخر فال إثم عليهثالث فمن تع

أبو داود وابن ماجة إال اإلمام المقيم للمناسك فليس له التعجيل ألجـل .من يتأخر من الناس، واألفضل التأخير

ثم إن شاء رمى فـي : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا بعد كالم له سبق في اليوم الثاني بنفسه قبـل اليوم الثالث وهو األفضل، وإن شاء تعجل

فمن تعجل في يومين فال إثم عليه ومن : (غروب الشمس كما قال تعالىوال ينفر اإلمام الذي يقيم للناس المناسك، ) تأخر فال إثم عليه لمن اتقى

.بل السنة أن يقيم إلى اليوم الثالث انتهىـ : قال ابن القيم في زاد المعاد لم فـي ولم يتعجل صلى اهللا عليه وس

فإن أحب . يومين، بل تأخر حتى أكمل رمي أيام التشريق الثالثة انتهىغير اإلمام أن يتعجل في ثاني أيام التشريق، وهو النفر األول خرج من منى قبل غروب الشمس لظاهر اآلية والخبر، وال يضر رجوعـه إلـى

منى بعد ذلك لحصول الرخصة؛ ومعنى هذا أن من تعجـل فـي اليـوم ن منى ثم رجع إلى منى وغربت الشمس وهو بمنى لم يلزمـه الثاني م

المبيت فيها، واهللا أعلم، وليس على المتعجل لليوم الثالث رمـي نـص ويدفن بقية الحصا وهو حصـا اليـوم : عليه، قال في اإلقناع وشرحه

: قلت. الثالث، قال في الفروع في األشهر زاد بعضهم في المرمى انتهىالدليل على دفنه هذا إن كان قد جمعـه، وإن وله طرحه باألرض لعدم

.غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت والرمي من الغد بعد الزوالمن أدركه المساء في اليوم الثاني : ثبت أن عمر قال: قال ابن المنذر

فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس وألنه بعد إدراكه الليل لم يتعجل في يومين ثم رجع إلى منى وأدركه الغروب بهـا يومين، أما من تعجل في

له أن ينفر : لم يلزمه المبيت فيها كما تقدم، واهللا أعلم، وقال أبو حنيفةما لم يطلع فجر اليوم الثالث ألنه لم يدخل اليوم اآلخر فجاز لـه النفـر

فمن تعجل في يومين فال : (كما قبل الغروب، وحجة الحنابلة قوله تعالىم اسم للنهار، فمن أدركه الليل فما تعجل في يومين كما واليو) إثم عليه

لكن لو نوى التعجل وقام بطـرح : قلت. تقدم عن عمر رضي اهللا عنهخيامه وحملها مع أثاثه، ثم عرض له ما يمنعه من الخروج من منـى كمثل توقف سير السيارات وما أشبه ذلك وغربت الشمس وهو بمنـى،

والرمي من الغد لمـا فيـه مـن الضـرر فالظاهر أنه ال يلزمه المبيت والخرج، ال سيما بعد حمل خيامه وأثاثه على السيارات واهللا أعلم، ثـم رأيت النووي صرح بذلك حيث قال ولو ارتحل فغربـت الشـمس قبـل

ثـم . انفصاله منى فله النفر ولو غربت وهو في شغل االرتحال انتهـى ني وينفر معه في ذلك اليوم ينفر اإلمام في اليوم الثالث، وهو النفر الثا

ويستحب إذا نفر من منى نزوله بـاألبطح . من لم ينفر في اليوم الثانيوحده مـا : وهو المحصب والخيف والبطحاء والحصبة، قال في اإلقناع

يعني مقبرة مكة وهـي المعـالة، واهللا : بين الجبلين إلى المقبرة انتهىيرا ثـم يـدخل مكـة، أعلم، فيصلي به الظهرين والعشاءين ويهج يس

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم صـلى الظهـر والعصـر (لحديث أنس والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطـاف

أن النبي صلى اهللا عليـه وسـلم (، رواه البخاري، وعن ابن عمر )بهصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ثم هجع هجعة ثم دخل

رواه أحمد وأبو داود والبخـاري بمعنـاه، ) كة وكان ابن عمر يفعلهمأن أبا بكر وعمر وابن عمر كـانوا ينزلـون : وعن الزهري، عن سالم

أنها لم تكـن تفعـل (وأخبرني عروة عن عائشة : األبطح، قال الزهريذلك وقالت إنما نزله رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ألنه كـان منـزال

نزول األبطـح لـيس : (رواه مسلم، وعن عائشة قالت )أسمح لخروجهبسنة إنما نزله رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم ألنـه كـان أسـمح

التحصيب لـيس (متفق عليه، وعن ابن عباس قال ) لخروجه إذا خرج. متفق عليه) بشيء إنما هو منزل نزله رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

ويترجح : قلت. سنة واهللا أعلمليس بشيء أي ليس ب: وقول ابن عباسأن النزول بالمحصب مستحب لتقريره صلى اهللا عليه وسلم على ذلـك وفعله، وقد فعله الخلفاء الراشدون بعده كما رواه مسلم عن سالم، وقال

كان رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان (ابن عمر ن غريب، ويدل الستحباب هذا حديث حس: قال الترمذي). ينزلون األبطح

التحصيب ما أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجـة

نحـن : أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قـال : (من حديث أسامة بن زيديعني بخيـف ) نازلون بخيف بني كنانة حيث قاسمت قريشا على الكفر

ي هاشم أن بني كنانة المحصب وذلك أن بني كنانة حالفت قريشا على بنال يناكحوهم وال يؤووهم وال يبايعوهم حتى يسلموا إلـيهم رسـول اهللا

والخيف الوادي، وحكى النووي عن : قال الزهري. صلى اهللا عليه وسلمالقاضي عياض أنه مستحب عند جميع العلماء، قال شيخ اإلسالم ابـن

ثم إذا نفر من منى، فإن بات بالمحصب وهـو : تيمية رحمه اهللا تعالىاألبطح وهو ما بين الجبلين إلى المقبرة ثم نفر بعد ذلك فحسـن، فـإن النبي صلى اهللا عليه وسلم بات به وخرج ولم يقم بمكة بعد صدوره من

ونفر صلى اهللا عليه وسـلم : منى لكنه ودع البيت انتهى، قال ابن القيممن منى في حجته يوم الثالثاء بعد الظهر إلى المحصب وهـو األبطـح

خيف بني كنانة فوجد أبا رافع قد ضرب فيه قبته هنالك وكان على وهوثقله توفيقا من اهللا عز وجل دون أن يأمره به رسـول اهللا صـلى اهللا عليه وسلم فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقـد رقـدة ثـم نهض إلى مكة فطاف للوداع ليال سحرا ولم يرمل في هذا الطواف، ثم

إلى المدينة ولم يرجع إلى المحصب، وفي الصحيحين خرج من أسفلها وذكـرت ) خرجنا مع رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم (عن عائشة

حين قضى اهللا الحج ونفرنا من منى فنزلنا بالمحصـب : (الحديث، قالتدعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال له اخرج بأختك من الحرم ثم افرغـا

فقضـى اهللا العمـرة : لمحصب، قالـت من طوافكما ثم ائتياني هاهنا باوفرغنا من طوافنا في جوف الليل، فأتيناه بالمحصب، فقال فرغتما؟ قلنا نعم، فأذن في الناس بالرحيل فمر بالبيت فطاف به، ثم ارتحل متوجهـا

وقد اختلف السلف . فهذا من أصح حديث على وجه األرض) إلى المدينةهو : على قولين، فقالت طائفةفي التحصيب هل هو سنة أو منزل اتفاق

أن رسول اهللا صلى (من سنن الحج، فإن في الصحيحين عن أبي هريرة نحن نازلون غـدا إن : اهللا عليه وسلم، قال حين أراد أن ينفر من منى

يعنـي بـذلك ) شاء اهللا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا علـى الكفـر ي هاشم وبنـي المحصب، وذلك أن قريشا وبني كنانة تقاسموا على بن

المطلب أن ال يناكحوهم وال يكون بينهم شيء حتى يسلموا إليهم رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فقصد النبي صلى اهللا عليه وسـلم إظهـار شعائر اإلسالم في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفـر والعـداوة هللا

ـ عائر ورسوله، وهذه كانت عادته صالة اهللا وسالمه عليه أن يقـيم شالتوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك، كما أمر النبي صلى اهللا عليه وسلم أن يبنى مسجد الطائف موضع الالت، قالوا وفي صـحيح مسـلم

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم وأبا بكر وعمـر كـانوا (عن ابن عمر وقـال ) أنه كان يرى التحصيب سـنة (وفي رواية لمسلم عنه ) ينزلونه

كان يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع، (نه البخاري ع، وذهـب آخـرون )ويذكر أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فعل ذلك

منهم ابن عباس وعائشة إلى أنه ليس بسنة وإنما هو منزل اتفاق، ففي ليس المحصب بشيء وإنما هو منزل نـزل (الصحيحين عن ابن عباس

وفي صحيح ) وسلم ليكون أسمح لخروجه به رسول اهللا صلى اهللا عليهلم يأمرني رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم أن (مسلم عن أبي رافع

أنزل بمن معي باألبطح، ولكن أنا ضربت قبته، ثم جاء فنزل فأنزله اهللا ) نحن نازلون غدا بخيف بني كنانـة : فيه بتوفيقه تصديقا لقول رسوله

ه لرسول صالة اهللا وسـالمه عليـه وتنفيذا لما عزم عليه وموافقة مننزول المحصب حسـن ومسـتحب، : قلت. انتهى كالم ابن القيم ملخصا

ألن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم عازم على نزوله حين أراد أن ينفر .من منى كما في حديث أبي هريرة المتفق عليه وتقدم

والحاصـل أن مـن نفـى أن : قال الحافظ بن حجر في فتح البـاري التحصيب سنة كعائشة وابن عباس أراد أنه ليس من المناسك فال يلزم بتركه شيء، ومن أثبته كابن عمر أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله

المحصب داخل : قال بعضهم. صلى اهللا عليه وسلم ال اإللزام بذلك انتهى :في حدود مني واحتج لذلك بقول الشافعي وهو عالم بمكة وأقطارها

يا راكبا قف بالمحصب من منىآ آآ آآ.واهتف بقاطن خيفها والناهض

من منى متعلـق : وهذا االحتجاج ليس بشيء بل هو وهم، ألن قوله وليس قوله من منى في موضع الصفة للمحصب كما توهمـه ) راكبا(ب

هذا المحتج فافهم تسلم، ويحتمل أن قوله قف بالمحصب من منـى، أي :حصب أي ترمى بالجمار، قال جريرقف عند الجمرات التي ت

آآ كأن في الخد قرن الشمس طالعةآ آآ.لما دنى من جمار الناس تحصيب

أراد يوم منى وحصب الجمار رميها، وهذا أظهر من معنـى البيـت .المذكور، واهللا أعلم

ويسن إذا نزل من منى نزوله : قال الشيخ سليمان بن علي في منسكه محصب، وحده ما بين الجبلين إلى المقبرة فيصلي بـه باألبطح وهو ال

الظهرين والعشائين ويهج يسيرا ثم يدخل مكة، كذا ذكر فـي اإلقنـاع

فلو : والمنتهى وشرحه وغيرهم، فدل هذا على أن األبطح ليس من مكةأقام به من ودع أو اتجر لم تجب عليه إعادة الوداع، ألنها إقامة كمـن

: بعض بقاع الحرم؛ ويؤيد ذلك ما في المغنـي قـال خرج من مكة إلى فأهللنا من : (من الحرم جاز لقول جاب) أي مكة(وإن أحرم خارجا منها

إذا تقرر هذا فاألبطح ليس من مكة انتهى كالم الشـيخ . انتهى) األبطحالظاهر واهللا أعلم أنه لم يكن في زمن الشـيخ سـليمان : قلت. سليمان

دور مكة إليه، وأما في زمننا هذا فقـد جـاوز بنيان باألبطح ولم تصلالعمران األبطح فصار األبطح بذلك من مكـة التصـال دور مكـة بـه

وإن أحرم خارجا : ومجاوزتها له، وأما ما ذكره صاحب المغني من قولهأي مكة من الحرم إلخ، فذلك كان في وقته حيث لم يصل العمران : منها

بيت ثم أقام باألبطح أو اتجر فيه لزمه إلى األبطح، فعلى هذا من ودع الإعادة الوداع ألن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، هذا ما ظهر لي،

.واهللا أعلمإحداها أن ما قبل : اعلم أن منى بها خمس خصال: قال بعضهم: تتمة

الثانية اتساعها . من حصا الجمار يرفع كما تقدم، ذكر ذلك عن السلف. الثالثة كون الحدأة ال تخطف منها اللحم. ي األعينللحجيج مع ضيقها ف

الرابعة كون الذباب ال يقع في الطعام وإن كان من شأنه أن ال ينفك عنه :الخامسة قلة البعوض بها، ونظمها بعضهم فقال. كالعسل والسكر

آآ وآي منى خمس فمنها اتساعهاآ آ.لحجاج بيت اهللا لو جاوزوا الحدا

تخطف لحمهاآومنع حداة من آ.وقلة وجدان البعوض بها عدا

وكون ذباب ال يقع في طعامهاآ آآ.ورفع الحصا المقبول دون الذي ردا

:فصل -- فإذا أتى مكة متعجل أو غيره وأراد خروجا لبلده أو غيره لم يخـرج

من مكة حتى يودع البيت بالطواف إذا فرغ من جميع أموره ليكون آخر لى ما جرت به العادة في توديع المسافر إخوانه وأهله، عهده بالبيت ع

ولذلك قال النبي صلى اهللا عليه وسلم حتى يكون آخر عهده بالبيت إن لم يقم بمكة أو حرمها فال وداع عليه، وهو على كل خارج من مكة أو حرمها، فإن أقام بمكة أو حرمها فال وداع عليه، وهو على كل خـارج

الحرم، سواء كان حرا أم عبدا ذكرا أم أنثـى من مكة ووطنه في غيرصغيرا أم كبيرا، وتقدم في أول فصل من هـذا الكتـاب حكـم طـواف

: الصغير فليراجع عند االحتياج إليه، ودليل ذلك ما روى ابن عباس قالأمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إال أنه خفـف علـى المـرأة (

كان الناس ينصرفون في كل (نه قال متفق عليه وفي رواية ع) الحائضوجه فقال النبي صلى اهللا عليه وسلم ال ينفر أحد حتى يكون آخر عهده

أن (وعن ابن عباس . رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة) بالبيتالنبي صلى اهللا عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبـل أن تطـوف

.حمدرواه أ) بالبيت إذا كانت قد طافت في اإلفاضةحاضت صفية بنت حيي بعدما أفاضت قالت فذكرت (وعن عائشة قالت

ذلك لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، فقال أحابستنا هي؟ قلت يا رسول ) اهللا إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد اإلفاضة قال فلتنفر إذا

متفق عليه، ومن كان خارج الحرم ثم أراد الخروج مـن مكـة فعليـه

الوداع سواء أراد الرجوع إلى بلده أو غيره لما تقدم، قال شيخ اإلسالم فال يخرج الحاج حتى يودع البيت فيطـوف طـواف : رحمه اهللا تعالى

الوداع حتى يكون آخر عهده بالبيت، ومن أقام بمكة فال وداع عليـه، وهذا الطواف يؤخره الصادر من مكة حتى يكون بعد جميع أموره فـال

ه بتجارة وال نحوها، ولكن إن قضى حاجته أو اشترى شـيئا يشتغل بعدفي طريقه بعد الوداع أو دخل إلى المنزل الذي هو فيه ليحمل المتـاع على دابته ونحو ذلك مما هو من أسباب الرحيل فال إعادة عليـه، وإن أقام بعد الوداع أعاده، وهذا الطواف واجب عند الجمهور، ولكن يسقط

كالمه، ومن مفهومه يؤخذ أنه لو دخل منزله بعـد عن الحائض انتهىطواف الوداع فاشتغل فيه بغير ما هو من أسباب الرحيل أنـه يلزمـه إعادة الوداع، وباألولى لو ودع في الليل ونام في بيته أو غيـره مـن مساكن مكة أو ما يدخل في مسماها، ألن هذا يعد إقامة وينافي مقتضى

ون آخر عهده بالبيت، أما لو ودع البيـت الحديث الذي نص فيه بأن يكثم انتظر وداع رفقته حتى يسافروا جميعا فإنه ال يضر هذا االنتظار إذا

وقال في الترغيب . لم يشتغل بعد الوداع بما هو ممنوع منه، واهللا أعلمال يجب طواف الوداع على غير الحاج، قال في الفروع وإن : والتلخيص

كـالم شـيخ : قلـت . شيخنا ال يودع انتهىخرج غير حاج فظاهر كالم وطـواف : قال شيخ اإلسـالم . اإلسالم يخالف ما استظهره في الفروع

الوداع ليس من الحج وإنما هو لكل من أراد الخروج من مكة انتهـى، والمذهب وجوبه على كل من أراد الخروج من مكة وبلـده فـي غيـر

.الحرم

هل : وهو أن يقال) الكتاب هذا بحث نفيس مهم ال تجده في غير هذا( يجوز طواف الوداع أول أيام التشريق قبل حـل النفـر والفـراغ مـن واجبات الحج واإلقامة بعده بمنى والبيع والشراء فيـه أم ال؟ فنقـول

فإذا أتى مكة متعجل أو غيره : قال في المنتهى وشرحه: وباهللا التوفيقلخصا، قال الشيخ لم يخرج من مكة حتى يودع البيت بالطواف انتهى م

عثمان النجدي فهم منه أنه لو سافر إلى بلده من منة ولم يأت مكـة ال .وداع عليه، صرح في اإلقناع عن الشيخ تقي الدين في موضع انتهى

قلت لم أجد ذلك في اإلقناع بعد المراجعة مرارا اللهـم إال أن يكـون ى آخره وهـذا مراده بذلك قوله اآلتي وطواف الوداع ليس من الحج إل

: ليس بصريح فيما قاله عن الشيخ تقي الدين، وقال النووي الشـافعي ولو أراد الحاج الرجوع إلى بلده من منى لزمه دخـول مكـة لطـواف

أي بعد نفره، وإن كان قد طاف قبل : قال ابن حجر المكي. الوداع انتهىعوده من مكة إلى منى كما في المجموع انتهى، وقال ابـن نصـر اهللا البغدادي الحنبلي في حواشي الكافي، وظاهر كالم األصحاب لزوم دخول مكة بعد أيام منى لكل حاج ولو لم يكن طريق بلده عليها لوجوب طواف

وقوة كالم األصـحاب : الوداع عليه ولم يصرح به وقال ابن نصر أيضاأن أول وقت طواف الوداع بعد أيام منة، فلو ودع قبلها لم يجزئه ولـم

من أخر طواف الزيارة فطافـة : به تصريحا، ويؤخذ ذلك من قولهمأجد عند الخروج كفاه ذلك الطواف عن طواف الزيارة والوداع ولم يقولـوا من اكتفى بطواف الزيارة يوم النحر عن طواف الوداع ولم يعد إلى مكة

بل قد صرح به المغني حيث قال فيما يأتي كما لو طافـه : قلت. انتهىووقته بعد فراغ المرء : فر، أي فإنه ال يجزئه قال في المغنيقبل حل الن

من جميع أموره ليكون آخر عهده بالبيت على ما جرت به العادة فـي توديع المسافر إخوانه وأهله ولذلك قال النبي صلى اهللا عليـه وسـلم

وظاهر كـالم : قال في اإلنصاف. انتهى) حتى يكون آخر عهده بالبيت(فق أن طواف الوداع يجب ولو لم يكن بمكن، قـال المصنف يعني المو

يطوف من أراد الخـروج : في الفروع وهو ظاهر كالمهم، قال اآلجريوفي أثنـاء كـالم للشـيخ . من مكة أو من منى أو من نفر آخر انتهى

وأخبرنا جماعة أن : يحيى بن عطوة النجدي تلميذ الشيخ العسكري قالأول أيام التشريق قبل حل النفـر الشويكي أفتاهم بجواز طواف الوداع

والفراغ من واجبات الحج والبيع والشراء واإلقامة بعده بمنى، ونقلـوا عنه أنه بالغ حتى نسب ذلك إلى جميع األصحاب، ولو تحقق ما صـرح به الزركشي والمغني والشرح الكبير وغيرها من كتب األصحاب ما قال

حتى يـودع البيـت، قـال فإذا أتى مكة لم يخرج: قال الخرقي. ما قالووقته بعد فراغ : الزركشي والمراد الخروج من الحرم، قال في الشرح

المرء من جميع أموره ليكون آخر عهده بالبيت وكذا قال في المغنـي ولقد كشفت قريبا من خمسين كتابا من كتب المذهب فلم أظفر فيها : قال

أتعجـب منـه كيـف بما نسبه هذا المتفقه إليهم وأفتى به عنهم، وأنا صدرت منه هذه النسبة إلى جميع األصحاب والصريح عنهم العكـس، ولعله دخل عليه اللبس من لفظ الخروج في كالم الخرقي وتـوهم أنـه الخروج من مكة وليس كذلك فقد صرح الزركشي أن مـراد الخرقـي

أعني طواف الوداع، : الخروج من الحرم ولعله ذهل عن وقت الطوافظر في المغني والشرح الكبير وغيرهما لزالت عنه ضبابة ولو حقق الن

فإن ودع ثم : الشك ولعله اعتمد على ما وجهه ابن مفلح في فروعه قال

أقام بمنى ولم يدخل مكة فيتوجه جوازه، ومراده بعد حل النفر ودخـول وقت الوداع هذا مع تسليم جواز اإلفتاء بالتوجيـه المـذكور وجـواز

من غير نظر في الترجيح انتهى كالم ابن عطوة قلت اعتماد المقلد عليه أما لفظ الخروج، فهو صريح في كالم األصحاب أنه الخروج من مكـة

فإذا أتى مكة لـم : خالفا لما فهمه الشيخ أحمد بن عطوة، قال الخرقييخرج حتى يودع البيت يطوف به سبعا ويصلي ركعتين إذا فـرغ مـن

: بالبيت، قال الموفق فـي المغنـي جميع أموره حتى يكون آخر عهده وجملة ذلك أن من أتى مكة ال يخلو إما أن يريد اإلقامة بها أو الخروج منها فإن أقام بها فال وداع عليه، فأما الخارج من مكة فلـيس لـه أن يخرج حتى يودع البيت بطواف سبع وهو واجب من تركـه لزمـه دم

فـإذا : اإلقناع وشـرحه انتهى ملخصا ومثله في الشرح الكبير، قال فيأراد الخروج من مكة لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف إلى أن قـال

: قال في المنتهى وشـرحه . وهو على كل خارج من مكة انتهى ملخصافإذا أتى مكة متعجل أو غيره وأراد خروجا لبلده أو غيره لم يخرج من

أيضـا، قـال مكة حتى يودع البيت بالطواف انتهى، وقال في اإلقنـاع وطواف الوداع ليس من الحج وإنما هو لكل من أراد الخـروج : الشيخ

ومتى أراد الحاج الخروج من مكـة لـم : من مكة، قال في المستوعبيخرج حتى يودع انتهى، وأما فتوى الشيخ الشـويكي بجـواز طـواف الوداع أول أيام التشريق قبل حل النفر والفراغ مـن واجبـات الحـج

نى فال نسلم له صحة فتواه هذه لما تقدم عن ابن نصـر اهللا واإلقامة بمأن ظاهر كالم األصحاب لزوم دخول مكة بعد أيام منى لكل حاج ولو لم يكن طريق بلده عليها لوجوب طواف الوداع عليه ولما تقدم عنه أيضا

أن قوة كالم األصحاب أن أول وقت طواف الوداع بعد أيام منـى، فلـو .ئهودع قبلها لم يجز

قال في المغني بعد كالم سبق وألنه إذا أقام بعده، أي طواف الوداع، خرج عن أن يكون وداعا في العادة فلم يجزه كما لو طافه قبـل حـل النفر، إلخ فجعل صاحب المغني ما إذا طاف للوداع قبل حل النفر أصال

أو في عدم اإلجزاء وقاس عليه من ودع بعد حل النفر ثم اشتغل بتجارة إقامة فعلم منه أنه لو طاف للوداع قبل حل النفر وهو ثاني عشـر ذي الحجة أنه ال يجزئه ألن وقت طواف الوداع ال يدخل إال بعد حل النفـر،

.واهللا أعلم، ومثل في الشرح الكبيرفإن ودع ثم أقام بمنـى ولـم : وأما توجيه صاحب الفروع الذي نصه

أعلم إذا كان طاف للوداع بعد حل يدخل مكة فيتوجه جوازه فمراده واهللاالنفر ودخول وقت الوداع، وقد نص العلماء أن وقت طواف الوداع إذا

ومن كان بقي عليه المبيت ليالي منـى ورمـى : فرغ من جميع أمورهالجمار فإنه ال يكون قد فرغ من جميع أموره، بل بقي عليه شيء مـن

ول أو اآلخر، ثم ودع البيت واجبات الحج، أما إذا نفر من منى النفر األوسافر ونزل خارجا عن بنيان مكة للبيتوتـة أو المقيـل أو غيرهمـا، سواء كان ذلك النزول بمنى أو غيره من بقاع الحرم المنفصـلة عـن مسمى بنيان مكة فال يلزمه إعادة طواف الوداع ألنه قد سافر عن مكة

رير هذه المسـألة وليس مقيما بها بعد الوداع، هذا ما ظهر لي في تحالتي طال فيها النزاع قديما وحديثا واهللا سبحانه وتعالى أعلـم، وفـي

وإذا أراد الحاج أو المعتمر المكي وغيره الخروج من : التحفة للشافعيةمكة، أو منى عقب نفره منها، وإن كان طاف للـوداع عقـب طـواف

ه، وال يسـمى اإلفاضة عند عوده إليها طاف وجوبا للوداع إذ ال يعتد بطواف وداع إال بعد فراغ جميع النسك انتهى ملخصـا بتصـرف فـي

فصل ومن كان منزله في الحرم فهو : التقديم والتأخير، قال في المغنيكالمكي ال وداع عليه، ومن كان منزله خارج الحرم قريبا منه فظـاهر

س كالم الخرقي أنه ال يخرج حتى يودع البيت، وهذا قول أبي ثور وقياوقال أصحاب الرأي في أهل بسـتان ابـن . قول مالك ذكره ابن القاسم

عامر وأهل المواقيت إنهم بمنزلة أهل مكة في طواف الـوداع ألنهـم . معدودون من حاضري المسجد الحرام بدليل سقوط دم المتعـة عـنهم

ال ينفرن أحد حتى يكون آخـر : (ولنا عموم قوله صلى اهللا عليه وسلمألنه خارج عن الحرم فلزمه التوديع كالبعيد انتهى، وكذا و) عهده بالبيت

أي خارج : ومن كان خارجه: في الشرح الكبير، قال في اإلقناع وشرحهالحرم ثم أراد الخروج من مكة فعليه الوداع وهو على كل خارج مـن مكة انتهى ملخصا، وتقدم أول الفصل أنه إذا أقام بمكـة أو حرمهـا ال

ى كل خارج من مكة ووطنه في غير الحرم ثم بعـد وداع عليه وأنه علطواف الوداع يصلي ركعتين خلف المقام كسائر الطوافات، قـال فـي المنتهى واإلقناع وغيرهما ويأتي الحطيم نصا أيضا وهو تحت الميزاب

.فيدعو انتهىأحدها أنه ما بين الـركن : وأما الحطيم فقيل فيه أقوال: قال ابن القيم

و الملتزم، وقيل هو جدار الحجر ألن البيت رفع وترك هـذا والباب وهالجدار محطوما، والصحيح أن الحطيم الحجر نفسه وهو الـذي ذكـره

بينا أنا نائم في : (البخاري في صحيحه واحتج عليه بحديث اإلسراء قالوهو حطيم بمعنى محطوم كقتيـل : قال) في الحجر: الحطيم، وربما قال

ثم يأتي زمزم فيشرب منها ثم يستلم الحجر ويقبله .بمعنى مقتول انتهىويدعو في الملتزم بما يأتي من الدعاء، وتقدم في فصل ويحصل التحلل

شيء من اآلثار الواردة في فضل ماء زمزم وما . األول باثنين من ثالثةويستحب أن يشرب من ماء : قال شيخ اإلسالم. يقال عند شربه فليراجع: دعو عند شربه بما شاء من األدعية الشـرعية زمزم ويتضلع منها وي

اللهم اجعله لنا علما نافعا، ورزقا واسعا، وريا وشبعا، وشـفاء : ومنهامن كل داء، واغسل به قلبي وامأله من خشيتك، وال يستحب االغتسال منها انتهى، فإن ودع ثم اشتغل بغير شد رحل أو اتجر أو أقـام أعـاد

واف الوداع إنما يكون عند خروجه من مكة ليكون الوداع وجوبا، ألن طآخر عهده بالبيت وتقدم ذلك، وال يعيد الوداع إن اشترى حاجـة فـي طريقه أو اشترى زادا أو شيئا لنفسه أو صـلى ألن ذلـك ال يمنـع أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف، وتقدم أول الفصل حكم ما لو ودع في

أي قبـل : فإن خرج قبلـه : إلقناع وشرحهقال في ا. الليل ونام فليراجعالوداع فعليه الرجوع إليه، أي إلى الوداع لفعله إن كـان قريبـا دون مسافة القصر ولم يخف علة نفسه أو ماله أو فوات رفقته أو غير ذلك من األعذار، وال شيء عليه إذا رجع قريبا سواء كان ممن لـه عـذر

ستقر عليـه لكونـه فـي حكـم يسقط عنه الرجوع أوال، ألن الدم لم يالحاضر، فإن لم يمكنه الرجوع لعذر ممـا تقـدم أو لغيـره أو أمكنـه الرجوع للوداع ولم يرجع أو بعد مسافة قصر عن مكة فعليه دم رجـع إلى مكة وطاف للوداع أوال، ألنه قد استقر عليه ببلوغه مسافة القصر

أحرم ثم رجع إلى فلم يسقط برجوعه كمن تجاوز الميقات بغير إحرام ثم أي طواف الوداع عمدا أو خطأ أم نسيانا لعـذر : الميقات، وسواء تركه

أو غيره ألنه من واجبات الحج فاستوى عمده وخطؤه والمعذور وغيره كسائر واجبات الحج، ومتى رجع من القرب لم يلزمه إحرام ألنـه فـي

ف ويسـعى حكم الحاضر ويلزمه مع البعد اإلحرام بعمرة يأتي بها فيطوقـال . ويحلق أو يقصر، ثم يطوف الوداع إذا فرغ من أمـوره انتهـى

فإن خرج قبل الوداع رجع إن كان بالقرب، وإن بعـد : مسألة: الخرقيهذا قول عطاء والثوري والشافعي وإسـحق : قال في المغني: بعث بدم

هو الذي بينه وبين مكـة دون مسـافة القصـر، : والقريب. وأبي ثوربلغ مسافة القصر نص عليه أحمد وهو قـول الشـافعي، من: والبعيد

حد ذلك الحرم، فمن كان : وقال الثوري. وكان عطاء يرى الطائف قريباووجه القـول األول أن . ومن خرج منه فهو بعيد. في الحرم فهو قريب

من دون مسافة القصر في حكم الحاضر في أنـه ال يقصـر وال يفطـر أن عمر رد رجال (وقد روى . د الحرامولذلك عددناه من حاضري المسج

رواه سعيد، وإن لم يمكنـه ) من مر إلى مكة ليكون آخر عهده بالبيتالرجوع لعذر فهو كالبعيد، ولو لم يرجع القريب الذي يمكنه الرجوع لم يكن عليه أكثر من دم، وال فرق بين تركه عمدا أو خطأ لعذر أو غيـره

ه وخطؤه والمعذور وغيره كسـائر ألنه من واجبات الحج فاستوى عمدال يسـقط عنـه : واجباته، فإن رجع البعيد فطاف للوداع، فقال القاضي

الدم ألنه قد استقر عليه الدم ببلوغه مسافة القصر فلم يسقط برجوعـه كمن تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه ثم رجع إليـه، وإن رجـع

ر يسقط عنه الرجوع القريب فطاف فال دم عليه سواء كان ممن له عذأو ال ألن الدم لم يستقر عليه لكونه في حكم الحاضر، ويحتمل سـقوط

الدم عن البعيد برجوعه ألنه واجب أتى بـه فلـم يجـب عليـه بدلـه .كالقريب

:فصل -- إذا رجع البعيد فينبغي أن ال يجوز له تجاوز الميقات إن كان جـاوزه

فيلزمه طواف إلحرامـه بـالعمرة إال محرما ألنه ليس من أهل األعذار والسعي وطواف لوداعه، وفي سقوط الدم عنه ما ذكرنا من الخـالف،

فأما إن رجع القريب فظـاهر . وإن كان دون الميقات أحرم من موضعهقول من ذكرنا قوله أنه ال يلزمه إحرام ألنه رجع إلتمام نسك مأمور به

دخل مكة لحاجـة، فإن ودع وخرج ثم: فأشبه من رجع لطواف الزيارةفقال أحمد أحب إلي أن ال يدخل إلى محرما، وأحب إلـى إذا خـرج أن يودع البيت بالطواف، وهذا ألنه لم يدخل إلتمام النسك إنما دخل لحاجة غير متكررة فأشبه من يدخلها لإلقامة بها انتهى كالم صاحب المغنـي

القـدون ومثله في الشرح الكبير، وإن أخر طواف الزيارة ونصـه أو فطافه عند الخروج كفاه ذلك الطواف عن طواف الوداع، قـال الشـيخ مرعي في الغاية ويتجه من تعليلهم ولو لم ينو طـواف الـوداع حـال شروعه في طواف الزيارة أو القدوم انتهى، ألن المأمور به أن يكـون آخر عهده بالبيت وقد فعل، وألنهما عبادتان من جنس فأجزأت إحداهما

خرى، وألن ما شرع مثل تحية المسجد يجزئ عنه الواجب مـن عن األجنسه كإجزاء المكتوبة عن تحية المسجد وكإجزاء المكتوبة أيضا عـن ركعتي الطواف وعن ركعتي اإلحرام وكغسل الجنابة عن غسل الجمعة، فإن نوى بطوافه الوداع لم يجزئه عن طواف الزيارة ولو كان ناسـيا

).وإنما لكل امرئ ما نوى(لم ينوه، وفي الحديث لطواف الزيارة، ألنه

فإن قيل كيف يتصور إجزاء طواف القدوم عن طواف الـوداع، وقـد قال األصحاب ثم يفيض إلى مكة فيطوف مفرد وقارن لم يدخالها قبـل

يتصور فيما إذا لم يكن دخل مكة لضـيق : للقدوم برمل ثم للزيارة؟ قلناصد عرفات فلما رجع منها طاف للزيـارة وقت الوقوف بعرفة مثال وق

أوال ثم طاف للقدوم إما نسيانا أو غيره فطواف القدوم هـذا وإن كـان متأخرا عن طواف الزيارة يكفيه عن طواف الوداع، وهذا على القـول بسنية طواف القدوم بعد الرجوع من عرفة للمتمتع وللمفرد والقـارن

ة وهو نص اإلمام أحمد اختـاره اللذين لم يدخلوا مكة قبل وقوفهم بعرفالخرقي، أما على اختيار الموفق والشارح وشيخ اإلسالم وابـن القـيم وابن رجب فال يسن طواف القدوم بعد الرجوع من عرفة وهو الذي تدل

ثم يفيض إلى مكة، ويكتفـي بطـواف : عليه السنة كما تقدم في فصلع علـى حـائض الزيارة الذي هو ركن في الحج واهللا أعلـم، وال ودا

وتقـدم، ) إال أنه خفف عن الحـائض (ونفساء لحديث ابن عباس وفيه والنفساء في معناها ألن حكمه حكم الحيض فيما يمنعـه وغيـره، وال فدية على الحائض والنفساء لظاهر حديث صفية المتقدم فإنه صلى اهللا عليه وسلم لم يأمرها بفدية إال أن تطهر الحائض والنفساء قبل مفارقة

بنيان مكة فيلزمهما العود ويغتسالن للحيض والنفاس ألنهما في حكـم المقيم بدليل أنهما ال يستبيحان الرخص قبل مفارقة البنيان ثم يودعان، فإن لم تعودا للوداع مع طهرهما قبل مفارقة البنيان ولو لعذر فعليهمـا

ياء قبـل دم لتركهما نسكا واجبا، فأما إن فارقت الحائض والنفساء البنفإن قيل . طهرهما لم يجب عليهما الرجوع لخروجهما عن حكم الحاضر

فلم ال يجب الرجوع عليهما مع القرب كما يجب على الخارج لغير عذر؟

هناك ترك واجبا فلم يسقط بخروجه مع القرب كما تقدم تفصـيله : قلناـ ن وهاهنا لم يكون واجبا عليهما وال يثبت وجوبه ابتداء إال في حق م

كان مقيما وهما حين اإلقامة ال يجب عليهما لحصول الحيض والنفاس وأما المعذور غير الحائض والنفساء كالمريض ونحوه فعليه . واهللا أعلم

.دم إذا ترك طواف الوداع ألن الواجب ال يسقط جبرانه بالعذر وتقدمال يصح أن يستنيب في طواف الوداع إذا كان حجه فرضا بـل : فائدة

ف به راكبا على نحو كرسي أو محموال، فإن لم يفعل فعليه دم، أما يطاإن كان حجه نفال فله االستنابة فيه ولو كان لغير عذر كطواف اإلفاضة

.وأولى، واهللا أعلم، وتقدم ذلك في فصل االستنابة في الحج والعمرة الدم الذي يجب على من ترك طواف الوداع كدم التمتع فإذا لم: تنبيه

يجد صام عشرة أيام واهللا أعلم، فإذا فرغ من الوداع واسـتلم الحجـر وقبله وقف في الملتزم وهو ما بين الركن الذي به الحجر األسود وباب الكعبة وقدره أربعة أذرع تقريبا فيلتزم الملتزم ملصقا به صدره ووجهه وبطنه ويبسط يديه عليه ويجعل يمينه نحو الباب ويساره نحو الحجـر

طفت مع عبد اهللا بن : (األسود، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه قالعمرو بن العاص فلما جاء دبر الكعبة قلت أال تتعوذ؟ قال نعوذ باهللا من النار، ثم استلم الحجر فقام بين الركن والباب فوضع صدره وذراعيـه

هكذا رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه: وكفيه هكذا وبسطهما بسطا وقالرواه أبو داود، ووالد شعيب هو محمد بن عبد اهللا بن عمرو بن ) وسلم

العاص، فعبد اهللا بن عمرو رضي اهللا عنه هو جـد شـعيب المـذكور .ويدعو بما أحب من خيري الدنيا واآلخرة. وتقدم

وإن أحب أن يأتي الملتزم وهو ما : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيـه بين الحجر األسود والباب

ويدعو ويسأل اهللا حاجته فعل ذلك، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع فإن هذا االلتزام ال فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره والصـحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة، وإن شاء قال في دعائه الـدعاء

عبدك وابـن عبـدك وابـن أمتـك اللهم إني : (المأثور عن ابن عباسحملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بالدك حتى بلغتنـي بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى وإال فمن اآلن فارض عني قبل أن تنأى عـن بيتـك داري

راغـب فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك وال ببيتك والعنك وال عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع

انتهى مـن منسـك ). لي خيري الدنيا واآلخرة إنك على كل شيء قديرشيخ اإلسالم رحمه اهللا، وهذا الدعاء هو نص ما ذكره األصحاب فـي

أي تبعد قوله فمن اآلن، الوجه : قوله قبل أن تنآى. د االلتزامكتبهم عنضم الميم وتشديد النون على أنه صيغة أمر من من يمن مقصـود بـه

المطلع على (الدعاء كما ذكره العالمة ابن أبي الفتح الحنبلي في كتابه وذكر أنه قرأه كذلك على شيخه الذي قرأه كـذلك أيضـا ) ألفاظ المقنع

العالمة أبي محمد موفق الدين بن قدامة مصنف المقنع، قال فـي على أي وإن كنت ما رضـيت فـامنن اآلن : قوله وإال فمن اآلن: المصباح

برضاك انتهى، ويجوز كسر الميم وفتح النون على أنهـا حـرف جـر قوله فاصحبني . الوقت الحاضر مبني على الفتح: البتداء الغاية، واآلن

قال شيخ اإلسـالم . ن منقلبي بقطع الهمزة فيهماالعافية، وقوله وأحسولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت : رحمه اهللا تعالىقال في جمع الجوامع ليوسـف بـن عبـد الهـادي . كان حسنا انتهى

لو لم يقف في الملتزم بل وقف عند : قال صاحب كتاب األعالم: الحنبليم البيت كان حسنا، وقد أخبرنا جماعـة الباب ودعا هناك من غير التزا

من شيوخنا أخبرنا ابن المحب أنبأنا والدي أنبأنا ابن خوالن أنبأنا ضياء سمعت أبا الحسن : سمعت أبا محمد عبد الغني الغزنوي يقول: الدين قال

سمعت أبـا القاسـم : سمعت أبا القاسم السهمي يقول: الدينوري يقولسمعت محمد بن الحسن سمعت أبا بكر : ولعبيد اهللا بن محمد البزار يق

هو من أهل مكة وليس بمحمد بن إدريس الشـافعي (محمد بن إدريس يقول سمعت عبد اهللا بـن ) رحمه اهللا فإن كنيته أبو عبد اهللا ال أبو بكر

هو عبد اهللا بن الزبير بن عيسى بن عبد اهللا القرشـي (الزبير الحميدي ه في رحلته إلى مصر وهو شيخ األسدي المكي صاحب الشافعي ورفيق

سمعت : يقول). البخاري وهو ألهل الحجاز كأحمد بن حنبل ألهل العراقسمعت ابن عباس : سمعت عمرو بن دينار يقول: سفيان بن عيينة يقول

الملتزم موضـع : (سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول: يقولعوة إال اسـتجابها أو يستجاب فيه الدعاء وما دعا اهللا تعالى فيه أحد د

فواهللا ما دعوت اهللا فيه قط إال أجابني، قـال : قال ابن عباس) نحو هذاوأنا واهللا ما أهمني أمر فدعوت اهللا فيه إال اسـتجاب : عمرو بن دينار

وأنـا : لي منذ سمعت هذا الحديث من ابن عباس، قال سفيان بن عيينةمنـذ سـمعت هـذا واهللا ما دعوت اهللا فيه قط بشيء إال استجاب لي

وأنا واهللا ما دعوت اهللا فيه : الحديث من عمرو بن دينار، قال الحميدي

قط بشيء إال استجاب لي منذ سمعت هذا الحديث من سفيان بن عيينة، وأنا واهللا ما دعوت : قال محمد بن إدريس المكي الراوي عن الحميدي

قال . حميدياهللا بشيء فيه إال استجاب لي منذ سمعت هذا الحديث من الوأنا واهللا ما دعوت اهللا عز وجل : محمد بن الحسن بن راشد األنصاري

بشيء فيه إال استجاب لي منذ سمعت هذا الحـديث مـن محمـد بـن وأنا دعوت اهللا فيه فاسـتجاب : إدريس، قال أبو القاسم عبيد اهللا البزار

هللا دعـوت ا : قال لنا عبيد اهللا بن محمد: وقال أبو القاسم السهمي. ليوأنا دعوت اهللا فيـه : عز وجل فيه مرارا فاستجاب لي، قال أبو الفتح

وأنا دعوت اهللا فيه فاستجاب لي، : فاستجاب لي، قال الحافظ عبد الغنيقـال . وأنا دعوت اهللا فيه فاستجاب لي انتهى: قال الحافظ ضياء الدين

هذا حديث حسن غريب من حديث عمرو بن دينار : محب الدين الطبريوقد أخرج هذا الحديث القاضي عياض في . لمكي عن ابن عباس انتهىا

الشفاء مسلسال، وقد روى من حديث أبي الزبير المكي عن ابن عباس موقوفا ورواية أبي الزبير أخرجها سعيد بن منصـور والبيهقـي فـي سننهما وهو شاهد قوي، وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس من وجه

سن بن راشد األنصاري تلميذ محمد بن إدريـس آخر عن محمد بن الحويحصل التحلل األول باثنين من ثالثة الكالم : مسلسال، وتقدم في فصل

حدثنا عبيد اهللا بن عمر : (على االلتزام فليراجع، قال أبو داود في سننه: بن ميسرة أنبأنا يحيى بن سعيد أنبأنا السائب بن عمر المخزومي قال

هللا بن السائب عن أبيه أنه كان يقود ابن عباس حدثني محمد بن عبد افيقيمه عند الشقة الثالثة مما يلي الركن الذي يلي الحجـر ممـا يلـي

أنبئت أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم : الباب، فيقول له ابن عباس

انتهى، وفي إسناده محمـد ) كان يصل هاهنا؟ فيقول نعم فيقوم فيصليى عن أبيه وهو شبه مجهول قاله المنـذري بن عبد اهللا بن السائب رو

قال الحافظ في التقريب محمد بن عبد اهللا بن السائب المخزومي مجهول أي بعد ما كف بصـره فـي آخـر : قوله كان يقود ابن عباس. انتهىقوله أنبئت بصيغة الخطاب بحذف همزة االستفهام، وفي رواية . عمره

أن رسول اهللا صلى اهللا عليه قوله . النسائي فقال ابن عباس أما أنبئتأي نعم كان : أي عبد اهللا بن السائب نعم: وسلم كان يصلي هاهنا فيقول

يصلي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم هاهنا فيقوم، أي ابـن عبـاس ظاهر الحديث أن الشقة الثالثة قريبة من الركن الشـامي : قلت. فيصلي

طبري وابن ظهيرة مـا مما يلي الحجر بكسر الحاء، وفي تاريخ مكة لليؤيد هذا خالفا لما في بذل المجهود شرح سنن أبي داود حيـث جعـل الشقة الثالثة هي الملتزم، وإن أحب دعا في الملتزم بغيـر مـا تقـدم ويصلي على النبي صلى اهللا عليه وسلم، فإذا خرج والهـا ظهـره وال

ن التفـت أعـاد يلتفت، قال اإلمام أحمد، فإذا ولى ال يقف وال يلتفت، فإالوداع نص عليه يعني استحبابا قال في المغني والشـرح، إذ ال نعلـم

إذا كـدت تخـرج مـن : إليجاب ذلك عليه دليال انتهى، وقد قال مجاهداللهم ال تجعلـه آخـر العهـد : المسجد فالتفت ثم انظر إلى الكعبة فقل

ولى ال يقـف فإذا : انتهى، قال أبو عبد اهللا أكره ذلك، قال شيخ اإلسالمالقهقـرى : وال يلتفت وال يمشي القهقرى، قال الثعالبي في فقه اللغـة

مشية الراجع إلى خلف، حتى قد قيل إنه إذا رأى البيت رجـع فـودع والحائض والنفساء تقفان عند باب المسـجد . انتهى كالم شيخ اإلسالم

.الحرام وتدعوان بذلك الدعاء استحبابا لتعذر دخوله عليهما

إذا ودع وأراد الخروج من المسجد الحـرام فمـن أي أبوابـه : فائدة يخرج؟ ذهب بعض الشافعية إلى أنه يخرج من باب الحزورة وأنه يندب ذلك لكل مسافر من مكة ولو لغير بلده لحديث علد اهللا بن عـدي بـن

رأيت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم علـى راحلتـه واقفـا (الحمراء واهللا إنـك لخيـر : ي حال خروجه من مكة يقول لمكةبالحزورة يعني ف

وال حجة في هذا الحديث لمـا ذهـب إليـه : قلت. الحديث). أرض اهللاالبعض ألن الباب المذكور هو المسامت لطريق أهل المدينـة المنـورة والنبي صلى اهللا عليه وسلم خرج من باب الحزورة ألنه هو المسـامت

ونحوه فالظاهر أنه مخير واألمر في لطريقه، أما من كان طريقه شرقاومكة أفضل من : هذا واسع، وتقدم البحث في موضع الحزورة في فصل

.المدينة فليعاودوأما المسألة الثالثة وهي موضع صالته صلى اهللا عليه : قال ابن القيم

وسلم صالة الصبح صبيحة ليلة الوداع، ففي الصحيحين عن أم سـلمة : اهللا صلى اهللا عليه وسلم أني أشتكي؟ فقـال شكوت إلى رسول: (قالت

فطفت ورسول اهللا صلى اهللا : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، قالتعليه وسلم حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقـرأ بـالطور وكتـاب مسطور، فهذا يحتمل أن يكون في الفجر وفي غيرها وأن يكـون فـي

لبخاري قد روى في صحيحه طواف الوداع وغيره فنظرنا في ذلك فإذا افي هذه القصة أنه صلى اهللا عليه وسلم لما أراد الخروج ولم تكـن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج فقال لها رسول اهللا صلى اهللا عليه

إذا أقيمت صالة الصبح فطوفي على بعيرك والنـاس يصـلون : (وسلميوم النحر فهو وهذا محال قطعا أن يكون) ففعلته ولم تصل حتى خرجت

طواف الوداع بال ريب، فظهر أنه صلى الصـبح يومئـذ عنـد البيـت .وسمعته أم سلمة يقرأ فيها بالطور انتهى كالم ابن القيم

قد ذكر بعض من ألف في المناسك أنه ينبغي التبرك باألمـاكن : تنبيه اآلتية وهذا ال أصل له في الشرع بل هو من البدع والضـالل المبـين،

لك قوله ينبغي التبرك بمولده صلى اهللا عليه وسلم بسوق الليـل فمن ذومولد علي رضي اهللا عنه بقربه وبيت خديجة رضي اهللا عنها بزقـاق الحجر المشهور اآلن بمولد السيدة فاطمة رضي اهللا عنها، وقد اشتراه معاوية وفتح به بابا من دار أبيه أبي سفيان الذي في ظهره المسـمى

اآلن مستشفى للغرباء وبابه بأثناء سوق المدعى، فالتبرك بالقبان وهو بذلك أو شيء منه من البدع المنكرة واألمور المحرمة وكغـار حـراء وهو المسمى اآلن بجبل النور وكالغار الذي في جبل ثور بأسفل مكـة المذكور في القرآن صعب المرقى وله بابان ضيق وواسـع وكمسـجد

سجد إبراهيم وكدار األرقـم التـي عنـد على جبل أبي قبيس يقال له مأم : الصفا المعروفة اآلن بدار الخيـزران جاريـة المهـدي العباسـي

الخليفتين موسى الهادي وهارون الرشيد وكرباط عثمـان رضـي اهللا عنه، وهو رباط معروف يسكنه المغاربة بالسوق الصغير وفيـه بئـر

وثالثمائة وألف مالحة وشجرة نبق قطعت وهللا الحمد سنة أربع وستين ألنها تشبه ذات أنواط المذكورة في الحديث واشتهر عند أهل االبتـداع أن المحموم إذا تبخر بشيء من قشرها واغتسل من بئرها وقت خطبة الجمعة يشفى وهذا كله من المنكرات وال أصل في الشرع لزيارة جميع

ي بزعمهم ذلك وال للتبرك به، وكدار أبي بكر الصديق رضي اهللا عنه التهاجر النبي صلى اهللا عليه وسلم منهـا وموضـعها بحـارة المسـفلة

وبالقرب منها على ما زعموا مولد حمزة رضي اهللا عنه وهو زاويـة بجوار بازان المسفلة مجرى عين مكة لبركة ماجن، وكمولد عمر رضي اهللا عنه وهو بزعمهم غار لطيف عليه بناء قد تهدم غالبه في الجبـل

بل عمر، ومنها مسجد في شعب جياد يسمى مسجد المتكـأ المسمى بجبزعمهم أن النبي صلى اهللا عليه وسلم اتكأ فيه، ومنها مسجد صـغير مقابل للقبان بسوق المدعى، ومنها مسجد آخر بعلو سوق المدعى على يسار الصاعد إلى المعلى مقابل لزقاق بنان، ومنها مسجد على يسـار

قابل لزقاق المجـزرة جعـل سـابقا مكتبـا الصاعد إلى المعلى أيضا مللصبيان واآلن عمرته مديرية األوقاف وجعلت أعاله مسجدا وأسـفله دكاكين ومنها مسجد آخر على يمين الصاعد إلى المعلـى علـى رأس زقاق حوش غراب المقابل للخرازين محوط عليه بأحجار كبار ولـيس

فيه وهذا ال أصل لـه، مسقفا يقال إن النبي صلى اهللا عليه وسلم صلىومنها مسجد الراية وهو بأعلى مكة على يمين الصاعد إلـى المعلـى بزعمهم أن النبي صلى اهللا عليه وسلم ركز رايته يوم فتح مكة عنـده وهو أمام الحلقة، ومنها مسجد الجن بزعمهم إنهم استمعوا القرآن من

قابل مسجد النبي صلى اهللا عليه وسلم وهو به ومنها مسجد الشجرة مالجن بزعمهم أن النبي صلى اهللا عليه وسلم دعـا شـجرة فـي ذلـك المسجد فأقبلت تخط األرض حتى وقفت بين يديه ثم أمرهـا فرجعـت ومنها مسجد بأعلى مكة عند سوق الغنم بزعمهم أن النبي صـلى اهللا عليه وسلم بايع الناس عنده يوم فتح مكة ومنها مسجد اإلجابة وهـو

المسمى باألبطح في المعابدة على يسار الصاعد إلـى مسجد بالمحصبمنى بزعمهم أنه منزل النبي صلى اهللا عليه وسلم حين نفر مـن منـى

ونزل بالمحصب، فهذه البقاع والمساجد والجبال ال تشرع زيارتهـا وال التبرك بها وليس لها من الخصوصية ما ليس لغيرهـا مـن المسـاجد

تراز عما يزعمه الجهلة فيها ولـيعلم أن والبقاع، وقد ذكرتها هنا لالحمن ألف في فضلها وفضل زيارتها والدعاء فيها وعندها ال أصل معـه شرعا بل االعتقاد فيها بما ذكر من البدع، فيجب على مـن أراد نجـاة نفسه التنبه لذلك وتنبيه من يأتي بالحجاج الغرباء على تلـك األمـاكن

.واهللا أعلموتعليمهم أن زيارتها غير مشروعة، وأمـا زيـارة : قال شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهللا تعـالى : فائدة

المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا وما في سفح أبي قبيس ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثـار

قصد النبي صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه كمسجد المولد وغيره فليس شيء من ذلك من السنة وال استحبه أحد من األئمة، وإنما المشـروع إتيان المسجد الحرام خاصة، والمشاعر عرفة ومزدلفة ومنى والصـفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غيـر المشـاعر عرفة ومزدلفة ومنى مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقـال

قبة الفدا، ونحو ذلك فإنه ليس من سنة النبـي صـلى اهللا إنه كان فيه عليه وسلم زيارة شيء من ذلك بل هو بدعة، وكذلك مـا يوجـد فـي الطرقات من المساجد المبنية على اآلثار والبقاع التي يقال إنهـا مـن اآلثار لم يشرع النبي صلى اهللا عليه وسلم قصـد شـيء مـن ذلـك

.نتهى كالمه رحمه اهللالخصوصه وال زيارة شيء من ذلك، ا :فصل --

قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا وإذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده فإنـه يأتي مسجد النبي صلى اهللا عليه وسلم ويصلي فيه، والصالة فيه خيـر من ألف صالة فيما سواه إال المسجد الحرام، وال تشد الرحال إال إليـه

قصى، هكذا ثبت في الصحيحين مـن وإلى المسجد الحرام والمسجد األحديث أبي هريرة وأبي سعيد وهو مروي من طرق أخر، ومسجده كان أصغر مما هو اليوم وكذلك المسجد الحـرام لكـن زاد فيـه الخلفـاء الراشدون ومن بعده، وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع األحكام، ثـم

ما مـن : (قال يسلم على النبي صلى اهللا عليه وسلم وصاحبيه فإنه قدرواه أبو ) رجل يسلم علي إال رد اهللا علي روحي حتى أرد عليه السالمالسـالم : داود وغيره، وكان عبد اهللا بن عمر إذا دخل المسجد يقـول

عليك يا رسول اهللا السالم عليك يا أبا بكر السالم عليك يـا أبـت ثـم بلي ينصرف، وهكذا كان الصحابة يسلمون عليه، ويسلمون عليه مستق

الحجرة مستدبري القبلة عند أكثر العلماء كمالك والشـافعي وأحمـد، واتفقوا على أنه ال يستلم الحجرة وال يقبلها وال يطوف بها وال يصـلي إليها، وإذا قال في سالمه السالم عليك يا رسول اهللا يا خيرة اهللا مـن

بأبي خلقه يا أكرم الخلق على ربه يا إمام المتقين فهذا كله من صفاتههو وأمي صلى اهللا عليه وسلم، وكذلك إذا صلى عليه مع السالم عليه فهذا مما أمر اهللا به، وال يدعو هناك مستقبال للحجرة فـإن هـذا كلـه منهي عنه باتفاق األئمة، وال يقف عند القبر للدعاء لنفسه فـإن هـذا بدعة ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه ولكـن كـانوا

: تقبلون القبلة ويدعون في مسجده فإنه صلى اهللا عليه وسلم قـال يسال تجعلوا قبري عيدا وال تجعلوا : (وقال) اللهم ال تجعل قبري وثنا يعبد(

فأخبر صـلى ) بيوتكم قبورا وصلوا علي حيثما كنتم فإن صالتكم تبلغنيمن اهللا عليه وسلم أنه يسمع الصالة والسالم من القريب وأنه مبلغ ذلك

البعيد، وزيارة القبور على وجهين زيـارة شـرعية وزيـارة بدعيـة، فالشرعية المقصود بها السالم على الميت والدعاء له كما يقصد فـي الصالة على جنازته، فزيارته بعد موته من جنس الصالة عليه، فالسنة فيها أن يسلم على الميت ويدعو له، سواء كان نبيا أو غير نبي كمـا

بي صلى اهللا عليه وسلم يأمر أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول كان النالسالم عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء : أحدهم

اهللا بكم الحقون ويرحم اهللا المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل لهـم، اهللا لنا ولكم العافية، اللهم ال تحرمنا أجرهم وال تفتنا واغفر لنا و

وهكذا يقول إذا زار أهل البقيع ومن به من الصحابة أو غيرهم أو زار شهداء أحد وغيرهم، والزيارة البدعية أن يكـون مقصـود الزائـر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت أو يقصد الدعاء عنـد قبـره أو يقصـد الدعاء به فهذا ليس من سنة النبي صلى اهللا عليه وسلم وال اسـتحبه

لف األمة بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف األمـة أحد من سمن زارني وزار : (وأئمتها، واألحاديث المذكورة في هذا الباب مثل قولهمن زارني (وقوله ) أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على اهللا الجنة

بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زارني بعد مماتي حلت عليـه و ذلك كلها أحاديث ضعيفة بل موضوع ليست في شـيء ونح) شفاعتي

من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها وال نقلهـا إمـام مـن أئمـة المسلمين ال األئمة األربعة وال نحـوهم، لكـن روى بعضـها البـزار والدارقطني ونحوهما بأسانيد ضعيفة، ألن من عادة الدارقطني وأمثاله

وغيره يثبتون ضعف الضعيف من يذكرون هذا في السنن ليعرف وهوذلك، فإذا كانت هذه األمور التي فيها شرك وبدعة ينهى عنها عند قبره وهو أفضل الخلق، فالنهي عن ذلك عند قبـر غيـره أولـى وأحـرى ويستحب أن يأتي مسجد قباء ويصلي فيه فإن النبي صـلى اهللا عليـه

د قبـاء ال من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسـج : (وسلم قالرواه أحمد والنسـائي وابـن ) يريد إال الصالة فيه كان له كأجر عمرةالصالة فـي مسـجد قبـاء : (ماجة، وقال النبي صلى اهللا عليه وسلم

قال الترمذي حديث حسن والسفر إلى المسجد األقصى والصالة ) كعمرةفيه والدعاء والذكر والقراءة واالعتكاف مستحب في أي وقـت شـاء

ن عام الحج أو بعده، وال يفعل فيه وال في مسجد النبي صـلى سواء كااهللا عليه وسلم إال ما يفعل في سائر المساجد، ليس فيها شيء يتمسح

.به وال يقبل وال يطاف به، هذا كله ليس إال في المسجد الحرام خاصةأن ال يعبد إال اهللا وحده ال شريك لـه وال : والدين مبني على أصلين

فمن كان يرجوا لقاء : (بما شرع ال نعبده بالبدع كما قال تعالىيعبد إال ، ولهذا كان عمـر )ربه فليعمل عمال صالحا وال يشرك بعبادة ربه أحدا

اللهم اجعل عملي صـالحا : بن الخطاب رضي اهللا عنه يقول في دعائهواجعله لوجهك خالصا، وال تجعل فيه ألحد شيئا، وقـال الفضـيل بـن

قيـل أخلصـه ) ليبلوكم أيكـم أحسـن عمـال : (له تعالىعياض في قويا أبا علي ما أخلصه وأصوابه؟ قال إن العمل إذا كـان : وأصوبه، قيل

خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإن كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون هللا، والصواب أن يكـون

ولهذا كان أئمة العلماء يعدون من جملة البدع : العلى السنة إلى أن ق

المنكرة السفر لزيارة قبور األنبياء والصالحين، وهذا في أصح القولين غير مشروع حتى صرح بعض من قال ذلك أن من سافر هذا السفر ال يقصر فيه الصالة ألنه سفر معصية، وكذلك من يقصد بقعة ألجل الطلب

كالقبر والمقام أو ألجل االستعاذة به ونحو من مخلوق هي منسوبة إليه ولهذا نهى العلماء عما فيه عبـادة : ذلك فهذا شرك وبدعة إلى أن قال

لغير اهللا وسؤال من مات من األنبياء والصالحين مثل من يكتب رقعـة . ويعلقها عند قبر نبي أو صالح أو يسجد لقبره أو يدعوه ويرغب إليـه

ا من قوله ولهذا نهى العلمـاء إلـخ، ال ما ذكره شيخ اإلسالم هن: قلت .ينافي أنه شرك باهللا أكبر ألن الشرك باهللا أعظم المنهيات

ورفع الصوت في المساجد منهي عنه وهو فـي مسـجد : قال الشيخ النبي صلى اهللا عليه وسلم أشد، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضـي

لو أعلم أنكما : اهللا عنه رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقالمن أهل البلد ألوجعتكما ضربا، إن األصوات ال ترفع في مسجده صـلى اهللا عليه وسلم، فما يفعله بعض جهال العامة من رفع الصـوت عقـب

السالم عليكم يا رسول اهللا بأصوات عالية من أقبح : الصالة من قولهمـ الة ال المنكرات ولم يكن أحد من السلف يفعل شيئا من ذلك عقب الص

: بأصوات عالية وال منخفضة، بل ما في الصالة مـن قـول المصـلي السالم عليك أيها النبي ورحمة اهللا وبركاته هـو المشـروع، كمـا أن الصالة عليه مشروعة في كل زمان ومكان، قلت هذا في زمـن شـيخ اإلسالم رحمه اهللا فكيف لو رأى زمننا هذا الذي قل فيه العلـم النـافع

هل واتبع فيه الهوى فإنه قد زاد رفع الصوت في مسـجده وكثر في الجصلى اهللا عليه وسلم من هؤالء الجهلة الزائرين فإنه بعد كـل صـالة

يقومون جماعات في قبلي المسجد ويكون مع كل جماعة مزور يرفـع صوته لجماعته فيرفعون أصواتهم بما يقول وهكذا كل جماعـة ترفـع

جد يذوب من سماعها قلب الموحـد صوتها فيصير لهم ضجة في المسأن : وفي سنن سعيد بن منصور: قال الشيخ) فإنا هللا وإنا إليه راجعون(

عبد اهللا بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رأى رجال ينتاب قبر النبي صلى اهللا عليه وسلم للدعاء عنده فقال يا هذا إن رسول اهللا

ا قبري عيدا وصلوا علـي حيثمـا ال تتخذو: (صلى اهللا عليه وسلم قالفما أنت ورجل باألندلس منه إال سواء انتهى ) كنتم فإن صالتكم تبلغني

.كالم شيخ اإلسالم ملخصا من منسكه األخيرواتفقوا على أنه ال : قال الشيخ تقي الدين: وقال في المنتهى وشرحه

غفره اهللا والشرك ال ي: يقبل الحجرة وال يتمسح بها فإنه من الشرك قالولو كان أصغر، وكذا مس القبر أو حائطه ولص صدره بـه وتقبيلـه

وتستحب الصالة بمسجده صلى اهللا عليه وسلم، وهـي بـألف . انتهىصالة والصالة بالمسجد الحرام بمائة ألف صالة، والصالة في المسـجد األقصى بخمسمائة صالة، وحسنات الحرم في المضاعفة كصالته لحديث

من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتـب (رفوعا ابن عباس م: اهللا له بكل خطوة سبعمائة حسنة كل حسنة مثل حسنات الحرم، قيل له

رواه ابن خزيمة ) بكل حسنة مائة ألف حسنة: وما حسنات الحرم؟ قالفي صحيحه والحاكم كالهما من رواية عيسى بن سوادة، وقال الحـاكم

إن صح الخبر فإن في القلـب مـن : خزيمةصحيح اإلسناد، وقال ابن هو منكر الحديث انتهـى : عيسى بن سوادة، قال المنذري قال البخاري

سئل أحمد في روايـة ابـن . وتعظم السيئات به انتهى: قال في اإلقناع

ال إال بمكـة لتعظـيم : هل تكتب السيئة أكثر من واحدة؟ قـال : منصورعند البيت أذاقه اهللا من العـذاب البلد؛ ولو أن رجال بعدن وهم أن يقتل

وظاهر كالم اإلقناع أن المضاعفة في الكيف ال الكم وهو . انتهى. األليمكالم الشيخ تقي الدين، وظاهر كالم الفتوحي في المنتهى تبعا للقاضـي أبي يعلى وغيره أن المضاعفة في الكم كما هو ظاهر نص اإلمام أحمد

عف فيها السيئات كمـا تتضـاعف ما لي وبلد تتضا: وكالم ابن عباسوهو خاص فال يعارضه عموم اآليـات : الحسنات، قال منصور البهوتي

بل تخصص به ألن مثله ال يقال من قبل الرأي فهو بمنزلـة المرفـوع الذي يترجح عند هو ما قاله شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه : انتهى، قلت

لكم حتى ال يتعـارض اهللا تعالى من أن مضاعفة السيئات في الكيف ال اوتقدم البحث ) ومن جاء بالسيئة فال يجزى إال مثلها(مع قوله جل وعال

ومكة أفضل من المدينة من باب صيد : في ذلك بأبسط من هذا في فصلالحرمين ونباتهما ويسن أن يأتي مسجد قباء، بضم القاف، يقصر ويمد

لما فـي ويصرف على ميلين من المدينة من جهة الجنوب فيصلي فيه الصحيحين أنه صلى اهللا عليه وسلم كان يأتيه راكبا وماشيا فيصلي فيه ركعتين، وفي الصحيحين أيضا كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا، وكان

وإذا : قال اإلمام أحمد. ابن عمر يفعله، وتقدم كالم شيخ اإلسالم في ذلكعلى طريـق حج الذي لم يحج قط، يعني من غير طريق الشام ال يأخذ

المدينة ألني أخاف أن يحدث به حدث فينبغي أن يقصد مكة من أقصـر الطرق وال يتشاغل بغيره انتهى، ويستحب لمن دخل المسجد أن يقـدم

بسم اهللا والصالة والسالم على رسول اهللا اللهم : رجله اليمنى، ثم يقولل اغفر لي وافتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج قدم رجله اليسرى، وقـا

وافتح لي أبواب فضلك، قال في المغني والشرح : مثل ذلك إال أنه يقول: ثم تأتي القبر فتولي ظهرك القبلة وتسـتقبل وسـطه وتقـول : الكبير

السالم عليكم أيها النبي ورحمة اهللا وبركاته السالم عليك يـا نبـي اهللا ن وخيرته من خلقه، أشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له وأشهد أ

محمد عبده ورسوله، أشهد أنك ق بلغت رساالت ربك، ونصحت ألمتك ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وعبـدت اهللا حتـى أتاك اليقين فصلى اهللا عليك كثيرا كما يحب ربنا ويرضى اللهم اجز عنا نبينا أفضل ما جزيت أحدا من النبيين والمرسلين، وابعثه مقاما محمودا

ذي وعدته يغبطه به األولون واآلخرون، اللهم صل على محمد وعلى الآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبـارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبـراهيم إنـك حميد مجيد، اللهم اجعله أول الشافعين وأنجح السائلين وأكرم اآلخرين

السـالم : ثم يتقدم قلـيال ويقـول . رحمتك يا أرحم الراحمينواألولين بعليكم يا أبا بكر الصديق، السالم عليك يا عمر الفاروق، السالم عليكما يا صاحبي رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم وضجيعيه ووزيريه ورحمة

سالم عليكم (اهللا وبركاته، اللهم اجزهما عن نبيهما وعن اإلسالم خيرا .انتهى ملخصا). م فنعم عقبى الداربما صبرت

لوال أن رسول اهللا صلى اهللا : قال اإلمام أبو عبد اهللا الحليمي الشافعي لوجدنا فيما نثني عليه ما تكل األلسن عن ) ال تطروني: (عليه وسلم قال

بلوغ مداه، ولكن امتثال نهيه خصوصا بحضرته أولـى فليعـدل عـن د عمت البلوى فكان بعـض الجهلـة ولق: التوسع في ذلك انتهى، قلت

بالتوحيد الذي بعث اهللا به سيد المرسلين يأتي في زيارته للنبي صـلى

اهللا عليه وسلم ولغيره من شهداء أحد وأهل البقيع بكالم غير مشروع يـا رسـول اهللا أتينـاك : بل هو من الشرك كقول بعضهم عند الحجرة

، المدد يـا رسـول اهللا، زائرين مستجيرين مستغيثين فال تردنا خائبينالغوث يا أكرم الخلق على اهللا يا رسول اهللا خذ بأيدينا، ونحو ذلك مـن

فيجب على ) فإن هللا وإنا إليه راجعون(الكالم الذي هو من الشرك األكبر كل من أراد نجاة نفسه التنبه لذلك وتنبيه الجاهل واسـتعمال السـالم

.السبيلالمشروع، واهللا الموفق الهادي إلى سواء ال إله إال اهللا : ويسن أن يقول عند منصرفه من حجه متوجها إلى بلده

وحده ال شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كـل أي راجعون، تـائبون عابـدون سـاجدون لربنـا : شيء قدير، آيبون

حامدون، صدق اهللا وعده ونصر عبده وهزم األحزاب وحده، لما فـي عن ابن عمر أن النبي صلى اهللا عليه وسلم كان إذا قفل من الصحيحين

غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من األرض ثالث تكبيرات ثم وال بأس أن يقال للحاج إذا قـدم : قال في اإلقناع وشرحه. يقول فذكره

رواه سعيد عن ابن عمر ). تقبل اهللا نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك(وكانوا يغتنمون أدعية الحـاج قبـل أن يتلطخـوا :قال في المستوعب

.اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج: بالذنوب، وفي الخبر :تنبيه قد ذكر بعض الفقهاء والمؤلفين في المناسك أحاديـث ضـعيفة بـل

مـن زار (موضوعة في زيارة قبره صلى اهللا عليه وسلم، فمنها حديث الدارقطني والبيهقي، وهو حديث منكر رواه ). قبري وجبت له شفاعتي

ضعيف اإلسناد وقد تفرد به موسى بن هالل العبدي المجهول الحال عن

عبد اهللا بن عمر العمري المشهور بسوء الحفظ وشدة الغفلة، ومنهـا رواه ). من حجج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي(حديث

ر المتن سـاقط اإلسـناد، الدارقطني في سننه وغيرها وهو حديث منكوذكر بعض العلماء أنه من األحاديث الموضوعة واألخبـار المكذوبـة وهو من رواية حفص بن سليمان، قال عثمـان بـن سـعيد الـدارمي وغيره، عن يحيى بن معين ليس بثقة، وقـال اإلمـام أحمـد متـروك الحديث، وقال البخاري تركوه، وقال مسلم بن الحجاج متـروك، وقـال

ليس بثقـة : بن المديني ضعيف وتركته على عمد، وقال النسائيعلي ) من حج البيت ولم يزرني فقد جفـاني (وال يكتب حديثه، ومنها حديث

رواه ابن عدي في الكامل، وهو حديث منكر جدا ال أصل له بل هو من المكذوبات والموضوعات وهو كذب موضوع وقد عده ابن الجوزي في

النعمان بن شبل أبـو : ان في كتاب الضعفاءالموضوعات، قال ابن حبشبل من أهل البصرة يروى عـن أبـي عوانـه ومالـك والبصـريين والحجازيين روى عنه ابن ابنه محمد بن محمد بن النعمان بـن شـبل حدثنا عنه الحسن بن سفيان أنه يأتي عن الثقـات بالطامـات وعـن

مر قال، قـال اإلثبات بالمقلوبات، وروى عن مالك عن نافع عن ابن عمن حج البيـت ولـم يزرنـي فقـد : (رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

، ومن المعلوم عند أهل الحديث أن تفرد مثل محمد بن محمد بن )جفانيالنعمان بن شبل المتهم بالكذب والوضع عن جده النعمان بن شبل الذي

ه لم يعرف بعدالة وال ضبط من أبين األدلة على ضعف ما تفرد به وكذبورده، ونسخه مالك عن نافع عن ابن عمـر محفوظـة رواهـا عنـه أصحابه رواة الموطأ وليس هذا الحديث منها بل لم يروه مالك قـط وال

طرق سمعه ولو كان من حديثه لبادر إلى روايته عنه بعض أصـحاب الثقات بل لو تفرد برواية هذا الحديث عنه ثقة معروف من بين سـائر

لحفاظ عليه ولعدوه من األحاديث المنكرة الشـاذة أصحاب مالك ألنكره ا) من زار قبري: (فكيف وهو حديث لم يروه عنه ثقة قط، ومنها حديث

رواه أبو داود الطيالسـي ) من زارني كنت له شفيعا أو شهيدا: (أو قالحدثنا سوار بن ميمون أبو الجراح العبدي، قال حدثني : في مسنده، قال

قال سمعت رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم رجل من آل عمر عن عمر من زارني كنت له شـفيعا أو شـهيدا، : (أو قال) من زار قبري: (يقول

) ومن مات في أحد الحرمين بعثه اهللا عز وجل من اآلمنين يوم القيامةوهذا الحديث ليس بصحيح النقطاعه وجهالة إسناده واضطرابه، وقـد

، وفي كتاب السنن الكبرى، وقال خرجه البيهقي في كتاب شعب اإليمانهذا إسناد مجهول انتهـى، وسـوار بـن : في كتاب السنن بعد تخرجه

ميمون شيخ أبي داود الطيالسي يقلبه بعض الرواة ويقول ميمون بـن سوار وهو شيخ مجهول ال يعرف بعدالة وال ضبط، وأما شيخ سوار في

المجهول، فكـل رواية أبي داود هذه فإنه شيخ مهم وهو أسوأ حاال منهذه األحاديث التي ذكرناها ليس فيها حديث صحيح بل كلها ضعيفة أو موضوعة ال أصل لها، وأجود ما روى في أحاديث الزيـارة مـا روى

حدثنا عبـد : اإلمام أحمد بن حنبل في مسنده من حديث أبي هريرة قالصخر اهللا بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقريء حدثنا حيوة، حدثنا أبو

أن يزيد بن عبد اهللا بن قسيط أخبره عن أبي هريرة عن النبي صلى اهللا ما من أحد يسلم علي إال رد اهللا عز وجل علي روحي : (عليه وسلم قال

وهذا الحديث هو الذي اعتمد عليه اإلمام أحمـد ) حتى أرد عليه السالم

يسلم وأبو داود وغيرهما من األئمة في مسألة الزيارة، ومع هذا فإنه ال .من مقال في إسناده ونزاع في داللته

أما المقال في إسناده فمن جهة تفرد أبي صخر به عن ابـن قسـيط، وأبو صخر هو حميد بن زياد وهو ابن أبي المخارق المـدني الخـراط صاحب العبا، سكن مصر، ويقال حميد بن صخر، واختلف األئمـة فـي

ختلفت الرواية عن يحيى بن عدالته فوثقه بعضهم وتكلم فيه آخرون، واأبو خر حميد بن زياد : معين فيه فقال أحمد بن سعيد بن أبي مريم عنه

أبو صخر حميد : الخراط ضعيف الحديث، وقال إسحاق بن منصور عنهبن زياد ضعيف، وروى عثمان بن سعيد الدارمي عنه حميد بن زيـاد

صـخر؟ قلت ليحيى فأبو: الخراط ليس به بأس، وقال في موضع آخروقال عبد اهللا بن اإلمام أحمد بن حنبل سئل أبي عن أبي صخر : قال ثقة

ليس به بأس وروى عن اإلمام أحمد رواية أخرى أنه ضـعيف، : فقالحميد بن صخر ضعيف، وفي كتاب الضـعفاء للنسـائي : وقال النسائي

حميد بن زياد أبو صخر : حميد بن صخر ليس بالقوي، قال في التقريبمخارق الخراط صاحب العبا مدني سكن مصر، ويقال هو حميد بن أبي ال

بن صخر أبو مودود الخراط، وقيل إنهما اثنان صدوق يهم من السادسة مات سنة تسع وثمانين بعد المائة انتهى، فقد تبين أن هذا الحديث الذي تفرد به أبو صخر عن ابن قسيط عن أبي هريرة ال يخلو من مقال فـي

نتهي به إلى درجة الصحيح وإنما هو حـديث إسـناده إسناده وأنه ال ي .مقارب وهو صالح أن يكون متابعا لغيره وعاضدا له، واهللا أعلم

مـا (وأما النزاع في داللة الحديث فمن جهة احتمال لفظه، فإن قاله يحتمل أن يكون المراد به عند قبـره كمـا فهمـه ) من أحد يسلم علي

يكون معناه على العموم، وأنه ال فـرق جماعة من األئمة، ويحتمل أن في ذلك بين القريب والبعيد، والذين قـالوا باالحتمـال األول، وأثبتـوا استحباب السالم عليه عند الحجرة كمالك وابن حبيب وأحمد بن حنبـل

إما بفعل ابن عمر كما احتج بـه مالـك وأحمـد : وأبي داود واحتجوااإلمام أحمد وأبـي داود وابـن وغيرهما، وإما بهذا الحديث فإنه عمدة

حبيب وأمثالهم، وليس في لفظ الحديث المعروف في السنن والمسـند عند قبري لكن عرفوا أن هذا هو المراد وأنه لم يرد على كـل مسـلم عليه في كل صالة في شرق األرض وغربها، مع أن هذا المعنى إن كان

صـاص تلـك هو المراد بطل االستدالل بالحديث من كل وجه على اختالبقعة بالسالم، وإن كان المراد هو السالم عليه عند قبره كمـا فهمـه عامة العلماء فهل يدخل فيه من سلم من خارج الحجرة فهذا مما تنازع فيه الناس، وقد تنازعوا في داللته فمن الناس من يقول هذا إنما يتناول

ائشـة من سلم عليه عند قبره كما كانوا يدخلون الحجرة على زمـن ع فيسلمون على النبي صلى اهللا عليه وسلم فكان يـرد علـيهم فأولئـك سلموا عليه عند قبره وكان يرد عليهم، وهذا قد جاء عموما في حـق

ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه (المؤمنين فأما من كان فـي : قالوا) إال رد اهللا عليه روحه حتى يرد عليه السالم

المسجد لم يسلموا عليه عند قبره ال سيما بعد أن وضع الشباك علـى الحجرة وإنما سالمهم عليه في المسجد كالسالم عليـه فـي الصـالة، وكالسالم عليه إذا دخل المسلم المسجد وخرج منه، وهذا هـو السـالم

وهـذا ) صلوا عليه وسـلموا تسـليما (الذي أمر اهللا به في حقه بقوله أنه من سلم عليه مرة سلم اهللا عليه عشرا كما أنه مـن السالم قد ورد

صلى عليه مرة صلى اهللا عليه بها عشرا، وأما من سلم عليه عند قبره فإنه يرد عليه ذلك كالسالم على سائر المؤمنين ليس هو من خصائص النبي صلى اهللا عليه وسلم وال هو السالم المأمور به الذي يسـلم اهللا

فإن هذا هو الذي أمر اهللا به في القـرآن، وهـو ال على صاحبه عشرا يختص بمكان دون مكان، وحديث أبي هريرة هذا يدل على أنـه يـرد السالم على من سلم عليه، والمراد عند قبره ولكن النزاع فـي معنـى كونه عند قبره، هل المراد به في بيته كما يراد مثل ذلك في سائر مـا

هو لمن كان عند قبورهم قريبا منها أو أخبر به من سماع الموتى إنما يراد به من كان في المسجد أيضا قريبا من الحجرة كما قاله طائفة من السلف والخلف، وقول من يقول إنه صلى اهللا علي وسلم يسمع الصالة والسالم من البعيد ممتنع فإنه إن أراد وصول المصلى والمسـلم إليـه

اهللا عليه وسلم يكون بحيـث يسـمع فهذه مكابرة، وإن أراد أنه صلى أصوات الخالئق من بعيد فليس هذا إال هللا رب العالمين الـذي يسـمع أصوات العباد كلها، ويقال أيضا ليس في الحديث ثناء على المسلم وال مدح له وال ترغيب له في ذلك وال ذكر أجر له كما جاء فـي الصـالة

ى عليه مـرة صـلى اهللا والسالم المأمور بهما فإنه قد وعد أن من صلعليه بها عشرا، وكذلك من سلم عليه، وأيضا فهما مأمور بهما وكـل

ما من رجل يمر : (مأمور به ففاعله محمود مشكور مأجور، وأما قولهبقبر الرجل فيسلم عليه إال رد اهللا عليه روحه حتى يرد عليـه السـالم

) عليه السالموما من مسلم يسلم علي إال رد اهللا علي روحي حتى أرد فإنما فيه مدح المسلم عليه واإلخبار بسماعه السالم وأنه يرد السـالم فيكافئ المسلم عليه ال يبقى للمسلم عليه فضل فإنـه بـالرد تحصـل

وإذا حييتم بتحيـة فحيـوا بأحسـن منهـا أو : (المكافأة كما قال تعالىلفرق بين ما والمقصود هنا أن يعرف ما كان عليه السلف من ا) ردوها

أمر اهللا به من الصالة والسالم على الرسول صلى اهللا عليه وسلم وبين ومن . سالم التحية الموجب للرد الذي يشترك فيه كل مؤمن حي وميت

أعظم ما من اهللا به على رسوله وعلى أمته واستجاب فيه دعـاءه أن دفن في بيته بجانب مسجده فال يقدر أحد أن يصـل إال إلـى المسـجد

خصوصا بعد وضع الشباك على الحجرة، والمسافر إلى قبره صلى اهللا عليه وسلم إنما يسافر إلى المسجد، وإذا سمى هذا زيارة لقبـره فهـو اسم ال مسمى له إنما هو إتيان إلى مسجده صلى اهللا عليه وسلم ولهذا لم يطلق السلف هذا اللفظ؛ وال عند قبره قناديل معلقة وال ستور مسبلة

إنما تعلق القناديل في المسجد المؤسس على التقوى، وال يقدر أحد بلأن يخلق نفس قبره بزعفران أو غيره من الخلوق، وال ينذر زيتـا وال شمعا وال سترا، وال غير ذلك مما ينذره أهل اإلشراك لقبر غيـره، وإن كان فعل شيء من ذلك في ظاهر الحجرة أو كان في بعض األحوال قـد

ض الناس الحجرة أو خلقها بعضهم بزعفران، فهذا إنمـا هـو ستر بعللحائط الذي يلي المسجد ال من باطن الحجرة والقبر كما يفعـل بقبـر

اللهـم ال : (غيره، فعلم أن اهللا سبحانه وتعالى استجاب دعاءه حين قالوإن كان كثيرا من الناس يريـدون أن يجعلـوه ) تجعل قبري وثنا يعبد

أن ذلك تعظيم له كما يريدون ذلك ويعتقدونه فـي قبـر وثنا ويعتقدون غيره، فهو ال يتمكنون من ذلك في قبره صلى اهللا عليه وسلم، بأبي هو وأمي، ال سيما بعد وضع الشباك على الحجرة، بل هذا القصد واالعتقاد خيال في أنفسهم ال حقيقة له في الخارج فما يحصل من بعض الـزوار

يه وسلم أثناء زيـارتهم ال يعـد مـن البـدع في مسجده صلى اهللا علواإلشراك واقعا عند قبره صلى اهللا عليه وسلم، وإنما ذلك في مسـجده صلى اهللا عليه وسلم، ألنه من الممتنع الوصول إلى قبـره صـلى اهللا عليه وسلم، فعلم يقينا أن اهللا قد استجاب دعاءه صلى اهللا عليه وسلم،

:ية الشافعيةكما قال ابن القيم في الكاف آآ ولقد نهانا أن نصير قبرهآ

آ.عيدا حذار الشرك بالرحمن ودعا بأن ال يجعل القبر الذيآ

آ.قد ضمه وثنا من األوثان فأجاب رب العالمين دعاؤهآ

آ.وأحاطه بثالثة الجدران حتى اغتدت أرجاؤه بدعائهآ

.آآ انتهى.في عزة وحماية وصيانالقيم ثم بعد زمنه أحيط أيضا بالشـباك الكبيـر هذا في زمن ابن: قلت

الموجود اآلن فأصبح القبر محاطا بثالثة الجدران التي ذكرها ابن القيم رحمه اهللا وثالثة الجدران محاطة بالشباك الكبير من جميـع الجهـات، فالحمد هللا رب العالمين والمقصود أن الصالة والسالم عليه صـلى اهللا

بهما في القرآن ال يوجب الرد، وهو أفضـل مـن عليه وسلم المأمورالسالم الموجب للرد، وكانت على عهد الخلفاء الراشـدين والصـحابة حجرته صلى اهللا عليه وسلم خارجة عن المسجد ولم يكن بينهم وبينـه إال الجدار، ثم إنه إنما أدخلت الحجرة في المسجد في خالفة الوليد بـن

ابة الذين كانوا بالمدينـة وكـان مـن عبد الملك بعد موت عامة الصح

آخرهم موتا جابر بن عبد اهللا وهو توفي في خالفة عبـد الملـك قبـل خالفة الوليد فإنه توفى سنة بضع وسبعين، والوليد تولى سـنة بضـع وثمانين وتوفى سنة بضع وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجـرة

به النميري فـي كتـاب فيه فيما بين ذلك، وقد ذكر أبو زيد عمر بن شأخبار المدينة مدينة الرسول صلى اهللا عليه وسلم عن أشياخه وعمـن حدثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هجرية هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة وهدم

ي المسجد وأدخـل حجرات أزواج النبي صلى اهللا عليه وسلم فأدخلها فإال رد اهللا علي روحي حتـى أراد عليـه (القبر فيه، وقوله في الحديث

يقتضي رد الروح بعد السالم وال يقتضي استمرارها في الجسد ) السالموليعلم أن رد الروح بعد للبدن هو عودها إلى الجسد بعـد المـوت ال

ـ اة يقتضي فيه وال يستلزم حياة أخرى قبـل يـوم النشـر نظيـر الحيالمعهودة، بل إعادة الروح إلى الجسد في البرزخ إعادة برزخية ال تزيل عن الميت اسم الموت، وقد ثبت في حديث البراء بن عـازب الطويـل المشهور في عذاب القبر ونعيمه وفي بيان الميت وحاله أن روحه تعاد إلى جسده مع العلم بأنها غير مستمرة فيه؛ وأن هذه اإلعـادة ليسـت

مة إلثبات حياة مزيلة السم الموت، بل هي نوع حيـاة برزخيـة مستلزوالحياة جنس تحتها أنواع وكذلك الموت، فإثبات بعض أنواع الموت ال

: ينافي الحياة كما في الحديث الصحيح أنه كان إذا استيقظ من النوم قالالحمد هللا الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، وفي الجملة رد الروح

لى الميت في البرزخ ورد السالم على من يسلم عليه ال يستلزم الحياة عالتي يظنها بعض الغالطين وإن كان نوع حياة برزخية، وقول من زعم

إنها نظير الحياة المعهودة مخالف للمنقول والمعقول ويلزم منه مفارقة الروح للرفيق األعلى وحصولها تحت التراب قرنا بعد قرن والبدن حي

رك سميع بصير تحت أطباق التراب والحجارة ولوازم هذا باطلة مما مدال يخفى على العقالء، وعند أهل السنة من الفقهاء والمحدثين وغيرهم أن الروح ذات قائمة بنفسها لها صفات تقوم بها وأنها تفـارق البـدن وتصعد وتنزل وتقبض، وتنعم وتعذب، وتدخل وتخرج، وتذهب وتجيء،

اسب، ويقبضها الملك ويعرج بها إلـى السـماء ويشـيعها وتسأل وتحمالئكة السموات إن كانت طيبة وإن كانت خبيثة طرحت طرحا، وأنهـا تحس وتدرك وتأكل وتشرب في البرزخ من الجنة كما دلت عليه السنة الصحيحة في أرواح الشهداء خصوصا والمؤمنين عموما، ومـع هـذا

نها تكون فـي المـأل األعلـى فـوق فلها شأن آخر غير شأن البدن فإالسموات، وقد تعلقت بالبدن تعلقا يقتضي رد السالم على من سلم عليه عند قبره وهي في مستقرها في عليين مع الرفيق األعلـى، وقـد مـر النبي صلى اهللا عليه وسلم ليلة اإلسراء على موسى قائما يصلي فـي

موسى لـم يرفـع مـن قبره، ثم رآه في السماء السادسة وال ريب أن تلك الليلة ال هو وال غيره من األنبياء الذين رآهم في السموات؛ . قبره

بل لم تزل تلك منازلهم من السموات، وإنما رآهم النبي صلى اهللا عليه وسلم ليلة اإلسراء في منازلهم التي كانوا فيها من حـين رفعهـم اهللا

ة مفارقـة روحـة سبحانه إليها، ولم تكن صالة موسى في قبره بموجبللسماء السادسة وحلولها في القبر، بل هي في مستقرها ولهـا تعلـق بالبدن قوى حتى حمله على الصالة، وقد ثبت في الصـحيح أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تأكل من ثمار الجنـة، وتشـرب مـن

أنهارها وتسرح فيها حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديـل معلقـة تحـت أنها حتى يبعثها اهللا سبحانه إلى أجسادها، ومع هذا فإذا العرش وهذا ش

زارهم المسلم وسلم عليهم عند قبورهم عرفوه وردوا عليه السالم بـل ونسمة المؤمن كذلك مع كونها طائرا تعلق في شجر الجنة تـرد علـى صاحبها وتشعر بالمسلم إذا سلم عليه عند قبره واهللا أعلم، قـال فـي

:بن القيم رحمه اهللا تعالىالكافية الشافعية ال آآ وكذا نشد رحالنا للمسجدآ

آ.النبوي خير مساجد البلدان من بعد مكة أو على اإلطالقآ

آ.فيه الخلف منذ زمان فإذا أتينا المسجد النبويآ

آ.صلينا التحية أوال ثنتان ثم أنثنينا للزيارة نقصدآ

آ.القبر الشريف ولو على األجفان القبر وقفة خاضعآ فنقوم دون

آ.متذلل في السر واإلعالن فكأنه في القبر حي ناطقآ

آ.فالواقفون نواكس األذقان ملكتهم تلك المهابة فاعترتآ

آ.تلك القوائم كثرة الرجفان وتفجرت تلك العيون بمائهاآ

آ.ولطال ما غاضت على األزمان

وأتى المسلم بالسالم بهيبةآ آ.انووقار ذي علم وذي إيم

لم يرفع األصوات حول ضريحهآ آ.كال ولم يسجد على األذقان

آ.كال ولم ير طائفا بالقبر آ.أسبوعا كأن القبر بيت ثان

ثم انثنى بدعائه متوجهاآ آ.هللا نحو البيت ذي األركان

هذي زيارة من غدا متمسكاآ آ.بشريعة اإلسالم واإليمان

آ-من أفضل األعمال هاتيك الز آ.وهي يوم الحشر في الميزان يارة

ال تلبسوا الحق الذي جاءت بهآ آ.سن الرسول بأعظم البطالن

آ-هذي زيارتنا ولم ننكر سوى ال آ.بدع المضلة يا أولي العدوان

وحديث شر الرحل نص ثابتآ .آآ انتهى.يجب المصير إليه بالبرهان

ال يوقف عنده ويأتي في كالم شيخ اإلسالم أن السلف نصوا على أنه اتفق األئمة على أنه يسلم على النبي صـلى : للدعاء، قال شيخ اإلسالم

اهللا عليه وسلم عند زيارته وعلى صاحبيه لما في السـنن عـن أبـي ما من : (هريرة رضي اهللا عنه عن النبي صلى اهللا عليه وسلم أنه قال

وهو ) رجل يسلم علي إال رد اهللا علي بها روحي حتى أرد عليه السالمحديث جيد إلى أن قال ومع هذا لم يقل أحد منهم أن الدعاء مسـتجاب عند قبره وال أنه يستحب أن يتحرى الدعاء متوجها إلى قبره بل نصوا على نقيض ذلك، واتفقوا كلهم على أنـه ال يـدعو مسـتقبل القبـر، وتنازعوا في السالم عليه فقال األكثرون كمالك وأحمد وغيرهما يسـلم

مستقبل القبر وهو الذي ذكره أصحاب الشافعي، وقال أبو حنيفـة عليه بل يسلم عليه مستقبل القبلة بل نص أئمة السلف على أنه ال : وأصحابه

يوقف عنده للدعاء مطلقا كما ذكر ذلك إسماعيل بن إسحاق في كتـاب ال أرى أن يقف عنـد قبـر : المبسوط وذكره القاضي عياض، قال مالك

عليه وسلم ويدعو ولكن يسلم ويمضي، وقال أيضا في النبي صلى اهللا ال بأس لمن قدم من سفر أو خرج إلى سفر أن يقف على قبر : المبسوط

النبي صلى اهللا عليه وسلم فيصلي عليه ويدعو له وألبي بكر وعمـر، فإنا ناسا من أهل المدينة ال يقدمون من سـفر وال يريدونـه : فقيل له

أو أكثر وربما وقفوا في الجمعة أو في اليوم يفعلون ذلك في اليوم مرةلـم : المرة والمرتين أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة؟ فقال

يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدتنا وال يصلح آخر هذه األمـة إال ما أصلح أولها ولم يبلغني عن أول هذه األمة وصـدرها أنهـم كـانوا

.سفر أو أراده يفعلون ذلك إال من جاء منقال ابن القاسم رأيت أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوهـا أتـوا

أي زمن : القبر وسلموا قال وذلك دأبي فهذا مالك وهو أعلم أهل زمانهتابع التابعين بالمدينة النبوية التي كان أهلهـا فـي زمـن الصـحابة

صلى اهللا عليه والتابعين وتابعيهم أعلم الناس بما يشرع عند قبر النبي

وسلم يكرهون الوقوف للدعاء بعد السالم عليه وبين أن المستحب هو الدعاء له ولصاحبيه وهو المشروع من الصالة والسالم، وأن ذلك أيضا ال يستحب ألهل المدينة كل وقت بل عند القدوم من سفر أو إرادته ألن

ف القادمين من ذلك تحية له، والمحيا ال يقصد بيته كل وقت لتحيته بخالالسفر، وقال مالك في رواية ابن وهب إذا سلم على النبـي صـلى اهللا عليه وسلم يقف وجهه إلى القبر ال إلى القبلة ويدنو ويسلم وال يمـس

زرنا قبر النبي صلى اهللا عليه وسـلم، : القبر بيده، وكره مالك أن يقالصـلى اهللا قال القاضي عياض كراهة مالك له إلضافته إلى قبر النبـي

اللهم ال تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب اهللا على : (عليه وسلم لقولهينهى عن إضافة هذا اللفظ إلى القبر ) قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد

. والتشبه بفعل ذلك قطعا للذريعة وحسما للباب انتهـى كـالم الشـيخ القبـور، اإلسالم وقد تنازع العلماء في شد الرحال إلى مجـرد زيـارة

ال تشد الرحـال إال إلـى ثالثـة (والصحيح أنه ينهى عن ذلك لحديث فإن قيل الحديث نص في المساجد ال في غيرها، قلنا قد فهـم ) مساجد

الصحابة من نهيه صلى اهللا عليه وسلم أن يسافر إلى غيـر المسـاجد الثالثة أن السفر إلى طور سيناء داخل في النهي وإن لم يكن مسـجدا

اء عن بصرة ابن أبي بصرة وأبي سعيد وابن عمـر وغيـرهم، كما جوحديث بصرة معروف في السنن والموطأ، قال ألبي هريرة وقد أقبـل

لو أدركتك قبل أن تخرج إليه لما خرجت سمعت رسول اهللا : من الطورال تعمل المطي إال إلـى الثالثـة مسـاجد : (صلى اهللا عليه وسلم يقول

فروى : وأما ابن عمر) ا والمسجد األقصىالمسجد الحرام ومسجدي هذأبو زيد عمر بن شبه النميري في كتاب أخبار المدينة، حدثنا ابن أبـي

: الوزير، حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طلق عن قزعـة قـال إنما تشد الرحال إلى ثالثة : (أتيت ابن عمر فقلت إني أريد الطور؟ فقال

دينة، والمسجد األقصى فدع عنـك المسجد الحرام، ومسجد الم: مساجدرواه أحمد بن حنبل في مسنده، وهذا النهي عن بصرة ) الطور فال تأته

ابن أبي بصرة وابن عمر ثم موافقة أبي هريرة يدل على أنهم فهمـوا من حديث النبي صلى اهللا عليه وسلم النهي فلذلك نهوا عنه لم يحملوه

دري رواية أيضا وحديثـه على مجرد نفي الفضيلة وكذلك أبو سعيد الخفي الصحيحين فروى أبو زيد، حدثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا عبـد

سمعت أبا سعيد وذكـر : الحميد بن بهرام، حدثنا شهر بن حوشب قالال : (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: عنده الصالة في الطور فقال

الة غير المسجد ينبغي للمطي أن تشد رحالها إلى مسجد تبتغي فيه الصفأبو سعيد جعل الطـور ممـا ) الحرام ومسجدي هذا والمسجد األقصى

نهى عن شد الرحال إليه مع أن اللفظ الذي ذكره إنما فيه النهي عـن شدها إلى المساجد فدل على أنه علم أن غير المساجد أولـى بـالنهي،

الوادي والطور إنما يسافر من يسافر إليه لفضيلة البقعة وأن اهللا سماه المقدس والبقعة المباركة وكلم اهللا موسى هناك فالصحابة الذي سمعوا الحديث من النبي صلى اهللا عليه وسلم فهموا منه النهي وفهموا منـه

.تناوله لغير المساجد وهم أعلم بما سمعوه، واهللا أعلموأما طلب االستغفار من النبي صلى اهللا عليه وسلم بعد موته فلـيس

الحكاية المنسوبة عن اإلمام مالك بن أنس الذي جاء فيه أنـه بجائز، ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة : قال ألبي جعفر المنصور

أبيك آدم عليه السالم، بل استقبله واستشفع به يشفعه اهللا فيك، قال اهللا

حكاية باطلة فإن هذا الحكاية . اآلية) ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم: (تعالىذكرها أحد من األئمة فيما أعلم ولم يذكر أحد منهم أنه يسـتحب أن لم ي

يسأل بعد الموت ال استغفارا وال غيره، وكالم اإلمام مالك المنصـوص عنه وعم أمثاله ينافي هذا، وإنما يعرف مثل هذا فـي حكايـة ذكرهـا

كنت جالسـا : طائفة من متأخرى الفقهاء أنه يروى عن العتبي أنه قالالنبي صلى اهللا عليه وسلم فجاء أعرابي إلى قبر النبي صـلى عند قبر

ولو (سمعت اهللا يقول : اهللا عليه وسلم فقال السالم عليك يا رسول اهللا :وتال هذه اآلية وأنشد هذين البيتين) أنهم إذ ظلموا أنفسهم

آآ يا خير من دفنت بالبقاع أعظمهآ آ.فطاب من طيبهن القاع واألكم

لقبر أنت ساكنهآنفسي الفداء آآ.فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف األعرابي فحملتني عيناي فرأيت النبي صلى اهللا عليه وسلم يا عتبى الحق األعرابي فبشره أن اهللا تعالى قد غفـر : في النوم، فقال

له، ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصـحاب الشـافعي بهذه الحكاية التي ال يثبت بها حكم شرعي ال وأحمد مثل ذلك واحتجوا

سيما في مثل هذا األمر الذي لو كان مشروعا مندوبا لكـان الصـحابة والتابعون أعلم به وأعمل به من غيرهم، وليس كل من قضيت حاجتـه بسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعا مأمورا بـه، وهـذه الحكايـة

وبعضهم يرويها عن محمـد بـن يرويها بعضهم عن العتبي بال إسناد، حرب الهاللي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبـي الحسـن الزعفراني عن األعرابي، وقد ذكرها البيهقي في شعب اإليمان بإسناد

مظلم عن محمد بن روح بن يزيد البصري، حدثني أبو حرب الهاللـي، عليـه حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول اهللا صلى اهللا: قال

وسلم أناخ راحلته فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ثم ذكر نحو ما تقدم، وقد وضع لها بعض الكذابين إسنادا إلى علي بن أبي طالب، وفي الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن األعرابي مما تقوم بها حجـة

بمثـل وإسنادهم مظلم مختلق ولفظها مختلق أيضا فال يصلح االحتجاجهذه الحكاية وال االعتماد على مثلها عند أهل العلم ومن لم يجعل اهللا له

.نورا فما له من نور، وباهللا التوفيق :فصل -- : في صفة العمرة وما يتعلق بذلك -- من كان في الحرم من مكي وغيره وأراد العمرة خـرج إلـى الحـل

ال : له، قال في الشرح الكبيـر فأحرم من أقربه إلى الحرم وكان ميقاتانعلم فيه خالفا انتهى، ومن التنعيم؛ ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم أمر

.عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر أخته عائشة من التنعيمقال ابن سيرينك بلغني أن النبي صلى اهللا عليه وسلم وقت ألهل مكة

في النسك بين الحل والحرم، التنعيم، وإنما لزم اإلحرام من الحل ليجمع ومن أي الحل أحرم جاز، وإنما أعمر النبي صلى اهللا عليه وسلم عائشة

ثم يلي اإلحرام من التنعـيم فـي . من التنعيم ألنه أقرب الحل إلى مكةاألفضلية اإلحرام من الجعرانة بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء

وهـي . التشـديد خطـأ : افعيوقد تكسر العين وتشدد الراء، وقال الشموضع بين مكة والطائف خارج من حدود الحرم يعتمر منـه، سـمي بريطة بنت سعد وكانت تلقب بالجعرانة، قال في القاموس وهي المرادة

: قـال فـي المصـباح المنيـر ) كالتي نقضت غزلها: (في قوله تعالىوالجعرانة موضع بين مكة والطائف، وهي على سبعة أميال من مكـة وتمامه فيه، وفي ذلك الموضع بئر ماؤها من أعذب المياه، ثـم يلـي اإلحرام من الجعرانة في األفضلية اإلحرام من الحديبية مصـغرة وقـد

الحديبية بئر بقرب مكة على طريق جـدة دون :قال في المصباح. تشددالحديبيـة : قال في القاموس. مرحلة ثم أطلق على الموضع وتمامه فيه

بئر قرب مكة حرسها اهللا تعالى أو لشجرة حـدباء : تشددكدويهيه وقد وجـزم : كانت هناك انتهى قال في شرح القاموس لمرتضى الحسـيني

المتأخرون أنها قريبة من قهوة الشميسي، والشجرة هي التـي كانـت قد قطع الخليفة الراشد عمر : قلت. تحتها بيعة الرضوان انتهى ملخصا

رة التي بويع تحتها رسول اهللا صـلى بن الخطاب رضي اهللا عنه الشجاهللا عليه وسلم لما رأى الناس يذهبون إليها مذاهب سدا لذريعة الشرك من التبرك باألشجار كذات أنواط المذكورة في حديث أبي واقد الليثـي واهللا أعلم، والحديبية من الحل وهناك علما حدود الحرم قريبا منها كما

ي األفضلية ما بعد عن الحرم، وعنه فـي ثم يلي ما سبق ف. هو مشاهدالمكي كلما تباعد في العمرة فهو أعظم لألجر هي على قدر تعبها؛ ومن كان خارجا عن حرم مكة دون المواقيت التـي سـبقت كأهـل لزيمـة والشرائع وبحرة ونحوها فميقات إحرامه بالحج أو العمرة من دويـرة

عباس السابق هنـاك؛ وإن أهله كما تقدم في باب المواقيت لحديث ابنكان في قرية وأراد اإلحرام فإنه له أن يحرم من الجانب األقـرب مـن الحرم وإحرامه من الجانب األبعد أفضل كمن بالميقات فإن إحرامه مـن الجانب األبعد عن الحرم أفضل وتقدم في باب المواقيت، وتباح العمـرة

ال يكره اإلحرام بها كل وقت من أوقات السنة في أشهر الحج وغيرها، فيوم عرفة وال يوم النحر وال أيام التشريق ألن األصل اإلباحة وال دليـل على الكراهة، فإن قيل كيف يتصور اإلحرام بالعمرة يوم النحـر وهـو متلبس بحج إذ يكون ذلك من إدخال العمرة على الحج والصحيح عـدم

أصال أو لمن فاته جوازه، فالجواب أن فعل ذلك لمن لم يكن متلبسا بحج الحج واهللا أعلم، لكن تقدم في باب اإلحرام في صفة التمتع أن القاضي

لو تحلل من الحج يوم النحر ثم أحرم فيه بعمـرة فلـيس : أبا يعلى قالبمتمتع فعبارته صريحة في صحة عمرته يوم النحر بعد التحلل األخيـر

رة وهـو متلـبس من الحج، فعلى هذا يكون الممنوع ما إذا أحرم بالعمبالحج، أما إذا حل منه التحلل األخير صح االعتمار إذ ليس فيه إدخـال للعمرة على الحج، على أني لم أطلع على أن أحدا من السلف أو ممـن يعتد بقوله اعتمر وهو في تلك الحالة التي بقي عليه بعـض مناسـك

.الحج من الرمي والمبيت ليالي منى واهللا أعلميعتمر في السنة مرارا روى عن علي وابن عمر وابـن وال بأس أن

عباس وأنس وعائشة وعطاء وطاووس وعكرمة والشـافعي، وكـره العمرة في السنة مرتين الحسن وابن سيرين ومالك، قال النخعـي مـا كانوا يعتبرون في السنة إال مرة، وألن النبي صلى اهللا عليه وسلم لـم

ن عائشة اعتمرت في شـهر مـرتين يفعله قال في الشرح الكبير ولنا أبأمر النبي صلى اهللا عليه وسلم عمرة مع قرانها وعمرة بعـد حجهـا

العمر إلى العمـرة كفـارة لمـا : (وألن النبي صلى اهللا عليه وسلم قالفي كل شهر مرة وكان : وقال علي رضي اهللا عنه. متفق عليه) بينهما

.في مسنده انتهىأنس إذا حمم رأسه خرج فاعتمر، رواهما الشافعي

ويكره اإلكثار منها والمواالة بينها نصا باتفـاق السـلف قالـه فـي الفروع، قال أحمد إن شاء كل شهر وقال ال بد أن يحلق أو يقصر وفي

.عشرة أيام يمكن حلق الرأسقال شيخنا يعني عمـه الموفـق وأحـوال السـلف : قال في الشرح

ى اهللا عليه وسلم لم تنقـل عنـه وأقوالهم على ما قلناه وألن النبي صل .المواالة بينها وإنما نقل عن السلف إنكار ذلك والحق في اتباعهم

الذين يعتمرون من التنعيم ما أدرى يؤجرون عليهـا أم : قال طاووس فلم يعذبون؟ قال ألنه يدع الطواف بالبيت ويخرج إلى : يعذبون؟ قيل له

ة أميال قـد طـاف مائـة أربعة أيمال ويجيء وإلى أن يجيء من أربعطواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غيـر شـيء

.انتهىوالعمر في غير أشهر الحج أفضل منها في أشهر الحج نقله األثـرم

عن أحمد، واختار في زاد المعاد أن العمر في أشـهر الحـج أفضـل، ـ ا وظاهر كالم جماعة التسوية، وأفضلها في رمضان ويستحب تكراره

عمرة في رمضان تعدل (فيه ألنها تعدل حجة لحديث ابن عباس مرفوعا .متفق عليه) حجة

من أدرك يوما من رمضان فقد أدرك عمرة رمضان، وقال : قال أحمد حج النبي صلى اهللا عليه وسلم حجة واحدة واعتمر أربع عمـر (أنس

رانة إذ واحدة في القعدة وعمرة الحديبية وعمرة مع حجته وعمرة الجع .متفق عليه) قسم غنائم حنين

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم اعتمر أربع (وفي الصحيحين عن أنس الحديث، والتي مع ) عمر كهلن في ذي القعدة إال التي اعتمر مع حجته

.حجته في ذي الحجةوال تناقض بين حديث أنس أنهن فـي ذي القعـدة إال : قال ابن القيم

ن قول عائشة وابن عباس لم يعتمر رسول اهللا صلى التي مع حجته وبياهللا عليه وسلم إال في ذي القعدة ألن مبدأ عمر القران كان في القعـدة ونهايتها كانت في ذي الحجة مع انقضاء الحج، فعائشة وابن عبـاس

وتسـمى العمـرة . أخبرا عن ابتدائها وأنس أخبر عن انقضائها انتهىي اإلحرام والطـواف والسـعي والحلـق حجا أصغر لمشاركتها للحج ف

والتقصير، وانفراد الحج بالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى ورمي وحرام إحرام بعمرة مـن : الجمار وغير ذلك، قال في المنتهى وشرحه

الحرم لتركه ميقاته وينعقد إحرامه وعليه دم كمن تجاوز ميقاتـه بـال .إحرام ثم أحرم انتهى

وإن أحرم بالعمرة من الحرم لم يجز له ذلك : وشرحهقال في اإلقناع .لتركه ميقاته وهو الحل وينعقد إحرامه وعليه دم لتركه نسكا واجبا

فإن أحرم بالعمرة من الحرم لم يجز وينعقد : قال في المغني والشرح وعليه دم وذلك لتركه اإلحرام من الميقات وهو الحل، فإن خـرج إلـى

عاد أجزأه ألنه قد جمع بين الحل والحرم، وإن لم الحل قبل الطواف ثم .يخرج حتى قضى عمرته صح أيضا ألنه قد أتى بأركانها

وإنما أخل باإلحرام من ميقاتها وقد جبره فأشـبه مـن أحـرم دون الميقات بالحج وهذا قول أبي ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي وأحـد

.قولي الشافعي

ته ألنه نسك فكان من شرطه الجمع بـين والقول الثاني ال تصح عمر الحل والحرم كالحج فعلى هذا وجود هذا الطواف كعدمه وهو باق على إحرامه حتى يخرج إلى الحل ثم يطوف بعد ذلك ويسعى، وإن حلق قبل ذلك فعليه دم وكذلك كل ما فعله من محظورات إحرامه فعليـه فديتـه،

ـ ه دم إلفسـادها وإن وطئ أفسد عمرته ويمضي فـي فاسـدها وعليويقضيها بعمرة من الحل، فإن كانت العمرة التي أفسدها عمرة اإلسالم

.أجزأه قضاؤها عن عمرة اإلسالم وإال فال انتهىفإن أحرم بها من الحرم أو من مكة معتمرا صح في : قال في الرعاية

األصح ولزمه دم، وقيل إن أحرم بها مكي من مكة أو من بقية الحـرم الحل قبل طوافها وقبل إتمامها وعاد فأتمها كفته وعليـه دم خرج إلى

إلحرامه دون الميقات وإن أتمها قبل أن يخرج ففي إجزائهـا وجهـان .انتهى

قال في الفروع وإن أحرم بالعمرة من مكة أو الحرم لزمه دم ويجزئه إن خرج إلى الحل قبل طوافها وكذا بعده كإحرامه دون ميقات الحج به

يعني إذا خرج إلى الحل محرمـا أجزأتـه عمرتـه وعليـه دم . انتهىإلحرامه بها دون ميقاتها كإحرامه دون ميقات الحج واهللا أعلم، ثم بعد اإلحرام بالعمرة يطوف لعمرته ويسعى ثم يحلق أو يقصر وال يحل قبـل الحلق أو التقصير، فإن وطئ قبله فعليه دم لما روى عن ابن عبـاس

وهل يحل قبل الحلق أو التقصير على روايتـين : حوتقدم قال في الشرأصلهما هل الحلق والتقصير نسك أو ليس بنسك؟ فإن قلنا إنه نسك لم يحل قبله كالرمي، وإن قلنا ليس بنسك بل إطالق من محظور حل قبلـه كاللبس والطيب، وقد ذكرنا الخالف في ذلك في الحج وهذا مقيس عليه

ق والتقصير نسك على الصحيح ال إطـالق قد تقدم أن الحل: قلت. انتهى. من محظور واستوفينا البحث هناك فليراجع فإنه مهم جدا واهللا الموفق

وتجزئ عمرة القارن عن عمرة اإلسالم وتجزئ عمرة من التنعيم عـن عمرة اإلسالم، لحديث عائشة حين قرنت الحج والعمرة، فقال لها النبي

) قد حللت من حجك وعمرتـك ( صلى اهللا عليه وسلم حين حلت منهماوإنما أعمرها من التنعيم قصدا لتطيب خاطرها وإجابة مسألتها ال ألنها كانت واجبة عليها وعن اإلمام أحمد أن العمرة من أدنى الحل ال تجزئ عن العمرة الواجبة، قال إنما هي من أربعة أميال وثوابها علـى قـدر

واهللا مـا كانـت : ا قالتتعبها، وروى عن عائشة رضي اهللا عنها أنهوأتمـوا : (عمرة إنما كانت زيادة، وإذا لم تكن تامة لم تجز لقوله تعالى

قال علي رضي اهللا عنه إتمامها أن تأتي بهما مـن ) الحج والعمرة هللاولـم : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى بعد كالم له سبق. دويرة أهلك

اهللا عليه وسلم إال عائشة يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي صلىوحدها، ألنها كانت قد حاضت فلم يمكنها الطواف، ألن النبي صـلى اهللا

) تقضي الحائض المناسك كلهـا إال الطـواف بالبيـت (عليه وسلم قال فأمرها أن تهل بالحج وتدع أفعال العمرة ألنها كانت متمتعة ثـم إنهـا

فأرسلها مع أخيها عبد طلبت من النبي صلى اهللا عليه وسلم أن يعمرها أقرب الحل إلى مكـة وبـه : الرحمن فاعتمرت من التنعيم، والتنعيم هو

اليوم المساجد التي تسمى مساجد عائشة، ولم تكن هذه على عهد النبي صلى اهللا عليه وسلم وإنما بنيت بعد ذلك عالمة علـى المكـان الـذي

فيها لمـن أحرمت منه عائشة، وليس دخول هذه المساجد وال الصالة اجتاز بها محرما ال فرضا وال سنة بل قصد ذلك واعتقاد أنه يسـتحب

بدعة مكروهة، ولكن من خرج من مكة ليعتمر فإنه إذا دخل واحدا منها وصلى فيه ألجل اإلحرام، فال بأس بذلك، ولم يكن على عهد النبي صلى

لعذر ال اهللا عليه وسلم وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إالفي رمضان وال في غير رمضان، والذين حجوا مع النبـي صـلى اهللا عليه وسلم ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إال عائشة كما ذكر وال كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين، والذين استحبوا اإلفـراد مـن الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفره ويعتمـر فـي أخـرى ولـم

ن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية، بل هـذا لـم يكونـوا يستحبوا أيفعلونه قط، اللهم إال أن يكون شيئا نادرا، وإن تنازع السلف في هـذا هل يكون متمتعا عليه دم أم ال، وهل تجزئة هذه العمـرة عـن عمـرة اإلسالم أم ال؟ وقد اعتمر النبي صلى اهللا عليه وسلم بعد هجرته أربـع

بية وصل إلى الحديبية، والحديبية وراء الجبل الـذي عمرة الحدي: عمربالتنعيم عند مساجد عائشة عن يمينك وأنت داخل إلى مكة ثـم صـده المشركون عن البيت فصالحهم وحل من إحرامه وانصـرف، وعمـرة القضية اعتمر من العام القابل، وعمرة الجعرانة كان قد قاتل المشركين

من ناحية الطائف، وأما بدر فهـي بحنين، وحنين من ناحية المشرق بين المدينة وبين مكة وبين الغزوتين ست سنين ولكن قرنا في الـذكر ألن اهللا تعالى أنزل فيهما المالئكة لنصر النبي صلى اهللا عليـه وسـلم والمؤمنين في القتال ثم ذهب فحاصر المشركين بالطائف ثم رجع وقسم

ائم حنين اعتمر بالجعرانة داخال غنائم حنين من الجعرانة، فلما قسم غنإلى مكة ال خارجا منها لإلحرام، والعمرة الرابعة مع حجته فإنه قـرن بين العمرة والحج باتفاق أهل المعرفة بسنته وباتفاق الصـحابة علـى

ذلك، ولم ينقل عن أحد من الصحابة أن النبي صلى اهللا عليـه وسـلم ران تمتعا وال نقل عن أحد مـن تمتع تمتعا حل فيه بل كانوا يسمون الق

الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين وسعى سعيين وعامة المنقول عـن الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج، كعائشة، وابن عمر، وجـابر؛

إنه تمتع بالعمرة إلى الحج، وقد ثبت هذا في الصـحيحين عـن : قالوامـرادهم بـالتمتع عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد اإلفـراد و

. القران كما ثبت ذلك في الصحاح أيضا انتهى كالمه رحمه اهللا تعـالى : أن النبي صلى اهللا عليه وسـلم قـال لعائشـة (وفي صحيح البخاري

انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم فأهلي ثم ائتيـا بمكـان كـذا األبطح أي ب: انتهى، وقوله بمكان كذا) ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك

سئل : وهو المحصب، واهللا أعلم، وروى ابن أبي شيبة عن مجاهد قالعمر عن العمرة بعد الحج فقال هي خير من ال شيء، وسئلت عائشـة فقالت على قدر النفقة، وروى عن عطاء وطاووس ومجاهد أنهم كرهوا

الطـواف بالبيـت : ال تجزئ وال تفي، وقالوا: العمرة بعد الحج، وقالوا .أفضل والصالة

قـال رسـول اهللا : عن عبد اهللا بن مسعود رضي اهللا عنه قال: تتمة تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيـان الفقـر : (صلى اهللا عليه وسلم

والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، ولـيس للحجـة وعن أبي هريرة . قال الترمذي حسن صحيح) المبرورة ثواب إال الجنة

من أتى هذا البيت فلم يرفث : (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: لقا .متفق عليه). ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه

:فصل --

الحج عرفـة فمـن (األول الوقوف بعرفة لحديث : أركان الحج أربعة الثـاني . رواه أبـو داود ) جاء قبل صالة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه

قال ابن عبد البر هو من فرائض الحج ال خالف في ذلك : رةطواف الزياقال فـي المنتهـى ) وليطوفوا بالبيت العتيق: (بين العلماء لقوله تعالى

فلو تركه أي طواف الزيارة وأتي بغيره من فـرائض الحـج : وشرحهوبعد عن مكة مسافة قصر رجع إلى مكة معتمرا فأتى بأفعال العمرة ثم

إن وطئ أحرم من التنعيم على حـديث ابـن عبـاس يطوف للزيارة، فقوله يعني في متن المنتهى فلو تركـه : وعليه دم انتهى، قال الخلوتي

رجع معتمرا ظاهره سواء قرب أو لم يقرب وتعليل الشارح فيما سـبق يخالفه، وعلى كل حال ففيه إدخال العمرة على الحج وهو ال يصح على

ثـم : اهللا انتهى، وتقدم فـي فصـل الصحيح من المذهب قال ابن نصر السـعي بـين الصـفا : الثالث. يفيض إلى مكة البحث في هذه المسألة

طاف رسـول اهللا : (والمروة وفاقا لمالك والشافعي لحديث عائشة قالتصلى اهللا عليه وسلم وطاف المسلمون تعني بين الصفا والمروة وكانت

ـ رواه ). فا والمـروة سنة فلعمري ما أتم اهللا حج من لم يطف بين الصرواه ابـن ماجـة، ) اسعوا فإن اهللا كتب عليكم السعي(مسلم، ولحديث

أن السعي سنة ال دم في تركه، روى ذلك ابن عباس وأنس وابن : وعنهالزبير وابن سيرين، وعنه أنه واجب اختاره الموفق والشارح والقاضي

قـول وصاحب الفائق وهو قول الحسن وأبي حنيفة والثوري فعلـى ال : الرابـع . بوجوبه يجب بتركه دم، والصحيح من المـذهب أنـه ركـن

اإلحرام وهو نية النسك وإن لم يتجرد من ثيابه المحرمة على المحـرم وكبقية العبادات، قال ) إنما األعمال بالنيات(لقوله صلى اهللا عليه وسلم

وعـن أحمـد روايـة أن . لكن قياسها أنه شرط انتهى: الشيخ منصور: األول: وواجبـات الحـج سـبعة . شرط وهو قول أبي حنيفة اإلحرام

اإلحرام من الميقات المعتبر له إنشاء ودوامـا، قـال فـي التلخـيص هن لهن : (واإلنشاء أولى ألنه صلى اهللا عليه وسلم ذكر المواقيت وقال: الثـاني ). ولمن مر عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمـرة

المبيـت : الثالث. يل على من وقف نهارا لما تقدمالوقوف بعرفة إلى اللالمبيـت : الرابع. بمزدلفة إلى ما بعد نصف الليل إن وافها قبله وإال فال

بمنى ليالي أيام التشريق إال أن كان من أهل األعذار ولمن تعجل عـن الرمي للجمار مرتبا علـى : الخامس. الليلة الثالثة على ما تقدم تفصيله

طـواف : السـابع . الحلق أو التقصير لمن به شعر: دسالسا. ما سبقالوداع، قال في المنتهى وشرحه وهو الصدر بفتح الصاد المهملة، وقدم الزركشي وتبعه في اإلقناع أن طواف الصدر هو طواف الزيارة انتهى،

وطواف الوداع ليس من الحج وإنما : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالىج من مكة انتهى، والمسنون المبيت بمنى ليلـة هو لكل من أراد الخرو

عرفة، وطواف القدوم، والرمل واالضطباع، والتلبية، واستالم الـركنين وتقبيل الحجر األسود، والمشي والسعي شديدا في مواضعهما، والخطب واألذكار، والدعاء، ورقي الصفا والمروة واالغتسال والتطيب في البدن،

استقبال القبلة عند الوقوف بعرفة وعند الرمـي والصالة قبل اإلحرام، وما عدا جمرة العقبة فإن الصحيح الذي تدل عليه السنة أنه يجعل القبلة عن يساره ومنى عن يمينه وإن كان خالف المذهب عنـد المتـأخرين

والوقوف بعد الرمي طويال عند الجمرتين األولى والثانيـة . واهللا أعلم .فقط دون جمرة العقبة

السعي : الطواف، الثالث: اإلحرام، الثاني: األول: أركان العمرة ثالثةو .لما تقدم في الحج

الحلـق أو : اإلحرام من الحل، الثاني: األول: وواجبات العمرة شيئان التقصير، فمن أتى بواحد منهما فقد أتى بالواجب، فمن ترك اإلحرام لم

ير اإلحـرام لـم يـتم ينعقد نسكه حجا كان أو عمرة، ومن ترك ركنا غنسكه إال به أو ترك نية الركن غير اإلحرام ألن اإلحرام هو نفس النيـة وغير الوقوف بعرفة ألنه ال يحتاج إلى نية لقيام اإلحرام عنها لم يـتم

ومن تـرك واجبـا . نسكه إال به فمن طاف أو سعي بال نية أعاده بنيةكه لقول ابن عباس وتقدم عمدا أو سهوا أو جهال أو لعذر فعليه دم بتر

فإن عدم الدم فكصوم متعة يصوم عشرة أيام ثالثة في الحج وسبعة إذا ومن لزمه : رجع، وال إطعام فيه على المذهب، قال في المغني والشرح

صوم المتعة فمات قبل أن يأتي به لعذر منعه عن الصوم فال شيء عليه م رمضـان؛ ألنـه وإن كان لغير عذر أطعم عنه كما يطعم عن صوم أياومن ترك سنة فال . صوم وجب بأصل الشرع أشبه صوم رمضان انتهى

شيء عليه، لكن ينقص به أجر الحج ويثاب على فعله، قال في الفصول وغيره ولم يشرع الدم عنها ألن جبران الصالة أدخل فيتعدى إلى صالته

معنى كالم صاحب الفضول أنه ال يشرع لمن ترك : من صالة غيره قلتسنة من سنن الحج أن يجبره بدم بخالف ما إذا ترك سنة مـن سـنن الصالة فعنده يشرع أن يجبرها بسجدتي السهو، ألن جبـران الصـالة أدخل لكن ذكر في شرح المنتهى أنه يباح السجود لترك سنة من سـنن الصالة وفي اإلقناع وال يشرع السجود لترك سنة ولو قولية وإن سجد

: في اإلقناع وشرحه قال أبو الوفا علي بـن عقيـل فال بأس انتهى قال

ال : (وتكره تسمية من لم يحج صرورة لقوله صـلى اهللا عليـه وسـلم والصرورة بفـتح الصـاد : قلت. ألنه اسم جاهلي) صرورة في اإلسالم

المهملة وضم الراء األولى، ويسمى بذلك من لم يحج عن نفسه، قـال لى أن ال يعود، قـال وأن يقـال ويكره أن يقال حجة الوداع ألنه اسم ع

حديث : شوط بل طوفه وطوفتان انتهى قال السيوطي في الجامع الصغيررواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والحاكم ) ال صرورة في اإلسالم(

.انتهى :فصل -- يعتبر في أمير الحجيج أن يكون مطاعا ذا رأي وشـجاعة وهدايـة،

ونزولهم حتى ال يتفرقوا فيخاف عليهم، وعليه جمع الناس في مسيرهموعليه ترتيبهم في السير والنزول، حتى ال يتنازعوا وال يضلوا عنـه، ويرفق بهم في السير، ويسير سير أضعفهم ما لم يحصل عليهم ما هو أهم منه كخوف عطش أو عدو أو فراغ علف ونحو ذلك، ومحل فـراغ

ح الطرق ويرتاد لهم المياه العلف إذا كانوا على بهائم، ويسلك بهم أوضويحرسهم إذا نزلوا، ويحوطهم إذا رحلوا حتى ال يتخطفهم متلصـص، ويكف عنهم من يصدهم عن المسير بقتال إن قدر عليه أو يبذل مال إن أجاب الحجيج إليه، وال يحل له أن يجبر أحدا علـى بـذل الخفـارة إن

هم إال أن يخاف عليهم امتنع منها ألن بذل المال في الخفارة ال يجب، اللإن لم يبذلوا الخفارة من النهب والسلب أو القتل مع عجزهم عن مدافعة

: طالب الخفارة فله إذا إجبار الحجيج على بذلها قال الشيخ تقي الـدين ومن جرد معهم وجمع له من الجند المقطعين ما يعينـه علـى كلفـة

اد وهـذا كأخـذ الطريق أبيح له وال ينقص أجره وله أجر الحج والجه

بعض اإلقطاع ليصرفه في المصالح وليس في هـذا اخـتالف ويلـزم وفي سنة إحدى وسبعين وثالثمائة وألف . المقطع بذل ما أمر به انتهى

طرح الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل الخفارة التي تؤخـذ من الحجاج في زمنه وزمن أمراء مكة السابقين فصارت حسـنة مـن

اهللا ال يضيع أجر من أحسن عمال، ويصلح أمير الحجاج بـين حسناته والخصمين وال يحكم بينهما إال أن يفوض إليه الحكم فيعتبر كونـه مـن أهل فإن دخلوا بلدا، فلحاكم البلد الحكم بينهما، ولو تنازع واحـد مـن الحجيج وواحد من أهل البلد لم يحكم بينهما إال حاكم البلـد، ويراعـي

اع الوقت حتى يأمن فوات الحج وال يلحقهم ضيق في الحـث األمير اتسعلى السير، فإذا وصل الميقات أمهلهم لإلحرام وإلقامة سنته، فإن كان الوقت واسعا دخل بهم مكة وخرج بهم مع أهلها إلى منى ثم عرفـات، وإن كان ضيقا عدل إلى عرفات مخافة من فوات الحـج فـإذا وصـل

على عزم العود زالت إمارته عنه، ومن كان الحجيج مكة، فمن لم يكن عزم العود فهو تحت إمارته وملتزم أحكام طاعته في غير معصـية إذا قضى الناس حجهم أمهلهم األيام التي جرت العادة بها إلنجاز حوائجهم وال يعجل عليهم في الخروج لئال يحصل عليهم ضرر بـذلك، ويلزمـه

ه ركن ال يـتم الحـج إال بـه، انتظار حائض تطهر لطواف الزيارة ألنبخالف انتظار النفساء ألن مدة النفاس طويلة وفيه مشقة على الحجيج إذا انتظروا طهرها، هكذا ذكر األصحاب ومعنى هذا أن هـذه النفسـاء الغريبة المسكينة تبقى بمكة حتى تطهر من نفاسها ثم تطوف ولو كان

دخول مكة كـالم شـيخ عليها ضرر في البقاء مطلقا وقد تقدم في باب اإلسالم وابن القيم في جواز طواف الحائض للضرورة ويقاس عليهـا

النفساء، ثم يعود بهم إلى وطنهم ويكون في عوده ملتزما فـيهم مـن الحقوق ما كان ملتزما في ذهابه إلى الحج حتى يصل إلى البلـد الـذي

قدوم الحاج سار بهم منه فتنقطع إمارته بالعود إليه، وشهر السالح عند الشامي تبوك بدعة محرمة، ومثله ما يفعله الحاج المصري ليلة بـدر

.في المحل المعروف بجبل الزينة من إيقاد الشموعوما يذكره الجهال من حصار تبوك كذب فلم يكـن : قال شيخ اإلسالم

بها حصن وال مقاتلة فإن مغازي النبي صلى اهللا عليه وسلم كانت بضعا بـدر، وأحـد، والخنـدق، وبنـي : اتل فيها إال في تسعوعشرين لم يق

. المصطلق، والغابة، وفتح خيبر، وفتح مكة، وفتح حنـين، والطـائف من اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصـالة والزكـاة فإنـه : وقال

يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهال، فإن تاب وإال قتل، وال يسـقط حـق .الحج إجماعااآلدمي من مال أو عرض أو دم ب

: باب اإلحصار والفوات وما يتعلق بهما -- الفوات مصدر فاته يفوته فواتا وفوتا وهو سبق ال يدرك فهو أخـص

من السبق، واإلحصار مصدر أحصره إذا حبسه فهو الحـبس، وأصـل الحصر المنع، من طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة في وقتـه

صر أو غيره أو لغير عذر فاته الحج ذلك العام ال المعتبر له لعذر من حال يفوت الحج حتـى : (نعلم فيه خالفا النقضاء زمن الوقوف لقول جابر

فقلت له أقـال رسـول اهللا : يطلع الفجر من ليلة جمع، قال أبو الزبيررواه األثرم بإسـناده ولحـديث ). نعم: صلى اهللا عليه وسلم ذلك؟ قال

فمفهومه ) ل صالة الفجر ليلة جمع فقد تم حجهالحج عرفة فمن جاء قب(فوت الحج بخروج ليلة جمع وسقط عنه توابع الوقوف كمبيت بمزدلفة

ومنى ورمي جمار وانقلب إحرامه بالحج عمرة نصا، وسواء كان قارنا أو غير قارن ألن عمرة القارن ال يلزمه أفعالها، وإنما يمنع من عمـرة

ال ينقلـب : وقال ابن حامـد . كل منهما على عمرة إذا لزمه المضي فيإحرامه بالحج عمرة بل يتحلل بطواف وسعي وحلق، وهو مذهب مالك والشافعي ألن إحرامه انعقد بأحد النسكين فلم ينقلب إلى اآلخر كما لـو أحرم بالعمرة، قال في المغني ويحتمل أن من قال يجعل إحرامه عمـرة

أي والحلـق أو : واف والسـعي أراد به يفعل ما فعل المعتمر وهو الطوعلى المذهب إذا انقلـب . التقصير وال يكون بين القولين خالف انتهى

إحرامه بالحج عمرة فإنه يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، قال الشـيخ مـن : مرعي في الغاية ويتحلل بها ولو لم ينوه انتهى، قال في المغني

المـذهب، فاته الحج يتحلل بطواف وسعي وحالق هذا الصـحيح مـن وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير ومروان بن الحكم، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وروى الشافعي في مسنده أن عمر قال ألبي أيوب حـين فاتـه

اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن أدركت الحج قابال فحج : الحجما استيسر من الهدي، وروى األثرم بإسناده عن سـليمان بـن وأهد: أن هبار بن األسود حج من الشام فقدم يوم النحر، فقال له عمر: يسار

فانطلق إلـى البيـت : حسبت أن اليوم يوم عرفة، قال: ما حبسك؟ قالفطف به سبعا وإن كان معك هدية فانحرها، ثم إذا كان عام قابل فاحجج

فأهد فإن لم تجد فصم ثالثة أيام في الحج وسـبعة إذا فإن وجدت سعةوروى النجاد بإسناده عن عطاء أن النبـي . رجعت إن شاء اهللا تعالى، )من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمـرة : (صلى اهللا عليه وسلم قال

وليحج من قابل وألنه يجوز فسخ الحج إلى العمرة من غير فوات فمع .صاالفوات أولى انتهى ملخ

الظاهر أن محل جواز فسخ الحج إلى العمرة قبل الفـوات هـو : قلت ومحـل . فيما إذا تمكن من الحج تلك السنة التي فسخ فيها واهللا أعلـم

انقالب إحرامه بالحج عمرة إن لم يختر البقاء على إحرامه ليحج مـن قابل من غير إحرام متجدد فإن اختار ذلك فله استدامة اإلحـرام ألنـه

بالمشقة على نفسه، وال تجرئ هذه العمرة التي انقلب إحرامـه رضي) وإنما لكل امرئ ما نـوى (بالحج إليها عن عمرة اإلسالم نصا لحديث

وهذه لم ينوها ولوجوبها كعمرة منذورة، وعلى من فاته الحج وانقلـب إحرامه عمرة القضاء ولو كان الحج الفائت نفال لما روى الـدارقطني

من : (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: بن عباس قالبإسناده عن ا) فاته عرفات فقد فاته الحج وليتحلل بعمرة وعليه الحـج مـن قابـل

وعمومه شامل للفرض والنفل وكذا ما سبق عن عمـر، وألن الحـج يلزمه بالشروع فيه فيصير كالمنذور بخالف سائر التطوعـات، وروى

وابن الزبير ومروان، وهو قول ذلك عن عمر وابنه وزيد وابن عباس وعن أحمد . مالك والشافعي وأصحاب الرأي وهو الصحيح من المذهب

ال قضاء عليه بل إن كانت فرضا فعلها بالوجوب السابق وإن كانت نفال سقطت، وروى هذا عن عطاء وهو إحدى الروايتين عن مالـك، وألن

بـل : مرة قـال النبي صلى اهللا عليه وسلم لما سئل عن الحج أكثر منمرة واحدة ولو أوجبنا القضاء كان أكثر من مرة، وألنه معذور في ترك إتمام حجه فلم يلزمه القضاء كالمحصر وألنها عبادة تطوع فلم يجـب قضاؤها كسائر التطوعات، ووجه الرواية األولى التي هي المذهب مـا

سـلم وأما قوله صلى اهللا عليه و: ذكرنا من الحديث وإجماع الصحابةفالمراد به الواجب بأصل الشرع حجة واحدة وهـذه إنمـا ) الحج مرة(

وأما المحصر فإنـه غيـر . وجبت بإيجابه لها بالشروع فيها كالمنذورةمنسوب إلى تفريط فلذا ال يجب عليه قضاء النفل، بخالف من فاته الحج

وال : قال الشيخ زكريا األنصاري الشافعي في المنهج وشـرحه . انتهىعلى محصر تحلل لعدم وروده وألن الفوات نشأ عـن اإلحصـار إعادة

الذي ال صنع له فيه، فإن كان نسكه فرضا ففي ذمته إن استقر عليـه، وإن لم يستقر اعتبرت استطاعته بعد زوال اإلحصار إن وجدت وجـب وإال فال، وعلى من فاته وقوف بعرفة تحلل ويحصل بعمل عمرة بـأن

دم وإعادة فورا للحج الذي فاته بفـوات يطوف ويسعى ويحلق وعليه قال البجيرمي في . الوقوف تطوعا كان أو فرضا كما في اإلفساد انتهى

فإن قلت هال وجب القضاء على المحصر : حاشيته على المنهج وشرحهال ألن المحصر أذن له الشارع في الخـروج : قياسا على الفوات؟ قلت

مام فال يجب تداركه بخالف الفوات من العبادة فكان حجه غير واجب اإلتانتهى كالم البجيرمي الشافعي، وإذا قضى حجته الفائتة أجزأه القضـاء عن الحجة الواجبة بغير خالف ألن الحجة المقضية لو تمت ألجزأت عن الواجبة عليه، فكذلك قضاؤها يجزئه عنها ألن القضـاء يقـوم مقـام

رط في ابتداء إحرامه بأن األداء، ومحل وجوب القضاء عليه إن لم يشتلم يقل فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإن اشتراط في ابتداء إحرامه لم يلزمه قضاء نفل وال هدى لحديث ضباعة، وتقدم فـي بـاب اإلحرام مفصال، ويلزم من فاته الحج أيضا إن لم يكن اشتراط أن محلي

بقرة من حين حيث حبستني هدى عن الفوات شاة أو سبع بدنة أو سبع

الفوات ساق الهدي أوال، نص عليه يؤخره إلى القضاء يذبحه فيه ألنه حل من إحرامه قبل تمامه فلزمه هدي كالمحصر، قال فـي المغنـي إذا ثبت هذا فإنه يخرج الهدي في سنة القضاء إن قلنا بوجوب القضـاء،

ـ ه وإال أخرجه في عامه، وإذا كان معهد هدي قد ساقه نحره، وال يجزئإن قلنا بوجوب القضاء بل عليه في السنة الثانية هدي أيضا نص عليه أحمد، وذلك لحديث عمر الذي ذكرناه، والهدي ما استيسر مثـل هـدي

والمتمتع والمفرد والقارن والمكـي وغيـره : المتعة لحديث عمر أيضاسواء فيما ذكرنا، ألن الفوات يشمل الجميع انتهى، ومثله في الشـرح

بحديث عمر هو ما ذكره آنفا من قصة أبي أيوب وهبار، قـال ومراده وإن كان قد ساق هديا نحره ولم يجزه عن دم الفوات، : في المستوعب

قـال الشـيخ . وقاله ابن أبي موسى وصاحب التلخيص وغيرهم انتهىوعلى من لم يتحلل قبـل الفـوات بنحـو : سليمان بن علي في منسكه

لقضاء حتى المتنفل وعليه هدي شاة أو عمرة ولم يشترط أول إحرامه اسبع بدنة أو سبع بقرة من الفوات ويؤخره للقضاء، فإن عدمه زمـن

قلـت . وجوبه صام كمتمتع ثالثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع انتهـى سبقه إلى ذلك الشيخ مرعي في الغاية قال شارحها الشيخ مصطفى وال

نحو عمرة، قال وهذا ممـا يلزمه قضاء نفل، أي إذا تحلل قبل الفوات بقال . تفرد به المصنف وكأنه قاسه على المحصر ولم يسبق إليه انتهى

فإن كان الذي فاته الحج قارنا قضى قارنـا، قـال الشـيخ : في اإلقناعأي لزمه في العام الثاني مثل ما أهـل بـه أوال : منصور في شرحه له

ومعنـاه، نص عليه، ألن القضاء يجب على حسب األداء في صـورته ويلزمه دمان لقرانه وفواته : قال في الشرح. فيجب أن يكون هنا كذلك

وإذا : انتهى كالم منصور، وقال في اإلقناع وشرحه في بـاب اإلحـرام قضى القارن قارنا لزمه دمان دم لقرانه األول ودم لقرانه الثـاني، وإن

أفضـل قضى القارن مفردا لم يلزمه شيء لقرانه األول ألنه أتى بنسكمن نسكه وجزم غير واحد بأنه يلزمـه دم لقرانـه األول ألن القضـاء

وهو ممنوع فإذا فرغ من قضى مفـردا مـن : كاألداء، قال في الفروعأي أبعد الميقاتين اللذين أحـرم : الحج أحرم بالعمرة من الميقات األبعد

في أحدهما بالقران وفي اآلخر بالحج كمن فسد حجه ثم قضاه يحرم من بعد الميقاتين، وإال، أي وإن لم يحرم بالعمرة من أبعد الميقاتين، لزمه أ

دم لتركه واجبا، وإن قضى القارن متمتعا فإذا تحلل من العمرة أحـرم الميقات األصلي والموضع الذي أحرم منـه : بالحج من أبعد الموضعين والظاهر أنه ال دم عليـه إذا لفـوات : قلت. اإلحرام األول الذي أفسده

.الشرط الرابع انتهى كالم اإلقناع وشرحهقوله وجزم غير واحد بأنه يلزمه دم لقرانه األول ألن القضاء كاألداء،

في هذا التعليل نظر ألن القضاء هو اإلفراد واألداء في القـران، : أقولولو قال ألن الدم ال يسقط دم التمتع والقران بفساد نسكهما وال يسـقط

أيضا بفوات الحج فليراجع، وقولـه لفـوت الشـرط دم التمتع والقرانويجـب : الرابع، مراده بذلك هو ما ذكروه في باب اإلحرام حيث قـالوا

الرابع منها أن ال يسافر . على المتمتع دم نسك ال جبران بسبعة شروطبين الحج والعمرة مسافة قصر فأكثر فإن سافر مسـافة قصـر فـأكثر

رنا هناك الكالم مستوفى فليراجع، قـال فأحرم بالحج فال دم عليه، وذكويجب قضاء على صفة أداء فمـن : الشيخ سليمان بن علي في منسكه

فاته الحج قارنا قضى قارنا وهو خالف قولهم في دم التمتع، وإذا قضى

مفردا لم يلزمه شيء، فإذا فاته النسك المفضول قضـى علـى صـفته ته الحج قارنـا قضـى وجاز قضاؤه بنسك أفضل منه ال عكسه فمن فا

قارنا وجاز مفردا ومتمتعا فدل هذا على صحة القضاء بالنسك الفاضـل عن النسك المفضول بخالف العكس، فلو خالف وأتى بالنسك المفضول قضاء عن الفاضل فالذي يظهر صحة النسك ذلك لكن لم يزل القضـاء

ذكرنـا في ذمته حتى يقضيه بمثل نسك الفائت أو بنسك أفضل منه كماويجب قضاء على صفة : قال الشيخ مرعي في الغاية. واهللا أعلم انتهى

أداء فمن فاته الحج قارنا قضى قارنا وهو خالف قولهم في دم التمتـع قـد بحـث : قلـت . وإذا قضى مفردا لم يلزمه شيء انتهى كالم مرعي

الشيخ منصور بأن معنى قول األصحاب هنا فإن كان الذي فاته الحـج أي الحج والعمـرة، ال أن : قضى قارنا أنه يلزمه قضاء النسكين قارنا

يكون قارنا ألنهم صرحوا في باب اإلحرام، بأن القارن لـه أن يقضـي قارنا أو مفردا أو متمتعا واهللا أعلم، وتقدم ذلك فإن عدم الهدي زمـن الوجوب وهو طلوع فجر يوم النحر من عام الفوات صام عشرة أيـام

حجة القضاء وسبعة إذا رجع؛ أي فرغ مـن حجـة القضـاء ثالثة في كمتمتع، ألثر عمر المتقدم في قضية هبار بن األسود، والمكي وغيـره

: في ذلك سواء، قال في اإلنصاف متى يكون قد وجـب فيـه وجهـان أحدهما وجب في سنته ولكن يؤخر إخراجه إلى قابل، والثاني لم يجـب

الصواب وجوبـه مـع القضـاء : لتق: إال في سنة القضاء إلى أن قالوظاهر كالمهم أن زمن الوجوب وقـت الفـوات : انتهى، قال في الغاية

أي الهـدي زمـن : فإن عدمـه : واألثر بخالفه انتهى، قال في المنتهىأي في العـام : صام كمتمتع: الوجوب صام كمتمتع، قال الخلوتي قوله

رادة الصوم لمـا الذي أراد القضاء فيه وأجزأه الصوم ولو أيسر عند إتقدم من أن االعتبار فيه وفي الكفارات بوقت الوجوب على الصـحيح

ثـم إذا (نص األثر يخالف هذا ألنه جاء فيـه : قلت. من المذهب انتهىكان عام قابل فاحجج فإن وجدت سعة فأهد فإن لم تجد فص ثالثة أيام

وجد ، فاعتبر الوجوب مع القضاء وأنه إن )في الحج وسبعة إذا رجعتسعة زمن القضاء أهدى وإال صام، وقد صوبه في اإلنصاف، ويؤيد ذلك

ويعتبر اليسار واإلعسار في زمن الوجـوب، : قوله في المغني والشرحوهو في سنة القضاء إن قلنا بوجوبه، أو في سنة الفـوات إن قلنـا ال يجب القضاء انتهى، والعبد ال يهدي ولو أذن له سيده ألنه ال مال لـه

نه ال يملك ولو ملك غير المكاتب، ويجب عليه الصوم المذكور بـدل ألالهدي، وعلى قياس هذا كل دم لزمه في اإلحرام لفعل محظور أو غيره ال يجزئه عنه إال الصيام لما تقدم، وإذا صام العبد بـدل الهـدي فإنـه يصوم عشرة أيام كالحر ثالثة في حجة القضاء وسبعة إذا رجع خالفـا

ي وتبعه في اإلقناع، حيث قال يصوم عن كل مد من قيمة الشـاة للخرق) أي من فاته الحـج (فإن عدم : يوما حيث يصوم الحر، قال في اإلقناع

أي حج القضاء، : الهدي زمن الوجوب صام عشرة أيام ثالثة في الحجثم حل يقتضي أنه ال يحـل : وسبعة إذا رجع ثم حل؛ قال منصور قوله

اهر ألنه ليس كالمحصر بل يحصل التحلل بنفس حتى يصوم، وليس بظإتمام النسك على ما تقدم في صفة الحج إذا لم يفرقـوا بـين القضـاء وغيره، ولم يذكر ثم حل في المنتهى وغيره فيمن فاته الحج بـل فـي

.المحصر انتهى

وإن أخطأ الناس فوقفوا في غير يوم عرفة بأن وقفوا الثـامن : فائدة نهم أنه يوم عرفة أجزأهم نصا لمـا روى الـدارقطني أو العاشر ظنا م

قال رسـول : بإسناده عن عبد العزيز بن عبد اهللا بن جابر بن أسيد قالوقد ) يوم عرفة اليوم الذي يعرف الناس فيه: (اهللا صلى اهللا عليه وسلم

فطركم يـوم : (روى أبو هريرة أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قالرواه الدارقطني وغيـره، قـال فـي ) م تضحونتفطرون وأضحاكم يو

ويتوجه وقوف مرتين إن وقف بعضـهم ال سـيما مـن رآه، : الفروعوصرح جماعة إن أخطأوا لغلط في العدد أو في الرؤية أو في االجتهاد

.مع الغيم أجزأ، وهو ظاهر كالم اإلمام وغيره، انتهىف وقال فلو رآه الوقوف مرتين بدعة لم يفعله السل: قال شيخ اإلسالم

.طائفة قليلة لم ينفردوا بالوقوف، بل الوقوف مع الجمهور، انتهىما قاله شيخ اإلسالم هو الحق الذي ال ريب فيه خالفا لما وجهه : قلت

ابن مفلح في فروعه من الوقوف مرتين فإنه توجيه ليس بوجيه وليته أبو عبـد سار على منهاج شيخه كما سار عليه شمس الدين بن القيم و

اهللا محمد بن أحمد بن عبد الهادي صاحب الصارم المنكي واهللا الموفق وإن أخطأ : يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، قال في اإلقناع وشرحه

بعضهم فاته الحج، هذه عبارة غالب األصحاب، وفـي االنتصـار وإن .أخطأ عدد يسير، وفي الكافي والمجرد وإن أخطأ نفر منهم

يقال إن النفر ما بين الثالثة إلى العشرة، ولذلك قـال : يبةقال ابن قت في المنتهى وإن وقف الكل أو إال يسيرا الثامن أو العاشر خطأ أجزأهم انتهى كالم اإلقناع وشرحه، قال في شرح المنتهـى وظـاهره سـواء أخطأوا لغلط في العدد أو الرؤية أو االجتهاد في الغيم، قال في الفـروع

الم اإلمام وغيره وإن أخطأ دون األكثر فاتهم الحج ألنهم لم وهو ظاهر كيقفوا في وقته، وأما األكثر فقد ألحق بالكل في مواضع فكذا هنا علـى ظاهر االنتصار وغيره، وفي المقنع وإن أخطأ بعضهم فقد فاته الحـج،

هذا المذهب وعليه الجمهور ولم يخالفه في التنقـيح : قال في اإلنصاف: اإلقناع انتهى نقل عبد اهللا، قال عليه الصـالة والسـالم وجزم به في

فإذا شك الناس في عرفة فقال ) يوم عرفة اليوم الذي يعرف الناس فيه(قوم يوم النحر فوقف اإلمام بالناس يوم عرفة ثم علم أنه يـوم النحـر

وإن أخطأ الناس فوقفوا في غير يـوم عرفـة : أجزأهم، قال في المقنعأ بعضهم فاته الحج، قال في الشرح الكبير فإن اختلفوا أجزأهم وإن أخط

فأصاب بعض وأخطأ بعض لم يجز من أخطأ ألنهم غير معذورين فـي ظننت أن اليوم يوم عرفـة : ذلك، وقد ذكرنا حديث هبار حين قال لعمر

.فلم يعذر بذلك انتهى : فصل -- إلـى ومن أحرم فحصره بالبلد عدو في حج أو عمرة من الوصـول

البيت أو حصره بالطريق قبل الوقوف بعرفة أو بعده أو منه من دخول الحرم ظلما أو جن أو أغمى عليه ولم يكن له طريق آمن إلى الحج ولو بعدت وخشي فوات الحج ذبح هديا شاة أو سبع بدنة أو سـبع بقـرة

وألنـه صـلى اهللا ) فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي: (لقوله تعالىلم أمر أصحابه حين أحصروا في الحديبية أن ينحروا ويحلقوا عليه وس

ال خالف بين أهل التفسير أن هذه اآلية نزلت في : قال الشافعي. ويحلواحصر الحديبية، وألنه أبيح له التحلل قبل إتمام نسكه فوجب الهدي في

كيـف : صورة ما لو حصر بعد الوقوف كما لو حصر قبله، فـإن قيـل

ن والمغمى عليه أن يتحلل إذا خشي فوات الوقـوف يتصور من المجنولعل ذلك : بذبح هدي بنية التحلل أو بصوم عشرة أيام بالنية أيضا؟ قلنا

فيما إذا منعه الجنون أو اإلغماء عن الذهاب إلى الوقوف ألنه ال يصح منهما ثم عقل أو أفاق قبل الفوات ولكن في زمن ال يمكنه الوصول فيه

.فوات وقت الوقوف فتحلل حينئذ واهللا أعلم إلى عرفة إال بعدفوت الحج ليس شرطا لتحلل المحصر كما تـدل عليـه اآليـة : تنبيه

والخبر وكالم األصحاب، بل إذا خشي فوات الحج فلـه التحلـل بـذبح الهدي في موضع حصره، حال كان أو حرما لذبحه صلى اهللا عليه وسلم

أعلم، وينوي المحصر بـذبح وأصحابه بالحديبية، وهي من الحل واهللا: قال فـي اإلقنـاع ) إنما األعمال بالنيات(الهدي التحلل وجوبا لحديث

وحلق أو قصر، قال في شرح اإلقناع وجوبا، قدمه في الرعاية واختاره القاضي في التعليق وغيره وقدم في المحرر وشرح ابن رزيـن عـدم

ي اآلية انتهى، وقال الوجوب وهو ظاهر الخرقي والمنتهى لعدم ذكره فثم حل من إحرامه انتهى يعني بعـد الـذبح : في اإلقناع وشرحه أيضا

ومن منع البيت ظلما ولـو بعـد : وقال في الغاية. والحلق أو التقصيرالوقوف ولم يرم ويحلق، أو في عمرة ذبح هديا حيـث أحصـر بنيـة

ـ ه صـحة التحلل وجوبا فإن لم يجد صام عشرة أيام بالنية وحل، ويتجتتميم ما بقي من أركان حجه بإحرام ثان إذا زال حصره وال إطعام فـي

وعند بعضـهم ) يعني لإلقناع(ذلك وال مدخل لحلق أو تقصير خالفا له قال . إن عجز عن صوم لعذر حل ثم صام بعده انتهى كالم صاحب الغاية

ومن منع عن البيت ولو بعد الوقوف أو في عمـرة ذبـح : المنتهىفي ا بنية التحلل وجوبا فإن لم يجد هديا صام عشرة أيام بالنية وحـل هدي

وظاهره أن الحلق أو التقصـير : انتهى، قال منصور في شرح المنتهىليس واجبا هنا وأن التحلل يحصل بدونه، وهو أحد القولين قدمه فـي المحرر وابن رزين في شرحه وهو ظاهر الخرقـي ألنـه مـن توابـع

وقدم الوجوب في الرعاية الكبرى واختاره القاضي في الوقوف كالرمي، .التعليق وغيره وجزم به في اإلقناع انتهى

ذبح هديا بنية التحلل أي ولو : قول األصحاب في حق المحصر: فائدة كان قد عينه هديا هذا ظاهر كالم المحب بن نصـر اهللا البغـدادي فـي

لمحصر علـى الهـدي وإذا قدر ا: الحواشي وصرح به في المغني فقالفليس له الحل قبل ذبحه فإن كان معه هدي قد ساقه أجزأه وإن لم يكن معه لزمه شراؤه إن أمكنه، ويجزئه أدنى الهدي وهو شاة أو سبع بدنة

ويجزئه أيضا سبع : قلت. انتهى) فما استيسر من الهدي: (لقوله تعالى .بقرة كما صرحوا به واهللا أعلم

ديث الصحيحة أن الحلق أو التقصير ال بد منه فـي ظاهر األحا: تنبيه حق المحصر لما روى المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في حديث

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم لما فـرغ مـن (عمرة الحديبية والصلح رواه أحمـد ) قضية الكتاب قال ألصحابه قوموا فـانحروا ثـم احلقـوا

باب النحر قبل الحلق : في صحيحهوالبخاري وأبو داود، وقال البخاري في الحصر، حدثنا محمود، حدثنا عبد الرازق أخبرنا معمر عن الزهري

أن رسول اهللا صلى اهللا عليـه (عن عروة عن المسور رضي اهللا عنه ، وعن المسور ومـروان )وسلم نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك

لهدي وأشـعره بـذي قلد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ا: (أيضا قاالالحليفة وأحرم منها بالعمرة وحلق بالحديبية في عمرته وأمر أصـحابه

رواه أحمـد، ). بذلك ونحر بالحديبية قبل أن يحلق وأمر أصحابه بـذلك خرجنا مع النبي صلى اهللا عليه وسـلم معتمـرين : وعن ابن عمر قال

لم بدنه فحال كفار قريش دون البيت فنحر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسينحـر : رواه البخاري، قال البخاري وقال مالك وغيـره . وحلق رأسه

هديه ويحلق في أي موضع كان وال قضاء عليه ألن النبـي صـلى اهللا عليه وسلم وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي صلى اهللا

يه وسلم أمر أن يقضوا شيئا وال يعودوا له، والحديبية خـارج مـن علالحرم، وكل هذا كالم البخاري في صحيحه وفي رواية للبخاري بسـنده

قد أحصر رسول اهللا : قال ابن عباس رضي اهللا عنهما: إلى عكرمة قالصلى اهللا عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر

، والعطف بالواو في هذا الحديث إنما هو لمطلق الجمع، وال عامال قاباليدل على الترتيب ألن المحصر يقدم النحر على الحلق لما تقدم من قوله

واهللا أعلم، وترجم المجد في ) فانحروا ثم احلقوا: (صلى اهللا عليه وسلمباب تحلل المحصر عن العمرة بالنحر ثـم : المنتقى في هذا الباب بقوله

ق حيث أحصر من حل أو حرم وأنه ال قضاء عليه انتهى، قال فـي الحلاختلف األصحاب في الحلق والتقصير للمحصر فقيـل : تصحيح الفروع

فيه روايتان مبنيتان على أنه هل هو نسك أو إطالق من محظور؟ وهذه الطريقة جزم بها في الكافي وقدم في الرعاية الكبرى الوجوب، واختاره

يق وغيره إلى أن قال فعلى هذه الطريقة يجـب عليـه القاضي في التعلالحلق أو التقصير على الصحيح ألن الصحيح من المذهب أنه نسك فكذا

صريح السنة يدل على وجوب الحلـق أو : قلت. يكون هنا وتمامه فيه

التقصير على المحصر واهللا أعلم، فإن أمكن المحصر الوصـول إلـى ر فيها لم يبح له التحلل لقدرتـه الحرم من طريق أخرى غير التي أحص

على الوصول إلى الحرم فليس بمحصر ولزمه ليتم نسكه ألن ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب بعدت الطريق أو قربت، خشي فوات الحج أو

فإن كان محرما بعمرة لم يفت وإن كان بحج : لم يخش، قال في المغنير حتى خلـى عنـه لزمـه ففاته تحلل بعمرة وكذا لو لم يتحلل المحص

السعي وإن كان بعد فوات الحج يتحلل بعمرة، ثم هل يلزمه القضاء إن إحداهما يلزمه كمن فاتـه بخطـأ الطريـق، : فاته الحج؟ فيه روايتان

والثانية ال يجب ألن سبب الفوات الحصر أشبه من لم يجد طريقا أخرى قضاء عليه إال بخالف المخطئ فأما من لم يجد طريقا أخرى فتحلل فال

أن يكون واجبا يفعله بالوجوب السابق في الصحيح من المذهب وبـه قال مالك والشافعي انتهى، فإن لم يجد المحصر هديا صام عشرة أيـام بنية التحلل كمبدل الصوم وهو ذبح الهدي فإنه يذبحه بنية التحلل كمـا

ضى وعـدم تقدم ثم حل بعد الصيام، بخالف ما تقدم فيمن فاته الحج وقالهدي فإنه يحل بإتمام النسك وال يتوقف صحة حله على الصيام، بل إذا لم يصم قبل يوم النحر الذي حل فيه وجب عليـه صـيام ثالثـة أيـام التشريق الثالثة عن ثالثة األيام في الحج، وسبعة يصـومها إذا رجـع خالفا لما في اإلقناع حيث يؤخذ من عبارته أنه ال يحل حتـى يصـوم

ة األيام، وهذا إنما يكون في حق المحصر ال في من قضى حجـه عشرالفائت واهللا أعلم، وال إطعام في اإلحصار لعدم وروده، بل يجـب مـع الهدي أو بدله على المحصر حلق أو تقصير على الصحيح، وال فـرق فيما تقدم بين الحصر العام في كل الحجيج وبين الحصر الخـاص فـي

بغير حق أو يأخذه اللصوص لعموم النص شخص واحد، مثل أن يحبس ووجود المعنى في الكل، ومن حبس بحق أو دين حال وهو قادر علـى أدائه فليس له التحلل ألنه ليس بمعذور فإن كان معسرا به عاجزا عن أدائه فليس له التحلل ألنه ليس بمعذور فإن كان معسرا به عاجزا عن

وإن كان عليه ديـن : ال في المغنيأدائه فحبسه بغير حق فله التحلل، قمؤجل يحل قبل قدوم الحاج فمنعه صاحبه من الحج فله التحلـل أيضـا ألنه معذور انتهى، وإذا كان العدو الذي حصر الحـاج مسـلمين جـاز قتالهم للحاجة إليه، وإن أمكن االنصراف من غير قتـال فهـو أولـى

الهم إال إذا بدأوا لصون دماء المسلمين، وإن كانوا مشركين لم يجب قتبالقتال أو وقع النفير ممن له االستنفار فيتعين إذا لما ذكروه في الجهاد فإن غلب على ظن المسلمين الظفر بالمشركين استحب قتالهم حيث لـم يجب إلعالء كلمة الدين، وللحجيج المحرمين لبس ما تجب فيه الفديـة

قدم في تغطية الـرأس، إن احتاجوا إليه في القتال ويفدون للبسه كما توإن لم يغلب على ظن المسلمين الظفر بالمشركين فترك القتـال أولـى خوفا على المسلمين، فإن أذن العدو للحاج في العبور فلم يثقـوا بهـم فلهم االنصراف والتحلل، وإن وثقوا بهم لزمهم المضي علـى اإلحـرام

رة علـى تخليـة إلتمام النسك إذ ال عذر لهم إذا، وإن طلب العدو خفـا الطريق للحجيج وكان العدو ممن ال يوثق بأمانة لعادته بالغدر لم يلـزم بذلك المال المطلوب خفارة ألنه إضـاعة للمـال مـن غيـر وصـول للمقصود، وإن وثق بأمانة والخفارة كثيرة فكذلك ال يجب بذلها للضرر،

دو كافرا أي الخفارة إن كان الع: بل يكره بذلها: قال في اإلقناع وشرحهلما فيه من الذل والهوان وتقوية الكفار، وإن كانـت الخفـارة يسـيرة

أي مال الخفارة قال الموفـق والشـارح : فقياس المذهب وجوب بذلهوصححه في تصحيح الفروع ألنه ضرر يسير كماء الوضـوء، وقـال

ال يجب بذل خفارة بحال كما في ابتداء الحـج ال : جماعة من األصحابلم يجد طريقا آمنا من غير خفارة انتهـى، وفـي المنتهـى يلزمه إذا

وشرحه ويباح تحلل من إحرام لحاجة إلى قتال إلى قتال أو على بـذل مال كثير مطلقا أو يسير لكافر، ال لحاجة بذلك مال يسـير لمسـلم ألن ضرره يسير انتهى، فعلى ما في المنتهى إذا طلب الكافر من الحجـاج

م يجب عليهم بذله ويباح لهم التحلل، وعلى مـا فـي ماال ولو يسيرا لاإلقناع يجب على قياس المذهب بذل المال اليسير لكـافر كمـا يجـب

الخفارة تجـوز عنـد : للمسلم وال يتحلل من اإلحرام، قال شيخ اإلسالمالحاجة إليها في الدفع عن المخفر، وال يجوز مع عدم الحاجة إليها كما

ال يلزمه الحج مـع : وقال الجمهور. يا انتهىيأخذه السلطان من الرعاالذي تطمئن له النفس : قلت. الخفارة وإن كانت يسيرة ذكره في المبدع

وعليه عمل المسلمين قديما وحديثا هو ما قاله شيخ اإلسالم واهللا أعلم، وبهذه المناسبة نذكر ما حصل في عامنا هذا سـنة إحـدى وسـبعين

لك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصـل وثالثمائة وألف، وهو أن الموفقه اهللا لفعل الخيرات، قد ألغى جميع المظالم والرسوم التـي تؤخـذ على الحجاج فاستبشر المسلمون في مشارق األرض ومغاربهـا بهـذا وأصبح المسلمون يدعون له فصار ذلك حسنة سبق بها من قبله، واهللا

.ال يضيع أجر من أحسن عمالنوى المحصر التحلل قبل ذبح هدي أو قبل صيام عند عـدم لو : فائدة

ولـو نـوى : الهدي ورفض إحرامه لم يحل، قال في اإلقناع وشـرحه

المحصر التحلل قبل ذبح هدي إن وجده أو قبل صوم إن عـدم الهـدي أي : ورفض إحرامه لم يحل ولزمه دم لتحلله ولكل محظور فعله بعـده

وهذا المذهب وعليه أكثر : ي اإلنصافبعد التحلل هكذا في المقنع، قال فاألصحاب وقدمه في الفروع، وقيل ال يلزمه دم لذلك جزم به في المغني

تبعـا لمـا ) يعني الحجاوي(والشرح انتهى، وسبق في كالم المصنف صححه في اإلنصاف أيضا إنه ال شيء عليه لرفض إحرامه ألنه مجرد

هنا على لبس المخيط مثال، نية، فانظر هل هما مسألتان فيحمل التحلل أو مسألة واحدة تناقض التصحيح فيها انتهى كـالم اإلقنـاع وشـرحه

أي لتحلله ورفض إحرامه، : وقيل ال يلزمه دم لذلك: وقوله في اإلنصافأما لو فعل محظورا بعد الرفض فإنه يلزمه دم لفعل ذلك المحظور على

ولو نـوى المحصـر : قال في المنتهى وشرحه. كال القولين واهللا أعلمالتحلل قبل أحدهما؛ أي ذبح الهدي إن وجده أو الصوم إن عدمه لم يحل لفقد شرطه وهو الذبح أو الصوم بالنية واعتبرت النية فـي المحصـر دون غيره ألن من أتى فأفعال النسك أتى بما عليه فحل بإكمالـه فلـم

قبل إكمالها يحتج إلى نية بخالف المحصر فإنه يريد الخروج من العبادةأي من تحلل قبل الذبح أو الصوم دم لتحللـه : فافتقر إلى النية، ولزمه

إنه المـذهب وجـزم فـي : صححه في شرحه، وقال في اإلنصاف هناشرحه فيما سبق أنه ال شيء لرفض اإلحرام، ألنه مجرد نية فال يؤثر، وجزم به في المغني والشرح ولزمه دم لكل محظور بعده، أي التحلـل

: نتهى كالم المنتهى وشرحه، وقال في اإلقناع وشرحه في باب الفديـة اومن رفض إحرامه لم يفسد إحرامه بذلك ألنه عبادة ال يخـرج منهـا بالفساد فلم يخرج منها برفضها بخالف سائر العبادات ولـم يلزمـه دم

وهو ظاهر كالم كثيـر مـن : لرفضه ألنه مجرد نية، قال في اإلنصافليه في المنتهى وشرحه، وقيل يلزمه وذكـره فـي األصحاب ومشى ع

الترغيب وغيره وقدمه في الفروع، وحكم إحرامه باق ألن التحلل مـن إما بكمال أفعاله أو التحلـل منـه : الحج ال يحصل إال بأحد ثالثة أشياء

عند الحصر أو بالعذر إذا شرط في ابتـداء إحرامـه أن محلـي حيـث ضه إحرامه فعليه فداؤه لبقاء إحرامه حبستني، فإن فعل محظورا بعد رف

: انتهى كالم اإلقناع وشرحه، قال في المنتهى وشرحه في باب الفديـة ويفدي من رفض إحرامه ثم فعل محظورا للمحظور ألن التحلـل مـن اإلحرام إما بكمال النسك أو عند الحصر أو بالعذر إذا شرط، وما عداها

فضه كما ال يخرج منه بفسـاده ليس له التحلل به وال يفسد اإلحرام برفإحرامه باق وتلزمه أحكامه وال شيء عليه لرفض اإلحرام ألنه مجرد نية لم يؤثر شيئا، وقدم في الفروع يلزمه له دم انتهى كـالم المنتهـى

فإن قال أنا أرفض إحرامي وأحل فلبس الثيـاب : وشرحه، قال الخرقيي كل فعل فعله دم، وإن وذبح الصيد وعمل ما يعمله الحالل كان عليه ف

قـال فـي . كان وطئ فعليه للوطء بدنة ما يجب عليه من الدماء انتهى: وجملة ذلك أن التحلل من الحج ال يحصل إال بأحد ثالثة أشياء: المغني

إكمال أفعاله أو التحلل عند الحصر أو بالعذر إذا شرط، وما عـدا هـذا ال يفسد اإلحرام برفضه فليس له أن يتحلل به فإن نوى التحلل لم يحل و

ألنه عبادة ال يخرج منها بالفساد فال يخرج منها برفضها بخالف سائر العبادات، ويكون اإلحرام باقيا في حقه تلزمه أحكامه ويلزمه جزاء كـل جناية جناها عليه، وإن وطئ أفسد حجه وعليه لذلك بدنة مع ما وجب

أو بعدها، فإن الجناية عليه من الدماء، سواء كان الوطء قبل الجنايات

على اإلحرام الفاسد توجب الجزاء كالجنابة على الصحيح وليس عليـه لرفضه اإلحرام شيء ألنه مجرد نية لم تؤثر شيئا انتهى ومثلـه فـي

.الشرح قد تناقض كالم صاحب المنتهى واإلقناع في هذه المسألة حيث: تنبيه

ا للرفض، ونفيا فـي أوجبا في باب المحصر على من رفض إحرامه دمباب الفدية عنه وجوب الدم مع اتفاقهما في البابين على وجوب الـدم لكل محظور فعله بعد الرفض وعلى عدم فساد اإلحرام بالرفض، فلـذا

في غير ) يعني في باب الفدية(لعل ما تقدم : قال الشيخ عثمان بن قائدقـال فـي .المحصر وهذا في المحصر فال تناقض فليحرر انتهى كالمه

وما جزم به في شرح المنتهى فيما سبق أنـه ال شـيء : شرح الغايةعليه لرفضه اإلحرام فهو في غير المحصر إللغاء رفضه ولزوم أفعـال الحج وهذا في المحصر الممنوع من تتميم أفعال الحج، فإذا عدل عـن الواجب عليه من هدي أو صوم لزمه دم انتهى، فكالم شـارح الغايـة

وال قضاء علـى : ذكره الشيخ عثمان قال في اإلقناع وشرحهيوافق ما محصر إن كان حجه نفال لظاهر اآلية، وذكر في اإلنصاف أنه المذهب، وقيده في المستوعب والمنتهى بمـا إذا تحلـل قبـل فـوات الحـج، ومفهومهما أنه لو تحلل بعد فوات الحج يلزمه القضـاء وهـو إحـدى

. ه وهو ظاهر كالمه أول الباب انتهىروايتين أطلقهما في الشرح وغيرتحلـل قبـل فـوات ) أي محصر(وال قضاء على من : قال في المنتهى

وعلم منه : الحج، ومثله من جن أو أغمي عليه قال منصور في شرحهأنه لو لم يتحلل حتى فاته الحج لزمه القضاء لما تقدم أول الباب انتهى،

قبل فوات الحج، يعنـي إن قوله : قال منصور في حاشيته على المنتهى

كان نفال لكن يلزمه فعل الحج في ذلك العام إن أمكنه، وإن لم يمكنه فال قضاء عليه نصا نقله الجماعة، ومفهوم تقييده بتحلل قبل فوات الحـج أنه لو تحلل بعده عليه القضاء ولم أجد هذا القيد في الفـروع وال فـي

فإن . نه ال قضاء على المحصراإلنصاف والتنقيح وال غيرها بل أطلقوا أقيل يؤخذ هذا القيد من كالمهم أوال حيث قالوا من طلع عليه فجر يـوم

: النحر ولم يقف بعرفة لعذر حصر أو غيره فاته الحج، وقـالوا بعـده ال يلزم ذلك إذ التعميم قد يكون بالنسبة إلى فـوات : وعليه القضاء قلت

ثـم : ال الشيخ محمد الخلوتيالحج فقط كما يرشد إليه السياق انتهى، قوصحح ابن رزين في شرحه أنه ال : ضرب عليه شيخنا وأثبت ما نصه

قضاء فيما إذا أحصر بعده أي بعد فوات الحج ذكره في اإلنصاف انتهى ومـن تحلـل : كالم الخلوتي وفي حاشية اإلقناع، قال في المسـتوعب

وتبعـه فـي باإلحصار قبل فوات الحج فال قضاء عليه بالتحلل انتهـى المنتهى، ومفهومهما أنه لو تحلل بعد فوات الحج لزمه القضاء وهـو داخل في عموم ما سبق فيمن طلع عليه فجر يوم النحـر ولـم يقـف بعرفة، وأطلق في الكافي الروايتين فيمن أمكنه سلوك طريق ال يصـل

إحداهما . وفي القضاء روايتان. منه إال بعد الفوات مضى وتحلل بعمرةوالثانية ال قضـاء عليـه . نه فاته الحج أشبه من أخطأ الطريقيجب أل

ألنه تحلل بسبب الحصر أشبه من تحلل قبل الفوات انتهى، وأطلق فـي اإلنصاف أنه ال قضاء على محصر وتبعه في اإلقنـاع، وقـال الشـيخ

لو تحلل المحصر بعد فوات الحج عليه القضاء وهـو : عثمان بن قائدلباب خالفا لما صححه ابن رزيـن فـي شـرحه الموافق لما مر أول ا

فإن أمكن المحصر الوصول من طريق : قال في المغني والشرح. انتهى

أخرى لم يبح له التحلل ولزمه سلوكها بعد أو قرب خشي الفوات أو لم يخشه، فإن كان محرما بعمرة لم تفت، وإن كان بحـج ففاتـه تحلـل

الحصر لزمه السـعي وإن بعمرة، وكذا لو لم يتحلل المحصر حتى زالكان بعد فوات الحج ليتحلل بعمرة ثم هل يلزمه القضاء إن فاته الحـج؟

إحداهما يلزمه كمن فاته بخطأ الطريق، والثانية ال يجـب : فيه روايتانألن سبب الفوات الحصر أشبه من لم يجد طريقا أخرى، وبهـذا فـارق

ر تحلل قبل فـوات وال قضاء على محص: المخطئ انتهى، قال في الغاية .حج انتهى

مفهوم المنتهى والغاية يخالف منطقو اإلقناع في هذه المسألة : تنبيه ألن صاحب اإلقناع أطلق أنه ال قضاء على محصر، وصاحب المنتهـى والغاية قيدا عدم القضاء عليه بما إذا تحلل قبل فوات الحج فمفهومهما

و الموافق لما ذكروه أول أنه لو تحلل بعد فوات الحج عليه القضاء وهالباب، وقد تابع صاحب المنتهى والغاية في هـذه المسـألة السـامري صاحب المستوعب، وتبعهم الشيخ عثمان كما أن صاحب اإلقناع تـابع صاحب اإلنصاف، وأطلق في المغني والكافي والشرح الروايتين في هذه

صر بعد تحللـه وإن زال الح: قال في شرح اإلقناع. المسألة واهللا أعلموأمكنه فعل الحج الواجب في ذلك العام لزمه فعله انتهى، ومثلـه فـي

وإذا تحلل المحصر من الحـج : قال في المغني والشرح. شرح المنتهىفزال الحصر وأمكنه الحج لزمه ذلك إن كانت حجـة اإلسـالم أو قلنـا بوجوب القضاء أو كانت الحجة واجبة في الجملة ألن الحج يجب علـى

لفور، وإن لمن تكن الحجة واجبة وال قلنا بوجوب القضاء فال شـيء اعليه كمن لم يحرم انتهى، ومن حصر عن فعل واجب كرمي الجمار أو

طواف الوداع أو المبيت بمزدلفة أو بمنى في لياليها فليس له التحلـل ألن صحة الحج ال تقف على ذلك ولعدم ورود التحلل من ذلك وعليه دم

لواجب ويرجع بالدم على من حصره كما لو تركه اختيـارا بتركه ذلك اوحجه صحيح لتمام أركانه، وإن صد المحرم بحج عن عرفة دون البيت تحلل بأفعال عمرة مجانا ولم يلزمه به دم ألن قلب الحج إلـى العمـرة مباح بال حصر فمعه أولى، فإن كان قد طاف وسعى للقدوم ثم أحصر أو

حلل بطواف وسعي آخرين ألن األولين لم يقصـد مرض أو فاته الحج تبهما طواف العمرة وال سعيها وليس عليه أن يجدد إحراما في األصـح

: وقال الزهـري : قال في الشرح الكبير. قال الفتوحي في شرح المنتهىال بد أن يقف بعرفة، وقال محمد بن الحسن ال يكون محصـرا بمكـة،

له التحلل بعمرة في موضع يمكنـه وروى ذلك عن أحمد ألنه إنما جاز أن يحج من عامه فيصير متمتعا وهذا ممنوع من الحـج ثـم يتحلـل بعمرة، فإنه فاته الحج فحكمه حكم من فاته بغير حصر، وقـال مالـك يخرج إلى الحل ويفعل ما يفعل المعتمر، فإن أحب أن يستنيب من يتمم

ب في جملته فجـاز عنه أفعال الحج جاز في التطوع ألنه جاز أن يستنيفي بعضه، وال يجوز في حج الفرض إال أن ييأس من القدرة عليه فـي

فـإن أحـب أن : قال في المغني. جميع العمر كما في الحج كله انتهىيستنيب من يتمم عنه أفعال الحج جاز في التطوع ألنه جاز أن يستنيب في جملته فجاز في بعضه وال يجوز في حج الفرض إال أن ييأس مـن

القدرة عليه في جميع العمر كما في الحج انتهى، وتقـدم فـي فصـل : االستنابة في الحج والعمرة شيء من ذلك، قال في المنتهى وشـرحه

ومن حصر عن طواف اإلفاضة فقط بأن رمى وحلق بعـد وقوفـه لـم

يتحلل لنحو جماع حتى يطوف لإلفاضة ويسعى إن لم يكن سعى وكذا لو لشرع ورد بالتحلل من إحـرام تـام يحـرم حصر عن السعي فقط ألن ا

جميع المحظورات وهذا يحرم النساء خاصة فال يلحق بـه ومتـى زال .الحصر أتى بالطواف والسعي إن لم يكن سعى وتم حجه انتهى

تقدم أن من منع عن البيت ولو بعد الوقوف بعرفة يذبح هـديا : تنبيه اإلفاضة فقط حتـى بنية التحلل حل، وهنا ال يتحلل من منع عن طواف

يطوف لإلفاضة ويسعى إن لم يكن سعى ، وكذا لو حصر عن السـعي فقط ال يتحلل حتى يسعى، والفرق بين الموضعين أن محل التحلل هـو فيما إذا منع عن البيت قبل التحلل األول بأن لم يرم جمرة العقبة ولـم

ا منع يحلق أو يقصر بعد الوقوف بعرفة، ومحل عدم التحلل هو فيما إذعن البيت وقد تحلل التحلل األول بأن رمي جمرة العقبة وحلق أو قصر

وإن أحصر عـن طـواف : بعد وقوفه بعرفة، واهللا أعلم قال في المغنياإلفاضة بعد رمي الجمرة فليس له أن يتحلل أيضا ألن إحرامه إنما هو

ميع عن النساء والشرع إنما ورد بالتحلل من اإلحرام التام الذي يحرم جمحظوراته فال يثبت بما ليس مثله، ومت زال الحصر أتى بالطواف وقد

قال الشيخ عبد الـرحمن بـن . تم حجه انتهى ومثله في الشرح الكبيرفإن رجع إلى بلده من حصر عن طواف اإلفاضة فقط : حسن رحمه اهللا

وقد رمى جمرة العقبة وحلق أو قصر بعد وقوفه لزمه أن يعتزل النساء باشرة إلى أن يرجع فيحرم من الميقات بعمرة فإذا طاف طواف وطئا وم

وتقـدم فـي . العمرة وسعى طاف لحجه وسعى إن لم يكن سعى انتهىثم يفيض إلى مكة عن شرح اإلقناع، وفي فصل أركان الحج عن : فصل

المنتهى وشرحه ما يؤيد ذلك، ولكن قد يرد على هذا قول األصـحاب ال

ج، وقد يقال الممنوع هو إدخـال العمـرة يصح إدخال العمرة على الحعلى الحج الذي لم يتحلل منه التحلل األول، أما بعد التحلل األول فإنمـا بقي عليه بعض أحكام اإلحرام فال يعطى حكم من لـم يتحلـل التحلـل

وإذا وطئ قبل طواف اإلفاضة وقد رمى وحلق فـإن . األول، واهللا أعلمطئ بعد التحلل األول ويلزمه اإلحرام إحرامه يفسد وال يفسد حجه ألنه و

من الحل ليأتي بطواف اإلفاضة في إحرام صحيح، فإن أتى على الميقات وإذا أحرم من الحل طاف للزيـارة : قال في المغني. وأحرم منه فحسن

وسعى إن كان لم يسع في حجه، وإن كان سعى طاف للزيارة وتحلـل، ومن وافقه من األئمـة هذا ظاهر كالم الخرقي، والمنصوص عن أحمد

أنه يعتمر، فيحتمل أنهم أرادوا هذا أيضا وسموه عمرة، ألن هـذا هـو أفعال العمرة، ويحتمل أنهم أرادوا عمرة حقيقية فيلزمه سعي وتقصـير

ما ذكره الموفـق مـن أن : قلت. واألول أصح لما ذكرنا انتهى ملخصاعلى الحـج ال األول أصح هو الموافق لما ذكروه من أن إدخال العمرة

.يصح، واهللا أعلمإذا أحصر أو سافر إلى بلده قبل طواف اإلفاضـة وقـد رمـى : تنبيه

وحلق أو قصر فقد بقي عليه بعض أحكام اإلحرام ألنه لم يتحلل التحلل الثاني ولزمه أن يعتزل النساء وطئا ومباشرة وعقد نكـاح، وال يفسـد

إلى مكة ليطوف لإلفاضـة؛ إحرامه هذا إال بالوطء فقط ويلزمه الرجوع .واهللا سبحانه وتعالى أعلم

ومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق بقي محرما حتـى يقدر على البيت ألنه ال يستفيد باإلحالل االنتقال من حال إلى حال خيـر منها، وال التخلص من أذى به بخالف حصر العدو وألنه صلى اهللا عليه

اعة بنت الزبير وقالت إني أريـد الحـج وأنـا وسلم لما دخل على ضبفلـو كـان ) حجي واشترطي أن محلي حيـث حبسـتني : (شاكية؟ قال

من كسر أو عرج (المرض يبيح التحلل لما احتاجت إلى شرط، وحديث متروك الظاهر فإن مجرد الكسر والعرج ال يصير بـه حـالال، ) فقد حل

ما إذا اشـترط الحـل، فإن حملوه على أنه يبيح له التحلل حملناه علىعلى أن في الحديث كالما ألن ابن عباس يرويه ومذهبه بخالفه، فقـد

) ال حصر إال حصر العدو: (روى الشافعي في مسنده عن ابن عباس قال .وصحح الحافظ إسناده

ومثله حائض تعـر : واختار شيخ اإلسالم جواز التحلل لمن ذكر، قال تطف لجهلهـا بوجـوب طـواف مقامها وحرم طوافها، أو رجعت ولم

.الزيارة، أو لعجزها عنه ولو لذهاب الرفقةومن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة لم يكن لـه : قال في الشرح الكبير

التحلل في إحدى الروايتين اختارها الخرقي، روى ذلك عن ابـن عمـر والثانيـة لـه . وابن عباس ومروان وبه قال مالك والشافعي وإسـحق

وى نحوه عن ابن مسعود، وهو قول عطاء والنخعـي التحلل بذلك، ورمن كسر : قال: والثوري وأصحاب الرأي ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم

رواه النسائي، فإذا قلنـا يتحلـل . أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرىفحكمه حكم من حصره العدو على ما مضى، وإن قلنا ال يتحلـل فإنـه

ن الهدي ليذبح بالحرم ولـيس لـه يقيم على إحرامه ويبعث ما معه منحره في مكانه ألنه لم يتحلل، فإن فاته الحـج تحلـل بعمـرة كغيـر

من كسر أو عرج فقد حـل وعليـه : (المريض انتهى ملخصا، وحديثقال فذكرت ذلك البن عبـاس وأبـي (رواه الخمسة وفيه ) حجة أخرى

رج أو كسر من ع(وفي رواية ألبي داود وابن ماجة ) هريرة فقاال صدقأو مرض فذكر معناه، وسكت عنه أبو داود والمنذري وحسنه الترمذي

فعلى المـذهب إن فاتـه . وأخرجه أيضا ابن خزيمة والحاكم والبيهقيالحج من أحصر بمرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق بطلوع فجر يوم النحر قبل وقوفه ثم قدر على البيت تحلل بعمرة كما لو فاته الحج لغير

مرض، وال ينحر من أحصر بمرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق هديا معه إال بالحرم فيبعث بالهدي ليذبح في الحرم بخالف من حصره العدو نص أحمد على التفرقة بينهما، ويقضي عبد مكلف حيث وجـب عليـه القضاء بأن كان نذرا أو فاته الحج في رقـه كحـر، ألنـه أهـل ألداء

ي فوات وإحصار كبالغ، وال يصح قضاؤه حيث وجب الواجب، وصغير فإال بعد بلوغه وبعد حجة اإلسالم كما لو أفسد نسكه بالوطء ولو أحصر في حج فاسد فله التحلل منه بذبح الهدي إن وجده أو الصوم إن عدمه كالحج الصحيح ألن فاسد الحج كصحيحه؛ فإن حل من الحج الفاسد ثم

ضاء قضى وجوبا في ذلك العام لوجوب زال الحصر وفي الوقت سعة للقالقضاء على الفور كما تقدم، وليس يتصور القضاء في العام الذي أفسد

قال في . فيه الحج في غير هذه المسألة، قاله الموفق والشارح وجماعةوال يصح ممن أحرم بالحج ووقف بعرفة، ثم طاف وسعى : شرح اإلقناع

الثاني أن يحرم بحجة أخرى ورمى جمرة العقبة وحلق في نصف الليلويقف بعرفة قبل الفجر، ألن رمي أيام التشريق عمل واجـب بـاإلحرام السابق فال يجوز مع بقائه أن يحرم بغيره، هذا معنى كـالم القاضـي، وسلم اإلجماع على أنه ال يجوز أداء حجتين في عام انتهى، قـال فـي

طوافه في النصف وقيل للقاضي لو جاز : حاشية اإلقناع للشيخ منصور

األخير من ليلة النحر لصح أداء حجتين في عام، وال يجوز إجماعا ألنه يرمي ويطف ويسعى فيه ثم يحرم بحجة أخرى ويقف بعرفة قبل الفجر ويمضي فيها ويلزمكم أن تقولوا به ألنه إذا تحلل من إحرامه فال معنى

من أحـرم لمنعه منه، فقال القاضي ال يجوز، وقد نقل أبو طالـب فـي بحجتين ال يكون أهال الثنتين ألن الرمي عمل واجب باإلحرام السـابق فال يجوز مع بقائه أن يحرم بغيره انتهى، واقتصر عليه في اإلنصـاف

قد قيل إنه يمكن أداء حجتين في عام، وما : مع أنه في باب اإلحرام قال .ه انتهىهنا من حكاية اإلجماع التي سلمها القاضي حيث لم يردها يمنع

من شرط في ابتداء إحرامه أن يحل متى مـرض : فائدة نفيسة جليلة إن حبسـني حـابس : أو ضاعت نفقته أو نفدت أو ضل الطريق أو قال

فمحلي حيث حبستني فله التحلل بجميع ذلك لحديث ضباعة بنت الزبير ) فإن لك على ربك ما اشـترطت : (السابق، وقوله عليه الصالة والسالم

إن شفي مريضي صمت شـهرا : شرط تأثيرا في العبادات بدليلوألن للونحوه، وليس عليه هدي وال صوم وال قضاء وال غيره لظاهر حـديث ضباعة وألنه إذا شرط شرطا كان إحرامه الذي فعله إلى حـين وجـود الشرط فصار بمنزلة من أكمل أفعال الحج وله البقاء على إحرامه حتى

فإن قال إن مرضت ونحوه فإنا حالل فمتى وجد يزول عذره ويتم نسكه، قـال فـي . الشرط حل بوجوده ألنه شرط صحيح فكان على ما شـرط

ومن شرط في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني : المنتهى وشرحهفله التحلل مجانا في الجميع من فوات أو إحصار ومرض ونحوه وال دم

صحيح لكان علـى مـا عليه وال قضاء لظاهر خبر ضباعة وألنه شرطشرط، لكن إن تحلل ولم يكن حج حجة اإلسالم قبل فوجوبها باق لعـدم

ثم ينظر : قال في المغني والشرح بعد كالم لهما سبق. ما يسقطه انتهىفي صيغة الشرط فإن قال إن مرضت فلي أن أحل وإن حبسني حـابس

ء على فمحلي حيث حبستني فإذا حبس كان بالخيار بين الحل وبين البقاإن مرضت فأنها حالل فمتى وجد الشرط حل بوجوده : اإلحرام، وإن قال

.ألنه شرط صحيح فكان على ما شرط انتهى، وتقدم قريبا :الهدي واألضاحي وما يتعلق بهما: باب -- الهدي ما يهدى للحرم من النعم وغيرها ألنه يهدى إلى اهللا تعـالى،

ف الياء وتشديدها ويقال ضحية واألضحية بضم الهمزة وكسرها وتخفيما يذكى من بهيمة األنعام اإلبل : كسرية والجمع ضحايا واحدة األضاحي

والبقر والغنم األهلية أيام النحر الثالثة وليلتي يومي التشريق على مـا يأتي إن شاء اهللا تعالى بسبب العيد، بخالف ما يذبح بسبب نسـكك أو

تعالى، احترازا عما يذبح أيام النحر إحرام فليس بأضحية تقربا إلى اهللا وكل ما : وقال شيخ اإلسالم رحمه اهللا. للبيع ونحوه فإنه ليس بأضحية

ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى لحرم فإنه هدي، سواء كان من اإلبل أو البقر أو الغنم، ويسمى أيضا أضحية بخالف ما يـذبح يـوم النحـر

بمنى ما هو أضـحية ولـيس بالحل فإنه أضحية وليس بهدي، وليس بهدي كما في سائر األمصار، فإذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إن اشتراه من الحرم فذهب بـه إلى التنعيم، وأما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه ففيه نزاع، فمذهب

لثالثة أنه هدي مالك أنه ليس بهدي وهو منقول عن ابن عمر، ومذهب ا .وهو منقول عن عائشة انتهى كالمه رحمه اهللا تعالى

واألصل في مشروعية األضحية الكتاب والسنة واإلجماع، أما الكتـب المراد التضحية بعد : قال أهل التفسير) فصل لربك وانحر: (فقوله تعالى

ضحى رسـول اهللا صـلى اهللا (صالة العيد، وأما السنة فروى أنس قال يه وسلم بكبشين أملحين أقرنين فرأيته واضعا قدمه على صـفاحهما عل

رواه الجماعة، وأجمع المسـلمون علـى ). يسمي ويكبر فذبحهما بيدهمشروعية األضحية، وكان صلى اهللا عليه وسلم يبعث بالهدي إلى مكة وهو بالمدينة، وأهدى في حجة الوداع مائة بدنة، قـال فـي الشـرح

لمن أتى مكن أن يهدي هديا ألن النبي صلى اهللا عليه ويستحب : الكبيروسلم أهدى في حجته مائة بدنة، وكان صلى اهللا عليه وسـلم يبعـث الهدي ويقيم بالمدينة انتهى، وال تجزئ أضحية وال هدي من غير اإلبل والبقر والغنم األهلية، والجواميس في األضحية والهـدي كـالبقر فـي

واحدة عن سبعة ألنهـا نـوع مـن البقـر، اإلجزاء والسن وإجزاء الواألفضل في الهدي واألضحية إبل ثم بقر إن أخرج كامال بـأن ضـحى

مـن (ببدنة كاملة أو بقرة كاملة، ثم غنم لحديث أبي هريرة مرفوعـا اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة األولى فكأنما قرب

ما قرب بقرة، ومـن راح فـي بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنمتفق عليه، وألن اإلبـل أكثـر ). الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن

ثمنا ولحما وأنفع للفقراء، والتفضيل المذكور هو فيما إذا قوبل الجنس بالجنس وإال فإن سبع شياه أفضل من البدنة والبقرة، والشاة أفضل من

م مقصودة في األضحية، والمنفـرد شرك في بدنة أو بقرة ألن إراقة الدتقرب بإراقته كله فصار أفضل من المتقرب بسبع بدنة أو سبع بقـرة، ألن المضحي بالسبع لم يتقرب إال بشرك في دم، وبهذا قال أبو حنيفـة

والشافعي وقال به مالك في الهدي، وقال في األضحية األفضل الضـآن عليه وسلم ضحى بكبشـين وال ، ألن النبي صلى اهللا‘ثم البقر ثم البدن

يفعل إال األفضل، ولو علم اهللا سبحانه خيرا منه لفـدى بـه الـذبيح، ودليلنا الحديث المتقدم المتفق عليه، وال يجزيء في األضحية الوحشي إذ ال يحصل المقصود به مع عدم الورود، وال يجزيء فـي األضـحية

واألفضل من كل جنس أيضا من أحد أبويه وحشي تغليبا لجانب المنع، ومن يعظم شعائر اهللا فإنها من تقوى : (أسمن ثم أغلى ثمنا لقوله تعالى

تعظيمها استسمانها واستحسانها وألن ذلـك : قال ابن عباس). القلوبأعظم ألجرها وأكثر لنفعها، وأفضل ألوانها األشهب وهو األملح وهـو

يه بيـاض وسـواد األبيض النقي البياض، قاله ابن األعرابي، أو ما فوبياضه أكثر من سواده قال الكسائي لحديث أبي هريرة أن النبي صلى

رواه ) دم عفراء أحب إلى اهللا من دم سـوداوين : (اهللا عليه وسلم قالأحمد والحاكم والبيهقي ورواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس

وفيه حمـزة )بلفظ دم الشاة البيضاء عند اهللا أزكى من دم السوداوين(النصيبي قد اتهم بوضع الحديث، ورواه الطبراني أيضا وأبو نعيم مـن حديث كبيرة بنت سفيان نحو األول، ورواه البيهقي موقوفا على أبـي

التي بيضـاها : والعفراء. هريرة، ونقل عن البخاري أن رفعه ال يصحضـل والعفراء أف: قال في الفتاوى المصرية لشيخ اإلسالم. ليس بناصع

من السوداء، وإذا كان السواد حول عينيها وفمها وفي رجلها أشـبهت ثم يلي األشهب في األفضلية . أضحية النبي صلى اهللا عليه وسلم انتهى

يعجبني البياض وأكـره السـواد، : قال اإلمام أحمد. األصفر، ثم األسودوكل ما كان أحسن لونا فهو أفضل؛ وجذع الضأن أفضل من ثني الماعز

ال تعجبنـي األضـحية إال : ى الصحيح من المذهب، قال اإلمام أحمدعلبالضأن وألن جذع الضأن أطيب لحما من ثني الماعز، وكل من جـذع الضأن وثني الماعز أفضل من سبع بدنة أو سبع بقرة لما تقدم من أن إراقة الدم مقصودة في األضحية، ومن تقرب بإراقته كله أفضل ممـن

بع شياه أفضل من بدنة أو بقرة لكثـرة إراقـة تقرب بإراقة سبعه، وسالدماء المطلوبة شرعا وتقدم، وزيادة عدد في جنس أفضل من المغاالة

بدنتام سمينتان بتسـعة : سأل ابن منصور اإلمام أحمد. مع عدم التعددبدنتان أعجب إلي انتهى لما فيه مـن كثـرة : وبدنة بعشرة؟ قال أحمد

وهل زيادة العـدد أفضـل كـالعتق، أم : في الفروعإراقة الدماء، قال المغاالة في الثمن وفاقا للشافعي، أم سواء؟ يتوجه ثالثة أوجه، ثم ذكر رواية ابن منصور انتهى، ورجح شيخ اإلسالم تفضيل البدنة السـمينة

: التي بعشرة على البدنتين بتسعة ألنها أنفس، قال زين الدين بن رجبث يدل عليه انتهى، وبمراجعتي لسنن أبي داود وفي سنن أبي داود حدي

أهدى عمر بن الخطاب : (عن سالم بن عبد اهللا عن أبيه قال: وجدت فيهيا : نجيبا فأعطى به ثلثمائة دينار فأتى النبي صلى اهللا عليه وسل فقال

رسول اهللا إني أهديت نجيبا فأعطيت به ثلثمائة دينار أفأبيعها وأشتري هذا ألنه كان أشعرها : قال أبو داود). ال، انحرها إياها: بثمنها بدنا، قال

ليذكروا اسـم اهللا علـى مـا : (وذكر وأنثى سواء، لقوله تعالى. انتهىوالبدن جعلناها لكم من شعائر : (، وقوله تعالى)رزقهم من بهيمة األنعام

الخصـي : ولم يقل ذكرا وال أنثى، قال اإلمام أحمـد ) اهللا لكم فيها خيرالكبش فـي : إلينا من النعجة ألن لحمه أوفر وأطيب، قال الموفقأحب

األضحية أفضل النعم ألنها أضحية النبي صلى اهللا عليه وسلم، وأقـرن

ويسن ) ألنه عليه الصالة والسالم ضحى بكبشين أملحين أقرنين(أفضل استسمانها واستحسانها لما تقدم، وال يجزيء فـي هـدي واجـب وال

ضأن، وهو ما له ستة أشهر كوامل لحديث أم بـالل أضحية دون جذع يجـوز : (بنت هالل عن أبيها أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قـال

رواه أحمد وبان ماجة وابن جرير والطبراني ) الجذع من الضأن أضحيةوالبيهقي، ورجال إسناده كلهم بعضهم ثقة وبعضهم صدوق وبعضـهم

بنوم الصوف على ظهـره قـال مقبول، والهدي مثلها؛ ويعرف الجذعالخرقي عن أبيه عن أهل البادية، ونوم الصوف افتراقه علـى ظهـره على جنبيه، وال يجزيء دون ثني معز وهو ما له سنة كاملة ألنه قبلها ال يلقح بخالف جذع الضأن فإنه ينزو ويلقح، وال يجزيء دون ثني بقر

ل وهو ما له خمس وهو ما له سنتان كاملتان، وال يجزيء دون ثني إبسنين كوامل، سمي بذلك ألنه ألقى ثنيته وكذلك عنـد مالـك والليـث والشافعي وأبي عبيد وأصحاب الرأي ال يجزيء إال الجذع من الضـأن والثني مما سواه، وتجزيء الشاة عن واحد وعن أهل بيته وعياله مثل

أهل قلت ألبي يضحي بالشاة عن : قال صالح. امرأته وأوالده ومماليكهقد ذبح النبي صلى اهللا عليه وسـلم كبشـين، (نعم ال بأس : البيت؟ قال

بسـم اهللا، : فقال بسم اهللا هذا عن محمد وأهل بيته، وقرب اآلخر، وقال، ويدل له أيضا ما روى أبو أيوب )اللهم منك ولك عمن وحدك من أمتي

كان الرجل في عهد رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم يضـحي : (قاللشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار با

رواه مالك في الموطأ وابن ماجة والترمذي وصححه، قـال ). كما ترىوال بأس أن يذبح الرجل عن أهل بيته شاة واحدة أو : في الشرح الكبير

بدنة أو بقرة يضحي بها، نص عليه أحمد وبـه قـال مالـك والليـث وروى ذلك عن ابن عمر وأبي هريـرة وتمامـه واألوزاعي وإسحاق،

ال تجزيء الشاة إال عن نفس واحدة، وهو : وقال بعض أهل العلم. فيهقول عبد اهللا بن المبارك وغيره من أهل العلم حتى زعم النـووي أنـه

والحق الذي ال ريب . مجمع عليه ووافقه على دعوى اإلجماع ابن رشد .كثروا كما قضت بذلك السنةفيه أنها تجزيء عن أهل البيت وإن

اعلم أن قولهم وتجـزيء : قال الشيخ أحمد بن محمد القصير: فائدة الشاة الواحدة عن الرجل وأهل بيته وعياله والبدنة والبقرة عن سـبعة أن سبع البدنة أو سبع البقرة ال يكفي عن الرجل وأهل بيته ألنه شـرك

لبدنة أو البقرة وهذه فائدة في دم ولفظ الحديث في الشاة بخالف سبع اما نحر رسول اهللا صلى : (وفي الموطأ عن ابن شهاب قال. جليلة انتهى

شك ) اهللا عليه وسلم عنه وعن أهل بيته إال بدنة واحدة أو بقرة واحدةباب ذبح الرجل البقر عن نسائه : مالك انتهى، قال البخاري في صحيحه

عبد الرحم قالت سـمعت من غير أمرهن وساق بسنده إلى عمرة بنت خرجنا مع رسول اهللا صـلى اهللا عليـه : (عائشة رضي اهللا عنها تقول

وسلم لخمس بقين من ذي القعدة ال نرى إال الحج، فلما دنونا من مكـة أمر رسول اهللا صلى اهللا عليه ومسلم من لم يكن معه هدي إذا طـاف

لنحر بلحـم فدخل علينا يوم ا: وسعى بين الصفا والمروة أن يحل قالتنحر رسول اهللا صلى اهللا عليـه وسـلم عـن : بقر، فقلت ما هذا؟ قال

، واستفهام عائشة عن اللحم لما دخل به عليهـا اسـتدل بـه )أزواجهمن غير أمرهن، ألنه لو كـان الـذبح : البخاري على قوله في الترجمة

بعلمها لم تحتج إلى االستفهام، وعبر البخاري في الترجمة بلفظ الذبح،

وفي الحديث بلفظ النحر إشارة إلى رواية سليمان بن بالل المذكورة في فدخل علينا يوم النحر بلحم (باب ما يأكل من البدن وما يتصدق ولفظه

) بقر، فقلت ما هذا؟ فقيل ذبح النبي صلى اهللا عليه وسلم عن أزواجـه إن اهللا: (ونحر البقر جائز عند العلماء لكن الذبح أولى لقولـه تعـالى

وتجزيء كل من البدنة والبقرة عـن سـبعة ) يأمركن أن تذبحوا بقرةأمرنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن نشترك في : (لحديث جابر قال

وفي الشرح الكبير بعد . متفق عليه) اإلبل والبقر كل سبعة منا في بدنة ما ذكر أن البدنة والبقرة عن سبعة وأنه قول أكثر أهل العلم، قال وعن

أن الجزور عن عشرة والبقرة عن سبعة، وبه قـال : سعيد بن المسيبأن النبي صلى اهللا عليه وسلم قسم فعدل عـن (إسحاق لما روى رافع

كنا مع رسول : (وعن ابن عباس قال. متفق عليه) عشر من الغنم ببعيراهللا صلى اهللا علي وسلم في سفر فحضر األضحى فاشتركنا في الجزور

رواه ابن ماجة وتمامه فه، قـال فـي ). رة عن سبعةعن عشرة والبقكنا مع النبي صلى اهللا عليه وسلم فـي : (عن ابن عباس قال: المنتقى

). سفر فحضي األضحى، فذبحنا البقرة عن سبعة، والبعير عن عشـرة رواه الخمسة إال أبا داود انتهى، والحديث حسنه الترمذي، ويشهد لـه

ن أجاب الشارح بأن حديث رافـع فـي حديث رافع بن خديج المتقدم لكعمل الناس على حديث جابر أن البدنـة : قلت. القسمة ال في األضحية

عن سبعة والبقرة عن سبعة واهللا أعلم، وتجزيء البدنة والبقرة عـن أقل من سبعة بطريق األولى، واالعتبار في إجزاء البدنة أو البقرة عن

البقرة دفعة واحـدة؛ فلـو سبعة فأقل أن يشترك الجميع في البدنة أواشترك ثالثة في بدنة أو بقرة أضحية وقالوا من جـاء يريـد أضـحية

شاركناه فجاء قوم فشاركوهم لم تجز البدنة أو البقرة إال عـن الثالثـة نقله الزركشي في شرحه على الخرقي عن الشيرازي، قال في اإلقنـاع

نص عليه ألنهـم أي الثالثة على أنفسهم: والمرا إذا أوجبوها: وشرحهإذا لم يوجبوها فال مانع من االشتراك قبل الذبح لعدم التعيين، قال فـي شرح المنتهى وإن اشترك ثالثة في بدنة أو بقرة وأوجبوها لم يجز أن

إذا تقرر هذا فإن الثالثة مـثال إذا اشـتروا . يشركوا غيرهم فيها انتهىقال واحد أريد فيهـا بدنة أو بقرة ولم يوجبوها كلها على أنفسهم، بل

أضحية واحدة وقال الثاني أريد أضحيتين وقال الثالث أريد ثالث ضحايا وأخذ األضحية الباقية فإن هـذا سـائغ شـرعا ÷ ثم أتى رابع وأشركو

وعليه العمل من غير نكير، وسواء كان المشتركون من أهل بيت واحد البقرة القربة أو أو لم يكونوا، وسواء أراد جميع الشركاء في البدنة أو

أراد بعضهم القربة وأراد الباقون اللحم ألن الجزء المجزيء ال يـنقص إجره بإرادة الشريك غير القربة كما لو اختلفت جهات القربة بـأن أراد بعضهم عن دم التمتع واآلخر عن دم القران واآلخر عن ترك واجب من

واآلخر عن فعل واجبات الحج كترك اإلحرام من الميقات لمن مر عليه،يجوز إذا كانوا كلهـم : محظور من محظورات اإلحرام، وقال أبو حنيفة

متقربين، وال يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة، ويجزيء االشتراك فـي البدن والبقر ولو كان بعض الشركاء ذميا في قياس قول اإلمام أحمـد

أو البقرة عن قاله القاضي وجزم بمعناه في المنتهى، ويعتبر ذبح البدنة السبعة فأقل نص عليه، ويجوز أن يقتسموا اللحـم ألن القسـمة فـي المثليات ونحوها ليست بيعا بل إفراز حق، ولو ذبحوا البدنة أو البقـرة على أنهم سبعة فبانوا ثمانية ذبحوا شاة وأجزأتهم الشاة مع البدنـة أو

اثنـان فـي البقرة، فإن بانوا تسعة ذبحوا شاتين، وهكذا ولو اشـترك شاتين على الشيوع أجزاء ذلك عنهما كما لو ذبح كل منهما شاة، ولو اشترى سبع بدنة أو بقرة ذبحت للحم فهو لحم اشتراه ولست الحصـة التي اشتراها أضحية لعدم نيتها قبل الذبح، وكذا لو اشترى شاة ذبحت

نة للحم فهي لحم وليست بأضحية، أما إذا اشترى سبعا أو سبعين من بدأو بقرة وهي حية وأوجب ما اشتراه أضحية وأراد اللحم في الباقي جاز وله بيعه، وقول األصحاب لو اشترى سبع بدنة أو سبع بقـرة ذبحـت للحم فو لحم المراد منه إذا اشترى سبعها وهي مذبوحة، فإن كانت حية

وأما ما ذبح هديا أو أضحية فـال يصـح . جاز ذلك كما تقدم واهللا أعلم .ولو تطوعا لتعينه بالذبح ويأتي ذلك إن شاء اهللا تعالى بيعه

حيث كانت كل واحدة من البدنة والبقرة تجزيء عن سبعة كما : فائدة تقدم فهل هذا مطلق فال تجزيء عن أهل بيته إذا كانوا أكثر من سـبعة أو هي أولى باإلجزاء من الشاة؟ وبخط عبد الوهاب بن فيروز ما نصه

أقول ظاهره مطلقا، وال يقال كما فهم من أبعد النجعـة قوله عن سبعة، أن المراد عن سبع شياه يريد بذلك أنه يجزئ ذبحها عن أهل بيته ولو زادوا على سبعة، ألنا نقول كونها عن سبع شياه مسلم لكن ال مطلقـا

.فتأمل انتهىالظاهر أن البدنة أو البقرة تجزيء عنه وعن أهل بيتـه ولـو : قلت

أكثر من سبعة ألنها أغلى وأفضل من الشاة خالفا لما جنح إليـه كانواوال بأس أن يذبح الرجل : عبد الوهاب بن فيروز، قال في الشرح الكبير

عن أهل بيته شاة واحدة أو بدنة أو بقرة يضحي بها نص عليه أحمـد وبه قال مالك والليث واألوزاعي، وروى ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة

، وتقدمت عبارة الشرح هذه، ومنها يؤخذ إجزاء البدنـة أو وتمامه فيهالبقرة عن أهل البيت ولو كانوا أكثر من سـبعة ألن صـاحب الشـرح ذكرهما مع الشاة المنصوص على إجزائها عن أهل البيت ولـو كـانوا

بسم اهللا : ألنه صلى اهللا عليه وسلم قد ذبح كبشين وقال(أكثر من سبعة ه وقرب اآلخر، وقال اللهم منـك ولـك عمـن هذا عن محمد وأهل بيت

: وبخط عبد الوهاب بن فيروز أيضا ما نصـه قولـه ) وحدك من أمتيوتجزيء الشاة عن واحد وأهل بيته يظهر أنه لو شرك غيـرهم مـن

.األجانب ال يجزيء خالفا لمن عمم انتهى كالم ابن فيروزاللهم منـك ( الظاهر أنه ال خصوص ألهل البيت لما في الحديث: قلت

ثم رأيت كالما للشيخ عبد اهللا أبي بطين قد ) ولك عمن وحدك من أمتي .استظهر فيه أنه ال خصوص ألهل البيت، واهللا أعلم

وأمر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم سبعة : (قال ابن القيم رحمه اهللا من أصحابه كانوا معه فأخرج كل واحد منهم درهما فاشتروا أضـحية

إن : يا رسول اهللا لقد أغلينا بها؟ فقال النبي صلى اهللا عليه وسلمفقالوا أفضل الضحايا أغالها وأسمنها، فأمر رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم فأخذ رجل برجل ورجل برجل ورجل بيد ورجل بيد ورجل بقرن ورجـل بقرن وذبحها السابع وكبروا عليها جميعا ذكره أحمد نزل هؤالء النفـر

ل البيت الواحد في إجزاء الشاة عنهم ألنهم كانوا رفقة واحدة منزلة أه .انتهى كالم ابن القيم

إذا أراد اإلخوة أن يضحوا عن والدهم مثال بأضـحية واحـدة : فائدة صح ذلك سواء كانوا شركاء في المال أو لم يكونوا وكذلك لو لم يكونوا

ذا ضـحى إخوة واشتركوا في شراء أضحية وذبحوها عن إنسـان، وإ

إنسان بشاة واحدة وجعل ثوابها لوالديه وإخوانه مثال جـاز ذلـك وإن كثروا كما تقدم، بخالف الحجة فإنها ال تصح إال عن واحدة، فلو حـج عن والديه بحجة واحدة لم يصح ذلك ألن الحجة الواحدة ال تقع عـن عدد، وال يجوز التشريك فيها بخالف األضـحية، وإذا أراد إنسـان أن

ي عن جماعة بأضحية واحدة فإنه ال يشترط تسميتهم بـل تكفـي يضحالنية لكن يستحب له أن يسميهم فيقول عن فالن وفالن وفالن، أما لـو حج حجة واحدة نفال لنفسه ثم بعد إتمامها جعل ثوابها لوالديه ونحوهما فإنه غير ممنوع فيما يظهر وصرح به في رد المحتار البـن عابـدين

.أعلم الحنفي، واهللا :فصل -- وهـي التـي : وال تجزيء في الهدي واألضحية العوراء البينة العور

انخسفت عينها، فإن كان على العين بياض وهي قائمة لم تذهب أجزأت ألن ذلك ال ينقص لحمها، وال تجزيء فيهما عمياء وإن لم يكن عماهـا

شـيها مـع بينا كقائمة العينين مع ذهاب إبصارهما ألن العمى ينـع م رفيقتها ويمنع مشاركتها في العلف، وفي النهي عن العوراء تنبيه على

.النهي عن العمياءوتجزيء العشواء على األصح؛ وهي التي تبصر بالنهار : قال النووي

دون الليل ألنها تبصر وقت الرعي، وأما العمش وضعف بصر العينـين ني إن غطـى النـاظر جميعا فقطع الجمهور بأنه ال يمنع وقال الرويـا

. بياض أذهب أكثره منع وإن أذهب أقله لم يمنع على الصحيح انتهـى وال تجزئء عجفاء ال تفقي بضم التاء وإسكان النون وكسر القاف، من

: إذا سمنت وصار فيها نقي، بكسر النون وإسـكان القـاف : أنقت اإلبل

نبلي في وهو مخ العظم وشحم العين من السمن قاله ابن أبي الفتح الح نالمطلع، والعجفاء هي الهزيلة التي ال مخ فيها، وال تجزيء عرجاء بي

أي غمزها وهي التي ال تقدر على المشـي : ظلعها بفتح الالم وسكونهامع جنسها الصحيح إلى المرعى، وال تجزيء كسيرة وال مريضة بـين

وهو المفسد للحمها بجرب أو غيره لحديث البراء بن عـازب : مرضهاأربع ال تجوز فـي : قام فينا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم فقال: (الق

العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجـاء : األضاحيرواه الخمسة وصححه الترمذي ). البين ظلعها، والكسيرة التي ال تنقي

وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم والبيهقي وصـححه النـووي، وفـي مذي والنسائي والعجفاء بدل الكسيرة، قال النـووي وحكـى رواية التر

وجه في الهيام خاصة أنه يمنع األجزاء وهو من أمراض الماشية وهو أن يشتد عطشها فال تروى من الماء، والهيام بضم الهاء قال أهل اللغة هو داء يأخذها فتهيم في األرض ال ترعى، وناقة هيماء بفـتح الهـاء

: جزيء عضباء بالعين المهملة والضـاد المعجمـة وال ت. والمد انتهىنهى النبي صلى : (وهي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها لحديث علي قال

فـذكرت : قال قتـادة ) اهللا عليه وسلم أن يضحى بأعضب األذن والقرنالنصف فـأكثر مـن ذلـك رواه : العضب: ذلك لسعيد بن المسيب فقال

ة لم يذكر قـول قتـادة إلـى الخمسة، وصححه الترمذي، لكن ابن ماجآخره، وسكت عن الحديث أبو داود والمنـذري، وقـال اإلمـام أحمـد العضباء ما ذهب أكثر أذنها أو قرنها، نقله حنبل ألن األكثـر كالكـل، وتكره معيبة أذن بخرق أو شق أو قطع لنصف أو أقل مـن النصـف،

يحصـل وكذا معيبة قرن بواحد من هذه، وهذه الكراهة كراهة تنزيـه ف

اإلجزاء بها ألن اشتراط السالمة من ذلك يشق وألنه ليس داخـال فـي : العضب المنهي عنه، قال في المنتهى وشرحه، وال يجـزيء عضـباء

وتكـره : وهي ما ذهب أكثر أذنها أو ذهب أكثر قرنهـا إلـى أن قـال معيبتهما؛ أي األذن والقرن بخرق أو شق أو قطع لنصف منهما فأقـل

وكره معيبة أذن وقرن : قال في الغاية: اإلقناع وشرحه انتهى، وكذا فيبخرق أو شق أو قطع لنصف فأقل، ويتجه احتمال أليه كذلك انتهى، قال

وتجزيء الحامل وما خلق بـال أذن : في شرح الدليل للشيخ عبد القادرأو ذهب نصف أليته أو أذنه، وتكره معيبة أذن بخرق أو شق أو قطـع

رن، وال تجزيء عضباء، وهي ما ذهب أكثر أذنها لنصف أو أقل وكذا قأو قرنها ألن األكثر كالكل انتهى ملخصا، ومن هذا يتضح أن المـذهب إجزاء ما ذهب نصف أذنها أو قرنها كما هو نص اإلمام أحمد في رواية

العضب : حنبل خالفا لما ذهب إليه سعيد بن المسيب رحمه اهللا حيث قال .مالنصف فأكثر، واهللا أعل

إذا ذهب أكثر القرن من الكبش فإنه ال يجزيء فـي األضـحية : تنبيه وال في الهدي، وال يقال إن عدم األجزاء فيما ذهب أكثر قرنه مخـتص بالبقر والمعز كما فهمه بعض المعاصرين محتجا بأن القرن في الكبش نادر والنادر ال حكم له، ألنا نقول قرن البش له حكم في األفضلية وقـد ضحى النبي صلى اهللا عليه وسلم بكبشين أقرنين ونهـى أن يضـحي بأعضب القرن، فشمل النهي كل ما له قرن سواء كان مـن البقـر أو

أي : وهي جافة الضرع: وال تجزيء الجداء. المعز أو الكبش واهللا أعلمالجدباء التي شاب ونشف ضرعها ألن هذا أبلغ في اإلخالل بالمقصـود

: ن وألنها في معنى العجفاء، بل أولى، والجـداء من ذهاب شحمة العي

اسم لما لم يكن في ضرعها لبن فإذا وجد فيه شيء فليس بجداء، ولو جد شطر وسلم اآلخر أو بعضه فإنها ال تكون جداء، قال بعض المالكية عن مذهبهم ال تجزيء في األضحية يابسة الضرع فإن كانـت ترضـع

هى وال تجزيء جداء وهي الجدباء ببعضه لم يضر انتهى، قال في المنتوهي ما شاب ونشف ضرعها انتهى، قال عبد الوهاب بن فيروز فـي حاشية الزاد قوله وهو ما شاب كذا في الرعاية ولم يظهر لي معنى هذا اللفظ، ولم أر في القاموس كالصحاح والمجمل ما أستدل به عليها فتأمل

ذلك البن فيروز يعد منه عدم ظهور معنى : قلت. انتهى كالم ابن فيروزمعنى شاب أبيض ضرعها ألن الشـاة إذا : قال في شرح الغاية. قصورا

كبرت ابيض ضرعها انتهى، وما ذكره شارح الغاية واف بالمعنى، قال ما ال لبن فيها من حلوبة آلفة أيبسـت ضـرعها، : الجداء: في النهاية

ة الثدي انتهـى، ذهب لبنه، والجداء من النساء الصغير: وتجد الضرعوال تجزيء هتما وهي التي ذهبت ثناياها مـن أصـلها، هـذه عبـارة األصحاب، فظهر من تعريفهم هذا أن المانع من اإلجـزاء هـو ذهـاب الثنيتين جميعا، فلو لم يذهب إال ثنية واحدة أجزأت فيمـا يظهـر واهللا

وال تجزيء عصماء، وهي التي انكسر غالف قرنها، قـال فـي . أعلموتجزيء ما ذهب دون نصف أليتها قال في شرحه وكـذا مـا : قناعاإل

ذهب نصفها كما في المنتهى، وقياس ما تقدم في األذن، وتكره، بل هنا ويجزيء ما خلق بال أذن أو ذهب نصف : وعبارة المنتهى. أولى انتهى

أليته انتهى، فإن ذهب أكثر من نصف األلية لم تجزيء ألن األلية ليست وهـي التـي خلقـت بـال قـرن، . أعلم، وتجزيء الجماءبذنب واهللا

والصمعاء بالصاد والعين المهملتين، وهي صغيرة األذن وما خلقت بال

أذن، والبتراء التي ال ذنب لها خلقـه أو مقطوعـا ألن ذلـك ال يخـل بالمقصود، وتجزيء التي بعينها بياض ال يمنـع النظـر لعـدم فـوات

الخصي وهو ما قطعت خصيتاه أو المقصود من البصر وتقدم، ويجزيءسلتا أو رضتا ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم ضحى بكبشين موجوءين

رض الخصيتين، وألن الخصاء إذهاب عضو غير مسـتطاب : والوجاءيطيب اللحم بذهابه ويسمن فإن قطع ذكره مع قطع الخصيتين أو سلهما

يء ما ليس بملك أو رضهما وهو الخصي المجبوب لم يجزيء، وال يجز .له ولو أجيز بعد، وتجزيء الحامل من اإلبل أو البقر أو الغنم كالحائل

األضحية التي ترضع نفسـها يـنقص : قال الحجاوي: األولى: فوائد .الثمن وال ينقص األضحية

ورة التي انقطع ضرعها كله، أما إن انقطـع ذال تجزيء المن: الثانية .أنها تجزيء في الهدي واألضحيةبعضه وبعضه صحيح فالظاهر

.تجزيء المبعوجة، وهي التي بها فتق واهللا أعلم: الثالثة :فصل -- والسنة نحر اإلبل قائمة معقولة يدها اليسرى، فيطعنها بالحربة فـي

الوهدة التي بين أصل العنق والصدر وفاقا لمالك والشافعي، وإسـحق رأيت ابن عمر أتـى علـى : (قالوابن المنذر، لما روى زياد بن جبير

رجل أناخ بدنة لينحرها فقال أبعثها قائمة مقيدة سنة محمد صـلى اهللا متفق عليه، وروى أبو داود بإسناده عن عبد الرحمن بن ). عليه وسلم

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحـرون البدنـة (سابط لكن إن خشي عليها أن ) امعقولة اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمه

والسنة ذبح بقر وغنم على جنبها األيسر موجهة للقبلـة . تنفر أناخها

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم ضحى بكبشـين ذبحهمـا (لحديث أنس ويجوز ذبح اإلبل ونحر البقر والغنم ألنه لم يتجاوز محل الـذكاة ) بيده

وذكر اسم اهللا عليـه ما أنهر الدم : (ولعموم قوله صلى اهللا عليه وسلمويسمى وجوبا حين يحرك يده للنحر أو الذبح، وتسقط سـهوا؛ ). فكل

بسم اهللا واهللا أكبر، اللهم هذا منك ولك، وإن قال قبل : ويكبر ندبا فيقولوجهت وجهي للذي فطر السموات : بسم اهللا واهللا أكبر وقبل تحريك يده

أن النبـي صـلى اهللا (واألرض إلخ، فحسن لما روى جابر بن عبد اهللا عليه وسلم ذبح يوم الذبح كبشين أقـرنين أملحـين موجـوءين فلمـا

إني وجهت وجهي للذي فطر السموات واألرض وما أنا : (وجههما قالمن المشركين إن صالتي ونسكي ومحياي ومماتي هللا رب العـالمين ال

اللهم منك ولك عن محمـد ) شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمينرواه أبو داود، وأخرجه أيضا ابـن ) وأمته، بسم اهللا واهللا أكبر ثم ذبح

ماجة والبيهقي، وفي إسناده محمد بن إسحاق وفيه مقال، وفيه أيضـا قال شيخ اإلسـالم رحمـه اهللا . ال يعرف: أبو عياش، قال في التلخيص

ويستحب أن ينحر اإلبل مستقبلة القبلة قائمـة معقولـة يـدها : تعالىى، والبقر والغنم يضجعها على شقها األيسر مستقبال بها القبلـة اليسربسم اهللا واهللا أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني كما تقبلتـه : ويقول

من إبراهيم خليلك انتهى، وإن اقتصر على التسمية فقد ترك األفضـل؛ بل اللهم تق: (وال بأس بقول الذابح أو الناحر اللهم تقبل من فالن لحديث

رواه أحمـد ومسـلم ). من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحىوأبو داود، واألفضل أن يتولى صاحب الذبيحة هديا كانـت أو أضـحية

ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم ضحى بكبشـين أقـرنين (ذبحها بنفسه

أملحين ذبحهما بيده الشريفة وسمى وكبر ووضع رجله الشريفة علـى الست بيده، ونحر من البدن التي أهـداها فـي صفاحيهما ونحر البدن

وألن فعل الذبح قربة وتولى القربة ) حجة الوداع ثالثا وستين بدنة بيدهويـذبح أو : قال في المنتهى وشـرحه . بنفسه أولى من االستنابة فيها

ينحر واجبا من هدي أو أضحية قبل ذبح أو نحر نفل كل منهما مسارعة قوله ويذبح واجبا قبل نفل استحبابا قياسا : تيقال الخلو. ألداء الواجب

على الصدقة انتهى، وقد سبقه إلى هذا خاله منصور في شرح اإلقنـاع أي في بـاب (ولعل المراد استحبابا مع سعة الوقت وقد تقدم : حيث قال

لمن عليه زكاة الصدقة تطوعا قبل إخراجها وال يكاد ) الزكاة من اإلقناعوسن إسالم ذابح ألنها قربة فينبغـي أن ال يليهـا . ىيتحقق الفرق انته

غير أهلها، وإن وكل من يصح ذبحه ولو ذميا كتابيا جاز مع الكراهـة وفاقا للشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وممن كراه ذلـك علـي وابـن

وعن أحمد ال يجوز أن يذبحها إال مسلم، وهو قول مالك . عباس وجابر: قلـت ) ال يذبح ضحاياكم إال طاهر(مرفوعا لحديث ابن عباس الطويل

ومراد األصحاب جواز توكيل الذمي الكتابي في ذبيحة هدي المسـلم أو أضحيته إذا كان الكتابي يذبح األضحية أو الهـدي أو ينحرهمـا فـي موضعه الشرعي بشروطه المعتبرة، أمـا إن كـان يـذبحها بضـرب

رباء كما عليـه عمـل المسامير أو الفؤوس في الرأس ونحوه أو بالكهبعض النصارى في هذا الزمن فإنه ال يصح توكيـل وال تحـل ذبيحتـه بذلك، ألن ذبحه للبهيمة على هذه الصفة ال يسمى ذكاة وال تحل بذلك، بل حكمها حكم الميتة فهي حرام كما لو فعل ذلك مسـلم وأولـى واهللا

حـديث أعلم، ويشهد أضحيته وهديه ندبا إن وكل في تذكيتهما ألن في

واحضروها إذا ذبحتهم فإنه يغفر لكـم عنـد أول : (ابن عباس الطويلاحضري : (وروي أنه صلى اهللا عليه وسلم قال لفاطمة) قطرة من دمها

اللهم : وال بأس أن يقول الوكيل) أضحيتك يغفر لك بأول قطرة من دمهاتقبل من فالن، أي الموكل له؛ وتعتبر نية كونها أضحية مـن الموكـل

التوكيل في الذبح، وفي الرعاية ينوي الموكل كونها أضحية عنـد وقت الذكاة أو الدفع إلى الوكيل ليذبحها إال مع تعيين بأن يكون المهدي معينا أو األضحية معينة، فال تعتبر النية وال تعتبر تسمية المضحى عنـه وال

.المهدى عنه اكتفاء بالنية :فصل -- هدي نذر أو تطوع أو هدي تمتع أو قران ة أو يوقت ابتداء ذبح أضح

من بعد أسبق صالة العيد بالبلد الذي تصلى فيه ولـو قبـل الخطبـة، واألفضل بعدها وبعد ذبح اإلمام إن كان خروجا من الخـالف لحـديث

من صـلى : (قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: البراء بن عازب قالذبح قبل أن يصلي فليعـد صالتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن

متفق عليه، أو بعد قدر الصالة بعد دخول وقتها بمحـل ). مكانها أخرىال تصلي فيه كأهل البوادي من أصحاب الطنب والخركاوات ونحـوهم،

ويتجه أو ببلد ال تجب عليهم انتهى، فدخول وقت ذبح مـا : قال مرعيتها ألنـه ال ذكر في حقهم بمضي قدر ما تفعل فيه الصالة بعد دخول وق

صالة في حقهم تعتبر فوجب االعتبار بقدرها، أما من بمصر أو قريـة يصلي فيها العيد فليس له الذبح قبل الصالة حتى تزول الشمس، فـإن

ووقت ابتـداء : قال في اإلقناع وشرحه. فاتت الصالة بالزوال ذبح بعدهيتعـدد ذبح يوم العيد بعد الصالة، ولو سبقت صالة إمام في البلد الذي

وآخر وقت ذبح . فيه العيد جاز الذبح لتقدم الصالة عليه انتهى ملخصاأضحية أو هدي نذر أو تطوع أو هدي تمتع أو قران آخر اليوم الثـاني

يوم العيد ويمان بعده وهـو قـول : من أيام التشريق؛ فأيام النحر ثالثة عمر وابنه وابن عباس وأبي هريرة وأنس وأبي حنيفة ومالـك، قـال

أيام النحر ثالثة عن غير واحد من أصـحاب رسـول اهللا : اإلمام أحمدصلى اهللا عليه وسلم، وفي رواية عن خمسة من أصحاب رسـول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وعن اإلمام أحمد رواية أخرى أن آخـر وقـت الذبح ألضحية أو هدي آخر أيام التشريق، وروى عن علي أنـه قـال

حكاه النـووي فـي شـرح ) ى وثالثة أيام بعدهأيام النحر يوم األضح(مسلم، وحكاه أيضا عن جبير بن مطعم وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى األسدي فقيه أهل الشام ومكحـول وداود الظاهري واألوزاعي وابن المنذر ومشى عليه في اإليضاح، وهو

تيمية رحمه اهللا، فعلى هـذه مذهب الشافعي واختاره شيخ اإلسالم ابن الرواية تكون أيام النحر أربعة يوم العيد وثالثة أيام بعده، والتضـحية وذبح الهدي في يوم العيد أفضل، وأفضله عقب الصالة والخطبة وذبح اإلمام إن كان وتقدم لما فيه من المبادرة والخروج من الخالف، ثم مـا

يء ذبح هدي أو أضحية في يلي يوم العيد أفضل مسارعة للخير؛ ويجزليلتي اليوم األول والثاني من أيام التشريق لدخوله في مدة الذبح فجاز

يجزيء مع الكراهة للخروج مـن الخـالف، : فيه كاأليام، وفي اإلقناعور، هوهو قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي وإسحاق وأبي ثور والجم

ء الذبح في ليلتيهمـا، وظاهر المنتهى ال يكره، واختار الخرقي ال يجزيوعنه : وهو اختيار الخالل ونص عليه في رواية األثرم، قال في الفروع

ال يجزيء ليال اختاره الخالل وأنه رواية الجماعة والخرقي وغيرهمـا انتهى وهو المشهور عن مالك وعليه عامة أصحابه، وحكم ليلة اليـوم

ة الثانية، ووقت ذبـح الثالث حكم ليلتي اليوم األول والثاني على الروايما وجب من الدماء بفعل محظور فعله في اإلحرام كلبس وطيب وحلـق رأس ونحوه من حين فعل المحظور، وإن أراد فعـل المحظـور لعـذر يبيحه فله ذبح ما يجب به قبل فعل المحظور لوجـود سـببه كـإخراج

. كفارة عن يمين بعد حلف وقبل حنث وتقدم في باب الفدية ذكـر ذلـك ت ذبح ما وجب من الدماء لترك واجب في حج أو عمرة من حـين ووق

ترك الواجب وال يختص ذلك بأيام النحر، فلو ترك اإلحرام من الميقـات أو خرج من عرفة قبل الغروب جاز ذبح ما وجب من الدم بسبب ذلـك قبل أيام النحر وبعدها لكن بشرط كون الذبح بالحرم، هـذا فـي أحـد

المحظور في الحرم، وأما إذا فعـل المحظـور واجبات الحج وفي فعل خارج الحرم فال يتعين ذبح ذلك بالحرم بل يجوز ولو خارجا عنه غيـر قتل الصيد فال يجزيء إال في الحرم، وإن ذبح هديا أو أضحية قبل وقته لم يجزئه كالصالة قبل الوقت وصنع به ما شاء ألنه لحم وعليـه بـدل

ات وقت الذبح قبل ذبح هدي أو أضحية الواجب لبقائه في ذمته، وإن فذبح الواجب قضاء وفعل به كاألداء؛ أي كالمذبوح في وقته المعتبر ألن الذبح أحد مقصودي الهدي واألضحية فال يسقط بفوات وقته، كما لـو ذبحها في الوقت ثم خرج قبل تفرقتها فرقها بعد ذلك، وسقط التطـوع

فلو ذبح التطوع بعد خـروج بخروج وقت الذبح ألنه سنة فات محلها، .الوقت وتصدق به كان لحما تصدق به ال أضحية وهديا

عقار وقفه مالكه وجعل من ريعه أضحية لشـخص أو : األولى: فوائد أشخاص فاشترى الوصي من غلته أضحية ومضت أيام النحر ولم تذبح لعذر أي غيره لزم الوصي ذبحها أي وقت كان، ألنها وجبـت بـنفس

ن غلة العقار الموقوف عليها فتعينت به، أما إن مضت أيـام الشراء مالنحر قبل شراء األضحية فإنه يؤخرها إلى العام المقبل ويـذبحها مـع

.أضحية ذلك العام، واهللا أعلمالوصي على ذبح األضاحي هل له أن يشتريها قبل عيد يـوم : الثانية

ا قبل وقت الـذبح النحر أو ال يشتريها إال وقت الذبح، وهل إن اشتراهيضمن إن تلفت أم ال؟ فإن ضاعت ووجدها بعد أن مضت أيام النحر ما يفعل بها؟ الظاهر أنه يرجع في ذلك إلى العادة فإن كانت عادة أهل بلده جارية بشراء األضاحي قبل وقت الذبح فله شراؤها قبلـه وال ضـمان

بالشراء قبل عليه إن ضاعت لعدم تعديه، وإال تكن عادة أهل بلده جاريةوقت الذبح فليس له ذلك، فإن اشتراها في هذه الحال وتلفت فالظـاهر أنه يضمن لوجود التعدي منه، وإذا ضاعت ووجدت بعد مضـي أيـام النحر فإنها تذبح حال وجودها ويفعل بها كما يفعل بها لو ذبحـت فـي

.وقت الذبح، واهللا أعلمم فعام ذلك ثمرة النخلـة، إذا أوصى بنخلة في أضحية كل عا: الثالثة

فمتى حصلت ثمرة النخلة اشترى بها أضحية أيام النحر، فإن لـم تـف الغلة باألضحية أرصدت قيمتها إلى العام المقبل واشترى بها مع ثمـن غلة العام المقبل أضحية، وإذا عين إنسان أضحية وضاعت منـه ثـم

ن ويفعل بهـا وجدها بعد مضي أيام النحر لزمه ذبحها لوجوبها بالتعيي .كما يفعل بها لو ذبحت في أيام النحر، واهللا أعلم

الظاهر أنه إذا أوصى بـثالث : قال الشيخ عبد اهللا بن ذهالن: الرابعة أضاح مثال تشتري بأربعين مثال جاز التفاضل في أثمانها ولو كان قـد

إذا لم تكـف غلـة : عين كل أضحية لشخص تبرعا انتهى، وقال أيضاعلى أضحية أرصدت للسنين المقبلة حتى تكفي ولو أعوامـا الموقوف

.ألنه العرف انتهى : فصل -- هذا هدي ألنه لفظ يقتضـي اإليجـاب لوضـعه : ويتعين الهدي بقوله

شرعا فوجب أن يترتب عليه مقتضاه، ويتعين الهدي أيضا بتقليده النعل نيـة الهـدي ألن والعرى وآذان القرب بنية كونها هديا أو إشعاره مع

الفعل مع النية يقوم مقام اللفظ إذا كان الفعل يدل على المقصود كمـن بنى مسجدا وأذن للناس في الصالة فيه، وال يتعين الهدي بشـرائه وال بسوقه مع النية فيهما من غير تقليد أو إشعار ألن الشراء والسـوق ال

ربة فلم تـؤثر فيـه يختصان بالهدي، والتعيين إزالة ملك على وجه القالنية المقارنة لهما كالعتق والوقف ال يحصالن بالنيـة حـال الشـراء

يجـب : كإخراجه ماال للصدقة به فال يلزمه التصدق به، وقال أبو حنيفةهذه أضحية، قـال الشـيخ : بالشراء مع النية، وتعيين األضحية بقوله

تصـير واجبـة مرعي في الغاية ال إن قاله نحو متالعب ويدين انتهى فهذا حر لوضع الصيغة : هذه أضحية كما يعتق العبد بقول سيده: بقوله

هـذه هللا أو هـذه : لذلك شرعا، ويتعين كل من الهدي واألضحية بقولهقـال فـي . صدقة ألن هذه الصيغ خبر أربد به اإلنشاء كصيغ العقـود

هللا على ذبحهـا، لزمـه : الموجز والتبصرة إذا أوجبه بلفظ الذبح نحوهللا : فريقها على الفقراء وهو معنى قوله في عيون المسائل لـو قـال ت

علي ذبح هذه الشاة ثم أتلفها ضمنها لبقـاء المسـتحق لهـا انتهـى، والمستحق لها هم الفقراء، وعن اإلمام أحمد رحمه اهللا روايـة أنهـا

إذا : تتعين بالشراء مع النية واختاره شيخ اإلسالم، وهو قول مالك قال .بنية األضحية وجبت كالهدي باإلشعاراشتراها

اعترض المحب بن نصر اهللا في حواشي المحرر علـى قـول : فائدة بهذا هدي إلى آخره بأن الهدي منـه واجـب : ويتعين هدي: األصحاب

وتطوع وليس في هذا اللفظ ما يقتضي الوجوب، إذ يجوز أن يريد هذا للوجوب لم يكـن هدي تطوعت به أو تطوع به، ولو كانت هذه الصيغة

لهدي التطوع صيغة ويلزم أنه إذا قال هذا المال صدقة أنه يلزمه كمـا هللا علي أن أتصدق به انتهى كالم ابن نصر اهللا البغدادي تلميذ : لو قال

: زين الدين بن رجب، قال الشيخ منصور في حاشيته علـى المنتهـى انتهى، قال ويجاب بأن هذه الصيغة لإلنشاء، والتطوع ال يحتاج إلنشاء

الشيخ محمد الخلوتي ابن أخت الشيخ منصـور فـي حاشـيته علـى هذا الجواب فيه تسليم أن هذه الصيغة نص في الوجوب ولـم : المنتهى

ال يجوز أن يكون المراد بقولهم يتعين يتميز بدليل أنهم عطفـوا علـى الهدي األضحية مع أنها سنة عندنا معاشر الحنابلة ال واجبة، ومعنـى

هـذا : كالم أنه يتميز الهدي عن غيره واألضحية عن غيرها بقولـه الهدي أو هذه أضحية من الصيغ القولية أو باإلشعار ونحوه من القرائن الفعلية، ولو كان المراد بقولهم يتعين يجب كما فهـم ابـن نصـر اهللا القتضى إيجاب األضحية إال أن يلتزم أن األضحية في األصل سنة وأنها

.له هذه أضحية تصير واجبة، وفيه نظر انتهى كالم الخلوتيبمجرد قو

ظاهر كالم األصحاب بل صريحة أنهم أرادوا بقـولهم ويتعـين : قلت .هدي إلى آخره الوجوب

ويحصل اإليجاب بقولـه هـذا هـدي أو بتقليـده أو : قال في المغني ، الحال الثاني أن يوجـب بلسـانه : إشعاره ناويا به الهدي إلى أن قال

فيقول هذا هدي أو يقلده أو يشعره ينوي بذلك إهداءه فيصـير واجبـا معينا يتعلق الوجوب بعينه دون ذمة صاحبه ويصير في يـد صـاحبه كالوديعة يلزمه حفظه وإيصاله إلى محله، فإن تلف بغير تفريط منه أو سرق أو ضل لم يلزمه شيء ألنه لم يجب في الذمة، وإنما تعلق الحق

قط بتلفها كالوديعة، فأما إن أتلفه أو تلـف بتفريطـه فعليـه بالعين فسضمانه ألنه أتلف واجبا لغيره فضمنه كالوديعة انتهى ملخصا، قال فـي

وكذلك األضحية تتعين بقوله هذه أضحية فتصير واجبـة : الشرح الكبيرفإن ذبحها قبل وقتهـا لـم تجـزه : بذلك انتهى، وقال في الشرح أيضا

.ن كانت واجبة بنذر أو تعيين انتهىوعليه بدلها إوإن قلده : قال في الكافي. قال الخرقي وإيجابها أن يقول هذه أضحية

أو أشعره وجب بذلك وإن نذره أو قال هذا هدي أو هللا وجب، وقال وال فعباراتهم صريحة . يزول ملكه عن الهدي واألضحية في إيجابهما انتهى

وب، ففي تنظير الخلوتي نظر واضح في أن المراد بقولهم ويتعين الوجألن كالم األصحاب ظاهر بل صريح في أن الهدي واألضـحية يجبـان بقول المهدي والمضحي هذا هدي وهذه أضحية، وأما ما بحثه المحـب بن نصر اهللا من أن هذه الصيغة لو كانت للوجوب لم يكن لهدي التطوع

لإلنشـاء يعنـي صيغة، فقد أجاب عنه الشيخ منصور بأن هذه الصيغة

إلنشاء الوجوب، والتطوع ال يحتاج إلنشاء، وهو جواب سـديد مفيـد، .واهللا أعلم

قال الشيخ سليمان بن إبراهيم الفداغي في مجموعه المسـمى : فائدة األضحية سنة مؤكدة وال تجب إال بنذر أو تعيين، فـإذا ) تحفة الطالب(

، إما مطلـق كـأن ثم التعيين الموجب. قال هذه أضحية تعينت ووجبتيقول هذه أصحية ولم يقيدها بعام بعينه فيجب ذبحها بـأي عـام مـا ويتعين ذبحها في أيام النحر فقط فإذا فات عـام أرصـدها أو باعهـا وأرصد ثمنها إلى عام آخر فيذبحها في أيام النحر، وإما مقيد كأن يقول

فإن فاتـت هذه أضحية في هذا العام فيذبحها فيه في أيام النحر وجوبا، أيام النحر ولم يذبحها لعذر أو ال ذبحها متى شاء أي وقت شاء من أيام السنة، يوم نحر أو غيره لفوات وقتها المتعين لـذبحها، وهـو معنـى

فإن فات الوقت للذبح قضى الواجب وفعل به كاألداء، وأما صفة : قولهمأو التطوع الذي يسقط بخروج الوقت فهو أن ينوي األضحية بشـرائها

عند شرائها أو حال شرائها أو بسوقها بنية األضحية من غير تعيين أو يرسلها إلى محل أو يحبسها عنده بنية األضحية أو يقول عند الشـراء أو بعده نريد أن نضحي بهذه، أو نريد هذه أضحية أو ضحايا، فهذا كله يطلق عليه اسم األضحية، وال تجب بذلك ألن النية ال تـؤثر فـي نقـل

مكل كالعتق والوقف بخالف التعيين باللفظ، وأما ما ذكره في حاشـية الالمنتهى فبحث بحثه المحب بن نصر اهللا على خالف مـا قـرروه فـي كتبهم، وقد عورض بأن قول المضحي هذه أضحية إنشاء والتطـوع ال يحتاج إلى إنشاء واهللا أعلم انتهى كالم صاحب المجموع المذكور، ولو

صا يمنع األجزاء كالعوراء البين عورهـا والعرجـاء أوجبها ناقصة نق

البين عرجها لزمه ذبحها كما لو نذره ولـم تجزئـه عـن األضـحية الشرعية لما تقدم من الخبر ولكن يثاب على ما يتصدق به منها إال أنه هاهنا ال يلزمه بدلها ألن األضحية في األصل غير واجبة ولم يوجد منه

ب ناقصة ال تجزيء فـي األضـحية فـإن زال ما يوجبها ألنه إنما أجوعيبها المانع من اإلجزاء كبرء المريضة وبرء العرجاء وزوال الهـزال أجزأت لعدم المانع والحكم يدور مع علته، ولو عين معلوم العيب عمـا في ذمته في ذمته من هدي أضحية لزمه ذبحه وال يجزئـه هـديا وال

.أضحيةلمعينة أضحية عيب كالعمى والعرج وإن حدث با: قال في المستوعب

ونحوه أجزأ ذبحها وكانت أضحية انتهى، وإذا تعين الهدي واألضحية لم يزل ملكه عنهما كالعبد المنذور عتقه والمال المنذور الصدقة به، وجاز له نقل الملك في الهد واألضحية المعينين بإبدال وغيره وشـراء خيـر

بنقد أو غيره ثم يشتري بـه خيـرا منهما بأن يبيعهما بخير منهما أو منهما نقله الجماعة عن أحمد وهو اختيار الخرقى وبه قال أبو حنيفـة ومالك ومحمد بن الحسن لحصول المقصود مع نفع الفقـراء بالزيـادة وجاز إبدال لحم ما تعين من هدي وأضحية بخير منه لنفـع الفقـراء،

مذهب الشـافعي وأبـي واختار أبو الخطاب أنه ال يجوز إبدالهما وهو فإن قيل إذا جاز إبدال الهدي واألضحية بخير منهما، . يوسف وأبو ثور

فهل العبد المنذور عتقه نذر تبرر يجوز بيعه وشراء خيـر منـه أم ال؟ فالجواب أنه ال يجوز ذلك ألن الحق في العتق للعتيق فإذا أبـدل فـات

بخير منهما أحظ غرضه، والحق في الهدي واألضحية للفقراء وإبدالهما .لهم ألنه يحصل معه الغرض وزيادة، واهللا أعلم

وال يجوز إبدال ماتعين من هدي أو أضحية أو لحمهما بمثل ذلـك وال بما دونه، إذا الحظ في ذلك للفقراء، وإن اشـترى هـديا أو أضـحية وعينها لذلك ثم علم عيبها بعد التعيين ملك الـرد واسـترجاع الـثمن

ها كما يملك أخذ أرشه وإن أخذ األرش اشترى به شـاة ويشتري به بدلأو سبع بدنة أو سبع بقرة، فإن لم يبلغ تصدق به أو اشترى به لحمـا وتصدق به، وإن اشترى هديا أو أضحية وعينها ثم بانت مستحقة بعـد

.التعيين لزمه بدلها نصا نقله علي بن سعيد قاله في الفروعبغي أن تقيد المسألة بالمعين عمـا فـي ين: قال الشيخ محمد الخلوتي

ذمته، أما المعين ابتداء فالظاهر أنه إذا بان مستحقا ال يلزمه بدله لكن هذا حر، أو عـن : كالمهم ليس فيه هذا القيد كما لو قال عن عبد غيره

هذا صدقة، انتهى كالم الخلوتي وهو وجيـه، ألن المعـين : مال غيرهو سرق أو ضل ونحوه ال يجب عليه بدله كما ابتداء إذا تلف بغير تعد أ

.يأتي إن شاء اهللا، واهللا أعلموعلى القول بأنه يلزمه بدلها إذا بانت مستحقة بعد التعيين ال يلزمـه

بدلها إذا بانت مستحقة قبل التعيين لعدم صحة التعيين إذا، وإن مـات يكن له وفاء بعد تعيين الهدي أو األضحية لم يجز بيعها في دينه ولو لم

إال منها لتعلق حق اهللا بها وتعين ذبحها وكما لو كان حيا ولزم الورثة ذبحها ويقومون مقامه في تفرقتها، وكذا في أكل وهدية حيـث جـازا

: كسائر الحقوق التي له وعليه، وإن أتلف األضحية أو الهـدي متلـف رى بالقيمة ربها أو غيره وأخذت منه القيمة أو باعها من أجبها ثم اشت

معينـة ةفي األولى أو اشترى بالثمن في الثانية مثلها صارت المشترابنفس الشراء كبدل رهن أو وقف أتلف ونحوه لقيام البدل مقام مبدلـه،

ولمن عين هديا أو أضحية الركوب لحاجة فقط بال ضرر، قـال اإلمـام أحمد ال يركبها إال عند الضرورة، وهو قول الشـافعي وابـن المنـذر

اركبها بالمعروف (وأصحاب الرأي ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم قال رواه اإلمام أحمد ومسـلم وأبـو داود ). إذا لجئت إليها حتى تجد ظهرا

والنسائي وألنه تعلق بها حق المساكين فلم يجز ركوبهـا مـن غيـر ضرورة كملكهم، فإن احتاج إليه وتضررت بركوبه لم يجز ألن الضـرر

ضرر، ويضمن نقصها الحاصل بركوبه ألنه تعلق بهـا حـق ال يزال بالفأما ركوبها مع عدم الحاجة ففيه روايتان : غيره، قال في الشرح الكبير

أن (إحداهما ال يجوز لما ذكرنا، والثانية يجوز لما روى أبـو هريـرة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم رأى رجال يسوق بدنة فقـال اركبهـا،

) إنها بدنة، فقال اركبها ويلك في الثانيـة أو الثالثـة فقال يا رسول اهللاوإن ولدت التي عينها أضحية ابتداء أو عن واجـب . متفق عليه انتهى

في الذمة ذبح ولدها معها سواء عينها حامال أو حـدث الحمـل بعـد التعيين، وبهذا قال الشافعي، ألن استحقاق المساكين للولد حكـم ثبـت

فيثبت للولد ما يثبـت ألمـه كولـد أم الولـد بطريق السراية من األموولد الهدي بمنزلة أمه أيضا كولد األضحية يذبحه مع أمـه . والمدبرة

إن أمكن حمل الولد على ظهرها أو ظهر غيرها أو أمكن سـوقه إلـى محل ذبح الهدي، وإن لم يمكن حمل الولد وال سوقه إلى محله ذبح في

المعينة أضحية أو هديا إال ما موضعه كهدي عطب، وال يشرب من لبن ال يحلبها إال ما فضـل عـن : فضل عن ولدها فيجوز شربه لقول علي

تيسير ولدها، وبذلك قال الشافعي وألنه انتفاع ال يضر بها وال بولدها، .والصدقة به أفضل خروجا من الخالف

ال يحلبها ويرش على الضرع المـاء حتـى ينقطـع : وقال أبو حنيفة ن احتلبها تصدق به ألن اللبن متولد من األضحية الواجبة فلم اللبن، فإ

يجز للمضحي االنتفاع به كالولد، وحجتنا ما تقدم عن علي، فإن خالف وحلب من األضحية أو الهدي ما يضر بولدها أو بها أو ينقص لحمهـا حرم عليه ذلك وعليه الصدقة به، فإن شرب اللبن ضمنه لتعديه بأخذه،

صوفها ووبرها وشعرها لمصلحتها كما لو كانت في زمن ويباح أن يجز تخف بجزه وتسمن به ويتصدق به ندبا؛ وله االنتفاع به لجريانه مجرى جلدها لالنتفاع به دواما، وإن كان بقاء الصوف أو الوبر أو الشعر أنفع لها لكونه يقيها الحر والبرد حرم جزه، كما يحرم أخذ بعض أعضـائها

شيئا منها أجرة، وبه قال مالك والشافعي وأصـحاب وال يعطي الجازرنحـن : وأن ال أعطي الجاز منها شيئا، وقال(الرأي لحديث علي، وفيه

متفق عليه، وألن ما يدفعه إلى الجزار عـوض عـن ) نعطيه من عندناعمله وجزارته، وال تجوز المعاوضة بشيء منها، وال فرق في ذلك بين

ه ابتداء وبين ما عينه عن الواجـب فـي ما عينه ابتداء وبين ما عينذمته، فأما إن دفع إليه منها هدية أو صدقة فال بأس ألنه في ذلك كغيره بل هو أولى ألنه باشرها وتاقت نفسه إليها، ولـه أن ينتفـع بجلـدها

.وجلهاال خالف في جواز االنتفاع بجلودها وجاللهـا : قال في الشارح الكبير

از للمضحي االنتفاع به كاللحم، وكـان علقمـة ألن الجلد جزء منها فجويستحب أن يتصـدق . ومسروق يدبغان جلد أضحيتهما ويصليان عليه

بالجلد والجل، ويحرم بيع شيء من الذبيحة هديا كانت أو أضحية ولـو كانت تطوعا ألنها تعينت بالذبح كما يحرم بيع الجلد والجل لحديث علي

يه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أقسـم أمرني رسول اهللا صلى اهللا عل(نحن نعطيه من : جلودها وجاللها وأن ال أعطي الجازر منها شيئا وقال

.متفق عليه) عندنا: باب الجالل للبدن قال في فـتح البـاري : قال البخاري في صحيحه

وهو ما يطـرح : الجالل بكسر الجيم وتخفيف الالم جمع جل بضم الجيم .كساء ونحوه انتهىعلى ظهر البعير من

ورخص الحسن والنخعي في الجلد أن يبيعـه : قال في الشرح الكبير ويشتري به الغربال والمنخل وآلـة البيـت، وروي نحـو ذلـك عـن

.األوزاعي، ألن ينتفع هو وغيره فجرى مجرى تفريق لحما .يبيع ما شاء منها ويتصدق بثمنه: وقال أبو حنيفة عنهما أنه يبيع الجلد ويتصدق بثمنه، وروى عن ابن عمر رضي اهللا

.وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحق انتهىلو أبدل جلود األضاحي بما ينتفع به فـي : قال ابن رجب في القواعد

البيت من آالته جاز، نص عليه ألن ذلك يقوم مقام االنتفـاع بالجـدل .نفسه في متاع البيت انتهى

ال يجوز بيـع : الشيخ عبد اهللا بن ذهالنقال : المسألة األولى: مسائل جلد األضحية على الصحيح من المذهب، ودبغه بجزء منه أو بصـوفه صحيح، وإن اشترى جزء الدباغ صح، وإن كان المدبوغ جلدين وهمـا أضحيتان لواحد فاقتسم الجلدين هو والدباغ جاز، وإن كـان المـدبوغ

نصفه ففيه الخالف الذي فـي جلدا جيدا وأعطاه الدباغ جلدا ردينا عن .بيع كله انتهى

إذا كان إلنسان وقف في أضاحي وأوصى عليه إنسانا : المسألة الثانية يتولى قبض ريعه ويشتري بقيمته أضاحي وأذن الموصي للوصي فـي األكل من األضاحي التي واله عليها جاز ذلك وصرح ابن عبد الهـادي

ذا قـال الموصـي لوصـيه فـي بجواز أكل الوصي منها كغيره، أما إاألضحية لك جلدها ونحوه على سبيل الوصية له بذلك أو على طريـق العوض فالظاهر عدم جواز ذلك، وأما إذا قال أذنت لكل في األكل مـن

.لحمها فال مانع منهقال الشيخ عبد اهللا بن ذهالن يجوز للوصي على األضحية األكل منها

أنها على يد واحد من ورثته أو غيـره ألنه العرف، وإذا جعل الموصي .فقد بره بذلك انتهى

ذكر العلماء أنه ينتفع بهمـا أو . جلد األضحية وجلها: المسألة الثالثة يتصدق بهما فهل تختص الصدقة بهما على الفقير والمسكين، أم يصح

إعطاؤهما لغني هدية أو صدقة؟قيدوا، أي العلمـاء، أما جلد األضحية وجلها وغير ذلك فإذا: الجواب

بذكر الصدقة لم ين مصرف الصدقة إال للفقراء أو المساكين في الغالب من كالمهم، ألن تعبيرهم لغير الفقير والمسكن بالهبة والهدية ونحوهما قاله الشيخ سليمان بن علي مجيبا به الشيخ محمـد بـن عبـد ابـن

.إسماعيللقريب أو صديق لـي غنـي إذا دفعت جلد األضحية : المسألة الرابعة

على طريق اإلباحة واالنتفاع ال على طريق التمليك، فهل يصح الـدفع إليه على هذا المنوال وينتفع به كما انتفع به أنا، وال يصح لـه بيعـه

ألني لم أدفعه له إال لينتفع به أم ال يصح دفعه له مطلقا؟

مع غناه جـائز أما جلد األضحية فانتفاع القريب ونحوه به : الجواب لكون الدافع أقامه مقامه فله أن ينتفع به كما تنتفع به، ويمنع مما أنت ممنوع منه كالبيع ونحوه من المعاوضات واهللا أعلـم، قالـه الشـيخ

.سليمان بن علي مجيبا به الشيخ محمد بن عبد اهللا بن إسماعيلـ : المسألة الخامسة اهر إذا أوصى إنسان بأضحية في غلة عقار فالظ

أنها تكون متوسطة إذا كان الموصي من أهل المروءة ألنه المعـروف منه في حياته بخالف ما إذا لم يعلم ذلك منـه فإنهـا تكـون بـأدون

: مجزيء، قال الشيخ عبد اهللا بن ذهالن، قال الشيخ سلميان بن علـي إذا أوصى بأضحية في غلة عقار مثال وأطلق فإنه ال يلزم فيها إال قـدر

ء ال سيما إذا كان في الورثة قاصر فال يجوز أعلى من القـدر المجزي .المجزيء وإن كانت العادة جارية بخالف ذلك واهللا أعلم

:فصل -- وإن عين هديا أو أضحية فسرق بعد الذبح من غير تفريط فال شـيء

عليه وكذا إن عينه عن واجب في الذمة ولو كان وجوبه فـي الذمـة أو أضحية ثم عين عنه ما يجزيء ثم ذبحه فسرق بالنذر بأن نذر هديا

فال شيء عليه ألنه أمانة في يده فال يضمنه بتلفه بال تعـد وال تفـريط كالوديعة، وإن لم يعين ما ذبحه عن واجب في ذمته وسرق ضمن مـا

.في ذمته لعدم تميزه عن مالهفي فأما إن ساق الهدي ينوي به الواجب الذي : قال في الشرح الكبير

ذمته ولم يعينه بالقول فهذا ال يزول ملكه عنه إال بذبحه ودفعـه إلـى أهله، وله التصرف فيه بما شاء من بيع وهبة وأكل وغير ذلك ألنه لم يتعلق به حق لغيره، وله نماؤه وإن عطب، تلف من ماله وإن تعيب لم

يجزئه ذبحه وعليه الهدي الذي كان واجبا وال يبرأ إال بإيصـاله إلـى مستحقه بمنزلة من عليه دين فحمله إلى مستحقه يقصد دفعه إليه فتلف قبل أن يوصله إليه ومتى عينه بالقول تعين فإن ذبحه فسرق أو عطب

إذا نحر فلم يطعمه حتى سـرق ال : فال شيء عليه، قال أحمد رحمه اهللاشيء عليه فإنه إذا نحر فقد فرغ، وبهذا قال الثـوري وابـن القاسـم

وأصحاب الرأي، وقال الشافعي عليه اإلعـادة ألنـه لـم صاحب مالكولنا أنه أدى الواجب . يوصل الحق إلى مستحقه فأشبه ما لو لم يذبحه

عليه فبرأ منه كما لو فرقه، ودليل أنه أدى الواجب أنـه لـم يبـق إال التفرقة وليست واجبة ألنه لو خلى بينه وبين الفقراء أجزأه، ولذلك لما

انتهـى، ) من شاء اقتطـع : (اهللا عليه وسلم البدن قالنحر النبي صلى وان تلفت المعينة ابتداء هديا كانت أو أضحية ولو قبل الذبح أو سرقت قبل الذبح أو ضلت فال بدل عليه إن لم يفرط ألنه أمين، وإن عين عـن واجب في الذمة ما يجزيء فيه كالمتمتع يعين دم التمتع أو عن هـدي

ب ما عينه عن ذلك أو تلف أو ضـل أو عطـب أو نذره في ذمته وتعيسرق قبل الذبح ونحوه، كما لو غصب لم يجزئه ألن الذمة لم تبرأ من الواجب بمجرد التعيين عنه كالدين يضمنه ضامن أو يرهن به رهنا فإنه يتعلق الحق بالضامن والرهن مع بقائه في ذمة المدين، فمتـى تعـذر

هن بقي الحق في الذمة بحاله ولزمـه استيفاؤه من الضامن أو تلف الربدل ما تعيب أو تلف أو ضل أو عطب أو سرق قبل الـذبح ونحـوه إذا كان عينه عن واجب في ذمته وإن كان أفضل مما في الذمـة إن كـان تلفه بتفريطه ألن الواجب تعلق بما عينه عما في الذمـة وهـو أزيـد

عين عن دم التمتع بقـرة فيلزمه مثله وهو أزيد مما في الذمة كما إذا

مثال فتيعبت بفعله أو تفريطه أو سرقت أو ضلت أو غصبت فيلزمه مثله وإن عين عما في ذمته : ولو زاد عما في الذمة، قال في الشرح الكبير

صحيحا فهلك أو تعيب بغير تفريطه لم يلزمه أكثر مما كان واجبا فـي بـالعين فسـقط بتلفهـا الذمة ألن الزائد لم يجب في الذمة وإنما تعلق

كأصل الهدي إذا لم يجب بغير التعيين، وإذا أتلفه أو تلف بتفريطه مثل المعين إن كان زائدا عما في الذمة ألن الزائد تعلق به حق اهللا تعـالى،

.فإذا فوته لزمه ضمانه كالهدي المعين ابتداء انتهىا وال ضمان ولو ضحى اثنان كل بأضحية اآلخر عن نفسه غلطا كفتهم

على واحد منهما لآلخر استحسانا إلذن الشرع فيه، ولو فرق كل منهما لحم ما ذبحه وإن بقي لحم ما ذبحه كل منهما تراداه، ألن كـال منهمـا أمكنه أن يفرق لحم أضحيته بنفسه فكان أولى به، وإن ذبـح المعينـة

عن ربها هديا أو أضحية ذابح في وقتها بغير إذن ربها أو وليه ونواهاأو أطلق أجزأت عن ربها وال ضمان على الذابح وبهذا قال أبو حنيفة؛ ألن الذبح فعل ال يفتقر إلى النية فإذا فعله غير صاحبه أجزأ عن صاحبه كغسل ثوبه من النجاسة، وألنها وقعت موقعها بذبحها في وقتهـا فلـم

ن إراقتـه يضمن ذابحها، حيث لم يكن متعديا، وألن الذبح إراقة دم تعيلحق اهللا تعالى فلم يضمن مريقه كقاتل المرتد بغيـر إذن اإلمـام، وإن نوى الذابح األضحية عن نفسه مع علمه أنها أضحية الغير لم تجز عن مالكها وال عن ذابحها بطريق األولى سواء فرق الـذابح اللحـم أو ال، ويضمن الذابح قيمتها صحيحة إن فرق لحمها ألنـه غاصـب متلـف

نا، ويضمن أرش الذبح وهو ما بين قيمتها صحيحة ومذبوحـة إن عدوالم يفرقه لتنقيصه مال الغير عدوانا، وإن ذبحها عن نفسه ولم يعلم أنها

أضحية الغير الشتباهها عليه مثال أجزأت عن ربها إن لم يفرق الـذابح لحمها لما تقدم من أن الذبح ال يفتقر إلى نية كإزالة النجاسة، فإن فرق

لحم إذا ضمن ألن اإلتالف يستوي فيه العمد وغيره، وإن أتلف المعينة المن هدي أو أضحية صاحبها ضمنها بقيمتها يوم التلف في محله كسائر المتقومات تصرف قيمتها في مثلها لتعينها كإتالف أجنبي غير مالكهـا لها لبقاء المستحق لها، وهم الفقراء بخالف كن نذر عتقه نـذر تبـرر

أتلفه ربه أو غيره فال يلزمه صرف قيمته في مثله ألن القصد من فإذا العتق تكميل األحكام وهو حق للرقيق وقد هلك، وإن فضل مـن قيمـة األضحية المعينة أو الهدي المعين شيء عن شراء المثل، بـأن كـان المتلف شاة مثال تساوي عشرة ورخصت الغنم بحيث يسـاوي مثلهـا

شراء المثل شاة إن اتسع لـذلك أو سـبع خمسة اشترى بالفاضل عن بدنة أو سبع بقرة لما فيه من إراقة الدم المقصود في ذلك اليـوم، وإن شاء اشترى بالعشرة كلها شاة، وإن لم يتسع الفاضل لـثمن شـاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة اشترى به لحما فتصدق به أو يتصدق بالفضل

ان المعين هديا أو أضحية مالكه أو فوات إراقة الدم، وإن فقأ عين الحيوغيره تصدق باألرض أو بلحم يشتريه به إن لم يتسع لشاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، ولو مرضت معينة فخاف صاحبها عليها موتـا فـذبحها فعليه بدلها إلتالفه إياها، ولو تركها بال ذبح فماتت فال شيء عليه نصا

.ألنها كالوديعة عنده ولم يفرطيطلب الفرق بينها وبين الهدي إذا عطب، : قال الشيخ محمد الخلوتي

وكأن الفرق أن اإلتالف هاهنا بفعله بخالف ما إذا عطب الهدي، وفـي كالم الشارح إشارة إلى ذلك، وقوله ولو تركها فماتت فال شيء عليـه

ألن الموت ليس من صنعه ولعله ما لم يحصل منه سبب ظاهري كترك ها، وقد يقال ال يحتاج إلى ذلك القيد ألن تعليـق الحكـم سقيها أو علف

بالمشتق يؤذن بالعلية، والمعنى وإن ماتت بسبب المرض أي ال بسبب غيره كترك السقي أو العلف مما هو من فعله، ويدل علـى إرادة ذلـك

وإن تلف أو عـاب بفعلـه، إلـخ : مقابلة المصنف له فيما يأتي بقولهوإن عطب في الطريق قبل محله أو عطب : وتيكالم الخل. فتدبر، انتهى

في الحرم هدي واجب أو تطوع بأنه ينويه هديا وال يوجبه بلسـانه وال بتقليده وإشعاره وتدوم نيته فيه قبل ذبحه أو عجز الهدي عن المشـي

.إلى محله لزمه تذكيته موضعة مجزئاب ويستحب له أن يصبغ نعل الهدي التي في عنقه في دمه ثم يضـر

ويحرم عليـه : بها صفحته ليعرفه الفقراء فيأخذوه، وبهذا قال الشافعيوعلى خاصة رفقته ولو كانوا فقراء األكل من الهـدي العاطـب ولـو

يباح لرفقته ولسائر الناس األكـل : تطوعا ما لم يبلغ محله، وقال مالكغير صاحبه أو سائقه وال يأمر أحدا يأكل منه فإن أكل أو أمر من أكـل

ادخر شيئا من لحمه ضمنه، وحجة الحنابلة ومن وافقهم مـا روى أوابن عباس أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

إن عطب منها شيء فخشـيت عليهـا : (كان يبعث معه بالبدن ثم يقولنحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضـرب بـه صـفحتها وال أموتا ف

رواه أحمد ومسلم وابن ماجة وال ). حد من أهل رفقتكتطعمها أنت وال أيصح قياس رفقته على غيرهم ألن اإلنسان يشفق على فقتـه ويحـب التوسعة عليهم وربما وسع عليهم من مؤنتـه، وإنمـا منـع السـائق ورفقته من األكل لئال يقصر في حفظها فيعطبها ليأكل هو ورفقته منها

وها لذلك، فإن أكل السائق من الهدي فتلحقه التهمة لنفسه ورفقته فحرمالعاطب أو باع منه ألحد أو أطعم غنيا أو أطعم رفقته ضـمنه لتعديـه بمثله لحما ألنه مثلي، وإن أطعم منه فقيرا أو أمره باألكـل منـه فـال ضمان ألنه أوصله إلى مستحقه كما لو فعله بعد بلوغـه محلـه، وإن

تعديه أو خاف عطبه فلم ينحره أتلف الهدي أو تلف الهدي بتفريطه أوحتى هلك فعليه ضمانه كسائر الودائع إذا فرط فيها أو تعدى يوصل بدل الهدي إلى فقراء الحرم ألنهم مستحقوه وإن فسخ في التطوع نيته قبل

.ذبحه صنع به ما شاء من بيع وأكل وإطعام لرفقته ألنه لحمهدي غير واجب لم وجملة ذلك أن من تطوع ب: قال في الشرح الكبير

يخل من حالين أحدهما أن ينويه هديا وال يوجبـه بلسـانه وال تقليـده وإشعاره فهذا ال يلزمه إمضاؤه، وله أوالده ونماؤه والرجوع فيه متـى شاء ما لم يذبحه ألنه نوى الصدقة بشيء من ماله أشبه ما لـو نـوى

.الصدقة بدرهمه مع النية فيصـير واجبـا أن يوجبه بلسانه أو يقلده ويشعر: الثاني

معينا يتعلق الوجوب بعينه دون ذمة صاحبه ويكون فـي يـد صـاحبه كالوديعة يلزمه حفظه وإيصاله إلى محله فإن تلف بغير تفريط منـه أو سرق أو ضل فال ضمان عليه كالوديعة ألن الحق إنا تعلق بالعين فسقط

سمعت رسـول : بتلفها، وقد روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر قالمن أهدى تطوعا ثم ضلت فليس عليه : (اهللا صلى اهللا عليه وسلم يقول

فأما أن أتلفهـا أو تلفـت ) البدل إال أن يشاء فإن كان نذرا فعليه البدلبتفريطه فعليه ضمانه ألنه أتلف واجبا لغيره فضمنه كالوديعة انتهـى،

ظـور مـن وإن ساقه عن واجب في ذمته لتمتع أو قران أو فعـل مح

محظورات اإلحرام أو ترك واجب من واجبات الحج ونحوه ولم يعينـه هذا هدي لم يتعين بالسوق مع النيـة ألن السـوق ال يخـتص : بقوله

بالهدي، والنية وحدها ضعيفة ال يحصل التعيين بها، وله التصرف فيه بما شاء من بيع وأكل وغيره، فإن تصرف فيه لزمه إخراج ما في ذمته

لعدم سقوطه، فإن بلغ الهدي الذي ساقه عما في ذمتـه مـن في محلهالواجب محله سالما فنحره في محله أجزأ عما عينه عنـه لصـالحيته

وإن عطب ما ساقه عن واجب في ذمته دو محلـه . لذلك وعدم المانعصنع به ما شاء من أكل وغيره ألنه لحم وعليه إخراج ما في ذمته في

ب الهدي أو األضحية بغير فعله ذبح ما ذكر محله لعدم سقوطه، وإن تعيمن الهدي أو األضحية وأجزأه إن كان واجبا بنفس التعيين بـأن قـال

هذا هدي أو أضحية ولم يكن عن شيء في ذمته لما روى أبـو . ابتداء: اشتريت كبشا أضحى به فعدا الذئب فأخذ األلية قال: سعيد الخدري قال

رواه أحمد وابـن ). ضح به: (لم، فقالفسألت النبي صلى اهللا عليه وسماجة والبيهقي، وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف جدا، وفيه أيضا محمد برن قرظة قال في التخليص غير معروف، وقال فـي التقريـب

وهذا الحديث دليل على أن العيـب الحـادث بعـد : مجهول، قال المجدلم يضمن تعييبها ولم يمنـع التعيين ال يضر انتهى، وألنها أمانة عنده ف

من اإلجزاء، قال في المستوعب وإن حدث بالمعينـة أضـحية عيـب .كالعمى والعرج ونحوه أجزأه ذبحها وكانت أضحية انتهى

إذا أوجب أضحية سليمة ثم حدث بهـا عيـب : قال في الشرح الكبير يمنع اإلجزاء ذبحها وأجزأته، روى هذا عن عطاء والحسن والنخعـي

ال : والثور ومالك والشافعي وإسحاق، وقال أصـحاب الـرأي والزهري

تجزيء ألن األضحية عندهم واجبة فلم يبرأن منهـا إال بإراقـة دمهـا ولنا مـا روى : سليمة كما لو أجوبها في ذمته ثم عينها فعابت، ثم قال

أبو سعيد وذكر حديثه المتقدم انتهى، وإن تعيب الهـدي أو األضـحية تفريطه فعليه بدله كالوديعة يفرط فيهـا وبـه قـال المعينة بتعديه أو

وإن كان واجبا قبل التعيين بأن عينه عن واجب فـي الذمـة : الشافعيكالفدية والمنذور في الذمة وعطب هذا المعين أو تعيب عنده عيبا يمنع اإلجزاء لم يجزئه ذبحه عما في الذمة ألن الواجب في ذمته دم صـحيح

، والوجوب متعلق بالذمة كالدين بـه رهـن فال يجزيء عنه دم معيبويتلف ال يسقط بذلك، وعليه بدل ما عينه عن الواجب في ذمته كما لو أتلفه أو تلف بتفريطه ولو كان ما عينه عما في ذمته زائدا كما لو كان الذي في ذمته شاة فعين عنها بدنة أو بقرة ثم تلفت أو تعيبت يلزمـه

ها، وإن كان بغير تفريطه، ففي المعنـى ال بدنة أو بقرة نظير التي عينيلزمه أكثر مما كان في ذمته ألن الزيادة وجبت بتعيينه وقد تلفت بغير تفريطه فسقطت كما لو عينه هديا تطوعا ثم تلف قالـه فـي القاعـدة الحادية والثالثين ومعناه في الشرح وتقدم الكالم في ذلك أول الفصـل

ما عطب من أضحية أو هدي أو تعيب أو فليراجع، وليس لمن نحر بدل ضل ونحوه استرجاع عاطب ومعيب وضال وجد ونحوه كمغصوب قدر عليه بعد ذبح بدله إلى ملكه بل يذبحه لما روى عن عائشة أنها أهدت

ةهديين فأضلتهما فبعث إليها ابن الزبير بهديين فنحرتهما ثم عاد الضالدارقطني، وهذا ينصرف إلى هذه سنة الهدي، رواه ال: فنحرتهما وقالت

سنة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم، وألنه تعلق حق اهللا تعالى بهمـا بإيجابهما على نفسه فلم يسقط بذبح بدلهما، قال في المنتهى وشـرحه

من ساق هديا واجبا فعطب أو مات فعليه بدلـه وإن شـاء : قال أحمدالبـدل قالـه فـي باعه وإن نحره جاز أكله منه ويطعم منه ألن عليه

المبدع، وليس له أي من نحر بدل ما عطب أو تعيب أو سرق أو ضـل ونحوه استرجاع عاطب ومعيب وضال ومسروق وجد ونحوه كمغصوب

.قدر عليه انتهى كالم المنتهى وشرحهقال الشيخ عبد اهللا بن عبد الرحمن أبو بطين في حاشـية المنتهـى

يطلـب : عن المنتهى وشـرحه وشرحه على هذه العبارة التي سقناهاالفرق بين ما نص عليه أحمد وما في المتن بعده انتهى كـالم الشـيخ

.عبد اهللا في الحاشيةقلت الفرق بينهما أن ما نص عليه أحمد رحمه اهللا تعالى هـو فـي

الهدي الواجب في ذمته قبل التعيين كفدية التمتع والقران فإنه إذا عطب رق قبل الذبح ال بعده يلزمه بدله مطلقا فرط الهدي أو مات أو ضل أو س

أو لم يفرط، ويجوز له بيعه إذا عطب وإن نحره جاز أكله ويطعم منـه ألن عليه البدل ال محالة، وما في المتن هو في الهدي الواجب ابتـداء من غير أن يكون عن شيء واجب في ذمته بل أوجبه بقوله هذا هدي

أو سرق ولو قبل الذبح أو ضل فإنـه ال ونحوه، فإنه إذا عطب أو تلف يلزمه بدله إن لم يتعد فيه أو يفرط، وعليه أن يذبح العاطـب موضـعه وجوبا وحرم أكله وخاصته منه، فإن أبدله من تلقاء نفسه فلـيس لـه استرجاع ما عينه، وأوجبه ابتداء من الهدي العاطب أو المسـروق أو

وب قد تعلـق بعـين الهـدي الضال إذا وجده بل يلزمه ذبحه ألن الوجالمذكور دون ذمة صاحبه، وإذا تعلق الوجوب بعين الهدي لزمه ذبحـه إذا قدر عليه، أما ما ذبحه أوال عن هذا الهدي الواجب بنفس التعيـين

فإنه يعد منه تبرعا، والحاصل أن ما في المتن هو في الهدي الواجـب لذمـة، والفـرق ابتداء، وما نص عليه أحمد في الهدي الواجب فـي ا

بينهما هو ما ذكرته واهللا أعلم، وإن غصب شاة فذبحها عما في ذمتـه من دم فدية أو تمتع أو قران أو نذر ونحوه لـم يجزئـه وإن رضـي

.مالكها، وسواء عوضه عنها أو لم يعوضهيجزئه إن رضي مالكها، ووجه مأخذنا أن هـذا لـم : وقال أبو حنيفة

ر قربة في أثنائه كما لو ذبحها لألكـل ثـم يكن قربة في ابتدائه فلم يصنواها للتقرب، وال يبرأ من الهدي الواجب عليه إال بذبحه أو نحره فـي وقته ومحله إذا لمقصود إراقة الدم والتوسعة على الفقراء، وإن دفعـه إلى الفقراء سليما فنحروه أجزأ ألنه حصل المقصود بفعلهـم فـأجزأه،

ترده منهم وينحره، فإن لم يفعل أو لم يقدر وإن لم ينحروه فعليه أن يسفعليه ضمانه ألنه فوته بتفريطه في دفعه إليهم سليما، ويباح للفقـراء

أحدهما اإلذن فيه لفظا : األخذ من الهدي إذا لم يدفعه إليهم بأحد شيئينكقول المالك من شاء اقتطع، والثاني داللة الحال على اإلذن كالتخليـة

من شـاء : صلى اهللا عليه وسلم نحر خمس بدن وقال بينهم وبينه ألنه) اصبغ نعلها في دمها واضرب به صفحتها(فليقتطع، وقال لسائق البدن

وفيه دليل على اكتفاء الفقراء بذلك من غير لفظ وإال لم يكـن مفيـدا، .واهللا أعلم

: فصل -- ـ ه سوق الهدي من الحل مسنون، ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم فعل

فساق في حجته مائة بدنة، وكان يبعث بهديه وهو بالمدينة وال يجـب سوق الهدي ألنه صلى اهللا عليه وسلم لم يأمر به واألصل عدم الوجوب

وألنه نذر طاعة فوجب ) من نذر أن يطيع اهللا فليطعه(إال بالنذر لحديث الوفاء به كغيره، ويستحب أن يقف الهدي بعرفة ويجمع فيه بين الحـل

لحرم، روي استحباب ذلك عن ابن عبـاس وبـه قالـت الشـافعية وا .وأصحاب الرأي، وكان ابن عمر ال يرى الهدي إال ما وقف بعرفة

أحب للقارن يسوق هديه من حيث يحرم فإن اشتراه مـن : وقال مالك دون ذلك مما يلي مكة بعد أن يقفه بعرفة جاز انتهى، وقال مالك أيضا

م يكن ساقه فليشتره من مكة ثم ليخرجـه إلـى إن ل: في هدي المجامع .الحل وليسقه إلى مكة انتهى

وحجة الحنابلة أن المراد من الهدي نحره ونفع المساكين بلحمه وهو ال يتوقف على وقوفه بعرفة ولم يرد بما قالوه دليل يوجبه فبقي علـى

.أصلهالحـل وكل ما ذبح بمنى وقد سيق مـن : قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا

إلى الحرم فإنه هدي سواء كان من اإلبل أو البقر أو الغنم ويسمى أيضا أضحية، بخالف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه أضحية، ولـيس بهـدي وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما في سائر األمصـار فـإذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلمـاء،

اشتراه من الحرم فذهب به إلى التنعـيم، وأمـا إذا اشـترى وكذلك إن الهدي من منى وذبحه ففيه نزاع، فمذهب مالك أنه ليس بهـدي وهـو منقول عن ابن عمر، ومذهب الثالثة أنه هدي وهو منقول عن عائشـة

.انتهى كالم شيخ اإلسالم وقد تقدم أول البابليمنى أو يشق محله ويسن إشعار البدن والبقر فيشق صفحة سنامها ا

مما ال سنام له من إبل وبقر حتى يسيل الدم، وظـاهر كـالم المنتهـى

يجـوز : واإلقناع وغيرهما أنه ال يشعر غير السنام، وقال في الكـافي إشعار غير السنام وذكره في الفصول عن أحمـد، والظـاهر أن مالـه

لمقصود سنامان من اإلبل كالبخاتي يكفي اإلشعار في واحد منهما ألن ا .العالمة وقد حصلت واهللا أعلم

ويسن تقليد إبل وبقر وغنم نعال أو آذان القرب أو العرى بضم العين فتلت قالئد هدي رسول اهللا صلى اهللا : (جمع عروة لحديث عائشة قالتأن النبي (متفق عليه، وعن ابن عباس ) عليه وسلم ثم أشعرها وقلدها

يفة ثم دعا ببدنـه فأشـعرها مـن صلى اهللا عليه وسلم صلى بذي الحلرواه مسلم وقـال مالـك ) صفحة سنامها األيمن وسلت الدم عنها بيده

وأبو حنيفة ال يسن تقليد الغنم ألنه لو كان سنة لنقل كما نقل في اإلبل، قد نقل، وصح عن النبي صلى اهللا عليه وسلم تقليد الغنم فقد قال : قلت

أن النبي صلى اهللا عليه وسلم (عن عائشة : المجد في المنتقى ما نصهرواه الجماعة، ففي هـذا الحـديث ) أهدى مرة إلى البيت غنما فقلدها

الصحيح دليل على سنية ذلك، ونعتذر ألبي حنيفة ومالك أن الحديث لم اإلشعار مثله غير جائز، ألن النبي : وقال أبو حنيفة. يبلغهما واهللا أعلم

لحيوان، وألنه إيالم فهو كقطـع صلى اهللا عليه وسلم نهى عن تعذيب اإن كانت البقرة ذات سنام فال بأس بإشـعارها : وقال مالك. عضو منه

وحجة الحنابلة نصوص السنة الصـحيحة الصـريحة وفعـل . وإال فالالصحابة رضي اهللا عنهم، فيجب تقديم ذلك على عموم ما احتجوا بـه

وفائـدة وألنه إيالم لغرض صحيح فجاز كالكي والوسـم والحجامـة، اإلشعار أن ال تختلط بغيرها وأن يتوقاها اللص وال يحصل ذلك بالتقليد بمفرده ألنه يحتمل أن ينحل ويذهب إذا ثبت هذا فالسنة اإلشـعار فـي

وقالت المالكيـة وأبـو . صحفتها اليمنى كما تقدم، وبه قالت الشافعية .يوسف بل يشعرها في صحفتها اليسرى

قدم، وال يسن إشعار الغنم ألنها ضـعيفة وحجتنا حديث ابن عباس وت وألن صوفها وشعرها يستر موضع إشعارها لـو أشـعرت وإذا كـان مسافرا بالهدي وساقه من قبل الميقات استحب له إشعاره وتقليده مـن الميقات لحديث ابن عباس، وإن بعث بالهدي مع غيره أشعره وقلده من

.بلده :فصل -- هللا علي هدي ولم يقيـده بلفظـه وال : ن قالوإن نذر هديا وأطلق، بأ

بنيته فأقل مجزيء عن نذره شاة جذع ضأن أو ثني معز أو سبع مـن بدنة أو سبع من بقرة لحمل المطلق في النذر على المعهـود الواجـب

بدنة أو بقرة عن النذر المطلق كانت البدنـة أو حبأصل الشرع، فإن ذبذمته بذبحها عنه، وإن نـذر بدنـة البقرة كلها واجبة لتعينها عما في

أجزأته بقرة إن أطلق البدنة كما تقدم في الواجب بأصـل الشـرع، وإال يطلق البدنة بل نوى من اإلبل لزمه ما نواه كما لو نوى كونهـا مـن البقر، فإن عين شيئا بنذره بأن قال هذا هدي أجزأه ما عينـه صـغيرا

غير حيوان كدرهم وثوب وعبـد كان أو كبيرا من حيوان ولو معيبا أو وقعار ونحو ذلك ألنه إنما وجب بإيجابه على نفسه ولم يوجب سـوى

واألفضل كون الهدي من بهيمة األنعـام لفعلـه . هذا فأجزأه كيف كانإن لبست ثوبا من غزلك فهـو هـدي : صلى اهللا عليه وسلم، وإن قال

لقا إلى فقراء فلبسه وقد ملكه صار هديا واجبا، وعليه إيصال الهدي مطوألن النذر يحمل على ) ثم محلها إلى البيت العتيق: (الحرم لقوله تعالى

المعهود شرعا والمعهود في الهدي الواجب بالشرع كهدي المتعة يذبحه بالحرم فكذا يكون المنذور ويبيع غير المنقول كالعقار ويبعث ثمنه إلـى

أن (روى عن ابن عمر الحرم لتعذر إهدائه بعينه فانصرف إلى بلده لمارجال سأله عن امرأة نذرت أن تهدي دارا؟ قال تبيعها وتتصدق بثمنها

، وينبغي أن يكون على قياس غير المنقول صيد البر )على فقراء الحرمالوحشي إذا نذره فإنه لو نقله لوجب عليه إطالقه عند بلوغ الحرم كما

.اهللا أعلمتقدم فيبيعه حينئذ ويوصل ثمنه لفقراء الحرم وويتجه في هدي صيد ذبحه خارج الحرم : قال الشيخ مرعي في الغاية

أي نقله لفقراء الحرم واهللا : إن كان غير محرم وبيعه ونقل ثمنه انتهى .أعلم

أو يقوم العقار ويبعث القيمة إلى فقـراء : وقال ابن عقيل في الفنون س البيـع انتهـى، إال أن الحرم ألن الغرض القيمة التي هي بدله ال نف

يعين المنذور لموضع سوى الحرم فيلزمه ذبحه في الموضع الذي عينه وتفرقة لحمه على مساكين ذلك الموضع إو إطالقه لمساكينه ليـذبحوه، إال أن يكون الموضع الذي عينه به صنم أو عيد من أعياد الجاهلية أو

ئس والبيع أو بـه شيء من أمور الكفر أو المعاصي كبيوت النار والكناقبر أو حجر أو شجر وأشباه ذلك مما تعظمه المبتدعة فال يوف بنـذره ولو بعد زوال ذلك المانع من تلك البقعة ألن الوفاء به محرم بل الـذبح لغير اهللا من األشجار واألحجار واألموات ونحوها شرك أكبر، وإن لـم

ذلك الموضع، يكن بالموضع الذي عينه مانع وجب الوفاء به وذبحه فيأن رجال نذر أن ينحر إبال ببوانـة (والدليل على ذلك ما روى أبو داود

هل كان فيها وثن مـن أوثـان : فسأل النبي صلى اهللا عليه وسلم فقال

ال، : ال، قال فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: الجاهلية يعبد؟ قالواإنه ال وفاء لنذر في أوف بنذرك ف: فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

معصية اهللا وال فيما ال يملك ابن آدم، وإسناده على شرطهما، وإن فرق أجنبي نذرا من هدي أو أضحية بال إذن على فقراء الحرم لـم يضـمن شيئا لوصول الحق إلى مستحقه وال مانع من األجـزاء فـال موجـب

موقعه للضمان وكذا تفرقة هدي واجب بغير نذر على مستحقيه لوقوعه .واهللا أعلم

:فصل -- ويستحب أن يأكل من هدي تطوع غير عاطـب لمـا تقـدم ويهـدي

وأقل أحوال األمر فـي ذلـك ) فكلوا منها: (ويتصدق أثالثا لقوله تعالىاالستحباب، وألن النبي صلى اهللا عليه وسلم أكل من بدنه، وقال جـابر

لى اهللا عليه وسـلم كنا ال نأكل من بدننا فوق ثالث رخص لنا النبي ص(رواه البخـاري، وألنـه نسـك ). كلوا وتزودوا فأكلنا وتزودنـا : فقال

فاستحب األكل منه كأضحية وله التزود واألكل كثيـرا لحـديث جـابر، وتجزئه الصدقة باليسير منه، فإن أكل الذبيحة من هدي التطوع كلهـا

مـا ضمن المشروع للصدقة منها كأضحية أكلها كلها فإنه يضمن أقـل .يقع عليه االسم كما يأتي إن شاء اهللا تعالى

وال يأكل من كل واجب من الهدايا ولو كـان : قال في اإلقناع وشرحه إيجابه بالنذر أو بالتعيين إال من دم متعة وقران نص علـى ذلـك ألن سببهما غير محظور فأشبها هدي التطوع، وألن أزواج النبي صلى اهللا

حجة الوداع وأدخلت عائشـة الحـج علـى عليه وسلم تمتعن معه في

العمرة فصارت قارنة ثم ذبح عنهن النبي صلى اهللا عليه وسلم البقـر .فأكلن من لحومها

قد أكل من البقر أزواج النبي صلى اهللا عليه وسـلم : قال اإلمام أحمد وأما األضحية فسيأتي أنه يسن األكـل . في حديث عائشة خاصة انتهى

.كانت واجبة واهللا أعلم منها والتفرقة ولووال يأكل من هدي واجب ولو كان إيجابـه : وقال في المنتهى وشرحه

بنذر أو تعيين غير دم متعة وقران نصا ألن سـببهما غيـر محظـور .فأشبها هدي التطوع انتهى

ورأيت على هامش المنتهى وشرحه من خط الشيخ عبد اهللا أبي بطين أنه مطلقا ولعل ذلك فيما كان واجبا قبل قوله أو تعيين ظاهره : ما نصه

التعيين ثم عينه ال ما عين ابتداء لما في المغني والشـرح مـن أنـه يستحب أن يأكل من هدي التطوع وسواء في ذلك ما أوجبه بالتعيين من غير أن يكون واجبا في ذمته وما نحره تطوعا من غير أن يوجبه ونقل

.رين على ذلكذلك صاحب الفروع والزركشي مقتصويستحب أن يأكل من هديه ولو أوجبه بالتعيين، قال : قال في الشرح

ويستحب األكل من هدية التبرع، وذكر الشيخ يعني الموفق : في الفروعبل كالم المتن : قلت: ومما عينه ال عما في ذمته، ثم قال الشيخ عبد اهللا

إلقناع والغاية يعني المنتهى صريح في المنع من األكل كما هو صريح اأي من األكـل ممـا : ومراده بقوله صريح في المنع من األكل. انتهى

أوجبه ابتداء بالتعيين كما منع من األكل مما عينه عن واجب في ذمتـه فأما هدي التطوع وهو ما : قال في المغني. أو عينه عن نذر واهللا أعلم

وما نحره أوجبه بالتعيين ابتداء من غير أن يكون عن واجب في ذمته

فكلـوا : (تطوعا من غير أن يوجبه فيستحب أن يأكل منه لقوله تعالىيستحب أن : قال في الشرح الكبير. وأقل أحوال األمر االستحباب) منها

يأكل من هديه وسواء في ذلك ما أوجبه بالتعيين من غيـر أن يكـون كلوا ف: (واجبا في ذمته وما نحره تطوعا من غير أن يوجبه لقوله تعالى

.وأقل أحوال األمر االستحباب انتهى) منهاعبارة المنتهى واإلقناع والغاية تقتضي منعه من األكـل مـن : تنبيه

الهدي الذي أوجبه بالتعيين ابتداء، وأمـا عبـارة المغنـي والشـرح فصريحة في استحباب األكل من ذلك، ولعل مـا ذهـب إليـه الموفـق

ن ابتداء من غير أن يكـون عـن والشارح أولى ألن ما أوجبه بالتعييواجب في ذمته ال يخرج عن كونه هدي تطوع؛ أما ما كان معينا عـن واجب في الذمة كالدم عن فعل محظور من محظورات الحج أو الدم عن ترك واجب من واجبات الحج أو عن نذر فإنه ممنوع من األكل منه عند

تطوع غير العاطب جميعهم، كما أن أكله من دم التمتع والقران وهدي الالذي لم يوجبه مستحب عند جمعيهم، هذا ما ظهر لي في هذه المسألة

.واهللا أعلموما جاز له أكله كأكثر هدي التطوع فله هديته لغيره لقيام المهدي له

مقامه وما ال يملك أكله كالهدي الواجب غير دم تمتع وقران وغير مـا الموفق والشارح فـال يملـك أوجبه بالتعيين ابتداء على ما ذهب إليه

هديته بل يجب صرفه لفقراء الحرم لتعلق حقهم، فإن أكل مما ال يجوز له األكل منه أو أهدى منه ضمنه بمثله لحما ألن الجميع مضمون عليه بمثله فكذلك أبعاضه، وكذا إن أعطى الجزار عن أجرته شيئا منها، كما

نه بمثلـه لحمـا، قـال فـي لو باع شيئا من الهدي أو أتلفه فإنه يضم

ويضمنه أي الهدي واألضحية أجنبي أتلفـه بقيمتـه : المنتهى وشرحهوأما اللحم بعد الذبح فينبغي ضمانه بالمثل ألنه مثلي . كسائر المتقومات

أي إن لم : لو منعه الفقراء حتى أنتن فعليه قيمته: وفي الفصول. انتهىع الفقراء منه أي مما ال وإن من: يبق فيه نفع قال في المنتهى وشرحه

.يملك أكله حتى أنتن ضمن نقصه إن انتفع بهإذا فيغرم أرشه وإال ينتفع به فإنه يضمنه بقيمته كإعدامه، قال فـي

قـال . ويتوجه أن يضمن بمثله انتهى كالم المنتهى وشرحه: اإلنصاف. ضمانه بالمثل مقتضـى القواعـد : الشيح منصور في حاشية المنتهى

و كما قال ألن اللحم من الموزونات فهو مثلي وضمانه بالمثل وه: قلت .واهللا أعلم

: فصل -- قـال ). فصل لربك وانحر: (واألضحية مشروعة إجماعا لقوله تعالى

المراد بذلك التضحية بعد صالة العيد، ولما روى : جماعة من المفسرينأقرنين ذبحهمـا أن النبي صلى اهللا عليه وسلم ضحى بكبشين أمحلين(

متفق عليه وهي سـنة ) بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهماوهو الحر والمبعض فيما ملكه بجزئه الحر أو . مؤكدة لمسلم تام الملك

: مكاتب بإذن سيده لحديث ابن عباس أن النبي صلى اهللا عليه وسلم قالرواه ) الوتر والنحر وركعتـا الفجـر : ثالث كتبت علي وهن لكم تطوع(

مـن أراد أن يضـحي فـدخل (الدارقطني، وقوله صلى اهللا عليه وسلم رواه مسلم فعلقـه علـى ). العشر فال يأخذ من شعره وال بشرته شيئا

اإلرادة والواجب ال يعلق عليها، وألن األضحية ذبيحة ال يجب تفريـق .لحمها فلم تكن واجبة كالعقيقة

رة أن النبي صلى اهللا عليه وأما حديث أبي هري: قال في شرح اإلقناع يـا (وحديث ) من كان له سعة ولم يضح فال يقربن مصالنا: (وسلم قال

فقد ضعفه ) أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام أضحاة وعتيرةأصحاب الحديث، ثم يحمل على تأكد االستحباب جمعا بـين األحاديـث

هـاتين غسل الجمعة واجب على كل محتلم، ومن أكـل مـن (كحديث .انتهى) الشجرتين فال يقربن مصالنا

حديث أبي هريرة هذا رواه أحمد وابن ماجة وصححه الحـاكم، : قلت ورجع األئمة غيره وقفه، وقال في فتح : قال ابن حجر في بلوغ المرام

رجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفـه والموقـوف أشـبه : الباري .بالصواب، قاله الطحاوي وغيره انتهى

كنـا (هو من رواية مخنف بن سليم ولفظـه ) يا أيها الناس(وحديث يـا أيهـا : وقوفا مع النبي صلى اهللا عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول

الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، هل تـدرون مـا رواه أحمد وابن ماجة والترمذي، ). العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية

يث حسن غريب، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي وفـي وقال هذا حد .إسناده أبو رملة، واسمه عامر

هو مجهول والحديث ضعيف المخرج، وقال أبـو بكـر : قال الخطابي ذبيحـة : والعتيرة. حديث مخنف بن سليم ضعيف ال يحتج به: المعافري

كانوا في الجاهلية يذبحونها في العشر األول مـن رجـب ويسـمونها ال فـرع وال عتيـرة فـي (رجيبة كما وقع في الحديث، وفي الحدي ال

ذبيحـة : نحر أول ولد الناقة، والعتيـرة : والفرع. متفق عليه) اإلسالموممن قال بأن األضحية سنة مؤكدة أبو بكر وعمر وابن مسعود . رجب

رضي اهللا عنهم، وبه قال سويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعلقمـة شافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وال تسـن واألسود وعطاء وال

األضحية لمكاتب بغير إذن سيده لنقصان ملكه وألنه ممنوع من التبرع ويكره ترك األضحية لقادر عليهـا لحـديث أبـي هريـرة . لحق سيده

السابق، ومن عدم ما يضحى به اقترض وضـحى مـع القـدرة علـى قياس ما ذكـروه فـي الوفاء، ذكره شيح اإلسالم في االختيارات وهو

من (العقيقة، وليست األضحية واجبة إال أن ينذرها فتجب بالنذر لحديث وكانت األضحية واجبة على النبي صـلى اهللا ) نذر أن يطيع اهللا فليطعه

عليه وسلم لحديث ابن عباس السابق وعن اإلمام أحمد رواية بوجوب ليث واألوزاعي األضحية مع الغنى، وهو قول ربيعة ومالك والثوري وال

وأبي حنيفة لحديث أبي هريرة المتقدم، والمذهب عدم الوجـوب كمـا وذبح األضحية ولو عن ميت أفضل من الصـدقة بثمنهـا وكـذا . تقدم

الهدي، صرح به ابن القيم رحمه اهللا في تحفة الودود وابن نصـر اهللا في حواشيه ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده، ولو

ما (انت الصدقة بالثمن أفضل لم يعدلوا عنه، ولحديث عائشة مرفوعا كعمل ابن آدم يوم النحر عمال أحب إلى اهللا تعالى من إهراقه دما وإنـه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظالفها وأشعارها وإن الدم ليقع من اهللا عز

ماجة رواه ابن ). وجل بمكان قبل أن يقع على األرض فطيبوا بها نفساوالترمذي وقال هذا حديث حسن غريب، وألن إيثـار الصـدقة علـى األضحية يفضي إلى ترك سنة رسول اهللا صلى اهللا عليه وسـلم، قـال

والتضحية عـن الميـت : شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالى في االختياراتوما روي عـن : أفضل من الصدقة بثمنها انتهى، قال في الشرح الكبير

ألن التصدق بخاتمي هذا أحب إلي من أن أهدى إلى :عائشة من قولها: البيت ألفا، فهو في الهدي ال في األضحية انتهى، قال الشيخ منصـور

وفيه نظر إذ الهدي كاألضحية كما تقدم عن ابن القيم وغيره فاألولى أن وما قاله : قلت. يجاب عن األثر بأن الموقوف ال يعارض المرفوع انتهى

ويعمل باألضحية عن ميـت . سديد جدا واهللا أعلممنصور جواب وجيه قال الفتـوحي فـي شـرح . كأضحية عن حي من أكل وصدقة وهدية

والتضحية عن ميت أفضل منها عن حي لعجـزه واحتياجـه : المنتهىللثواب، وال يضحي عما في البطن ألنه ال تثبت له أحكام الدنيا إال فـي

أنه يسن إخراج الفطرة عنه اإلرث والوصية، لكن يقال قد ذكر الفقهاءإال أن يقال ذلك لفعل عثمان، وألن القصد من زكاة الفطر الطهرة ومـا هنا على األصل، ومن بعضه حر إذا ملك بجزئه الحر ما يضحي به فله

.أن يضحي بغير إذن سيده ألن ملكه تام على ما ملكه بجزئه الحرغني ويتصدق بثلثها، والسنة أن يأكل ثلث األضحية ويهدي ثلثها ولو ل

ألن النبي صلى اهللا عليه وسلم نحـر خمـس (وال يجب األكل واإلهداء وألنها ذبيحة يتقرب ) من شاء فليقتطع ولم يأكل منهن شيئا: بدن وقال

: بها إلى اهللا فلم يجب األكل منها كالعقيقة فيكـون األمـر لالسـتحباب قال اإلمـام أحمـد ويجوز اإلهداء من األضحية لكافر إن كانت تطوعا،

يأكل هو الثلث ويطعم مـن : نحن نذهب إلى حديث عبد اهللا: رحمه اهللا .أراد الثلث ويتصدق بالثلث على المساكين

قال علقمة بعث معي عبد اهللا بهدية فأمرني أن آكل ثلثا وأن أرسـل ثلثا إلى أهل أخيه وأن أتصدق بثلث، فإن كانت األضحية واجبة لم يعط

ر شيئا كالزكاة والكفارة، ويأكل ويهدي ويتصدق أثالثا ولـو منها الكاف

كانت األضحية واجبة بنذر أو تعيين أو وصية أو وقف على أضـحية، جمهور األصحاب على أنه ال يأكل مـن األضـحية : وقال في اإلنصاف

.المنذورة، واختار أبو بكر والقاضي والمصنف والشارح الجواز، انتهىلجواز واهللا أعلم، وفي حديث ابن عباس في صفة المذهب هو ا: قلت

ويطعم أهل بيته الثلث ويطعم : (أضحية النبي صلى اهللا عليه وسلم قالرواه الحـافظ أبـو ) فقراء جيرانه الثالث ويتصدق على السؤال بالثلث

موسى في الوظائف، وقال حديث حسن، وهو قول ابن مسـعود وابـن فكلوا منهـا : (بة، ولقوله تعالىعمر وال يعرف لهما مخالف من الصحا

إذا سـأل، : السائل، يقال قنع قنوعا: والقانع). وأطعموا القانع والمعترالذي يعتريك أي يتعرض لك لتطعمه وال يسأل، وهذا تفسـير : والمعتر

سعيد بن جبير والحسن، وقيل القانع الجالس في بيته المتعفف يقنع بما ، قال عكرمة وقتادة، فذكر سبحانه يعطى وال يسأل، والمعتر الذي يسأل

ثالثة أوصاف ومطلق اإلضافة يقتضي التسوية فينبغي أن يقتسم بينهم وال تيمموا الخبيـث : (أثالثا، ويستحب أن يتصدق بأفضلها لقوله تعالى

وأن يهدى الوسط؛ وأن يأكل األدون ذكره بعضهم، وكـان ) منه تنفقونة مـن كبـدها أو غيرهـا من شعار الصالحين تناول لقمة من األضحي

خروجا من خالف من أوجب األكل، وإن كانـت األضـحية ليتـيم فـال يتصدق الولي عنه منها بشيء وال يهدى منها شيئا ويوفرها له ألنـه ممنوع من التبرع من ماله، وكذا المكاتب ال يتبرع منها بشيء إال بإذن

و أكلها كلها إال سيدة لما سبق، فإن أكل أكثر األضحية أو أهدى أكثرها أأوقية تصدق بها جاز أو أهداها كلها إال أوقية تصدق بها جاز ألنه يجب

وأطعمـوا : (الصدقة ببعضها نيئا على فقير مسلم لعموم قولـه تعـالى

فإن لم يتصدق بشيء منها ضمن أقل مـا يقـع عليـه ) القانع والمعترمـه غرامتـه وال االسم كاألوقية بمثله لحما ألن ما أبيح له أكله ال تلز

يلزمه غير ما وجبت الصدقة به ألنه حق يجب عليه أداؤه مـع بقائـه فلزمته غرامته إذا أتلفه كالوديعة، ويعتبر تمليك الفقير كالزكاة والكفارة فال يكفي إطعامه ألنه إباحة، وال يعتبر التمليك في العقيقة ألنها لسرور

ويفعل المالك ما شـاء فتشبه الوليمة بخالف الهدي واألضحية، : حادثمن أكل وبيع وهبة بما ذبح قبل وقته ألنه لحم لم يقع في محله وعليه

.بدله إن كان واجباإذا ذبح هديه أو أضحيته بمنى ولم يجد فقيرا يتصـدق عليـه : تنبيه

بشيء من لحمها الستغناء الفقراء عن أخذ اللحم في أيام النحر وعـدم زمننا هذا، فإنه والحالة هذه ال يـأثم وال قبولهم له كما هو الواقع في

.يلزمه ضمان واهللا أعلم :فصل -- وإذا دخل عشر ذي الحجة حرم على من أراد أن يضحي أو يضـحي

عنه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته إلى ذبح األضـحية ولـو بواحدة لمن يضحي بأكثر فإذا ضحى بواحدة جاز ذلك قبل ذبح غيرهـا

سعيد بن المسيب وربيعة وإسحاق وداود وبعـض أصـحاب وهذا قول .الشافعي

هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام : وقال الشافعي وبعض أصحابه ال يكره والحديث يرد عليه، وقال مالك فـي روايـة ال : وقال أبو حنيفة

. يكره، وفي رواية يكره، وفي رواية يحرم في التطـوع دون الواجـب إذا (وافقهم على التحريم حديث أم سلمة مرفوعـا وحجة الحنابلة ومن

رأيتم هالل ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسـك عـن شـعره رواه الجماعة إال البخاري، ولفـظ أبـي داود وهـو لمسـلم ) وأظفاره

من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هالل ذي الحجـة فـال (والنسائي أيضا وال مـن (وفي رواية لمسـلم ) يأخذن من شعره وأظفاره حتى يضحي

كنت أفتل قالئد هدي رسول اهللا صـلى اهللا (، وأما حديث عائشة )بشرهعليه وسلم ثم يقلدها بيده ثم يبعث بها وال يحرم عليه شيء أحلـه اهللا

أجيب عنه بأنه في إرسال الهدي ال . متفق عليه). له حتى ينحر الهديه أو بشـرته قبـل أن في التضحية، فإن أخذ شيئا من شعره أو ظفـر

يضحي استغفر اهللا سبحانه وتعالى وتاب إليه لوجوب التوبة مـن كـل وهذا إذا كان لغير ضـرورة وإال فـال إثـم : ذنب، قال الشيخ منصور

وال فدية عليه إجماعا سـواء فعلـه عمـدا أو . كالمحرم وأولى انتهى .سهوا

حي أو يضـحى المراد بقول فقهائنا حرم على من يض: األولى: فوائد عنه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته هو أن يضحي عن نفسـه أو يضحى عنه، وأما إذا ضحى عن غيره متبرعا أو وصيا أو وكيال فال

.يحرم عليه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته، واهللا أعلمقولـه مـن : قال الشيخ عثمان بن قائد في حاشية المنتهـى : الثانية

هره عن نفسه أو عن غيره فتدبر، وفي صورة ما إذا ضحى يضحي ظاعن غيره فالظاهر من كالمهم الحرمة عليهما معا انتهى، والذي تحرر لنا هو ما ذكرنا في الفائدة األولى أن من ضحى عن غيره وصيا كان أو متبرعا أو وكيال ال يحرم عليه أخذ شيء من شعره أو ظفره أو بشرته

.ذ على ذلك الغير فقط واهللا أعلموإنما يحرم األخ

إذا حل المتمع من عمرته في عشر ذي الحجة فإنه ال يحـرم : الثالثة عليه الحلق أو التقصير ولو أراد التضحية ألن الحلق والتقصير نسـك على الصحيح من المذهب، وكذلك أيضا إذا ألجأت الضرورة إلى أخـذ

الحجة وهـو يريـد شيء من شعره أو ظفره أو بشرته في عشر ذي التضحية فال يحرم عليه أخذ شيء من ذلك قياسا على المحرم إذا كـان مريضا أو به أذى من رأسه فإنه يباح له الحلق بنص الكتاب والسـنة، ولكن إذا حلق المحرم للمرض أو األذى فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، بخالف المضحي أو المضحى عنه إذا حلـق فـي عشـر ذي الحجة فليس عليه فدية إجماعا سواء كان الحلق لعذر أو ال، عمـدا أو

.سهوا أو جهال، بل عليه أن يستغفر اهللا تعالى وتقدم، واهللا أعلمذكر الفقهاء أنه يسن لمريد اإلحرام أخذ شعر وظفر، وهـذا : الرابعة

فيما إذا لم يكن األخذ من الشعر والظفر في عشر ذي الحجـة لمريـد ضحية، أما إن كان يريد أن يضحي أو يضحى عنه فـال يأخـذ مـن الت

شعره وظفره شيئا ألن األخذ من ذلك لمريد اإلحرام سنة واألخـذ مـن ذلك بعد دخول العشر لمريد التضحية حرام فيرجح جانب التـرك علـى

.جانب األخذ، هذا ما ظهر لي واهللا أعلملى ما فعل ابـن عمـر ع: ويستحب حلقه بعد الذبح، قال اإلمام أحمد

تعظيما لذلك اليوم وألنه كان ممنوعا من ذلك قبل أن يضحي فاسـتحب له ذلك بعده كالمحرم، ولو أوجبها بنذر أو تعيين ثم مات قبل الـذبح أو بعده قام وارثه مقامه في األكل واإلهداء والصدقة كسائر حقوقـه، وال

ضـحية فـوق ثـالث ونسخ تحريم ادخار لحم األ. تباع في دينه وتقدمإنما نهيتكم من أجل الدافة فكلـوا (فيدخر ما شاء لحديث عائشة وفيه

ذبح رسول اهللا صلى : (متفق عليه، وعن ثوبان قال) وادخروا وتصدقوايا ثوبان أصلح لي لحم هذه، فلـم أزل : اهللا عليه وسلم أضحيته ثم قال

أن (لدارمي رواه أحمد ومسلم، وفي سنن ا) أطعمه منه حتى قدم المدينةقال لي رسـول اهللا : ثوبان مولى رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال

أصلح لنا من هذا اللحم فأصلحت له : صلى اهللا عليه وسلم ونحن بمنىكنا ال نأكل : (وعن جابر قال) منه، فلم يزل يأكل منه حتى بلغنا المدينة

عليـه من لحوم بدننا فوق ثالث منى فرخص لنا رسول اهللا صـلى اهللا كنـا نتـزود لحـوم (متفق عليه، وفي لفظ ). كلو وتزودوا: وسلم فقال

متفق ) األضاحي على عهد رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم إلى المدينةأن النبي صلى اهللا عليه وسلم نهى عن أكـل لحـوم (عليه، وفي لفظ

رواه مسـلم ) الضحايا بعد ثالث ثم قال بعد كلوا وتـزودوا وادخـروا يا : (ي، وعن أبي سعيد أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قالوالنسائ

أهل المدينة ال تأكلوا لحوم األضاحي فوق ثالثة أيام، فشكوا إلى رسول كلـوا : اهللا صلى اهللا عليه وسلم أن لهم عياال وحشـما وخـدما فقـال

قال رسـول : رواه مسلم، وعن بريدة قال). وأطعموا واحبسوا وادخرواكنت نهيتكم عن لحوم األضاحي فوق ثالثـة : (اهللا عليه وسلماهللا صلى

ليتسع ذوو الطول على من ال طول له فكلوا مـا بـدا لكـم وأطعمـوا رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، ولم يجز ذلك علـي ). وادخروا

: وابن عمر ألنه لم تبلغهما الرخصة، قال شيخ اإلسالم رحمه اهللا تعالىألنـه سـبب تحـريم االدخارلم ينسخ فيه تحريم إال زمن مجاعة أي ف

قوم يسيرون جميعا : والدافة المذكورة في الحديث بتشديد الفاء االدخارسيرا خفيفا، ودافة األعراب من يريد منهم المصر، والمراد هنا من ورد

األضـحية : من ضعفاء األعراب للمواساة واهللا أعلم، قال شيخ اإلسالم، فتضحي المرأة من مال زوجها عن أهل البيت بال من النفقة بالمعروف

إذنه عند غيبته أو امتناعه كالنفقة عليهم، ويضحي مدين لم يطالبه رب .دين به

وهذا مـا : قال مؤلفه عبد اهللا بن عبد الرحمن بن جاسر عفا اهللا عنه تيسر جمعه، واهللا أسأل أن يعم نفعه ويجعله خالصا لوجه الكريم وسببا

.لديه بجنات النعيمللفوز اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت اهللا ال إله إال أنت األحد الصـمد

.الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحداللهم أني أسألك بأن لك الحمد ال إله إال أنت المنان بـديع السـموات

واألرض يا ذا الجالل واإلكرام يا حي يا قيـوم أن تحقـق فـي رجـاء رحمتك وغفرانك آمالنا، وأن تسهل إلي بلوغ رضاك وعفوك وعافيتـك

.ومعافاتك سبيلنا، وأن تحسن في جميع أحوالنا أعمالنااللهم نبهنا لذكرك في أوقات الغفلة واستعملنا بطاعتك في أيام المهلة،

وانهج بنا إلى محبتك سبيال سهلة، واجمـع لنـا بهـا خيـري الـدنيا .واآلخرة

ال تكلنا إلى خلقك بل تفرد بقضاء حوائجنا وتول كفايتنا وانظـر اللهم إلينا بعين رحمتك في جميع أمورنا، فإنك إن وكلتنا إلى أنفسنا عجـزت عن كفايتنا ولم تقم بما فيه مصلحة ديننا ودنيانا، وإن وكلتنا إلى خلقك تجهمونا، فبفضلك الهلم فأغثنا، وبعظمتك فأنعشنا، وبسعة رزقك فابسط

.يدينا، وبما عندك فاكفناأ

اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربنا إلى من تكلنـا إلـى بعيـد يتجهمنا أم إلى عدو ملكته أمرنا؟ إن لم يكن بك علينا غضب فال نبالي

ك الـذي أشـرقت لـه غير أن عافيتك هي أوسع لنا، نعوذ بنور وجهالظلمات وصلح عليه أمر الدنيا واآلخرة من أن تنزل بنا غضبك أو يحل

.علينا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، وال حول وال قوة إال بكاللهم ال تجعل عيشنا كدا وال ترد دعاءنا ردا، فإننا لم نجعل لك ضدا،

.ولم ندع معك نداونك، واجعلنـا مـن قـوم تحـبهم اللهم نزه قلوبنا عن التعلق من د

ويحبونك، يا أرحم الراحمين يا حي يا قيوم يـا ذا الجـالل واإلكـرام، والحمد هللا أوال وآخرا وظاهرا وباطنا كما يحب ربنا ويرضى، وصـلى

.اهللا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلما اهللا قال مؤلفه الفقير إلى اهللا عبد اهللا بن عبد الرحمن بن جاسر عف

فرغت من تأليفه ثالث ربيع اآلخر سنة سبع وسـتين وثالثمائـة : عنهوألف بدارنا بمكة المشرفة المعروفة في حارة شعب عامر، عمـر اهللا قلوبنا باإليمان ووفقنا للعمل بالسنة والقرآن، وأعاذنـا مـن نزغـات الشيطان ومن كل طارق يطرق إال بخير يا رحمن، إنك قريـب مجيـب

.اء يا أرحم الراحمينسميع الدعثم إني بعد الفراغ من تأليف هذا الكتاب تراخيت عن تبييضه لما أنيط

بي من كثرة األعمال ثم استعنت اهللا جل وعال، وابتدأت فـي تبييضـه غرة محرم سنة اثنتين وسبعين وثالثمائة وألف، وفرغت منه في آخـر

لمين والصـالة ربيع األول من السنة المذكورة، والحمـد هللا رب العـا .والسالم على أشرف المرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين