نظريات االتصال الجماهيري - setif2.dz

81
مقراطيـة الشعبيـةـة الدييـة الجزائري الجمهورعلمـيلـي والبحث اللعاتعليـم ا وزارة الن سطيفين دباغي حمد جامعة م2 جتماعيةنية وانساعلوم اية ال كلتصال م وا ع علوم ا قسم مطبوعة ال دعم ال مقياسداغوجي في بي: بة السنةطل موجهة ل ولى ا ماسترتصال م وا ع علوم اص تخصئط الجديدةلوساري والجماهيل اتصا ااد: إعدام عكوباش الدكتور هشلجامعية: السنة ا8102 - 8102 يلجماهيرل اتصات ا نظريا

Transcript of نظريات االتصال الجماهيري - setif2.dz

الجمهوريـة الجزائريـة الديمقراطيـة الشعبيـة

وزارة التعليـم العالـي والبحث العلمـي

2جامعة محمد ملين دباغين سطيف

كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية

قسم علوم اإلعالم واالتصال

:بيداغوجي في مقياس الدعم المطبوعة

علوم اإلعالم واالتصال ماستر األولىموجهة لطلبة السنة

االتصال الجماهيري والوسائط الجديدةتخصص

الدكتور هشام عكوباش إعداد:

8102-8102السنة الجامعية:

نظريات االتصال الجماهيري

فهرس املحتويات

10..................................................................................................................................تمهيد:

نظريات االتصال الجماهيري حول مفاهيمي : مسرداملحاضرة األولى

13..................................................................................................................الظاهرة مفهوم -0

14................................................................................................البراديغم ................ مفهوم -2

10.................................................................................................النظرية.................. وممفه -3

19...........................................................................معايير النظرية العلمية............................. -4

00...................................................................................ة واإلعالمية.مفهوم النظرية االتصالي -5

ظهور وتطور نظريات االتصال املحاضرة الثانية:

04......................................................................وسائل االتصال الجماهيري والنظام االجتماعي -0

05...........................................................مفهوم املجتمع الجماهيري........................................-2

00 ..............................................................الدعاية السياسية والبحث في االتصال الجماهيري -3

01.........................................................الم والتحليل الوظيفي................................وسائل اإلع-4

09.............................................................................................مسار التنظير االتصالي........... -5

الثة: أنواع نظريات االتصال الجماهيري املحاضرة الث

24......................................................................................نظريات التأثير..............................-0

20.........................................................................النظريات املتعلقة بالجمهور....................... -2

28....................................................................................النظريات املتعلقة بالقائم باالتصال. -3

نظريات التأثير املباشر املحاضرة الرابعة:

32.........................................................................................أصول نظرية الحقنة تحت الجلد -0

33..........................................................................................أسس نظرية الحقنة تحت الجلد.-2

34....................................................................................إفتراضات نظرية الحقنة تحت الجلد -3

35................................................................................................نقد النظرية....................... -4

املحاضرة الخامسة: نظريات التأثير املحدود

38....................................................................................................... مدخل الفروق الفردية -0

41................................................................................................مدخل الفروق االجتماعية...-2

40...............................................................................................دخل العالقات االجتماعية.م -3

املحاضرة السادسة: نظرية تدفق االتصال على خطوتين

44......................................................................مرتكزات النظرية تدفق االتصال على خطوتين.-0

48..............................................................................................إسهامات النظرية................. -2

50...................................................................................نقد النظرية................................... -3

املحاضرة السابعة: نظرية إنتشار املبتكرات

53.........................................................................................مرتكزات نظرية انتشار املبتكرات. -0

55..........................................................................................إسهامات النظرية......................-2

51.......................................................................................................نقد النظرية.................-3

ياتاملحاضرة الثامنة: نظرية ترتيب األولو

59..........................................................................مرتكزات نظرية ترتيب األولويات................. -1

00أنواع البحوث املرتبطة بالنظرية.......................................................................................... -2

02العوامل املؤثرة في ترتيب األولويات....................................................................................... -3

05.....نقد النظرية.................................................................................................................. -4

املحاضرة التاسعة: نظرية االعتماد على وسائل اإلعالم

01..مرتكزات النظرية.............................................................................................................. -0

09..................................................االعتماد املتبادل بين وسائل اإلعالم والنظام االجتماعي........ -2

09االعتماد املتبادل بين األفراد ووسائل اإلعالم......................................................................... -3

13......................................................نقد النظرية................................................................. -4

14.........................................................................................................................قائمة املراجع

1

تمهيد:

ل عبر مسار من الزمن ارتبط بشكل رئيس بفعل يعتبر االتصال الجماهيري نظام رمزي معقد تشك

تطور وسائل اإلعالم خاصة في السنوات األولى من القرن املاض ي مثل الصحف، املجالت، فونوغرام،

سرة للعالقة املوجودة بين السينما والراديو؛ حيث طور الباحثون الذين اهتموا بهذا املجال نظريات مف

وسائل اإلعالم والجمهور، وقد تركزت أولى البحوث على تأثيرات اإلعالم داخل املجتمع على املستوى

أن مختلف نظريات االتصال الجماهيري تفسر Baran(2002)املعرفي، الوجداني، والسلوكي. ورأى

فإن هذه النظريات Neweman(1986)ب الظواهر االجتماعية في عالقتها مع العملية االتصالية. وحس

تعبر عن نظام مفاهيمي يشكل إطار لتنظيم التفسيرات خاصة باملشاهدات املتعددة للظاهرة.

، ثم ظهور 91يعود االهتمام باالتصال الجماهيري مع تطور الطباعة وانتشار الصحف في القرن

-9191، وبعدها التلفزيون 9191و 9191دة بين الراديو كوسيلة القت قبول في البيوت في الفترة املمت

الذي تم تبنيه بسرعة من قبل األفراد وأصبح وسيلة قوية داخل املجتمع. لقد كانت الخطوات 9191

األولى للتنظير اإلعالمي في حقل علوم اإلعالم واالتصال مع سؤال تأثير وسائل اإلعالم على األفراد وكان

من خالل األعمال التأسيسية لكل من هارولد الزويل وبول هذا السؤال من بين أهداف البحث

الزاسفيلد، وتبع ذلك مجموعة من االجتهادات البحثية، يجب اإلشارة إلى أن مجمل البدايات كانت

أنجلوساكسونية وتحديدا أمريكية املنبت.

يات يعني وحتى نتموقع بشكل دقيق وواضح داخل هذا املبحث؛ فإن االهتمام بموضوع النظر

االهتمام بكل املسائل املرتبطة باالتصال الجماهيري الذي يمكن أن يفهم على أنه كل مسعى يحمل

ثالث عناصر أساسية تتمثل في وجود معلومة يهدف أصحابها إلى نشرها عبر وسيط يسمح بوصولها إلى

وح الذي يصدر عن جهة عدد كبير من األفراد. أو كما حدده دنيس ماكويل بأنه االتصال املنظم واملفت

معينة ليصل إلى أبعد نقطة إلى العديد من األفراد في وقت قصير. وحسب هذا الباحث فإن هذه

2

الوسائل تطورت في ظل مجموعة من التناقضات وسياقات مليئة بالصراعات والتحوالت؛ حيث

افة، وارتبطت اندمجت هذه الوسائل شيئا فشيئا فأصبحت تمثل جزءا من التحول في املجتمع والثق

بعديد امليادين السياسة، االقتصاد، الثقافة، املجتمع، الحياة اليومية.

تبلورت Phénomène de médiatisationإن األبحاث التي توجهت نحو الظاهرة اإلعالمية

وتطورت بشكل ملفت لالنتباه في الوقت الراهن، ويعود هذا التطور لالهتمام املتزايد بهذه الظاهرة

وإشكالياتها من قبل العديد من حقول املعرفية وبالدرجة األولى علوم اإلعالم واالتصال؛ ولكن كذلك

. وهناك من الباحثين 1فيما سبق من قبل علم االجتماع، علم السياسة، علم اللغة، التاريخ واالقتصاد

الم وفقا للرؤى من يرى أن هناك جيلين من الدراسات: الجيل األول تعامل مع جمهور وسائل اإلع

النظرية التقليدية التي تجعله الطرف الثاني املتلقي في العملية االتصالية بينهما يتبنى اإلطار النظري

العام املوجه للجيل الثاني من الدرسات اإلعالمية منظور الجمهور املشاركة في عملية االتصال قائمة

ى إعادة إنتاج مقوالت وفرضيات نظريات على اختيارات الجمهور وعمديته في االستخدام ويركز عل

. ونجد أن بحوث اإلعالم في بدايتها 2اإلعالم التقليدية بما يتناسب مع تغير خصائص الظاهرة اإلعالمية

ويعود السبب في ذلك إلى الظروف التي أنجزت صوبت جهدها نحو ظواهر التأثير، الدعاية، اإلقناع

لعامليتين األولى والثانية حيث استغلت الدعاية في تسيير فيها هذه البحوث، ونذكر منها الحربين ا

املعارك، باإلضافة إلى بروز اإلذاعة التجارية وما تبعها من نشاط إعالني وإقناعي... وهذا ما سنحاول

الوقوف عنده من خالل هذه املحاضرات.

1- Bernard Delforcem, Jacques Noyer, Pour une approche interdisciplinaire des phénomènes de

médiatisation: constructivisme et discursivité sociale, étude de communication, n° 22, 1999, université

de lille 3, en ligne, https://journals.openedition.org/edc/2341 , date de visite: 03/11/2018 ، ورقة علمية في مؤتمر وسائل التواصل االجتماعي: اإلشكاليات املنهجية في دراسات تطبيقات اإلعالم االجتماعي: رؤية تحليليةمها عبد املجيد صالح، -2

. 9، ص9199مارس، 91-91طبيقات واإلشكاالت املنهجية، جامعة اإلمام محمد بين سعود اإلسالمية، كلية اإلعالم واالتصال، الرياضالت

3

مسرد مفاهيمي حول نظريات االتصال املعاصرة املحاضرة األولى:

تمهيد:

نحاول من خالل هذه املحاضرة ضبط بعض املفاهيم الضرورية التي تعد مفاتيح لفهم موضوع

نظريات االتصال الجماهيري وأبعاده املختلفة، فنحتاج إلى فهم مدلول الظاهرة عموما، وظاهرة

ذا االتصالية بالتحديد، كما علينا ضبط مفهوم كل من البراديغم والنظرية ألجل التمييز بينهما، وك

داللة النظرية االتصالية محول هذا املوضوع.

لغة تعني الش يء الذي يبدو للناظر، وهو عكس املضمر، الخفي، أو ما يدرك مفهوم الظاهرة: -1

.بالحواس

وفي الفلسفة الظاهرة هي ما يمكن إدراكه أو الشعور به، وما يعرف عن طريق املالحظة والتجربة

وأحاط بها معرفة وتحليل. أو موضوع مدرك من قبل الذات الواعية، نقول درس أسباب الظاهرة

ويحدد كذلك بأنه العنصر املادي لحادثة معينة ميدانية إمبريقية أي محسوسة، وهو كذلك الش يء

القابل للمعاينة أو املالحظة، الرصد، الفحص، التتبع...

املترجم الى العربية حول قواعد املنهج في علم هذا التعريف تناوله عالم االجتماع دوركايم في كتابه

االجتماع حيث يعرف الظاهرة االجتماعية بأنها "كل ضرب من السلوك، ثابتا كان أو غير ثابت، يمكن

أن يباشر نوعا من القهر الخارجي على األفراد، أو هي كل سلوك يعم في املجتمع بأسره وكان ذا وجود

."بها في الحاالت الفردية خاص مستقل عن الصور التي يتشكل

ويمكن للظاهرة أن تكون أحداث، مواقف، تجارب أو مفاهيم، يسعى اإلنسان دائما إلى وصفها،

، وهذا مليار(9فهمها وتفسيرها كانتشار األنترنت، استخدام الشبكات االجتماعية فايسبوك)حوالي

أجل فهمها وتفسيرها. يسترعي اهتمام الباحث ويستثير قلقه من أجل البحث فيها من

4

صطالحا النموذج يستخدم أحيانا لإلشارة إلى مجموعة اإلفتراضات األساسية. ا مفهوم البراديغم:-2

". وفي العصور pradigma" هو كلمة التينية األصل " pradigmوهذا اإلفتراض الذي نستخدمه اآلن "

أي نوع من النموذج يمكن نسخه أو القديمة، أي قبل تطور العلوم الحديثة كانت هذه الكلمة تعني

قياس عليه أو مقارنة ش يء آخر به. وعلى سبيل املثال، فإن سجل حياة اإلنسان الفاضل كانت نوعا من

ويمكن استخدام حياة هذا اإلنسان كمقياس للسلوك الحسن، كما يمكن pradigmالنموذج أو الـــــ

العربية يعاني مشكلة تعريب املصطلح بخصوص . لكن الدارس باللغة 3مقارنة حياة أي إنسان آخر

سق(، و)نموذج كلي( لدى كمال paradigmالتباين في في ترجمة املصطلحات؛ فمصطلح مثال هو )من

أبو ديب، وهو )التبادل( لدى سعيد الغانمي، و)الجذر( لدى سعيد بنكراد، و)الجدول( لدى يوسف

.4لعرب إلى ترجمته بــــ: )املرجع(الصديق... بينما يميل الكثير من الباحثين ا

في 9191في الواليات املتحدة األمريكية عام Thomas Khunظهر مفهوم البراديغم ألول مرة على يد

(، وإطار فكري يشكل إجماع métathéorieكتابه بنية الثورات العلمية ويعرفه على أنه: "توجه نظري)

تجارب داخل العلم الطبيعي، حتى يحدث التغيير الالزم، حول التساؤالت امللحة من أجل إجراء ال

.5وبالتالي فهو ليس نظرية وإنما تحول في أفق البحث"

ويعرف البراديغم بأنه بمثابة املنظور اإلرشادي الخاص بنوعية معينة من البحوث دون غيرها، والتي

، كونها تقدم لهم اآلليات التي بموجبها تسهل على الباحثين عملية البحث العلمي في إطار هذا البراديغم

يتم توجيه البحث والتحكم العلمي له للوصول إلى ضبط النتائج، كما تخضع البراديغمات على أساس

. 96، ص9119، القاهرة، 9، الدار الدولية لالستثمارت الثقافية، طنظريات وسائل اإلعالمروكيتش، -ملفين ل. ديفلر، ساندرا بول -3 . 99-99، ص ص 9119، بيروت، 6، ترجمة نصرالدين لعياض ي، الصادق رابح، املنظمة العربية للترجمة، طتاريخ نظريات االتصالماتالر، أرمان وميشال -4

5- Guy rumelhard, Problimatisation et concept de paradigme aproche épstimologique, psychologque, sociologique, ASTER,N° 40, 2005,

p206. http://documents.irevues.inist.fr/bitstream/handle/2042/8861/ASTER_2005_40_205.pdf?sequence=1, en ligne, date de visite le

19/10/2018.

5

وهذا يعني أن البراديغم لوحة تحكم يتم بموجبها .6الفكر االبستمولوجي إلى مدرستين كمية وكيفية

حيح، أي أنه معيار ضابط ملجريات البحث حتى يبقي التحكم في مسار البحث وتوجيهه االتجاه الص

الباحث على الصرامة الالزمة والكافية لعلمية بحوثه أثناء كل مراحله وصوال إلى النتائج.

بالبراديغم:" مجموعة القوانين والتقنيات واألدوات املرتبطة بنظرية علمية، كون وقصد

عملهم، ويديرون نشاطهم، وحاملا تتأسس تتخد اسم العلم واملسترشدة بها والتي بها يمارس الباحثون

وصفة العلم العادي هي مرحلة متقدمة من مراحل املعرفية العلمية أن تحظى النظريات .7العادي

والبحوث بالقبول في الوسط العلمي، ويصادق على إجراءاتها، ويعترف بها مجموعة من الباحثين في

مجال معين.

ية إلى براديغم حسب يمنى الخولي: النموذج القياس ي اإلرشادي هو النظرية العامة ولكي تتحول النظر

التي يلتزم بها املجتمع العلمي في مرحلة ما، وبلوغ النظرية مرتبة النموذج اإلرشادي يعني أنها األفضل من

خلفياتها كل منافسيها، أي ثبتت ووجب التسليم بها وبكل مسلماتها ومناهجها ومفاهيمها العلمية و

امليتافيزيقية. فتغدو النظرية بكل هذه األبعاد بمنزلة نموذج إرشادي يحدد مدلول الوقائع التجريبية،

يطرح معايير االختبار والتقويم والتنقيح، والتعديل إذا لزم األمر. واألكثر فاعلية أنه يطرح املشاكل التي

اإلرشادي أن يثير مشكالت للبحث، وإذا توقف يجب دراستها وأنماط الحلول املطلوبة... والبد للنموذج

.8عن هذا مع استمرار التسليم به ال يعود برنامج علمي بل مجرد تقنية خاصة بمهنة معينة

على عينة من منشورات التأسيس النظري لعلوم اإلعالم واالتصال انطالقا من البراديغم السيبرنطيقي: دراسة تحليلية بطاهر هشام، بطاهر هشام، -6

cairn.info، 992ص .

، مساهمة في الحلقة البحثية البراديغمات العلمية لطالب الدكتوراه البراديغمات املسيطرة في علوم اإلعالم واالتصال وإشكالياتها املختلفةحسين سعد، -7

.99، ص91/16/9199اللبنانية،

. 919، ص9111، الكويت، 999، عالم املعرفة، العدد العشرين فلسفة العلم في القرن يمنى طريق الخولي، -8

6

مفهوم النظرية:-3

تعتبر النظريات العلمية اإلطار األساس ي الذي تنطلق منه البحوث العلمية حسب املوضوعات

حة، فهي بمثابة خلفية ومرجعية يبدأ منها البحث؛ وهذا يعرف في املدروسة واإلشكاليات املطرو

األدبيات البحثية باإلطار النظري للبحث، تسمح للباحث بأن يبدأ مشروعه البحثي من أرضية صلبة

تضم مجموعة من الحقائق، واألفكار املنظمة واملفاهيم تعطي للبحث مشروعية ومصداقية أكثر،

ضيات ويختبرها بناء على افترضات النظرية ويوظف املفاهيم املشكلة وتمكنه كذلك من أن يبني فر

للنظرية. وعموما تفتح النظرية أفق أمام الباحث من أجل صياغة الفرضيات أو التساؤالت التي يروم

البحث تحقق منها واإلجابة عنها وأيضا ضبط إجراءات البحث وتحليل وتفسير النتائج املتوصل إليها.

معروف فإن النظريات العلمية في ميدان العلوم اإلنسانية تتميز بعدم الثبات، فهي وكما هو

شديدة التغير؛ وهذا راجع إلى طبيعة اإلنسان وما ينتجه من ظواهر حياتية مرتبطة بسلوكياته وحاالته

ظاهرة النفسية، وهي ظواهر معروف عنها أنها شديدة التعقيد دون إغفال املتغير الزماني واملكاني لل

تستدعي تجديد املعرفة حولها وتحيينها من أجل تفسيرات وتحليالت أشد عمقا وفهما ألبعادها وفق

منطق التراكم املعرفي الذي يطور العلم من خالل الحقائق الجديدة.

النظريات هي بناءات للمنهجية العلمية التي تعتمد في البداية على النماذج النظرية )البراديغمات( و

ادئ قاعدية لهذا البناء. وتعتبر النظرية نقطة استدالل للباحث: سواء تجسدت في نموذج نظري أو كمب

سدت فجوات. وفوق هذا فإن اإلطار النظري هو الضامن الندماج البحث في املجموعة العلمية. هذه

نقطة هامة ألن الباحث الذي أنجز بحثا قيما دون أن يضعه ضمن إطار نظري مقبول من قبل

7

املجموعة العلمية سيرى مصداقية نتائج بحثه محل تساؤل. تقوم إذن، النظرية في جزء منها بتبرير

. 9علمية البحث وتعطيه الشرعية في نموذج معترف به حسب العلم الطبيعي

بناء مجرد للتفسيرات والتنبؤات للعالقة بين الظواهر، وبناء النظرية هو إجراء يقوم على وهي أيضا

راع سلسلة من الحجج لتبرير األحداث والظواهر. وهكذا، فتفسير أي ظاهرة يعتمد على نظريات، اخت

.10تربط األفكار حول املالحظات التي نقيمها

على أنها إطار فكري يفسر حقائق عن موضوع معين بطريقة علمية ويضعها في نسق كذلك وتعرف

ايا التي ترتبط بطريقة علمية منظمة، كما تتضمن علمي مترابط، فالنظرية تتضمن مجموعة من القض

مجموعة من التعريفات واملفاهيم التي تشكل رؤية منظمة للظواهر عن طريق تحديد العالقة بين

املتغيرات الداخلة فيها بهدف تفسير الظواهر أو التنبؤ بها. وتمثل النظرية اإلطار العام للدراسة،

معها من عدة زوايا؛ فتأثير التلفزيون مثال، يمكن أن يدرسه خاصة وأن ظاهرة واحدة يمكن التعامل

الباحث في مجال التربية من منظور التنشئة االجتماعية أو البرامج التعليمية، كما يمكن أن يدرسه

الباحث في علم النفس من منظور السلوك واالتجاهات، مثلما يمكن أن يدرسه باحث االتصال من

.11منظور نشر املعرفة

يفهم من ذلك أن النظرية هي ذلك اإلطار الذي يتحرك فيه الباحث من أجل إجراء بحوثه ودراساته

متوسال بمجموعة من املفاهيم النظرية يسير وفقها وتسمح له بتظيم بحثه وفق منظور تجريدي يحمل

تبريرات كافية لصدقية البحث وموضوعيته.

ين والناشطين في حقل نظري معين، ملجموعة من ويعرف التأسيس النظري بأنه وضع الباحث

القواعد واألسس العلمية، وال تحمل هذه القواعد صبغة العلمية إال بعد العديد من الدراسات

. 992، ص9111، ترجمة فضيل دليو وآخرون، مخبر علم االجتماع للبحث والترجمة، قسنطينة، البحث في االتصال: عناصر منهجيةأ. الرامي، ب. فالي، -9

.991املرجع نفسه، ص -10

92-99،ص ص 9199، 9، دار الكتاب الحديث، القاهرة، طمي: األصول النظرية ومهارات التطبي مناهج البحث اإلعال بركات عبد العزيز، -11

8

والوصول إلى نفس النتائج، لتكون مرشدا علميا توجه الدارسين نحو دراسة معنية وتسمح لهم

افة إلى توفير الوقت عنهم، كونهم ال يقومون إال بالتحكم في مسار بحثهم من خالل هذه القواعد، إض

.12بإسقاط هذه األسس النظرية على املوضوع البحثي للتأكد من صوابه وخطئه

تعتبر النظرية املستوى النهائي للمعرفة العلمية، وتمثل نظاما متسلسال ومنسجما يشكل نسق

ها مكمل لآلخر وهي أعم من النماذج التي ورابط بين القوانين والفرضيات واملبادئ والنماذج وكل من

تستخدمها، حيث يمكن أن تستخدم أكثر من نموذج وتضعها في سياق مفاهيمي أكثر عمومية

وللنظرية وظائف أربعة هي:

من خالل النظرية نستطيع استنتاج قوانين قابلة لالختبار من أجل تنبؤية: الوظيفة التفسيرية -

.تفسير والتنبؤ بالظواهر

تسمح بتجميع الكثير من الظواهر في إطار مفاهيمي موحد، واختزالها في عدد لوظيفة التوحيدية:ا -

قليل من القوانين والنماذج.

النظريات تسمح للباحثين بفتح آفاق جديدة للبحث من خالل النتائج املتوصل الوظيفة التوجيهية: -

إليها أو العدول عنها على أساس أنها غير مثمرة.

النماذج واألطر التي تقترحها النظريات تسمح بتمثيل الفضاء أو املحيط والتي يفة التمثيلية:الوظ -

توفر رؤية منظمة للعالم.

:13ومن الوضائف النظرية أيضا

وهو أقل نقطة حيث يجب أن تحمل وصف ملعانيها ومصطلحاتها العلمية. الوصف:-

. 992- 999، ص صمرجع سابقبطاهر هشام، -12

.1، ص9199، دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، نظريات االتصال في القرن الحادي والعشرينعبد الرزاق الدليمي، -13

9

لنظرية أكثر وضوحا وفهما، ويكون هذا التوصل وهي وظيفة أخرى للنظرية بمعنى جعل ا الشرح:-

بالعالقات بينه وبين املعرفة الحالية كإثبات نظريات في الرياضيات...

فالنظرية ال تكتفي على الشرح والتفسير، بل تكون النظرية لها القدرة التنبؤية مستقبلية، التنبؤ:-

بمعنى آخر أن يتم اختبار النظرية يمكن االستناد عليها.

توجيه النظرية إلى املزيد من البحث واالعتماد عليها... فعند اكتشاف نظرية جديدة يجب دليل عمل: -

تطبيقها حتى تصبح أقرب إلى الحقيقة

معايير النظرية العلمية الجيدة: -4

يقول ستفين هوكينج أن أي نظرية هي نظرية جيدة إذا ما لبت شرطين: األول أن تصف بدقة

لة من املشاهدات وذلك على أساس نموذج يتضمن أقل قدر ممكن من العناصر مجموعة هائ

فالنظرية وصياغتها ؛14العشوائية، والثاني هو أن تضع تنبؤات حاسمة عن نتائج مشاهدات مستقبلية

ليست باملسألة السهلة والبسيطة، فهي تتطلب مجهود فكري متميز، والكثير من النظر في الظواهر

حث، ولكي ترقى إلى املستوى العلمي املطلب يجب أن تحمل مجموعة من الخصائص التي تحيط بالبا

:15وتتمثل هذه املعايير في اآلتي التي ترفعها إلى مستوى النظرية، وتلقى قبوال من قبل الباحثينن

فالنظرية الجيدة هي التي تتميز بالتماسك بين مكوناتها املختلفة، ومن مؤشرات ذلك عدم التماسك: -

تناقض النظرية وفق ناقض بين هذه املكونات، ووجود عالقة واضحة بينها، واإلثبات املتكرر لعدمالت

الشروط املحددة لها، فإذا فشلت املحاوالت املتكررة في إثبات تناقض أو عدم تكامل النظرية كان ذلك

ة وبالتالي يتعين تأكيدا لصحة النظرية، أما إذا نجحت هذه املحاوالت كان ذلك تأكيدا لخطأ النظري

تعديلها أو حتى رفضها.

. 99ع نفسه، ص املرج -14

.69- 61بركات عبد العزيز، مرجع سابق، ص ص -15

10

بمعنى إمكانية اختبار النظرية باألدوات العلمية، وصياغة فروض علمية)جديدة( إمكانية التحق : -

مستمدة من النظرية والتحقق من تلك الفروض، فالنظرية الجيدة هي التي يمكن صياغة فروض

الفروض. علمية جديدة مستمدة منها وإمكانية التحقق من تلك

إن النظرية العلمية الجيدة هي التي تساعد على التنبؤ بما سيحدث للظاهرة، فإذا القدرة التنبؤ: -

تأكدت تنبؤات النظرية ازدادت قوة ويقينا، أما إذا لم تتأكد تنبؤاتالنظرية فإنها تكون محل شكوك.

عليها الظاهرة، بحيث تفسر بمعنى أن تكون النظرية شاملة لكافة الجوانب التي تنطوي الشمول: -

هذه الجوانب وما تتضمنه من متغيرات وعالقات وتفاعالت.

بمعنى أن تنفرد النظرية بتفسير الظاهرة املعنية بها، وأال تكون هناك نظرية أخرى قدمت التفرد: -

التفسير نفسه لتلك الظاهرة.

الحقائق التي تشتمل عليها، وفي بيان فالنظرية الجيدة هي التي تكون موجزة في التعبير عن اإليجاز: -

الغرض الذي وضعت من أجله، وأن يتم التعبير عن النظرية بذاتها.

هذه املعايير كفيلة بالحكم على جودة النظرية وصالحيتها في الوسط العلمي، فهي سلسلة مترابطة

ة مجموعة من الحجج من الجهود العلمية، ومحصلة الكثير من البحوث والتجارب التي سمحت ببلور

والبراهين الدالة على صحة النظرية وإمكانية اختبارها كلما عاود الباحث درساته حول الظاهرة.

وال يطلق لفظ نظرية على أي مجموعة توصيفية من املعارف إال إذا تضمنت حدا أدنى من األسس

:16اإلمبريقية، وذلك وفقا ملعايير،وهي

لنظريات السابقة وإلى الحد الذي تكون فيه النظرية مؤكدة تجريبيا، وذلك أن تحقق االتساق مع ا -

بالرغم من أن النظرية الجديدة ستظهر في الغالب عدم دقة النظرية القديمة.

. 99عبد الرزاق دليمي، مرجع سابق، ص -16

11

أن تؤيدها الكثير من األدلة، وليس دليال واحدا، وبما يضمن أنها تمثل جيدة، إن لم تكن صحيحة -

كلية.

اإلعالمية:و لية مفهوم النظرية االتصا-5

نظريات االتصال على القواعد والقوانين التي تتحكم في عملية االتصال. فهناك النظريات تشتمل

Gate Keepersالتي تفسر دور القائم باالتصال وكيف يؤثر في األخبار وهي نظرية حراس البوابات

ن وهناك نظرية مارشال ماكلوهان وهناك النظريات التي تشرح عملية انتقال املعلومات على مرحلتي

.17التي تشرح دور الوسيلة وأهميتها في عملية االتصال

وعلى الرغم من اختالف تعريفات الباحثين في الدراسات اإلعالمية واالتصالية ملفهوم النظرية فإنها

يرات يتم تجمع على أن الهدف منها هو الوصول إلى استنتاجات عملية تصف عالقات وظيفية بين متغ

، بهدف الوصف أو Graigقياسها أو استقراؤها، ويسبق ذلك فروض علمية يضعها الباحث كما يؤكد

.18التنبؤ أو التحكم في الظاهرة املدروسة

تجسد بشكل فاعل تطبيقات وسائل االتصال واإلعالم في املجتمع، كما توضح ما تحدثه هذه

جمهور نفسه تجاه الوسائل أو الرسائل االتصالية واإلعالمية، الوسائل من تأثير على الجمهور أو من ال

بل تتجاوز أحيانا إلى تقديم صورة عما يمكن أن يحدث مستقبال، كما تقدم تصورا عن املتغيرات

.19االجتماعية املحتملة وتأثيرات وسائل االتصال فيها

االتصال سواء ما تعلق منها باملرسل وتعني النظريات االتصالية تلك البحوث والدراسات التي تتعلق ب

وكان للفضل في حصر مجاالت الدراسة فيما .20أو املستقبل أو الوسيلة أو الجمهور أو كالهما معا...

يخص الظاهرة االتصالية للباحث في مجال االتصال هارولد الزويل من خالل أسئلته الخمسة الشهيرة

. 96، ص 9191، 9، دار النهضة العربية، بيروت طنظريات االتصالمي عبد هللا، - 17

. 99املرجع نفسه، ص -18

.996، ص9199، 9للنشر والتوزيع، عمان، ط ، دار أسامةنظريات االتصالبسام عبد الرحمن املشاقبة، -19

. 999، ص9111، دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، مناهج البحث اإلعالمي وتحليل الخطاببسام عبد الرحمن املشابقة، -20

12

التحليل الوظيفي ألجزاء االتصال الجماهيري ، من منطلقالذي حدد من خاللها ميادين البحث

.ومكوناته األساسية، وتخضع البحوث إلى اآلن إلى هذا املنطلق وهذا التقسيم

فروق بين النظرية والنموذج:-

:21تنحصر الفروق بين كل من النظرية والنموذج فيما يلي

ز اعتبر عالم االتصال كابيال أن النموذج يعد الخطوة األولى ف -ي التوجه نحو النظرية حيث يرك

النموذج على مشكالت أقل أو توجه أكثر تحديدا ،كما أن النموذج يعد فئة من الفئات الفرعية

املنبثقة عن النظرية فيقال نماذج االتصال بمعنى النظريات.

ن كثيرة أن النظرية نموذج بالقدر الذي تتميز فيه بصفات عن غيرها من النظريات األخرى، وفي أحيا -

يطلق نموذج على أية قضية سواء أكانت نظرية أو مستنبطة من التجارب عن طريق االتسقراء ألنها

تمثل في ذاتها نوعا يفرقها عن القضايا األخرى...

بينما في املقابل تصلح النظرية لالختبار وكما يولد النموذج فروضا قابلة لالختبار أي أن النماذج -

فهم أفضل لوسائل االتصال واإلعالم... كما أن النموذج يساعد في تطوير بحوث خطوة أولية في اتجاه

االتصال.

أما عن االختالفات املوجودة بين ما يعرف بنماذج االتصال ونظريات االتصال فقد حددها بعض

:22الباحثون؛ وهذا ما أثبتته الدراسات الحديثة في مجال علم االتصال وتتمثل في

بين النظرية والنموذج حيث أن النموذج يفهم في سياق النظرية. يوجد تداخل -

النظرية بناء كلي لعمل اإلعالم بجزئياته أما النموذج فهو بناء جزئي لعمل اإلعالم. -

. 999، ص9191، 9، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، طنظريات االتصالمحمد منير حجاب، -21

. 69-69الدليمي، مرجع سابق ص ص عبد الرزاق -22

13

النظريات تركز على العالقات الخارجية واملؤسسية أما النموذج في فيركز على العمليات اإلدراكية -

لإلنسان.

توجها للمجتمع وعناصره املادية والعالقات الدولية واملحلية، أما النموذج فهو أكثر النظريات أكثر -

توجها لإلنسان نفسه من خالل محاكاة أفعاله وتوجهاته...

النظرية هي نوع من التعميم للنشاط املعرفي ونتائج املمارسة من خالل التحقق من الواقع والعمل -

نين املنظمة.على تفسير النتائج والتنبؤ بالقوا

إذن هذه بعض املفاهيم األساسية التي تساهم في مفهم ما سيأتي من نظريات االتصال الجماهيري،

فهذه النظريات بنية على هذه األساسات، خالل مسارات تشكلها وبنائها من قبل باحثي مجال االتصال

الجمهور بهذه الوسائل، حيث واالتصال الجماهيري واملهتمين بوسائل اإلعالم ومضامينها وعالقة

شكلت محور الدراسات وافتراضاتها املتعددة.

14

ظهور وتطور نظريات االتصال املحاضرة الثانية:

تمهيد:

لقد ارتبط التأسيس النظري في حقل علوم اإلعالم واالتصال بظهور وسائل االتصال الجماهيري

الغربية منها، وتمخض عنها من مهن مختلفة، في مجال واملكانة التي احتلتها داخل املجتمعات خاصة

؛ اإلعالم، كما هو الحال بالنسبة للصحفيين، املصوريين، املخرجين، مصممي اإلعالنات، وغيرهم...

ح وسائل اإلعالم ونشاطاتها املختلفة إلى تصبح ظاهرة إعالمية مجتمعية متفردة استرعت

وهو رش

شكاالت ب والحقول املعرفية، من أجل تسليط الضوء على اإل من مختلف املشار اهتمام الباحثين

واملسائل التي طرحتها في تلك الفترة أو بعدها، وهذا ما أنتج لنا تراث نظري كان موضوعه األساس ي

الظاهرة اإلعالمية بكامل أبعادها وتمظهراتها ضمن البيئة االجتماعية.

عي:الوسائل االتصال الجماهيري والنظام االجتما -1

، وتاريخيا التصقت من غير املمكن أن نفكر في وسائل االتصال الجماهيري خارج دائرة االجتماعية

باملجتمع الحديث ومتطلباته، إن على املستوى السياس ي، االقتصادي، أو االجتماعي؛ هذه الوسائل

عالم هذه حيث عرفت هذه املجتمعات عمليات تحديث، وثورات كبرى، وقد رافقت وسائل اإل

ن هذا املنطلق نجد أن اإلعالم مالتحوالت من خالل مسايرتها أحيانا ومرافقتها ودعمها أحيانا أخرى.

، ويشكل عنصرا مهما من البنية أساسية الجماهيري يدخل في نطاق االقتصاد مقدما صناعة خدمية

الترفيه والثقافة الشعبية... وقد السياسية، كما يعد عامال مركزيا في املؤسسة العائلية ألن منتجاته من

أصبح اإلعالم الجماهيري جزءا من املؤسسة التربية من خالل مواده التعليمية والتربوية وعنصرا من

.23عناصر املؤسسة الدنية بما يقدمه من منتجات تلبي الحاجات الروحية لإلنسان

.992ص، 9119، بيروت، 9،دار الفكر املعاصر، طعلوم االتصال واملجتمعات الرقميةفريال مهنا، -23

15

لوقت الراهن فيما بات يعرف في ا عالمية مؤسسة اجتماعية بامتيازلقد أضحت املؤسسة اإل

لم تكن بدون تأثيرات واضحة، وفي بعض األحيان عميقة في حياة بعصر اإلعالم. هذه االمتدادات

على مستوى السلوكيات، وأنماط الثقافة، والرؤية إلى العالم من خالل التمثيل الرمزي أي األفراد

ر الهام الذي أصبح اإلعالم الجماهيري النظر بعيون اإلعالم؛ وهذا ما جعل الباحثون يعترفون الدو

هذه هي . يؤديه في املجتمع، يشتغل ضمن النسق االجتماعي العام ليحافظ على استقرار والتوازن

األولى في حقل اإلعالم واالتصال وتشكلت فيها النظريات املفسرة الرؤية التي تبلورت داخلها البحوث

.ملاض يفي العشرنيات من القرن ا الظاهرة اإلعالمية

وقد تمحورت نظريات األولى حول مقترب التأثير؛ أي العالقات االرتباطية بين التعرض للمضامين

اإلعالمية التي تبثها وسائل االتصال الجماهيري من قبل األفراد، وجملة التغيرات التي يمكن أن تحدث

م، أو تبني آراء واتجاهات حول لهؤالء على املستوى املعرفي باكتساب معرفة جديدة مصدرها اإلعال

القضايا املطروحة في املجتمع، أو تبني سلوكيات جديدة من خالل التماهي والتقليد.

مفهوم املجتمع الجماهيري: -2

لقد حدثت تغيرات جذرية داخل املجتمعات الغربية على مستوى العالقات االجتماعية، فبعد

دأت بوادر التباعد بين البشر ضمن الجغرافيا الواحدة؛ هي سمات كانت تتميز بالتماسك والترابط، ب

، فجعل األفراد يوجهون اهتمامهم نحو ، وكثرة األعمال والنشاطاتالحياة املتمدنة ذات اإليقاع السريع

شؤونهم الخاصة، يميلون أكثر إلى العزلة واإلكفاف على الذات غير مكترثين باآلخرين. وقد القت هذه

تفاف الباحثين حولها؛ من أن الالتجانسية والفردانية تتزايد بداخل املجتمعات الغربية، وأن النظرة ال

قدرة املجتمع على ضبط أعضاءه بشكل فعال وغير شكالني تضاءل بصفة محسوسة، وأن ثمة

16

تصاعدا في اغترابية الفرد عن الجموع، وأن العالقات املتشظية والعقدية تتكاثر مؤدية إلى ازدياد

.24لعزلة النفسية لإلنسانا

وقد قامت نظرية املجتمع الجماهيري على افتراضات مفادها أن األفراد في املجتمع الجماهيري في

اآلخرين، وأن انعدام املشاعر الشخصية هو الذي يسود خالل وضع يتمسم بالعزلة النفسية

ملتطلبات املتصلة بالتزاماتهم االجتماعية تفاعالتهم مع اآلخرين، كما أنهم يتصفون بالتحرر نسبيا من ا

وعلى هذا األساس فإن هذه االفتراضات قدمت لنا توصيفا عن املجتمع الحديث الذي ارتبط .25العامة

وافرازاتها؛ حيث أضعفت مع مرور الوقت الروابط االجتماعية التي سادت قبل هذه بالثورة الصناعية

وفكرة تقسيم العمل الذي جاء ،بعضهم البعض بفعل التخصصالفترة أين كان األفراد أكثر قربا من

. والذي حدث أن هذه النظرية كان لها ، وما أوجده من حياة جديدة لألفرادبها املصنع ومتطلباته

ل ارتدادت مهمة في التفسيرات والبناءات النظرية التي حاولت االقتراب من عالقة األفراد بالوسائ

املجتمع الجماهيري ؛ حيث يرى ماكويل أنة تأثيرات هذه الوسائلاالتصال الجماهيري وصفة خاص

.26خاضع آلليات التحكم واملراقبة، وأن وسائل اإلعالم تعتبر متغير ذو داللة في هذه املعادلة

الدعاية السياسية والبحث في االتصال الجماهيري: -3

ي البحث في االتصال الجماهيري بين تعتبر الدعاية السياسية من املحركات األساسية لبداية ف

الحربين العاملية األولى والثانية؛ حيث استطاعت أن تصل إلى نجاحات مبهرة في كسب الرهانات التي

، فإضافة إلى الحرب امليدانية، كانت دول املتناحرة تستعمل أفرزها الصراع الدولي في ذلك الوقت

أشكال الحرب النفسية، داخليا تعبئة الجماهير من الدعاية متوسلة بالوسائط الجماهيرية كشكل من

، ، والعزف على الوتر العاطفيأجل االلتفاف حول القادة تحت مسمى الروح الوطنية واالنتماء

. 991روكيتش، مرجع سابق، ص -ملفين ل. ديفلر، ساندرا بول -24

. 991روكيتش، ص -ملفين ل. ديفلر، ساندرا بول -25 26- Denis McQail; Mass communication Theory, Sage edition, 6th ed, 2010, London, p 84.

17

وبث الروح اإلنهزامية في صفوفه. هذه املمارسات التي اعتبرت غير وخارجيا محاولة إضعاف العدو

دة األمريكية متخذة الفكر الديموقراطي خلفية لذلك، على أخالقية أثارت نقاشات في الواليات املتح

اعتبار أن الدعاية غرضها التحكم الشعبي واالجتماعي وتوجيه الرأي العام، وهذا ما يتنافي مع مبادئ

.27الديمقراطية التي تعني حرية الفكر والرأي

ية الثانية، فقد كانت حاسمة في تدعمت هذه األفكار جيدا مع الدعاية النازية أثناء الحرب العامل

الحرب دفاعا عن القومية األملانية وأراضيها. وفي ذات التأثير على الشعب األملاني من أجل خوض

السياق بدأ التفكير في الواليات املتحدة األمريكية في الدعاية التجارية التي وظفتها اإلذاعات من أجل

انت بتقنية استطالعات الرأي من أجل معرفة احتياجات دعم منتجات الشركات واملصانع، والتي استع

؛ وهذا ما وضع ،وقد كان ذلك بعد انتهاء الطلب العسكري املتعلق ببحوث اإلقناعوتفضيالت األفراد

الدعاية وأساليب اإلقناع التي استخدمت في هذه الحقبة محل نقاش وتساؤل، من أجل معرفة تأثيراتها

. 28على السلوك عرفة أثر وسائل االتصال الجماهيري االجتماعية في زمن السلم، وم

وسائل اإلعالم والتحليل الوظيفي: -4

يقوم األساس النظري للتحليل الوظيفي على فكرة مفادها أن النظام االجتماعي يتشكل من

، وهذه األجزاء تكون في ترابط فيما بينها، تشكل نسق يضمن استمرار وديمومة مجموعة وحدات

نظام االجتماعي ويحافظ على استقراره؛ وهذا يعني أن النظام االجتماعي هو جملة من األعمال ال

واألنشطة املستقرة واملستقرة واملتكررة والبنيوية، التي يشكل بعضها تمظهرا للثقافة املشتركة لألفراد

ماعات الذي ينجم والجماعات، ويشكل البعض اآلخر تمظهرا لالتجاهات النفسية لهؤالء األفراد والج

27 - Serge Proulx, Les rechreches nord-américain sur la communication: l’institutionalisation d’un

champ d’étude, L’année sociologique, vol. 51, n° 2, Paris, 2001, p2. 28- Serge Proulx, Op.cit, p3.

18

وفي كنف هذا املنظور تكونت املقاربة الوظيفية لوسائل اإلعالم .29هو اآلخر عن الثقافة املشتركة

.داخل املجتمع

وتعد األسئلة الخمسة التي طرحها الزويل، والتي كانت حاضرة بقوة في املؤتمر" الحاجة إلى

ذا الطرح الالزيولي الذي جزء فيه إشكاليات البحث في ، وبه9191البحث في االتصال" الذي انعقد في

ز على آليات اإلقناع والتأثير في االتصال الجماهيري، تحولت البحوث من براديغم السلوكي الذي رك

، وقد السلوك إلى البراديغم الوظيفي الذي ينظر إلى الظواهر املجزءة في املجتمع)ميكروسوسيولوجيا(

وله: أن معادلة الزويل قطعت الطريق على سؤال الكيف، واالنفتاح على على أشار إلى ذلك روجرز بق

إشكالية التحكم االجتماعي والوظائف في العملية االتصالية، بمعنى أن وظيفة التحكم ليست

30الوحيدة، بل هناك وظائف أخرى من املجدي التفكير فيها

تفسير الظواهر املتصلة بوسائل اإلعالم وكيفية لقد كان لهذا النوع من التحليل إضافة بارزة في

اشتغالها داخل املجتمع؛ حيث ساد االفتراض وفق هذا اإلطار التحليل أن اإلعالم الجماهيري

يعدنظاما اجتماعيا تكراري الطابع، يعمل داخل النظام االجتماعي الكلي ويتفاعل مع مختلف األنظمة

الوظيفية -ي املجتمع؛ لذلك يمكن استخدام النظرية البنويةاالجتماعية الجزئية األخرى املوجودة ف

وهذا يعني أن وسائل .31لدراسة النظام اإلعالمي وطبيعة وظائفه أو الخلل الوظيفي الطي يصاب به

اإلعالم تعتبر فرعا من فروع النظام االجتماعي الكلي، تسعى من خالل مؤسساتها أن تقوم بمجموعة

ية فروع أخرى بحيث بأنها تعمل بشكل منسجم ومتكامل مع بقية األجزاء من األدوار املجتمعية بمع

األخرى في املجتمع من أجل الحفاظ على مبررات وجوده واستمراره، واستجابة لحاجات األفراد

املتكررة واملتجددة داخل النظم وهذا تعمل وسائل اإلعالم على تحقيقه من خالل مع تقدمه للجمهور

. 969فريال مهنا، مرجع سابق، ص -29

30- Serge Proulx, Op.cit, p6. . 969، ص ، مرجع سابقافريال مهن -31

19

المية متنوعة، وعلى هذا األساس تنطلق دراسات االتصال الجماهيرية من من منتجات ونصوص إع

وظيفية أو عدم وظيفية وسائل اإلعالم داخل املجتمع أو باألحرى داخل نظامه.

مسار التنظير االتصالي: -5

تكون ، ولمبدأ التنظير االتصالي انطالقا من الخلفيات النظرية والتحليلية التي استعرضناها آنفا

هذه املحاوالت التنظيرية بمنأى عن الظروف التارخية والتحوالت التي عرفتها املجتمعات الغربية

، أين تم توظيف اإلعالم من أجل تحقيق آنذاك، خاصة إفرازات الحربين العامليتن األولى والثانية

اإلعالم في الدعاية ، باإلضافة إلى استغالل وسائل مكاسب في ظل التنافر العالمي إلى حد اإلقتتال

التجارية كداعم الحركية الصناعية التي شهدتها بعض الدول الغربية منها أساس في تلك الحقبة من

التاريخ؛ فبدأ التفكير بجدية في وسائل اإلعالم وممكناتها من قبل بعض الباحثين، على اعتبار أنها

معهودة لفتت انتباه الدارسين من أصبحت تشكل جزء من الفعل االجتماعي وموجهة ملساره بصفة غير

حقول معرفية متعددة.

ويرجع تاريخ الدراسات األولى املرتبطة بوسائل االتصال الجماهيري السهامات الباحث في

بتقنيات الدعاية خالل الحر "، وردت بعض أفكاره في كتاب 9199السياسة هارولد الزيول ابتداء من

في إدارة الرأي العام أهمها أن وسائل االتصال الجماهيري غدت أدوات ضرورية ، من"العاملية األولى

وقد تبلورت هذه األفكار مع ظهور وسائل االتصال الجماهيري مثل .32توجيهه م طرف الحكومات

السينما واإلذاعة، وقبلها التوزيع الواسع للصحف؛ حيث وظفت هذه األدوات في الدعاية السياسية،

يتها في حشد الجماهير لتبني الرؤى السياسية، وزرع روح االنتماء والوالء داخل الدولة فأثبتت فاعل

الواحدة، وقد كانت الدعاية النازية إحدى النماذج الناجحة في دعم افتراض قوة ووقدرة وسائل

تبر أن هناك من اعاألولى ف، وحتى أثناء الحرب العاملية تحريك الجماهير وتغيير اتجاهاتهمعلى اإلعالم

.99، ص9119، 9، ترجمة: نصرالدين لعياض ي وصادق رابح، املنظمة العربية للترجمة، طتاريخ نظريات االتصالأرمان وميشال ماتالر، -32

20

ه إلى توظيف اآللة الدعائية عن طريق الوسائط الجماهيرية املتاحة في ذلك خسارة األملان للحرب مرد

، أو اإلبرة املخدرة هذه املفهوم الذي الوقت تحت مسمى تشيئ الجمهور من خالل مبدأ مثير واستجابة

.ابتكره السويل تعبيرا عن األثر الفوري لوسائل اإلعالم على األفراد

ومن بين اسهامات الزويل في مجال بحوث االتصال الجماهيري، وضع أدوات تحليل ضمن براديغم

السوسيولوجيا الوظيفية، خالل األسئلة الشهيرة لدراسة املضامين اإلعالمية وهي: من؟ يقول ماذا؟

مي بأداة تحليل بأية وسيلة؟ ملن؟ وبأي أثر، وهذا ما عرف في شق منها في التقليدي البحثي اإلعال

املضمون. وقد تحولت هذه األسئلة فيما بعد إلى فروع بحثية تتمثل في: "تحليل التحكم والرقابة،

ويرى الزويل .33تحليل املحتوى، تحليل وسائل اإلعالم أو الحوامل دراسة الجمهور، دراسة التأثيرات"

حيط بمعنى رصد كل ما يهدد الجماعة أن اإلعالم يؤدي وظائف ريئيسية في املجتمع تتمثل في: مراقبة امل

االجتماعية ويخل بنظامها، والوظيفة الثانية هي عملية الربط االجتماعي أي السعي إلى املحافظة على

الروابط بين األفراد داخل املجتمع، أما الوظيفة األخيرة وهي نقل التراث االجتماعي حاضرا ومستقبال

وهو مسعى دائم لإلنسان من القدم.

في األربعينيات القرن املاض ي انطلقت البحوث اإلمبريقية األولى التي اهتمت بوسائل اإلعالم

، ومن رواد هذا التوجه الجديد نذكر كل من الزاسفيلد، هوفلند،مرتون...، حيث والظواهر املرتبطة بها

ر حاجة البحث في . وحسب برلسون أحد رواد هذا املجال أن مؤتمقام هؤالء ببعض البحوث امليدانية

ونورد هنا البحث 34( كان لبنة تأسيسية ملا سيصبح حقل بحوث االتصال الجماهيري 9191االتصال )

حول جمهور وسائل اإلعالم، وكان الهدف منه معرفة كيفية تشكيل امليداني الذي أجراه الزارسيفلد

ادلة، كما اهتم هوفالند بمسألة اآلراء خالل الحمالت االنتخابية، باعتبار اإلعالم متغير في هذه املع

.99ص سابق، مرجع أرمان،ميشال ماتالر، -33

34- Serge Proulx, Op.cit, p6.

21

اإلقناع وآلياتها داخل الجماعات الصغيرة وسيروة تشكيل اآلراء الفردية، وصاحب مفهوم األثر النائم

الذي استقاه من البحوث التي أجراها.

لقد وصلت املقاربة اإلمبريقية إلى عصرها الذهبي في الخمسينيات حيث تم ترسيخ األسس النظرية

لت نظرية الخطوة 9199... وفي موذج، وترريسخ قواعد األعما ل التجريبيةللنخطوة في االتصال -شك

الجماهيري لكاتز والزارسفيلد أو تعديل لنظرية تسخير الجماهير، التي ستعرف فيما بعد نظرةي اإلبرة

.35تحت الجلد بافتراض أساس ي هو اآلثار املباشرة على مستعمليها

التي انضوت تحت الجهود البحثية اإلمبريقية في الستنيات القرن املاض ي نجد تنضيد ومن الدراسات

جماهير التلفزة لـــ غليك وليفي، وظيفة األجندة لــ ماكومس وشاو، لولب الصمت لــ نوال نيومان، تحليل

حضارية االستعماالت واإلرضاءات من طرف مستخدمي الوسائط لكاتز وآخرين، الفعالية الثقافية وال

للتلفزة لــ جربنير وآخرين، وآخيرا دور التقاليد الثقافية لــ كاتز وليبز وقد وصفت هذه األبحاث بالليونة

.36والتطور وإضافة أسئلة جديدة بعد اإلنتقادات التي وجهت إلى سابقيها

، كفورتنالفر تزامن مع التوجه السابق ظهور الرؤية النقدية لوسائل اإلعالم والتي عرفت بمدرسة

ومن روادها: هوركايمر، أدورنو، ولتر بنجامين، هابرماس. وقد حملت هذه النظرية رؤية مخالفة للتيار

ويستجيب لحاجات وتطلعات الوظيفي الذي كان يعتبر أن وسائل اإلعالم تساهم في استقرار املتمجتمع

إلنتاج وهي في يد أصحاب السلطة األفراد بداخله؛ فالنقديون يرون بأن وسائل اإلعالم تمثل وسائل ا

تستخدمها من أجل الهيمنة والسيطرة على الجماهير، وهذا ما كرس مفهوم الثاقفة الجماهيرية

الهابطة التي تضمن االستمرار والهيمنة للفاعلين في السلطة، لذلك تقوم على افتراض رئيس هو عالقة

عي املثالي لوسائل اإلعالم، ومعايير مهنة اإلعالم الثاقفة الجماهيرية بوسائل اإلعالم، والدور االجتما

.99، ص9199، 9، ترجمة أحمد القصوار، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، طالفكر االتصالي: من التأسيس إلى منعطف األلفية الثالثةبرنار مياج، -35

. 99ص ،املرجع نفسه -36

22

استقى هذا .37واملسؤولية االجتماعية، ثم البعد االجتماعي لوسائل اإلعالم ودورها في التغير االجتماعي

التوجه أفكاره من الفكر املاركس ي، واعتبرت أن وسائل اإلعالم تنتمي إلى البنية الفوقية للمجتمع تنتج

الثقافة الحكام السيطرة على الطبقات الدنيا وسهولة توجيهها. من خاللها نوع من

في بداية السبعنيات شهدنا منحى مغاير للتنظير اإلعالمي، والذي عرف في وقتها بالدراسات

الثقافية، حيث كانت كتابات منتسبي هذا التيار حول الثقافة واملجتمع؛ ويأتي كتاب هوقر "ثقافة

مع بداية التلفزيون التجاري، أي قبل إنتشاره في وسط الطبقات الشعبية إشادة بأنما الفقير" تزامنا

الحياة التقليدية للمجموعات التي تتشكل منها الطبقة العمالية املقاومة للثقافة التجارية ونقد راديكالي

الكتابات التي الذي انتقد فيه لهذا النوع من الثقافة، لينشر بعدها رموند وليامس الثقافة واملجتمع

تفصل بين الثقافة واملجتمع، كما ارتبط مركز برمنغهام بدراسات الثقافية الذي كان من مؤسسيه

.38هوقر ووليامز وهال والذي اهتم باملسائل الثقافية في املجتمع

إال أن ما يمكن مسكه من هذه الحركة البحثية أعمال ستيوارت هال حول الدور اإليديولوجي

ائل اإلعالم وطبيعة اإليديولوجيا عموما؛ حيث كانت لحظة مفصلية في نظرية قادرة على دحض لوس

مسلمات التحليل الوظيفي األمريكي واستحداث شكل مختلف من البحث النقدي حول وسائل

، وهذا عرف بدراسات التلقي التي تتمحور حول تلقي الجمهور للرسائل اإلعالمية وتحديدا اإلعالم

نة منها، حيث يرى في مقاله الشهير" لتشفير وفك التشفير أن الجمهور هو الذي يحدد الرسالة التلفزيو

اإلعالمية وليس املصدر ما دام هو املعني بفك الشفرات، وهم ثالثة أصناف: املهيمن وهي وجهات النظر

بين الصنفين الغالبة، ثم املعارض الذي يقرأ الرسالة من مرجعيته، والصنف املفاوض الذي هو خليط

. كما تعد دراسة كل منن برانسدون، ومورلي حول التلفزيون الوطني اليومي تحوال في األول والثاني

. 911مي عبد هللا، مرجع سابق، ص -37

. 992- 999ابق، ص صأرمان وميشال ماتالر، مرجع س -38

23

الدراسات اإلعالمية التي ركزت على تحليل البرامج التلفزيونية ثم تحولت بعدها إلى إشكاليات

.39الجمهور

ريات االتصال الجماهيري بشكل عام، لكن هذه إذن بعض املحطات البارزة في نشأة وتطور النظ

هناك بعض التفاصيل في ما يخص البحوث التي أسست التنظير اإلعالمي، عبرت عن تراكمية لبناء

تراث نظري مؤسس لحقل علوم اإلعالم واالتصال بعد أن بدأ متهلهال تتقاسمه عدة حقول معرفية.

. 999- 999ص ص مرجع سابق، ، أرمان وميشال ماتالر أنظر -39

24

لجماهيري أنواع نظريات االتصال ا املحاضرة الثالثة:

تمهيد:

، وقد أصبحت من أهم النظم أخذت وسائل اإلعالم مكانة معتبرة داخل املجتمعات الحديثة

االجتماعية، ملا لها من دور توجيهي كبير، وتأثير على األفراد والجماعات، وصناعة السياسات، وبناء

بعاد دفعت الباحثين إلى االهتمام . هذه األاآلراء واالتجاهات فيما يتعلق بمختلف القضايا واألحداث

، كما استرعت مدخالتها ومخرجاتها انتباههم، وكان ، وارتداداتها في املجتمعبوسائل االتصال الجماهيري

محصلة ذلك مجموعة كبيرة من البحوث والدراسات التي اهتمت بجوانب متعددة للعملية االتصالية،

إلى النظريات التي بنيت على العالقة بين الجمهور وخاصة الجماهيرية منها. وفي هذا السياق نشير

ووسائل اإلعالم أو ما عرف بنظريات التأثير التي ذهبت ما معظمها إلى فكرة التأثير الذي تتركه وسائل

اإلعالم ومضامينها على املتلقين، وهناك من النظريات من اهتمت بمتلقي الرسالة اإلعالمية وفق مفهوم

ختلفة له، كما أن من النظريات من حاولت معرفة الجوانب املتعلقة بصناعة الجمهور واألبعاد امل

والظروف املحيطة به من أجل صياغة املنتج وإنتاج الرسائل االتصالية، أي االهتمام بالقائم باالتصال

اإلعالمي في مختلف وسائل اإلعالم.

نظريات التأثير: -1

صال الجماهيري بتأثير رسائلها االتصالية على األفراد داخل لقد اهتمت النظريات األولى لالت

البيئة االجتماعية، وعند الحديث عن تأثيرات اإلعالم على املستوى الجمعي أوالفرد، فإننا نتحدث عن

؛ رض للمضامين اإلعالميةعجملة االستجابات املعرفية، الوجدانية، والسلوكية التي تحققت بعد الت

ا لباحثين بالنظر في حقيقة قوة وسائل اإلعالم واالتصال كعوامل مؤثرة في سلوك وقد قام العديد من

25

ومواقف ومعارف األفراد والجماعات واملجتمع. وكانت نتائج الدراسات تختلف بسبب زوايا النظر

.40واملتغيرات التي اختارها كل من هؤالء وهذ سبب تعدد نظريات التأثير

ت على اختالفها تقديم تفسيرات لألثر الذي تتركه وسائل اإلعالم في وقد حاولت هذه النظريا

املجتمع، كالتغير االجتماعي الذي يتبلور بتغير األفكار واالتجاهات، والقيم داخل املجتمع، ومن

بالنظر إلى وسائل اإلعالم قادرة على تحقيق عمليات النظريات من ذهبت إلى حصول تأثيرات مادية

ية، وبالنظر إلى الوسيلة اإلعالمية بوصفها مؤسسة اقتصادية تساهم في التطور التحديثن والتنم

، وغيرها من التحوالت التي تحدث في املجتمع بإسهام من وسائل اإلعالم ومحتوياتها.االقتصادي

ولعل املتتبع لنظريات تأثير وسائل اإلعالم سيجدها أشبه بموجات تتداخل فيما بينها أو تدور في

لقة، حيث ما تلبث أن تسود نظرية ما إلى حين حتى تظهر نظرية أخرى، وكأن نظرية حلت محلها أو ح

. وقد تراوحت هذه النظريات بين ما عرف بنظريات التأثير القوي لوسائل اإلعالم، 41طوتها بين جنباتها

البدايات األولى أين يقف األفراد والجماعات عاجزون أمام قوة وسطوة اإلعالم ومضامينه كانت هذا في

هذا النموذج في الستينات بعد أن أدخلت عليه الكثير من التعديالت من بحوث التأثيرات، ليعود

، وبين بسبب جوانب االختالل والقصور الذي ظهرت في التفسيرات األولى لقوة تأثير وسائل اإلعالم

اعتبار أن وسائل اإلعالم هذين النموذجين هناك ما عرف بالتأثير املحدود لوسائل اإلعالم على

محدودة الفاعلية أمام متغيرات أخرى كالعالقات االجتماعية، الفروق الفردية، االتصال الشخص ي

وثمة هناك تصور آخر حول ماس مي بالدراسات الثقافية، ودراسات التلقي التي وغيرها من املتغيرات...

عالمية.أعادت االعتبار للمتلقي وكيفية تصرفه في املحتويات اإل

. 996مي عبد هللا، مرجع سابق، ص -40

. 999، صنفسهرجع امل -41

26

ويبقى نموذج التأثير من بين ابرز وأقوى النماذج في تفسير االتصال الجماهيري؛ حيث أن البحوث

مازالت قائمة إلى حد اآلن حول التأثيرات املحتملة لوسائل اإلعالم ومضامينها، فقد تواصل مع اإلعالم

صال وتطبيقاته مثل الشبكات الجديد أو ما يسمى استخدام تكنولوجيات الجديدة لإلعالم واالت

التواصل االجتماعي، واملواقع اإللكترونية، وغيرها... محل دراسة وبحث من قبل الباحثين من أجل

التي نضجت في بيئة مختلفة عن اليوم. معرفة تأثيراتها في الوقت الراهن، بعيدا عن النظرية السابقة

النظريات املتعلقة بالجمهور: -2

، ر مفهوم الجمهور مع وسائل االتصال الجماهيري، وكذلك مفهوم املجتمع الجماهيري لقد ظه

معينة قابلة للمالحظة وترتبط بتعرض األفراد إلى املحتويات اإلعالمية وتلقيها وفق عادات وأنماط

لتي والقياس ملعرفة مدى ارتباط هؤالء األفراد بوسائل اإلعالم، ومعرفة عالقات االرتباط بالرسائل ا

. وقد حاول الباحثون رصد حركة الجمهور اتجاه وسائل اإلعالم وطبيعة تنتجها وسائل اإلعالم

العالقات التي تنشأ بينهما ومن خالل مجموعة من املقاربات التي أعطت تفسيرات حول الجمهور

.وتعامله مع املحتويات اإلعالمية

يات مفسرة للجمهور وعالقته بوسائل وفي هذا السياق يجب أن نميز بين توجهات ضمت نظر

اإلعالم، ويعرف النموذج األول القائم على التأثير قصير املدى أو الفوري وهذا ما نجده في النظريات

األولى لالتصال الجماهيري كما هو الشأن بالنسبة لنظرية التأثير املباشر، أو منظور الزرسفليد،

سمته التأثير بعيد املدى الذي سمي بدراسات التلقي الذي و ليتسبدل الحقا بنموذج التأثير اإلدراكي

اهتم بالكيفية التي يؤول بها املتلقي الرسائل اإلعالمية، أي التركيز على عملية التلقي في حد ذاتها

27

باعتبار ها ممارسة لها أسسها االجتماعية والثقافية، وباعتبارها عملية بناء اجتماعي للمعاني التي

.42للرسائل اإلعالميةيضيفها املتلقي

على التبدالت التي تظهر على ويتمثل املقترب األول في التأثير املباشر والتأثير املحدود، وقد ركزت

املستوى املعرفي، الوجداتي، والسلوكي للجمهور، كتغيير االتجاهات والىراء واملواقف، أو الشعور

ية بفعل اإلشهار. وكثيرا ما وصفت هذه النظريات بالخوف، املتعة، أو التوجه إلى شراء منتجات معن

.باملبالغة في نظرتها للجمهور و تصرفاته اتجاه وسائل اإلعالم

على مقترب التلقي الذي قام على فكرة مفادها أن أهم ش يء في في حين أن النظريات التي قامت

يما يخص االتصال الجماهيري، التواصل األدبي هي تلك املشاركة الفعالة بين النص والقارئ. أما ف

فيركز منظرو اإلعالم على الدور الذي يلعبه الجمهور في فك رموز الرسائل وإضفاء املعاني عليها، ليست

. ويعتبر هذا 43، أي ليست نفس املعنى الذي يقصد القائم باالتصالهي بالضرورة نفس معني النصوص

تلقي اتجاه الرسائل اإلعالمية، والذي يوصف الطرح من أهم األطروحات الراهنة في فهم سلوك امل

باإليجابية ما دام يساهم في إثراء املعاني الواردة في النصوص اإلعالمية.

، كظهور مفهوم السياق وهناك بوادر تبلور مفهوم جديد للجمهور جاء مع موجة ما بعد الحداثة

يجري في السياق املنزلي ويمارس أساسا ضمن املنزلي، بإعتبار املشاهدة التلفزيونية كنشاط يومي معقد

. وهذا يعني أن عملية التعرض للتفزيون هي 44العائلة، فالتلفزة تستقبل في سياق بالغ التعقيد والقوة

تطرح عديد املسائل في كيفية التعرض، واختيار القنوات، ونوعية البرامج التي عملية مركبة ومعقدة

س الش يء بالنسبة الستخدامات التكنولوجيا والسلوكيات اتجاهها تتم في إطار األسرة الواحدة، ونف

. 29-29، ص ص 9199ر، ، الجزائ9، دار الورسم، طجمهور وسائط االتصال ومستخدميها: من املتفرجين إلى املبحرين االفتراضيينعلي قسايسية، -42

. 21-22، ص ص نفسهرجع امل -43

. 19املرجع نفسه، ص -44

28

هذا يستدعي التفكير وفق منظورات جديدة تستوعب االستخدام االجتماعي للوسائل والوساط

.التكنولجية املختلفة

النظريات املتعلقة بالقائم باالتصال: -3

القائم باالتصال تعتبر قليلة مقارنة بنظريات تجدر اإلشارة ابتداء إلى أن الدراسات التي اهتمت ب

، رغم أنه وكما هو معلوم أن الرسالة اإلعالمية ال تأتي من فراغ، وان التأثير، أو التي اهتمت بالجمهور

انتاجها يحتكم إلى الكثير من السياقات، ومنها سياق منتج الرسالة اإلعالمية، كوضعه السوسيومنهي،

بها؛ فينعكس كل هذا على بناء النص اإلعالمي، أو الرجوع إلى سياق املؤسسة أفكاره، والقيم التي يؤمن

التي يعمل بها وما تفرضه من قيود، باإلضافة إلى السياق التشريعي، والضمير املنهي وغيرها من

اإلكراهات التي تأخد املنتج اإلعالمي في اتجاه معين.

م باالتصال مع دراسة روستين التي ظهرت في الواليات وقد كانت البدايات األولى لالهتمام بالقائ

وهي دراسة حول سيكولوجية املراسل 9169املوسومة بمراسلي واشنطن سنة املتحدة األمريكية

، ونشرت مجلة تصدر بالواليات املتحدة األمريكية دراسة حول العاملين بصحيفة ملواكي. الصحفي

األمريكي ديفيد مانج وايت دراسته هو حارس البوابة وانتقاء وبقي األمر على حاله إلى ان نشر الباحث

.45األخبار التي كانت بمثابة دفعة قويةفي مجال البحث حول القائمين باالتصال

وتعتبر نظرية حارس البوابة من أهم النظريات التي اهتمت بالقائم باالتصال، وملخص هذه

الذين يقررون مدخالت ومخرجات املوجهة للجمهور، حيث النظرية أن العاملين في وسائل اإلعالم هم

يخضع هؤالء املواد لإلعالمية إلى عملية تصفية وترشيح، فيقررون ما يذهب للجمهور، وما يهمل من

، وبالتالي فهو يسيطرون على املعلومات التي تتواجد باملحيط االجتماعي ويتحكمون في انتقالها رسائل

السياقات التي ذكرناها آنفا. والجماعات حسب إلى األفراد

.992، ص 9199، عمان، 9دار اإلعصار العلمي، ط نظريات االتصال واإلعالم الجماهيري،نضال فالح الضالعين وآخرون، -45

29

وحراس البوابة كما عرفوا بذلك هم الصحافييون الذين يعملون في مختلف وسائل اإلعالم

إلى التي تهتم بجمع األخبار من كل أنحاء العالم وتقوم بتوزيعها املعروفة، وهم كذلك وكاالت األنباء

ديدا قادة الرأي الذين ينقولون املعلومات ولهم القدرة املؤسسات اإلعالمية، باإلضافة إلى األفراد أو تح

على التأثير في اآلخرين وتغيير اتجاهاتهم، ومنه فإن األخبار يتقاسمها هؤالء ويتحكمون فيها ويوجهونها

حسب أهدافهم إلى من يريدون لذك هم حراس البوابة يدخلون ما يناسبهم من أخبار ويمنعون ما ال

ما يخدم مصالحهم وأهدافهم إلى الجمهور الذي يختارونه. يتناسب معهم، ويوجهون

وفي هذا السياق أجريت بعض الدراسات انطلقت من نظرية حارس البوابة، وقدمت تلك الدراسات

تحليال وظيفيا ألساليب السيطرة والتحكم التنظيمي واالجتماعي في غرفة األخبار، والعوامل التي تؤثر

وعرض أخبارهم ومن هؤالء الباحثين الذي اهتموا بهذا اإلشكال، نجد وراين على اختيار املحررين

، إال أن هذه الدراسات لم تتوقف فمازالت نظرية حارس البوابة 46روي كارتر، جيبر وغيرهم... بريد،

تحض ى باالهتمام في الوقت الراهن رغم التحول الذي لحق بالبيئة اإلعالمية من خالل اإلعالم الجديد

من يطرح فكرة صالحية نظرية حارس البوابة في ظل املشاركة القويةلكل األطراف فالعملية فهناك

االتصالية وفي نقل األخبار.

ومن بين الدراسات العربية التي اهتمت بالقائم باالتصال دراسة عبد الرحمن عزي حول املرسل

سلين من خالل العامل الثقافي، الصحفي والتي تمحورت حول البعد االجتماعي الذي يتحكم في املر

وأخالقيات املهنة، والقيم التي يحتكم إليها، حيث في سابق كان املرسل بمرتبة قائد الرأي الذي له

ثقافة واسعة، أما اليوم فاملرسل محدود الثقافة مع الوسائل الجديدة. أما املحور الثاني حول املراقبة

لتحرير والصحيفة واآلليات التي تضعها من أجل الحفاظ على وهي عالقة التأثير بين هيئة ا االجتماعية

. 991نضال فالح الضالعين وآخرون، مرجع سابق، ص 46

30

خط الوسيلة اإلعالمية واألفعال التي يقوم بها الصحفي من أجل تخطي هذه السياسة في غرفة

.47األخبار

إذن هذا تصنيف لبعض النظريات التي قامت باالهتمام باالتصال الجماهيري، فهناك من ركز على

الم على الجمهور باختيار متغيرات متعددة ومختلفة، وهناك من اهتم بدراسة تأثير وسائل اإلع

الجمهور متلقي الرسالة اإلعالمية من خالل مجموعة من املقاربات لفهم عالقة الرسالة اإلعالمية

باملتلقي السلبي والنشط حسب هذه املقاربات، ومنهم من اهتم بمنتج الرسالةاإلعالمية وهو القائم

حيطة به، وهذه ما أفرز نظريات عديدة كان هدفها األساس ي فهم ظاهرة والظروف امل باالتصال

االتصال الجماهيري في املجتمع.

. 91. ص 9119، معهد علوم اإلعالم واالتصال، د ط، الجزائر، علم االجتماع اإلعالميحمن عزي، عبد الر -47

31

املحاضرة الرابعة: نظريات التأثير املباشر

تمهيد:

تعد بحوث التأثير من بين أهم البحوث في حقل علوم اإلعالم واالتصال، فقد اهتم الباحثون منذ

الوهلة األولى بتأثير وسائل اإلعالم على الجمهور، ومازالت قائمة لحد اآلن؛ وهذا نظرا للمكانة التي

تحتلها هذه الوسائل في املجتمعات الحديثة، فهي سمة من سماتها. وحسب ما ذهب إليه بعض

حل وهي: مرحلة ت بثالثة مرامر حيث الدارسين أن دراسات التأثير والتي تمخضت عنها نظريات التأثير

،إال التأثير القوي لوسائل اإلعالم، ثم مرحلة التأثير املحدود لهذه الوسائل، ثم العودة إلى التأثير القوي

ستأن هناك من الباحثين من يرى أن هذا التقسيم مبسط ويذهب إلى التقسيم املتكون من

د.. ومن بين نظريات التأثير القوي نجد نظرية الحقنة تحت الجل48مراحل

ولدت نظريات التأثير املباشر)التأثير القوي( من رحم الظروف التاريخية على املستوى االجتماعي

والسياس ي، وحتى االقتصادي، ومـتأثرة ببعض النظريات والبحوث النفسية التي ساهمت بشكل واضح

العامليتين األولى والثانية، ودور وفي هذا السياق نذكر املمارسة الدعائية التي سادت الحربين .في بلورتها

في نفوس الذي لعبته وسائل اإلعالم في توجيه الجماهير وحشدهم، وكذا بث الروح الوطنية واإلنتماء

هؤالء من أجل الدفاع عن الحدود الوطنية أثناء الحربين. كما كان للتصنيع في كل من الواليات املتحدة

تحوالت املجتمعية على مستوى العالقات اإلنسانية، حيث أصبحت في ال ربا األثر البارز و األمريكية وأ

هذه املجتمعات أقل تماسكا بفعل تقسيم العمل، والتخصص، والتدقيق في مجاالت نشاط اإلنساني؛

وفيما يخص د عنه التنافر بين البشر والعزلة النفسية لألفراد داخل املجتمع الواحد.وهذا تول

48- For more view, W. Russell Neuman & Lauren Guggenheim; The Evolution of Media Effects Theory: A

Six-Stage Model of Cumulative Research, Communication Theory 21, International Communication Association, 2011, pp 175-176,

http://www.wrneuman.com/nav_pub_95_397962857.pdf, Online accessed: 22/11/2018.

32

وقانون املثير واالستجابة، باإلضافة ت لهذا املنظور نجد املدخل النفس يالخلفيات النظرية التي أسس

.إلى الفكر التطوري الدارويني، واملدخل السلوكي الذي يفسر األفعال األفراد في املجتمع

الحقنة تحت الجلد إلى عدة عوامل ساهمت في وضع أفكارها، نذكر منها: تبلور نظرية عوديو

يادة شعبية كل من الراديو والتلفزيون.سرعة انتشار وز -

ظهور وتطور الصناعة اإلقناعية، خاصة اإلشهار والدعاية. -

الدراسات التي قام بها باين فايد حول تأثيرات الصورة السينمائية على األطفال. -

الدعاية النازية التي سعت إلى كسب التأييد الشعبي وااللتفاف حول الحزب النازي. -

ظرية الحقنة تحت الجلد:أصول ن -1

، وقد طرح هارولد 9191وامتدت إلى 9161تعود أصول بناء نظرية الحقنة تحت الجلد إلى سنة

الزويل بعض أفكارها بعد الحرب العاملية األولى، والتي جاءت كمحصلة ملشاهدات تلك الفترة، وسيطرة

. ونذكر في هذا السياق 49ة التي تستهدف األفرادالتفكير حول التأثير النوعي والكمي للرسائل اإلعالمي

إعالنات الصحف واملجالت املوجهة للجمهور من أجل استثارة سلوكه الشرائي، والخطاب الناري

لروزفالت من أجل تأييد سياساته، أو الدعاية النازية التي حاولت بناء قوة شعبية من أجل غزو أوروبا؛

د االنطباع بأن األفراد تقف عاجزة أمام قوة وسائل اإلعالم ورسائلها.وهو ما ول

وفي خضم هذه التخمينات حول األثر القوي للمحتويات اإلعالمية على األفراد، عكفت املدراسة

السلوكية على البحث في تأثير اإلعالم، وكانت الحقنة تحت الجلد هي أولى الدراسات في هذا االتجاه التي

من أجل بناء افتراضاتها، دون إجراء بحوث ميدانية حول سلوك األفراد اعتمدت أكثر على املالحظة

؛ وقد تدعمت أفكار النظرية أكثر بعد النجاح املبهر الذي حققته كل من بعد التعرض لوسائل اإلعالم

49- Chinenye Nwabueze, Ebere Okonkwo; Rethinking the Bullet Theory in the Digital Age, International Journal of Media, Journalism and

Mass Communications, Vol. 4, Issue 2, 2018, p2, https://www.arcjournals.org/pdfs/ijmjmc/v4-i2/1.pdf, accessed online: 21/11/2018.

33

، من خالل األفالم السينمائية والبرامج الدعاية األملانية، واألمريكية أثناء الحرب العاملية الثانية

.ذاعية على حد سواءاإل

أسس نظرية الحقنة تحت الجلد: -2

ل في نحت مفهوم الحقنة تحت الجلد أو القذيفة السحرية لهارولد الزويل في إشارة يعود الفض

؛ وقد انطلقت هذه النظرية من فكرة للتأثير املباشر والفوري الذي تمارسه وسائل اإلعالم على األفراد

ل اإلعالمية تصل إلى جميع افراد املجتمع بطريقة متشابهة، وأن االستجابات الفورية مفادها أن الرسائ

من ماليين منفصلة واملباشرة تأتي نتيجة للتعرض لهذه املؤثرات)الرسائل(، فالجماهير عبارة عن ذرات

منبها قويا القراء واملستمعين واملشاهدين، وهذه الجماهير مهيأة الستقبال الرسائل، وتشكل كل رسالة

.50يدفع املتلقي لالستجابة بالشكل الذي يحقق هدف القائم باالتصال

على هذا األساس فإن نظرية الحقنة تحت الجلد تجد لها صدى في كون األفراد في املجتمع الحديث

وة في ، وأن هذه الوسائل لها كامل القيتميزون بالعزلة وهذا ما يسهل النيل منهم من قبل وسائل اإلعالم

التأثير في األفراد وتوجيههم كيف ما أرادت، وتكون ردة الفعل آنية بمجرد التعرض لإلعالم هذا من

واستنادا لنموذج الدارويني أن األفراد يمتلكون نفس الخصائص البيولوجية جهة، ومن جهة ثانية

؛وقد كان يات اإلعالميةوهذا ما يجعلهم يستجيبون بطريقة متساوية للمثيرات الخارجية بما فيها املحتو

هذه االستنتاجات النجاحات التي حققتها الدعاية في تلك الفترة، واالستجابة لبرامج إذاعية في امبرر

الواليات املتحدة األمريكية بتعرض األرض للغزو من الفضاء وفسر الهلع والخوف الذي ترجم بشكل

.سائل اإلعالم من محتوياتفوري بالخروج إلى الشوارع باستجابة مباشرة ملا تنتجه و

. 696، ص 9119د. د.ن، د.م.ن، نظريات اإلعالم،حسن عماد مكاوي، عاطف عدلي العبد، -50

34

إفتراضات نظرية الحقنة تحت الجلد: -3

، ي قامت عليها نظرية الحقنة تحت الجلد من خالل أسس السابقةيمكن استخالص الفروض الت

مات التي بنيت عليها النظرية ومن هذه املسلمات: والتي دعمت بصفة كبيرة املسل

.صالية بشكل مباشر وليس من خالل وسائل أخرى أن الناس يستقبلون الرسائل االت -

، وال يضع في االعتبار التأثير املحتمل ألشخاص يأن رد الفعل حيال رسائل االتصال يتم بشكل فرد -

.51أخرين

تمتلك وسائل اإلعالم والرسائل التي تبثها القوة الكاملة في ترك األثر على األفراد، وبالتالي فهي تتحكم -

وتستطيع توجيههم من خالل ما تنشره من رسائل بصفة مطلقة يقف األفراد عاجزين فيهم بشكل كبير

أمامها.

الرسائل اإلعالمية تشبه رمزيا الرصاصة تتصيد األفراد كل على حدى؛ ما يحدث أثر على التفكير -

.52والسلوك بصفة مباشرة، فورية،موحدة، وبشكل قوي

ها حول نظرية الحقنة تحت الجلد، واالفتراضات التي قام وانطالقا من األفكار التي استعرضنا

عليها هذا املنظور؛ فإنه خلص إلى أن وسائل اإلعالم تتمتع بقوة كبيرة في املجتمع وقادرة على توجيه

األفراد بشكل فعال، وأن تحدث استجابات فورية لديهم، ويمحور كل ماكويل، وغرفين هذا في نقاط

أساسية:

اد بشكل موحد للمنبهات الخارجية.يستيجب األفر -

تحقن الرسائل اإلعالمية مباشر ة في دم األفراد مثل محلول الذي تحتويه اإلبرة. -

أن الرسائل اإلعالمية مصممة من أجل إحداث االستجابات املطلوبة. -

. 699لي العبد، مرجع سابق، ص حسن عماد مكاوي، عاطف عد -51

52- Chinenye Nwabueze, Ebere Okonkwo; Op.cit, p3.

35

، وقادر على إحداث تغير دال لسلوك األفراد.تأثير الرسائل اإلعالمية مباشر وقوي -

ألفراد يتميزون بالضعف، وعدم القدرة على التغلب على تأثير اإلعالم.أن ا -

نقد نظرية الحقنة تحت الجلد: -4

لقد واجهت نظرية الحقنة تحت الجلد عديد االنتقادات من قبل الباحثين، وبمناسبة الدراسات

ألثر الذي تتركه وسائل اإلعالم التي أجريت خاصة اإلمبريقية منها التي أثبتت قصور النظرية في تفسير ا

على مستوى املعتقدات، الوجدان والسلوك ومن بين ما يعاب على على األفراد بعد التعرض رسائلها

نذكر: هذه النظرية

لقد بالغت نظرية الحقنة تحت الجلد في االعتراف بقوة وسائل اإلعالم في املجتمع، وقدرتها في التحكم -

.اته؛ حيث يقف هؤالء عاجزون أمام سلطتها وسطوتهافي الجمهور وتوجيه سلوكي

أثبتت الدراسات الحقا أن األفراد يتمايزون فيما بينهم، وهذا ما ذهبت إليه نظريات مثل الفروق -

الفردية، واالجتماعية؛ وهذا عكس الطرح الذي استندت إليه نظرية الحقنة تحت الجلد بأن األفراد

فإنهم ال يتأثرون بنفس الدرجة كما افترضت نظرية الحقنة تحت ؛ وبالتالييمتلكون نفس الخصائص

الجلد.

لقد كان للبحوث التي قام بها كل من الزاسفيلد، وهرزوق حول تشكيل اآلراء في االنتخابات الرئاسية -

األمريكية في األربعينات، والتي تمخضت عنها نظرية التدفق على مرحلتين أن وسائل اإلعالم تأثيرها

.53على األفراد مادام هناك متغيرات أخرى تتداخل من أجل تغيير سلوك األفراد داخل املجتمع محدود

يفرض الراهن اإلعالمي اليوم إعادة النظر في االفتراض الذي يقول بالقوة املطلقة واملباشرة لوسائل -

حتويات حسب اإلعالم، في ظل تعدد الوسائط وحرية األفراد في اختيار األنسب منها، واختيار امل

الحاجات والرغبات.

53- Chinenye Nwabueze, Ebere Okonkwo; Op.cit, p4.

36

دت -إن النظريات التي جاءت فيما بعد ومنها نظرية االستخدمات واإلشباعات، ونظريات التلقي أك

؛ نافية بذلك السلبية التي وصفتها به نظرية الدور اإليجابي للجمهور حيال وسائل اإلعالم ومحتوياتها

الحقنة تحت الجلد.

ت إليها نظرية الحقنة تحت الجلد مثل ما حدث من رد فعل قوي اتجاه إن املشاهدات والتي استند -

الرنامج التلفزيوني حول غزو رجال الفضاء لألرض لم يصمد طويال؛ فبعد إعادة تقييم املشاهدات ثبت

أن الجمهور كانت له ردود أفعال متباينة بعد تكرار االستماع إلى البرنامج.

أثيرات النفسية مثل الخوف والتقتيل، وبالتالي كانت ردود أفعال بنت النظرية افتراضاتها على الت -

األفراد مبنية على استجابات الواعية مبنية على املشاعر واألحاسيس التي لعبت عليها وسائل اإلعالم في

ذلك الوقت، فقد إقترنت بالحربين األولى والثانية والظروف املحيطة بها.

37

(االنتقائي)املحدود ير التأث اتاملحاضرة الخامسة: نظري

تمهيد:

)االنتقائي( على أنقاض نظرية التأثير القوي واملباشر التي تصمد املحدودقامت نظريات التأثير

كثيرا أمام الطروحات الجديدة في علم االجتماع، والدراسات األمبريقية التي قام بها باحثوا االتصال

ي؛ التي وسعت من أفق النظر إلى تأثير وسائل اإلعالم في املجتمع، ابتداء من األربعينات من القرن املاض

، واعتبارها متغير ضمنن الكثير من املتغيرات التي بأن عادت وفق هذا املنظور إلى حجمها الطبيعي

. فبعد أن افترضت نظرية تتحكم في أفكار، اتجاهات والسلوكيات األفراد في الوسط االجتماعي

املفعول السحري للرسائل نظريات التأثير املطلق لوسائل اإلعالم، الرصاصة السحرية إحدى

االتصالية على األفراد، والسلبية الكبيرة والعجز الذي يبدونه اتجاه القوة املفترضة لوسائل االتصال

، أثبتت بعض الدراسات والنظريات قصور هذا التفسير؛ ويعزا ذلك إلى وجود اختالفات الجماهيري

ذا ما ينافي فكرة االستجابة املوحدة للمثيرات الخارجية)الرسالة االتصالية(، والحياة بين البشر، وه

االجتماعية التي تحدد سلوكيات األفراد ، باإلضافة إلى الوسطاء الذين لهم دون في بناء اتجاهات الناس

في البيئة املحيطة بهم. وسلوكياتهم

منافي ملنظور التأثير القوي لوسائل اإلعالم على األفكار وقد بنيت التفسيرات التي جاءت كرد فعل

وعالقته باملحيط الجديدة التي تبلورت قي كل من علم االجتماع وعلم النفس فيها يخص اإلنسان

.ومكوناته، وتعتبر وسائل اإلعالم جزءا منه

، تجاه اإلعالم ومضامينهوقد كان لهذه البناءات النظريات ارتدادات على تفسير سلوكيات األفراد ا

تختلف عن االفترضات السابقة التي أقرت بسلبية األفراد، واشتراكهم في الخصائص مما يجعل

استجاباتهم موحدة للرسائل اإلعالمية. وقد هذه البناءات النظرية على مداخل لفهم سلوك الفرد كما

عالم.سيأتي معنا، ساهمت في تقديم فهوم حول عالقة األفراد بوسائل اإل

38

مدخل الفروق الفردية: -1

تماثل الخصائص البشرية مهيمنة في كنف الفكر النفس ي في البدايات األولى من كانت فكرة

القرن العشرين، حيث كان يعتقد علماء هذا املبحث أن األفراد يصدرون نفس ردود األفعال إثر

عرف بالنظرية السلوكية والتي إفترضت أن ا منبهات خارجية، وأن هذه االستجابات مبنية على م

السلوك اإلنساني مبني بالدرجة األولى على الغرائز وهي املحرك األساس ي لكل أفعاله ضمن البيئة التي

الذي ذهب للقول بأن الكائن الحي ما هو إال كتلة . وقد تدعم هذا االتجاه باملنظور الداروينييعيش فيها

، وفي هذا تأكيد على ة للسلوك الذي مصدره فيزيولوجي ونابع من الغرائزمن امليوالت الوراثية محدد

البنية الطبيعية والبيولوجية لكل ما يبدر من اإلنسان.

؛ فقد اشتعل النقاش حول التعارض بين الطبيعة والثقافة، إال أن هذه األفكار لم تعمر طويال

اتضح أن آليات التعلم والدوافع لدى اإلنسان تجعل وأصول التنوع والفرادة في الشخصية اإلنسانية، و

من كل شخص يتمتع بملمح سيكولوجي عن اآلخرين، وإذا كان الجميع يتقاسم نماذج السلوك املرتبطة

بثقافته، فإن كل فرد يمتلك بنية معرفية خاصة به، كما يمتلك طرائق استيعاب ، وآراء، وقيما،

مختلف أوجه الفروق الفردية وتوزيعها في الجمهور جزءا وقدرات خاصة، وهذا الشكل غدت دراسة

.54مهما من البحث السيكولوجي

فالتفرد والخصوصية أصبحا الرؤية الجديدة لإلنسان وأفعاله املختلفة في معيشه اليومي، هذا

: هل نرث التمايز مبني على فكرة التعلم ومآالتها املتعددة. وكان السؤال امللح والحساس في هذا السياق

إدراكنا بعوامل وراثية؟ أو بيئية؟ أوبهما معا؟ وقد أجاب عن هذا السؤال فرع جديد من فروع علم

النفس هو" سيكلوجية التعلم"، إذ حاول باحثوه من اإلجابة على الكيفية التي تتدخل فيها الخبرات

لفرد، وكان التركيز على والتجارب التعليمية املكتسبة من البيئة الجتماعية تأثيرات مستمرة على ا

. 992فريال مهنا، مرجع سابق، ص -54

39

كيفية تكوين البينة اإلدراكية)النظام السيكولوجي الداخلي للفرد( وأنواع االستجابات التي تصدر عن

في بعض األشياء ويختلفون في أشياء البشر يشتركون . وهذا يعني أن 55الشخص تجاه بيئته الخارجية

التنوع والتراكم املعرفي لدى األفراد هو ينحت أخرى انطالقا من تعلماتهم ومكتسباتهم في الحياة، وهذا

شخصياتهم ويجعلهم يتصرفون بطرق متباينة أمام املواقف واألحداث.

وقد كانت وسائل اإلعالم وسيلة تم من خاللها نقل األفكار إلى عدد هائل من البشر الذين صاروا

مجموعة من التغيرات في التركيب جمهورا لتلك الوسائل، وكان واضحا انه هذه األفكار سوف تحدث

السيوكولوجي)البنية اإلدراكية( لهؤالء املتلقين للرسائل اإلعالمية، ومن املحتمل أن هذا التعليم قدغير

. وعلى هذا األساس فإن وسائل اإلعالم تصبح ذات دور تعليمي تساهم 56بدوره سلوك هؤالء الجماهير

، عكس ما ذهبت إليه نظريات التأثير املباشر إلى اعتبار وسائل في إثراء املخزون املعرفي والثقافي للفرد

اإلعالم مثيرات لسلوك اإلنساني لغير.

بحكم الفروق اد يكون متباينا بين األفراد،فر األ وعلى هذا األساس فإن تأثير وسائل اإلعالم على

ية لإلعالم، ويدحض االستجابات املوجودة بينهم؛ هذا املتغير يحد من التأثيرات املباشرة واملتساو

الغريزية للرسائل اإلعالمية، مادام أن التعلم يضبط هذه البواعث الغريزية ويوجه السلوك على

أساسها.

إن هذه األفكار بالذات التي كانت سند فيما بعد من أجل بناء الحمالت اإلعالمية واإلعالنية التي

ق الفردية، أي مخاطبة الجماهير على أساس وجود تباين في قامت على تقسيم السوق ومبدأ الفرو

ثنايه، وعدم األخذ بوحدة الجمهور، وتماثل إجابته أمام ما تبثه وسائل االتصال من رسائل إعالمية

تحت غطاء الخصائص املتعلقة باألفراد كمتغير مهم في تحديد رد الفعل واالستجابة ودرجتها، وكان

. 969، ص 9112، 9قاهرة، طحسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، االتصال ونظرياته املعاصرة، الدار املصرية اللبنانية، ال -55

. 132المرجع نفسه، ص -56

40

أساليب واستراتجيات االقناع؛ إال أن هذه األفكار برز فيها قصور في هذا اكتشاف مهم فيما يخص

تحديد وتفسير السلوك اإلنساني اتجاه وسائل اإلعالم، على اعتبار أن األفراد يعيشون في املجتمع وهو

محدد لبعض سلوكياتهم.

مدخل الفروق االجتماعية: -2

في كنف املجتمعات الصناعية وحركيتها ق االجتماعيةلقد تطورت األفكار املتعلقة بمدخل الفرو

ياتها؛ حيث اتسمت بحدوث تغيرات اجتماعية عميقة في بنياتها ارفت في فترة بدوتعقيداتها التي ع

وسمات واتجاهات. بهذا التحول ، أسفرت على نماذج اجتماعية متمايزة تحمل خصائصوأنماطها

ترى أن األفراد متماثلون في املجتمعات ، التي كانت جتماعيةاستلزم إعادة النظر في فهم البنيات اال

. ومعدومي الروابط االجتماعية الحديثة

ولعل أهم أشكال التبدالت التي شهدتها املجتمعات الصناعية والتي أدت إلى ازدياد تعقيدها، هي

التي أوجدت أنظمة التي التحول إلى املدنية والتحديث والهجرة وتفاقم تقسيم العمل والتراكمية

صناعي أكثر انفتاحا وتعقيدا من التراتبية الريفية، والحركية االجتماعية التي -أوجدت تراكم مديني

طورت بنيات اجتماعية شديدة التباين، غير أن ذلك كله لم يؤدي إلى تفتت املجتمع وانعزالية األفراد،

ل قاعدة لنشوء أنواع أخرى من الروابط غير الشكلية، وأثبتت دراسات سوسيولوجية عديدة بل شك

كان ينتج نماذج سلوكية استخدمت منهجية العينات والتحليل الكمي والنوعي، أن التباين االجتماعي

. 57مختلفة

وقد كان لهذه النتائج التي بنت نظريات جديدة في علم النفس واالجتماع تأثيرا على البحث في

املجتمع، وعالقتها باألفراد. باإلضافة إلى صياغة منظور جديد في تفسير تأثير االتصال ووسائله داخل

تباين االجتماعي أعطت وسائل اإلعالم ومضامينها على الجمهور. وهكذا فإن نظريات الفروق الفردية وال

. 999فريال مهنا، مرجع سابق، ص -57

41

الباحثين في الجامعات وفي الصناعات املتعلقة بوسائل اإلعالم مؤثرات واضحة التي يجب وضعها في

االعتبار عند تطوير نظريات أخرى أو تخطيط استراتجيات فعالة الستخدام العملية لوسائل

.58اإلعالم

عالم، إنطالقا من الفروق املوجودة بين األفراد هذا ما سمح ببناء منظور التأثير املعتدل وسائل اإل

عكس ما تماثلته النظرية السلوكية، والتباينات التي يحمله املجتمع في ثنايه وهو ما يكون له وقع على

. وبذلك أصبحت االستجابات السلوكية لألفراد عن التعرض لوسائل اإلعالم ومضامنيها املختلفة

ي الواقع، تكمن في ربط عمليات االتصال الجماهيري وجي فث السوسيولحاملتصلة بالب النظرية

البحث السوسيولوجي ... وهناك مساران في هذه النظرية القائمة على بخصائص السياق االجتماعي

اإلمبريقي: احدهما يتعلق بدراسة التركيبة املتباينة ملختلف الفئات الجمهور اإلعالمي وملختلف نماذج

. 59مية، والثاني يتضمن أبحاث حول الوساطة االجتماعية التي تميز االستهالكاستهالك املنتجات اإلعال

وكل هذه التوجهات تدعم فكرة التأثير اإلنتقائي واملحدود لوسائل اإلعالم بعد أن كان ينظر إليها

طوة ال يمكن مجابهتها من قبل األفراد داخل املجتمع، وأنهم يقفون عاجزين أمام س على أنها قوة

وهيمنة رسائلها، لدرجة أن نهم يستجبون بشكل مباشر وفوري، وبطريقة ميكانيكية أمامها.

مدخل العالقات االجتماعية: -3

يعتبر مدخل العالقات االجتماعية إجابة تعاكس اإلفتراض الذي قال بتفكك العالقات

و ما وضع األفراد في عزلة نفسية االجتماعية الحديثة بسبب الظروف التي ميزت هذه املجتمعات وه

. وهذا ما تأكد من خالل البحوث األمبريقية التي قامت على هذا التساؤل؛بعيدا عن املجتمع وتماسكه

ألنها اعتبرت أن املجتمعات التي ذهبت نتائجها إلى قول بأن نظرية املجتمع الجماهيري غير مؤسسة

. 991ملفين دفلير، وسوندرا بول روكيتش، مرجع سابق، ص -58

. 999فريال مهنا، مرجع سابق، ص -59

42

عالقات االجتماعية، إلى درجة أن كل فرد مكتفي بحياته الحديثة وخاصة الصناعية منها تعيش انهيار لل

الخاصة ومستلزماتها وال يكترث لآلخرين، فتحول املجتمع بذلك إلى مجموعة من الذرات املتناثرة هنا

، مما سهل التأثير فيهم.ال يعرفون بعضهم البعض وهناك

فراد في املجتمع، وأن هؤالء تجمعهم للعالقات بين األ إن التوجه الجديد القاض ي بإعادة االعتبار

روابط وأواصر تعمل كخطوط دفاعية أمام املثيرات الخارجية وتتحكم فيها، وتحدد أنماط سلوك

األفراد. وهذا تحديد ما تم االستناد إليه في بناء تفسيرات جديدة للتأثير الذي تتركه وسائل اإلعالم على

لوحيدة التي تمد األفراد باألخبار واملعلومات، وليست املصدر األفراد؛ فوسائل اإلعالم ليست األجهزة ا

الوحيد للمعرفة كما ساد االعتقاج سالفا مع تفسيرات نظريات التأثير املباشر التي منحت كل الوقة

لإلعالم وإلغاء وسائط أخرى تتحكم في استجابات البشر وسلوكياتهم، وهذه الوساطات تتمثل

على اعتبار أن هؤالء يستطيع أن ينتج، يغير، أو يعدل من سلوك الفرد الروابط االجتماعية كمتغير

األفراد يتأثرون ببعضهم البعض، وينقادون إلى بعض األشخاص بحكم توفر بعض الخصائص

القيادية، مما يكون لهم تأثير على أشخاص آخرين.

لتين نبتت من هذا التوجه وعليه فإن النظرية االتصالية التي تقول بتدفق االتصال على مرح

بافتراضها أن هناك أفراد يتوسطون العملية االتصالية، وهذا ما يحد من التأثير املباشر والفوري

من لوسائل اإلعالم، ومن خصائص هؤالء متابعة املحتويات اإلعالمية بكثافة وعلى أساسها يوجهون

مع وسائل اإلعالم بل في عالقة مع من هم في عالقات دائمة معهم، وهؤالء ليسوا في عالقة مباشرة

يرصدون رسائلها باستمرار وهو ما يفرقها عن نظرية الحقنة تحت الجلد ومقوالتها املختلفة.

وتأسيسا ملا سبق فيمكن أن نقول بأن االكتشافات الجديدة في كل من علم النفس واالجتماع

اباته ملثيرات املحيط لم تعد تستند إلى والخاصة بمحددات السلوك الفردي داخل املجتمع واستج

، بل عزت ذلك إلى متغيرات أخرى محلها البيئة االجتماعية ومخرجاتها، وفي مقدمتها العامل الغريزي

43

الفروق املوجودة بين البشر في خصائص والصفات الخاصة املكتسبة منها نتيجة الفروق في التعلم

ا هو معيش يومي بما في ذلك وسائل اإلعالم ومنتجاتها، ثم وبناء املعارف عن العالم وكيفية التعامل م

الرجوع إلى البنيات االجتماعية واالنتماءات التي لها تأثير كذلك على املنظمومة املعرفية للفرد

وتوجهاتها وهي كذلك محدد لسلوكه وردود أفعالها إزاء املحتوى اإلعالمي، وكللت هذه األفكار بنظرية

ة التي سمحت بانضاج ما عرف فيما بعض بنظرية التدفق على املرحلتين لالتصال. العالقات االجتماعي

44

املحاضرة السادسة: نظرية تدف االتصال على خطوتين

تدخل نظرية تدفق االتصال على خطوتين ضمن أولى الدراسات االتصالية األولى التي انتهجت

ساس على استقاء البيانات وتنظيمها وتصنيفها من املنهج التجريبي)اإلمبريقي( الذي يعتمد في األ

امليدان، وكان يدعم هذا التيار في الواليات املتحدة األمريكية؛ هو انسجامه مع فلسفة هذه الدولة

، وهذا التوجه لم يبقى حبيس الدوائر الجامعية، بل أصبح مسعى مؤسسات القائمة على البراجماتية

ووسائل اإلعالم، وكان ذلك املحرك لهذا النوع من البحوث في تلك مجتمعية مثل الشركات، املصانع،

الفترة التاريخية، وكانت بحوث االتصال الجماهيري تسير ضمن هذا الحراك العلمي.

إلى بداية السيتينات بدراسة دور االتصال الجماهيري 9191انشغل الزرسفيلد وزمالءه ابتداء من

نتخاب، الشراء، الذهاب إلى السينما، تغيير الرأي...؛ فدراسات عمليات في تشكل عملية القرار مثل: اال

القرار تزاوجت مع نتائج بحوث متعلقة بتأثير وسائل اإلعالم التي تقول باالهتمام االنتقائي، اإلدراك

االنتقائي، والتذكر اإلنتقائي، ويتوقف هذا على بعض املتغيرات والوضعيات واالستعدادات منها:

ن التاريخ االسري، االنتماء السياس ي... فإذا كان هناك قائد فليس الصحيفة، الراديو؛ ولكالسن،

.60الجماعة املرجعية التي تقوم بدورين أساسيين: شبكة معلومات، ووسيلة ضغط اجتماعي

مرتكزات النظرية:-1

ديو في جامعة كانت بداية بحوث الزارسفيلد وزمالئه مع إنشاء مكتب البحث العلمي حول الرا

كولومبيا في نيويورك، حيث تركزت أبحاثه على على مقابلة أفراد في مدينة إيري كونتي باألوهايو قدرت

أثناء االنتخابات الرئاسية 9191عام مفردة أجرى معها استجوابات لفترة طويلة 911 :العينة بـــــــ

60 - Elihu Katz; La recherche en communication depuis Lazarsfeld, traduction, Gilles Achache, Dorine Bregman et Daniel Dayan, Hermes, n°4,

C.N.R.S édition, 1989/1, p 77.

45

ت وكان الهدف منها اختبار فرضية تجزئة التي ترشح فيها الرئيس السابق فرونلكين روزفيال األمريكية

.املجتمع وتجزئة قوة وسائل اإلعالم في التأثير على الجمهور

وقد توجت دراسة الزارسفيلد بكتاب مشترك مع كل من برلسون وجوديت موسوم بــــ" اختيار

يا فقط، وقد ؛ والذي أثبت فيه أن التصويت ليس خيارا فرد9199( عام The people Choiceالشعب )

بأنه يكون إرتجاليا أو عفويا نتيجة حمالت إنتخابية منظمة من وسائل اإلعالم، إال أنه يمكن النظر إليه

مرتبط بثالث متغيرات إجتماعية، هي: الطبقة، اإلنتماء الجغرافي، والديم. ويكون ركن من االندماج

منضوية ضمن التجمعات أو في ظل االقتصادي واالجتماعي بشكل عام مدركا بواسطة أسئلة متكررة

الكنائس، أو الخيارات الساسية السابقة، مكان اإلقامة... والعالقات داخل العائلة، ومجموعة

.61األصدقاء، كلها تحدد القرار السياس ي أثناء التصويت وتطوره في الزمن

ائل اإلعالم مقابل جاءت نتائج الزرسفيلد وزمالئه مؤكدة للفرض الذي يقول بمحدودية تأثير وس

متغيرات أخرى تساهم في بناء اتجاهات األفراد وقراراتهم املختلفة والدليل على ذلك أنه تم إعادة

؛ حيث انتخاب روسفيلت رغم الحمالت اإلعالمية التي كانت توحي للجمهور بفشله في هذه االنتخابات

اسة الزرسفيلد وزمالئه، فما كان لالتصال الشخص ي كلمة الحسم في ذلك، حسب ما ذهبت إليه در

شكل اتجاهات األفراد وآرائهم كان ناخبين هي النقاشات التي كانت تجرى داخل الجماعة التي ينتمون

، والتي تمتلك نفس الخصائص، وتتقاسم نفس الحاجات واملصالح.إليها

بحوثين إلى دور قادة أما النتيجة أخرى ذات الصلة مجريات البحث؛ فقد أشارت املقابالت مع امل

الرأي أو املرشدين في نظرية التأثير الشخص ي، ويكونون أكثر أهمية من التواصل اإلعالمي، ويتميزون

السياسية، وأكثر متابعة لوسائل بإنتباههم القوي لوسائل اإلعالم وقدرتهم على ترجمة الرهانات

ا أو تبديليا في سياق اإلعالم والقرار: ولم اإلعالم، ومنفتحين على املجتمع؛ إذا، فقد لعبوا دورا وسيطي

.992، ص9111، طرابلس)لبنان(، 9، ترجمة: مروريس شربل، جروس برس، طسوسيولوجيا االتصال ووسائل اإلعالمإيرك ميغريه، -61

46

يكن دفق االتصال موحد اإلتجاه بشكل مباشر، بل مركزا على القط وحيد، فيصل في الواقع هذا

.62ــدالدفق إلى مرتبتين وهو غير مباشر، يعبر بواسطة املرشد أوال، ومن ثم بواسطة املقلــ

قق من أن:وعليه يمكن أن هذه الدراسة رامت إلى التح

وسائل اإلعالم ال تؤثر بشكل مطلق وفوري في كل الحاالت. -

وسائل اإلعالم ال تؤثر بكيفية مماثلة على كل األفراد. -

تأثير وسائل اإلعالم ماهو إال عنصر من عناصر أخرى، اجتماعية، اقتصادية ثقافية تؤثر في -

واتجاهاتهم. اختيارات األفراد

الدراسة أن األفراد يتعرضون ملضامين وسائل اإلعالم بشكل انتقائي، فهم وتأكد من خالل هذه

يختاررون املضامين التي تعكس قناعاتهم األصلية وينفرون مما سواها، كما تأكد من خالل ذلك تأثير

، وبأن االتصال ال يتم بطريقة عمودية من األعلى إلى وسائل اإلعالم وأهمية االتصال الشخص ي

.63فقيا، واتضح ألول مرة دور قائد الرأي في سيرورة االتصالاألسفل، بل أ

فإن أبحاث الزارسفيلد وزمالئه استطاعت أن تبرز دور وسائط أخرى غير وسائل ؛وتأسيسا

في التأثير في األفراد وفي ضياغة اتجاهاتهم نحو مختلف القضايا التي تطرحها وسائل اإلعالم اإلعالم

ع، وأبرز هذه الوساطات انتماء األشخاص إلى شبكات اجتماعية تلعب دور وكذا داخل املجتم

املحددات التجاهات وسلوكيات األفراد، وتمثل خطوط دفاعية مثل حارس البوابة تعمل على تصفية

وحاجاتها املختلفة. وتنقية كل ما يأتي من وسائل اإلعالم وتكيفها وفق ميوالت ومعتقدات الجماعة

نظرية التدفق على خطوتين من خالل بعض الدراسات التي تمسكت بفرضياتها، وقد تعمقت

Personal؛ حيث يعتبر كتاب التأثير الشخص ي)وسعت للتدليل عليها من خالل البحوث التجريبية

. 991- 991املرجع نفسه، ص ص ريهغيإيرك م - 62

63- Judith Lazar, Sociologie de la communication de masse, Armand colin, Paris, 1991, p 144.

47

Influence مرجعا بعلم االجتماع التجريبي في مجال البحث املتعلق باالتصال 9199( الذي نشر عام

نتائج بحث طويل قاده الزرسفيلد بمعية أحد طالبه وهو إلياهو كاتز بمدينة الجماهيري، تضمن

ديكاتور حول محددات اختيار مواد استهالكية، واملوضة والسينما والشؤون العامة، ويتعلق األمر

امرأة، حيث يلتمس قياس العالقات االجتماعية من خالل أسئلة حول املجموعات 211باستجواب

قي من؟ من يوقل إنه متأثر بمن؟ وعلى ماذا؟ وكان القصد الكشف عن األشخاض األولية) من يلت

النافذين داخل هذه الجماعات )الشبكات العائلية، وشبكات األصدقاء(؛ فقد تبين أن فرضية الفوقية

، تتأثر بقرارات قادة الرأي فيي العالقات الشخصية وإنعكاسها على وسائل اإلعالم وإتخاذ القرار ثابتة

وهذا يعني أن العينة املستجوبة من النساء كان لهن تأثير .64ثر مما تتاثر باإلعالنات ورسائل الراديوأك

على بقية النساء الالئي ينتمين إلى نفس شبكة العالقات، ويعود نفوذ هؤالء النسوة إلى خبرتهن في

هن في مركز اجتماعي متميز. الحياة وفي االختيار املنتجات، أما في الشؤون العامة بهذا راجع إلى تواجد

لكن حسب الباحثان فإن قادة الرأي يؤثرون على اآلخرين في بعض املجاالت ، لكنهم يتحولون إلى أتباع

في مجاالت أخرى حسب اهتماماتهم، وانشغالهم بقضايا على حساب قضايا أخرى في معيشهم اليومي.

تتمثل االتصال على خطوتينتدفق ورا لفروض قدم تص 9199وفي دراسة قدمها إلياهو كاتز عام

65 هذه الفرضيات في :

إن قادة الرأي والناس الذين يتأثرون بهم، ينمتمون إلى نفس الجماعة األساسية، سواء أكانت األسرة -

أم األصدقاء أم زمالء العمل.

لرأي في املجا ل السياس ي إن قادة الرأي واالتباع يمكن أن يتبادلوا األدوار في ظروف مختلفة، فقائد ا -

قد يكون تابعا في املجال الديني أو الرياض ي مثال.

. 999إريك ميغريه، مرجع سابق، ص -64

. 996حسن عماد مكاوي، ليلي حسين السيد، مرجع سابق، ص -65

48

يكون قادة الرأي أكثر تعرضا واتصاال بوسائل اإلعالم فيما يتعلق بتخصصهم. -

تؤكد فرضية تدفق االتصال على خطوتين على اعتبار العالقات الشخصية املتداخلة واسائل -

ثل ضغوطا على الفرد ليتوافق مع الجماعة في التفكير والسلوك اتصالية. وكذلك اعتبار أنها تم

والتدعيم االجتماعي.

إسهامات النظرية:-2

سعت إلى إنضاج نظرية التدفق على مرحلتين، جاءت إسهامات باإلضافة إلى األعمال السابقة التي

ل متغيرات كث جويف كالبر مسايرة لهذا املنحىيرة في عملية التأثير الجماهيري، بالتأكيد على فكرة تدخ

. وقد تحدث فال يمكن بأي حال من أحوال أن تكون وسائل اإلعالم هو املتغير الوحيد في إحداث األثر

كمتغيرات وسيطة ضمن عملية االتصال الجماهيري، كالبر عما سماه بالعمليات االنتقائية التي تدخل

وتتمثل هذه املتغيرات في:فتضعف تأثير وسائل اإلعالم في هذه الحالة،

ض اإلنتقائي:عر الت -1- 2

، يقصد بالتعرض االنتقائي ذلك االهتمام البارز بمضامين إعالمية على حساب مضامين أخرى

وهذا يعني أن الجمهور يقوم بعملية تصفية للرسائل التي تبثها وسائل اإلعالم، فتتحول الكثير من

. والواقع أن قطاعات تخلى عنها املتلقي ألنها بعيدة ما يريده أو يبحث عنهالراسائل إلى أشياء مهملة ي

الجمهور تميل إلى التعرض ملعلومات إعالمية تنسجم مع قابليتها وإستعداداتها وتحاول تجنب

مع هذه االستعدادات، فإذا كان الناس يميلون إلى التعرض لإلعالم الجماهيري املعلومات التي تتعارض

عالمية أخرى، فإنه من الواضح أن اإلعالم لن إاتهم مصالحهم، يحاولون تحاش ي مضامين حسب اتجاه

.66األوليةيغير مواقفهم، بل ومن املمكن أن يقوي آراءهم

. 999فريال مهنا، مرجع سابق ص -66

49

إذن فإن التعرض لوسائل اإلعالم بهذا شكل يصبح تعرض إيجابي على أساس أن املتلقين يميلون

ي توافق اتجاهتهم، فتعمل وسائل اإلعالم على تعزيها، ال تغييرها كما أكثر إلى املحتويات اإلعالمية الت

ذهبت إليه نظريات التأثير املباشر التي قطعت الطريق أمام أي رد فعل إيجابي للجمهور حيال

وقد اعتبر بعض املضامين اإلعالمية، بل يقف هؤالء عاجزين أما سطوة هذه الوسائل ورسائلها.

التي ينتقيها املتلقي أثناء تعرضه لوسائل اإلعالم هي بمثابة مرشحات ذهنية الباحثون ان املضامين

. 67تقوم بتصفية كمية كبيرة من املعلومات ال تعني املتلقي، فيحتفظ ببعضها حسب درجة االهتمام

وعليه فإن التعرض اإلنتقائي هو حاجز منيع أمام كل مضمون إعالمي ال ينسجم مع اتجاهات املتلقي

، وما يعاكس حاجاته وتطلعاته في املجتمع، وهذا ما يحد من تأثير وسائل اإلعالم.وميوالته

اإلدراك اإلنتقائي: - 2-2

تعتبر عملية اإلدراك نشاط ذهني يسمح بإعطاء املعني لألشياء التي تحيط باإلنسان، كما يقوم

ل اإلعالم املختلفة؛ فإن األفراد ، وبإسقاط هذا الكالم على إدراك رسائل وسائبتقديم تفسيرات لها

يقدمون تفسيرات مختلفة ملضمون إعالمي واحد حسب خريطته الذهنية وانتمائه االجتماعي.

وهذا يعني أن أعضاء فئات معينة من الجمهور، تنتمي إلى ثقافات تحتية خاصة، يعطون نماذ

ن ويشكلون املعنى، بما يتالئم مع متباينة من التفسيرات ملضامين إلعامية معينة، أي أنهم يحولو

استعداداتهم وقيمهم، حتى أنهم يحدثون أحيانا تبدال جذريا في معنى الرسالة اإلعالمية، والواقع أن

اآلليات السيكولوجية التي تدخل لتقليص مصادر توتر مبالغ به أو مصادر تنافر معرفي بين ميول

ين اإلعالم الجماهيري ، تؤثر بعمق في إدراك هذه الجمهور ومعتقداته وأحكامه املسبقة وبين مضام

.68املضامين

. 999ملفين ديفلر، سوندرا بول روكيتش، مرجع سابق، ص -67

. 996فريال مهنا، مرجع سابق، ص -68

50

ولهذا فإن اإلدراك اإلنتقائي هو مستوى ثاني من تصفية الرسائل اإلعالمية، حيث أن املتلقين يبنون

املعاني التي يريدون، حسب القيم واملعتقدات واتجاهاتهم حول مختلف املوضوعات والقضايا التي

عالم، وبذلك يتم تطويع الرسالة اإلعالمية بما يتوافق مع الصيد املعرفي والقيمي التي تطرحها وسائل اإل

يملكها املتلقي.

: التذكر االنتقائي -2-3

، ويخضع التذكر يتمثل التذكر اإلنتقائي في إمكانية تخزين املعلومات التي مصدرها وسائل اإلعالم

تلقي؛ وقد أثبت الدرسات أن اختزان الرسالة اإلعالمية في إلى مدى إنسجام هذه املحتويات مع امل

الذاكرة تجري عبر عمليات إنتقائية شبيهة بالتعرض واإلدراك اإلنتقائي، فجوانب الرسالة اإلعالمية

املنسجمة مع آراء املتلقي وميوله يجري اختزانها في الذاكرة بحجم أكبر من جوانب أخرى، ويتصاعد هذا

عد زمن التلقي. وقد بين بارتلت أنه مع مرور الزمن، فإن عملية االختزان في الذاكرة السولك كلما تبا

تنتقي العناصر التي أكسبها املتلقي معنى، وتسقط أخرى تعارضا وأكثر بعدا عنه، من الناخية

. 69الثقافية

ا بموضوع معين وصفة عامة فإن التذكر مرتبط أكثر باهتمامات الجمهور، فكلما كان املتلقي مهتم

، في حين يتماثل املتلقي للنسيان كلما كانت يدخل ضمن احتياجاته ويتالئم مع قيمه وإنتمائه االجتماعي

الرسالة بعيدة عن اهتمام املتلقي وميوالته وهذا يعني أن الرسالة تكون قوية وسهلة التذكر إذا ما

لقي وبالتالي تكون قليلة التأثير عليه.إذا تعاكست مع حاجة املت توافقت مع املتلقي ، وكانت ضعيفة

الفعل اإلنتقائي: -2-4

تتحدث هذه النقطة عن التمايز بين استجابات املتلقين للرسائل اإلعالمية التي تبثها وسائل اإلعالم

، وهي آخر سلسلة فيما يخص عالقة االنتقاء بوسائل اإلعالم، وهنا يمكن أن نجزم بأن داخل املجتمع

. 999فريال مهنا، مرجع سابق، ص -69

51

املرجو من املضمون اإلعالمي لن يخرج عن فكرة اإلنتقاء بأن يكون السلوك محكوم أكثر الفعل

بالجماعة التي ينتمي إليها املتلقي، وبخريطته املعرفية والقيم التي يؤمن بها، والثقافة الفرعية للمتلقي

فا، حيث تعمل وهنا ال تترك املجال لتأثيرات وسائل اإلعالم بمعزل عن املتغيرات التي ذكرناها آن

كوساطات تحد من قوة وسائل اإلعالم من أجل توجيه الجماهير.

ورغم التداخالت املوجودة في النظريات اإلنتقائية فإنها تعطي لنا في الوقت الراهن مؤشرات مهمة

بالنسبة للمتغيرات الوسيطة التي تمش ي جنبا إلى جنب مع وسائل اإلعالم وتتكاتف من أن تبني فعل

تأثير، ويعني أن ننظر إلى تجزيئ لفئات الجماهير من أجل فهم هذه التأثيرات بعيدا النظرة الشمولية ال

التي ترى التأثير املوحد واملتساوي بمجرد التعرض لوسائل اإلعالم.

نقد النظرية: -3

ية ترتيب ، املقاربة املؤسساتية )نظر من بين االنتقادات التي وجهت إلى نظرية التدفق على مرحلتين -

األولويات( التي رأت في رؤية هذه نظرية قصور، على اعتبار أنها اعتبرت وسائل اإلعالم وكيل إقناعي

ألكثر متناسية بأنها مؤسسة بإنتاج األخبار واألجندات، وتشكيل الفضاءات العمومية، باإلضافة إلى أن

لوسائل اإلعالم يتمثل في التوجيه اختزلت السياسة في الفعل االنتخابي معتبرة أن الدور السياس ي ل

االنتخابي، كما حذرت من خطورة التسليم بفكرة املجتمع الجماهيري والتأثير املوحدة، وقوة وسائل

.70اإلعالم

حسب املدرسة النقدية فإن اجتهادات تيار التأثير املحدود لوسائل اإلعالم بالغت في إيجابية الجمهور -

إلعالم ومضامينها، باإلضافة إلى تضخيم تفوق قادة الرأي داخل املجتمع وقدرته على التصدي لوسائل ا

.71على غرار وسائل اإلعالم، وأن هؤالء القادة ينافسون وسائط الجماهيرية ولهم تأثير كبير على أتباعه

70- Elihu Katz; Op.cit, p79. 71- Ibid; p 81.

52

كما أفرطت نظريات التأثير املحدود في التهوين من قوة وسائل اإلعالم وكأن هذه الوسائل ليس لها -

درة على تغيير االتجاهات، مادامت متجذرة لدى املتلقين وتدخل في هذه التركيبة وساطات أخرى الق

بمعية وسائل اإلعالم.

53

املحاضرة السابعة: نظرية إنتشار املبتكرات

تمهيد:

من إرتدادات نظرية تدفق ( Diffusion of Innovation تعد نظرية انتشار املبتكرات أو التقبل)

، إال أنها طورت من املنظور السابق، فقد قامت على تصال على خطوتين، فقد أخذت بفرضياتهااال

إفتراض يقول: بتدفق االتصال على مراحل، وليس مرحلتين، فهي تطرح بوضوح فكرة انتقال املعلومات

يشبه من شخص إلى اآلخر إلى أن تنتشر األفكار داخل املجتمع بفضل هذا االنتقال املتوالي الذي

السلسلة املتكونة من مجموعة حلقات. كما حاولت هذه النظرية التعمق أكثر في فكرة قادة الرأي

ورسم ملمحهم داخل املجتمع بش يء من التفصيل كما سنرى. ويعد إفريت روجرز من رواد هذه

األفكار والذي يرى بأن تبني التي ظهرت خالل السنوات األخيرة من خمسينيات القرن املاض ي، النظرية

"العملية العقلية التي يمر الفرد خاللها منذ أن يسمع عن الفكرة الجديدة ألول عن: املستحدثة يعبر

مرة حتى تصبح هذه الفكرة جزءا من سلوكه، ومن املسلم به أن عملية تبني املبتكرات الجديدة التي

تقل املبتكرات من مصادرها تسبقها عملية أخرى وهي عملية نشر تلك املبتكرات، والتي بواسكتها تن

األصلية إلى عدد كبير من املستفيدين منها عبر مختلف وسائل االتصال، بعية تعريفهم بها وحثهم على

تبنيها ووضعها في حيز التنفيذ الفعلي".

مرتكزات نظرية انتشار املبتكرات: -1

م يتغير املفهوم الذي جاء في لقد كانت فكرة قادة الرأي محورية في نظرية إنتشار املبتكرات، ول

نظرية التدفق على مرحلتين إال أنه تضمن تفصيالت حول شخصيته ويطلعنا كل من روجرز وشوميكو

54

بقائمة من التعميمات النظرية حول قادة الرأي، هذه التعميمات النظرية تساعدنا على فهم النظرية

72وهي:

عالم واالتصالـ فهم حريصون على مطالعة الصحف قادة الرأي يتعرضون أكثر من أتباعهم لوسائل اإل -

واالستماع إلى الراديو ومشاهدة البرامج التلفزيونية ذات الصلة بحقلهم.

قادة الرأي أكثر ابتكارية من أتباعهم، لديهم أفكار جديدة وقادرة على ابتكار الحلول وتبني األفكار -

الجديدة أكثر من أتباعهم.

اتصال أكثر من أتباعهم مع وكيل التغيير، وهم على اتصال بالجهات املسؤلة عن قادة الرأي لديهم -

برامج التغيير مثل املسؤولين عن مشاريع التنمية وغيرهم.

قادة الرأي لديهم مركز اجتماعي متميز أكثر من أتباعهم. فقادة الرأي يحتلون مراكز اجتماعية متميزة -

االجتماعي أو التخصص ي.نيتجة وضعهم العلمي واالقتصادي أو

قادة الرأي أكثر انفتاحا )عاملية( من أتباعهم. وهم أكثر من األتباع قدرة على تقبل األفكار الجديدة -

والتغيير القادم من الغير.

دور اجتماعي متميز، فهم أكثر شعبية قادة الرأي أكثر من أتباعهم مشاركة اجتماعية. ولقادة الرأي -

ا من غيرهم نتيجة ملركزهم االجتماعي.ومشاركة في القضاي

لعل ما يطبع قائد الرأي في نظرية انتشار املبتكرات هو عدم امتالكه حواجز االنخراط في أي فكرة

جديدة تأتي من وسائل اإلعالم، بل بالعكس فهو منفتح على كل األفكار ويسعى إلى نشرها في املجتمع،

.ه يخرجه من منطقة األمان التي يكون فيهاالذي يقاوم في الغالب كل جديد ألن

. 999مي عبد هللا، مرجع سابق، ص -72

55

إسهامات النظرية: -2

وتفترض هذه النظرية أن قنوات وسائل اإلعالم أكثر فعالية في زيادة املعرفة حول املبتكرات، في

حين تكون قنوات االتصال الشخص ي أكثر فعالية في تشكيل املواقف حول االبتكار الجديد، هذا يعني

وسيلة اإلعالمية يقتصر دورها على تحقيق االستجابة املعرفية، أي التعرف على الش يء والعلم أن ال

بوجوده، ثم يتكفل االتصال الشخص ي الذي يعتمد أكثر على شبكة العالقات بتشكيل اآلراء

واالتجاهات حول األفكار الجديدة واملبتكرات املستحدثة داخل املجتمع.

رز وشوميكو خصائص األفكار املستحدثة واملبتكرات الجديدة، فالنسبة وفي ذات السياق عرض روج

لهما أن الذيوع واالنتتشار ليس متشابه دائما بسبب الخصائص والصفات التي تجعل بعض األفكار

73أكثر رواجا وأسرع تقبال من البعض اآلخر، وتتمثل هذه الخصائص في:

ة أو األسلوب املستحدث بأنها درجة تفوقها على األفكار يعرف روجرز الفكرة الحديث امليزة النسبية: -أ

واألساليب السابقة ويقصد بامليزة النسبية مدى الفائدة االقتصادية التي تعود على الشخص الذي

يتبنى الفكرة أو األسلوب الجديد.

الخاصة ويقصد بها درجة توافق الفكرة مع القيم السائدة لدى من يتبنونها، وتجاربهم املالئمة: -ب

بذلك، فالتوافق يزيد من درجة األمان في تبني الفكرة الجدية.

ويقصد بها درجة الصعوبة املسبية للفكرة على الفهم واالستخدام وقد لوحظ أن درجة التعقيد: -جـ

بعض األفكار املستحدثة أكثر وضوحا من بعض األفكار األخرى، وأن هذا يرتبط بدرجة قبول األفراد

بينهم. لها وانتشارها

. 999-999حسن عماد مكاوي، وليلى حسين السيد، مرجع سابق، ص ص -73

56

: بعض األفكار املستحدثة يمكن تقسيمها وتجربتها مجزأة، فكلما نجح الفرد في قابلية التقسيم --د

، وعليه فحسب روجرز فاألفكار املجزأة أسرع تبنيا داخل تجربة جزء ينتقل بسهولة إلى األجزاء التالية

املجتمع من غيرها من األفكار.

اول الفكرة أو األساليب املستحدثة بين األفراد، ولوحظ أن ويقصد بها نشر وتد قابلية التدوال:-ه

كلما كانت النتائج املترتبة على تبنى الفكرة واضحة، كلما كان قبول اآلخرين وتبنيهم لها سهال وميسرا.

وحسب ذات الباحثان فإن عملية انتشار املبتكرات الجديدة وتبنيها من قبل األفراد داخل املجتمع

74ة مراحل حتى تصل إلى التعميم، وهي خمس مراحل هي كاآلتي:تمر بعد

وفي هذه املرحلة يسمح الفرد أو يعلم بالفكرة الجديدة ألول مرة، والن تسطيع مرحلة الوعي بالفكرة: -أ

الجزم بما إذا كان الوعي يأتي عفويا أومقصودا، وتفق الباحثون على أن هذه املرحلة هي مفتاح الولوج

حل األخرى من التبني.إلى املرا

وفي هذه املرحلة يتولد لدى الفرد رغبة في الترعف على وقائع الفكرة والسعي إلى مرحلة االهتمام: -ب

املزيد من املعلومات بشأنها، ويصبح أكثر ارتباطا من النحية النفسية بالفكرة أو االبتكار عنه في املرحلة

.السابقة، ولذلك يصبح سلوكه هادف بكشل قاطع

: وفي هذه املرحلة يزن الفرد ما تجمع لديه من معرفة ومعلومات عن الفكرة مرحلة التقييم -جـ

املستحدثة أو االبتكار، في ضوء موقفه وسلوكه واألحوال السائدة في الحاضر وما يتوقعه مستقبال،

وينتهي به األمر إلى أن يقرر إما رفض الفكرة أو إخضاعها للتجريب العملي.

يستخدم الفرد الفكرة املستحدثة على نطاق ضيق على سبيل التجربة لكي يحدد التجريب: مرحلة -د

فائدتها في نطاق ظروفه الخاصة، فإذا اقتنع بفائدتها فإنه يقرر تبنيها ويطبقها على نطاق واسع، وإذا

اقتنع بعدم جدوها فإنه يرفضها.

. 991-992ص ص ،حسن عماد مكاوي، وليلى حسين السيد، مرجع سابق -74

57

الفرد قد انتهى إلى قرار تبني الفكرة املستحدثة تتميز هذه املرحلة بالثبات النسبي، ف مرحلة التبني: -ه

بعد أن اقتنع بجدواها وفوائدها.

يفهم من هذه املراحل أن الفرد يأخذ فترة من الزمن حتى يصل إلى تقبل املبتكرات الجديدة واقتناع

لى الحفاظ على بها، فهو ال ينخرط في الفكرة مجرد العلم بها، وخاصة ونحن نعمل أن الفرد يميل دائما إ

فالوقت في هذه الحالة مسألة حاسمة في الوضع القائم، بحكم الوضعية الوريحة التي يجد فيها نفسه.

، فالفرد يتخذ قرار القبول والتبني بعد انتشار املبتكرات مهما كان نوعها و الخصائص التي ترتبط بها

صوص هذه املبتكرات الجديدة من أجل مرور مدة زمينة ومعينة وهي كافية لتشكل االتجاه والرأي بخ

الوصول إلى قرار نهائي في ذلك. ويجب أن نشير إلى دور وسائل اإلعالم محصور في املعرفة، وغير مفض ي

إلى استجابة سلوكية مباشرة من قبل املتلقي الذي يعتمد فيما بعد على االتصال الشخص ي من أجل

علومات حول املبتكرات الجديدة عبر مراحل وليس بلورة اتجاه ثم قرار بالتجريب، وتنتقل هذه امل

مرحلتين فقط كما افترضت نظرية التدفق االتصال على خطوتين.

نقد النظرية: -3

لقد ثبت أن املراحل الخمس التي اقترحها كل من روجرز وشوميكو ليست متساوية الطول، بل -

متفعالة بينها. تختلف من فرد آلخر تبعا لعوامل شخصية، اجتماعية، ثقافية

أن املراحل الخمس ال تحدث دائما وفق التسلسل الذي وضعه الباحثان، فبعض األفراد يتبنون -

مبكرا جديدة دون الدخول في مرحلة التجريب على نطاق ضيق، كما أن التقييم عملية مستمرة

ومصاحبة لكل مرحلة وليست مجرد مرحلة مستقلة.

بتكرات الجديدة يكون بطيئا في البداية داخل املجتمع، ثم تزداد سرعة كما تبين أن معدل انتشار امل -

االنتشار بالتدريج كلما رأى األفراد أو سمعوا بنجاح هذه املبتكرات وفعاليتها.

58

وجود فروقات واضحة بين تطبيق هذه النظرية في الدول املتقدمة التي تعتمد على وفرة املعلومات -

بتكر جديد في املجتمع وهذا ما يسهل عملية التقبل واالقبال، وهذا عكس وانتشارها فيما يتعلق بأي م

املجتمعات التي مازلت تواجه الكثير من األزمات بداخلها، فهي ال توفر املعلومات الكافية حول االنتقال

من حالة إلى حالة وهذا ما يسبب بطئ في تبني األشياء الجديدة .

59

ب األولوياتاملحاضرة الثامنة: نظرية ترتي

تمهيد:

انطلقت نظرية ترتيب األولويات، أو األجندة كما تسمى كذلك من فكرة محورية مفادها أن

هناك ارتباط وثيق بين الطريقة التي تعرض بها وسائل اإلعالم األخبار وبين ترتيب أهمية املوضوعات

النظرية فإن وسائل اإلعالم ال تستطيع أن كما يراها الجمهور الذي يتابع هذه األخبار، فبي حسب هذه

، ومع مرور تغطي كل األحداث واملواضيع، فتحاول تسلط الضوء على بعضها مع إهمال الكثير منها

الوقت يتحول هذا االهتمام من وسائل اإلعالم إلى الجمهور، فيدركونها بطريقة معنية، ويفكرون في

ية لدى هؤالء دون مواضيع أخرى ترد في وسائل اإلعالم، محتوياتها، وهذا ما يكسب هذه املواضيع أهم

. ويعد كل من ماكوبس وشو من نحات هذه تظهر وكأنها قضايا هامشية ال تسترعي االنتباه واملتابعة

، حيث أكدا بأن هناك عالقة ارتباطية أيجابية بين جدول أعمال وسائل اإلعالم، 9199النظرية سنة

زت وسائل اإلعالم على قضية ما كلما وجدول أعمال الجمهور، وملخصجعلت ذلك أنه كلما رك

الجمهور يتابعها باهتمام أكبر وأصبحت تشكل قضية ذات أهمية لديه.

مرتكزات نظرية ترتيب األولويات: -1

األجندة ضمن نظرية تركيب املعنى، تركز بالذات على األخبار السياسية في مواجهة وضع صنفيو

كثر شموال لوسائل اإلعالم. باإلضافة إلى ذلك فإن النظرية تركز على طراز واحد من املعاني املحتوى األ

أي ترتيب نظام األهمية -الداخلية، أو مجموعة املعتقدات التي تنتج عن تصوير وسائل اإلعالم لها

هي موضوع ... ف طبقا للصفات املنسوبة إلى مجموعة من املوضوعات السياسية التي تتناولها الصحافة

60

للتركيب االجتماعي تتعلق بالواقع كما تصوره وسائل اإلعالم، وتطور املعاني الذاتية، وتأثيرها على

. 75السلوك

وقد طفى هذا الفرض الذي جاء به هذان الباحثين بشكل بناء على مالحظات خالل الحمالت

نسبة للقضايا املطروحة وبناء على االنتخابية، حيث تلعل وسائل اإلعالم دور الوظيفة التنظمية بال

76ذلك، فإن:

يستقس الناخبون أثناء الحمالت االنتخابية معلوماتهم من وسائل اإلعالم في األساس. -

تكون هذه املعلومات جديدة بالنسبة لهؤالء الناخبين. -

ل القضايا يطلع الناخبون على املعلومات الجديدة بناء على إصرار الذي تبديه وسائل اإلعالم حيا -

.محل النقاش أثناء الحملة االنتخابية

ويذكر بول عطا هللا أن تداول أي شخصية أو موضوع من قبل وسائل اإلعالم يصبح ذو أهمية

لدى الجمهور نظرا لقدرة وسائل اإلعالم على القيام بدور الوساطة واإلشهار لكل ما يمر في جدول

مجرد تسليط الضوء عليه، وهذا يؤكد قدرة وسائل اإلعالم في التأثير أعمالها، فيكتس ي أهمية بالغة، ب

.77على الحركة االجتماعية املنظمة

إن مالحظات الباحثين هو ترتيب املوضوعات على مستوى وسائل اإلعالم وعلى مستوى الجمهور،

ل تساؤالت بحثية حول ما إذا كان هناك فعال توافق بين أجندتي كل من وسائل اإلعالم والجمهور شك

ومدى ارتباط كل منها باآلخر،وسؤال تأثير وسائل اإلعالم على املتلقين في حالة ما إذا تبين أن هناك

عالقة تخص االهتمام بقضايا معينة على حساب آخرى لدى املتغيرين)وسائل اإلعالم/جمهور(،

ساس أننا ذكرنا سابقا بأن نظرية باإلضافة إلى دور وسائل اإلعالم في بناء الواقع االجتماعي على أ

. 699-699يفلر، سوندرا بول روكيتش، مرجع سابق، ص ص ملفين د -75

76 - Judith Lazar; Op.cit, p 151 77 - Paul Attalah; Théories de la communication, Sens, Sujet, savoirs, Presses universitaire du

Québec,Quebec, 1991, p73

61

ضايا وتوحي لالفراد بأنها األجندة هي تركيب للمعنى االجتماعي من خالل ما تطرح وسائل اإلعالم من ق

، وكانت هذه التساؤالت التي قامت عليها مجموعة من الفروض محل عدة أكثر أهمية وجديرة االهتمام

بحوث من أجل إثبات صحتها.

-التي تمت صياغتها كانت قريبة من املفاهيم التي سادت في البدايات األولىهذه الفروض

مستقاة من أفكار ليبمان حول دور وسائل اإلعالم في تشكيل الصورة الذهنية للرأي، -الخمسينيات

وكذلك رؤية لونج، ولونج من أن وسائل اإلعالم تظهر قوتها في إثارة االنتباه إلى قضايا معينة، فهي تبني

صورا عامة للسياسة وتقدم موضوعات مقترحة ملا يجب أن يفكر فيه األفراد ويعرفوا منه ويشعروا

وبناء عليه توجت هذه الدراسات األولية حول عالقات املوضوعات التي تهتم بها وسائل اإلعالم .78به

نهاية الستينات باملوضوعات التي يهتم بها الجمهور، وهذا بعد أبحاث قام بها كل من ماكوبس وشاو في

وبداية السبعينات بنظرية ترتيب األولويات التي قامت علة فرض أساس ي كما ذكرنا أي العالقة بين ما

تبنيه وسائل اإلعالم من مواضيع واهتمامات الجمهور بهذه املواضيع.

ع البحوث املرتبطة بنظرية ترتيب األولويات: اأنو -2

79ة أنواع لقياس تريتب األولويات وتتمثل هذه البحوث في:حدد كل من شاو ومارتن أربع

نموذج يركز على قياس أولويات اهتمامات الجمهور، وأولويات اهتمامات وسائل اإلعالم اعتمادا على -أ

املعلومات التجميعية.

نموذج يركز على مجموعة من القضايا، ولكن ينقل وحدة التحليل من املستوى الكلي الذي يعتمد -ب

لى املعلومات التجميعية إلى املستوى الفردي.ع

.991، ص9199، القاهرة، 9، دار الكتاب الحديث، طالتصال املعاصرة واإللكترونيةالنظريات النفسية واالجاماعية في وسائل ايوسف محمد، -78

. 919حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، مرجع سابق، ص -79

62

نموظج يعتمد على دراسة قضية واحدة في وسائل اإلعالم، وعند الجمهور انطالقا من فكرة الـتأثير -جـ

يختلف من وقت آلخر.

نموذج يدرس قضية واحدة من الفرد كوحدة للتحليل. -د

أربعة أشكال رئيسية تعكس االتجاهات الخاصة وفي هذا اإلطار يقسم ماكوبس بحوث األجندة إلى

80بهذه البحوث وهي:

التي اختبرت الفرض األساس ي الخاص بأن نموذج التغطية اإلخبارية Chapel Hillالدراسة األصلية -أ

يؤثر في إدراك الجمهور ألهمية القضايا اليومية.

صطلحات النفسية مثل الحاجة إلى الدراسات الخاصة باألدوار املقارنة للصحف والتلفزيون، وامل -ب

التكيف، واتفاق االتصال الشخص ي مع عملية االتصال الجماهيري مثل هذه األعمال قدمها كتاب

The Emergence of American Political Issues .وهذا الكتاب اخابر فرض األجندة

سية كبديل لألجندة.الشكال الثالث الذي اختم بالكشف عن صور املرشحين واهتماماتهم السيا -جـ

واستبدلت بحلول الثمانينات انتقلت البحوث باألجندة اإلخبارية من متغير مستقل إلى متغير تابع -د

السؤال: من ضع أجندة الجمهور؟ بسؤال من يضع األجندة اإلخبارية؟

العوامل مؤثرة في ترتيب األولويات: -3

ألجندة منها ما هو متعلق بوسائل اإلعالم وكيف يتم هناك مجموعة من العوالم تتحكم في بناء ا

اختيار املوضوعات واألخبار التي ستتحول إلى منتجات إعالمية توجه إلى الجمهور، والتي سيتم

اقصاؤها من خريطة طريق هذه الوسائل، كذلك الشأن بالنسبة للجمهور فهناك كذلك عوامل تساهم

بمجموعة من املواضيع والقضايا على حساب أخرى، وبالتالي في بناء أجندة هؤالء من خالل االهتمام

. 969يوسف محمد، مرجع سابق، ص -80

63

فليس كل ما تبث وسائل اإلعالم يحظى باملتابعة واالهتمام، فيكون مصير الكثير من الرسائل اإلهمال

من قبل الجمهور ألنها ال تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لهؤالء.

ملتغير السياس ي، أي بمدى ارتباط وسائل ،فإن وضع األجندة يتأثر بافالبنسبة لوسائل اإلعالم

، أو اإلعالم بجهة سياسية معنية، حيث تتحكم في خط الوسيلة اإلعالمية واملواضيع التي تختارها

لوجود مصالح معينة بين اإلعالم والسياسة، أو جماعات ضاغطة تحدد مضامين اإلعالم وكيفية

وعية القضايا التي تهتم بها وسائل اإلعالم كأن التعاطي مع القضايا واألحداث املختلفة، كذلك هنا ن

تكون من جنس خاص مثل االهتمام بمواضيع العنف باستمرار داخل املجتمع، ويدخل ذلك في درجة

التغطية وحجمها في فترة زمينة معينة كما هو الشأن بالنسبة لفترات االنتخابات وما يصاحبها من

رشحين. وهذا يعني أن العاملين في وسائل اإلعالم يقومون حمالت من أجل حث الناخبين على اختيار امل

بعملية انتخاب للمواضيع التي ستوجه إلى الجمهور، وعلى هذا األساس يتم حجب قضايا أخرى تعتبر

غير مهمة بنسبة لهؤالء، وهذا ما يجعل الجمهور يتابعها ويهتم بها ألنها جاءت من وسائل اإلعالم.

فهي كذلك مرتبطة بمتغيرات تتحكم في اهتمام األجندة على مستوى الجمهور أما في ما يخص وضع

الجمهور بقضايا معنية على حساب قضايا أخرى في املجتمع، وانجذابه إلى بعض املواضيع وأهمال

81مواضيع أخرى حسب سلم األولويات بلغة نظرية األجندة ومن هذه املتغيرات نذكر:

طبيعة القضايا:-1 -3

مدى كونها مدركة أو ملموسة بالنسبة للجمهور، والقضايا امللموسة هي ويقصد بطبيع القضايا

التي تكون قريبة من الخبرة املباشرة للجمهور، ولم يكن هناك اجماع حول الباحثين حول طبيعة

أنه القضايا التي تحدد أولويات الجمهور رغم ما أجري من بحوث في هذا اإلطار، لكن الش يء املؤكد

. 919-691حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، مرجع سابق، ص ص -81

64

كلما القضايا التي تطرحها وسائل اإلعالم خارج دائرة الخبرة املباشرة واملعايشة للجمهور كلما

استطاعت أن تجلب اهتمامه وتؤثر فيه.

أهمية القضية:- 3-2

افترضت دراسة كارتر وزمالؤه وجودة عالقة ارتباط بين درجة اهتمام الجمهور بالقضية وزيادة

ت أكبر، وأشارت النتائج إلى زيادة االهتمام بالقضايا التي تسبب التهديد والخوف حصولها على أولويا

مثل: التلوث، اإليدز، عن القضايا التي ال تكون تهديدا مباشرا مثل: اإلجهاض، الحرب النووية.

الخصائص الديموغرافية: - 3-4

ية وترتيب األولويات، فقد أشارت الدراسات إلى أنه توجد عالقة ارتباط بين الخصائص الديموغراف

خلصت دراسا ويتني إلى أن متغير التعليم يلعب دورا أساسيا في ترتيب األولوياتنحو القضايا املثارة في

وسائل اإلعالم، وفي املقابل هناك من الدراسات التي خلصت إلى عدم وجود ارتباط بين املتغيرات

الديموغرافية وترتيب األولويات.

خص ي:االتصال الش- 3-5

يعتبر االتصال الشخص ي من محددات وضع األجندة، فقد كشفت الدراسات عن الدور الذي

خاصة بالنسبة للقضايا التي تداولها يلعبه االتصال الشخص ي في نقل املعلومات وترتيب األولويات

قضية بكثافة من قبل وسائل اإلعالم ومن هذه الدراسات دراسة موتز الخاصة بإدراك الجمهور ل

املخدرات بوصفها قضية شخصية أو مشكلة اجتماعية، وقد أيدت هذه الدراسة دور االتصال

الشخص ي في ترتيب األولويات.

شارت الدراسات إلى أن وسائل اإلعالم تقوم بدورها في ترتيب األولويات أ توقيت إثارة القضايا:- 3-6

االنتخابات ومن هذه الدراسات دراسة روبرتس حول أيام االنتخابات بشكل أوقو منها في غير أوقات

65

التنبؤ بسلوك التصويت االنتخابي، ودراسة بروسياس وكلينجر حول تأثير وسائل اإلعالم على امليول

االنتخابي في أملانيا.

نوع الوسيلة املستخدمة:- 3-7

راسة باترسون ومكلور حول تأثير تعتبر الوسيلة اإلعالمية متغير في بناء األجندة وهذا ما انتهت إليه د

كما 9199األخبار واإلعالنات التلفزيونية في تحديد أولويات الجمهور في االنتخابات األمريكية عام

من خالل ثالث مستويات باالنتقال من كشفت دراسة على أن الصحف ترتب األولويات قرائها على

ون في املستوى األول فقط. وقد خلص خالد صالح العمومية القضايا إلى التخصص بينما يبقى التلفزي

إلى أن الصحف والتلفزيون يحققان وظيفة وضع األجندة للجمهور لكن في تفاوت زمني فالتلفزيون

يكون تأثيره على املدى القصير أما الصحف فعلى املدى البعيد.

التأثير؛ حيث رأت من نستخلص أن نظرية ترتيب األولويات أو وضع األجندة تصنف ضمن نظريات

خالل افتراضها الرئيس ي أن هناك عالقة ارتباط ايجابين بين ما تنشره وسائل اإلعالم من قضايا

ومواضيع، واهتمامها بهذه القضايا، ثم التركيز عليها ما اهمال الكثير من القضايا املوجودة في املجتمع،

ي يليها لها على حساب الكثير من املواضيع، كما وبين اهتمام الجمهور بهذه القضايا، وكذا األهمية الت

أن بناء وضع األجندة بالنسبة لوسائل اإلعالم وجمهور مرهون بمجموعة من املتغيرات هي التي تتحكم

توقيت القضية، االتصال الشخص ي... في ترتيب القضايا واملواضيع وتجاهل أخرى كاملتغير السياس ي،

نضاج النظرية إلى أنه وصفت بالقصور من خالل بحوث موازية.ورغم ما أجري من دراسات من أجل ا

نقد النظرية: -4

لقد تعرضت نظرية ترتيب األولويات لعديد االنتقادات بعد أن ظهرت جوانب الضعف والقصور في

الفروض والنتائج التي توصلت إليها ومن هذه االنتقادات:

66

كل من ماكوبس وشاو ال تقارب الحقيقة، وقد اثبتت اعتبر جفريين بأن النتائج التي توصل إليها -

، وعليه ال يمكن الجزم بأن وسائل اإلعالم الدراسات التي تلتها أن نتائج النظرية محتملة وليست مؤكدة

.تتحكم في أجندة الجمهور وفيما يجب عليهم االهتمام به

ثيرات ناتجة عن أجندة وسائل كما يرى كل من ماكويل وويدال أنه ليس من الواضح إذا كانت التأ -

اإلعالم أو عن االتصال الشخص ي، فهو متغير حاسم في عملية االتصال داخل املجتمع.

وهناك متغيرات كثيرة في ترتيب أجندة األفراد داخل املجتمع كاألجندات السياسية، أجندة األحزاب -

فراد داخل املجتمع، وبالتالي ال يمكن واملؤسسات والحكومات... وهي كلها أجندات لها من الـتأثير على األ

تحديد أي األجندات تأثر بها الفرد مع كثرتها وتداخلها.

أغفلت نظرية الترتيب األولويات الطبيعة التراكمية للتأثيرات وركزت اهتمامها بالتأثير قصير املدى. -

ي تماس مع نظرية ويرى كذلك ماكويل عدم وضوح في مداخل نظرية ترتيب األولويات، فنجدها ف -

.82االستخدمات واالشباعات، وانتشار املبتكرات ولولب الصمت وبالتالي عدم كفايتها كمرشد في البحث

. 999-999 يوسف محمد، مرجع سابق، ص ص -82

67

املحاضرة التاسعة: نظرية االعتماد على وسائل اإلعالم

تمهيد:

لى تقوم نظرية اإلعتماد على وسائل اإلعالم لواضعيها )ملفين ديفلير، وسوندرا بول روكتش( ع

تفسير تأثيرات وسائل اإلعالم داخل املجتمع، محاولة تقديم إجابات حول الظروف التي يكون لإلعالم

تأثيرات قوية في البيئة االجتماعية بكل مكوناتها، والظروف التي تجعل من تأثير اإلعالم ضعيف،

االجتماعي التكيفوترتبط هذه الفكرة بالنسبة للباحثان بالبناء الوظيفي، التغير ومثال الصراع،

واملثال التطوري، بناء املعاني، وتفسير املتغيرات الفردية.

مرتكزات النظرية: -1

وفي وصفهما لنظرية االعتماد على وسائل اإلعالم يقول ديفلر وروكتش بأنها نظرية بيئية؛ فهي تركز

ظر إلى املجتمع باعتباره تركيبا على العالقات والنظم الصغرى، املتوسطة، والكبيرة ومكوناتها، فهي تن

عضويا، وهي تبحث في كيف أن األجزاء من نظم االجتماعية الصغيرة والكبيرة يرتبط كل منها باآلخر، ثم

تحاول تفسير سلوك األجزاء فيما يتعلق بهذه العالقات. ومن املفترض أن يكون نظام وسائل اإلعالم

. وهذا يعني وسائل 83قة باألفراد والجماعات واملنظمات...جزءا هاما من النسيج االجتماعي، وأن له عال

اإلعالم تعتبر من الوحدات املشكلة للنظام االجتماعي وتشتغل ضمن هذا النسق العام فتأثر وتتأثر

مادام أن هناك تشابك بين هذه الوحدات واألجزاء، ووفق هذه الرؤية فإن هناك بأجزاءه ومكوناته

، واعتماد األفراد على الرسائل التي سائل اإلعالم املختلفة داخل املجتمعفكرة عالقة التبعية لنظم و

.تنتجها وسائل اإلعالم، واالرتباط املوجود بين وسائل اإلعالم، الجمهور، واملجتمع

. 999ملفين ديفلر، سوندرا بول روكيتش، مرجع سابق، ص -83

68

ولذا فإن أي محاولة لشرح تأثيرات وسائل اإلعالم يجب أن تأخذ عوامل)متغيرات( عديدة في

هذه املجموعة من املتغيرات في الحسبان، فرديا وتفاعليا وتنظيميا، فإننا يمكن أن اإلعتبار. وإذا أخذنا

. 84نجني فهما أكثر مالئمة لـتأثير وسائل اإلعالم

85وتقوم عالقات االعتماد على وسائل اإلعالم على ركيزتين أساسيتين وهما:

افهم الشخصية واالجتماعية، لكي يحقق األفراد والجماعات واملنظمات املختلفة أهد األهداف: -

، والعكس فإنعليهم أن يعتمدوا على موارد يسيطر عليها أشحاص وجماعات أو منظمات أخرى

نظام معلومات يسيطر على مصادر املعلومات. بالعكس، ويعتبر نظام وسائل اإلعالم

تعد وسائل اإلعالم ويسعى األفراد واملنظمات إلى املصادر املختلفة التي تحقق أهدافهم، و املصادر: -

مصدرا لذلك وثالث أنواع:

وهو جمع املعلومات، فالصحفي يجمع املعلومات التي نحتاج معرفتها، ويقدم كاتب املصدر األول -أ

السيناريو معلومات عن أحداث حقيقية وخيالية تتيح لنا هدف املرح واالسترخاء.

لكي تخرج بصورة ح املعلومات التي تم جمعهااملصدر الثاني وهو تنسيق املعلومات، ويشير إلى تنقي -ب

مناسبة في شكل قصة صحفية أو برنامج إذاعي، أو فيلم سينمائي.

املصدر الثالث وهو نشر املعلومات أوالقدرة على توزيعها إلى جمهور غير محدود. -جـ

مات بشتى وبذلك فإن وسائل اإلعالم تصبح خزان أساس ي ومعتبر لجمع، إنتاج وتوزيع املعلو

، فيجد األفراد، املنظمات، الجماعات أنهم تابعون لنظام وسائل اإلعالم أكشالها وأنواعها

واليستطيعون االستغناء عنه، ألن هذا النظام أخذ على عاتقه جمع ونشر املعلومات من املحيط،

. 929مي عبد هللا، مرجع سابق، ص -84

. 699حسن عماد مكاوي، ليلي حسين السيد، مرجع سابق، ص -85

69

مسألة حيوية فأصبح من الضروري االرتباط بهذا النظام من أجل الحفاظ على الترابط مع املحيط وهي

بالنسبة ألي فرد أو جماعة داخل املجتمع.

االعتماد املتبادل بين وسائل اإلعالم والنظام االجتماعي: -2

، وهذا ما كما ذكرنا أنفا تتمثل قوة وسائل اإلعالم وهيمنتها في سطوتها على املعلومات ومصادرها

الجتماعية لهذه الوسائل من أجل تحقيق يجعل تبعية، أو اعتماد األفراد واملنظمات، والنظم ا

، مع التنويه إلى أن هذا االعتماد يكون في االتجاهين، ففي بعض األحيان أهدافهم املختلفة واملتعددة

تجد وسائل اإلعالم نفسها مرتبطة بنظم أخرى تمتلك املعلومة وتسيطر عليها وهذا ما يجعلها تابعة

ت التي تحتاجها وسائل اإلعالم من أجل أن تستمر في العمل لجهات معينة من أجل تزويدها باملعلوما

وتلبي حاجات من ينتظرون منها املعلومات لتحقيق أهدافهم.

فنجد أن الحكومات تكون أكثر ارتباطا بوسائل اإلعالم وتعتمد عليها بكشل كبير، فهي تحتاج دائما

ـتأييد، ومسايرة الرؤية واألهداف التي تم ومن أجل شرح السياسات، وكسب ال إلى االتصال بمواطنيها

وضعها، وهذا ما يعرف باالتصال السياس ي والذي أصبح يدار بشكل كبير عن طريق وسائل اإلعالم

؛ وهكذا فإن النظم السياسية واالقتصادية، والنظم األخرى في املجتمعات لحديثة، ومخرجاتها

تصال بالجمهور املستهدف. وفي نفس الوقت أصبحت تعتمد على وسائل اإلعالم لعمل الربط أو اال

تتحكم وسائل اإلعالم في املعلومات وموارد االتصال التي تحتاجها املنظمات السياسية واالقتصادية

.86لكي تؤدي وظائفها بكفاؤة عالية في املجتمعات الحديثة واملعقدة

االعتماد املتبادل بين األفراد ووسائل اإلعالم: -3

فراد)الجمهور( هم كذلك على وسائل اإلعالم مثلهم مثل النظم السياسية، االقتصادية، يعتمد األ

واالجتماعية، وهذا لحاجتهم الدائمة واملستمرة للمعلومات في املحيط الذي يعيشون فيه، فتبقى

. 699حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد، مرجع سابق، ص -86

70

وسائل اإلعالم ونظامها للمعلومات مزود أساس ي لهؤالء األفراد فيجد األفراد أنفسهم تابعين لهذه

لوسائل ألنها من املصادر األساسية واملهة للمعلومات املتنوعة واملختلفة من أجل تحقيق األهداف ا

:87ومن هذه األهداف حسب ديفلر، وروكتش

من خالل التعلم عن الذات، ونمو الشخص، والفهم االجتماعي من ويتمثل في معرفة الذات الفهم: -أ

حلية وتفسيرها.خالل معرفة أشياء عن العالم أو الجماعة امل

ويشمل توجيه العمل)الفعل( كأن تقرر ماذا تشتري؟ كيف تلبس ثيابك؟ وكيف تحتفظ التوجيه: -ب

برشاقتك؟ وتوجيه تبادلي تفاعلي مثل الحصول على دالالت عن كيفية التعامل مع مواقف جديدة أو

صعبة.

تثارة، والتسلية االجتماعية كذهاب وتشمل التسلية املنعزلة مثل الراحة واالسترخاء واالس التسلية: -جـ

إلى السينما، أو االستماع إلى املوسيقى، وأو مشاهدة التلفزيون مع األسرة.

تأسيسا لذلك فإن األفراد يقيمون عالقات بينهم وبين وسائل اإلعالم وهذا ما يحقق مفهوم التعبية

لحياة، وهذا بطبيعة الحال يستلزم لنظمها االتصالية مدفوعين بالحاجة وتحقيق أهدافهم في ا

، ثم الحصول على التوجيهات الالزمة املعلومات الالزمة والكافية لفهم البيئة التي يعيش فيها هؤالء

للقيام بأفعال معنية، مع الحاجة إلى الترفيه، واالسترخاء وهذا ما تجيد توفيره وسائل اإلعالم اليوم من

.هي من بين األشياء التي أكسبت وسائل اإلعالم قوة في الوقت الراهنخالل البرامج الترفيهية املتنوعة و

وبحسب واضعا هذه النظرية فإن هناك مجموعة من التأثيرات ناجمة عن اعتماد األفراد وتبعيتهم

مستويات ثالثة: هي التأثيرات املعرفية، الوجدانية، لوسائل اإلعالم وتبرز هذه التأثيرات من خالل

88تفصيالتها هي: ، وكل منها يحمل أبعاد معينةكيةوالسلو

. 992سابق، ص ، مرجعملفين ديفلر، سوندرا بول روكتيتش -87

. 999-991ص ص ،9199،دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، نظرية اإلعالمعلي عبد الفتاح كنعان، -88

71

التأثيرات املعرفية بناء على تصور نظرية االعتماد على وسائل اإلعالم: وتشمل التأثيرات املعرفية: -أ

كشف الغموض، تكوين االتجاهات، ترتيب أولويات االهتمام، توسيع املعتقدات، والقيم.

م عن نقص حاد في املعلومات لفهم موضوع أو قضية خاصة إذا كانت وهو ناجالكشف الغموض: -

معلومات متعارضة، لذلك يحاول األفراد اللجوء إلى وسائل اإلعالم واالعتماد عليها من أجل رفع اللبس

، خاصة إذا كانت مصدرا عن املسائل املطروحة بما توفره من معلومات حول قضايا وأشياء معينة

.أساسيا لذلك

توقف تشكيل االتجاهات لدى األفراد على درجة اعتمادهم على وسائل اإلعالم ي :وين االتجاهتك -ـ

وطلب املعلومات منها، وهذا ما ينجم عنه اختالف التأثير، كما يتوقف بناء االتجاه على االنتقاء بين

ل االتجاهات، مجموعة من املحتويات ووسائل اإلعالم املتوفرة، دون أن نغفل دور قادة الرأي في تشكي

وعليه فمنسوب تبدل االتجاه خاضع لالعتماد على الوسيلة اإلعالمية أو غيرها من املصادر.

تضطلع وسائل اإلعالم بهمة اختيار املعلومات وترتيبها، بحيث تركز على ترتيب أولويات االهتمام: -

ع بواعثهم الذاتية موضوعات دون أخرى، وعلى أساس أن األشخاص يميلون إلى انتقاء ما يتوافق م

فيحدث تطابق بين أجندة وسائل اإلعالم وأجنداتهم حال اعتمادهم على هذه الوسائل.

ال يمكن أن نغفل الدور الذي تلعبه وسائل اإلعالم في بناء وتوسيع معتقدات توسيع املعتقدات: -

كاتهم حول البيئة التي الجمهور إذا ما اعتمد هؤالء على هذه الوسائل من أجل بناء تعلماته وتوسيع مدر

يعيشون فيها ويتم تنظيم هذه املعتقدات في فئات تبرز املعالم األساسية لنشاط الفرد في املجتمع

كالدين، األسرة، والسياسة.

تتعامل وسائل اإلعالم بحذر شديد مع مسألة القيم، فتعمل على إبرازها دون محاولة القيم: تشكيل -

لة ومتجذرة في املجتمع، وبالتالي تعمل في كثير من األحيان على مجانبتها أو لزعزعتها، فهي تعلم أنها أصي

تعزيزها لتمسك األفراد بها وسعيهم الدائم للدفاع عنها.

72

، ويكمن أن نقيس هذه التأثيرات إذا ما وتمثل مجموعة املشاعر واألحاسيسالتأثيرات الوجدانية: -ب

ء معلوماتهم، وهذه الـتأثيرات هي:اعتمد األفراد على وسائل اإلعالم في استقا

حيث يفترض أن كثرة التعرض للعنف في وسائل اإلعالم يولد الشعور بالتبلد، الفتور العاطفي: -

والالمباالة، وعدم الرغبة في مساعدة اآلخرين، وتشير الدراسات إلى أن التعرض للعنف يؤدي إلى

الفتور العاطفي.

أحداث العنف، فإنها تثير مشاعر الخوف لدى ل اإلعالمعندما تعرض لوسائ الخوف والقل : -

املتلقين، والقلق من وقوع ضحايا ألعمال العنف في الواقع.

يمكن لوسائل اإلعالم أن تنمي الروح املعنوية لدى األفراد وتوحيدهم، في الدعم املعنوي واالغتراب: -

ي فيتشكل لديهم الشعور باالغتراب.املقابل يمكن أن تزيد من الغموض وإشاعة الشكوك حول ما يجر

يقصد بالتأثيرات السلوكية جملة األفعال التي يقوم بها الفرد حيال رسائل :التأثيرات السلوكية -جـ

اإلعالم وتنقسم إلى أفعال التنشيط وأفعال الخمول.

بدافع من يعتبر التأثير السلوكي ناتج التأثير املعرفي والعاطفي، وتكون هذه األفعال التنشيط: -

االعتماد على وسائل اإلعالم، أي أن هناك ارتباط بين الفعل والتعرض للمضامين اإلعالمية، وقد أثبتت

بعض الدراسات بوجةد عالقة إيجابية بين كثافة التداول اإلخباري وقيام الجمهور بتقديم مساعدات

نوع من املحتويات.إنسانية.، ويكون األثر سلبي كالقيام بأعمال عنف بعد التعرض لهذا ال

يمكن أن يتحول التعرض لوسائل اإلعالم واإلفراط في االعتماد عليها إلى سلوك سلبي بأن الخمول: -

يتكاسل األفراد عن القيام بأعمالهم وواجباتهم، كالمتناع عن االنتخاب كتعبير عن عدم الرض ى،

لفقدان الثقة بين الجمهور ووسائل اإلعالم.

أن نخلص إلى أن تأثير وسائل اإلعالم يختلف بحسب طبيعة األفراد، املنظومات وعموما يمكن

، وكلما كان هناك توافق بين أهداف االجتماعية ووسائل اإلعالم في عالقتهم مع بعضهم البعض

73

الجمهور واملنظمات ووسائل اإلعالم يكون هناك االعتماد املتبادل بين هذه األنظمة، أي أن يكون هناك

في كل االتجاهات بما يحفظ االستقرار والتطور. وهذا يجعل تفسير عالقات التأثير بين هذه عالقات

املتغيرات ينظر إليها كلياتها وأجزاءها املختلفة كوحدات ومركب ال يمكن أن نفصل وحداته عن بعضها

.، ألنها نسق واحد غير قابل للتفتيت أو العزل البعض

نقد النظرية: -4

مصدر نظرية متغير االتصال الشخص ي ودوره في تزويد األفراد باملعلومات، فهو بذلك أهملت هذه ال -

املصدر هي مهم للمعلومات على غرار وسائالإلعالم، وعليه فإن النظرية إعتبرت أن وسائل اإلعالم

في توفير املعلومات.الغالب

التي تنطلق من فروضها، إذا تحمل النظرية في طياتها صعوبة التدليل من خالل البحوث والدراسات -

ما أدرجت كل املتغيرات التي تتحكم فيها، باالضاقة إلى عالقة كل متغير بالنظام اإلعالمي.

هناك بعض اللبس بين مفهوم االعتماد ومفهوم االستخدام، والحدود الفاصلة بينهما، فاعتماد يوحي -

بداللة التبعية لوسائل اإلعالم، وعدم االستغناء.

هناك صعوبة في تحديد تأثيرات االعتماد على كل وسائل اإلعالم، فيمكن أن يحقق التلفزيون كذلك -

، خاصة عند الذين يعتمدون على وسيلة أثرا قويا دون أن يكون ذلك على مستوى الصحف، أو اإلذاعة

دون وسائل أخرى.

74

قائمة املراجع:

ترجمة نصرالدين لعياض ي، الصادق رابح، املنظمة ،تاريخ نظريات االتصالأرمان وميشال ماتالر، -9

.9119، بيروت، 6العربية للترجمة، ط

، ترجمة فضيل دليو وآخرون، مخبر علم البحث في االتصال: عناصر منهجيةأ. الرامي، ب. فالي، -9

.9111االجتماع للبحث والترجمة، قسنطينة،

ترجمة: مروريس شربل، جروس برس، ، ، سوسيولوجيا االتصال ووسائل اإلعالمإيرك ميغريه -6

.9111، طرابلس)لبنان(، 9ط

، دار الكتاب مناهج البحث اإلعالمي: األصول النظرية ومهارات التطبي بركات عبد العزيز، -9

.9199، 9الحديث، القاهرة، ط

ر، ترجمة أحمد القصوا، الفكر االتصالي: من التأسيس إلى منعطف األلفية الثالثة، برنار مياج -5

. 9199، 9دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، ط

دار أسامة للنشر ، مناهج البحث اإلعالمي وتحليل الخطاب، بسام عبد الرحمن املشابقة -9

.9111والتوزيع، عمان،

.9199، 9دار أسامة للنشر والتوزيع، عمان، ط، نظريات االتصال، بسام عبد الرحمن املشاقبة -9

سيس النظري لعلوم اإلع الم واالتصال انطالقا من البراديغم السيبرنطيقي: التأبطاهر هشام، -2

.cairn.infoدراسة تحليلية على عينة من منشورات

.9119د. د.ن، د.م.ن، ، عاطف عدلي العبد، نظريات اإلعالم، حسن عماد مكاوي -1

ر املصرية اللبنانية، الدا، االتصال ونظرياته املعاصرة، حسن عماد مكاوي، ليلى حسين السيد -91

.9112، 9القاهرة، ط

75

، مساهمة البراديغمات املسيطرة في علوم اإلعالم واالتصال وإشكالياتها املختلفةحسين سعد، -99

.91/16/9199في الحلقة البحثية البراديغمات العلمية لطالب الدكتوراه اللبنانية،

. 9119وم اإلعالم واالتصال، د ط، الجزائر، ، معهد علعلم االجتماع اإلعالميعبد الرحمن عزي، -99

دار اليازوري العلمية للنشر ، نظريات االتصال في القرن الحادي والعشرين، عبد الرزاق الدليمي -96

.9199والتوزيع، عمان،

.9199،دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، عمان، نظرية اإلعالمعلي عبد الفتاح كنعان، -99

جمهور وسائط االتصال ومستخدميها: من املتفرجين إلى املبحرين سايسية، علي ق -99

.9199، الجزائر، 9، دار الورسم، طاالفتراضيين

.9119، بيروت، 9دار الفكر املعاصر، ط، علوم االتصال واملجتمعات الرقمية،فريال مهنا -99

.9191، 9القاهرة، طدار الفجر للنشر والتوزيع، ، نظريات االتصال، محمد منير حجاب -99

، الدار الدولية لالستثمارت نظريات وسائل اإلعالمروكيتش، -ر، ساندرا بول لملفين ل. ديف -92

.9119، ، القاهرة9الثقافية، ط

اإلشكاليات املنهجية في دراسات تطبيقات اإلعالم االجتماعي: رؤية مها عبد املجيد صالح، -91

ل التواصل االجتماعي: التطبيقات واإلشكاالت املنهجية، جامعة ، ورقة علمية في مؤتمر وسائتحليلية

.9199مارس، 91-91اإلمام محمد بين سعود اإلسالمية، كلية اإلعالم واالتصال، الرياض

.9191، 9دار النهضة العربية، بيروت ط، نظريات االتصال، مي عبد هللا -91

دار اإلعصار العلمي، عالم الجماهيري،نظريات االتصال واإل نضال فالح الضالعين وآخرون، -99

.9199، عمان، 9ط

.9111، الكويت، 999، عالم املعرفة، العدد فلسفة العلم في القرن العشرينيمنى طريق الخولي، -99

76

، دار النظريات النفسية واالجاماعية في وسائل االتصال املعاصرة واإللكترونيةيوسف محمد، -96

.9199ة، ، القاهر 9الكتاب الحديث، ط

24- Bernard Delforce et Jacques Noyer, Pour une approche interdisciplinaire des

phénomènes de médiatisation: constructivisme et discursivité sociale, étude de

communication, n° 22, 1999, université de lille 3, en ligne,

https://journals.openedition.org/edc/2341

25- Chinenye Nwabueze, Ebere Okonkwo; Rethinking the Bullet Theory in the Digital

Age, International Journal of Media, Journalism and Mass Communications, Vol. 4, Issue

2, 2018, p2, on ligne, https://www.arcjournals.org/pdfs/ijmjmc/v4-i2/1.pdf

26- Denis McQail; Mass communication Theory, Sage edition, 6th ed, London, 2010.

27- Elihu Katz; La recherche en communication depuis Lazarsfeld, traduction, Gilles

Achache, Dorine Bregman et Daniel Dayan, Hermes, n°4, C.N.R.S édition, 1989/1.

28- Guy rumelhard, Problimatisation et concept de paradigme aproche

épstimologique, psychologque, sociologique, ASTER,N° 40, 2005,

http://documents.irevues.inist.fr/bitstream/handle/2042/8861/ASTER_2005_40_205.pd

f?sequence=1

29- Judith Lazar, Sociologie de la communication de masse, Armand colin, Paris, 1991.

30- Paul Attalah; Théories de la communication, Sens, Sujet, savoirs, Presses

universitaire du Québec,Quebec, 1991.

77

31- Serge Proulx, Les rechreches nord-américain sur la communication:

l’institutionalisation d’un champ d’étude, L’année sociologique, vol. 51, n° 2, Paris,

2001.

32- W. Russell Neuman & Lauren Guggenheim; The Evolution of Media Effects Theory:

A Six-Stage Model of Cumulative Research, Communication Theory 21, International

Communication Association, 2011,

http://www.wrneuman.com/nav_pub_95_397962857.pdf