برنامج المكتبة الشاملة - Quranic Thought

103
http://www.shamela.ws شاملةكتبة ال بواسطة اف آليالاد هذا ا إعد لحدقي اب : حوار مع صديلكتا اصطفى نمودؤلف: م ا]شاملةكتبة الوقع ا ستودع من كتب الكتابهذا ا[ :حظة مصطفى نمود ملحدقي ا حوار مع صدي * مقدمة مقدمة.............. منستقبل غيب .. ومن ا يعود .. الق من يذهب إلخرة غيب .. ومن غيب .. ومن امموا لشهواتسلهم واس أنفسلناسية .. وعبد اادر امفكادت اماد .. وساعة اجت بضا را أكثرهم أن ليسافعها .. وظن على منقاتلونا يتى الدني انكبوا عل وء وليس بعدا شي وراء الدنيمياة ات الدو شيء .. وتقاتللماديةت ول لكفر نظرا .. وأصبح ل ا على ذهب امرض وخ ى الك لم حلهم وترحا جون إليها ا وهدا كعبة يتعلقونكرينلمناريب وسدنة ولكار ننسفات ول فلعلم" .. "الا بة يسمو .. كعبة مهيا ظهر أمر " وحينم الكتيبنوم البشري" ذلك الي صفحيسة م من الصغ كل منا خ ة قدر كل منالكيميائية عنن امروف ارات مثة مليا ث سكوة ميكروز خلوي حي دون واة .. كيف؟ ..ي ا بصدمة كهر كله كألعاق اضه .. أفا اطن ضعفه وصحته وأمرا مو ته و مواطن قو و

Transcript of برنامج المكتبة الشاملة - Quranic Thought

http://www.shamela.ws مت إعداد هذا امللف آليا بواسطة املكتبة الشاملة

الكتاب : حوار مع صديقي امللحد

املؤلف: مصطفى حممود مالحظة: ]هذا الكتاب من كتب املستودع مبوقع املكتبة الشاملة[

مصطفى حممود

حوار مع صديقي امللحد

* مقدمة

.............. مقدمة

غيب .. وألن اآلخرة غيب .. وألن من يذهب إىل القرب ال يعود .. هللا غيب .. وألن املستقبل ألن راجت بضاعة اإلحلاد .. وسادت األفكار املادية .. وعبد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواهتم

احلياة وراء الدنيا شيء وليس بعد وانكبوا على الدنيا يتقاتلون على منافعها .. وظن أكثرهم أن ليسل الكربى على ذهب األرض وخرياهتا .. وأصبح للكفر نظرايت وللمادية شيء .. وتقاتلت الدو

فلسفات ولإلنكار حماريب وسدنة وللمنكرين كعبة يتعلقون أبهداهبا وحيجون إليها يف حلهم وترحاهلم .. كعبة مهيبة يسموهنا "العلم" ..

ة يف خالاي كل منا الصغري من مخسة ماليني صفح اجلينوم البشري" ذلك الكتيبوحينما ظهر أمر "

واملدون يف حيز خلوي ميكروسكويب يف ثالثة مليارات من احلروف الكيميائية عن قدر كل منا ومواطن قوته ومواطن ضعفه وصحته وأمراضه .. أفاق العامل كله كأمنا بصدمة كهرابية .. كيف؟ ..

بعد .. ومن الذي كتب " الدقيق عن مستقبل مل أيت لم غري مرئي كتب هذا "السفرومىت؟ .. وأبي ق كل تلك املعلومات .. وأبي وسيلة .. ومن الذي يستطيع أن يدون مثل تلك املدوانت.

(1/1)

خاشعة : أخريا أمكن ورأينا كلينتون رئيس أكرب دولة يف العامل يطالعنا يف التلفزيون ليقول يف نربات هبا وم البشري وأوشك العلماء أن يفضوا الشفرة اليت كتب هللامجع املعلومات الكاملة عن اجلين

أقداران..

هكذا ذكر " هللا " ابالسم يف بيانه..

نعم.. كانت صحوة مؤقتة .. أعقبها جدل .. وضجيج .. وعجيج .. وتكلم الكثري .. ابسم الدين . واختلفوا .... وابسم العلم .

ان .. وهل هو مسرير أم خمرير ..وعادت األسئلة القدمية عن حرية اإلنس

ر علينا أفعالنا فلماذا حياسبنا ؟!وإذا كان هللا قد

وملاذا خلق هللا الشر ..

وما ذنب الذي مل يصله قرآن..

فا ..وما موقف الدين من التطور.. وملاذا نقول ابستحالة أن يكون القرآن مؤل

دد .. وعادت موضوعاته .. عن اجلرب واالختيار .. وعاد ذلك احلوار القدمي مع صديقي امللحد ليت

عث .. واملصري .. واحلساب .. لتصبح مواضيع الساعة ..والب

وتعود هذه الطبعة اجلديدة يف وقتها وميعادها .. لتشارك يف حل هذا اللغز .. ولتعود لتثري املوضوع ذي ال يتزلزل .علم الثابت واإلشارات القرآنية .. واليقني اإلهلي المن منطلق ال

جاء كتابنا مرة أخرى .. يف ميعاده ..

ومرحبا مرة أخرى ابحلوار اهلادئ البناء .

مصطفى حممود

الفصل األول مل يلد ومل يولد

نقتات ابألوهام -حنن املؤمنني السذج -صديقي رجل حيب اجلدل ويهوى الكالم.. وهو يعتقد أننا

ناسبة عني وتفوتنا لذات الدنيا ومفاتنها .. وصديقي هبذه املونضحك على أنفسنا ابجلنة واحلور ال خترج يف فرنسا وحصل على دكتوراه .. وعاش مع اهليبز وأصبح ينكر كل شيء.

قال يل ساخرا:

الذي ينص على أن لكل صنعة أنتم تقولون : إن هللا موجود .. وعمدة براهينكم هو قانون "السببية"

الرسم يدل على .. ولكل وجود موجدا .. النسيج يدل على النس اج .. و صانعا.. ولكل خلق خالقا الرس ام .. والنقش يدل على النق اش .. والكون هبذا املنطق أبلغ دليل على اإلله القدير الذي خلقه

..

(1/2)

هللا بنفس املنطق أن نسأل .. ومن خلق اخلالق .. من خلق صد قنا وآمن ا هبذا اخلالق .. أال حيق لناالتكم إىل هذا .. وتبعا لنفس قانون السببية .. ما رأيكم الذي حتدثوننا عنه .. أال تقودان نفس استدال

يف هذا املطب دام فضلكم ؟

من خلقه ؟! وحنن نقول له : سؤالك فاسد .. وال مطب وال حاجة فأنت تسل م أبن هللا خالق مث تقول

ملة وهذا تناقض..فتجعل منه خالقا وخملوقا يف نفس اجل

تتصور خضوع اخلالق لقوانني خملوقاته .. فالسببية قانوننا حنن أبناء والوجه اآلخر لفساد السؤال أنك الزمان واملكان .

تصوره مقيدا وهللا الذي خلق الزمان واملكان هو ابلضرورة فوق الزمان واملكان وال يصح لنا أن ن

ان واملكان .ابلزمان واملكان .. وال بقوانني الزم

فال جيوز أن نتصوره خاضعا لقانون السببية الذي خلقه . وهللا هو الذي خلق قانون السببية ..وأنت هبذه السفسطة أشبه ابلعرائس اليت تتحرك بزمبلك .. وتتصور أن اإلنسان الذي صنعها ال بد

. قالت : مستحيل أن بلك .. فإذا قلنا هلا بل هو يتحرك من تلقاء نفسه .هو اآلخر يتحرك بزم أرى يف عاملي كل شيء يتحرك بزمبلك .يتحرك شيء من تلقاء نفسه .. إين

وأنت ابملثل ال تتصور أن هللا موجود بذاته بدون موجد .. جملرد أنك ترى كل شيء حولك يف حاجة إىل موجد .

سريع ليصل إىل تاج إىل براشوت لينزل على البشر وحمتاج إىل أتوبيسوأنت كمن يظن أن هللا حم

وصاف علو ا كبريا ..أنبيائه.. سبحانه وتعاىل عن هذه األ

"وعمانويل كانت" الفيلسوف األملاين يف كتابه "نقد العقل اخلالص" أدرك أن العقل ال يستطيع أن زئيات والظواهر فقط .. يف حني أنه عاجز عن إدراك حييط بكنه األشياء وأنه مهي أ بطبيعته إلدراك اجلا هللا ابلضمري وليس ابلعقل .. شوقنا إىل العدل كان املاهيات اجملردة مثل الوجود اإلهلي .. وإمنا عرفن

دليلنا على وجود العادل .. كما أن ظمأان إىل املاء هو دليلنا على وجود املاء ..

(1/3)

من الشجرة ئال : إن الكرسي من اخلشب واخلشب أما أرسطو فقد استطرد يف تسلسل األسباب قاوالبذرة من الزارع .. واضطر إىل القول أبن هذا االستطراد املتسلسل يف .. والشجرة من البذرة ..

الزمن الالهنائي البد أن ينتهي بنا يف البدء األول إىل سبب يف غري حاجة إىل سبب .. سبب أول أو . وهو نفس ما نقوله عن هللا كه .. خالق يف غري حاجة إىل خالق .حمرك أول يف غري حاجة إىل من حير

.. ا ابن عريب فكان رده على هذا السؤال "سؤال من خلق اخلالق".. أبنه سؤال ال يرد إال على عقل أم

فاسد.. فاهلل هو الذي يربهن على الوجود وال يصح أن نتخذ من الوجود برهاان على هللا.. متاما كما النور .. اآلية لو قلنا إن النهار يربهن علىالنور يربهن على النهار .. ونعكس نقول إن

يقول هللا يف حديث قدسي :

) أان يستدل يب .. أان ال يستدل علي ( ..

فاهلل هو الدليل الذي ال حيتاج إىل دليل .. ألنه هللا احلق الواضح بذاته .. وهو احلجة على كل شيء

س .. يف . يف ورقة الشجر .. يف ريشة الطاوو النظام والدقة واجلمال واإلحكام . .. هللا ظاهر يفجناح الفراش .. يف عطر الورد .. يف صدح البلبل .. يف ترابط النجوم والكواكب.. يف هذا القصيد

السيمفوين الذي امسه الكون ..عة يف اهلواء ميكن أن يؤدي لو قلنا إن كل هذا جاء مصادفة .. لكنا كمن يتصور أن إلقاء حروف مطب

كسبري بدون شاعر وبدون مؤلف.عها تلقائيا على شكل قصيدة شعر لشإىل جتم

والقرآن يغنينا عن هذه اجملادالت بكلمات قليلة وبليغة فيقول بوضوح قاطع ودون تفلسف: 1سورة اإلخالص: }قل هو اللر أحد . هللا الصمد . مل يلد ومل يولد . ومل يكن له كفوا أحد{

د ..؟ ملاذا ال يكون اآلهلة متعددين ..؟ يتوزعون اخرا : وملاذا تقولون إن هللا واحويسألنا صاحبنا س

بينهم االختصاصات ؟

وسوف نرد عليه ابملنطق الذي يعتف به .. ابلعلم وليس ابلقرآن ..

(1/4)

له مبين من خامة واحدة وخبطة واحدة .. فمن سوف نقول له إن اخلالق واحد ، ألن الكون كدول "مندليف" بنفس الطريقة .. "ابالدماج" روجني أتلفت العناصر االثنان والتسعون اليت يف جاأليد

وإطالق الطاقة الذرية اليت تتأجج هبا النجوم وتشتعل الشموس يف فضاء الكون .ف احلياة تتفحم ابالحتاق" وعلى مقتضى كما أن احلياة كلها بنيت من مركبات الكربون "مجيع صنو

، والتمساح ، والزرافة ، واحلوت ، ية واحدة .. تشريح الضفدعة ، واألرنب ، واحلمامةخطة تشرحييكشف عن خطة تشرحيية واحدة ، نفس الشرايني واألوردة وغرفات القلب ، ونفس العظام ، كل

يف الضفدعة .. نفس العظام مع حتور طفيف عظمة هلا نظريهتا .. اجلناح يف احلمامة هو الذراع اليت جتدها يف عنق القنفذ .. واجلهاز يف الزرافة على طوله جند فيه نفس الفقرات السبع ..والعنق

العصيب هو هو يف اجلميع ، يتألف من مخ وحبل شوكي وأعصاب حس وأعصاب حركة .. واجلهاز غليظة واجلهاز التناسلي نفس املبيض والرحم اهلضمي من معدة واثين عشر ، وأمعاء دقيقة وأمعاء

وحويصلة البول .. مث الوحدة التشرحيية يف ية وقنواهتا .. واجلهاز البويل الكلية واحلالب ،واخلصاجلميع هي اخللية .. وهي يف النبات كما يف احليوان كما يف اإلنسان، بنفس املواصفات، تتنفس

وتتكاثر ومتوت وتولد بنفس الطريقة ..

. أال تدل على ذلك وحدة األساليب .فأية غرابة بعد هذا أن نقول إن اخلالق واحد ؟ . الكامل ..؟ وهل به نقص ليحتاج إىل من يكمله ؟ .. إمنا يتعدد الناقصون . وملاذا يتعدد

ولو تعدد اآلهلة الختلفوا ، ولذهب كل إله مبا خلق ، ولفسدت السماوات واألرض , وهللا له اجلربوت وهذه صفات ال حتتمل الشركة ..الكربايء و

(1/5)

.. ويقول أليس عجيبا ذلك الرب الذي يتدخل يف كل سخر صاحبنا من معىن الربوبية كما نفهمه يو صغرية وكبرية ، فيأخذ بناصية الدابة ، ويوحي إىل النحل أن تتخذ من اجلبال بيوات ، وما تسقط من

أنثى وال تضع ورقة إال يعلمها ، وما خترج من مثرات من أكمامها إال أحصاها عددا ، وما حتمل من

م يف حفرة فهو الذي أعثرها.. وإذا سقطت ذاببة يف طعام فهو الذي إال بعلمه .. وإذا عثرت قدأسقطها .. وإذا تعطلت احلرارة يف تليفون فهو الذي عطلها .. وإذا امتنع املطر فهو الذي منعه ،

ور هبذا الفهم ..وإذا هطل فهو الذي أهطله .. أال تشغلون إهلكم ابلكثري التافه من األم

نظر السائل أجدر ابلربوبية لو أنه أعفى نفسه من هذه املسئوليات وأخذ وال أفهم أيكون الرب يف إجازة وأدار ظهره للكون الذي خلقه وتركه أيكل بعضه بعضا !

هل الرب اجلدير يف نظره هو رب عاطل مغمى عليه ال يسمع وال يرى وال يستجيب وال يعتين ما اتفه ال يستحق تدخل اإلله، وموضوعا آخر .. مث من أين للسائل ابلعلم أبن موضوعا مبخلوقاته ؟

مهما وخطري الشأن ؟إن الذاببة اليت تبدو اتفهة يف نظر السائل ال يهم يف نظره أن تسقط يف الطعام أو ال تسقط، هذه

ن تنقل الكولريا إىل جيش وتكسب الذاببة ميكن أن تغري التاريخ بسقوطها التافه ذلك .. فإهنا ميكن أ ف آخر، تتغري بعدها موازين التاريخ كله.معركة لطر

أمل تقتل اإلسكندر األكرب بعوضة ؟إن أتفه املقدمات ممكن أن تؤدي إىل أخطر النتائج .. وأخطر املقدمات ممكن أن تنتهي إىل ال شيء

.. وعامل الغيب وحده هو الذي يعلم قيمة كل شيء .

ختصاصاته .. تقد س وتنز ه ربنا عن هذا التصور ر السائل نفسه وصي ا على هللا حيدد له اوهل تصو الساذج .

إمنا اإلله اجلدير ابأللوهية هنا هو اإلله الذي أحاط بكل شيء علما .. ال يعزب عنه مثقال ذرة يف

األرض وال يف السماء .

اإلله السميع اجمليب، املعتين مبخلوقاته .

(1/6)

الفصل الثاين ايل فلماذا حياسبين؟إذا كان هللا قدرر علي أفع

قال صديقي يف مشاتة وقد تصو ر أنه أمسكين من عنقي وأنه ال مهرب يل هذه املرة :

أنتم تقولون إن هللا جيري كل شيء يف مملكته بقضاء وقدر، وإن هللا قدرر علينا أفعالنا ، فإذا كان هذا يل كلها مقد رة عنده فلماذا حياسبين عليها ؟هو حايل ، وأن أفعا

ال تقل يل كعادتك .. أان خمرير .. فليس هناك فرية أكرب من هذه الفرية ودعين أسألك :

ت يف ميالدي وجنسي وطويل وعرضي ولوين ووطين ؟ هل خري هل ابختياري تشرق الشمس ويغرب القمر ؟

جلرمية ..املوت وأقع يف املأساة فال أجد خمرجا إال اهل ابختياري ينزل علير القضاء ويفاجئين

ملاذا يكرهين هللا على فعل مث يؤاخذين عليه ؟

وإذا قلت إنك حر ، وإن لك مشيئة إىل جوار مشيئة هللا أال تشرك هبذا الكالم وتقع يف القول بتعدد املشيئات ؟

قول هبا املاديون التارخييون ؟مث ما قولك يف حكم البيئة والظروف ، ويف احلتميات اليت ي

هذه الرصاصات مث راح يتنفس الصعداء يف راحة وقد تصورر أين توفيت وانتهيت ، ومل أطلق صاحيب

يبق أمامه إال استحضار الكفن..

قلت له يف هدوء :

أنت واقع يف عدة مغالطات .. فأفعالك معلومة عند هللا يف كتابه ، ولكنها ليست مقدورة عليك تقد ر أنت بعلمك أن ابنك سوف يزين .. مث حيدث أن إلكراه .. إهنا مقدررة يف علمه فقط .. كما اب

يزين ابلفعل .. فهل أكرهته .. أو كان هذا تقديرا يف العلم وقد أصاب علمك ..

أما كالمك عن احلرية أبهنا فرية ، وتدليلك على ذلك أبنك مل خترير يف ميالدك وال يف جنسك وال يف متلك نقل الشمس من مكاهنا .. هو ختليط آخر ..طولك وال يف لونك وال يف موطنك ، وأنك ال

وسبب التخليط هذه املرة أنك تتصورر احلرية ابلطريقة غري تلك اليت نتصورها حنن املؤمنني ..أو أنت تتكلم عن حرية مطلقة .. فتقول .. أكنت أستطيع أن أخلق نفسي أبيض أو أسود أو طويال

مكاهنا أو أوقفها يف مدارها .. أين حرييت ؟قصريا .. هل إبمكاين أن أنقل الشمس من

(1/7)

نقول له : أنت تسأل عن حرية مطلقة .. حرية التصرف يف الكون وهذه ملك هلل وحده .. حنن وحنن سورة القصص 68ن هلم اخلرية { أيضا ال نقول هبذه احلرية } وربك خيلق ما يشاء وخيتار ما كا

يشاء وخيتار .. ليس ألحد اخلرية يف مسألة اخللق ، ألن هللا هو الذي خيلق ما

ولن حياسبك هللا على قصرك ولن يعاتبك على طولك ولن يعاقبك ألنك مل توقف الشمس يف مدارها ل حر .. وهذه هي احلدود اليت نتكلم ، ولكن جمال املساءلة هو جمال التكليف .. وأنت يف هذا اجملا

فيها ..

نياتك الشريرة وتشجع ميولك أنت حر يف أن تقمع شهوتك وتلجم غضبك وتقاوم نفسك وتزجر اخلرية..

أنت تستطيع أن جتود مبالك ونفسك ..

أنت تستطيع أن تصدق وأن تكذب ..

وتستطيع أن تكف يدك عن املال احلرام ..

عن عورات اآلخرين .. وتستطيع أن تكف بصرك

وتستطيع أن متسك لسانك عن السباب والغيبة والنميمة ..

ار ..يف هذا اجملال حنن أحر

ويف هذا اجملال حناسب ونسأل ..

احلرية اليت يدور حوهلا البحث هي احلرية النسبية وليست احلرية املطلقة حرية اإلنسان يف جمال

التكليف..

دليلنا عليها هو شعوران الفطري هبا يف داخلنا فنحن نشعر ابملسئولية وابلندم وهذه احلرية حقيقة و عمل الطيب .. وحنن نشعر يف كل حلظة أننا خنتار ونوازن بني احتماالت على اخلطأ ، وابلراحة لل

متعددة ، بل إن وظيفة عقلنا األوىل هي التجيح واالختيار بني البديالت ..م بني يدان وهي ترتعش ابحلمى ، ويدان وهي تكتب خطااب .. فنقول وحنن نفرق بشكل واضح وحاس

ة الثانية حرة اختيارية .. ولو كنا مسريين يف احلالتني ملا استطعنا إن حركة األوىل جربية قهرية ، واحلرك التفرقة ..

(1/8)

غط .. د هذه احلرية ما نشعر به من استحالة إكراه القلب على شيء ال يرضاه حتت أي ضويؤكال تستطيع أبي ضغط أو فيمكنك أن تكره امرأة ابلتهديد والضرب على أن ختلع ثياهبا .. ولكنك

أنه هتديد أن جتعلها حتبك من قلبها ومعىن هذا أن هللا أعتق قلوبنا من كل صنوف اإلكراه واإلجبار ، و فطرها حرة ..

ي ينطق بعبارة الشرك والكفر حتت التهديد وهلذا جعل هللا القلب والنية عمدة األحكام ، فاملؤمن الذ

ن قلبه من الداخل مطمئن ابإلميان ، وقد استثناه هللا من والتعذيب ال حياسب على ذلك طاملا أ{ املؤاخذة يف قوله تعاىل: } إالر من أكره وق لبه إلميان سورة النحل 106مطمئن اب

املسألة أن بعض الناس يفهم حرية اإلنسان أبهنا علو على املشيئة ، والوجه اآلخر من اخللط يف هذه

ابألمر ، فيتهم القائلني ابحلرية أبهنم أشركوا ابهلل وجعلوا له أندادا أيمرون كأمره ، وحيكمون وانفراد ه أنت أيضا .. فقلت بتعدد املشيئات .. وهو فهم خاطئ .. فاحلرية كحكمه ، وهذا ما فهمت

ال تعلو على املشيئة اإلهلية ..اإلنسانية

اإلهلي ولكنه ال يستطيع أن يفعل ما ينايف املشيئة .. إن اإلنسان قد يفعل حبريته ما ينايف الرضاحدا احلرية يف أن يعلو على مشيئته هللا أعطاان احلرية أن نعلو على رضاه "فنعصيه" ، ولكن مل يعط أ

إلنسانية .... وهنا وجه آخر من وجوه نسبية احلرية ا

لرضا اإلهلي وجانب الشريعة ..وكل ما حيدث منا داخل يف املشيئة اإلهلية وضمنها ، وإن خالف ا وال غصبا ..وحريتنا ذاهتا كانت منحة إهلية وهبة منحها لنا اخلالق ابختياره .. ومل أنخذها منه كرها

إن حريتنا كانت عني مشيئته ..

سورة اإلنسان 30تشاؤون إال أن يشاء اللر { ومن هنا معىن اآلية : }ومايئته ، ومنحة منه ، وهبة من كرمه وفضله ، فهي ضمن إرادته ال ثنائية وال ألن مشيئتنا ضمن مش

تناقض ، وال منافسة منا ألمر هللا وحكمه ..

(1/9)

حيكمون كحكمه وأيمرون كأمره .. ول ابحلرية هبذا املعىن ال ينايف التوحيد ، وال جيعل هلل أندادا والق يئته وحكمه ..فإن حرايتنا كانت عني أمره ومش

والوجه الثالث للخلط أن بعض من تناولوا مسألة القضاء والقدر والتسيري والتخيري .. فهموا القضاء

لى غري طبعه وطبيعته وهذا خطأ وقعت فيه أنت أيضا .. وقد نفى هللاوالقدر أبنه إكراه لإلنسان ع عن نفسه اإلكراه آبايت صرحية :

عني{ }إن نرشأ ن ن ز ل علي سورة الشعراء 4هم م ن السرماء آية فظلرت أعناق هم هلا خاضى اإلميان ابآلايت امللزمة ، ولكننا مل نفعل .. واملعىن واضح .. أنه كان من املمكن أن نكره الناس عل

نا اإلكراه ..ألنه ليس يف سنت

سورة البقرة 256رشد من الغي { } ال إكراه يف الد ين قد ت ربنير ال

سورة 99ىتر يكونوا مؤمنني { } ولو شاء ربك آلمن من يف األرض كلهم مجيعا أفأنت تكره النراس ح يونس

اإلكراه .. ليس يف سنة هللا

س على غري طبائعهم .. وإمنا على العكس ..والقضاء والقدر ال يصح أن يفهم على أنه إكراه للناهللا يقضي على كل إنسان من جنس نيته .. ويشاء له من جنس مشيئته ، ويريد له من جنس إرادته ،

مرئ على هوى قلبه وعلى مقتضى ئية ... تسيري هللا هو عني ختيري العبد ، ألنه هللا يسري كل اال ثنا نياته ..

ها { } من كان يريد حر ن ن يا نؤته م رة نزد له يف حرثه ومن كان يريد حرث الد سورة 20ث اآلخ

الشورى

مرضا { } يف ق لوهبم مرر سورة البقرة 10ض ف زادهم الل

سورة حممد 17اهتدوا زادهم هدى { } والرذين

يف القرآن :وهو خياطب األسرى

ذ منكم { سورة األنفال 70} إن ي علم الل يف ق لوبكم خريا ي ؤتكم خريا مم را أخ

(1/10)

شرا فشر وإن خريا فخري..يقضي ويقد ر ، وجيري قضاءه وقدره على مقتضى النية والقلب .. إن هللا

و عني التخيري .. وال ثنائية وال تناقض ..ومعىن هذا أنه ال ثنائية .. التسيري ه

ان إىل ما اختانه بقلوبنا ونياتنا، فال ظلم وال إكراه وال جرب ، وال قهر لنا عل ى غري طبائعنا ..هللا يسري

ره لليسرى . وأمرا من خبل } فأمرا من أعطى وات رقى . وصدرق اب واست غىن . وكذرب حلسىن . فسن يس ره للعسرى { حلسىن . فسن يس سورة الليل 5اب

سورة األنفال 17 رمى { } وما رميت إذ رميت ولكنر الل

رة من الرب ، فتكون رمية واحدة.. وهذا مفتاح لغز القضاء والقدر هنا تلتقي رمية العبد والرمية املقدر

. على العبد النية، وعلى هللا التمكني، إن خريا فخري، وإن شرا فشر... ة للزايدة ..واحلرية اإلنسانية ليست مقدارا اثبتا ، ولكنها قدرة نسبية قابل

الوسائل واألدوات واملواصالت استطاع اإلنسان يستطيع أن يزيد من حريته ابلعلم .. ابختاع

زم املسافات ، وخيتق قيود الزمان واملكان .. وبدراسة قوانني البيئة اإلنسان أن يطوي األرض ، ويهالظالم ، وبذلك يضاعف استطاع أن يتحكم فيها ويسخرها خلدمته، وعرف كيف يهزم احلر والربد و

من حرايته يف جمال الفعل ..

ة إىل كسر القيود واألغالل وإطالق احلرية ..العلم كان وسيل

فكانت الدين .. االستمداد من هللا ابلتقرب منه .. واألخذ عنه ابلوحي والتلقي أما الوسيلة الثانية والتأييد .. وهذه وسيلة األنبياء ومن يف درهبم ..

ليمان اجلن وركب الريح وكل م الطري مبعونة هللا ومدده ..سخ ر س

ه واألبرص واألعمى ..ى البحر .. وأحيا املسيح املوتى .. ومشى على املاء .. وأبرأ األكموشق موس

ونقرأ عن األولياء أصحاب الكرامات الذين تطوى هلم األرض وتكشف هلم املغيبات ..

(1/11)

اض درجات من احلرية اكتسبوها ابالجتهاد يف العبادة والتقرب إىل هللا والتحبب إليه .. فأفوهي عليهم من علمه املكنون ..

إنه العلم مرة أخرى .. .ولكنه هذه املرة العلم "اللدين" .

وهلذا يلخص أبو حامد الغزايل مشكلة املخرير واملسرير قائال يف كلمتني : ما يعلم ..اإلنسان خمرير في

مسرير فيما ال يعلم .... سواء كان العلم املقصود هو العلم وهو يعين هبذا أنه كلما اتسع علمه اتسع جمال حريته

املوضوعي أو العلم اللدين ..

املاديون أشد اخلطأ حينما يتصورون اإلنسان أسري احلتميات التارخيية والطبقية .. وخيطئ املفكرون ة يف سلسلة من احللقات ال فكاك له ، وال مهرب من اخلضوع لقوانني االقتصاد وجيعلون منه حلق

مع ، كأمنا هو قشة يف تيار بال ذراعني وبال إرادة ..وحركة اجملتن من ترديدها وكأهنا قانون : "حتمية الصراع الطبقي" وهي كلمة والكلمة اليت يرددوهنا وال يتعبو

حتميات يف اجملال اإلنساين ، وإمنا على األكثر ترجيحات خاطئة يف التحليل العلمي ، ألنه الني اإلنسان ، وبني التوس ، واآلالت واألجسام املادية .. فيمكن واحتماالت .. وهذا هو الفرق ب

لدقيقة والثانية ، وميكن التنبؤ حبركاهتا املستقبلة على مدى أايم وسنني .. التنبوء خبسوف الشمس ابن أن يعلم أحد ماذا يضمر وماذا خيبئ يف نياته ، وماذا يفعل غدا أو بعد غد .. أما اإلنسان فال ميك

ت كن معرفة هذا إال على سبيل االحتمال والتجيح والتخمني ، وذلك على فرض توفر املعلوماوال مي الكافية للحكم ..

(1/12)

أخطأت مجيع تنبؤات كارل ماركس ، فلم تبدأ الشيوعية يف بلد متقدم كما تنبأ ، بل يف بلد وقد رب االثنان إىل حالة من التعايش متخلف ، ومل يتفاقم الصراع بني الرأمسالية والشيوعية ، بل تقا

د السلمي ، وأكثر من هذا فتحت البالد الشيوعية أبواهبا لرأس املال األمريكي .. ومل تتصاعالتناقضات يف اجملتمع الرأمسايل إىل اإلفالس الذي توقعه كارل ماركس ، بل على العكس ، ازدهر

عسكر االشتاكي ذاته ..االقتصاد الرأمسايل ووقع الشقاق واخلالف بني أطراف املأخطأت حساابت ماركس مجيعها دالة بذلك على خطأ منهجه احلتمي .. ورأينا صراع العصر الذي

اريخ هو الصراع الالطبقي بني الصني وروسيا ، وليس الصراع الطبقي الذي جعله ماركس حيرك التالتاريخ ، وختبطه يف عنوان منهجه .. وكلها شواهد على فشل الفكر املادي يف فهم اإلنسان و

حساب املستقبل .. وجاء كل ذلك نتيجة خطأ جوهري ، هو أن الفكر املادي تصورر أن اإلنسان بكة من احلتميات .. ونسي متاما أن اإلنسان حر .. وأن حريته حقيقة ..ذاببة يف ش

حده وال تتحرك حريته أم ا كالم املاديني عن حكم البيئة واجملتمع والظروف ، وأن اإلنسان ال يعيش و

يف فراغ ..

إمنا يؤكد نقول رد ا على هذا الكالم : إن حكم البيئة واجملتمع والظروف كمقاومات للحرية الفردية املعىن اجلديل هلذه احلرية وال ينفيه .. فاحلرية الفردية .. ال تؤكد ذاهتا إال يف وجه مقاومة تزحزحها..

فراغ بال مقاومة من أي نوع فإنه ال يكون حرا ابملعىن املفهوم للحرية، أما إذا كان اإلنسان يتحرك يف

ه من خالهلا ..ألنه لن تكون هناك عقبة يتغلب عليها ويؤكد حريت

الفصل الثالث ملاذا خلق هللا الشر؟

قال صاحيب ساخرا:

يف العامل .. كيف تزعمون أن إهلكم كامل ورمحن ورحيم وكرمي ورءوف وهو قد خلق كل هذه الشرورالسرطان اليت املرض والشيخوخة واملوت والزلزال والربكان وامليكروب والسم واحلر والزمهرير وآالم

الطفل الوليد وال الشيخ الطاعن.ال تعفي

(1/13)

إذا كان هللا حمبة ومجاال وخريا فكيف خيلق الكراهية والقبح والشر .األساسية يف الفلسفة وقد انقسمت حوهلا مدارس الفكر واملشكلة اليت أاثرها صاحيب من املشاكل

واختلفت حوهلا اآلراء. لشر ولكنه مسح به حلكمة.ه خري وأنه مل أيمر ابوحنن نقول أن هللا كله رمحة وكل

لفحشاء أت قولون على الل ما ال ت علمون ) لقسط وأقيموا ( قل أمر ريب 28}إنر الل ال أيمر اب اب

د ) .28-({ األعراف29وجوهكم عند كل مسج

العفو واخلري وهو ال يرضى إال ابلطيب.هللا ال أيمر إال ابلعدل واحملبة واإلحسان و فلماذا ترك الظامل يظلم والقاتل يقتل والسارق يسرق؟

ال معىن للحرية دون أن يكون لنا حق التجربة واخلطأ ألن هللا أرادان أحرارا .. واحلرية اقتضت اخلطأ و والصواب .. واالختيار احلر بني املعصية والطاعة.

ا مجيعا أخيارا وذلك أبن يقهران على الطاعة قهرا وكان ذلك يقتضي أن وكان يف قدرة هللا أن جيعلن يسلبنا حرية االختيار.

إلنسان من العبودية مع السعادة .. وهلذا تركنا خنطيء ويف دستور هللا وسنته أن احلرية مع األمل أكرم ل ونتأمل ونتعلم وهذه هي احلكمة يف مساحه ابلشر.

حملايد سوف يكشف لنا أن اخلري يف الوجود هو القاعدة وأن الشر هو ومع ذلك فإن النظر املنصف ا االستثناء ..

يف صحة وال يزوران املرض إال فالصحة هي القاعدة واملرض استثناء وحنن نقضي معظم سنوات عمرانأايما قليلة .. وابملثل الزالزل هي يف جمملها بضع دقائق يف عمر الكرة األرضية الذي حيصى مباليني السنني وكذلك الرباكني وكذلك احلروب هي تشنجات قصرية يف حياة األمم بني فتات سالم طويلة

ممتدة.

(1/14)

ة واجللد والتحمل والزالزل رض خيلف وقاية واألمل يريب الصالبمث أننا نرى لكل شيء وجه خري فاملتنفس عن الضغط املكبوت يف داخل الكرة األرضية وحتمي القشرة األرضية من االنفجار وتعيد

ية يف مكاهنا، والرباكني تنفث املعادن اجلبال إىل أماكنها كأحزمة وثقاالت تثبت القشرة األرضكسو األرض بتبة بركانية خصبة .. واحلروب تدمج األمم وتلقح بينها والثروات اخلبيثة الباطنة وت

جتمعها يف كتل وأحالف مث يف عصبة أمم مث يف جملس أمن هو مبثابة حمكمة عاملية للتشاكي والتصاحل و .. البنسلني الذرة الصواريخ الطائرات النفاثة كلها .. وأعظم االختاعات خرجت أثناء احلروب

حلروب.خرجت من أتون ا ومن سم الثعبان خيرج التايق. ومن امليكروب نصنع اللقاح.

وال أن أجدادان ماتوا ملا كنا اآلن يف مناصبنا، والشر يف الكون كالظل يف الصورة إذا اقتبت منه وللكن إذا ابتعدت ونظرت إىل الصورة ككل نظرة شاملة خيل إليك أنه عيب ونقص يف الصورة .. و

وال غىن عنه وأنه يؤدي وظيفة مجالية يف البناء العام للصورة.اكتشفت أنه ضروري ان ميكننا أن نعرف الصحة لوال املرض .. إن الصحة تظل اتجا على رؤوسنا ال نراه وال نعرفه وهل ك

إال حينما منرض. ف اجلمال لوال القبح وال الوضع الطبيعي لوال االشاذ.وابملثل ما كان ممكنا أن نعر

قوس هو عني فيلسوف أبو حامد الغزايل: إن نقص الكون هو عني كماله مثل اعوجاج الوهلذا يقول ال صالحيته ولو أنه استقام ملا رمى.

وظيفة أخرى للمشقات واآلالم .. أهنا هي اليت تفرز الناس وتكشف معادهنم. الناس كلهم ... اجلود يفقر واإلقدام قتاللوال املشقة ساد

به أنفسنا .. واالبتالء الذي تتحدد به مراتبنا عند هللا.إهنا االمتحان الذي نعرف نيا كلها ليست سوى فصل واحد من رواية سوف تتعدد فصوهلا فاملوت ليس هناية القص مث إن الد

ولكن بدايتها. وال أن نرفض كتااب ألن الصفحة األوىل مل تعجبنا. وال جيوز أن حنكم على مسرحية من فصل واحد

احلكم هنا انقص..

(1/15)

وال ميكن استطالع احلكمة كلها إال يف آخر املطاف .. مث ما هو البديل الذي يتصوره السائل الذي يسخر منا؟!

هل يريد أن يعيش حياة بال موت بال مرض بال شيخوخة بال نقص بال عجز بال قيود بال أحزان بال آالم.

هل يطلب كماال مطلقا؟! مال املطلق هلل.ولكن الك

اذا يتعدد .. وماذا ينقصه ليجده يف واحد آخر غريه؟!ل واحد ال يتعدد .. وملوالكام معىن هذا أن صاحبنا لن يرضيه إال أن يكون هو هللا ذاته وهو التطاول بعينه.

ودعوان نسخر منه بدوران .. هو وأمثاله ممن ال يعجبهم شيء. هؤالء الذين يريدوهنا جنة ..

علوا ليستحقوهنا جنة؟ماذا ف نية ليجعل من نفسه هللا الواحد القهار الذي يقول للشيء كن فيكون.ماذا قدم صاحبنا لإلنساو

إن جديت أكثر ذكاء من األستاذ الدكتور املتخرج من فرنسا حينما تقول يف بساطة: "خري من هللا شر من نفوسنا".

ا ..إهنا كلمات قليلة ولكنها تلخيص أمني للمشكلة كلهالسفينة اجلشع مأل سفينته ابلناس والبضائع أبكثر مما وأجرى النهر ولكن رابن فاهلل أرسل الرايح

حتتمل فغرقت فمضى يسب هللا والقدر .. وما ذنب هللا؟! .. هللا أرسل الرايح رخاء وأجرى النهر خريا .. ولكن جشع النفوس وطمعها هو الذي قلب هذا اخلري شرا.

لمات مجيلة طيبة.ما أصدقها من ك من هللا شر من نفوسنا"."خري

الفصل الرابع

وما ذنب الذي مل يصله قرآن ؟

هرش صاحبنا الدكتور رأسه ..كان من الواضح أنه يبحث يل يف الدكتوراه عن حفرة أو مطب يدق عنقي فيه .. مث قال يف هدوء

وهو يرتب كلماته:نيب .. ما عليه كتاب .. ومل أيته مل يصله قرآن ومل ينزل حسنا .. وما رأيك يف هذا اإلنسان الذي -

ذنبه .. وما مصريه عندكم يوم احلساب .. مثل اسكيمو يف أقاصي القطبني .. أو زجني يف الغاابت .. ماذا يكون حظه بني يدي إهلكم يوم القيامة.

قلت له: -ه مل حيرم ئة .. فاهلل أخربان أبندعين أصحح معلوماتك أوال .. فقد بنيت أسئلتك على مقدمة خاط -

ته ووحيه وكلماته وآايته.أحدا من رمح

(1/16)

( (( فاطر.24)) وإن م ن أمرة إالر خال فيها نذير ) ( (( النحل.36)) ولقد ب عث نا يف كل أمرة ررسوال )

والرسل الذين جاء ذكرهم يف القرآن ليسوا كل الرسل..

هم شيئا .. وهللا يقول لنبيه عن الرسل:م ال نعلم عناك آالف غريهوإمنا هنهم مرن ملر ن قصص عليك ) ن هم مرن قصصنا عليك وم ن ((( غافر.78)) م

وهللا يوحي إىل كل شيء حىت النحل. ( (( النحل.68ا ي عرشون )لشرجر وممر ات ومن ا)) وأوحى ربك إىل النرحل أن اخترذي من اجلبال ب يو

وقد يكون الوحي كتااب يلقيه جربيل .. وقد يكون نورا يلقيه هللا يف قلب العبد .. وقد يكون انشراحا يف الصدر .. وقد يكون حكمة وقد يكون حقيقة وقد يكون فهما وقد يكون خشوعا ورهبة وتقوى.

ى من هللا فضال.عه إال ويتلقلبه ويرهف مسوما من أحد يرهف ق أما الذين يصمون آذاهنم وقلوهبم فال تنفعهم كتب وال رسل وال معجزات ولو كثرت.

وهللا قال أنه خيتص برمحته من يشاء .. وأنه ال يسأل عما يفعل. وقد يريد هللا حلكمة أن ينذر أحدا وأن يعذر آخر فيقبل منه أهون اإلميان.

من ذلك الزجني البدائي إىل السماء يف رهبة هي عند هللا منجية نت جمرد لفتها .. رمبا كاومن يدرين ومقبولة أكثر من صالتنا.

على أن القراءة املتأملة ألداين هؤالء الزنوج البدائيني تدل على أنه كان هلم رسل ورساالت مساوية مثل رساالتنا.

ويصفونه أبنه واحد أحد مل يلد ومل " موجاىي " إبله يسمونه يف قبيلة املاو ماو مثال نقرأ أهنم يؤمنونيولد وليس له كفو وال شبيه .. وأنه ال يرى وال يعرف إال من آاثره وأفعاله .. وأنه خالق رازق وهاب

رحيم يشفي املريض وينجد املأزوم وينزل املطر ويسمع الدعاء ويصفونه أبن الربق خنجره والرعد وقع خطاه.

(1/17)

هو إهلنا بعينه .. ومن أين جاءهم هذا العلم إال أن يكون يف اترخيهم رسول "موجاىي "أليس هذا الومبلغ جاء به .. مث تقادم عليه العهد كاملعتاد فدخلت اخلرافات والشعوذات فشوهت هذا النقاء

الديين.ء يف الغابة يتحرك ويف قبيلة نيام نيام نقرأ أهنم يؤمنون إبله واحد يسمونه " مبويل" ويقولون أن كل شي

كافئ األخيار ابلرزق والربة إبرادة " مبويل " وأنه يسلط الصواعق على األشرار من البشر .. وي واألمان.

خفي وظاهر .. وأنه يف السماء ويف قبيلة الشيلوك يؤمنون إبله واحد يسمونه " جوك " ويصفونه أبنه ويف كل مكان وأنه خالق كل شيء.

نون إبله واحد يسمونه " نياالك " وهي كلمة ترمجتها احلرفية .. الذي يف السماء ويف قبيلة الدنكا يؤم و األعلى... أ

ماذا نسمي هذه العقائد إال أهنا إسالم. ام رسل.وماذا تكون إال رساالت كان هلا يف اتريخ هؤالء األقو

إن الدين لواحد.ر وعمل صاحل )) إنر الرذين آمنوا والرذين هادوا والنر للر والي وم اآلخ ا ف لهم صارى والصرابئني من آمن اب

قرة.( (( الب62أجرهم عند رهب م وال خوف عليهم وال هم حيزنون )

احد وابآلخرة والبعث حىت الصابئني الذين عبدوا الشمس على أهنا آية من آايت هللا وآمنوا ابهلل الو واحلساب وعملوا الصاحلات فلهم أجرهم عند رهبم.

هللا تتفاوت. ومعلوم أن رمحة وهناك من يولد أعمى وهناك من يولد مبصرا وهناك من عاش أايم موسى ورآه رأي العني وهو يشق

ن هذه اآلايت البحر بعصاه .. وهناك من عاش أايم املسيح ورآه حيىي املوتى .. أما حنن فال نعلم ع إال مسعا .. وليس اخلرب كالعيان .. وليس من رأي كمن مسع.

إلميان وعدمه ليس رهنا ابملعجزات.ومع ذلك فا ن هذا " سحر مفتى ".واملكابرون املعاندون يرون العجب من أنبيائهم فال يزيد قوهلم على أ

(1/18)

من الكتب ثالثة .. توراة وإجنيل وقرآن وبلغته وال شك أن صاحبنا الدكتور القادم من فرنسا قد بلغه م تزده هذه الكتب إال إغراقا يف اجلدل .. وحىت يهرب من املوقف كله أحاله على شخص .. فل

غاابت مل ينزل عليه كتاب .. وراح يسألنا .. وما ابلكم هبذا الرجل الذي مل يصله قرآن ومل جمهول يف ال غرة يف العدل اإلهلي أو مومها نفسه أبن املسألة كلها عبث.ينزل عليه كتاب .. ملتمسا بذلك ث

وال يدري آخر واحدا على آايته ..وهو لذلك يسألنا " وملاذا تتفاوت رمحة هللا " .. ملاذا يشهد هللا بتلك اآلايت إال مسعا.

ول مائدة من وحنن نقول أهنا قد ال تكون رمحة بل نقمة أمل يقل هللا ألتباع املسيح الذين طلبوا نز السماء حمذرا:

( (( 115حدا م ن العالمني )اب الر أعذ به أ )) إين من ز هلا عليكم فمن يكفر ب عد منكم فإين أعذ به عذا املائدة.

ذلك ألنه مع نزول املعجزات أييت دائما تشديد العذاب ملن يكفر. من ابلسماع ودون أن يرى معجزة.وطوىب ملن آ

والويل للذين شاهدوا ومل يؤمنوا. ال رمحة.فالقرآن يف يدك حجة عليك ونذير .. ويوم احلساب يصبح نقمة

ه احلجة البينة على االسكيمو ساكن القطبني قد يكون إعفاء وختفيفا ورمحة ومغفرة وعدم إقامة هذن هذا االسكيمو اجلاهل ذات ساعة يف عمره .. عند يوم احلساب .. وقد تكون لفتة إىل السماء م

هللا كافية لقبوله مؤمنا خملصا. على علمه ابلقلوب.حم آخر فهو أمر يؤسسه هللاأما ملاذا يرحم هللا واحدا أكثر مما ير

( (( الفتح.18ا ))) ف علم ما يف ق لوهبم فأنزل السركينة عليهم وأاثهبم ف تحا قريب وعلم هللا بنا وبقلوبنا ميتد إىل ما قبل نزولنا يف األرحام حينما كنا عنده أرواحا حول عرشه .. فمنا من

من انصرف عنه مستمتعا ابمللكوت وغافال عن مجال خالقه .. فاستحق التف حول نوره .. ومنا أهل املشاهدة. الرتبة الدنيا من ذلك اليوم وسبق عليه القول .. هذا كالم

(1/19)

وما نراه من اترخينا القصري يف الدنيا ليس كل شيء ..

ومعرفة احلكمة من كل أمل وحرمان أمر ال يعلمه إال العليم.اختار له ثواب خنزيراي والذي يسألين .. ملاذا خلق هللا اخلنزير خنزيرا .. ال أملك إال أن أجيبه أبن هللا

خلقه هكذا حق وعدل. ألن نفسه خنزيرية وأنقاقات هي عدل لكن معرفة احلكمة الكلية وإماطة اللثام عن هذا العدل وكل ما نرى حولنا من استح

أمر ليس يف مقدور كل واحد. فنا فيه.ولعل هلذا السبب هناك آخرة .. ويوم تنصب فيه املوازين وينبئنا العليم بكل ما اختل

ذرهم فقد قال هللا يف كتابه أنه لن يعذب إال من أن ومع هذا فسوف أرحيك ابلكلمة الفصل .. ابلرسل.

عث رسوال (( ))وما كنرا معذ بني حىتر ن ب اإلسراء.( -15)

هل أرحت واستحت. مث دعين أقول لك اي صاحيب ..

يف ان واإلشفاق على الزجني املسكني الذي فاته ماإن أعجب ما يف سؤالك أن ظاهره يوهم ابإلميهي الكفر ابلقرآن وبنوره ورمحته وهداه .. فسؤالك القرآن من نور ورمحة وهدى .. مع أن حقيقتك

أقرب ما يكون إىل االستدراج واملخادعة وفيه مناقضة للنفس هي " اللكاعة " بعينها .. فأنت حتاول هلا أي حجة. أن تقيم علينا حجة هي عندك ليس نطق عندك يف حاجة إىل إصالح.أال ترى معي اي صاحيب أن جهاز امل

الفصل اخلامس

اجلنة والنار كان صديقنا الدكتور واثقا من نفسه كل الثقة هذه املرة وهو يلوك الكلمات ببطء ليلقي ابلقنبلة

حمدود يف األبد ) النار كيف يعذبنا هللا وهو الرمحن الرحيم على ذنب حمدود يف الزمن بعذاب ال - خالدين فيها أبدا (

تقم منا هذا االنتقام ..من حنن وماذا نساوي ابلنسبة لعظمة هللا حىت ينو وما اإلنسان إال ذرة أو هبأة يف الكون وهو ابلنسبة جلالل هللا أهون من ذلك بكثري .. بل هو

الالشيء بعينه . وحنن نصحح معلومات الدكتور فنقول .

عند هللا ليس هينا بل عظيما .. إننا لسنا ذرة وال هبأة يف الكون .. وإن شاننا -أوال من روحه .. أمل ينفخ فينا

أمل يسجد لنا املالئكة ..

(1/20)

أمل يعدان مبرياث السماوات واألرض ويقول عنا :) ولقد كرمنا بين آدم ومحلناهم يف الرب والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثري ممن خلقنا

تفضيال ( . ح هللا .فينا إذا من رو إن

ابلنسبة للكون لسنا ذرة وال هبأة ..وحنن إننا نبدو ابلنظر إىل أجسادان كذرة أو هبأة ابلنسبة للكون الفسيح الواسع .

ولكن أال حنتوي على هذا الكون ونستوعبه بعقلنا وندرك قوانينه وأفالكه ونرسم لكل كوكب مداره ..

قلنا على األرض كان صحيحا ..ا استوعبناه بعفيكتشف أن كل ممث ينزل رائد الفضاء على القمر وكل ما رمسناه كان دقيقا .

أال يدل هذا على أننا ابلنظر إىل روحنا أكرب من الكون وأننا حنتوي عليه وأن الشاعر كان على حق حينما خاطب اإلنسان قائال :

وحتسب أنك جرم صغري *** وفيك انطوى العامل األكرب

تاب اجلامع والكون صفحاته .الصوفية هو الكنسان كما يقول وإن اإل إذا اإلنسان عظيم الشأن كبري اخلطر.

وهو من روح هللا .

وأعماله تستوجب احملاسبة . أما عن الذنب احملدود يف الزمان الذي حياسبنا هللا عليه بعذاب الالحمدود يف األبد ..

اثق من نفسه .فمغالطة أخرى وقع فيها الدكتور العزيز الو هؤالء املخلدين يف النار حينما يطلبون العودة إىل الدنيا ليعملوا غري ما عملوا ..فاهلل يقول عن يقول سبحانه :

) ولو ردوا لعادوا ملا هنوا عنه وإهنم لكاذبون(. أي أن ذنبهم ليس ذنبا حمدودا يف الزمان بل هو خصلة اثبتة سوف تتكرر يف كل زمان ..

ون .هم وإهنم لكاذبلعادوا إىل ذنبولو ردوا هي إذن صفحة مؤبدة يف النفس وليست سقطة عارضة يف ظرف عارض يف الدنيا .

وهو يقول عنهم يف مكان آخر :) يوم يبعثهم هللا مجيعا فيحلفون له كما حيلفون لكم وحيسبون أهنم على شيء .. أال إهنم هم

الكاذبون ( .ابلكذب واحللف الكذب وهم بني م يواجهون هللادي يصل إىل أهنهنا لون آخر من اإلصرار والتح

يديه يوم املوقف العظيم يوم ترفع احلجب وينكشف الغطاء .. وهذا غاية اجلربوت والصلف .

(1/21)

ولسنا هنا أمام ذنب حمدود يف الزمان . بل أمام ذنب مستمر يف الزمان وبعد أن يطوى الزمان وكل زمان ..

ا شرها األبدي .حنن هنا أمام نفس حتمل معه بيد العذاب هلذه النفس عدال .ومن هنا كان أت

وهلذا تقول عنهم اآلية يف صراحة : ) وما هم خبارجني من النار (

ويقول ابن عريب :إن الرمحة ابلنسبة هلؤالء أهنم سوف يتعودون على النار .. وتصبح تلك النار يف اآلابد املؤبدة بيئتهم

املالئمة .

مة وبني النار ..اك جمانسة بني بعض النفوس اجملر وال شك أن هنفبعض تلك النفوس هي يف حقيقتها شعلة حسد وحقد وشهوة وغرية وغل وضرام من الغضب

والنقمة والثورة واملشاعر اإلجرامية احملتدمة وكأهنا انر ابلفعل .ن أن تشعل حوهلا مثل تلك النفوس ال تستطيع أن تعيش يف سالم .. وال تستطيع أن حتيا ساعة دو

ن تضرم حوهلا النريان .. ألن النريان هي بيئتها وطبيعتها .حراب .. ودون أومثل تلك النفوس يكون قرارها يف النار هو احلكم العدل ويكون هذا املصري من قبيل وضع الشيء

يف مكانه .. فلو أهنا أدخلت اجلنة ملا تذوقتها . أمل تكن ترفض السالم يف األرض ؟

خرة فهما واسع األفق ..غي أن نفهم النار واجلنة يف اآلوينبفالنار يف اآلخرة ليست شواية . وليس ما جيري فيها هو احلريق ابملعىن الدنيوي فاهلل يقول إن املذنبني

يتكلمون ويتالعنون وأن النار فيها شجرة هلا مثر .. محيما يشرب منه املعذبون . هي شجرة الزقوم اليت خترج من أصل اجلحيم .. كما أن فيها ماء

تلك النار اليت فيها شجرة الزقوم وفيها ماء .. مثل ويتكلم فيها الناس فال بد أهنا انر غري النار :

) كلما دخلت أمة لعنت أختها حىت إذا اداركوا فيها مجيعا قالت أخراهم ألوالهم ربنا هؤالء أضلوان ال تعلمون (. فآهتم عذااب ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن

يف النار وهي انر : إهنم يتكلمون وهم )وقودها الناس واحلجارة (

هذه النار إذا من قبيل الغيب .. وما ورد عنها إشارات .

(1/22)

وال جيب أن يفهم من هذا الكالم أننا ننكر العذاب احلسي ونقول ابلعذاب املعنوي .. ن نؤمن بوجوده .فإن العذاب احلسي صريح ال جيوز الشك فيه وحن

اصيل هذا العذاب وكيفيته .. كما أن كيفية تلك النار وأوصافها التفصيلية ..وإمنا نقول إن تف

هي غيب جمهول .. فهي على ما يبدو يف اإلشارات القرآنية .. انر غري النار .. ن ...كما أن أجسامنا يف حتملها لتلك النار هي غري األجسام التابية اهلشة اليت لنا اآل

ليست سوق خضار وبلح ورمان وعنب ..ونفس الشيء يف اجلنة .. فهي وإمنا تلك األوصاف القرآنية هي جمرد إشارات وضرب أمثلة وتقريب إىل األذهان .

) مثل اجلنة اليت وعد املتقون فيها أهنار من ماء غري آسن وأهنار من لنب مل يتغري طعمه ( يقة أن التفاصيل غيب .ثال يقرب فهم اجلنة إليك ولكن احلق" مثل اجلنة " .. أي أننا نضرب م

) فال تعلم نفس ما أخفي هلم من قرة أعني جزاء مبا كانوا يعملون ( . ) جنة عرضها السموات واألرض ( . فهي ال ميكن أن تكون جمرد حديقة .

) وفاكهة كثرية ال مقطوعة وال ممنوعة ( . عة .. ومخر:فهي غري فاكهتنا املقطوعة واملمنو

ينزفون ( .) ال يصدعون عنها وال فهي غري مخران اليت تصدع الرأس وتنزف العقل

ويقول القرآن عن أهل اجلنة : ) ونزعنا ما يف صدورهم من غل (

ها هنا نفوس طهرت بطريقة ال نعلمها .ن اجلنة نعيم اجلنة إذا هي األخرى غيب وليس يف هذا الكالم أي إنكار للنعيم احلسي فنحن نؤمن أب

أن النار عذاب حسي ومعنوي ولكن ما نريد أتكيده أن تفاصيل هذا النعيم حسي ومعنوي معا كما أو العذاب وكيفياته غيب .

وأن اجلنة ليست سوقا للفاكهة واخلضار وال النار فران لشوي اللحم . ريف وتقومي ورمحة .وإن التعذيب يف اآلخرة ليس جتربا من هللا على عباده وإمنا هو تطهري وتع

بعذابكم إن شكرمت وآمنتم ( ) ما يفعل هللا فاألصل هو عدم العذاب .

وهللا ال يعذب العارف املؤمن وإمنا ينصب عذابه على اجلاحد املنكر الذي فشلت معه كل وسائل اهلداية والتعريف والتفهيم .

(1/23)

هم يرجعون ( .) ولنذيقنهم من العذاب األدىن دون العذاب األكرب لعل

ملم صغر يف الدنيا إليقاظهم من غفلتهم وإلزعاجهم من هذا اسنة هللا أن يذيق هؤالء من العذاب األ والسبات .. " لعلهم يرجعون " .

فإذا مل تفلح كل الوسائل .. وظل املنكر على إنكاره مل يبق إال مواجهته ابلعذاب احلق لتعريفه ..

.. والتعريف ابحلق هو عني الرمحة ولو أن هللا تركهم على عماهم وجهلهم وأمهلهم لكان يف حقه ظلما ..

العرض على النار ابلنسبة هلؤالء اجلهال .. عناية .سبحانه وتعاىل عن ذلك علوا كبريا ..ف وكل أفعال هللا رمحة ..

يرحم اجلاهل ابجلحيم أتديبا وتعليما . ويرحم العارف ابجلنة فضال وكرامة .

ب به من أشاء ورمحيت وسعت كل شيء () عذايب أصي فجعل رمحته تسع كل شيء حىت العذاب .

مث دعوان نسأل الدكتور .. أكثر عدال يف نظره لو أنه ساوى بني الظاملني واملظلومني وبني السفاحني وضحاايهم فقدم أيكون هللا

لكل حفلة شاي يف اآلخرة . سود .وهل العدل يف نظر الدكتور أن يستوي األبيض واأل

وللذين يستبعدون عن هللا أن يعذب نقول : أال يعذبنا هللا ابلفعل يف دنياان ؟.. واملرض والسرطان إال العذاب بعينه . وماذا تكون الشيخوخة

ومن خالق امليكروب ..؟!! أليست مجيعها إنذارات أبننا أمام إله ميكن أن يعذب .

الفصل السادس

وحكاية اإلسالم مع املرأة .؟ صديقي الدكتور : الق

_ أال توافقين أن اإلسالم كان موقفه رجعيا مع املرأة ؟

وبدأ يعد على أصابعهعدد الزوجات وبقاء املرأة يف البيت .. واحلجاب والطالق يف يد الرجل .. والضرب حكاية ت -

.. ونصيب واهلجر يف املضاجع .. وحكاية ما ملكت أميانكم .. وحكاية الرجال قوامون على النساء الرجل املضاعف يف املرياث .

قلت له وأان أستجمع نفسي :

(1/24)

التهم هذه املرة كثرية .. والكالم فيها يطول .. ولنبدأ من البداية .. من قبل اإلسالم .. وأظنك على جاهلية ، والبنت اليت تولد نصيبها الوأد والدفن يف الرمل ، والرجل تعرف متاما أن اإلسالم جاء

ا جاء به اإلسالم من يتزوج العشرة والعشرين ويكره جواريه على البغاء ويقبض الثمن .. فكان م إابحة الزواج أبربع تقييدا وليس تعديدا .. وكان إنقاذ للمرأة من العار واملوت واالستعباد واملذلة .

ات الذي أصبح واقع املرأة اآلن يف أورواب أسعد حاال يف االحنالل الشائع هناك وتعدد العشيقوهل جة اثنية ملن حتب .. هلا حقوق الزوجة األمر يف أغلب الزجيات أليس أ كرم للمرأة أن تكون زو

واحتامها من أن تكون عشيقة يف السر ختتلس املتعة من وراء اجلدران .عل من التعدد إابحة شبه معطلة وذلك أبن شرط شرطا صعب التحقيق وهو ومع ذلك فاإلسالم ج

بني النساء . العدل دلوا بني النساء ولو حرصتم () وإن خفتم أال تعدلوا فواحدة ( .. ) ولن تستطيعوا أن تع

فنفى قدرة العدل حىت عن احلريص فلم يبق إال من هو أكثر من حريص كاألنبياء واألولياء ومن يف م .درهب

يا .أما البقاء يف البيوت فهو أمر وارد لزوجات النيب ابعتبارهن مثال عل ) وقرن يف بيوتكن ( .

تكون أما وربة بيت تفرغ لبيتها وألوالدها وهي إشارة إىل أن الوضع األمثل للمرأة هي أن جئ ..وميكن أن نتصور حال أمة نساؤها يف الشوارع واملكاتب وأطفاهلا يف دور احلضانة واملال

فيها يتبون يف حضانة أمهاهتم أتكون أحسن حاال أو أمة النساء فيها أمهات ورابت بيوت واألطفال واألسرة فيها متكاملة اخلدمات .

ح .الرد واضومع ذلك فاإلسالم مل مينع املقتضيات اليت تدعو إىل خروج املرأة وعملها .. وقد كانت يف اإلسالم

لنساء خيرجن يف احلروب .. وخيرجن للعلم .فقيهات وشاعرات .. وكانت ا نيب كمثل عليا ، وبني املثال واملمكن والواقع درجات متعددةإمنا توجهت اآلية إىل نساء ال

اء النيب مع النيب يف غزواته .وقد خرجت نس

(1/25)

وينسحب على هذا أن اخلروج ملعونة الزوج يف كفاح شريف هو أمر ال غبار عليه . أما احلجاب فهو لصاحل املرأة .

دا ذلك .ا عوقد أابح اإلسالم كشف الوجه واليدين وأمر بست م ومعلوم أن املمنوع مرغوب وأن ست مواطن الفتنة يزيدها جاذبية .

وبني القبائل البدائية وبسبب العري الكامل يفت الشوق متاما وينتهي الفضول ونرى الرجل ال خيالط زوجته إال مرة يف الشهر وإذا محلت قاطعها سنتني .

ي املباح للعيون يفقد اجلسم العراين جاذبيته عار وعلى الشواطئ يف الصيف حينما يتاكم اللحم ال وطرافته وفتنته ويصبح أمرا عاداي ال يثري الفضول .

وال شك أنه من صاحل املرأة أن تكون مرغوبة أكثر وأال تتحول إىل شيء عادي ال يثري .ب أما حق الرجل يف الطالق فيقابله حق املرأة أيضا على الطرف اآلخر فيمكن للمرأة أن تطل

لطالق ابحملكمة وحتصل عليه إذا أبدت املربرات الكافية .ا وميكن للمرأة أن تشتط االحتفاظ بعصمتها عند العقد .. وبذلك يكون هلا حق الرجل يف الطالق .

فالزوجة عندان أتخذ مهرا .. -واإلسالم يعطي الزوجة حقوقا ال حتصل عليها الزوجة يف أورواب عندان هلا حق التصرف يف أمالكها .. وعندهم تفقد هذا احلق مبجرد جة وعندهم تدفع دوطة ..والزو

الزواج ويصبح الزوج هو القيم على أمالكها .أما الضرب واهلجر يف املضاجع فهو معاملة املرأة الناشز فقط .. أما املرأة السوية فلها عند الرجل

املودة والرمحة . فهم النشوز .. وهو يتفق مع أحدث ما وصل ن يفوالضرب واهلجر يف املضاجع من معجزات القرآ

إليه علم النفس العصري يف فهم املسلك املرضي للمرأة .

وكما تعلم يقسم علم النفس هذا املسلك املرضي إىل نوعني :وهو masochism" املسلك اخلضوعي " وهو ما يسمى يف االصطالح العلمي " ماسوشزم "

املرأة أبن تضرب وتعذب وتكون الطرف اخلاضع .ها تلك احلالة املرضية اليت تلتذ في والنوع الثاين هو:

(1/26)

وهو تلك احلالة sadism" املسلك التحكمي " وهو ما يسمى يف االصطالح العلمي " سادزم " ذى ابلغري.املرضية اليت تلتذ فيها املرأة أبن تتحكم وتسيطر وتتجرب وتتسلط وتوقع األ

حها اليت تتحكم به ، وسالح املرأة أنوثتها ل هلا سوى انتزاع شوكتها وكسر سالومثل هذه املرأة ال ح وذلك هبجرها يف املضجع فال يعود هلا سالح تتحكم به ..

أما املرأة األخرى اليت ال جتد لذهتا إال يف اخلضوع والضرب فإن الضرب هلا عالج .. ومن هنا كانت رآن :كلمة الق

ربوهن (.) واهجروهن يف املضاجع واض كلمتني لكل ما أتى به علم النفس يف جملدات عن املرأة الناشز وعالجها .اعجازا علميا وتلخيصا يف

أما حكاية " ما ملكت أميانكم " اليت أشار إليها السائل فإهنا جتران إىل قضية الرق يف اإلسالم ..لدين الم مل يدع إىل الرق .. بل كان اعا إىل الرق .. واحلقيقة أن اإلساهتام املستشرقني لإلسالم أبنه د

الوحيد الذي دعا إىل تصفية الرق .ولو قرأان اإلجنيل .. وما قاله بولس الرسول يف رسائله إىل أهل افسس وما أوصى به العبيد لوجدانه

يدعو العبيد دعوة صرحية إىل طاعة سادهتم كما الرب . بساطة قلوبكم كما الرب " ... أطيعوا سادتكم خبوف ورعدة يف " أيها العبيد

مر اإلجنيل بتصفية الرق كنظام وإمنا أقصى ما طالب به كان األمر ابحملبة وحسن املعاملة بني ومل أي العبيد وسادهتم .

اليت ويف التوراة املتداولة كان نصيب األحرار أسوأ من نصيب العبيد .. ومن وصااي التوراة أن البلد تدافع عن نفسها ابلسيف مث ها أن يساقوا رقيقا وأسارى واليتتستسلم بال حرب يكون حظ أهل

تستسلم يعرض أهلها على السالح ويقتل شيوخها وشباهبا ونساؤها وأطفاهلا ويذحبوا تذبيحا .د لسيده كان االستقاق إذا حقيقة اثبتة قبل جميء اإلسالم وكانت األداين السابقة توصي بوالء العب

. وعتق الرقاب .كتاب مساوي يتكلم عن فك الرقاب فنزل القرآن ليكون أول

(1/27)

ومل حيرم القرآن الرق ابلنص والصريح .. ومل أيمر بتسريح الرقيق .. ألن تسرحيهم فجأة وأبمر قرآين بدون توظيف يستوعبهم يف ذلك الوقت وهم مئات اآلالف بدون صناعة وبدون عمل اجتماعي و

دون معناه خروج مئات األلوف من الشحاذين يف الطرقات يستجكان معناه كارثة اجتماعية وكان الناس وميارسون السرقة والدعارة ليجدوا اللقمة . وهو أمر أسوأ من الرق ، فكان احلل القرآين هو

عصر هو استقاق األسرى يف قفل ابب الرق مث تصفية املوجود منه .. وكان مصدر الرق يف ذلك ال اء .لق األسري أو تؤخذ فيه فدية وأبن ال يؤخذ األسرى أرقاحلروب فأمر القرآن أبن يط

) فإما منا بعد .. وإما فداء ( . فإما أن متن على األسري فتطلقه لوجه هللا .. وإما أتخذ فيه فدية .

ل فك الرقاب وعتق الرقاب كفارة أما الرقيق املوجود ابلفعل فتكون تصفيته ابلتدرج وذلك جبع ا وهبذا ينتهي الرق ابلتدريج .الذنوب صغريها وكبريه

هاية فماذا تكون معاملة السيد ملا ملكت ميينه .. أابح له اإلسالم أن يعاشرها وإىل أن أتيت تلك الن كزوجته .

رأة الرقيق كالزوجة وهذه حكاية " ما ملكت أميانكم " اليت أشار إليها السائل وال شك أن معاشرة امل انة .كان يف تلك األايم تكرميا ال إه

وكيف جعل منه أخا بعد أن كان عبدا يداس ابلقدم وينبغي أال ننسى موقف اإلسالم من العبد الرقيق.

) إمنا املؤمنون إخوة ( . ) هو الذي خلقكم من نفس واحدة ( .

) ال يتخذ بعضنا بعضا أراباب من دون هللا ( .قيقا هو زيد بن حارثة فأعتقه وجعل ب حممد عليه الصالة والسالم املثل حينما تبىن عبدا ر وقد ضر

جه من احلرة سليلة البيت الشريف زينب بنت جحش .منه ابنه .. مث زو كل هذا ليكسر هذه العنجهية والعصبية .. وليجعل من حترير العبيد موقفا يقتدى به .. وليقول

ه عتق الرقاب .ابلفعل وابملثال أن رسالت حقيقة يف كل مكان يف البالد اإلسالمية . ويف البالد أما أن الرجال قوامون على النساء فهي

املسيحية . ويف البالد اليت ال تعرف إهلا وال دينا .

(1/28)

يف موسكو امللحدة احلكام رجال من أايم لينني وستالني وخروشوف وبوجلانني إىل اليوم ، ويف فرنسا جال هم الذين حيكمون رض الر احلكام رجال ، ويف لندن احلكام رجال ، ويف كل مكان من األ

ويشرعون وخيتعون ، ومجيع األنبياء كانوا رجاال ، ومجيع الفالسفة كانوا رجاال ، حىت امللحنني " مع أن التلحني صنعة خيال ال حيتاج إىل ......" رجال ، وكما يقول العقاد ساخرا : حىت صناعة الطهي

مث انفردوا هبا . الرجال واحلياكة واملوضة وهي ختصصات نسائية تفوق فيهاوهي ظواهر ال دخل للشريعة اإلسالمية فيها .. فهي ظواهر عامة يف كل بقاع الدنيا حيث ال حتكم

شريعة إسالمية وال حيكم قرآن . إمنا هي حقائق أن الرجل قوام على املرأة حبكم الطبيعة واللياقة واحلاكمية اليت خصه هبا اخلالق .

حاكمة فإهنا تكون الطرافة اليت تروى أخبارها واإلستثناء الذي يؤكد عيمة أووإذا ظهرت وزيرة أو ز القاعدة .

واإلسالم مل يفعل أكثر من أنه سجل هذه القاعدة وهذا يفسر لنا بعد ذلك ملاذا أعطى القرآن الرجل . ضعف النصيب يف املرياث .. ألنه هو الذي ينفق وألنه هو الذي يعول .. وألنه هو الذي يعمل

موقف اإلسالم من املرأة هو العدل .كان وكانت سرية النيب مع نسائه هي احملبة واحلدب واحلنان .. الذي يؤثر عنه قوله :

" حبب إيل من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيين يف الصالة " .له خر خطبةفذكر النساء مع الطيب والعطر والصالة وهذا غاية اإلعزاز ، وكان آخر ما قاله يف آ

قبل موته هو التوصية ابلنساء .وإذا كان هللا قد اختار املرأة للبيت والرجل للشارع فألنه عهد إىل الرجل أمانة التعمري والبناء

واإلنشاء بينما عهد إىل املرأة أمانة أكرب وأعظم هي تنشئة اإلنسان نفسه . .وإنه من األعظم لشأن املرأة أن تؤمتن على هذه األمانة

لم اإلسالم النساء ؟!!فهل ظ

الفصل السابع

هل الدين افيون ..؟ قال يل صاحيب الدكتور وهو يغمز بعينيه :

وما رايك يف الذين يقولون ان الدين افيون ...!!

(1/29)

وانه خيدر الفقراء واملظلومني ليناموا على ظلمهم وفقرهم وحيلموا ابجلنة واحلور العني .. ابعتبار انه حق ..غنياء على غناهم يف حني يثبت اال

وان هللا خلق الناس درجات ...؟. وما رايك يف الذين يقولون ان الدين مل ينزل من عند هللا ..

وامنا هو طلع من االرض من الظروف والدواعي االجتماعية ليكون سالحا لطبقة على طبقة ..؟ وهو يشري بذلك اىل املاديني وافكارهم ..

قلت : ائل ابن الدين افيون .. فالدين يف حقيقته اعباء وتكاليف وتبعات ..بعد من اخلطأ القليس ا

وليس ختفيفا وحتلال .. وابلتايل ليس مهراب من املسئوليات وليس افيوان .. وديننا عمل وليس كسل ..

) وقل اعملوا فسريى هللا عملكم ( وحنن نقول ابلتوكل وليس التواكل ..

تفراغ الوسع ..عندان العزم واس والتوكل يقتضي

وبذل غاية الطاقة واحليلة . مث التسليم بعد ذلك لقضاء هللا وحكمه .

) فاذا عزمت فتوكل على هللا ( العزم اوال ..

والنيب يقول ملن اراد ان يتك انقته سائبة توكال على حفظ هللا ) اعقلها وتوكل (

توكل ..أي ابذل وسعك اوال فثبتها يف عقاهلا مث

صحو وانتباه ويقظة . وحماسبة للنفس ومراقبة للضمري .. والدين يف كل فعل ويف كل كلمة وكل خاطر . وليس هذا حال اكل االفيون .

امنا اكل االفيون احلقيقي هو املادي الذي ينكر الدين هراب من تبعاته ومسئولياته . .بعث بعد املوت . ويتصور ان حلظته ملكه . وانه الحسيب وال رقيب وال

فيفعل ما خيطر على ابله . وأين هذا الرجل من املتدين املسلم الذي يعترب نفسه مسئوال عن سابع جار ..

واذا جاع فرد يف امته او ضربت دابة عاتب نفسه ابنه مل يقم بواجب الدين يف عنقه .. اعية ..وليس صحيحا ان ديننا خرج من االرض .. من الظروف والدواعي االجتم

حا لطبقة على طبقة وتثبيتا لغىن االغنياء وفقر الفقراء ..ليكون سال والعكس هو الصحيح ...

فاالسالم جاء ثورة على االغنياء والكانزين املال واملستغلني الظاملني ..

(1/30)

فامر صراحة ابال يكون املال دولة بني االغنياء حيتكرونه ويتداولونه بينهم .. كون حقا للكل ..وامنا ي

فبشرهم بعذاب اليم ( ) والذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقوهنا يف سبيل هللا ( يف املائة .. 2،5واالنفاق يبدا من زكاة اجبارية )

مث يتصاعد اختياراي اىل كل ما يف اجليب وكل ما يف اليد . فال تبقي لنفسك اال خبزك .. كفافك ..

قل العفو ( ) يسألونك ماذا ينفقون والعفو هو كل ما زاد على الكفاف واحلاجة ..

بني التكليف اجلربي القانوين والتكليف االختياري القائم على الضمري .. وهبذا مجع االسالم وهذا اكرم لالنسان من نزع امالكه ابلقهر واملصادرة ..

ووصل إىل االنفاق إىل ما فوق التسعني يف املائة بدون ارهاق ..

أيت االسالم ليثبت ظلم الظاملني . بل جاء ثورة صرحية على كل الظاملني .ومل اء سيفا وحراب على رقاب الطواغني واملستبدين ..وج

اما التهمة اليت يسوقها املاديون أبن الدين رجعي وطبقي بدليل االايت .. ) وهللا فضل بعضكم على بعض يف الرزق (

) ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات (

فنحن نرد ابن هذه االايت تنطبق على لندن وابريس وبرلني وموسكو .. تنطبق على القاهرة ودمشق وجدة ..مبثل ما

واذا مشينا يف شوارع موسكو فسوف جند من يسري على رجليه .. ومن يركب بسكليت . ومن يركب عربة موسكوفتش ..

ومن يركب عربة زمي فاخرة .. يف الرزق بعينه والدرجات والرتب االقتصادية .. وماذا يكون هذا اال التفاضل جوهرية ..والتفاوت بني الناس حقيقة

ومل تستطع الشيوعية ان تلغي التفاوت .. ومل يقل حىت غالة املادية والفوضوية ابملساواة ..

واملساواة غري ممكنة فكيف نساوي بني غري متساويني .. ين يف الذكاء والقوة واجلمال واملواهب ..الناس يولدون من حلظة امليالد غري متساو

يولدون درجات يف كل شيء .. ما طمعت فيه املذاهب االقتصادية هي املساواة يف الفرص وليس املساواة بني الناس .. واقصى

ان يلقى كل واحد نفس الفرصة يف التعليم والعالج واحلد االدىن للمعيشة ..

(1/31)

ن ..وهو نفس ما حتض عليه االداي غاء التفاوت فهو الظلم بعينه واالمر الذي ينايف الطبيعة ..اما الغاء الدرجات وال

ت والتنوع يف مثار االرض ويف البهائم ويف الناس ..والطبيعة تقوم كلها على اساس التفاضل والتفاو يف القطن جند طويل التيلة . وقصري التيلة ..

ت والتفاوت اكثر ..ويف احليوان واالنسان جند الرتب والدرجا هذا هو قانون الوجود كله .. التفاضل ..

واحد ونسخة وحكمة هذا القانون واضحة . فلو كان مجيع الناس يولدون خبلقة واحدة وقالب واحدة ..

ملا كان هناك داع مليالدهم اصال . وكان يكفي ان أنيت بنسخة واحدة فتغين عن الكل ..

وكذلك احلال يف كل شيء .. تهي االمر إىل فقر الطبيعة وافالسها ..والن

ها ..وامنا غىن الطبيعة وخصبها اليظهر اال ابلتنوع يف مثارها وغالهتا والتفاوت يف الواهنا واصناف ومع ذلك فالدين مل يسكت على هذا التفاوت بني االغنياء والفقراء ..

بل امر بتصحيح االوضاع وجعل للفقري نصيبا من مال الغين . ان هذا التفاوت فتنة وامتحان .. وقال

) وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصربون ( سوف نرى ماذا يفعل القوي بقوته .

ويقتل ويكون جبارا يف االرض ...؟ هل ينجد هبا الضعفاء او يضرب وسوف نرى ماذا يفعل الغين بغناه ..

هل يسرف ويطغى ..؟ او يعطف وحيسن ..؟ بفقره ..وسوف نرى ماذا يفعل الفقري

هل حيسد وحيقد ويسرق وخيتلس .. او يعمل ويكد وجيتهد لريفع مستوى معيشته ابلشرع والعدل ..

وضاع ابملساواة بني الفرص ..وقد امر الدين ابلعدل وتصحيح االوهدد بعذاب االخرة وقال ان االخرة ستكون ايضا درجات اكثر تفاوات لتصحيح ما مل جير تصحيحه

يف االرض . ولالخرة اكرب درجات واكرب تفضيال (())

كم وللذين يتهمون اإلسالم ابلرجعية السياسية نقول إن اإلسالم أتى أبكثر الشرائع تقدمية يف نظم احل.

احتام الفرد يف اإلسالم بلغ الذروة .. وسبق ميثاق حقوق اإلنسان وتفوق عليه .. فماذا يساوي نسانية كلها .الفرد الواحد يف اإلسالم إنه يساوي اإل

(1/32)

) من قتل نفا بغري نفس أو فساد يف األرض فكأمنا قتل الناس مجيعا ومن أحياها فكأمنا أحيا الناس مجيعا ( .

وال السدود وال املصانع .. إذا قتل احلاكم فردا ال تغين املنجزات وال اإلصالحات املادية وال التعمري نه يكون قد قتل الناس مجيعا.واحدا ظلما يف سبيل هذا اإلصالح ، فإ

جديد .. فالفرد يف اإلسالم له قيمة ذروة يف احتام الفرد مل يصل إليها مذهب سياسي قدمي أو اإلسالم آمن يف بيته .. ويف أسراره مطلقة بينما يف كل املذاهب السياسية له قيمة نسبية .. والفرد يف

ه وحريته ." ال جتسس وال غيبة " آمن يف ماله ورزقه وملكيت ن .كل شيء حىت التحية حىت إفساح اجمللس حىت الكلمة الطيبة هلا مكان يف القرآ

وقد هنى القرآن عن التجرب والطغيان واإلنفراد ابحلكم . وصالحيته " .وقال هللا للنيب " وهو من هو يف كماله

) وما أنت عليهم جببار ( . . ) فذكر إمنا أنت مذكر .. لست عليهم مبسيطر (

) إمنا املؤمنون إخوة ( . وهنى عن عبادة احلاكم وأتليه العظيم :

بعضا أراباب من دون هللا ( .) ال يتخذ بعضنا ) وقضى ربك أال تعبدوا إال إايه ( .

والسوقة واجلري وراء األغلبية املضللة وقال أن : وهنى عن الغوغائية ومتلق الدمهاء ) بل أكثر الناس ال يعلمون ( .

ل أكثرهم ال يعقلون ( .) ب ) أكثر الناس ال يؤمنون ( .

خيرصون ( . " يكذبون " ) إن يتبعون إال الظن وإن هم إال ) إن هم إال كاألنعام بل هم أضل ( .

وهنى عن العنصرية والعرقية : مكم عند هللا أتقاكم ( .) إن أكر

) هو الذي خلقكم من نفس واحدة ( .

الم تركيبا جدليا جامعا بني مادية اليهودية وروحانية املسيحية ، بني العدل وابملعىن العلمي كان اإلساف الذي يقول : السن ابلسن والعني ابلعني . وبني احملبة والتسامح املتطرف الذي يقول : الصارم اجل

ى خدك األمين فأدر له األيسر .من ضربك عل

(1/33)

خرة أصبحت كتااب ماداي ليس فيه حرف واحد عن اآل وجاء القرآن وسطا بني التوراة اليت حرفت حىتلرمحة اجلامع بني العدل واحملبة ، وبني اإلجنيل الذي مال إىل رهبانية اتمة ، واندى القرآن بناموس ا

فقال بشرعية الدفاع عن النفس ولكنه فضل العفو والصفح واملغفرة . ) وملن صرب وغفر إن ذلك ملن عزم األمور ( .

لرأمسالية أطلقت للفرد حرية الكسب إىل درجة استغالل اآلخرين .. وإذا كانت الشيوعية وإذا كانت ا إلسالم قدم احلل الوسط .سحقت هذه احلرية متاما .. فإن ا

) للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسنب ( .يها نصيب .. وللفقري الفرد حر يف الكسب ولكن ليس له أن أيخذ مثرة أرابحه كلها .. وإمنا له ف

% جربا واختيارا .. وهذا النصيب ليس تصدقا 90يف املائة إىل 2.5نصيب يؤخذ زكاة وإنفاقا من ضال وإمنا هو حق هللا يف الربح .. وهبذه املعادلة اجلميلة حفظ اإلسالم للفرد حريته وللفقري حقه .وتف

ائال :وهلذا أصاب القرآن كل الصواب حينما خاطب أمة اإلسالم ق ) وكذلك جعلناكم أمة وسطا ( .

فقد اختار اإلسالم الوسط العدل يف كل شيء .

سط اجلديل أو التكيب الذي جيمع النقيضني " اليمني واليسار " وهو ليس الوسط احلسايب وإمنا الو ويتجاوزمها ويزيد عليهما .. ولذلك ليس يف اإلسالم ميني ويسار وإمنا فيه " صراط " االعتدال

الوسط الذي نسميه الصراط املستقيم من خارج عنه ابليمني أو اليسار فقد احنرف .أو منهج مفصل للحكم لعلم هللا أبن الظروف تتغري مبا ومل يقيدان القرآن بدستور سياسي حمدد

يقتضي االجتهاد يف وضع دساتري متغرية يف األزمنة املتغرية ، وحىت يكون البا مفتوحا أمام املسلمني ألخذ والعطاء من املعارف املتاحة يف كل عصر دون انغالق على دستور بعينه .ل

ية العامة السالفة كخصائص للحكم األمثل .. ومل يكبلنا وهلذا اكتفى القرآن هبذه التوصيات السياس بنظرية وهذا سر من أسرار إعجازه وتفوقه وليس فقرا وال نقصا فيه .

(1/34)

التقدميات . ة القرآن اليت سبقت كلوتلك ملسة أخرى من تقدميونرد على القائلني أبن الدين مجود وحتجر .. أبن اإلسالم مل يكن أبدا دين جتمد وحتجر وإمنا كان

ا وأبدا دين نظر وفكر وتطوير وتغيري بدليل آايته الصرحية .دائم ) قل سريوا يف األرض فانظروا كيف بدأ اخللق ( .

.. خلق من ماء دافق .. خيرج من بني الصلب والتائب ( ) فلينظر اإلنسان مم خلق وإىل ) أفال ينظرون إىل اإلبل كيف خلقت وإىل السماء كيف رفعت وإىل اجلبال كيف نصبت

ألرض كيف سطحت ( .أوامر صرحية ابلنظر يف خلق اإلنسان ويف خلق احليوان ويف خلق اجلبال ويف طبقات األرض ويف

لتشريح والفسيولوجيا والبيولوجيا وعلم األجنة .السماء وأفالكها .. واخللق .. دأ اأوامر صرحية ابلسري يف األرض ومجع الشواهد واستنباط األحكام والقوانني ومعرفة كيف ب

وهو ما نعرفه اآلن بعلوم التطور . وال خوف من اخلطأ .

فاإلسالم يكافئ الذي جيتهد وخيطئ أبجر والذي جيتهد ويصيب أبجرين .يس صحيحا ما يقال من أننا ختلفنا ابلدين وتدم الغرب ابإلحلاد .. واحلق أننا ختلفنا حينما هجران ول

أوامر ديننا .رون هبذه اآلايت حقا كان هناك تقدم وكانت هناك دولة من احمليط إىل أيمتوحينما كان املسلمون

يثم يف الرايضيات وابن النفيس اخلليج وعلماء مثل ابن سينا يف الطب وابن رشد يف الفلسفة وابن اهل يف التشريح وجابر بن حيان يف الكيمياء .

ها حتتفظ إىل اآلن أبمسائها العربية براجوكانت الدنيا أتخذ عنا علومنا .. وما زالت جممعات النجوم وأومنه الفعل من كلمة imbiqueيف املعاجم األوروبية .. وما زالوا يسمون جهاز التقطري ابلفرنسية

ومل يتقدم الغرب ابإلحلاد بل ابلعلم . imbiquerمبيق العربية . أ

تيش وحجرها على وإمنا وقع اخللط مما حدث يف العصور الوسطى من طغيان الكنيسة وحماكم التف العلم والعلماء وما حدث من سجن غاليليو وحرق جيوردانو برونو .

(1/35)

أهدافها النبيلة فكانت عنصر أتخر .. فتصور حينما حكمت الكنيسة واحنرف هبا البابوات عن اببوية وال كهنوت لنقاد السطحيون أن هذا ينسحب أيضا على اإلسالم وهو خطأ .. فاإلسالم ليسا

.. هللا مل يقم بينه وبني املسلمني أوصياء وال وسطاء .

ه املزاعم وحينما حكم اإلسال ابلفعل كان عنصر تقدم كما شرحنا وكما يقول التاريخ مكذاب هذ السطحية .

وآايت القرآن الصرحية حتض على العلم وأتمر ابلعلم وال تقيم بني العلم والدين أي تناقض : رب زدين علما ( . ) وقل

) هل يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون ( . ) شهد هللا أنه ال إله إال هو واملالئكة وأولو العلم ( .

م يف اآلية مقتنني بشرف امسه ونسبته .جعل هللا املالئكة وأويل العل رفع الدرجات :وأول آية يف القران وأول كلمة كانت " اقرأ " والعلماء يف القرآن موعودون أب

) يرفع هللا الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ( . وتتكرر كلمة العلم ومشتقاته يف القرآن حنوا من مثامنائة ومخسني مرة .

كلم بعد هذا متكلم عن تناقض بني الدين والعلم أو حجر من الدين على العلم .فكيف يتريخ اإلسالم كله حركات إحياء وتطوير .. والقرآن بريء والنظر يف الدين وتطوير فهمه مطلوب ، وات

من هتمة التحجري على الناس وكل شيء يف ديننا يقبل التطوير .. ما عدا جوهر العقيدة وصلب ألن هللا واحد ولن يتطور إىل اثنني أو ثالثة .. هذا أمر مطلق .. وكذلك الشر شر واخلري الشريعة ..

وال السرقة حسنة وال الكذب حلية يتحلى هبا الصاحلون . خري .. لن يصبح القتل فضيلة وفيما عدا ذلك فالدين مفتوح للفكر واالجتهاد واإلضافة والتطوير .

ل اجلدل واحلوار وحيض على استخدام العقل واملنطق .وجوهر اإلسالم عقالين منطقي يقب.. " أفال يعقلون " .. " أفال ويف أكثر من مكان ويف أكثر من صفحة يف القرآن نعثر على التساؤل

يفقهون " . وأهل الدين عندان هم " أولو األلباب " .

) شر الدواب عند هللا الصم البكم الذين ال يعقلون ( .

(1/36)

ا يف األرض فتكون هلم قلوب يعقلون هبا أو آذان يسمعون هبا ( .يسريو ) أفلم احتام العقل يف لب وصميم الداينة .

واإلجيابية عصبها والثورة روحها . م أبدا خانعا وال سلبيا .مل يكن اإلسال

) وقاتلوا يف سبيل هللا الذين يقاتلونكم ( . كأهنم بنيان مرصوص ( .) إن هللا حيب الذين يقاتلون يف سبيله صفا

س واجلهاد ابلنفس واملال واألوالد .. والقتال والثبات وعدم النكوص على األعقاب ، ومواجهة اليأ واملصابة واملرابطة يف صلب ديننا .

فكيف ميكن لدين هبذه املرونة والعقالنية والعلمية واإلجيابية والثورة أن يتهم ابلتحجر واجلمود إىل من ل الدكتور القادم من فرنسا ال يعرف من أوليات دينه شيئا ومل يقرأ يف قرآنه حرفا .صديق عزيز مث

الفصل الثامن

الروح سيكون عسريا . قال صديقي الدكتور وهو يعلم هذه املرة أن اإلشكال

_ ما دليلك على أن اإلنسان له روح وأنه يبعث بعد موت وأنه ليس جمرد اجلسد الذي ينتهي إىل ماذا يقول دينكم يف حتضري األرواح ؟تراب .. و

قلت بعد برهة تفكري :واحلقائق املوجودة قليلة ولكنها الشك أن السؤال اليوم صعب والكالم عن الروح ضرب يف تيه -

لك يف صفنا حنن وليست ي صفكم .مع ذ

ومضيت برهة أغرقت فيها يف التفكري مث قلت مردفا :

رات اليت تساعدان على التدليل على وجود الروح ..فكر معي قليال .. إن أول املؤش -

أن اإلنسان ذو طبيعة مزدوجة . اإلنسان له طبيعتان :

املادة ، فهي قابلة للوزن والقياس ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات طبيعة خارجيةومن حلظة إىل حلظة متحيزة يف املكان متزمنة ابلزمان دائمة التغري واحلركة والصريورة من حال إىل حال

فاجلسد تتداول عليه األحوال من صحة إىل مرض إىل مسنة إىل هزال إىل تورد إىل شحوب إىل نشاط ، وملحق هبذه الطبيعة اجلسدية شريط من االنفعاالت كسل إىل نوم إىل يقظة إىل جوع إىل شبعإىل

والعواطف والغرائز واملخاوف ال يكف حلظة عن اجلراين يف الدماغ .

(1/37)

وألن هذه الطبيعة واالنفعاالت امللحقة هبا تتصف خبواص املادة نقول إن جسد اإلنسان ونفسه احليوانية مها من املادة .

هناك طبيعة أخرى خمالفة متاما لألوىل ومغايرة هلا يف داخل اإلنسان .ولكن ي العقل مبعايريه الثابتة طبيعة من نوع آخر تتصف ابلسكون والالزمان والالمكان والدميومة .. ه

وأقيسته ومقوالته .. والضمري أبحكامه ، واحلس اجلمايل ، وال أان اليت حتمل كل تلك الصفات " من وحس مجايل وحس أخالقي ".عقل وضمري

وال أان غري اجلسد متاما وغري النفس احليوانية اليت تلتهب ابجلوع والشبق .وعن طريق هذه الذات والكينونة والشخوص واملثول يف العامل .. ال أان هي الذات العميقة املطلقة

غري ال يسمن وال يهزل وال وأبنه هنا وأبنه كان دائما هنا .. وهو شعور اثبت ممتد ال يطرأ عليه التميرض وال يتصف ابلزمان .. وليس فيه ماض وحاضر ومستقبل .. إمنا هو " آن " مستمر ال ينصرم

وإمنا يتمثل يف شعور ابلدوام .. ابلدميومة .كما ينصرم املاضي .. املكان هنا نوع آخر من الوجود ال يتصف بصفات املادة فال هو يطرأ عليه التغري وال هو يتحيز يف

أو يتزمن ابلزمان وال هو يقبل الوزن والقياس .. ابلعكس جند أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس ه كل ما هو نسيب يف عامل املادة .به املتغريات واملطلق الذي نعرف ب

وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية .

ولنا أن نسأل بعد ذلك . اإلنسان حقا . أي الطبيعتني هي

هل اإلنسان ابحلقيقة هو جسده أو روحه . ولنعرف اجلواب علينا أن نبحث أي الطبيعتني هي احلاكمة على األخرى .

اديون أن اإلنسان هو جسده ، وأن اجلسد هو احلاكم وأن كل ما ذكرت من عقل ومنطق يقول لنا املمسها الذات أو ال أان كل هذه ملحق وحس مجايل وحس أخالقي وضمري وهذه " التخريفة " اليت ا

ابجلسد اثنوي عليه اتبع له أيمتر أبمره ويقوم على خدمته ويتوىل إشباع شهواته وأهوائه .

(1/38)

م إخواننا املاديني وهو خطأ ، فاحلقيقة أن اجلسد اتبع وليس متبوعا مأمور وليس آمرا أال كال هذا هلل .. أال يتحرك بشهوة فنزجره ؟! جيوع اجلسد فنرفض إمداده ابلطعام ألننا قرران أن نصوم هذا اليوم

بنودها بندا بندا أال نصحوا يف الصباح فيبدأ اجلسد تلقائيا يف تنفيذ خطة عمل وضعها العقل وصنف .. من ساعة إىل ساعة من التابع هنا ومن املتبوع ؟

ام الديناميت حول جسده ويتقدم ليحطم الداببةوحلظة التضحية ابلنفس حينما يضع الفدائي حز ومن فيها .. أين جسده هنا .. أين املصلحة املادية اليت حيققها مبوته .. ومن الذي أيمر اآلخر .. إن

إعدام اجلسد يف حلظة مثالية متاما ال ميكن أن يفسرها مذهب مادي أبي مكسب مادي الروح تقرر إال أن يتالشى متاما مر .. وال ميلك أي قوة ملواجهته ، ال ميلك واجلسد ال يستطيع أن يقاوم هذا األ

.. وهنا يظهر أي الوجودين هو األعلى .. وأي الطبيعتني هي اإلنسان حقا .من دليل على أن اجلسد هو الوجود الثانوي .. ما جيري اآلن من حوادث البت وعندان اليوم أكثر

الدم وبنك عن القلب اإللكتوين والكلية الصناعية وبنك واالستبدال وزرع األعضاء .. وما نقرأه العيون وخمازن اإلكسسوار البشري حيث جيري تركيب السيقان واألذرع والقلوب .

فيجدها ختلع طقم األسنان والباروكة 2000ريس على عروسه سنة ولن تكون نكتة أن يدخل العال يتبقى منها إال هيكل مثل شاسيه السيارة والنهود الكاوتشوك والعني الصناعية والساق اخلشبية ف

عد نزع اجللد والكراسي واألبواب .بهذه الذراع إىل هذه الدرجة جيري فك اجلسم وتركيبه واستبداله دون أن حيدث شيء للشخصية ألن

أو تلك الساق أو ذلك الشعر أو العني أو النهد كل هذه األشياء ليست هي اإلنسان .. فها هي

لومنيوم دون أن حيدث شيء .. دل وتوضع مكاهنا بطارايت ومسامري وقطع من األتنقل وتستبكينة اليت امسها فاإلنسان ليس هذه األعضاء وإمنا هو الروح اجلالسة على عجلة القيادة لتدير هذه املا

اجلسد .

(1/39)

إهنا اإلدارة اليت ميثلها جملس إدارة من خالاي املخ .. ولكنها ليست املخ .اية ليس أكثر فاملخ مثله مثل خالاي اجلسد يصدع ابألوامر اليت تصدر إليه ويعرب عنها ولكنه يف النه

وتتصرف به يف العامل املادي . من قفاز هلا .. قفاز تلبسه هذه اليد اخلفية اليت امسها الروح يعتان :نفهم من هذه الشواهد كلها أن اإلنسان له طب

طبيعة جوهرية حاكمة هي روحه . وطبيعة اثنوية زائلة هي جسده .

ل والطبيعة اخلالدة تلتحق ابخللود فيلتحق اجلسد وما حيدث ابملوت أن الطبيعة الزائلة تلتحق ابلزوا ها الباقي .ابلتاب وتلتحق الروح بعامل

يت تتميز هبا احلركة .ولعشاق الفلسفة نقدم دليال آخر على وجود الروح من اخلاصية ال فاحلركة ال ميكن رصدها إال من خارجها .

ا ال بد من عتبة خارجية تقف تقف ال ميكن أن تدرك احلركة وأن تتحرك معها يف نفس الفلك وإمنأنت يف أسانسري متحرك ال تستطيع أن تعرف هل هو عليها لتصدها .. وهلذا أتيت عليك حلظة و

طعة واحدة معه يف حركته .. ال تستطيع ادراك هذه احلركة إال إذا واقف أم متحرك ألنك أصبحت ق نظرت من ابب األسانسري إىل الرصيف الثابت يف اخلارج .

ار وأنت فيه إال نفس احلالة يف قطار يسري بنعومة على القضبان .. ال تدرك حركة مثل هذا القطو يف الثابت يف اخلارج .حلظة شروعه يف الوقوف أو حلظة إطاللك من النافذة على الرص

وابملثل ال ميكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن ميكنك رصدها من القمر أو األرض .. كما ال األرض وأنت تسكن عليها وإمنا تستطيع رصدها من القمر . ميكنك رصد

حبالة إال إذا خرجت خارجها .ال تستطيع أن حتيط ن اجلزء املدرك فينا يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن وهلذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لوال أ

يقفز مع عقرب الثواين كل حلظة هذا املرور الزمين املستمر " أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا نصرم إدراكنا كما تنصرم الثواين بدون أن يالحظ شيئا . ملا استطعنا أن ندرك هذه الثواين أبدا ، وال

(1/40)

وهي نتيجة مذهلة تعين أن هناك جزءا من وجودان خارجا عن إطار املرور الزمين " أي خالد " هو رب وال يشيخ وال يهرم وال الذي يالحظ الزمن من عتبة سكون ويدركه دون أن يتورط فيه وهلذا ال يك

يا حياته اخلاصة غري الزمنية هذا ط اجلسد ترااب سوف يظل هذا اجلزء على حاله حينصرم .. ويوم يسق اجلز هو الروح .

وكل منا يستطيع أن حيس بداخله هذا الوجود الروحي على صورة حضور ودميومة وشخوص وكينونة ب النابض مع الزمن خارجه .مغايرة متاما للوجود املادي املتغري املتقل

يت أمسيتها حالة حضور .. هي املفتاح لية اليت ندركها يف حلظات الصحو الباطين والهذه احلالة الداخ الذي يقودان إىل الوجود الروحي بداخلنا ويضع يدان على هذا اللغز الذي امسه الروح ...

، ولو كنا أجساما مادية ضمن إطار حياة ودليل آخر على طبيعتنا الروحية هو شعوران الفطري ابحلرية اك معىن هلذا الشعور الفطري ابحلرية .تكمنا القوانني املادية احلتمية ملا كان هن مادية

لنا الروح إذا تعلو على الزمن وتتخطى املوت وتتخطى احلتميات املادية . ماذا عن البعث إذا .

مل يعد أحد بعد املوت ليخربان ماذا جرى له . يان .أيت يوم البعث لنقدم دليال ملموسا أو شاهد عومل

حقيقة دينية يرجحها العقل والعلم .وكل ما ميكن قوله يف موضوع البعث أنه ملاذا يرجحها العقل والعلم ؟

ألن شواهد الوجود وظواهره تشري مجيعها إىل أن هناك عودا على بدء ودورة لكل شيء .. بعد النهار مث تعود فتشرق .ن جديد فيأيت النهار ، والشمس تشرق مث تغرب أييت الليل مث يعود م

بيع مث تعود فتتكرر الدورة من جديد فيأيت الصيف مث اخلريف مث الشتاء الصيف واخلريف والشتاء والر اخل..بعد اليقظة ونوم الليل نعود فنستيقظ من جديد .. وهذا يرجح أنه بعد رقود املوت هناك صحوة

املبدئ املعيد .عودا لكل شيء .. وهللا يسمي نفسه يف القرآن بعث .. ألن هناك

) كما بدأكم تعودون ( . دأ اخللق مث يعيده ( .)يب

(1/41)

أال يدور كل شيء يف فلك من الذرة إىل اجملرة ، حىت احلضارات هلا دورات والتاريخ له دورات .احدة من أكرب اجملرات حىت الدليل اآلخر على البعث هو النظام احملكم الذي ليس فيه ابدرة خلل و

جند النظام والقانون يهيمن على كل شيء .. حىت لذرات حىت اإللكتون الذي ال يرىأصغر ااإللكتون املتناهي يف الصغر ال يستطيع أن ينتقل من فلك إىل فلك يف الذرة إال إذا أعطى أو أخذ

،،،،، أي مكان بدون تذكرة .. مقدارا من الطاقة يساوي حركته .. وكأنه راكب قطار ال يستطيع ب قاتل أو يفر ظامل من اجلزاء جملرد أنه ضلل ،،،،، إن العقل ف نتصور يف هذا النظام ،،،،، يهر فكي

يتصور أنه البد سيلقى جزاءه حتما ، وإن هناك البد عاملا آخر يسوى فيه احلساب .. هكذا يقول العدل .

العدل .والبحث عن العدل وحماولة حتقيق وحنن مفطورون على حتري العدل وعلى حب العدل ا غري موجود .ومع ذلك فالعدل يف الدني

وكما يقول أهل الفكر إذا كان الظمأ إىل املاء يدل على وجود املاء .. فال بد أن الظمأ إىل العدل ينه يدل على وجود العدل .. فإن مل يكن موجودا يف دنياان فال بد أن له يوما وساعة تنصب فيها مواز

. .أن هناك بعثا وحسااب وعاملا آخر كل هذه مؤشرات تشري وترجح

واملؤمن الذي يصدق القرآن يف غري حاجة إىل هذه االستدالالت ألنه آمن بقلبه وأراح نفسه من اجلدل .

يبقى بعد ذلك أن نسأل ,, وما الروح : قليال () ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ريب وما أوتيتم من العلم إال

نها شيئا .هي لغز وال أحد يعلم ع ذكر الروح يف القرآن ذكرت معها كلمة من أمر ريب . والعجيب أنه كلما جاء

) يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ( . ) ينزل املالئكة ابلروح من أمره على من يشاء من عباده ( .

أمر ( . ) تنزل املالئكة والروح فيها إبذن رهبم من كل حا من أمران () وكذلك أوحينا إليك رو

مران " .. " من أمره " .. " من أمر ريب " .. كلما ذكرت الروح.دائما كلمة " من أ أيكون أمر هللا روحا ؟

وكلمة هللا روحا ؟

(1/42)

أمل يقل هللا عن املسيح عليه السالم أنه : ) كلمة منه امسه املسيح عيسى بن مرمي ( .

وأنه : منه ( . ) كلمته ألقاها إىل مرمي وروح

الروح .. هل هي ألفاظ متادفة ملعىن واحد .الكلمة .. األمر .. هي جمرد إشارات .

وال أحد يعلم احلقيقة إال العليم . يبقى بعد ذلك سؤالك عن حتضري األرواح .

وحتضري األرواح عندان أمر مشكوك فيه . ن .مة سببها حضور روح فالن أو عالمشكوك فيه أنه ظواهر الغرفة املظل

ر يقول: إن تلك الظواهر مصدرها العقل الباطن للوسيط والقوىومفكر كبري مثل هنري سود الروحية للوسيط ذاته.. والشيء حيضر ابملرة .

ويقول املفكرون اهلنود : إن الذي يتلبس الوسيط أثناء التحضري هي أرواح سفلية تعرف بعض املوجودين والضحك عليهم .وتستخدمها يف السخرية بعقول األشياء عن املوتى

ول الصوفية املسلمون إن الذي حيضر يف تلك اجللسات ليس الروح ولكن القرين ، وهو اجلن ويقالذي كان يصاحب امليت أثناء حياته .. وهو حبكم هذه الصحبة يعرف أسراره .. وألن اجلن معمر

رار صاحبه ويقلد صوته و الذي حيضر اجللسات ويفشي أسفإنه يبقى حيا بعد موت صاحبه .. وه ليسخر من املوجودين على عادة اجلن يف عدائهم لإلنسان . وعاداته

وهم يقولون : إننا إذا دققنا جرس املكتب فإن الذي حيضر هو اخلادم .. أما السادة فإهنم ال يتكون

ج على . فالذي حيضر يف اجللسات ويهر عاملهم وحيضرون هبذه السذاجة وابملثل يف عامل األرواح . لسفلية واجلن ومن يف مستواهم .املوجودين هي األرواح ا

أما األرواح البشرية فهي يف عامل آخر هو عامل الربزخ وال ميكن استحضارها .. ولكنها قد تتصل مبن حتب يف احللم أو يف اليقظة إذا توفرت الظروف املالئمة .

ه ال يوجد خاصة يف هذا املوضوع نقول :أنحضرانها ومما مجعنا من خربة ومن اجللسات الكثرية اليت دليل واحد على أن ظواهر الغرفة املظلمة سببها حضور الروح املطلوبة .

ورمبا كان رأي الصوفية املسلمني أكثر اآلراء تفسريا ملا حيدث . واملسألة ما زالت قيد البحث .

(1/43)

كلمة األخرية مل تقل بعد .ولألسف الشعوذات يف هذا املوضوع أكثر من احلقائق .. وال ت مثل اجلن واألرواح السفلية .. والقرين .ال شك أنك سوف تضحك على كلما

ذرك .. فإذا كنت ال تؤمن بروحك أنت فكيف يتوقع منك أن تؤمن جبين ..ولك ع وإذا كنت ال تؤمن ابهلل فكيف ينتظر منك أن تؤمن بشياطينه .

ءك رجل حيدثك عن أشعة غري منظورة خترق احلديد ،ومع ذلك لو كنت ولدت منذ مئة سنة وجاائد فضاء ميشي على تراب القمر .. أمل تكن صور تنتقل يف اهلواء عرب احمليطات يف أقل من اثنية ، ور

تضحك وتقهقه وتستلقي على قفاك أضعاف ما تضحك اآلن .. وتقول لنفسك .. هذا رجل هارب حقائق ملء السمع والبصر اآلنمن مستشفى اجملاذيب ومع ذلك فيا هلا من

الفصل التاسع الضمري

قال صاحيب:

و كان شيئا مطلقا مع أنه أحد املصنوعات االجتماعية، أنتم تتكلمون عن الضمري يف تقديس كما ل -عملة حناسية ال أكثر صكت ودمغت وسبكت يف فرن التعامالت االجتماعية وهو عندان شيء تتغري

صاحل اجلارية والقيمة اليت تفيد نقول عنها خريا والقيمة اليت تضر نقول عنها أحكامه وضوابطه وفق امل هي العفة اليت تتمسكون هبا كعيونكم. شرا ولو كانت هذه القيمة

قلت له يف هدوء:

نعم .. هذا هو رأي الفلسفة املادية على ما أمسع .. أن الضمري سلطة زجر وردع نبتت من -جمرد حتصيل خربة تتفاوت بني شخص وشخص وبني عصر وعصر وبني أمة الدواعى االجتماعية ..

وأمة.

هذا كالمكم..

لك..ولكن احلقيقة غري ذاحلقيقة أن الضمري نور وضعه هللا يف الفطرة ومؤشر ودليل وبوصلة نولد هبا .. هتدينا إىل احلقائق وكل

جاجها.دور االكتساب االجتماعى أنه جيلو مرآة هذه البوصلة ويصقل ز ولنا على ذلك براهني تؤيدان وتشجب كالمكم.

ز مث تستدير لتغطى فضالهتا ابلتاب، يف أي انظر إىل عامل احليوان حيث ال جمتمع، ترى القطة تترب

جمتمع قططى تعلمت القطة هذا الوازع ؟ وكيف ميزت بني القذارة والنظافة ؟

(1/44)

وضربتها على رأسها طأطأت ونكست بصرها يف وأنت ترى القطة تسرق السمكة فإذا ضبطتهاطفال يف البيت فتكسر فازة أثناء اللعب .. فماذا إحساس واضح ابلذنب .. وتراها تلهو مع األ

حيدث، إهنا جترى يف فزع وختتيبء حتت الكراسى وقد أدركت أهنا أخطأت.

كل هذه شواهد ومالمح ضمري.

شاعر .. وال نرى حىت جمتمعا قططيا من األساس.وليس يف مملكة القطط دواع لنشأة هذه امل ..وتقاليد الوفاء الزوجى يف احلمام

ونبل احلصان يف ارتباطه بصاحبه حىت املوت ..وكربايء األسد وترفعه عن اهلجوم على فريسته من اخللف .. وخجل اجلمل وتوقفه عن مضاجعة أنثاه

إذا وجد أن هناك عينا ترقبه ..

سد ثة البليغة اليت رآها مجهور املشاهدين يف السريك القومى ابلقاهرة .. حينما قفز األمث تلك احلاد على املدرب حممد احللو من اخللف وأنشب خمالبه يف كتفه وأصابه جبرج قاتل ..

وبقية احلادثة يرويها موظفو السريك .. كيف امتنع األسد عن الطعام .. وحبس نفسه يف زنزانته ال يف نقلوه إىل حديقة احليوان وقدموا له أنثى لتوح عنه فضرهبا وطردها .. وظل على يربحها .. وك

يامه ورفضه للطعام مث انقض على يده اآلمثة وظل ميزقها حىت نزف ومات .ص حيوان ينتحر ندما وتكفريا عن جرميته.

ن افتاس اإلنسان من أي جمتمع يف دنيا السباع أخذ األسد هذه التقاليد .. هل يف جمتمع السباع أ جرمية تدعو إىل االنتحار.

يف بشر.حنن هنا أمام نبل وخلق وضمري ال جنده وحنن أمام فشل كامل للتفسري املادي وللتصور املادي حلقيقة الضمري.

وال تفسري ملا نراه سوى ما يقوله الدين .. من أن الضمري هو نور وضعه هللا يف الفطرة وأن كل دور جتماعي أن جيلو صدأ النفس فتشف عن هذا النور االهلي.االكتساب اال

دربه .. املعاشرة واحملبة واملصاحبة صقلت تلك النفس احليوانية وهذا هو ما حدث بني األسد وم فأيقظت ذلك القبس الرمحاىن .. فإذا ابألسد حيزن ويندم وينتحر كمدا كالبشر .

نا عليه الصالة والسالم.)) احلالل بني واحلرام بني (( ... كما قال نبي

(1/45)

))استفت قلبك وإن أفتاك الناس (( .لسنا يف حاجة إىل كلية شريعة لنعرف اخلطأ من الصواب واحلق من احلالل .. فقد وضع هللا يف قلب

ال خيطئ .. وكل ما حنن مطالبون به أن جنلو نفوسنا من غواشى املادة كل منا كلية شريعة .. وميزاان ور هللا الذي فة الشهوات فنبصر ونرى ونعرف ومنيز بدون عكاز "اخلربة االجتماعية" وذلك بنومن كثا

امسه الضمري.

[29األنفال اآلية ))اي أي ها الرذين آمنوا إن ت ت رقوا الل جيعل لركم ف رقاان ((]

:يقول هللا يف احلديث القدسي للصويف حممد بن عبد اجلبار

" كيف تيأس مين ويف قلبك سفريي ومتحدثي".خالقية األساسية هي ابملثل اثبتة فقتل الربيء لن يصبح يوما ما فضيلة الضمري حقيقة اثبتة والقيم األ

فجور والبذاءة والغلظة والقسوة والنفاق واخليانة وكذا السرقة والكذب وإيذاء اآلخرين والفحشاء وال تظل هكذا إىل أن يرث هللا األرض ومن عليها. كل هذه نقائض خلقية، وسوفوالصدق واحللم والعفو واإلحسان فضائل .. ولن تتحول إىل جرائم وكذلك سوف تظل احملبة والرمحة

إال إذا فسدت السماوات واألرض وساد اجلنون وانتهى العقل.

الفصل العاشر هل مناسك احلج وثنية ؟

ملعت عيناه بذلك يبتسم ابتسامة خبيثة تبدي نواجذه وقدقال صاحيب وهو يفرك يديه ارتياحا و

الربيق الذي يبدو يف وجه املالكم حينما يتأهب لتوجيه ضربة قاضية .ي الذي تسمونه أال تالحظ معي أن مناسك احلج عندكم هي وثنية صرحية . ذلك البناء احلجر -

ة بني الصفا واملروة ، وتقبيل احلجر الكعبة وتتمسحون به وتطوفون حوله ، ورجم الشيطان .. واهلرول األسود ..

رمجات والسبع هروالت وهي بقااي من خرافة األرقام الطلسمية يف وحكاية السبع طوفات والسبع ..الشعوذات القدمية ، وثوب اإلحرام الذي تلبسونه على اللحم

ال تؤاخذين إذا كنت أجرحك هبذه الصراحة ولكن ال حياء يف العلم . نفث دخان سيجارته ببطء ويراقبين من وراء نظارته .وراح ي

قلت يف هدوء :

(1/46)

أال تالحظ معي أنت أيضا أن يف قوانني املادة اليت درستها أن األصغر يطوف حول األكرب ، -واة ، والقمر حول األرض ، واألرض حول الشمس ، والشمس اإللكتون يف الذرة يدور حول الن

ول " هللا رة حول جمرة أكرب ، إىل أن نصل إىل " األكرب مطلقا " وهو هللا .. أال نقحول اجملرة ، واجمل أكرب " .. أي أكرب من كل شيء ..

اثبت وأنت اآلن تطوف حوله ضمن جمموعتك الشمسية رغم أنفك وال متلك إال أن تطوف فال شيء يف الكون إال هللا هو الصمد الصامد الساكن والكل يف حركة حوله ..

وهذا هو قانون األصغر واألكرب الذي تعلمته يف الفيزايء .. ابختياران حول بيت هللا .. أما حنن فنطوف

وهو أول بيت اختذه اإلنسان لعبادة هللا .. فأصبح من ذلك التاريخ السحيق رمزا وبيتا هلل ..

، ولو عرفتم تطوفون أنتم حول رجل حمنط يف الكرملني تعظمونه وتقولون أنه أفاد البشريةأال رة حممد عليه الصالة والسالم ..لشكسبري قربا لتسابقتم إىل زايرته أبكثر مما نتسابق إىل زاي

نلقي أال تضعون ابقة ورد على نصب حجري وتقولون أنه يرمز للجندي اجملهول فلماذا تلوموننا ألننا حجرا على نصب رمزي نقول أنه يرمز إىل الشيطان ..

حلة من ميالدك إىل موتك مث بعد موتك يبدأ ابنك اهلرولة من جديد وهي نفس الر أال تعيش يف هرولةالرمزية من الصفا " الصفاء أو اخلواء أو الفراغ رمز للعدم " إىل املروة وهي النبع الذي يرمز إىل احلياة

و الوجود .. العدم إىل الوجود مث من الوجود إىل العدم .. من

ولية لكل املخلوقات ..أليست هذه هي احلركة البند ه األسرار .أال ترى يف مناسك احلج تلخيصا رمزاي عميقا لكل هذ

(1/47)

صول ال سي 7الذي تسخر منه .. دعين أسألك ما السر يف أن درجات السلم املوسيقي 7ورقم سبع وإمنا نعود إىل 8دو ري مي فا مث بعد املقام السابع أييت جواب الصول من جديد .. فال جند

وكذلك تدور اإللكتوانت حول نواة 7ى وهلم جرا ، وكذلك درجات الطيف الضوئي درجات أخر وإذا ولد قبل ذلك ميوت وأايم األسبوع عندان 7واجلنني ال يكتمل إال يف الشهر 7الذرة يف نطاقات

.. وضعوها كذلك دون أن جيلسوا ويتفقوا 7وعند مجيع أفراد اجلنس البشري أن كل هذه العلوم هي األخرى شعوذات طلسمية. ك على شيء ..أمأال يدل ذل

أال تقبل خطااب من حبيبتك .. هل أنت وثين ؟ فلماذا تلومنا إذا قبلنا إذا قبلنا ذلك احلجر األسود نتجه الذي محله نبينا حممد عليه الصالة والسالم يف ثوبه وقبله . ال وثنية يف ذلك ابملرة .. ألننا ال

ارة ذاهتا .. وإمنا حنو املعاين العميقة والرموز والذكرايت .عبادة حنو احلجمبناسك الإن مناك احلج هي عدة مناسبات لتحريك الفكر وبعث املشاعر وإاثرة التقوى يف القلب . أما ثوب

للتجرد اإلحرام الذي نلبسه على اللحم ونشتط أال يكون خميطا فهو رمز للخروج من زينة الدنيا و ق .. متاما كما أنيت إىل الدنيا يف اللفة وخنرج من الدنيا يف لفة وندخل القرب يف مام حضرة اخلالالتام أ

لفة .. أال تشتطون أنتم لبس البدل الرمسية ملقابلة امللك وحنن نقول : إنه ال شيء يليق جباللة هللا إال إال التواضع التام الوقفة أمامهألنه ال يصلح يفالتجرد وخلع مجيع الزينة ألنه أعظم من مجيع امللوك و

والتجرد .. وألن هذا الثوب البسيط الذي يلبسه الغين والفقري واملهراجا واملليونري أمام هللا فيه معىن آخر لألخوة رغم تفاوت املراتب والثروات . واحلج عندان اجتماع عظيم ومؤمتر سنوي ..

. صغري الذي نلتقي فيه كل أسبوعومثله صالة اجلمعة وهي املؤمتر ال هي كلها معان مجيلة ملن يفكر ويتأمل .. وهي أبعد ما تكون عن الوثنية .

(1/48)

ولو وقفت معي يف عرفة بني عدة ماليني يقولون هللا أكرب ويتلون القرآن أبكثر من عشرين لغة دون أن تدري وتذوب يضا لبكيت أنت أ -ويهتفون لبيك اللهم لبيك ويبكون ويذوبون شوقا وحبا

يف اجلمع الغفري من اخللق .. وأحسست بذلك الفناء واخلشوع أمام اإلله العظيم مالك امللك الذي بيده مقاليد كل شيء .

الفصل احلادي عشر ملاذا ال يكون القرآن من أتليف حممد؟

قال صاحيب وهو ينتقى عباراته:

وأان معك يف أنه كتاب قيم.. ولكن ملاذا ال يكون قرآنال أريد أن أجرحك فأان أعلم اعتزازك ابل - من أتليف حممد؟.. إن رجال يف عظمة حممد ال يستغرب منه أن يضع كتااب يف عظمة القرآن..

سوف يكون هذا منطقيا أكثر من أن نقول إن هللا أنزله. فإان مل نر هللا ينزل من السماء شيئا.. وحنن أبن هناك مالكا امسه جربيل نزل بن السماء بكتاب ليوحى نساانيف عصر من الصعب أن نقنع فيه إ

به إىل أحد. قلت يف هدوء:

بل حنن يف عصر يسهل فيه متاما أن نصدق أبن هناك مالئكة ال ترى، وأبن احلقائق ميكن أن تلقى - ة غريإىل اإلنسان وحيا.. فهم يتكلمون اليوم عن أطباق طائره تنزل على األرض. كواكب بعيدة وأشعمنظورة تقتل، وأمواج السلكية حتدد األهداف وتضرهبا.. وصور تتحول إىل ذبذابت يف اهلواء مث

تستقبل يف أجهزة صغرية كعلب التبغ.. وكامريات تصور األشباح.. وعيون ترى يف الظالم.. ورجل فيا من كا خميشى على القمر.. وسفينة تنزل على املريخ.. مل يعد غريبا أن نسمع أن هللا أرسل مل

مالئكته.. وأنه ألقى بوحيه على أحد أنبيائه.. لقد أصبح وجود جربيل اليوم حقيقة من الدرجة الثانية.. وأقل عجبا وغرابة مما نرى ونسمع كل يوم.

(1/49)

أما ملاذا ال نقول إن القرآن من أتليف حممد عليه الصالة والسالم.. فألن القران بشكله وعباراته علوم ومعارف وأسرار ومجال بالغى ودقة لغوية هو مما ال يدخل يف قدرة احتوى عليه من وحروفه وما

بشر أن يؤلفه.. فإذا أضفنا اىل ذلك أن حممدا عليه الصالة والسالم كان أميا، ال يقرأ وال يكتب ومل تمال إلقاء يتعلم يف مدرسة ومل خيتلط حبضارة، ومل يربح شبه اجلزيرة العربية، فإن احتمال الشك واح

السؤال يغدو مستحيال.. وهللا يتحدى املنكرين ممن زعموا أن القرآن مولف.هذا

"قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون هللا" استعينوا ابجلن واملالئكة وعباقرة اإلنس وأتوا عة ساذجة بسورة من مثله ومازال التحدى قائما ومل أيت أحد بشيء... إال ببعض عبارات مسجو

"سورة من مثله"... أتى هبا أانس يعتقدون أن القرآن جمرد كالم مسجوع.. و لكن سورة من مسوها مثله.. أي هبا نفس اإلعجاز البالغي و العلمي..

وإذا نظران إىل القرآن يف حياد وموضوعية فسوف نستبعد متاما أن يكون حممد عليه الصالة والسالم هو مؤلفه.

يه مهومه وأشجانه، وحنن نراه يف عام واحد يفقد زوجه خدجية وعمه أاب كان مؤلفه لبث فأوال: ألنه لو طالب وال سند له يف احلياة غريمها.. وفجيعته فيهما ال تقدر.. ومع ذلك ال أييت هلما ذكر يف القرآن

عزول متاما وال بكلمة.. وكذلك ميوت ابنه إبراهيم ويبكيه، وال أيقى لذلك خرب يف القرآن.. القرآن م لذات احملمدية.عن ا

بل إن اآلية لتأتى مناقضة ملا يفعله حممد وما يفكر فيه.. وأحياان تنزل اآلية معاتبة له كما حدث

بصدد األعمى الذي انصرف عنه النيب إىل أشراف قريش: عبس 4 -1"عبس وتوىل. أن جاءه األعمى. وما يدريك لعله يزكى. أو يذكر فتنفعه الذكرى،

فتنقض عمال من أعمال النيب: ياان تنزل اآليةوأح" ما كان لنيب أن يكون له أسرى حىت يثخن يف األرض، تريدون عرض الدنيا وهللا يريد اآلخرة وهللا

األنفال -68 -67عزيز حكيم. لوال كتاب من هللا سبق ملسكم فيما أخذمت عذاب عظيم"

(1/50)

تباعه ما ال ميكن أن يقوله لو أنه كان يؤلف الكالم أتليفا:وأحياان أيمر القرآن حممد أبن يقول أل األحقاف -9" قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل يب وال بكم"

ال يوجد نيب يتطوع من تلقاء نفسه ليقول ألتباعه ال أدرى ما يفعل ب وال بكم.. ال أملك لنفسي هذا يؤدى إىل أن ينفض عنه أتباعه. فعا.. وال أملك لكم ضرا وال نفعا. فإنضرا وال ن

وهذا ما حدث فقد اختذ اليهود هذه اآلية عذرا ليقولوا.. ما نفع هذا النيب الذي ال يدرى ماذا يفعل به وال بنا.. هذا رجل ال جدوى فيه. مثل هذه اآلايت ما كان ميكن أن يؤلفها النيب لو كان يضع

ن من عند نفسه.القرآلك يف العبارة القرآنية لوجدان أهنا جديدة منفردة يف رصفها وبنائها ومعمارها اثنيا: لو نظران بعد ذ

ليس اال شبيه فيما سبق من أدب العرب وال شبيه فيما أتى الحقا بعد ذلك.. حىت لتكاد اللغة ابلنثر وال ابلشعر. فموسيقى تنقسم إىل شعر ونثر وقرآن.. فنحن أمام كالم هو نسيج وحده ال هو

ى من الوزن ومن التقفية فنسمع الشاعر ابن األبرص األسدى ينشد:الشعر أتت

أقفر من أهله عبيد فليس يبدى وال يعيدهنا املوسيقى خترج من التشطري ومن التقفية على الدال املمدودة، فهي موسيقى خارجية.. أما

الضحى -2 -1حى. والليل إذ ا سجى( موسيقى القران فهي موسيقى داخلية: )والضتشطري وال تقفية يف هذه العبارة البسيطة، ولكن املوسيقى تقطر منها.. من أين؟ إهنا موسيقى ال

داخلية.

امسع هذه اآلايت: مرمي -4"رب إين وهن العظم مين واشتعل الرأس شيبا ومل أكن بدعائك رب شقيا"

وهذه اآلايت: ممن خلق األرض والسموات العلى.ران لتشقى. إال تذكرة ملن خيشى. تنزيال"طه. ما انزلنا عليك الق

طه -5-1الرمحن على العرش استوى" فإذا تناولت اآلايت هتديدا حتول بناء العبارة وحنتها إىل جالميد صخر. وأصبح لإليقاع صلصلة

حناسية تصخ السمع: -20 -19الناس كأهنم أعجاز خنل منقعر" "إان أرسلنا عليهم رحيا صرصرا يف يوم حنس مستمر. تنزع

القمر

(1/51)

كلمات مثل "صرصرا".. "ومنقعر".. كل كلمة كأهنا جلمود صخر. فإذا جاءت اآلية لتوى خربا غرافية. وأصبحت اآلية هائال كما يف هناية الطوفان تقاصرت العبارات وكأهنا إشارات "مورس " التل

كلها كأهنا تلغراف مقتضب له وقع هائل: هود -44أقلعى وغيض املاء وقضى ا ألمر" "وقيل أيرض ابلعي ماءك واي مساء

هذا التلون يف حنت األلفاظ ويف بناء العبارة ويف إيقاع الكلمات مع املعاين واملشاعر.. يبلغ يف القرآن ف فيه والتعمل.الذروة وأييت دائما منسااب ال تكل

ل.. كل حرف يف مكانه اثلثا: إذا مضينا يف التحليل أكثر فإان سنكتشف الدقة البالغة واإلحكام املذهال تقدمي وال أتخري.. ال تستطيع أن تضع كلمة مكان كلمة، وال حرفا مكان حرف.. كل لفظة مت

اختيارها من مليون لفظة مبيزان دقيق.

ال مثيل هلا يف التأليف.وسنرى أن هذه الدقة البالغة انظر إىل هذه الكلمة "لواقح " يف اآلية:

احلجر -22"وأرسلنا الرايح لواقح"وكانوا يفسروهنا يف املاضي على املعىن اجملازى مبعىن أن الرايح تثري السحب فتسقط املطر فيلقح

ب وتلقى هبا يف األرض مبعىن "خيصبها" مث عرفنا اليوم أن الرايح تسوق السحب إحيابية التكهر اقح " أيضا، أحضان السحب سالبة التكهرب فيحدث الربق والرعد واملطر.. وهي هبذا املعىن "لو

ونعرف االن أيضا أن الرايح تنقل حبوب اللقاح من زهرة إىل زهرة فتلقحها ابملعىن احلريف، ونعرف القطريات حول هذه األنوية من أخريا أن املطر ال يسقط إال بتلقيح قطريات املاء بذرات الغبار فتنمو

يا وعلميا، مث هي بعد ذلك مجيلة الغبار وتسقط مطرا. كها حنن أوالء امام كلمة صادقة جمازاي وحرف فنيا وأدبيا وذات إيقاع حلو.

هنا نرى منتهى الدقة يف انتقاء اللفظة وحنتها، ويف آية أخرى:حلكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس ابإلمث وأنتم )وال أتكلوا أموالكم بينكم ابلباطل وتدلوا هبا إىل ا

البقرة كلمة "تدلوا ". -188تعلمون (

(1/52)

مع أن احلاكم الذي تلقى إليه األموال يف األعلى وليس يف األسفل.. ال، إن القران يصحح الوضع، هنا جاءته كلمة "تدلوا هبا إىل فاليد اليت أتخذ الرشوة هي اليد السفلى ولو كانت يد احلاكم.. ومن

احلكام " لتعرب يف بالغة المثيل اال عن دانءة املرتشى وسفله. هاد:ويف آية اجل

قلتم إىل األرض " التوبة -38"ما لكم إذا قيل لكم انفروا يف سبيل هللا ااثرقلتم " بدال من تثاقلتم.. يدمج احلروف إدماجا، ويلصقها إلصاقا ليعرب عن القرآن يستعمل كلمة " ااثر

ءت جنب اجلبناء الذين يلتصقون ابألرض "ويتبسون " فيها من اخلوف إذا دعوا إىل القتال، فجا حروف الكلمة ابملثل "متبسة".

ويف آية قتل األوالد من الفقر نراها جاءت على صورتني: األ نعام -151"وال تقتلوا أوالدكم من إمالق حنن نرزقكم وإايهم"

اإلسر اء -31ا أوالدكم خشية إمالق حنن نرزقهم وإايكم ""وال تقتلو

سباب حمسوبة.. فحينما يكون القتل من إمالق فإن والفرق بني اآليتني مل أيت اعتباطا، وإمنا جاء ألمعناه أن األهل فقراء يف احلاضر، فيقول: حنن "نرزقكم " وإايهم. وحينما يكون قتل األوالد خشية

فقر هو احتمال يف املستقبل ولذا تشري اآلية إىل األبناء فتقول حنن "نرزقهم " إمالق فإن معناه أن الميكن أن ختطر على ابل مؤلف. ويف حاالت التقدمي والتأخري جند دائما وإايكم. مثل هذه الفروق ال

أنه حلكمة، جند أن السارق مقدم على السارقة يف آية السرقة، يف حني أن الزانية مقدمة على الزاىن يف آية الزىن.. وذلك لسبب واضح، أن الرجل أكثر إجيابية يف السرقة.. أما يف الزىن فاملرأة هي اليت

ملبادرة، من حلظة وقوفها أمام املرآة تضع " البارفان " وملسات " التواليت " وختتار الفستان أتخذ ا أعلى الركبة فإهنا تنصب الفخاخ للرجل املوعود.

النور -2ا كل واحد منهما مائة جلدة " "الزانية والزاين فاجلدو املاند -38"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"

مكاان 16ع على البصر يف أكثر من وابملثل تقدمي السم

(1/53)

النحل -78"وجعل لكم السمع واألبصار واألفئدة" األحقاف -26"وجعلنا لكم مسعا وأبصارا وأفئدة"

مرمي -38"أمسع هبم وأبصر" اإلسراء 36عنه مسئوال""إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان

فصلت -22أبصاركم" "وما كنتم تستتون أن يشهد عليكم مسعكم وال الشورى -11"ليس كمثله شيء وهو السميع البصري"

دائما السمع أوال.وال شك أن السمع أكثر إرهافا وكماال من البصر.إننا نسمع اجلن وال نراه.واألنبياء مسعوا هللا وكلموه

ومل يره أحد.طيع أن متيز وجهه. والسمع تلقى حممد القرآن مسعا. واألم متيز بكاء ابنها يف الزحام وال تست وقد

يصاحب اإلنسان أثناء النوم فيظل صاحيا يف حني تنام عيناه، ومن حاول تشريح جهاز السمع يعلم أنه أعظم دقة وإرهافا من جهاز البصر.

وابملثل تقدمي املال على الولد:

الشعراء -89 -88ل وال بنون. إال من أتى هللا بقلب سليم" "يوم الينفع ما التغابن -15والكم وأوالدكم فتنة، وهللا عنده أجر عظيم " "إمنا أم

"لن تغىن عنكم أموالكم وال أوالدهم من هللا شيئا، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" آل عمران -16

املؤمنون -56 -55ع هلم يف اخلريات بل ال يشعرون""أحيسبون أن ما مندهم به من مال وبنني. نسار التو بة -55م وال أوالدهم إمنا يريد أهلل ليعذهبم هبا يف احلياة الدنيا" "فال تعجبك أمواهل

"اعلموا أمنا احلياة الدنيا لعب وهلو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر يف األموال واألوالد كمثل غيث احلديد -20أعجب الكفار نباته"

ز من الولد.واألمثلة على هذا التقدمي كثرية والسر أن املال عند أكثر الناس أع

مث الدقة واخلفاء واللطف يف اإلعراب. انظر إىل هذه اآلية: احلجرات -9"وإن طائفتان من املؤمنني اقتتلوا فأصلحوا بينهما"

فأصلحوا بينهما" والسر مرة عوملت الطائفتان على أهنما مجع "اقتتلوا" ومرة على أهنما مثىن " لطيف.

(1/54)

ان وتصبحان مجعا من األذرع املتضاربة.. يف حني أهنما يف الصلح فالطائفتان يف القتال تلتحم تتفصالن إىل اثنني.. وترسل كل واحدة عنها مندواب، ومن هنا قال:

طائفتان من املؤمنني "اقتتلوا" فأصلحوا "بيهما"!وإن

حىت حروف اجلر والوصل والعطف أتتى ومتتنع يف القرآن ألسباب عميقة، وحبساب دقيق حمكم. ثال أتيت كلمة "يسألونك " يف أماكن عديدة من ا لقرآن:م

البقرة -219"يسألونك ماذا ينفقون قل العفو" اإلسراء -85ر ريب""يسألونك عن الروح قل الروح من أم

البقرة -189"يسألونك عن األهلة قل هي مواقيت للناس واحلج " دائما اجلواب بكلمة "قل ".. ولكنها حني أتتى عن اجلبال:

طه -105ويسألونك عن اجلبال فقل ينسفها ريب نسفا"" هنا ألول مرة جاءت "فقل " بدال من "قل ".لت ابلفعل، اما سؤال اجلبال فلم يكن قد سئل بعد، والسبب ان كل األسئلة السابقة كانت قد سئ

زاندة لسبب ألنه من أسرار القيامة، وكأمنا يقول هللا: فإذا سألوك عن اجلبال "فقل ".. فجاءت الفاء حمسوب.

أما يف اآلية: البقرة -186" (وإذا سألك عبادى عىن فإين قريب أجيب دعوة الداع "

ل عن ذات هللا.. وهللا أوىل ابإلجابة عن نفسه..هنا ال ترد كلمة "قل " ألن السؤا كذلك الضمري أان وحنن.

فيه مجيع الصفات اإلهلية يتكلم هللا بضمري اجلمع حيثما يكون التعبري عن "فعل " إهلي تشتك كاخللق، وإنزال القرآن وحفظه:

احلجر -9"إان حنن نزلنا الذكر وإان له حلافظون،" الواقعة -57ن" "حنن خلقناكم فلوال تصدقو القدر -1" إان أنزلناه يف ليلة القدر"

ا لواقعة -59 -58" أفرأيتم ما متنون. أأنتم ختلقونه أم حنن احلالقون" ا إلنسان -28هم وشددان أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثامل تبديال" "حنن خلقنا

ل عملية اخللق."وحنن " هنا تعرب عن مجعية الصفات اإلهلية وهي تعمل يف إبداع عظيم مثأما إذا جاءت اآلية يف مقام خماطبة بني هللا وعبده كما يف موقف املكاملة مع موسى.. أتيت اآلية

بضمري املفرد

(1/55)

طه -14نين أان هللا ال إله إال أان فاعبدين وأقم الصالة لذكرى" "إة يف هللا يقول: "أان" ألن احلضرة هنا حضرة ذات، وتنبيها منه سبحانه على مسألة التوحيد والوحداني

العبادة.وجند مثل هذه الدقة الشديدة يف آيتني متشاهبتني عن الصرب تفتق الواحدة عن األخرى يف حرف

الالم.

يقول لقمان لولده:

لقمان ويف آية أخرى عن الصرب نقرأ: -17"واصرب على ما أصابك إن ذلك من عزم األمور، الشورى -43" وملن صرب وغفر إن ذلك ملن عزم األمور"

الصرب يف األوىل "من عزم األمور" ويف الثانية "ملن عزم االمور".. وسر التوكيد ابلالم يف الثانية أنه ، ألنه صرب على عدوان بشري لك فيه غرمي، وأنت مطالب فيه ابلصرب واملغفرة وهو صرب مضاعف

أمر اشد على النفس من الصرب على القضاء اإلهلي الذي ال حيلة فيه. حظة عن "الالم " جندها مرة أخرى يف آيتني عن إنزال املطر وإنبات الزرع:ونفس هذه املال

زلتموه من املزن أم حنن املنزلون. لو نشاء جعلناه أجاجا"، "أي "أفرأيتم املاء الذي تشربون. أأنتم أن الواقعة ويف آية اثنية: -70 -68ماحلا"

الواقعة يف -65 -63و نشاء جلعلناه حطاما" "أفرأيتم ما حترثون. أأنتم تزرعونه أم حنن الزارعون. لوالالم جاءت يف الثانية لضرورة اآلية األوىل "جعلناه " أجاجا.. ويف اآلية الثانية "جلعلناه " حطاما

التوكيد، ألن هناك من سوف يدعى أبنه يستطيع أن يتلف الزرع كما يتلفه اخلالق، وجيعله حطاما. يف ن يدعى أن يف إمكانه أن ينزل من سحب السماء مطرا ماحلا فال حني لن يستطيع أحد من البشر أ

حاجة إىل توكيد ابلالم. الشعراء -81ف إبراهيم لربه يف القرآن أبنه: "الذي مييتىن مث حييني" ونفس هذه الدقة جندها يف وص

الشعراء. -79"والذي هو يطعمىن ويسقني"لفعل اإلهلي، ألنه سوف يدعى الكل أهنم فجاء بكلمة"هو" جينما تكلم عن "اإلطعام " ليؤكد ا

وجيييه.يطعمونه. ويسمقونه، على حني لن يدعى أحد أبنه مييته وجمييه كما مييته هللا

(1/56)

وجند هذه الدقة أيضا حينما خياطب القرآن املسلمني قائال: وخياطب اليهود قائال: -البقرة -152"اذكروين أذكركم "

البقرة -40"اذكروا نعميت اليت أنعمت عليكم"مون هود ماديون ال يذكرون هللا إال يف النعمة والفاندة واملصلحة واملسلمون أكثر شفافية ويفهفالي

معىن أن يذكر هللا لذاته ال ملصلحة.. وبنفس املعىن يقول هللا للخاصة من أوىل األلباب:

ويقول للعوام: -البقرة -197"اتقون اي أوىل األلباب " البقرة -24حلجارة""اتقوا النار اليت وقود ها الناس وا

من كل انر، وأنه يستطيع أن ألن العوام ال يردعهم إال النار، أما اخلاصة فهم يعلمون أن هللا أقوىجيعل النار بردا وسالما إن شاء. وجند مثل هذه الدقة البالغة يف اختيار اللفظ يف كالم إبليس حينما

أقسم على ربه قائال: ص -82"فبعزتك ألغوينهم أمجعني"

ية هي قسم إبليس ابلعزة اإلهلية ومل يقسم بغريها، فأثبت بذلك علمه وذكاءه، ألن هذه العزة اإلهلأاليت اقتضت استغناء هللا عن خلقه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولن يضروا هللا شيئا، فهو

العزيز عن خلقه، الغز عن العاملني. ويقول هللا يف حديثه القدسى:

ر وال أابىل، وهؤالء يف اجلنة وال أابىل"."هؤالء يف النا وهذا مقتضى العزة اإلهلية.

ة اليت يدخل منها إبليس، فهو هبا يستطيع أن يضل ويوسوس، ألن هللا لن يقهر وهي الثغرة الوحيد أحدا اختار الكفر على اإلميان.. وهلذا قال "فبعزتك " ألغوينهم أمجعني.

تينهم من بني أيديهم ومن خلفهم وعن أمياهنم وعن "ألقعدن هلم صراطك املستقيم. مث آل األعراف 17 -16مشائلهم"

بع، ومل يذكر من فوقهم وال من حتتهم. ألن "فوق " الربوبية، "وحتت " تواضع ذكر اجلهات األر العبودية.. ومن لزم مكانه األدىن من ربه األعلى لن يستطيع الشيطان أن يدخل عليه.

(1/57)

مث ذكر إبليس أن مقعده املفضل لإلغواء سوف يكون الصراط املستقيم.. على طريق اخلري وعلى ليضله، فقد تكفلت ألن اترك الصالة والسكري والعربيد ليس يف حاجة إىل إبليسسجادة الصالة،

نفسه إبضالله، إنه إنسان خرب.. وإبليس لص ذكى، ال حيب أن يضيع وقته أبن حيوم حول البيوت اخلربة.

متال آخر من أمثلة الدقة القرآنية جنده يف سبق املغفرة على العذاب والرمحة على الغضب يف ك يوم الدين.. وهو دائما يوصف أبنه .. فاهلل يف "الفاحتة" هو الرمحن الرحيم قبل أن يكون مالالقرآن

يغفر ملن يشاء ويعذب من يشاء... أتقى املغفرة أوال قبل العذاب إال يف مكانني يف اية قطع اليد: املائده -40"يعذب من يشاء ويغفرملن يشاء"

يه مغفرة أخروية.. ويف كالم عيسى يوم القيامة عن املشركنيألن العقوبة بقطع اليد عذاب دنيوى.. تلالذين عبدوه من دون هللا.. فيقول لربه: "إن تعذهبم فإهنم عبادك، وإن تغفر امل فإنك أنت العزيز

احلكيم"فال يقول فإنك أنت الغفور الرحيم أتداب.. ويذكر امل العذاب قبل املغفرة.. لعظم اإلمث الذي وقعوا

فيه.فاملستقبل أييت ذكره على لسان اخلالق د هذه الدقة القرانية مرة أخرى يف تناول القرآن للزمن.. وجن

على أنه ماض.. فأحداث يوم القيامة ترد كلها على أهنا ماض: الكهف -99"ونفخ يف الصور"

احلاقة -16"وانشقت السماء فهي يومئذ واهية" الشعراء -91"وبرزت اجلحيم للغاوين"

الكهف -48على ربك صفا""وعرضوا ا ومستقبلها قد حدثت يف علم هللا وليس عند هللا زمن والسر يف ذلك أن كل األحداث حاضره

حيجب عنه املستقبل، فهو سبحانه فوق الزمان واملكان، والذا نقرأ العبارة القرآنية أحياان فنجد أهنا تتحدث عن زمانني حنتلفني، وتبدو يف ظاهرها متناقضة مثل:

النحل -1ى أمر هللا فال تستعجلوه""أت

(1/58)

فاألمر قد أقى وحدث يف املاضي. لكن هللا خياطب الناس أبال يستعجلوه كا لو كان مستقبال مل علم الناس، وال حيدث بعد.. والسر كما شرحنا أنه حدث يف علم هللا، لكنه مل حيدث بعد يف

ق يف املعايف العميقة.تناقض.. وإمنا دقة وإحكام، وخفاء واستسرار، وصدهذه بعض األمثلة للدقة البالغة والنحت احملكم يف بناء العبارة القرآنية ويف اختيار األلفاظ واستخدام

لك مثيال يف أتليف احلروف ال زايدة وال نقص، وال تقدمي وال أتخري، إال حبساب وميزان، وال نعرف لذ أو كتاب مؤلف، وال جنده إال يف القرآن.

ات العلم يف القران وعجائب اآلايت الكونية اليت أتت ابألسرار واخلفااي اليت مل تكتشف إال يف أما حمل

عصران، واليت مل يعرفها حممد! وال عصره فهي موضوع آخر يطول، وله جلسة أخرى.

الفصل الثاين عشر ن أن يكون مؤلفا القرآن ال ميك

قلت لصديقي :

علم يف القرآن أكثر إاثرة لعقلك العلمي من جلستنا السابقة ..رمبا كان حديث اليوم عن حملات الفما كان الفلك احلديث ، وال علوم الذر ة ، وال علوم البيولوجيا والتشريح معروفة حينما نزلت

اآلايتائة سنة لتتكلم عن السماوات واألرض والنجوم الكونية يف القرآن منذ أكثر من ألف وأربعم

وتكوين اإلنسان مبا يتفق مع أحداث العلوم اليت جاء هبا عصران .والكواكب، وخلق اجلنني

ومل يتعرض القرآن هلذه املوضوعات بتفصيل الكتاب العلمي املتخصص ، ألنه جاء يف املقام األول كتاب

عقيدة ومنهج وتشريع ..أ إىل لك املوضوعات بتفصيل ووضوح لصدم العرب مبا ال يفهمونه .. وهلذا جلولو أنه تعرض لت

أسلوباإلشارة واللمحة والومضة لتفسرها علوم املستقبل وكشوفه بعد ذلك مبئات السنني .. وتظهر للناس

جيال بعد جيل كآايت ومعجزات على صدق نزول القرآن من هللا احلق..

هم حىتر ي ت بنير هلم أنره ا} سنريهم آايتنا يف ا حلق أومل يكف برب ك آلفاق ويف أنفس سورة فصلت .. /53أنره على كل شيء شهيد {

(1/59)

ألهنم مل يكتفوا بشهادة هللا على كتابه .. فأصبح من الضروري أن نريهم ذلك ابآلايت الكاشفة .. هكذا يقول هللا يف كتابه ..

ا من تلك اآلايت العجيبة .. وحول كروية األرض وما زال القرآن يكشف لنا يوما بعد يوم مزيد جاءت هذه اآلايت الصرحية اليت تستخدم لفظ التكوير لتصف انزالق الليل والنهار كنصفي كرة :

سورة الزمر /5} يكو ر اللريل على الن رهار ويكو ر الن رهار على اللريل { مث اآلية اليت تصف دحو األرض ..

سورة النازعات 30} واألرض ب عد ذلك دحاها { ودحا هي الكلمة الوحيدة يف القاموس اليت تعين البسط والتكوير معا .. واألرض كما هو معلوم

مبسوطة يف تكويرها..الظاهر ومكورة يف احلقيقة ، بل هي أشبه ابلدحية " البيضة " يف

بال تسبح يف الفضاء ، وابلتايل فاألرض كلها تسبح جبباهلا مث نقرأ إشارة أخرى صرحية عن أن اجل حيث هي واجلبال كتلة واحدة :

/ 88} وت رى اجلبال حتسب ها جامدة وهي متر مرر السرحاب صنع اللر الرذي أت قن كلر شيء { رة النملسو

الواقع ساحبة يف الفضاء .. وتشبيه اجلبال ابلسحب فيه حملة فاجلبال اليت تبدو جامدة ساكنة هي يف أخرى

عن التكوين اهلش للمادة .. اليت نعرف اآلن أهنا مؤلفة من ذر ات ، كما أن السحب مؤلفة من قطريات .

خر من مبدأ اخللق إىل هنايته .مث الكالم عن تواقت الليل والنهار بدون أن يسبق أحدمها اآل سورة يس /40س ينبغي هلا أن تدرك القمر وال اللريل سابق الن رهار { } ال الشرم

إشارة أخرى إىل كروية األرض .. حيث بدأ الليل والنهار معا ويف وقت واحد منذ بدء اخلليقة كنصفي كرة

النهار والليل الواحد بعد اآلخر ابلضرورة . ولو كانت األرض مسطحة لتعاقب

مث أتيت القيامة واألرض يف ليل وهنار يف وقت واحد كما كانت يف البدء .

(1/60)

هآ أاتها أمران م قادرون علي ليال أو هنارا } حىتر إذا أخذت األرض زخرف ها وازري رنت وظنر أهلها أهنريدا كأ ف ألمس { جعلناها حص ت غن اب / سورة يونس 24ن ملر

ويف قوله تعاىل ليال أو هنارا .. أتكيد هلذا التواقت الذي ال تفسري له إال أن نصف األرض حمجوب عن الشمس ومظلم ، واآلخر مواجه للشمس ومضيء حبكم كوهنا كروية ، ولو كانت مسطحة لكان

سورة يس /40ل : } وال اللريل سابق الن رهار { وجه واحد ، وملا صح أن نقو هلا يف كل وقت مث تعدد املشارق واملغارب يف القرآن فاهلل يوصف :

سورة املعارج /40} برب المشارق والمغارب { سورة الرمحن /17} رب المشرقني ورب المغربني {

اك مشرق واحد ومغرب واحد ، يقول اإلنسان لشيطانه يوم و كانت األرض مسطحة لكان هنول القيامة :

نك ب عد المشرقني { / سورة الزخرف 38} اي ليت ب يين وب ي وال تكون املسافة على األرض أبعد ما تكون بني مشرقني إال إذا كانت األرض كروية ..

ت وطرقا :ماء أبن فيها مسارات وجماالمث الكالم عن الس / سورة الذارايت 7} والسرماء ذات احلبك {

واحلبك هي املسارات.. سورة الطارق /11} والسرماء ذات الررجع {

أي أهنا ترجع كل ما يرتفع فيها إىل األرض .. ترجع خبار املاء مطرا .. وترجع األجسام ابجلاذبية ..األرضية

ابنعكاسها من طبقة األيونوسفري .. كما ترجع األشعة احلرارية حتت احلمراء وترجع األمواج الالسلكية معكوسة إىل األرض بنفس الطريقة فتدفئها يف الليل ..

وكما تعكس السماء ما ينقذف إليها من األرض كذلك متتص وتعكس وتشتت ما ينقذف إليها من العامل

نية املميتة ، واألشعة فوق البنفسجية القاتلة األرض من قذائف األشعة الكو اخلارجي ، وبذلك حتمي ..

فهي تتصرف كأهنا سقف .. / سورة األنبياء 32} وجعلنا السرماء سقفا حمرفوظا {

(1/61)

عون { يد وإانر لموس ناها أب / سورة الذارايت 47} والسرماء ب ن ي املطرد ..وهو ما يعرف اآلن ابسم متدد الكون

ألايم أبنه أصغر مثقال، وكانت الذرة توصف أبهنا جوهر فرد ال وكان مثقال الذرة يعرف يف تلك اينقسم، فجاء القرآن ليقول مبثاقيل أصغر تنقسم إليها الذرة .. وكان أول كتاب يذكر شيئا أصغر من

الذرة :/ سورة 3لك وال أكرب { وال يف األرض وال أصغر من ذ } ال ي عزب عنه مث قال ذررة يف السرماوات

سبأ

كل هذه حملات كاشفة قاطعة عن حقائق مذهلة مثل كروية األرض ، وطبيعة السماء والذرة .. وهي حقائق مل تكن ختطر على ابل عاقل أو جمنون يف ذلك العصر البائد الذي نزل فيه القرآن ..

املنوية وانفرادها بتحديد جنس املولود :لقرآن يف تكوين اإلنسان وكالمه عن النطفة مث بصرية ا سورة النجم 46/ 45}وأنره خلق الزروجني الذركر واألنثى . من نطفة إذا متىن {

يوان املنوي هو وحده وهي حقيقة بيولوجية مل تعرف إال هذا الزمان .. وحنن نقول اآلن إن رأس احل . Sex Determination Factorحتديد اجلنس الذي حيتوي على عوامل

وتسوية البنان مبا فيه من رسوم البصمات اليت أوردها هللا يف جمال التحدي عن البعث والتجسيد :نسان ألرن جنمع عظامه . ب لى قادرين على أن نسو سورة القيامة 4/ 3ي ب نانه { } أحيسب اإل

وف جنسد حىت ذلك البنان ونسويه كما كان .. ويف ذلك لفتة إىل اإلعجاز امللحوظ يفبل س تسوية البنان حبيث ال يتشابه فيه اثنان ..

وأوهن البيوت يف القرآن هو بيت العنكبوت.. مل يقل هللا خيط العنكبوت بل قال بيت العنكبوت .. أربع مرات .. إمنا الوهن يف البيت كبوت كما هو معلوم أقوى من مثيله من الصلبوخيط العن

ال يف اخليط .. حيث يكون البيت أسوأ ملجأ ملن حيتمي فيه .. فهو مصيدة ملن يقع فيه من الزوار الغرابء ..

(1/62)

الدها عند الفقس وهو مقتل حىت ألهله .. فالعنكبوت األنثى أتكل زوجها بعد التلقيح .. وأتكل أو ، واألوالد أيكل بعضهم بعض .

ن سوء امللجأ وسوء املصري .. وهكذا حال من يلجأ لغري إن بيت العنكبوت هو أبلغ مثال يضرب ع هللا .. وهنا بالغة اآلية :

ت ا وإنر أوهن الب يوت لب يت } مثل الرذين اخترذوا من دون اللر أولياء كمثل العنكبوت اخترذت ب ي العنكبوت

سورة العنكبوت /41 لو كانوا ي علمون { وجاءت خامتة اآلية عبارة .. ) لو كانوا يعلمون ( .. إشارة إىل أنه علم لن يظهر إال متأخرا ..

ومعلوم أن سورة الكهف ..هذه األسرار البيولوجية مل تظهر إال متأخرة .. كذلك جند يف

نني وازدادوا سورة الكهف /25تسعا { } ولبثوا يف كهفهم ثالث مائة س ونعرف اآلن أن ثالمثائة سنة ابلتقومي الشمسي تساوي ثالمثائة وتسعا ابلتقومي القمري ابليوم والدقيقة

والثانية..

وكيف جاءها املخاض فأوت إىل جذع النخلة وهي ويف سورة مرمي حيكي هللا تبارك وتعاىل عن مرمي تتمىن

جبذع النخلة وأتكل ما يتساقط من رطب جىن : املوت، فناداها املنادي أن هتزيا . ف نا تين مت ق بل هذا وكنت نسيا مرنس ذع النرخلة قالت اي لي داها من} فأجاءها المخاض إىل ج

حتتها ليك جبذع النرخلة تساقط عليك رطبا جنيا .أالر حتزين قد جعل ربك حتتك سراي . وهز ي إ

نا { سورة مرمي 23/26فكلي واشريب وق ر ي عي وملاذا الرطب ؟!!

مادة قابضة للرحم تساعد على الوالدة ، وتساعد إن أحدث حبث علمي عن الرطب يقول : إن فيه على

، وأن فيه مادة ملينة .. ومعلوم طبيا أن Oxytocinدة منع النزيف بعد الوالدة ، مثل ما امللينات النباتية

تفيد يف تسهيل وأتمني عملية الوالدة بتنظيفها للقولون ..

(1/63)

لرطب مع خماض الوالدة فيه دقة علمية واضحة .إن احلكمة العلمية لوصف الرطب وتوقيت تناول ار إليه هللا سبحانه واصفا هذه األمثلة من الصدق العلمي والصدق اجملازي والصدق احلريف هو ما أشا

سورة فصلت /42القرآن أبنه : } ال أيتيه الباطل من بني يديه وال من خلفه { سورة النساء /82ن عند غري الل لوجدوا فيه اختالفا كثريا { وأبنه : } ولو كان م

ها مبعىن تناقضها .. واختالفا عن احلقائق الثابتة اليت سوف تكشفها اختالفا بني اآلايت وبني بعض العلوم ..

يضيف أو حيذف أو وكال االختالفني جنده دائما يف الكتب املؤلفة .. وهلذا حيرص املؤلف على أن يعدل

كلما أصدر طبعة جديدة من كتبه .. ونرى النظرايت تتلو بعضها البعض مكذبة بعضها البعض .. ىونر

املؤلف مهما راعى الدقة يقع يف التناقض .. وهي عيوب ال جندها يف القرآن . وهو بعد ذلك معجزة ، ألنه خيربك عن ماض مل يؤرخ ويتنبا مبستقبل مل أيت ..

صدقت نبوءات القرآن املتعددة : وقد عن انتصار الروم بعد هزميتهم :

نني للر { } غلبت الروم . يف أدىن األرض وه سورة 4 /2م م ن ب عد غلبهم سي غلبون . يف بضع س الروم

وم بعد سنني .و " بضع " يف اللغة هي ما بني ثالث وتسع .. وقد جاء انتصار الر وعن انتصار بدر :

سورة القمر /45}سي هزم اجلمع وي ولون الدب ر{ : وعن رؤاي دخول مكة

د احلرام إن شاء اللر آمنني حمل حلق لتدخلنر المسج قني رؤوسكم } لقد صدق اللر رسوله الرؤاي ابرين { سورة الفتح /27ومقص وقد كان ..

ه:وما زلت يف القرآن نبوءات تتحقق أمام أعيننا .. فهذا إبراهيم يدعو رب الة } ررب رنا إين أسكنت من ذر يريت بواد غري ذي زرع عند ب يتك المحررم رب رنا ليقيموا الصر

(1/64)

سورة إبراهيم /37جعل أفئدة م ن النراس هتوي إليهم وارزق هم م ن الثرمرات لعلرهم يشكرون { فا وادي اجلديب ..لقد دعا ابلرزق هلذا ال

ارمث جاء وعد هللا ألهل مكة ابلرخاء والغىن حينما أمرهم مبنع املشركني من زايرة البيت فخافوا البو االقتصادي والكساد ، " وكان أهل مكة يعتمدون يف رواجهم على حج البيت "

فقال ليطمئنهم :لة فسوف ي غنيكم الل من فض فتم عي سورة التوبة /28له { } وإن خ

ارهوهو وعد نراه اآلن يتحقق أمامنا يف البتول الذي يتدفق من الصحراء بال حساب وترتفع أسع يف جنون يوما بعد يوم .. مث يف كنوز اليورانيوم اليت ختفيها تلك الصحاري مبا يضمن هلا الرخاء

إىل هناية الزمان ..

طلسم يف أسرار اجلن واملالئكة مما مل يكشف إال لقلة منمث نرى القرآن حيدثنا عن الغيب امل إال ما يوافق كلمة القرآن .. املخصوصني من أهل التصوف .. فإذا رأي هؤالء فهم ال يرون

وإذا طالعوا ال يطالعون إال ما يطابق أسراره .

لسلم ، واالقتصادمث هو يقدم لنا الكلمة األخرية يف السياسة واألخالق ، ونظم احلكم ، واحلرب وا واجملتمع ، والزواج واملعاشرة ، ويشرع لنا من حمكم الشرائع ما يسبق به ميثاق حقوق اإلنسان .. كل ذلك يف أسلوب منفرد وعبارة شاخمة وبنيان مجايل وبالغي هو نسيج وحده يف اتريخ اللغة .

املطلق " .. سألوا ابن عريب عن سر إعجاز القرآن فأجاب بكلمة واحدة هي : " الصدقفكلمات القرآن صادقة صدقا مطلقا ، يف حني أقصى ما يستطيعه مؤلف هو أن يصل إىل صدق

ما يطمع فيه كاتب هو أن يكون صادقا حسب رؤيته .. ومساحة الرؤية دائما نسيب ، وأقصى ، ينظر حمدودة ومتغرية من عصر إىل عصر .. كل واحد منا حييط جبانب من احلقيقة وتفوته جوانب

من زاوية وتفوته زوااي ..فهو هللا وما يصل إليه من صدق دائما صدق نسيب .. أما صاحب العلم احمليط والبصر الشامل

وحده ..

(1/65)

وهو وحده القادر على الصدق املطلق .. وهلذا نقول على القرآن إنه من عند هللا ، ألنه أصاب الصدق املطلق يف كل شيء.

ن فقال :سألوا حممدا عليه الصالة والسالم عن القرآ

هلزل ، وهو الذكر " فيه نبأ ما قبلكم ، وفصل ما بينكم ، وخرب ما بعدكم ، وهو الفصل ليس اباحلكيم ، وهو حبل هللا املتني ، وهو الصراط املستقيم ، من تركه من جبار قصمه هللا ، ومن ابتغى

عقول ، وال خيلق على كثرة اهلدى يف غريه أضله هللا ، وهو الذي ال تلتبس به األلسن ، وال تزيغ به ال الرد ، وال يشبع منه العلماء ، وال تنقضي عجائبه " ..

إىل 37عن انفجار مشسنا وهناية احلياة على األرض وقيام القيامة يقول ربنا يف سورة الرمحن اآلايت

44 : ب كما تكذ ابن . ف ي ومئذ الر يسأل عن ذنبه }فإذا انشقرت السرماء فكانت وردة كالد هان . فبأي آالء ر

إنس وال ي واألقدام ج لن رواص يماهم ف ي ؤخذ اب . فبأي ان . فبأي آالء رب كما تكذ ابن . ي عرف المجرمون بس

آالء رب كمان ها وبني تكذ ابن . هذه ج ا المجرمون . يطوفون ب ي محيم آن { سورة الرمحنهنرم الريت يكذ ب هب

وأتتينا علوم الفلك اآلن وبعد ألف وأربعمائة سنة من نزول القرآن .. أبن هذه هناية النجوم اليت متأل

السماء أي وردة .. Rosettaهذه النجوم املنفجرة اسم أبلواهنا املبهرة .. بل ويطلق الفلكيون على بعض

منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام .. من أي مصدر جاءت هذه النبوءات للرسول إال أن تكون من رب الكون نفسه .. ويستطيع أي قارئ أن يرى هذه العجائب على االنتنت

Cats eyeبعنوان Astronomical picture of the dayابب NASAموقع ا كالمهم وليس كالمنا ..وهذ

وهذا هو كتابنا اي صديقي .. أن يكون مؤلفا .. وهلذه الصفات جمتمعة ال ميكن

(1/66)

الفصل الثالث عشر شكوك

قال صاحيب:

تقول إن القران ال يتناقض مع نفسه فما ابلك هبذه اآلية: "فمن شاء فليؤمن ومن شاءفليكفر" -

الكهف -39 اإلنسان -30نقضها: "وما تشاءون إال أن يشاء هللا"واآلية األخرى اليت ت

-19ملذنبني إهنم سوف يسألون: "ستكتب شهادهتم ويسألون"مث جند القرآن يقول عن حساب ا الزخرف

الزخرف -44"وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون" القصص -78ومرة أخرى يقول: "وال يسأل عن ذنوهبم اجملرمون"

هم:وأهنم سوف يعرفون بسيما الرمحن -41"فيؤخذ ابلنواصى واألقدام"

جملرم.ومرة يقول إنه ال احد سوف يشد واثق ا الفجر -26"وال يوثق واثقه أحد"

مبعىن أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه. اإلسراء -14"كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا"

ومرة يقول: احلاقة -32"مث يف سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه"

لت له:قية صرحية تشري إىل هذه ليست تناقضات.. ولنفكر فيها معا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. آ

حرية العبد واختياره.. ولكن هذه احلرية مل أنخذها من هللا غصبا وغالاب.. وإمنا أعطاها إايان مبشيئته.. فتأيت اآلية الثانية لتشرح دلك فتقول:

اإلنسان. -30 ""وما تشاءون إال أن يشاء هللابد ميكن أن تناقض الرضا أي أن حرية العبد ضمن مشيئة الرب وليست ضدها.. أي أن حرية الع

اإلهلي فتختار املعصية ولكنها ال ميكن أن تناقض املشيئة.. فهي تظل دائما ضمن املشيئة، ولو ألن هللا خيتار للعبد من خالفت الرضا.. وهي نقطة دقيقة.. وقلنا إن التسيري اإلهلي هو عني التخيرب،

اد العبد لنفسه بنيته واختيار قلبه... أي أن جنس نيته وقلبه.. ومعىن ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أر العبد مسري إىل ما اختار.. ومعىن ذلك أنه ال إكراه و أنه ال ثنائية وال تناقض.. وأن التسيري هو عني

لغز املخري واملسري.. وما تسميه أنت تناقضا هو يف التخيري. وهي مسألة من أدق املسائل يف فهم احلقيقة جالء ذلك السر.

(1/67)

أما اآلايت الواردة عن احلساب فإن كل آية تعىن طائفة خمتلفة، فهناك من سوف يسأل وتطلب لكثرة حبيث تطفح على وجهه، وهؤالء هم الذين سوف شهادته، وهناك من ستكون ذنوبه من ا

يعرفون بسيماهم فيؤخذون ابلنواصى واألقدام، وهناك املعاند املنكر الذي سوف تشهد عليه يداه اله:ورج

يس -65" اليوم خنتم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم مبا كانوا يكسبون "ابلندم ويشد واثقها ابحلسرة.. وهو الذي ال يوثق واثقه وهناك من سيكون حسيبا على نفسه يعذهبا

أحد.لكذب وهم يف وهناك أكابر اجملرمني اجلبارين الذين سوف يكذبون على هللا، وهم يواجهونه وحيلفون ا

املوقف العظيم:"يوم يبعثهم هللا مجيعا فيحلفون له كما جيلفون لكم وجيسبون أهنم على شيء أال إهنم هم الكاذبون"

اجملادلة -18وهؤالء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم ويوثقون يف السالسل. . وأبو حامد الغزايل يفسر

هذه السالسل أبهنا سالسل األسباب. يك يف كالم القرآن عن العلم اإلهلي:وما رأ -

وما " إن هللا عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما يف األرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا لقمان -34تدرى نفس أبي أرض متوت "

يقول القرآن إن هللا اختص نفسه هبذا العلم ال يعلمه غري.: األنعام -51" وعنده مفاتح الغيب ال يعلمها إال هو"

فما ابلك اآلن ابلطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما ابألرحام، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكرا أم أنثى.. الذين أنزلوا املطر الصناعي ابألساليب الكيماوية.وما ابلك ابلعلماء

كميات مل يتكلم القرآن عن إنزال املطر وإمنا عن إنزال الغيث، وهو املطر الغزير الكثيف الذي ينزل بتكفى لتغيري مصري أمة وإغاثتها ونقلها من حال اجلدب إىل حال اخلصب والرخاء.. واملطر هبذه

ة.الكميات ال ميكن إنزاله بتجرب

(1/68)

أما علم هللا ملا يف األرحام فهو علم كلى حميط وليس فقط علما جبنس املولود هل هو ذكر أو أنثى، ، وما اترخيه من يوم يولد إىل يوم ا شأنه وماذا سيفعل يف الدنياوإمنا علم مبن يكون ذلك املولود وم

ميوت: وهو أمر ال يستطيع أن يعلمه طبيب. وما حكاية كرسى هللا الذي تقولون إنه وسع السموات واألرض.. وعرش هللا الذي حيمله مثانية. - كرسى هللا.. إن عقلك يسع السموات واألرض وأنت البشر الذي ال تذكر.. فكيف ال يسعها -

الكواكب والنجوم واجملرات حممولة بقوة هللا يف الفضاء.. فكيف تعجب حلمل واألرض والشمس و عرش..

وما هو الكرسي وما العرش؟ -قل يل ما اإللكتون أقل لك ما الكرسي؟ قل يل ما الكهرابء؟ قل يل ما اجلاذبية؟ قل يل ما الزمان؟ -

امل مملوء ابألسرار وهذه بعض ما الكرسي وما العرش؟ إن الع إنك ال تعرف ماهية أي شيء لتسألين أسراره.

والنملة اليت تكلمت يف القرآن وحذرت بقية النمل من قدوم سليمان وجيشه: - النمل -18" قالت منلة أييها النمل ادخلوا مساكنكم ال حيطمنكم سليمان وجنوده"

افل ذا السؤال.. إن علم احلشرات حلو قرأت القليل عن علم احلشرات اآلن ملا سألت ه -بدراسات مستفيضة عن لغة النمل ولغة النحل. ولغة النمل اآلن حقيقة مؤكدة.. فا كان من املمكن

أن تتوزع الوظائف يف خلية من مئات األلوف ويتم التنظيم وتنقل األوامر والتعليمات بني هذا احلشد أمل يعرف اإلنسان جب يف أن منلة عرفت سليمان.. احلاشد لوال أن هناك لغة للتفاهم، وال حمل للع

هللا؟ وكيف ميحو هللا ما يكتب يف لوح قضائه: -

الرعد -38"ميحو هللا ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" أخيطى ربكم كما خنطى يف احلساب فنمحو ونثبت.. أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا.

يقول يف كتابه:هللا ميحو السيئة أبن يلهمك ابحلسنة و - هود -114ذهنب السيئات" "إن احلسنات ي

ويقول عن عباده الصاحلني: األنبياء. -73"وأوحينا إليهم فعل اخلريات و إقام الصالة وإيتاء الزكاة"

(1/69)

من سورة الرعد اليت ذكرهتا. 39وبذلك ميحو هللا دون أن ميحو وهذا سر اآلية وما رأيك يف اآلية؟ -

الذارايت -56قت اجلن واإلنس إال ليعبدون" " وما خل يف حاجة لعبادتنا؟!هل كان هللا

بل حنن احملتاجون لعبادته. -أتعبد املرأة اجلميلة حبا أبمر تكليف، أم أنك تلتذ هبذا احلب وتنتشى وتسعد لتذوقك جلماهلا؟ كذلك

وجدت يف عبادتك له غاية هللا وهو األمجل من كل مجيل إذا عرفت جالله ومجاله وقدره عبدته، و عندان ال تكون إال عن معرفة.. وهللا ال يعبد إال ابلعلم.. ومعرفة هللا هي السعادة والنشوة. إن العبادة

ذروة املعارف كلها، وهناية رحلة طويلة من املعارف تبدأ منذ امليالد وأول ما يعرف الطفل عند ميالده أمه وأبيه وعائلته وجمتمعه وبيئته، مث يبدأ يفهو ثدي أمه، وتلك أول لذة، مث يتعرف على

(1/70)

استغالل هذه البيئة ملنفعته، فإذا هي ثدي آخر كبري يدر عليه الثراء واملغامن وامللذات، فهو خيرج من والثمار، وتلك هي اللذة الثانية يف األرض الذهب واملاس، ومن البحر الآللئ، ومن الزرع الفواكه

ينتقل من معرفته لبيئته االرضية ليخرج إىل السموات ويضع رجله على القمر، رحلة املعرفة. مثوبطلق سفائنه إىل املريخ يف مالحة حنو اجملهول ليستمتع بلذة أخرى أكرب هي لذة استطالع الكون،

عرفت هذا كله.. ليبدأ رحلة معرفة جديدة إىل مث يرجع ذلك املالح ليسأل نفسه.. ومن أان الذي دف معرفة نفسه والتحكم يف طاقاهتا وإدارهتا لصاحله وصاحل اآلخرين، وتلك لذة أخرى. مث نفسه.. هب

تكون ذروة املعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس. وهبذه املعرفة األخرية حلة يلتقى ابلكامل املتعال األمجل من كل مجيل.. تلك هي ر يبلغ اإلنسان ذروة السعادات، ألنه

العابد على طريق العبادة.. وكلها ورود ومسرات. وإذا كانت يف احلياة مشقة، فألن قاطف الورود البد أن تدمى يديه األشواك.. والطامع يف ذرى الالهناية البد أن يكدح إليها.. ولكن وصول العابد

: "حنن يف لذة لو لغطاء عن عينيه.. ما أروعه. يقول الصويف البس اخلرقةإىل معرفة ربه وانكشاف اعرفها امللوك لقاتلوان عليها ابلسيوف " تلك هي لذة العبادة احلقة.. وهي من نصيب العابد.. ولكن

هللا يف غىن عنها وعن العاملني.. وحنن ال نعبده أبمر تكليف ولكنا نعبده ألننا عرفنا مجاله وجالله.. كل عبودايت الدنيا.. حتررا من الشهوات ن ال جند يف عبادته ذال بل حتررا وكرامة.. حتررا منوحن

رالغرائز واألطماع واملال.. وحنن خناف هللا فال نعود خناف أحدا بعده وال نعود نعبأ ابحد.. خوف هللا شجاعة.. وعبادته حرية.. والذل له كرامة.. ومعرفته يقني وتلك هي العبادة..

(1/71)

فهو الغىن عن كل شيء.. إمنا خلقنا هللا ليعطينا ال ليأخذ حن الذين جنىن أرابحها ومسراهتا.. أما هللا قد أعطاان مسعا وبصرا وهو العليم اخلبري، منا.. خلقنا ليخلع علينا من كماالته فهو السميع البصري، و

وقد أعطاان العقل لنتزود من علمه، واحلواس لنتزود من خربته وهو يقول لعبده املقرب يف احلديث أجعلك رابنيا تقول للشيء كن فيكون "..القدسى: "عبد أطعىن

طني طريا إبذنه ويشفى أمل يفعل هذا لعيسى عليه السالم.. فكان عيسى حيي املوتى إبذنه وخيلق من ال األعمى واألبرص إبذنه.

العبودية هلل إذن هي عكس العبودية يف مفهومنا.. فالعبودية يف مفهومنا هي أن أيخذ السيد خري ودية هلل فهي على العكس، أن يعطى السيد عبده ما ال خدود له من النعم، وخيلع عليه العبد، أما العب

يقول هللا: ما ال هناية من الكماالت.. فحينما الذارايت -56"وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون"

يهم فمعناها الباطن ما خلقت اجلن واإلنس إال ألعطيهم وأمنحهم حبا وخريا، وكرامة وعزة، وأخلع عل ثوب التشريف واخلالفة.

فالسيد الرب غىن مستغن عن عبادتنا.. وحنن احملتاجون إىل هذه العبادة والشرف، واملواهب اخلريات اليت ال حد هلا.و

فاهلل الكرمي مسح لنا أن ندخل عليه يف أي وقت بال ميعاد، ونبقى يف حضرته ما شئنا وندعوه ما ونقول "هللا أكرب" نصبح يف حضرته نطلب منه ما نشاء. وسعنا.. مبجرد أن نبسط سجادة الصالة

ضرته ما نشاء؟!أين هو امللك الذي نستطيع أن ندخل عليه بال ميعاد و نلبث يف ح ويف ذلك يقول موالان العبد الصاحل الشيخ حممد متويل الشعراوي يف شعر مجيل:

عز ولكن أان ألقى مىت وحني حسب نفسي عزا إنين عبد حيتفي يب بال مواعيد رب هو يف قدسه األأحب ويقول: أروىن صنعة تعرض على صانعها مخس مرات يف اليوم "يقصد الصلوات اخلمس "

للتلف وهذه بعض املعاين الباطنة يف اآلية اليت أاثرت شكوكك: وتتعرض "وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون"ولو أتملتها ملا أاثرت فيك إال الذهول واإلعجاب.

(1/72)

الفصل الرابع عشر

موقف الدين من التطور

قال صاحيب : موقفك اليوم سيكون صعبا، فعليك أن تثبت أن خلق اإلنسان جاء على طريقة جال جال .. -

مث عجنها يف يده ونفخ فيها فإذا هبا آدم وهو كالم ختالفك فيه بشدة علوم أمسك اخلالق قطعة طني التطور

م جاء نتيجة سلسلة من األطوار احليوانية السابقة، وإنه ليس مقطوع اليت تقول : إن صاحبك آد الصلة

أبفراد عائلته من احليواانت، وإنه والقرود أوالد عمومة يلتقون معا يف سابع جد .. شابه األكيد يف تفاصيل البنية التشرحيية للجميع يدل على أهنم مجيعا أفراد أسرة واحدة .وإن الت

ملعركة علمية دمسة :قلت وأان أستعد

دعين أصحح معلوماتك أوال فأقول لك إن هللا مل خيلق آدم على طريقة جال جال .. -لفة متاما عن خلق آدم، قصة يتم ها هنا قطعة طني ننفخ فيها فتكون آدم .. فالقرآن يروي قصة خمت

خيرج من الطني مباشرة، فيه اخللق على مراحل وأطوار وزمن إهلي مديد، والقرآن يقول إن اإلنسان مل نسان من ساللة م ن طني { سورة /12وإمنا خرج من ساللة جاءت من الطني : } ولقد خلقنا اإل

املؤمنون مل يكن شيئا يذكر : وأن اإلنسان يف البدء

ئا مرذكو ني م ن الدرهر مل يكن شي نسان ح سورة اإلنسان /1را { } هل أتى على اإل وأن خلقه جاء على أطوار ..

سورة نوح 13/14}مرا لكم ال ت رجون للر وقارا . وقد خلقكم أطوارا { سورة /11ليس { قناكم مثر صوررانكم مثر ق لنا للمآلئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إالر إب } ولقد خل

األعرافي ف ق له عوا } إذ قال ربك للمالئكة إين خالق بشرا من طني . فإذا سوري ته ون فخت فيه من روح

دين { سورة ص 71/72ساج ..معىن ذلك أن هناك مراحل بدأت ابخللق مث التصوير .. مث التسوية مث النفخ

(1/73)

سورة /47" ومث " ابلزمن اإلهلي معناها ماليني السنني : } إنر ي وما عند رب ك كألف سنة مم را ت عدون { احلج

انظر إىل هذه املراحل الزمنية للخلق يف سورة السجدة .. يقول هللا سبحانه إنه : } وبدأ خلق نسان من طني . اإل

ه وجعل لكم السرمع األبصار و مثر جعل نسله من ساللة م ن مراء مرهني . مثر سوراه ون فخ فيه من روح سورة السجدة. 9 /7واألفئدة قليال مرا تشكرون {

بداايت األوىل لإلنسان اليت مل تكن شيئا يف البدء كان الطني ، مث جاءت ساللة من ماء مهني هي الآدم مذكورا، مث التسوية والتصوير، مث نفخ الروح اليت هبا أصبح لإلنسان مسع وبصر وفؤاد .. وأصبح

.. فآدم إذن هناية سلسلة من األطوار وليس بدءا مطلقا على طريقة جال جال ..

سورة نوح /17{ } واللر أنب تكم م ن األرض ن باات

هنا عملية إنبات بكل ما يف اإلنبات من أطوار ومراحل وزمن .. وماذا كانت تلك األطوار ؟ولكن اللغز احلقيقي هو .. ماذا كانت تلك املراحل ابلضبط،

هل كل شجرة احلياة من أب واحد ..التايب .. هذه حقيقة هي كلها من الطني حبكم التكيب الكيميائي .. وكلها تنتهي ابملوت إىل أصلها

..ولكننا نقصد من كلمة أب شيئا أكثر من األصل الطيين ..

ت كل تلك األنواع والفصائل النباتيةوالسؤال هو هل تولدت من الطني خلية أوىل تعددت وأجنب واحليوانية مبا يف ذلك اإلنسان ؟

ية تطورت إىل فرع من فروع أم أنه كانت هناك بداايت متعددة.. بداية تطورت إىل نبااتت، وبدااحليوان، كاإلسفنج مثال، وبداية أخرى خرج منها فرع آخر كاألمساك، وبداية خرجت منها الزواحف،

نها الطيور، وبداية خرجت منها الثدييات، وبداية خرج منها اإلنسان،وبداية خرجت م وبذلك يكون لإلنسان جد منفصل، ويكون لكل نوع جد خاص به؟

(1/74)

ن التشابه التشرحيي للفروع واألنواع والفصائل ال ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة، وإمنا يدل إ هذا

عا واحد، ألنه خلقها مجيعا من خامة التشابه التشرحيي يف اجلميع على وحدة اخلالق، وأن صانعها مجي واحدة وأبسلوب واحد وخبطة واحدة.. هذه هي النتيجة احلتمية.

كلها من أب واحد ليس نتيجة حمتمة لتشاهبها التشرحيي.. فوسائل املواصالت تتشابه ولكن خروجها متشاهبة، دالة بذلك فيما بينها العربة والقطار والتام والديزل كلها تقوم على أسس هندسية وتركيبة

على أهنا مجيعا من اختاع العقل البشري .. ولكن هذا ال مينع أن كل صنف منها جاء من أب تقل ومن فكرة هندسية مستقلة..مس

كما أننا ال يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائيا حبكم القوانني الباطنة فيها إىل عربة حنطور، مث ر، مث إىل ديزل.إىل عربة فورد مث إىل قطا

فالواقع غري ذلك .. وهو أن كل طور من هذه األطوار جاء بطفرة ذهنية يف عقل املختع، وقفزة اع يف عقل املهندس، مل خيرج نوع من آخر.. مع أن التتيب الزمين قد يؤيد فكرة خروج نوع من إبد

نوع.. املختع، وبدأ مستقال.ولكن ما حدث كان غري ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل

وهذه هي أخطاء داروين واملطبات والثغرات اليت وقع فيها حينما صاغ نظريته.

ر معا ما قال داروين يف كتابه "أصل األنواع" :ودعنا نتذككان أول ما اكتشفه داروين يف أثناء رحلته ابلسفينة "بيجل" هي اخلطة التشرحيية الواحدة اليت بنيت

صائل احليوانية .. فاهليكل العظمي واحد يف أغلب احليواانت الفقرية : الذراع يف القرد عليها كل الف، هو نفس اجلناح يف اخلفاش، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك هو نفس اجلناح يف الطائر

ش ..مع حتورات طفيفة، لتالئم الوظيفة، فالعظام يف الطيور رقيقة وخفيفة وجموفة وهي مغطاة ابلري

(1/75)

كر مث جند رقبة الزرافة الطويلة هبا سبع فقرات، ورقبة اإلنسان سبع فقرات، ورقبة القنفذ اليت ال تذ د اإلنسان، وجند نفس من فرط قصرها هي األخرى هبا سبع فقرات، وهناك مخس أصابع يف ي

التخميس يف أصابع القرد، واألرنب، والضفدعة، والسحلية، وفتة احلمل يف احلوت والقرد واإلنسان جمة تسعة أشهر، وفتة اإلرضاع يف اجلميع سنتان، وفقرات الذيل يف القرد جندها يف اإلنسان متدا

نسان إىل قاع متني للحوض، ملتصقة فيما يسمى ابلعصعص، وجند عضالت الذيل قد حتورت يف اإلمث جند القلب بغرفه األربع يف احلصان واحلمار واألرنب واحلمامة واإلنسان، ونفس اخلطة يف تفرع

"االثىن عشر" .. مث الشرايني واألوردة، مث جند نفس اخلطة يف اجلهاز اهلضمي : البلعوم مث املعدة .. مث الشرجاألمعاء الدقيقة .. مث األمعاء الغليظة .. مث

واجلهاز التناسلي : نفس اخلصية، واملبيض، وقنوات اخلصية، وقنوات املبيض .. وكذلك اجلهاز

البويل :ئة نفس الكلية، واحلالب، وحويصلة البول .. واجلهاز التنفسي : القصبة اهلوائية والرئتني، وجند أن الر

يف الربمائيات هي نفس كيس العوم يف السمكة.

هذا أن يتصور داروين أن احليواانت كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت هبم البيئات كان طبيعيا بعد فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..

احلوت يف املنطقة اجلليدية لبس معطفا من الشحم .. والدببة لبست الفراء .. مس االستوائية أسود جلده فأصبح كاملظلة الواقية ليقيه الشمس ..وإنسان الغابة يف الش

وسحايل الكهوف ضمرت عيوهنا ألهنا ال جتد هلا فائدة يف الظالم فأصبحت عمياء يف حني جند سحايل

الرباري مبصرة.. واحليواانت اليت نزلت املاء طورت أطرافها إىل زعانف.. واليت غزت اجلو طورت أطرافها

.. وزواحف األرض طورت أطرافها إىل أرجل.إىل أجنحة

(1/76)

مث أال حيكي اجلنني القصة ؟ ففي مرحلة من مراحل منوه نراه يتنفس ابخلياشيم مث تضمر اخلياشيم ويف مرحلة نراه يكتسي ابلشعر مث وتظهر فيه الرئتان ، ويف مرحلة جند له ذيال يضمر الذيل وخيتفي ،

مه .ينحسر بعد ذلك الشعر عن جس

مث أال حتكي لنا طبقات الصخور مبا حفظت لنا من حفرايت قصة متسلسلة احللقات عن ظهور واختفاء هذه األنواع الواحد بعد اآلخر من احليواانت البسيطة وحيدة اخللية، إىل عديدة اخلالاي، إىل

لطيور ، إىل الثدييات ايت ، إىل األمساك ، إىل الربمائيات ، إىل الزواحف ، إىل االرخوايت، إىل القشر ..

وأخريا إىل اإلنسان..ولقد أصاب داروين وأبدع حينما وضع هذه املقدمة القيمة يف التشابه التشرحيي بني احليواانت

وأصاب حينما قال ابلتطور.

ء، وأخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا ولكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية االرتقا .االرتقاء وتفاصيله

كان تفسري داروين لعملية االرتقاء أنه يتم ابلعوامل املادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل احليواانت ابلناب واملخلب يف صراع احلياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف ويكون البقاء دائما لألصلح..

على نسله .. وتفسح بة يف الطبيعة هي اليت تفرز الصاحل والقوي وتشجعه .. وتبقيتلك احلرب الناش أمامه سبل احلياة..

وإذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء األقوى فإمنا ال تفسر لنا بقاء األمجل، فإن اجلناح املنقوش ال يف الطريان ..ميتاز أبي صالحيات مادية أو معاشية عن اجلناح األبيض، وليس أكفأ منه

التزاوج، فسوف نسأل وملاذا؟ .. ما دام هذا النقش ال وإذا قلنا إن الذكر يفضل اجلناح املنقوش، يف ميثل أي مزيد من الكفاءة ؟

وإذا دخل تفضيل األمجل يف احلساب فإن النظرية املادية تنهار من أساسها ..

(1/77)

وتبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسري ملاذا خرج من عائلة احلمار شيء كاحلصان .. وملاذا خرج ل احتماال .. كيف نفسر لوعل شيء رقيق مرهف ومجيل كالغزال.. مع أنه أقل قوة وأقمن عائلة ا

جناح اهلدهد وريشة الطاووس وموديالت الفراش أبلواهنا البديعة ونقوشها املذهلة .. وحنن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن ويبدع .. ولسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء وحرب املخلب والناب ..

ية الطفرة ..اخلطأ الثاين يف نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظر و

والطفرات هي الصفات اجلديدة املفاجئة اليت تظهر يف النسل نتيجة تغريات غري حمسوبة يف عملية تزاوج اخللية األنثوية واخللية الذكرية ولقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..

كون طفرات لصفات اجلديدة صفات ضارة كاملسوخ والتشوهات، وأحياان توأحياان تكون هذه امفيدة للبيئة اجلديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل املاء أرجل مبططة .. فتكون صفة

جديدة مفيدة..ألن األرجل املبططة أنسب للسباحة، فتشجع الطبيعة هذه الصفة وتنقلها إىل األجيال اجلديدة،

تتطور األرجل العادية إىل أرجل لى الصفة القدمية لعدم صالحيتها، وبذلك حيدث االرتقاء و وتقضي ع

غشائية ..وخطأ هذه النظرية أهنا أقامت التطور على أساس الطفرات واألخطاء العشوائية .. وأسقطت عملية

التدبري واإلبداع متاما ..نرى حولنا من دقة وإبداع وإحكام يف كل وال ميكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساسا ملا

شيء .. ضة تضع بيضها يف املستنقع .. وكل بيضة أتيت إىل الوجود مزودة بكيسني للطفو ..إن البعو

من أين تعلمت البعوضة قوانني أرمشيدس لتزود بيضها هبذه األكياس الطافية ؟ تنتثر يف مساحات واسعة بال حدود ..وأشجار الصحارى تنتج بذورا جمنحة تطري مع الرايح أمياال و

الصحارى قوانني احلمل اهلوائي لتصنع لنفسها هذه البذور اجملنحة، اليت تطري من أين تعلمت أشجار مئات األميال حبثا عن أراض مالئمة لإلنبات ؟

(1/78)

احلشرات وهذه النبااتت املفتسة اليت تصطنع لنفسها الفخاخ والشراك اخلداعية العجيبة لتصيد وهتضمها وأتكلها أبي عقل استطاعت أن تصطنع تلك احليل ؟

عقل كلي يفكر ويبتكر ملخلوقاته ويبدع هلا أسباب احليل.. ال ميكن تصور حدوث حنن هنا أمام سورة طه . /50االرتقاء بدون هذا العقل املبدع : } الرذي أعطى كلر شيء خلقه مثر هدى {

ة .. أو خريطةالثالثة أمام نظرية داروين .. هي ما اكتشفناه اآلن ابسم اخلريطة الكروموسومي والعقبة

اجلينات .. وحنن نعلم اآلن أن لكل نوع حيواين خريطة كروموسومية خاصة به، ويستحيل أن خيرج نوع من نوع بسبب اختالف هذه اخلريطة الكروموسومية .

تعثرت.. وإذا كان التشابه التشرحيي بني احليواانت حقيقة متفق خنلص من هذا إىل أن نظرية داروين

ن التطور أيضا حقيقة، فإن مراحل هذا التطور وكيفياته ما زالت لغزا ..عليها، وإذا كا هل كانت هناك بداايت مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟

مراحل اخللق والتصوير والتسوية ونفخ الروح واردة والتطور وارد ابللفظ الصريح يف القرآن .. كما أن..

نظرية اثبتة لتلك املراحل بعد .. وإذا عدان لسورة السجدة اليت حتكي عن ولكن مل يستقر العلم على هللا

نسان من طني . مثر جعل نسله من ساللة م ن مراء مرهني . مثر سوراه ون فخ فيه من أنه: } وبدأ خلق اإله وجعل لكم السرمع واألب سورة السجدة 9/ 7صار واألفئدة قليال مرا تشكرون { روح

فإن معىن اآلية صريح يف أن البداايت األوىل لإلنسان اليت جاء منها آدم فيما بعد، وهي تلك اليت مل يكن هلا مسع وال أبصار وال أفئدة .. جاء نسلها من ماء مهني،

فئدة بعد نفخ الروح وهي آخر مراحل خلق آدم ..وإمنا جاءت هذه األبصار واألمساع واأل

(1/79)

ني م ن الدرهر مل يكن نسان ح هي إذن بداايت أشبه ابحلياة احليوانية املتخلفة : } هل أتى على اإلئا مرذكو سورة اإلنسان . /1را { شي

هو تفسري ال خيتلف كثريا عن العلوم اليت تتحدث عنها .. ولكن نفس اآلية قد تعين معىن آخر هو أطوار اجلنني داخل الرحم وكيف يتخلق من بداايت ال مسع فيها وال بصر مث أييت نفخ الروح يف هذه

ل أكثر من إذن متشاهبات والقرآن حيماملضغة يف الشهر الرابع فتستوي خلقا آخر ..آايت اخللق وجه من وجوه التفسري .. واحلقيقة بعد هذا ما زالت

لغزا .. وال يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف احلقيقة .. والسؤال ما زال مفتوحا للبحث، وكل ما جاء به العلم فروض ..

أي صورة مرا سوراك ف عدلك . يف ورمبا كانت أرجح اآلراء أن التسوية املذكورة يف القرآن } خلقك ف سورة االنفطار. 7/8شاء ركربك {

كانت تسوية ساللية بشيء أشبه ابهلندسة الوراثية وأن األمر ليس تطورا كما يقول داروين ولكنه تطوير حيدث بتدخل وفعل إهلي إلعداد احلشوة احلية ) وهي يف أصل املنشأ من الطني ( لتستقبل

فيها لتكون آدم ..نفخة الروح وحلول النفس مث النفس وحكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازا ..

هل يكون للنفس تصوير يف القوالب الطينية فتكون هلا جتسدات متعداة واتريخ وتطور هي األخرى ؟ أم أهنا على حاهلا من علم هللا هبا منذ األزل ..

هللا أعلم .. واملوضوع كله عماء ..

ية التطور أهنا كانت تطويرا بفعل فاعل وبذات مبدعة خال قة ومل تكن تطورا ورمبا كان أفضل فهم لعملتلقائيا كما تصورها داروين وصحبه ومل تكن مراحل متوكة للصدفة .. وإمنا كانت ختليقا مرادا وخمططا

.خالق قادر حكيم.. وإهنا هندسة وراثية ملهندس عظيم ليس كمثله شيء. صدق صورة ملا حدث ..وما جاء يف القرآن هو أ

والقطع يف هذه القضية مستحيل .. وما زال القرآن يفرض نفسه بال بديل ..

(1/80)

الفصل اخلامس عشر كلمة ال إله إال هللا

قال صاحيب :

ابب .. ألست معي يف أنكم تبالغون كثريا يف استخدام كلمة ال إله إال هللا وكأهنا مفتاح لكل -

امليت وتستقبلون الوليد وتطبعوهنا على األختام وتنقشوهنا على القالئد وتصكون هبا تشيعون هباالعمالت وتعلقوهنا على اجلدران .. من ينطق هبا منكم تقولون أن جسمه أعتق من النار .. فإذا نطق

مث قم حلبس املردة ..هبا مائة ألف مرة دخل اجلنة وكأهنا طلسم سحري أو تعويذة لطرد اجلن أو قم هذه احلروف اليت ال تعرفون هلا معىن .. ا . ل . م .. كهيعص .. طسم .. حم .. الر .

هل أجنو من العذاب إذا قلت ال إله إال هللا .. إذن فإىن أقوهلا وأشهدك وأشهد احلضور على ذلك ..

ال إله إال هللا .. هل انتهي األمر. بل أنت مل تقل شيئا . -

ن يعمل هبا وليست ملن يشقشق هبا لسانه ..ال إله إال هللا منهج عمل وخطة حياة إله إال هللا ملإن الوليست جمرد حروف .. ودعنا نفكر قليال يف معناها .. إننا حينما نقول ال إله إال هللا نعىن أنه ال

كلها ال النافية فتني تقع العقيدة معبود إال هللا وبني ال وإال بني النفي واإلثبات يف العبارة بني هاتني الدتنفي األلوهية عن كل شيء .. عن كل ما نعبد من مشتهيات يف الدنيا .. عن املال واجلاه والسلطان

واللذات وترف العيش والنساء الباهرات والعز الفاره .. لكل هذا نقول ال .. ال نعبدك .. لست إهلا يعبد نفسه يف العادة ويعبد رأيه ويعبد شياء ألن اإلنسان .. مث نقول ال لنفوسنا اليت تشتهي تلك األ

هواه واختياره ومزاجه ويعبد ذكاءه ومواهبه وشهرته ويتصور أن بيده مقاليد األمور وأقدار الناس واجملتمع .. وجيعل من نفسه إهلا دون أن يدرى .. هلذه النفس حنن نقول ال .. ال نعبدك .. لست

إهلا.

اكم .. ال لست إهلا .لمدير والرئيس واحلل -نقول ))ال((

(1/81)

ومعىن كلمة ))إله(( أي ))فاعل(( .. والفاعل حبق عندان هو هللا، أما كل هذه األشياء فوسائط س واملال واجلاه والسلطان والنفس بذكائها ومواهبها .. لكل هذا نقول وأسباب، املدير والوزير والرئي

ال .. لست إهلا .

واحد نستثنيه ونثبت له تلك الفاعلية والقدرة هو هللا . - ))إال((وبني ال وإال بني هذا النفي وهذا اإلثبات تقع العقيدة كلها فمن كان مشغوال جبمع املال وتكديس

طان والتزلف للرؤساء وحترى اللذات واتباع هوى نفسه وتعشق رأيه والتعصب الثروات ومتلق السلل ال لكل هذه املعبودات وهو ساجد يف حمراهبا دون أن يدرى وحينما يقول لوجهة نظره .. فهو مل يق

ال إله إال هللا فهو يقوهلا كاذاب .. يقول بلسانه ما ال يفعل بيديه ورجليه . (( أنه ال حسيب وال رقيب إال هللا .. هو وحده اجلدير ابخلشية واخلوف ومعىن )) ال إله إال هللا

اف املرض ومن كان خياف امليكروب ومن كان خياف عصا الشرطي وجند واملراقبة .. فمن كان خياحلاكم فإنه مل يقل ))ال(( .. لكل تلك اآلهلة الومهية .. وإمنا هو مازال ساجدا هلا وقد أشرك مع

اآلهلة املزيفة .. فهو كاذب يف كلمة )) ال إله إال هللا (( . خالقه كل تلك

(( عهد ودستور ومنهج حياة.ومعىن ذلك أن )) ال إله إال هللا

واملقصود هبا .. العمل هبا .

فمن عمل هبا كانت له طلسما ابلفعل يفتح له كل األبواب العصية .. وكانت جناة يف الدنيا واآلخرة

نة .ومدخال إال اجل أما نطق اللسان بدون تصديق القلب وعمل اجلوارح .. فإنه ال يغىن .

تعىن أكثر من هذا موقفا فلسفيا . و )) ال إله إال هللا ((يقول الدكتور زكى جنيب حممود أن )) شهادة ال إله إال هللا (( تتضمن اإلقرار بثالث حقائق .. أن

الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضا أي أهنا الشاهد موجود واملشهود موجود .. واحلضور عا وجود حقيقي .إقرار صريح أبن الذات وهللا واآلخرين هلم مجي

(1/82)

وهبذا يرفض اإلسالم الفلسفة املثالية كما يرفض الفلسفة املادية يف ذات الوقت .. يرفض اليمني واليسار معا وخيتار موقفا وسطا .

املثالية الفلسفية ال تعتف بوجود اآلخرين وال بوجود العامل املوضوعي يرفض املثالية الفلسفية .. ألنجية مستقلة عن العقل .. وإمنا كل شيء يف نظر الفلسفة املثالية جيرى كأنه حلم يف دماغ كحقيقة خار

.. أو أفكار يف عقل .. أنت والراديو والشارع واجملتمع والصحيفة واحلرب كلها حوادث ومرائى ى يف عقلي .. ال وجود حقيقي للعامل اخلارجى .وأحالم جتر

ه اإلسالم وترفضه الشهادة ألهنا كما قلنا إقرار صريح ابن الشاهد وهذا املوقف املثاىل املتطرف يرفض

واملشهود واحلضور الذين تلقى أمامهم الشهادة أي الذات وهللا واآلخرين حقائق مقررة .دية ألن الفلسفة املادية تعتف ابلعامل املوضوعي ولكنها تنكر كما يرفض اإلسالم أيضا الفلسفة املا

غيب وهللا .ما وراءه .. تنكر الواإلسالم هبذا يقدم فلسفة واقعية وفكرا واقعيا فيعتف ابلعامل املوضوعي مث يضيف إىل هذا العامل كل

ا بني فكر اليمني وفكر اليسار الثراء الذي يتضمنه الوجود اإلهلي الغييب .. ويقدم تركيبا جدليا جامع تسبق ما سطروا من نظرايت ظنية ال تقوم يف فلسفة جامعة ما زالت تتحدى كل اجتهاد املفكرين ف

على يقني . شهادة )) الإله إال هللا (( تعىن إذن منهج حياة وموقفا فلسفيا .

وأنت تنطق ابلشهادة وهلذا فأنت تكذب وأنت الرجل املادي الذي اختت موقفا فلسفيا ماداي كذبتني :

أنك تشهد مبا ينايف فلسفتك . -الكذبة األوىل أنك ال تعمل هبذه الشهادة يف حياتك قدر خردلة . -ذبة الثانية والك

أما حكاية .. ا . ل . م .. وكهيعص . حم . الر . فدعىن أسألك .. وما حكاية س ص ولوغاريتم

غاز وطالسم ابلنسبة ملن ال يعرف شيئا يف احلساب واجلرب وهي أل 2س× ومعادلة الطاقة ط = ك ني هلا معاىن خطرية .والرايضيات .. وعند العامل

كذلك هذه احلروف حينما يكشف لنا عن معناها .

قال صاحيب يف سخرية :

(1/83)

وهل كشف لك عن معناها ؟ -

قلن وأن ألقى ابلقنبلة : هذه موضوع مثري حيتاج إىل كالم آخر طويل سوف يدهشك . -

الفصل السادس عشر كهيعص

قلت لصديقي امللحد :

هذه احلروف املقطعة يف أوائل السور قد صدمتك حينما طالعتها ألول مرة .. هذه ال شك أن ال - حم ، طسم ، امل ، كهيعص ، ق ، ص .. ترى ماذا قلت لنفسك وأنت تقرأها ؟

اكتفى أبن ميط شفتيه يف ال مباالة ويقول يف غمغمة مبتورة :

يعىن . - يعىن ماذا . - عليكم .النيب يعىن .. أي كالم يضحك به -حسنا دعنا خنترب هذا الكالم الذي تدعى أنه كالم فارغ والذي تصورت أن النيب يضحك به علينا -.

ودعنا أنخذ سورة صغرية بسيطة من هذه السور .. سورة ق مثال .. وجنرى جتربة .. فنعد ما فيها من شورى وهي ضعفها يف سورة القافا .. مث أنخذ السورة التالية وهي 57قافات وسنجد أن فيها

قافا . 57الطول ويف فواحتها حرف ق أيضا .. وسنجد أن فيها عى األخرى عدد سور القرآن .. هل تذكر كيف تبدأ سورة ق .. 114= 57+ 57هل هي صدفة .. لنجمع

يد (( ويف ختامها .. ))فذك ر اب آن من خياف وعيد (( لقر وكيف ختتتم .. يف بدايتها )) ق والقرآن المج وهي جمموع سور القرآن( . 114.. وكأمنا هي إشارات أبن ق ترمز للقرآن .. ) وجمموع القافات

قال صاحيب يف ال مباالة : هذه أمور من قبيل الصدف -

قلت يف هدوء :ائية مبعدالت لنا إحصسنمضى يف التجربة ونضع سور القرآن يف العقل اإللكتوين ونسأله أن يقدم -

توارد حرف القاف يف مجيع السور .

قال وقد توترت أعصابه وتيقظ متاما : وهل فعلوها ؟ -

قلت يف هدوء : نعم فعلوها . - وماذا كانت النتيجة ؟ -قال لنا العقل اإللكتوين أن أعلى املتوسطات واملعدالت موجودة يف سورة ق وأن هذه السورة قد -

لى كل املصحف يف هذا احلرف .. هل هي صدفة أخرى ؟ابيا عتفوقت حس غريب . -

(1/84)

وسورة الرعد تبدأ ابحلرف ا ل م ر قدم لنا العقل اإللكتوين إحصائية بتوارد هذه احلروف يف - داخل السور كاآليت :

مرة . 625ا ترد مرة . 479ل ترد مرة . 260م ترد مرة . 137ر ترد

زيل ا مث ل مث م مث ر .. بنفس التتيب الذي كتبت به ا ل م ر تنازليا مث قام العقل هكذا ويف ترتيب تنااإللكتوين إبحصاء معدالت توارد هذه احلروف يف املصحف كله .. وألقى إلينا ابلقنبلة الثانية .. أن

بيا يف ملعدالت واملتوسطات هلذه احلروف هي يف سورة الرعد .. وأن هذه السورة تفوقت حساأعلى ا هذه احلروف على مجيع املصحف .

نفس احلكاية يف ا ل م البقرة .

مرة . 4592ا وردت مرات . 3204ل وردت مرة . 2195م وردت

بنفس التتيب التنازيل ا ل م . أن هذه احلروف الثالثة هلا تفوق حسايب على ابقي احلروف يف داخل مث يقول لنا العقل اإللكتوين

.سورة البقرة نفس احلكاية يف ا ل م سورة آل عمران .

مرة . 2578ا وردت مرة . 1885ل وردت مرة . 1251م وردت

بنفس التتيب التنازيل ا ل م وهي تتوارد يف السورة مبعدالت أعلى من ابقي احلروف .

اية ا ل م سورة العنكبوت .نفس احلك مرة . 784ا وردت

مرة . 554ل وردت .مرة 344م وردت

بنفس التتيب التنازيل ا ل م وهي تتوارد يف السورة مبعدالت أعلى من ابقي احلروف . نفس احلكاية يف ا ل م سورة الروم .

مرة . 547ا وردت مرة . 396ل وردت مرة . 318م وردت

ل م مث هي تتوارد يف السورة مبعدالت أعلى من ابقي احلروف .بنفس التتيب ا ابتدأت ابحلروف ا ل م جند أن السور املكية تتفوق حسابيا يف معدالهتا على ويف مجيع السور اليت

ابقي السور املكية، واملدنية تتفوق حسابيا يف معدالهتا من هذه احلروف على ابقي السور املدنية .

م ص سورة األعراف . وابملثل يف ا لما تكون يف سورة األعراف، وأهنا يقول لنا العقل اإللكتوين أن معدالت هذه احلروف هي أعلى

تتفوق حسابيا على كل السور املكية يف املصحف .

(1/85)

ويف سورة طه جند أن احلرف ط واحلرف ه يتواردان فيها مبعدالت تتفوق على كل السور املكية .. يف املصحف . وكذلك يف كهيعص مرمي ترتفع معدالت هذه احلروف على كل السور املكية

جند أن مجيع السور اليت افتتحت ابحلروف حم .. إذا ضمت إىل بعضها فإن معدالت توارد كما

احلرف ح واحلرف م تتفوق على كل السور املكية يف املصحف .

وابملثل السوراتن اللتان افتتحتا حبرف ص ومها سورة ص واألعراف "ا ل م ص" ويالحظ أهنما نزلتا معا تفوقتا حسابيا يف هذه احلروف على ابقي املصحف .لوحي .. إذا ضمتا متتابعتني يف ا

وكذلك السور اليت افتتحت ابحلروف ا ل ر وهي إبراهيم ويونس وهود ويوسف واحلجر وأربع منها

جاءت متتابعة يف تواريخ الوحي .. إذا ضمت لبعضها .. أعطاان العقل اإللكتوين أعلى معدالت يف كل السور املكية يف املصحف .حروفها ا ل ر على نسبة توارد

أما يف سورة يس فإننا نالحظ أن الداللة موجودة ولكنها انعكست .. ألن ترتيب احلروف انعكس؛

فالياء يف األول يس "بعكس التتيب األجبدي" . ا .وهلذا نرى أن توارد احلرف ي واحلرف س هو أقل من توارده يف مجيع املصحف مدنيا ومكي

صائية هنا موجودة ولكنها انعكست .فالداللة اإلح

كان صاحيب قد سكت متاما . قلت وأان أطمئنه :

أان ال أقول هذا الكالم من عند نفسي وإمنا هي دراسة قام هبا عامل مصري يف أمريكا هو الدكتور - رشاد خليفة ..

وهذا الكتاب الذي بني يديك يقدم لك هذه الدراسة مفصلة :Miracle of Quran

slamic Productions international in St. Louis mo

وقدمت إليه كتااب إجنليزاي مطبوعا يف أمريكا للمؤلف . أخذ صاحيب يقلب الكتاب يف صمت .

قلت :مل تعد املسألة صدفة .. وإمنا حنن أمام قوانني حمكمة وحروف حمسوبة كل حرف وضع مبيزان -

من سورة الشورى : ورحت أتلو عليه

حلق والميزان { الشورى .17 -}اللر الرذي أنزل الكتاب اب

(1/86)

وأي ميزان .. حنن هنا أمام ميزان يدق حىت يزن الشعرة واحلرف .. أظن أن فكرة النيب الذي يؤلف ت من ورد هبا أعلى معدالالقرآن ويقول لنفسه سلفا سوف أؤلف سورة الرعد من حروف ا ل م ر وأ

هذه احلروف على ابقي الكتاب وهو مل يؤلف بعد الكتاب مثل هذا الظن مل يعد جائزا .. وأين هذا الذي حيصى له هذه املعدالت وهي مهمة ال يستطيع أن يقوم هبا إال عقل إلكتوين ولو تكفل هو هبا

وال يعرف طرح بعلوم عصره وهفإنه سيقضى بضع سنني ليحصى احلروف يف سورة واحدة جيمع وي حىت علوم عصره وهو سيؤلف أو يشتغل عدادا للحروف .

حنن هنا أمام استحالة .

سنة .. 23فإذا عرفنا أن القرآن نزل مفرقا ومقطعا على

فإان سوف نعرف أن وضع معدالت إحصائية مسبقة حبروفه هي استحالة أخرى .. وأمر ال ميكن أن ل حدوثه والذي حيصى أبسرع وأدق من كل العقول ذي يعلم كل شيء قبيعرفه إال العليم ال

اإللكتونية .. هللا الذي أحاط بكل شيء علما .. وما هذه احلروف املقطعة يف فواتح السور إال رموز علمه بثها يف تضاعيف كتابه لنكشفها حنن على مدى الزمان .

هم حىتر ي }سنريهم آايتنا يف اآلفاق ويف أنف 53 -ت بنير هلم أنره احلق { فصلتس

وال أقول أن هذه كل أسرار احلروف .. بل هي جمرد بداية ال أحد يدرى إىل أي آفاق سوف توصلنا .

وهذه احلروف هبذه الداللة اجلديدة تنفي نفيا ابات شبهة التأليف .

جيرؤ أحدان أن يقول أنه أمام .. أي عميقة لكل حرف فال مث هي تضعنا أمام موازين دقيقة ودالالت

كالم .. أال ترى اي صاحيب أنك أمام كالم ال ميكن أن يكون أي كالم .

ومل جيب صاحيب، وإمنا ظل يقلب الكتاب اإلجنليزي ويتصفحه مث يعود يقلبه دون أن ينطق حبرف .

الفصل السابع عشر املعجزة

قال صاحيب :الذي تصفونه أبنه رءوف ودود كرمي عفو غفور.. كيف أيمر هذا جيوز للرب الرحيم ال أفهم كيف

الرب نبيه اخلليل املقرب إبراهيم أبن يذبح ولده .. أال ترى معي أن هذه مسألة صعبة التصديق ؟

(1/87)

القصة تدل من سياقها وأحداثها على أن مراد هللا من إبراهيم مل يكن ذبح ابنه، بدليل أن الذبح مل -أن يذبح إبراهيم شغفه الزائد اببنه ..وحمبته الزائدة البنه.. وتعلقه الزائد اببنه إذ منا كان املراد حيدث وإ

ال جيوز أن يكون يف قلب النيب تعلق بغري هللا.. ال دنيا وال ولد وال جاه وال سلطان.. كل هذه األمور ال يصح أن يتعلق هبا قلب النيب..

على كرب وعلى شيخوخة.. فشغف به الشيخ ء ألبيه إبراهيموكما هو معلوم كان إمساعيل قد جا وتعلق به ..

فجاء امتحان هللا لنبيه ضروراي .. وما حدث يف القصة يدل على سالمة هذا التفسري .. فما إن صدع النيب ألمر ربه وأشرع سكينه ليذبح ولده حىت جاء أمر السماء ابلفداء .

ر دون أن حيتق .. وما فعله موسى من بعدهيبة ودخوله الناوما رأيك يف معجزات إبراهيم العج -حينما أخرج من عصاه ثعباان مث حينما شق هبذه العصا البحر، مث حينما أخرج يده من حتت إبطه فإذا هي بيضاء.. أال تبدو هذه األمور وكأهنا عرض هبلواين يف سريك.. وكيف يدلل هللا على قدرته وعظمته

اهتا صنوف من الال معقول.. وأمثلة من خرق النظام.. أال يبدو اليت هي يف حد ذهبذه البهلوانيات أن الربهان األقوى على عظمة هللا هو النظام والعقل واالنضباط والقوانني يف سرايهنا اجلميل يف

الكون دون أن خترق.. لقد فهمت املعجزة خطأ وتصورهتا خطأ. -

ول، ولكن احلقيقة غري ذلك.لقانون، وال معقاملعجزة يف تصورك عمل هبلواين وخرق لودعين أقر ب املوضوع إىل ذهنك مبثل.. لو أنه قد ر لك أن تعود ثالثة آالف سنة إىل الوراء، مث

تدخل على فرعون مصر يف ذلك الزمن البائد ومعك ترانزستور يف حجم علبة الثقاب يتكلم ويغين

سيهتفون يف ذهول بال شك معجزة..عون وحاشيته؟.. من تلقاء نفسه.. ترى ماذا سيكون حال فر سحر.. ال معقول.. خرق جلميع القوانني..

(1/88)

ولكننا نعلم اآلن أنه ال إعجاز يف املوضوع وال سحر، وال خرق ألي قانون.. بل إن ما حيدث يف ما وسيكون ه معقول متاداخل التانزستور هو أمر جيري حسب قوانني يف علم اإللكتونيات.. وإن

األمر أعجب لو أنك دخلت على ملك اببل ويف يدك تليفزيون ينقل الصور من بالد الروم.. وسوف يصفق ملك آشور عجبا لو أنك أدرت له أسطوانة بالستيك فتكلمت.

غابة بل إن التاريخ ليحفظ لنا قصة مماثلة حينما نزل املستعمرون أفريقيا.. وحطت أول طائرة هلم يف البدائيني.. ماذا حدث؟ سجد الزنوج العراة على وجوههم ودقوا الطبول وذحبوا القرابني وظنوا وسط ال

أن هللا نزل من مساواته وتصوروا فيما حيدث خرقا جلميع القوانني.. مع أننا نعلم اآلن أن الطائرة تطري ا أمر معقول متاما، ، وأن طرياهنبقانون وتنزل بقانون.. وأهنا مصممة حسب القوانني اهلندسية احملكمة

وأهنا ال خترق قانون اجلاذبية، وإمنا تتجاوز هذا القانون بقانون آخر هو قانون الفعل ورد الفعل..حنن إذن أمام تفاضل قوانني وليس أمام خرق قوانني.. واملاء يصعد يف ساق النخلة ضد اجلاذبية ليس

فاضل معها.. هي قانون متاسك العمود املائي سيولوجية تتخبرق هذه اجلاذبية وإمنا مبجموعة قوانني ف وقانون اخلاصة الشعرية، وقانون الضغط األزموزي، وهي مجيعها قوانني تؤدي إىل شد املاء إىل أعلى.

(1/89)

حنن دائما ال خنرج عن العقل وال عن املعقول، وما حدث مل يكن هبلوانيات.. وإمنا كانت دهشة موسى للبحر وإخراجه م هبذه القوانني.. وكذلك دهشتك أمام شق الزنوج البدائيني مردها جهله

للثعبان من العصا، وإحياء عيسى للموتى، ودخول إبراهيم للنار بدون أن حيتق.. تصورت أهنا ال معقول وخرق للقوانني، وهبلوانيات.. يف حني أهنا جتري مجيعها على وفاق املشيئة اإلهلية اليت تتفاضل

. ومن املعقول.. ولكن أعلى من مداركنا اليت نعرفها.. وهي إذن صنوف من النظام. مع مجيع القواننيوهللا ال يهدم النظام هبذه املعجزات، وإمنا يشهدان على نظام أعلى، وقوانني أعلى، وعقل أكرب من

استيعابنا، ومشيئة أعلى من ذلك كله.

تصوروا أن قبوهلا فيه امتهان للعقل، وقد وقع البهائيون يف نفس غلطتك حينما رفضوا املعجزات، و

دراء ابلعقل، فتحايلوا على القرآن وحر فوا معانيه عن ظاهرها، فموسى مل يشق البحر بعصاه، وإمنا واز كانت عصاه هي الشريعة اليت فرقت احلق من الباطل، وابملثل كانت يده البيضاء هي رمز ليد اخلري..

مى.. وهبذا أخرجوا جساد.. وفتح العقول ومل يفتح العيون العوابملثل أحيا عيسى النفوس ومل حيي األ القرآن عن معانيه احلرفية إىل أتويالت وتفسريات جمازية ورمزية كلما اصطدموا بشيء مل يعقلوه..

وكان هذا ألهنم أخطأوا فهم املعجزة وتصوروا أهنا ال معقول، وخرق للقانون، وهدم للنظام، وهو نفس ما وقعت فيه.

عجزات.أننا نعيش يف عصر مل تعد تستغرب فيه امل واحلقوقد رأينا العلم أيخذ بيدان إىل سطح القمر، وإذا كان العلم البشري أعطاان كل هذا السلطان، فالعلم

اإلهلي اللدين ال شك ميكن أن ميدان بسلطان أكرب.. استمع إىل هذه اآلية اجلميلة :طار السرماوات واألرض فانفذوا ال تنفذون إالر استطعتم أن تنفذوا من أق } اي معشر اجلن واإلنس إن

سورة الرمحن /33بسلطان { وهذا هو السلطان.. العلم البشري.. وأعظم منه العلم اإلهلي.

(1/90)

الفصل الثامن عشر معىن الدين

قال صاحيب :

انت عندكم جنة كما تقولون.. فأان أول واحد سوف يدخلها فأان أكثر دينا من كثري امسع .. إذا ك - اللحى واملسابح إايهم..من دعاتكم من أصحاب

أكثر دينا .. ماذا تعين هبذا ؟ - أعين أين ال أؤذي أحدا وال أسرق، وال أقتل، وال أرتشي، وال أحسد، وال أحقد، وال أضمر سوءا -

أنوي إال اخلري، وال أهدف إال إىل النفع العام.. أصحو وأانم بضمري مستيح وشعار ملخلوق، وال ما استطعت.. أليس هذا هو الدين؟ أال تقولون عندكم إن الدين املعاملة؟ .. حيايت هو اإلصالح

هذا شيء له اسم آخر.. امسه حسن السري والسلوك.. وهو من مقتضيات الدين ولكنه ليس -ختلط بني الدين وبني مقتضايته.. والدين ليس له إال معىن واحد هو معرفة اإلله.. أن الدين، إنك

عرفة، ويكون بينك وبني هذا اإلله سلوك ومعاملة.. أن تعرف إهلك عظيما جليال تعرف إهلك حق املاصة بينك قريبا جميبا يسمع ويرى فتدعوه راكعا ساجدا خاشعا خشوع العبد للرب.. هذه املعاملة اخل

وبني الرب هي الدين.. أما حسن معاملتك إلخوانك فهي من مقتضيات هذا التدين وهي يف حقيقة مر معاملة للرب أيضا ..األ

يقول نبينا عليه الصالة والسالم:" إن الصدقة تقع يف يد هللا قبل أن تقع يف يد السائل "..تصرت معامالتك على الناس ال تعتف إال فمن أحب هللا أحب خملوقاته وأحسن إليها.. أما إذا اق

أحسنت السري والسلوك مع هؤالء هبم وال ترى غريهم.. وال ترى غري الدنيا فأنت كافر متاما وإنالناس.. إمنا يدل حسن سريك وسلوكك على الفطانة والسياسة والكياسة والطبع اللبيب وليس على

، وحسن سريك وسلوكك ذريعة إىل كسب الدنيا الدين فأنت تريد أن تكسب الناس لتنجح يف حياتك فحسب.. وهذه طباع أكثر الكفار أمثالك.

ياان أبن هناك قوة..صدقين أان أشعر أح - قوة ! - نعم .. مثة قوة جمهولة وراء الكون.. أان أؤمن متاما أبن هناك قوة.. -

(1/91)

قل ويتعهد خملوقاته ابلرعاية واهلداية، وما تصورك هلذه القوة.. أتتصورها كائنا يسمع ويرى ويع - م الرسل ويستجيب لصرخاهتم وتوسالهتم ؟وينزل هلم الكتب ويبعث هل

بصراحة أان ال أصدق هذا الكالم وال أتصوره، وأكثر من هذا أراه ساذجا ال يليق هبذه القوة - العظيمة..

هلا.. وهذه هي الصفة اليت إذن فهي قوة كهرمغنطيسية عمياء تسوق الكون يف عبثية ال خالق - تليق بقوتك العظيمة..

رمبا .. -

ما تصورت إهلك.. خلق لك البصر فتصورته أعمى.. وخلق لك الرشد فتصورته عابثا بئس -أخرق.. وهللا إنك الكافر بعينه، ولو أحسنت السري والسلوك مدى الدهر.. وإن أعمالك الصاحلة

دد هباء منثورا ..مصريها اإلحباط يوم احلساب وأن تتب أال يكون هذا ظلما..؟ -.. فقد تصورت هذه األعمال من ذاتك ليس وراءها اهلادي الذي هداك بل هو عني العدل -

والرشيد الذي أرشدك فظلمت إهلك.. أنكرت فضله.. وهذا هو الفرق بني طيبات املؤمن وطيبات اهر.. فكالمها قد يبين مستشفى لعالج الكافر، إذا استوى االثنان يف حسن السري والسلوك الظ

بنيت هذا املستشفى العظيم للناس.. املرضى.. فيقول الكافر : أان ويقول املؤمن : وفقين ريب إىل بناء هذا املستشفى للناس وما كنت إال واسطة خري..

حىت وما أكرب الفرق.. واحد أسند الفضل لصاحب الفضل ومل يبق لنفسه فضال إال جمرد الوساطة و واآلخر أسند الفضل لنفسه وراح هذه يشكر عليها هللا ويقول : أمحدك اي ريب أن جعلتين سببا..

يقول : أان.. أان.. أان كل شيء.. فارق كبري بني الكربايء والتواضع.. وبني العلو وخفض اجلناح..الكهرمغنطيسية العمياء ال بني اجلربوت والوداعة.. وهلذا فأنتم يف داينتكم الوثنية وإميانكم هبذه القوة

تصلون وال تسجدون..ن نصلي..؟ إين ال أرى لصالتكم هذه أي حكمة.. وملاذا كل تلك احلركات أما وملاذا نصلي ومل -

كان يكفي اخلشوع..؟

(1/92)

حكمة الصالة أن يتحطم هذا الكربايء املزيف الذي تعيش فيه حلظة سجودك ومالمسة جبهتك -ا وأنك أنت سانك وقلبك : " سبحان ريب األعلى ".. وقد عرفت مكانك أخري التاب وقولك بل

األدىن وهو األعلى.. وأنك تراب على التاب.. وهو ذات منزهة من فوق سبع مساوات.. أما ملاذا احلركات يف الصالة، وملاذا ال نكتفي ابخلشوع القليب فإين أسألك بدوري :

ا ال تكتفي ابحلب الشفوي فتيد أن تعانق وتقبل..وملاذا خلق لك اجلسد أصال.. وملاذتكتفي ابلكرم الشفوي فتجود ابليد واملال.. بل خلق هللا لك اجلسد إذا كان خشوعك ملاذا ال

صادقا فاض على جسدك فركعت وسجدت.. وإن كان خشوعك زائفا مل يتعد لسانك.. هل تعتقد أنك ستدخل اجلنة..؟ -

علم هذا عالم ينجي هللا الذين اتقوا.. وال أعرف هل اتقيت أم ال ؟.. يكلنا سنرد النار.. مث - حرب على ورق.. -لألسف -القلوب.. وكل عملي

وقد يسلم العمل وال تسلم النية.. وقد تسلم النية وال يسلم اإلخالص.. فنظن الواحد منا أنه يعمل اس.. وما أكثر ما خيدع الواحد منا يف نفسه اخلري لوجه هللا وهو يعمله للشهرة والدنيا واجلاه بني الن

لبيس وحسن الظن واالطمئنان الكاذب من حيث ال يدري.. نسأل هللا السالمة..ويدخل عليه الت وهل يستطيع اإلنسان أن يكون خملصا ؟ -ال ميلك ذلك من تلقاء نفسه.. وإمنا هللا هو الذي خيلص القلوب.. وهلذا يتكلم القرآن يف أكثر -م.. ولكن هللا وعد أبن " يهدي وليس املخلصني بكسر الال -بفتح الالم -ايت عن املخلصني اآل

إليه من ينيب " أي كل من يؤوب ويرجع إليه.. فعليك ابلرجوع إليه.. وعليه الباقي..

(1/93)

الفصل التاسع عشر فزان بسعادة الدنيا وفزمت ابألوهام

رجل منتصر : قال صاحيب .. وكانت يف نربته فرحة

ن معركتنا معكم منتصرين فقد فزان مهما اختلفنا ومهما طال بنا اجلدل فال شك أننا خرجنا م -

بسعادة الدنيا وخرجتم أنتم ببضعة أوهام يف رؤوسكم .. وماذا جيدي الكالم وقد خرجنا من الدنيا واللذات اليت ال يعكرها بنصيب األسد .. فلنا السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ

خوف احلساب .. من الذي ربح ؟خوف احلرام .. ولكم الصيام والصالة والتسابيح و هذا لو كان ما رحبتموه هو السعادة .. ولكن لو فكران معا يف هدوء ملا وجدان هذه الصورة اليت -

ال يعكرها خوف احلرام وصفتها عن السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات اليت .. ملا وجدان هذه الصورة إال الشقاء بعينه .

الشقاء .. وكيف ؟ -

ألهنا يف حقيقتها عبودية لغرائز ال تشبع حىت جتوع، وإذا أختمتها أصاهبا الضجر واملالل وأصابك -

اهلوى ال أنت البالدة واخلمول .. هل تصلح أحضان امرأة لتكون مستقر سعادة، والقلوب تتقلب و شاق إال التعاسة فإذا تزوجوا كانت يستقر على حال والغواين يغرهن الثناء .. وما قرأان يف قصص الع

التعاسة أكرب وخيبة األمل أكرب ألن كال من الطرفني سوف يفتقد يف اآلخر الكمال املعبود الذي كان عدسة مكربة .. وهل الثراء يتخيله .. وبعد قضاء الوطر وفتور الشهوة يرى كل واحد عيوب اآلخر ب

أمواله ويف خدمة تكثريها وجتميعها وحراستها الفاحش إال عبودية إذ يضع الغىن نفسه يف خدمةفيصبح عبدها بعد أن كانت خادمته .. وهل السلطة واجلاه إال مزلق إىل الغرور والكرب والطغيان ..

و مأكوله .. وهل اخلمر والسكر وهل راكب السلطان إال كراكب األسد يوما هو راكبه ويوما ها عن العيون وبعيدا عن خوف احلرام سعادة .. وهل هي واملخدرات والقمار والعربدة واجلنس بعيد

إال أنواع من اهلروب من العقل والضمري وعطش الروح ومسئولية اإلنسان ابإلغراق يف ضرام الشهوة لقرود وتسافد البهائم وتناكح السوائم ..وسعار الرغبات .. وهل هو ارتقاء أم هبوط إىل حياة ا

.. أهنم :صدق القرآن إذ يقول عن الكفار

(1/94)

.12 -)) ي تمت رعون وأيكلون كما أتكل األن عام والنرار مث وى هلرم (( حممد .. وهل هذه سعادة وهل م يتمتعون ولكن كما تتمتع األنعام وكما ترعى السوائم فهو مل ينكر أهن

حياة الشهوة تلك إال سلسلة من الشبق والتوترات واجلوع األكال والتخمة اخلانقة ال متت إىل السعادة احلقة بسبب .. وهل تكون السعادة احلقة إال حالة من السالم والسكينة النفسية والتحرر

حالة صلح بني اإلنسان ونفسه وبني ي من كافة العبودايت .. وهل هي يف تعريفها النهائي إال الروحاإلنسان واآلخرين وبني اإلنسان وهللا .. وهذه املصاحلة والسالم واألمن النفسي ال تتحقق إال ابلعمل

رب نية وعمال وأن .. أبن يضع اإلنسان قوته وماله وصحته يف خدمة اآلخرين وأبن حييا حياة اخلري والخشوعا فيزيده هللا سكينة ومددا ونورا .. وهل هذه السعادة إال تتصل العالقة بينه وبني هللا صالة و

الدين بعينه .. أمل يقل الصويف البس اخلرقة .. حنن يف لذة لو عرفها امللوك لقاتلوان عليها ابلسيوف لصلح مع النفس .. يعلمون أن كالم الصويف على .. والذين عرفوا تلك اللذة .. لذة الصلة ابهلل وا

حق .

تكن مثلنا من سنوات تسكر كما نسكر وتلهو كما نلهو وتسعد هذه السعادة احليوانية اليت أمل -

نسعدها وتكتب الكفر بعينه يف كتابك هللا واإلنسان فتسبق به إحلاد املالحدة فماذا غريك من النقيض إىل النقيض ؟

وال يتغري . سبحانه يغري - ولكن ماذا كان دورك .. وماذا كان سعيك ؟أعلم أنك تقول أن كل شيء بفضل هللا .. - نظرت حويل فرأيت أن املوت مث التاب نكتة وعبثا وهزال ورأيت العامل حويل كله حمكما دقيقا -

بثون وهنايتها ال شيء منضبطا ال مكان فيه للهزل وال للعبث .. ولو كانت حيايت عبثا كما تصور العاأحترق وألتهب شوقا على احلق والعدل وأفتدى هذه القيم ابلدم .. فلماذا أبكى وملاذا أندم وملا

واحلياة .

(1/95)

رأيت النجوم جترى يف أفالكها بقانون .. ورأيت احلشرات االجتماعية تتكلم والنبااتت ترى وتسمع عجائب يتألف من عشرة وحتس .. ورأيت احليواانت هلا أخالق .. ورأيت املخ البشرى عجيبة ال

يون خط عصيب تعمل كلها يف وقت واحد يف كمال معجز .. ولو حدث هبا عطل هنا آالف ملأوهناك جلاء يف أثره الشلل والعمى واخلرس والتخليط واهلذاين وهي أمور ال حتدث إال استثناء .. فما

الت .الذي حيفظ هلذه اآللة اهلائلة سالمتها ومن الذي زودها بكل تلك الكما

الشجر ويف ريشة الطاووس وجناح الفراش ومسعت املوسيقى يف صدح البالبل ورأيت اجلمال يف ورقة وسقسقة العصافري وحيثما وجهت عيين رأيت رسم رسام وتصميم مصمم وإبداع يد مبدعة .

رخ .. ورأيت الطبيعة بناء حمكما متكامال تستحيل فيها الصدفة والعشوائية .. بل كل شيء يكاد يص مبدع قدير .دبرين مدبر .. وخلقين

وقرأت القرآن فكان له يف مسعي رنني وإيقاع ليس يف مألوف اللغة وكان له يف عقلي انبهار .. فهو أييت ابلكلمة األخرية يف كل ما يتعرض له من أمور السياسة واألخالق والتشريع والكون واحلياة

سنة .. وهو يوافق كل ما زوله أكثر من ألف وثالمثائة والنفس واجملتمع رغم تقادم العهد على نيستجد من علوم رغم أنه أتى على يد رجل بدوى أمير ال يقرأ وال يكتب يف أمة متخلفة بعيدة عن نور احلضارات .. وقرأت سرية هذا الرجل وما صنع .. فقلت .. بل هو نيب .. وال ميكن أن يكون

القدير الذي وصفه القرآن .. ووصف لبديع إال أن يكون صنع هللا إال نيب .. وال ميكن هلذا الكون ا أفعاله .

قال صاحيب بعد أن أصغى ابهتمام إىل كل ما قلت .. وراح يتلمس الثغرة األخرية :

فماذا يكون احلال لو أخطأت حساابتك وانتهيت بعد عمر طويل إىل موت وتراب ليس بعده - شيء ؟

وأحفل ما تكون احلياة .. ولكنكم فقد عشت حيايت كأعرض وأسعد لن أكون قد خسرت شيئا -

أنتم سوف ختسرون كثريا لو أصابت حساابتى وصدقت توقعاتى .. وإهنا لصادقة سوف تكون مفاجئة هائلة اي صاحيب .

(1/96)

ونظرت يف عمق عينيه وأان أتكلم فرأيت ألول مرة حبرية من الرعب تنداح يف كل عني ورأيت أجفانه تطرف وختتلج.توازنه .. ولكنها كانت حلظة كافية ألدرك ابرة من الرعب .. ما لبث أن استعاد بعدهاكانت حلظة ع

أنه بكل غروره وعناده ومكابرته واقف على جرف من الشك واخلواء والفراغ وممسك بال شيء.

قال يل بنربة حاول أن يشحنها ابليقني: سوف ترى أن التاب هو كل ما ينتظرك وينتظران. -

متأكد.هل أنت -

تلك البحرية من الرعب.وللمرة الثانية انداحت يف عينيه قال وهو يضغط على احلروف وكأمنا خيشى أن ختونه نرباته:

نعم ... -

قلت: كذبت .. فهذا أمر ال ميكن أن نتأكد منه أبدا. -

سه جرحا .. وحينما كنت أعود وحدي تلك الليلة بعد حواران الطويل كنت أعلم أىن قد نكأت يف نفحفرة سوف تتسع على األايم ولن يستطيع منطقه املتهافت أن وحفرت حتت فلسفته املتهاوية

يردمها.

قلت يف نفسي وأان أدعو له .. لعل هذا الرعب ينجيه .. فمن سد على نفسه كل منافذ احلق بعناده ال يبقى له إال الرعب منفذا.

يقل هللا لنبيه ..وكنت أعلم أىن ال أملك هدايته .. أمل

.56 -من أحب بت ولكنر اللر ي هدي من يشاء(( القصص ))إنرك ال هتدي ولكىن كنت أمتىن له اهلداية وأدعو له هبا فليس أسوأ من الكفر ذنبا وال مصريا.

(1/97)