ﺧﺎﻣﺲ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ...

217
5 ـ ﺗﺎرﯾﺦ ﻋﺼﺮ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ : ﺧﺎﻣﺲ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ طﺎﻟﺐ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﮫ ﺷﺨﺼﯿﺘﮫ وﻋﺼﺮهِ ّ ﺑﻲ ﺪ اﻟﺼ د . ﻋﻠﻲ ﻣﺤﻤ اﻹھﺪاء

Transcript of ﺧﺎﻣﺲ اﻟﺨﻠﻔﺎء اﻟﺮاﺷﺪﯾﻦ أﻣﯿﺮ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ...

ـ تاریخ عصر الخلفاء الراشدین : 5

خامس الخلفاء الراشدین أمیر المؤمنین

الحسن بن علي بن أبي طالب رضي هللا

عنھ شخصیتھ وعصره

البي د الص د . علي محم

اإلھداء

إلى كل مسلم حریص على إعزاز دین هللا

تع��الى ونص��رتھ وال��دعوة إلی��ھ أھ��دي ھ��ذا الكت��ابسائال المولى عز وجل بأس�مائھ الحس�نى وص�فاتھ

العال أن یكون خالصا لوجھھ الكریم . فمن كان یرجو لقاء ربھ …قال تعالى ((

)) فلیعمل عمال صالحا وال یشرك بعبادة ربھ أحدایة : (الكھف ، اآل

110. ((

بسم هللا الرحمن الرحیم

إن الحمد � ، نحمده ونستعینھ ونستغفره ، ونعوذ با� من ش�رور أنفس�نا ومن سیئات أعمالنا ، من یھده هللا فال مضل لھ ، وم�ن یض�لل ف�ال ھ�ادي ل��ھ . وأش��ھد أن ال إل��ھ هللا وح��ده ال ش��ریك ل��ھ ، وأش��ھد أن محم��دا عب��ده

ورسولھ .

ح���ق تقات���ھ وال تم���وتن إال وأن���تم ی���ا (( ون)) (آل م س���ل م أیھ���ا ال���ذین آمن���وا اتق���وا � ) .102عمران ، اآلیة :

2

نھم�ا یا أیھا الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واح�دة وخل�ق منھ�ا زوجھ�ا وب�ث م (( ك�ان عل�یك ال�ذي تس�اءلون ب�ھ واألرح�ام إن � )) م رقیب�ا◌ رجاال كثیرا ونس�اء واتق�وا �

) .1(النساء ، اآلیة :

وقول��وا ق��وال (( أعم��الكم ویغف��ر لك��م یص�لح لك��م یدا * د س�� ی�ا أیھ��ا ال��ذین آمن��وا اتق�وا � ورس��ولھ فق��د ف��از ف��وزا عظیم��ا ، 70)) (األح��زاب ، اآلی��ة : ذن��وبكم وم��ن یط��ع �

71(

یا رب لك الحمد كما ینبغي لجالل وجھك وعظیم سلطانك ، ولك الحم�د حت�ى ترض�ى لرضى . ولك الحمد إذا رضیت ، ولك الحمد بعد ا

أما بعد :

ھذا الكتاب امتداد لدراسة عھد النبوة والخالفة الراشدة ، لقد صدرت مجموع�ة تحلی�ل أح�داث ، ومن الكت�ب ف�ي ھ�ذا الش�أن ، وھ�ي : الس�یرة النبوی�ة ، ع�رض وق�ائع

ل الخط�اب ف�ي س�یرة أمی�ر ص�یق بس�یرة أب�ي بك�ر الص�دیق ، وفـالض� عاالنشراح ورفوتیسیر الكریم المنان في سیرة أمیر المؤمنین عثمان ب�ن المؤمنین عمر بن الخطاب ،

عفان ، وأسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب ، لق�د س�میت ھ�ذا الكت��اب ، خ��امس الخلف��اء الراش��دین أمی��ر الم��ؤمنین الحس��ن ب��ن عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ،

ن مول�ده حت�ى شخصیتھ وعصره ، ویتحدث ھذا الكتاب عن أمی�ر الم�ؤمنین الحس�ن م�استشھاده ، فیبدأ بالحدیث عن إسمھ ونسبھ وكنیتھ وص�فتھ ولقب�ھ ، وتس�میة رس�ول هللا لھ ، وتأذین رسول هللا في أذنیھ وحل�ق ش�عر رأس�ھ ، وعقیقت�ھ ، ومرض�عتھ أم الفض�ل رض���ي هللا عنھ���ا وع���ن زواج���ھ وزوجات���ھ والروای���ات الت���ي ح���ولھن ، وبی���ان حقیق���ة

لحس�ن رض�ي هللا عن�ھ ك�ان مزواج�ا مطالق�ا ، كم�ا یتح�دث الروایات التي ت�زعم ب�أن االكتاب عن أوالده ، وأخوانھ وأخوات�ھ ، وأعمام�ھ وعمات�ھ ، وأخوال�ھ وخاالت�ھ ، وع�ن

ن مھرھ��ا وجھازھ��ا وزفافھ��ا ، وولیم��ة ـوالدت��ھ الس��یدة فاطم��ة رض��ي هللا عنھ��ا ، ع��علیھ�ا وص�دق عرسھا ، ومعیشتھا وزھدھا وصبرھا ، ومحبة رسول هللا لھ�ا وغیرت�ھ

لھجتھا وسیادتھا في الدنیا واآلخرة ، وبین الكتاب العالقة بین الصدیق والسیدة فاطم�ة

3

، ومیراث النبي صلى هللا علیھ وسلم . حقیقة عالقة السیدة فاطمة مع أبي بك�ر رض�ي هللا عن��ھ ، وع��ن وف��اة الس��یدة فاطم��ة رض��ي هللا عنھ��ا ، وفص��ل الكت��اب مكان��ة الس��ید

الحبیب المصطفى صلى هللا علیھ وسلم ، فأشار إلى محب�ة رس�ول هللا الحسن عند جده ورحمت��ھ بالحس��ن ومالعبت��ھ وال��دروس المس��تفادة م��ن ھ��دي النب��ي ف��ي التعام��ل م��ع األطفال ، كتقبیلھم والرأفة والرحم�ة باألطف�ال وم�داعبتھم ومم�ازحتھم وأھمی�ة الھ�دایا

والھم والس�ؤال ع�نھم واللع�ب معھ�م والعطایا التي تقدم لھم ، وحسن استقبالھم وتفقد أح، وتكلم الكتاب عن األحادیث الت�ي أش�ارت إل�ى ش�بھ الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ بالنبي صلى هللا علیھ وسلم ، وكون الحسن والحس�ین س�یدا ش�باب أھ�ل الجن�ة ، وقول�ھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : ھم��ا ریحانت��اي م��ن ال��دنیا ، وع��ن إع��الن رس��ول هللا ص��لى هللا

ھ وس��لم عل��ى الم��أل ع��ن ك��ون الحس��ن الس��ید ولع��ل هللا یص��لح ب��ھ ب��ین فئت��ین م��ن علی��المسلمین عظیمتین ، وذكرت األحادیث التي رواھا الحسن ب�ن عل�ي ع�ن ج�ده رس�ول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، ونقلت وص�ف رس�ول هللا ، كم�ا رواه الحس�ن ، وذك�رت م�ا

ناقش���ت آی���ة التطھی���ر ومن���اط ج���اء ف���ي فض���ائلھ ، كآی���ة التطھی���ر وح���دیث الكس���اء ، واالختالف بین أھل السنة والشیعة في ھذه اآلیة ، وبین�ت التفس�یر الص�حیح لآلی�ة عل�ى منھج علماء خیر القرون ومن سار على ھدیھم ، وذكرت آی�ة المباھل�ة ووف�د نص�ارى نجران وبینت عالقة ذلك بالحسن ، وأشرت إلى أثر التربیة األس�ریة عل�ى الحس�ن ب�ن

عنھ وأثر الواقع االجتماعي على تربیتھ . وأف�ردت مبحث�ا مس�تقال ع�ن علي رضي هللاحیاة الحسن في عھد الخلفاء الراشدین ، فتكلمت ع�ن مكان�ة الحس�ن ف�ي عھ�د الص�دیق وأھم األحداث التي أثرت في ثقافتھ ف�ي عص�ر أب�ي بك�ر وم�اذا إس�تفاد م�ن ذل�ك العھ�د

هللا ع�نھم جمیع�ا ، وتح�دثت ع�ن الزاھر ، وكذلك في عھد عمر وعثمان وعلي رضياس��تیعاب الحس��ن للفق��ھ الراش��دي ف��ي نظ��ام الحك��م ومف��اھیم اإلس��الم وعالقت��ھ الحمیم��ة بالخلفاء الراشدین ، وتعرضت لمعركة الجمل وصفین وموقف الحس�ن منھ�ا وتح�دثت عن استشھاد أمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ ووص�یة أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي للحس�ن

ي هللا عنھم��ا ، ونھ��ي أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي ع��ن المثل��ة بقاتل��ھ ، وخطب��ة والحس��ین رض��ھاد أبیھ ، وعن استقبال معاویة رضي هللا عنھ خبر مقتل علي رضي شالحسن بعد است

هللا عنھ ، وعن بیعة الحسن وشرطھ ف�ي البیع�ة وبط�الن قض�یة ال�نص عل�ى خالفت�ھ ، ، وتكلمت عن مدة خالفة أمیر وإنما اختارتھ األمة على وفق نظام الشورى المعروف

خالف�ة راش�دة تالمؤمنین الحسن ومعتقد أھل السنة في خالفتھ وأثبت بأن خالفت�ھ كان�حقة ألن مدتھ في الحكم كان�ت تتم�ة لم�دة الخالف�ة الراش�دة الت�ي أخب�ر النب�ي ص�لى هللا

م�ولى علیھ وسلم أن مدتھا ثالثون سنة ثم تصیر ملكا ، فقد روى الترمذي بإسناده إلى رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ق�ال : رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : الخالف�ة ف�ي

، وقد علق ابن كثیر على ھ�ذا الح�دیث فق�ال : إنم�ا 1أمتي ثالثون سنة ثم ملك بعد ذلكاألول عكملت الثالثون بخالفة الحسن بن علي ، فإنھ نزل عن الخالفة لمعاویة في ربی

ن ، وذلك كمال ثالثین سنة من م�وت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ في سنة إحدى وأربعیوس��لم ، فإن��ھ ت��وفي ف��ي ربی��ع األول س��نة إح��دى عش��رة م��ن الھج��رة ، وھ��ذا م��ن دالئ��ل

) حدیث حسن .397ـ 6/395سنن الترمذي مع شرحھا ، تحفة األحوذي ( 1

4

، وب�ذلك یك�ون الحس�ن خ�امس الخلف�اء 1النبوة صلوات هللا وس�المھ علی�ھ وس�لم تس�لیما: الخالف�ة ثالث�ون س�نة ث�م ، وعند اإلمام أحمد من حدیث سفینة أیض�ا بلف�ظ 2الراشدین

، وعند أب�ي داود بلف�ظ : خالف�ة النب�وة ثالث�ون س�نة ث�م ی�ؤتى هللا 3یكون بعد ذلك الملك، ولم یكن في الثالثین بعده صلى هللا علیھ وس�لم إال 4الملك من یشاء أو ملكھ من یشاء

ص�لى الخلفاء األربعة وأیام الحسن ، وقد قرر جمع من أھ�ل العل�م عن�د ش�رحھم لقول�ھ ر الت�ي ت�ولى فیھ�ا الحس�ن بع�د ھهللا علیھ وسلم الخالفة في أمتي ثالثون سنة ، أن األش�

موت أبیھ كانت داخلة في خالفة النبوة ومكملة لھا ، وھذه بعض أقول أھل العلم : ـ قال القاضي عیاض : رحمھ هللا : ل�م یك�ن ف�ي الثالث�ین س�نة إال الخلف�اء الراش�دون 1

الت��ي بوی��ع فیھ��ا الحس��ن ب��ن عل��ي والم��راد ف��ي ح��دیث : الخالف��ة األربع��ة ، واألش��ھر ثالثون سنة : خالفة النبوة فقد ج�اء مفس�را ف�ي بع�ض الروای�ات : خالف�ة النب�وة بع�دي

. 5ثالثون سنة ثم تكون ملكاـ وقال أبي العز الحنفي في شرح الطحاویة : وكانت خالفة أبي بكر الصدیق سنتین 2

م��ر عش��رة س��نین ونص��فا وخالف��ة عثم��ان اثنت��ي عش��رة س��نة ، وخالف��ة عش��ھرأوثالث��ة . 6وخالفة علي أربعة سنین وتسعة أشھر ، وخالفة الحسن ستة أشھر

ـ وقال ابن كثیر : والدلیل على أنھ أحد الخلفاء الراشدین الح�دیث ال�ذي أوردن�اه ف�ي 3س�نة ، م�ن طری�ق س�فینة م�ولى رس�ول هللا ق�ال : الخالف�ة بع�دي ثالث�ون 7دالئل النب�وة

. 8وإنما كلمت الثالثون بخالفة الحسن بن عليـ وق�ال اب�ن حج�ر الھیثم�ي : ھ�و آخ�ر الخلف�اء الراش�دین ب�نص ج�ده ص�لى هللا علی�ھ 4

وسلم ، ولي الخالفة بعد مقت�ل أبی�ھ بمبایع�ة أھ�ل الكوف�ة فأق�ام بھ�ا س�تة أش�ھر وأیام�ا ، دق المص��دوق بقول��ھ : خلیف��ة ح��ق وإم��ام ع��دل وص��دق تحقیق��ا لم��ا أخب��ر ب��ھ ج��ده الص��ا

، فھ�ذه 10، فإن تلك الستة أشھر ھي المكملة لتل�ك الثالث�ین 9الخالفة بعدي ثالثون سنةبعض أقوال أھل العلم في كون الحس�ن أح�د الخلف�اء الراش�دین ، فأھ�ل الس�نة یعتق�دون أن خالفة الحسن ، كانت خالفة حقة وأنھا جزء مكمل لخالف�ة النب�وة الت�ي أخب�ر النب�ي

. 11 علیھ وسلم أن مدتھا ثالثین سنةصلى هللاي ـھذا وقد بینت بأن ھناك خطبا نسبت للحسن ال تصلح ، وذك�رت أق�وال أھ�ل العل�م ف�

بعض الكتب ، ككتاب األغاني ألبي ف�رج األص�فھاني ، وال�ذي یعتب�ر م�ن الكت�ب الت�ي شوھت تاریخ صدر اإلسالم ، وھذا الكتاب ، كتاب أدب وسمر وغناء ومج�ون ول�یس

تاب علم وت�اریخ وفق�ھ ول�ھ طن�ین ورن�ین ف�ي آذان أھ�ل األدب والت�اریخ ، وق�د نقل�ت كأقوال أھل العلم في األصفھاني ، وعدم ثقتھم فیھ وتض�عیفھ واتھام�ھ ف�ي نقل�ھ ، وأثب�ت بالحجج والبراھین والدراسة العلمیة أن ھذا الكتاب ال یص�لح أساس�ا كمص�در للعل�م أو

) .11/134البدایة والنھایة ( 1 . 155مرویات خالفة معاویة ، خالد الغیث صـ ) ، 1/105مآثر األنافة ( 2 ) إسناده حسن .2/744فضائل الصحابة ( 3 ) .2/515) ، سنن أبي داود (3/779صحیح سنن أبي داود ( 4 ) .12/201شرح النووي على صحیح مسلم ( 5 . 545شرح الطحاویة صـ 6 ) .11/134البدایة والنھایة ( 7 ) .11/134المصدر نفسھ ( 8 ) .2/397أھل الرفض والضالل والزندقة ( ىعق المحرقة علالصوا 9

) .2/748عقیدة أھل السنة في الصحابة ( 10 ) .2/748عقیدة أھل السنة في الصحابة ( 11

5

ریخ ، ولقد كان لھذا الكتاب أثر كبیر في تشویھ تاریخن�ا مرجعا للبحث في األدب والتاول��ذلك وج��ب التح��ذیر من��ھ ، وم��ن الكت��ب الت��ي س��اھمت ف��ي تش��ویھ ت��اریخ الص��حابة بالباطل ، كتاب نھج البالغة ، فھذا الكتاب مطعون في سنده ومتنھ فقد جم�ع بع�د أمی�ر

نسبت الشیعة ت�ألیف المؤمنین علي رضي هللا عنھ بثالثة قرون ونصف بال سند ، وقد عن�د المح�دثین ل�و أس�ند خصوص�ا غیر مقب�ولنھج البالغة إلى الشریف الرضي وھو

فیما یوافق بدعتھ فكیف إذا لم یسند كما فعل في النھج ؟ وأما المتھم بوضع ال�نھج فھ�و أخوه علي ، وقد بینت أقوال العلماء في نھج البالغة .

الح�دیث ع�ن الص�حابة وم�ن أراد االس�تفادة إن كتاب نھج البالغة یجب الحذر منھ ف�يمن��ھ فعلی��ھ أن یع��رض المس��ائل العقائدی��ة واألحك��ام الش��رعیة ، وم��ا یتعل��ق بالص��حابة الك��رام عل��ى كت��اب هللا وس��نة رس��ولھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم فم��ا واف��ق الكت��اب والس��نة

ف��ال الص�حیحة الثابت��ة عن��د علم��اء المس��لمین ، ف��ال م�انع م��ن االس��تئناس ب��ھ وم��ا خ��الفیلتفت إلیھ ، فكتاب األغاني ونھج البالغة وغیرھا من الكت�ب الواھی�ة ال یمك�ن لطال�ب عل���م یحت���رم الحقیق���ة العلمی���ة والموض���وعیة والحیادی���ة أن یعتم���د علیھ���ا ف���ي البح���ث

التاریخي الجاد الذي یراد بھ وجھ هللا تعالى .شخص�یتھ تعتب�ر ھذا وقد تتبعت أھم ص�فات الحس�ن وحیات�ھ ف�ي المجتم�ع وأثبت�ت ب�أن

شخص��یة قیادی��ة ف��ذة وأن��ھ رض��ي هللا عن��ھ اتص��ف بص��فات القائ��د الرب��اني ، فم��ن أھ��م الصفات الت�ي أش�رت إلیھ�ا بع�د نظ�ره ، واس�تیعابھ لألح�داث الجاری�ة حول�ھ ، وقدرت�ھ على قیادة الجماھیر ، وعزیمة قوی�ة ف�ي تنفی�ذ األھ�داف المرس�ومة وق�د اتض�حت ھ�ذه

روعھ اإلص�الحي العظ�یم باإلض�افة إل�ى بع�ض الص�فات حدیثنا ع�ن مش� دالصفات عناألخ��رى . ك��العلم بالكت��اب والس��نة ، والعب��ادة الخاش��عة ، وزھ��ده الكبی��ر ف��ي الس��لطة وأم��ور ال��دنیا ، وإنفاق��ھ وكرم��ھ وج��وده وس��خاؤه ال��ذي ال یمی��ز ب��ین غن��ي وفقی��ر ، أو

والعطاء والك�رم صغیر وكبیر ، أو قریب أو بعید ، فقد كانت نفسھ مجبولة على البذل والسخاء في مرضاة هللا تعالى ، وكأن ھذه الشخصیة العظیمة مراد الشاعر :

إني لتطربني الخـالل كریمة طرب الغریب بأوبة وتالق ني ذكر المروءة والندى ویھز بین الشمائل ھـزة المشتاق فإذا رزقت خلیـقة محمودة مقسم األرزاق فقد اصطفاك فالناس ھذا حظھ مال ، وذا علم وذاك مكـارم األخالق

وم��ن ص��فاتھ الت��ي تح��دثت عنھ��ا حلم��ھ ، وتواض��عھ ، وس��یادتھ وش��رحت مفھ��وم ص��فة رالسیادة من خالل سیرة الحسن ، وبأن السیادة ال تكون بالقھر وسفك الدماء ، أو إھدا

ھوحقن� ھھا وإزالة البغضاء والشحناء ، فص�لحاألموال والحرمات ، بل السیادة بصیانت لدماء المسلمین بلغ فیھ رضي هللا عنھ ذروة السیادة .

6

وعشت مع الحسن في حیاتھ مع المجتمع ، وكیف كان ی�رد عل�ى المعتق�دات الفاس�دة ؟ ویھتم بقضاء حوائج الناس ، ویغار على نسبھ النب�وي الش�ریف ، ومعاملت�ھ لم�ن یس�ئ

ب�ین الن�اس ، وبع�ده ع�ن فض�ول الك�الم ، وتح�دثت ع�ن ثن�اء س�ادة إلیھ ، وحس�ن خلق�ھ يالمجتمع اإلسالمي علیھ ، وجمعت جملة من أقوالھ وخطب�ھ ومواعظ�ھ وش�رحتھا لك�

نستفید منھا في حیاتنا المعاصرة وأفردت مبحثا عن أھم الشخصیات التي كانت حول�ھ لحس�ن وھ�و م�ن دھ�اة واخترت قیس بن سعد بن عبادة الخزرجي ، فھ�و أول م�ا ب�ایع ا

عصره ، ومن أھم القیادات في جیش الحسن ، وعبی�د هللا ب�ن عب�اس ب�ن عب�د المطل�ب فھو من قادة جیوشھ ووالة أبیھ وق�د تع�رض ف�ي بع�ض كت�ب الت�اریخ للتش�ویھ ب�الزور والبھت��ان ول��ذلك اخترت��ھ وبین��ت حقیق��ة مواقف��ھ ، وم��ن الشخص��یات الت��ي كان��ت ح��ول

الكب��ار عب��د هللا ب�ن جعف��ر ب��ن أب��ي طال��ب فق��د استش��اره الحس�ن ویعتب��ر م��ن مستش��اریھ الحسن في الص�لح م�ع معاوی�ة ، فش�جعھ ودفع�ھ إل�ى ذل�ك ، فق�د رأی�ت أن أت�رجم لھ�ذه الشخصیات المھمة ، وھذا ینس�جم م�ع منھج�ي ف�ي الدراس�ة ال�ذي یھ�تم بس�یرة الحس�ن ا وعص��ره والشخص��یات الم��ؤثرة فی��ھ ، وم��ن خ��الل دراس��ة ھ��ذه الشخص��یات ، یمكنن��

الوصول إلى بعض معالم روح ذلك العصر .ووقفت مع صلح الحسن واعتبرتھ مشروعا إصالحیا عظیما ولذلك قمت بطرحھ وفق ھذه الرؤی�ة الت�ي وض�عھا الحس�ن وق�ام بتنفی�ذھا ، ف�ذكرت أھ�م المراح�ل الت�ي م�ر بھ�ا

ة الصلح وماذا حدث في كل مرحلة ، وتأملت في أھم أسباب الص�لح ودوافع�ھ ، كرغب�الحسن فیما عند هللا ، وحرصھ على حقن دماء المسلمین ووحدة األمة ، وتحقی�ق نب�وة رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم وغیرھ�ا م�ن ال�دوافع واألس�باب ، وق�د قم�ت بتوض�یح أقوال الحس�ن الت�ي كان�ت س�ببا ودافع�ا ل�ھ عل�ى الص�لح والت�ي ت�دل عل�ى فھم�ھ العمی�ق

عن شروط الصلح التي تمت بین الحس�ن ومعاوی�ة لمقاصد الشریعة الغراء . وتحدثت، والنت��ائج الت��ي ترتب��ت علی��ھ ، وبرھن��ت باألدل��ة التاریخی��ة أن الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ

كم��ا ی��زعم بع��ض الم��ؤرخین . ول��یس تن��ازل ع��ن الخالف��ة لمعاوی��ة م��ن موق��ف ق��وة ، ا وتظھر عظمة الحسن بن علي من خالل تصرفاتھ ومواقفھ في حیاتھ والتي من أھمھ�

تص��وره للمش��روع اإلص��الحي وقدرت��ھ الف��ذة عل��ى التنفی��ذ ، فك��م م��ن الن��اس یملك��ون تصورات ونظریات إصالحیة ولكنھم یعجزون على إسقاطھا في دنیا الناس .

م بع�ض الم�ؤرخین أن زع�ب التاریخیة ف�ي ھ�ذا الكت�اب مث�ل وقد ناقشت بعض األكاذیم أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي رض�ي الدولة األمویة في عھد معاویة عممت على منابرھ�ا ش�ت

هللا عن��ھ ، فأثبت��ت ب��البراھین واألدل��ة ، والش��واھد الص��حیحة عل��ى بط��الن ھ��ذه الفری��ة والتي التقطھا بعض كت�اب الت�اریخ دون إخض�اعھا للنق�د والتحلی�ل حت�ى ص�ارت عن�د بعض المتأخرین من المسلمات التي ال مجال لمناقشتھا وھي دعوة مفتق�رة إل�ى ص�حة

الس��ند م��ن الج��رح والم��تن م��ن االعت��راض ، ومعل��وم وزن مث��ل ھ��ذه النق��ل وس��المةالدعوى عند المحقق�ین والب�احثین الج�ادین ، علم�ا ب�أن الت�اریخ الص�حیح یثب�ت احت�رام وتقدیر معاویة ألمیر المؤمنین على وأھل بیتھ األطھ�ار ، كم�ا بین�ت حقیق�ة ال�تھم الت�ي

نھ بدس السم للحسن وأثبت ب�أن ذل�ك ألصقتھا بعض كتب التاریخ بمعاویة واتھامھ وابال یثب��ت م��ن حی��ث الس��ند والم��تن مع��ا ومض��یت م��ع الحس��ن بع��د اس��تقراره ف��ي المدین��ة

7

وبع��دما أص��بح إم��ام ألف��ة األم��ة ، وقط��ب دائرتھ��ا وزع��یم وح��دتھا ب��دون من��افس ق��ال الشاعر :

في روض فاطمة نما غصنان لم لم ینجبھما في النیران سواھا ر قافلة الجھاد وقطب دائرةفأمی الوئـام واالتحـاد أبنـاھا حسن الذي صان الجماعة بعدما أمس تفرقھا یحـل عـراھا اریترك اإلمامة ثم أصبح في الد إمـام ألفتھا وحسن عالھا

من وأشرت إلى صلة الحسن بمعاویة رضي هللا عنھما ، بعد الصلح ، واألیام األخیرةحیاتھ ووصیتھ للحس�ین رض�ي هللا عنھم�ا ، وتفك�ره ف�ي ملك�وت هللا ، واحتس�ابھ نفس�ھ

عند هللا ثم استشھاده ودفنھ في البقیع بالمدینة رضي هللا عنھ .إن سیرة الحسن بن علي رضي هللا عنھ توضح لنا أھمیة امتالك القائد لرؤیة مستقبلیة

ملك الرؤیة اإلصالحیة والقدرة على التنفیذ ، یسیر على ھداھا مستعینا با� ، فالحسن مع وضوح المراحل ، واألسباب والشروط والنتائج ومعرف�ة العوائ�ق وكیفی�ة التعام�ل معھا وترك لنا معالم نیرة في فقھ الخالف ، والمصالح والمفاسد ، ومقاصد الشریعة ،

هللا ، فاألس�ر واء النف�وس وأمراض�ھا ابتغ�اء م�ا عن�دـوالمفاوضات ، والتغلب عل�ى أھ�الحاكم����ة ، واألح����زاب الناش����طة ، والمؤسس����ات القائم����ة ، والحرك����ات اإلس����المیة

ي أش�د الحاج�ة لفق�ھ مدرس�ة الحس�ن ـوالجمعیات الھادفة في عالمنا اإلس�المي الكبی�ر ف�في رأب الصدع ،وتوحید الصف ، وحقن الدماء وجمع الكلمة ، فالحس�ن خلیف�ة راش�د

ال : ـقھھ أرشدنا إلیھ رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم حی�ث ق�واالقتداء بھ واإلھتمام بف . 1علیكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدین المھدیین من بعدي

إن الباحث لیستغرب من ضعف وجود فقھ الحسن ف�ي ذاك�رة األم�ة ، كم�ا أن�ھ یتعج�ب م��ن اخت��زل فقھ��ھ ومش��روعھ اإلص��الحي العظ��یم ف��ي ثقافتن��ا ، فنھض��ة الش��عوب م��ن

جاحھا االلتفاف إلى ماضیھا لخدمة حاضرھا واستشراف مستقبلھا ، فالتاریخ عوامل نـ كما ھو معروف ـ ذاك�رة األم�ة ، ومس�تودع تجاربھ�ا ومعارفھ�ا وھ�و عقلھ�ا الظ�اھر والب��اطن وخزان��ة قیمھ��ا ومآثرھ��ا وأس��اس شخص��یتھا الغ��ائرة ف��ي الق��دم والممت��دة م��ع

شف أعماقھا ولخلفائ�ھ الراش�دین ت�اریخ الزمن ولھ صلى هللا علیھ وسلم سیرة لما تستكحاف��ل عظ��یم ، وألمت��ھ ت��اریخ یزھ��و عل��ى ت��اریخ األم��م والش��عوب وال��دول ، فعلین��ا أن نستفید من ھ�ذا الت�اریخ العری�ق ونس�تخرج من�ھ ال�دروس والعب�ر والم�واعظ والس�نن ، ونستوعب فقھ الحضارات ، ونس�تلھم م�ن القص�ص القرآن�ي ، والھ�دي النب�وي والبع�د

ریخي ، رؤی��ة ش��املة لنھض��ة أمتن��ا بم��ا ی��تالءم م��ع حاض��رنا ك��ي تق��وم ب��دورھا الت��اري المنشود في ھدایة الناس ، ویتأكد للقرون الباقیة م�ن عم�ر ال�دنیا أن رس�الة االحض

اإلسالم الخالدة التي بعث بھا نبین�ا محم�د ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ل�م تف�ن ول�ن تفن�ى وإن

) حسن صحیح .5/44) ، سنن الترمذي (4/201سنن أبي داود ( 1

8

بعیونن��ا ف��ي ننظ��رة إل��ى ی��وم ال��دین ، وعلین��ا أن الق��رآن الك��ریم ھ��و كلم��ة الح��ق الباقی�� أمورنا قبل أن نحتاج إلیھا لكي نبكي بھا طویال .

ھ��ذا وق��د حرص��ت بق��در االس��تطاعة عل��ى تن��اول شخص��یة أمی��ر الم��ؤمنین الحس��ن م��ن جوانبھ��ا المتنوع��ة ، فحیات��ھ ، ص��فحة مش��رقة ف��ي ت��اریخ األم��ة وھ��و م��ن األئم��ة ال��ذین

والھم وأفع�الھم ف�ي ھ�ذه الحی�اة ، فس�یرتھ م�ن أق�وى مص�ادر یتأسى الن�اس بھ�دیھم وب�أقاإلیمان والعاطفة اإلسالمیة الصحیحة والفھم السلیم لھذا الدین فنتعلم من س�یرتھ ، فق�ھ الخالف ، والمصالح والمفاسد ومقاصد الشریعة ، واالستعالء على حظ�وظ النف�وس ،

برس�ول هللا ص�لى هللا علی��ھ وكی�ف نع�یش م�ع الق�رآن الك�ریم ، ونھت�دي بھدی�ھ ونقت�دي وسلم ، ویعمق في قلوبنا فقھ القدوم على هللا من خالل أقوالھ وأفعالھ وأث�ر ھ�ذه العل�وم في حیاة األمة ، ونھوضھا وقیامھ�ا ب�دورھا الحض�اري المنش�ود ، فل�ذلك اجتھ�دت ف�ي دراسة شخصیتھ وعصره حسب وسعي وطاقتي ، غیر مدع عصمة ، وال متبرئ من

هللا الكریم ال غیره قصدت ، وثواب�ھ أردت ، وھ�و المس�ؤول ف�ي المعون�ة زلة ، ووجھ علیھ ، واالنتفاع بھ إنھ طیب األسماء وسمیع الدعاء .

1425/ص��فر/21ھ��ذا وق��د انتھی��ت م��ن سلس��لة ت��اریخ عص��ر الخلف��اء الراش��دین ف��ي م الس��اعة العاش��رة إال رب��ع ل��یال والفض��ل � م��ن قب��ل وم��ن بع��د 11/4/2004المواف��ق

دیقین والشھداء والص�الحین ، و أسألھ البركة والقبول ، وأن یكرمنا برفقة النبیین والص للناس من رحمة فال ممسك لھ�ا وم�ا یمس�ك ف�ال مرس�ل ل�ھ م�ن بع�ده وھ�و ال لى : ((اقال تع عزی�ز ما یفتح �

) .2: )) (فاطر ، اآلیةالحكیم وبھذا الكتاب أضع سلسلة عصر الخلفاء الراشدین بین یدي قارئھا ، وال أدعي الكمال

فیھا ، قال الناظم : وما بھا من خطأ ومن خلل أذنت في إصالحھ لمن فعل لكن بشرط العلم واإلنصاف فذا وذا من أجمل األوصاف وهللا یھدي سـبل السـالم بحبلھ اعتصـامي سـبحانھ

فللھ الحمد على ما من بھ عل�ي أوال وآخ�را ، وأس�ألھ س�بحانھ بأس�مائھ الحس�نى وصفاتھ العال أن یجعل ھذه السلس�لة التاریخی�ة لوجھ�ھ خالص�ة ، ولعب�اده نافع�ة ، وأن یثیبني عل�ى ك�ل ح�رف كتبت�ھ ویجعل�ھ ف�ي می�زان حس�ناتي ، وأن یثی�ب إخ�واني ال�ذین

ما یملك�ون م�ن أج�ل إتم�ام ھ�ذا الجھ�د المتواض�ع ، ونرج�و م�ن الق�ارئ أعانوني بكافة الكریم أن ال ینسى العبد الفقیر إلى عفو رب�ھ ومغفرت�ھ ورحمت�ھ ورض�وانھ ف�ي ص�الح دعائ��ھ ((رب أوزعن��ي أن أش��كر نعمت��ك الت��ي أنعم��ت عل��ي وعل��ى وال��دي وأن أعم��ل

) .19نمل ، اآلیة : صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحین)) (الوصلى هللا علي سیدنا محمد وعلى آلھ وصحبھ وسلم ، سبحانك اللھم وبحم�دك ، أش��ھد أن ال إل��ھ إال أن��ت ، اس��تغفرك وأت��وب إلی��ك ، وآخ��ر دعوان��ا أن الحم��د � رب

العالمین .

9

الفقیر إلى عفو ربھ ومغفرتھ ورحمتھ ورضوانھ

الصالبي علي محمد محمد ھـ1425/صفر/21

االخوة : القراء الكرام

یسر المؤلف أن تصلھ مالحظاتكم حول ھذا الكتاب وغیره من كتب��ھ م��ن خ��الل دور النش��ر ، ویطل��ب م��ن إخوان��ھ ال��دعاء ف��ي ظھ��ر الغی��ب ب��اإلخالص والص��واب ، ومواص��لة المس��یرة ف��ي خدم��ة ت��اریخ

أمتنا .

الفصل األول

الحسن بن علي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ من�ذ والدت�ھ حت�ى : خالفتھ

المبحث األول : اسمھ ونسبھ وكنیت�ھ وص�فتھ وأس�رتھ ف�ي عھ�د

النبوة :

أوال : اسمھ ونسبھ وكنیتھ :عب�د المطل�ب ب�ن ھاش�م ب�ن عب�د ب�ن ھو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طال�ب

، فھو سبط رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم 2، المدني الشھید 1مناف الھاشمي القرشيفاطمة بنت رس�ول هللا ةوھو سید شباب أھل الجنة ، فھو ابن السید اینوریحانتھ من الد

) .3/246سیر أعالم النبالء ( 1 ) .3/246المصدر نفسھ ( 2

10

صلى هللا علیھ وسلم ، وأبوه أمیر المؤمنین علي رص�ي هللا عن�ھ ، وحفی�د أم الم�ؤمنین خدیجة وخامس الخلفاء الراشدین .

وفقھ النبي في تسمیة الموالید : بھ :ثانیا : مولده وتسمیتھ ولق

ول�د رض�ي هللا عن��ھ وأرض�اه ف�ي رمض��ان س�نة ث�الث م��ن الھج�رة النبوی�ة عل��ى الصحیح ، وقیل : ولد ف�ي ش�عبان ، وقی�ل : ول�د بع�د ذل�ك ق�ال اللی�ث ب�ن س�عد : ول�دت فاطمة بن�ت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم الحس�ن ب�ن عل�ي ف�ي ش�ھر رمض�ان م�ن

، وقال البرقي أحمد ب�ن 1من شعبان سنة أربع نلحسین في لیال خلوثالث ، وولدت اعبد هللا بن عبد الرحیم : ولد الحسن في النصف م�ن رمض�ان س�نة ث�الث م�ن الھج�رة

، وقال علي بن أبي طالب رضي هللا عن�ھ ، 3، ومثلھ قالھ ابن سعد في طبقاتھ 2النبویة علی��ھ وس��لم فق��ال أرون��ي ابن��ي م��ا لم��ا ول��د الحس��ن س��میتھ حرب��ا فج��اء النب��ي ص��لى هللا

سمیتموه ؟ قلنا : حربا ، قال : ال ، بل ھو حسن ، فلما ولد الحسین سمیتھ حربا ، فجاء النبي صلى هللا علیھ وسلم فقال : أروني ابني ما سمیتموه ؟ ، قلنا : حربا قال : بل ھ�و

م ق�ال : إن�ي س�میتھم حسین . فلما ولد الثال�ث س�میتھ حرب�ا ، فق�ال : ب�ل ھ�و محس�ن ، ث�، وقد فرح رسول هللا بھذا المولود الجدید وس�ارع 4وشبیر ومشبر بربولد ھارون : ش

الناس بتھنئة األبوین بھذا السبط المبارك ، وق�د ك�ان الس�لف الص�الح رض�ي هللا ع�نھم یسرعون في زف البشرى ألھل المولود الجدید وق�د ثب�ت ع�ن الحس�ن البص�ري تھنئ�ة

ھا : بورك لك في الموھوب وشكرت الواھب ورزقت ب�ره وبل�غ أش�ده ، لطیفة یقول فیونالحظ أن رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم عن�دما س�مى الحس�ن والحس�ین رض�ي هللا عنھما عدل بھما عن مسمیات قب�ل اإلس�الم وم�ا ت�دل علی�ھ أس�ماؤھا م�ن القت�ال وس�فك

وصف الحسن رض�ي هللا عن�ھ ، وقد 5الدماء فاختار لھما أكرم األسماء وأجل المعانيبالسید ولقبھ بھذا اللقب جده الرسول الكریم محم�د ص�لى هللا علی�ھ وس�لم كم�ا ج�اء ف�ي

6الحدیث الصحیح : إن ابني ھذا سید ولع�ل هللا أن یص�لح ب�ھ ب�ین فئت�ین م�ن المس�لمینتعلم من ھدي النبي صلى هللا علیھ وسلم قیمة مھمة ف�ي حیاتن�ا وھ�ي الح�رص عل�ى نوأجمل وأحسن األسماء ألبنائنا وھذا توجیھ لآلباء واألمھات على اختی�ار االس�م ختیارا

الحسن في اللفظ والمعنى في قالب النظر الشرعي واللسان العربي ، فیك�ون : حس�نا ، عذبا عل�ى اللس�ان ، مقب�وال لألس�ماع ، یحم�ل معن�ى ش�ریفا كریم�ا ، ووص�فا ص�ادقا ،

على تحریمھ أو كراھتھ ، مثل : شوائب التشبھ والمع�اني خالیا مما دلت علیھ الشریعةخوة ومعنى ھذا أن ال یختار األب المسلم اسما إال وقد قلب النظر ف�ي س�المة لفظ�ھ الر

متھ مم�ا یح�ذر ، فھ�و الومعناه على علم ووع�ي وإدراك ، وإن یستش�یر بص�یرا ف�ي س�ال�ده أن یخت�ار ل�ھ أم�ا كریم�ة وأن أسلم وأحكم ، ومن الجاري قولھم : حق الولد على و

یسمیھ اسما حسنا ، وأن یورثھ أدبا حسنا وقد بین العلماء أن لألسماء المشروعة رت�ب ومنازل وھي مستحبة وجائزة وھي على الترتیب كاآلتي :

. 71الدوحة النبویة صـ )1/23نسب قریش ( 1 . 69الذریة الطاھرة للدوالبي صـ 2 ) .1/226الطبقات ( 3 ) إسناد الحدیث صحیح .15/410) صحیح ابن حبان (118، 1/98مسند أحمد ( 4 . 16الحسن بن علي ودوره السیاسي ، فیتخان كردي صـ 5 ) .2/306البخاري ( 6

11

عب��د هللا وعب��د ال��رحمن وھم��ا اس��تحباب التس��میة بھ��ذین األس��مین : 01

ما ثبت الح�دیث ب�ذلك ع�ن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم أحب األسماء إلى هللا تعالى ، كمن األسماء المتضمنة العبودیة � في معانیھا ومیزة ھذه األسماء ، أنھا أص�دق تعبی�ر عل��ى حقیق��ة عبودی��ة اإلنس��ان لرب��ھ وفق��ره وذل��ھ ل��ھ ، م��ن ح��دیث اب��ن عم��ر رض��ي هللا

، وذل��ك 1ال��رحمن عنھم��ا ، حی��ث ق��ال : إن أح��ب أس��مائكم إل��ى هللا : عب��د هللا وعب��دالشتمالھما على وصف العبودیة . وقد خصھا هللا في القرآن ، بإضافة العبودیة إلیھم�ا

ی�دعوه ك�ادوا یكون�ون دون سائر أسمائھ الحسنى ، وذلك في قولھ تعالى : " ا قام عب�د � وأنھ لمحمن : " ) وقولھ تعالى19" (الجن، آیة : علیھ لبدا ) ، وجمع 63الفرقان ، آیة : " (وعباد الر

حمن أی�ا ما تدعوا فلھ األسماء الحسنىبینھما في قولھ تعالى : " أو ادعوا الر " (اإلس�راء قل ادعوا �هللا رض�ي ) وقد سمي النبي صلى هللا علیھ وسلم ابن عمھ العباس : عب�د 110، آیة :

هللا عنھما وفي الصحابة رضي هللا عنھم نحو ثالثمائة رجل كل م�نھم اس�مھ عب�د هللا ، . 2وبھ سمي أول مولود للمھاجرین بعد الھجرة إلى المدینة ، عبد هللا بن الزبیر

م س�ادات بن�ي آدم وأخالقھ�م ـألنھ�ـ التسمیة بأس�ماء أنبی�اء هللا ورس�لھ : 3

أزكى األعمال ، فالتسمیة بأسمائھم تذكر بھ�م وبأوص�افھم أشرف األخالق ، وأعمالھموأحوالھم وقد أجمع العلماء على جواز التسمیة بھم ، ولن�ا ف�ي رس�ول هللا أس�وة حس�نة حیث سمى ابنھ إبراھیم ، وأفضل أسماء األنبیاء : اسم نبینا ورسولنا محمد بن عبد هللا

. 3مرسلین أجمعینصلى هللا علیھ وسلم وعلى إخوانھ من النبیین وال

وص�حابة رس�ول هللا إل�ى ـ التسمیة بأسماء الصالحین من المس�لمین : 4یوم الدین وقد كان لصحابة رسول هللا نظر لطیف في ذل�ك ، فھ�ذا الص�حابي ، الزبی�ر

ـ وھم تسعة ـ بأسماء بعض ش�ھداء ب�در رض�ي یسمي أوالده بن العوام رضي هللا عنھ ، المنذر ، عروة ، حمزة ، جعفر ، مصعب ، عبیدة وخالد .هللا عنھم ، وھم : عبد هللا

روطھ بش��ـ ث��م ی��أتي م��ن األس��ماء م��ا ك��ان وص��فا ص��ادقا لإلنس��ان : 5

وآدابھ واسم المولود یكتسب الصفة الشرعیة متى توفرت فیھ ، وھذه شروط منھ :ه كون حسن المبنى والمعنى لغة وش�رعا ، ویخ�رج بھ�ذا ك�ل اس�م مح�رم أو مك�رویأن

إما في لفظھ أو معناه أو فیھما كلیھما وإن كان جاریا في نظام العربی�ة ، كالتس�مي بم�ا وق�د ق�ام رس�ول 4معناه التزكیة ، أم المذمة أو السب ، بل یس�مى بم�ا ك�ان ص�دقا وحق�ا

هللا صلى هللا علیھ وسلم بذلك .وقد دل�ت الش�ریعة عل�ى تح�ریم تس�میة المول�ود ف�ي واح�د م�ن الوج�وه

تیة :اآل 2132مسلم رقم 1 . 33بد هللا أبو زید تسمیة المولود ، بكر ع 2 . 36، 35تسمیة المولود صـ 3 . 39المصد نفسھ صـ 4

12

ـ اتفق المسلمون على أنھ ، یح�رم ك�ل اس�م معب�د لغی�ر هللا مث�ل عب�د الرس�ول ، عب�د 1النبي ، عبد علي ، عبد الحسین ، عبد األمیر ـ یعني أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي ب�ن أب�ي طال���ب رض���ي هللا عن���ھ ـ عب���د الص���احب ، ف���الخلق كلھ���م مھم���ا عل���وا فھ���م عب���اد

ع�الى ھ�و المس�تحق وح�ده للعب�ادة ، ف�ال ینبغ�ي خاضعون ذلیل�ون فق�راء � ، وهللا ت التسمیة بالتعبید لغیر هللا من خلقھ .

ـ التسمیة باألسماء األعجمیة المولدة للكافرین الخاصة بھ�م والمس�لم المطم�ئن بدین�ھ 2یبتعد عنھا وینفر منھا وال یحوم حولھا وقد عظمت الفتن�ة بھ�ا ف�ي زمانن�ا ، فیل�تقط

وأمریك�ا وغیرھ�ا ، وھ�ذا م�ن أش�د م�واطن اإلث�م وأس�باب فر م�ن أورب�ا ،ااسم الك�الخ��ذالن ، ومنھ��ا : بط��رس ، ج��رجس ، ج��ورج ، دیان��ا .. وغیرھ��ا . وھ��ذا التقلی��د

ي بأسمائھم ، إن لل ك�ان مج�رد ھ�وى وب�الدة ذھ�ن ، فھ�و معص�یة كافرین في التسمة المول�ود الشیخ بكر بن عب�د هللا أب�و زی�د ف�ي كتاب�ھ تس�می ، وقد فصل 1كبیرة وإثم

. 2فمن أراد الزیادة والتوسع فلیراجعھ

ثالثا : تأذین رسول هللا في أذن الحسن :ع�ن لما ولد الحسن أذن رسول صلى هللا علیھ وسلم في أذنی�ھ بالص�الة كم�ا روي ذل�ك

، والسر في ذلك وحكمتھ كما قال الدھلوي : ـ رحمھ هللا ـ : 3أبو رافع .ـ األذان من شعائر اإلسالم 1 ـ إعالم الدین اإلسالمي . 2 ـ ثم ال بد من تخصیص المولود بذلك األذان بأن یصوت في أذنھ . 3ـ علمت أن من خاصیة األذان أن یفر منھ الشیطان ، والشیطان یؤذي الولد في أول 4

نش���أتھ ، فق���د ثب���ت أن النب���ي ص���لى هللا علی���ھ وس���لم ق���ال : م���ا م���ن مول���د یول���د إال ، وثبت قول�ھ 5إال مریم وابنھا 4صارخا من مس الشیطان والشیطان یمسھ فیستھل

صلى هللا علیھ وسلم : إذا نودي للصالة أدبر الش�یطان ول�ھ ض�راط حت�ى ال یس�مع . وأضاف ابن القیم ـ رحمھ هللا ـ أسرارا أخرى للتأذین فقال : 6التأذین

ت��ھ وعظم ـ أن یك��ون أول م��ا یق��رع س��مع اإلنس��ان كلمات��ھ المتض��منة لكبری��اء ال��رب 5ا في اإلسالم ، فكان ذلك كالتلقین ل�ھ ش�عار اإلس�الم والشھادة التي أول ما یدخل بھ

عند دخولھ الدنیا ، كما یلقن التوحید عند خروجھ منھا .ـ وغیر مستنكر وصول أثر التأذین إلى قلبھ وت�أثیره ب�ھ ، وإن ل�م یش�عر م�ع م�ا ف�ي 6

ذلك فائدة أخرى وھي :لمات األذان ، وھو كان یرصده حتى یولد ، فیقارنھ للمحن�ة ـ ھروب الشیطان من ك 7

التي قدرھا هللا وشاءھا ، فیسمع شیطانھ ما یضعفھ ویغیظھ أول أوقات تعلقھ بھ .

. 47تسمیة المولود ، بكر بن عبد هللا بن زید صـ 1 . 47تسمیة المولود ، بكر بن عبد هللا بن زید صـ 2 2530منكر الحدیث كما في الكاشف ) إسناده ضعیف فیھ عاصم بن عبید هللا ، ضعفھ ابن معین وقال البخاري :5105سنن أبي داود ( 3. ) .2/385حجة هللا البالغة ( 4 . 4548) رقم 5/196البخاري ( 5 . 608) رقم 1/170البخاري ( 6

13

ـ وفیھ معنى آخر وھو أن تك�ون دعوت�ھ إل�ى هللا وإل�ى دین�ھ اإلس�الم وإل�ى عبادت�ھ ، 8علیھ��ا عل��ى تغیی��ر س��ابقة عل��ى دع��وة الش��یطان كم��ا كان��ت فط��رة هللا الت��ي فط��ر

تعلم من ھدى النبي صلى ن، وھكذا 1الشیطان لھا ونقلھ عنھا ولغیر ذلك من الحكمهللا علیھ وسلم ، استحباب األذان في أذن المولود الیمنى ثم تق�ام الص�الة ف�ي األذن الیسرى ، وب�ذلك یك�ون أول م�ا یالم�س أذنی�ھ ال�دعوة إل�ى ال�ركن ال�ركین ف�ي ھ�ذا

. 2ب العالمینالدین بعد توحید ر

رابعا : تحنیك المولود :وع��ن عائش��ة رض��ي هللا عنھ��ا أن النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ك��ان ی��ؤتي بالص��بیان ،

، فم��ن ب��اب أول��ى أن یك��ون ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ب��رك عل��ى 3فیب��رك عل��یھم ویح��نكھما : الحسن وحنكھ ، یقول النووي ـ رحمھ هللا ـ معلق�ا عل�ى ق�ول عائش�ة رض�ي هللا عنھ�

فیبرك علیھم أي یدعو لھم ویمسح علیھم وأصل البركة ثبوت الخیر وكثرت�ھ ، وقولھ�ا 4: فیحنكھم : قال أھل اللغة التحنیك أن یمضغ التمر أو نحوه ثم یدلك بھ حنك الصغیر

والتحنك یكون عقب التأذین إن أمكن ذلك ، ویفضل إن أمك�ن أن یق�وم بالتحنی�ك رج�ل حابة الكرام حیث حرصوا على إرسال أبنائھم إلى النب�ي في ذلك تأسي بالصوصالح ،

صلى هللا علیھ وسلم لیحنكھم ، ویستخدم في التحنیك التمر ، فإن لم یوجد فش�ئ حل�و ، وسبب ذلك :

ـ ألن التمر مثل حلیب األم ، یحمل جمیع الفیتامینات التي یحتاجھا جسم الغالم . 1إذا استخدمت معھ التمر تنبھ�ت ھ�ذه الحاس�ة ـ الغالم الصغیر یولد بحاسة التذوق ، ف 2

وحرك لسانھ وفمھ ، فكان بذلك أقدر على التقام ثدي أمھ عند الرضاع .ـ المعدة تمتص السكریات بسرعة فائقة ، وبذلك ال یشكل التحنیك أي معاناة معوی�ة 3

. 5للغالمتح�ت عن�وان ) في مقالت�ھ 50یقول الدكتور فاروق مساھل ـ مجلة األمة القطریة عدد (

ـ� إھتم��ام اإلس�الم بتغذی��ة الطف�ل معلق��ا عل��ى ح�دیث التحنی��ك م�ا نص��ھ ـ والتحنی��ك بك��ل المقاییس معجزة نبویة طبیة مكثت البشریة أربعة عشر قرن�ا م�ن الزم�ان لك�ي تع�رف الھ��دف والحكم��ة م��ن ورائھ��ا ، فلق��د تب��ین لألطب��اء أن ك��ل األطف��ال الص��غار وخاص��ة

ون للموت لو حدث أحد أمرین :حدیثي الوالدة والرضع معرض ـ إذا نقصت كمیة السكر في الدم بالجوع .

6ـ إذا انخفضت درجة حرارة أجسامھم عند التعرض للجو البارد المحیط بھم

خامسا : حلق شعر رأس الحسن رضي هللا عنھ :

تحقیق فواز أحمد زمزلي . 54منھج التربیة النبویة للطفل ، محمد سوید نقال عن تحفة المودود البن القیم صـ 1 . 66، نصر العنقري صـ موسوعة تربیة األجیال المسلمة 2 . 286) رقم 1/237مسلم ( 3 شرح النووي على صحیح مسلم . 4 . 68موسوعة تربیة األجیال المسلمة صـ 5 . 64منھج التربیة النبویة صـ 6

14

عن جعفر بن محمد ، عن أبیھ : أن فاطمة حلقت حس�نا وحس�ینا ی�وم س�ابعمھا فوزن�ت 2، واألحادیث في ھذا الباب صحیحة بمجموع طرقھا 1ما فتصدقت بوزنھ فضةشعرھ

. وقال الشیخ الدھلوي ـ رحمھ هللا ـ معلقا على الحدیث : السبب في التصدق بالفضة ، أن الولد لما انتقل من الجنینیة إلى الطفلیة كان ذلك نعمة یجب شكرھا وأحس�ن م�ا یق�ع

وأما تخصیص الفضة فألن ال�ذھب أغل�ى وال یج�ده أنھ عوضھ ... 3بھ الشكر ما یؤذن . 4إال غني وسائر المتاع لیس لھ بال بزنة شعر المولود

سادسا : العقیقة :

عن ابن عباس رضي هللا عنھما : أن رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم عق ع�ن الحس�ن أن حس�ن ب�ن ، وعن أب�ي راف�ع : 6، وفي روایة : كبشین كبشین 5والحسین كبشا كبشا

ھ أن تعق عنھ بكبشین ، فقال رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : علي لما ولد أرادت أمال تعقي عنھ ، ولكن أحلقي شعر رأسھ فتصدقي بوزنھ من الورق ، ث�م ول�د الحس�ین ،

لھ عنھ�ا ذل�ك ال 7فصنعت مثل ذلك وإنما صرفھا صلى هللا علیھ وسلم عن العقیقة لتحم رض�ي هللا عن�ھ : ع�ق رس�ول هللا ص�لى هللا ي◌◌ باألصالة . یدل علیھ حدیث عل تركا

علی�ھ وس��لم ع�ن الحس��ن (بش��اة) وق�ال : ی��ا فاطم�ة أحلق��ي رأس��ھ وتص�دقي بزن��ة ش��عره ج�ھ الترم�ذي ة ، فوزناه فكان وزن�ھ درھم�ا أو بع�ض درھ�م خر ، وق�د روي ع�ن 8فض

، ولع��ل فاطم��ة 9بل��ة فخ��ذ ش��اة ودین��ارا واح��دا فاطم��ة أنھ��ا عق��ت عنھم��ا وأعط��ت القاباش��رت اإلعط��اء ، وك��ان مم��ا ع��ق ب��ھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ع��ن الحس��ن ی��وم س��ابعھ بكبشین أملحین ، وأعطى القابلة الفخذ ، وحلق رأسھ وتص�دق بزن�ة الش�عر ، ث�م طل�ى

لجاھلی�ة . فلم�ا ك�ان ثم قال : ی�ا أس�ماء ، ال�دم م�ن فع�ل ا 10رأسھ بیده المباركة بالخلوق. إن للعقیقة فوائد جمة منھا ، أنھا قربان عن المولود یقدم إلى 11بعد حول ولد الحسین

تقدم الشكر على ما أنعم هللا علیك وغیر ذلك من لكهللا مع خروج الغالم إلى الدنیا وبذسك بھما الفوائد وقد قال الشیخ الدھلوي ـ رحمھ هللا ـ : یستحب لمن وجد الشاتین أن ین

ع��ن الغ��الم وذل��ك لم��ا عن��دھم أن ال��ذكران أنف��ع لھ��م م��ن اإلن��اث فتناس��ب زی��ادة الش��كر وزی��ادة التنوی��ھ أم��ا س��بب األم��ر بالعقیق��ة فھ��و أن الع��رب ك��انوا یعق��ون ع��ن أوالدھ��م ، وكانت العقیقة أمرا الزما عن�دھم وس�نة مؤك�دة وك�ان فیھ�ا مص�الح كثی�رة راجع�ة إلی�ھ

یة والنفسیة فأبقاھا الرسول ـ صلى هللا علی�ھ وس�لم ـ وعم�ل بھ�ا المصلحة الملیة والمدنورغب الن�اس فیھ�ا إال أن رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ غی�ر ف�ي تقالی�دھا ، فع�ن بریدة رضي هللا عنھ قال : كنا ف�ي الجاھلی�ة إذا ول�د لن�ا غ�الم ذبحن�ا عن�ھ ش�اة ولطخن�ا

) إسناده مرسل .1/231الطبقات ، الطبقة الخامسة ( 1 . 72موسوعة تربیة األجیال صـ 2 یؤذن : یشعر . 3 ) .2/385 البالغة (حجة هللا 4 في إسناده ضعف . 2841سنن أبي داود في األضاحي رقم 5 ) باب كم یعق عن الجاریة إسناده صحیح .7/166سنن النسائي ( 6 ) في إسناده ضعف .6/392مسند أحمد ( 7 حسن غریب إسناده لیس متصل . 1519سنن الترمذي رقم 8 البن القیم . 55تحفة المودود صـ 9

ق : ضرب من الطیب .الخلو 10 . 207ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ، ألبي العباس الطبري صـ 11

15

لن�ا غ�الم ذبحن�ا عن�ھ ش�اة وحلقن�ا رأس�ھ ، رأسھ ب�دمھا ، فلم�ا ك�ان اإلس�الم كن�ا إذا ول�دوھذا من الفقھ النب�وي فإن�ھ لم�ا رأى ع�ادة فیھ�ا منفع�ة للن�اس 1ولطخنا رأسھ بزعفران

مشوبة ببعض االنحراف ـ تلطیخ رأس المولود بالدم ـ فلم یبحھا مطلق�ا ب�دعوى حاج�ة وإنم�ا ح�افظ الناس إلیھا وفي نفس الوقت لم یمنعھا مطلقا بس�بب م�ا فیھ�ا م�ن انح�راف

على ما یحقق الن�اس ف�ي ھ�ذه الع�ادة وأك�ده ونھ�ى ع�ن الع�ادة الجاھلی�ة وحرمھ�ا وھ�ذه حكمة نبویة جدیرة باالھتمام والتأمل .

الحسن بن علي رضي هللا عنھ : 2سابعا : ختان

عن جابر رضي هللا عنھ : أن النبي صلى هللا علیھ وسلم ع�ق ع�ن الحس�ن والحس�ین ، ، وع��ن محم��د ب��ن المنك��در أن النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم خ��تن 3ة أی��اموختنھم��ا لس��بع

، والخت��ان م��ن أم��ور الفط��رة ، فع��ن أب��ي ھری��رة رض��ي هللا عن��ھ 4الحس��ین لس��بعة أی��امق�ال، ق��ال رس�ول هللا ص��لى هللا علی�ھ : الفط��رة خم�س : الخت��ان ، واالس�تحداد ، وق��ص

. 5الشارب ، وتقلیم األظافر ، ونتف األبطصبغة الحنیفیة ، فھو للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعمید عند عباد الصلیب ، فھم والختان

یطھرون أوالدھم بزعمھم حین یص�بغونھم ف�ي م�اء المعمودی�ة ، ویقول�ون اآلن ص�ار ، فق�ال 6نصرانیا ، فشرع هللا سبحانھ للحنفاء صبغة الحنیفیة ، وجع�ل میس�مھا الخت�ان

و عز من قال : (( صبغة ونحن ل�ھ عاب�دون صبغة � )) 138)) (البق�رة ، اآلی�ة : من أحسن من �والمقصود أن صبغة هللا ھي الحنفیة التي صبغت القلوب بمعرفتھ ومحبتھ واإلخالص ل���ھ وعبادت���ھ وح���ده ال ش���ریك ل���ھ ، وص���بغة األب���دان بخص���ال الفط���رة م���ن الخت���ان

األظ��افر ونت��ف اإلب��ط والمضمض��ة واالستنش��اق واالس��تحداد وق��ص الش��ارب وتقل��یم ، وم�ن اللط�ائف 7والسواك واالستنجاء فظھرت فطرة هللا على قلوب الحنفاء وأب�دانھم

ي أمر الختان ما ذكره الخطابي : أما الختان فإنھ وإن ك�ان م�ذكورا ف�ي جمل�ة فالفقھیة ین ، وب�ھ یع�رف السنن فإنھ عند كثیر من العلماء على الوج�وب ، وذل�ك أن�ھ ش�عار ال�د

المسلم من الكافر إذا وجد المختون بین جماعة قتلى غی�ر مخت�ونین ص�لى علی�ھ ودف�ن . 8في مقابر المسلمین

ثامنا : مرضعة الحسن بن علي أم الفضل رضي هللا عنھما :

عن أم الفضل قالت : قلت یا رسول هللا رأیت في المنام كأن عض�وا م�ن أعض�ائك ف�ي رتي فقال : تلد فاطمة غالما إن شاء هللا فتكفلینھ قالت : فجئت ب�ھ بیتي أو قالت في حج

في ظھره ، فقال النبي 9یوما إلى النبي صلى هللا علیھ وسلم ، فبال على ظھره فدحیت

) صحیح على شرط الشیخین وأقره الذھبي .4/238المستدرك للحاكم ( 1 الختان : لغة قطع القلفة أي الجلدة التي على رأس الذكر . 2 ) إسناده ضعیف .8/324سنن البیھقي ( 3 . 6297رقم )7/184البخاري ( 4 . 257مسلم رقم 5 . 153المصدر نفسھ صـ 6 . 75موسوعة تربیة األجیال صـ 7 . 69منھج التربیة النبویة للطفل 8 لطمتھ بیدھا في روایة أخرى . 9

16

صلى هللا علیھ وسلم : مھال یرحمك هللا أوجعت ابني . فقلت : إدفع إلي إزارك فأغسلھ . 1نھ یصب على بول الغالم ویغسل بول الجاریةفقال : ال ، صبي علیھ الماء فإ

وأم الفضل ھي امرأة العباس بن عبد المطلب اسمھا لبابة بنت الح�ارث الھاللی�ة وھ�ي ، وقال ابن سعد : أم الفض�ل أول ام�رأة آمن�ت بع�د 2لبابة الكبرى ، أسلمت قبل الھجرة

وي عنھا أبناھا عب�د هللا وتم�ام ، . وروت عن النبي صلى هللا علیھ وسلم ، ور 3خدیجةوعمی��ر ب��ن الح��ارث موالھ��ا وكری��ب م��ولى ابنھ��ا وعب��د هللا ب��ن عب��اس ، وعب��د هللا ب��ن الحارث بن نوفل وآخرون وأخرج الزبیر بن بكار وغیره ، عن ابن عباس ع�ن النب�ي

األربع مؤمنات : أم الفض�ل ، ومیمون�ة ، وھ�ي ش�قیقة تصلى هللا علیھ وسلم : األخواوأم 4أم الفضل ، وأما أسماء وس�لمى فأختاھم�ا م�ن أبیھم�ا وھم�ا بنت�ا عم�یس الخثعمی�ة

، ف��أم خال��د ھ��ي لباب��ة الص��غرى بن��ت 5الفض��ل خال��ة خال��د ب��ن الولی��د رض��ي هللا عن��ھ. وكان یقال عن والدة أم الفض�ل بأنھ�ا أك�رم الن�اس أص�ھار میمون�ة 6الحارث الھاللیة

والعب��اس ت��زوج أختھ��ا ش��قیقتھا لباب��ة أم الفض��ل ، زوج النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ،وحمزة تزوج أختھا سلمى ، وجعفر بن أب�ي طال�ب ش�قیقتھا أس�ماء ، ث�م تزوجھ�ا بع�ده

رضي هللا عنھم جمیعا وق�د ق�ال 7أبو بكر الصدیق ثم تزوجھا بعده على بن أبي طالب، وف��ي 8رھ��ااب��ن عم��ر : كان��ت م��ن المنجب��ات وك��ان النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم یزو

الصحیح أن الناس شكوا ف�ي ص�یام النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ی�وم عرف�ة ، فأرس�لت ، وتحك�ى لن�ا 9إلیھ أم الفضل بقدح لبن فشرب وھو بالموقف فعرفوا أنھ لم یكن صائما

أم الفضل رضي هللا عنھا عن آخ�ر م�ا س�معت م�ن رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ ) . فقال�ت : ی�ا بن�ي 1)) (المرس�الت ، اآلی�ة : والمرس�الت عرف�ا(قرأ في المغرب بسورة (

لقد ذكرتني بقراءتك ھذه السورة ، إنھا آخر ما سمعت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم خالفة أبي بكر الصدیق وخالفة الف�اروق إلى ، وعاشت أم الفضل 10یقرأ بھا المغرب

ن رضي هللا ع�نھم جمیع�ا توفی�ت قب�ل زوجھ�ا من بعده وفي أثناء خالفة عثمان بن عفارضي هللا عنھم�ا وق�د ول�دت للعب�اس س�تة رج�ال ل�م تل�د ام�رأة م�ثلھم وھ�م : 11العباس

ـ أب�و الفض�ل ـ وعب�د هللا الفقی�ھ ، الفضل وبھ كانت تكنى ویكنى زوجھا العباس أیض�االفضل ھذه مـ وفي أ وعبید هللا الفقیھ ، ومعبد ، وقتم ، وعبد الرحمن وأم حبیبة سابعة

یقول عبد هللا بن یزید الھاللي : لمـا ولـدت نجیبة من فحـ ھلـھ وس ـل نعلمـبجب ن بطن أم الفضــلكستة م أكرم بھا من كھلة وكھل

) وصححھ ووافقھ الذھبي ، وھناك من ضعفھ .1/166المستدرك ( 1 ) .8/277الطبقات البن سعد ( 2 ) .8/277المصدر نفسھ ( 3 ) .3/2162موسوعة عظماء حول الرسول ، خالد العك ( 4 . 31سیرة آل بیت النبي األطھار ، مجدي فتحي صـ 5 . 610االستیعاب رقم الترجمة 6 ) .8/450اإلصابة في تمییز الصحابة ( 7 ) .4/1908االستیعاب في معرفة األصحاب ( 8 . 1661البخاري ، ك الحج رقم 9

. 767البخاري رقم 10 ) .8/451اإلصابة في تمییز الصحابة ( 11

17

عم النبي المصطفى ذي الفضل 1وخاتم الرسل وخیر الرسل

وجاتھ والروایات التي حولھن :تاسعا : زواج الحسن وزوقد ذكر المؤرخون أن م�ن زوجات�ھ ، خول�ة الفزازی�ة ، وجع�دة بن�ت األش�عث ،

، وأم اسحاق بنت طلحة بن�ت عبی�د هللا التمیم�ي ، أم بش�یر بن�ت أب�ي خثعمیة وعائشة الوأم عب��د هللا وھ��ي بن��ت ، مس��عود األنص��اري ، وھن��د بن��ت عب��د ال��رحمن ب��ن أب��ي بك��ر

د هللا أخو جریر البجلي وامرأة من بني ثقیف وامرأة م�ن بن�ي عم�رو ب�ن الشلیل بن عبأھیم المنقري ، وامرأة من بن�ي ش�یبان م�ن آل ھم�ام ب�ن م�رة وربم�ا تج�اوز ھ�ذا الع�دد

وأما م�ا بعرف ذلك العصر بقلیل ، وھو كما ترى ال یمت إلى الكثرة المزعومة بصلة عض الروایات تسعین والبعض اآلخر رواه رواة األثر ، في كونھ تزوج سبعین وفي ب

مائتین وخمسین وال�بعض اآلخ�ر ثالثمائ�ة وروي غی�ر ھ�ذا إال أن�ھ م�ن الش�ذوذ بمك�ان وھذه الكثرة المزعومة موضوعة :

وأما الروایات فھي كالتالي :، وق�د أخ�ذوھا 2فق�د ذكرھ�ا اب�ن أب�ي الحدی�د وغی�رهـ الروایة األول�ى : 1

ھ��ـ وھ��و م��ن الض��عفاء 225ش��ھیر بالم�دائن المت��وفى ع�ن عل��ي ب��ن عب��د هللا البص��ري ال، 3ال��ذین ال یع��ول عل��ى أح��ادیثھم ، فق��د امتن��ع مس��لم م��ن الروای��ة عن��ھ ف��ي ص��حیحھ

وضعفھ ابن عدي في الكامل فقال فیھ لیس ب�القوي الح�دیث وھ�و ص�احب األخب�ار ق�ل . 4ما لھ من الروایات المسندة

ن أنواع الضعیف .والمرسل مـ الروایة الثانیة فھي مرسلة : 2

فقد ذكرھ�ا ص�احب ق�وت القل�وب ـ وأما الروایة الثالثة والرابعة : 3ألب��ي طال��ب المك��ي وھ��و ال یع��ول عل��ى مؤلف��ة وعل��ى ك��ل ح��ال ف��الرقم القیاس��ي لكث��رة أزواج أمیر المؤمنین الحسن مستندة إلیھ وم�أخوذة عن�ھ وق�د اش�تھر أب�و طال�ب المك�ي

، وذك�ر ف�ي كتاب�ھ أحادی�ث ال أص�ل 5ش�یاء منك�رةي الق�وت أـبالزھد والوعظ وذك�ر ف�، فق�د ج�اء ف�ي كتاب�ھ ق�وت القل�وب : وت�زوج الحس�ن ب�ن عل�ي م�ائتین وخمس�ین ، 6لھا

وقیل ثالثمائة ، وكان علي یضجر من ذلك ویكره حی�اء م�ن أھلھ�ن إذ طلقھ�ن ، وك�ان ی�ر الم�ؤمنین یقول : إن حسنا مطلق فال تنكحوه ، فقال لھ رجل من ھمدان : وهللا ی�ا أم

لننكحنھ ما شاء ، فمن أحب أمسك ، ومن كره فارق فسر علي بذلك وأنشأ یقول : لو كنت بوابا على باب جنة

) .4/1908االستیعاب في معرفة األصحاب ( 1 ) .460إلى 2/445حیاة اإلمام الحسن بن علي ( 2 ) .3/138میزان االعتدال ( 3 ) .4/252لسان المیزان ( 4 ) .5/339لسان المیزان ( 5 ) .11/341البدایة والنھایة ( 6

18

لقلت لھمدان ادخلوا بسالم

، فھذه روای�ات ال تص�ح 1... وكان الحسن ربما عقد لھ أربعة وربما طلق أربعة وال تثبت وبالتالي ال یعول علیھا .

ءت قصص في أسانیدھا ضعف شدید تتعلق بزواج الحس�ن وقد جا منھا :عن�د 2لي ، عن اب�ن س�یرین ق�ال : كان�ت ھن�د بن�ت س�ھیل ب�ن عم�روذـ عن الھ 1

عبد الرحمن بن ، ثم 5، فطلقھا فتزوجھا عبد هللا بن عامر بن كریز 4وكان أبا عذرتھا 3عتاب بن أسید

ا على یزید بن معاوی�ة ، فلقی�ھ الحس�ن طلقھا ، فكتب معاویة إلى أبي ھریرة أن یخطبھب��ن عل��ي فق��ال : أی��ن تری��د ؟ ق��ال : أخط��ب ھن��د بن��ت س��ھیل ب��ن عم��رو عل��ى یزی��د ب��ن

ل�ي ، ق�ال : ر معاویة ، قال أذكرني لھا ، فأتاھا أبو ھریرة ، فأخبرھا الخب�ر فقال�ت : خ : إن ل�ي أختار لك الحسن . فتزوجھ�ا ، فق�دم عب�د هللا ب�ن ع�امر المدین�ة ، فق�ال للحس�ن

ا والحسن معھ وجلست بین یدیھ فرق ابن عامر فقال الحسن : ـعندھا ودیعة فدخل إلیھخی�را لكم�ا من�ي فق�ال : ودیعت�ي ، فأخرج�ت 6أال أنزل لك عنھا ، فال أراك تجد محل�ال

س��فطین فیھم��ا ج��واھر ففتحھم��ا ، فأخ��ذ م��ن واح��د قبض��ة وت��رك الب��اقي فكان��ت تق��ول : ، 7أس��خاھم اب��ن ع��امر ، وأح��بھم إل��ي عب��د ال��رحمن ب��ن عت��ابس��یدھم جمیع��ا الحس��ن و

وھ�ذه القص�ة ف��ي إس�نادھا الھ�ذلي وھ��و أخب�اري مت�روك الح��دیث وق�ال ال�ذھبي مجم��ع . 8على ضعفھ

ـ عن سحیم بن حفص األنصاري ، عن عیسى بن أب�ي ھ�ارون المزن�ي ، ق�ال 2لمن��ذر ب��ن ، وك��ان ا 9ت��زوج الحس��ن ب��ن عل��ي حفص��ة بن��ت عب��د ال��رحمن ب��ن أب��ي بك��ر

فخطبھ��ا المن��ذر فأب��ت أن تزوج��ھ الزبی��ر ھویھ��ا ، ف��أبلغ الحس��ن عنھ��ا فطلقھ��ا الحس��نفتزوجھ�ا فرق�ى إلی�ھ المن�ذر 10، فخطبھا عاصم بن عمر بن الخطابوقالت : شھرني

ل لھ��ا : تزوجی��ھ ، ف��یعلم الن��اس أن��ھ ك��ان ی��أیض��ا ش��یئا فطلقھ��ا ، ث��م خطبھ��ا المن��ذر فقلن��اس أن��ھ ك��ذب علیھ��ا ، فق��ال الحس��ن لعاص��م ب��ن عم��ر : ، فتزوجت��ھ فعل��م ا 11یعض��ھك

انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل علیھا ، فدخل فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منھ�ا

) .1/246قوت القلوب ( 1بنت سھیل بن عمرو بن عبد شمس أسلم أبوھا عام الفتح وكانت عند حفص بن عبد زمعة وولدت لھ ثم خلف علیھا عبد الرحمن ھند 2

420بن عتاب ثم عبد هللا بن عامر ثم خلف علیھا حسین بن علي ھكذا في نسب قریش صـ یھ وسلم وكان عبد الرحمن مع علي یوم الجمل وقتل في عبد الرحمن بن عتاب بن أسید كان والده والي مكة لرسول هللا صلى هللا عل 3

. 193المعركة أنظر أنساب قریش صـ بو العذرة : البكارة ، وقال ابن األثیر : العذرة ما للبكر من االلتحام قبل االفتضاض وجاریة عذراء بكر لم یمسھا رجل ، ویقال : فالن أ 4

) .4/551العرب مادة عذر ( عذرتھا إذا كان أول من افترعھا وافتضھا ، لسانعبد هللا بن عامر بن كریز بن ربیعة من بني عبد شمس ابن خال عثمان بن عفان ولد على عھد النبي صلى هللا علیھ وسلم وجزم ابن 5

. 319حبان أن لھ رؤیة للنبي صلى هللا علیھ وسلم وقد ذكرت سیرتھ في عتابي عثمان بن عفان صـ ج امرأة قد بانت من زوجھا األول بقصد تحلیلھا للزوج األول وقد جاء النھي عن ذلك كما في الحدیث : لعن هللا المحلل ھو : الذي یتزو 6

. 1897المحلل والمحلل لھ انظر : اإلرواء رقم ) .1/303الطبقات الكبرى ، الطبعة الخامسة من الصحابة ( 7 . 352دیوان المتروكین والضعفاء صـ 8 من بن أبي بكر روت عن عمتھا عائشة وخالتھا أم سلمة ،حفصة بنت عبد الرح 9

) .1/385ھـ تقریب التھذیب (70عاصم بن عمر بن الخطاب من تابعي أھل المدینة توفي 10 العضة والعضة والعضھیة : البھیتة وھي : اإلفك والبھتان . 11

19

إلى الحسن وكانت إلیھ أبسط في الحدیث ، فقال الحسن للمنذر خذ بی�دھا فأخ�ذ بی�دھا ، إلی�ھ المن�ذر ، الم�ا رق�وقام الحسن وعاصم فخرج�ا وك�ان الحس�ن یھواھ�ا وإنم�ا طلقھ�ا

، وحفص�ة 1فقال الحسن یوما البن أبي عتیق وھو عبد هللا بن محم�د ب�ن عب�د ال�رحمن؟ ق�ال نع�م ، فخرج�ا فم�را عل�ى من�زل حفص�ة ، ف�دخل إلیھ�ا 2عمتھ ھل لك في العقی�ق

ل ل�ك ـالحسن فتحدثا طویال ثم خرج ، ثم قال الحسن م�رة أخ�رى الب�ن أب�ي عتی�ق : ھ� ؟ ، وفي إسناد ھذا الحدیث 3ل لك في حفصةـقال : یا ابن أم أال تقول ھفي العقیق ؟ ف

. 4رجال ال توجد لھم ترجمة في كتب الجرح والتعدیل ویكفي في ضعفھ نكارة متنھـ حدثنا حاتم بن إسماعیل عن جعفر بن محم�د ، ع�ن أبی�ھ ، ق�ال : ق�ال عل�ي : 3

، وھ��ذا األث��ر 5اوة القبائ��لم��ا زال الحس��ن یت��زوج ویطل��ق حت��ى خش��یت أن یورثن��ا ع��د . 6مرسل ضعیف

إن الروایات التاریخیة التي تشیر إلى األعداد الخیالیة في زواج الحسن بن عل�ي رضي هللا عنھ ال تثبت من حیث اإلسناد وبالتالي ال تصلح لإلعتماد علیھا نظرا للش�بھ

والطعون التي حامت حولھا ، ویؤید افتعال تلكم الكثرة أمور منھا :ـ إنھا لو صحت لكان للحسن بن علي رض�ي هللا عن�ھ م�ن األوالد جم�ع غفی�ر 1

یتناسب معھا والحال ال�ذي ذك�ر لھ�ا اثن�ان وعش�رون ول�دا م�ا ب�ین ذك�ر وأنث�ى ، وھ�ذا العدد یعتبر طبیعي بالنسبة لذلك العصر ویتناقض كلیا مع تل�ك الكث�رة وال یلتق�ي معھ�ا

بصلة .دم ص�حتھ م�ا روي أن أمی�ر الم�ؤمنین رض�ي ـ ومما یدل على وضع ذلك وع� 2

هللا عن�ھ ك�ان یص�عد المنب��ر ویق�ول : ال تزوج�وا الحس�ن فإن��ھ مط�الق ، كم�ا ذك�ر ذل��ك ، فنھ�ي أمی�ر الم�ؤمنین الن�اس ع�ن ت�زویج ول�ده عل�ى المنب�ر ال 7صاحب قوت القلوب

یخلو إما أن یكون قد نھ�ى ول�ده ع�ن ذل�ك فل�م یس�تجب ل�ھ حت�ى اض�طر إل�ى الجھ�ر ب�ھ ى نھي الن�اس ع�ن تزویج�ھ ، وإم�ا أن یك�ون ذل�ك النھ�ي ابت�داء م�ن دون أن یع�رف وإل

، وكال األمرین بعیدان كل البعد أما األول لذلك أبیھة ولده الحسن بغض والده وكراھی، فھو بعید ألن الحس�ن رض�ي هللا عن�ھ ك�ان ب�ارا بأبی�ھ وال یخالف�ھ وال یعص�ي أم�ره ،

األولى بأمیر المؤمنین أن یعرف ول�ده ببغض�ھ وكراھت�ھ عید أیضا ألن بوأما الثاني ، فل��ذلك وال یعل��ن ذل��ك عل��ى المنب��ر أم��ام الجم��اھیر الحاش��دة ، مم��ا یس��بب اض��طراب ف��ي العالق��ات األس��ریة ب��ین الوال��د وول��ده ومض��افا إل��ى ذل��ك أن األم��ر إم��ا أن یك��ون س��ائغا

منین علي رضي هللا عنھ شرعا أو لیس بسائغ فإن كان سائغا فما معنى نھي أمیر المؤ، وإن ل��م یك��ن س��ائغا ، فكی��ف یرتكب��ھ الحس��ن ؟ إن��ا ال ش��ك ف��ي افتع��ال ھ��ذا الح��دیث

8ووضعھ من خصوم الحسن بن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ لیش�وھوا ب�ذلك س�یرتھ الع�اطرةوالتي توج�ت بمس�اعیھ ف�ي وح�دة األم�ة ، وھ�ذه ع�ادة ال�رواة الكذب�ة ف�ي تش�ویھ س�یرة

ة وم��ن ھن�ا تتض�ح أھمی�ة عل��م الج�رح والتع�دیل والحك�م عل��ى المص�لحین وت�اریخ األم� ) .13/515والنمیمة ، وأن یقول في المرء ما لم یكن فیھ لسان العرب ( 1 العقیق : وادي بناحیة المدینة فیھ مزارع وبساتین . 2 ) .1/307الطبقات الكبرى الطبقة الخامسة من الصحابة ( 3 ) .1/305المصدر نفسھ ( 4 ) .1/301المصدر نفسھ ( 5 ) .1/301المصدر نفسھ ( 6 ) .2/246قوت القلوب ( 7 ) .2/451حیاة األمام الحسن ( 8

20

الروایات والدور العظیم الذي قام بھ علماء الح�دیث ف�ي بی�ان زی�ف مث�ل ھ�ذه األخب�ار ولذلك ننصح الباحثین في تاریخ صدر اإلسالم االھتمام بنقد مث�ل ھ�ذه الروای�ات حت�ى

ما تورط فیھ یتورطوا مثل یمیزوا صحیحھا من سقیمھا فیقدموا لألمة خدمة جلیلة وال بعض الس�ادة ال�ذین ال نش�ك ف�ي نوای�اھم بس�بب اعتم�ادھم ف�ي بح�وثھم عل�ى الروای�ات

الضعیفة والموضوعة .ـ ومما یؤید افتعال تل�ك الكث�رة ألزواج�ھ م�ا روي أن الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي 3

هللا عنھ لما وافاه األجل المحت�وم خرج�ت جمھ�رة م�ن النس�وة حافی�ات حاس�رات خل�ف نازتھ وھن یقلن نحن أزواج اإلمام الحسن . إن افتعال ذل�ك ص�ریح واض�ح ، فأن�ا ال ج

نتصور ما یبرر خروج تلك الكوكبة من النسوة حافی�ات حاس�رات ، وھ�ن یھ�تفن أم�ام الجماھیر بأنھن زوجات الحسن ، فإن كان الموجب لخروجھن إظھار األسى والح�زن

وكب المزدحم بالرجال م�ع أنھ�ن ق�د أم�رن ، فما الموجب لھذا التعریف والسیر في المبالتستر وعدم الخروج من بیوتھن إن ھ�ذا األث�ر وأمثال�ھ ال یص�ح وال یثب�ت م�ن حی�ث اإلسناد ومن األخبار الموضوعة التي تشابھ تلك األخبار م�ا رواه محم�د ب�ن س�یرین ،

ی�ة أن الحسن رضي هللا عنھ تزوج ب�امرأة فبع�ث لھ�ا ص�داقا مائ�ة جاری�ة م�ع ك�ل جار. ویستبعد أن یعطي الحسن بن علي رضي هللا عنھ ھذه األموال الض�خمة 1ألف درھم

مھرا إلحدى زوجاتھ ، فإن ذلك لون من ألوان اإلسراف والتبذیر وھو منھي عن�ھ ف�ي اإلسالم ، فقد أمر باالقتصار عل�ى مھ�ر الس�نة ، وس�بب ذل�ك تس�ھیل أم�ر ال�زواج ل�ئال

، ومن المؤكد أن الحس�ن ب�ن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب یكون فیھ إرھاق وعسر على الناس رضي هللا عنھ ال یخالف سنة جده صلى هللا علیھ وسلم وال یسلك أي مسلك یتنافى م�ع شریعتھ ، إن ھذا الحدیث وأمثالھ من الموضوعات تؤید وضع كثرة األزواج ، وتزی�د

أزواج ف��ي االفتع��ال وض��وحا وج��الء وعل��ى أي ح��ال ، فل��یس ھن��اك دلی��ل یثب��ت كث��رة تلك��م الروای��ات ، ونظ��را لم��ا ورد علیھ��ا م��ن ىالحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ س��و

، ولمعرف��ة كی��ف یس��تفید األع��داء م��ن الروای��ات 2الطع��ون ف��ال تص��لح دل��یال لإلثب��اتنقل ما قال�ھ المستش�رق الم�نس ع�ن زواج الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي نالضعیفة والباطلة

وحماتھ وقد كتب عن أزواج الحسن بن علي هللا عنھ ، وألصق بھ التھم وطعن برجالھرضي هللا عنھ ما نصھ : ولما تجاوز ـ یعني الحس�ن ـ الش�باب ، وق�د أنف�ق خی�ر س�ني ش��بابھ ف��ي ال��زواج والط��الق فأحص��ى ل��ھ ح��والي المائ��ة زوج��ة ، وألص��قت ب��ھ ھ��ذه األخ��الق الس��ائبة لق��ب المط��الق ، وأوقع��ت علی��ا ف��ي خص��ومات عنیف��ة وأثب��ت الحس��ن

نھ مبذر كثیر السرف ، وقد خص�ص لك�ل م�ن زوجات�ھ مس�كنا ذا خ�دم وحش�م ، كذلك أ . 3وھكذا نرى كیف یبعثر المال أیام خالفة علي التي اشتد علیھا الفقر

لقد اعتمد المستشرق االنجلیزي الم�نس ف�ي قول�ھ : إن الحس�ن ب�ن عل�ي ب�ن أب�ي ة وآثار واھی�ة طالب رضي هللا عنھ كان كثیر الزواج والطالق على روایات موضوع

، المنس ، فذكر من البھتان واألكاذیب بما لم یقل بھ أحد غیره فقد قال : اوزاد علیھ

) .11/197البدایة والنھایة ( 1 ) .2/452حیاة اإلمام الحسن بن علي ( 2 ) 7/400دائرة المعارف ( 3

21

ـ إنھ ألقى أباه في خصومات عنیفة بسبب كثرة زواجھ وطالق�ھ ول�م یش�ر أح�د 1مم��ن ت��رجم ألمی��ر الم��ؤمنین عل��ي أو الحس��ن رض��ي هللا عنھم��ا إل��ى تل��ك الخص��ومات

شرق المنس .العنیفة التي زعمھا المستـ وذكر أن أمیر الم�ؤمنین الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ خص�ص لك�ل م�ن 2

زوجاتھ مسكنا ذا خدم وحشم ، مع أن جمیع الم�ؤرخین ال�ذین اطلع�ت عل�یھم ل�م ینقل�وا ذلك ، وھذا من الكذب السافر واالفتراء المحض .

ت�دفع ھ�ذه إن لجان التنصیر المسیحي التي حاربت اإلسالم وبغت علیھ ھي التياألق��الم الم��أجورة وت��زج بھ��ا للنی��ل م��ن اإلس��الم ، وإل��ى تش��ویھ واقع��ھ والح��ط م��ن ق��یم رجالھ وأعالمھ الذین أن�اروا الطری�ق للرك�ب اإلنس�اني ، ورفع�وا من�ار الحض�ارة ف�ي

. 1العالم

عاشرا : أوالده :، وأم��ا ذریت��ھ الش��ریفة ، فھ��م : الحس��ن ، وزی��د ، وطلح��ة ، والقاس��م ، وأب��و بك��ر

وعب��د هللا ، وق��د قت��ل ھ��ؤالء م��ع عمھ��م الحس��ین الش��ھید بك��ربالء ، وعم��رو ، وعب��د الرحمن ، والحسین ، ومحم�د ، ویعق�وب ، وإس�ماعیل ، وحم�زة ، وجعف�ر ، وعقی�ل ، وأم الحسین ، ولم یعق�ب م�ن ذریت�ھ إال الحس�ن ، وزی�د ، فللحس�ن المثن�ى خمس�ة أوالد

اری�ة ، ولزی�د اب�ن ھ�و الحس�ن زبنت منظ�ور الف أعقبوا وفیھ العدد والبیت ، وأمھ خولةبن زید ، فال عقب لھ إال منھ ، وأم زید أم بشر بنت أبي مس�عود األنص�اري الب�دري .

د ولى إمرة المدینة ألبي جعفر المنصور وھ�و وال�د الس�یدة نفیس�ة ، ول�ھ : القاس�م ، ـوقي هللا ع���نھم وإس���ماعیل ، وعب���د هللا ، وإب���راھیم ، وزی���د ، وإس���حاق ، وعل���ي ، رض���

، وھذه سیرة مختصرة لبعض أوالد الحسن . 2أجمعین

رض�ي هللا عن�ھ : أم�ھ ـ زید بن الحسن بن علي بن أبي طالب : 1رجیة فول�د زی�د ب�ن حس�ن زأم بشیر بنت أبي مسعود وھو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الخ

ف�ر المنص�ور محمدا ھلك ال بقیة لھ وأمھ أم ولد ، وحسن بن زید ولي المدینة ألبي جعوأمھ أم ولد ، ونفیسة بنت زید تزوجھا الولید بن عب�د المل�ك ب�ن م�روان فتوفی�ت عن�ده

وأمھا لبابة بنت عبد هللا بن العباس بن عبد المطلب بن ھاشم .وأخبرنا محمد بن عمر قال : أخبرن�ا عب�د ال�رحمن ب�ن أب�ي الم�وال ق�ال : رأی�ت

ویقولون : جده رسول هللا صلى هللا علی�ھ الناس ینظرون إلیھ ویعجبون من عظم خلقھ وسلم .

أب�ي وأخبرنا محمد بن عمر ق�ال : أخبرن�ي عب�د هللا ب�ن أب�ي عبی�دة ق�ال : ردف�ت اء اب�ن أزھ�ر عل�ى أمی�ال م�ن المدین�ة فحم�ل إل�ى یوم مات زید ب�ن حس�ن وم�ات ببطح�

ي قب�ة عل�ى المدینة ، فما أوفینا على رأس الثنیة ب�ین المن�ارتین طل�ع بزی�د ب�ن حس�ن ف�بعیر میتا وعبد هللا بن حسن یمشي أمامھ قد حزم وسطھ بردائھ لیس عل�ى ظھ�ره ش�ئ فق�ال ل��ي أب�ي : ی��ا بن�ي أن��زل وأمس�ك بالرك��اب ، ف�وهللا ل��ئن ركب�ت وعب��د هللا یمش��ي ال

) .2/455حیاة األمام الحسن بن علي ( 1 . 100) الدوحة النبویة الشریفة صـ 3/279، وسیر أعالم النبالء ( 39، 98جمھرة أنساب العرب البن حزم صـ 2

22

بالة أبدا ، فركبت الحمار ونزل أبي فمشى فما زال یمشي حتى أدخل زی�دا هتبلني عند . 1ة ، فغسل ثم أخرج بھ على السریر إلى البقیعداره ببني حدیل

ـ حسن بن حسن بن علي بن أي طالب : 2

وأمھ خولة بنت منظور الفزازیة ، وولد حسن بن حسن محم�دا وأم�ھ رمل�ة بن�ت سعید بن زید بن عمرو بن نفیل بن عب�د الع�زى ، وعب�د هللا ب�ن حس�ن م�ات ف�ي س�جن

الس�جن أیض�ا م�ع أخی�ھ ، وزین�ب بن�ت حس�ن أبي جعفر ، وإبراھیم بن حسن مات ف�ي تزوجھ��ا الولی��د ب��ن عب��د المل��ك ب��ن م��روان ث��م فارقھ��ا ، وأم كلث��وم بن��ت الحس��ن وأمھ��م فاطمة بنت حسین بن علي بن أبي طالب ، وأمھا أم إسحاق بنت طلحة بن عبید هللا بن

م ول�د تیم ، وجعفر بن حسن وداود وفاطم�ة وأم القاس�م وھ�ي قس�یمة ، وملیك�ة وأمھ�م أ .2تدعى حبیبة فارسیة كانت آلل أبي أبس من جدیلة ، وأم كلثوم بنت حسن ألم ولد

ومن مواقف الحس�ن ب�ن الحس�ن قول�ھ لرج�ل مم�ن غل�و ف�ي أھ�ل البی�ت : ویحك�م أحبونا � فإن أطعنا هللا فأحبونا وإن عصینا هللا ، فأبغضونا . قال فقال لھ رجل : إنك�م

لی��ھ وس��لم وأھ��ل بیت��ھ . فق��ال : ویح��ك ل��و ك��ان هللا مانع��ا قراب��ة رس��ول هللا ص��لى هللا عبقرابة من رسول هللا أحدا بغیر طاعة هللا لنفع بذلك من ھ�و أق�رب إلی�ھ من�ا أب�ا وأم�ا ، وهللا إن��ي ألخ��اف أن یض��اعف للعاص��ي من��ا الع��ذاب ض��عفین وإن��ي ألرج��و أن ی��ؤتي

الح��ق فإن��ھ أبل��غ فیم��ا تری��دون المحس��ن من��ا أج��ره م��رتین . ویلك��م اتق��وا هللا وقول��وا فین��اونحن نرضى بھ منكم . ثم قال : لقد أساء بنا آباؤنا إن كان ھذا ال�ذي تقول�ون م�ن دی�ن هللا ثم لم یطلعونا علیھ ولم یرغبونا فی�ھ . ق�ال فق�ال ل�ھ الرافض�ي : أل�م یق�ل رس�ول هللا

ب��ذلك اإلم��رة علی��ھ الس��الم لعل��ي م��ن م��واله فعل��ي م��واله ؟ فق��ال أم��ا وهللا أن ل��و یعن��ي والسلطان ألفصح لھ�م ب�ذلك كم�ا أفص�ح لھ�م بالص�الة والزك�اة وص�یام رمض�ان وح�ج البیت ولقال لھم الناس ھذا ولیكم من بعدي ، فإن أنصح الناس كان للناس رسول هللا ،

علی�ا لھ�ذا م�ا تقول�ون إن هللا ورس�ولھ اخت�اراـ صلى هللا علیھ وسلم ـ ولو ك�ان األم�ر كعد النب�ي علی�ھ الس�الم إن ك�ان ألعظ�م الن�اس ف�ي ذل�ك خطئ�ھ وجرم�ا إذ األمر والقیام ب

ترك ما أمره بھ رسول هللا ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ أن یقوم فیھ كم�ا أم�ره أو یع�ذر فی�ھ للغلو .في محاربتھم أھل البیت وھكذا یتبین موقف 3إلى الناس

الحادي عشر : إخوانھ وأخواتھ :

ع��ن أش��قائھ م��ن أوالد الس��یدة فاطم��ة رض��ي هللا ونتح��دث ع��ن ترجم��ة مختص��رة عنھا :

ـ الحسین بن علي رضي هللا عنھ : 1ھو أبو عبد هللا الحسین بن علي بن أبي طالب ، سبط رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس��لم ، وریحانت��ھ ومحبوب��ھ ، واب��ن بن��ت رس��ول هللا ، فاطم��ة رض��ي هللا عنھ��ا ، ك��ان

وم��ات رض��ي هللا عن��ھ قت��یال ش��ھیدا ، ف��ي ی��وم ھ��ـ ، وقی��ل غی��ر ذل��ك 4مول��ده س��نة

) .319، 5/318طبقات ابن سند ( 1 . 312بي األطھار ، مجدي فتحي السید صـ سیرة آل بیت الن 2 ) .320، 5/319طبقات ابن سعد ( 3

23

عاش��وراء م��ن ش��ھر المح��رم س��نة إح��دى وس��تین ھجری��ة بك��ربالء م��ن أرض الع��راق قد وردت في مناقبھ وفضائلھ أحادیث كثیرة منھا :و، 1فرضي هللا عنھ وأرضاه

أ ـ ما رواه أحمد بإسناده إلى یعلي الع�امري رض�ي هللا عن�ھ أن�ھ خ�رج م�ع هللا علیھ وسلم یعني إل�ى طع�ام دع�وا ل�ھ ق�ال : فاس�تمثل رس�ول رسول هللا صلى

هللا أمام القوم ، وحسین مع غلمان یلعب ، فأراد رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم أن یأخذه فطفق الصبي یفر ھنا م�رة وھاھن�ا م�رة ، فجع�ل النب�ي ص�لى هللا علی�ھ

خ�رى تح�ت وسلم یضاحكھ حت�ى أخ�ذه ق�ال : فوض�ع إح�دى یدی�ھ تح�ت قف�اه واألذقنھ ووضع فاه وقبلھ وقال : حس�ین من�ي وأن�ا م�ن حس�ین اللھ�م أح�ب م�ن أح�ب

، وف�ي ذل�ك منقب�ة ظ�اھرة للحس�ین رض�ي هللا 2حسینا حس�ین س�بط م�ن األس�باطعنھ إذ حث على محبتھ وكأنھ صلى هللا علیھ وسلم علم بنور الوحي م�ا س�یحدث

ل�ھ ب�ة وحرم�ة التع�رضبینھ وبین الق�وم فخص�ھ بال�ذكر وأك�د عل�ى وج�وب المحوأكد ذلك بقولھ : أحب هللا من أحب حسینا ، ف�إن محبت�ھ ت�ؤدي لمحب�ة تھومحارب

. 3رسول هللا ومحبة الرسول تؤدي إلى محبة هللاب ـ ومنھا ما رواه البخاري بإسناده إلى أنس بن مالك رضي هللا عن�ھ ق�ال

ع�ل ف�ي طس�ت فجع�ل ، ب�رأس الحس�ین علی�ھ الس�الم فج 4: أتى عبید هللا بن زی�ادینك��ث وق��ال ف��ي حس��نھ ش��یئا فق��ال أن��س ك��ان أش��بھھم برس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ

. 5وسلم وكان مخضوبا بالوسمةأن��س أیض�ا ق��ال : لم�ا أت�ى عبی��د هللا ب�ن زی��اد ت ـ وف�ي روای��ة أخ�رى ع�ن

برأس الحسین جعل ینكث بالقضیب ثنایاه یقول لقد كان أحسبھ ق�ال جم�یال فقل�ت 6سؤنك إني رأیت رسول هللا یلثم حیث یقع قضیبك قال فانقبضوهللا أل

ـ محسن بن علي بن أبي طالب : 2ال نعرفھ إال ف�ي الح�دیث ال�ذي یروی�ھ ھ�اني ب�ن ھ�اني ع�ن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب

��ا ول��د الحس��ن ج�� اء رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم فق��ال : ـرض��ي هللا عن��ھ ق��ال : لمو حسن ، فلما ولد الحس�ین ـ؟ قلت : سمیتھ حربا ، قال : بل ھأروني ابني ما سمیتموه

قال : أروني ابني م�ا س�میتموه ؟ قل�ت س�میتھ حرب�ا ، ق�ال : ب�ل ھ�و حس�ین . فلم�ا ول�د الثالث جاء النبي صلى هللا علیھ وسلم فقال : أرون�ي ابن�ي م�ا س�میتموه ؟ قل�ت حرب�ا ،

. 7ماء ول�د ھ�ارون ش�بر وش�بیر ومش�برقال : بل ھو محسن ثم قال : إني سمیتھم بأس�، ویتبین لنا م�ن ھ�ذه الروای�ة الص�حیحة أن محس�ن م�ات ف�ي 8والظاھر أنھ مات طفال

عھ��د النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم وھ��ذا یبط��ل م��زاعم الغ��الة والك��ذابین ف��ي روای��اتھم الكاذبة الذین یزعمون أن عمر ضرب فاطمة وأسقط ابنھا .

) .334، 1/331) اإلصابة (8/152البدایة والنھایة ( 1 إسناده حسن . 1361فضائل الصحابة رقم 2 ) .10/279تحفة األحوذي ( 3 ) .4/193ھـ اإلعالم (76قتل عبید هللا عام 4 . 3748ورقھ الشجر ، البخاري رقم الوسمة : شجر بالیمن یخضب ب 5 إسناده حسن . 1197) رقم 2/985فضائل الصحابة ( 6 ) إسناده صحیح .1/98مسند أحمد ( 7 . 133التبیین في أنساب القرشیین البن قدامة المقدسي 8

24

علي بن أبي طالب رضي هللا عنھا :ـ أم كلثوم بنت 3

زوج علي بن أبي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ ابنت�ھ م�ن فاطم�ة بن�ت النب�ي ص�لى هللا علیھ وسلم من الفاروق حینما سألھ زواجھا منھ رضي هللا عن�ھ بم�ا یطل�ب ، وثق�ة فی�ھ وإق�رارا لفض�لھ ومناقب��ھ ، واعتراف�ا بمحاس�نھ وجم��ال س�یرتھ وإظھ�ارا ب��أن بی�نھم م��ن

ق��ات الوطی��دة الطیب��ة والص��الت المحكم��ة المبارك��ة م��ا یح��رق قل��وب الحس��اد م��ن العالأم كلثوم بنت علي من عمر رض�ي د ولدت، وق 1أعداء األمة المجیدة ، ویرغم أنوفھم

هللا عن��ھ ابن��ة س��میت "رقی��ة" وول��د س��متھ زی��دا ، وق��د روى أن زی��د ب��ن عم��ر حض��ر إل��یھم زی��د ب��ن عم��ر لیص��لحھم مش��اجرة ف��ي ق��وم م��ن بن��ي ع��دي ب��ن كع��ب ل��یال فخ��رج

فأصابتھ ضربة شجت رأسھ ومات من فوره ، وحزنت أمھ لقتلھ ووقعت مغشیا علیھا من الحزن فماتت من ساعتھا ، ودفنت أم كلثوم وابنھا زید بن عم�ر ف�ي وق�ت واح�د ، وصلى عل�یھم عب�د هللا ب�ن عم�ر ب�ن الخط�اب ، قدم�ھ الحس�ن ب�ن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب

د فصلت سیرتھا في كتابي عن عمر بن الخطاب .، وق 2خلفھ ىوصل

ـ زینب بنت علي بن أبي طالب رضي هللا عنھما : 4جھا أبوھا ولدت في حیاة النبي صلى هللا علیھ وسلم وكانت عاقلة لبیبة جزلة زوابن أخیھ عبد هللا بن جعفر ، فولدت لھ أوالدا ، وكانت مع أخیھا لما قتل ، فحملت إلى

. 3دمشق ن أشھر إخوانھ من أبیھ :وم

ـ محمد بن الحنفیة : 5

وكانت أمھ من سبي بني حنیفة ، اسمھا خولة بنت جعفر وك�ان فاض�ال عالم�ا ذا علم ودی�ن وعب�ادة ، وك�ان حام�ل رای�ة أبی�ھ ی�وم الجم�ل ، وك�ان قوی�ا ، وحكیم�ا ومم�ا

ج��د م��ن روي م��ن كالم��ھ أن��ھ ق��ال : ل��یس بحك��یم م��ن ل��م یعاش��ر ب��المعروف م��ن ال یمعاشرتھ بدا حتى یجع�ل هللا ل�ھ فرج�ا ومخرج�ا وق�ال : إن هللا تع�الى جع�ل الجن�ة ثمن�ا ألنفسكم ، فال تبیعوھا بغیرھا : وقال من كرمت علیھ نفس�ھ ل�م یك�ن لل�دنیا عن�ده ق�در .

. 4بھ وجھ هللا یضمحل توفي سنة ثالث وتسعین ھجریة یبتغيوقال : كل ماال

وعماتھ : الثاني عشر : أعمامھ وھذه نبذة مختصرة عن أعمامھ وعماتھ :

ة ب�در ، وقی�ل إن�ھ ذھ�ب وھلك مشركا بعد غز ـ طالب بن أبي طالب : 1فلم یرجع ، ولم یدر لھ موضع وال خب�ر ، وھ�و أح�د ال�ذین ت�اھوا ف�ي األرض ، وك�ان

ا ، محبا لرسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم ، ول�ھ فی�ھ م�دائح وك�ان خ�رج إل�ى ب�در كرھ� . 105الشیعة وأھل البیت صـ 1 . 185) ونساء أھل البیت منصور عبد الحكیم صـ 7/425أسد الغابة ( 2 ) .8/167اإلصابة في تمییز الصحابة ( 3 . 136التبیین في أنساب القرشیین صـ 4

25

وجرت بینھ وبین قریش حین خرجوا إلى بدر محاورة فق�الوا : وهللا ی�ا بن�ي ھاش�م لق�د عرفنا ـ وإن خرجتم معنا ـ أن ھواكم مع محمد ، فرجع طالب إلى مكة مع من رجع ، وقال شعرا وقصیدة ثناء عل�ى النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وبك�ى فیھ�ا أص�حاب قلی�ب

. 1بدرفك�ان یك�ن أب�ا یزی�د ، ت�أخر إس�المھ إل�ى ع�ام : ـ عقیل بن أبي طالب 2

الفتح ، وقیل أسلم بعد الحدیبیة ، وھاجر في أول سنة ثمان ، وكان أسر یوم بدر فف�داه عم��ھ العب��اس ، ووق��ع ذك��ره ف��ي الص��حیح ف��ي مواض��ع كثی��رة وش��ھد غ��زوة مؤت��ة ول��م

د لك�ن روى یسمع لھ ذكر في الفتح وحنین ، كأنھ كان مریضا ، أشار إلى ذلك ابن سعالزبیر بن بكار بسنده إلى الحسین بن علي ، أن عقیال كان ممن ثبت یوم حنین وم�ات في خالفة معاویة وفي تاریخ البخاري األصغر بسند صحیح أنھ م�ات ف�ي أول خالف�ة

. 3، وعمره ست وتسعون سنة 2یزید قبل الحرة

ك�ان یح�ب اإلس�الم ، وفھو أح�د الس�ابقین إل�ى ـ جعفر بن أبي طالب : 3ى الحبش�ة ، فأس�لم ـس إلیھم ویخدمونھ ویح�دثھم ویحدثون�ھ ، وھ�اجر إل�المساكین ویجل

النجاشي وم�ن تبع�ھ عل�ى یدی�ھ ، ولق�د تح�دثت عن�ھ ف�ي كت�ابي الس�یرة النبوی�ة ع�رض . 4من أرض الشام مقبال غیر مدبر ةتؤوقائع وتحلیل أحداث ـ واستشھد بم

ل ـالنبي صلى هللا علیھ وس�لم فقی� ابنة عم ـ أم ھاني بنت أبي طالب : 4

اسمھا فاختة ، وقیل اس�مھا فاطم�ة وقی�ل ھن�د ، واألول أش�ھر وكان�ت زوج ھبی�رة ب�ن عمرو بن عائذ المخزومي وكان لھ منھا عمرو ، وبھ كان یكنى وفي فتح مكة أجارت أم ھاني رجلین من بني مخ�زوم ، وق�ال لھ�ا رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : أجرن�ا

كت�ب الس�تة لأجرت یا أم ھاني وروت أم ھاني عن النبي صلى هللا علیھ وسلم في امن . 6ي وغیره : عاشت بعد علي رضي هللا عنھذ، قال الترم 5وغیرھا

ھي أم عبد هللا ب�ن أب�ي س�فیان ب�ن الح�ارث ـ جمانة بنت أبي طالب : 5دھ�ا ف�ي ب�اب بن عبد المطلب ذكرھا ابن س�عد ف�ي ترجم�ة أمھ�ا فاطم�ة بن�ت أس�د وأفر

بنات عم النبي صلى هللا علیھ وسلم وقال : ولدت ألبي سفیان ب�ن الح�ارث ابن�ة جعف�ر بن أب�ي س�فیان ب�ن أب�ي طال�ب ، وأطعمھ�ا رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ن خیب�ر

. 7ثالثین وسقا

الثالث عشر : أخوالھ وخاالتھ : . 23الجوھرة في نسب النبي صلى هللا علیھ وسلم وأصحابھ من المرتضى للندوي صـ 1 ) .2/494اإلصابة في تمییز الصحابة ( 2 . 24المرتضى للندوي صـ 3 . 24المرتضى صـ 4 . 25المرتضى صـ 5 ) .318ـ 9/317في تمییز الصحابة ( اإلصابة 6 . 27) المرتضى صـ 4/259/260اإلصابة ( 7

26

س�ن البل�وغ ، وھ�م القاس�م أم أخوالھ فقد ماتوا وھم صغار ولم یبلغ أحد منھم إلى، وإبراھیم وزاد الزبی�ر ب�ن بك�ار عب�د هللا ـ وس�مي بالطی�ب والط�اھر ـ ألن�ھ ول�د بع�د

وعلیھ أكثر علماء النسب ، وقیل : إن الطیب ، والطاھر ولدان آخران . ولك�ن 1النبوةهللا ، وجمی�ع أوالده ص�لوات 2عبد هللا والطیب والطاھر قد ماتوا بمكة بإجماع العلماء

وسالمھ علیھ من خدیجة بنت خویلد ، إال إبراھیم فإنھ م�ن ماری�ا القبطی�ة الت�ي أھ�داھا لھ مقوقس مصر ، عندما أرسل لھ الدعوة إلى اإلسالم في السنة السادس�ة م�ن الھج�رة ، وكان صلى هللا علیھ وسلم یكنى علیھ الصالة والس�الم ب�أبي القاس�م ، وق�د قی�ل : أن�ھ

من مات منھم ، ولد بمك�ة قب�ل النب�وة ، وم�ات ص�غیرا ، وقی�ل : ب�ل ولأأكبر أوالده و، وقی��ل : بل��غ أن یرك��ب الداب��ة 3ع��اش حت��ى بل��غ س��ن التمیی��ز ، فقی��ل : إن��ھ بل��غ المش��ي

، وأما خاالتھ فزینب ، ورقیة ، وأم كلثوم رضي هللا عنھن . 4ویسیر على النجیبة

ـ زینب بنت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : 1وأدرك��ت ي طال��ب رض��ي هللا عن��ـھ زین��بأكب��ر خ��االت الحس��ن ب��ن عل��ي ب��ن أب��

اإلسالم ، وھاجرت ، وكان رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم محبا لھا ، وقد كان�ت أول بنات��ھ زواج��ا ، فع��ن عائش��ة رض��ي هللا عنھ��ا قال��ت : ك��ان أب��و الع��اص ب��ن الربی��ع م��ن

وھ�و اب�ن أخ�ت خدیج�ة ، أم�ھ ھال�ة بن�ت ـ المعدودین ـ ماال وتجارة وأمانة رجال مكةخویل��د أخ��ت خدیج��ة ألمھ��ا وأبیھ��ا فقال��ت خدیج��ة لرس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، وك��ان رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ال یخالفھ��ا وذل��ك قب��ل أن ین��زل علی��ھ ال��وحي ، وكان��ت خدیج��ة تع��ده بمنزل��ة ول��دھا ، فلم��ا أك��رم هللا تع��الى نبی��ھ بنبوت��ھ آمن��ت خدیج��ة

وبناتھا رضي هللا عنھن ، فلما بادى رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم قریش�ا ب�أمر هللا ھ ، ف�ردوا علی�ھ تعالى ، أتوا بالعاص بن الربیع ، فقالوا : إنكم قد فرغتم محمدا من ھمبنات��ھ ، فاش��غلوه بھ��ن ، وق��الوا ألب��ي الع��اص ب��ن الربی��ع : ف��ارق ص��احبتك ، ونح��ن

م��ن ق��ریش ش��ئت ، فق��ال : الھ��ا هللا إذا ، ال أف��ارق ص��احبتي ، وال نزوج��ك أي ام��رأة أحب أن لي بامرأتي ام�رأة م�ن ق�ریش . وك�ان رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یثن�ي

: 6. وجاء عنھ أنھ تذكر زینب وھو في تجارتھ في الشام فقال 5على صھره خیرا 8إرما 7ذكرت زینـب لمـا وركت شخص یسكن الحرمالت : سقیا لفق بنت األمین جزاھا هللا صالحة 9اـل سـیثني بالـذي علمـل بعوك

. 31الدوحة النبویة الشریفة صـ 1 ) .4/281االستیعاب ( 2 . 42، الذریة الطاھرة للدوالیبي صـ 31الدوحة النبویة الشریفة صـ 3 31الدوحة النبویة الشریفة صـ 4 ) .2/296سیرة ابن ھشام ( 5 ) .4/44) ، مستدرك الحاكم (8/32ابن سعد ( تطبقا 6كت : أي اضطجعت ، یقال: ورك یرك وروكا : إذا اضطجع ، أي كأنھ وضع وركھ في األرض . 7 وور اإلرم : األحجار التي تنصب عالمات في الطرق والمفاوز والجمع أرم وإرم . 8 . 31الدوحة النبویة الشریفة صـ 9

27

أ ـ وفاء زینب لزوجھا :وكما كان أبو العاص بن الربیع وفیا لزوج�ھ زین�ب ، كان�ت ھ�ذه ك�ذلك ل�ھ ، فق�د أبى أبو العاص أن یسلم بمكة ، وأقامت زوجھ معھ على إسالمھا ، حتى كانت معركة

، فلم�ا بع�ث بدر ، فحضرھا أبو العاص في صف كفار قریش ، فأسر فیمن أسر منھمأھل مكة في فداء أسراھم بعثت زینب في ف�داء أب�ي الع�اص بم�ال ، وكان�ت فی�ھ ق�الدة لھا كانت خدیجة أدخلتھا بھا على أبي العاص حین بنى بھا ، قالت عائشة أم المؤمنین

علیھ وسلم رق لھا رق�ة ش�دیدة ، وق�ال للمس�لمین : إن : فلما رآھا رسول هللا صلى هللاردوا علیھا مالھا ، فافعلوا ، فقالوا : نعم یا رس�ول هللا ترأیتم أن تطلقوا لھا أسیرھا ، و. ویجدر بنا أن نقف وقفة تأمل في خطابھ ألصحابھ 1، فأطلقوه ، وردوا علیھ الذي لھ

ا ینبغي أن نتحلى بھ في حیاتنا . وك�ان وما تضمنھ من سمو العبارة واألدب الرفیع ممرس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ق��د أخ��ذ علی��ھ عھ��دا ، ب��أن یخل��ي زین��ب لتلح��ق ب��ھ ، وكانت من المستضعفین بمك�ة م�ن النس�اء واس�تكتمھ رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

2ذلك وصدق في عھده وأرسل زینب وتعرضت البتالء شدید في طریقھا إلى المدین�ة.

ب ـ إسالم زوجھا وأمانتھ :

وأقام أبو العاص بن الربیع بمكة ، وأقامت زینب عند رسول هللا صلى هللا علی�ھ وسلم بالمدینة حین فرق بینھما اإلس�الم ، حت�ى إذا ك�ان قبی�ل الف�تح خ�رج أب�و الع�اص تاجرا إلى الشام ، وكان رجال مأمونا ، بمال لھ ، وأموال لرجال من قریش أبض�عوھا معھ ، فلما فرغ من تجارتھ وأقبل قافال ، لقیتھ سریة لرسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

ھ ، وأعج�زھم ھارب�ا ، فلم�ا ق�دمت الس�ریة بمال�ھ ، أقب�ل أب�و الع�اص ـ، فأصابوا ما معتحت اللیل حتى دخل على زینب بنت رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم ، فاس�تجار بھ�ا

لھ ، فلما خرج رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم إلى ص�الة فأجارتھ ، وجاء في طلب ماالص��بح ، فكب��ر الن��اس وراءه ص��رخت زین��ب م��ن ص��فة النس��اء : أیھ��ا الن��اس إن��ي ق��د أجرت أبا العاص بن الربیع فلما سلم رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم من الصالة أقب�ل

نع�م : ق�ال : أم�ا وال�ذي على الناس فقال : أیھا الن�اس ھ�ل س�معتم م�ا س�معت ؟ ق�الوا :نف��س محم��د بی��ده م��ا علم��ت بش��ئ م��ن ذل��ك حت��ى س��معت م��ا س��معتم ، إن��ھ یجی��ر عل��ى المسلمین أدناھم . ثم انصرف ، ف�دخل عل�ى ابنت�ھ ، فق�ال : أي بنی�ة أكرم�ي مث�واه وال

ن لھ . وبعث رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم إل�ى الس�ریة ییخلص إلیك ، فإنك ال تحل ا المال ، فقال ، إن ھذا الرجل منا حیث قد علمتم ، وق�د أص�بتم ل�ھ م�اال ، الذین أصابو

ردوا علیھ مالھ الذي لھ فإنا نحب ذلك ، وإن أبیتم فھو فئ هللا الذي أف�اء تفإن تحسنوا وعلیكم ، فأنتم أحق ب�ھ ، ق�الوا : ی�ا رس�ول هللا ب�ل ن�رده علی�ھ ف�ردوه ، حت�ى إن الرج�ل

حت��ى أن أح��دھم لی��أتي بالش��طاط ، ث��م 4واإلداوة 3أتي بالش��نةلی��أتي بال��دلو ، والرج��ل ی��احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قریش مالھ ، ومن كان أبضع معھ . ث�م ق�ال

) .247سیر أعالم النبالء ( 1 . 69تاریخ اإلسالم للذھبي ، المغازي صـ 2 الشنة ھي : السقاء البالي . 3 اإلداوة : مطھرة یتوضأ منھا . 4

28

: یا معشر قریش ، ھل بقى ألحد منكم عندي مال لم یأخذه ؟ قالوا : ك�ال ، فج�زاك هللا ا ش�ھد أن ال إل�ھ إال هللا ، وأش�ھد أن محم�دخیرا ، فقد وجدناك وفیا كریما ، قال : فأن�ا أ

ف أ دت أن رتظن�وا أن�ي إنم�ا أ نرسول هللا ، وهللا ما منعني من اإلس�الم عن�ده إال تخ�وآكل أموالكم ، فلما أداھا هللا إلیكم ، وفرغت منھا أسلمت ، ثم خ�رج فق�دم عل�ى رس�ول

ا الع�اص ب�ن الربی�ع لم�ا ، وجاء عن عامر الشعبي وغی�ره ، أن أب� 1هللا صلى هللا علیھقدم من الشام ومعھ أموال المشركین ، قیل لھ : ھل لك أن تسلم وتأخ�ذ ھ�ذه األم�وال ،

. 2فإنھا أموال المشركین ؟ فقال أبو العاص : بأس ما أبدأ بھ إسالمي أن أخون أمانتيتعلم قیم��ة عظیم��ة وھ��ي األمان��ة والتحل��ي ن��وم��ن أق��وال أب��و الع��اص رض��ي هللا عن��ھ :

كارم األخالق حتى مع غیر المسلمین فال ینبغي للمس�لم أن یخ�ون أمانت�ھ ألي س�بب بم كان .

ولما قدم أبو العاص بن الربیع عل�ى رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم مس�لما رد ، وق�د ج�اء ف�ي التحاقھم�ا 3علیھ زوجتھ زینب بالنكاح األول ، ولم یحدث نكاحا جدیدا

بالمدین��ة روای��ات أخ��رى إال أنھ��ا تتف��ق عل��ى وف��اء أب��ي ب��النبي ص��لى هللا علی��ھ وس��لمالعاص بن الربیع لرسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، وتتف�ق عل�ى إی�ذاء المش�ركین لھ�ا

. 4في خروجھا من مكة

تھا :ی جـ ـ وفاتھا وذررج��ال أقب��ل بزین��ب بن��ـت رس��ول هللا فلحق��ھ فق��د ج��اء ع��ن ع��روة ب��ن الزبی��ر : أن

فق�اتاله حت�ى غلب�اه علیھ�ا ، ف�دفعاھا حت�ى وقع�ت عل�ى ص�خرة ، رجالن م�ن ق�ریش ، فأسقطت وأھریقت دما ، وذھبوا بھا إلى أبي سفیان ، فجاءتھ نس�اء بن�ي ھاش�م ف�دفعھا إلیھن ثم جاءت بعد ذلك مھاجرة ، فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوج�ع ، فك�انوا

. 5الھجرة النبویةیرون أنھا شھیدة ، وكانت وفاتھا في أول سنة ثمان من أم عطیة رض�ي هللا عنووقف رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم على تجھیزھا ، ف

عنھا قالت : لما ماتت زین�ب بن�ت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ق�ال لن�ا : اغس�لنھا وت��را ، ثالث��ا أو خمس��ا ، واجعل��ن ف��ي الخامس��ة ك��افورا ، أو ش��یئا م��ن ك��افور ، ف��إذا

. وھك�ذا ن�رى حج�م 6نني ، قالت : فأعطانا حقوة ، وقال : أشعرنھا إی�اهغسلتنھا فأعلمالمصائب التي تحملھا الرسول صلى هللا علیھ وسلم حتى وصلت إلى بناتھ وقد استمر على طریق الدعوة صابرا محتس�با ومن�ھ ن�تعلم أن طری�ق إع�زاز اإلس�الم یحت�اج إل�ى

صبر واستعداد للتضحیة .ي هللا عنھا من أبي الع�اص ب�ن الربی�ع ، أمام�ة ، وعلی�ا ، وقد أنجبت زینب رض

أما علي فقد مات وھو صغیر ، وقیل م�ات ف�ي حی�اة الرس�ول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وقد ناھز الحلم ودخل رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم مك�ة ی�وم الف�تح ، وھ�و مردف�ھ

م ب��الموقع الك��ریم ، عل��ى ناقت��ھ . وكان��ت أمام��ة عن��د رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��ل . 70تاریخ اإلسالمي للذھبي ، المغازي صـ ال 1 ) .1/154دالئل النبوة للبیھقي ( 2 . 41الدوحة النبویة الشریفة صـ 3 . 41المصدر نفسھ صـ 4 ) .9/216یثمي (مجمع الزوائد للھ 5 ) .8/34) ، طبقات ابن سعد (2/648مسلم ، ك الجنائز ( 6

29

والمحل العظیم ، فقد كان یحملھا على عاتق�ھ وھ�و ی�ؤم الن�اس ف�ي الص�الة ، فع�ن أب�ي قتادة األنصاري قال : رأیت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم یصلي وھو یحم�ل أمام�ة

، وع�ن 1بنت أبي الع�اص ابن�ة ابنت�ھ عل�ى عاتق�ھ ، ف�إذا رك�ع وض�عھا وإذا ق�ام حملھ�ا عنھا أن النجاشي أھدى للنبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم حلی�ة فیھ�ا خ�اتم عائشة رضي هللا

ھ حبشي فأخذه وإنھ لمعرض عنھ ، فأرسلھ إلى ابنة ابنت�ھ زین�ب ، وق�ال من ذھب فص، وفي روایة : أن رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم دخل على أھلھ 2: تحلي بھذا یا بنیةإلى أحبكن إلي ، فقلن : یدفعھا إلى ابنة أبي بكر ، ، فقال العطینھا 3ومعھ قالدة جزع

، وك�ان عل�ى عینھ�ا رم�ص ، فمس�حھ 4فدعا بابنة أبي العاص م�ن زین�ب فعق�دھا بی�دهبیده صلى هللا علیھ وسلم . وأما أمامة فقد عاشت ، وتزوجھا على ب�ن أب�ي طال�ب بع�د

أوص�ى بابنت�ھ أمام�ھ إل�ى وفاة خالتھا فاطمة الزھراء ، وكان أبو العاص بن الربیع ق�د الزبیر بن العوام ، فزوجھا من عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب ، واستش�ھد عل�ي رض�ي هللا عن�ھ وھي عنده ، ثم تزوجت بعده المغیرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطل�ب ، ومات�ت عن��ده ، ول��م تنج��ب أمام��ة لعل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ، وال للمغی��رة ب��ن نوف��ل وقی��ل : ول��دت

ماه یحي ومات ، فانقطع بذلك نسل السیدة زینب علیھا السالم .للمغیرة ولدا س

رقیة بنت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم :وقد ولدت على األصح بعد زینب سنة ث�الث وثالث�ین م�ن عم�ر النب�ي ص�لى هللا علیھ وسلم ، وأسلمت حین أسلمت أمھا خدیجة وبایعت حین بایعھ الن�اس ، وكان�ت ق�د

)) ق�ال ل�ھ أب�وه : رأس�ي ...تبت یدا أبي لھ�ب وت�ب أبي لھب ، فلما نزلت : ((خطبھا عتبة بن من رأسك ح�رام إن تطل�ق ابن�ة محم�د ، وس�أل رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم عتب�ة

ال�ة طالقھا وسألتھ ھي ذلك . ولم یكن قد دخل بھا ـ فقالت ل�ھ أم�ھ أم جمی�ل ـ وھ�ي حم، فإنھا قد ص�بأت ففارقھ�ا ، فأخرجھ�ا هللا م�ن ی�ده كرام�ة لھ�ا ، ي الحطب ـ طلقھا یا بن

وھوانا لھ ، فتزوجت عثمان بن عفان بمكة ، وھاجر بھا إلى الحبشة ، ثم إل�ى المدین�ة . 5المنورة فھي ممن ھاجر الھجرتین

ھذا وقد توفیت بالمدینة بعد انتھاء غزوة ب�در ، فع�ن اب�ن ش�ھاب الزھ�ري ق�ال : بن عفان عن غزة بدر على امرأتھ رقیة بنت رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ تخلف عثمان

وسلم ، وكانت قد أصابتھا الحصبة ، وجاء زید بن حارثة بشیرا بوقعة بدر ، وعثمان على قبر رقیة ، قال أبو عمر بن عب�د الب�ر : ال خ�الف ب�ین أھ�ل الس�یر أن عثم�ان ب�ن

امرأتھ رقی�ة ب�أمر رس�ول هللا ص�لى هللا عفان رضي هللا عنھ إنما تخلف عن بدر على ، وقد ولدت رقیة رضي هللا عنھ�ا لعثم�ان 6علیھ وسلم ، وأنھ ضرب لھ بسھمھ وأجره

بالحبشة ولدا سماه عبد هللا ، وكان یكنى بھ بلغ سنتین وقیل : س�ت س�نین ، فنق�ر عین�ھ ت عب�د هللا دیك فتورم وجھھ ومرض ومات وقیل : أسقطت من عثمان سقطا ، ثم ول�د

. 543مسلم رقم 1 . 43) سنده ضعیف ، الدوحة النبویة الشریفة صـ 261، 6/101مسند أحمد ( 2 الجزع : ھو الخرز الیماني ، واحدتھ جزعة . 3 . 43لدوحة النبویة الشریفة صـ ) ، ا4/245) ، االستیعاب البن عبد البر (8/40طبقات ابن سعد ( 4 ) .4/242، تفسیر القرطبي ( 44الدوحة النبویة الشریفة صـ 5 ) .4/1952االستیعاب ( 6

30

، قال اب�ن س�عد ف�ي 1، فمات ، ولم تلد لھ غیره حتى توفیت رضي هللا عنھا وأرضاھاالطبقات : وھاجرت معھ ـ أي عثمان ـ إلى أرض الحبشة الھج�رتین جمیع�ا .. وكان�ت في الھجرة األولى قد أسقطت من عثمان سقطا ث�م ول�دت ل�ھ بع�د ذل�ك ول�د فس�ماه عب�د

. 3وبھذا یكون نسبھا قد انقطع 2ھ في اإلسالمهللا وكان عثمان یكنى ب

ـ أم كلثوم بنت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : 3وأما خالة الحسن رضي هللا عنھ الثالثة فھي أم كلثوم ، فقد عرف�ت بكنیتھ�ا ، وال یعرف لھا اسم إال ما ذكره الحاكم عن مصعب الزبیري أن اسمھا أمیة وھي أكبر سنا

، وكان�ت ق�د تزوجھ�ا عتیب�ة ب�ن أب�ي لھ�ب ، أخ�و عتب�ة 4هللا عنھم�امن فاطم�ة رض�ي الذي تزوج أختھا رقیة ـ ولم یدخال بھما ـ فأمره أب�وه وأم�ھ أن یفارقھ�ا كم�ا أم�را أخ�اه أن یف��ارق أختھ��ا . وج��اء إل��ى النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم فق��ال ل��ھ : كف��رت ب��دینك ،

لیھ فش�ق قم�یص النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وفارقت ابنتك ال تحبني وال أحبك ، ثم سطا عوسلم ، وكان خارجا إلى الشام ، فقال النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : أم�ا إن�ي أس�أل هللا أن یسلط علیك كلبا من كالبھ فخرج في تجر قریش ـ أي جماع�ة التج�ار ـ نح�و الش�ام

جعل عتیبة یق�ول حتى نزلوا بمكان یقال لھ الزرقاء فأطاف بھم األسد في تلك اللیلة ، فأیا ویل أمي ھو وهللا آكلي كما دعا علي محمد ، أقاتلي ابن أبي كبش�ة وھ�و بمك�ة وأن�ا

، ولم�ا 5بالشام ، فعدا علیھ األس�د م�ن ب�ین الق�وم ، فأخ�ذ برأس�ھ فض�غمھ ض�غمة فقتل�ھفارقھا عتیبة بن أبي لھب لم تزل بمكة مع رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وھ�اجرت

. 6ة حین ھاجر رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، وخرجت إلیھا مع عیالھإلى المدین

أ ـ زواجھا :وقال سعید ب�ن المس�یب : ت�أیم عثم�ان م�ن رقی�ة بن�ت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وسلم وتأیمت حفصة بنت عمر من زوجھ�ا ، فم�ر عم�ر بعثم�ان ، فق�ال : ھ�ل ل�ك ف�ي

ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ی��ذكرھا فل��م یجب��ھ ، حفص��ة ، وك��ان عثم��ان ق��د س��مع رس��ول هللار للنبي صلى هللا علیھ وسلم ، فقال : ھل لك في خیر من ذلك . أت�زوج ـوذكر ذلك عم

، وك��ان زواج أم كلث��وم م��ن عثم��ان ب��ن 7حفص��ة وأزوج عثم��ان خی��را منھ��ا أم كلث��ومھ�ا ف�ي عفان رضي هللا عنھما سنة ثالث من الھجرة النبویة ، في ربیع األول ، وبنى ب

. وج��اء أن رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم دخ��ل عل��ى ابنت��ھ وھ��ي 8جم��ادي اآلخ��رةتغسل برأس عثم�ان رض�ي هللا عن�ھ ، فق�ال : ی�ا بنی�ة أحس�ني إل�ى أب�ي عب�د هللا ، فإن�ھ

. 9أشبھ أصحابي خلقا

. 45الدوحة النبویة الشریفة صـ 53الذریة الطاھرة للدوالیبي صـ 1 ) .8/36الطبقات ( 2 . 45الدوحة النبویة الشریفة صـ 3 . 46المصدر نفسھ صـ 4 . 76) وفیھ زھیر بن العالء وھو ضعیف ، الذریة الطاھرة للدوالیبي رقم 436، 22/435جم الكبیر للطبراني (المع 5 . 46الدوحة النبویة الشریفة صـ 6 ) صحیح .4/49مستدرك الحاكم ( 7 . 47فیھ ضعف ، الدوحة النبویة صـ 110سنن ابن ماجة رقم 8 ال الھاشمي فیھ محمد بن عبد هللا یروي عن المطلب ولم أعرفھ وبقیة رجالھ ثقات .) ق9/81مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ( 9

31

وفاتھا :

ولم تزل أم كلثوم عن�د عثم�ان رض�ي هللا عنھم�ا إل�ى أن توفی�ت ف�ي ش�عبان س�نة من الھجرة وص�لى علیھ�ا رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وجل�س عل�ى ش�فیر عتس

أن�س ب�ن مال�ك أن�ھ رأى النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم جالس�ا ع�نقبرھا علیھا السالم ، فعلى قب�ر أم كلث�وم ، ق�ال : فرأی�ت عینی�ھ ت�دمعان ، فق�ال : ھ�ل م�نكم رج�ل ل�م یق�ارف

.وقد غسلتھا أسماء بن�ت عم�یس ، 1انزل في قبرھااللیلة ؟ فقال أبو طلحة أنا ، قال : فوصفیة بنت عبد المطلب وھي التي شھدت أم عطیة غسلھا ، وحك�ت ق�ول رس�ول هللا

. 2صلى هللا علیھ وسلم : أغسلنھا ثالثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلكوجاء عند ابن س�عد أن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب , والفض�ل ب�ن العب�اس, وأس�امة ب�ن

د نزلوا في حفرتھا مع أبي طلحة ، وأن التي غسلتھا ھي أسماء بن�ت عم�یس ، زید ، ق . 3وصفیة بنت عبد المطلب

ذریتھا :

. وم��ن الغری��ب أن بع��ض 4اتف��ق العلم��اء عل��ى أن أم كلث��وم ، ل��م تل��د ول��م تعق��بالشیعة ال�روافض یطعن�ون بص�حة نس�ب بن�ات النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وم�ع ذل�ك

ن النبي صلى هللا علیھ وسلم مخالفین ب�ذلك الق�رآن الك�ریم والس�نة یزعمون بأنھم یحبوی��ا أیھ��ا النب��ي ق��ل ألزواج��ك النبوی��ة الش��ریفة والت��اریخ ویكف��ي ف��ي ال��رد عل��یھم قول��ھ تع��الى ((

غف��ورا وبنات��ك ونس��اء الم��ؤمنین ی��دنین عل��یھن م��ن جالبی��بھن ذل��ك أدن��ى )) أن یع��رفن ف��ال ی��ؤذین وك��ان � ) فذكر بناتھ بالجمع .59(األحزاب ، اآلیة :

المبحث الثاني : أم الحسن بن علي بن أبي طالب السیدة فاطم�ة

الزھراء رضي هللا عنھما :مھ�ا ھي فاطمة بنت إمام المتقین سید ولد آدم رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وأ

، ول�دت رض�ي هللا عنھ�ا قب�ل البعث�ة س�نة 5خدیجة بنت خویلد ، كان�ت تكن�ى ب�أم أبیھ�ا، زوجھ�ا النب�ي ص�لى هللا علی�ھ 6خمس وثالثین من مول�د النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

وسلم علي بن أبي طالب سنة اثنتین للھجرة بعد وقعة بدر وولدت لھ الحسن والحس�ین ن ، وكانت وفاتھا بعد وفاة النبي صلى هللا علیھ وسلم بس�تة وأم كلثوم ، وزینب ومحس

. 7هللا عنھا وأرضھا يأشھر فرض

. 1285) رقم 3/208البخاري ، ك الجنائز ( 1 . 3063االستیعاب رقم 1253البخاري رقم 2 . 3563) ، االستیعاب رقم 39، 8/38الطبقات ( 3) ، عیون األثر البن سید 9/217) ، مجمع الزوائد (4/489، اإلصابة ( )4/487) االستیعاب البن عبد البر (8/38طبقات ابن سعد ( 4

. 49) الدوحة النبویة الشریفة صـ 2/380الناس ( ) .4/365) ، اإلصابة (5/520أسد الغابة ( 5 ) .8/26الطبقات البن سعد ( 6 ) .2/118) سیر أعالم النبالء (43، 2/39حلیة األولیاء ( 7

32

مھرھا وجھازھا :أوال : قال علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ : خطبت فاطمة إلى رسول هللا ص�لى هللا علیھ وسلم فقالت موالة لي : ھل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رس�ول هللا ص�لى هللا

وسلم قلت : ال قالت : فقد خطبت ، فما یمنعك أن تأتي رسول هللا صلى هللا علی�ھ علیھوسلم فیزوجك . فقلت : وعندي شئ أتزوج بھ فقالت : إنك إن جئت رس�ول هللا ص�لى هللا علیھ وسلم زوجك . قالت : فوهللا ما زالت ترجیني حتى دخلت على رس�ول ص�لى

ی�ھ أفحم�ت ، ف�وهللا م�ا اس�تطعت أن أتكل�م جالل�ة هللا علیھ وسلم ، فلما أن قعدت ب�ین یدت تخطب فاطمة ؟ فقلت : نع�م ، فق�ال : وھ�ل عن�دك م�ن ش�ئ ـوھیبة . فقال : لعلك جئ

ا فعلت درع سلحتكھا ؟ فوالذي نف�ستستحلھا ؟ فقلت : ال وهللا یا رسول هللا . فقال : م: ق�د زوجتكھ�ا ، علي بی�ده إنھ�ا لحطمی�ة م�ا قیمتھ�ا أربعمائ�ة درھ�م فقل�ت عن�دي فق�ال

فابعث إلیھا بھا فاس�تحلھا بھ�ا ، فإنھ�ا كان�ت لص�داق فاطم�ة بن�ت رس�ول هللا ص�لى هللا ، وقرب��ة 2وق��د جھ��ز رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم فاطم��ة ف��ي خمی��ل 1علی��ھ وس��لم، وقد جاء في روایات الش�یعة مس�اھمة لعثم�ان ب�ن عف�ان 4حشوھا إذخر 3ووسادة أدم

واج المیمون حیث قال : عل�ي رض�ي هللا عن�ھ : فأخ�ذت درع�ي رضي هللا عنھ في الزمائ�ة درھ�م م�ن عثم�ان ب�ن عف�ان ، فلم�ا قبض�ت عفانطلقت ب�ھ إل�ى الس�وق فبعت�ھ ب�أرب

الدراھم منھ وقبض الدرع مني قال : ی�ا أب�ا الحس�ن ، ألس�ت أول�ى بال�درع من�ك وأن�ت ي إلیك ، فأخذت ال�درع أولى بالدراھم مني ؟ فقلت : نعم قال : فإن ھذا الدرع ھدیة من

والدراھم وأقبلت إلى رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، فطرحت ال�درع وال�دراھم ب�ین . 5بیدیھ ، وأخبرتھ بما كان من أمر عثمان فدعا لھ النبي صلى هللا علیھ وسلم بخیر

زفافھا :ثانیا :

علی�ھ قالت أسماء بنت عمیس : كنت في زفاف فاطمة بنت رسول هللا ص�لى هللاوسلم ، فلما أصبحنا جاء النبي صلى هللا علیھ وسلم إلى الباب فقال : یا أم أیمن ادع�ي لي أخي فقالت : ھو أخوك وتنكحھ ؟ قال : نعم یا أم أیمن ، قال�ت : فج�اء عل�ي فنض�ح النبي صلى هللا علیھ وسلم من الماء ودعا لھ ثم قال : أدعو إلي فاطمة قال�ت : فج�اءت

فقال لھا رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : أس�كتي فق�د أنكحت�ك أح�ب تعثر من الحیاءأھل بیتي إلي ، قالت : ونضح النبي صلى هللا علیھ وسلم علیھ�ا م�ن الم�اء ودع�ا لھ�ا ، قالت : ثم رجع رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم فرأى سوادا بین یدیھ ، فقال : م�ن ھ�ذا

نعم ، قال : أسماء بنت عمیس ؟ قلت : نع�م ، ق�ال ؟ فقالت : أنا ، قال : أسماء ؟ قلت : ، وف�ي 6: جئت في زفاف بنت رسول هللا تكرم�ھ ل�ھ ؟ قل�ت : نع�م ، قال�ت : ف�دعا ل�ي

ھ��ذه القص��ة قیم��ة اجتماعی��ة رفیع��ة وھ��ي التع��اون ب��ین أف��راد المجتم��ع ف��ي المناس��بات االجتماعیة المختلفة .

) إسناده حسن .3/160( دالئل النبوة للبیھقي 1 خمیل : القطیفة . 2 األدم : الجلد . 3 . 189مسند فاطمة الزھراء وما ورد في فضلھا ، تحقیق فؤاد أحمد زمرلي صـ 667إذخر : نبات ، صحیح السیرة النبویة صـ 4 . 138، 137) نقال عن الشیعة وأھل البیت صـ 1/359كشف الغمة لألربلي ( 5 إسناده صحیح . 342) رقم 2/955( فضائل الصحابة 6

33

ولیمة العرس :ثالثا :

خطب علي فاطمة ، ق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : لماقال : عن بریدة جم��ع ل��ھ رھ��ط م��ن م��ن ولیم��ة ، ق��ال : فق��ال س��عد عل��ي ك��بش ، و 1إن��ھ ال ب��د للع��رس

رة ، فلم��ا ك��ان لیل��ة البن��اء ، ق��ال : ی��ا عل��ي ال تح��دث ش��یئا حت��ى األنص��ار آص��عا م��ن ذأفرغھ على علي ، فق�ال تلقاني . . فدعا النبي صلى هللا علیھ وسلم بماء فتوضأ منھ ثم

. 2: اللھم بارك فیھما وبارك علیھما ، وبارك في شبلھما

معیشة علي وفاطمة رضي هللا عنھما :رابعا : كانت معیشة علي وفاطمة رضي هللا عنھم�ا وھم�ا م�ن أح�ب الن�اس إل�ى رس�ول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، معیشة زھد وتقشف ، وصبر وجھ�د ، فق�د أخ�رج ھن�اد ع�ن عطاء ، قال : نبئت أن علیا رضي هللا عنھ قال : مكثنا أیاما لیس عندنا شئ ، وال عند نبي هللا صلى هللا علیھ وسلم ، فخرجت ، فإذا أنا بدینار مطروح على الطریق فمكث�ت ھنیھ��ة أوام��ر نفس��ي ف��ي أخ��ذه أو ترك��ھ ، ث��م أخذت��ھ لم��ا بن��ا م��ن الجھ��د ، فأعطی��ت ب��ھ

قا ، ثم أتیت بھ فاطم�ة فقل�ت : أعجن�ي وأخب�زي ، فجعل�ت فاشتریت بھ دقی 3الضفاطینتعجن وإن قصتھا لتضرب حرف الجفنة من الجھد الذي بھا ـ ثم خب�زت ، فأتی�ت نب�ي

، 4هللا صلى هللا علیھ وسلم ، فأخبرتھ ، فقال : كلوا فإنھ رزق رزقكموه هللا ع�ز وج�لبنت محم�د رس�ول هللا وعن الشعبي ، قال : قال علي رضي هللا عنھ : تزوجت فاطمة

صلى هللا علیھ وسلم ومالي ولھا فراش غیر جلد كبش تنام علیھ باللیل ، ونعل�ف علی�ھ ، وعن مجاھد قال علي : جع�ت م�رة بالمدین�ة 5ناضحنا بالنھار ، وما لي خادم غیرھا

جوعا شدیدا ، فخرج�ت أطل�ب العم�ل ف�ي ع�والي المدین�ة ، ف�إذا أن�ا ب�امرأة ق�د جمع�ت ، عل�ى تم�رة ، فم�ددت س�تة 8ك�ل ذن�وب 7، فأتیتھا فقاطعتھ�ا 6ظننتھا ترید بلھمدرا ، ف

، ثم أتیت الماء فأص�بت من�ھ ، ث�م أتیتھ�ا فقل�ت یكف�ي 9عشرة ذنوبا ، حتى مجلت یدايت عش�رة تم�رة ، فأتی�ت النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، ـ، فعدت لي س� 10ھذا بین یدیھا

شدة الحال التي مر بھا والد الحس�ن لالخبر بیان ، في ھذا 11فأخبرتھ ، فأكل معي منھافي المدینة ، ونأخذ منھا صورة من السلوك المشروع في مواجھة الشدائد حیث خرج علي للعمل بیدیھ للكسب المشروع ، ولم یجلس منتظرا ما تجود بھ أی�دي المحس�نین ،

ن ش��دة وص��ورة أخ��رى م��ن ق��وة التحم��ل حی��ث ق��ام ب��ذلك العم��ل الش��اق وھ��و یع��اني م��الجوع ما یضعف قوتھ ، وصورة أخرى من إیثار األحبة والوفاء لھ�م ، فھ�و عل�ى م�ا

للعرس : أي للعروس . 1 ) إسناده صحیح .2/858، فضائل الصحابة ( 1153المعجم الكبیر للطبراني 2 الضفاطون : الحمالون والمكارون الذین یجلبون الدقیق من الخارج . 3 . 41) ، المرتضى للندوي صـ 7/328كنز العمال ( 4 . 41تضي للندوي صـ ) المر7/133كنز العمال ( 5 المدر ، یعني الطین الیابس ، ترید لھ یعني الماء . 6 فقاطعتھا : أي اتفقت معھا على أجرة 7 ذنوب : دلو . 8 مجلت : تورمت من العمل . 9

یعني بسطھما وضمھما . 10 إسناده ضعیف النقطاعھ . 1135) ، الموسوعة الحدیثیة ، مسند أحمد 1/320صفة الصفوة ( 11

34

بھ من شدة الجوع وب�الرغم مم�ا ق�ام ب�ھ م�ن ذل�ك العم�ل الش�اق ق�د اح�تفظ بأجرت�ھ م�ن ، إن م�ن أھ�م ال�دروس ف�ي ھ�ذه 1التمر حتى لقي النبي صلى هللا علیھ وسلم فأكل مع�ھ

م�ن هللا للعب�د اه المادي ال یعبر بالضرورة عل�ى ح�ب القصة ھو أن فقر اإلنسان أو غنعدم��ھ للعب��د وإنم��ا المعی��ار الحقیق��ي ھ��و تق��وى هللا ع��ز وج��ل وینبغ��ي أن یك��ون تقییمن��ا

للناس على ھذا األساس .

زھد السیدة فاطمة وصبرھا :خامسا : كانت حیاة والد الحسن رضي هللا عنھم�ا ف�ي غای�ة البس�اطة بعی�دة ع�ن التعقی�د ،

، وھذه القص�ة تص�ور لن�ا ح�ال الس�یدة 2ي إلى شظف العیش أقرب منھا إلى رغدهوھفاطمة من التعب وموقف رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم منھ�ا عن�دما طلب�ت من�ھ أن

، حت��ى لق��د 3م��ن الس��بي ، ق��ال عل��ي لفاطم��ة ذات ی��وم وهللا لق��د س��نوتخادم��ا یعطیھ��ا ، فقالت : أن�ا وهللا 4فاذھبي ، فاستخدمیھاشتكیت صدري ، قال : وجاء هللا أباك بسبي

بي صلى هللا علیھ وسلم فقال : ما ج�اء ب�ك أي ـقد طحنت حتى مجلت یداي ، فأتیت النبنیة . قالت : جئت ألسلم علیك واس�تحیت أن تس�ألھ ورجع�ت فق�ال عل�ي : م�ا فعل�ت ؟

لق�د س�نوت قالت : اس�تحیت أن أس�ألھ ، فأتین�ا جمیع�ا ، فق�ال عل�ي : ی�ا رس�ول هللا وهللا، وقد ج�اءك هللا 5حتى اشتكیت صدري ، وقالت فاطمة : قد طحنت حتى مجلت یداي

بسبي وسعة فأخدمنا ، فق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : وهللا ال أعطیكم�ا وأدع بط��ونھم ، ال أج��د م��ا أنف��ق عل��یھم ، ولكن��ي أب��یعھم وأنف��ق عل��یھم 6ل الص��فة تط��ويـأھ��

ھما النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم وق�د دخ�ال ف�ي قطیفتھم�ا إذ غط�ت أثمانھم ، فرجعا فأتارؤوس��ھما تكش��ف أق��دامھما ، وإذا غطی��ت أق��دامھما تكش��فت رؤوس��ھما ، فث��ارا ، فق��ال مكانكم��ا ، ث��م ق��ال : أال أخبركم��ا بخی��ر مم��ا س��ألتماني ؟ ق��اال : ب��ال . فق��ال : كلم��ات

ل ص�الة عش�را ، وتحم�دان علمنیھن جبریل علیھ الس�الم ، فق�ال : تس�بحان ف�ي دب�ر ك�عشرا ، وتكبران عشرا ، وإذا أویتما إلى فراشكما فس�بحا ثالث�ا وثالث�ین وأحم�دا ثالث�ا

، وف�ي ھ�ذه القص�ة الس�الفة بع�ض الق�یم منھ�ا ، إن ھ�ذه 7وثالثین وكبرا أربعا وثالث�یني م�رت الحادثة تبین لنا كیف أدار النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم األزم�ة االقتص�ادیة الت�

بدولة الرسول صلى هللا علیھ وسلم في المدینة ، وذلك م�ن خ�الل ترتیب�ھ لألولوی�ات ، فسد جوع أھل الصفة ضرورة ملحة وأما حاجة علي وفاطمة للخادم ، فلیست بمرتب�ة احتیاج أھل الصفة ، فقدم رسول هللا أھل الصفة عل�یھم وكان�ت وس�ائل رس�ول هللا ف�ي

، ولقد تأثر والد الحسن بن عل�ي رض�ي هللا عنھم�ا بھ�ذه حل األزمة االقتصادیة كثیرةالتربیة النبویة ، ویمر الزمن بأمیر الم�ؤمنین عل�ي فیص�بح خلیف�ة المس�لمین ، ف�إذا ب�ھ من آثار ھذه التربیة یترفع عن الدنیا وزخارفھ�ا وبی�ده كن�وز األرض وخیراتھ�ا ، ألن

یة رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ ذكر هللا یمأل قلبھ ویغمر وجوده ، ولق�د ح�افظ عل�ى وص�

) .50، 19/49اریخ اإلسالمي للحمیدي (الت 1 للشامي . 255أنظر : معین السیرة صـ 2 سنوت : استقیت . 3 أي أسألیھ خادما . 4 ) .2/99السیرة النبویة للصالبي ( 2727مسلم رقم 5 تطوي : طوى من الجوع ، فھو خالي البطن جائع لم یأكل . 6 . 2727مسلم رقم 3705البخاري رقم 7

35

وسلم لھ وقد حدثنا عن ذلك فقال : فوهللا ما تركتھن منذ علمنیھن ، فسألھ أحد أصحابھ . 1: وال لیلة صفین فقال : وال لیلة صفین

محبة رسول هللا للسیدة فاطمة وغیرتھ علیھا :سادسا :

وس�لم إذا س�افر عن ثوبان رضي هللا عن�ھ ق�ال : ك�ان رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ ، 2آخر عھده بالمدین�ة إتی�ان فاطم�ة ، وأول م�ن ی�دخل علی�ھ إذا ق�دم م�ن س�فره فاطم�ة

وفي روایة عن أبي ثعلبة الخشني قال : كان رسل هللا صلى هللا علیھ وسلم إذا قدم من ، 3غزو أو سافر بدأ بالمسجد فصلى فیھ ركعتین ، ثم ی�أتي فاطم�ة ، ث�م ی�أتي أزواج�ھ

ي هللا عنھ��ا قال��ت : م��ا رأی��ت أح��دا أش��بھ س��متا وال دال برس��ول هللا وع��ن عائش��ة رض��صلى هللا علیھ وسلم في قیامھ وقعوده من فاطم�ة بن�ت رس�ول هللا ، وكان�ت إذا دخل�ت علیھ قام إلیھا فقبلھا وأجلسھا في مجلسھ ، وك�ان النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم إذا دخ�ل

، وف�ي روای�ة أنھ�ا كان�ت تقب�ل 4مجلس�ھا علیھا قامت من مجلس�ھا فقبلت�ھ وأجلس�تھ ف�يرس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : أح�ب أھ�ل ق�ال : ، وعن أس�امة ب�ن زی�د ق�ال 5یدیھ

، وقد أراد علي رضي هللا عنھ أن یتزوج بنت أبي جھل على فاطمة 6بیتي إلي فاطمةللح�دیث ، فخطب رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم الناس ، إن في روایة السیدة عائش�ة

فاطمة (، فقال : 7دلیل على حقیقة المحبة بین السیدتین ولیست كما یدعي المغرضون، وعن المس�ور ب�ن مخرم�ة رض�ي هللا عن�ھ أن�ھ )8بضعة مني فمن أغضبھا أغضبني

س��مع رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم عل��ى المنب��ر یق��ول : بن��ي ھاش��م ب��ن المغی��رة أب�ي طال�ب ، ف�ال آذن لھ�م ث�م ال آذن لھ�م ، ث�م ال استأذنوني أن ینكحوا ابنتھم عل�ي ب�ن

آذن لھم ، إال أن یحب ابن أبي طالب أن یطلق ابنتي وینكح ابنتھم ، فإنما ابنتي بض�عة ى عبد هللا بن الزبیر , وروى الترمذي بسنده إل 9مني یربني ما رابھا ویؤذیني ما آذاھا

بي صلى هللا علیھ وس�لم فق�ال : رضي هللا عنھ أن علیا ذكر بنت أبي جھل فبلغ ذلك الن، وم��ن مناق��ب الس��یدة 10إنم��ا فاطم��ة بض��عة من��ي ی��ؤذیني م��ا آذاھ��ا ویتعبن��ي م��ا أتعبھ��ا

فاطمة ما رواه الحاكم أیضا بإسناده إلى بریدة رضي هللا عنھ ق�ال : ك�ان أح�ب النس�اء ، وال یفھ�م م�ن ھ�ذا 11إلى رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم فاطم�ة وم�ن الرج�ال عل�ي

لحدیث معارضتھ لما ثبت في الصحیح من حدیث عمرو بن العاص ، أنھ س�ئل النب�ي ا 12لیك ؟ قال عائشة قال من الرجال ؟ ق�ال أبوھ�اإصلى هللا علیھ وسلم أي الناس أحب

. فالمراد من ھ�ذا الح�دیث وهللا أعل�م أن فاطم�ة أح�ب النس�اء إلی�ھ م�ن أھل�ھ وعل�ي م�ن ھذا الحدیث : كان أحب الناس إل�ى رس�ول هللا رجالھم وفي ذلك یقول ابن العربي عند

) .4/2092مسلم ( 1 . 56) الدوحة النبویة صـ 5/275مسند أحمد ( 2 . 56) في سنده أبو فروة الرھاوي مضعف ، الدوحة النبویة صـ 4/376االستیعاب ( 3 . 5217صحیح سنن أبي داود رقم 2450مسلم رقم 4 ) .3/979وصححع األلباني صحیح سنن أبي داود ( 5217سنن أبي داود رقم 5 ) حسن صحیح .2/25لطیالسي (مسند ا 6 ) .1/136أسمى المطالب فسیر أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب ( 7 . 4173البخاري رقم 8 5230البخاري رقم 9

إسناده صحیح . 1327) رقم 2/756فضائل الصحابة ( 10 ) صحیح اإلسناد ووافقھ الذھبي .3/155المستدرك ، ك معرفة الصحابة ( 11 . 8435البخاري رقم 12

36

ص��لى هللا علی��ھ وس��لم أب��و بك��ر وأح��ب أزواج��ھ إلی��ھ عائش��ة ، وأح��ب أھل��ھ إلی��ھ فاطم��ة . 1وعلي من رجالھم وبھذا الترتیب تأتلف األحادیث ویرتفع عنھا التعارض

صدق لھجتھا :سابعا :

ت إذا ذك��رت فاطم��ة روى الح��اكم بإس��ناده إل��ى عائش��ة رض��ي هللا عنھ��ا أنھ��ا كان��بنت النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم قال�ت : م�ا رأی�ت أح�دا ك�ان أص�دق لھج�ة منھ�ا أال أن

. 2یكون الذي ولدھاوف��ي ذل��ك منقب��ة ظ��اھرة لھ��ا رض��ي هللا عنھ��ا فق��د وص��فتھا أم الم��ؤمنین عائش��ة رضي هللا عنھا بأنھا كانت تشبھ النبي صلى هللا علیھ وسلم ھیئة وطریقة وحسن ح�ال

. 3ما كان التزامھا للصدق أشبھ لھ فرضي هللا عنھا وأرضاھاك

سیادتھا في الدنیا واآلخرة :ثامنا : جاءت األحادیث الصحیحة عن الصادق المصدوق الت�ي دل�ت عل�ى س�یادتھا ف�ي

النب��ي ص��لى هللا علی��ھ نال��دنیا واآلخ��رة ، روى الترم��ذي بإس��ناده إل��ى أن��س ب��ن مال��ك أء العالمین مریم بنت عم�ران وخدیج�ة بن�ت خویل�د وفاطم�ة وسلم قال : حسبك من نسا

ب��ي س��عید الخ��دري أ، وروى الح��اكم بإس��ناده إل��ى 4بن��ت محم��د وآس��یا ام��رأة فرع��ونرض��ي هللا عن��ھ ق��ال : ق��ال رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : فاطم��ة س��یدة نس��اء أھ��ل

فاطم�ة رض�ي . وقال البخاري : باب مناقب 5الجنة إال من كان من مریم بنت عمران . 6هللا عنھا ، وقال النبي صلى هللا علیھ وسلم : فاطمة سیدة نساء أھل الجنة

الص��دیق والس��یدة فاطم��ة ومی��راث النب��ي ص��لى هللا تاس��عا : علیھ وسلم :

فاطمة والعباس رضي هللا عنھما أتیا أب�و بك�ر نقالت عائشة رضي هللا عنھا : إول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم وھم��ا حینئ��ذ رض��ي هللا عن��ھ یلتمس��ان میراثھم��ا م��ن رس��

یطلبان أرضھ من فدك وسھمھ من خیبر ، فقال لھم�ا أب�و بك�ر إن�ي س�معت رس�ول هللا یقول : ال نورث ما تركنا صدقة ، إنم�ا یأك�ل آل محم�د ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ن ھ�ذا

هللا ، وفي روایة ق�ال أب�و بك�ر رض�ي هللا عن�ھ : لس�ت تارك�ا ش�یئا ك�ان رس�ول 7المالصلى هللا علیھ وسلم یعمل بھ إال عملت بھ ، فإني أخشى إن ترك�ت ش�یئا م�ن أم�ره أن

، وعن عائشة رضي هللا عنھ�ا قال�ت : إن أزواج النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، 8أزیغحیث توفي رسول هللا ، أردن أن یبعثن عثمان بن عفان رضي هللا عنھ إلى أبي بكر ،

. 137) ، العقیدة في أھل البیت صـ 248، 13/247عارضة األحوذي ( 1 ) صحیح على شرط مسلم ووافقھ الذھبي .161، 3/160المستدرك ( 2 . 136العقیدة في أھل البیت صـ 3 ) .3/745صححھ األلباني المشكاة ( 1325) رقم 2/255فضائل الصحابة ( 4 سن لغیره .إسناده ح 1332فضائل الصحابة رقم 5 ) .4/252البخاري ، ك فضل الصحابة ( 6 . 6726البخاري رقم 7 . 1759مسلم رقم 8

37

ي صلى هللا علیھ وسلم ، فقالت عائشة رض�ي هللا عنھ�ا لھ�ن : لیسألنھ میراثھن من النب، وع�ن أب�ي 1ألیس قد قال رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : ال نورث ما تركن�ا ص�دقة

ھریرة رض�ي هللا عن�ھ ق�ال : ق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : ال یقتس�م ورثت�ي ، وھذا ما فعل�ھ أب�و بك�ر 2دقةدینارا ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فھي ص

الصدیق رضي هللا عنھ مع فاطمة رضي هللا عنھا امتثاال لقولھ صلى هللا علیھ وسلم ، ، وق�ال : 3لذلك قال الصدیق لست تارك�ا ش�یئا ك�ان رس�ول هللا یعم�ل ب�ھ إال عمل�ت ب�ھ

، وق�د 4وهللا ال أدع أمرا رأیت رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم یض�عھ فی�ھ إال ص�نعتھتركت أم الحس�ن رض�ي هللا عنھ�ا منازعت�ھ بع�د احتجاج�ھ بالح�دیث وبیان�ھ لھ�ا ، وفی�ھ

في قصة شیعةدلیل على قبولھا الحق وإذعانھا لقولھ صلى هللا علیھ وسلم ، وقد غال المی��راث النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم غل��وا مفرط��ا مج��انبین الح��ق والص��واب ، وق��د

، 5الم��ؤمنین عل�ي ب��ن أب�ي طال��ب رطال��ب ف�ي س��یرة أمی�ناقش�تھم ف�ي كت��ابي أس�مى الم .فیھ حقیقة ما وقع بین الصدیق والسیدة فاطمة في قضیة المیراث وبینت

تسامح السیدة فاطمة مع أبي بكر رضي هللا عنھ :عاشرا : وقد ثبت عن فاطمة ـ رض�ي هللا عنھ�ا ـ أنھ�ا رض�یت ع�ن أب�ي بك�ر بع�د ذل�ك ،

ل�ى م�ا روى البیھق�ي بس�نده ع�ن الش�عبي ان�ھ ق�ال : لم�ا وماتت وھ�ي راض�یة عن�ھ ، عمرضت فاطمة أتاھا أبو بكر الصدیق ، فاستأذن علیھا ، فقال علي : یا فاطمة ھذا أبو

ال : نعم ، فأذنت لھ فدخل ـبكر الصدیق یستأذن علیك ؟ فقالت : : أتحب أن آذن لھ ؟ قواألھ�ل والعش�یرة ، إال ابتغ�اء علیھا یترضاھا ، فقال : وهللا ما ترك�ت ال�دار والم�ال ،

، 6مرضاة هللا ، ومرضاة رسولھ ، ومرضاتكم أھل البیت ، ثم ترضاھا حتى رضیتقال ابن كثیر : وھ�ذا إس�ناد جی�د ق�وي والظ�اھر أن ع�امر الش�عبي س�معھ م�ن عل�ي أو

على أبي بكر التي یعلقونھ�ا عل�ى شیعةذا تندحض مطاعن الـوبھ7ممن سمعھ من عليلیھ ، فلئن كانت غضبت في بدایة األمر فقد رضیت بع�د ذل�ك ومات�ت غضب فاطمة ع

وھي راضیة عنھ ، وال یسع أحد صادق في محبتھ لھا ، إال أن یرضى عم�ن رض�یت ، وال یعارض ھذا ما ثبت في حدیث عائشة : إنما یأكل آل محمد صلى هللا علیھ 8عنھ

ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وسلم ھذا المال ، وأني وهللا ال أغیر شیئا من ص�دقة رس�عن حالھا التي كانت علیھا في عھد رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وألعمل�ن فیھ�ا بما عمل بھ رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم فأبى أبو بكر أن یدفع لفاطم�ة منھ�ا ش�یئا ،

، ف��إن ھ��ذا 9فوج��دت فاطم��ة عل��ى أب��ي بك��ر ف��ي ذل��ك فھجرت��ھ فل��م تكلم��ھ حت��ى توفی��تب علم عائشة ـ رضي هللا عنھا ، روایة الحدیث وفي حدیث الشعبي زیادة عل�م ، بحس

وثبوت زیادة أبي بكر لھا وكالمھا لھ ورضاھا عنھ ، فعائش�ة رض�ي هللا عنھ�ا ـ نف�ت

. 1758، مسلم رقم 6730البخاري رقم 1 . 6729البخاري رقم 2 . 1758مسلم رقم 3 . 6726البخاري رقم 4 ) .1/199أسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي ( 5 ) .6/301( السنن الكبرى للبیھقي 6 ) .5/253البدایة والنھایة ( 7 . 434االنتصار للصحب واآلل صـ 8 . 175، رقم 4240البخاري رقم 9

38

والش��عبي أثب��ت ، ومعل��وم ل��دى العلم��اء أن ق��ول المثب��ت مق��دم عل��ى ق��ول الن��افي ، ألن خصوصا ف�ي مث�ل ھ�ذه المس�ألة ، ف�إن عی�ادة احتمال الثبوت حصل بغیر علم النافي ،

أبي بكر لفاطمة ـ رضي هللا عنھا ـ لیست من األحداث الكبیرة التي تشیع ف�ي الن�اس ، على من ل�م یش�ھدھا قد تخفىویطلع علیھا الجمیع ، وإنما ھي من األمور العادیة التي

لعلم�اء أن فاطم�ة ـ ، والتي ال یعبأ بنقلھا لع�دم الحاج�ة ل�ذكرھا . عل�ى أن ال�ذي ذك�ره ارضي هللا عنھا ـ لم تتعمد ھجر أبي بكر ـ رض�ي هللا عن�ھ تل�ك الفت�رة أص�ال ، ومثلھ�ا ینزه عن ذلك لنھي النبي صلى هللا علیھ وسلم عن الھجر فوق ثالث ، وإنم�ا ل�م تكلم�ھ

، ق�ال القرطب�ي ص�احب المفھ�م ف�ي س�یاق ش�رحھ لح�دیث عائش�ة 1لعدم الحاج�ة ل�ذلكنھا (أي فاطمة) لم تلتق بأبي بكر لشغلھا بمصیبتھا برس�ول هللا ص�لى هللا المتقدم : ثم أ

علیھ وسلم ولمالزمتھا بیتھا فعبر الراوي عن ذلك بالھجران ، وإال فقد قال رسول هللا ، وھي أعلم الناس بما 2یھجر أخاه فوق ثالث نصلى هللا علیھ وسلم : ال یحل لمسلم أ

عن مخالفة رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم كی�ف یحل من ذلك ویحرم ، وأبعد الناسال یك��ون ك��ذلك وھ��ي بض��عة م��ن رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم وس��یدة نس��اء أھ��ل

. 3الجنةلقد انشغلت فاطم�ة رض�ي هللا عنھ�ا ع�ن ك�ل ش�ئ بحزنھ�ا لفق�دھا أك�رم الخل�ق ،

راش وھي مصیبة تزري بكل المصائب ، كما أنھا انش�غلت بمرض�ھا ال�ذي ألزمھ�ا الف�غول بكل شعن أیة مشاركة في أي شأن من الشئون فضال عن لقاء خلیفة المسلمین الم

لحظ��ة م��ن لحظات��ھ ، بش��ئون األم��ة ، وح��روب ال��ردة وغیرھ��ا ، كم��ا أنھ��ا كان��ت تعل��م ھا أول من یلحق بھ نبقرب لحوقھا بأبیھا فقد أخبرھا رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم بأ

علمھ�ا ال یخط�ر ببال�ھ أم�ور ال�دنیا ، وم�ا أحس�ن ق�ول ، وم�ن ك�ان ف�ي مث�ل 4من أھل�ھالمھلب الذي نقلھ العیني ، ولم یرو أحد أنھما التقیا وامتنع�ا ع�ن التس�لیم وإنم�ا الزم�ت

، وق��د دل عل��ى ذل��ك زی��ارة أب��ي بك��ر لھ��ا 5بیتھ��ا ، فعب��ر ال��راوي ع��ن ذل��ك ب��الھجران وترضیتھ لھا كما مر معنا .

مة رضي هللا عنھا :وفاة السیدة فاطالحادي عشر :

ومما یدل على أن العالقة كانت وطیدة بین الص�دیق والس�یدة فاطم�ة إل�ى ح�د أن زوجة أبي بكر أسماء بنت عمیس ھي التي كانت تمرض فاطمة بنت النب�ي ص�لى هللا علیھ وسلم ورضي هللا عنھا في م�رض موتھ�ا ، وكان�ت معھ�ا حت�ى األنف�اس األخی�رة

إل��ى مثواھ��ا األخی��ر ، وك��ان عل��ي رض��ي هللا عن��ھ وش��اركت ف��ي غس��لھا وترحیلھ��ا یمرضھا بنفس�ھ وتعین�ھ عل�ى ذل�ك أس�ماء بن�ت عم�یس رض�ي هللا عنھ�ا ، وق�د وص�تھا

، فقد قالت السیدة فاطمة 6بوصایا في كفنھا ودفنھا وتشیع جنازتھا ، فعملت أسماء بھاص��فھا ، ألس��ماء إن��ي ق��د اس��قبحت م��ا یص��نع بالنس��اء أن��ھ یط��رح عل��ى الم��رأة الث��وب فی

فقال�ت أس�ماء ی�ا بن�ت رس�ول هللا ص��لى هللا علی�ھ وس�لم : أال أری�ك ش�یئا رأیت�ھ ب��أرض 434االنتصار للصحب واآلل صـ 1 . 6077البخاري رقم 2 ) .12/73المفھم ( 3 . 2450مسلم رقم 4 . 108أباطیل یجب أن تمحى من التاریخ صـ 5 . 77الشیعة وأھل البیت صـ 6

39

الحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتھ�ا ث�م طرح�ت علیھ�ا ثوب�ا ، فقال�ت فاطم�ة م�ا أحس�ن ، وع�ن اب�ن عب�د الب�ر : فاطم�ة رض�ي هللا 1ھذا وأجملھ ، بھ تعرف المرأة من الرجال

اإلس�الم ، ث�م زین�ب بن�ت جح�ش وك�ان الص�دیق دائ�م عنھا أول م�ن غط�ى نعش�ھا ف�ي االتصال بعلي من ناحیة لیسألھ عن أحوال بنت النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم خ�الف م�ا یزعمھ القوم ، فمرضت ، أي فاطمة رض�ي هللا عنھ�ا وك�ان عل�ي یص�لي ف�ي المس�جد

ن الصلوات الخمس ، فلما صلى قال ل�ھ أب�و بك�ر وعم�ر : كی�ف بن�ت رس�ول هللا ؟ وم�ناحیة أخرى كان الصدیق یسأل زوجتھ أسماء بنت عم�یس حی�ث كان�ت ھ�ي المش�رفة والممرضة الحقیقیة لھا ، ولما قبضت فاطمة من یومھا ، فارتجت المدینة بالبك�اء م�ن الرجال والنساء ودھش الناس كیوم قبض فیھ رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم ، فأقب�ل

: ی��ا أب��ا الحس�ن ، ال تس��بقنا بالص��الة عل��ى ابن��ة أب�و بك��ر وعم��ر یعزی��ان علی�ا ویق��والن، وقد توفیت لیلة الثالثاء ل�ثالث خل�ون م�ن رمض�ان س�نة إح�دى عش�رة ، 2رسول هللا

عن مالك بن جعفر بن محمد عن أبیھ عن جده علي بن الحس�ین ، ق�ال : مات�ت فاطم�ة ب�ن بین المغرب والعش�اء فحض�رھا أب�و بك�ر وعم�ر وعثم�ان والزبی�ر وعب�د ال�رحمن

عوف رضي هللا عنھم ، فلما وضعت لیصلى علیھا ، قال علي تق�دم ی�ا أب�ا بك�ر ، ق�ال كأبو بكر رضي هللا عنھ : وأنت یا أبا الحسن ؟ قال : نعم فوهللا ال یص�لي علیھ�ا غی�ر

، فصلى علیھا أبو بكر رضي هللا عنھ ودفنت لیال وجاء ف�ي روای�ة : ص�لى أب�و بك�ر الصدیق رضي هللا عنھ على ف ، وف�ي روای�ة 3اطمة بنت رسول هللا فكب�ر علیھ�ا أربع�ا

وأما ما یوجد في بع�ض 4مسلم صلى علیھا علي بن أبي طالب وھي الروایة الراجحةم�ن ك�ون الس�یدة فاطم�ة أوص�ت عل�ي رض�ي هللا عنھم�ا ، ب�أن ال یق�وم شیعیةالكتب ال

أبیھ�ا ، فھ�ذا على قبرھا أحد من الذین ظلموھ�ا وجح�دوا حقھ�ا ألنھ�م أع�داؤھا وأع�داءذكرھ��ا ص��احب مث��ل الت��ي م��ن األباطی��ل ، وال تص��ح روایات��ھ ، ب��ل ھ��ي موض��وعة ،

. 5كتاب حیاة اإلمام الحسن بن عليوھ��ذه أبی��ات رقیق��ة وعذب��ة قالھ��ا محم��د إقب��ال ف��ي قص��یدتھ العص��ماء ف��ي الس��یدة

فاطمة رضي هللا عنھا : م ســیرةى لمریـننسب المسیح بـ المدى ذكرھا ولـبقیت على ط والمجـد یشـرف فـي ثالث مطالع في مھـد فاطمة فمـا أعـالھا ھي بنت من ھي زوج من ھي أم من ـي الفخـار أباھامن ذا یداني ف ن نور عین المصطفيـھي ومضة م ادي الشعوب إذا تروم ھداھاـھ ام بروحــھـر النیظ الفطمن أیق بعـد البـلى أحیــاھا ھ وكأن

) .4/378االستیعاب ( 1 . 255، كتاب سلیم بن قیس صـ 77الشیعة وأھل البیت صـ 2 في سنده ضعف . 68المختصر من كتاب الموافقة صـ 3 . 1759مسلم رقم 4 ) .1/164حیاة اإلمام الحسن بن علي ، باقر القرشي ( 5

40

ـدةیخ الحیـاة جدیاروأعـاد تـ ل العرائس في جدید حالھاـمث دوةــات وقھـي أسـوة لألمھ اھاـم القمـر المنیر خطیترسـ ن الصبر الجمیل غذاءھاجعلت مـ ورأت رضى الزوج الكریم رضاھا

إلى أن قال : طفىلوال وقوفي عنـد شرع المص دود شرعتھ ونحــن فداھاوح لمضیت للتطواف حول ضریحھا وغمرت بالقبالت طیب ثراھا

وقال في قصیدة في بیان أن السیدة فاطمة أسوة للنساء المسلمات : وھي أم السیدین األكرمین حسن خیر حلیم وحسین ذا سراج في ظالم الحرم خیر األممحافظ وحدة درى الملك ابتغاء األلفةزا أطفأ النیران بین اإلخوة رار رب العلم ــي األبـذاك ف أسوة األحرار في الخطب العمي ع األمھـاتـیرة األوالد صنس ھات وخالل الخیر طبــع األم

زھرة في روضة الصدق البتول ة في الحق البتولأسـوة النسو

ئت م بر ورضــاا بین صنشحي في الفم القرآن والكف الر

یة هللا جـرىعھـا من خشدم 1في مصالھا یفـوق الجوھرا

المبحث الثالث : مكانة الحسن عند جده الحبیب المصطفى صلى

هللا علیھ وسلم :د الحس�ن عظیم�ة ، وك�ان ص�لى هللا كانت بشرى رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم بمول�

علیھ وس�لم یحمل�ھ ویداعب�ھ ، وی�دعوه لیتس�لق ص�دره ویلع�ب مع�ھ ، وترع�رع الحس�ن

) .236، 1/235دیوان محمد إقبال األعمال الكاملة ، سید عبد الماجد غوري ( 1

41

رضي هللا عنھ في حجر النبوة ، والحظتھ عین الرعایة النبویة ، والعنایة المصطفویة ، من والدتھ حتى یفاعتھ ، السیما شبھھ بالنبي صلى هللا علی�ھ وس�لم ظ�اھر ف�ي محی�اه

وأس��اریره ، وق��د تمت��ع الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ بمكان��ة كبی��رة وتق��دیر ع��ال م��ن ج��ده الرسول الكریم صلى هللا علیھ وسلم ، وھذا لیس لكونھ سبطھ فحس�ب ، ب�ل لم�ا تحمل�ھ

، وھ��ذه 1نف��س الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ م��ن ص��فات طیب��ة وخل��ق ع��ال وتواض��ع ك��ریم ند جده صلى هللا علیھ وسلم .بعض األحادیث والمواقف التي تبین مكانة الحسن ع

أوال : محب��ة رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ورحمت��ھ بالحس��ن

ومالعبتھ لھ :رضي هللا عنھ قال : قال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : ـ عن أبي ھریرة 1

2من أحب الحسن والحسین فقد أحبني ومن أبغضھما فقد أبغضنيص�لى هللا علی�ھ وس�لم یص�لي نب�ي : ك�ان ال ق�الـ وعن عبد هللا بن مس�عود 2

والحسن والحسین یثبان على ظھره ، فیباعدھما الناس فقال دعوھما ، بأبي ھما وأم�ي . 3، من أحبني فلیحب ھذین

النبي صلى هللا علیھ وسلم قال للحسن : نرضي هللا عنھ أـ وعن أبي ھریرة 3ری��رة : فم��ا رأیت��ھ إال دمع��ت ھ وق��ال أب�� 4اللھ��م إن��ي أحب��ھ ، فأحب��ھ ، وأح��ب م��ن یحب��ھ

. 5عینايق�ال : رأی�ت الحس�ن ب�ن عل�ي عل�ى ع�اتق النب�ي ـ وع�ن الب�راء ب�ن ع�ازب 4

. 6صلى هللا علیھ وسلم وھو یقول : اللھم إني أحبھ فأحبھرسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم أخ�ذ بی�د حس�ن نرضي هللا عنھ أـ وعن علي 5

ھم��ا ك��ان مع��ي ف��ي درجت��ي ی��وم وحس��ین وق��ال : م��ن أحبن��ي وأح��ب ھ�� ذین وأباھم��ا وأم 7القیامة أخرجھ أحمد والترمذي وقال : كان معي في الجنة وقال حدیث غریب

ق�ال : ج�اء الحس�ن والحس�ین یس�تبقان إل�ى رس�ول هللا ب�ن م�رة ـ وعن یعل�ى 6ھ إل�ى بطن�ھ صلى هللا علیھ وسلم فجاء أحدھما قبل اآلخ�ر ، فجع�ل ی�ده ف�ي عنق�ھ فض�م

قب��ل ھ��ذا ث��م قب��ل ھ��ذا ث��م ق��ال : إن��ي أحبھم��ا ، فأحبوھم��ا . أیھ��ا الن��اس : الول��د مبخل��ة و 8مجبنة

. 72، الدوحة النبویة الشریفة صـ 45الحسن بن علي سیرتھ ودوره السیاسي واإلداري ، فتیخان كردي صـ 1قام الشیخ عثمان الخمیسي بتخریج الحدیث وحكم على درجتھ بأنھ حسن لذاتھ في رسالتھ أحادیث بشأن 8168سنن النسائي رقم 2

. 312السبطین صـ عثمان الخمیس ، حدیث حسن . 293لسبطین صـ أحادیث بشأن ا 3 ) سنده صحیح .331، 2/249مسند أحمد ( 4 . 74الدوحة النبویة الشریفة صـ 5 . 2422مسلم رقم 6) ثم قال : إسناده ضعیف ، والمتن منكر وأورده في 3/254، سیر أعالم النبالء ( 3734) ، سنن الترمذي رقم 1/77مسند أحمد ( 7

) .3/117المیزان (في األدب وقال البوصیري في الزوائد : إسناده صحیح ، رجالھ ثقات : أنظر : سیر 3666) ، سنن ابن ماجة رقم 4/172مسند أحمد ( 8

) .3/255أعالم النبالء (

42

قال : سمعت رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم یق�ول : م�ن أح�ب ـ عن إسرائیل 7 . 1الحسن والحسین فقد أحبني ، ومن أبغضھما فقد أبغضني

زد : س�معت رس�ول هللا ص�لى قال : قال رجل م�ن األـ عن زھیر بن األقمر 8هللا علیھ وسلم یقول للحسن بن علي : من أحبني فلیحبھ ، فلیبلغ الش�اھد م�نكم الغائ�ب .

2رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ما حدثتكم ةولوال عزمـ رض�ي هللا عنھم�ا ـ ق�ال : ك�ان رس�ول هللا ص�لى هللا بن زید ـ وعن أسامة 9

عل�ى فخ�ذه ، ویقع�د الحس�ن عل�ى فخ�ذه األخ�رى ویق�ول : علیھ وسلم یأخ�ذني فیقع�دني 3اللھم إني أرحمھما فرحمھما

ابس ح�ق�ال : دخ�ل األق�رع ب�ن ـ وعن أبي ھریرة ـ رضي هللا عن�ھ ـ 10على النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ف�رآه یقب�ل إم�ا حس�نا وإم�ا حس�ینا فق�ال : تقبل�ھ ، ول�ي

ھم : فقال رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : إنھ من ال عشرة من الولد ما قبلت واحدا من . 4یرحم ال یرحم

رض�ي هللا عن�ھ ـ ق�ال : ك�ان رس�ول هللا ـ عن معاویة بن أبي سفیان ـ 11ص��لى هللا علی��ھ وس��لم یم��ص لس��ان الحس��ن أو ش��فتھ ، وإن��ھ ل��ن یع��ذب لس��ان أو ش��فتان

لحدیث یدل على محبتھ للحسن .. وروایة معاویة ل 5مصھما رسول هللا: أنھ لقي الحس�ن ب�ن عل�ي ف�ي بع�ض ـ عن أبي ھریرة رضي هللا عنھ 12

حی��ث رأی��ت ع��ن بطن��ك ـ ف��داك أب��ي ـ حت��ى أقب��لط��رق المدین��ة فق��ال ل��ھ : أكش��ف ل��ي 6رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم یقبلھ . قال : فكشف عن بطنھ ، فقبل سرتھ

ك�ان النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم بي عباس ق�ال :ـ عن عكرمة عن أ 13حامال الحسن بن علي رضي هللا عنھما على عاتقھ ، فقال رجل : نعم المرك�ب ركب�ت

. 7یا غالم فقال النبي صلى هللا علیھ وسلم : ونعم الراكب ھوق�ال : دخل�ت عل�ى النب�ي ص�لى هللا علی�ھ ـ وعن أبي الزبیر ، عن جابر 14

لى أربع والحسن والحسین رضي هللا عنھما عل�ى ظھ�ره یحب�و بھم�ا وسلم ، فإذا ھو ع . 8في البیت وھو یقول : نعم الجمل جملكما ، ونعم العدالن أنتما

كنا نصلي مع النبي ص�لى هللا ـ عن أبي ھریرة رضي هللا عنھ قال : 15ع رف� اعلیھ وسلم ، فإذا سجد وثب الحسن والحسین رضي هللا عنھما على ظھ�ره ، ف�إذ

. 9رأسھ أخذھما فوضعھما على األرض ، فإذا عاد عادا حتى یقضي صالتھ

) .14/26) ، تاریخ دمشق (5/288، المسند ( 215ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى صـ 1 ) ، إسناده صحیح .254، 3/253یر أعالم النبالء () ، س174ـ 3/173مستدرك ( 2 . 216) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى صـ 15/415اإلحسان في تقریب صحیح ابن حبان ( 3 . 2318مسلم رقم 4 ) .3/259) ، إسناده صحیح ، سیر أعالم (4/93مسند أحمد ( 5 ) وصححھ الحاكم ووافقھ الذھبي .3/163المستدرك ( 6 )إسناده ضعیف52160شریعة لآلجري (ال 7)إسناده ضعیف فیھ مسروح أبو شھاب : تكلم فیھ ، قال العقیلي : ال یتابع علیھ ـ أي ھذا الحدیث وقال ابن 52160الشریعة لآلجري ( 8

وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن مسروح وعرضت علیھ بعض حدیثھ فقال : یحتاج إلى التوبة من حدیث باطل رواه عن الثوري . ) .4/97) ، المیزان (3/19حبان ال یجوز االحتجاج بخبره لمخالفتھ اإلثبات في كل ما یوري . المجروحین (

) إسناده ضعیف فیھ محمد بن عیسى بن حیان المدائني . قال الدارقطني : ضعیف متروك .5/2161الشریعة ( 9

43

ق�ال : بینم�ا رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ حدثنا ابن بریدة عن أبیھ 16یخطب إذ أقب�ل الحس�ن والحس�ین رض�ي هللا عنھم�ا علیھم�ا قمیص�ان أحم�ران یمش�یان

منب��ر فرفعھم��ا إلی��ھ وق��ال : ویتعث��ران إذ ن��زل رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ع��ن ال) نظرت إل�ى ھ�ذین الص�بیین 15)) (التغابن ، آیة : إنما أموالكم وأوالدكم فتن�ة صدق هللا : ((

. 1یمضیان ویعثران فلم أصبر حتى قطعت حدیثي ورفعتھماخرج��ت م��ع رس��ول هللا ـ وع��ن أب��ي ھری��رة رض��ي هللا عن��ھ ق��ال : 17

ف�ي طائف�ة م�ن النھ�ار ال یكلمن�ي وال أكلم�ھ حت�ى ج�اء س�وق بن�ي صلى هللا علیھ وسلمأث�م لك�ع یعن�ي ((حس�نا)) 3فاطم�ة فق�ال : أث�م لك�ع 2قینقاع ثم انص�رف حت�ى أت�ي خب�اء

، فل�م یلب�ث أن ج�اء یس�عى حت�ى 4فظننا أنھ إنما تحبس�ھ أم�ھ ألن تغس�لھ وتلبس�ھ س�خابا . 5اعتنق كل واحد منھما صاحبھ

ق��ال :لق�د ق�دت بنب�ي هللا ص�لى هللا علی�ھ وس��لم ك�وعـ وع�ن س�لمة ب�ن األ 19والحسن والحسین بغلتھ الشھباء حتى أدخل�تھم حج�رة النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ھ�ذا

، فمن ھذا المعین فلیتعلم اآلباء المحبة ولیغترفوا العطف والحن�ان 6قدامھ ، وھذا خلفھ علی�ھ وس�لم لمحبت�ھ للحس�ن على األبناء ، وفیھا الشئ الكثیر من ھ�دي النب�ي ص�لى هللا

ورحمتھ بھ ومالعبتھ وفیھا إرشاد نبوي للمسلمین في كیفیة بناء نف�س الطف�ل وتكوین�ھ عاطف��ة الطف��ل ؟ ون��ؤدي ل��ھ حق��ھ لیك��ون نبن��ي، وفیھ��ا إجاب��ة لھ��ذا الس��ؤال المھ��م كی��ف

إنسانا سویا في مستقبلھ ؟ فقد أشارت األحادیث النبویة إلى مجموعة م�ن األس�س الت�ي تطبیقھا نسیر على ھدى ونور بین .ب

أ ـ األس��اس الع��اطفي األول : القبل��ة والرأف��ة والرحم��ة لألطفال :

إن للقبلة دورا فعاال ف�ي تحری�ك مش�اعر الطف�ل وعاطفت�ھ ، كم�ا أن لھ�ا دورا كبیرا في تسكین ثورانھ وغضبھ ، باإلضافة إلى الشعور باالرتباط الوثی�ق

ین الكبی�ر والص�غیر ، وھ�ي دلی�ل رحم�ة القل�ب والف�ؤاد في تشیید عالقة الح�ب ب�لھ��ذا الطف��ل الناش��ئ ، وھ��ي برھ��ان عل��ى تواض��ع الكبی��ر للص��غیر ، وھ��ي الن��ور الساطع الذي یبھر فؤاد الطفل ، ویشرح نفسھ ویزید من تفاعل�ھ م�ع م�ن حول�ھ ، ث��م ھ��ي أوال وأخی��را الس��نة الثابت��ة ف��ي المص��طفى ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ـ م��ع

، وإن الرحم���ة باألطف���ال والش���فقة عل���یھم ص���فة م���ن ص���فات النب���وة 7طف���الاأل المحمدیة وھي طریق لدخول الجنة والفوز برضوان هللا تعالى .

ب ـ األساس الثاني ـ المداعبة والممازحة مع األطفال :

) .5/2162الشریعة لآلجري ( 1 خباء فاطمة : أي بیتھا . 2 لكع : یرید بھ الصغیر ، وإذا قیل للكبیر ، فمعناه قلیل العلم . 3 السخاب : القالدة ، وجمعھ سخب ، ویصنع من القرنفل والعود والسك وغیر ذلك ، وقیل : خیط فیھ خرز . 4 ) .1883ـ 4/1882مسلم ( 5 . 2423مسلم رقم 6 . 179منھج التربیة اإلسالمیة للطفل 7

44

وقد بینا بعض األحادیث النبویة التي تدل على ذلك وفیھا دروس وعبر لی��ھ وس��لم ف��ي مداعب��ة األطف��ال ، ت��ارة بالحم��ل م��ن ھ��دي النب��ي ص��لى هللا ع

وأخ��رى بالمض��احكة .. وإل��ى غی��ر ذل��ك وق��د اقت��دى الص��حابة رض��وان هللا عل��یھم برس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، فس��ارعوا إل��ى ممازح��ة ومداعب��ة أطف��الھم وینزل��ون من��ازلھم ، ویتص��ابون لھ��م ویالعب��ونھم ، وق��د ق��ال عم��ر

ل أن یك�ون ف�ي أھل�ھ كالص�بي ـ أي ف�ي األن�س رضي هللا عنھ : ینبغ�ي للرج�والبش��ر وس��ھولة الخل��ق والمداعب��ة م��ع أوالده . وك��ان رس��ول هللا ص��لى هللا

علیھ وسلم یالعب الحسن والحسین رضي هللا عنھما .وبھذه المداعبة والمالعبة ، كان تعامل رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم

طف�ة الص�ادقة الطیب�ة ، بعی�دا ع�ن ـ مع األطفال وھو یغ�ذي نفوس�ھم بھ�ذه العا 1الجفاء والقسوة وعدم إعطاء الطفل حقھ

جـ ـ األساس العاطفي الثالث : الھدایا والعطایا :للھدایا أثر طیب في النفس البشریة عامة ، وفي نف�وس األطف�ال

أكثر تأثیرا وأكبر وقعا ، والرسول ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ بین لنا عملیة ھذا القوي في بناء عاطفة الطفل وتحریكھا وتوجیھھا وتھ�ذیبھا ، وق�د بین�ا الركن

ما فعلھ رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم مع ابنة خالة الحسن بن علي ، أمام�ة بنت أبي العاص من بنت رسول هللا زینب ، فعن عائش�ة رض�ي هللا عنھ�ا أن

فص�ھ حبش�ي ، النجاشي أھدي للنبي صلى هللا علیھ حلیة فیھا خاتم من ذھ�بفأخذه ، وإنھ لمعرض عنھ ، فأرسلھ إلى ابنة ابنتھ زینب ، وقال : تحلي بھ�ذا

. 2یا بنیة ح ـ األساس الرابع : مسح رأس الطفل :

وك��ان رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ی��داعب عواط��ف األطف��ال بمس��ح رؤوس��ھم فیش��عرون بل��ذة الرحم��ة والحن��ان والح��ب والعط��ف األم��ر

عر الطفل بوجوده وحب الكب�ار ل�ھ ، واھتم�امھم ب�ھ وع�ن مص�عب الذي یشبن عبد هللا قال : عبد هللا بن ثعلبة ولد قبل الھجرة بأربع س�نین وحم�ل إل�ى رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم فمسح وجھھ وبرك علیھ ع�ام الف�تح وت�وفي

. 3رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم وھو ابن أربع عشرة س ـ حسن استقبال الطفل :خ ـ األساس الخام

إن اللقاء مع الطف�ل ال ب�د من�ھ وأھ�م م�ا ف�ي اللق�اء اللحظ�ات األول�ى ، فإذا كان اللقاء طیبا استطاع الطفل متابعة الحدیث وفتح الحوار والتج�اوب مع المتكلم ، فیف�تح قلب�ھ وم�ا ی�دور ف�ي خ�اطره ویع�رض مش�اكلھ ویتح�دث

قبال الطف���ل بف���رح وح���ب ع���ن أمانی���ھ ، ك���ل ذل���ك یحص���ل إذا أحس���ن اس���ت، وعن عبد هللا بن جعفر رضي هللا عنھ قال : ك�ان رس�ول هللا ـ 4ومداعبة

. 184النبویة صـ منھج التربیة 1 . 43، الدوحة النبویة الشریفة صـ 3644سنن ابن ماجة رقم 2 ) .3/379مستدرك الحاكم ( 3 . 185منھج التربیة النبویة للطفل صـ 4

45

ن سفر تلقى الصبیان م�ن أھ�ل بیت�ھ ، وأن�ھ ـصلى هللا علیھ وسلم ـ إذا قدم مجاء من سفر ، فسبق بي إلیھ ، فحملني بین یدیھ ث�م ج�ئ بأح�د ابن�ي فاطم�ة

ھ خلف�ھ ف�دخلنا المدین�ة ثالث�ة عل�ى الحسن والحسین رضي هللا عنھم�ا فأردف� . 1دابة

دس ـ تفق�د ح�ال الطف�ل والس�ؤال س ـ األساس السا :عنھ

فیضل الطریق ویتیھ في الشارع ، فإذا هكثیرا ما یمشي الطفل وحدك��ان الوال��دان مھتم��ین بح��ال الطف��ل تنبھ��ا س��ریعا لش��روده ، وت��م تتب��ع أث��ر

العكس وھذه السرعة تلعب الطفل والعثور علیھ بأسرع ما یمكن والعكس بدورا كبیرا في نفس الطفل فالتأخیر علیھ یزی�د م�ن مخاوف�ھ وآالم�ھ وبكائ�ھ ویشتد عذابھ النفس�ي كلم�ا زادت فت�رة ت�أخر وص�ول أح�د والدی�ھ إلی�ھ لھ�ذا س���ارع رس���ول هللا ـ ص���لى هللا علی���ھ وس���لم ـ وأم���ر أص���حابھ بمس���اعدتھ

، فقد روى 2الحسن والحسینواالنتشار في الطرقات حتى یتم العثور على الطبراني عن سلمان رضي هللا عنھ قال : كنا حول رس�ول هللا ـ ص�لى هللا

فقال�ت : ی�ا رس�ول هللا لق�د علی�ھ وس�لم ـ فج�اءت أم أیم�ن رض�ي هللا عنھم�ا، ق��ال : وذاك وأد النھ�ار ـ یق��ول ض�ل الحس��ن والحس�ین رض��ي هللا عنھم�ا

علیھ وسلم ـ قوموا فاطلبوا ابن�ي وأخ�ذ ارتفاع النھار ـ فقال النبي صلى هللا كل رجل وجھة وأخ�ذت نح�و النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ فل�م ی�زل حت�ى

ك�ل واح�د منھم�ا ت�زقسفح جبل وإذا الحسن والحسین رض�ي هللا عنھم�ا مل ـ ق�ائم عل�ى ذنب�ھ صاحبھ . وإذا شجاع ـ أي حی�ة ال�ذكر وقی�ل الحی�ة مطلق�ا

إلیھ رسول هللا ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ یخرج من فیھ شرار النار ، فأسرعفالتفت مخاطبا لرسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم ـ ث�م انس�اب ـ أي ج�رى ـ فدخل بعض األحجار ثم أتاھما ، ف�أفرق بینھم�ا ث�م مس�ح وجوھھم�ا وق�ال : بأبي وأمي أنتما ما أكرمكما عل�ى هللا ث�م حم�ل أح�دھما عل�ى عاتق�ھ األیم�ن

یس��ر ، فقل��ت : ط��وبى لكم��ا نع��م المطی��ة مطیتكم��ا ، واآلخ��ر عل��ى عاتق��ھ األ 3فقال رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ـ ونعم الراكبان ھم�ا ، وأبوھم�ا خی�ر

ك�ل الذي حصل للحس�ن والحس�ین حی�ث الت�زقمنھما فأنت تالحظ الخوف واحد باآلخر خائفا من الحیة ، ومسارعة الرسول ـ صلى هللا علیھ وس�لم ـ

ث�م التفری�ق بینھم�ا .. ث�م مس�ح وجھھم�ا ـ ث�م دع�ا لھم�ا ث�م لفك ھذا الخ�وفأكرمھما بحملھما على عاتقھ ثم مدحھما ، بقول�ھ : ونع�م الراكب�ان ھم�ا وم�ا

4ذلك إال من شدة حبھ وحرصھ واھتمامھ بالحسن والحسین

) .3/458، سیر أعالم النبالء ( 2428مسلم رقم 1 . 186منھج التربیة النبویة للطفل صـ 2) وفیھ أحمد بن راشد الھاللي وھو ضعیف ، ضعفھ الذھبي في المغنى 9/182ي المجمع (وف 2677) رقم 3/65معجم الطبراني ( 3)1/39. ( . 187منھج التربیة النبویة للطفل صـ 4

46

: لع��ب الكب��ار م��ع الص��غار اس الس��ابع ـش ـ األس�� :واألطفال

ھ�و الرس�ول القائ�د ـ یلع�ب م�ع كان النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ والحس��ن والحس��ین ـ كم��ا م��ر معن��ا ـ وم��ا ھ��ذا إال لیرب��ي الوال��دین والكب��ار ، ولیقتدوا بھ ویلعبوا م�ع أطف�الھم ، وق�د روى أن رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ

ال : اتح�د الحس�ن ـوسلم كان یشجع الحسن على الحسین فعن أب�ي عب�اس ق� علیھ وسلم ، فجعل یقول : ھي ی�ا حس�ن والحسین عند رسول هللا صلى هللا

، خذ یا حسین ، فقالت عائشة : تعین الكبیر ؟ قال إن جبریل یقول : خذ ی�ا ، وجاء في روایة ضعیفة عن جعفر بن محمد ع�ن أبی�ھ ق�ال : قع�د 1حسین

رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم موض�ع الجن�ائز ، فطل�ع الحس�ن والحس�ین علی��ھ وس��لم : إیھ��ا حس��ن . فق��ال عل��ي : ی��ا فاعترك��ا ، فق��ال النب��ي ص��لى هللا

، 2رسول هللا : أعلى حسین توالیھ ؟ فقال : ھذا جبریل یق�ول : إیھ�ا حس�ینـ ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ م�ع الحس�ن ت شاھدت أنواعا مختلفة من لعبھفأن

والحسین وما ذاك إال لیدلك النبي صلى هللا علیھ وس�لم ـ إل�ى فك�رة التن�وع ع األطفال ، وأنت الحظت أیضا ثن�اءه ومدح�ھ لھم�ا ف�ي اللع�ب في اللعب م

وذلك لیزی�د م�ن نش�اطھما النفس�ي ف�ي اللع�ب فیس�تمران ب�ال كل�ل وال تع�ب ویتابع��ان اللع��ب بح��ب وش��غف وذل��ك لیك��ون غ��ذاء جس��میا ونفس��یا ف��ي آن

ھ مجموع��ة م��ن الفوائ��د والق��یم منھ��ا ـ، كم��ا أن اللع��ب لألطف��ال فی�� 3واح��د ..الخ . 4یة ، واجتماعیة ، وخلقیة ، وذاتیة ، وعالجیةجسدیة ، وتربو

ثانی��ا : ش��بھ الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ب��النبي ص��لى هللا

علیھ وسلم :عن أبي خالد ، قال : قلت ألبي جحیفة رأیت النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ؟ ق�ال : ـ 1

. 5نعم : كان أشبھ الناس بھ الحسن بن عليالح��ارث ، ق��ال : إن��ي لم��ع أب��ي بك��ر إذ م��ر عل��ى الحس��ن ب��ن عل��ي ع��ن عقب��ة ب��ن ـ 2

فوضعھ على عنقھ ثم قال : بأبي شبھ النبي ال شبیھا بعلي قال : وعلي معھ فجعل علي ، وفي روایة أخرى عن عقبة بن الحارث ، ق�ال : خرج�ت م�ع أب�ي بك�ر م�ن 6یضحك

وعل�ي یمش�ي إل�ى جنب�ھ فم�ر صالة العصر بعد وفاة النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم بلی�ال بحسن بن علي وھو یلعب مع غلمان فاحتملھ على رقبتھ وھو یقول : وبأبي شبھ النبي

) إسناده حسن .3/266سیر أعالم النبالء ( 1صل فیھا أنھا للكف أنظر سیر سیر أعالم النبالء فیھ انقطاع ضعیف جدا وقولھ : إیھا معناه التحریض والتشجیع واالستحسان واأل 2

) .3/284أعالم النبالء ( . 216إلى 209منھج التربیة النبویة للطفل صـ 3 . 216المصدر نفسھ صـ 4 إسناده صحیح . 3544) أخرجھ البخاري رقم 1/245الطبقات الكبرى ، الطبقة الخامسة من الصحابة ( 5 . 3750البخاري رقم 6

47

، ونرى حقیقة المحبة واالنسجام ب�ین أب�ي بك�ر وعل�ي 1لیس بشبھ بعلي وعلي یضحك . بعض الناسوھذا ما تؤكده ھذه الروایة الصحیحة لیس كما یدعي

ي قال : الحسن أشبھ رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم عن ھانئ بن ھانئ ، عن علـ 3ما ب�ین الص�در إل�ى ال�رأس والحس�ین أش�بھ النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ا ك�ان أس�فل

. 2ذلكھ سمع أبا ھریرة یق�ول : ق�ال رس�ول نعن عاصم بن كلیب ، قال : حدثني أبي ، أـ 4

ن الش�یطان ال ینتحلن�ي . ق�ال هللا صلى هللا علیھ وسلم : من رآني في النوم فقد رآني ف�إ، ق�ال : رأیت�ھ ؟ قل�ت : أي وهللا لق�د 3أبي : فحدثت�ھ اب�ن عب�اس وأخبرت�ھ أن�ي ق�د رأیت�ھ

. 5في مش�یتھ 4رأیتھ ، قال : فذكرت الحسن بن علي ؟ قال إي وهللا ، لقد ذكرتھ وتفیئھ . 6قال ابن عباس : إنھ كان یشبھھ

ت�ذاكرنا م�ن أش�بھ النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ن عن البھي مولى الزبی�ر ق�ال : ـ 5ا أحدثكم بأشبھ أھلھ بھ ,أحبھم إلیھ ، ینا عبد هللا بن الزبیر فقال : أنأھل بیتھ ؟ فدخل عل

الحسن بن عل�ي ، رأیت�ھ یج�ئ وھ�و س�اجد فیرك�ب رقبت�ھ ، أو ق�ال ظھ�ره ، فم�ا ینزل�ھ رج ل�ھ ب�ین رجلی�ھ حت�ى حتى یكون ھو الذي ینزل ، ، ولقد رأیتھ یجئ وھ�و راك�ع فیف�

. 7یخرج من الجانب اآلخرقال قال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزھري أخبرن�ي أن�س ق�ال : ل�م یك�ن أح�د ـ 6

وعنھ قال : كان الحسن بن علي 8أشبھ بالنبي صلى هللا علیھ وسلم من الحسن بن علي . 9من أشبھھم وجھا بالنبي صلى هللا علیھ وسلم

نت رسول هللا ـ ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ـ أنھ�ا أت�ت بالحس�ن والحس�ین عن فاطمة بـ 7إلى رسول هللا ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ في شكواه ال�ذي ت�وفي فی�ھ ، فقال�ت : ی�ا رس�ول ثھما شیئا . فقال : أما الحسن فلھ ھیبتي وسؤددي وأما حسین فل�ھ هللا ھذان ابناك ، فور

. 10جرأتي وجوديأبي ملیكة قال كانت فاطمة رضي هللا عنھ�ا تنق�ر الحس�ن وتق�ول بن�ي ش�بیھ وعن ـ 8

رضي هللا عنھما . 11رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم لیس بشبیھ عليوممن یشبھ برسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : جعفر بن أبي طالب ، والحسن ب�ن ـ 9

ین عبید بن عبد یزید ب�ن علي ، وأبو سفیان بن الحارث ، وقثم بن العباس ، والسائب ب . 1ھاشم بن المطلب

) إسناده صحیح .1/247ة من الصحابة (الطبقات ، الطبقة الخامس 1 ) إسناده ضعیف .1/247الطبقات ، الطبقة الخامسة ( 2 أي رأي النبي صلى هللا علیھ وسلم في المنام . 3 ) .1/125تفیئھ : أي تحركھ یمینا وشماال أنظر : لسان العرب ( 4 ) .1/248الطبقات ، الطبقة الخامسة ( 5 ه حسن .) إسناد1/248المصدر نفسھ ( 6 ) إسناده ضعیف .1/249المصدر نفسھ ( 7 . 263الصحیح المسند من فضائل الصحابة للعدوي صـ 8 . 221ذخائر ذوي القربى صـ 9

قال الشیخ عثمان الخمیس : في ضوء دراسة إسناد الحدیث تبین أنھ ضعیف جدا لمكان 287األحادیث الواردة بشأن السبطین صـ 10 . 289م بن علي صـ محمد بن حمید وإبراھی

) مرسل وفیھ زمعة بن صالح وھو لین .9/176مجمع الزوائد ( 11

48

عن أبي اسحاق أنھ سمع ھبیرة بن یریم أن�ھ س�مع علی�ا رض�ي هللا عن�ھ یق�ول : ـ 10ینظر إلى أشبھ الناس برس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ا ب�ین عنق�ھ إل�ى نمن سره أ

ناس برس�ول وجھھ وشعره فلینظر إلى الحسن بن علي ومن سره أن ینظر إلى أشبھ الهللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم م��ا ب��ین عنق��ھ إل��ى كعب��ھ خلق��ا فلینظ��ر إل��ى الحس��ین ب��ن عل��ي

. 2رضي هللا عنھما

ثالثا : الحسن والحسین سیدا شباب أھل الجنة : ي منذ متى عھدك بالن ـ 1 : بي صلى هللا علیھ وس�لم ؟ ق�ال عن حذیفة قال : سألتني أم

ذا . قال : فنالت مني وسبتني . قال : فقلت لھا : دعیني فإني آتي فقلت لھا : منذ كذا وكالنبي صلى هللا علیھ وسلم ـ فأصلي معھ المغرب ، ثم ال أدعھ حتى یستغفر لي ول�ك ، قال فأتیت النبي صلى هللا علیھ وسلم فصلیت مع�ھ المغ�رب ، فص�لى النب�ي العش�اء ث�م

ض فناجاه ثم ذھب ، فاتبعتھ فس�مع ص�وتي : فق�ال : : م�ن انفتل فتبعتھ فعرض لھ عار�ك ـ ث�م ا ؟ فقلت : حذیفة . قال : ما ل�كھذ ؟ فحدثت�ھ ب�األمر ، فق�ال : غف�ر هللا ل�ك وألم

قال : أما رأیت العارض الذي عرض ل�ي قبی�ل ؟ ق�ال : قل�ت : بلی�ى . ق�ال : فھ�و مل�ك استأذن ربھ أن یسلم عل�ي ویبش�رني أن من المالئكة لم یھبط األرض قبل ھذه اللیلة ، ف

. 3الحسن والحسین سیدا شباب أھل الجنة وأن فاطمة سیدة نساء أھل الجنةع��ن أب��ي س��عید الخ��دري ق��ال : ق��ال رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : الحس��ن ـ 2

. 4والحسین سیدا شباب أھل الجنةد الخ�دري ق�ال : ق�ال رس�ول هللا عن الحكم بن عبد الرحمن عن أبیھ عن أبي سعیـ 3

صلى هللا علیھ وسلم : الحسن والحسین سیدا ش�باب أھ�ل الجن�ة إال ابن�ي الخال�ة عیس�ى ، وقد قام الش�یخ عثم�ان الخم�یس بدراس�ة ط�رق ھ�ذا 5ن زكریا علیھما السالمـویحي ب

، وق�ال والح�دیث س�ئل عن�ھ أحم�د ب�ن 6الحدیث وبین أنھ روي عن ستة عشر صحابیان كثیر في البدایة والنھایة ، وق�ال : ف�ي أس�انیده كلھ�ا ، وذكره اب 7فقال صحیح حنبل ، 8ض��عف ي بعض��ھا بعض��ا . ث��م ق��ال عثم��ان 9، وق��ال ال��ذھبي : روي م��ن وج��وه یق��و

الخمیس : والذي یظھر ل�ي أن�ھ یمك�ن الجم�ع ب�ین أق�وال ھ�ؤالء األئم�ة ، فھ�و كم�ا ق�ال ف . انتھ�ى ، وبعض�ھا حس�ن وبعض�ھا حس�ن الحافظ ابن كثیر : ف�ي أس�انیده كلھ�ا ض�ع

لغیره ، فیقوي بعضھا بعضا ، كما قال الحافظ ال�ذھبي وبالت�الي فھ�و ص�حیح كم�ا ق�ال وهللا أعلم . 10اإلمام أحمد ولكن لغیره

. 102التبیین في أنساب القرشیین صـ 1 ) .5/2146الشریعة لآلجري ( 2ع ) الحدیث فیھ المنھال بن عمرو تكلم فیھ بعضھم لترك شعبة لھ ولكنھ مقبول الحدیث على الصحیح ثم ھو قد توب5/391مسند أحمد ( 3

من قبل عدي بن ثابت وعاصم وھما وإن كان في الطریقین عنھما كالم إال أنھ یمكن أن یقوي بعضمھما أنظر : األحادیث الواردة بشأن . 176السبطین صـ

حسن لغیره . 182األحادیث الواردة بشأن السبطین صـ 4 ) إسناده حسن .5/2144الشریعة لآلجري ( 5 . 211طین صـ األحادیث الواردة بشأن السب 6 المنتخب من العلل للخالل ، البن المقدسي . 124السؤال رقم 7 ) .8/208البدایة والنھایة ( 8 ) .3/283سیر أعالم النبالء ( 9

. 212األحادیث الواردة شأن السبطین صـ 10

49

رابعا : ھما ریحانتاي من الدنیا :

ھ أحس�بھ عن أبي نعیم ، قال : سمعت عبد هللا بن عم�ر وس�ألھ ع�ن المح�رم ـ ق�ال ش�عبیقتل الذباب ـ فقال أھل العراق یسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسل هللا ـ ص�لى

، وع�ن 1هللا علیھ وسلم ـ وقال النبي صلى هللا علیھ وسلم ـ : ھم�ا ریحانت�اي م�ن ال�دنیاالحس��ن ، ع��ن أب��ي بك��رة ق��ال : رأی��ت الحس��ن والحس��ین رض��ي هللا عنھم��ا یثب��ان عل��ى

لى هللا علیھ وسلم وھو یصلي فیمسكھما بی�ده حت�ى إذا اس�تقر عل�ى ظھر رسول هللا صاألرض تركھما ، فلما صلى أجلسھما في حجره ثم مسح رؤوسھما ، ثم قال : إن ابني ھذین ریحانت�اي م�ن ال�دنیا ث�م أقب�ل عل�ى الن�اس فق�ال : إن ابن�ي ھ�ذا س�ید ، وأرج�و أن

، ق�ال محم�د ب�ن الحس�ین 2الزم�انیصلح هللا عز وجل بھ بین فئتین عظیمتین في آخر ، وعن أبي بكرة قال : كان النب�ي یص�لي ، 3اآلجري : یعني بھ الحسن رضي هللا عنھ

فكان إذا سجد جاء الحس�ن فرك�ب ظھ�ره ، فك�ان النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم إذا رف�ع رأسھ أخذه فوضعھ على األرض وضعا رفیق�ا ، ف�إذا س�جد رك�ب ظھ�ره ، فلم�ا ص�لى

ضعھ في حجره ، فجعل یقبلھ ، فقال لھ رجل : أتفعل بھذا الصبي ھكذا ؟ فق�ال أخذه فو . 4ریحانتاي ، وعسى هللا عز وجل أن یصلح بھ بین فئتین من المسلمین ما: إنھ

خامسا : سیادتھ في الدنیا واآلخرة :

أعل��ن رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم مكان��ة الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ وب��ین قدره ، على مرأى ومسمع م�ن الن�اس ف�ي غی�ر م�ا م�رة وق�د ت�واترت الروای�ات جاللة

بقول��ھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ع��ن الحس��ن ، وإن ابن��ي ھ��ذا س��ید ، ق��ال ب��ن عب��د الب��ر : وتواترت اآلثار الصحاح عن النبي صلى هللا علیھ وسلم أنھ قال في الحسن ب�ن عل�ي :

، 5ح بین فئتین عظیمتین م�ن المس�لمینإن ابني ھذا سید وعسى هللا أن یبقیھ حتى یصلورواه جماعة من الصحابة ، وفي حدیث أبي بكرة في ذلك : وأنھ ریح�انتي م�ن ال�دنیا

. وع�ن أب�ي بك�رة ق�ال : 6، وال أسود ممن سماه رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم س�یدان�اس ، والحس�ن إل�ى جنب�ھ ینظ�ر إل�ى ال منب�رسمعت النبي صلى هللا علیھ وسلم عل�ى ال

، 7مرة وإلیھ مرة ویقول : إن ابني ھذا سید ولعل هللا أن یصلح بیھ فئتین من المسلمینفھذا الحدیث فیھ منقبة للحسن رضي هللا عنھ فقد أخبر النبي صلى هللا علیھ وس�لم بأن�ھ سید . قال ابن األثیر : قیل أراد بھ الحلیم ألن�ھ ق�ال ف�ي تمام�ة : وإن هللا یص�لح ب�ھ ب�ین

. وجاء في تحف�ة األح�وذي " فی�ھ أن الس�یادة ال تخ�تص 8یمتین من المسلمینفئتین عظباألفضل بل ھو ال�رئیس عل�ى الق�وم والجم�ع س�ادة وھ�و مش�تق م�ن الس�ؤدد وقی�ل م�ن السواد لكونھ یرأس على السواد العظ�یم م�ن الن�اس : أي األش�خاص الكثی�رة ولع�ل هللا

. 3753البخاري رقم 1 . 6964صحیح ابن حبان رقم 2 . 2157الشریعة لآلجري صـ 3 إسناده حسن . 2157آلجري صـ الشریعة ل 4 ) .3/244) والبخاري بنحوه (5/51مسند أحمد ( 5 ) .1/437االستیعاب ( 6 . 3746البخاري ، ـ فضائل الصحابة رقم 7 ) .3/417النھایة في غریب الحدیث ( 8

50

، ووصفھ علیھ الص�الة والس�الم للفئت�ین 1أن یصلح بھ بین فئتین تثنیھ فئة وھي الفرقة، ألن المس�لمین ك�انوا یومئ�ذ ف�رقتین فرق�ة 2بالعظیمتین ، كما في راویة عند البخ�اري

مع الحسن رضي هللا وفرقة مع معاویة وھذه معجزة عظیمة من النبي صلي هللا علی�ھ ب لم�ا وسلم حیث أخبر بھذا فوقع مثل ما أخبر ، وأصل القض�یة أن عل�ي ب�ن أب�ي طال�

ض��ربھ عب��د ال��رحمن ب��ن ملج��م الم��رادي ی��وم الجمع��ة ولیل��ة الس��بت وت��وفي لیل��ة األح��د إلح��دى عش��رة لیل��ة بقی��ت م��ن رمض��ان س��نة أربع��ین م��ن الھج��رة وبوی��ع البن��ھ الحس��ن بالخالفة في شھر رمضان من ھذه الس�نة وأق�ام الحس�ن أیام�ا مفك�را ف�ي أم�ره ث�م رأى

ن جھة معاویة وال یستقیم األمر ، ورأى النظر اختالف الناس فرقة من جھتھ وفرقة مفي إصالح المسلمین وحقن دمائھم أولى من النظر في حق�ھ س�لم الخالف�ة لمعاوی�ة ف�ي الخامس م�ن ربی�ع األول م�ن س�نة إح�دى وأربع�ین ، وقی�ل م�ن ربی�ع اآلخ�ر وقی�ل ف�ي

الجماع�ة غرة جمادي األولى وكانت خالفتھ ستة أشھر إال أیاما وسمي ھ�ذا الع�ام ع�ام وھ��ذا ال��ذي أخب��ر ب��ھ النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : لع��ل هللا أن یص��لح ب��ھ ب��ین فئت��ین

. فالح�دیث فی�ھ عل�م م�ن أع�الم النب�وة ، ومنقب�ة للحس�ن ب�ن عل�ي فإن�ھ ت�رك 3عظیمتینالملك ال قلة وال ذلة وال لعلة بل لرغبتھ فیما عند هللا لم�ا رآه م�ن حق�ن دم�اء المس�لمین

ومصلحة األمة وعن سعید بن أب�ي س�عید ق�ال : كن�ا م�ع أب�ي ھری�رة أمر الدین ىفراعجلوسا ، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب ، فسلم علینا ، فرددنا علیھ ، وأبو ھریرة ال یعلم فمضى ، فقلنا : یا أبا ھری�رة ھ�ذا حس�ن ب�ن عل�ي ق�د س�لم علین�ا ، فق�ام فلحق�ھ ،

ق�ال : إن�ي س�معت رس�ول هللا ص�لى هللا فقال : یا سیدي ، فقلت ل�ھ : تق�ول ی�ا س�یدي ؟، وعن جابر بن عبد هللا أنھ قال : م�ن س�ره أن ینظ�ر إل�ى 4علیھ وسلم یقول : إنھ لسید

وق�د نق�ل إلین�ا خب�ر س�یادة الحس�ن 5سید شباب أھل الجنة ، فلینظر إلى الحسن بن علي ص�لى والحسین في الجنة جمع غفی�ر م�ن الص�حابة ، وم�ا ذل�ك إال إلع�الن رس�ول هللا

ة ، أو في محافل جامعة ، وممن ج�اء ع�نھم ، عب�د هللا مر هللا علیھ وسلم بذلك مرة بعدبن عمر ، وعبد هللا بن مسعود ، وجابر بن عبد هللا ، وعمر ب�ن الخط�اب ، وعل�ي ب�ن أب��ي طال��ب ، وأس��امة ب��ن زی��د ، وق��رة ب��ن إی��اس ، ومال��ك ب��ن الح��ویرث ، والب��راء ب��ن

. 6 عنھم وغیرھمعازب ، وأبو ھریرة رضي هللا

سادسا : أعوذ بكلمات هللا التامة من كل شیطان وھامة ومن ك�ل عین المة :

ذ الحس��ن ع��ن اب��ن عب��اس رض��ي هللا عنھم��ا ق��ال ك��ان النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم یع��وذ بھا إسماعیل وإس�حاق والحسین ویقول إن أباكما ـ أي إبراھیم علیھ السالم ـ كان یعو

، وع�ن اب�ن 8وم�ن ك�ل ع�ین الم�ة 7وذ بكلم�ات هللا التام�ة م�ن ك�ل ش�یطان وھام�ة، أع

) .1/277تحفة األحوذي ( 1 . 3746البخاري ، فضائل الصحابة رقم 2 ) .13/66فتح الباري ( 3 ) رجالھ ثقات .9/178وقال الھیثمي في المجمع ( 2596) وقال : صحیح ، وأقره الذھبي والطبراني رقم 3/169تدرك الحاكم (مس 4 ) مناقب الحسن ، وذكره ابن كثیر في البدایة والنھایة وذكر إسناده وقال ال بأس بھ .422، 15/421صحیح بن حبان ( 5 . 81) الدوحة النبویة الشریفة صـ 3/24) والمعجم الكبیر (9/183( روایات ھذه األحادیث في مجمع الزوائد 6 ھامة : كل ذات سم یقتل كالحیة وغیرھا . 7 . 3371المة : ھي التي تصیب ما نظرت إلیھ بسوء ، البخاري رقم 8

51

ذ الحس�ن والحس�ین یق�ول أعی�ذكما عباس قال كان رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم یع�وبكلم��ات هللا التام��ة م��ن ك��ل ش��یطان وھام��ة وم��ن ك��ل ع��ین الم��ة : ویق��ول : ھك��ذا ك��ان

ذ إسحاق وإسم . وھذا ع�الج یتف�رد ب�ھ الط�ب النب�وي 1اعیل علیھما السالمإبراھیم یعولألطفال ، وھو ركن من أركان المحافظة على صحة الطفل عند رس�ول هللا ص�لى هللا

، وف�ي ھ�ذا 2علیھ وسلم ، وھذا ما فعلھ ـ صلى هللا علی�ھ وس�لم ـ م�ع الحس�ن والحس�ینأھمی�ة دع�اء الوال�دین الحدیث قیمة رفیع�ة حی�ث ب�ین رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

ألبنائھم وما فیھ�ا م�ن فوائ�د عظیم�ة منھ�ا ، جل�ب الراح�ة والطمأنین�ة والحف�ظ والبرك�ة لألبن��اء واآلب��اء م��ن جھ��ة ، وم��ن جان��ب آخ��ر ص��رف الش��ر ع��نھم ب��إذن هللا م��ن الحس��د والشیطان وھوام األرض وفوق ھذا كلھ ، فإن الدعاء ھو م�خ العب�ادة كم�ا ق�ال رس�ول

علی��ھ وس��لم وفی��ھ ش��عور ب��الفقر وااللتج��اء إل��ى هللا وح��ده وھ��ذا م��ن أھ��م هللا ص��لى هللا مقاصد اإلسالم .

س��ابعا : األحادی��ث الت��ي رواھ��ا الحس��ن ب��ن عل��ي ع��ن رس��ول هللا

صلى هللا علیھ وسلم :إن مما اتفق علیھ المسلمون أن أصول العلم والمعرفة التي توص�ل إل�ى مرض�اة الح�ق

یم وما ثبت من أقوال وأفعال وتقریرات الحبیب المصطفى سبحانھ وتعالى القرآن الكرص��لى هللا علی��ھ وس��لم وھ��ذا م��ا یع��رف بالس��نة النبوی��ة وھ��ي ال تع��رف عب��ر الحق��ب واألجیال إال بالنقل والروایة واألخبار وقد اتجھ أھل العلم والمعرفة إل�ى ض�بط أس�ماء

وا إل�ى التأك�د م�ن أم�رین الرواة ومعرفتھم ، ثم البحث عن س�یرھم وأح�والھم ، لیخلص� اثنین وإعطاء كل راو قدره في میزانھما :

�ي ع�ن المحرم�ات بع�د ـالعدالة ، وھي استقامة السیرة ، وصالح الح ـ 1 ال ، والتقص . غالقیام بالواجبات ، والتحلي بالمروءة وارتداء لبوسھا الساب

االس�تیعاب ل�ھ ، الض�بط واإلتق�ان للح�دیث الم�روي وال�نص المنق�ول ، وال�وعي وـ 2حفظا أو كتابة أو ھما معا وھذا الذي تق�دم حك�م ع�ام ش�امل لجمی�ع ال�رواة ونقل�ة الس�نة النبوی��ة ، خ��ال الص��حابة ، رض��وان هللا عل��یھم ، ألنھ��م حمل��ة الرس��الة ع��ن رس��ول هللا

صلى هللا علیھ وسلم ، وقد رباھم على عینھ ونشأھم بكریم رعایتھ وعمیق عنایتھ .ئمة من أھل البیت الكرام ، رضوان هللا علیھم محل تق�دیر علم�اء الح�دیث ولقد كان األ

والروایة ، في األخذ عنھم ما رووه عن رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، لم�ا تمتع�وا بھ من عدالة وإتقان ، وأمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ وأبناه الحسن والحسین م�ن

ؤال لكونھم من سادات الص�حابة رض�ي هللا ع�نھم جلة الصحابة فھم فوق التعدیل والس. وأبو الحسن ، أمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ . روى لھ بق�ي ب�ن مخل�د األندلس�ي

ھـ في مسنده ـ وھو أوسع المسانید في اإلسالم ـ خمسمائة وستة وثم�انین 276المتوفى لمت�داول ب�ین ھ�ـ ف�ي مس�نده ا241. وروى ل�ھ أحم�د ب�ن حنب�ل المت�وفى 3)586حدیثا (

حدیث حسن صحیح . 2060سنن الترمذي رقم 1 . 248منھج التربیة النبویة للطفل صـ 2 . 80مقدمة مسند بقي بن مخلد صـ 139یة الشریفة صـ الدوحة النبو 3

52

وأخرج ل�ھ أص�حاب الكت�ب 1)819أیدینا ثمانمائة وتسعة عشر حدیثا بتكرار الطرق (الستة : البخاري ومسلم وأب�و داود والنس�ائي والترم�ذي واب�ن ماج�ة ، ثالثمائ�ة واثن�ین

) 20، اتف��ق البخ��اري ومس��لم عل��ى عش��رین ح��دیثا منھ��ا ( 2)322وعش��رین ح��دیثا () وفي ھذه األحادیث من 15) ، ومسلم بخمسة عشر حدیثا (9وانفرد البخاري بتسعة (

المض��امین والمع��اني م��ا یتعل��ق بجمی��ع وس��ائل الحی��اة : العقائ��د واألحك��ام والتفس��یر . 3وغیرھا

ویعتبر أمیر المؤمنین علي أكث�ر الخلف�اء الراش�دین روای�ة ألحادی�ث رس�ول هللا ص�لى بقی�ة الخلف�اء ، وكث�رة ال�رواة عن�ھ ، هللا علیھ وسلم ، وھذا راجع إل�ى ت�أخر وفات�ھ ع�ن

ع األح�ادث الت�ي ووانتشار طلبة العلم من التابعین ال�ذین ك�انوا یكث�رون الس�ؤال ، ووق�، وق�د 4تقتضي البالغ والروایة ، في أمور كثیرة فنقل�وا عن�ھ م�ا بلغھ�م بأمان�ة ونزاھ�ة

، فق�د ت�وفي استفاد ابنھ الحسن منھ استفادة عظیم�ة أم�ا م�ن ج�ده ص�لى هللا علی�ھ وس�لمصلى هللا علیھ وسلم ، والحسن صغیر كما ھو معلوم ، فعقل عن رس�ول هللا ص�لى هللا علی��ھ وس��لم ، أحادی��ث وأم��ورا ذكرھ��ا منس��وبة لرس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، كصغار الصحابة اآلخرین ، ابن عباس ومحم�ود الربی�ع ، فق�د حف�ظ الحس�ن ع�ن ج�ده

ن�ھ الحس�ن ب�ن الحس�ن ، وس�وید ب�ن غفل�ة وأب�و الح�وراء وعن أبیھ وأمھ وحدث عن�ھ اب، وق�د 5السعدي ، والشعبي ، وھبیرة ب�ن ب�ریم ، وأص�بغ ب�ن نبات�ھ والمس�یب ب�ن نجب�ة

، وروى ل�ھ 6)13روى لھ بقي بن مخلد في مسنده عن رسول هللا ثالثة عش�ر ح�دیثا (وھ�ذه 7تة أحادی�ث) ، ول�ھ ف�ي الس�نن األربع�ة س�10أحمد ف�ي مس�نده عش�رة أحادی�ث (

األحادیث منھا :: علمني رس�ول هللا ص�لي هللا ـ عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال 1

دني ف�یمن ھ�دیت وع�افني ف�یمن ـعلیھ وسلم كلمات أقولھن ف�ي قن�وت ال�وتر : اللھ�م أھ�عافیت ، وتولني فیمن تولیت ، وبارك لي فیمن أعطی�ت وقن�ي ش�ر م�ا قض�یت ، فإن�ك

. ون�رى ھن�ا 8ضي علیك ، إنھ ال یذل من والیت ، تباركت ربنا وتعالیتتقضي وال یقكیف حرص سید البشر على تعلیم الحسن محبة هللا سبحانھ وتعالى وعبودیتھ ودع�اؤه

یحقق�ھ أن والتعلق با� وحده ال شریك لھ وھذه ھي حقیقة التوحید الخالص الذي یج�ب لمسلم في حیاتھ ویربي علیھ أبنائھ .ا

فق�ال : لق�د ف�ارقكم رج�ل ن ھبیرة قال : خطبنا الحسن بن عل�ي ،ـ ع 2علم ، وال یدركھ اآلخرون ، كان رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ بباألمس لم یسبقھ األولون عن یمین�ھ ومیكائی�ل ع�ن ش�مالھ ، ال ینص�رف حت�ى یف�تح لوسلم یبعثھ بالرایة ، جبری

. 9لھ

) .1/164مسند أحمد ( 1 ) .7/346تحفة اإلشراف بمعرفة األطراف للمزي ( 2 . 140الدوحة النبویة الشریفة صـ 3 المصدر نفسھ صـ 4 ) .3/246سیر أعالم النبالء ( 5 . 936تلقیح أھل األثر في عیون التاریخ والسیر البن الجوزي صـ 6 . 142، الدوحة النبویة صـ 25) تحقیق أحمد شاكر ، مسند أھل البیت تحقیق عبد هللا اللیثي األنصاري صـ 3/167مسند أحمد ( 7 ) قال أحمد شاكر : إسناده صحیح .3/168مسند أحمد ( 8 ) إسناده صحیح .168، 3/167مسند أحمد ( 9

53

بعد قتل علي بن علي ـ عن عمرو بن حبشي قال : خطبنا الحسن 3فقال : لقد فارقكم رج�ل ب�األمس ، م�ا س�بقھ األول�ون بعل�م ، وال أدرك�ھ اآلخ�رون ، إن كان رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم لیبعثھ ویعطیھ الرایة ، فال ینصرف حتى یف�تح ل�ھ ، وما ترك من صفراء وال بیضاء إال سبعمائة درھم من عطائھ ، كان یرصدھا لخادم

. 1ألھلھھ مر بھم جنازة ، فق�ام ـأن ـ عن محمد بن علي عن الحسن بن علي : 4

القوم ولم یقم ، فقال الحسن : ما صنعتم ؟ إنما قام رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم تأذیا . 2بریح الیھودي .

م�ا ت�ذكر ـ عن أبي الحوراء السعدي قال : قلت للحسن بن عل�ي 5وسلم ؟ قال : أذكر إن�ي أخ�ذت تم�رة م�ن تم�ر الص�دقة ، من رسول هللا صلى هللا علیھ

فألقیتھا في فمي ، فانتزعھا رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم بلعابھا فألقاھ�ا ف�ي التم�ر ، فقال لھ رجل : ما علیك لو أكل ھذه التمرة ؟ ق�ال : إن�ا ال نأك�ل الص�دقة ، ق�ال : وك�ان

ن الصدق طمأنینة ، وإن الكذب ریبة ، قال : یقول : دع ما یریبك إلى ما ال یریبك ، فإوكان یعلمنا ھذا الدعاء : اللھم أھدني فیمن ھدیت ، وعافني فیمن عافیت وتولني فیمن تولیت ، وبارك لي فیم�ا أعطی�ت ، وقن�ي ش�رت م�ا قض�یت ، إن�ھ ال ی�ذل م�ن والی�ت ،

. 3ربنا وتعالیت توربما قال : تباركى هللا علیھ وسلم یتضح أن آل بی�ت رس�ول هللا ص�لى ومن خالل حدیث رسول هللا صل

هللا علیھ وسلم ال تحل لھم الصدقة ، والصدقة نوعان ، صدقة الفرض ، وھي الزكاة ، یھم بھ�اوصدقة التطوع ، یقول هللا تعالى : (( �رھم وت�زك )) (التوب�ة ، خ�ذ م�ن أم�والھم ص�دقة تطھ

لمفسرون : ھي الزكاة أي الصدقة المفروضة ، ولیس ھناك خالف ) قال ا103اآلیة : في أن الصدقة بنوعیھا ال تحل لرس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وص�دقة الف�رض ، كما تحرم علیھ صلى هللا علیھ وسلم ، تح�رم عل�ى آل�ھ رض�وان هللا عل�یھم ، ولك�ن ف�ي

هللا عن�ھ فیھ�ا ق�والن ، للش�افعي رض�ي احرمة صدقة التطوع على آل البیت خالف ، فأصحھما بالحرمة ، وسبب حرمة الصدقة أو الزكاة على آل البیت الطاھرین أوض�حھ الحبیب المصطفى صلى هللا علی�ھ وس�لم ، ف�ي ح�دیث ش�ریف طوی�ل ، نأخ�ذ من�ھ قول�ھ

، ق�ام 4علیھ الصالة والسالم : إن الصدقة ال تنبغي آلل محمد ، إنما ھي أوساخ الن�اسا الحدیث ف�ي ص�حیح مس�لم : ومعن�ى أوس�اخ الن�اس أنھ�ا ـذفي شرحھ لھ اإلمام النووي

یھم بھ�اتطھیر ألموالھم ونفوسھم ، كم�ا ق�ال تع�الى : (( �رھم وت�زك )) خ�ذ م�ن أم�والھم ص�دقة تطھ) ، فھ���ي كغس���الة األوس���اخ . وف���ي ھ���ذا تنزی���ھ لھ���م ، وإع���الء 103(التوب���ة ، اآلی���ة :

، رضي هللا عنھم ، ولھذا ل�م یكون�وا یأخ�ذون ش�یئا م�ن 5والتنویھ بطھارتھم لمكانتھم ،الصدقات ف�ي عھ�د رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وال بع�د ذل�ك ، وك�انوا یأخ�ذون

نصیبھم من خم�س الغن�ائم ، یق�ول هللا تب�ارك وع�الى (( واعلم�وا أنم�ا غنم�تم م�ن ش�يء ف�أن �

) إسناده صحیح .168، 3/167مسد أحمد ( 1 ) إسناده ضعیف النقطاعھ .169، 3/167أحمد (مسند 2 ) إسناده صحیح .169، 3/167أحمد (مسند 3 . 1072مسلم رقم 4 ) .187ـ 7/183شرح النووي على صحیح مسلم ( 5

54

س����ول ول����ذي القرب����ىخم ) . ق����ال المفس����رون قول����ھ تع����الى 41)) (األنف����ال ، آی����ة : س����ھ وللرس��ول (( أي س��ھم م��ن الخم��س یعط��ي لرس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ول��ذي ))وللر

القربى. وقد اختلف العلماء في المراد باآلل في الزكاة وفي تحدیدھم إلى قولین : أ ـ

فة ومالك وأحم�د ف�ي روای�ة إل�ى أنھ�م بن�و ھاش�م فق�ط وھ�م آل ذھب أبو حنی عل���ي ، وآل العب���اس ، وآل جعف���ر ، وآل عقی���ل ، وآل الح���ارث ب���ن عب���د المطل��ب ، ول��م ی��دخل ف��یھم أب��و لھ��ب فیج��وز ال��دفع إل��ى بنی��ھ ، ألن حرم��ة الصدقة لبني ھاشم كرامة من هللا تعالى لھم ول�ذریتھم حی�ث نص�روا النب�ي

سلم وآلھ وسلم في جاھلیتھم وإسالمھم ، أما أبو لھب فكان صلى هللا علیھ وحریصا على أذى رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم وآل�ھ وس�لم فل�م یس�تحقھا

، وقال بعض علم�اء الحنابل�ة : وی�دخل ف�یھم آل أب�ي لھ�ب ألنھ�م م�ن 1بنوه، وكیف ال یدخلون وقد أسلم من أبناء أبي لھب عتبة ومعت�ب 2ساللة ھاشم

لفتح وسر النبي صلى هللا علیھ وسلم وآلھ وسلم بإسالمھما ودع�ا لھم�ا یوم ا . 3وشھدا معھ حنینا والطائف لھم عقب عند أھل النسب

ب ـ ویرى الشافعي أنھم بنو ھاشم وبنو المطلب : ستدل على ذلك بما یلي :او

أن النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم أعط��ى س��ھم ذوي القرب��ى م��ن الخم��س •المطل�ب ول�م یع�ط أح�دا م�ن قبائ�ل ق�ریش غی�رھم كم�ا لبني ھاشم وبني

أخرج البخاري من حدیث جبیر بن مطعم قال : مشیت أنا وعثم�ان ب�ن عفان إلى رسول هللا فقلنا : یا رسول هللا أعطیت بني عب�د المطل�ب م�ن خم��س خیب��ر وتركتن��ا ونح��ن وھ��م بمنزل��ة واح��دة فق��ال النب��ي ص��لى هللا

. ووج�ھ الدالل�ة 4ن�و المطل�ب ش�ئ واح�دعلیھ وسلم : إنم�ا بن�و ھاش�م وبمن الحدیث أن بني المطلب مع بني ھاشم في سھم ذوي القرب�ى ، وھ�م آلھ ، فدل على أن بني المطلب آل صلى هللا علی�ھ وس�لم أیض�ا ، وعل�ى أن الزكاة تحرم عل�یھم وأن ھ�ذه العطی�ة إنم�ا ھ�ي ع�وض عم�ا حرم�وه

زكاة)) یتعلق بذوي القربى من الصدقة وبالتالي فإن ھذا الحكم ((منع ال، وع�ن 5، كاستحقاق الخمس فوجب أن یستوي فیھ الھاشمي والمطلبي

أحمد في بني المطلب روایتان : اإلمام نبي صلى هللا علیھ وسلم : إنا وبن�وأحدھما : تحرم علیھم الزكاة لقول ال

. وفي لفظ 6المطلب لم نفترق في جاھلیة وال إسالم إنما نحن شئ واحدي ف��ي مس��نده : ((إنم��ا بن��و ھاش��م وبن��و المطل��ب ش��ئ واح��د عالش��اف رواه

) .274ـ 2/272شرح فتح القدیر البن الھمام ( 1 ) .4/172) ، نیل األوطار (2/153المنتقى للباجي ( ) .256ـ 3/255( اإلنصاف للمرداوي 2 . 143التبیین في أنساب القرشیین صـ 3 . 3140البخاري ك فرض الخمس رقم 4 . 181) العقیدة في أھل البیت صـ 6/244) المجموع للنووي (2/69) ، األم للشافعي (2/71معالم السنن للخطابي ( 5 . 2980سنن أبي داود ، اإلمارة رقم 6

55

، وألنھم یستحقون من خمس الخمس فل�م یك�ن لھ�م 1وشبك بین أصابعھ األخذ من الزكاة كبني ھاشم .

ثانیھم��ا : لھ��م األخ��ذ منھ��ا وفق��ا لم��ذھب أب��ي حنیف��ة ومال��ك ل��دخولھم ف��ي دقات للفق�عموم قولھ تعالى : (( ) . 6)) (التوب�ة ، آی�ة : راء والمس�اكین إنما الص

لك�ن خ�رج بن�و ھاش�م لق��ول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : إن الص�دقة ال تح��ل ، وق��الوا إن قی��اس بن��ي 3، فیخ��تص المن��ع بھ��م 2لمحم��د وال آلل محم��د

المطلب على بن�ي ھاش�م غی�ر ص�حیح ألن بن�ي ھاش�م أق�رب إل�ى النب�ي ركتھم لھم في خمس الخمس فل�م صلى هللا علیھ وسلم وأشرف وأما مشا

لرس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ لنص�رتھم یستحقوا ذلك بمجرد القرابة ، بل . 4وسلم والنصرة ال تقتضي المنع

وقد تحدث الفقھاء عن حكم دفع الزكاة إلیھم في ح�ال م�نعھم م�ن خم�س الخمس ، فإذا لم یعط�وا حقھ�م م�ن خم�س الخم�س لخل�و بی�ت الم�ال م�ن

، أو الستیالء الظلمة واستبدادھم بھما ، فق�د ق�ال بع�ض الفئ أو الغنیمةالعلماء من المتقدمین والمت�أخرین أنھ�م یعط�ون م�ن الزك�اة ، فق�د روي عن اإلمام أبي حنیف�ة أن�ھ یج�وز ال�دفع إل�ى بن�ي ھاش�م ف�ي زمان�ھ ، ألن عوض��ھما وھ��و الخم��س ل��م یص��ل إل��یھم ، وإذا ل��م یص��ل إل��یھم الع��وض

)) ، وق�ال بع�ض المالكی�ة : 5مع�وض ((الزك�اة((الخمس)) عادوا إلى الإذا حرموا حقھم من بیت المال وص�اروا فق�راء ج�از أخ�ذھم وإعط�ائھم

: ق���د حل���ت لھ���م 7أب���و بك���ر األبھ���ري ل، وف���ي ذل���ك یق���و 6م���ن الزك���اة، وقال أبو سعید االصطخري من الش�افعیة : 8الصدقات فرضھا ونفلھا

نم�ا حرم�وا الزك�اة لحقھ�م إن منعوا حقھم من الخمس ج�از ال�دفع إل�یھم إ، وذلك لحدیث 9في خمس الخمس ، فإذا منعوا منھ وجب أن یدفع إلیھم

، فجعل�وا الغن�ى ع�ن 10لكم في خمس الخمس ما یكف�یكم ، أو یغن�یكم نإالزك��اة بخم��س الخم��س ، ف��إذا ع��دم زال الغن��ى ، فخم��س الخم��س عل��ة

وقال بع�ض الستغنائھم وشرط لمنعھم ، فإذا زال الشرط انتفى المانع ،علماء الحنابل�ة : یج�وز األخ�ذ م�ن الزك�اة إذا منع�وا م�ن خم�س الخم�س

. 12، واختاره بن تیمیة 11ألنھ محل حاجة وضرورةم�ا ت�ذكر م�ن ـ حدثنا ربیعة بن شیبان أنھ قال للحس�ن ب�ن عل�ي : 6

رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ؟ قال " أدخلني غرفة الصدقة ، فأخذت منھا تمرة

. 4137سنن النسائي رقم 1 . 1072لم رقم مس 2 . 181العقیدة في أھل البیت صـ 3 ) .112ـ 4/111المغنى البن قدامة ( 4 ) .2/91حاشیة ابن عابدین ( 5 ) .453ـ 1/452) حاشیة الدسوقي (1/232بلغة السالك ( 6 ) .86ـ 3/85شذرات الذھب (ھـ : أنظر 375ھو : محمد بن عبد هللا بن محمد صالح أبو بكر التمیمي شیخ المالكیة في العراق توفي 7 ) .2/153المنتقى للباجي ( 8 ) .246ـ 6/244المجموع للنووي ( 9

) قال ابن كثیر حدیث حسن اإلسناد .2/313تفسیر ابن كثیر ( 10 ) .2/291) وكشاف القناع للبھوني (3/255اإلنصاف للمرداوي ( 11 . 186) ، العقیدة في أھل البیت صـ 104االختیارات ( 12

56

في فمي ، فقال رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : إلقھا فإنھا ال تحل لرسول فألقیتھا صلى هللا علیھ وسلم . 1هللا وال ألحد من أھل بیتھ

ق�ال : كن�ا عن�د حس�ن راء بریدة بن أبي مریم عن أب�ي الح�و ـ حدثنا 7بن علي ، فسئل : ما عقلت م�ن رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ؟ أو ع�ن رس�ول

رعلى ج�رین م�ن تم�ر الص�دقة ، هللا صلى هللا علیھ وسلم قال : كنت أمشي معھ فمفأخذت تمرة فألیقتھا في فمي ، فأخذھا بلعابي ، فق�ال بع�ض الق�وم : وم�ا علی�ك ل�و

. 2تركتھا ؟ قال : إنا آل محمد ال تحل لنا الصدقة ، وعقلت منھ الصلوات الخمسن عل�ي واب�ن عب�اس رأی�ا جن�ازة ، فق�ام سن بأن الحـ عن أیوب بن محمد : 8

أحدھما وقعد اآلخ�ر ، فق�ال ال�ذي ق�ام : أل�م یق�م رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ؟ . 3وقعد ىوقال الذي قعد : بل

ھذه بعض األحادیث التي رواھا الحسن بن علي رضي هللا عنھما ع�ن ج�ده ص�لى ن علم�اء الص�حابة المفت�ین هللا علیھ وسلم ویعتبر الحسن بن علي رضي هللا عنھ م

ثون علم��اء الص��حابة إل��ى ث��الث وھ��و م��ن ض��من الطبق��ة الثالث��ة ، فق��د قس��م المح��دق�یم رحم�ھ هللا ـ : ك�انوا لى قلة أو كثرة فت�اواھم . ق�ال اب�ن اطبقات ، وذلك نظرا إل

بین مكثر منھا ومقل ومتوسط .ص�حاب رس�ول والذین حفظت عنھم الفتوى من أ أ ـ المكثرون من الفتیا :

هللا صلى هللا علیھ وسلم مئة ونیف وثالثون نفسا ما بین رج�ل وام�رأة ، وك�ان وعلي بن أب�ي طال�ب ، وعب�د هللا ب�ن المكثرون منھم سبعة : عمر بن خطاب ،

مسعود وعائشة أم المؤمنین ، وزید بن ثاب�ت ، وعب�د هللا ب�ن عم�ر ، وعب�د هللا ب��ن ح��زم : ویمك��ن أن یجم��ع ف��ي ب��ن عب��اس رض��ي هللا ع��نھم : ق��ال أب��و محم��د

فتوى كل واحد منھم سفر ضخم ، قال : وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن یعقوب ابن أمیر المؤمنین المأمون فتیا ابن عباس رضي هللا عن�ھ ف�ي عش�رین

كتابا ، وأبو بكر محمد المذكور أحد أئمة اإلسالم في العلم والحدیث .ل أب��و محم��د : والمتوس�طون م��نھم فیم��ا ق�ا ب ـ المتوس��طون ف��ي الفتی��ا :

روي ع��نھم م��ن الفتی��ا أب��و بك��ر الص��دیق ، وأم س��لمة ، وأن��س ب��ن مال��ك ، وأب��و س��عید الخ��دري ، وأب��و ھری��رة ، وعثم��ان ب��ن عف��ان ، وعب��د هللا ب��ن عم��رو ب��ن

العاص ، وعبد هللا بن الزبیر رضي هللا عنھم .. الخ .م مقل�ون ف�ي الفتی�ا ، وال ی�روي ع�ن والباقون منھ جـ ـ المقلون في الفتیا :

الواح��د م��نھم إال المس��ألة والمس��ألتان والزی��ادة الیس��یرة عل��ى ذل��ك .. وھ��م أب��و ال��درداء ، وأب��و الیس��ر ، وأب��و س��لمة المخزوم��ي ، وأب��و عبی��دة ب��ن الج��راح ، والحس��ن والحس��ین ابن��ا عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ، والنعم��ان ب��ن بش��یر ، وأب��ي ب��ن

م عطی�ة ، وص�فیة أم الم�ؤمنین ، أبو طلحة وأبو ذر ، وأو أیوب ، وكعب ، وأب . 4وحفصة ، وأم حبیبة رضي هللا عنھم أجمعین

) إسناده صحیح قالھ أحمد شاكر .3/170ند أحمد (مس 1 ) إسناده صحیح قالھ أحمد شاكر .3/170مسند أحمد ( 2 ) إسناده صحیح قالھ أحمد شاكر .3/171مسند أحمد ( 3 . 327) ، سیرة عائشة سلیمان الندوي صـ 13، 1/12إعالم الموقعین ( 4

57

ثامن��ا : ص��فة رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، كم��ا یرویھ��ا

الحسن بن علي :ق��ال : ك��ان ـ ع��ن الحس��ن ب��ن عل��ي ع��ن خال��ھ ھن��د ب��ن أب��ي ھال��ة 1

ح��زان ، دائ��م الفك��رة لیس��ت ل��ھ راح��ة ، األ 1رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم متواص��ل، ویتكلم بجوامع 2طویل السكت ال یتكلم من غیر حاجة ، یفتتح الكالم ویختمھ بأشداقھ

، یعظ��م 6والمھ��یمن 5، ال فض��ول وال تقص��یر ، ل��یس بالج��افي 4، كالم��ھ فص��ل 3الكل��م 7النعمة وإن دقت یمدح�ھ ، وال ، وال 8، ال یذم منھا شیئا ، غی�ر أن�ھ ل�م یك�ن ی�ذم ذواق�ا

، فإذا تعدى الحق لم یقم لغضبھ شئ حت�ى ینتص�ر ل�ھ ، ال 9تغضبھ الدنیا وال مكان لھایغضب لنفسھ ، وال ینتصر لھ�ا ، إذا أش�ار أش�ار بكف�ھ كلھ�ا ، وإذا تعج�ب قلبھ�ا ، وإذا تحدث اتصل بھا وضرب براحتھ الیمنى بطن إبھام�ھ الیس�رى ، وإذا غض�ب أع�رض

ع��ن مث��ل ح��ب 12ض��حكھ التبس��م ، یفت��ر 11طرف��ھ ، ج��ل ، وإذا ف��رح غ��ض 10وأش��اح 13الغم��ام 14، وك��ان فخم��ا 17وجھ��ھ تألل��ؤ القم��ر لیل��ة الب��در ، مس��یح 16ی��تألأل 15مفخم��ا

19عنھما الم�اء ، إذا زال زال 18القدمین ینبو ، ویمش�ي ھون�ا ذری�ع 20قلع�ا یخط�و تكفی�ا ، وإذا التف�ت التف�ت جمیع� 22ن ص�ببـ، إذا مشى كأنما ینحط م� 21المشیة ، خ�افض 23ا

، 24الطرف ، نظره إل�ى األرض أكث�ر م�ن نظ�ره إل�ى الس�ماء ، ج�ل نظ�ره المالحظ�ة . 25یسوق أصحابھ ، یبدأ من لقى بالسالم

أي ال ینفك حزن عن حزن یعقبھ . 1 طرف الفم أي أنھ یستعمل جمع فمھ للتكلم وال یقتصر على تحریك الشفتین كفعل المتكبرین . جمع شدق بالكسر 2 أي بكلمات قلیلة الحروف جامعة لمعان كثیرة وقیل الجوامع القواعد الكلیة المحتویة على الفروع المتكثرة . 3 الفاصل بین الحقل والباطل . 4 م البر .الجافي : الغلیظ الطبع السئ الخلق العدی 5 المھیمن : لم یكن غلیظ الخلق وال ضعیفھ بل كان معتدال من أنواع المھابة والوقار والجاللة . 6 صغرت وقلت . 7 المأكول والمشروب فعال بمعنى المفعول من الذوق . 8 أي وال یغضبھ أیضا إال ما كان لھ عالقة بالدنیا 9

جد في اإلعراض وبالغ فیھ . 10 . معظمھ أو أكثره 11 من افتر ضحك ضحكا حسنا حتى بدت أسنانھ من غیر قھقھة . 12 أي البرد . 13 أي عظیما في نفسھ . 14 أي المعظم في الصدور والعیون . 15 یتألأل : أي یستنیر . 16 مسیح : أملسھما . 17 ینبو : یتباعد ویتجافى . 18 ویقارب خطاه تبخترا .أي رفع رجلھ عن األرض رفعا بائنا بقوة ال كمن یمشي اختیاال 19 . جملة مؤكدة لما قبلھا وھو بكسر الفاء المشددة بعدھا یاء أي یمشي مائال إلى سنن المشي ال إلى طرفیھ یقال یتكفأ أي یتمایل إلى قدام 20 أي سریعھا . 21 أي محل منحدر . 22 إي ال یسارق النظر . 23 لحظ إلیھ وھي مفاعلة من اللحظ وھو النظر باللحاظ یقال لحظھ و 24 . 13مختارات من أدب العرب ألبي الحسن النووي صـ 25

58

ـ وعن الحسن بن علي عن الحسین بن علي عن علي بن أبي 2ل�م یك�ن فاحش�ا وال طالب رضي هللا عنھم جاء وصف النبي كالتالي :

1متفحشا . 3ألسواق ، وال یجزي السیئة بالسیئة ولك�ن یعف�و ویص�فحفي ا 2وال صاخبایجاھد في سبیل هللا وال ض�رب خادم�ا ، وال ام�رأة ، م�ا نما ضرب بیده شیئا قط إال أ

رأیتھ منتصرا من مظلمة ظلمھا قط ما لم ینتھك من محارم هللا تعالى شئ ، فإذا انتھك خیر ب�ین أم�رین إال اخت�ار أیس�رھما من محارم هللا تعالي كان من أشدھم غضبا ، وما

ثوب��ھ ویحل��ب ش��اتھ ویخ��دم نفس��ھ ، ك��ان 4، وإذا دخ��ل بیت��ھ ك��ان بش��را م��ن البش��ر یفل��يیخزن لسانھ إال فیما یعنیھ ویؤلفھم وال ینفرھم ، ویكرم كریم ك�ل ق�وم ویولی�ھ عل�یھم ،

لق�ھ ، ، وال خ 5ویحذر الناس ویحترس منھم من غیر أن یط�وي عل�ى أح�د م�نھم بش�رهأص��حابھ ویس��أل عم��ا ف��ي الن��اس ، ویحس��ن الحس��ن ویقوی��ھ ، ویق��بح القب��یح 6ویتفق��د، معتدل األمر غیر مختلف ، وال یغف�ل مخاف�ة أن یغفل�وا ویمل�وا ، لك�ل ح�ال 7ویوھیھ

خی��ارھم ، اس، ال یقص��ر ع��ن الح��ق وال یج��اوزه ، ال��ذین یلون��ھ م��ن الن�� 8عن��ده عت��اد، ال 10وم�ؤازرة 9عنده منزل�ة أحس�نھم مواس�اةأفضلھم عنده أعمھم نصیحة وأعظمھم

یق��وم وال یجل��س إال عل��ى ذك��ر ، وإذا انتھ��ى إل��ى ق��وم جل��س حی��ث ینتھ��ي ب��ھ المجل��س ویأمر بذلك ، یعطي كل جلسائھ بنصیبھ ، ال یحسب جلیسھ أن أح�دا أك�رم علی�ھ من�ھ ،

، ف�ي حاج�ة ص�ابره حت�ى یك�ون ھ�و المنص�رف ، وم�ن س�ألھ 11من جالسھ أو فاوضھتھ لم یرده إال بھا أو بمیسور من القول ، قد وسع الن�اس بس�طھ وخلق�ھ فص�ار لھ�م حاج

أبا ، وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسھ مجلس علم وحیاء وصبر وأمانة ال ترفع یتفاضلون فیھا 15، متعادلین14، فلتاتھ 13فیھ الحرم وال تنثى 12فیھ األصوات وال تؤبن

لكبیر ویرحمون فی�ھ الص�غیر وی�ؤثرون ذا الحاج�ة بالتقوى ، متواضعین یوقرون فیھ ا 16ویحفظون الغریب .

ـ عن الحسن بن علي عن الحس�ین ب�ن عل�ي ع�ن عل�ي رض�ي 3

ك�ان دائ�م البش�ر س�ھل هللا عنھم ملتقطا م�ن ج�زء الش�مائل للترم�ذي : 2، وال غلیظ وصخاب وال فحاش وال عیاب وال مشاح 1لیس بفظ 17الخلق لین الجانب

إي وال المتكلف بھ أي لم یكن الفحش لھ خلقیا وال كسبیا . 1 صاخبا : صیاحا . 2 صفح عنھ : أعرض عنھ وتركھ ، بابھ فتح . 3 فال یفلي فلیا رأسھ أو ثوبھ : نقاھما من القمل . 4 ھ وبشاشتھ .بشره : بالكشر طالقة الوج 5 یتفقد : یتعرف ویطلب من غاب منھم . 6 یوھیھ : یضعفھ . 7 العتاد : ھو العدة والتأھب مما یصلح لكل ما یقع أعتد وعتد وأعتدة . 8 المداراة وھي إصالح أحوال النار بالمال والنفس . 9

مؤازرة : المعاونة . 10 فاوضھ : عاملھ في حاجة أو خالطھ . 11 ھو العیب والتھمة أي ال تقذف وال تعاب .وال تؤبن : 12 وال تنثى : ال تشاع وال تذاع . 13 فلتاتھ : زالتھ ومعائبھ على تقدیر وجود وقوعھا جمع فلتة . 14 متعادلین : متساوین . 15 . 15مختارات من أدب العرب ألبي الحسن الندوي صـ 16 خالف وقیل كنایة عن السكون والوقار والخشوع والخضوع .أي سریع العطف كثیر اللطف ، جمیل الصفح ، وقیل قلیل ال 17

59

فی��ھ ، ق��د ت��رك نفس��ھ م��ن 3ا ال یش��تھي وال ی��ؤیس من��ھ وال یجی��ب، یتغاف��ل عم�� 2مش��احال یعنیھ ، وترك الناس من ثالث ك�ان ال ی�ذم أح�دا وال ما ، واإلكبار و 4ثالث : المراء

، جلس��اؤه 5یعیب��ھ وال یطل��ب عورت��ھ . وال ی��تكلم إال فیم��ا رج��ا ثواب��ھ وإذا تكل��م أط��رق یتنازعون عنده الح�دیث ، وم�ن تكل�م كأنما على رؤوسھم الطیر ، فإذا سكت تكلموا ال

، یض��حك مم��ا یض��حكون 6عن��ده أنص��توا ل��ھ حت��ى یف��رغ ، ح��دیثھم عن��ده ح��دیث أولھ��مك�ان نویتعجب مما یتعجبون ویصبر للغریب على الجفوة ف�ي منطق�ھ ومس�ألتھ حت�ى إ

، وال یقب�ل الثن�اء 7أصحابھ یستجلبونھم ویقول إذا رأی�تم طال�ب حاج�ة یطلبھ�ا فأرف�دوه، وال یقطع على أحد حدیث�ھ حت�ى یج�وز فیقطع�ھ بنھ�ي أو قی�ام ، أج�ود 8من مكافئإال

، وأك��رمھم عش��یرة م��ن رآه 10، وألی��نھم عریك��ة 9الن��اس ص��درا وأص��دق الن��اس لھج��ةبدیھة ھابھ ومن خالطھ معرفة أحب�ھ ویق�ول ناعت�ھ ل�م أر قبل�ھ وال بع�ده مثل�ھ ص�لى هللا

. 11علیھ وسلم

وحدیث الكساء : تاسعا : آیة التطھیر��ركم آی��ة التطھی��ر ھ��ي ق��ول هللا ع��ز وج��ل : (( جس أھ��ل البی��ت ویطھ لی��ذھب ع��نكم ال��ر إنم��ا یری��د �

) وأما حدیث الكساء ، فقد روت عائشة رضي هللا عنھ�ا 33)) (األحزاب ، آیة : تطھیرا 12لم غ�داة وعلی�ھ م�رط مرح�ل، فقالت : خرج النبي صلى هللا علیھ وس� ، فأدخ�ل علی�ا

جس أھ�ل وفاطمة والحسن والحسین رضي هللا عنھم ، قال ": (( لی�ذھب ع�نكم ال�ر إنم�ا یری�د �ركم تطھیرا ) وإن روای�ة عائش�ة للح�دیث یب�ین لن�ا ك�ذب 33(األحزاب ، آی�ة : )) البیت ویطھ

ص�حابة یكتم�ون فض�ائل عل�ي ، فھ�ذه عائش�ة الت�ي ی�دعون أنھ�ا ت�بغض أن ال من یق�ول والحسن والحسین رضي هللا عنھم . 13علیا ھي التي تروي ھذا الفضل لعلي وفاطمة

إن الخطاب في اآلیات الكریمة كلھ ألزواج النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم حی�ث ب�دأ بھ�م نیا وزینتھ�ا فتع�الین أم�تعكن یا أیھا النبي قل وختم بھن قال تعالى : (( ألزواجك إن كن�تن ت�ردن الحی�اة ال�د

حكن سراح أعد للمحسنات منكن ، ا جمیال وأسر ورسولھ والدار اآلخرة فإن � أج�را عظیم�ا وإن كنتن تردن � یا نساء النبي من یأت منكن بفاحشة مبینة یضاعف لھ�ا الع�ذاب ض�عفین وك�ان ذل�ك عل�، وم�ن یس�یرا ، ى �

ورسولھ وتعمل ص�الحا نؤتھ�ا أجرھ�ا م�ر )) إل�ى قول�ھ تع�الى : تین وأعت�دنا لھ�ا رزق�ا كریم�ایقنت منكن �ركم تطھیرا(((( جس أھل البیت ویطھ لیذھب عنكم الر * إنما یرید � واذكرن ما یتلى في بیوتكن م�ن آی�ات �

) فالخط�اب كل�ھ ألزواج النب�ي 34ـ 28)) (األحزاب ، آی�ة : كان لطیفا خبیرا والحكمة إن �صلى هللا علیھ وسلم ومعھن األمر والنھي والوعد والوعید ، لكن لما تب�ین م�ا ف�ي ھ�ذا

الغلیظ السیئ الخلق الخشن الكالم . 1 اسم فاعل من باب المفاعلة من الشح وھو البخل وقیل أشده . 2 أي ال یجب أحدا فیما ال یشتھي بل یسكت عنھ عفوا وتكرما . 3 الجدال . 4 . أمالوا رأسھم وأقبلوا ببصرھم إلى صدورھم 5 أي حدیث أفضلھم أو كأول تكلمھم أي ال عن ماللة وسآمة . 6 اإلرفاد اإلعطاء واإلعانة . 7 أي من مقارب في مدحھ غیر مجاوز بھ عن حد مثلھ وال مقصر بھ عما رفعھ هللا إلیھ من علو مقامھ . 8 اللسان . 9

الطبیعة . 10 للترمذي . نقال عن الشمائل 16مختارات من أدب ب الحسن الندوي صـ 11 ) والمرحل نقش فیھ تصویر الرحال .7/401كساء من خز أو صوف أو كتان لسان العرب ( 12 . 187حقبة من التاریخ صـ 13

60

من المنفعة التي تعمھن وتعم غیرھن من أھل البیت جاء التطھیر بضمیر المذكر ألن�ھ ث غلب المذكر ، حیث تناول أھل البیت كلھ�م وعل�ي وفاطم�ة إذا اجتمع المذكر والمؤن

والحسن والحسین رضي هللا عنھم أخص من غی�رھم ب�ذلك ل�ذلك خص�ھم النب�ي ص�لى هللا علیھ وسلم بالدعاء لھم ، كما أن أھل بی�ت النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یتع�دى علی�ا

وأن�ھ لم�ا قی�ل ل�ھ والحسن والحسین وفاطمة إل�ى غی�رھم كم�ا ف�ي ح�دیث زی�د ب�ن أرق�م نساؤه من أھل بیتھ ؟ ق�ال نس�اؤه ولك�ن أھ�ل بیت�ھ ال�ذین حرم�وا الص�دقة وھ�م آل عل�ي

وقد تعمد علماء الشیعة اإلثن�ي عش�ریة اقتط�اع آی�ة 1وآل جعفر وآل عقیل وآل العباسالتطھیر من السیاق القرآني الذي جاءت فیھ والذي خاطب هللا بھ نساء النبي ص�لى هللا

غفاال لنساء النبي صلى هللا علیھ وسلم م�ن الخط�اب ، ث�م ض�موا إل�ى ذل�ك علیھ وسلم إحدیث الكس�اء ال�ذي رواه مس�لم ف�ي ص�حیحھ ع�ن أم الم�ؤمنین عائش�ة ، قال�ت : خ�رج

من ش�عر أس�ود فج�اء الحس�ن 3المرحل 2النبي صلى هللا علیھ وسلم غداة وعلیھ المرطجاءت فاطمة فأدخلھا ثم ج�اء عل�ي بن علي ، فأدخلھ ثم جاء الحسین ، فدخل معھ ، ثم

��ركم تطھی��رافأدخل��ھ ث��م ق��ال : (( جس أھ��ل البی��ت ویطھ لی��ذھب ع��نكم ال��ر )) ، وح��دیث أم إنم��ا یری��د � ى النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : ((ل�سلمة لما نزلت ھذه اآلیة عأم المؤمنین إنم�ا یری�د �

�ركم تطھی�رال جس أھل البی�ت ویطھ أم س�لمة : وأن�ا معھ�م ی�ا نب�ي هللا ؟ ق�ال : )) قال�تیذھب عنكم الرلتثبیت المعنى ال�ذي یریدون�ھ م�ن االس�تدالل بھ�ذه 4أنت على مكانك ، وأنت على خیر

عص�مة أص�حاب ، ویرى علماء الشیعة أن في آیة التطھیر دالل�ة عل�ى 5اآلیة الكریمةالكساء علي وفاطمة والحسن والحسین ، من الخطایا وال�ذنوب ص�غیرھا وكبیرھ�ا ب�ل

الحس��ن ب��ن عل��ي ھ��و اإلم��ام الث��اني ن، ویعتق��دون أ 6وم��ن الخط��أ والس��ھو البش��ري المعصوم عندھم .

ن المب�ادئ ـي م�ـن شروط اإلمامة وھـد الشیعة اإلمامیة شرط مـإن عصمة اإلمامة عنیانھم العقدي ولھا أھمیة كبرى عندھم ونتیجة لما أضفاه الش�یعة الرافض�ة األولیة في ك

على أئمتھم من صفات وقدرات ومواھب علمی�ة غی�ر مح�دودة ، ذھب�وا إل�ى أن اإلم�ام لیس مسئوال أمام أحد من الناس وال مجال للخطأ في أفعالھ مھم�ا أت�ى م�ن أفع�ال ، ب�ل

خیر ال شر فیھ ألن عنده من العل�م وم�ا ال یجب تصدیقھ واإلیمان بأن كل ما یفعلھ من ن ھنا قرر الشیعة الرافضة لإلمام ضمن ما قرروا العص�مة ، ـقبل ألحد بمعرفتھ ، وم

ى أن األئمة معص�ومون ف�ي ك�ل حی�اتھم ال یرتكب�ون ص�غیرة وال كبی�رة وال ـفذھبوا إل یصدر

م�اع عل�ى ذل�ك ، وق�د نق�ل اإلج 7عنھم أي معصیة ، وال یج�وز عل�یھم خط�أ وال نس�یانشیخھم المفید ، فقال : إن األئمة القائمین مقام األنبیاء في تنفیذ األحكام وإقام�ة الح�دود وحف��ظ الش��رع وتأدی��ب األن��ام معص��ومون ، كعص��مة األنبی��اء ، وأنھ��م ال یج��وز م��نھم كبیرة وال صغیرة وأنھ ال یجوز م�نھم س�وء ف�ي ش�يء م�ن ال�دین وال ینس�ون ش�یئا م�ن

. 107مسلم رقم 1 مرط : یعني كساء .. 2 وھو الموشي المنقوش علیھ صور رجال اإلبل . 3 . 3788سنن الترمذي ، ك المناقب رقم : 4 . 176صـ ثم أبصرت الحقیقة 5 . 176المصدر نفسھ صـ 6 . 203دراسات عن الفرق د. أحمد جلي صـ 7

61

ھذا مذھب سائر اإلمامیة إال من شذ م�نھم ، وتعل�ق بظ�واھر روای�ات األحكام ، وعلى، وق�د تح�دثت ع�ن ھ�ذه العقی�دة 1لھا تأویالت عل�ى خ�الف ظن�ھ الفاس�د م�ن ھ�ذا الب�اب

بنوع من التفصیل ف�ي كت�ابي أس�مى المطال�ب ف�ي س�یرة أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي ب�ن أب�ي ، فمن أراد المزید فلیرجع إلیھ . 2طالب

عة اإلمامیة في آیة التطھیر فنقدھا من وجوه :وأما حجة الشی أ ـ حدیث أم سلمة السابق ، فقد ورد بعدة صیغ :

ف��روي ع��ن أم س��لمة أنھ��ا قال��ت : ك��ان النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم عن��دي وعل��ي وفاطم��ة والحس��ن والحس��ین ، فجعل��ت لھ��م خزی��رة ، ف��أكلوا ون��اموا

ھ�ؤالء أھ�ل بیت�ي ، أذھ�ب وغطى علیھم عب�اءة أو قطیف�ة ، ث�م ق�ال : اللھ�م ع��نھم ال��رجس وطھ��رھم تطھی��را ، وف��ي روای��ة أخ��رى أن��ھ ص��لى هللا علی��ھ وسلم أجلسھم على كساء ، ثم أخ�ذ بأطراف�ھ األربع�ة بش�مالھ ، فض�مھ ف�وق رؤوسھم ، وأومأ بیده الیمنى إلى رب�ھ ، فق�ال : ھ�ؤالء أھ�ل بیت�ي ، فأذھ�ب

أن��ھ ص��لى هللا علی��ھ تطھی��را ، وف��ي روای��ة أخ��رى ھمع��نھم ال��رجس وطھ��روسلم أجلسھم على كساء ، ثم أخ�ذ بأطراف�ھ األربع�ة بش�مالھ ، فض�مھ ف�وق رؤوسھم وأوم�أ بی�ده الیمن�ى إل�ى رب�ھ ، فق�ال : ھ�ؤالء أھ�ل بیت�ي ، فأذھ�ب عنھم الرجس وطھرھم تطھیرا ، وھاتان الروایتان تتفقان مع روای�ة مس�لم

ن ھذا ال یح�تم ع�دم دخ�ول عن السیدة عائشة في دخول الخمسة اآلیة ، ولكی��ادات تش��یر إل��ى ع��دم ، وق��د وردت روای��ات ع��ن أم س��لمة فیھ�ا ز 3غی�رھم

الكساء ، ال یخلو أكثرھا من الض�عف لك�ن ص�ح منھ�ا دخولھا مع أحادیثمن جملتھا ھ�ذه الروای�ة : لم�ا نزل�ت ھ�ذه اآلی�ة عل�ى النب�ي ص�لى هللا علی�ھ

لی��ذھ وس��لم : (( ��ركم تطھی��راإنم��ا یری��د � جس أھ��ل البی��ت ویطھ ف��ي بی��ت أم )) ب ع��نكم ال��رسلمة فدعا فاطمة وحسنا وحسینا ، فجللھم بكساء وعلي خلف ظھره فجلل�ھ بكس�اء ، ث��م ق��ال : اللھ�م ھ��ؤالء أھ��ل بیت��ي فأذھ�ب ع��نھم ال��رجس وطھ��رھم

ال : أن�ت عل�ى مكان�ك تطھیرا ، قال�ت أم س�لمة : وأن�ا معھ�م ی�ا نب�ي هللا ؟ ق�، وھناك روایة ھامة جدا رویت بإس�ناد حس�ن تش�یر إل�ى 4وأنت على خیر

، ولع��ل 5أن أم س��لمة ق��د دخل��ت ف��ي الكس��اء بع��د خ��روج أھ��ل الكس��اء من��ھالتعلیل في ذلك أنھ ال یصح أن تدخل أم سلمة مع علي بن أبي طالب تح�ت

س�لم بع�د خ�روج أھ�ل كساء واحد فلذلك أدخلھا رسول هللا صلى هللا علی�ھ والكساء منھ ، فعن ش�ھر ق�ال : س�معت أم س�لمة زوج النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وسلم حین جاء نعي الحسین بن علي ، لعن�ت أھ�ل الع�راق ، فقال�ت : قتل�وه قتلھم هللا ، غروه وذلوه لع�نھم هللا ، ف�إني رأی�ت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ

ھا عص�یدة تحملھ�ا ف�ي طب�ق وسلم جاءتھ فاطمة غدیة ببرمة قد وضعت فیلھا ، حتى وضعتھا بین یدیھ ، فق�ال لھ�ا : أی�ن اب�ن عم�ك ؟ قال�ت : ھ�و ف�ي

. 35أوائل المقاالت للمفید صـ 1 ) .2/302أسمى المطالب سیرة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب ( 2 . 177ثم أبصرت الحقیقة صـ 3 إسناده فیھ ضعف ولھ طرق قویة . 1994) رقم 2/727فضائل الصحابة ( 4 . 177ثم أبصرت الحقیقة صـ 5

62

البیت ، قال : اذھبي فادعیھ وائتن�ي بابنی�ھ ، ق�ال : فج�اءت تق�ود ابنیھ�ا ك�ل واحد منھما بید ، وعل�ي یمش�ي ف�ي إثرھم�ا ، حت�ى دخل�وا عل�ى رس�ول هللا

جره وجلس علي على یمین�ھ وجل�س صلى هللا علیھ وسلم ، فأجلسھما في حفاطمة على یس�اره ، قال�ت أم س�لمة : فاجتب�ذ كس�اء خیبری�ا ك�ان بس�اطا لن�ا عل��ى المنام��ة ، فلف��ھ رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم جمیع��ا فأخ��ذ بش��مالھ طرفي الكساء وألوى بیده الیمنى إلى ربھ عز وجل : قال : اللھم أھل بیت�ي

طھی��را ، قل��ت ی��ا رس��ول هللا : ألس��ت م��ن م تھأذھ��ب ع��نھم ال��رجس وطھ��رأھلك ؟ قال بلى فادخلي في الكساء ، فدخلت في الكساء بعدما قضى دعاءه

د رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ ھ، فش�� 1الب��ن عم��ھ عل��ي وابنی��ھ وابنت��ھ فاطم��ة . 2وسلم ألم سلمة أنھا من أھل بیتھ وأدخلھا في الكساء بعد دعائھ لھم

ی��ة لیس��ت دال��ة عل��ى العص��مة ب ـ ومم��ا ی��دل عل��ى أن اآلواإلمامة أن الخطاب في اآلی�ات ألزواج النب�ي ص�لى هللا

علیھ وسلم حیث بدأ بھن وختم بھن :نیا وزینتھ�ا فتع�الین أم�تع قال تعالى (( كن یا أیھا النب�ي ق�ل ألزواج�ك إن كن�تن ت�ردن الحی�اة ال�د

حكن س�راح وأ أع�د للمحس�نات * ا جم�یال سر ورس�ولھ وال�دار اآلخ�رة ف�إن � وإن كن�تن ت�ردن �لع�ذاب ض�عفین ی�ا نس�اء النب�ي م�ن ی�أت م�نكن بفاحش�ة مبین�ة یض�اعف لھ�ا ا، منكن أج�را عظیم�ا تین یسیرا * وكان ذلك على � ورس�ولھ وتعم�ل ص�الحا نؤتھ�ا أجرھ�ا م�ر ومن یقنت م�نكن �

اتقی�تن ف�ال تخض�عن ب�القول ی�ا نس�اء النب�ي لس�تن كأح�د م�ن النس�اء إن * وأعتدنا لھا رزق�ا كریم�اج الجاھلی�ة معروف�ا * فیطمع الذي في قلب�ھ م�رض وقل�ن ق�وال جن تب�ر وق�رن ف�ي بی�وتكن وال تب�ر

ورس� ك�اة وأطع�ن � الة وآتین الز جس أھ�ل األولى وأقمن الص لی�ذھب ع�نكم ال�ر ولھ إنم�ا یری�د ��ركم تطھی�را ك�ان لطیف�ا * البیت ویطھ والحكم�ة إن � واذك�رن م�ا یتل�ى ف�ي بی�وتكن م�ن آی�ات �

) .34ـ 28(األحزاب ، آیة : ))خبیرااب كل��ھ ألزواج النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ومعھ��ن األم��ر والنھ��ي فالخط��

والوعد والوعید ، لكن لما تبین م�ا ف�ي ھ�ذا م�ن المنفع�ة الت�ي تعمھ�ن وتع�م غی��رھن م��ن أھ��ل البی��ت ج��اء التطھی��ر بض��میر الم��ذكر ، ألن��ھ إذا اجتم��ع الم��ذكر والمؤن��ث غل��ب الم��ذكر ، حی��ث تن��اول أھ��ل البی��ت كلھ��م ، وعل��ي

حسن والحسین رضي هللا عنھم أخص من غیرھم ب�ذلك ، ل�ذلك مة والطوفام ، كم�ا أن زوج الرج�ل م�ن ـخصھم النبي صلى هللا علیھ وسلم بالدعاء لھ�

أھل بیتھ ، وھذا شائع في اللغ�ة كم�ا یق�ول الرج�ل لص�احبھ : كی�ف أھل�ك ؟ م�ن قالوا أتعجب�ین أي امرأتك ونساؤك ، فیقول : ھم بخیر ، وقد قال تعالى : ((

وبركات��ھ عل��یكم أھ��ل البی��ت رحم��ة � ) والمخاط��ب بھ��ذه اآلی��ة 73)) (ھ��ود : أم��ر �باإلجماع ھي سارة زوجة إبراھیم علیھ السالم ، وھذا دلیل على أن زوجة

. 3الرجل من أھل البیت

إسناده حسن . 1170) رقم 2/852فضائل الصحابة ( 1 . 178ثم أبصرت الحقیقة صـ 2 . 386اإلمامة والنص ، فیصل نور صـ 3

63

ا قضى موسى األجل وساوقولھ تعالى : (( ر بأھلھ آنس من جان�ب الط�ور ن�ارا ق�ال ألھل�ھ فلم)) (القص�ص : امكثوا إني آنست نارا لعلي آتیكم منھا بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون

29. ( والمخاطب ھنا أیضا زوجة موسى علیھ السالم .

وك�ان * واذكر في الكتاب إسماعیل إنھ كان صادق الوعد وكان رس�وال نبی��اى : ((وقولھ تعال ك�اة وك�ان عن�د رب�ھ مرض�ی�ا �الة والز ) . فم�ن أھل�ھ 55ـ 54)) (م�ریم : یأمر أھل�ھ بالص��الة ؟ وھ��ذا كق ول��ھ تع��الى مخاطب��ا النب��ي ص��لى هللا ال��ذین ك��ان ی��أمرھم بالص

�الة واص�طبر علیھ�اعلیھ وس�لم : (( ) . وال ش�ك ف�ي 132(ط�ھ : )) وأم�ر أھل�ك بالصدخ��ول زوجات��ھ أو خدیج��ة رض��ي هللا عنھ��ا عل��ى أق��ل تق��دیر ف��ي األھ��ل ،

قمیص�ھ م�ن دب�ر واس�تبقا الب�اب وق�دت ، وق�ال تع�الى : (( 1باعتبار أن السورة مكیة)) ا ج��زاء م��ن أراد بأھل��ك س��وءا إال أن یس��جن أو ع��ذاب أل��یم ـوألفی��ا س��یدھا ل��دى الب��اب قال��ت م��

) ، فالمخاطب ھنا عزیز مصر ، وقولھا : ما جزاء من 25(یوسف ، آیة : . 2بین أراد بأھلك سوءا ؟ أي زوجتك ، وھذا

جـ ـ إذھاب الرجس ال یعني في لغة القرآن معنى العصمة :یقول الراغب األصفھاني في مفردات ألفاظ الق�رآن م�ادة رج�س ، ال�رجس

رج�س الشئ القذر ، قال : رجل رجسي ، ورجال أرج�اس ، ق�ال تع�الى : ((م��ر لخ) .. وال��رجس م��ن جھ��ة الش��رع وا90 )) (المائ��دة :م��ن عم��ل الش��یطان

والمیسر .. وجعل الكافرین رجسا من حیث أن الشرك بالعقل أقبح األشیاء ا الذین ف�ي قل�وبھم م�رض ف�زادتھم رجس�ا إل�ى رجس�ھم ، قال تعالى : (( )) (التوب�ة : وأم

جس عل��ى ال��ذین ال یعقل��ون الى : ((ـ) وقول��ھ تع��125 (ی��ونس : ، آی��ة : )) ویجع��ل ال��ر100. (

)) إنم�ا المش�ركون نج�س قیل الرجل : الن�تن ، وقی�ل الع�ذاب ، وذلك�م كقول�ھ : (( وقال : أو لحم خنزیر فإن�ھ رج�س وبالجمل�ة لف�ظ ((ال�رجس)) أص�لھ الق�ذر

جس م��ن األوث��ان یطل��ق وی��راد ب��ھ الش��رك كم��ا ف��ي قول��ھ تع��الى : (( ف��اجتنبوا ال��رور ) ویطل�ق وی�راد ب�ھ الخبائ�ث المحرم�ة 30)) (الحج ، آی�ة : واجتنبوا قول الز

م�ا عل�ى كالمطعومات والمشروبات ونحو قولھ : (( قل ال أجد في م�ا أوح�ي إل�ي محر)) (األنع�ام خنزی�ر فإن�ھ رج�س أو فس�قا طاعم یطعمھ إال أن یكون میتة أو دما مسفوحا أو لحم

إنما الخمر والمیسر واألنصاب واألزالم رج�س م�ن عم�ل ) وقولھ تعالى : ((145، آیة : ����یطان ) ، ول����م یثب����ت أن اس����تخدم الق����رآن لف����ظ 90)) (المائ����دة ، آی����ة : الش

ب بحیث یكون في إذھان الرجس عن إثب�ات ((الرجس)) بمعنى مطلق الذن . 3لعصمتھ

د ـ التطھیر من الرجس ال یعني إثبات العصمة ألحد :فكما أن كلمة ((الرجس)) ال یراد بھا ذنوب اإلنسان وأخطاؤه في االجتھاد

وإنم��ا ی���راد بھ���ا الق���ذر والن���تن والنجاس��ات المعنوی���ة والحس���یة ف���إن كلم���ة

. 391المصدر نفسھ صـ 1 . 393المصدر نفسھ صـ 2 . 181ثم أبصرت الحقیقة صـ 3

64

ن هللا ع��ز وج�ل یری�د تطھی��ر ك�ل الم��ؤمنین التطھی�ر ال تعن�ي العص��مة ، ف�إول��یس أھ��ل البی��ت فق��ط ، وإن ك��ان أھ��ل البی��ت ھ��م أول��ى الن��اس وأحقھ��م

لیجع�ل عل�یكم بالتطھیر ، فقد قال هللا تع�الى ع�ن ص�حابة رس�ولھ : (( م�ا یری�د �ركم ولیتم نعمتھ ) وقال عز من قال : 6)) (المائدة ، : عل�یكم من حرج ولكن یرید لیطھ

یھم بھا(( رھم وتزك ) وق�ال ((103)) (التوب�ة ، آی�ة : خذ من أموالھم صدقة تطھ إن �رین ابین ویحب المتطھ ل ) ، فكما أخبر هللا عز وج222)) (البقرة ، آیة : یحب التو

بأنھ یرید تطھیر أھل البیت أخبر كذلك بأنھ یرید تطھیر المؤمنین فإن ك�ان في إرادة التطھیر وقوع للعصمة لحصل ھذا للصحابة ، ولعم�وم الم�ؤمنین الذین نصت اآلیات على إرادة هللا عز وجل تطھیرھم ، وقد قال تعالى عن

یح���ب فی���ھ رج���ال یحب���ون رواد مس���جد قب���اء م���ن الص���حابة : (( ���روا و� أن یتطھرین ) ، ولم یك�ن ھ�ؤالء معص�ومین م�ن ال�ذنوب 108)) (التوبة ، آیة : المطھ

باالتف��اق ، وق��ال تع��الى ع��ن أھ��ل ب��در وھ��و ثالثمائ��ة وثالث��ة عش��ر رج��ال : ركم بھ ویذھب ع (( ل علیكم من السماء ماء لیطھ )) (األنف�ال ، آی�ة : نكم رجز الشیطان وینز

) ولم یكن في ھذا إثبات لعصمتھ مع أنھ ال ف�رق ی�ذكر ف�ي األلف�اظ ب�ین 11قول هللا تعالى ع�ن أھ�ل البی�ت لی�ذھب ع�نكم الرج�ز أھ�ل البی�ت ویطھ�ركم

ز )) ف��الرجوی��ذھب ع��نكم رج��ز الش��یطان تطھی��را وب��ین قول��ھ ف��ي أھ��ل ب��در : ((والرجس متقاربان ویطھركم في اآلیتین واحد ، لكن الھوى ھو الذي جع�ل م��ن اآلی��ة األول��ى دل��یال عل��ى العص��مة دون األخ��رى والعجی��ب ف��ي علم��اء الشیعة الرافضة أنھم یتمسكون باآلی�ة ویص�رفونھا إل�ى أص�حاب الكس�اء ،

ى إثب�ات عص�مة أص�حاب الكس�اء رفون معناھا من إرادة التطھیر إلثم یصیتناس��ون ف��ي الوق��ت نفس��ھ آی��ات أخ��رى نزل��ت ف��ي إرادة هللا ع��ز وج��ل ث��م

لتطھیر الصحابة ، بل ھم بالمقابل یقدحون فیھم ، ویقول�ون ب�انقالبھم عل�ى ، 1أعق��ابھم م��ع أن هللا ع��ز وج��ل ن��ص عل��ى إرادت��ھ تطھی��رھم ب��نص اآلی��ة

لھ نورا فما لھ من نور (( )) .ومن لم یجعل �اإلرادة ف���ي اآلی���ة إرادة ش���رعیة ، وھ���ي غی���ر اإلرادة ـ

القدریة :یعني یحب هللا أن یذھب عنكم الرجس ، وقد تحدث علم�اء أھ�ل الس�نة ع�ن

اإلرادتین الشرعیة الدینیة ، واإلرادة القدریة الكونیة ، فقالوا :وھي تتضمن معنى المحبة والرضى ، كقول�ھ إرادة شرعیة دینیة : ـ

بك��م الیس��ر وال یری��د بك��م العس��ر (تع��الى : ( ) وقول��ھ 185)) (البق��رة ، آی��ة : یری��د � یرید أن یتوب علیكم ویری�د ال�ذین یتبع�ون الش�ھوات أن تمیل�وا م�یال عظیم�اتعالى : (( * و�

أن یخفف نسان ضعیفا یرید � ) .28ـ 27)) (النساء ، آیة : عنكم وخلق اإلوھ����ي بمعن����ى المش����یئة الش����املة لجمی����ع إرادة قدری����ة خلقی����ة : ـ

یفع��ل م��ا یری��د الموج��ودات ، وذل��ك مث��ل اإلرادة ف��ي قول��ھ تع��الى : (( )) ولك��ن � یرید أن وال ینفع وقولھ : (( )253(البقرة ، آیة : كم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان �

. 182ثم أبصرت الحقیقة صـ 1

65

) ، فالمعاص��ي إرادة كونی��ة قدری��ة فھ��و ال یحبھ��ا 34)) (ھ��ود ، آی��ة : یغ��ویكم وال یرضاھا وال یأمر بھا ، بل یبغضھا ویسخطھا ، ویكرھھ�ا ونھ�ي عنھ�ا

ون بین إرادتھ التي تتضمن محبت�ھ ، ھذا قول السلف واألئمة قاطبة ، فیفرقورض��اه وب��ین إرادت��ھ ومش��یئتھ الكونی��ة القدری��ة الت��ي ال یل��زم منھ��ا المحب��ة

، وال شك أن هللا عز وجل أذھ�ب ال�رجس ع�ن فاطم�ة والحس�ن 1والرضىزوجات النبي صلى هللا علیھ وسلم ، ولكن اإلرادة في ھذه ى والحسین وعل

الحدیث أن النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم اآلیة ، إرادة شرعیة ولذلك جاء في 2لما جللھم بالكساء قال : اللھم ھؤالء أھل بیتي اللھم أذھب عنھم الرجس

ھـ ـ دعاء النبي صلى هللا علیھ وسلم یحسم القضیة :آیة التطھیر لو كان فیھا ما یدل عل�ى وق�وع التطھی�ر ألھ�ل الكس�اء لم�ا ق�ام

ھم بالكساء والدعاء لھم بقولھ : اللھم رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم بتغطیت، ب��ل ف��ي ھ��ذا دالل��ة واض��حة 3إن ھ��ؤالء أھ��ل بیت��ي فأذھ��ب ع��نھم ال��رجس

على أن اآلیة نزلت في نساء النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وأن رس�ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم علی��ھ أراد أن ین��ال أص��حاب الكس��اء ھ��ذا األخب��ار

ع�اءه دللھم بالكساء ودع�ا لھ�م فتقب�ل هللا الرباني عن التطھیر ، فجمعھم وج . 5، فطھرھم كما طھر هللا نساء النبي بنص اآلیة 4لھم

ة والعصمة آلیة اإلمامو ـ من الردود الدالة على عدم داللة ا:

ومنھا : أن ما اختص بھ أمیر المؤمنین علي والحسن والحس�ین رض�ي هللا رض���ي هللا عنھ���ا ، ع���نھم م���ن اآلی���ة ب���زعم الق���وم ثب���ت للس���یدة فاطم���ة

وخصائص اإلمامة ال تثبت للنس�اء ، فل�و ك�ان ھ�ذا دل�یال لك�ان م�ن یتص�ف بم��ا ف��ي اآلی��ة یس��تحق العص��مة واإلمام��ة ، وفاطم��ة رض��ي هللا عنھ��ا ك��ذلك وب��ذات االعتب��ار ، ف��دل عل��ى أن اآلی��ة ال ی��راد بھ��ا اإلمام��ة وال العص��مة ،

اآلی�ة لھ�م ، حی�ث ومنھا خروج تس�عة م�ن األئم�ة المزع�ومین لع�دم ش�مول وھم : 6اختصت اآلیة بثالثة منھم

علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ . ـ والحسن بن علي رضي هللا عنھ . ـ والحسین بن علي رضي هللا عنھ . ـ

عاشرا : آیة المباھلة ووفد نصارى نجران :جاء وفد نجران إل�ى رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم .. فق�الوا لرس�ول هللا

ى هللا علیھ وسلم : كن�ا مس�لمین ق�بلكم فق�ال النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم صل . 387بین الفرق ، محمد با عبد هللا صـ وسطیة أھل السنة 1 . 3787سنن الترمذي ، ك مناقب أھل البیت رقم 2 ، صححھ األلباني . 3787سنن الترمذي ، ك مناقب أھل البیت رقم 3 . 182ثم أبصرت الحقیقة صـ 4 ) .2/314أسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي ( 5 . 387اإلمامة والنص صـ 6

66

یمنعكم من اإلسالم ثالث : عبادتكم الصلیب ، وأكلك�م الخنزی�ر ، وزعمك�م وبی��نھم ، والنب��ي یتل��و عل��یھم ھ، وكث��ر الج��دال والحج��اج بین�� 1أن � ول��دا

لى هللا علی�ھ القرآن ویقرع باطلھم بالحجة ، وكان مما قالوه لرس�ول هللا ص�وس�لم مال�ك تش�تم ص�احبنا ، وتق�ول إن��ھ عب�د هللا ، فق�ال : أج�ل إن�ھ عب��د هللا

البت��ول ، فغض��بوا وق��الوا : ھ��ل اءورس��ولھ وكلمت��ھ ألقاھ��ا إل��ى م��ریم الع��ذررأیت إنسانا قط من غیر أب ، ف�إن كن�ت ص�ادقا ف�أر مثل�ھ ؟ ف�أنزل هللا ف�ي

كمث�ل آدم خلق�ھ م�ن ت�راب ث�م ق�ال ل�ھ إن مثل الرد علیھم قولھ سبحانھ : (( عیسى عند �) . 60ـ 59)) (آل عمران ، آیة : تكونن من الممترین الحق من ربك فال * كن فیكون

، فلم�ا ل�م تج�د 2فكانت حج�ة دامغ�ة ش�بھ فیھ�ا الغری�ب بم�ا ھ�و أغ�رب من�ھ، امتث�اال 3ادلة بالحكم�ة والموعظ�ة الحس�نة دع�اھم إل�ى المباھل�ةمعھم المج

ك فیھ من بعد ما جاءك م�ن العل�م فق�ل تع�الوا ن�دع أبناءن�ا وأبن�اءكم لقولھ تعالى : (( فمن حاج عل�ى الك�اذبین ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نب )) (آل عم�ران ، تھل فنجعل لعنة �

) . وخ��رج النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ومع��ھ الحس��ن والحس��ین 61ة : ـآی��نوا ، ف��ائتمروا فیم��ا بی��نھم ، فخ��افوا 4وفاطم��ة وق��ال : وإذا أن��ا دع��وت ف��أم

ھلك�وا ، ف�أبوا أن الھالك لعلمھ�م أن�ھ نب�ي حق�ا ، وأن�ھ م�ا باھ�ل ق�وم نبی�ا إالیالعنوه وقالوا : أحكم علینا بما أحببت فصالحھم على الفي حلة ، أل�ف ف�ي

. وھك��ذا یتض��ح المقص��د الحقیق��ي لن��زول اآلی��ة 5رج��ب ، وأل��ف ف��ي ص��فرومناسبتھا وأنھ ل�یس لھ�ا عالق�ة ال م�ن قری�ب وال م�ن بعی�د عل�ى م�ا ادع�اه

ب�النص وق�د رددت على إمامة علي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ شیعةالال�ب ف�ي س�یرة أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي ب�ن طعلى زعمھم في كتابي أس�مى الم

، فمن أراد التوسع فلیرجع إلیھ . 6أبي طالب رضي هللا عنھ

ة عل�ى الحس�ن ب�ن عل�ي ر التربی�ة األس�ریـالحادي عشر : أث :رضي هللا عنھ

ج�ده نشأ الحسن بن علي رضي هللا عنھ ف�ي بی�ت النب�وة وترب�ى عل�ى ی�دي ووالده علي وأمھ فاطمة رضي هللا عنھما ، فأخذ عن ج�ده ووالدی�ھ مف�اھیم

بی��ر ف��ي بن��اء وتك��وین شخص��یتھ القوی��ة الت��ي كاإلس��الم ولھ��ذه النش��أة ت��أثیر تعالیمھ ، فالرس�ول ص�لى هللا علی�ھ على ر اإلسالم واستقامة ـالتزمت بأوام

م ف�ي الجاھلی�ة وسلم یقول : الناس معادن كمعادن الفضة وال�ذھب ، خی�ارھ، فمعدن الحسن ب�ن عل�ي ن�ادر الوج�ود ول�م ینش�أ ف�ي 7خیارھم في اإلسالم

الجاھلیة وإنما نش�أ ف�ي بی�ت النب�وة ، مم�ا جعل�ھ یك�ون س�یدا بم�ا تعن�ي ھ�ذه

) سنده فیھ ضعف .3/633معاد (زاد ال 1 ) .638ـ 3/629زاد المعاد ( 2 ) .2/547السیرة النبویة ألبي شھبة ( 3 ) .2/547المصدر نفسھ ( 4 ) .2/547السیرة النبویة ألبي شھبھ ( 5 ) .336إلى 2/334أسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي ( 6 . 3383البخاري ، رقم 7

67

الكلمة من معنى ، وقد اجتمع للحسن ب�ن عل�ي م�ن أص�الة النس�ب والتربی�ة األسریة ما لم یجتمع لغیره من الناس .

یب المصطفي ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ .فجده الحب وأبوه علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ .

وأمھ فاطمة الزھراء رضي هللا عنھا .وجدتھ ألمھ السیدة خدیجة بنت خویلد رضي هللا عنھا وبعد وفاة رسول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ت��ولى أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي تربی��ة الحس��ن والحس��ین

مباشرا ، وكانت شخصیة أمیر المؤمنین تتوفر فیھ�ا وأشرف علیھم إشرافای�ا أیھ�ا شروط األب المربي وال شك أنھ فھ�م واس�توعب ق�ول هللا تع�الى : ((

اد ال ال��ذین آمن��وا ق��وا أنفس��كم وأھل��یكم ن��ارا وقودھ��ا الن��اس والحج��ارة علیھ��ا مالئك��ة غ��الظ ش��د ما أمرھم ویفعلون مای ) وم�ن الش�روط 66یؤمرون)) (التحریم ، آی�ة : عصون �

الواجب توافرھا في األب المربي المسئول ھي : ـ اإلخالص والشعور بأھمیة القضیة واالھتمام بھا : 1ر فقد اھتم أمیر المؤمنین علي بتربی�ة وتعل�یم الحس�ن والحس�ین أبنائ�ھ وش�م

ساعد الجد ، وتعھدھم بالرعایة واإلھتمام ویكون ھدفھ من ذلك رضاء عنهللا وثواب��ھ والتق��رب إلی��ھ بتربی��ة عل��ي أوالده عل��ى طاع��ة هللا وھ��دي نبی��ھ

صلى هللا علیھ وسلم . ـ إعطاء القدوة الحسنة لألبناء : 2سائل التربیة إن لم تك�ن ھ�ي أھمھ�ا عل�ى اإلط�الق ، وأھم نتعتبر القدوة م

ك لوج��ود تل��ك الغری��زة الفطری��ة الملح��ة ف��ي كی��ان اإلنس��ان الت��ي تدفع��ھ وذل��یقول اب�ن خل�دون : ویب�دأ 1نحو التقلید والمحاكاة ، خاصة األطفال الصغار

التقلی��د غایت��ھ ف��ي س��ن الخامس��ة أو السادس��ة ویس��تمر معت��دال حت��ى الطفول��ة و م�ن ، وكان أمیر المؤمنین علي ق�دوة عظیم�ة البن�ھ الحس�ن فھ� 2المتأخرة

ب�اه أسادات الصحابة ومن الخلفاء الراش�دین ، وك�ان الحس�ن ب�ن عل�ي یقل�د وأمھ عن حب عمیق .

ـ كان أمیر المؤمنین علي رحیما رفیقا لینا في تربیتھ : 3فقد كان أمیر الم�ؤمنین متحلی�ا بالرحم�ة والحل�م وك�ان رفیق�ا ولین�ا بالحس�ن

انتھم م�ن رس�ول هللا ص�لى والحسین في تربیتھم ویع�رف لھ�م فض�لھم ومك� هللا علیھ وسلم والسیدة فاطمة رضي هللا عنھا .

ـ التوسط في المعاملة والعدل بین األبناء : 4ویظھ��ر ھ��ذا الخل��ق جلی��ا ف��ي وص��یتھ للحس��ن والحس��ین عن��دما أص��بح م��ن

ال��دنیا راح��ال وألص��حابھ مفارق��ا ولك��أس المنی��ة ش��اربا ، وق��د اتب��ع أمی��ر هللا عن��ھ التوجیھ��ات القرآنی��ة ف��ي تربیت��ھ وتعلیم��ھ الم��ؤمنین عل��ي رض��ي

وإذ قال لقم�ان البن�ھ وھ�و یعظ�ھ ی�ا بن�ي ال تش�رك وتوجیھھ ألبنائھ مثل قولھ تعالى : ((

. 65نان با حارث صـ مسئولیة األب ، عد 1 . 86مقدمة ابن خلدون نقال عن موسوعة تربیة األجیال المسلمة ، لنصر بن محمد العنقري صـ 2

68

رك لظلم إن الش ھ و عظیم * با� نسان بوالدیھ حملتھ أم ینا اإل ھن�ا عل�ى وھ�ن وفص�الھ ف�ي ووص ) .14، 13)) (لقمان ، آیة : عامین أن اشكر لي ولوالدیك إلي المصیر

والمقصود أن الھدي القرآني اھتم بتذكیر األنبیاء بتربیة األبناء وحیاة أمیر ی�ھ ، ھ��ذه ج�ل ، وابتع��اد ع�ن نواھیالم�ؤمنین عل�ي تطبی�ق ألوام��ر هللا ع�ز و

ض الصفات المھمة في شخصیة أمیر المؤمنین علي والتي س�اعدتھ ف�ي بع تربیة ابنیھ الحسن والحسین .

الثاني عشر : أثر الواقع االجتماعي على تربیة الحسن :

إن البیئ��ة االجتماعی��ة المحیط��ة لھ��ا دور فع��ال ومھ��م ق��ي ص��ناعة الرج��ال وبن��اء ع��اش ف��ي زم��ن س��اد فی��ھ الص��حابة ، شخص��یتھم ، فالحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ

والرعی��ل األول ال��ذي ترب��ى عل��ى ی��دي رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، فھیمن��ت الفضیلة والتقوى والصالح على ذلك المجتمع الفرید ، وكث�ر اإلقب�ال عل�ى طل�ب العل�م والعم��ل بالكت��اب والس��نة فھ��ذه الحال��ة دفع��ت الحس��ن ب��ن عل��ي إل��ى االس��تفادة واالقت��داء

جتمع ال��ذي یع��یش فی��ھ ، فك��ان ع��دد الص��حابة ال��ذین اس��توطنوا المدین��ة ف��ي حی��اة ب��المالرسول كم كبیر ، واستمر عدد كبیر ف�ي المدین�ة بع�د وف�اة رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس��لم ، وإن مجتمع��ا ع��اش فی��ھ الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم وترب��ي فی��ھ عل��ى یدی��ھ

ھ�و مجتم�ع ال یدانی�ھ أي مجتم�ع آخ�ر ، فق�د النواة األولى لخیر أم�ة أخرج�ت للن�اس ، لشاھد ھذا المجتمع الوحي وصاحب الدعوة ، والزم رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم ،

فك��ان ھ��ذا 1فك��ان لھ��ذه المالزم��ة والص��حبة آث��ار نفس��یة ومع��ان إیمانی��ة وتعل��ق روح��يھ ق�وة المجتمع محل جذب الناس والت�أثیر ف�یھم بالس�لوك والق�ول ، وأن ھ�ذا المجتم�ع ل�

التأثیر في صیاغة شخصیة الحسن بن علي التربویة والعلمیة .

المبحث الثالث : الحسن بن علي في عھد الخلفاء الراشدین :

أوال : مكانة الحسن بن علي في عھد الصدیق رضي هللا عنھ :كان للحسن والحسین بن علي رض�ي هللا عنھم�ا مكان�ة مرموق�ة ل�دي الص�دیق ،

ي رض�ي هللا ع�نھم جمیع�ا ، فق�د ك�انوا یحب�ونھم ویتع�املون معھ�م وعمر وعثم�ان وعل�كان أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي هللا عنھما یمض�یان بع�د بینمابشكل خاص ، ف

صالة العصر فرأى أبو بكر رضي هللا عنھ الحسن یلعب مع الغلمان ، فأخذه أب�و بك�ر فحملھ على عنقھ وقال :

بأبي شبیھ النبي شبیھا بعلي لیس

د ـ. وق�د ت�أثر الحس�ن ب�ن عل�ي بس�یرة الص�دیق حت�ى أن�ھ س�مى أح� 2وعلي یبتسمأبنائھ على أبي بكر ، وال یس�مى أح�د م�ن الن�اس أس�ماء عل�ى ش�خص مع�ین إال نتیج�ة

. 26اإلمام الزھري ، شراب صـ 1 ) .5/93) ، البخاري (1/23نسب قریش ( 2

69

حب ومعرفة مفصلة بسیرتھ ، وقد تعلم الحسن ب�ن عل�ي م�ن عھ�د الص�دیق س�واء ف�ي منھا :حیاتھ أو بعد وفاة أبي بكر أمورا

ـ ھول فاجعة وفاة الرسول صلى هللا علیھ وس�لم وموق�ف 1 أبي بكر منھا :

: لم���ا ت���وفي رس���ول هللا ص���لى هللا علی���ھ وس���لم اض���رب ق���ال اب���ن رج���بالمسلمون ، فمنھم من دھش فخولط ومنھم من أقعد فلم یطق القیام ، ومن اعتق�ل

وقال اب�ن إس�حاق : ولم�ا ، 1لسانھ فلم یطق الكالم ، ومنھم من أنكر موتھ بالكلیةتوفي رسول هللا صلة هللا علیھ وسلم عظمت بھ مصیبة المس�لمین فكان�ت عائش�ة فیما بلغني تقول لما توفي النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ارت�دت الع�رب واش�رأبت الیھودیة ، والنصرانیة ونجم النفاق ، وصار المسلمون كالغنم المطیرة في اللیل�ة

، وقال القاضي أبو بكر ب�ن العرب�ي : .. واض�طربت الح�ال .. 2الثانیة لفقد نبیھمر ، ومص�یبة العم�ر ، فأم�ا ـفكان موت النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم قاص�مة الظھ�

علي فاستخفى في بیت فاطمة ، وأما عثمان فسكت ، وأما عمر فأھجر ، وق�ال : ، ما مات رسول هللا وإنما واع�ده رب�ھ كم�ا واع�د موس�ى ، ولی�رجعن رس�ول هللا

، ولما سمع أبو بكر الخب�ر أقب�ل عل�ى ف�رس م�ن 3فلیقطعن أیدي رجال وأرجلھممسكنھ بالسنح ، حتى نزل ، ف�دخل المس�جد ، فل�م یكل�م الن�اس ، حت�ى دخ�ل عل�ى م رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم وھ�و مغش�ى بث�وب حب�رة ، فكش�ف عائشة فتیم

ق�ال : ب�أبي أن�ت وأم�ي وهللا ال یجم�ع عن وجھھ ، ثم أكب علیھ فقبلھ وبك�ى ، ث�م ، وخرج أبو بكر وعمر یتكلم 4هللا علیك موتتین ، أما الموتة التي علیك فقد متھا

ام أب�و ـفقال : أجلس یا عمر ، وھ�و ماض�ي ف�ي كالم�ھ ، وف�ي ث�ورة غض�بھ ، فق�بكر في الناس خطیبا بعد أن حمد هللا وأثنى علیھ ، فق�ال : أم�ا بع�د ف�إن م�ن ك�ان

محمدا فإن محمد قد مات ، ومن كان یعبد هللا فإن هللا حي ال یموت ، ثم ت�ال یعبدس�ل أف�إن م�ات أو قت�ل انقلب�تم عل�ى أعق�ابك ھذه اآلیة : (( د إال رسول ق�د خل�ت م�ن قبل�ھ الر م وما محم

الش�اكرین ومن ینقلب على عقبیھ فلن شیئا وسیجزي � . )144)) (آل عمران ، آیة : یضر � فنشح الناس یبكون .

وبھ�ذه الكلم�ات القالئ�ل ، واستش�ھاد الص��دیق ب�القرآن الك�ریم خ�رج الن��اس من ذھولھم وحیرتھم ورجعوا إلى الفھم الصحیح رجوعا جمیال ، فا� ھو الح�ي

وت ، وأن�ھ وح�ده ال�ذي یس�تحق العب�ادة ، وأن اإلس�الم ب�اق بع�د وحده الذي ال یم، كم�ا ج�اء ف�ي روای�ة م�ن ق�ول الص�دیق : إن 5موت محمد صلى هللا علیھ وسلم

ن هللا قائم ، وإن كلمة هللا تامة وإن هللا ناصر م�ن نص�ره ، ومع�ز دین�ھ ، وإن ـدیص��لى هللا علی��ھ كت��اب هللا ب��ین أظھرن��ا وھ��و الن��ور والش��فاء وب��ھ ھ��دى هللا محم��د

وسلم وفیھ حالل هللا وحرامھ ، وهللا ال نب�الي م�ن أجل�ب علین�ا م�ن خل�ق هللا ، إن

. 114لطائف المعارف صـ 1 ) .4/323سیرة ابن ھشام ( 2 . 38القواصم من العواصم صـ 3 . 4452البخاري ، ك المغازي ـ رقم 4 . 160استخالف أبو بكر الصدیق ـ جمال عبد الھادي صـ 5

70

س��یوف هللا لمس��لولة م��ا وض��عناھا بع��د ، ولنجاھ��دن م��ن خالفن��ا كم��ا جاھ��دنا م��ع . 1رسول هللا فال یبغین أحد إال على نفسھ

یدا ، اب�تالءا ش�دوكان موت محمد ص�لى هللا علی�ھ وس�لم مص�یبة عظیم�ة ، ومن خاللھ�ا وبع�دھا ظھ�رت شخص�یة الص�دیق كقائ�د لألم�ة ف�ذ ال نظی�ر ل�ھ وال

، فقد أشرق الیقین في قلبھ وتجل�ى ذل�ك ف�ي رس�وخ الحق�ائق فی�ھ ، فع�رف 2مثیلحقیقی��ة العبودی��ة ، والنب��وة ، والم��وت ، وف��ي ذل��ك الموق��ف العص��یب ظھ��رت

ك�ان یعب�د هللا ف�إن هللا حكمتھ رضي هللا عن�ھ ، فانح�از بالن�اس إل�ى التوحی�د (م�نحي ال یموت) وما زال التوحید ف�ي قل�وبھم غض�ا طری�ا ، فم�ا إن س�معوا ت�ذكیر

، تقول عائشة رضي هللا عنھا : فوهللا لكأن 3الصدیق لھم حتى رجعوا إلى الحقالناس لم یكون�وا یعلم�ون أن هللا أن�زل ھ�ذه اآلی�ة حت�ى تالھ�ا أب�و بك�ر رض�ي هللا

ھ�ذه الحادث�ة ن. وال ش�ك أ 4لن�اس ، فم�ا یس�مع بش�ر إال یتلوھ�اعنھ فتلقاھا من�ھ اأخذت مكانھ�ا الطبیع�ي ف�ي ذاك�رة الحس�ن ب�ن عل�ي وأص�بحت م�ن ض�من ثقافت�ھ ومعرفت��ھ ، فق��د ك��ان عم��ر الحس��ن عن��دما مض��ى رس��ول هللا إل��ى الرفی��ق األعل��ى س��بع أو ثم��اني س��نین وھ��و ط��ور تنم��و فی��ھ م��دارك الطفول��ة ، وتك��ون فی��ھ فك��رة

ل كالعدس��ة الالقط��ة تنق��ل إل��ى ذاكرت��ھ كثی��را م��ن المش��اھدات والص��ور ، الطف��والحس��ن م��ن األطف��ال األذكی��اء ول��ھ م��ن االس��تعداد ألن یس��توعب مجری��ات ذل��ك

الق��یم والعھ��د ویفھ��م الغای��ات الس��امیة واألعم��ال العظیم��ة ، والمواق��ف المش��ھودة واق�ف عل�ى نفس�یة الكبرى التي قام بھا الص�دیق ، ولق�د أث�رت تل�ك األعم�ال والم

الحسن وتملك قلبھ حب الصدیق وسمى أحد أبنائھ علیھ . ومن أھم الدروس التي تعلمھا الحسن من وفاة النب�ي ھ�ي أن البق�اء للمب�ادئ ولیس�ت لألش�خاص وأھمی�ة

التعلق با� وحده فھو الباقي وھو النافع والضار وھو على كل شئ قدیر . ـ سقیفة بني ساعدة : 2صحابة رضي هللا عنھم بوفاة رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم ، اجتم�ع لما علم ال

األنصار في سقیفة بني ساعدة في الیوم نفسھ وھو ی�وم االثن�ین الث�اني عش�ر م�ن شھر ربی�ع األول م�ن الس�نة الحادی�ة عش�رة للھج�رة ، وت�داولوا األم�ر بی�نھم ف�ي

ع�یم الخ�زرج س�عد ، والت�ف األنص�ار ح�ول ز 5اختیار من یلي الخالفة من بع�دهبن عبادة رضي هللا عنھ ، ولما بلغ خبر اجتماع األنصار في س�قیفة بن�ي س�اعدة

، ق�ال 6إلى المھاجرین وھم مجتمعون م�ع أب�ي بك�ر لترش�یح م�ن یت�ولى الخالف�ةى إخوانن�ا م�ن األنص�ار ، ف�إن لھ�م ف�ي ھ�ذا مھاجرون لبعضھم : انطلق�وا بن�ا إل�ال

�ل ، .. فانطلقنا حتى 7الحق نصیبا أتیناھم في سقیفة بني ساعدة ، ف�إذا رج�ل مزمبین ظھرانیھم ، فقلت : من ھذا ؟ فق�الوا : ھ�ذا س�عد ب�ن عب�ادة ، فقل�ت : م�ا ل�ھ ؟

هللا بما ھو أھلھ ثم ق�ال قالوا : یوعك ، فلما جلسنا قلیال تشھد خطیبھم فأثنى على

) .7/218دالئل النبوة للبیھقي ( 1 . 26، 25دولة ـ مجدي حمدي صـ 2 . 160استخالف أبو بكر الصدیق صـ 3 . 242، 1241البخاري ، رقم 4 ) .9/21التاریخ اإلسالمي ( 5 . 40الراشدة للعمري صـ عصر الخالفة 6 . 40المصدر نفسھ صـ 7

71

مھ�اجرین رھ�ط ، وق�د اإلس�الم وأن�تم معش�ر ال: أما بعد فنحن أنصار هللا وكتیب�ة ، ف�إذا ھ�م یری�دون أن یختزلون�ا م�ن أص�لنا وأن یحض�نونا 1دفت دافة من قومكم

رت مقا 2من األمر تي أعجبتن�ي أری�د ل، فلما سكت أردت أن أتكلم ـ وكنت قد زوة ، فلم�ا أردت أن أتكل�م أقدمھا بین ی�دي أب�ي بك�ر وكن�ت أداري من�ھ بع�ض الح�د

. فكرھت أن أغضبھ ، فتكلم أبو بكر ، فكان ھ�و أحل�م قال أبو بكر : على رسلك مني وأوقر ، وهللا ما ترك من كلمة أعجبتن�ي ف�ي تزوی�ري إال ق�ال بدیھت�ھ مثلھ�ا أو أفضل منھا حتى سكت ، فقال : ما ذكرتم ف�یكم م�ن خی�ر ف�أنتم ل�ھ أھ�ل ، ول�ن

را ، وق�د من قریش ، ھم أوسط العرب نس�با ودا یعرف ھذا األمر إال لھذا الحي رضیت لكم أحد ھذین الرجلین فبایعوا أیھما شئتم ـ فأخ�ذ بی�دي وبی�د أب�ي عبی�دة بن الجراح وھو جالس بیننا ـ فلم أك�ره مم�ا ق�ال غیرھ�ا ، وهللا أن أق�دم فتض�رب بني ذل�ك م�ن إث�م أح�ب إل�ي م�ن أن أت�أمر عل�ى ق�وم ف�یھم أب�و بك�ر ، عنقي ال یقر

ل إل��ي نفس��ي عن��د الم��وت ش��یئا ال أج��ده اآلن . فق��ال قائ��ل م��ن اللھ��م إال أن تس��و�ب ، من�ا أمی�ر وم�نكم أمی�ر ی��ا 3األنص�ار : أن�ا ج�ذیلھا المحك�ك ، وع�ذیقھا المرح

معشر قریش ، فكثر اللغ�ط ، وارتفع�ت األص�وات ، حت�ى فرق�ت م�ن االخ�تالف ث�م بایعت�ھ فقلت : أبسط یدك یا أبا بكر ، فبس�ط ی�ده ، فبایعت�ھ وبایع�ھ المھ�اجرون

. وفي روایة أحمد .. فتكلم أبو بكر رضي هللا عنھ فلم یت�رك ش�یئا ف�ي 4األنصارھم وإال ذك�ره ، وق�ال صلى هللا علیھ وسلم من ش�أناألنصار وال ذكره رسول هللا

: ولق��د علم��ت أن رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ق��ال : ل��و س��لك الن��اس وادی��ا ، أن رس�ول 5األنصار . ولقد علمت یا سعد وسلكت األنصار وادیا سلكت وادي

هللا صلى هللا علیھ وسلم قال وأنت قاعد : ق�ریش والة ھ�ذا األم�ر فب�ر الن�اس تب�ع ھم ، وفاجر الناس تبع لفاجرھم ، ق�ال فق�ال ل�ھ س�عد : ص�دقت نح�ن ال�وزراء لبر

. 6أنتم األمراء .وف�ي خطبت�ھ الت�ي اعت�ذر وكان أبو بكر الصدیق زاھ�دا ف�ي اإلم�ارة وظھ�ر زھ�ده

فیھا من قبول الخالف�ة حی�ث ق�ال : وهللا م�ا كن�ت حرص�ا عل�ى اإلم�ارة یوم�ا وال لیلة قط وال كنت فیھا راغبا وال سألتھا هللا ع�ز وج�ل ف�ي س�ر وعالنی�ة ، ولكن�ي أشفقت من الفتنة ، ومالي في اإلمارة من راحة ولكن قلدت أمرا عظیما مالي ب�ھ

، 7بتقویة هللا عز وجل ، ولو وددت أن أقوي الناس علیھا مكاني طاقة وال ید إالوقد قام بإستبراء نفوس المسلمین من أي معارضة لخالفتھ واستحلفھم على ذل�ك

ا رجل ندم على بیعتي لما قام عل�ى رجلی�ھ ، فق�ال ـفقال : أیھا الناس أذكر هللا أیما منھ حتى وضع رجال علي بن أبي طالب ، رضي هللا عنھ ، ومعھ السیف ، فدن

عل��ى عتب��ة المنب��ر ، واألخ��رى عل��ى الحص��ى وق��ال : وهللا ال نقیل��ك وال نس��تقیلك

أي عدد قلیل . 1 أي یخرجوننا من أمر الخالفة . 2الجزیل : عود ینصب لإلبل الجربى لتحتك بھ ، والمحكك : الذي یحتك بھ كثیرا ، أراد أن یستشفي برأیھ ، والعذیق النخلة : أي الذي 3

یعتمد علیھا . . 6830رقم البخاري ، ك الحدود ـ 4 یعني سعد بن عبادة الخزرجي رضي هللا عنھ . 5 ) ، صحیح لغیره .1/5مسند أحمد ( 6 ) قال الحاكم : حدیث صحیح وأقره الذھبي .3/66المستدرك ( 7

72

، ھذه ھي الحقائق التي عرفھا وتعلمھا الحسن 1قدمك رسول هللا فمن ذا یؤخركالتاریخ ولم یكن أبو بك�ر وح�ده وبن علي عن حادثة السقیفة ال كما یدعي مزور

والمسئولیة ، بل أنھا روح العصر ـ ویمكن الرج�وع إل�ى الزاھد في أمر الخالفة النصوص التي تم ذكرھا بتوسع في كت�ابي االنش�راح ورف�ع الض�یق بس�یرة أب�ي

، ویمك��ن الق��ول : إن الح��وار ال��ذي دار ف��ي س��قیفة بن��ي س��اعدة ال 2بك��ر الص��دیقیخ���رج ع���ن ھ���ذا االتج���اه ، ب���ل یؤك���د ح���رص األنص���ار عل���ى مس���تقبل ال���دعوة

اطم�أنوا عل�ى ذل�ك أن واستعدادھم المستمر للتضحیة في سبیلھا ، فم�ا اإلسالمیة حتى استجابوا سراعا لبیعة أب�ي بك�ر ال�ذي قب�ل البیع�ة لھ�ذه األس�باب ، وإال ف�إن نظرة الصحابة مخالفة لرؤیة الكثیر مما جاء بعدھم مم�ن خ�الفوا الم�نھج العلم�ي

ع روح ذل�ك العص�ر ، ، والدراسة الموضوعیة ، بل كانت دراس�تھم متناقض�ة م�وآمال وتطلعات أصحاب رس�ول هللا م�ن األنص�ار وغی�رھم ، وإذا ك�ان اجتم�اع

، فكی�ف 3السقیفة أدي إلى إنشقاق بین المھاجرین واألنصار كما زعم�ھ بعض�ھمقبل األنصار بتلك النتیجة وھ�م أھ�ل ال�دیار وأھ�ل الع�دد والع�دة ؟ وكی�ف انق�ادوا

الخالف��ة ش��رقا وغرب��ا مجاھ��دین لتثبی��ت لخالف��ة أب��ي بك��ر ونف��روا ف��ي جی��وش أركانھ��ا ؟ ل��و ل��م یكون��وا متحمس��ین لنص��رتھا ؟ فالص��واب اتض��ح م��ن ح��رص األنص��ار عل��ى تنفی��ذ سیاس��ة الخالف��ة واالن��دفاع لمواجھ��ة المرت��دین ، وأن��ھ ل��م یتخلف أحد من األنصار عن بیعة أبي بكر فضال عن غیرھم م�ن المس�لمین وأن

ر أكب�ر م�ن تخ�یالت ال�ذین س�طروا الخ�الف بی�نھم ف�ي أخوة المھاجرین واألنصاوالتي زعموا أن حادثة السقیفة أثرت في نفس�یة الحس�ن ب�ن 4روایاتھم المغرضة

علي لما رأى من التآمر والمكر والخدیع�ة كم�ا زع�م ص�احب كت�اب حی�اة اإلم�ام . 5الحسن بن علي

دث أزم��ات ال فالحقیق��ة الت��ي یعرفھ��ا الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ أن��ھ ل��م یح�� ش��ح یطم��ع ف��ي ربس�یطة وال خطی��رة ، ول��م یثب�ت أي انقس��ام أو ف��رق لك��ل منھ�ا م

الخالفة كما زعم بعض كتاب التاریخ ال�ذین اعتم�دوا عل�ى روای�ات ال�روافض ، وكتب األدب ، وأكاذیب التاریخ ، ولم یثبت النقل الصحیح تآمرا ح�دث ب�ین أب�ي

6وفاة رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لمبكر وعمر وأبي عبیدة الحتكار الحكم بعد ، فھم كانوا أخشى � وأتقى من أن یفعلوا ذلك .

إن الحسن رضي هللا عن�ھ ح�دثنا بأن�ھ عق�ل الص�لوات الخم�س ف�ي عھ�د الرس�ول صلى هللا علیھ وسلم ، وكان یتردد على مسجد رسول هللا وال شك ف�ي أن�ھ رأى

ك�ر عل�ى غی�ره أثن�اء مرض�ھ ص�لى هللا رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم یقدم أب�ا بعلیھ وسلم ، وقد علم ببیعة المسلمین ألبي بكر بعد جده ، فمعتقد الحسن بن علي رضي هللا عنھ في خالفة أب�ي بك�ر ، معتق�د أھ�ل الس�نة والجماع�ة القائ�ل بص�حة وشرعیة خالفة أبي بكر الصدیق بعد النبي صلى هللا علیھ وسلم لفضلھ وس�ابقتھ

) .1/216، الریاض النضرة ( 108األنصار في العصر الراشدي صـ 1 . 187إلى 136االنشراح ورفع الضیق بسیرة أبي البكر الصدیق صـ 2 . 74إلى 71أنظر : اإلسالم وأصول الحكم ، محمد عمارة صـ 3 األنصار في العصر الراشدي . 4 ) .139إلى 1/123أنظر : حیاة الحسن بن علي ، باقر شریف القرشي ( 5 . 53، 51، 50استخالف أبو بكر ، جمال عبد الھادي صـ 6

73

بي صلى هللا علیھ وسلم إیاه في الصلوات على جمیع الصحابة وقد فھم وتقدیم النأصحاب النبي صلى هللا علیھ وس�لم م�راد المص�طفى علی�ھ الص�الة والس�الم م�ن تقدیمھ في الصالة ، فأجمعوا على تقدیمھ في الخالفة ومتابعتھ ول�م یختل�ف م�نھم

ائعین وك��انوا أح��د ول��م یك��ن ال��رب ج��ال وع��ال ل��یجمعھم عل��ى ض��اللة فب��ایعوه ط��، فعندما س�ئل س�عید ب�ن زی�د مت�ى 1ألوامره ممتثلین ولم یعارض أحد في تقدیمھ

ال : ی��وم م��ات رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : كرھ��وا أن ـبوی��ع أب��و بك��ر ؟ ق��، وقد نقل جماع�ة م�ن أھ�ل العل�م المعتب�رین 2یبقوا بعض یوم ولیسوا في جماعة

ل الس��نة والجماع��ة عل��ى أن أب��ا بك��ر إجم��اع الص��حابة وم��ن ج��اء بع��دھم م��ن أھ��وأب�ي الحس�ن 4، كالخطی�ب البغ�دادي 3رضي هللا عنھ أولى بالخالفة من كل أحد

، وق�د اس�توعب الحس�ن 7وأبي بك�ر البقالن�ي 6، وعبد الملك الجویني 5األشعريب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ أس��س الخالف��ة اإلس��المیة الراش��دة وبأنھ��ا تق��وم عل��ى

ق��د أجم��ع المس��لمون عل��ى وج��وب الخالف��ة ، وأن تعی��ین الش��ورى ، والبیع��ة ، والخلیفة فرض على المسلمین یرعى شئون األمة ویقیم الحدود ویعمل عل�ى نش�ر ال��دعوة اإلس��المیة وعل��ى حمای��ة ال��دین واألم��ة بالجھ��اد وعل��ى تطبی��ق الش��ریعة

. 8وحمایة حقوق الناس ورفع المظالم وتوفیر الحاجات الضروریة لكل فردق�ام أھ�ل الح�ل والعق�د ف�ي س�قیفة بن�ي س�اعدة ببیع�ة الص�دیق خاص�ة ث�م ھذا وق�د

. 9رشحوه للناس في الیوم الثاني وبایعتھ األمة في المسجد البیعة العامةوق��د تعل��م الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ مم��ا دار ف��ي س��قیفة بن��ي س��اعدة مجموع��ة م��ن

بیع�ة ھ�ي أص�ل م�ن المبادئ منھ�ا ، أن قی�ادة األم�ة ال تق�ام إال باالختی�ار ، وأن الأص��ول االختی��ار وش��رعیة القی��ادة ، وأن الخالف��ة ال یتوالھ��ا إال األص��لب دین��ا واألكف���أ إدارة ، فاختی���ار الخلیف���ة یك���ون وف���ق مقوم���ات إس���المیة ، وشخص���یة ، وأخالقیة ، .. وأن الحوار الذي دار في سقیفة بني ساعدة ق�ام عل�ى قاع�دة األم�ن

ال ھرج وال م�رج ، وال تك�ذیب وال م�ؤامرات النفسي السائد بین المسلمین حیثوال نق��ض لالتف��اق ، ولك��ن تس��لیم للنص��وص الت��ي تحكمھ��م حی��ث المرجعی��ة ف��ي

. 10الحوار إلى النصوص الشرعیة ـ بعض مالمح الحكم في عھد الصدیق : 3إن الحسن بن علي رضي هللا عنھ قد استوعب ھدي النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

دین ، ولذلك نجده عندما تنازل لمعاویة شرط علی�ھ االلت�زام وھدي الخلفاء الراشبالكتاب والسنة ومنھج الخلفاء الراشدین ، وھذا یدلنا على أن�ھ عل�ى عل�م ودرای�ة بعھد الصدیق رضي هللا عنھما ، وخطة الصدیق عن�دما ت�ولى القی�ادة تعتب�ر م�ن

) .2/550عقیدة أھل السنة في الصحابة ( 1 ) .3/207اریخ الطبري (ت 2 ) .2/550عقیدة أھل السنة والجماعة في الصحابة ( 3 ) .131ـ 10/130تاریخ بغداد ( 4 . 66اإلبانة عن أصول الدیانة صـ 5 . 361كتاب اإلرشاد صـ 6 . 65اإلنصاف فیما یجب اعتقاده وال یجوز الجھل بھ صـ 7 . 163الخالفة والخلفاء الراشدون صـ 8 . 67، 66فة والخالفاء الراشدون صـ الخال 9

. 256دراسات في عھد النبوة والخالفة الراشدة ، للشجاع صـ 10

74

والرحم�ة ف�ي عیون الخطب اإلسالمیة على إیجازھا وقد قرر فیھا قواع�د الع�دل التعام��ل ب��ین الح��اكم والمحك��وم ورك��ز عل��ى أن طاع��ة ول��ي األم��ر مرتب��ة عل��ى طاعة هللا ورسولھ ، ونص على الجھاد في سبیل هللا ألھمیتھ في إع�زاز األم�ة ،

، 1وعلى اجتناب الفاحشة ألھمیتھ ذلك في حمایة المجتم�ع م�ن االنھی�ار والفس�ادبع�د وف��اة رس�ول ، تعل��م الحس�ن ب��ن وم�ن خ�الل الخطب��ة ، واألح�داث الت��ي تم�ت

علي مالمح نظام الحكم في بدایة عھد الخالفة الراشدة والتي من أھمھا :، المرجعی��ة العلی��ا ف��ي دول��ة أ ـ الق��رآن الك��ریم والس��نة النبوی��ة :

الصدیق رضي هللا عنھ :رضي هللا عنھ في خطبتھ : أطیعوني ما أطعت هللا ورس�ولھ ، قال أبو بكر

. 2هللا ورسولھ فال طاعة لي علیكمفإن عصیت ب ـ حق األمة في مراقبة الحاكم ومحاسبتھ :

3وجاء في خطبتھ : فإن أحسنت فأعینوني وإن أسأت فقوموني ت ـ إقرار مبدأ العدل والمساواة بین الناس :

وجاء في خطبتھ أیضا : الضعیف فیكم قوي عن�دي حت�ى أرج�ع علی�ھ حق�ھ . 4ضعیف حتى آخذ الحق منھ إن شاء هللا إن شاء هللا والقوي فیكم

ث ـ الصدق أساس التعامل بین الحكم والمحكوم :. أن الص�دق ب�ین 5وجاء ف�ي خطبت�ھ أیض�ا : الص�دق أمان�ة والك�ذب خیان�ة

الحاكم واألمة ھو أساس التعامل ، في العھد الراشدي . ج ـ إعالن التمسك بالجھاد وإعداد األمة لذلك :

ضي هللا عنھ : وما ترك قوم الجھ�اد ف�ي س�بیل هللا إال خ�ذلھم قال أبو بكر ر ، وھ��ذا م��ا فھم��ھ الص��دیق م��ن ق��ول رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ 6هللا بال��ذل

وس���لم : إذا تب���ایعتم بالعین���ة ، ,اخ���ذتم أذن���اب البق���ر ، ورض���یتم ب���الزرع ، . 7وتركتم الجھاد ، سلط هللا علیكم ذال ال ینزعھ ، حتى ترجعوا إلى دینكم

ح ـ تطھیر المجتمع من الفواحش :ق��ال أب��و بك��ر رض��ي هللا عن��ھ : وال تش��یع الفاحش��ة ف��ي ق��وم إال عمھ��م هللا

، والصدیق ھنا یذكر األمة بق�ول النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : ل�م 8بالبالءتظھ��ر الفاحش��ة ف��ي ق��وم ق��ط حت��ى یعلن��وا بھ��ا ، إال فش��ا ف��یھم الط��اعون

. ھ��ذه بع��ض 9أس��الفھم ال��ذین مض��وا واألوج��اع الت��ي ل��م تك��ن مض��ت ف��ياألھداف التي بینھا الصدیق في خطابھ لألمة بعد البیعة العامة والذي رس�م

) .9/28التاریخ اإلسالمي ( 1 ) .6/306البدایة والنھایة ( 2 ) .6/305البدایة والنھایة ( 3 ) . 6/305البدایة والنھایة ( 4 ) .6/305المصدر نفسھ ( 5 ) .6/305المصدر نفسھ ( 6 صححھ األلباني . 3462سنن أبي داود رقم 7 ) .6/305(البدایة والنھایة 8 . 4019صحیح ابن ماجة لأللباني رقم 9

75

فی���ھ سیاس���ة الدول���ة فح���دد مس���ئولیة الح���اكم وم���دى العالق���ة بین���ھ وب���ین 1المحكومین وغیر ذلك من القواعد المھمة في بناء الدولة وتربیة الش�عوب

. ق رضي هللا عنھما :ـ مبایعة والد الحسن للصدی 4ج��اءت روای��ات ص��حیحة الس��ند تفی��د ب��أن علی��ا والزبی��ر رض��ي هللا عنھم��ا بایع��ا

الصدیق في أول األمر وقد ذكرت تفاصیلھا في كتابي أسمى المطالب ف�ي س�یرة ، وقد رأى الحسن وال�ده ف�ي مواقف�ھ الداعم�ة 2أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب

ن عل�ي رض�ي هللا عن��ھ ال یف�ارق الص�دیق ف��ي أمی��ر الم�ؤمنیك�ان للص�دیق ، فق�د وقت من األوقات ولم ینقطع عنھ في جماعة من الجماعات ، وك�ان یش�اركھ ف�ي المشورة ، وف�ي ت�دبیر أم�ور المس�لمین ، وك�ان رض�ي هللا عن�ھ ألب�ي بك�ر عیب�ة

لھ مرجحا لما فیھ مصلحة لإلسالم والمسلمین عل�ى أي ش�ئ آخ�ر ، وم�ن 3نصحعلى إخالصھ ألبي بكر ونصحھ لإلس�الم والمس�لمین وحرص�ھ الدالئل الساطعة

على االحتفاظ ببقاء الخالفة واجتماع شمل المسلمین ما جاء في موقفھ من توجھ أبي بكر رضي هللا عنھ بنفسھ إلى ذي القصة، وعزمھ على محارب�ة المرت�دین ، وقیادت��ھ للتحرك��ات العس��كریة ض��دھم بنفس��ھ ، وم��ا ك��ان ف��ي ذل��ك م��ن مخ��اطرة

، فعن ابن عمر رضي هللا عنھما قال : لما ب�رز 4خطر على الوجود اإلسالميوأبو بكر إلى ذي القصة واستوى على راحلتھ أخذ علي بن أبي طال�ب رض�ي هللا عنھ ؟ أقول لك ما قال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ی�وم أح�د : ل�م س�یفك وال

عنا بك ال یكون لإلس�الم نظ�ام تفجعنا بنفسك ، وارجع إلى المدینة ، فوهللا لئن فج، فلو ك�ان عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ـ أع�اذه هللا م�ن ذل�ك ـ ل�م ینش�رح 5أبدا ، فرجع

صدره ألبي بكر ، وقد بایعھ على رغم من نفسھ ، فق�د كان�ت ھ�ذه فرص�ة ذھبی�ة ینتھزھ��ا عل��ي ، فیت��رك أب��ا بك��ر وش��أنھ ، لعل��ھ یح��دث ب��ھ ح��دث فیس��تریح من��ھ

ن ف�وق ذل�ك ـ حاش�اه هللا ـ م�ن كراھت�ھ ل�ھ ، وحرص�ھ ویصفو لھ الجو ، وإذا ك�اعلى التخلص من�ھ ، أغ�رى ب�ھ أح�دا یغتال�ھ ، كم�ا یفع�ل السیاس�یون االنتھ�ازیون

، وق��د ك��ان رأي عل��ي رض��ي هللا عن��ھ مقالت��ة المرت��دین 6بمنافس��یھم ، وأع��دائھمترك�ت وقال ألبي بكر لما قال لعلي ، ما تقول یا أبا الحسن ؟ قال أقول : إن�ك إن

شیئا مما كان أخذه منھم رسول هللا ، فأنت على خالف سنة الرسول ، فقال : أما ، وال شك أن الحسن بن عل�ي س�مع 7لئن قلت : ذاك ألقاتلنھم وإن منعوني عقاال

والده في مدحھ ألبي بكر وعمر مثل قولھ : ال یفضلني أحد على أبي بكر وعمر أخب��ركم بخی��ر ھ��ذه األم��ة بع��د أب��ي بك��ر ، وقول��ھ : أال 8إال جلدت��ھ ح��د المفت��رى

، وقد تواتر عن أمیر المؤمنین عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ أن�ھ 9وعمر

. 183اإلنشراح ورفع الضیق في سیرة أبي بكر الصدیق صـ 1 ) .1/187أسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب ( 2 فیھ الزرع المحصور ووعاء من أدم یكون فیھ المتاع . العیبة : وعاء من خوص ونحوه ینقل 3 . 97المرتضى للندوي صـ 4 ) .315ـ 6/314البدایة والنھایة ( 5 . 97المرتضى للندوي صـ 6 . 48المختصر من كتاب الموافقة بین أھل البیت والصحابة للزمخشري صـ 7 ) في سنده ضعف .1/83فضائل الصحابة ( 8 ) صحح أحمد شاكر .127، 110، 1/610مسند أحمد ( 9

76

ال : خیر األمة بعد نبیھا أبو بكر وعمر . وقد روي ھذا عن�ھ م�ن ط�رق كثی�رة ـق ، وعن صلة بن زفر العبسي قال : كان أب�و بك�ر إذا 1قیل أنھا تبلغ ثمانین طریقا

ستبقنا إلى خیر قط إال اد علي قال : السباق تذكرون والذي نفسي بیده ما ذكر عن، وقد كان علي رضي هللا عنھ یمتثل أوام�ر الص�دیق فعن�دما 2سبقنا إلیھ أبو بكر

ج��اء وف��د م��ن الكف��ار إل��ى المدین��ة ، ورأوا بالمس��لمین ض��عفا وقل��ة ل��ذھابھم إل��ى ن والبغ�اة الطغ�اة وأح�س م�نھم الجھات المختلفة للجھاد واستئصال ش�أفة المرت�دی

الصدیق خطرا على عاصمة اإلسالم والمسلمین ، أمر الصدیق بحراسة المدین�ة بی�ر وطلح�ة وعب�د وجعل الحرس على انقابھا یبیتون بالجیوش ، وأمر علی�ا والز

، 3یرأس��وا ھ��ؤالء الح��راس ، وبق��وا ذل��ك حت��ى آمن��وا م��نھم هللا ب��ن مس��عود أنوللتعاطف والتوادد والوئام الكام�ل ك�ان عل�ي وھ�و س�ید وللتعامل الموجود بینھم

الھ��دایا أھ��ل البی��ت ووال��د س��بطي الرس��ول ص��لوات هللا وس��المھ علی��ھ ، یتقب��لاورین ما بینھم والمتحابین كما قبل الص�ھباء الجاری�ة والتحف داب األخوة المتس

، وأیض��ا منح��ھ 4الت��ي س��بیت ف��ي معرك��ة ع��ین التم��ر ، وول��دت ل��ھ عم��ر ورقی��ةلصدیق خولة بنت جعفر بن ق�یس الت�ي أس�رت م�ع م�ن أس�ر ف�ي ح�رب الیمام�ة ا

وولدت لھ أفضل أوالده بع�د الحس�ن والحس�ین وھ�و محم�د ب�ن الحنفی�ة ، وكان�ت ، 5خولة م�ن س�بي أھ�ل ال�ردة وبھ�ا یع�رف ابنھ�ا ونس�ب إلیھ�ا محم�د ب�ن الحنفی�ة

تح�ت الطاع�ة یقول األمام الجویني عن بیعة الصحابة ألب�ي بك�ر : وق�د ان�درجوا عن بكرة أبیھم ألبي بكر ـ رض�ي هللا عن�ھ ـ وك�ان عل�ي رض�ي هللا عن�ھ س�امعا

، 6ألمره ، وبایع أبا بكر عل�ى م�أل م�ن األش�ھاد ، ونھ�ض إل�ى غ�زو بن�ي حنیف�ةووردت روایات عدیدة في قبولھ ھو وأوالده الھدایا المالیة والخم�س م�ن الغن�ائم

م أجمع��ین وك��ان عل��ي ھ��و القاس��م وأم��وال الف��ئ م��ن الص��دیق رض��ي هللا ع��نھوالمتولي في عھده على الخمس والفئ وكانت ھذه األم�وال بی�د عل�ي ، ث�م كان�ت

، وك�ان 7بید الحسن ، ثم بید الحسین ، ثم الحس�ن ب�ن الحس�ن ث�م زی�د ب�ن الحس�نعل��ي رض��ي هللا عن��ھ ی��ؤدي الص��لوات الخمس��ة ف��ي المس��جد خل��ف الص��دیق ،

وھ�ذا م�ا عرف�ھ الحس�ن ب�ن 8اس إتفاقھ ووئامھ مع�ھراضیا بإمامتھ ، ومظھرا للنعلي في عالقة والده بالصدیق ، باإلضافة إلى المص�اھرات ب�ین الص�دیق وأھ�ل البیت ، وتسمیة أھل البیت بعض أسمائھم باس�م أب�ي بك�ر ، فق�د كان�ت ص�لة أب�ي بكر الصدیق خلیفة رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم بأعض�اء أھ�ل البی�ت ، ص�لة

قدیریة تلیق بھ وبھم ، وكانت ھذه المودة والثقة متبادلة وكانت من المتان�ة ودیة تبحی��ث ال یتص��ور معھ��ا التباع��د واالخ��تالف مھم��ا نس��ج المس��امرون األس��اطیر واألباطی��ل ، فالص��دیقة عائش��ة بن��ت الص��دیق بن��ت أب��ي بك��ر كان��ت زوج��ة ج��د

احت��رق الحس��ن ب��ن عل��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، وم��ن أح��ب الن��اس إلی��ھ مھم��ا ) .3/162منھاج السنة ( 1 ) إسناده ضعیف .208، 7/207الطبراني في األوسط ( 2 . 71) ، الشیعة وأھل البیت صـ 4/64تاریخ الطبري ( 3 ) المصدر نفسھ .3/20الطبقات ( 4 ) .3/20الطبقات ( 5 لغفاري .نقال عن أصول مذھب الشیعة ل 428اإلرشاد للجویني صـ 6 . 72الشیعة وأھل البیت صـ 7 . 72المصدر نفسھ صـ 8

77

الحساد ونقم المخالفون ، فإنھا حقیق�ة ثابت�ة وھ�ي ط�اھرة مطھ�رة بش�ھادة الق�رآن مھما جحدھا المبطل�ون وأنكرھ�ا المنك�رون ، ث�م أس�ماء بن�ت عم�یس الت�ي كان�ت زوجة لجعفر بن أبي طالب شقیق علي ، فمات عنھا وتزوجھ�ا الص�دیق وول�دت

مات أبو بكر تزوجھا عل�ي ب�ن لھ ولدا سماه محمدا الذي واله على مصر ، ولما، وك��ان م��ن ح��ب أھ��ل البی��ت للص��دیق 1أب��ي طال��ب فول��دت ل��ھ ول��دا س��ماه یح��ي

والت��وادد م��ا بی��نھم أنھ��م س��موا أبن��ائھم بأس��ماء أب��ي بك��ر ، وھ��ذا دلی��ل عل��ى ح��ب ومؤاخاة وإعظام علي للص�دیق رض�ي هللا عنھم�ا ، والج�دیر بال�ذكر أن�ھ ول�د ل�ھ

الخالفة واإلمام�ة ، ب�ل بع�د وفات�ھ كم�ا ھ�و مع�روف ھذا الولد بعد تولیة الصدیقبداھ��ة ، وعل��ي رض��ي هللا عن��ھ ل��م یس��م ابن��ھ ب��أبي بك��ر إال متیمن��ا بالص��دیق ، وإظھارا لھ المحبة والوفاء وحتى بعد وفاتھ وإال ف�ال یوج�د ف�ي بن�ي ھاش�م رج�ل

ھ�ار قبل علي سمي ابنھ بھذا اإلسم ، ثم لم یقتصر علي بھذا التیمن والتب�رك وإظالمحب��ة والص��داقة للص��دیق ب��ل بع��ده بن��وه أیض��ا◌ مش��وا مش��یھ ونھج��وا نھج��ھ ،

ل واحد منھم أحد أوالدھما بأبي بكر ، وحتى الیعقوبي ـفالحسن والحسین سمیا ك، واستمر أھل البیت یس�مون 2ذكر ذلك ، وھما من مؤرخي الشیعة والمسعودي

المتین�ة ب�ین أب�ي بك�ر وعل�ي من أسماء أوالدھم ب�أبي بك�ر ، وال ش�ك أن العالق�ة رضي هللا عنھما كان لھا أثرھا البالغ في نفسیة وقلب الحسن بن علي مما ترتب

علیھ تقدیره للصدیق واحترامھ ومعرفة فضلھ ومكانتھ في اإلسالم . ـ إنفاذ الصدیق جیش أسامة رضي هللا عنھما : 5خ�اص ف�ي ثقاف�ة ومن األح�داث المش�ھورة ف�ي عھ�د الص�دیق والت�ي لھ�ا أثرھ�ا ال

الحسن وجیلھ إنفاذ أبي بكر لجیش أسامة بعد وفاة الرسول صلى هللا علی�ھ وس�لم وإصراره على ذلك تنفیذا لوصیة رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، فق�د اقت�رح بعض الصحابة على الصدیق رضي هللا عنھ بأن یبقى الجیش فقالوا : إن ھ�ؤالء

ق�د انتقض�ت ب�ك فل�یس ینبغ�ي ل�ك أن تف�رق جل المسلمین ، والعرب كم�ا ت�رى ـ ، وأرس��ل أس��امة م��ن معس��كره م��ن الج��رف عم��ر ب��ن 3عن��ك جماع��ة المس��لمین

الخطاب رض�ي هللا عنھم�ا إل�ى أب�ي بك�ر یس�تأذنھ أن یرج�ع بالن�اس ، وق�ال : إن معي وجوه المسلمین وجلتھم ، وال آم�ن عل�ى خلیف�ة رس�ول هللا ، وح�رم رس�ول

، وبع���د مناقش���ات وم���داوالت أم���ر 4طفھم المش���ركونهللا ، والمس���لمین أن ی���تخالص��دیق بف��ض االجتم��اع األول ث��م دع��اھم إل��ى اجتم��اع ع��ام آخ��ر ف��ي المس��جد ، وف��ي ھ��ذا االجتم��اع طل��ب م��ن الص��حابة أن ینس��وا فك��رة إلغ��اء مش��روع وض��عھ رس��ول هللا بنفس��ھ وأبلغھ��م أن��ھ س��ینفذ ھ��ذا المش��روع حت��ى ل��و تس��بب تنفی��ذه ف��ي

ن قب���ل األع���راب المرت���دین ، فق���د وق���ف خطیب���ا وخاط���ب ـاح���تالل المدین���ة م���ق��ائال : وال��ذي نف��س أب��ي بك��ر بی��ده ، ل��و ظنن��ت أن الس��باع تخطفن��ي 5الص��حابة

ألنفذت بعث أسامة كما أمر بھ رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، ولو لم یب�ق ف�ي

. 22خالفة علي بن أبي طالب وترتیب وتھذیب كتاب البدایة والنھایة للسلمي صـ 1 ) .2/228تاریخ الیعقوبي ( 2 ) .6/308البدایة والنھایة ( 3 ) .2/226الكامل البن األثیر ( 4 . 83 الشورى بین األصالة والمعاصرة صـ 5

78

ر ـوطلب�ت األنص�ار رج�ال أق�دم س�نا م�ن أس�امة یت�ولى أم� 1القرى غیري ألنفذتھالجیش وأرسلوا عمر بن الخطاب لیحدث الصدیق ف�ي ذل�ك ، فق�ال عم�ر رض�ي هللا عنھ : فإن األنصار تطلب رجال أقدم سنا من أسامة رضي هللا عنھ فوثب أبو بكر رضي هللا عنھ وكان جالسا وأخذ بلحیة عمر رض�ي هللا عن�ھ وق�ال : ثكلت�ك

نعلی�ھ وس�لم ، وت�أمرني أ أمك ی�ا اب�ن الخط�اب : اس�تعملھ رس�ول هللا ص�لى هللا، .. ثم خرج أبو بكر الصدیق حتى أتاھم ، فأشخصھم ، وش�یعھم ، وھ�و 2أعزلھ

ماش راكب ، وعب�د ال�رحمن ب�ن ع�وف یق�ود داب�ة أب�ي بك�ر رض�ي هللا عنھم�ا ، فقال لھ أس�امة رض�ي هللا عن�ھ : ی�ا خلیف�ة رس�ول هللا : وهللا لت�ركبن أو ألن�زلن .

. 3وهللا ال أركب . وم�ا عل�ي أن أغب�ر ق�دمي ف�ي س�بیل هللافقال : وهللا ال تنزل ، ثم قال الصدیق رضي هللا عنھ ألسامة رض�ي هللا عن�ھ : إن رأی�ت تعینن�ي بعم�ر

. ثم توجھ الصدیق رض�ي هللا عن�ھ إل�ى الج�یش 4رضي هللا عنھ فافعل ، فأذن لھخون�وا وال تغل�وا ، فقال : یا أیھا الناس قفوا أوصیكم بعشر ، فاحفظوھا عني ال ت

ق�رة وال ، وال تقطعوا شجرة مثمرة ، وال ت�ذبحوا ش�اة وال ب 5وتغدروا وال تمثلواتمرون بأقوام قد فرغوا أنفسھم في الص�وامع ف�دعوھم بعیرا إال لمأكلة ، وسوف

وما فرغوا أنفسھم لھ ، وسوف تقدمون على قوم یأتونكم بآنیة فیھا ألوان الطع�ام 6یئا بعد شئ فاذكروا اسم هللا علیھ�ا . وتلق�ون أقوام�ا ق�د فحص�وافإذا أكلتم منھ ش

بالس��یف خفق��ا . 7أوس��اط رؤوس��ھم وترك��وا حولھ��ا مث��ل العص��ائب ، ف��أخفقوھم، وأوصى الصدیق أسامة رضي هللا عنھما أن یفعل ما أمر بھ 8اندفعوا باسم هللا

علی�ھ وس�لم أب�دأ ببل�د النبي الك�ریم ق�ائال : أص�نع م�ا أم�رك ب�ھ نب�ي هللا ص�لى هللا رن في شئ 9قضاعة ثم إیت آبل من أمر رس�ول هللا ، وال تعجل�ن لم�ا ، وال تقص

، ومضى أسامة بجیشھ وانتھى إلى ما أمر بھ النبي صلى هللا 10ت عن عھدهخلف 11علیھ وسلم من بث الخیول من قبائل قضاعة ، والغارة على آب�ل ، فس�لم وغ�نم

، وكان مسیره ذاھبا و . 12قافال أربعین یوماوقد قدم بنعي رسول هللا على ھرقل وإغارة أسامة في ناحیة أرضھ خبرا واح�دا

، وق�ال 13، فقالت الروم : ما بال ھؤالء یموت صاحبھم ثم أغاروا عل�ى أرض�نا، فكفوا عن كثیر مما ك�انوا 14العرب : لو لم یكن لھم قوة لما أرسلوا ھذا الجیش

وه لرس�ول هللا ببعض الشیعة الرافضة حدیثا نس� ولقد اختلق 15هیریدون أن یفعلو

) .4/45تاریخ الطبري ( 1 ) .4/46المصدر نفسھ ( 2 ) .4/46المصدر نفسھ ( 3 ) .4/46تاریخ الطبري ( 4ھت بھ . 5 وال تمثلوا : یقال مثلت بالحیوان أمثل بھ مثال إذا قطعت أطرافھ وشو فحصوا : حلقوا . 6 فأخفقوھم : من أخفق فالنا أي صرعھ . 7 ) .4/46تاریخ الطبري ( 8 آبل : منطقة في جنوب بالد األردن الیوم . 9

) .4/47تاریخ الطبري ( 10 ) .4/47تاریخ الطبري ( 11 . 101) ، تاریخ خلیفة بن خیاط صـ 4/47المصدر نفسھ ( 12 . 20عھد الخلفاء الراشدین للذھبي صـ 13 . 14قصة بعض أبي بكر جیش أسامة د. فضل إلھي صـ 14 ) .2/227الكامل البن األثیر ( 15

79

، ال أصل لھ في كت�ب الس�نة فق�الوا : ب�أن رس�ول هللا لع�ن م�ن تخل�ف ع�ن ج�یش أسامة ، وھذا الحدیث منكر ال أصل لھ وھم ما احتجوا بھذا الحدیث المختل�ق إال

ف أب��و بك��ر لیجعل��وا م��ن أب��ي بك��ر وعم��ر أول الملع��ونین . فق��د ق��الوا : وق��د تخل��وعمر عن جیش أسامة ول�م یج�د الرافض�ة الح�دیث مس�ندا إال م�ن طری�ق منب�وذ

علي رض�ي هللا عن�ھ وش�باب مجھول لدى الرافضة والسنة لقد استفاد الحسن بن من قصة انفاذ جیش أسامة دروسا وعبرا منھا . ذلك الجیل

أ ـ األحوال تتغیر وتتبدل والشدائد ال تشغل أھل اإلیمان ع�ن مر الدین :أ

فقد علم الصدیق األمة إذا نزلت بھا الشدة وألمت بھا المص�یبة أن تص�بر ، فالنصر ، مع الصبر ، وأن ال تیأس وال تقنط من رحم�ة هللا (( إن رحم�ة �

) . ولیتذكر المس�لم دائم�ا أن الش�دة 56)) (األعراف ، آیة : قریب من المحسنین ، والمصیبة مھما اش�تدت وكب�رت ف�إن م�ن س�نن هللا الثابت�ة ، مھما عظمت

) . وإن 6ـ 5)) (اإلنش��راح ، آی��ة : إن م��ع العس��ر یس��را* ف��إن م��ع العس��ر یس��را((المسلم ألمره عجیب في ھذه الدنیا فقد بین رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم

ذل��ك ألح��د إال ه كل��ھ خی��ر ، ول��یس ف��ي قول��ھ : عج��ا ألم��ر الم��ؤمن ، إن أم��رللم��ؤمن ، إن أص��ابتھ س��راء ش��كر ، فك��ان خی��را ل��ھ ، وإن أص��ابتھ ض��راء

ل غش�ت. فالشدائد والمصائب مھما عظمت وكب�رت ال 1صبر فكان خیرا لھالرسول الكریم صلى هللا علی�ھ وس�لم ل�م ةأھل اإلیمان عن أمر الدین ، فوفا

عث أسامة في ظروف كالح�ة مظلم�ة تشغل الصدیق عن أمر الدین وأمر بببالنسبة للمسلمین ولكن ما تعلمھ الصدیق من رسول هللا م�ن االھتم�ام ب�أمر

، وق�د 2الدین مقدم على كل شئ وبقي ھذا األمر حتى ارتحل من ھذه الدنیاتعلم الحسن بن علي رضي هللا عنھ ھ�ذا ال�درس واس�توعبھ وع�اش ب�ھ ف�ي

حیاتھ . ترتبط بأحد ، ووج�وب اتب�اع النب�يب ـ المسیرة الدعویة ال

صلي هللا علیھ وسلم فقد تعلم الحسن بن عل�ي م�ن قص�ة إنف�اذ ج�یش أس�امة وت سید الخلق ، وإمام األنبیاء ـبأن مسیرة الدعوة لم ولن تتوقف ، حتى بم

وقائد المس�لمین ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وق�د ك�ان الص�دیق رض�ي هللا عن�ھ ألقاھا إث�ر بیعت�ھ ع�ن عزم�ھ عل�ى مواص�لة قبل ذلك قد بین في خطبتھ التي

، وق�د ج�اء ف�ي روای�ة قول�ھ : ف�اتقوا هللا أیھ�ا 3بذل الجھود لخدمة ھذا الدینالناس ، واعتصموا بدینكم وتوكلوا على ربكم فإن دین هللا قائم ، وإن كلم�ة هللا تامة ، وإن هللا ناصر من نصره ، ومع�ز دین�ھ وهللا ال نب�الي م�ن أجل�ب

خل����ق هللا ، إن س����یوف هللا لمس����لولة ، وم����ا وض����عناھا بع����د ، علین����ا م����ن ولنجاھدن من خالفنا كما جاھدنا مع رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، ف�ال

) .4/2295مسلم ( 1 . 24قصة بعث أبي بكر جیش أسامة صـ 2 . 27قصة بعث أبي بكر جیش أسامة صـ 3

80

. وم�ن ال�دروس الت�ي اس�تفادھا الحس�ن ب�ن عل�ي 1یبغین أحد إال على نفس�ھم��ن قص��ة أنف��اذ الص��دیق ج��یش أس��امة رض��ي هللا ع��نھم أن��ھ یج��ب عل��ى

أم�ر النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، ف�ي الس�راء والض�راء ، المسلمین اتباعفقد بین الصدیق من فعلھ أنھ عاض على أوامر النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم ��ذھا مھم��ا كث��رت المخ��اوف وش��دت المخ��اطر فم��ن أق��وال بالنواج��ذ ومنفالصدیق الخالدة في تلك الحادثة : وال�ذي نف�س أب�ي بك�ر بی�ده ل�و ظنن�ت أن

نني ألنفذت بعث أسامة كما أمر بھ رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ السباع تخطف، وق�دم بموقف�ھ ھ�ذا ص�ورة 2وسلم ، ولو لم یبق ف�ي الق�رى غی�ري ألنفذت�ھ

ورس��ولھ أم��را أن تطبیقی��ة لق��ول هللا تع��الى : (( وم��ا ك�ان لم��ؤمن وال مؤمن��ة إذا قض��ى � ورسولھ فقد ضل ضالال مبینایكون لھم الخی )) (األحزاب ، آیة رة من أمرھم ومن یعص �

) ، وقد تعلم المسلمون أن هللا تعالى رب�ط نص�ر األم�ة وعزھ�ا باتب�اع 36: النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، فم��ن أطاع��ھ فل��ھ النص��ر والتمك��ین ، وم��ن

فسر حیاة األمة في طاعتھا لربھا واقتدائھا بسنة عصاه فلھ الذل والھوان ، . 3نبیھا صلى هللا علیھ وسلم

جـ ـ حدوث الخالف بین المؤمنین ورده إلى الكتاب والسنة:ومما إستفاده الحسن بن علي رضي هللا عنھ من ھذه القص�ة أن�ھ ق�د یح�دث

آلراء الخ��الف ب��ین الم��ؤمنین الص��ادقین ح��ول بع��ض األم��ور فق��د اختلف��ت احول تنفی�ذ ج�یش أس�امة رض�ي هللا عن�ھ ف�ي تل�ك الظ�روف الص�عبة ، وق�د تعددت األقوال حول إمارتھ ول�م یص�ر أح�د عل�ى رأي بع�د وض�وح فس�اده وبطالنھ ، وعندما رد الصدیق الخالف إل�ى م�ا ثب�ت م�ن أم�ر النب�ي ص�لى

ط فیما أمر هللا علیھ وسلم ببعث أسامة وبین رضي هللا عنھ أنھ ما كان لیفربھ رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم بعدما وضحھ لھم الصدیق ، وكما أنھ ال عبرة لرأي األغلبیة إذا كان مخالفا للنص ، فقد رأى عامة الص�حابة ح�بس ج��یش أس��امة ، وق��الوا للص��دیق : إن الع��رب ق��د انتقص��ت علی��ك وإن��ك ال

الناس بل كانوا ، فأولئك الناس لم یكونوا كعامة 4تصنع بتفریق الناس شیئام��ن الص��حابة ال���ذین ھ��م خی���ر البش��ر وج��دوا عل���ى األرض بع��د األنبی���اء والرسل علیھم السالم ، لكن الصدیق رضي هللا عن�ھ ل�م یس�تجب لھ�م مبین�ا أن أم��ر الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم أج��ل وأك��رم ، وأوج��ب م��ن رأیھ��م

ح��ول وفات��ھ ، ق��ال الح��افظ ب��ن حج��ر : تعلیق��ا عل��ى رأي األكثری��ة ، 5كلھ��مصلى هللا علیھ وس�لم : فیؤخ�ذ من�ھ أن األق�ل ع�ددا ف�ي االجتھ�اد ق�د یص�یب

، فخالصة الكالم إن مما 6ویخطئ األكثریة ، فال یتعین الترجیح ، باألكثرنس��تفیده م��ن قص��ة تنفی��ذ الص��دیق ج��یش أس��امة رض��ي هللا عنھم��ا أن تأیی��د

) .214، 5/213البدایة والنھایة ( 1 ) .4/45تاریخ الطبري ( 2 . 227، قصة جیش أسامة صـ 227االنشراح ورفع الضیق بسیرة أبي بكر الصدیق للصالبي صـ 3 . 227بن خیاط صـ تاریخ خلیفة 4 . 44قصبة بعث أبي بكر جیش أسامة صـ 5 ) .8/146فتح الباري ( 6

81

اد ی�م�ن ھ�ذه القص�ة انق، ومما یستفاد 1الكثرة لرأي لیس دلیال على إصابتھالم��ؤمنین وخض��وعھم للح��ق إذا اتض��ح لھ��م ، فعن��دما ذك��رھم الص��دیق أن النبي صلى هللا علیھ وسلم قد أمر بتنفیذ جیش أسامة وھو الذي عین أسامة

. 2أمیرا على الجیش ، انقاد أولئك األبرار لألمر النبوي الكریم س ـ جعل الدعوة مقرونة بالعمل :

بن علي رضي هللا عنھ من قصة جیش أس�امة أھمی�ة جع�ل فقد تعلم الحسن ال��دعوة مقرون��ة بالعم��ل ، فق��د عل��م أن الص��دیق ل��م یقتص��ر عل��ى اإلص��رار على إمارة أسامة فحسب ب�ل ق�دم اعتراف�ا عملی�ا بإمارت�ھ ، وق�د تجل�ى ذل�ك

في أمرین :مش��ى أب��و بك��ر رض��ي هللا عن��ھ م��ع أس��امة رض��ي هللا •

ن عش�رین س�نة م�ن عم�ره وأص�ر عل�ى راكب وقد كان ابوھو ، عنھالمشي مع أسامة رضي هللا عنھ ، كما أصر على بقاء أسامة راكب�ا لم�ا طلب منھ أسامة رضي هللا عنھ إما أن یركب ھو ، أو یأذن لھ ب�النزول ، فلم یوافق رضي هللا عنھ ال على ھ�ذا وال عل�ى ذاك ، وك�أن الص�دیق

یھا المس�لمون أن�ا أب�و بك�ر بمشیھ ذلك یخاطب الجیش فیقول : انظروا أرغم كوني خلیفة رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم أمشي مع أسامة وھو

راكب إقرارا وتقدیرا إلمارتھ .ك���ان أب���و بك���ر الص���دیق یرغ���ب ف���ي بق���اء عم���ر ب���ن •

نظ�را لحاجت�ھ إلی�ھ ، لكن�ھ ل�م ی�أمره ب�ذلك ، ب�ل اس�تأذن م�ن الخطاب ذل��ك مناس��با ، وبھ��ذا ق��دم أس��امة ف��ي ترك��ھ إی��اه بالمدین��ة إن رأى ھ��و

الص��دیق رض��ي هللا عن��ھ ص��ورة تطبیقی��ة أخ��رى العتراف��ھ واحترام��ھ إلمارة أسامة رضي هللا عن�ھ ، وفیھ�ا ب�ال ش�ك دع�وة قوی�ة للج�یش إل�ى اإلقرار واالنقیاد إلمارتھ وھ�ذا ال�ذي اھ�تم ب�ھ الص�دیق رض�ي هللا عن�ھ

م ووب�خ ال�رب من جعل دعوتھ مقرونة بالعمل ھو الذي أم�ر ب�ھ اإلس�ال، ق��ال 3ع��ز وج��ل أولئ��ك ال��ذین ی��أمرون الن��اس ب��البر وینس��ون أنفس��ھم

)) أت��أمرون الن��اس ب��البر وتنس��ون أنفس��كم وأن��تم تتل��ون الكت��اب أف��ال تعقل��ون تع��الى : (( ) .44(البقرة ، آیة :

ش ـ مكانة الشباب في اإلسالم :جلى في ھذه القصة كذلك منزلة الشباب العظیمة في خدمة اإلس�الم ومما یت

، فقد عین رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم الشاب أسامة بن زی�د رض�ي هللا عنھما أمیرا على الجیش المعد لقتال الروم ـ القوة العظمى في زع�م الن�اس

، في ذلك الوقت ـ وكان عمره آنذاك عش�رین س�نة ، أو ثم�اني عش�رة س�نةوأقره أبو بك�ر الص�دیق رض�ي هللا عن�ھ عل�ى منص�بھ رغ�م انتق�اد الن�اس ،

. 46قصة بعث أبي بكر جیش أسامة 1 . 52المصدر نفسھ صـ 2 . 66قصة بعث أبي بكر جیش أسامة صـ 3

82

وع�اد األمی�ر الش�اب بفض��ل هللا م�ن مھمت�ھ الت�ي أس��ندت إلی�ھ غانم�ا ظ��افرا . فعل��ى 1وف��ي ھ��ذا توجی��ھ للش��باب ف��ي معرف��ة مك��انتھم ف��ي خدم��ة اإلس��الم

أم��ام ال��دعاة والم��ربین إعط��اء ھ��ذا الجان��ب حق��ھ باإلھتم��ام ، وف��تح المج��ال الطاقات الشابة لكي تبدع في خدمة دینھا وھذه السنة النبویة تج�دد الحیوی�ة والنشاط في األمة وتساھم في تفجیر طاقات خالقة تقوم بالدور الحض�اري

المنوط بالمسلمین . ل ـ صورة مشرقة من آداب الجھاد في اإلسالم :

لجیش أس�امة وتعلم الحسن بن علي رضي هللا عنھ من قصة بعث أبي بكر الصورة المشرفة للجھاد اإلس�المي وق�د تجل�ت تل�ك الص�ورة المش�رقة ف�ي وصیة أبي بكر الصدیق لج�یش أس�امة عن�د ت�ودیعھم إی�اھم ، ول�م یك�ن أب�ي بك���ر الص���دیق رض���ي هللا عن���ھ ف���ي وص���ایاه للجی���وش إال مس���تنا بس���نة المصطفى صلى هللا علی�ھ وس�لم حی�ث ك�ان علی�ھ الص�الة والس�الم یوص�ي

، وم��ن خ��الل الوص��یة الت��ي ج��اءت ف��ي 2ألم��راء والجی��وش عن��د ت��ودیعھماالبحث تظھر الغایة من حروب المسلمین فھي دعوة إلى اإلس�الم ، ف�إذا م�ا رأت الش��عوب جیش��ا یلت��زم بھ��ذه الوص��ایا ال یمل��ك إال ال��دخول ف��ي دی��ن هللا

. 3طواعیة واختیارا :ي ـ أثر جیش أسامة على ھیبة الدولة اإلسالمیة

عاد جیش أسامة ظافرا غانما بعدما أرھب الروم حتى قال لھم ھرقل وھ�و بحمص بعد ما جمع بطارقتھ ، ھذا الذي حذرتكم ، فأبیتم أن تقبلوا من�ي !! قد صارت العرب تأتي مسیرة شھر فتغیر علیكم ثم تخرج من ساعتھا ول�م

س��طوة ، وأص��اب القبائ��ل العربی��ة ف��ي الش��مال الرع��ب والف��زع م��ن 4تكل��مالدول��ة اإلس��المیة ، وك��ان لھ��ذه الغ��زوة أث��ر ف��ي حی��اة المس��لمین وف��ي حی��اة العرب الذین فكروا في الثورة علیھم ، وفي حیاة الروم ال�ذین تمت�د بالدھ�م

فق��د فع��ل ھ��ذا الج��یش بس��معتھ م��ا ل��م یفعل��ھ بقوت��ھ وع��دده ، 5عل��ى ح��دودھممس�لمین م�ن فأحجم من المرتدین من أق�دم ، وتف�رق م�ن اجتم�ع ، وھ�ادن ال

أوشك أن ینقلب علیھم ، وصنعت الھیب�ة ص�نیعھا قب�ل أن یص�نع الرج�ال ، ، حق��ا لق��د ك��ان إرس��ال ھ��ذا الج��یش نعم��ة عل��ى 6وقب��ل أن یص��نع الس��الح

ال أض�عف الجبھ�ات ، ولع�ل م�ن المسلمین ، إذ أمست جبھة الردة في الشممین ھذا أن الجبھة في وق�ت الفتوح�ات ك�ان كس�رھا أھ�ون عل�ى المس�ل آثار

من كسر جبھة العدو في العراق ، كل ذلك یؤكد أن أبا بكر رضي هللا عن�ھ ك��ان ف��ي األزم��ات ، م��ن ب��ین جمی��ع الب��احثین ع��ن الح��ل ، أثق��بھم نظ��را ،

، وق��د أثبت��ت األح��داث ت��أثر الحس��ن ب��ن عل��ي ، بالخلف��اء 7وأعمقھ��م فھم��ا . 70المصدر نفسھ صـ 1 . 80المصدر نفسھ صـ 2 . 269تاریخ الدعوة إلى اإلسالم صـ 3 لم : تصاب بالجروح .ولم تك 4 . 107الصدیق ـ لھیكل باسا صـ 5 . 107عبقریة الصدیق ـ للعقاد صـ 6 . 168حركة الردة د. علي العتوم صـ 7

83

ھم��ا الراش��دین ف��ي إدارت��ھ لألزم��ات ، فك��ان ف��ي خالفت��ھ م��ن أعم��ق الن��اس ف وأبعدھم نظرا وأشدھم حرصا على وحدة المسلمین .

ـ حروب الردة : 7ك��ان رأي الص��دیق ف��ي ح��رب المرت��دین رأی��ا ملھم��ا ، وھ��و ال��رأي ال��ذي تملی��ھ طبیع��ة الموق��ف لمص��لحة اإلس��الم والمس��لمین ، وأي موق��ف غی��ره س��یكون فی��ھ

ث�م الق�رار الحاس�م الفشل والضیاع والھزیمة والرجوع إل�ى الجاھلی�ة ، ول�وال هللامن أب�ي بك�ر رض�ي هللا عن�ھ ف�ي قت�ال أھ�ل ال�ردة لتغی�ر وج�ھ الت�اریخ وتحول�ت مس��یرتھ ، ورجع��ت عق��ارب الس��اعة إل��ى ال��وراء ولع��ادت الجاھلی��ة تعی��ث ف��ي

، لقد تجلى فھمھ الدقیق لإلسالم وشدة غیرتھ على ھذا ال�دین ف�ي 1األرض فسادا ؟ لق��د س��مع أب��و بك��ر 2ی��نقص وأن��ا ح��يقول��ھ : ق��د انقط��ع ال��وحي وت��م ال��دین ، أ

وجھات نظر الصحابة في حرب المرتدین ، وم�ا ع�زم عل�ى خ�وض الح�رب إال أنھ كان سریع القرار حاسم الرأي فلم یت�ردد لحظ�ة واح�دة بع�د ظھ�ور الص�واب لھ وعدم التردد كان سمة بارزة من سمات أبي بك�ر ـ ھ�ذا الخلیف�ة العظ�یم ـ ف�ي

ع المسلمون بصحة رأیھ ورجعوا إلى قولھ واستصوبوه ، ، ولقد اقتن 3حیاتھ كلھا، ك��انوا یؤدون�ھ إل��ى رس��ول هللا لق��اتلتھم 4وأص�بح قول��ھ : وهللا ل��و منع�وني عق��اال

لن�ا الت�اریخ ول�م تھملھ�ا اللی�الي ول�م حفظھ�ا، من أقوالھ الخال�دة الت�ي 5على منعھھ�اده للمرت�دین تفصلھا عنا حواجز الزمن وال أسوار القرون ولقد اس�تخدم ف�ي ج

دھاء وحنكة سیاسیة ورؤیة استراتیجیة واضحة تمثل�ت ف�ي أس�الیب ع�دة منھ�ا ، النفسیة والدعویة ، واإلستخباراتیة ، واإلعالمیة ، والعلمی�ة ، وتوجھ�ا بجیوش�ھ المظفرة التي قضت على حركة الردة في جزیرة العرب ولقد فھم وتعل�م الحس�ن

ین ولم��س بع��ض فق��ھ التمك��ین ف��ي جھ��اده فق��ھ الص��دیق ف��ي التعام��ل م��ع المرت��د للمرتدین والتي من أھم معالمھ :

. 6ـ استقرار التنظیم اإلداري في الجزیرةوال ش��ك أن ح��روب ال��ردة وأس��بابھا ، وفق��ھ الص��دیق ف��ي القض��اء علیھ��ا أخ��ذت بلباب الحسن بن عل�ي وش�كلت ج�زءا م�ن ثقافت�ھ س�واء ع�ن طری�ق الس�ماع أو

المشاھدة .أبن�اء في حسالم السیاسة الخارجیة في دولة الصدیق كانت واضحة ـ كما أن مع

الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ، فق��د رس��مت ھبغ��اذل��ك الجی��ل ال��ذي م��ن نوخالفة الصدیق رضي هللا عنھ أھدافا في السیاسة الخارجیة ، للدولة اإلس�المیة

والتي كان من أھمھا : ـ بذر ھیبة الدولة في نفوس األمم األخرى . ـ العدل بین األمم المفتوحة والرفق بأھلھا .

ـ رفع اإلكراه على األمم المفتوحة . . 86الشورى بین األصالة والمعصارة صـ 1 . 6034مشكاة المصابیح 70المرتضى ألبي الحسن الندوي صـ 2 . 87الشورى بین األصالة والمعاصرة صـ 3 العقال : ھو الحبل الذي یعقل بھ البعیر . 4 . 6924البخاري رقم 5 . 365إلى 329االنشراح ورفع الضیق في سیرة أبو بكر صـ 6

84

ـ مواصلة الجھاد الذي أمر بھ المولى عز وجل في القرآن .ـ�� كم��ا أن مع��الم التخط��یط الحرب��ي عن��د الص��دیق أص��بحت م��ن ثقاف��ة ذل��ك الجی��ل

بن علي ، فقد الطالع القیادة الشبابیة وعلى رأسھم الحسنلوأدبیاتھ خصوصا وضع الصدیق م�ع مستش�اریھ م�ن الص�حابة خطوط�ا رئیس�یة للخط�ة الحربی�ة الت��ي س��ار علیھ��ا ، وق��د كان��ت ھ��ذه الخط��ة المحكم��ة ع��امال م��ن عوام��ل ن��زول

النصر والتمكین من هللا عز وجل للمسلمین ومن ھذه الخطوط : ـ عدم اإلیغال في بالد العدو حتى تدین للمسلمین .

حشد القوات .ـ التعبئة و ـ تنظیم عملیة اإلمداد للجیوش .

ـ تحدید الھدف من الحرب . ضلیة لمسارح العملیات .فـ إعطاء األ

ـ عزل میدان المعركة . ـ التطور في أسالیب القتال .

ـ سالمة خطوط االتصال مع القادة .. فق��د امت��ازت الخط��ط الحربی��ة اإلس��المیة ف��ي بدای��ة 1ـ�� ذك��اء الخلیف��ة وفطنت��ھ

الفتوحات بوجود العقل المدبر ، ذي الفطنة والذكاء والكیاسة والفراس�ة ، وھ�و الصدیق وقد ساعد أبو بكر على فھمھ الواسع للتخطیط الحربي طول مالزمتھ

للنبي صلى هللا علیھ وسلم ، فقد تربى على تعلیمھ وتوجیھاتھ .ص�لى هللا فكسب علوما شتى ، وخب�رات متنوع�ة ، فق�ام بع�د رحی�ل رس�ول هللا

م��ل البص��یرة الواعی��ة ، وزود حعلی��ھ وس��لم ف��ي مق��ام الخالف��ة خی��ر قی��ام ، فالجیوش بالنصائح الغالیة ، وأرسل اإلمدادات في أوقاتھا تس�عف المجاھ�دین ،

ي هللا عن�ھ ترب�ى ض�إن الحس�ن ب�ن عل�ي ر 2وتمدھم بالھمة والعزیمة الماض�یةراش�دین المھ�دیین وال�ذین على كتاب هللا وھدي رسولھ وتشرب ھدى الخلفاء ال

في مقدمتھم أبي بكر الصدیق رضي هللا عنھ .

ثانیا : في عھد عمر بن الخطاب رضي هللا عنھ :ھ شدید اإلكرام آلل رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم وإیث�ارھم ـكان عمر رضي هللا عن

ھ في ذلك مواقف كثیرة منھا :لحتى على أبنائھ ، وأسرتھ و ذن من عبد هللا بن عمر :ـ أنت أحق باإل 1

جاء فیما رواه الحسین بن علي رضي هللا عنھ : إن عم�ر ق�ال ل�ي ذات ی�وم : إي بني لو جعلت تأتینا وتغشانا ؟ فجئت یوما وھو خال بمعاویة ، وابن عم�ر بالب�اب لم ی�ؤذن ل�ھ ، فرجع�ت فلقین�ي بع�د ، فق�ال : ی�ا بن�ي ل�م أراك تأتین�ا ؟ قل�ت : جئ�ت

یة فرأیت ابن عمر رجع ، فرجعت فقال : أنت أح�ق ب�اإلذن م�ن وأنت خال بمعاو

. 45إلى 454المصدر نفسھ صـ 1 . 336تاریخ الدعوى اإلسالمیة صـ 2

85

عبد هللا بن عمر ، إنما أنبت في رؤوسنا ما ترى : هللا ثم أنتم ، ووض�ع ی�ده عل�ى . 1رأسھ

ـ وهللا مھنأ لي ما كسوتكم : 2روى ابن سعد عن جعفر بن محمد الباقر عن أبی�ھ عل�ى ب�ن الحس�ین ، ق�ال : ق�دم

، فكس��ا الن��اس فراح��وا ف��ي الحل��ل ، وھ��و ب��ین القب��ر عل��ى عم��ر حل��ل م��ن ال��یمنوالمنب��ر ج��الس ، والن��اس یأتون��ھ فیس��لمون علی��ھ وی��دعون ل��ھ ، فخ��رج الحس��ن والحسین من بیت أمھم�ا فاطم�ة رض�ي هللا عنھ�ا یتخطی�ان الن�اس ، ل�یس علیھم�ا من تلك الحلل شئ ، وعمر قاطب ص�ار ب�ین عینی�ھ ث�م ق�ال : وهللا م�ا ھن�أ ل�ي م�ا

، ق��الوا ی��ا أمی��ر الم��ؤمنین ، كس��وت رعیت��ك فأحس��نت ، ق��ال : م��ن أج��ل كس��وتكم الغالمین یتخطیان الناس ولیس علیھم�ا م�ن ش�ئ كب�رت عنھم�ا وص�غرا عنھ�ا ث�م

إلی�ھ بحلت�ین ثعث بحلتین لحسن وحسین وعجل ، فبع�كتب إلى والي الیمن أن أب . 2فكساھما

ـ تقدیم الحسن والحسین وبني ھاشم في العطاء : 3بي جعفر أنھ لم�ا أراد عم�ر أن یف�رض للن�اس بع�دما ف�تح هللا علی�ھ ، وجم�ع عن أ

ن��اس م��ن أص��حاب النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، فق��ال عب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف رضي هللا عن�ھ : أب�دأ بنفس�ك ، فق�ال : ال وهللا ب�األقرب م�ن رس�ول هللا ص�لى هللا

وس��لم ، وف��رض علی��ھ وس��لم ، وم��ن بن��ي ھاش��م رھ��ط رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ للعباس ، ثم لعلي ، حتى وإلى ما ب�ین خم�س قبائ�ل ، حت�ى انتھ�ى إل�ى بن�ي ع�دي

شھد ب�درا م�ن بن�ي أمی�ة نابن كعب ، فكتب : من شھد بدرا من بني ھاشم ، ثم م، وألح�ق الحس�ن 3بن عبد شمس ، ثم األقرب ، ف�األقرب فف�رض االعطی�ات لھ�م

بتھم�ا م�ن رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ والحسین بفریض�ة أبیھم�ا م�ع أھ�ل ب�در لقرا. وف��ي ھ��ذه القص��ة تظھ��ر 4وس��لم فف��رض لك��ل واح��د منھم��ا خمس��ة آالف درھ��م

حقیقة محبة عمر آلل البیت عموما والحسن والحسین خصوص�ا ، حی�ث خص�ھم بأن جعلھم مع الطبقة األولى من سادات الصحابة في الغطاء وما ذلك إال محض

من مكانتھما من رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم .المحبة لھما وتقدیرا لھما ـ معاملة عمر بن الخطاب للسیدة فاطمة وال�دة الحس�ن رض�ي 4

هللا عنھما بعد وفاة رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم :عن أسلم العدوي قال : لما بوی�ع ألب�ي بك�ر بع�د النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ك�ان

فاطمة فیش�اورانھا ، فبل�غ عم�ر ف�دخل عل�ى علي والزبیر بن العوام یدخالن على فاطمة ، فقال : یا بنت رسول هللا ما أحد من الخلق أحب إلین�ا م�ن أبی�ك وم�ا أح�د من الخلق بعد أبیك أحب إلین�ا من�ك ، وكلمھ�ا ، ف�دخل عل�ي والزبی�ر عل�ى فاطم�ة

، وھ��ذا ھ��و الثاب��ت 5فقال��ت : انص��رفا راش��دین ، فم��ا رجع��ا إلیھم��ا حت��ى بایع��ا

) .1/133) اإلصابة (7/105، كنز العمال ( 11المرتضى صـ 1 ) .1/106إلصابة (، ا 11المرتضى صـ 2 . 118المرتضى ص 35، 24الخراج ألبي یوسف صـ 3 ) .14/6تاریخ دمشق الكبیر ( 4 ) إسناده صحیح .14/567أخرجھ ابن أبي شیبھ : المصنف ( 5

86

والذي مع صحة س�نده ینس�جم م�ع روح ذل�ك الجی�ل وتزكی�ة هللا ل�ھ وق�د الصحیح زاد رواة الشیعة الرافض�ة ف�ي ھ�ذه الروای�ة واختلق�وا إفك�ا وبھتان�ا وزورا وق�الوا ب��أن عم��ر ق��ال : إذا اجتم��ع عن��دك ھ��ؤالء النف��ر أح��رق عل��یھم ھ��ذا البی��ت ، ألنھ��م

نھ��ا ، فل�م یلب��ث أن أرادوا ش�ق عص�ى المس��لمین بت�أخرھم ع�ن البیع��ة ث�م خ�رج ععادوا إلیھا ، فقالت لھم : تعلمون أن عمر جاءني وحلف با� ألن أن�تم ع�دتم إل�ى

علی�ھ ، فانص�رفوا عن�ي حل�فھذا البیت لیحرقنھ علیكم وایم هللا أنھ لیصدقن فیما . وھ�ذه القص�ة 1فال ترجعوا إلي ، ففعلوا ذلك، ولم یرجعوا إلیھا إال بعدما ب�ایعوا

تثبت عن عمر رضي هللا عن�ھ ، ودع�وى أن عم�ر رض�ي هللا عن�ھ ھ�م الباطلة لم فاطم��ة ، م��ن أكاذی��ب الرافض��ة ، وق��د اوردھ��ا م��ع أكاذی��ب أخ��رى بی��ت ب��إحراق

، عن ج�ابر الجعف�ي ، وھ�و رافض�ي 2الطبري الطبرسي في كتابھ دالئل اإلمامة وزع�م ، 4، وتھ�ذیب التھ�ذیب 3كذاب باتفاق أئمة الحدیث كما في المی�زان ال�ذھبي

بعض الروافض أن عمر ضرب فاطمة حتى اسقط ولدھا محسنا وھو في بطنھا نھ�م إ، وھذه م�ن األكاذی�ب الرافض�یة الت�ي ال أس�اس لھ�ا م�ن الص�حة وم�ا علم�وا

یطعنون في علي رضي هللا عنھ وذلك باتھامھ بالجبن والس�كوت ع�ن عم�ر وھ�و عق��الء الش��یعة ، ب��ل إن بع��ض 5ش��جع أص��حاب النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم أم��ن

. علما بأن محسن ول�د ف�ي حی�اة النب�ي ص�لى هللا 6أنكر صحة ھذا الھذیان والزور علیھ وسلم كما ثبت ذلك بالروایة الصحیحة في مسند اإلمام أحمد كما سبق

ـ زواج عمر من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب : 5م�ن رس�ول هللا كن ألھل البیت محبة خاصة ال یكنھا لغی�رھم لق�رابتھمیكان عمر

صلى هللا علیھ وسلم ، ولما أوص ب�ھ رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ن أك�رم فم�ن ھ�ذا الباع�ث خط�ب عم�ر أم كلث�وم ابنت�ھ عل�ي أھل البیت ورعایة حق�وقھم ،

وفاطمة رضوان هللا عل�یھم وت�ودد إلی�ھ ف�ي ذل�ك ق�ائال : ف�وا هللا م�ا عل�ى األرض ، فق�ال عل�ي : ق�د فعل�ت ، فأقب�ل عم�ر رجل یرصد من حسن صحبتھا ما أرصده

إلى المھاجرین ،وھو مسرور قائال : رفئوني .. ثم ذكر أن سبب زواجھ منھ�ا م�ا سمعھ من النبي صلى هللا علیھ وسلم : كل سبب ونسب منقطع ی�وم القیام�ة إال م�ا كان من سببي ونسیبي ، فأحببت أن یكون بین�ي وب�ین رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ

،وق��د ق��ام األس��تاذ أب��و مع��اذ اإلس��ماعیلي ف��ي كتاب��ھ زواج عم��ر ب��ن 7وس��لم س��ببالخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طال�ب حقیق�ة ول�یس افت�راء بتتب�ع مراج�ع ومصادر الشیعة وأھل السنة فیما یتعلق بھذا الزواج المیمون ، وق�د ذك�رت ش�یئا

ص�ل الخط�اب ف�ي من سیرتھا ومواقفھا في حیاتھا في عھ�د الف�اروق ف�ي كت�ابي ف سیرة أمیر المؤمنین عمر بن الخطاب ، شخصیتھ وعصره .

) .1/140عقائد الثالثة والسبعین فرقة ألبي محمد الیمني ( 1 ) 140/ 1نقال عن عقائد الثالثة والسبعین ( 26دالئل اإلمامة ص 2 ) 279/ 1المیزان الذھبي ( 3 )2/47تھذیب التھذیب( 4 224ـص حقبھ من التاریخ 5 252مختصر التحفة األثني عشریة ص 6) صحیح اإلسناد ولم یخرجاه وقال الذھبي : متعقبا منقطع وأورده الھیثمي في 142/ 3اسناده حسن أخرجھ الحاكم في المستدرك ( 7

سن بن سھل وھناك من ضعفھ . ح) وقال أورده الطبراني في الكبیر واألوسط ورجالھ رجال الصحیح غیر ال173/ 3مجمع الزوائد (

87

ـ في غنائم المدائن : 6

ھـ جاءت األموال منھا فقام عمر رض�ي هللا عن�ھ 16، عام 1عندما فتحت المدائنبإعطاء الحسن والحسین رض�ي هللا عنھم�ا أل�ف درھ�م لك�ل واح�د م�نھم وأعط�ى

الحادث���ة تأكی���د عل���ى محب���ة عم���ر للحس���ن ، وف���ي ھ���ذه 2ابن���ھ عب���د هللا خمس���مائة والحسین وتقدیمھ لھما .

تأثر الحسن بن علي بالفقھ الراشدي للفاروق : •

المدائن : بلدة بینھا وبین بغداد ستة فراسخ فتحت على ید سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنھ . 1 . 161مقامات العلماء للغزالي صـ 2

88

قامت دولة الفاروق على فقھ الخالفة الراشدة وكان ـ بعد هللا وتوفیقھ ـ لعبقری�ة الف��اروق أث��ر ف��ي تط��ویر مؤسس��ات الدول��ة واالجتھ��اد ف��ي الن��وازل الفقھی��ة ،

، وأدبیات عھد ، ومما ساعد على تأثر الحسن بن علي بثقافتھوإدارة األزمات ه أمیر المؤمنین علي من الف�اروق فق�د ك�ان عل�ي رض�ي هللا الفاروق قرب والد

عن��ھ عض��وا ب��ارزا ف��ي مجل��س ش��ورى الدول��ة العمری��ة ب��ل ك��ان ھ��و المستش��ار األول ، فقد كان عمر رضي هللا عنھ یعرف لعل�ي فض�لھ ، وفقھ�ھ ، وحكمت�ھ ،

، وك��ان لعل��ي 1ك��ان رأی��ھ فی��ھ حس��نا ، فق��د ثب��ت فی��ھ قول��ھ فی��ھ أقض��انا عل��يواجتھادات في األمور القضائیة ، والمالیة واإلداریة ف�ي عھ�د الف�اروق أخ�ذ بھ�ا أمی�ر الم��ؤمنین عم��ر ، وك��ان الف��اروق یستش�یر عل��ي ف��ي األم��ور الكبی��رة منھ��ا

، وح��ین فتح��ت والص��غیرة ، وق��د استش��اره ح��ین ف��تح المس��لمون بی��ت المق��دس نھاون�د وقت�ال الف�رس ، وح�ین أراد أن المدائن ، وعندما أراد عمر التوجھ إل�ى

، 2یخرج لقتال ال�روم ، وف�ي موض�ع التق�ویم الھج�ري وغی�ر ذل�ك م�ن األم�وروك��ان عل��ي رض��ي هللا عن��ھ طیل��ة حی��اة عم��ر مستش��ارا ناص��حا لعم��ر محب��ا ل��ھ

ھم م�ودة ومحب�ة وثق�ة متبادل�ة ، خائفا علیھ ، وكان عمر یح�ب علی�ا وكان�ت بی�نوم���ع ذل���ك ی���أبى أع���داء اإلس���الم إال أن ی���زوروا الت���اریخ ، ویقص���وا بع���ض الروایات التي تناسب أمزجتھم ومشاربھم لیصوروا لنا فترة الخلفاء الراش�دین عب��ارة ع��ن : أن ك��ل واح��د م��نھم ك��ان یت��ربص ب��اآلخر ال��دوائر لی��نقض علی��ھ ،

، إن م��ن أب��رز م��ا یالحظ��ھ 3الك��والیس وك��ل أم��ورھم كان��ت تج��ري م��ن وراءالمتأمل ف�ي خالف�ة عم�ر تل�ك الخصوص�یة ف�ي العالق�ة وذل�ك التع�اون المتمی�ز الص��افي ، ب��ین عم��ر وعل��ي رض��ي هللا عنھم��ا ، فق��د ك��ان عل��ي ھ��و المستش��ار

إال األول لعمر في سائر القضایا والمشكالت وما اقت�رح عل�ي عل�ى عم�ر رأی�ا قناعة ، وكان علي رضي هللا عن�ھ یمحض�ھ النص�ح واتجھ عمر إلى تنفیذه عن

، فال شك أن تل�ك العالق�ة ب�ین عل�ي وعم�ر رض�ي هللا 4في كل شئونھ وأحوالھك الجی�ل لعنھما لھا انعكاساتھا الثقافیة والعلمیة والتربویة على الحسن وأبناء ذ

المواقف التي تدل على قوة العالقة بین عمر وعلي كثیرة منھا :و لثوب أخي وخلیلي :كساني ھذا ا •

خرج علي وعلیھ برد ع�دني فق�ال : كس�اني ھ�ذا الث�وب أخ�ي وخلیل�ي وص�فیي ، وفي روایة ع�ن أب�ي الس�فر ق�ال : رؤي عل�ى 5وصدیقي أمیر المؤمنین عمر

علي بن أبي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ ب�رد ك�ان یكث�ر لبس�ھ ق�ال : فقی�ل : ی�ا أمی�ر نع��م ، إن ھ��ذا كس��انیھ خلیل��ي الم��ؤمنین إن��ك لتكث��ر ل��بس ھ��ذا الب��رد ؟ فق��ال :

وم�ن 6ىوصفیي عمر بن الخط�اب رض�ي هللا عن�ھ ناص�ح هللا فنص�حھ ، ث�م بك�ھ��ذه القص��ص وأمثالھ��ا ع��رف الحس��ن حقیق��ة محب��ھ عل��ي وأھ��ل البی��ت لعم��ر

ومحبة عمر لھم . . 1102االستیعاب في معرفة األصحاب صـ 1 . 99علي بن أبي طالب مستشار أمین للخلفاء الراشدین صـ 2 . 99علي بن أبي طالب مستشار أمین للخلفاء الراشدین صـ 3 . 529فقھ السیرة النبویة للبوطي صـ 4 . 140المختصر من كتاب الموافقة صـ 5 ) 12/29المصنف البن أبي شیبة ( 6

89

ما قالھ علي في عمر بعد استشھاده : •ھ ف�نلبخ�اري : وص�نع عم�ر عل�ى س�ریره فتكبن عب�اس كم�ا ف�ي ص�حیح ااقال

ن�ي إال رج�ل أخ�ذ عفیھم ، فل�م یر انأالناس یدعون ویصلون ، قبل أن یرفع ، ومنكب��ي ، إذا عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ، فت��رحم عل��ى عم��ر وق��ال : م��ا خلف��ت أح��دا أحب إلي أن ألقى هللا بمثل عملھ منك ، وای�م هللا إن كن�ت ألظ�ن أن یجعل�ك هللا

ص��لى هللا علی��ھ وس��لم م�ا أس��مع النب��ي ا م�ع ص��احبیك وحس��بت أن��ي كن��ت كثی��ریقول : ذھبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر ، وخرجت أنا

. 1وأبو بكر وعمر إن عمر بن الخطاب كان یكره نزولھ ، فأنا أكرھھ لذلك : •

لما فرغ علي م�ن وقع�ھ الجم�ل ، ودخ�ل البص�رة ، وش�یع أم الم�ؤمنین عائش�ة البص��رة إل��ى الكوف��ة ، ف��دخلھا ی��وم لم��ا أرادت الرج��وع إل��ى مك��ة ، س��ار م��ن

االثنین ، لثنتي عشرة لیلة خلت من رجب سنة ست وثالثین ، فقیل ل�ھ : أن�زل بالقصر األبیض ، فقال : ال إن عمر ب�ن الخط�اب ك�ان یك�ره نزول�ھ فأن�ا أك�ره

2لذلك ، فنزل في الرحبة وصلى في الجامع األعظم ركعتین حب أھل البیت لعمر رضي هللا عنھ : •

ا ـمن داللة محبة أھل البی�ت لعم�ر رض�ي هللا عن�ھ تس�میة أبن�ائھم بإس�مھ حب�إن وإعجابا بشخصیتھ ، وتقدیرا لما أتى بھ من األفع�ال الطیب�ة والمك�ارم العظیم�ة ، ولم��ا ق��دم إل��ى اإلس��الم م��ن الخ��دمات الجلیل��ة ، وإق��رارا بالص��الت الودی��ة

لص�ھر الق�ائم بین�ھ وبی�نھم ، الوطیدة والتي تربطھ بأھ�ل بی�ت النب�وة وال�رحم ، افأول من سمي ابنھ باسمھ أمیر المؤمنین علي بن أبي طال�ب س�مى ابن�ھ م�ن أم

، وقد جاء في كتاب صاحب الفص�ول ، تح�ت 3حبیب بنت ربیعة البكریة عمرذكر أوالد علي بن أبي طالب : وعمر من التغلبی�ة وھ�ي الص�ھباء بن�ت ربیع�ة

ن الولید بعین التمر ، وعمر عم�ر ھ�ذا حت�ى من السبي الذي أغار علیھم خالد ببلغ خمسا وثم�انین س�نة فح�از نص�ف می�راث عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ، وذل�ك أن جمی��ع اخوت��ھ وأش��قائھ وھ��م عب��د هللا وجعف��ر وعثم��ان قتل��وا جم��یعھم قبل��ھ م��ع

، ھ��ذا 4الحس��ین رض��ي هللا ع��نھم ـ یعن��ي ان��ھ ل��م یقت��ل معھ��م ـ ب��الطف ف��ورثھمالح��ب لعم��ر ب��ن الخط��اب رض��ي هللا ع��نھم فس��مي أح��د وتبع��ھ الحس��ن ف��ي ذل��ك

، وك�ذلك الحس�ین ب�ن عل�ي س�مي عم�ر ، وم�ن بع�د الحس�ین 5أبنائھ عمر أیضا، وك�ذلك موس�ى 6س�مى أح�د أبنائ�ھ باس�م عم�ر ابنھ علي الملقب بزین العابدین

، فھ�ؤالء األئم�ة م�ن 7بن الصادق الملقب بالكاظم سمى أحمد أبنائھ باس�م عم�ریت الذین ساروا على ھدي النبي صلى هللا علیھ وسلم ومعالم منھج أھل أھل الب

. 3685البخاري رقم 1 . 383دة ، محمد كنعان صـ تاریخ الخالفة الراش 2 . 133) الشیعة وأھل البیت صـ 2/213تاریخ الیعقوبي ( 3 . 133، الشیعة وأھل البیت صـ 143الفصول المھمة صـ 4 . 133الشیعة وأھل البیت صـ 5 . 134المصدر نفسھ صـ 6 . 135المصدر نفسھ صـ 7

90

الس���نة والجماع���ة بس���یرتھ العط���رة یظھ���رون لعم���ر الف���اروق م���ا یكنون���ھ ف���ي وك�ذلك اإلس�م صدورھم من حبھم ووالئھم لھ بعد وفاتھ بم�دة ، وق�د ج�رى ھ�ذا

ھج أبو بكر وعثمان في ذریة أھل البیت ممن ساروا على مذھب الحق وھو م�نأھل السنة والجماعة إلى یومنا ھذا ، ونجد أس�ماء الص�حابة وأمھ�ات الم�ؤمنین في البیوت الھاش�میة الت�ي التزم�ت بالكت�اب والس�نة ، فق�د س�موا طلح�ة ، وعب�د الرحمن وعائشة وأم سلمة ونحن ندعو الش�یعة الی�وم ، االقت�داء بعل�ي والحس�ن

دین هللا وأصحاب رس�ولھ والحسین وسائر األئمة من آل البیت فیحبون أنصار، فیس����مون بع����ض أبن����ائھم وبن����اتھم بأس����ماء الخلف����اء الراش����دین ، وأمھ����ات

نرجو ذلك .1المؤمنینقول عبد هللا بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طال�ب •

في عمر :مسح على الخف�ین ، عن حفص بن قیس ، قال : سألت عبد هللا بن الحسن عن ال

فقد مسح عمر بن الخطاب رضي هللا عنھ ، ق�ال : فقل�ت : أمسح ، الـفقال ، فقل�ك ، أخب�رك ع�ن عم�ر وتس�ألني ‘ : إنما أسألك أنت تمسح ؟ ق�ال : ذاك أعج�ز

عن رأیي ، فعمر كان خیرا مني ومن ملء األرض . فقلت : یا أبا محمد ، فإن ـ : أناسا یزعمون أن ھذا منكم تقیة ، قال : فقال لي ـ ونحن بین القب�ر والمنب�ر

اللھم إن ھذا قولي في السر والعالنی�ة ، ف�ال تس�معن عل�ي ق�ول أح�د بع�دي . ث�م قال : من ھذا الذي یزعم أن علیا رضي هللا عنھ كان مقھورا ، وأن رس�ول هللا صلى هللا علیھ وسلم أمره بأمر ول�م ینف�ذه . وكف�ى ب�إزراء عل�ى عل�ي ومنقص�ة

. 2م أمره بأمره ولم ینفذهأن یزعم أن رسول هللا صلى هللا علیھ وسل ثالثا : في عھد عثمان بن عفان رضي هللا عنھ :

وثیق�ة بال�دعوة اإلس�المیة م�ن س�نتھا األول�ى ، فل�م ةكان ذو الن�ورین عل�ى ص�لة في حی�اة النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، ة ، والعام ة الخاص یفتھ من أخبار النبو

ف��ي حی��اة الش��یخین ، ول��م یفت��ھ بعب��ارة ول��م یفت��ھ ش��ئ بع��دھا م��ن أخب��ار الخالف��ة س��میھ الی��وم بأعم��ال التأس��یس ف��ي الدول��ة اإلس��المیة ، وك��ان نأخ��رى ش��ئ مم��ا

ى علی��ھ عثم��ان ب��ن عف��ان ، وك��ل الص��حابة الك��رام ب��الم��نھج الترب��وي ال��ذي ترالقرآن الكریم ، المنزل من عند رب العالمین ، كما أن الراف�د الق�وي ال�ذي أث�ر

عف�ان ، وص�قل مواھب�ھ ، وفج�ر طاقت�ھ ، وھ�ذب نفس�ھ في شخصیة عثمان بنھو مصاحبتھ لرسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، وتتلمذه على یدی�ھ ف�ي مدرس�ة النبوة ، ذلك : أن عثمان رضي هللا عنھ الزم الرسول صلى هللا علیھ وسلم ف�ي

إسالمھ كما الزم�ھ ف�ي المدین�ة بع�د ھجرت�ھ ، فق�د نظ�م عثم�ان نفس�ھ ، دمكة بعرص على التلمذة في حلق�ات مدرس�ة النب�وة ف�ي ف�روع ش�تى م�ن المع�ارف وح

والعلوم على یدي معلم البشریة ، وھادیھا ، والذي أدبھ رب�ھ ، فأحس�ن تأدیب�ھ ، ولم یكن عثمان بن عفان رضي هللا عنھ ممن تخلفوا عن بدر لتقاعس من�ھ ، أو

. 230اذھبوا فأنتم الرافضة ، عبد العزیز الزبیري صـ 1 . 57النھي عن سب األصحاب وما فیھ من اإلثم والعقاب لمحمد عبد الواحد المقدسي صـ 2

91

تغیبھ ع�ن ب�در ھروب ینشده ، كما یزعم أصحاب األھواء ممن طعن علیھ في ، فھو لم یقصد مخالفة الرسول صلى هللا علیھ وس�لم ، ألن الفض�ل ال�ذي ح�ازه أھ��ل ب��در ف��ي ش��ھود ب��در طاع��ة الرس��ول ومتابعت��ھ ، وعثم��ان رض��ي هللا عن��ھ خرج فیمن خرج مع الرسول صلى هللا علیھ وس�لم ف�رده ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

تت بس�بب ذل�ك ، فك�ان عثم�ان للقیام على ابنتھ رقیة التي اشتد بھا المرض ومافي أجل فرض لطاعتھ لرس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ ، وتخلف�ھ ، وق�د ض�رب ل�ھ

ز ـبسھمھ ، وأجره ، وشاركھم في الغنیمة والفضل ، واألجر لطاعتھ المولى عي اختص�اص وجل ورسولھ ، وانقیاده لھما ، وفي الحدیبیة ذكر المح�ب الطب�ر

بإقام�ة ی�د النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ھصاص�: اخت اـعثمان بع�دة أم�ور ، منھ�الكریم��ة مق��ام ی��د عثم��ان لم��ا ب��ایع الص��حابة ، وعثم��ان غائ��ب ، واختصاص��ھ بتبلیغ رسالة رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم إلى من بمكة أسیرا م�ن المس�لمین وذكر شھادة النب�ي ف�ي عثم�ان بموافقت�ھ ف�ي ت�رك الط�واف لم�ا أرس�لھ ف�ي تل�ك

ي فتح مكة قبل رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم شفاعة عثمان بن ، وف 1الرسالة، وم�ن حی�اة عثم�ان رض�ي هللا 2عفان في عبد هللا بن أبي الس�رح ف�ي ف�تح مك�ة

عن��ھ االجتماعی��ة ف��ي المدین��ة ، زواج��ھ م��ن أم كلث��وم بن��ت رس��ول هللا ص��لى هللا م�ان ، ث�م وف�اة علیھ وسلم بعد وفاة رقیة بنت رسول هللا ، ووفاة عب�د هللا ب�ن عث

أم كلثوم رضي هللا عنھا ، وم�ن مس�اھمتھ اإلقتص�ادیة ف�ي بن�اء الدول�ة ، ش�راء بئر رومة بعشرین ألف درھم ، وجعلھ�ا عثم�ان رض�ي هللا عن�ھ للغن�ي والفقی�ر وابن السبیل ، وتوسعة المس�جد النب�وي ، وإنفاق�ھ الكبی�ر عل�ى ج�یش العس�رة ،

یره ، ومنھا ما ورد في فض�لھ وح�ده وقد وردت أحادیث كثیرة في فضلھ مع غ، وقد أخبر رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم عن الفتنة الت�ي یقت�ل فیھ�ا عثم�ان ، وكان رضي هللا عنھ من الصحابة وأھل الشورى الذین یؤخذ رأیھم في أمھات المسائل في عھد الصدیق ، فھو ث�اني اثن�ین ف�ي الحظ�وة عن�د الص�دیق ، فعم�ر

ف��ق واألن��اة ، وك��ان عم��ر وزی��ر لوااب��ن الخط��اب للح��زم ش��دائد ، وعثم��ان للرالخالفة الصدیقیة ، وكان عثمان أمینھا الع�ام ، وكاتبھ�ا األكب�ر ، وك�ان رض�ي

م�وه رهللا عنھ ذا مكانة عند عمر ، فك�انوا إذا أرادوا أن یس�ألوا عم�ر ع�ن ش�ئ دی��ف دی��ف والر ـ��بعثم��ان وبعب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف ، وك��ان عثم��ان یس��مى الر

والع�رب تق�ول ذل�ك للرج�ل ال�ذي ـبلسان الع�رب ھ�و ال�ذي یك�ون بع�د الرج�ل 3یرجونھ بعد رئیس ، وكانوا إذا لم یقدر ھذان على عمل ش�ئ ، ثلث�وا بالعب�اس

. وكان الحسن بن علي رضي هللا عنھ في عھد عثمان في عز الشباب وعنفوان�ھ

ور حول��ھ وی��تعلم م��ن أن یس��توعب م��ا ی��د ھاح لص��احب، فق��د ك��ان ف��ي س��ن یس��ماألحداث ومن سیاسة الخلیفة الراشد عثمان ومن حولھ من أصحاب رس�ول هللا

صلى هللا علیھ وسلم ، ومن أھم الدروس التي استوعبھا الحسن بن علي ھي :

. 491، 490المناقب النضرة في المناقب العشرة صـ 1 . 79أضواء البیان في تاریخ القرآن ، لصابر أبو سلیمان صـ 2 274تیسیر الكریم المنان في سیرة عثمان للصالبي ص 3

92

ـ الفقھ العمري في االستخالف : 1ظ�ات ھ بوح�دة األم�ة ، ومس�تقبلھا حت�ى اللحـاستمر اھتم�ام الف�اروق رض�ي هللا عن�

األخیرة من حیاتھ ، رغم ما كان یعانیھ م�ن آالم جراحات�ھ البالغ�ة ، وھ�ي ب�ال ش�ك ، وق�د 1لحظات خال�دة ، تجل�ى فیھ�ا إیم�ان الف�اروق العمی�ق ، وإخالص�ھ ، وإیث�اره

استطاع الفاروق في تلك اللحظات الحرجة أن یبتكر طریق�ة جدی�دة ل�م یس�بق إلیھ�ا دل�یال ملموس�ا ، ومعلم�ا واض�حا عل�ى فقھ�ھ ف�ي في اختیار الخلیفة الجدید ، وكانت

سیاس��ة الدول��ة اإلس��المیة ، لق��د مض��ى قبل��ھ الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ول��م یق ، واس��تخلف ��د یس��تخلف بع��ده أح��دا ب��نص ص��ریح ، ولق��د مض��ى أب��و بك��ر الص

�ا طل�ب م�ن الف�اروق أن یس�تخلف �حابة ، ولم وھ�و الفاروق بعد مشاورة كب�ار الصعلى فراش الموت ، فكر في األمر ملیا ، وقرر أن یسلك مس�لكا آخ�ر یتناس�ب م�ع المقام ، فرس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ت�رك الن�اس ، وكلھ�م مق�ر بأفض�لیة أب�ي بكر ، وأسبقیتھ علیھم فاحتمال الخالف كان نادرا ، وخصوصا أن النبي ص�لى هللا

یق ىوفعال إل علیھ وسلم وجھ األمة قوال �د أن أبا بكر أول�ى ب�األمر م�ن بع�ده والصلما استخلف عمر ، كان یعلم : أن عند الصحابة أجمع�ین قناع�ة ب�أن عم�ر أق�وى ، وأفضل م�ن یحم�ل المس�ئولیة بع�ده ، فاس�تخلفھ بع�د مش�اورة كب�ار الص�حابة ، ول�م

یق�ة انتخ�اب ، وأم�ا طر 2یخالف رأیھ أحد منھم ، وحصل اإلجماع على بیع�ة عم�رالخلیفة الجدید ، فتعتمد على جع�ل الش�ورى ف�ي ع�دد محص�ور ، وق�د حص�ر س�تة من صحابة رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم كلھم یصلحون لتولي األمر ، ولو أنھم یتف���اوتون ، ویح���دد لھ���م طریق���ة االنتخ���اب ، ومدت���ھ ، وع���دد األص���وات الكافی���ة

ح إن تعادل��ت األص��وات ، النتخ��اب الخلیف��ة ، وح��دد الحك��م ف��ي المجل��س ، والم��رجوأمر مجموعة م�ن جن�ود هللا لمراقب�ة س�یر االنتخاب�ات ف�ي المجل�س ، وعق�اب م�ن

ى بحیث ال یسمحون ألحد یدخل ، أو یسمع م�ا ضیخالف أمر الجماعة ، ومنع الفو ، وھذا بیان ما أجمل في الفقرات السابقة . 3یدور في مجلس أھل الحل والعقد

العدد الذي حدده للشورى ، وأسماؤھم : أ ـأما العدد ، فھو ستة ، وھم : علي بن أب�ي طال�ب ، وعثم�ان ب�ن عف�ان ، وعب�د

الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وق�اص ، والزبی�ر ب�ن الع�وام ، وطلح�ة ب�ن م��ن العش��رة رك س��عید ب��ن زی��د ، وھ��وت��عبی��د هللا رض��ي هللا ع��نھم جمیع��ا ، و

، وك�ان عم�ر رض�ي 4لة بني ع�دي یجنة ، ولعلھ تركھ ألنھ من قبین بالمبشرالهللا عنھ حرصا على إبعاد اإلمارة عن أقاربھ ، مع أن فیھم من ھ�و أھ�ل لھ�ا ،

. 5فھو یبعد قریبھ سعید بن زید عن قائمة المرشحین للخالفة ب ـ طریقة اختیار الخلیفة :

ش�اوروا ، وف�یھم عب�د هللا ب�ن عم�ر أمرھم ، أن یجتمعوا ف�ي بی�ت أح�دھم ، ویت یحضر معھ�م مش�یرا فق�ط ، ول�یس ل�ھ م�ن األم�ر ش�ئ ، ویص�لي بالن�اس أثن�اء

. 161وق عمر بن الخطاب للعاني صـ الخلیفة الفار 1 . 122أولیات الفاروق للقرشي صـ 2 . 124أولیات الفاروق ، صـ 3 ) .7/142البدایة والنھایة ( 4 . 98الخلفاء الراشدون للخالدي صـ 5

93

ومي ، وقال لھ : أنت أمیر الصالة في ھذه األیام الثالث�ة . التشاور صھیب الرتة ، فیصبح ھذا ترشیحا م�ن عم�ر ل�ھ حتى ال یولي إمامة الصالة أحدا من الس

، وأم�ر المق�داد ب��ن األس�ود ، وأب�ا طلح��ة األنص�اري أن یرقب�ا س��یر 1ف�ةبالخال . 2االنتخابات

ت ـ مدة االنتخابات أو المشاورة :ح��ددھا الف��اروق رض��ي هللا عن��ھ ب��ثالث أی��ام ، وھ��ي فت��رة كافی��ة ، وإن زادوا

ی�وم ستتس�ع ، ول�ذلك ق�ال لھ�م : ال ی�أتي ال یھا ، فمعنى ذلك أن شقة الخ�الفعل . 3الرابع إال وعلیكم أمیر

ث ـ عدد األصوات الكافیة الختیار الخلیفة :رض�ي هللا عن�ھ ق�ال لص�ھیب : م�رسعد بإسناد رجال�ھ ثق�ات : أن ع أخرج ابن

ھط في بیت ، فإذا اجتمعوا عل�ى رج�ل ، صل بالناس ثالثا ، ولیخل ھؤالء الرن�ھ أم�ر بقت�ل م�ن یری�د أن ، فعم�ر رض�ي هللا ع 4فمن خ�الفھم فاض�ربوا رأس�ھ

ق بی��نھم ، عم��ال بقول��ھ یخ��الف ھ��ؤالء ال��رھط ویش��ق عص��ا المس��لمین ، ویف��رصلى هللا علیھ وسلم : من أتاكم وأمركم جمیع على رج�ل م�نكم یری�د أن یش�ق

، وما جاء في كتب التاریخ من أن عم�ر 5عصاكم ، أو یفرق جماعتكم فاقتلوهم�اع ، والتش�اور وح�دد لھ�م أن�ھ إذا اجتم�ع خمس�ة رضي هللا عنھ أمرھم باالجت

منھم على رجل ، وأبى أحدھم ، فلیضرب رأسھ بالس�یف ، وإن اجتم�ع أربع�ة وی�ات 6، ورضوا رجال منھم ، وأبى اثنان فاض�رب رؤوس�ھما ، فھ�ذه م�ن الر

افض�ي التي ال تصح سندا ، فھ�ي م�ن الغرائ�ب ، الت�ي س�اقھا أب�و مخن�ف ـ الر��حابة الش��یع ي ـ مخالف��ا فیھ��ا النص��وص الص��حیحة وم��ا ع��رف م��ن س��یر الص

رض��ي هللا ع��نھم ، فم��ا ذك��ر أب��و مخن��ف م��ن ق��ول عم��ر لص��ھیب : وق��م عل��ى رؤوسھم ـ أي : أھ�ل الش�ورى ـ ف�إن اجتم�ع خمس�ة ، ورض�وا رج�ال ، وأب�ى واحد ، فاشدخ رأسھ بالسیف ، وإن اتفق أربعة ، فرض�وا رج�ال م�نھم ، وأب�ى

: فھذا قول منكر، وكیف یقول عمر رضي هللا عنھ 7ن فاضرب رؤوسھمااثنا��فوة م��ن أص��حاب رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ ھ��ذا ، وھ��و یعل��م : أنھ��م ھ��م الص

، وق�د ورد ع�ن 8وسلم ، وھو الذي اختارھم لھذا األمر لعلمھ بفض�لھ وق�درھمف�إن اس�تقاموا ر ق�ال لألنص�ار " أدخل�وھم بیت�ا ثالث�ة أی�ام ،ـابن س�عد : أن عم�

وایة منقطعة ، وف�ي إس�نادھا 9وإال فادخلوا علیھم فاضربوا أعناقھم ، وھذه الر . 10"سماك بن حرب" وھو ضعیف ، وقد تغیر بأخره

. 213الخالفة والخلفاء الراشدون للبھنساوي صـ 1 . 648أشھر مشاھیر اإلسالم في الحرب والسیاسة صـ 2 ) .3/364الطبقات البن سعد ( 3 ) .3/364المصدر السابق نفسھ ( 4 ) .3/1480مسلم ( 5 ) .5/226تاریخ الطبري ( 6 المصدر السابق نفسھ . 7 . 175ي مخنف في تاریخ الطبري ، د . یحي صـ بمرویات أ 8 ) .3/342الطبقات البن سعد ( 9

. 176مرویات أبي مخنف في تاریخ الطبري صـ 10

94

جـ ـ الحكم في حال االختالف :لقد أوصى بأن یحضر عبد هللا بن عمر معھم ف�ي المجل�س ، وأن ل�یس ل�ھ م�ن

رضي ثالثة رجال منھم ، وثالثة رجال م�نھم األمر شئ ، ولكن قال لھم ، فإن موا عبد هللا بن عمر ، فأي الفریقین حكم لھ فلیختاروا رجال منھم ، ف�إن ، فحكحمن ب�ن لم یرض�وا بحك�م عب�د هللا ب�ن عم�ر ، فكون�وا م�ع ال�ذین ف�یھم عب�د ال�رحمن بن عوف بأنھ مس�دد رش�ید ، فق�ال عن�ھ ، ونع�م عوف ، ووصف عبد الرحمن ب�ن ع�وف مس�دد رش�ید ، ل�ھ م�ن هللا ح�افظ ، فاس�معوا ذو الرأي عب�د ال�ر

. 1منھ ح ـ جماعة من جنود هللا تراقب االختیار ، وتمنع الفوضى :

طلب عمر أبا طلحة األنصاري ، وقال لھ : یا أبا طلحة : إن هللا ـ عز وج�ل ـ ھط أعز اإلسالم بكم ، فاختر خمسین رجال من األنص ار ، فاستحث ھؤالء الر

. وق�ال للمق�داد ب�ن األس�ود : إذا وض�عتموني ف�ي 2، حتى یختاروا رجال م�نھمھط في بیت حتى یختاروا رجال منھم . 3حفرتي ، فاجمع ھؤالء الر

خ ـ جواز تولیة المفضول مع وجود األفضل :، ألن عم�ر ومن فوائد الش�ورى : ج�واز تولی�ة المفض�ول م�ع وج�ود األفض�ل

جعل الشورى في ستة أنفس م�ع علم�ھ : أن بعض�ھم ك�ان أفض�ل م�ن بع�ض ، ویؤخذ ھذا من س�یرة عم�ر ف�ي أمرائ�ھ ال�ذین ك�ان ی�ؤمرھم ف�ي ال�بالد ، حی�ث یاس�ة ین فق�ط ، ب�ل یض�م إلی�ھ مزی�د المعرف�ة بالس كان ال یراعي الفضل في ال�د

ف معاوی�ة ، والمغی�رة ب�ن ش�عبة ، مع اجتناب ما یخالف الشرع منھا ، فاستخلین ، وعمرو بن العاص م�ع وج�ود م�ن ھ�و أفض�ل م�ن ك�ل م�نھم ف�ي أم�ر ال�د

ام ، وابن مسعود في الكوفة . 4والعلم كأبي الدرداء في الش ش ـ جمع عمر بین التعیین ، وعدمھ :

عرف عمر ، أن الش�ورى ل�ن تك�ون ب�ین الس�تة فق�ط ، وإنم�ا س�تكون ف�ي أخ�ذ ي الناس في المدینة ، فیمن یتولى الخالفة ، حیث جعل لھم أمد ثالث�ة أی�ام ، رأ

فیمكنھم من المشاورة ، والمناظرة لتقع والی�ة م�ن یت�ولى بع�ده ع�ن اتف�اق م�ن معظم الموجودین حینئذ ببلده الت�ي ھ�ي دار الھج�رة ، وبھ�ا معظ�م الص�حابة ،

لھم فیم�ا یتفق�ون علی�ھ ، فم�ا زال�ت وكل من كان ساكنا في بلد غیرھا كان تبعا�حابة فیھ�ا ، حی�ث 23المدینة حتى س�نة �حابة ب�ل ألن كب�ار الص ھ�ـ مجم�ع الص

. 5استبقاھم عمر بجانبھ ، ولم یأذن لھم بالھجرة إلى األقالیم المفتوحة ك ـ أھل الشورى أعلى ھیئة أعلى ھیئة سیاسیة :

دھم اختیار الخلیفة م�ن بی�نھم ، حورى وإن عمر رضي هللا عنھ أناط بأھل الش وم��ن المھ��م أن نش��یر إل��ى أن أح��دا م��ن أھ��ل الش��ورى ل��م یع��ارض ھ��ذا الق��رار

) .5/325تاریخ الطبري ( 1 ) .5/225تاریخ الطبري ( 2 المصدر السابق . 3 ) .2/97المدینة النبویة فجر اإلسالم والعصر الراشدي ( 4 المصدر السابق . 5

95

�حابة اآلخ�رین ل�م یـأحدا م�الذي اتخذه عمر ، كما أن ر أي اعت�راض ش�ن الصعلی��ھ ، ذل��ك م��ا ت��دل علی��ھ النص��وص الت��ي ب��ین أی��دینا ، ف��نحن ال نعل��م : أن

رض�ة اراحا آخر قد صدر عن أح�د م�ن الن�اس ف�ي ذل�ك العص�ر ، أو أن معاقتث��ارت ح��ول أم��ر عم��ر خ��الل الس��اعات األخی��رة م��ن حیات��ھ ، أو بع��د وفات��ھ ، وإنم���ا رض���ي الن���اس كاف���ة ع���ن ھ���ذا الت���دبیر ، ورأوا فی���ھ مص���لحة لجماع���ة المس��لمین ، وف��ي وس��عنا أن نق��ول : إن عم��ر ق��د أح��دث ھیئ��ة سیاس��یة علی��ا ،

تھا انتخاب رئیس الدولة ، أو الخلیف�ة ، وھ�ذا التنظ�یم الدس�توري الجدی�د ، مھمھ��ا ال��ذي أبدعت��ھ عبقری��ة عم��ر ال یتع��ارض م��ع المب��ادئ األساس��یة الت��ي أقراإلسالم ، وال سیما فیما یتعلق بالشورى ، ألن الغیرة من حی�ث النتیج�ة للبیع�ة

ة التي تجري في المسجد الج �ھ الس�ؤال ال�ذي ق�د العام امع . وعل�ى ھ�ذا ال یتوجیرد على بعض األذھان ، وھو : م�ن أعط�ى عم�ر ھ�ذا الح�ق ؟ م�ا ھ�و مس�تند ت ھ�ذا عمر في ھذا التدبیر ؟ ویكفي أن نعلم أن جماع�ة م�ن المس�لمین ق�د أق�رالتدبیر ، ورض�یت ب�ھ ، ول�م یس�مع ص�وت اعت�راض علی�ھ ، حت�ى نتأك�د : أن

، وال 1وھو من مص�ادر التش�ریع ـ ق�د انعق�د عل�ى ص�حتھ ، ونف�اذهاإلجماع ـ د : أن أھل الشورى أعلى ھیئة ننسى أن عمر خلیفة راشد ، كما ینبغي أن نؤكاش�دي ، كم�ا : أن الھیئ�ة ه نظام الحكم في اإلس�الم ف�ي العھ�د الر سیاسیة قد أقر

ا م�ن جماع�ة المس�لمین ، التي سماھا عمر ، تمتعت بمزایا لم یتمتع بھ�ا غیرھ�الم�ؤمنین أن دوھذه المزایا منحت لھا من هللا ، وبلغھا الرسول ، فال یمكن عن�

ذا خ�تم كیبلغ أحد من المسلمین مبلغ ھؤالء العشرة ، من التقوى ، واألمانة . ھعمر رضي هللا عنھ حیاتھ ، ول�م یش�غلھ م�ا ن�زل ب�ھ م�ن ال�بالء ، وال س�كرات

ر المس�لمین ، وأرس�ى نظام�ا ص�الحا للش�ورى ل�م یس��بقھ الم�وت ع�ن ت�دبیر أم�علیھ أحد ، وال یشك : أن أصل الشورى مق�رر ف�ي الق�رآن الك�ریم ، ، والس�نة

وقد عمل بھا رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وأب�و بك�ر ، القولیة ، والفعلیة ،عم��ر ھ��و تعی��ین ول��م یك��ن عم��را مبت��دعا بالنس��بة لألص��ل ، ولك��ن ال��ذي عمل��ھ

الطریقة التي یخت�ار بھ�ا الخلیف�ة ، وحص�ر ع�دد مع�ین جعلھ�ا ف�یھم ، وھ�ذا ل�م ل یق رض�ي هللا عن�ھ ، ب�ل أو �د یفعلھ الرس�ول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، وال الصمن فعل ذلك عم�ر ، ونع�م م�ا فع�ل ، فق�د كان�ت أفض�ل الط�رق المناس�بة لح�ال

��حابة ف��ي ذل��ك الوق��ت ش��ك ب��أن ھ��ذا التط��ویر الرائ��ع لفق��ھ الخالف��ة ، وال 2الصوالوعي السیاسي وما تتطلبھ المرحل�ة م�ن اجتھ�ادات عملی�ة س�اھم ف�ي تثقی�ف وتعلیم الحسن بن علي رضي هللا عنھ وأعطاه فھما واسعا ونظ�را ثاقب�ا ، فیم�ا بعد مما جعلھ یختار أسلوبا جدیدا ، ل�م یس�بق إلی�ھ س�اھم ف�ي توحی�د األم�ة بع�د

رق��ة واالخ��تالف ، فالشخص��یات الف��ذة ، والعبقری��ات المبدع��ة ال ت��أتي م��ن الففراغ وإنما ھي حصیلة لخبرة واسعة ، واس�تفادة كبی�رة م�ن جھ�ود م�ن س�بقھا

في البناء الحضاري الرباني الراشدي . ـ منھج عبد الرحمن بن عوف في إدارة الشورى : 2

) . 258، 1/227نظام الحكم في الشریعة والتاریخ للقاسمي ( 1 . 127أولیات الفاروق صـ 2

96

ن م��نھج عب��د ال��رحمن ب��ن ومم�ا عاص��ره الحس��ن ب��ن عل��ي ف��ي أم��ر بیع��ة عثم��ا عوف في إدارة الشورى والذي تمثل في الخطوات التالیة :

أ ـ اجتماع الرھط للمشاورة :لم یكد یفرغ الناس من دفن عمر بن الخطاب رضي هللا عن�ھ حت�ى أس�رع

االجتم�اع ف�ي بی�ت ، رھط الشورى وأعض�اء مجل�س الدول�ة األعل�ى إل�ى عنھا وقیل : إنھ�م اجتمع�وا ف�ي بی�ت فاطم�ة عائشة أم المؤمنین رضي هللا

ی��ة أخ��ت الض��حاك اب��ن ق��یس ، لیقض��وا ف��ي أعظ��م قض��یة الفھربن��ت ق��یس اة المسلمین ـ بع�د وف�اة عم�ر ـ وق�د تكل�م الق�وم ، وبس�طوا یعرضت في ح

�ة والكاف�ة آراءھم ، واھتدوا بتوفی�ق هللا إل�ى كلم�ة س�واء ، رض�یھا الخاص . 1من المسلمین

عبد الرحمن یدعو إلى التنازل :ب ـ عن��دما اجتم��ع أھ��ل الش��ورى ق��ال لھ��م عب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف : اجعل��وا

بی��ر : جعل��ت أم��ري إل��ى عل��ي . ـأم��ركم إل��ى ثالث��ة م��نكم . فق�� وق��ال ال الزعب��د . وق��ال س��عد : جعل��ت أم��ري إل��ى طلح��ة : جعل��ت أم��ري إل��ى عثم��ان

عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ، ال��رحمن ب��ن ع��وف . وأص��بح المرش��حون ثالث��ة ،وعثمان ب�ن عف�ان ، وعب�د ال�رحمن ب�ن ع�وف . فق�ال عب�د ال�رحمن أیكم�ا أ من ھذا األم�ر ، فنجعل�ھ إلی�ھ ، وهللا علی�ھ واإلس�الم لینظ�رن أفض�لھم تبرفي نفس�ھ ، فأس�كت الش�یخان ، فق�ال عب�د ال�رحمن ب�ن ع�وف : أفتجعلون�ھ

. 2 : نعمإلي وهللا علي أن ال آلو عن أفضلكما ؟ قاال جـ ـ تفویض ابن عوف بإدارة عملیة الشورى :

بدأ عب�د ال�رحمن ب�ن ع�وف رض�ي هللا عن�ھ اتص�االتھ ، ومش�اوراتھ ف�ور تة صباح یوم األح� ت مش�اوراتھ ـانتھاء اجتماع المرشحین الس د ، واس�تمر

ابع من ا لمح�رم ، واتصاالتھ ثالثة أیام كاملة ، حتى فجر یوم األربعاء الر، وھو موعد انتھاء المھلة التي حددھا لھ�م عم�ر ، وب�دأ عب�د ال�رحمن ب�ن ع��وف بعل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ، فق��ال ل��ھ : إن ل��م أبایع��ك فأش��ر عل��ي ، فم��ن ترشح للخالفة ؟ فقال عثم�ان : عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب .. وذھ�ب اب�ن ع�وف

من یلق�اه بعد ذلك إلى الصحابة اآلخرین ، واستشارھم ، وكان یشاور كل �حابة ، وأش�رافھم ، وم�ن أم�راء األجن�اد ، وم�ن في المدینة م�ن كب�ار الصیأتي للمدینة ، وشملت مشاوراتھ النساء في خدورھن ، وقد أب�دین رأیھ�ن ��بیان ، والعبی��د ف��ي المدین��ة والمس��لمین ك��انوا یش��یرون ، كم��ا ش��ملت الص

أب�ي طال�ب رض�ي هللا بعثمان بن عفان ، وم�نھم م�ن ك�ان یش�یر بعل�ي ب�نھ�ب عب�د ال�رحمن ب�ن ع�وف إل�ى عنھما ، وفي منتصف لیلة األربع�اء ، ذ

ابن أختھ : المسور بن مخرمة ، فطرق البی�ت ، فوج�د المس�ور نائم�ا تبی، فضرب الباب حتى استیقظ ، فقال : أراك نائما ، فوهللا م�ا اكتحل�ت ھ�ذه

. 63، 62 عثمان بن عفان ، لصادق عرجون صـ 1 . 2700البخاري ، ك فضائل أصحاب النبي رقم 2

97

. فدعوتھما لھ : فش�اورھما اللیلة بكبیر نوم ، انطلق فادع الزبیر ، وسعدا اللیل ثم ق�ام 1ثم دعاني ، فقال : أدع لي علیا ، فدعوتھ ، فنجاه حتى أبھار

علي من عنده .. ثم قال : ادع لي عثمان ، فدعوتھ فنجاه حتى فرق بینھما ن بالصبح . 2المؤذ بیعة عثمان : رضي هللا عنھ : ىح ـ االتفاق عل

6ھـ/ 23م البیعة ، الیوم األخیر من شھر ذي الحجة وبعد صالة صبح یو حمن ب��ن 644ن��وفمبر وم��ي اإلم��ام ، إذ أقب��ل عب��د ال��ر م وك��ان ص��ھیب الر

مھ بھا رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم عوف ، وقد اعتم بالعمامة التي عم، وك��ان ق��د اجتم��ع رج��ال الش��ورى عن��د المنب��ر ، فأرس��ل إل��ى م��ن ك��ان

جرین ، واألنص��ار ، وأم��راء األجن��اد ، م��نھم : معاوی��ة حاض��را م��ن المھ��اأمی��ر الش��ام ، وعمی��ر ب��ن س��عد أمی��ر حم��ص ، وعم��رو ب��ن الع��اص أمی��ر

��ة م��ع عم��ر ، وص��احبوه إل��ى المدین��ة ، 3مص��ر ، وك��انوا واف��وا تل��ك الحج�بح ، واجتم�ع أولئ�ك �ا ص�لى للن�اس الص وجاء في روایة البخ�اري : .. فلم

نب��ر ، فأرس��ل إل��ى م��ن ك��ان حاض��را م��ن المھ��اجرین ، ال��رھط عن��د الم��ة م�� ع ـواألنص��ار ، وأرس��ل إل��ى أم��راء األجن��اد ، وك��انوا واف��وا تل��ك الحج

د عب�د ال�رحمن ، ث�م ق�ال : أم�ا بع�د : ی�ا عل�ي : عمر ، فلما اجتمعوا ، تشھإن��ي ق��د نظ��رت ف��ي أم��ر الن��اس ، فل��م أرھ��م یع��دلون بعثم��ان ، ف��ال تجع��ل

: أبایعك على س�نة هللا ، 4یال . فقال عبد الرحمن مخاطبا عثمانبنفسك سبورسولھ ، ، والخلیفتین من بعده : فبایعھ الناس : المھاجرون ، واألنصار

. وجاء في روایة صاحب التمھید ، والبیان : 5وأمرا األجناد ، والمسلمینل من بایع بعد عبد الرحمن بن . 6عوف أن علي بن أبي طالب أو

س ـ حكمة عبد الرحمن بن عوف في تنفیذ خطة الشورى

: نفذ عبد الرحمن بن عوف خطة الشورى بما دل على شرف عقلھ ، ونبل

��ة ونفع��ھ نفس��ھ ، وإیث��اره مص��لحة المس��لمین العام��ة عل��ى مص��لحتھ الخاصف�ي ورضا أعظم منصب یطم�ح إلی�ھ إنس�ان الفردي ، وترك عن طواعیة

جم�ع كلم�ة المس�لمین ، وحق�ق أول مظھ�ر م�ن مظ�اھر الش�ورى الدنیا ، لیالمنظم��ة ف��ي اختی��ار م��ن یجل��س عل��ى ع��رش الخالف��ة ، ویس��وس أم��ور المس��لمین ، فھ��و ق��د اص��طنع م��ن األن��اة ، والص��بر ، والح��زم ، وحس��ن التدبیر ما كف�ل ل�ھ النج�اح ف�ي أداء مھمت�ھ العظم�ى ، وق�د كان�ت الخط�وط

التي اتخذھا كاآلتي :

أبھار : أي : انتصف . 1 . 7207البخاري ، ك األحكام ، رقم 2 وھناك خالفا في تحدید تاریخ البیعة . 37شھید الدار صـ 3 فقال : أي عبد الرحمن مخاطبا عثمان . 4 . 7207البخاري ، ك األحكام رقم 5 . 26والبیان صـ التمھید 6

98

ي دائرة ال�زمن ال�ذي ـبرنامجھ في أول جلسة عقدھا مجلس الشورى فبسط ـ •حدده لھم عمر ، وبذلك أمكنھ أن یحمل جمی�ع أعض�اء مجل�س الش�ورى عل�ى أن یدلوا برأیھم ، فعرف مذھب كل واحد منھم ، فس�ار ف�ي طریق�ھ عل�ى بین�ة

من أمره ،مس�ك بع�روة ن حقھ ف�ي الخالف�ة ، لی�دفع الظن�ون ویستـخلع نفسھ وتنازل عـ •

الثقة الوثقى .ف نھایة ما یص�بو إلی�ھ ك�ل واح�د م�ن أص�حابھ ، وش�ركائھ ف�ي ـ • أخذ في تعر

أي معھ�م ، حت�ى انتھ�ى إل�ى ش�بھ انتخ�اب الشورى ، فلم یزل یقلب وج�وه ال�رجزئي ، فاز فیھ عثمان برأي سعد بن أبي وقاص ، ورأي الزبیر بن العوام ،

ألعضاء الحاضرین معھ .فالحت لھ أغلبیة آراء امعرف��ة ك��ل واح��د م��ن اإلم��امین : عثم��ان ، وعل��ي ف��ي ص��احبھ عم��د إل��ىـ�� •

ھط الذین رشحھم عمر، فعرف م�ن ك�ل واح�د بالنسبة إلى وزنھ من سائر الر منھما : أنھ ال یعدل صاحبھ أحدا إذا فاتھ األمر .

�ـ • ف رأي م�ن وراء مجل�س الش�ورى م�ن خاص �ة ، وذوي أخذ في تع�ر ة األمرأیھا ، ثم من عامتھ�ا ، وض�عفائھا ، ف�رأى أن معظ�م الن�اس ال یع�دلون أح�دا

ة الناس . 1بعثمان ، فبایع لھ ، وبایعھ عاملق��د تمك��ن عب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف بكیاس��تھ ، وأمانت��ھ ، واس��تقامتھ ، ونس��یانھ

ھ�د ب�أع لى منص�ب ف�ي الدول�ة أن نفسھ بالتخلي عن الطم�ع ف�ي الخالف�ة ، والزیجتاز ھذه المحنة ، وقاد ركب الش�ورى بمھ�ارة ، وتج�رد مم�ا یس�تحق أعظ�م

. 2التقدیرحمن عزل��ھ نفس��ھ م��ن األم��ر وق��ت ق��ال ال��ذھبي : وم��ن أفض��ل أعم��ال عب��د ال��ر

ة م ا أالشورى ، واختیاره لألم ھ أھل الحل والعقد ، فنھض في ذلك أتم ـشار بمة على عثمان ، ولو كان محابیا فیھا ، ألخذھا لنفس�ھ ، نھوض على جمیع األم

ھ وأقرب الجماعة إلیھ سعد بن أبي وق�اص ، وبھ�ذا تحقق�ت 3أو لوالھا ابن عماش���دین : وھ���ي ص���ورة أخ���رى م���ن ص���ور الش���ورى ف���ي عھ���د الخلف���اء الر

مش��ورة االس��تخالف ع��ن طری��ق مجل��س الش��ورى ، لیعین��وا أح��دھم بع��د أخ��ذ الة ، ثم البیعة العامة ، فھذا ھو الذي ت�م ف�ي عملی�ة الش�ورى وم�ا عص�ره 4العام

الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ م��ن أح��داث ، وال ینظ��ر لألباطی��ل الرافض��یة الت���ي دس���ت ف���ي قص���ة الش���ورى وش���وھت الت���اریخ اإلس���المي والت���ي تلقفھ���ا

ن ، یخرن الم��ؤالمستش��رقون وق��اموا بتوس��یع نش��رھا ، وت��أثر بھ��ا الكثی��ر م��وای��ات ، ویحقق��وا ف��ي س��ندھا ومتنھ��ا ، ص��وا الر والمفك��رین المح��دثین ول��م یمح

ة بقص�ة الش�ورى ، لق�د اھ�تم مؤرخ�و الش�یعة الرافض�فانتشرت بین المس�لمین وتولی��ة عثم��ان ب��ن عف��ان الخالف��ة ودس��وا فیھ��ا األباطی��ل واألكاذی��ب ، وأل��ف

. 71، 70عثمان بن عفان رضي هللا عنھ ـ لصادق عرجون صـ 1 ) .255) صـ (10مجلة البحوث اإلسالمیة ، العدد ( 2 ) .1/86سیر أعالم النبالء ( 3 . 278دراسات في عھد النبوة والخالفة الراشدة صـ 4

99

ن�ف كت�اب الش�ورى ، وك�ذلك اب�ن جماعة منھم كتبا خاص�ة ، فق�د أل�ف أب�و مخ، ونقل ابن سعد تسع روایات من طریق الواقدي في خب�ر 1عقدة ، وابن بابویھ

، وروای�ة م�ن طری�ق عبی�د هللا 2الشورى وبیعة عثمان وت�اریخ تولی�ة الخالف�ةتة ووصیتھ لكل من بن موسى تضمنت مقتل عمر ، وحصره للشورى في الس

ھما أم��ر الخالف��ة ، ووص��یتھ لص��ھیب ف��ي ھ��ذا عل��ي ، وعثم��ان إذا ت��ولى أح��د . 3األمر

الرافض�ي 4وقد نقل البالذري خب�ر الش�ورى ، وبیع�ة عثم�ان ع�ن أب�ي مخن�ف، ونق�ل اب�ن أب�ي 5المحترق ، وعن ھشام الكلبي ، منھا ما نقلھ عن أبي مخنف

���ة الش���ورى م���ن طری���ق أحم���د ب���ن عب���د العزی���ز الحدی���د بع���ض أح���داث قصنت ـ، وق� 7نقلھ عن كت�اب (الش�ورى) للواق�دي ، وأشار إلى 6الجوھري د تض�م

ة ، وھي :الر ح وایات الشیعیة عدة أمور مدسوسة ، لیس لھا دلیل من الص ـ اتھام الصحابة بالمحاباة في أمر المسلمین : •

�حابة بالمحاب�اة ف�ي أم�ر المس�لمین ، وع�دم رض�ا یعیة الص وایات الش اتھمت الرن یق��وم عب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف باختی��ار الخلیف��ة ، فق��د ورد ع��ن أب��ي عل��ي ب��أ

مخن��ف ، وھش��ام الكلب��ي ع��ن أبی��ھ ،وأحم��د الج��وھري : أن عم��ر جع��ل ت��رجیح الكفتین إذا تساوتا بعبد الرحمن بن عوف ، وأن علیا أحس ب�أن الخالف�ة ذھب�ت

م عثم�ان للمص�اھرة الت�ي بی ، وق�د نف�ى اب�ن 8نھم�امنھ ، ألن عبد الرحمن س�یقدتیمیة أي ارتباط في النسب القریب بین عثمان ، وعبد الرحمن بن ع�وف فق�ال ھ ، وال من قبیلت�ھ أص�ال ، ب�ل : فإن عبد الرحمن لیس أخا عثمان ، وال ابن عمھذا من بني زھرة وھذا من بني أمی�ة ، وبن�و زھ�رة إل�ى بن�ي ھاش�م أكث�ر م�یال

فإن بني زھرة أخوال النبي صلى هللا علیھ وس�لم ، وم�نھم منھم إلى بني أمیة ،عبد الرحمن ب�ن ع�وف ، وس�عد ب�ن أب�ي وق�اص ال�ذي ق�ال ل�ھ النب�ي ص�لى هللا

، فإن النبي صلى هللا علیھ وس�لم ل�م 9علیھ وسلم : ھذا خالي فلیرني امرؤ خالھ، وإنم�ا آخ�ى یؤاخ بین مھاجري ، ومھاجري ، وال بین أنصاري ، وأنص�اري

ب��ین المھ��اجرین واألنص��ار ، ف��آخى ب��ین عب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف ، وس��عد ب��ن حاح وغیرھا ، یعرفھ أھل 10الربیع األنصاري ، وحدیثھ مشھور ثابت في الص

11العلم بذلكوایات الش محاباة عب�د ال�رحمن لعثم�ان للمص�اھرة الت�ي كان�ت یعیةوقد بنت الر

جھة أخرى أقوى من مصاھرة من جھة ، ومن أن قوة النسب یةبینھما ، متناس

) .14/246الذریعة إلى تصانیف الشیعة ( 1 ) .3/67) (3/63(الطبقات الكبرى 2 ) .3/340المصدر السابق نفسھ ( 3 ) .19، 5/18أنساب األشراف ( 4 المصدر نفسھ . 5 )58، 50، 49/ 9شرح نھج البالغة ( 6 . 73) ، عثمان بن عفان للصآلبي صـ 9/15شرح البالغة ( 7وایات التاریخیة صـ 8 . 322أثر التشیع على الر ) .4018) رقم (3/220صحیح سنن الترمذي ( 9

. 3780البخاري ، ك مناقب األنصار رقم 10

) 272، 271/ 6منھا ج السنة النبویة ( 4

100

ن المؤمنین في الجیل األول ، وأنھا ال تقوم عل�ى نس�ب بیتناسوا طبیعة العالقة وال عل��ى مص��اھرة ، وأم��ا كیفی��ة المص��اھرة الت��ي كان��ت ب��ین عب��د ال��رحمن

خ�تب�ة ب�ن أب�ي مع�یط أوعثمان ، فھي أن عبد الرحمن تزوج أم كلثوم بنت عق 1الولید

أموى ، وحزب ھاشمي : ـ حزب •أشارت روایة أبي مخنف الرافضي إل�ى وق�وع مش�ادة ب�ین بن�ي ھاش�م ، وبن�ي

أمی��ة أثن��اء المبایع��ة ، وھ��ذا غی��ر ص��حیح ، ول��م ی��رد ذل��ك بروای��ة ص��حیحة وال افضیة ، وبنوا 2ضعیفة یعیة الر وایات الش خین خلف الر ، وقد انساق بعض المؤر

س�ول ص�لى تحلیالتھم ال ر تش�اور أص�حاب الر وای�ات ، فص�و خاطئة على تلك الرالعش�ائري ، وأن الن�اس دید الخلیفة الجدید بصورة الخ�الفهللا علیھ وسلم من تح

ر موھ��وم ، ق��د انقس��موا إل��ى ح��زبین : ح��زب أم��وي وح��زب ھاش��مي وھ��و تص��وذلك الجو الذي كان یعیش�ھ واستنتاج مردود وال دلیل علیھ ، إذ أنھ لیس نابعا من

أصحاب رسول هللا حینما كان یقف المھاجري مع األنص�اري ض�د أبی�ھ ، وأخی�ھ ��حب وھ��و ر ھ��ؤالء الص ، واب��ن عم��ھ وبن��ي عش��یرتھ ، ول��یس نابع��ا م��ن تص��وون بكل شئ من حطام الدنیا في سبیل أن یسلم لھم دینھم ، وال من المعرف�ة یضح

ة م�ن المبش�رین بالجن�ة ، فاألح�داث الكثی�رة الت�ي روی�ت الصحیحة لھ�ؤالء النخب�اوی�ة عن ھؤالء تثب�ت : أن ھ�ؤالء ك�انوا أكب�ر بكثی�ر م�ن أن ینطلق�وا م�ن ھ�ذه الزیقة في معالجة أمورھم ، فلیست القضیة قضیة تمثیل عائلي ، أو عش�ائري ، الض

. 3فھم أھل شورى لمكانتھم في اإلسالموبھتان���ا لوال���د الحس���ن رض���ي هللا ـ��� أق���وال نس���بت زورا •

عنھما :ین ك�ابن جری�ر ، وغی�ره ع�ن رج�ال خركثیر عن المؤ قال ابن كثیر : وما یذكره

حمن ب�ن ع�وف : خ�دعتني ، وإن�ك إنم�ا ولیت�ھ ال یعرفون : أن علی�ا ق�ال لعب�د ال�رحمن : عب�د ال�رل ألنھ صھرك ، ویشاورك كل یوم في شأنھ ، وأن�ھ تلك�أ حت�ى ق�ال

فوق أیدیھم فمن نكث فإنما ینكث (( ید � على نفس�ھ وم�ن أوف�ى بم�ا إن الذین یبایعونك إنما یبایعون � فس�یؤتیھ أج�را عظیم�ا ر ذل�ك م�ن األخب�ار ) ، إل�ى غی�10)) (الف�تح ، آی�ة : عاھد علیھ �

حاح فھي م�ردودة عل�ى قائلیھ�ا ، وناقلیھ�ا ، وهللا أعل�م ، المخالفة لما ثبت في الص�اص افض�ة ، وأغبی�اء القص والمظنون من الصحابة خالف ما یتوھم كثیر من الرالذین ال تمییز عندھم بین صحیح األخبار ، وض�عیفھا ، ومس�تقیمھا ، وس�قیمھا ،

. 4، وهللا الموفق للصوابمھا ی، وقو ………وفي الدروس المھمة التي استفدتھا م�ن دراس�تي لمرحل�ة الس�یرة النبوی�ة والخالف�ة الراش��دة أن��ھ بجان��ب الروای��ة الص��حیحة الت��ي تظھ��ر حقیق��ة الص��ورة المش��رقة للصحابة في دینھم وصفائھم ومحبتھم لبعضھم ھناك صورة أخ�رى مناقض�ة لھ�ا

) 127/ 3الطبقات الكبرى ( 1 . 178، 177مرویات أبي مخنف في تاریخ الطبري صـ 2اشدون ، أمین القضاة صـ 3 . 79، 78الخلفاء الر ) .7/152البدایة والنھایة ( 4

101

ج لھ��ا ح��رص أع��داء اإلس��الم م��ن الك��ذا بین عل��ى نش��رھا حق��دا عل��ى اإلس��الم وروالمستش��رقین وأذن��ابھم ، وت��ورط فیھ��ا بع��ض الفض��الء ع��ن جھ��ل وھ��ي بطبیع��ة

ف�ي س�لفھم نم�وذج االقت�داء الحال تساھم في إضعاف األمة وفقدان األجیال التالیة ��ة كش��ف ھ��ذا الزی��ف الص��الح فیج��ب عل��ى الغی��ورین م��ن الب��احثین ف��ي ھ��ذه األم

والتح��ذیر م��ن الكت��ب الت��ي ت��روج لھ��ا وتنش��رھا ، وبی��ان الروای��ات واألباطی��لدفاع��ا ع��ن الص��حابة الك��رام وابتغ��اء تتبناھ��االص��حیحة والت��رویج للكت��ب الت��ي

لمرضاة هللا تعالى . ـ معتقد الحسن بن علي في خالفة عثمان رضي هللا عنھم : 3

الص�حابة ، حی�ث إن معتقد الحسن بن علي في خالفة عثمان ، ھ�و م�ا ذھ�ب إلی�ھ أجمعوا على صحة خالفتھ بعد عمر بن الخطاب رض�ي هللا عن�ھ ، ول�م یخ�الف ، أو یعارض في ھذا أحد ، بل الجمیع سلم لھ بذلك وقد قال أبو الحسن األش�عري : وثبت��ت إمام��ة عثم��ان رض��ي هللا عن��ھ بعق��د م��ن عق��د ل��ھ اإلمام��ة م��ن أص��حاب

اروه ورض�وا بإمامت�ھ ، وأجمع�وا عل�ى الشورى ، الذین نص علیھم عم�ر ، فاخت���ابوني مبین��ا عقی��دة أھ��ل الس��نة ، وأص��حاب 1فض��لھ وعدل��ھ ، وق��ال عثم��ان الص

یق ، ث�م �د الحدیث في ترتیب الخالفة بعد أن ذكر : أنھ�م یقول�ون أوال بخالف�ة الصعمر ، ق�ال : ث�م خالف�ة عثم�ان رض�ي هللا عن�ھ بإجم�اع أھ�ل الش�ورى . وإجم�اع

. 2ة ، كافة ، ورضاھم حتى جعل األمر إلیھالصحاب ـ الحسن بن علي في فتح أفریقیا في جیش العبادلة : 4كان��ت خط��ة عثم��ان ف��ي الفتوح��ات تتس��م بالحس��م والع��زم وتمثل��ت ف��ي اآلت��ي :

وم وإعادة سلطان اإلسالم إلى ھ�ذه ال�بالد ، مإخضاع المت دین من الفرس ، والر روح��ات فیھ��ا وراء ھ��ذه ال��بالد لقط��ع الم��دد ع��نھم ، وإقام��ة واس��تمرار الجھ��اد والفت

قواعد ثابتة یرابط فیھ�ا المس�لمون لحمای�ة ال�بالد اإلس�المیة ، وإنش�اء ق�وة بحری�ة عسكریة الفتقار الجیش اإلسالمي إلى ذلك ، وكانت معسكرات اإلسالم ومسالكھ

: الكوف�ة (ثغوره) في عھد عثمان ھي عواصم أقطاره الكبرى ، فمعسكر العراق ، والبصرة ، ومعسكر الشام في دمشق بعد أن خلص الشام كل�ھ لمعاوی�ة ب�ن أب�ي سفیان ، ومعسكر مصر ، وكان مركزه الفسطاط ، وكانت ھذه المعسكرات تقوم بحمایة دولة اإلس�الم ، ومواص�لة الفتوح�ات ، ونش�ر اإلس�الم ، وم�ن أش�ھر ق�ادة

األحن��ف ب��ن ق��یس ، وس��لیمان ب��ن : ھـتوح��ات ف��ي عھ��د عثم��ان رض��ي هللا عن��الفربیعة ، وعب�د ال�رحمن ربیع�ة ، وحبی�ب ب�ن مس�لمة ، وق�د اس�تفاد المس�لمون م�ن تلك الفتوحات العثمانیة دروسا منھا ، تحقق وعد هللا للمؤمنین بالنص�ر والتمك�ین والتطور في فنون الحرب والسیاس�ة ورك�وب البح�ر ، والقت�ال البح�ري ، وجم�ع

ع��داء ، والح��رص عل��ى وح��دة الكلم��ة ف��ي مواجھ��ة الع��دو المعلوم��ات عل��ى األوعن��دما أراد أمی���ر الم���ؤمنین عثم���ان رض���ي هللا عن���ھ أن یف���تح أفریقی���ا استش���ار األكابر من أصحاب رسول هللا ، فقد جاء ف�ي ری�اض النف�وس أن أمی�ر الم�ؤمنین عثمان جاءه من والیھ على مصر عبد هللا ب�ن س�عد ، أن المس�لمین یغی�رون عل�ى

. 68اإلبانة عن أصول الدیانة صـ 1 ) .1/139عقیدة السلف وأصحاب الحدیث ضمن الرسائل المنیریة ( 2

102

راف أفریقیا فیصیبون من عدوھم وأنھم قریبون من حوز المسلمین ، ف�أعرب أطعثمان بن عفان رضي هللا عنھ ـ علي إثر ذلك ـ للمسور ب�ن مخرم�ة ع�ن رغبت�ھ في بعث الجیوش لغزو أفریقیا . جاء في ھذا الصدد م�ا نص�ھ : فم�ا رأی�ك ی�ا اب�ن

أص��حاب رس��ول هللا ، مخرم��ة ؟ قل��ت : أغ��زھم . ق��ال : أجم��ع الی��وم األك��ابر م��ن واستش�یرھم ، فم��ا أجمع��وا علی��ھ فعلت��ھ ، أو م��ا أجم��ع علی��ھ أكث��رھم فعلت��ھ .. ای��ت

اال ، فخ��ال بك��ل واح��د م��نھم ف��ي رج��علی��ا ، وطلح��ة والزبی��ر والعب��اس ، وذك��ر المسجد ، ثم دعا أبا األعور سعید بن زی�د . فق�ال ل�ھ عثم�ان : ل�م كرھ�ت ـ ی�ا أب�ا

إلى أفریقیا ؟ فقال لھ : سمعت عمر یقول : ال أغزیھا األعور ـ من بعثة الجیوش أحدا من المسلمین ما حمل�ت عین�اي الم�اء . ف�ال أرى ل�ك خ�الف عم�ر . فق�ال ل�ھ عثمان : وهللا ما نخافھم وإنھم لراضون أن یقروا في مواض�عھم ، ف�ال یغ�زون ،

لغزو إلى فلم یختلف علیھ أحد ممن شاوره غیره ، ثم خطب الناس ، وندبھم إلى ا، 1أفریقیا ، فخرج بعض الص�حابة ، م�نھم عب�د هللا ب�ن الزبی�ر وأب�و ذر الغف�اري

وغیرھم كثیر ، وق�د 2وعبد هللا بن عباس ، وعبد هللا بن جعفر والحسن والحسینخیص ف��ي فتوح��ات أفریقی��ا ، واستش��ھد م��نھم الكثی��ر ق��دم المس��لمون الغ��الي وال��ر

��ن ت��وفي م��نھم بأفریقی��ا ف��ي خالف�� و ذؤی��ب الھ��ذلي وك��ان ش��اعرا ب��ة عثم��ان أومم مشھورا ، وھو الذي قال :

وإذا المنیة أنشبت أظفارھا ألفیت كــل تمیمة ال تنفع وتجلـدي للشامتین أریھم أني لریب الدھر ال أتضعضع ن وبعد انتصارھم الكبیر على أعدائھم اتجھ الحسن ومعھ ثلة مباركة م�ن المس�لمی

إلى عاصمة الخالف�ة وقلب�ھ مفع�م بالس�رور واالرتی�اح لتوس�ع النف�وذ اإلس�المي ، وانتشار دین رب العالمین .

ـ موقف والد الحسن بن علي والصحابة في فتنة مقت�ل عثم�ان 5 رضي هللا عنھ :

كانت ھن�اك أس�باب متنوع�ة ومتداخل�ة س�اھمت ف�ي فتن�ة مقت�ل عثم�ان رض�ي هللا المجتم�ع ، وطبیع�ة التح�ول االجتم�اعي ، ومج�ئ عثم�ان عنھ كالرخاء وأثره ف�ي

بع��د عم��ر رض��ي هللا عنھم��ا ، وخ��روج كب��ار الص��حابة م��ن المدین��ة ، والعص��بیة الجاھلی���ة ، وت���آمر الحاق���دین ، والت���دبیر المحك���م إلش���ارة المآخ���ذ ض���د عثم���ان ،

قد واستخدام الوسائل واألسالیب المھیجة للناس ، وأثر السبئیة في أحداث الفتنة وفصلت وشرحت تلك األسباب في كتابي ، تیسیر الكریم المنان ف�ي س�یرة عثم�ان

بن عفان شخصیتھ وعصره .ولق��د اس��تخدم أع��داء اإلس��الم ف��ي فتن��ة مقت��ل عثم��ان األس��الیب والوس��ائل المھیج��ة

للن��اس ، م��ن إش��اعة األراجی��ف حی��ث ت��رددت كلم��ة اإلش��اعة واإلذاع��ة كثی��را ،

) .1/556) الجھاد والقتال لھیكل (9ـ 1/8ریاض النفوس ( 1سالمي ، الشرف والتسامي بحركة الفتح اإل 41لیبیا من الفتح العربي حتى انتقال الخالفة الفاطمیة للدكتور صالح مصطفى صـ 2

. 19للصآلبي صـ

103

الن���اس والطع���ن ف���ي ال���والة ممجادل���ة للخلیف���ة أم���اوالتح���ریض والمن���اظرة والواستخدام تزویر الكتب واختالقھا على لسان الصحابة رضي هللا ع�نھم ، عائش�ة

بن أبي طالب رضي هللا عنھ األح�ق لحة والزبیر ، واإلشاعة بأن عليوعلي وطبالخالفة وأنھ الوصي بعد رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، وتنظیم فرق ف�ي ك�ل

البصرة والكوف�ة ومص�ر ، أرب�ع ف�رق م�ن ك�ل مص�ر مم�ا ی�دل عل�ى الت�دبیر منالمس��بق ، وأوھم��وا أھ��ل المدین��ة أنھ��م م��ا ج��اءوا إال ب��دعوة الص��حابة ، وص��عدوا

، وإل���ى ج���وار ھ���ذه الوس���ائل ، اس���تخدموا 1إل���ى القت���ل تاألح���داث حت���ى وص���لالم ومنھ�ا مجموعة من الشعارات منھا التكبیر ، ومنھا أن جھادھم ھذا ض�د المظ�

أنھ��م ال یقوم���ون إال ب���األمر ب���المعروف والنھ��ي ع���ن المنك���ر ، ومنھ���ا المطالب���ة باستبدال الوالة وعزلھم ، ثم تطورت المطالبة إل�ى خل�ع عثم�ان ، إل�ى أن تم�ادوا في جرأتھم وطالبوا بل سارعوا إلى مقتل الخلیف�ة وخاص�ة حینم�ا وص�لھم الخب�ر

ة ، ف�زادھم حماس�ھم المحم�وم لتض�ییق بأن أھل األمص�ار ق�ادمون لنص�رة الخلیف�، وك��ان التنظ��یم الس��بئي 2الخن��اق عل��ى الخلیف��ة ، والتش��وق إل��ى قتل��ھ بأی��ة وس��یلة

بقیادة عبد هللا بن سبأ الیھودي خلف تلك األحداث والتي بعدھا كالجمل والص�فین د تح��دثنا ع��ن حقیق��ة عب��د هللا ب��ن س��بأ ف��ي كت��ابي عثم��ان ب��ن عف��ان ، ـوغیرھ��ا وق��

سمى المطالب في سیرة علي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا ع�نھم فم�ن أراد وكتابي أالمزید فلیرج�ع إلیھم�ا ولق�د تعرض�ت ف�ي كت�ابي عثم�ان ب�ن عف�ان للش�بھات الت�ي ألصقت بتاریخ عثم�ان رض�ي هللا عن�ھ وبین�ت ك�ذبھا وبطالنھ�ا ، باألدل�ة الدامغ�ة

ة المظل�وم ال�ذي والبراھین الساطعة ، فقد كان عثمان رضي هللا عنھ بح�ق الخلیف�رون . لون ، ولم ینصفھ المتأخ افترى علیھ خصومھ األو

ـ موقف علي رضي هللا عنھ في بدایة الفتنة : •اس��تمر عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ف��ي طریقت��ھ المعھ��ودة م��ع الخلف��اء وھ��ي الس��مع والطاعة واإلدالء بالمشورة والنصح ، وقد عبر بنفس�ھ ع�ن م�دى طاعت�ھ للخلیف�ة

م أمره ولو كان شاقا بقولھ : لو سیرني عثمان إل�ى ص�رار لس�معت عثمان وإلتزا، وعندما نزل المتمردون في ذي المروة قب�ل مقت�ل عثم�ان بم�ا یق�ارب 3وأطعت

شھرا ونصفا ، أرسل إل�یھم عثم�ان علی�ا ورج�ال آخ�ر ل�م تس�مھ الروای�ات والتق�ى ن م��ن ك��ل م��ا بھ��م عل��ي رض��ي هللا عن��ھ فق��ال لھ��م : تعط��ون كت��اب هللا ، وتعتب��و

، وفي روایة أنھم ش�ادوه وش�ادھم م�رتین أو ثالث�ا ، 4سخطتم ، فوافقوا على ذلكم رسول هللا ، ورس�ول أمی�ر الم�ؤمنین یع�رض عل�یكم كت�اب هللا ـثم قالوا : ابن ع

: عل��ى أن المنف��ى یقل��ب ، والمح��روم یعط��ى ، ، فاص��طلحوا عل��ى خم��س 5فقبل��وال ذو األمانة والقوة ، وكتبوا ذل�ك ف�ي كت�اب ویوفر الفئ ویعدل في القسم ویستعم

وھك��ذا 6، أن ی��رد اب��ن ع��امر عل��ى البص��رة ، وأن یبق��ى أب��و موس��ى عل��ى الكوف��ةاصطلح عثمان رض�ي هللا عن�ھ م�ع ك�ل وف�د عل�ى ح�دة ث�م انص�رفت الوف�ود إل�ى

. 401دراسات في عھد النبوة والخالفة الراشدة صـ 1 . 402المصدر نفسھ صـ 2 ) سنده صحیح .15/225مصنف ابن أبي شیبة ( 3 . 169، تاریخ خلیفة صـ 328تاریخ دمشق ترجمة عثمان صـ 4 ) .1/129فتنة مقتل عثمان ( 5 ) .129/ 1المصدر نفسھ ( 6

104

، وبعد ھذا الصلح وع�ودة أھ�ل األمص�ار جمیع�ا راض�ین تب�ین لمش�علي 1دیارھاقد فشلت ، وأن أھدافھم الدنیئة لم تتحقق ، ل�ذا خطط�وا تخطیط�ا الفتنة أن خطتھم

ن صلح ب�ین أھ�ل األمص�ار ، ـآخر یذكي الفتنة ویحییھا یقتضي تدمیر ما جرى موعثمان رضي هللا عنھ وبرز ذلك فیما یلي : في أثناء طریق عودة أھ�ل مص�ر ،

ني فقبض�وا رأوا راكبا عل�ى جم�ل یتع�رض لھ�م ، ویف�ارقھم ، فكأن�ھ یق�ول : خ�ذوعلیھ ، وقالوا لھ : ما لك ؟ أنا رس�ول أمی�ر الم�ؤمنین إل�ى عامل�ھ فتح�وا الكت�اب ، فإذا فی�ھ أم�ر بص�لبھم أو ق�تلھم أو تقطی�ع أی�دیھم وأرجلھ�م ، فرجع�وا إل�ى المدین�ة

، ونفى عثمان رضي هللا عنھ أن یك�ون كت�ب ھ�ذا الكت�اب ،وق�ال 2حتى وصلوھارجل�ین م�ن المس�لمین أو یم�ین ب�ا� ال�ذي ال إل�ھ إال لھم : أنھما أثنتان : أن تقیموا

ھ��و م��ا كتب��ت وال أملل��ت ، وال علم��ت ، وق��د یكت��ب الكت��اب عل��ى لس��ان الرج��ل ، وھو الصادق البار لغایة في نفوسھم ، وھذا الكتاب 3م یصدقوهلوینقش الخاتم ف

ال��ذي زع��م ھ��ؤالء المتم��ردون البغ��اة المنحرف��ون أن��ھ م��ن عثم��ان وعلی��ھ خاتم��ھ حملھ غالمھ على واحد من إبل الصدقة إلى عاملھ بمصر ابن أبي س�رح ، ی�أمر ی

فیھ بقتل ھؤالء الخارجین ھو كتاب مزور مكذوب على لسان عثمان وذل�ك لع�دة : كیف علم العراقیون باألمر وقد اتجھوا إلى بالدھم ، وفصلتھم ع�ن 4أمور منھا

شاس�عة ، ف�العراقیون ف�ي المصریین ، الذین أمس�كوا بالكت�اب المزع�وم ـ مس�افةالشرق والمص�ریون ف�ي الغ�رب ، وم�ع ذل�ك ع�ادوا جمیع�ا ف�ي آن واح�د ، كأنم�ا روا الكتاب واستأجروا راكبا كانوا على میعاد ؟ ال یعقل ھذا إال إذا كان الذین زوآخ��ر انطل��ق إل��ى الع��راقیین لیخب��رھم ب��أن المص��ریین ق��د اكتش��فوا كتاب��ا بع��ث فی��ھ

حرفین المصریین ، وھذا ما احتج بھ علي بن أب�ي طال�ب رض�ي عثمان لقتل المنهللا عن��ھ ، فق��د ق��ال : كی��ف علم��تم ی��ا أھ��ل الكوف��ة وی��ا أھ��ل البص��رة بم��ا لق��ي أھ��ل

، ب�ل أن علی�ا یج�زم : ھ�ذا وهللا أم�ر 5مصر ، وقد سرتم مراحل ثم ط�ویتم نحون�ا . 6أبرم بالمدینة

ره روا إن ھذا الكت�اب المش�ؤوم ل�یس أول كت�اب ی�زو ھ�ؤالء المجرم�ون ، ب�ل زوعلى لس�ان عل�ي وطلح�ة والزبی�ر ، فھ�ذه كا على لسان أمھات المؤمنین وكذلكتب

عائشة رضي هللا عنھا تتھم بأنھا كتبت إلى الناس تأمرھم ب�الخروج عل�ى عثم�ان فتنفي وتقول : ال والذي آمن بھ المؤمنون وكفر بھ الكافرون ما كتبت لھم س�وداء

ھذا ویعقب األعمشي فیقول : فك�انوا ی�رون أن�ھ 7ى جلست مجلسيفي بیضاء حت، ویتھم الوافدون علیا بأنھ كتب إلیھم أن یق�دموا علی�ھ بالمدین�ة 8كتب على لسانھا

، كما ینس�ب إل�ى الص�حابة 9، فینكر ذلك علیھم ویقسم : وهللا ما كتبت إلیكم كتاباإلیھم فدین محمد قد فس�د وت�رك بكتابة الكتب إلى أھل األمصار یأمرونھم بالقدوم

) .1/329در نفسھ (المص 1 ) .5/379تاریخ الطبري ( 2 ) .7/191) (البدایة والنھایة (5/132فتنةمقتل عثمان ( 3 . 410تیسیر الكریم المنان في سیرة عثمان بن عفان للص�آلبي صـ 4 ) .5/359تاریخ الطبري ( 5 ) .5/359تاریخ الطبري ( 6 ) .1/334تحقیق مواقف الصحابة ( 7 . 169فة بن خیاط صـ تاریخ خلی 8 ) .7/191) البدایة والنھایة (1/335تحقیق مواقف الصحابة ( 9

105

، ویعلق ابن كثی�ر عل�ى 1الجھاد في المدینة خیر من الرباط في الثغور البعیدة، وھذا الخبر قائال : وھذا كذب على الص�حابة ، وإنم�ا كتب�ت كت�ب م�زورة عل�یھم ، فقد كتب من جھة علي وطلحة والزبیر إلى الخوارج ـ قتلة عثمان ـ كتب م�زورة

ر ھذا الكتاب على عثمان أیض�ا ، فإن�ھ ل�م ی�أمر ب�ھ ، علیھم أن كروھا ، وكذلك زو، ویؤكد كالم ابن كثیر م�ا رواه الطب�ري وخلیف�ة م�ن اس�تنكار كب�ار 2ولم یعلم بھ

. 3الصحابة ـ علي وعائشة والزبیر ـ أنفسھم لھذه الكتب في أصح الروایاترت الرسائل الكاذبة جرإن األیدي الم على لسان أولئك الص�حابة ھ�ي مة التي زو

نفسھا التي أوقدت نار الفتن من أولھا إلى آخرھا ، ورتب�ت ذل�ك الفس�اد الع�ریض جت على عثمان تلك األباطیل ، وإنھ فعل وفعل ولقنتھ�ا ، وھي التي زورت ورورت عل�ى لس�ان عثم�ان ذل�ك الكت�اب ، لی�ذھب للناس ، حتى قبلھا الرعاع ، ثم زو

بھ شھیدا سعیدا ولم یك�ن عثم�ان الش�ھید المجن�ي علی�ھ وح�ده عثمان ضحیة إلى رفي ھذه المؤامرة السبئیة الیھودیة ، بل اإلسالم نفسھ كان مجنی�ا علی�ھ قب�ل ذل�ك ، ھا ھ�ي ف ، واألجیال اإلسالمیة التي تلقت تاریخھا مشو ه المحر ثم التاریخ المشو

ن أص���حاب المط���امع ـك���ذلك مم���ن جن���ى عل���یھم الخبی���ث الیھ���ودي وأعوان���ھ م���والشھوات والحقد الدفین ، أما آن لألجیال اإلس�المیة أن تع�رف تاریخھ�ا الح�ق ، وسیر رجاالتھا العظام ؟ بل ألم یأن لمن یكتب في ھذا العصر من المسلمین ـ أن یخاف هللا وال یتجرأ على تجریح األبریاء قبل أن یحقق ویدقق حتى ال یسقط كما

. 4سقط غیره ن بن علي ووالده أثناء الحصار :موقف الحس •

اشتد الحصار على عثمان رضي هللا عنھ ، حتى منع من أن یحض�ر للص�الة ف�ي المسجد ، وكان صابرا على ھذه البلوى التي أصابتھ كما أم�ره رس�ول هللا ص�لى هللا علیھ وسلم بذلك وكان مع إیمانھ القوي بالقضاء والقدر ، یحاول أن یج�د ح�ال

، فن��راه ت��ارة یخط��ب الن��اس ع��ن حرم��ة دم المس��لم ، وإن��ھ ال یح��ل لھ��ذه المص��یبةس��فكھ إال بحق��ھ وت��ارة یتح��دث ف��ي الن��اس ویظھ��ر فض��ائلھ وخدمات��ھ الجلیل��ة ف��ي

، وكأنھ یقول ، م�ن 5اإلسالم ویستشھد على ذلك ببقیة العشرة رضوان هللا علیھمخ��رة وھ��ل ھ��ذا عمل��ھ وفض��لھ ھ��ل م��ن الممك��ن أن یطم��ع بال��دنیا ویق��دمھا عل��ى اآل

یعقل یخون األمانة ویعبث بأموال األم�ة ودمائھ�ا وھ�و یع�رف عاقب�ة ، ذل�ك عن�د هللا وھو الذي تربى على عین النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وال�ذي ش�ھد ل�ھ وزك�اه

الس��بعین وق��ارب الثم��انین م��ن ز، ومت��ى بع��د م��ا تج��او وك��ذلك أفاض��ل الص��حابةمتمردون على المدین�ة حت�ى أنھ�م رة الطعمره أھكذا تكون معاملتھ ؟ واشتدت سی

، وحینھا أدرك الصحابة أن األمر ل�یس كم�ا 6لیصلون بالناس في أغلب األوقاتحسبوا ، وخشوا من حدوث ما ال یحمد عقباه ، وقد بلغھم أن القوم یریدون قتلھ ، فعرضوا علیھ أن یدافعوا عنھ ، ویخرج�وا الغوغ�اء ع�ن المدین�ة ، إال أن�ھ رف�ض

) .7/175) البدایة والنھایة (1/335تحقیق مواقف الصحابة ( 1 ) .7/175البدایة والنھایة ( 2 ) .1/335تحقیق مواقف الصحابة ( 3 . 229، 238عثمان بن عفان الخلیفة الشاكر الصابر صـ 4 . 85علي بن أبي طالب ، عبد الحمید علي صـ خالفة 5 ) .3/515سیر أعالم النبالء ( 6

106

. وأرسل كبار الصحابة أبناءھم دون استشارة عثمان رض�ي 1ببھأن یراق دم بسهللا عنھ ، ومن ھؤالء الحسن بن علي رض�ي هللا عنھم�ا ، وعب�د هللا ب�ن الزبی�ر ، فق��د ك��ان عثم��ان یح��ب الحس��ن ویكرم��ھ ، فعن��دما وقع��ت الفتن��ة وحوص��ر عثم��ان

خشیة رضي هللا عنھ أقسم على الحسن رضي هللا عنھ بالرجوع إلى منزلھ وذلك،وقد قال عثمان للحسن رضي هللا عن�ھ : أرج�ع ی�ا اب�ن 2علیھ أن یصاب بمكروه

، وق��د ص��حت روای��ات أن الحس��ن حم��ل جریح��ا م��ن 3أخ��ي حت��ى ی��أتي هللا ب��أمره، كما جرح غیر الحسن ، عبد هللا بن الزبیر ومحم�د ب�ن حاط�ب 4الدار یوم الدار

واب��ن عم��ر رض��ي هللا وم��روان ب��ن الحك��م ، كم��ا ك��ان معھ��م الحس��ین ب��ن عل��يوقد كان علي من أدفع الناس عن عثم�ان رض�ي هللا عن�ھ وش�ھد ل�ھ ب�ذلك 5عنھما

كما أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنھ أن 6مروان بن الحكمعلیا أرسل إلى عثمان فق�ال : إن مع�ي خمس�مائة دارع ، ف�أذن ل�ي ، فأمنع�ك م�ن

حل ب�ھ دم�ك ، فق�ال : جزی�ت خی�را ، م�ا أح�ب أن القوم فإن�ك ل�م تح�دث ش�یئا یس�ت، وق��د وردت روای��ات عدی��دة تفی��د وقوف��ھ بجان��ب عثم��ان 7یھ��راق دم ف��ي س��ببي

رضي هللا عنھما ، أثناء الحصار فمن ذلك : أن الثائرین منعوا عن عثم�ان الم�اء حتى كاد أھلھ أن یموتوا عطشا ، فأرسل علي رض�ي هللا عن�ھ إلی�ھ ب�ثالث ق�رب

بس�بھا ع�دة م�ن م�والي بن�ي ھاش�م وبن�ي جرحماء فما كادت تصل إلیھ ، ومملؤة ، ولقد تسارعت األحداث فوثب الغوغاء عل�ى عثم�ان وقتل�وه 8أمیة حتى وصلت

س�جد ، مرضي هللا عنھ ، وأرضاه ، ووصل الخبر إل�ى الص�حابة وأكث�رھم ف�ي الأن��تم عل��ى ف��ذھبت عق��ولھم ، وق��ال عل��ى ألبنائ��ھ و أبن��اء أخی��ھ كی��ف قت��ل عثم��ان و

، وض��رب ص��در الحس��ین ، وش��تم اب��ن 9الب��اب ؟ ولط��م الحس��ن ، وك��ان ق��د ج��رحالزبیر وابن طلحة ، وخ�رج غض�بان إل�ى منزل�ھ ویق�ول : تب�ا لك�م س�ائر ال�دھر ،

، وھك�ذا ك�ان 10قتل�ھ ىاللھم أني أبرأ إلیكم من دمھ أن یكون قتلت أو م�ا ألت عل�وقف�ة قوی�ة بجانب�ھ وة ، موقف علي رضي هللا عنھ ، نصح وش�ورى س�مع وطاع�

أثناء الفتنة ، ومن أدفع الناس عنھ ، ولم یذكره بسوء قط ، یحاول اإلصالح وسد الخرق بین الخلیفة والخ�ارجین علی�ھ لك�ن األم�ر ف�وق طاقت�ھ ، وخ�ارج إرادت�ھ ، إنھا إرادة هللا عز وجل أن یفوز أمیر الم�ؤمنین عثم�ان ب�ن عف�ان رض�ي هللا عن�ھ

ء المفس�دین ب�اإلثم أن أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي رض�ي هللا ویب�و ……… 11بالشھادةعن��ھ أنك��ر قت��ل عثم��ان ، وتب��رأ م��ن دم��ھ ، وك��ان یقس��م عل��ى ذل��ك ف��ي خطب��ھ ، وغیرھا : إنھ لم یقتلھ وال أمر بقتلھ ، وال ماأل علیھ ، وال رضي ، وقد ثب�ت ذل�ك

) أحمد شاكر .1/396) ، المسند (1/167فتنة مقتل عثمان ( 1 ) .4/1208تاریخ المدینة البن شبة ( 2 . 46الریاض النظرة نقال عن الحسن بن علي ودوره السیاسي صـ 3 یح .) بسند صح8/128الطبقات البن سعد ( 4 . 174تاریخ خلیفة صـ 5 إسناده قوي . 461ـ 46تاریخ اإلسالم للذھبي صـ 6 . 403تاریخ دمشق صـ 7 ) . 76/ 5اب األشراف للبالذري ( بأس 8 . 87) نقال عن خالفة علي صـ 125/ 1ابن أبي عاصم اآلحاد والثماني 9

) إسناد صحیح .15/209مصنف ابن أبي شیبھ ( 10 ، على عبد الحمید . 87علي بن أبي طالب صـ خالفة 11

107

ت�ل ، خالف�ا لم�ا تزعم�ھ الرافض�ة م�ن أن�ھ ك�ان راض�یا بق 1عنھ بطرق تفید القط�ع، وق��ال الح��اكم بع��د ذك��ر بع��ض األخب��ار ال��واردة ف��ي 2عثم��ان رض��ي هللا عنھم��ا

مقتلھ رضي هللا عنھ : فأما الذي ادعتھ المبتدعة م�ن معون�ة أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي 3بن أبي طالب رضي هللا عنھ ، فإنھ كذب ، وزور ، فقد تواترت األخبار بخالفھ

ض�ي هللا عن�ھ ، وافت�راء علی�ھ ، . وقال ابن تیمی�ھ : وھ�ذا كل�ھ ك�ذب عل�ى عل�ي رفعلي رضي هللا عنھ لم یشارك في دم عثمان رضي هللا عنھ وال أم�ر وال رض�ي

، وق�د ق�ال عل�ي رض�ي هللا عن�ھ : 4و الص�ادق الب�ارـ، وقد روي عن�ھ ذل�ك ، وھ�. وق��د ش��وھت بع��ض كت��ب الت��اریخ مواق��ف 5اللھ��م أن��ي أب��رأ إلی��ك م��ن دم عثم��ان

ن ، وذل�ك بس�بب الروای�ات الرافض�یة الت�ي ذكرھ�ا الصحابة م�ن فتن�ة مقت�ل عثم�اكثیر من الم�ؤرخین والمتتب�ع ألح�داث الفتن�ة ف�ي ت�اریخ اإلم�ام الطب�ري ، وكت�ب الت���اریخ األخ���رى م���ن خ���الل روای���ات أب���ي مخن���ف ، والواق���دي ، واب���ن أع���ثم ، وغیرھا من األخبار یبین ویشعر أن الصحابة ھم الذین كانوا یحرك�ون الم�ؤامرة

ن الفتنة ، فأبي مخنف ذو المیول الشیعیة ال یتورع في اتھام عثمان بأنھ ، ویثیروي مرویات�ھ ـالخلیفة الذي كثرت سقطاتھ ، فاستحق م�ا اس�تحق ، ویظھ�ر طلح�ة ف�

كواحد من الثائرین على عثمان ، والمؤلبین ضده ، وال تختلف روای�ات الواق�دي ت��ي ت��تھم الص��حابة ع��ن روی��ات أب��ي مخن��ف ، وق��د كث��رت الروای��ات الرافض��یة ال

بالتآمر ضد عثمان رضي هللا عنھ وأنھم ھم الذین حركوا الفتنة ، وأث�اروا الن�اس ، وخالف�ا للروای�ات الرافض�یة والموض�وعة والض�عیفة 6، وھذا كلھ كذب وزور

فق��د حفظ��ت لن��ا كت��ب المح��دثین بحم��د هللا الروای��ات الص��حیحة الت��ي یظھ��ر فیھ��ا والمن���افحین عن���ھ والمتب���رأین م���ن قتل���ھ ، الص���حابة م���ن الم���ؤازرین لعثم���ان ،

والمطالبین بدمھ بعد مقتلھ وبذلك یستبعد أي اش�تراك لھ�م ف�ي تحری�ك الفتن�ة ، أو ، إن الص��حابة جمیع��ا رض��ي هللا ع��نھم أبری��اء م��ن دم عثم��ان رض��ي هللا 7إثارتھ��ا

عنھ ومن قال خالف ذلك ، فكالمھ باطل ال یستطیع أن یقیم علیھ أي دلیل ینھض رتبة الصحة ، ولذلك أخرج خلیفة في تاریخھ عن عب�د األعل�ى ب�ن الھی�ثم ، إلى م

ع��ن أبی��ھ ، ق��ال : قل��ت للحس��ن : أك��ان ف��یمن قت��ل عثم��ان أح��د م��ن المھ��اجرین ، ال اإلم�ام الن�ووي ، : ـ، من أھل مصر . وق�8واألنصار ؟ قال : ال ، كانوا أعالجا

ھم�ج ، ورع�اع م�ن غوغ�اء ولم یشارك في قتل�ھ أح�د م�ن الص�حابة ، وإنم�ا قتل�ھ ب���وا ، وقص���دوه م���ن مص���ر ، فعج���زت القبائ���ل س���فلة األط���راف واألراذل ، تحز

، وق�د 9الصحابة الحاضرون عن دفعھم ، فحص�روه حت�ى قت�ل ، رض�ي هللا عن�ھوص��فھم الزبی��ر رض��ي هللا عن��ھ ب��أنھم غوغ��اء م��ن األمص��ار ، ووص��فتھم الس��یدة

) .7/202البدایة والنھایة ( 1 . 189، حق الیقین ، عبد هللا شبر صـ 129العقیدة في أھل البیت بین اإلفراط والتفریط صـ 2 ) .3/103المستدرك ( 3 ) .4/406مناھج السنة ( 4 ) .3/3، إسناده حسن الطبقات ( 130العقیدة في أھل البیت صـ 5 ) .18إلى 2/14تحقیق مواقف الصحابة ( 6 المصدر السابق نفسھ . 7 : كل جاف شدید من الرجال علجال 8 . 148شھید الدار عثمان بن عفان صـ 9

108

اع القبائل وصفھم ابن تیمیھ بأنھم خوارج مفسدون وض�الون ، و 1عائشة بأنھم نز، ووص��فھم 3، ووص��فھم ال��ذھبي ب��أنھم رؤوس ش��ر ، وجف��اء 2، ب��اغون معت��دون

، ویش�ھد عل�ى 4ابن العماد الحنبلي في الش�ذرات ب�أنھم أراذل م�ن أوب�اش القبائ�لعاع منذ الحصار إلى قتل الخلیفة رضي هللا عنتھذا الوصف ف ھؤالء الر ھ صر

ظلما ،وعدوانا فكیف یمنع الماء عنھ ، والطعام ، وھو الذي طالم�ا دف�ع م�ن مال�ھ ، وھ��و ال��ذي یس��اھم ب��أموال كثی��رة 5الخ��اص م��ا ی��روي ظم��أ المس��لمین بالمج��ان

عندما یل�م بالن�اس مجاع�ة ، أو مك�روه وھ�و ال�دائم العط�اء عن�دما یص�یب الن�اس علیا رضي هللا عن�ھ یص�ف ھ�ذا الح�ال ، ، حتى أن 6ضائقة ، أو شدة من الشدائد

وھ��و یؤن��ب المحاص��رین بقول��ھ : ی��ا أیھ��ا الن��اس : إن ال��ذي تفعلون��ھ ال یش��بھ أم��ر المؤمنین ، وال أم�ر الك�افرین ، ف�ال تمنع�وا ع�ن ھ�ذا الرج�ل الم�اء ، وال الم�ادة ـ

وم ، وفارس لتأسر ، وتطع�م ، وتس�قي ت األخب� 7الطعام ـ فإن الر ار ، ، لق�د ص�ح��حابة م��ن التح��ریض عل��ى عثم��ان أو وأك��دت ح��وادث الت��اریخ عل��ى ب��راءة الص

، ومن أراد التفصیل فلیرجع إلى كتابي تیس�یر الك�ریم 8المشاركة في الفتنة ضده . 9المنان في سیرة عثمان بن عفان

: الحسن بن علي في عھد والده رضي هللا عنھما :رابعا

ھ بالخالفة بطریقة االختیار وذلك بع�د أن استش�ھد الخلیف�ة تمت بیعة علي رضي هللا عنالراشد عثم�ان ب�ن عف�ان رض�ي هللا عن�ھ عل�ى أی�دي الخ�ارجین الم�ارقین الش�ذاذ ال�ذین جاءوا من اآلفاق ، ومن أمصار مختلف�ة ، وقبائ�ل متباین�ة ال س�ابقة لھ�م ، وال أث�ر خی�ر

وع��دوانا ی��وم الجمع��ة لثم��اني ف��ي ال��دین ، فبع��د أن قتل��وه رض��ي هللا عن��ھ ظلم��ا وزورا ، قام ك�ل م�ن بق�ي بالمدین�ة م�ن 10عشرة لیلة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثالثین

أصحاب رسول هللا بمبایعة علي رضي هللا عنھ بالخالفة وذلك ألنھ لم یكن أحد أفض�ل منھ على اإلطالق في ذلك الوقت ، فل�م ی�دع اإلمام�ة لنفس�ھ أح�د بع�د عثم�ان رض�ي هللا

و الس��بطین رض��ي هللا عن��ھ حریص��ا علیھ��ا ، ول��ذلك ل��م یقبلھ��ا إال بع��د ب��ول��م یك��ن أعن��ھ إلحاح شدید ممن بق�ي م�ن الص�حابة بالمدین�ة وخوف�ا م�ن ازدی�اد الف�تن وانتش�ارھا وم�ع ذلك لم یس�لم م�ن نق�د بع�ض الجھ�ال أث�ر تل�ك الف�تن كموقع�ة الجم�ل وص�فین الت�ي أوق�د

ك��ابن س��بأ وأتباع��ھ ال��ذین اس��تخفھم ، فأط��اعوه ش��بھا الحاق��دون عل��ى اإلس��الم ننارھ��ا وأالكیفی�ة الت�ي ت�م بھ�ا اختی�ار عل�ي ىقلوبھم ع�ن الح�ق والھ�دى ، وق�د رو لفسقھم ولزیغ

، وق�د ذك�رت تل�ك الروای�ات بالتفص�یل ف�ي 11رضي هللا عنھ للخالفة بع�ض أھ�ل العل�من�ھ وق�د كتابي أسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي بن أبي طال�ب رض�ي هللا ع

) .15/148شرح النووي على صحیح مسلم ( 1 ) .206ـ 2/189منھاج السنة ( 2 ) .1/12دول اإلسالم للذھبي ( 3 ) .1/40) ، شذرات الذھب (1/482الصحابة ( تحقیق مواقف 4 . 450تیسیر الكریم المنان في سیرة عثمان بن عفان للصالبي صـ 5 . 424التمھید والبیان صـ 6 ) .5/400تاریخ الطبري ( 7 ) .2/18تحقیق مواقف الصحابة ( 8 . 466إلى 451عثمان بن عفان للصالبي صـ 9

) .3/31(الطبقات البن سعد 10 ) .2/677عقیدة أھل السنة في الصحابة الكرام ( 11

109

انعقد أجماع أھل السنة والجماعة على أن علیا رضي هللا عنھ كان متعین�ا للخالف�ة بع�د عثمان رضي هللا عنھ لبیعة المھاجرین واألنصار لھ لما رأوا لفضلھ على من بق�ي م�ن الصحابة ، وأنھ أقدمھم إسالما ، وأوفرھم علما ، وأقربھم بالنبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

ش��جعھم نفس��ا ، وأح��بھم إل��ى هللا ورس��ولھ وأكث��رھم مناق��ب وأفض��لھم س��وابق نس��با ، وألم ھ�دیا وس�متا سول هللا صلى هللا علیھ وـبھھم برسوأرفعھم درجة وأشرفھم منزلة وأش

فكان رضي هللا عنھ متعینا للخالف�ة دون غی�ره ، وق�د ق�ام م�ن بق�ي م�ن أص�حاب النب�ي ع�ة ب�ھ بالخالف�ة باإلجم�اع فك�ان حینئ�ذ إمام�ا حق�ا صلى هللا علیھ وسلم بالمدینة بعق�د البی

وجب على سائل الناس طاعتھ وحرم الخروج علیھ ومخالفتھ ، وقد نقل اإلجم�اع عل�ى ، 3ريع، وأبو الحس�ن األش�2، وابن قدامة 1ن سعدـل العلم منھم ، ابـخالفتھ كثیر من أھ

7وعبد الملك الجویني، 6، والزھري 5، وأبو منصور البغدادي 4وأبو نعیم األصبھاني، واب�ن 11، واب�ن تیمی�ة 10،وأبو بك�ر ب�ن العرب�ي 9، والغزالي 8، وأبو عبد هللا بن بطة

ق�ول المتقدم�ة لإلجم�اع أن خالف�ة عل�ي رض�ي هللا ن، والذي نستفیده م�ن ھ�ذه ال 12حجرعنھ محل إجماع على أحقیتھا وصحتھا في وقت زمانھا وذل�ك بع�د قت�ل عثم�ان رض�ي

عل��ي م یب��ق عل��ى األرض أح��ق بھ��ا من��ھ رض��ي هللا عن��ھ ، فق��د ج��اءت هللا عن��ھ حی��ث ل�� . 13رضي هللا عنھ على قدر في وقتھا ومحلھا

إلى الكوفة :عنھ ـ خروج أمیر المؤمنین علي رضي هللا 1ل���م یك���ن بع���ض الص���حابة رض���ي هللا ع���نھم ف���ي المدین���ة یؤی���دون خ���روج أمی���ر

ین ذلك حینما ھم علي بالنھوض المؤمنین علي بن أبي طالب من المدینة ، وقد تب، فقد كان ی�رى 14إلى الشام لیزور أھلھا وینظر ما ھو رأي معاویة ما ھو صانع

أن المدینة لم تعد تمتلك المقومات التي تملكھا بع�ض األمص�ار ف�ي تل�ك المرحل�ة ، فلم�ا عل�م أب�ي أی�وب األنص�اري رض�ي 15فقال : إن الرج�ل واألم�وال ب�العراق

المی�ل ق�ال للخلیف�ة : ی�ا أمی�ر الم�ؤمنین ، ل�و أقم�ت بھ�ذه ال�بالد ألنھ�ا هللا عنھ بھذا الدرع الحص�ینة ، ومھ�اجرة رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وبھ�ا قب�ره ومنب�ره ومادة اإلسالم ، فإن استقامة لك العرب كن�ت كم�ن ك�ان ، وإن تش�عب علی�ك ق�وم

ذرت .. ، فأخ��ذ رمی��تھم بأع��دائھم وإن ألجئ��ت حینئ��ذ إل��ى الس��یر س��رت وق��د أع��الخلیف��ة بم��ا أش��ار علی��ھ أب��ي أی��وب . وع��زم المقام��ة بالمدین��ة وبع��ث العم��ال عل��ى

) .3/31الطبقات الكبرى ( 1 ) .2/689نقال عن عقیدة أھل السنة في الصحابة ( 78ـ 77منھاج القاصدین في فضل الخلفاء الراشدین صـ 2 ) .1/346، مقاالت اإلسالمیین ( 78اإلبانة عن أصول الدیانة صـ 3 . 361ـ 360والرد على الرافضة صـ كتاب اإلمامة 4 . 287ـ 286كتاب أصول الدین صـ 5 . 193االعتقاد صـ 6 . 363، 362كتاب اإلرشاد إلى قواطع األدلة في أصول االعتقاد صـ 7 ) .2/692) ، عقیدة أھل السنة (2/246لوامع األنوار البھیة للسفاریتي ( 8 . 154االقتصاد في االعتقاد صـ 9

. 142عواصم من القواصم صـ ال 10 . 23الوصیة الكبرى صـ 11 ) .7/72فتح الباري ( 12 ) .2/693عقیدة أھل السنة في الصحابة الكرام ( 13 . 161) ، األنصار في العصر الراشدي صـ 2/283الثقات البن حبان ( 14 . 161) ، األنصار في العصر الراشدي صـ 2/283المصدر نفسھ ( 15

110

، ولكن حصلت كثیر م�ن المس�تجدات السیاس�یة الت�ي أرغم�ت الخلیف�ة 1األمصارعلى مغادرة المدین�ة ، وق�رر الخ�روج للتوج�ھ إل�ى الكوف�ة لیك�ون قریب�ا م�ن أھ�ل

، بلغ��ھ خ��روج عائش��ة وطلح��ة والزبی��ر إل��ى ، وأثن��اء اس��تعداده للخ��روج 2الش��امالبصرة فاستنفر أھل المدینة ودع�اھم إل�ى نص�رتھ وح�دث تثاق�ل م�ن بع�ض أھ�ل المدینة بسبب وجود الغوغاء في جیش علي ، وطریقة التعامل معھم ، فكثیر م�ن أھل المدینة یرون أن الفتن�ة ال زال�ت مس�تمرة ، ف�ال ب�د م�ن الت�روي حت�ى تتجل�ى

وھم یقولون ال وهللا ما ندري كیف نصنع ، فإن ھذا األم�ر لمش�تبھ األمور أكثر ،علینا ونحن مقیمون حتى یضیئ لنا ویسفر ، وروى الطبري أن عل�ي رض�ي هللا عن��ھ خ��رج ف��ي تعبئت��ھ الت��ي كان��ت تعب��ئ بھ��ا إل��ى الش��ام وخ��رج مع��ھ النش��طة م��ن

الكثی�ر م�ن ، واألدلة على تثاقل 3الكوفیین والبصریین متخفین في سبعمائة رجلأھل المدینة عن إجابة دعوة أمیر المؤمنین للخ�روج كثی�ر م�نھم ، خط�ب الخلیف�ة

. 4التي شكا فیھا من ھذا التثاقل ـ نصیحة الحسن بن علي لوالده : 2عس�كر فیھ�ا بم�ن مع�ھ ، 5ةذخرج أمی�ر الم�ؤمنین م�ن المدین�ة ، وعن�دما بل�غ الرب�

ة ق�ام إلی�ھ ابن�ھ الحس�ن ذ، وف�ي الرب� 6ووفد علیھ عدد من المسلمین بلغ�وا الم�ائتینم�ا أص�اب المس�لمین م�ن ىرضي هللا عنھما وھو باك ال یخفي حزن�ھ وت�أثره عل�

، فتقتل غ�دا بمض�یعة كفعصیت نيتفرق واختالف ، وقال الحسن لوالده : قد أمرت، وم�ا ال�ذي أمرت�ھ 7ال ناصر لك ، فقال علي : إن�ك ال ت�زال تخ�ن خن�ین الجاری�ة

قال : أمرتك یوم أحیط بعثمان رضي هللا عنھ أن تخ�رج م�ن المدین�ة فعصیتھ ؟ ، ، فیقت��ل ولس��ت بھ��ا ، ث��م أمرت��ك ی��وم قت��ل أن ال تب��ایع حت��ى یأتی��ك وف��ود أھ��ل األمصار والعرب وبیعة ك�ل مص�ر ، ث�م أمرت�ك ح�ین فع�ال ھ�ذان ال�رجالن ، م�ا

یرك ، فعال أن تجلس في بیتك حتى یصطلحوا ، فإن كان الفساد كان على یدي غفعصیتني في ذلك كلھ . قال : أي بني ، أما قول�ك : ل�و خرج�ت م�ن المدین�ة ح�ین أحیط بعثم�ان ، ف�وا هللا لق�د أح�یط بن�ا كم�ا أح�یط ب�ھ ، وأم�ا قول�ك : ال تب�ایع حت�ى تأتي بیعة األمصار ، فإن األمر أمر أھل المدین�ة وكرھن�ا أن یض�یع ھ�ذا األم�ر ،

، ف�إن ذل�ك ك�ان وھن�ا عل�ى أھ�ل اإلس�الم ، وأما قولك حین خرج طلحة و الزبیر ولی��ت ، منقوص��ا ال أص��ل إل��ى ش��ئ مم��ا ینبغ��ي ، وأم��ا ذوهللا م��ا زل��ت مقھ��ورا م��

قولك : اجلس في بیتك فكیف لي بما قد لزمني أو من تریدني ؟ أتریدني أن أكون ، لیس��ت ھاھن��ا حت��ى یح��ل 8مث��ل الض��بع الت��ي یح��اط بھ��ا ، ویق��ال : دب��اب دب��اب

م�ن ینظ�ر ما لزمني من ھذا األمر ویعنیني فثم نخرج ، وإذا لم أنظر فی عرقوباھافیھ ، فكف عنك أي بني . وم�ن ھ�ذه الحادث�ة نالح�ظ حس�ن تربی�ة أمی�ر الم�ؤمنین

. 161) ، األنصار في العصر الراشدي صـ 2/283ن (الثقات البن حبا 1 . 183استشھاد عثمان ووقعة الجمل صـ 2 ) .5/481المصدر نفسھ ( 3 . 163) ، األنصار في العصر الراشدى صـ 3/237الطبقات ( 4 كم . 240شرق المدینة المنورة تبعد 5 . 143) خالفة علي بن أبي طالب صـ 2/45أنساب األشراف ( 6 ) : خن : أخرج الصوت من خیاشیمھ .5/482یخ الطبري (تار 7 دباب ، كقطام : دعاء الضبع للضبع . 8

111

علي ألبنھ ، وكیف أعطاه مجاال لیعبر عن ما في نفسھ بدون ضغوط ثم رد أمیر عن�ھ المبك�ر للس�لم المؤمنین على كل اعتراض ، كما تبین میل الحسن رضي هللا

واالبتعاد عن استخدام القوة مھما كلف األمر ، أما أمیر المؤمنین عل�ي ،فق�د ك�ان حازما ـ والحق معھ ـ ف�ي ھ�ذه المش�كلة وواض�ح ول�م یس�تطیع أح�د أن یثنی�ھ ع�ن عزمھ وك�ان متریث�ا ف�ي تنفی�ذ القص�اص عل�ى قتل�ة عثم�ان فق�د ك�ان ینتظ�ر حت�ى

ي شأن قتلة عثمان فحین طالب الزبی�ر وطلح�ة وم�ن یستتب لھ األمر ، ثم ینظر فمعھم بإقامة حد القصاص علیھم اعتذر لھم بأنھم كثیر وأنھم قوة ال یستھان بھا ،

حت�ى تس�تقر األوض�اع وتھ�دأ األم�ور ، فتؤخ�ذ الحق�وق ص�برواوطلب م�نھم أن ی،لئن الظروف لم تكن مواتیة م�ن جل�ب المص�الح وق�د ألم�ح أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي

هللا عنھ إلى اختیار أھون الش�رین ح�ین ق�ال : ھ�ذا ال�ذي ن�دعوكم إلی�ھ م�ن رضي، لق�د رأى أمی�ر 1إقرار ـ قتلة عثمان ـ وھ�و خی�ر م�ن ش�ر من�ھ ـ القت�ال والفرق�ة

المؤمنین أن المص�لحة تقتض�ي ت�أخیر القص�اص ال ترك�ھ ، ف�أخر القص�اص م�ن ق األم�ن وتجتم�ع أجل ھ�ذا ،وك�ان رض�ي هللا عن�ھ ینتظ�ر بقتل�ة عثم�ان أن یس�توث

الكلمة ویرف�ع الطل�ب م�ن أولی�اء ال�دم ، فیحض�ر الطال�ب لل�دم والمطل�وب ، وتق�ع ،وال 2الدعوة ویك�ون الج�واب ، وتق�وم البین�ة ویج�ري القض�اء ف�ي مجل�س الحك�م

خالف بین األمة أنھ یجوز لإلمام تأخیر القص�اص إذا أدى ذل�ك إل�ى إث�ارة الفتن�ة عن وج�ود قتل�ة عثم�ان ف�ي ج�یش أمی�ر الم�ؤمنین أثیر ا، وأما م3وتشتیت الكلمة

علي رضي هللا عنھ وكیف یرضى أن یكون ھؤالء في جیشھ ، فقد أج�اب اإلم�ام الطح��اوي ع��ن ذل��ك بقول��ھ : وك��ان ف��ي عس��كر عل��ي رض��ي هللا عن��ھ م��ن أولئ��ك الطغاة الخ�وارج ال�ذین قتل�وا عثم�ان م�ن ل�م یع�رف بعین�ھ وم�ن تنتص�ر ل�ھ قبیلت�ھ

، 4جة بما فعلھ ، ومن في قلبھ نفاق لم یتمكن م�ن إظھ�اره كل�ھ ومن لم تقم علیھ حوعلى ك�ل ح�ال ، ك�ان موقف�ھ م�نھم موق�ف المحت�اط م�نھم ،المتب�رئ م�ن فعلھ�م ،

ج�د إل�ى ذل�ك س�بیال و وكان راغبا في اإلستغناء عنھم ب�ل اإلقتص�اص م�نھم ، ل�وب�ن أب�ي لت ذلك في كتابي أسمى المطالب في سیرة أمیر الم�ؤمنین عل�ي صوقد ف

طالب استنفار أھل الكوفة :في أثر الحسن بن علي ـ 3

كان أمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ یمارس صالحیاتھ كخلیفة وك�ان فی�ھ م�ن العزم والحزم بحی�ث ال یس�تطیع أح�د أن یثنی�ھ ع�ن عزم�ھ ، فأرس�ل عل�ي رض�ي

رس�والن أھ�ل الكوف�ة وی�دعوھم إل�ى نص�رتھ ، وك�ان ال تنفرهللا عنھ من الربذة یسمحمد بن أبي بكر الصدیق ، ومحمد بن جعف�ر ولكنھم�ا ل�م ینجح�ا ف�ي مھمتھم�ا ،

ل عل�ي ، ث�بط الن�اس ونھ�اھم ع�ن ب�ا موسى األش�عري وال�ى الكوف�ة م�ن قإذ أن أبالخروج والقتال في الفتنة وأسمعھم ما سمعھ من رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم

ل عل�ي بع�د ذل�ك ھاش�م ب�ن عتب�ة ب�ن ،فأرس�5من التحذیر من اإلشتراك في الفتن�ة

) 5/460المصدر السابق ( 1 ) 156/ 2تحقیق مواقف الصحابة ( 2 ) 1718/ 2أحكام القرآن ألبن العربي ( 3 546شرح الطحاویة ص 4 )اسناده حسن 12/ 15) مصنف ابن أبي شیبة ( 514/ 5تاریخ الطبري ( 5

112

، فبع��ث عب��د هللا ب��ن 1أب��ي وق��اص ،ففش��ل ف��ي مھمت��ھ ،لت��أثیر أب��ي موس��ى عل��یھم عباس فأبطوا علیھ ، فأتبعھ بعمار بن یاسر والحسن بن عل�ي ، وع�زل أب�ا م�وس

وكان للقعقاع ب�ن عم�رو دور كبی�ر 2األشعري واستعمل قرظة بن كعب بدال منھش�فیق ، وأح�ب أن مقام فیھم وقال : أني لكم ناصح وعلیكفي إقناع أھل الكوفة ،

والقول الذي ھ�و الق�ول إن�ھ ال ب�د م�ن …ترشدوا ، وألقولن لكم قوال ھو الحق ، إمارة تنظم الناس وتنزع الظالم ، وتعز المظلوم ، وھذا علي یل�ي م�ا ول�ي ، وق�د

ھ�ذا األم�ر ن�وا ف�ي وا ی�دعوا إل�ى اإلص�الح ،ف�انفروا وكأنصف في الدعاء ، وإنم، وكان للحسن بن علي أث�ر واض�ح ، فق�د ق�ام خطیب�ا ف�ي 3بمرأ ومسمع و مسمع

الناس وقال : أیھ�ا الن�اس ، أجیب�وا دع�وة أمی�ركم ، وس�یروا إل�ى إخ�وانكم ، فإن�ھ ، أمث�ل ف�ي العاجل�ة 4إلی�ھ ، وهللا ألن یلی�ھ أول�و النھ�ى فرسیوجد لھذا األمر من ین

، ولب�ى 5عینون�ا عل�ى م�ا ابتلین�ا ب�ھ وابتلی�تمأعوتن�ا ووخیر في العاقبة ، فأجیبوا دخرجوا مع عمار والحسن إلى علي ما بین ستة إل�ى س�بعة وكثیر من أھل الكوفة

ألف رجل ، ثم انضم إلیھم من أھل البصرة ألفان من عبد القیس ثم تواف�دت علی�ھ ، 6القبائل إلى أن بل�غ جیش�ھ عن�د ح�دوث المعرك�ة اثن�ي عش�ر أل�ف رج�ل تقریب�ا

ر المؤمنین علي بذي قار قال لھم : یا أھل الكوفة ، یا التقى أھل الكوفة بأمموعندأن��تم ولی��تم ش��وكة العج��م ومل��وكھم وفضض��تم جم��وعھم ، حت��ى ص��ارت إل��یكم مواریثھم ، فأعنتم حوزتكم واغتنم الناس على عودھم وقد دعوتكم لتش�ھدوا معن�ا

ری�د وأن یلج�وا داوین�اھم ب�الرفق إخواننا من أھل البصرة فإن یرجع�وا ف�ذلك م�ا نوبایناھم حتى یب�دؤونا بظل�م ، ول�ن ن�دع أم�را فی�ھ ص�الح إال آثرن�اه عل�ى م�ا فی�ھ

. 7الفساد إن شاء هللا وال قوة إال با� ـ محاوالت الصلح : 4

ك��ان عل��ي رض��ي هللا عن��ھ حریص��ا عل��ى أن یقض��ي عل��ى ھ��ذه الفرق��ة والفتن��ة بكل ما أوتي م�ن حین شر القتال والصدام المسللمسلمبالوسائل السلمیة وتجنیب ا

قوة وجھ�د ، وك�ذلك الح�ال بالنس�بة لطلح�ة والزبی�ر ، وق�د اش�ترك ف�ي مح�اوالت الصلح عدد من الصحابة وكبار التابعین ، وكان من أشھرھا محاولة القعق�اع ب�ن

، فقد حاور طلحة والزبیر والسیدة عائشة ، وقد تأثروا بم�ا ط�رح وس�ألت وعمردة عائش��ة القعق��اع ع��ن رأی��ھ ف��ي أم��ر قتل��ة عثم��ان ، فق��ال : ھ��ذا أم��ر دواءه الس��ی

التس��كین ، وال ب��د م��ن الت��أني ف��ي االقتص��اص م��ن قتل��ة عثم��ان ، وإن أن��تم ب��ایعتم واتفقتم معھ ، كان ھذا عالم�ة خی�ر ، وتباش�یر رحم�ة ، وق�درة عل�ى األخ�ذ 8علیا

لمك��ابرة والقت��ال ك��ان ھ��ذا بث��أر عثم��ان ، وإن أن��تم أبی��تم ذل��ك ، وأص��ررتم عل��ى اب�ا لھ�ذا المل�ك ، ف�آثروا العافی�ة ترزقونھ�ا وكون�وا مف�اتیح خی�ر اعالمة ش�ر ، وذھ

) 486/ 3عبد الحمید ، سیر أعالم النبالء ( 44خالفة علي بن أبي طالب ص 1 ) 109/ 1) ، التاریخ الصغیر ( 25/ 13فتح الباري ( 2 ) 516/ 5تاریخ الطبري ( 3 أولو النھى : أصحاب العقول . 4 ) .5/516تاریخ الطبري ( 5 ) بسند صحیح إلى الزھري .574ـ 5/456مصنف عبد الرزاق ( 6 ) .5/519تاریخ الطبري ( 7 المقصود : االنقیاد التام لسیاسة أمیر المؤمنین علي في التعامل مع قتلة عثمان . 8

113

كما كنتم أوال ، وال تعرضونا للبالء ، فتتعرضوا ل�ھ ، فیص�رعنا هللا وإی�اكم وأی�م وهللا إني ألقول ھذا وأدع�وكم إلی�ھ ، وإن�ي لخ�ائف أال ی�تم ، حت�ى یأخ�ذ هللا حجت�ھ

األمة التي قل متاعھا ، ونزل بھا ما نزل ، فإن ما نزل بھ�ا أم�ر عظ�یم ، من ھذهولیس كقتل الرجل الرجل وال قتل النفر الرجل ، وال قتل القبیل�ة القبیل�ة ، اقتنع�وا بكالم القعقاع المقنع الصادق المخلص ، ووافقوا على دعوتھ إلى الصلح، وق�الوا

م علي وھو على مثل رأیك ص�لح ھ�ذا لھ أحسنت وأصبت المقالة ، فارجع فإن قداألمر إن شاء هللا ، وعاد القعقاع إلى علي في "ذي قار" ، وقد نجح في مھمت�ھ ، وأخبر علیا بما جرى معھم ، فأعجب عل�ي ب�ذلك ، وأوش�ك الق�وم عل�ى الص�لح ،

. 1كرھھ من كرھھ ورضیھ من رضیھ

ـ دور السبائیة في نشوب القتال في معركة الجمل : 5ما عاد القعقاع وأخبر أمیر المؤمنین علي بم�ا فع�ل ، أرس�ل عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ل

وإلى عائشة والزبیر ومن معھ یستوثق فیھ مما جاء بھ القعقاع ب�ن عم�ر 2رسولین، فجاءا علیا ، بأن�ھ عل�ى م�ا فارقن�ا علی�ھ القعق�اع فأق�دم ، فارتح�ل عل�ي حت�ى ن�زل

ر إلى مضر وربیع�ة إل�ى ربیع�ة ، وال�یمن بحیالھم ، فنزلت القبائل إلى قبائلھم مضإلى ال�یمن ، وھ�م ال یش�كون ف�ي الص�لح ، فك�ان بعض�ھم بحی�ال بع�ض ، وبعض�ھم

. وك��ان أمی��ر الم��ؤمنین 3یخ��رج إل��ى بع��ض ، وال ی��ذكرون وال ین��وون إال الص��لحعلي رضي هللا عنھ لما نوى الرحیل قد أعلن قراره الخطیر : أال وأني راحل غ�دا

ف�يان على عثمان بش�ئ عد إلى البصرة ، أال وال یرتحلن غدا أحد أفارتحلوا یقص، وكان ف�ي معس�كر عل�ي رض�ي هللا عن�ھ م�ن أولئ�ك الطغ�اة 4شئ من أمور الناس

والخوارج الذي قتلوا عثمان من لم یعرف بعین�ھ وم�ن تنتص�ر ل�ھ قبیلت�ھ ، وم�ن ل�م، وح�رص 5ھ�ارهقلب�ھ نف�اق ل�م ی�تمكن م�ن إظ تقم علی�ھ حج�ة بم�ا فعل�ھ ، وم�ن ف�ي

، فلم�ا 6أتباع ابن سبأ على إشعال الفتنة وتأجیج نیرانھا حتى یفلت�وا م�ن القص�اصنزل الناس منازلھم واطمأنوا خرج علي وخرج طلحة والزبیر ، فتوافقوا وتكلم�وا فیما اختلفوا فیھ ، فلم یجدوا أمرا ھو أمث�ل م�ن الص�لح ، وت�رك الح�رب ح�ین رأوا

اع ، فافترقوا على ذلك ، ورجع علي إلى عسكره ، ورجع أن األمر أخذ في االنقشطلح��ة والزبی��ر إل��ى عس��كرھما ، وأرس��ل طلح��ة والزبی��ر إل��ى رؤس��اء أص��حابھما وأرسل علي إلى رؤساء أصحابھ ما عدا أولئك ال�ذین حاص�روا عثم�ان رض�ي هللا عن��ھ ـ فب��ات الن��اس عل��ى نی��ة الص��لح والعافی��ة وھ��م ال یش��كون ف��ي الص��لح ، فك��ان

ات وب�م بحیال بعض وبعضھم یخ�رج إل�ى بع�ض ، وال ین�وون إال الص�لح ، بعضھل��ة باتوھ��ا ق��ط ، إذ أش��رفوا عل��ى الھ��الك ، وجعل��وا یر لـوا الفتن��ة بش��راث��ال��ذین أ

یتشاورون لیلتھم كلھم ، وقال قائلھم : أما طلحة والزبیر فقد عرفنا أمرھم�ا ، وأم�ا م�ن الن�اس أن یرتحل�وا ف�ي علي فلم نعرف أمره حتى كان الی�وم وذل�ك ح�ین طل�ب

) .5/521) ، تاریخ الطبري (7/739البدایة والنھایة ( 1 ) .5/525تاریخ الطبري ( 2 ) .5/539المصدر نفسھ ( 3 ) .5/525المصدر نفسھ ( 4 ) .5/526المصدر نفسھ ( 5 ) .2/120) ، تحقیق مواقف الصحابة (5/527المصدر نفسھ ( 6

114

الغد وال یرتحل معھ أحد أعان عل�ى عثم�ان بش�ئ ـ ورأي الن�اس فین�ا وهللا واح�د ، ، وتكلم ابن السوداء ـ عب�د هللا ب�ن س�بأ وھ�و 1على دماءنافوأن یصطلحوا مع علي

المشیر فیھم ـ فقال : إن عزكم في خلط�ة الن�اس فص�انعوھم وإذا التق�ى الن�اس غ�دا وھم للنظ��ر ، وإذا أن��تم مع��ھ ال یج��د ب��دا م��ن أن یمتن��ع ، غ��ال ، وال تفرفانش��بوا القت��

ون ، فابص�روا ال�رأي ویشغل هللا علیا وطلحة والزبیر ومن رأى رأیھم عما تكرھ�فاجتمعوا عل�ى ھ�ذا ال�رأي بإنش�اب الح�رب ف�ي 2والناس ال یشعرون وتفرقوا علیھ

جی�رانھم فخ�رج مض�ریھم السر ، فغدوا في الغلس وعلیھم ظلمة ، وم�ا یش�عر بھ�م إلى مضریھم وربیعیھم إلى ربیعیھم ، ویمانیھم إلى یمانیھم فوضعوا فیھم السیوف ، فث��ار أھ��ل البص��رة ، وث��ار ك��ل ق��وم ف��ي وج��وه ال��ذین ب��اغتوھم ، فخ��رج الزبی��ر

، وق�د تح�دثت ع�ن ج�والت معرك�ة الجم�ل 3وطلحة في وجوه الناس واندلع القت�الب�ن أب�ي طال�ب ، طالب في سیرة أمیر المؤمنین علي بالتفصیل في كتابي أسمى الم

یة في معركة الجمل مما یكاد یجمع علیھ العلماء ، سوى أسموھم ئفقد كان أثر السببالمفسدین أو بأوباش الطائفتین أو أسماھم البعض بقتلة ، أو نب�ذوھم بالس�فھاء ، أو

الت�ي تؤك�د ذه بع�ض النص�وصـوھ� 4یةئاء ، أو أطلقوا علیھم صراحة الس�ببالغوغ . ذلك

أن ال�ذي نس�ب إل�یھم قت�ل أ ـ ج�اء ف�ي أخب�ار البص�رة لعم�ر ب�ن ش�بةعثم��ان خش��وا أن یص��طلح الفریق��ان عل��ى ق��تلھم ، فانش��بوا الح��رب بی��نھم حت��ى

. 5كان ما كانفجرت فتنة الجمل على غی�ر اختی�ار م�ن عل�ي ب ـ قال اإلمام الطحاوي :

. 6اختیار السابقینوال من طلحة وإنما أثارھا المفسدون بغیر .. وت��م الص��لح والتف��رق عل��ى الرض��ا ، فخ��اف قتل��ة ت ـ وق��ال الب��اقالني :

عثمان من التمكن منھم ، واإلحاطة بھم ، فاجتمعوا ، وتشاوروا واختلفوا ، ثم اتفقت آراؤھم على أن یفترقوا فرقتین ویبدأوا بالحرب سحرة ف�ي المعس�كرین

عس�كر عل��ي : غ��در طلح��ة والزبی��ر ، ویختلط�وا ، ویص��یح الفری��ق ال��ذي ف��ي مویصیح الفریق الذي ف�ي طلح�ة والزبی�ر : غ�در عل�ي ، ف�تم لھ�م ذل�ك عل�ى م�ا دبروه ونشب الحرب ، فكان ك�ل فری�ق م�نھم دافع�ا لمك�روه ع�ن نفس�ھ ومانع�ا م��ن اإلش��اطة بدم��ھ ، وھ��ذا ص��واب م��ن الف��ریقین وطاع��ة � تع��الى إذا وق��ع ،

ل ، فھذا ھ�و الص�حیح المش�ھور ، وإلی�ھ تمی�ل ، واالمتناع منھم على ھذا السبی . 7وبھ نقول

أق��وال العلم��اء ، باتف��اق رأي عل��ي ث ـ ونق��ل القاض��ي عب��د الجب��ار :وطلحة والزبیر وعائشة ـ رضوان هللا علیھم ـ على الصلح ، وترك الح�رب ،

) .5/526تاریخ الطبري ( 1 ) .5/527المصدر نفسھ ( 2 ) .5/541المصدر نفسھ ( 3 . 194عبد هللا بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة في صدر اإلسالم صـ 4 ) .13/56فتح الباري ( 5 . 546اویة صـ شرح العقیدة الطح 6 . 233التمھید صـ 7

115

واس��تقبال النظ��ر ف��ي األم��ر ، وأن م��ن ك��ان ف��ي المعس��كر م��ن أع��داء عثم��ان ، وخافوا أن تتفرغ الجماعة لھم ، فدبروا في إلقاء ما ھو معروف كرھوا ذلك

. 1، وتم ذلكوق�دم عل�ي عل�ى البص�رة ، جـ ـ ویقول القاضي أبو بكر بن العربي :

وتدانوا لیتراءوا ، فلم یتركھم أصحاب األھواء وبادروا بإراقة الدماء واشتجر ال یق�ع برھ�ان ، وال الحرب ، وكثرت الغوغاء على البوغ�اء ، ك�ل ذل�ك حت�ى

یق��ف الح��ال عل��ى بی��ان ، ویخف��ي قتل��ة عثم��ان ، وإن واح��دا ف��ي الج��یش یفس��د . 2تدبیره ، فكیف بألف

وبرھ��ان ذل��ك أنھ��م اجتمع��وا ول��م یقتتل��وا وال … ـ ویق��ول اب��ن ح��زم :ح تح��اربوا ، فلم��ا ك��ان اللی��ل ع��رف قتل��ة عثم��ان أن اإلراغ��ة والت��دبیر عل��یھم ،

لزبیر وبذلوا السیف فیھم ، فدفع القوم عن أنفس�ھم حت�ى فبیتوا عسكر طلحة واخ��الطوا عس��كر عل��ي ، ف��دفع أھل��ھ ع��ن أنفس��ھم ك��ل طائف��ة تظ��ن وال ش��ك أن األخرى بدأتھا القتال ، واختلط األم�ر اختالط�ا ، ل�م یق�در أح�د عل�ى أكث�ر م�ن ال���دفاع ع���ن نفس���ھ ، والفس���قة م���ن قتل���ة عثم���ان ال یفت���رون م���ن ش���ن الح���رب

فكلت��ا الط��ائفتین مص��یبة ف��ي غرض��ھا ومقص��دھا ، مدافع��ة ع��ن واض��رامھا ،نفسھا ، ورجع الزبیر وترك الحرب بحالھا ، وأتى طلحة س�ھم غ�ارب ، وھ�و قائم ال یدري حقیقة ذلك االختالط ، فصادف جرحا في ساقھ ك�ان أص�ابھ ی�وم أحد بین یدي رسول هللا ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ فانص�رف وم�ات م�ن وقت�ھ ـ

هللا عنھ ـ وقتل الزبیر بوادي السباع ـ بعد انسحابھ من المعركة ـ عل�ى رضي . 3البصرة ، فھكذا كان األمرمن أقل من یوم

. ویق�ول : 4ك�ان وقع�ة الجم�ل أثارھ�ا س�فھاء الف�ریقین .خ ـ ویقول الذھبي .إن الفریقین اصطلحا ولیس لعلي وال لطلح�ة قص�د القت�ال ، ب�ل ، لیتكلم�وا ف�ي

لمة ، فترامى أوباش الطائفتین بالنیل وشبت ن�ار الح�رب ، وث�ارت اجتماع الك. وفي دول اإلسالم : والتحم القتال من الغوغاء : وخ�رج األم�ر ع�ن 5النفوس

. یقول الدكتور سلیمان بن حمد الع�ودة : ولن�ا بع�د ذل�ك 6علي وطلحة والزبیرس��بئیة ف��ي أن نق��ول : وم��ا الم��انع أن تك��ون روای��ة الطب��ري المص��رحة ب��دور ال

الجم��ل ، تفس��ر ھ��ذا التعم��یم وتح��دد تل��ك المس��میات الت��ي وردت ف��ي نق��والت ھ��ؤالؤء العلم��اء ؟ وحت��ى ول��و ل��م تك��ن ھ��ذه الطوائ��ف الغوغائی��ة ذات ص��لة مباشرة بالسبئیة ولم تكن لھا أھداف كأھدافھم ، ف�أي م�انع یمن�ع الق�ول أن ھ�ذه

ھ�ي الع�ادة ف�ي بع�ض شكلت أرضیة استغلھا ابن سبأ وأعوان�ھ "الس�بئیة" كم�ا . 7الحركات الغوغائیة التي تستغل من قبل المفسدین

. 299تثبیت دالئل النبوة للھمذاني صـ 1 . 157، 156العواصم من القواصم صـ 2 ) .158، 4/157الفصل في الملل والنحل ( 3 . 195) ، عبد هللا بن سبأ للعودة صـ 1/37العبر ( 4 . 195) ، عبد هللا بن سبأ للعودة صـ 1/15تاریخ اإلسالم ( 5 . 195) ، عبد هللا بن سبأ للعودة صـ 1/15دول اإلسالم ( 6 . 196المصدر نفسھ صـ 7

116

الحسن رضي هللا عنھ یوم الجمل على المیمن�ة وقی�ل عل�ى المیس�رة ، وقد كان . 1وكان یكره القتال ویشیر على أبیھ بتركھ

ـ عدد القتلى في الجمل : 6ره أس���فرت ھ���ذه الح���رب الض���روس ع���ن ع���دد م���ن القتل���ى اختل���ف ف���ي تق���دی

الروایات ، وذكر المسعودي أن ھذا االختالف في تقدیر ع�دد القتل�ى مرجع�ھ ، وقد أورد خلیفة بن خیاط بیانا بأسماء م�ن حف�ظ م�ن قتل�ى 2إلى أھواء الرواة

رض��نا أن ع��ددھم ك��ان م��ائتین ف، فل��و 3ی��وم الجم��ل ، فك��انوا قریب��ا م��ن المائ��ةال یتج�اوز الم�ائتین . وھ�ذا ولیس مائة ، فإن ھذا یعني أن قتلى معركة الجم�ل

ل��دى ال��دكتور خال��د ب��ن محم��د الغی��ث ف��ي رس��التھ ح، ال��ذي ت��رج ھ��و ال��رقماستشھاد عثمان ووقعة الجمل في مرویات سیف بن عم�ر ف�ي ت�اریخ الطب�ري

و مخن�ف الرافض�ي الش�یعي ف�ي ك�ون القتل�ى ب�ذك�ره أم�ا ، وأم�ا 4دراسة نقدیة غ فی�ھ ، وق�د أس�اء ھ�ذا الك�ذاب م�ن ، فھ�ذا مب�ال 5یصل عددھم إلى عشرین ألف�ا

، وأم�ا 6حیث یظن أنھ أحسن ، إذ ذكر أن العشرین ألفا من أھ�ل البص�رة فق�طس��یف فی��ذكر أنھ��م عش��رة آالف نص��فھم م��ن أص��حاب عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ونصفھم من أصحاب عائشة رضي هللا عنھا ، وفي روایة أخرى ق�ال : وقی�ل

الكوف��ة ، وعش��رة آالف م��ن أھ��ل خمس��ة عش��رة آالف ، خمس��ة آالف م��ن أھ��ل، 7البص��رة ، نص��فھم قت��ل ف��ي المعرك��ة األول��ى ونص��فھم ف��ي الجول��ة الثانی��ة

والروایتان ضعیفتان لالنقطاع غی�ره ، وفیھ�ا مبالغ�ة أیض�ا ، وی�ذكر عم�ر ب�ن ، وأم�ا 8شبھ أن القتلى یزیدون على س�تة آالف ، إال أن الروای�ة ض�عیفة س�ندا

الیعقوبي ، فقد جاوز ھؤال ، 9ء جمیعا ، إذ وضع عدد القتل�ى نیف�ا وثالث�ین ألف�اوھذه األرقام مبالغا فیھا جدا وقد ذكرت ف�ي كت�ابي أس�مى المطال�ب ف�ي س�یرة

أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب أسباب المبالغة . ـ نداء أمیر المؤمنین بعد الحرب : 7: أن ال یجھ�زوا ما إن بدأت الحرب تضع أوزارھ�ا ، حت�ى ن�ادى من�ادي عل�ي

على جریح ، وال یتبعوا مدبرا ، وال یدخلون دارا ومن ألقى الس�الح فھ�و آم�ن وم��ن أغل��ق باب��ھ فھ��و آم��ن ول��یس لجیش��ھ م��ن غنیم��ة إال م��ا حم��ل إل��ى می��دان المعركة من سالح وكراع ول�یس لھ�م م�ا وراء ذل�ك م�ن ش�ئ ، ون�ادى من�ادي

جد شیئا من متاعھ عن�د أح�د أمیر المؤمنین فیمن حاربھ من أھل البصرة من و . 10من جنده ، فلھ أن یأخذه

) .12/109الوافي بالوفیات للصدفي ( 1 ) .3/367مروج الذھب ( 2 . 190، 187تاریخ خلیفة صـ 3 . 215استشھاد عثمان ووقعة الجمل صـ 4 بسند مرسل . 86تاریخ خلیفة صـ 5 . 186المصدر نفسھ صـ 6 ) .555إلى 5/542تاریخ الطبري ( 7 إسناده منقطع وھو حسن إال قتادة . 186تاریخ خلیفة بن خیاط صـ 8 ) .13/62) فتح الباري (7/546مصنف ابن أبي شیبة ( 9

. 202استشھاد عثمان ووقعة الجمل صـ 10

117

علیھم : ھمحـ تفقده للقتلى وتر 8 ف�يبعد انتھاء المعركة خرج أمیر المؤمنین علي رض�ي هللا عن�ھ یتفق�د القتل�ى

نف�ر م��ن أص��حابھ ، فأبص�ر محم��د ب��ن طلح�ة الس��جاد ، فق��ال : إن�ا � وإن��ا إلی��ھ قراجعون ، أما وهللا ل صالحا ، ث�م قع�د كئیب�ا حزین�ا .. ودع�ا للقتل�ى د كان شابا

. 1بالمغفرة وترحم علیھم وأثنى على عدد منھم بالخیر والصالح من مقتل طلحة رضي هللا عنھ : هتأثرـ 9

.. وإن علی��ا لم��ا دار ب��ین القتل��ى رأى طلح��ة مقت��وال فجع��ل یمس��ح ع��ن وجھ��ھ ندال ف�ي األودی�ة ، ث�م ق�ال : ثم قال : عزیز علي أبا محمد أن أراك مج 2التراب

وترحم علیھ وقال : لیتني مت قبل ھذا بعشرین 3إلى هللا أشكو عجري وبجري . 4سنة

وقفھ من قاتل الزبیر رضي هللا عنھ : ـ 10ھ إل��ى عل��ي ـلم��ا غ��در عم��رو ب��ن جرم��وز ب��الزبیر وقتل��ھ إحت��ز رأس��ھ وذھ��ب ب��

ي : بش�ر قات�ل اب�ن ورأى أن ذلك یحصل ل�ھ ب�ھ حظ�وة عن�ده فاس�تأذن فق�ال عل�ص���فیة بالن���ار ، ث���م ق���ال عل���ي : س���معت رس���ول هللا یق���ول لك���ل نب���ي ح���واري

، ولم�ا رأى عل�ي س�یف الزبی�ر ق�ال : إن ھ�ذا الس�یف طالم�ا 5وحواري الزبی�روف��ي روای��ة : من��ع أمی��ر الم��ؤمنین اب��ن 6ف��رج الك��رب ع��ن وج��ھ رس��ول هللا

، ویق�ال اب�ن 7یة بالن�ارجرموز بالدخول علیھ ، وقال لآلذان بشر قاتل ابن صفعم��رو ب��ن جرم��وز قت��ل نفس��ھ ف��ي عھ��د عل��ي ، وقی��ل ب��ل ع��اش إل��ى أن ت��أمر مصعب بن الزبی�ر عل�ى الع�راق ف�اختفى من�ھ ، فقی�ل لمص�عب : إن عم�رو ب�ن

ھ ؟ فق�ال : م�روه فلیظھ�ر فھ�و آم�ن ، ـجرموز ھاھنا وھو مخت�ف ، فھ�ل ل�ك فی�، وك�ان 9ن أجعل�ھ ع�دال للزبی�رللزبیر منھ فھو أحق�ر م�ن أ 8وهللا ما كنت ألقید

أمیر المؤمنین قد وضع األسرى في مساء یوم الجمل في موضع خاص ، فلم�ا صلى الغداة طل�ب موس�ى ب�ن طلح�ة ب�ن عبی�د هللا ، فقرب�ھ ورح�ب ب�ھ وأجلس�ھ بجواره وسألھ عن أحوالھ وأحوال أخوت�ھ ، ث�م ق�ال ل�ھ : إن�ا ل�م نق�بض أرض�كم

خ��ذناھا مخاف��ة أن ینتھبھ��ا الن��اس ، ودف��ع ل��ھ أخ��ذھا إنم��ا أنھ��ذه ونح��ن نری��د أن غلتھا وقال : یا ابن أخي وأننا ف�ي الحاج�ة إذا كان�ت ل�ك وك�ذلك فع�ل م�ع أخی�ھ عمران بن طلحة فبایعاه ، فلما رأى األسارى ذلك دخلوا على عل�ي رض�ي هللا

، كم�ا س�أل 10عنھ یبایعونھ ، فب�ایعھم وب�ایع اآلخ�رین عل�ى رای�اتھم قبیل�ة قبیل�ةان بن الحكم وقال : یعطفني علی�ھ رح�م ماس�ة وھ�و م�ع ذل�ك س�ید م�ن عن مرو

. 169ه ، خالفة علي بن أبي طالب صـ ) واإلسناد حسن لغیر104، 375، 3/103) المستدرك (15/261مصنف ابن أبي شیبة ( 1 ) .7/258البدایة والنھایة ( 2 سرائري وأحزاني التي تموج في جوفي . 3 . 528تاریخ اإلسالم ، عھد الخلفاء الراشدین صـ 4 ) .2/920فضائل الصحابة ( 5 ) .7/261البدایة والنھایة ( 6 حمید .عبد ال 164) إسناده حسن خالفة علي صـ 3/105الطبقات ( 7 أقید : قود : القتل بالقاتل . 8 ) .7/261البدایة والنھایة ( 9

) .377ـ 3/376) بسند حسن ، المستدرك (3/224الطبقات ( 10

118

شباب قریش ، وقد أرسل مروان إلى الحسن والحسین واب�ن عب�اس رض�ي هللا عنھم لیكلموا علیا فقال علي ھ�و آم�ن فلیتوج�ھ حی�ث ش�اء ، ولك�ن م�روان إزاء

ن ب�ن ، كما أن مروا1ھذا الكرم والنبل ، لم تطاوعھ نفسھ أن یذھب حتى بایعھ الحكم أثنى على فعال أمیر المؤمنین علي وقال ألبن�ھ الحس�ن : م�ا رأی�ت أك�رم غلبة من أبیك ، ما كان إال أن ولینا یوم الجمل حتى ناد منادی�ھ : أال یتب�ع م�دبر

2، وال یذفف على جریح

ـ أمیر المؤمنین علي یرد عائشة إلى مأمنھ�ا مع�ززة مكرم�ة 11 :

عائشة بكل شئ ینبغي لـھا م�ن مرك�ب وزاد أو مت�اع ، جھز أمیر المؤمنین عليوأخرج معھا من نجا ممن خ�رج معھ�ا إال م�ن أح�ب المق�ام ، واخت�ر لھ�ا أربع�ین ام��رأة م��ن نس��اء أھ��ل البص��رة المعروف��ات وق��ال : تجھ��ز ی��ا محم��د اب��ن الحنفی��ة : فبلغھا ، فلما كان الیوم الذي ترتحل فیھ جاءھا حتى وقف لھ�ا ، وحض�ر الن�اس ،

فخرج��ت عل��ى الن��اس ، وودعوھ��ا وودع��تھم وقال��ت : ی��ا بن��ي تعت��ب بعض��نا عل��ى بعض استبطاء واستزادة وال یعتدن أحدا منك على أحد بشئ بلغ�ھ م�ن ذل�ك ، إن�ھ وهللا م�ا ك��ان بین��ي وب��ین عل�ي ف��ي الق��دیم إال م��ا یك�ون ب��ین الم��رأة وأحمائھ��ا وإن��ھ

ا الناس ، صدقت وهللا وبرت عندي على معتبتي من األخیار ، وقال علي : یا أیھما كان بیني وبینھا إال ذلك ، وإنھا لزوج�ة نب�یكم ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة ، وخرج��ت ی�وم الس��بت لغ��رة رج�ب س��نة س��تة وثالث�ین ، وش��یعھا عل��ي

. 3أمیاال وسرح بنیھ معھا یوما ـ ندمھم على ما حصل منھم : 12

السابقین ، ن�دموا عل�ى م�ا دخل�وا فی�ھ م�ن القت�ال ، فن�دم قال ابن تیمیھ : .. وھكذا عامةطلحة والزبیر وعلي وغیرھم ، ولم یك�ن ی�وم الجم�ل لھ�ؤالء قص�د ف�ي القت�ال ، ولك�ن

. 4وقع االقتتال بغیر اختیارھمدما نظر وقد أخذت السیوف مأخ�ذھا م�ن ـفأمیر المؤمنین علي ورد عنھ ، عنأ ـ

. 5ھذا بعشرین سنةالرجال فقال : لوددت أني مت قبل وروى نعیم بن حم�اد ، بس�نده إل�ى الحس�ن ب�ن عل�ي ، إن�ھ ق�ال لس�لیمان ب�ن ب ـ

ص��رد ، لق��د رأی��ت علی��ا ح��ین اش��تد القت��ال وھ��و یل��وذ ب��ي ، ویق��ول : ی��ا حس��ن : . 6لوددت مت قبل ھذا بعشرین سنة

وعن حسن بن علي قال : أراد أمیر المؤمنین علي أمرا ، فتتابع�ت األم�ور ت ـ . 1، فلم یجد منزعا

) بسند حسن 337/ 2سنن سعید ابن منصور ( 2 111وردي ص اكتاب أھل البغي من الحاوي الكبیر للم 2 ) .5/581تاریخ الطبري ( 3 . 222ن منھاج االعتدال صـ المنتقى م 4 ) .1/80م بن حماد (یالفتن نع 5 ) .1/80المصدر السابق ( 6

119

سمع علي یق�ول : ـ ح�ین نظ�ر علي ، عن حسن بن سلیمان بن صرد وعن ث ـإلى السیوف قد أخذت القوم ـ یا حسن أكل ھذا فینا ؟ لیتني مت قبل ھ�ذا بعش�رین

. 2أو أربعین سنةقال ابن تیمیة : فإن عائشة لم تقاتل ، ولم تخرج لقتال وإنم�ا خرج�ت بقص�د خ ـ

ن المس�لمین ، وظن�ت أن خروجھ�ا مص�لحة للمس�لمین ، ث�م تب�ین لھ�ا اإلصالح ب�یفیما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانت إذا خرجت خروجھا تبكي حتى تبل

السابقین ندموا عل�ى م�ا دخل�وا فی�ھ م�ن القت�ال ، فن�دم طلح�ة امةخمارھا وھكذا عتال ، ولكن وقع یر وعلي وغیرھم ، ولم یكن یوم الجمل لھؤالء قصد في القبوالز

. 3القتال بغیر اختیارھمقال الذھبي وال ریب أن عائشة ندمت ندم�ة كلی�ة عل�ى مس�یرھا إل�ى البص�رة د ـ

، وم�ن أراد التوس�ع 4وحضورھا ی�وم الجم�ل ، وم�ا ظن�ت أن األم�ر یبل�غ م�ا بل�غوالمزید من معركة الجمل التي حضرھا الحسن بن علي رضي هللا عنھ فلیراجع

لمطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب .كتابي أسمى اقبل أن نودع األحداث المؤلمة في الجمل نقف عند درس مھم نستخلصھ و س ـ

منھا : وھو أننا ال بد أن نعمل حساب لكید األعداء ومك�رھم ف�ي س�بیل إفش�ال إي جھد مخلص لتوحید الصف أو فی�ھ خط�ر عل�ى مص�الحھم ، فیج�ب ف�ي مث�ل ھ�ذه

نا إذا اتفقنا على األفكار العامة أن نرسم الخطط ونضع الت�دابیر الالزم�ة الحالة إن، لتنفیذ ما اتفقنا علیھ وتفویت الفرصة على األعداء في إفشالھ وإال تترك الفرحة بجمع الكلمة تنس�ینا خط�ر األع�داء وم�ا یمك�ن أن یقوم�وا ب�ھ باإلض�رار باإلس�الم

رس وطبق�ھ ف�ي مش�روعھ اإلص�الح والمسلمین ، وقد استفاد الحس�ن م�ن ھ�ذا ال�د الذي سیأتي تفصیلھ بإذن هللا .

ـ معركة صفین : •ومن األحداث الكبیرة التي شاھدھا الحسن بن علي في عھد والده معرك�ة ص�فین

ل بالعالقة بین أمیر الم�ؤمنین عل�ي ومعاوی�ة رض�ي ص، كما كان على اطالع مفل��ى الش��ام ف��ي عھ��دي عم��ر هللا ع��نھم ، فق��د ك��ان معاوی��ة رض��ي هللا عن��ھ والی��ا ع

وعثمان رضي هللا عنھما ، ولما تولى علي الخالفة أراد عزلھ وتولیة عبد هللا بن لی�ھ عب�د هللا ب�ن عم�ر قب�ول والی�ة الش�ام واعت�ذر ف�ي ذل�ك وذك�ر ل�ھ ف�أبى ععمر

وقب�ل من�ھ طلب�ھ ي، ولم یلزمھ أمیر المؤمنین عل�5القرابة والمصاھرة التي بینھم لشام ، وأما الروایات التي تزعم أن علیا قام بالتھجم عل�ى عب�د بعدم الذھاب إلى ا

هللا ب��ن عم��ر رض��ي هللا عن��ھ العتزال��ھ وع��دم الوق��وف بجانب��ھ ، فف��ي ذل��ك الخب��ر ، وأقص��ى م��ا وص��ل إلی��ھ األم��ر ف��ي قض��یة عب��د هللا ب��ن عم��ر 6تحری��ف وك��ذب

) نعیم بن حماد .1/81الفتن ( 1 . 217أحداث وأحادیث فتنة الھرج صـ 2 . 223، 222من منھاج االعتدال صـ ىالمنتق 3 ) .2/177سیر أعالم النبالء ( 4 سناده صحیح ) ا 472/ 7المصنف البن أبي شیبة ( 5 160استشھاد عثمان ووقعت الجمل ، خالد الغیث ص 6

120

ع ع�ن ووالیة الشام ما رواه الذھبي من طریق سفیان بن عیینة ، عن عمر بن نافأبیھ عن ابن عمر قال : بعث إلي علي قال : یا أبا عبد الرحمن إن�ك رج�ل مط�اع في أھل الشام ، فسر فقد أمرتك علیھم ، فقلت : أذكر هللا وقرابتي م�ن رس�ول هللا وصحبتي إیاه إال ما أعفیتني فأبى علي فاستعنت بحفصة ، فأبى ، فخرج�ت ل�یال

یع�ة اب��ن عم��ر ، ودخول��ھ ف��ي الطاع��ة ، إذ . وھ��ذا دلی��ل ق��اطع عل��ى مبا1إل�ى مك��ة كی�ف یولی�ھ عل�ي وھ�و ل��م یب�ایع ، وبع�د اعت�ذار اب�ن عم��ر م�ن قب�ول والی�ة الش��ام أرس��ل أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي س��ھل ب��ن حنی��ف ب��دال من��ھ ، إال أن��ھ م��ا ك��اد یص��ل مشارف الشام حتى أخذتھ خیل معاویة وق�الوا ل�ھ : إن ك�ان بعث�ك عثم�ان فح�یھال

وكان��ت ب��الد الش��ام تغل��ي غض��با عل��ى مقت��ل 2غی��ره ف��ارجع ب��ك وإن ك��ان بعث��ك عثمان ظلما وعدوانا فقد وص�لھم قمیص�ھ مخض�با بدمائ�ھ ، بأص�ابع نائل�ة زوج�ھ الت��ي قطع��ت أص��ابعھا وھ��ي ت��دافع عن��ھ ، وكان��ت قص��ة استش��ھاده ألیم��ة فظیع��ة أھتزت لھا المشاعر ، وتأثرت بھا القلوب ، وذرفت منھا الدموع ، كم�ا وص�لتھم

بار المدینة وس�یطرة الغوغ�اء علیھ�ا ، وھ�روب بن�ي أمی�ة إل�ى مك�ة ، ك�ل ھ�ذه أخاألم��ور وغیرھ��ا م��ن األح��داث والعوام��ل ك��ان لھ��ا ت��أثیر عل��ى أھ��ل الش��ام وعل��ى رأسھم معاویة رضي هللا عنھ ، فقد كان یرى أن علیھ مسؤولیة اإلنتصار لعثمان

وم��ن قت��ل مظلوم��ا فق��د والق��ود م��ن قاتلی��ھ فھ��و ول��ي دم��ھ وهللا ع��ز وج��ل یق��ول (( ) 33جعلنا لولیھ س�لطانا ف�ال یس�رف ف�ي القت�ل إن�ھ ك�ان منص�ورا )) ( اإلس�راء :

ولذلك جمع معاویة الناس ، وخطبھم بشأن عثمان وأن�ھ قت�ل ظلم�ا وع�دوانا عل�ى من��افقین ل��م یق��دروا ال��دم الح��رام إذ س��فكوه ف��ي الش��ھر الح��رام ف��ي البل��د ءی��د س��فھا

استذكروا وعلت األصوات وكان منھم عدد من أصحاب الحرام ، فثار الناس ، ورس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم فق��ام أح��دھم واس��مھ م��رة ب��ن كع��ب فق��ال : ل��وال حدیث سمعتھ من رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ما تكلمت ، وذكر الفتن فقربھ�ا

ھ�و ، فمر رجل متقنع في ثوب ، فقال : ھذا یومئذ على الھدى ، فقمت إلیھ ، فإذاوھن�اك ح�دیث 3عثمان بن عف�ان ، فأقبل�ت علی�ھ بوجھ�ھ فقل�ت : ھ�ذا ؟ ق�ال : نع�م

آخ��ر ل��ھ ت��أثیره ف��ي طل��ب معاوی��ة الق��ود م��ن قتل��ة عثم��ان ومنش��طا ودافع��ا قوی��ا للتصمیم على تحقی�ق الھ�دف وھ�و ع�ن النعم�ان ب�ن بش�یر ع�ن عائش�ة رض�ي هللا

فك��ان م��ن آخ��ر كلم��ة أن عنھ��ا قال��ت : أرس��ل رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ض���رب منكب���ھ فق���ال : ی���ا عثم���ان إن هللا عس���ى أن یلبس���ك قمیص���ا ف���إن أرادك المنافقون على خلعھ فال تخلعھ حتى تلق�اني ث�الث ، فقل�ت لھ�ا : ی�ا أم الم�ؤمنین ،

يفأین كان ھذا عنك ؟ قالت : نسیتھ وهللا ما ذكرتھ ق�ال : فأخبرت�ھ معاوی�ة ب�ن أب�خبرت�ھ حت�ى كت�ب إل�ى أم الم�ؤمنین أن أكتب�ي إل�ي ب�ھ ، سفیان فلم یرضى بالذي أ

، فق�د ك�ان الح�رص الش�دید عل�ى تنفی�ذ حك�م هللا ف�ي القتل�ة 4فكتب�ت إلی�ھ ب�ھ كت�ابالسبب الرئیسي في رفض أھل الشام بزعامة معاویة بن أبي سفیان بیعة علي بن

م�ا ل�یس أبي طالب بالخالفة ، ولیست ألطماع معاویة في والیة الش�ام ، أو طلب�ھ

) رجالھ ثقات 224/ 3سیر أعالم النبالء ( 1 110) خالفة علي بن أبي طالب ، عبد الحمید ص 39/ 4تھذیب تاریخ دمشق ( 2 ) 24/ 1صحیح سنن ابن ماجھ ( 3 . حدیث صحیح 24045مسند أحمد باقي مسند األنصار رقم 4

121

بحق إذ كان یدرك إدراكا تاما أن ھذا األمر في بقیة الستة من أھ�ل الش�ورى وأن ودلی�ل ذل�ك م�ا أخرج�ھ یح�ي ب�ن س�لیمان الجعف�ي 1علیا أفضل منھ وأولى باألمر

بسند جید ، عن أبي مسلم الخوالني أنھ قال لمعاوی�ة : أن�ت تن�ازع علی�ا ، أم أن�ت لم أنھ ألعلم مني ، وأحق باألمر مني ، ولك�ن ألس�تم مثلھ ؟ فقال : ال وهللا إني ألع

تعلمون أن عثمان قتل مظلوما ، وأنا ابن عم�ھ ، والطال�ب بدم�ھ ، ف�أتوه ، فقول�وا ، 2لھ : فلیدفع إلي قتلة عثم�ان وأس�لم لھ�م ، وأت�وا علی�ا فكلم�وه ، فل�م ی�دفعھم إلی�ھ

3ف�امتنع معاوی�ةي مھم إل�وفي روایة : فأتوه فكلموه فقال : یدخل في البیعة ویحاك.

اویة على علي رضي هللا عنھما بسبب أطماع ــ ھل خروج مع 1 دنیویة ؟

إن الروای��ات الت��ي تص��ور معاوی��ة ف��ي خروج��ھ ع��ن طاع��ة عل��ي بس��ب أطم��اع ذاتی�ة وأطم��اع دنیوی�ة ، بس��بب التن�افس والع��داء الج�اھلي الق��دیم ب�ین بن��ي ھاش��م

راءات والطعن على أصحاب رس�ول هللا وبني أمیة وغیر ذلك من القذف واالفتصلى هللا علیھ وسلم مما أعتمد علیھا الكتاب المعاصرین ـ كالعق�اد ف�ي عبقری�ة علي ، وعبد العزیز الدوري في مقدمت�ھ ف�ي ت�اریخ ص�در اإلس�الم وبن�وا علیھ�ا

، 4تحلیالتھم الباطلة ، ھي روایات متروكة مطع�ون ف�ي رواتھ�ا ع�دال وض�بطاالناس ق�دیما وح�دیثا أن الخ�الف ب�ین عل�ي ومعاوی�ة رض�ي هللا مما قد شاع بین

عل�ي ىعنھما ـ كان سببھ طمع معاویة في الخالف�ة وأن خ�روج ھ�ذا األخی�ر عل�وامتناعھ عن بیعتھ كان بسبب عزلھ عن والی�ة الش�ام ، ذكرھ�ا مؤرخ�و الش�یعة

ب���ة ال���روافض أو كت���اب اإلمام���ة والسیاس���یة المنس���وب زورا وبھت���ا الب���ن قتینوري ، فھذا الكتاب ال یثبت البن قتیبة وإنما كاتبھ رافضي محترق ، وھ�ذه یالد

مجموع��ة م��ن األدل��ة تب��رھن عل��ى أن الكت��اب الم��ذكور منس��وب إل��ى اإلم��ام اب��ن قتیبة كذبا وزورا ومن ھذه األدلة :

ـ إن ال�ذین ترجم�وا الب�ن قتیب�ة ل�م ی�ذكر واح�د م�نھم أن�ھ أل�ف كتاب�ا ف�ي الت�اریخ اإلمامة والسیاسة ، وال نعرف من مؤلفاتھ التاریخی�ة إال كت�اب المع�ارف یدعى

. ـ إن المتصفح للكتاب یشعر أن ابن قتیبة أقام في دمشق والمغ�رب ف�ي ح�ین أن�ھ

لم یخرج من بغداد إال إلى الدینور .ـ�� إن الم��نھج واألس��لوب ال��ذي س��ار علی��ھ المؤل��ف "اإلمام��ة والسیاس��ة" یختل��ف

ھج وأسلوب ابن قتیبة في كتبھ التي ب�ین أی�دینا ف�ي م�نھج اب�ن قتیب�ة تماما عن منأن یقدم لمؤلفاتھ بمقدمات طویلة یبین فیھا منھجھ والغرض م�ن مؤلف�ھ ، وعل�ى خالف ذلك یسیر صاحب اإلمامة والسیاسة ، فمقدمتھ قصیرة ج�دا ال تزی�د ع�ن

ل�نھج ل�م نعھ�ده ثالثة أسطر ھذا إلى جانب االختالف في األسلوب ، ومثل ھ�ذا ا في مؤلفات ابن قتیبة .

. 112خالفة علي بن أبي طالب ، عبد الحمید صـ 1 ) .8/129) ، البدایة والنھایة (13/92فتح الباري ( 2 . 160) استشھاد عثمان صـ 13/92فتح الباري ( 3 112خالفة علي بن أبي طالب ، عبد الحمید علي صـ 4

122

ـ یروي مؤلف الكتاب عن أبي لیلى بشكل یش�عر ب�التلقى عن�ھ ، واب�ن أب�ي لیل�ى ھذا ھو محمد بن عبد الرحمن بن أبي لیلى الفقی�ھ : قاض�ي الكوف�ة ، ت�وفي س�نة

ھ�ـ أي بع�د وف�اة اب�ن أب�ي 213ھـ والمعروف أن ابن قتیبة لم یول�د إال س�نة 148 وستین عاما . لیلى بخمسة

ـ إن قسما كبیرا م�ن روایات�ھ ج�اءت بص�یغة التم�ریض ، فكثی�را م�ا یج�ئ فی�ھ : ذكروا عن بعض المصریین ، وذكروا عن محم�د ب�ن س�لیمان ع�ن مش�ایخ أھ�ل مص��ر وح��دثنا بع��ض مش��ایخ أھ��ل المغ��رب ، وذك��روا ع��ن بع��ض المش��یخة ،

لبع��د ع��ن أس��لوب وح��دثنا بع��ض المش��یخة . ومث��ل ھ��ذه التراكی��ب بعی��دة ك��ل ا . 1وعبارات ابن قتیبة ولم ترد في كتبھ

ـ ابن قتیبة یحتل منزلة عالیة لدى العلم�اء فھ�و عن�دھم م�ن أھ�ل الس�نة وثق�ة ف�ي علمھ ودینھ ، یقول : السلفي : ك�ان اب�ن قتیب�ة م�ن الثق�ات وأھ�ل الس�نة ، ویق�ول

دادي ، ویق�ول ابن حزم : كان ثقة في دینھ وعلمھ ، وتبعھ في ذلك الخطیب البغ�عنھ ابن تیمیة : وإن ابن قتیب�ة م�ن المنتس�بین إل�ى أحم�د وإس�حاق والمنتص�رین

. ورجل ھذه منزلت�ھ ل�دى رج�ال العل�م المحقق�ین 2ةلمذاھب أھل السنة المشھورھ��ل م��ن المعق��ول أن یك��ون مؤل��ف كت��اب اإلمام��ة والسیاس��ة ال��ذي ش��وه الت��اریخ

. 3وألصق بالصحابة الكرام ما لیس فیھمإن مؤلف اإلمامة والسیاسة قدح في صحابة رسول هللا قدحا عظیما فصور ابن

عمر رضي هللا عنھ جبانا وسعد بن أبي وقاص حسودا وذكر محمد ب�ن مس�لمة بأن��ھ غض��ب عل��ى عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب ألن��ھ قت��ل مرحب��ا الیھ��ودي بخیب��ر ، وإن

ة م�ن أظھ�ر ، والق�دح ف�ي الص�حاب 4عائشة رضي هللا عنھ�ا أم�رت بقت�ل عثم�انخص���ائص الرافض���ة وأن ش���اركھم الخ���وارج إال أن الخ���وارج ال یق���دحون ف���ي

. 5عموم الصحابةـ إن مؤلف اإلمامة والسیاسة كتب عن الخلفاء الثالثة أب�ي بك�ر وعم�ر وعثم�ان

خمسا وعشرین صفحة فقط وكتب عن الفتنة الت�ي وقع�ت ب�ین الص�حابة م�ائتین تص��ار الت��اریخ الناص��ع المش��رق وس��ود ص��فحة ، فق��ام المؤل��ف الرافض��ي باخ

الص��حائف بت��اریخ زائ��ف ل��م یثب��ت من��ھ إال القلی��ل وھ��ذه م��ن أخ��الق ال��روافض المعھودة نعوذ با� من الضالل والخذالن .

ـ یق�ول محم�ود ش�كري األلوس�ي ف�ي مختص�ر األثن�ا عش�ریة : وم�ن مكای�دھم ـ عند أھل السنة فم�ن یعني الرافضة ـ أنھم ینظرون في أسماء الرجال المعتبرین

وجدوه موافقا ألحد م�نھم ف�ي االس�م واللق�ب أس�ندوا روای�ة ح�دیث ذل�ك الش�یعي إلی��ھ فم��ن ال وق��وف ل��ھ م��ن أھ��ل الس��نة یعتق��د أن��ھ إم��ام م��ن أئم��تھم فیعتب��ر بقول��ھ ویعت��د بروایت��ھ كالس��دي فإنھم��ا رج��الن أح��دھما الس��دي الكبی��ر والث��اني الس��دي

السنة والص�غیر م�ن الوض�اعین الك�ذابین وھ�و الصغیر ، فالكبیر من ثقات أھل رافضي غال . وعبد هللا بن قتیبة رافض غال وعب�د هللا ب�ن مس�لم ب�ن قتیب�ة م�ن

. 90عقیدة اإلمام ابن قتیبة ، علي العلیاني صـ 1 ) .2/144) ، تحقیق مواقف الصحابة (3/357لسان المیزان ( 2 . 2/144تحقیق مواقف الصحابة ( 3 ) .55ـ 1/54اإلمامة والسیاسة ( 4 للعلیاني . 91عقیدة اإلمام ابن قتیبة صـ 5

123

ثقات أھل السنة وقد صنف كتاب�ا س�ماه بالمع�ارف فص�نف ذل�ك الرافض�ي كتاب�ا ، وھ��ذا م��ا ی��رجح أن كت��اب اإلمام��ة 1س��ماه بالمع��ارف أیض��ا قص��دا لإلض��الل

اسقتیبة الرافضي ولیس البن قتیبة السني الثقة ، وإنما خل�ط الن� والسیاسة البن، وق��د اعتم��د كثی��ر م��ن المعاص��رین عل��ى ھ��ذا الكت��اب 2بینھم��ا لتش��ابھ األس��ماء

وساھموا في تشویھ كثیر من الصحابة الكرام ولذلك وجب التحذیر منھ بطریقة ر صاحب كت�اب علمیة تعتمد على التحقیق والتوثیق والدلیل والبرھان ، وقد ذك

اإلمامة والسیاسة : أن معاویة ادعى الخالفة وذلك من خالل الروای�ة الت�ي ورد فیھا ما قالھ ابن الكواء ألبي موسى األشعري رضي هللا عن�ھ : أعل�م أن معاوی�ة طلیق اإلسالم ، وأن أباه رأس األحزاب ، وأنھ أدعى الخالفة من غیره مش�ورة

، وھ�ذا ك�الم ال 3ذبك فق�د ح�رم علی�ك كالم�ھفإن صدقك فقد حل خلع�ھ ، وإن ك�یثب��ت ع��ن أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي وإنم��ا م��ن ك��الم ال��روافض وق��د ام��تألت كت��ب التاریخ واألدب بالروایات الموضوعة والضعیفة التي تزعم أن معاوی�ة اختل�ف

والص�حیح أن الخ�الف ب�ین عل�ي 4مع علي من أج�ل المل�ك والزعام�ة واإلم�ارةھما كان حول مدى وجوب بیعة معاوی�ة وأص�حابھ لعل�ي ومعاویة رضي هللا عن

قبل توقیع القصاص على قتلة عثمان أو بعده ، ولیس ھذا م�ن أم�ر الخالف�ة ف�ي شئ فقد كان رأي معاویة ـ رضي هللا عنھ ـ ومن حولھ من أھل الشام أن یقتص

ویق��ول 5عل��ي ـ رض��ي هللا عن��ھ ـ م��ن قتل��ة عثم��ان ث��م ی��دخلون بع��د ذل��ك البیع��ةض�ي اب��ن العرب�ي أن س��بب القت�ال ب��ین أھ�ل الش��ام وأھ�ل الع��راق یرج�ع إل��ى القا

تب��این المواق��ف بینھم��ا : فھ��ؤالء ـ أي أھ��ل الع��راق ـ ی��دعون إل��ى عل��ي بالبیع��ة جع�ون إل�ى التمك�ین م�ن روتألیف الكلمة على اإلمام وھؤالء ـ أي أھل الش�ام ـ ی

ول إمام الحرمین الج�ویني . ویق 6قتلة عثمان ویقولون : ال نبایع من یأوي القتلةف��ي لم��ع األدل��ة : أن معاوی��ة وإن قات��ل علی��ا ، فإن��ھ ال ینك��ر إمامت��ھ وال ی��دعیھا

، 7لنفسھ ، وإنم�ا ك�ان یطل�ب قتل�ة عثم�ان ظان�ا من�ھ أن مص�یب ، وك�ان مخطئ�ام��ي : وم��ن اعتق��اد أھ��ل الس��نة والجماع��ة أن م��ا ج��رى ب��ین معاوی��ة تویق��ول الھی

ما ـ م�ن الح�روب ، فل�م یك�ن لمنازع�ة معاوی�ة لعل�ي ف�ي وعلي ـ رضي هللا عنھالخالف��ة لإلجم��اع عل��ى أحقیتھ��ا لعل��ي .. فل��م تھ��ج الفتن��ة بس��ببھا ، وإنم��ا ھاج��ت

الروایات وأش�ارت إل�ى ت، لقد تضافر 8بسبب أن معاویة ابن عمھ فامتنع عليرح أن معاوی��ة ـ رض��ي هللا عن��ھ ـ اتخ��ذ موقف��ھ للمطالب��ة ب��دم عثم��ان ، وأن��ھ ص��

بدخولھ في طاعة عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ـ إذا أق�یم الح�د عل�ى قتل�ة عثم�ان . ول�و افترض إنھ اتخ�ذ قض�یة القص�اص والث�أر لعثم�ان ذریع�ة لقت�ال عل�ي طمع�ا ف�ي السلطان ، فماذا سیحدث لو تمكن علي من إقامة الحد عل�ى قتل�ة عثم�ان ، حتم�ا

ن�ھ الت�زم ب�ذلك ف�ي موقف�ھ ستكون النتیجة خضوع معاویة لعلي ومبایعتھ ل�ھ ، أل . 32مختصر التحفة اإلثنا عشریة لأللوسي صـ 1 . 93عقیدة اإلمام ابن قتیبة صـ 2 ) .1/113اإلمامة والسیاسیة ( 3 ) .2/145یق مواقف الصحابة في الفتنة (تحق 4 . 162واصم من العواصم صـ عال 5 . 162العواصم من القواصم صـ 6 . 115لمع األدلة في عقائد أھل السنة والجماعة صـ 7 ) .2/622الصواعق المحرقة ( 8

124

من تلك الفتنة ، كما أن كل ما حارب معھ كانوا یقاتلون على أس�اس إقام�ة الح�د على قتلة عثمان ، على أن معاوی�ة إذا ك�ان یخف�ي ف�ي نفس�ھ ش�یئا آخ�ر ل�م یعل�ن عنھ ، سیكون ھذا الموقف بالتالي مغامرة ، وال یمكن أن یقدم علیھ�ا إذا ك�ان ذا

ة رضي هللا عنھ كان من كتاب الوحي وم�ن س�ادة المس�لمین . إن معاوی 1أطماعالمش���ھورین ب���الحلم ویكفی���ھ ش���رف الص���حبة ، فكی���ف یعتق���د أن یقات���ل الخلیف���ة الشرعي ویھرق دماء المسلمین من أجل ملك زائل ، وھو القائل : وهللا ال أخیر

ثب�ت ع�ن ، وق�د 2بین أمرین ، بین هللا وبین غیره إال اخترت هللا عل�ى م�ا س�واهأجعل�ھ ھادی�ا مھ�دیا وأھ�د مرسول هللا ـ صلى هللا علیھ وسلم ـ أنھ ق�ال فی�ھ : اللھ�

. أم�ا وج�ھ الخط�أ ف�ي موقف�ھ ف�ي 4،وقال : اللھم علمھ الكت�اب وقی�ھ الع�ذاب 3بھمقتل عثمان ـ رض�ي هللا عن�ھ ـ فیظھ�ر ف�ي رفض�ھ أن یب�ایع لعل�ي ـ رض�ي هللا

ن قتل�ة عثم�ان ویض�اف إل�ى ذل�ك خ�وف عنھ ـ قب�ل مبادرت�ھ إل�ى االقتص�اص م�معاویة على نفسھ لمواقفھ السابقة من ھ�ؤالء الغوغ�اء وحرص�ھم عل�ى قتل�ھ ب�ل ویلتمس منھ أن یمكنھ منھم ، مع العل�م أن الطال�ب لل�دم ال یص�ح أن یحك�م ، ب�ل

، وق�د اتف�ق 5یدخل في الطاعة ، ویرفع دعواه إلى الحاكم ، ویطلب الح�ق عن�دهأنھ ال یجوز ألحد أن یقتص من أحد ویأخذ حقھ دون السلطان أئمة الفتوى على

ة وإش���اعة ن��، أو م��ن نص���بھ الس��لطان لھ���ذا األم��ر ، ألن ذل���ك یفض��ي إل���ى الفت، ویمك��ن الق��ول إن معاوی��ة ـ رض��ي هللا عن��ھ ـ ك��ان مجتھ��دا مت��أوال 6الفوض��ى

ھم یغلب ظنھ أن الحق معھ فقد قام خطیب�ا ف�ي أھ�ل الش�ام بع�د أن جمعھ�م وذك�روم�ن (( أنھ ولي عثمان ـ ابن عمھ ـ وقد قتل مظلوما ، وقرأ علیھم اآلیة الكریم�ة

(اإلسراء ، ))قتل مظلوما فقد جعلنا لولیھ سلطانا فال یسرف في القتل إنھ كان منصوراذات أنفسكم في قتل عثم�ان ، فق�ام أھ�ل ي) . ثم قال أنا أحب أن تعلمون33آیة :

الشام جم�یعھم وأج�ابوا إل�ى الطل�ب ب�دم عثم�ان ، وب�ایعوه عل�ى ذل�ك ، وأعط�وه العھود والمواثیق على أن یبذلوا أنفس�ھم وأم�والھم حت�ى ی�دركوا ث�أرھم أو یفن�ي

. ھذه األحداث الجسام عاصرھا الحسن ب�ن عل�ي وع�رف موق�ف 7هللا أرواحھم تنة وكان میاال للصلح والسلم ما وجد إلى ذلك سبیال .كل صحابي من الف

ـ نھي أمیر المؤمنین علي عن ش�تم معاوی�ة ولع�ن أھ�ل الش�ام 2 بعد معركة صفین :

نشب الحرب ب�ین عل�ي ومعاوی�ة رض�ي هللا عنھم�ا ف�ي ص�فین وق�د فص�لنا تل�ك األحداث في كتابي أسمى المطالب في سیرة أمیر المؤمنین علي بن أب�ي طال�ب

القت�ال وتوج�ھ النص�ر فیھ�ا ألھ�ل الع�راق عل�ى أھ�ل الش�ام ، وتفرق�ت ش�تدوقد اص��فوفھم ، وك��ادوا أن ینھزم��وا ، فعن��د ذل��ك رف��ع أھ��ل الش��ام المص��احف ف��وق الرماح وقالوا : ھذا بیننا وبینكم قد فني الناس ، فمن لثغور أھل الش�ام بع�د أھ�ل

) .2/150تحقیق مواقف الصحابة ( 1 ) .3/151سیر أعالم النبالء ( 2 ) .3/236( 3018لأللباني رقم صحیح سنن الترمذي 3 ) إسناده صحیح .2/913فضائل الصحابة ( 4 ) .2/151تحقیق مواقف الصحابة ( 5 ) .2/256تفسیر القرطبي ( 6 ) .2/152، تحقیق مواقف الصحابة ( 32صفین البن مزاحم صـ 7

125

لم�ا رأى الن�اس المص�احف الشام ، ومن لثغور أھل العراق بعد أھل الع�راق ؟ ف، فال�دعوة إل�ى 1إل�ى كت�اب هللا ع�ز وج�ل وننی�ب إلی�ھ نجی�بقد رفعت ، ق�الوا :

تحكیم كتاب هللا دون التأكید على تسلیم قتلة عثم�ان إل�ى معاوی�ة وقب�ول التحك�یم دون التأكی��د عل��ى دخ��ول معاوی��ة ف��ي طاع��ة عل��ي والبیع��ة ل��ھ ، تط��ور فرض��تھ

رب الت�ي أودت بحی��اة الكثی�ر م�ن المس��لمین ، أح�داث ح�رب ص��فین ، إذ أن الح�أب��رزت اتجاھ��ا جماعی��ا رأى أن وق��ف القت��ال وحق��ن ال��دماء ض��رورة تقتض��یھا حمایة شوكة األمة وص�یانة قوتھ�ا أم�ام ع�دوھا ، وھ�و دلی�ل عل�ى حیوی�ة األم�ة

، فق�د قب�ل أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي رض�ي هللا 2ووعیھا وأثرھا في اتخ�اذ الق�راراتفي صفین ورضي التحكیم وعد ذلك فتحا ورجع إل�ى الكوف�ة ، عنھ وقف القتال

وعل��ق عل��ى التحك��یم آم��اال ف��ي إزال��ة الخ��الف وجم��ع الكلم��ة ووح��دة الص��ف ، ة ی�جدید وكان أمیر الم�ؤمنین بع�د نھاوتقویت الدولة ، وإعادة حركة الفتوح من

ی�ة الجوالت الحربیة في صفین یتفقد القتلى ، وق�د وق�ف عل�ى ق�تاله وقتل�ى معاو فقال : غفر هللا لكم ، وعن یزید بن األصم قال 3، غفر هللا لكم ، للفریقین حمیعا

: لما وقع الصلح بین علي ومعاویة ، خرج علي فمشى في ق�تاله فق�ال : ھ�ؤالء في الجنة ثم خ�رج إل�ى قتل�ى معاوی�ة فق�ال : ھ�ؤالء ف�ي الجن�ة ، ولیص�یر األم�ر

، وقولھ رضي هللا عنھ ف�ي 5المؤمنینوكان یقول عنھم ھم : 4إلي وإلى معاویة 6صفین ال یكاد یختلف عن قولھ في أھل الجمل رضي هللا عنھ ، وروي أن علیا

لما بلغھ أن أثنین من أصحابھ یظھران شتم ولعن أھل الشام أرسل إلیھما أن كفا عما یبلغني عنكما ، فأتیا فق�اال : ی�ا أمی�ر الم�ؤمنین ألس�نا عل�ى الح�ق وھ�م عل�ى

؟ قال : بلى ورب الكعبة المسدنة ، قاال : فلما تمنعنا من شتمھم ولع�نھم الباطل؟ ق���ال : كرھ���ت لك���م أن تكون���وا لع���انین ، ولك���ن قول���وا : اللھ���م أحق���ن دماءن���ا ودماءھم ، وأصلح ذات بیننا وبینھم ، وأبعدھم من ضاللتھم حتى یع�رف الح�ق

ن أن علی�ا ك�ان ، وأم�ا م�ا قی�ل م� 7جھلھ ، ویرع�وي ع�ن الغ�ي م�ن لج�ج ب�ھمن یلعن في قنوتھ معاویة وأص�حابھ ، وأن معاوی�ة إذا قن�ت لع�ن علی�ا واب�ن عب�اس والحسن والحسین ال تثبت من ناحیة السند حیث فیھا أبي مخنف لوط ب�ن یحی�ى الرافض��ي المحت��رق ال��ذي ال یوث��ق ف��ي روایات��ھ كم��ا أن ف��ي أص��ح كت��ب الش��یعة

ك�ر عل�ى م�ن یس�ب معاوی�ة وم�ن عندھم جاء النھي ع�ن س�ب الص�حابة ، فق�د أنمعھ فقال : إني أكره لكم أن یكونوا سبابین ولكنكم لو وصفتم أعمالھم ، وذكرتم

ر ، وقلتم مكان سبكم أی�اھم اللھ�م عذحالھم ، كان أصوب في القول ، وأبلغ في الالس�بب والتكفی�ر ل�م ، فھ�ذا 8لح ذات بینن�ا وبی�نھمـدم�اءھم ، وأص�أحقن دماءنا و، كم�ا 9میر المؤمنین علي باعتراف أصح كتاب في نظر الشیعةیكن من ھدي أ

.نقال عن تاریخ الطبري 36تنزیھ خال المؤمنین معاویة صـ 1 38لخلفاء األمویین صـ دراسة في تاریخ ا 2 . 250خالفة علي بن أبي طالب ، عبد الحمید صـ 3 .) سند حسن 303/ 15مصنف ابن أبي شیبة ( 4 . 251) خالفة علي صـ 329، 331/ 1تاریخ دمشق ( 5 . 169، تنزیھ خال المؤمنین صـ 251خالفة علي ، عبد الحمید صـ 6 ) .2/232ن تحقیق مواقف الصحابة ( نقال ع 165اإلخبار الطوال صـ 7 7 323نھج البالغة صـ 8 ) .2/934أصول مذھب الشیعة ( 9

126

أن الحسن رضي هللا عنھ كان معاصرا لألحداث وسمع ورأى موقف والده م�ن أھل الشام ، وھذه النظرة السلیمة ألصحاب معاویة ساعدت الحسن بن علي في

ث�م ھندستھ لمشروع اإلصالح الذي تقدم بھ لوحدة األمة والذي تحقق بفضل هللا فقھھ العمیق لمقاصد اإلسالم ومعرفتھ الدقیقة لعلم المصالح والمفاسد .

ـ مقتل عمار بن یاسر رضي هللا عنھ بصفین وأثره على المسلمین : 3 یعد حدیث رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم لعمار رضي هللا عنھ :

هللا علی�ھ م�ن األحادی�ث الص�حیحة الثابت�ة ع�ن النب�ي ص�لى 1تقتلك الفئة الباغی�ةوسلم وق�د ك�ان لمقت�ل عم�ار رض�ي هللا عن�ھ أث�ر ف�ي معرك�ة ص�فین ، فق�د ك�ان علم��ا ألص��حاب رس��ول هللا یتبعون��ھ حی��ث س��ار وك��ان خزیم��ة ب��ن ثاب��ت حض��ر صفین وك�ان كاف�ا س�الحھ ، فلم�ا رأى مقت�ل عم�ار س�ل س�یفھ وقات�ل أھ�ل الش�ام

واس�تمر ف�ي 2الباغی�ةوذلك ألنھ سمع حدیث رسول هللا عن عم�ار : تقتل�ھ الفئ�ة وكان لمقتل عمار أثر في قادة معسكر معاویة مث�ل عم�رو ب�ن 3القتال حتى قتل

الع��اص وابن��ھ عب��د هللا ب��ن عم��رو ، وأب��و األع��ور الس��لمي ، عن��د ش��رعة الم��اء یس��قون وكان��ت ھ��ي ش��ریعة الم��اء الوحی��دة الت��ي یس��تقي منھ��ا الفریق��ان ، وك��ان

ق�ال عب�د هللا ب�ن عم�رو لوال�ده : لق�د قتلن�ا حدیثھم عن مقتل عمار ب�ن یاس�ر ، إذھذا الرجل وقد قال فیھ رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم تقتلھ الفئة الباغیة . فقال عمرو لمعاویة لقد قتلنا الرجل وقد قال فی�ھ رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم م�ا

إنم�ا قتل�ھ في بولك أنحن قتلناه ؟ 4قال فقال معاویة أسكت فوهللا ما تزال تدحض، فانتشر تأوی�ل معاوی�ة ب�ین أھ�ل الش�ام انتش�ار الن�ار ف�ي الھش�یم ، 5من جاء بھ

وجاء في روایة صحیحة أن عمرو بن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال : قتل عمار وقد قال فیھ رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : تقتلھ الفئة الباغیة . فقام

دخل معاویة فقال لھ معاویة م�ا ش�أنك فق�ال عمرو بن العاص فزعا یرجع حتى : قتل عمار فماذا ؟ قال عمرو : س�معت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یق�ول

دحض�ت ف�ي بول�ك ، أو نح�ن قتلن�اه ، لھ : تقتلك الفئة الباغی�ة فق�ال ل�ھ معاوی�ة : إنما قتلھ علي وأصحابھ ، جاءوا بھ حتى ألقوه بین رماحنا ، أو قال ب�ین س�یوفنا

، وفي روایة صحیحة أیضا : جاء رج�الن عن�د معاوی�ة یختص�مان ف�ي رأس 6عمار یقول كل واحد منھم�ا : أن�ا قتلت�ھ ، فق�ال عب�د هللا ب�ن عم�رو ب�ن الع�اص : لیطب بھ أحدكما نفسا لصاحبھ ، ف�إني س�معت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

؟ قال : إن أبي شكاني إلى یقول : تقتلھ الفئة الباغیة قال معاویة : فما بالك معنا. م��ن 7رس��ول هللا : أط��ع أب��اك م��ادام حی��ا وال تعص��ھ ، فأن��ا معك��م ولس��ت أقات��ل

الروایات السابقة نالحظ أن الصحابي الفقیھ عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنھما ح��ریص عل��ى ق��ول الح��ق ، والنص��ح ، فق��د رأى أن معاوی��ة وجن��ده ھ��م الفرق��ة

. 2916مسلم رقم 1 المصدر نفسھ . 2 ) وقال فیھ : ورواه الطبراني وفیھ معشر وھو لین .7242مجمع الزوائد ( 211خالفة علي صـ 3 مور .الدحض : الزلق والداحض من ال ثبات لھ وال عزیمة في األ 4 ) بسند صحیح .11/240مصنف عبد الرزاق ( 5 ) بسند صحیح 240/ 11مصنف عبد الرزاق ( 6 ) 139ـ 138/ 11مسند أحمد ( 7

127

فقد تكرر منھ ھ�ذا االس�تنكار ف�ي مناس�بات مختلف�ة ، وال الباغیة لقتلھم عمارا ، شك أن مقتل عمار رضي هللا عنھ قد أثر في أھل الشام بسبب ھذا الحدیث ، إال أن معاویة رضي هللا عن�ھ أول الح�دیث ت�أویال غی�ر مستس�اغ وال یص�ح ف�ي أن

عن�ھ وقد رد علي رض�ي هللا ، 1الذین قتلوا عمارا ھم الذین جاءوا بھ إلى القتالعل��ى ق��ول معاوی��ة ب��أن ق��ال : فرس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم إذن قت��ل حم��زة

2حین أخرجھ ، وھذا من علي إلزام ال جواب عن�ھ ، وحج�ة ال اعت�راض علیھ�اوقد أثر على مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص ، بل كان استشھاد عم�ار

ال رضي هللا عن�ھ : وددت وقد ق 3دافعا لعمرو بن العاص للسعي إلنھاء الحرب، وق�د ج�اء ف�ي البخ�اري ع�ن أب�ي س�عید 4أني مت قبل ھذا الی�وم بعش�رین س�نة

الخدري رض�ي هللا عن�ھ ق�ال : كن�ا نحم�ل لبن�ة لبن�ة وعم�ار لبنت�ین لبت�ین ، ف�راه النبي صلى هللا علیھ وسلم فینفض الت�راب عن�ھ ویق�ول : وی�ح عم�ار تقتل�ھ الفئ�ة

.ق��ال عم��ار : أع��وذ ب��ا� م��ن ویدعون��ھ إل��ى الن��ار الباغی��ة ی��دعوھم إل��ى الجن��ة ، وقال ابن عبد البر : تواترت اآلثار عن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم أن�ھ 5الفتن

قال : تقتل عمار الفئة الباغیة ، وھذا من إخباره بالغیب وأعالم نبوتھ ص�لى هللا یث : ، وق�ال ال�ذھبي بع�د م�ا ذك�ر الح�د 6علیھ وسلم ، وھو م�ن أص�ح األحادی�ث

7وفي الباب عن عدة من الصحابة ، فھو متواترفھ��م العلم��اء لح��دیث رس��ول هللا ف��ي عم��ار : تقتل��ك الفئ��ة ـ 4

8الباغیةلنب�وة ، وفض�یلة ظ�اھرة قال ابن حجر : وف�ي ھ�ذا الح�دیث عل�م م�ن أع�الم اأ ـ

9، ورد على النواصب لعلي وعمار ل�م یك�ن مص�یبا ف�ي الزاعمین أن علی�اأیضا : دل الح�دیث : تقت�ل عم�ارا الفئ�ة الباغی�ة ، عل�ى أن ، وقال10حروبھ

. 11علیا كان المصیب في تلك الحروب ، ألن أصحاب معاویة قتلوهوكان��ت الص��حابة ی��وم ص��فین یتبعون��ھ حی��ث توج��ھ ب ـ یق��ول الن��ووي :

12لعلمھم بأنھ مع الفئة العادلة لھذا الحدیث الط�ائفتین إل�ى الح�ق م�ن ك�ان عل�ي وأص�حابھ أدن�ى جـ ـ ق�ال اب�ن كثی�ر :

أص��حاب معاوی��ة ، وأص��حاب معاوی��ة ك��انوا ب��اغین عل��یھم ، كم��ا ثب��ت ف��ي

325خالفة علي بن أبي طالب ، عبد الحمید صـ 1 ) .2/223التذكرة ( 2 215معاویة بن أبي سفیان ، الغضبان صـ 3 603و بن العاص للغضبان صـ ) ، عمر 170/ 1أسباب األشراف ( 4 447البخاري رقم 5 ) 1140/ 3االستیعاب ( 6 ) 421/ 1سیر أعالم النبالء ( 7 . 5916مسلم رقم 8بعدم التوفیق لإلعتقاد السدید في الصحابة ، فقد زین لھم معتقدھاوالمقصود بالنواصب ھي احد طوائف أھل البدع التي أصیبت في 9

عدم محبة رابع الخلفاء الراشدین وأحد األئمة المھدیین علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ وحملھم على التدین ببغضھ الشیطان اعتقاد وعداوتھ والقول فیھ بما ھو برئ منھ كما تعدى بغضھم إلى غیره من أھل البیت كابنھ الحسین بن علي وغیره

.) 646/ 1فتح الباري ( 10 .) 92/ 13المصدر نفسھ ( 11 .) 38/ 2تھذیب األسماء واللغات ( 12

128

صحیح مسلم من حدیث شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي س�عید ا قت�ادة ـ أن رس�ول هللا ـالخدري ، قال حدثني من ھ�و خی�ر من�ي ـ یعن�ي أب�، وق�ال أیض�ا : وھ�ذا 1ةصلى هللا علیھ وسلم قال لعمار : تقتلك الفئة الباغی

مقت�ل عم��ار ب�ن یاس��ر رض�ي هللا عنھم��ا م��ع أمی�ر الم��ؤمنین عل�ي أب��ن أب��ي طالب قتلھ أھل الشام ، وبان وظھر ب�ذلك س�ر م�ا أخب�ر ب�ھ الرس�ول ص�لى هللا علیھ وسلم من أنھ تقتلھ الفئة الباغی�ة ، وب�ان ب�ذلك أن علی�ا مح�ق ، وأن

2بوةمعاویة باغ ، وما في ذلك من دالئل النھ�ي طائف�ة م�ن الم�ؤمنین ، بغ�ت عل�ى اإلم�ام عل�ي ، حـ ـ وق�ال ال�ذھبي :

. 3وذلك بنص قول المصطفى صلوات هللا علیھ لعمار : تقتلك الفئة الباغیة)) وإن طائفت�ان ف�ي قول�ھ تع�الى : (( جـ ـ قال القاضي أبو بك�ر العرب�ي :

المت�أولین ، وعلیھ�ا ھذه اآلیة أصل في قتال المسلمین ، والعمدة في ح�ربعول الصحابة إلیھا لجأ األعیان من ھ�ذه األم�ة ، وإیاھ�ا عن�ي النب�ي ص�لى

. 4هللا علیھ وسلم بقولھ : تقتل عمار الفئة الباغیةب طاعت�ھ وأن ووھذا یدل لص�حة إمام�ة عل�ي ووج� خ ـ وقال ابن تیمیة :

ل�ى الن�ار ـ الداعي إلى طاعتھ داعي إلى الجنة ، والداعي إلى مقاتلت�ھ داع إوإن كان متأوال ـ وھو دلیل على أنھ لم یكن یجوز قت�ال عل�ي ، وعل�ى ھ�ذا فمقاتلھ مخطئ ـ وإن كان متأوال ـ أو باغ ـ بال تأویل ـ وھ�و أص�ح الق�ولین ألص���حابنا ، وھ���و الحك���م بتخطئ���ة م���ن قات���ل علی���ا ، وھ���و م���ذھب األئم���ة

م�ذھب األئم�ة الفقھ�اء ألصحابنا ، وھو الحكم بتخطئة من قاتل علیا ، وھو ، وق�ال أیض�ا : م�ع أن علی�ا 5الذین فرعوا عل�ى ذل�ك قت�ال البغ�اة المت�أولین

أولى بالحق ممن فارقھ ، ومع أن عمار قتلتھ الفئة الباغیة ـ كم�ا ج�اءت ب�ھ النصوص ـ وعلینا أن نؤمن بكل ما جاء من عند هللا ونقر بالحق كلھ ، وال

عل�م ، ب�ل نس�لك س�بل العل�م والع�دل ، ذل�ك یكون لنا ھوى ، وال نتكلم بغیرھو اتباع الكتاب والسنة ، وأما من تمسك ببعض الحق دون بع�ض ، وھ�ذا

. 6منشأ الفرقة واالختالفوقال : صلى هللا علیھ وسلم في حدیث س ـ وقال عبد العزیز بن باز :

عمار : تقتل عمار الفئة الباغیة . فقتلھ معاویة وأصحابھ في موقعة ص�فین، فمعاویة وأصحابھ بغاة ، لكن مجتھدون ظنوا أنھم مصیبون في المطالب�ة

. 7بدم عثمانبعد أن قتل عمار الذي وردت النص�وص مبین�ة ش ـ وقال سعید حوى :

أنھ تقتلھ الفئة الباغیة ، تبین للمت�رددین أن علی�ا ك�ان عل�ى ح�ق وأن القت�ال

.) 220/ 6البدایة والنھایة ( 1 .) 277/ 7المصدر نفسھ ( 2 ) .8/209سیر أعالم النبالء ( 3 ) .4/1717أحكام القرآن ( 4 ) .4/437مجموع الفتاوى ( 5 ) .450ـ 4/449المصدر نفسھ ( 6 ) .6/87فتاوى ومقاالت متنوعة ( 7

129

ب ھذا التخل�ف ببس ىیأس معھ كان واجبا ولذا عبر ابن عمر عن تخلفھ بأنھ، وما ذلك إال أنھ ترك واجبا وھو نصرة اإلمام الحق على الخارجین علی�ھ

الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا ك�ان ، لق�د 1بغیر حق ، كما أفتى ب�ذلك الفقھ�اء عنھ على یقین راسخ ومعرفة متینة بأن والده كان على الحق .

ـ موقف الحسن بن علي من تلك الحروب : 5قف الحسن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ھ�و موق�ف أھ�ل الس�نة والجماع�ة م�ن كان مو

الحرب التي وقعت بین الصحابة الكرام رضي هللا عنھم وھو اإلمساك عم�ا ش�جر بی��نھم إال فیم��ا یلی��ق بھ��م رض��ي هللا ع��نھم لم��ا یس��ببھ الخ��وض ف��ي ذل��ك م��ن تولی��د

مس�لم أن یح�ب العداوة والحقد والبغض ألحد الطرفین وقالوا : إنھ یج�ب عل�ى ك�لالجمی���ع ویترض���ى ع���نھم ویت���رحم عل���یھم ویحف���ظ لھ���م فض���ائلھم ، ویعت���رف لھ���م بسوابقھم ، وینشر من�اقبھم وأن ال�ذي حص�ل بی�نھم إنم�ا ك�ان ع�ن اجتھ�اد والجمی�ع مث��ابون ف��ي ح��التي الص��واب والخط��أ ، غی��ر أن ث��واب المص��یب ض��عف ث��واب

في الجنة ، ولم یج�وز أھ�ل المخطئ في اجتھاده وأن القاتل والمقتول من الصحابة السنة والجماعة الخوض فیما شجر بی�نھم ، وقب�ل أن أذك�ر طائف�ة م�ن أق�وال أھ�ل

النص�وص الت�ي فیھ�ا فیما شجر بین الصحابة أذك�ر بع�ض السنة التي تبین موقفھماإلش��ارة إل��ى م��ا وق��ع ب��ین الص��حابة م��ن االقتت��ال وبم��ا وص��فوا ب��ھ فیھ��ا وتل���ك

2النصوص ھي وإن طائفت��ان م��ن الم��ؤمنین اقتتل��وا فأص��لحوا بینھم��ا ف��إن بغ��ت إح��داھما عل��ى األخ��رى ((: ى ق��ال تع��الأ ـ

ف��إن ف��اءت فأص��لحوا بینھم��ا بالع��دل وأقس��ط یح��ب وا فق��اتلوا الت��ي تبغ��ي حت��ى تف��يء إل��ى أم��ر � إن �فف��ي ھ��ذه اآلی��ة أم��ر هللا تع��الى باإلص��الح ب��ین . )9 الحج��رات ، آی��ة :)) (المقس��طین

المؤمنین إذا ما جرى بینھم قتال ألنھم إخوة وھذا االقتتال ال یخرجھم ع�ن وص�ف اإلیمان وإذا كان حصل اقتتال بین عموم المؤمنین ول�م یخ�رجھم ذل�ك م�ن اإلیم�ان

)) ، فأص�حاب إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بین أخویكم یة التي بعدھا ((اآلذكر في ألن هللاس�م اإلیم�ان ة الجمل وبعدھا أول م�ن ی�دخل ف�ي االرسول هللا الذین اقتتلوا في موقع

الذي ذكر في ھذه اآلیة فھم ال یزالون عند ربھم مؤمنین إیمان حقیقیا ولم ی�ؤثر م�ا 3حصل بینھم من شجار في إیمانھم بحال ألنھ كان عن اجتھاد

ق�ال رس��ول هللا ب ـ وع��ن أب�ي س��عید الخ��دري رض�ي هللا عن��ھ ق��ال :تمرق مارقة عند فرقة من المس�لمین تق�تلھم أول�ى الط�ائفتین صلى هللا علیھ وسلم :

معاویة . والفرقة المشار إلیھا في الحدیث ما كان من االختالف بین علي و4بالحق رضي هللا عنھما وقد وصف ص�لى هللا علی�ھ وس�لم الط�ائفتین مع�ا بأنھم�ا مس�لمتان

، والح�دیث عل�م م�ن أع�الم النب�وة : إذ وق�ع األم�ر طب�ق م�ا حقوأنھما متعلقتان بالأخبر بھ علیھ الصالة والس�الم ، وفی�ھ الحك�م بإس�الم الط�ائفتین : أھ�ل الش�ام وأھ�ل

لرافضة ، والجھلة الطغام من تكفیرھم أھ�ل الش�ام ، العراق ، ال كما یزعمھ فرقة ا

) .4/1710لسنة (األساس في ا 1 ) 727/ 2عقیدة أھل السنة في الصحابة ( 2 ) 1717/ 4أحكام القران ( 170ـ 169العواصم من القواصم صـ 3 ) 745/ 2مسلم ( 4

130

وفی��ھ أن أص��حاب عل��ي أدن��ى الط��ائفتین إل��ى الح��ق وھ��ذا ھ��و م��ذھب أھ��ل الس��نة لذي علیھ الحسن بن علي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ أن علی�ا ھ�و اوالجماعة و

المصیب وأن كان معاویة مجتھدا وھ�و م�أجور إن ش�اء هللا ولك�ن عل�ي ھ�و اإلم�ام أجران كم�ا ثب�ت ف�ي ص�حیح البخ�اري : إذا اجتھ�د الح�اكم فأص�اب فل�ھ أج�ران فلھ

. 1وإذا اجتھد فأخطأ فلھ أجرهبینما النبي صلى هللا علیھ وسلم یخطب جاء الحس�ن جـ ـ وعن أبي بكرة قال :

فقال النبي صلى هللا علیھ وسلم : ابن�ي ھ�ذا س�ید ولع�ل هللا أن یص�لح ب�ھ ب�ین فئت�ین فف��ي ھ��ذا الح��دیث ش��ھادة النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم بإس��الم . 2م��ن المس��لمین

الطائفتین أھل العراق وأھ�ل الش�ام والح�دیث فی�ھ رد واض�ح عل�ى الخ�وارج ال�ذین كفروا علیا ومن معھ ومعاویة ومن مع�ھ بم�ا تض�منھ الح�دیث م�ن الش�ھادة للجمی�ع

ین یعجبن�ا ج�دا . ملن المس�ـباإلسالم ولذا كان یقول سفیان ابن عیینة : قولھ فئتین م�قال البیھقي : وإنما أعجبھم ألن النبي صلى هللا علیھ وس�لم س�ماھم جمیع�ا مس�لمین وھذا خبر من رسول هللا بما ك�ان م�ن الحس�ن ب�ن عل�ي بع�د وف�اة عل�ي ف�ي تس�لیمھ

، فھذه األحادیث المتقدم ذكرھا فیھا اإلشارة إل�ى 3األمر إلى معاویة بن أبي سفیانكانوا مع علي وإلى أھ�ل الش�ام ال�ذین ك�انوا م�ع معاوی�ة ب�ن أب�ي أھل العراق الذین

، كم��ا وص��فھم 4س��فیان ، وق��د وص��فھم النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ب��أنھم م��ن أمت��ھبأنھم جمیعا متعلق�ون ب�الحق ل�م یخرج�وا عن�ھ كم�ا ش�ھد لھ�م ص�لى هللا علی�ھ وس�لم

ي حصل بینھم وق�د بأنھم مستمرون على اإلیمان ولم یخرجوا عنھ بسبب القتال الذ)) وإن طائفت��ان م��ن الم��ؤمنین اقتتل��وا فأص��لحوا بینھم��ادخل��وا تح��ت عم��وم قول��ھ تع��الى : ((

) ، وق��د ق��دمنا أن م��دلول اآلی��ة ین��تظمھم رض��ي هللا ع��نھم 90(الحج��رات ، آی��ة : وق�د ب�ین الحك�م أجمعین فلم یكفروا ولم یفسقوا بقتالھم بل ھ�م مت�أولون مجتھ�دون .

في قتالھم ذلك علي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ كم�ا م�ر معن�ا ، فالواج�ب عل�ى المسلم ، وم�ن زع�م أن�ھ مح�ب ألھ�ل البی�ت أن یس�لك ف�ي اعتق�اده فیم�ا حص�ل ب�ین الص��حابة الك��رام مس��لك الفرق��ة الناجی��ة أھ��ل الس��نة والجماع��ة وال��ذین م��ن أئم��تھم

عم�ا حص�ل كس�املحس�ن والحس�ین وھ�و اإلل�ي وابنی�ھ اوسادتھم أمیر الم�ؤمنین ع مقامھم .ببینھم رضي هللا عنھ وال یخوض فیھ إال بما ھو الئق

ـ استشھاد أمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ : 6تركت معركة النھروان في نفوس الخ�وارج جرح�ا غ�ائرا ل�م ت�زده األی�ام واللی�الي

وا بعل�ي رض�ي هللا عن�ھ ویث�أروا إال إیالما وحسرة ، فاتفق نفر م�نھم عل�ى أن یفتك�لمن قتل من أخوانھم في النھروان ، واستطاع عبد الرحمن بن ملجم أن یقتل أمی�ر المؤمنین علي بالغدر وھذا محمد بن الحنفیة یروي لنا قصة مقتل أمیر المؤمنین ، فق��د ق��ال : كن��ت وهللا إن��ي ألص��لي تل��ك اللیل��ة الت��ي ض��رب فیھ��ا عل��ي ف��ي المس��جد

رجال كثیر من أھل المصر ، یصلون قریبا من السدة ، ما ھ�م إال قی�ام فياألعظم ورك�وع وس�جود ، وم�ا یس�أمون م�ن أول اللی��ل إل�ى آخ�ره ، إذ خ�رج عل�ي لص��الة

) .13/318البخاري مع شرحھ في فتح الباري ( 1 . 7109البخاري ، ك الفتن رقم 2 ) .13/66فتح الباري ( 198االعتقاد للبیھقي صـ 3 ) .2/746مسلم ( 4

131

الغداة ، فجعل ینادي : أیھا الناس ، الصالة الصالة ، فما أدري أخرج م�ن الس�دة ، ت : الحكم � یا علي ال لك فتكلم بھذه الكلمات أم ال ؟ ، فنظرت إلى بریق ، وسمع

وال ألصحابك ، فرأیت سیفا ، ث�م رأی�ت ثانی�ا ، ث�م س�معت علی�ا یق�ول : ال یف�وتنكم الرجل وشد الناس علیھ من كل جانب ، قال : فلم أبرح حتى أخذ ابن ملجم وأدخ�ل

ا دخل من الناس ، فسمعت علیا یقول : النفس بالنفس ، أن�ا ـعلى علي ، فدخلت فیمدخل�وا سا، وذك�ر أن الن� 1فاقتلوه كم�ا قتلن�ي ، وإن بقی�ت رأی�ت فی�ھ رأی�ي إن مت

م عن�ده واب�ن ملج�م مكت�وف ـعلى الحسن فزعین لما حدث من أمر علي ، فبینما ھ�دو هللا ال ب�أس عل�ى أب�ي ـبین یدیھ ، إذ نادتھ أم كلثوم بنت علي وھي تبكي : أي ع�

لقد اشتریتھ ب�ألف ، وس�ممتھ ب�ألف ، ، وهللا مخزیك ، قال : فعلى من تبكین ؟ وهللا ، وق�د جم�ع 2ولو كان�ت ھ�ذه الض�ربة عل�ى جمی�ع أھ�ل المص�ر م�ا بق�ي م�نھم أح�د

األطب��اء لعل��ي رض��ي هللا عن��ھ ی��وم ج��رح وك��ان أبص��رھم بالط��ب أثی��ر ب��ن عم��ر السكوني ، وكان صاحب كس�رى یتطب�ب فأخ�ذ أثی�ر رئ�ة ش�اه ح�ارة ، فتتب�ع عرق�ا

في جراحة علي ، ثم نفخ العرق واس�تخرجھ ف�إذا علی�ھ منھا ، فاستخرجھ ، فأدخلھ بیاض الدماغ وإذا الضربة قد وصلت إلى أم رأسھ ، فقال : یا أمیر المؤمنین أعھد

جندب بن عبد هللا دخل على علي فس�ألھ ، فق�ال : ی�ا ن، وذكر أ 3عھدك فإنك میتركم وال أنھ�اكم یع الحس�ن ؟ ق�ال م�ا آم�نب�انین إن فقدناك ـ وال نفق�دك ـ فأمیر المؤم، وم��ن ھ��ذا األث��ر یظھ��ر إیم��ان أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي بح��ق األم��ة ف��ي 4أن��تم أبص��ر

اختیار خلیفتھا .وص��یة أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي للحس��ن والحس��ین رض��ي هللا ـ 7

عنھم :دعا أمیر المؤمنین حس�ن وحس�ینا ، فق�ال : أوص�یكما بتق�وى هللا ، وأال تبغی�ا ال�دنیا

ی��ا عل��ى ش��ئ زوي عنكم��ا ، وق��وال الح��ق ، وأرحم��ا الیت��یم وإن بغتكم��ا ، وال تبكوأغیث���ا الملھ���وف ، واص���نعا لآلخ���رة وكون���ا للظ���الم خص���ما وللمظل���وم ناص���را ، واعم��ال بم��ا ف��ي الكت��اب وال تأخ��ذكما ف��ي هللا لوم��ة الئ��م ، ث��م نظ��ر إل��ى محم��د ب��ن

ف��إني ، ق��ال : نع��م ، ق��ال : 5الحنفی��ة ، فق��ال : ھ��ل حفظ��ت م��ا أوص��یت ب��ھ أخوی��كأوصیك بمثلھ وأوصیك بتوقیر أخویك ، لعظیم حقھما علیك ، ف�اتبع أمرھم�ا ، ف�ال

ال : أوصیكما بھ ، فإنھ ابن أبیكم�ا ، وق�د علمتم�ا أن أبیكم�ا ـتقطع أمرا دونھما ثم قكان یحبھ ، وقال للحسن : أوصیك أي بني بتقوى هللا واقام الصالة لوقتھا ، وإیت�اء

ن الوضوء فإنھ ال صالة إال بطھور ، وال تقبل صالة من الزكاة عند محلھا ، وحسم��انع زك��اة ، وأوص��یك بغف��ر ال��ذنب ، وكظ��م الغ��یظ ، وص��لة ال��رحم ، والحل��م عن��د الجھل ، والتفقھ في الدین ، والتثبت في األمر ، والتعھد للقرآن ، وحس�ن الج�وار ،

رتھ الوف�اة ، فلم�ا حض� 6واألمر بالمعروف والنھي عن المنك�ر واجتن�اب الف�واحش

) .6/62تاریخ الطبري ( 1 ) .6/62المصدر نفسھ ( 2 ) .3/1128االستیعاب ( 3 ) .6/62تاریخ الطبري ( 4 ) .6/63المصدر نفسھ ( 5 ) .6/63المصدر نفسھ ( 6

132

أوصى فكانت وصیتھ : بسم هللا الرحمن الرحیم ، ھذا ما أوص�ى ب�ھ عل�ي ب�ن أب�ي طالب ، أوص�ى أن�ھ یش�ھد أن ال إل�ھ إال هللا وح�ده ال ش�ریك ل�ھ ، وأن محم�دا عب�ده ورسولھ ، أرسلھ بالھدى ودین الحق لیظھره على الدین كلھ ، ولو كره المشركون

م��اتي � رب الع��المین ال ش��ریك ل��ھ ، وب��ذلك . ث��م أن ص��التي ونس��كى ومحی��اي ومأمرت وأنا من المسلمین ، ثم أوصیك یا حسن وجمیع أھلي وول�دي وأھل�ي بتق�وى هللا ربكم وال تموتن إال وأن�تم مس�لمون فاعتص�موا بحب�ل هللا جمیع�ا ، وال تفرق�وا ، ف��إني س��معت أب��ا القاس��م یق��ول : إن ص��الح ذات الب��ین أفض��ل م��ن عام��ة الص��الة

ى ذوي أرح�امكم فص�لوھم یھ�ون هللا عل�یكم الحس�اب ، هللا هللا ـصیام انظ�روا إل�والفي األیت�ام ، ف�ال تعن�وا أف�واھھم وال یض�یعن بحض�رتكم هللا هللا ف�ي جی�رانكم ف�إنھم وصیة نبیكم صلى هللا علیھ وسلم م�ا زال یوص�ي ب�ھ حت�ى ظنن�ا أن�ھ س�یورثھ ، هللا

ل بھ غیركم ، وهللا هللا في الصالة فإنھا عمود هللا في القرآن ، فال یسبقنكم إلى العمدینكم ، وهللا هللا في بیت ربكم فال تخل�وه م�ا بقی�تم ، فإن�ھ إن ت�رك ل�م ین�اظر ، وهللا هللا في الجھاد في سبیل هللا بأموالكم وأنفسكم ، وهللا في الزكاة فإنھ�ا تطف�ئ غض�ب

، وهللا هللا في أصحاب نبیكم الرب ، وهللا هللا في ذمة نبیكم فال یظلمن بین أظھركمف��إن هللا أوص��ى بھ��م ، وهللا هللا ف��ي الفق��راء والمس��اكین فأش��ركوھم ف��ي معایش��كم ، وهللا في ما ملكت أیمانكم . الصالة الصالة ال تخافن في هللا لومة الئم ، یكفیكم م�ن

عروف علیكم وقولوا � حسنا كما أمركم هللا ، وال تتركوا األم�ر ب�الم ىأرادكم وبغوالنھي عن المنكر فیولى األم�ر ش�راركم ، ث�م ت�دعون ف�ال یس�تجاب لك�م . وعل�یكم بالتواص��ل والتب��اذل ، وإی��اكم والت��دابر والتق��اطع والتف��رق ، وتع��اونوا عل��ى الب��ر والتقوى وال تعاونوا على اإلثم والعدوان واتق�وا هللا إن هللا ش�دید العق�اب ، حفظك�م

یكم . استودعكم هللا وأقرأ عل�یكم الس�الم ورحم�ة هللا هللا من أھل بیت وحفظ فیكم نب، وجاء في روایة أخرى 1ھـثم لم ینطق إال بال إلھ إال هللا حتى قبض رضي هللا عن

: .. ی��ا بن��ي : أوص��یكم بتق��وى هللا ف��ي الغی��ب والش��ھادة وكلم��ة الح��ق ف��ي الرض��ا ، والعم�ل ف�ي والغضب ، والقصد في الغنى والفق�ر والع�دل عل�ى الص�دیق والع�دو

النشاط والكسل ، والرضى عن هللا ف�ي الش�دة والرخ�اء ی�ا بن�ي م�ا ش�ر بع�ده الجن�ة وكل بالء دون الن�ار بشر ، وال خیر بعده نار بخیر ، وكل نعیم دون الجنة حقیر ،

بني من أبصر عیب نفسھ شغل عن عیب غیره ، وم�ن رض�ي بقس�م هللا عافیة ، یا یف بغي قتل بھ ، ومن حفر ألخیھ بئرا وقع فیھا ن سل سـلم یحزن على ما فاتھ وم

، وم�ن ھت�ك حج��اب أخی�ھ كش��ف ع�ورات نفس��ھ ، ونس�ي خطیئت��ھ اس�تعظم خطیئ��ة غیره ، ومن أعجب برأیھ ضل ، ومن استغنى بعقلھ زل ، وم�ن تكب�ر عل�ى الن�اس ذل ومن خالط األنذال احتقر ، ومن دخل مداخل السوء اتھم ، ومن ج�الس العلم�اء

عرف بھ ، ومن كثر كالمھ كث�ر ئن مزح استخف بھ ، ومن أكثر من شوقر ، ومخطأه ، ومن كثر خطأه ق�ل حی�اؤه ، وم�ن ق�ل حی�اؤه ق�ل ورع�ھ ، وم�ن ق�ل ورع�ھ م��ات قلب��ھ ، وم��ن م��ات قلب��ھ دخ��ل الن��ار . ی��ا بن��ي ، األدب خی��ر می��راث ، وحس��ن

ص�مت إال م�ن الخلق خیر قرین ، یا بني العافی�ة عش�رة أج�زاء : تس�عة منھ�ا ف�ي الذك��ر هللا ، وواح��دة ف��ي ت��رك مجالس��ة الس��فھاء ی��ا بن��ي زین��ة الفق��ر الص��بر ، وزین��ة

) .6/64تاریخ الطبري ( 1

133

الغنى الشكر ، یا بني ال شرف أعلى من اإلسالم ، وال كرم أعز من التق�وى ، وال معقل أحرز من الورع وال شفیع أنجح م�ن التوب�ة ، وال لب�اس أجم�ل م�ن العافی�ة ،

صب التدبیر قبل العمل یؤمنك الندم ، فب�ئس ال�زاد الحرص مفتاح التعب ومطیة النإلى المعاد العدوان على العباد ، طوبى لمن أخلص � علمھ وعملھ وحب�ھ وبغض�ھ

. 1وأخذه وتركھ ، وكالمھ وصمتھ وقولھ وفعلھ ـ نھي أمیر المؤمنین علي عن المثلة بقاتلھ : 8ف��إن م��ت ف��اقتلوه وإن ق��ال أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي رض��ي هللا عن��ھ : احبس��وا الرج��ل

. وف��ي روای��ة أخ��رى ق��ال : أطعم��وه وأس��قوه وأحس��نوا 2أع��ش ف��الجروح قص��اص، وف��ي 3إس��اره ، ف��إن ص��ححت فأن��ا ول��ي دم��ي أعف��و إن ش��ئت وإن ش��ئت اس��تقدت

روایة أخرى زی�ادة ، وھ�ي قول�ھ إن م�ت ف�اقتلوه قتلت�ي وال تعت�دوا إن هللا ال یح�ب المثلة ، وقال ی�ا بن�ي عب�د المطل�ب ، ال ، وقد كان علي نھى الحسن عن 4المعتدین

ألفی��تكم تخوض��ون دم��اء المس��لمین ، تقول��ون : قت��ل أمی��ر الم��ؤمنین ، قت��ل أمی��ر الم��ؤمنین ، أال ال یق��تلن . أنظ��ر ی��ا حس��ن ، إن م��ن ض��ربتھ ھ��ذه فاض��ربھ ض��ربة بضربة ، وال تمثل بالرجل ، فإني سمعت رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یق�ول :

. وق�د ج�اء ف�ي ش�أن وص�یة أمی�ر الم�ؤمنین 5كم والمثلة ولو أنھا بالكلب العق�ورإیابأمر قاتلھ روایات كثی�رة تتف�اوت منھ�ا الص�حیح ومنھ�ا الض�عیف ، فالروای�ة الت�ي

ضعیف ، والروایات افیھا أمر علي رضي هللا عنھ بإحراق الشقي بعد قتلھ إسنادھعل�ي رض�ي هللا عن�ھ بقت�ل الرج�ل إن األخرى تسیر في إتجاه واحد فكلھا فیھا أمر

مات من ضربتھ ونھاھم عما سوى ذلك ، فھذه الروایات یعضد بعضھا ، وتنھض لالحتجاج بھا ھذا من جھة ، كما أن أمیر المؤمنین لم یجعلھ مرتدا ، فیأمر بقتل�ھ ، ب��ل نھ��اھم ع��ن ذل��ك لم��ا ھ��م بع��ض المس��لمین بقتل��ھ وق��ال : ال تقتل��وا الرج��ل ، ف��إن

، وتذكر الروایة التاریخیة المش�ھورة 6الجروح قصاص ، وإن مت فاقتلوهبرئت ف: فلما قبض علي رضي هللا عنھ بعث الحس�ن إل�ى اب�ن ملج�م ، فق�ال للحس�ن ، ھ�ل لك في خصلة ؟ إني وهللا ما أعطیت هللا عھدا إال وفیت بھ ، إن�ي كن�ت ق�د أعطی�ت

م�وت دونھم�ا ، ف�إن ش�ئت خلی�ت هللا عھدا عند الحط�یم أن أقت�ل علی�ا ومعاوی�ة أو أبیني وبینھ ، ولك هللا علي إن لم أقتلھ ـ أو قتلتھ ثم بقیت ، أن آتیك حتى أض�ع ی�دي

ث�م إن الن�اس 7في یدك . فقال لھ الحسن : أما وهللا حت�ى تع�این الن�ار ث�م قدم�ھ فقتل�ھ، والص�حیح م�ن الروای�ات 8ذه الروای�ة منقطع�ةـأخذوه ، فأحرقوه بالنار ، ولكن ھ

وال���ذي یلی���ق بالحس���ن والحس���ین وأبن���اء أھ���ل البی���ت أنھ���م التزم���وا بوص���یة أمی���ر المؤمنین علي في معاملة عبد الرحمن بن ملجم وفیھا یظھ�ر خل�ق اإلس�الم العظ�یم في النھي في المثلة وااللتزام بالقصاص الشرعي . وال تثبت الروای�ة الت�ي تق�ول :

. 633، 632الشھب الالمعة في السیاسة النافعة البن رضوان صـ 1 ) بسند حسن .2/560لصحابة (فضائل ا 2 عبد الحمید . 439، خالفة علي صـ 94المحن البن أبي العرب صـ 3 ) .3/35الطبقات ( 4 ) .6/64تاریخ الطبري ( 5 ) .5/245منھاج السنة ( 6 ) .6/64تاریخ الطبري ( 7 . 440خالفة علي بن أبي طالب ، عبد الحمید صـ 8

134

وج��اءوا ب��النفط والب��واري ، فق��ال فلم��ا دف��ن اض��روا اب��ن ملج��م ، ف��اجتمع الن��اس ،محمد بن الحنفیة ، والحسین ، وعب�د هللا ب�ن جعف�ر ب�ن أب�ي طال�ب ، دعون�ا نش�تف

د هللا یدیھ ورجلیھ ، فلم یجزع ولم یتكلم ، فكحل عینیھ ، فلم یج�زع ـمنھ ، فقطع عب، وجعل یقول إنك لتكحل عین�ي عم�ك وجع�ل یق�رأ ((إق�رأ بس�م رب�ك ال�ذي خل�ق))

) حتى ختمھ�ا ، وإن عینی�ھ لتس�یالن ث�م أم�ر ب�ھ فع�ولج ع�ن لس�انھ 1لعلق ، آیة : (الیقطع فجزع ، فقیل ل�ھ ف�ي ذل�ك . فق�ال : م�ا ذاك بج�زع ولكن�ي أك�ره أن أبق�ى ف�ي

ن الوج�ھ ، ـالدنیا فواقا ال أذكر هللا فقطعوا لسانھ ، ثم أحرق�وه ، وك�ان أس�مر ، حس� . 1ي جبھتھ أثر السجودأفلج ، شعره من شحمة أذنیھ ، وف

وابن ملجم عند الروافض أش�قى الخل�ق ف�ي اآلخ�رة ، وھ�و عن�دنا أھ�ل الس�نة مم�ن ز أن هللا یتج�اوز عن�ھ ، ال كم�ا یق�ول الخ�وارج وال�روافض نرجو لھ الن�ار ، ونج�وفیھ ، وحكمھ حكم قاتل عثمان وقاتل الزبیر ، وقاتل طلحة ، وقاتل سعید ب�ن جبی�ر

وقاتل خارجة ، وقاتل الحس�ین ، فك�ل ھ�ؤالء نب�رأ م�نھم ونبغض�ھم اتل عمار ـ، وق . 2في هللا ، ونكل أمورھم إلى هللا عز وجل

ـ خطبة الحسن بن علي رضي هللا عنھما بعد مقتل أبیھ : 9عن عمر بن حبشي قال : خطبنا الحسن ب�ن عل�ي بع�د قت�ل عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ،

ولون بعلم وال أدرك�ھ اآلخ�رون ، إن ك�ان فقال : لقد فارقكم رجل أمس ما سبقھ األ، حتى یفتح ل�ھ 3رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم لیبعثھ ویعطیھ الرایة فال ینصرف

ما ترك من صفراء وال بیضاء إال سبعمائة درھم من عطائھ ك�ان یرص�دھا لخ�ادم . 4أھلھ

ـ استقبال معاویة خبر مقتل علي رضي هللا عنھما : 10ت�ل عل�ي إل�ى معاوی�ة جع�ل یبك�ي ، فقال�ت ل�ھ امرأت�ھ : أتبكی�ھ وق�د ولما جاء خب�ر ق

، وك�ان 5قاتلتھ ؟ فقال : ویحك إنك ال تدرین ما فقد الناس من الفضل والفقھ والعلممعاویة یكتب فیما ینزل بھ یسأل لھ علي بن أبي طالب رض�ي هللا عن�ھ ع�ن ذل�ك ،

ي طالب ، فقال ل�ھ أخ�وه عتب�ة : موت ابن أببفلما بلغھ قتلھ قال : ذھب الفقھ والعلم ، ولنتع�رف عل�ى شخص�یة 6ال یسمع ھذا منك أھ�ل الش�ام ، فق�ال ل�ھ : دعن�ي عن�ك

��دائي أن عل��ي عن��دما طل��ب معاوی��ة رض��ي هللا عن��ھ ف��ي خالفت��ھ م��ن ض��رار الصیصف لھ علیا ، فقال أعفني یا أمیر المؤمنین قال : لتصفنھ ، قال : أما إذ ال بد من

ویحك��م ع��دال یتفج��ر 7 بعی��د الم��دى ، ش��دید الق��وى ، یق��ول فص��ال وص��فھ فك��ان وهللاالعل�م م�ن جوانب��ھ ، وتنط�ق الحكم�ة م��ن نواحی�ھ ویس�توحش م��ن ال�دنیا وزھرتھ��ا ، ویستأنس باللیل ووحشتھ وكان غزیر العب�رة ، طوی�ل الفك�رة ، یعجب�ھ م�ن اللب�اس

ن�ا إذا س�ألناه وینبئن�ا إذا ما قصر وم�ن الطع�ام م�ا خش�ن ، وك�ان فین�ا كأح�دنا ، یجیب�م استنبأناه ونحن وهللا ـ مع تقریب�ھ إیان�ا وقرب�ھ من�ا ـ ال نك�اد نكلم�ھ ھیب�ة ل�ھ ، یعظ

. 215لطوال صـ ) األخبار ا3/39طبقات ابن سعد ( 1 . 654تاریخ اإلسالم ، عھد الخلفاء الراشدین صـ 2 ) إسناده صحیح : فال ینصرف : یرجع .2/737فضائل الصحابة ( 3 ) إسناده صحیح .2/737فضائل الصحابة ( 4 ) .8/133البدایة والنھایة ( 5 ) .3/1108االستیعاب ( 6 ) .3/1107المصدر نفسھ ( 7

135

ب المس��اكین ، وال یطم��ع الق��وي ف��ي باطل��ھ ، وال یی��أس الض��عیف أھ�ل ال��دین ویق��روغ�ارت 1ي عدلھ ، وأشھد أنھ قد رأیتھ في بعض مواقفھ وقد أرخى اللیل سدولھـف، ویبكي بكاء الحزین ، ویق�ول 2جومھ ، قابضا على لحیتھ ، یتململ تململ السلیمن

فت : ھیھ�ات ھیھ�ات ، ق�د باینت�ك ي غیري ، إلي تعرضت أم إلى تش�و : یا دنیا غرثالثا ال رجع فیھا فعمرك قصیر ، وخطرك قلیل ، آه م�ن قل�ة ال�زاد وبع�د الس�فر ،

ق��ال : رح��م هللا أب��ا الحس��ن ، ك��ان وهللا ك��ذلك ، ووحش��ة الطری��ق ، فبك��ى معاوی��ة و، وع�ن 3فكیف حزنك علیھ یا ضرار ؟ قال حزن من ذبح ولدھا وھو ف�ي حجرھ�ا

عمر بن عبد العزیز قال : رأیت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ف�ي المن�ام وأب�و بكر وعمر جالسان عنده ، فس�لمت علی�ھ وجلس�ت ، فبینم�ا أن�ا ج�الس إذ أت�ى بعل�ي

خرج عل�ي أن الباب وأنا أنظر ، فما كان بأسرع من 4اویة فأدخال بیتا وأجیفومعوھو یقول : قض�ي ل�ي ورب الكعب�ة ، ث�م م�ا ك�ان بأس�رع م�ن خ�رج معاوی�ة وھ�و

. وروى ابن عساكر عن أبي زرعة الرازي أنھ قال 5فر لي ورب الكعبةغیقول : قات�ل علی�ا ، فق�ال ل�ھ أب�و لھ رج�ل : إن�ي أبغ�ض معاوی�ة فق�ال ل�ھ ول�م ؟ ق�ال : ألن�ھ

زرعة : ویحك إن رب معاویة رحیم ، وخصم معاویة خصم كریم ، فایش دخولك . 6أنت بینھما ؟ رضي هللا عنھما

الفصل الثاني

بیعة الحسن بن علي بن أبي طالب وأھم صفاتھ وبع�ض مواقف�ھ ف���ي الحی���اة االجتماعی���ة ومش���روعھ اإلص���الحي ال���ذي ت���وج

بوحدة األمة :

بحث األول : بیعة الحسن بن علي رضي هللا عنھما :المھ�ـ وذل�ك 40كانت بیعة الحسن بن علي رضي هللا عنھما في ش�ھر رمض�ان م�ن س�نة

بعد استشھاد أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ على ی�د الخ�ارجي عب�د أمی��ر ، وق��د اخت��ار الن��اس الحس��ن بع��د وال��ده ول��م یع��ین 7ال��رحمن ب��ن ملج��م الم��رادي

المؤمنین أحدا من بعده ، فعن عبد هللا بن سبع قال : سمعت علیا یقول : لتخضبن ھ�ذه 10. قالوا : یا أمیر المؤمنین ، فأخبرنا بھ نبی�ر عترت�ھ 9فما ینتظر بي األشقى 8من ھذا

سدولھ : سدلتھ . 1 ململ السلیم : یعني الملدوغ كانت العرب تسمیھ كذلك للتفاؤل ببرئھ .ت 2 ) .3/1108االستیعاب ( 3 أجیف الباب : رد وأغلق . 4 ) .8/133البدایة والنھایة ( 5 ) .8/133المصدر نفسھ ( 6 ) تحقیق د. إحسان عباس .38ـ 3/35الطبقات ( 7 أي لتخضبن لحیتھ من دم رأسھ . 8 ) حسن لغیره .2/325) مسند أحمد (9/139د (مجمع الزوائ 9

) .4/538) (4/5نبیر عترتھ : نھلك أقرباءه لسان العرب ( 10

136

ب��ي غی��ر ق��اتلي . ق��الوا : فاس��تخلف علین��ا ق��ال : ال ، ولك��ن تقتل��ون، ق��ال : إذن ت��ا� ا ترككم إلیھ رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ق�الوا : فم�ا تق�ول لرب�ك إذا أترككم إلى م

م��رة : إذا لقیت��ھ ق��ال : أق��ول : اللھ��م تركتن��ي ف��یھم م��ا ب��دا ل��ك ، ث��م 1أتیت��ھ ، ق��ال وكی��ع، وف�ي روای�ة : 2قبضتني إلیك وأنت فیھم ، فإن شئت أص�لحتھم ، وإن ش�ئت أفس�دتھم

، وبع�د مقت�ل عل�ي 3لك ، ثم قبضتني وتركتك ف�یھم أقول : اللھم استخلفتني فیھم ما بداصلى علیھ الحسن بن علي وكبر علیھ أربع تكبیرات ، ودف�ن بالكوف�ة ، وك�ان أول م�ا

كتاب هللا عز وج�ل ، وس�نة نبی�ھ بایعھ قیس بن سعد ، قال لھ : أبسط یدك أبایعك على وس�نة نبی�ھ ، ف�إن ، وقتال المحلین ، فق�ال ل�ھ الحس�ن رض�ي هللا عن�ھ : عل�ى كت�اب هللا

، وق�د اش�ترط الحس�ن 4ذلك یأتي من وراء كل شرط : فبایع�ھ وس�كت ، وبایع�ھ الن�اسب��ن عل��ي عل��ى أھ��ل الع��راق عن��دما أرادوا بیعت��ھ فق��ال لھ��م : إنك��م س��امعون مطیع��ون ،

، وفي روایة قال لھم : وهللا ال أب�ایعكم 5تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربتل لك��م ق��الوا : م��ا ھ��و ؟ ق��ال : تس��المون م��ن س��المت ، وتح��اربون م��ن إال عل��ى م��ا أق��و

د ـ، وفي روایة ابن سعد : إن الحسن بن علي أبي طالب بایع أھ�ل الع�راق بع�6حاربتعل��ي عل��ى بیعت��ین ، ب��ایعھم عل��ى اإلم��رة ، وب��ایعھم عل��ى أن ی��دخلوا فیم��ا دخ��ل فی��ھ ،

ابتداء الحسن رض�ي هللا عن�ھ ، ویستفاد من الروایات السابقة 7ویرضوا بما رضي بھ في التمھید للصلح فور استخالفھ وال�ذي س�یأتي تفص�یلھ الحق�ا ب�إذن هللا تع�الي ، وم�ن

دراستنا لبیعة الحسن نستنبط دروسا وعبرا وفوائد منھا : أوال : بطالن قضیة النص على خالفة الحسن :

ة ی�روج لھ�ا الش�یعة عند حدیثنا عن بیعة الحسن رض�ي هللا عن�ھ تب�رز أمامن�ا قض�ی بقوة أال وھ�ي قض�یة ال�نص عل�ى خالف�ة الحس�ن رض�ي هللا عن�ھ م�ن قب�ل اإلمامیة

وھذا األمر یعد من المفتریات على أمی�ر 8والده علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ المؤمنین علي رضي هللا عنھ حیث لم یصح النقل عنھ بذلك ، إن الش�یعة الرافض�ة

ة ال تك��ون إال ب��النص م��ن هللا ع��ز وج��ل عل��ى لس��ان یعتق��دون أن اإلمام��ة ك��النبورس��ولھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم وأنھ��ا مثلھ��ا لط��ف م��ن هللا ع��ز وج��ل ، وال یج��ب أن یخل��و عص��ر م��ن العص��ور م��ن إم��ام مف��روض الطاع��ة منص��وب م��ن هللا تع��الى ، ولیس للبشر حق اختیار اإلمام وتعیینھ ، بل ولیس لإلمام نفسھ حق تعیین من یأتي

وقد وضعوا على لسان أئمتھم عشرات الروایات في ذل�ك ، منھ�ا م�ا نس�بوه بعده ،إلى اإلمام محمد الباقر رحمھ هللا أنھ قال : أترون أن ھ�ذا األم�ر إلین�ا نجعل�ھ حی�ث نشاء ؟ ال وهللا ما ھو إال عھد من رسول هللا رج�ل فرج�ل مس�مى حت�ى تنتھ�ي إل�ى

صلى هللا علیھ وسلم قد ن�ص عل�ى ، ویعتقد الشیعة الرافضة أن الرسول 9صاحبھا

. 581وكیع بن الجراح ، ثقة حافظ عابد ، التقریب 1 ) حسن لغیره الموسعة الحدیثة .2/325مسند أحمد ( 2 ) .3/204كشف األستار عن زوائد البزار ( 3 .) 6/73تاریخ الطبري ( 4 ) .6/77المصدر نفسھ ( 5 ) 1/286،287الطبقات تحقیق د . محمد السلمي ( 6 ) 1/316،317المصدر نفسھ ( 7 ، مرویات خالفة معاویة 34فرق الشیعة للنوبختي صـ 8 8اإلمامة والنص ، فیصل نور صـ 9

137

األئمة من بعده وعینھم بأسمائھم وھم اثنا عشر إماما ال ینقصون وال یزیدون وھم :

ھـ .40ـ علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ المرتضى توفي 1 ھـ .50كي توفي زـ الحسن بن علي رضي هللا عنھ ال 2 عنھ . ھـ رضي هللا61ـ الحسین بن علي سید الشھداء توفي 3 ھـ .95ـ علي بن الحسین ـ زین العابدین ـ توفي 4 ھـ .114ـ محمد بن علي الباقر توفي 5 ھـ .148ـ جعفر بن محمد الصادق توفي 6 ھـ .183ـ موسى بن جعفر الكاظم توفي 7 ھـ .203توفي ـ علي بن موسي الرضا 8 ھـ .220ـ محمد بن علي الجواد توفي 9

ھـ .254ي توفي ـ علي بن محمد الھاد10 ھـ .260ـ الحسن بن علي العسكري توفي 11 ھـ .256ـ محمد بن الحسن المھدي توفي 12

عقیدة الوصیة ھو ابن سبأ وكان ینتھي بأمر الوصیة عن�د عل�ي رض�ي هللا اسوأسعن��ھ ولك��ن ج��اء ف��یمن بع��د م��ن عممھ��ا ف��ي مجموع��ة م��ن أوالده ، وكان��ت الخالی��ا

سریة ، فینفون ذلك نفیا قاطعا ، كم�ا فع�ل ج�دھم الشیعیة الرافضیة تعمل بصمت وأمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ ولذلك اخترع أولئك الك�ذابون عل�ى أھ�ل البی�ت "عقیدة التقیة" حتى یسھل نشر أفك�ارھم وھ�م ف�ي م�أمن م�ن ت�أثر األتب�اع بمواق�ف

الش�یعة ، إن م�ن أخط�ر األم�ور الت�ي ابت�دعھا 1أھل البیت الصادقة والمعلنة للناسالوص��یة وھ��ي أن رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم أوص��ى بالخالف��ة بع��د وفات��ھ مباش��رة إل��ى عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ، وأن م��ن س��بقھ مغتص��بین لحق��ھ كم��ا ج��اء ف��ي كتابھم "الكافي" : من مات ولم یعرف إمامھ مات میتة جاھلی�ة ، وك�ان رس�ول هللا

، ولك�ن االس�تقراء الت�اریخي لت�اریخ 2صلى هللا علیھ وسلم وكان علیا علیھ الس�المالخلفاء الراشدین ، ال نجد للوصیة ذكرا في خالف�ة أب�ي بك�ر وال ف�ي عم�ر رض�ي هللا عنھم��ا ، وإنم��ا نج��د بدای��ة ظھورھ��ا ف��ي الس��نوات األخی��رة م��ن خالف��ة عثم��ان رضي هللا عنھ ، عند بزوغ قرن الفتنة ، وقد استنكر الصحابة ھ�ذا الق�ول ، عن�دما

أسماعھم ، وبینوا كذبھ ، وم�ن أش�ھر ھ�ؤالء عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب ، وأم وصل إلى المؤمنین عائشة رضي هللا عنھما ، ثم نرى ھ�ذا الق�ول یتبل�ور ف�ي فك�رة موجھ�ة ، وعقیدة تدعو إلى اإلیمان بھا والدعوة إلیھا ، وذلك في خالفة علي رض�ي هللا عن�ھ

ھم أنھا من وضع عبد هللا بن ، وھذه الوصیة التي تدعیھا الرافضة فقد أثبت علماؤسبأ كما ذكر ذلك النوبختي والكشي ، وقد فص�لت ذل�ك ف�ي كت�ابي أس�مى المطال�ب في سیرة أمیر المؤمنین علي بن أبي طالب رضي هللا عنھ ، ویكفي في ال�رد عل�ى زعمھم الباطل ما ورد بالنقل الصحیح عن عدد من الصحابة ـ رض�ي هللا ع�نھم ـ

عنھ نفسھ واألدلة كثیرة منھا :ومنھم علي رضي هللا

) .2/800أصول الشیعة اإلمامیة ( 1 ) .17ـ 2/16أصول الكافي ( 2

138

أوصى إلى ـ ذكر عند عائشة أن النبي صل صلى هللا علیھ وسلم 1علي ، فقالت : من قالھ ؟ لقد رأیت النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم وإن�ي لمس�ندتھ إل�ى

1صدري ، فدعا بالطست ، فانخنث ، فمات ، فما شعرت فكی�ف أوص�ى إل�ى عل�يأن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ل�م ی�وص لعل�ي ، وتصریح عائشة رضي هللا عنھا

م��ن أعظ��م األدل��ة عل��ى ع��دم الوص��یة ، ف��إن النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ت��وفي ف��ي . 2حجرھا ولو كانت ھناك وصیة لكانت ھي أدرى الناس بھا

إن علیا ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ خ�رج م�ن ـ وعن ابن عباس قال : 2لم في وجعھ الذي ت�وفي فی�ھ ، فق�ال الن�اس ی�ا أب�ا عند رسول هللا صلى هللا علیھ وس

الحس��ن ، كی��ف أص��بح رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ؟ فق��ال : أص��بح بحم��د هللا بارئا ، فأخذ بیده عباس بن عبد المطلب فقال لھ : أنت وهللا بع�د ث�الث عب�د العص�ا

ھ�ذا ، ، وإني وهللا ألرى رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم س�وف یت�وفى ف�ي وجع�ھوإني ألع�رف وج�وه بن�ي عب�د المطل�ب عن�د الم�وت ، اذھ�ب بن�ا إل�ى رس�ول هللا ، فلنس��ألھ ف��یمن ھ��ذا األم��ر ، إن ك��ان فین��ا علمن��ا ذل��ك ، وإن ك��ان ف��ي غیرن��ا علمن��ا فأوصى بنا ، فق�ال عل�ي : إن�ا وهللا ل�ئن س�ألناھا رس�ول هللا فمنعناھ�ا ، ال یعطیناھ�ا

، وف�ي قول�ھ 3سألھا رسول هللا صلى هللا علیھ وسلمالناس من بعده ، وإني وهللا ال أرضي هللا عنھ شھادة للصحابة رضوان هللا علیھم ـ على مدى التزامھم بتنفیذ أم�ر رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، فلو كانت ھناك وصیة لما تخلف أحد عنھ ، ولما

وم�نكم عبرت األنصار عن رأیھا في السقیفة بحریة وش�جاعة وص�دق : من�ا أمی�ر، ولبایعوا من عھد إلیھ الوصیة ، أو على األقل س�یذكر بعض�ھم ، ول�و ك�ان 4أمیر

ھناك نص قبل ذلك لقال علي للعباس : كیف نسألھ عن ھذا األمر فیمن یكون وھو قد أوصى لي بالخالفة ، وقد توفي رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم في نفس الیوم ،

ی��دعى م��ن ال��نص دع��وى ال أس��اس لھ��ا م��ن فلم��ا ل��م یوج��د ش��ئ م��ن ذل��ك تب��ین م��االصحة ، وكل ما أوردوه من ذلك من التنصیص على علي مردود ، لمخالفتھ ھ�ذا النص الصریح من علي رضي هللا عنھ ، ألن ك�ل أدل�تھم الس�معیة إم�ا أنھ�ا ال ت�دل

. 5على المدعي ـ وإما نصوص تدل على ذلك ولكنھا موضوعةم�ا م رس�ول هللا بش�ئ فق�ال :ـ سئل علي رضي هللا عنھ أخص�ك 3

خصنا رسول هللا بشئ لم یعم ب�ھ الن�اس كاف�ة ، إال م�ا ك�ان ف�ي ق�راب س�یفي ھ�ذا ، قال : فأخرج صحیفة مكتوب فیھ�ا : لع�ن هللا م�ن ذب�ح لغی�ر هللا ، ولع�ن م�ن س�رق

ـمن��ار األرض ، ولع��ن هللا م�� . ق��ال اب��ن 6ن لع��ن وال��ده ، ولع��ن هللا م��ن آوى مح��دثالحدیث الثابت في الصحیحین وغیرھما عن علي رضي هللا عنھ ی�رد كثیر : وھذا ا

عل��ى فرق��ة الرافض��ة م��ن زعمھ��م أن رس��ول هللا أوص��ى إلی��ھ بالخالف��ة ، ول��و ك��ان األمر كما زعموا لما رد ذل�ك أح�د م�ن الص�حابة ، ف�إنھم ك�انوا أط�وع � ورس�ولھ

، ك الوصایا . 1471البخاري رقم 1 ) .1/190بذل المجھود في إثبات مشابھة الرافضة للیھود ( 2 . 4447البخاري ، ك المغازي رقم : 3 . 6830البخاري ، ك الحدود رقم 4 . 238اإلمامة والرد على الرافضة ، تحقیق علي ناصر فقیھي صـ 5 . 1978) رقم 3/1567مسلم ( 6

139

م�ھ ، وی�ؤخروا م�ن في حیاتھ ، وبعد وفاتھ من أن یفتأتوا علیھم فیقدموا غیر من قدقدمھ بنصھ ، حاشا وكال ! ومن ظن بالصحابة رضوان هللا علیھم ذل�ك فق�د نس�بھم ب��أجمعھم إل��ى الفج��ور والت��واطئ عل��ى معان��دة الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ومضادتھم لحكمھ ونصھ ، مع ما أن�زل هللا م�ن ثن�اء عل�یھم ب�القرآن ، وم�ن وص�ل

، 1ربقة اإلس�الم ، وكف�ر بإجم�اع األئم�ة األع�الممن الناس إلى ھذا المقام فقد خلع قال النووي : فیھ إبطال ما تزعمھ الرافضة والشیعة اإلمامیة بالوصیة لعلي وغیر

. 2ذلك من اختراعاتھملما ظھر علي یوم الجمل قال : أیھا الناس ـ وعن عمرو بن سفیان قال : 4

ھ�ذه اإلم�ارة ش�یئا حت�ى رأین�ا إن رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم لم یعھ�د إلین�ا م�ن . 3من الرأي أن نستخلف أبا بكر ، فأقام واستقام حتى مضى لسبیلھ

ـ روى أبو بكر البیھقي بإسناده إلى شقیق اب�ن س�لمة ، ق�ال : 5قیل لعلي بن أبي طالب رض�ي هللا عن�ھ : أال تس�تخلف علین�ا ؟ فق�ال : م�ا اس�تخلف

، ولك���ن إن ی���رد هللا بالن���اس خی���را رس���ول هللا ص���لى هللا علی���ھ وس���لم فأس���تخلففھ��ذا دلی��ل 4فس��یجمعھم بع��دي عل��ى خی��رھم ، كم��ا جمعھ��م بع��د نب��یھم عل��ى خی��رھم

واضح من أن دعوى النص علیھ رضي هللا عنھ إنم�ا م�ن اخ�تالق الرافض�ة ال�ذین ملئت قلوبھم بالبغض والحقد ألص�حاب رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم بم�ا ف�یھم

. 5إنما یدعون حبھم تسترا لیتسن لھم الكید لإلسالم وأھلھعلي وأھل بیتھ ، وبھذه النصوص : القطعیة یتضح بجالء أن ال أصل للوصیة المزعوم�ة وأن م�ا

اعتم��د علی��ھ الرافض��ة ھ��و م��ن وض��ع عب��د هللا ب��ن س��بأ ال��ذي ھ��و أول م��ن أح��دث الوص��یة ، ث��م وض��عت بع��د ذل��ك أس��انید وركب��ت مت��ون نس��بوھا زورا وبھتان��ا إل��ىالنبي صلى هللا علیھ وسلم وھدفھم من ذلك الطعن في الصحابة رضوان هللا علیھم لمخالفتھم أمر الرسول صلى هللا علیھ وس�لم وإجم�اعھم عل�ى ذل�ك وم�ن ث�م الطع�ن

، قال ابن تیمیة ـ رحمھ هللا ـ 6ورد ما نقلوه إلى أجیال المسلمین من قرآن وحدیثي فلیس في ش�ئ م�ن كت�ب أھ�ل الح�دیث عن رده على الحلي : وأما النص على عل

المعتمدة ، وأجمع أھل الحدیث عل�ى بطالن�ھ ، حت�ى ق�ال أب�و محم�د ب�ن ح�زم ، م�ا وجدنا قط روایة عند أحد في ھذا ال�نص الم�دعى إال روای�ة إل�ى مجھ�ول یكن�ى أب�ا

، وق��ال ف��ي موض��ع آخ��ر : فعل��م أن م��ا 7الحم��راء ال نع��رف م��ن ھ��و ف��ي خل��ق هللاالنص ھو مما لم یسمعھ أح�د م�ن أھ�ل العل�م ب�أقوال رس�ول هللا تدعیھ الرافضة من

ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ق��دیما وال ح��دیثا ولھ��ذا ك��ان أھ��ل العل��م بالح��دیث یعلم��ون ، وق�د ج�اء م�ن 8بالضرورة كذب ھذا النقل كما یعلمون كذب غیره من المنق�والتث�م عمموھ�ا عل�ى الغالة فیما بعد من أحیا نظریة ابن سبأ ف�ي أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي

) .5/221البدایة والنھایة ( 1 ) .13/151شرح صحیح مسلم ( 2 ، وقال البیھقي في دالئل النبوة سنده حسن . 184االعتقاد صـ 3 ، إسناده جید . 184االعتقاد صـ 4 ) .2/620عقیدة أھل السنة في الصحابة ( 5 . 65خالفة علي بن أبي طالب ، علي عبد الحمید صـ 6 ) .4/161) (الفصل 8/362المنھاج ( 7 ) .7/50المنھاج ( 8

140

آخرین من ساللة عل�ي والحس�ین ف�ي إث�ارة مش�اعر الن�اس وع�واطفھم ، وال�دخول إلى قلوبھم ، لتحقیق أغراضھم ضد الدولة اإلس�المیة ف�ي ظ�ل ھ�ذا الس�تار ، وأول م��ن ب��دأ یش��یع الق��ول ب��أن اإلمام��ة محص��ورة بأن��اس مخصوص��ین ف��ي آل البی��ت ،

ھ حینم�ا عل�م ب�ذلك زی�د ب�ن ، وأن� 1اقشیطان الط�اق ال�ذي تلقب�ھ الش�یعة م�ؤمن الط�علي رحم�ھ هللا بع�ث إلی�ھ لیق�ف عل�ى حقیق�ة اإلش�اعة ، فق�ال ل�ھ زی�د : بلغن�ي أن�ك تزعم أن في آل محمد إمام�ا مفت�رض الطاع�ة ؟ ق�ال ش�یطان الط�اق : نع�م ، وك�ان أب��وك عل��ي ب��ن الحس��ین أح��دھم ، فق��ال : وكی��ف وق��د ك��ان ی��ؤتي بلقم��ة وھ��ي ح��ارة

م یلقمنیھا ، أفترى أن�ھ ك�ان یش�فق عل�ي م�ن ح�ر اللقم�ة ، وال یش�فق فیبردھا بیده ثعلي من حر النار ؟ قال شیطان الط�اق : قل�ت ل�ھ : ك�ره أن یخب�رك ، فتكف�ر ، ف�ال

، وھذه القصة المروی�ة ف�ي أوث�ق كت�ب الرج�ال عن�دھم تب�ین 2یكون لھ فیك شفاعةإم�ام م�ن أئم�ة أھ�ل أن ھذه النظری�ة كان�ت س�ریة الت�داول لدرج�ة أنھ�ا خفی�ت عل�ى

البیت وھو اإلمام زید ، وقد ب�ین مح�ب ال�دین الخطی�ب أن ش�یطان الط�اق ھ�و أول ع وادع�ى العص�مة ألن�اس من اخترع ھذه العقیدة الضالة وحصر اإلمام�ة والتش�ری

، وقد ش�ارك ش�یطان الط�اق رج�ل آخ�ر ھ�و ھش�ام ب�ن 3مخصوصین من آل البیتحصر اإلمامة بأناس معین�ین س�رت ف�ي ، ویبدو أن عقیدة 4ھـ179الحكم المتوفي

، بسعي مجموعة من أتب�اع ھش�ام وش�یطان الط�اق ، ففك�رة حص�ر األئم�ة 5الكوفةبع��دد مع��ین ق��د وض��ع ج��ذورھا ف��ي الق��رن الث��اني زم��رة مم��ن ی��دعي الص��لة بأھ��ل

، ولق�د اختلف�ت اتجاھ�ات الش�یعة 7، أمثال شیطان الطاق وھش�ام ب�ن الحك�م 6البیتعدد األئمة قال في مختصر التحفة : أعلم أن اإلمامی�ة ق�ائلون وتباینت مذاھبھم في

بانحص���ار األئم���ة ، ولك���نھم مختلف���ون ف���ي مق���دارھم ، فق���ال بعض���ھم : خمس���ة ، ، 8وبعضھم سبعة ، وبعضھم ثمانیة ، وبعضھم : اثنا عشر ، وبعضھم ثالثة عشر

كل فری�ق م�نھم والغریب أن القائلین بنظریة اإلمامة اإللھیة انقسموا إلى عدة فرق ینقل روایات مناقضة لآلخر ف�ي إمام�ة م�ن ی�راه ث�م ینس�بون ذل�ك لعل�ي رض�ي هللا عنھ . وكتب الشیعة الرافضة نقلت صورة ھذا التب�این والتن�اقض س�واء كان�ت م�ن كتب اإلسماعیلیة بمسائل اإلمامة للناش�ئ األكب�ر ، أو الزین�ة ألب�ي ح�اتم ال�رازي ،

، المق��االت والف��رق لألش��عري القم��ي ، وف��رق أو م��ن كت��ب االثن��ي عش��ریة مث��ل الشیعة للنبوختي ، وقض�یة اإلمام�ة عن�دھم لیس�ت ب�األمر الفرع�ي ال�ذي یك�ون فی�ھ الخالف أمرا عادی�ا ، ب�ل ھ�ي أس�اس ال�دین وأص�لھ المت�ین ، وال دی�ن ل�م ل�م ی�ؤمن

، إم�ا االثن�ا عش�ریة فق�د اس�تقر 9بإمامھم ولذلك یكفر بعضھم ویلعن بعضھم بعضاقولھا ـ فیما بعد ـ بحصر اإلمامة في اثني عشر إماما ، ولم یكن في العت�رة النبوی�ة بن�ي ھاش�م عل��ى عھ�د رس�ول هللا ص��لى هللا علی�ھ وس�لم وأب��ي بك�ر وعم�ر وعثم��ان

) .2/800أصول الشیعة اإلمامیة ( 1 . 186رجال الكشي صـ 2 ھـ .1367عام 862، العدد 5مجلة الفتح صـ 3 ) .2/803أصول الشیعة اإلمامیة ( 4 ) .2/805) ، أصول الشیعة اإلمامیة (1/259بحار األنوار ( 5 ) .2/806أصول الشیعة ( 6 ) .2/806المصدر نفسھ ( 7 . 193صـ مختصر التحفة 8 ) .2/807أصول الشیعة اإلمامیة ( 9

141

، إنم��ا ع��رف االعتق��اد 1وعل��ي رض��ي هللا ع��نھم م��ن یق��ول ، بإمام��ة االثن��ى عش��رةصر األئمة بع�دد مع�ین عقی�دة ح، إن 2بإثني عشر إماما بعد وفاة الحسن العسكري

فاسدة باطلة ، وأمیر المؤمنین علي وأوالده وأحفاده براء منھا ، ففي كت�ب الش�یعة المعتمدة في نھج البالغة ، عن علي رضي هللا عنھ قال : دعوني والتمسوا غی�ري ، فإن��ا مس��تقبلون أم��را ل��ھ وج��وه وأل��وان ، ال تق��وم ل��ھ القل��وب ، وال تثب��ت علی��ھ

، والمحجة قد تنكرت ، واعلموا أني إن أحبب�تكم 4، وإن اآلفاق قد أغامت 3قولالعركبت لكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب ، وإن تركتم�وني فأن�ا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن ولیتم�وه أم�ركم ، وأن�ا لك�م وزی�را خی�ر لك�م

ا علیھ�ا م�ن هللا ع�ز وج�ل لم�ا ج�از ، فل�و كان�ت إمام�ة عل�ي منصوص� 5مني أمی�را لعل��ي ب��ن أب��ي طال��ب تح��ت إي ظ��رف م��ن الظ��روف أن یق��ول للن��اس : دع��وني والتمسوا غی�ري ویق�ول أن�ا لك�م وزی�را خی�ر لك�م من�ي أمی�ر" كی�ف والن�اس تری�ده

. ویقول في النھج كالما أكثر صراحة وأشد وضوحا حین یق�ول ، 6وجاءت تبایعھبایعوا أبا بك�ر وعم�ر وعثم�ان عل�ى م�ا ب�ایعوھم علی�ھ ، فل�م إنھ بایعني القوم الذین

یكن للشاھد أن یخت�ار وال للغائ�ب أن ی�رد وإنم�ا الش�ورى للمھ�اجرین واألنص�ار ، فإن اجتمع�وا عل�ى رج�ل س�موه إمام�ا ك�ان ذل�ك � رض�ا ، ف�إن خ�رج ع�ن أم�رھم

باع�ھ غی�ر تإخارج بطعن أو بدعة ردوه إلى م�ا خ�رج من�ھ ، ف�إن أب�ي ق�اتلوه عل�ى ، وقد أشار أمیر المؤمنین بھ�ذه العب�ارة حق�ائق 7سبیل المؤمنین وواله هللا ما تولى

جدیرة باإلھتمام حیث جعل :ھ وسلم وبی�دھم ــ الشورى للمھاجرین واألنصار من أصحاب رسول هللا صلى هللا علی

الحل والعقد . ھ وتعالى إیاھم .ـ اتفاقھم على شخص سبب لمرضات هللا وعالمة لموافقتھ سبحان

ـ ال تنعقد اإلمامة في زمانھم دونھم وبغیر اختیارھم .ـ ال یرد قولھم وال یخرج عن حكمھم إال المبتدع الباغي المتبع غیر س�بیل الم�ؤمنین ،

. 8فأین ھم الشیعة األثني عشریة عن ھذه التصریحات الھامةاألئمة بعدد معین إن مسألة النص ال تثبت بأي وجھ من الوجوه ، ومسألة حصر

مردوده بالكتاب والسنة ، كما أنھ ال یقبلھا العقل ومنط�ق الواق�ع ، إذ بع�د إنتھ�اء الع�دد المعین ھل تظ�ل األم�ة ب�دون إم�ام ؟ ول�ذلك ف�إن عص�ر األئم�ة الظ�اھرین عن�د اإلثن�ي

اآلن ب��دون إم��ام إال قل��یال وھ��م م��ن ذل��ك الوق��ت إل��ى عش��ریة ال یتع��دى ق��رنین ونص��فوواقعي مما ترتب على وض�عھم ھ�ذا فق�دانھم ك�ل م�ا یزعم�ون م�ن مب�رر بشكل فعلي

ضروري أو مص�لحة ض�روریة م�ن وج�ود إم�ام معص�وم وھ�ذا تن�اقض ظ�اھر ، وق�د اضطر الشیعة للخروج عن حصر األئمة بمسألة نیابة المجتھ�د ع�ن اإلم�ام ، واختل�ف

ھذا األصل الذي قولھم في حدود النیابة وفي ھذا العصر اضطروا للخروج نھائیا عن ) .2/11منھاج السنة ( 1 ) .2/808أصول الشیعة اإلمامیة ( 2 ال تصبر لھ وال تطیق احتمالھ . 3 أغامت : غطیت بالغیم . 4 . 236صـ 92نھج البالغة خطبة رقم 5 . 158ثم أبصرت الحقیقة صـ 6 . 265صـ 6نھج البالغة ، ك إلى معاویة رقم 7 . 161ثم أبصرت الحقیقة صـ 8

142

ھو قاعدة دینھم ، فجعلوا رئاسة الدولة تتم ع�ن طری�ق االنتخ�اب ولك�نھم خرج�وا ع�ن ، وھو فعلی�ا 1حصر العدد إلى حصر النوع فقصروا رئاسة الدولة على الفقیھ الشیعي

ل��ھ لإلمام��ة وھ��م بھ��ذا األم��ر نس��خوا فعلی��ا غی��ر معص��وم باالتف��اق وال عن��ده ن��ص یخوتي شقوا بھا صفوف األمة ، فأص�بح اإلنس�ان الع�ادي حت�ى ول�و ك�ان نظریة اإلمامة ال

من غیر أھل البیت یستطیع أن یحكم ویقود بحجة أنھ فقی�ھ ، وق�د فص�ل األس�تاذ أحم�د الكاتب تطور الفكر السیاسي الشیعي من الشورى إلى والی�ة الفقی�ھ وتح�دث ع�ن أمی�ر

بوضوح أن الحسن ب�ن عل�ي المؤمنین الحسن بن علي رضي هللا عنھ والشورى وبین لم یعتمد في دعوة الناس لبیعتھ على ذكر أي ن�ص حول�ھ م�ن الرس�ول ص�لى هللا علی�ھ وس��لم أو م��ن أبی��ھ أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي ، وتح��دث ع��ن إیم��ان الحس��ن ب��ن عل��ي بنظ��ام الش��ورى وح��ق األم��ة ف��ي انتخ��اب إمامھ��ا ، وق��د تجل��ى ھ��ذا اإلیم��ان م��رة أخ��رى عن��د

معاوی��ة واش��تراطھ علی��ھ الع��ودة إل��ى نظ��ام الش��ورى ب��ین تنازل��ھ ع��ن الخالف��ة إل��ىالمس��لمین ، ول��و كان��ت الخالف��ة ب��النص م��ن هللا والتعی��ین م��ن الرس��ول ، كم��ا تق��ول النظری��ة اإلمامی��ة ، ل��م یك��ن یج��وز لإلم��ام الحس��ن أن یتن��ازل عنھ��ا ألي أح��د تح��ت أي

ی��دعو ظ��رف م��ن الظ��روف ، ول��م یك��ن یج��وز ل��ھ بع��د ذل��ك أن یب��ایع معاوی��ة أو أنأص��حابھ وش��یعتھ لبیعت��ھ ، ول��م یك��ن یج��وز ل��ھ أن یھم��ل اإلم��ام الحس��ین وألش��ار إل��ى ضرورة تعیینھ من بعده ولكن اإلم�ام الحس�ن ل�م یفع�ل أي ش�ئ م�ن ذل�ك وس�لك مس�لكا یوحي بالتزامھ بحق المسلمین في انتخاب خلیفتھم عبر نظام الشورى وقد ظل الش�ھید

یعة معاویة إلى آخر ی�وم م�ن حی�اة األخی�ر ، ورف�ض الحسین رضي هللا عنھ ملتزما ببعرضا من شیعة الكوفة بعد وفاة أمیر المؤمنین الحسن ب�الثورة عل�ى معاوی�ة ، وذك�ر إن بینھ وبین معاویة عھدا وعقدا ال یجوز لھ نقضھ ، ولم ی�دع إل�ى نفس�ھ إال بع�د وف�اة

الحسین البیع�ة ل�ھ وأص�ر معاویة الذي عھد إلى ابنھ یزید بالخالفة بعده ، حیث رفض . 2ھـ61على الخروج إلى العراق حیث استشھد في كربالء عام

ثانیا : ما یحتج بھ الشیعة االثنا عشریة في أمر تحدی�د ع�دد

األئمة بما جاء في كتب السنة :ع��ن ج��ابر ی��ن س��مرة ق��ال رس��ول هللا : یك��ون إثن��ا عش��ر أمی��را . فق��ال كلم��ة ل��م

. وف�ي مس�لم ع�ن ج�ابر ق�ال : س�معت 3نھ قال : كلھم في ق�ریشأسمعھا ، فقال أبي : إھ وسلم یقول : ال یزال اإلسالم عزیزا إلى اثني عشرة خلیف�ة ـرسول هللا صلى هللا علی

. وف�ي لف�ظ : 4م أفھمھا . فقلت ألبي : ما قال ؟ فقال : كلھم م�ن ق�ریشـ. ثم قال كلمة ل، وفي لف�ظ آخ�ر : ال ی�زال أم�ر 5شر خلیفةال یزال ھذا الدین عزیزا منیعا إلى اثني ع

، وعن�د أب�ي داود : ال ی�زال ھ�ذا ال�دین قائم�ا 6الناس ماضیا ما ولیھم اثن�ا عش�ر رج�ال . 7حتى یكون علیكم إثنا عشر خلیفة ، كلھم تجتمع علیھم األمة

) .2/814، أصول الشیعة ( 248الحكومة اإلسالمیة للخمیني صـ 1 . 18، 17تطور الفكر السیاسي الشیعي من الشورى إلى والیة الفقیھ صـ 2 ) .8/127البخاري ، ك األحكام ، باب االستخالف ( 3 ) .2/1453مسلم ، ك اإلمارة ، باب الناس ( 4 ) .2/1453در نفسھ (المص 5 ) .1453/ 2المصدر نفسھ ( 6 ) .4/471سنن أبي داود ، ك المھدي ( 7

143

وأخرجھ أبو داود أیضا من طریق األس�ود ب�ن س�عید ع�ن ج�ابر بنح�و م�ا مض�ى . 1ا رج��ع إل��ى منزل��ھ أتت��ھ ق��ریش فق��الوا : ث��م یك��ون م��اذا ق��ال : الھ��رجق��ال : وزاد فلم��

یتعلق الشیعة االثني عشریة لھذا النص ویحتجون بھ على أھل السنة ، ال إلیمانھم بم�ا ، ولك�ن لالحتج�اج عل�یھم بم�ا یس�لمون ب�ھ ، وبالتأم�ل ف�ي ال�نص 2جاء في كتب الس�نة

وص��فوا ب�أنھم یتول��ون الخالف��ة ، بك�ل حی��دة وموض�وعیة نج��د أن ھ�ؤالء االثن��ي عش�روأن اإلسالم ف�ي عھ�دھم یك�ون ف�ي ع�زة ومنع�ة ، وأن الن�اس تجتم�ع عل�یھم وال ی�زال

ن ـأم��ر الن��اس ماض��یا وص��الحا ف��ي عھ��دھم ، وك��ل ھ��ذه األوص��اف ال تنطب��ق عل��ى م��ت��دعي االثن��ا عش��ریة ف��یھم اإلمام��ة ، فل��م یت��ول الخالف��ة م��نھم إال أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي

كما لم یقم أمر األمة في مدة أحد من ھؤالء االثني عشر ـ ف�ي نظ�ر الش�یعة والحسن ،وأن 3أنفسھم ـ ب�ل م�ا زال أم�ر األم�ة فاس�دا .. ویت�ولى عل�یھم الظ�المون ب�ل الك�افرون

، وأن عھ�د أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي 4األئمة أنفسھم كان یتسترون في أم�ور دی�نھم بالتقی�ة، فل�م یس�تطع أن 5كما صرح بذلك شیخھم المفیدوھو على كرسي الخالفة عھد تقیة ،

یظھ��ر الق��رآن ، وال أن یحك��م بجمل��ة م��ن أحك��ام اإلس��الم ، كم��ا ص��رح ب��ذلك ش��یخھم ، واضطر إلى مماألة الصحابة ومجاراتھم عل�ى حس�اب ال�دین ، كم�ا أق�ر 6الجزائري

ن�ھ .. فالحدیث في جانب ومزاعم ھؤالء في جانب آخر ، ث�م أ 7بذلك شیخھم المرتضىلیس في الحدیث حصر لألئمة بھذا العدد ، بل نبوة منھ ، بأن اإلس�الم ال ی�زال عزی�زا

، 8في عصور ھؤالء ، وكان عصر الخلفاء الراشدین وبن�ي أمی�ھ عص�ر ع�زة ومنع�ةولھذا قال ابن تیمیة : إن اإلسالم وشرائعھ في بني أمیة أظھر وأوسع مما ك�ان بع�دھم

ن قریش ـھذا األمر عزیزا إلى اثني عشر خلیفة كلھم م ، ثم استشھد بحدیث : ال یزال ن. ثم قال : وھك�ذا ك�ان ، فك�ان الخلف�اء أب�و بك�ر وعم�ر وعثم�ان وعل�ي ، ث�م ت�ولى م�

ع��ز ومنع��ة معاوی��ة وابن��ھ یزی��د ث��م عب��د المل��ك وأوالده ھاجتم��ع الن��اس علی��ھ وص��ار ل��اآلن ھ�و ب�اق إل�ىد ذلك حصل من النقص ما األربعة وبینھم عمر بن عبد العزیز وبع

، وھ�ذا یعن�ي أنھ�م ال 10، ث�م أن�ھ ق�ال ف�ي الح�دیث : كلھ�م م�ن ق�ریش 9. ثم ش�رح ذل�كیختصون بعلي وأوالده : ولو كانوا مختصین بعلي وأوالده ل�ذكر م�ا یمی�زون ب�ھ ، أال ترى أنھ لم یقل : كلھم من ولد إسماعیل وال من العرب ، فلو امتازوا بكونھم م�ن بن�ي

قبی�ل عل�ي ل�ذكروا ب�ذلك ، فلم�ا جعلھ�م م�ن ق�ریش مطلق�ا عل�م أنھ�م م�ن ھاشم ، أو من قریش ، بل ال یختصون بقبیلة ، بل بنو تیم وبنو عدي ، وبنو عبد شمس ، وبنو ھاشم

، ف��إذن ل�م یب��ق م�ن األوص��اف الت��ي 11، ف�إن الخلف��اء الراش�دین ك��انوا م�ن ھ��ذه القبائ�ل . 12ال یدل على شئتنطبق على ما یریدون إال مجرد العدد ، والعدد

) .13/211) ، فتح الباري (4/472سنن أبي داود ( 1 ) .2/815أصول الشیعة اإلمامیة ( 2 . 533) المنتقى صـ 4/210منھاج السنة ( 3 ) .2/816أصول الشیعة اإلمامیة ( 4 .) 2/816المصدر نفسھ ( 5 ) .2/816المصدر نفسھ ( 6 ) .2/816المصدر نفسھ ( 7 ) .2/816أصول الشیعة ( 8 ) .4/206منھاج السنة ( 9

) .2/1453مسلم ( 10 ) .4/211منھاج السنة ( 11 ) .2/818أصول الشیعة ( 12

144

ثالثا : مدة خالفة أمیر المؤمنین الحسن ومعتق�د أھ�ل الس�نة

في خالفتھ :اس��تمر أمی��ر الم��ؤمنین الحس��ن ب��ن عل��ي بع��د بیعت��ھ خلیف��ة عل��ى الحج��از وال��یمن والعراق وغیر ذلك نحو سبعة أشھر ، وقی�ل ثمانی�ة أش�ھر ، وقی�ل س�تة أش�ھر وكان�ت

لم�دة الخالف�ة الراش�دة تتم�ة ة ألن تل�ك الم�دة كان�ت خالفتھ ھذه المدة خالف�ة راش�دة حق� ، فقد روي 1التي أخبر النبي صلى هللا علیھ وسلم أن مدتھا ثالثون سنة ثم تصیر ملكا

الترمذي بإسناده إلى مولى رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم قال : قال رسول هللا ص�لى ، وق�د عل�ق اب�ن كثی�ر 2بعد ذل�كهللا علیھ وسلم : الخالفة في أمتي ثالثون سنة ثم ملك

على ھذا الحدیث فقال : وإنما كملت الثالثون بخالفة الحسن بن عل�ي ، فإن�ھ ن�زل ع�ن الخالفة لمعاویة في ربیع األول من سنة إحدى وأربعین ، وذلك كمال ثالثین س�نة م�ن موت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم فإنھ توفي في ربیع األول سنة إحدى عش�رة م�ن

، وبذلك یكون 3ھجرة ، وھذا من دالئل النبوة صلوات هللا وسالمھ علیھ وسلم تسلیماالوعند اإلمام أحمد من حدیث 4الحسن بن علي رضي هللا عنھ خامس الخلفاء الراشدین

. وعن�د أب�ي داود 5سفینة أیضا بلفظ : الخالف�ة ثالث�ون عام�ا ث�م یك�ون بع�د ذل�ك المل�ك، ول�م 6سنة ثم یؤتي هللا المل�ك م�ن یش�اء أو ملك�ھ م�ا یش�اء بلفظ : خالفة النبوة ثالثون

یكن في الثالثین بعده صلى هللا علیھ وسلم إال الخلفاء األربع�ة وأی�ام الحس�ن وق�د ق�رر جمع من أھل العلم عند شرحھم لقولھ ص�لى هللا علی�ھ وس�لم الخالف�ة ف�ي أمت�ي ثالث�ون

د موت أبیھ كانت داخلة في خالف�ة سنة . أن األشھر التي تولى فیھا الحسن بن علي بع النبوة ومكملة لھا فقد قال كل من :

فنف��ذ الوع��د الص��ادق ف��ي قول��ھ ـ أب��و بك��ر ب��ن العرب��ي رحم��ھ هللا : 1تعود ملكا . فكانت ألب�ي بك�ر صلى هللا علیھ وسلم ـ : الخالفة في أمتي ثالثون سنة ثم

ال ت��نقص یوم��ا فس��بحان م��ر وعثم��ان وعل��ي وللحس��ن منھ��ا ثمانی��ة أش��ھر ال تزی��د ووع . 7المحیط ال رب غیره

رحمھ هللا لم یكن في ثالثین سنة إال الخلف�اء ـ وقال القاضي عیاض : 2الراشدون األربعة واألش�ھر الت�ي بوی�ع فیھ�ا الحس�ن ب�ن عل�ي .. والم�راد ف�ي ح�دیث :

لنب�وة الخالفة ثالثون سنة . خالفة النبوة فقد جاء مفسرا في بعض الروای�ات : خالف�ة ا . 8بعدي ثالثون سنة ثم تكون ملكا

) .2/743عقیدة أھل السنة والجماعة في الصحابة ( 1 ) حدیث حسن .397 ـ 6/395سنن الترمذي مع شرحھا تحفة األحوذي ( 2 ) .11/134البدایة والنھایة ( 3 . 155) ، مرویات خالفة معاویة ، خالد الغیث صـ 1/105مآثر األنافة ( 4 ) إسناده حسن .2/744فضائل الصحابة ( 5 ) .2/515) ، سنن أبي داود (3/879صحیح سنن أبي داود ( 6 ) .4/1720أحكام القرآن البن العربي ( 7 ) .12/201لي صحیح مسلم (شرح النووي ع 8

145

وال�دلیل عل�ى أن�ھ أح�د ـ وق�ال الح�افظ ب�ن كثی�ر ـ رحم�ھ هللا ـ : 3م��ن طری��ق س��فینة م��ولى 1الخلف��اء الراش��دین الح��دیث ال��ذي أوردن��اه ف��ي دالئ��ل النب��وة

ال : الخالفة بعدي ثالثون سنة ثم تكون ملكا ، وإنما ـرسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ق . 2لت الثالثون بخالفة الحسن بن عليكم

الفة أب�ي بك�ر الص�دیق س�نتین ـوكان�ت خ� ـ وقال ش�ارح الطحاوی�ة : 4وثالثة أشھر ، وخالفة عمر عش�ر س�نین ونص�فا ، وخالف�ة عثم�ان اثنت�ي عش�رة س�نة

. 3وخالفة علي أربع سنین وتسعة أشھر ، وخالفة الحسن ستة أشھرھ صلى هللا علیھ وسلم : ابني ھذا سید ، بعد ذكره لقول ـ وقال المناوي : 5

، قال : وكان ذلك فلم�ا بوی�ع 4ولعل هللا أن یصلح بھ بین فئتین عظیمتین من المسلمینل��ھ بع��د أبی��ھ وص��ار ھ��و اإلم��ام الح��ق م��دة س��تة أش��ھر تكمل��ة للثالث��ین س��نة الت��ي أخب��ر

. 5......المصطفى صلى هللا علیھ وسلم إنھا مدة الخالفة وبعدھا یكون ملكا ...ه صلى هللا ـ وقال ابن 6 حجر الھیثمي : ھو آخر الخلفاء الراشدین بنص جد

علیھ وسلم ، ولي الخالفة بعد قتل أبیھ بمبایعة أھل الكوفة ، فأقام بھا ستة أشھر وأیاما ، خلیفة حق وإمام عدل وصدق تحقیق�ا لم�ا أخب�ر ب�ھ ج�ده الص�ادق المص�دوق بقول�ھ :

، ف��إن تل��ك الس��تة األش��ھر ھ��ي المكمل��ة لتل��ك الثالث��ین ، 6ث��ون س��نةالخالف��ة بع��دي ثال . 7ام علیھا إجماع من ذكر ، فال مریة في حقیتھاـفكانت خالفتھ منصوصا علیھا وق

إن أھل الس�نة والجماع�ة یعتق�دون أن خالف�ة الحس�ن ب�ن عل�ي كان�ت خالف�ة حق�ة علیھ وسلم أن مدتھا س�تكون وأنھا جزء مكمل لخالفة النبوة التي أخبر النبي صلى هللا

8ثالثین سنة رابعا : خطب ال تصح للحسن بعد مقتل والده :

ونورد ھذا المبحث لمعرفة الباطل والتحذیر منھ كما قال الشاعر : عرفت الشر ال للشر ولكن لتوقیھ ومن ال یعرف الشر من الخیر یقع فیھ

طب ونسبوھا كذبا وبھتانا للحس�ن ب�ن وقد اخترع الشیعة الرافضة الكثیر من الخعل��ي رض��ي هللا عن��ھ وإلی��ك نم��اذج م��ن ذل��ك منھ��ا : .. أیھ��ا الن��اس : م��ن عرفن��ي فق��د عرفني ، ومن لم یعرفني ، فأنا الحسن بن علي . أنا البشیر ، أن�ا اب�ن الن�ذیر ، أن�ا اب�ن

لبی�ت ال�ذین الداعي إل�ى هللا ع�ز وج�ل بإذن�ھ وأن�ا اب�ن الس�راج المنی�ر ، وأن�ا م�ن أھ�ل اأذھب هللا عنھم الرجس وطھرھم تطھیرا ، والذین ، افت�رض هللا م�ودتھم ف�ي كتاب�ھ إذ

) . ف��اقتراف 22)) (الش��ورى ، آی��ة : وم��ن یقت��رف حس��نة ن��زد ل��ھ فیھ��ا حس��نایق��ول : ((

) .11/134البدایة والنھایة ( 1 ) .11/134البدایة والنھایة ( 2 . 545شرح الطحاویة صـ 3 ) .7/94البخاري ( 4 ) .2/409فیض القدیر ( 5 ) .2/397الصواعق المحرقة على أھل الرفض والضالل والزندقة ( 6 ) .2/397المصدر نفسھ ( 7 ) .2/748صحابة (عقیدة أھل السنة في ال 8

146

.. ث�م . ونسجوا خطبة ألب�ي األس�ود ال�دؤلي إل�ى أن ق�الوا : 1الحسنة مودتنا أھل البیتبك��ى حت��ى اختلف��ت أض��العھ ث��م ق��ال : وق��د أوص��ى باإلمام��ة بع��ده إل��ى اب��ن رس��ول هللا صلى هللا علیھ وسلم وابنھ وسلیلھ ووشبیھھ ف�ي خلق�ھ وھدی�ھ ، وإن�ي ألرج�و أن یجب�ر هللا بھ ما وھي ، ویسد ب�ھ م�ا ان�ثلم ویجم�ع ب�ھ الش�مل ویطف�ئ ب�ھ نی�ران الفتن�ة فب�ایعوه

لھا وتخلف ناس ممن كان یرى رأي العثمانیة وھرب�وا إل�ى ترشدوا ، فبایعت الشیعة ك، وذكروا رسائل مطولة من الحسن إلى معاویة ی�دعوه لبیعت�ھ وی�دلي بحجت�ھ 2معاویة

وأحقیتھ وھي ال تثبت من حیث السند والمتن وإنما ذك�رت ف�ي كت�ب الش�یعة الرافض�ة ب��ن عل��ي ف��ي العاری��ة م��ن األس��انید الص��حیحة ، المتعارض��ة م��ع م��ا ثب��ت ع��ن الحس��ن

، ویكف��ي أن تل��ك المراج��ع تح��دث فیھ��ا علم��اء وأھ��ل الس��نة وبین��وا زیفھ��ا 3خالفت��ھوبطالنھ��ا وأنھ��ا لیس��ت بحج��ة ف��ي مج��ال االعتق��اد واألحك��ام والعالق��ة ب��ین الص��حابة الك��رام ، ویكف��ي أن النص��وص الس��الفة ال��ذكر م��ن كت��اب مقات��ل الط��البیین واألغ��اني

وقد تحدث العلماء عن األصفھاني وكتاب�ھ وك�ذلك لألصفھاني ومن كتاب نھج البالغة نھج البالغة فقالوا :

ـ األصفھاني صاحب كتاب األغاني : 1یعتب��ر كت��اب األغ��اني ألب��ي ف��رج األص��فھاني كت��اب أدب وس��مر وغن��اء ومج�ون ول�یس كت��اب عل�م وت��اریخ وفق�ھ ول��ھ طن�ین ورن��ین ف�ي آذان أھ��ل األدب

ما فقالوا :والتاریخ ولقد تحدث العلماء فیھ قدیكان أب�و الف�رج األص�فھاني أك�ذب قال الخطیب البغدادي : •

الناس كان یشتري شیئا كثیرا من الصحف ، ثم تكون كل روایات�ھ منھا .

... ومثل�ھ ال یوث�ق بروایت�ھ ، یص�ح فی�ھ قال اب�ن الج�وزي : •كتبھ بما یوجب علیھ الفسق ، ویھون شرب الخم�ر ، وربم�ا حك�ى

ل كتاب األغاني ، رأى كل قبیح ومنك�رذلك عن نفسھ ، وم 4ن تأم.

رأیت شیخنا تقي الدین ابن تیمیة یضعفھ ویتھمھ قال الذھبي : • . 5في نقلھ ، ویستھول ما یأتي بھ

وقد تحدث عنھ بعض المعاصرین فقالوا :• مص��ادر فیلی��ب ق��ال األس��تاذ ش��وقي أب��و خلی��ل مقوم��ا

نص��ھ : واعتم��د حت��ى حت��ى ف��ي كتاب��ھ ت��اریخ الع��رب المط��ول م��ا كتاب األغاني لألصفھاني ، وھو لیس كتاب ت�اریخ یعتم�د أیض�ا ، إنھ كتاب أدب ، وھذا ال یعني مطلقا أن كل كتاب أدب ال یؤخذ ب�ھ ، ب��ل یعتم��د إن ك��ان ص��احبھ ثق��ة ، معروف��ا عن��ھ األمان��ة ف��ي النق��ل

. 52ـ 51مقاتل الطالبیین ألبي الفرج األصفھاني صـ 1 ) .1/121األغاني ألبي فرج األصفھاني ( 2 . 95إلى 90الوثائق السیاسیة واإلداریة العائدة للعصر األموي محمد ماھر حمادة صـ 3 ) .41، 7/40المنتظم ( 4 ) .3/123میزان االعتدال ( 5

147

وای��ة . إن كت��اب األغ��اني ال��ذي جعل��ھ حت��ى مرجع��ا تاریخی��ا والرمعتم��دا ، ص��احبھ م��تھم ف��ي أمانت��ھ األدبی��ة والتاریخی��ة ، ج��اء ف��ي میزان االعتدال في نقد الرجال : أن األصفھاني في كتابھ األغاني

ح�دثنا وأخبرن�ا . وم�ن یق�رأ األغ�اني ی�رى بان ی�أتي باألعاجی�ب ـكحی���اة العباس���یین لھ���وا ومجون���ا وغن���اء وش���رابا .. وھ���ذا یناس���ب

وحیاتھ ، ومن یرجع إل�ى كت�ب الت�اریخ الص�حیحة المؤلف وخیالھیجد صورة أخرى فیھ�ا عل�م وجھ�اد وأدب ، فكت�اب األغ�اني ل�یس

. 1كتاب تاریخ یحتج بھ.. وقال أبو عبیدة مشھور بن حسن آل مش�ھور : •

ھ�ام تفط�ن إلی�ھ بع�ض الب�احثین وھ�و أن أھ�واء رال بد من ذكر أمفیم�ا دون�ھ ف�ي كتاب�ھ ومیول أبي فرج الشیعیة لھا دور بارز ظھ�ر

ھذا ، قال الدكتور محمد أحمد خلف هللا في خاتمة كتابھ أبو الفرج األص��فھاني م��ا نص��ھ : ولق��د وقفن��ا عل��ى م��ا ألب��ي ف��رج م��ن می��ول وأھواء ، فیجب أن نح�ذر ھ�ذه المی�ول وھ�ذه األھ�واء كلم�ا حاولن�ا

ا خل�ف الرج�ل م�ن مروی�ات ، فق�د یك�ون الرج�ل ـاالعتماد عل�ى م�ال ، وق��د یك��ون ص��احب غ��رض وھ��وى ، ول��یس یخف��ى أن مض��ل

لألھواء حكمھا في التاریخ ، وھو حكم قد یملي رغبتھ ال في ذك�ر وأخیرا لماذا ھذا التح�ذیر 2األخبار فحسب وإنما أیضا في الكتمان

؟ وق�د یتس��اءل ال��بعض : لم��اذا ھ��ذا التفص�یل ف��ي التح��ذیر م��ن ھ��ذا ذیر ألسباب كثیرة ھي :الكتاب ؟ والجواب : كان ھذا التح

لشھرة ھذا الكتاب وصیتھ الذائع .أ ـ العتماد كثیر من أھل التغریب علیھ .ب ـ

لم��ا ح��واه م��ن أخب��ار فیھ��ا ق��دح ف��ي اإلس��الم والص��حابة والخلف��اء وال��والة ج��ـ ـ الصالحین العادلین .

لحرص غیر واحد من المعاصرین على إظھار ما فیھ على أنھ حق وصدق د ـ كتب في ذلك وحرص علیھ شفیق جبري ف�ي كت�اب دراس�ة األغ�اني ال�ذي ، وقد

وضعھ بتشجیع من طھ حسین والخالصة أن ھذا الكت�اب عل�ى ال�رغم م�ن قیمت�ھ اذ ، إال أن أخباره ومادتھ تحتاج إلى وقفات ونق�دات 3األدبیة وأسلوبھ القوي األخ

. * قال األستاذ ولید األعظم�ي ف�ي كتاب�ھ الس�یف الیم�اني ف�ي

د كالم : من ھنا ب�دأت أنظ�ر إل�ى كت�اب ـفي مقدمة كتابھ بع نحر األصفھانياألغ���اني نظ���رة جدی���دة ، ورجع���ت إل���ى كت���ب التض���عیف ، والتوثی���ق والج���رح والتع�دیل ، فوج�دت األص��فھاني رج�ال غی��ر م�أمون ، وال یوث�ق ب��ھ عن�د علمائن��ا

. 187تى في كتابھ تاریخ العرب المطول صـ موضوعیة فیلیب ح 1 ) .2/30، كتب حذر منھا العلماء ( 235أبو الفرج األصفھاني صـ 2 ) .31، 2/30كتب حذر منھا العلماء ( 3

148

صین وسلخت من عمري س�نتین ك�املت ین متفرغ�ا لكت�اب األجالء المدققین الممحد كل خبر من أخباره ، حت�ى فلی�ت ـنصوصھ ، وأقوالھ ، وأقف عن األغاني أتمل

س���طوره وكلمات���ھ ، واس���تخرجت قمل���ھ م���ن ب���ین ش���عراتھ، واص���طبرت علی���ھ اص��طبار المجاھ��دین الم��رابطین عل��ى الثغ��ور ، فرأی��ت نی��ران الش��عوبیة والحق��د

��ھ إلین��ا ، وھ��ي تغل��ي ف��ي الص��دور كغل��ي الق��دور ، وش��عر ت بنب��ال األع��داء تتوج وسھامھم تنثال علینا ، ورددت قول الشاعر :

لو كان سھما واحدا التقیتھ ولكنھ سھم وثان وثالث

الھ��زل م��ن الج��د والس��م م��ن الش��ھد ، .. ورح��ت فش��مرت ع��ن س��اعد الج��د ألمی��زم ف�ي كت�ب نق�د أفحص رجال السند الذین روى ع�نھم األص�فھاني ، وبحث�ت ع�نھ

الرجال ، وقرأت ما جاء فیھم من أقوال ، فوجدت فیھم كل داھی�ة دھی�اء ، وبلی�ة س��وداء عمی��اء م��ن الك��ذابین والمج��روحین والمطع��ون عل��یھم ، فعزل��ت أولئ��ك الكذابین وعرفت بھم ، ثم رحت أحصي روایات األصفھاني ع�ن ك�ل واح�د م�ن

ئ��ك الك��ذابین والروای��ة ع��نھم ، ھ��ؤالء ، وھ��الني م��ا رأی��ت م��ن االعتم��اد عل��ى أولواالستقاء من دالئھم ، واالستضاءة بنارھم ورأیت نفسي ف�ي واد س�حیق رھی�ب ، ودخل��ت ف��ي كھ��ف مظل��م كئی��ب وإذا ك��ان أولئ��ك ال��رواة یك��ذبون ف��ي روای��ة ع�وا إل�ى م�ذاھب الحدیث النبوي الشریف ، فكیف بھم في أخب�ار الن�اس وق�د تور

ھواء والمشارب والمنافع ، وتتقاذف بھم المقاص�د وفرق وطوائف ، تتجاذبھم األواألھ���داف ؟ وإذا ك���ان األغن���اني كت���اب أدب وس���مر وغن���اء ول���یس كت���اب عل���م وت��اریخ وفق��ھ ، فل��یس معن��ى ذل��ك أن نس��كت عم��ا ورد فی��ھ م��ن ال��دس والك��ذب الفاضح والطعن والمعایب ، وق�د جم�ع فی�ھ األص�فھاني كثی�ر م�ن أخب�ار الس�یرة

واألدب إلى أن قال .. واحت�وى الفص�ل الث�اني أخب�ارا وحكای�ات والتفسیر والفقھ أوردھ��ا األص��فھاني ع��ن آل البی��ت النب��وي الش��ریف ، وھ��ي أخب��ار تس��ئ إل��یھم ، ه س��لوكھم ، وت��وھن أم��رھم بم��ا یواف��ق ھ��وى آل بوی��ھ وتج��رح س��یرتھم ، وتش��و

خب�ار وعلق�ت الذین یزعمون الوالء آلل البیت كذبا وزورا ، وقد ناقش�ت تل�ك األعل���ى ك���ل حكای���ة بم���ا یناس���بھا .. وجعل���ت الفص���ل الراب���ع لألخب���ار والحكای���ات المتفرق��ة الت��ي طع��ن فیھ��ا األص��فھاني بالعقائ��د اإلس��المیة ، ولع��ن دی��ن اإلس��الم وتفضیل الجاھلیة على اإلسالم ، مع الكفر الب�واح واالس�تخفاف بالص�الة والح�ج

وإش�ادة ب�الفرس ، وطع�ون مختلف�ة ب�أعالم ویوم القیامة ، مع دفاع عن البرامك�ة 1العرب والمسلمین ، وناقشت كل تلك األخبار ، وعلقت علیھا بما یناس�ب أیض�ا

. إلى أن قال في الخاتمة : بعد ھذه الجولة الواسعة في كتاب األغاني ألب�ي ف�رج األصفھاني ، والوقوف عند أخباره ومناقشتھا والتعلی�ق علیھ�ا ، أرج�و أن یك�ون

ق��رئ الك��ریم ق��د تب��ین مقاص��د ھ��ذا الش��عوبي الحاق��د اللئ��یم ، وق��د غضض��ت النیعة ال یكتبھ�ا أش�د الن�اس ع�داوة ـوصرفت القلم ع�ن أخب�ار فظیع�ة وحكای�ات ش�

وبغض��ا للع��رب والمس��لمین ، فق��د اتھ��م كثی��را م��ن أعالمھ��م باللواط��ة ، وك��ریم بیح الفعال ، متسترا نسائھم بالسحاق ، وألصق بھم السخائم من ذمیم الخصال وق

. 13ـ 10السیف الیماني صـ 1

149

بظالل األدب والسمر والمذاكرة والمؤانسة ، كأن ذلك ال یحصل إال بش�تم س�لف . 1ھذه األمة المجیدة في تاریخھا وخلقھا

رك��ز التغری��ب والغ��زو الثق��افي عل��ى وق��ال أن��ور الجن��دي : •كتابي األغاني وألف لیلة تركیزا شدیدا بھ�دف رفعھم�ا إل�ى مرتب�ة

س����یة الت����ي یعتم����د علیھ����ا ف����ي تص����ویر المجتم����ع المراج����ع األسااإلسالمي ، مع تجاھل عیوب الكتابیین التي تح�ول دون اعتمادھ�ا في المصادر الموثوق بھا أما األول ، فكاتبھ شعوبي عدو لإلس�الم وأما الث�اني ، فھ�و كت�اب لق�یط ل�یس مؤل�ف ، أم�ا كت�اب األغ�اني ،

و ف���رج فھ��و موس���وعة ف���ي بض��ع وعش���رین مجل���دا ، وض��عھا أب���األصفھاني لیسامر بھا األمراء والفارغین من المترفین في أسمار اللیل ، ولم یقصد بھا إلى العلم أو التاریخ ، وك�ان األص�فھاني ف�ي نفسھ إنسانا رافضا لمجتمع المسلمین والع�رب ، ول�ھ والء بالمول�د والفكر جمیعا إلى خصوم المسلمین والباطنیة والرافض�ة وغی�رھم

ن عمل��ھ ھ��ذا إال نوع��ا م��ن الح��رب العنیف��ة الت��ي ش��نتھا ، ول��م یك��الشعوبیة على اإلسالم والمسلمین ، رغبة في ھدم فك�رھم كوس�یلة إل��ى ھ��دم مج��تمعھم وق��د ح��رص التغری��ب وأص��حابھ نظری��ة النق��د األدب��ي الغرب��ي الواف��دة عل��ى إلق��اء األض��واء الس��اطعة عل��ى ھ��ذا

سات األدبیة ومص�درا الكتاب وإحیائھ ، واعتباره مرجعا في الدرالتصویر المجتمع اإلسالمي ، وكان ال�دكتور ط�ھ حس�ین ج�زاه هللا

و أھلھ من أبرز من دعوا إل�ى ذل�ك وألح�وا علی�ھ ، فق�د عم�د ـبما ھإلى األغاني نفسھا ، فأصدر اعتمادا عل�ى قصص�ھا أحكام�ا زائف�ة عل��ى مجتم��ع المس��لمین وت��اریخھم أراد بھ��ا المس��اھمة ف��ي عملی��ة

ب الض��خمة والت��ي كان��ت تج��ري ف��ي الثالثینی��ات م��ن ھ��ذا التغری��وقال : على أن أقل مواجھة لسیرة األصفھاني تكشف ع�ن 2القرن

أنھ كان من الش�عوبیین ، وق�د ع�رف بالتحای�ل واإلغ�راق ، وأثب�ت كثیر من الباحثین والمؤرخین أنھ لم یكن مؤرخ�ا وأك�دوا أن كتاب�ھ

ھو جماع لقص�ص وج�دھا ال یصلح ألن یكون مادة تاریخ ، وإنماف��ي الكت��ب واألس��واق وأراد بھ��ا أن یس��جل لألغ��اني والمغنی��ین ، وھ��و جان��ب واح��د ف��ي حی��اة المجتم��ع اإلس��المي الحاف��ل بالجوان��ب السیاسیة واالجتماعیة والفقھیة والصوفیة ، وقد ش�ھد علی�ھ الكثی�ر م��ن معاص��ریھ ومؤرخی��ھ ب��اإلنحراف ودمغ��ھ الم��ؤرخ الیوس��في

يظر العلماء كمصدر موثوق بھ ، إذ ق�ال : إن أب�بشھادة ھي في نالفرج أكذب الناس ، ألنھ كان یدخل سوق الورقین وھ�ي ع�دة م�ن الدكاكین مملوءة بالكتب ، فیشتري منھ�ا ش�یئا كثی�را ف�ي الص�حف

. 264السیف الیماني صـ 1 ) .2/38، كتب حذر العلماء منھا ( 100مؤلفات في المیزان صـ 2

150

، وذك��ر عن��ھ 1ویحملھ��ا إل��ى بیت��ھ ، ث��م تك��ون روایات��ھ كلھ��ا منھ��اقرة الخم�ر ، وح�ب صاحب معجم األدباء قولھ : كان شأنھ في مع�ا

الغلمان ، ووصف النساء ش�أن الش�عراء واألدب�اء ال�ذین ك�انوا ف�ي م���ارین ، وجلھ���م م���ن خعص���ره أو قبل���ھ ، حی���ث یق���دم دھ���اقین ال

النص��ارى والیھ��ود والص��ابئین والمج��وس ، وق��د ع��رف بمعاقرت��ھ .. ث�م ق�ال أن�ور 2للخمر ولم تك�ن ل�ھ عنای�ة بتنظی�ف جس�مھ وثیاب�ھ

ی��ف یص��لح مث��ل ھ��ذا الكت��اب مرجع��ا ف��ي الجن��دي : ولس��ت أدري كن على رأي أو قول ، ولقد عودتن�ا ـنظر الباحثین أو یمكن أن یؤتم

من��اھج الفك��ر اإلس��المي أن تنظ��ر إل��ى كاتب��ھ ، ف��إن وج��دناه كریم��ا أمین���ا موض���ع تق���دیر الن���اس بالص���دق والح���ق ، قبلن���ا من���ھ ، وإال

ت عنوان ، ثم قال تح 3رفضنا ما یقدمھ ولو كان صادقا في بعضھكت��اب مجن��ون وخالع��ة م��ا نص��ھ : فق��د ك��ان األص��فھاني مس��رفا ، أشنع في اإلسراف في الملذات والشھوات ، وقد كان لھ�ذا الجان�ب في تكوینھ الخلقي أثر ظاھر في كتابھ ، ف�إن كت�اب األغ�اني أحف�ل كت���اب بأخب���ار الخالع���ة والمج���ون ، وھ���و ح���ین یع���رض للكت���اب

ب الض��عیفة ف��ي أخالقھ��م الشخص��یة والش��عراء یھ��تم بس��رد الجوان��ویھم��ل الجوان��ب الجدی��ة إھم��اال ظ��اھرا ی��دل عل��ى أن��ھ ك��ان قلی��ل العنایة بتدوین أخب�ار الج�د والرزان�ة والتجم�ل واالغتس�ال ، وھ�ذه الناحی��ة م��ن األص��فھاني أفس��دت كثی��را م��ن آراء الم��ؤلفین ال��ذین

ریخ اعتمدوا علیھ ، ونظرة فیم�ا كتب�ھ جرج�ي زی�دان ف�ي كتاب�ھ ت�اآداب اللغة العربیة ، وما كتبھ طھ حسین في حدیث األربعاء تكفي لالقتناع بأن االعتماد على كتاب األغاني ج�ر ھ�ذین الب�احثین إل�ى الح�ط م��ن أخ��الق الجم��اھیر ف��ي عص��ر الدول��ة العباس��یة ، وحملھ��ا على الحكم بأن ذل�ك العص�ر ك�ان عص�ر فس�ق وش�ك ومج�ون وال

ب���ع س���قطات الش���عراء وتلم���س ش���ك أن إكث���ار األص���فھاني م���ن تتھفوات الكتاب جعل في كتابھ جوا مشبعا ب�أوزار اإلث�م ، والغوای�ة ، وأذاع ف���ي الن���اس فك���رة خاطئ���ة ھ���ي اقت���ران العبقری���ة ب���الترف

. إن الخط��ر ك��ل الخط��ر أن یطم��ئن الب��احثون إل��ى أن 4والط��یشلروای���ات األغ���اني قیم���ة تاریخی���ة ، وأن یبن���وا عل���ى أساس���ھا م���ا

ن حقائق التاریخ ، ولقد كان م�ن أخط�ر أعم�ال التغری�ب یثیرون مھو توجی�ھ الب�احثین إل�ى اتخ�اذ األغ�اني مص�درا لدراس�ة المجتم�ع اإلس��المي ، بینم��ا قص��ر عن��د جان��ب واح��د ھ��و جان��ب اللھ��و ، ول��م یتعرض للجوانب األخرى الجادة في المجتمع وھي متعددة ، ومن

حی��اة اإلس��المیة ف��ي ھن��ا ی��وحي ح��ین االعتم��اد علی��ھ كمص��در أن ال

) .2/38تب حذر العلماء منھا (ك 1 ) .5/153معجم األدباء ( 2 . 103إلى 100مؤلفات في المیزان صـ 3 ) .2/40نقال عن كتب حذر العلماء منھا ( 103إلى 100المصدر نفسھ صـ 4

151

القرن الثاني الھجري كانت لھ�وا ، وھ�و م�ا ص�رح ب�ھ ط�ھ حس�ین ورده الكثی��رون وكش��فوا زیف��ھ .. ك��ذلك اعتم��د المستش��رق الم��نس على كتاب األغاني ف�ي كتاب�ھ ت�اریخ بن�ي أمی�ة ، وك�ذلك م�ا أورده المستش���رق فلھ���وزن ف���ي كتاب���ھ ((الدول���ة العربی���ة وس���قوطھا))

نور أن یدافع ع�ن األص�فھاني فیس�أل : أفم�ن ویحاول جبور عبد الالض��روري إن ك��ان الم��ؤرخ فاس��قا أو مس��رفا یتتب��ع اإلس��راف ف��ي

خ���ا وأال یك���ون ص���ادقا فیم���ا رالل���ذات والش���ھوات أن ال یك���ون مؤی���روي أو یق���ول أو یكت���ب ؟ ونح���ن نق���ول ل���ھ : نع���م ، ف���ي فكرن���ا

ر آخ�ر ، اإلسالمي ، فإن لم یكن في الفكر الغربي ك�ذلك ، فھ�ذا أم�إن فكرنا اإلسالمي وضع قواعد البحث والنقد والعل�م عل�ى أس�اس االرتباط الجذري بین علم الباح�ث وشخص�یتھ ، ف�إن ك�ان منحرف�ا في حیاتھ ، مضطربا في شخصیتھ ، بعیدا ع�ن األخ�الق وال�دین ، ف��نحن نرفض��ھ مص��درا علمی��ا وال نقب��ل ل��ھ ش��ھادة ، واألص��فھاني

اره وخصومھ عل�ى الس�واء مھ�دور ال�رأي بشھادة الجمیع من أنصساقط الشھادة ، وإن فسقھ الشخصي قد أدخل كثیرا من ھواه عل�ى ما أورده ، فضال عن انحرافھ الفكري والعقائدي واالجتماعي مما

ب األغ�اني ل�یس مرجع�ا ایفسد آراءه إفسادا ، باإلضافة إل�ى أن كت�تب�ت لتزجی�ة ف�راغ علمیا ، ولكنھ من كتب التس�لیة والس�مر الت�ي ك

بعض المترفین ، ومن ھنا فإنھ ال یص�لح أساس�ا كمص�در للعل�م أو . ولق��د ك��ان لھ��ذا الكت��اب أث��ر 1مرجع��ا للبح��ث ف��ي األدب والت��اریخ

كبیر في تشویھ تاریخنا ولذلك وجب التحذیر منھ . ـ نھج البالغة : 2ج البالغ�ة ، من الكتب التي ساھمت في تشویھ تاریخ الصحابة بالباطل كت�اب نھ�

فھذا الكتاب مطعون في سنده ومتنھ ، فقد جمع بعد أمی�ر الم�ؤمنین بثالث�ة ق�رون ونصف بال سند ، وقد نسبت الشیعة الرافض�ة ت�ألیف نھ�ج البالغ�ة إل�ى الش�ریف الرضي وھ�و غی�ر مقب�ول عن�د المح�دثین ل�و أس�ند خصوص�ا فیم�ا یواف�ق بدعت�ھ

ا المتھم ـ عند المحدثین ـ بوضع النھج فكیف إذا لم یسند كما فعل في النھج ؟ وأم ، فقد تحدث العلماء فیھ فقالوا : 2فھو أخوه علي

الش��ریف المرتض��ى : وق��د ق��ال اب��ن خلك��ان ف��ي ترجم��ة •اختل��ف الن��اس ف��ي كت��اب نھ��ج البالغ��ة المجم��وع م��ن ك��الم اإلم��ام

أخی��ھ جم��ععل��ي ب��ن أب��ي طال��ب رض��ي هللا عن��ھ ھ��ل جمع��ھ ؟ أم یس م�ن ك�الم عل�ي ، وإنم�ا ال�ذي جمع�ھ الرضي ؟ وقد قیل : إن�ھ ل�

وهللا أعلم . 3ونسبھ إلیھ ھو الذي وضعھ

. 103إلى 100مؤلفات في المیزان صـ 1 . 53األدب اإلسالمي ، نایف معروف صـ 2 ) .3/134الوفیات ( 3

152

ضى أبي طالب علي ب�ن حس�ین تفي ترجمة المروقال الذھبي •ھ�ـ : ھ�و ج�امع كت�اب نھ�ج 436بن موسى الموسوي المتوفى سنة

البالغ��ة المنس��وبة ألفاظ��ھ إل��ى اإلم��ام عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ، وال ط��ل وفی��ھ ح��ق ، لك��ن فی��ھ موض��وعات أس��انید ل��ذلك ، وبعض��ھا باا ، ولك�ن ، أی�ن المنص�ف ؟ وقی�ل : ب�ل ـحاشا اإلمام من النط�ق بھ�

ض��ي وق��ال أیض��ا : وف��ي توالیف��ھ س��ب 1جم��ع أخی��ھ الش��ریف الرأصحاب رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم ، فنع�وذ ب�ا� م�ن عل�م ال

نھ�ج ، وقال أیض�ا ف�ي ترجمت�ھ : وھ�و الم�تھم بوض�ع كت�اب 2ینفعالبالغ��ة ، ول��ھ مش��اركة قوی��ة ف��ي العل��وم ، وم��ن ط��الع كتاب��ھ نھ��ج البالغة ، جزم بأن�ھ مك�ذوب عل�ى أمی�ر الم�ؤمنین عل�ي رض�ي هللا عنھ ، ففیھ الس�ب الص�راح والح�ط عل�ى الس�یدین أب�ي بك�ر وعم�ر رضي هللا عنھما ، وفیھ من التناقض واألشیاء الركیكة والعبارات

فس القرشیین الصحابة ، وبنفس غیرھم مم�ن التي من لھ معرفة بن . 3بعدھم من المتأخرین ، جزم بأن الكتاب أكثره باطل

: .. وأیض��ا ، ف��أكثر الخط��ب الت��ي ینقلھ��ا وق��ال اب��ن تیمی��ة •صاحب نھج البالغة ، بذلك الكالم ، ولكن ھؤالء وضعوا أكاذی�ب وظنوا أنھ�ا م�دح ، ف�ال ھ�ي ص�دق وال ھ�ي م�دح ، وم�ن ق�ال : إن

م عل��ي وغی��ره م��ن البش��ر ف��وق ك��الم المخل��وق ، فق��د أخط��أ ، ك��الوكالم النبي صلى هللا علیھ وسلم فوق كالمھ ، وكالھما مخلوق .. وأیضا فالمعاني الصحیحة التي توجد ف�ي ك�الم عل�ي موج�ودة ف�ي كالم غی�ره ، لك�ن ص�احب نھ�ج البالغ�ة وأمثال�ھ أخ�ذوا كثی�را م�ن

ومن�ھ م�ا یحك�ى ع�ن عل�ي أن�ھ كالم الناس فجعلوه من كالم علي ،تكلم بھ ، ومنھ ما ھو كالم حق یلیق بھ أن یتكلم بھ ، ولكن ھو في نف��س األم��ر م��ن ك��الم غی��ره ، ولھ��ذا ، یوج��د ف��ي ك��الم "البی��ان والتبیین" للجاحظ وغیره من الكتب كالم منق�ول ع�ن غی�ر عل�ي ، وصاحب "نھج البالغة" یجعلھ ع�ن عل�ي ، وھ�ذه الخط�ب منقول�ة

في كتاب نھج البالغة لو كانت كلھا عن عل�ي م�ن كالم�ھ ، لكان�ت موجودة قبل ھذا المصنف ، منقولة عن علي باألس�انید وبغیرھ�ا ، فإذا عرف من لھ خبرة بالمنقوالت أن كثی�را منھ�ا ((ب�ل أكثرھ�ا)) ال یعرف قبل ھذا علم أن ھذا كذب ، وإال فلیبین الناقل لھ�ا ف�ي أي

ك ، وم��ن ال��ذي نقل��ھ ع��ن عل��ي ، وم��ا أس��ناده ؟ وإال كت��اب ذك��ر ذل��فالدعوة المجردة ال یعجز عنھا أحد ، وم�ن ك�ان ل�ھ خب�رة بمعرف�ة طریق��ة أھ��ل الح��دیث ومعرف��ة اآلث��ار والمنق��ول باألس��انید وتب��ین

) .1/200) ، المیزان (2/250كتب حذر منھا العلماء ( 1 ) .590، 17/589سیر أعالم النبالء ( 2 ) .4/223) ، لسان المیزان (3/124میزان االعتدال ( 3

153

صدقھا من كذبھا ، علم أن ھؤالء الذین ینقلون مثل ھ�ذا ع�ن عل�ي . 1ییز بین صدقھا وكذبھامن أبعد الناس عن المنقوالت ، والتم

أخرج البخاري عن علي رض�ي هللا :وقال العالمة المقبلي •عنھ أنھ قال : اقضوا كما كنتم تقضون ، فإني أك�ره الخ�الف حت�ى یكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي . قال : وكان ابن س��یرین ی��رى عام��ة م��ا ی��رون ع��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ك��ذبا ،

رحم�ھ هللا ، ف�إن ك�ل قل�ب س�لیم ، وعق�ل غی�ر وصدق ابن س�یرینزائغ عن الطریق القویم ، ولب تدرب في مقاصد سالكي الصراط المستقیم ، یشھد بكذب كثیر مما في نھج البالغ�ة ال�ذي ص�ار عن�د الشیعة عدیل كتاب هللا بمجرد الھوى الذي أصاب كل ع�رق م�نھم

ا ذل�ك إل�ى ومفصل ، ولیتھم سلكوا مسلك جالمید الناس ، وأوصلوعلي بروایة تسوغ عند الناس ، وجادلوا ع�ن رواتھ�ا ، ولك�ن ، ل�م

. 2یبلغوا بھا مصنفھاویمك��ن تلخ��یص أھ��م م��ا الحظ��ھ الق��دامى والمح��دثون عل��ى نھ��ج

البالغة للتشكیك بصحة نسبتھ لإلمام علي بما یلي :ه م��ن األس��انید التوثیقی��ة الت��ي تع��زز نس��بة الك��الم إل��ى ص��احبھ • خل��و

روایة وسندا .متنا و

كثرة الخطب وطولھا ، ألن ھذه الكث�رة وھ�ذا التطوی�ل مم�ا یتع�ذر • حفظھ وضبطھ قبل عصر التدوین .

رصد العدید من األقوال والخطب في مصادر وثیقة منس�وبة لغی�ر • علي رضي هللا عنھ ، وصاحب النھج یثبتھا لھ .

لھ بم�ا ال اشتمال ھذا الكتاب على أقوال تتناول الخلفاء الراشدین قب •یلیق بھ وال بھما ، وتنافي ما عرف عنھ من توقیره لھما باألس�انید الص����حیحة ، وم����ن أمثل����ة ذل�����ك م����ا ج����اء بخطبت����ھ المعروف�����ة بـ"الشقشقیة" التي یظھر فیھا حرصھ الشدید عل�ى الخالف�ة ، رغ�م

شھر عنھ من التقشف والزھد .ما الكث�رة ال تتف�ق شیوع السجع فیھ ، إذ رأى عدد من األدباء أن ھذه •

مع البعد عن التكلف الذي عرف بھ عصر اإلم�ام عل�ي رض�ي هللا روح��ھ نعن��ھ ، م��ع أن الس��جع العف��وي الجمی��ل ل��م یك��ن بعی��دا ع��

ومبناه .الكالم المنمق الذي تظھر فیھ الصناعة األدبیة التي ھي م�ن وش�ي •

العص���ر العباس���ي وزخرف���ھ ، م���ا نج���د ف���ي وص���ف الط���اؤوس النحل والنمل ، والزرع والسحاب وأمثالھا .والخفاش ، و

) .2/256) كتب حذر العلماء منھا (56ـ 8/55منھاج السنة ( 1 ) .2/251، كتب حذر العلماء منھا ( 237العلم الشامخ صـ 2

154

الصیغ الفلسفیة والمقاالت الكالمیة التي وردت ف�ي ثنای�اه ، والت�ي •ل��م تع��رف عن��د المس��لمین إال ف��ي الق��رن الثال��ث الھج��ري ، ح��ین ترجمت الكتب الیونانیة والفارسیة والھندیة ، وھي أشبھ م�ا تك�ون

1صحابة والراشدینبكالم المناطقة والمتكلمین منھ بكالم المن��ھ ف��ي الح��دیث ع��ن الص��حابة وم��ن إن ھ��ذا الكت��اب یج��ب الح��ذر

اد االستفادة منھ فعلیھ أن یعرض المسائل العقائدیة وحدیث�ھ ع�ن أرالصحابة واألحكام التي فیھ على كتاب هللا وسنة رس�ول هللا ص�لى

ا وافق الكتاب والسنة ، فال م�انع م�ن االس�تئناس ـهللا علیھ وسلم فم وما خالف فال یلتفت إلیھ . بھ

لقد نقل صاحب كتاب الوثائق السیاس�یة واإلداری�ة العائ�دة للعص�ر األموي خطبا ورسائل وحوارات للحس�ن ب�ن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب م��ع معاوی��ة رض��ي هللا عن��ھ والمتعلق��ة بخالفت��ھ وعھ��ده أكثرھ��ا ال

، واعتم��د عل��ى مص��ادر ض��عیفة واھی��ة ، كاألغ��اني ونھ��ج 2یص��حوغیرھ���ا م���ن الكت���ب الت���ي ال یمك���ن لطال���ب عل���م یحت���رم البالغ���ة

الحقیقة العلمیة والموضوعیة والحیادیة أن یعتمد علیھا في البح�ث التاریخي الجاد الذي یراد بھ وجھ هللا تعالى .

المبحث الثاني : أھم صفاتھ وحیاتھ في المجتمع :

أوال أھم صفاتھ : عن��ھ تعتب��ر شخص��یة إن شخص��یة الحس��ن ب��ن عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب رض��ي هللا

�فات : قیادیة ، وقد اتصف رضي هللا عنھ بص�فات القائ�د الرب�اني ، فم�ن أھ�م ھ�ذه الص�دق ، إیمانھ العظیم با� والیوم اآلخر ، والعلم الشرعي ، والثقة با� ، والق�دوة ، والص

ھ��د ، وح��ب التض��حیة ، والتواض�� ع ، وقب��ول والكف��اءة ، والش��جاعة ، والم��روءة ، والز��ة ، والح��زم ، واإلدارة القوی��ة ، والع��دل ، ��بر ، وعل��و الھم النص��یحة ، والحل��م والصفات ، وبس�بب م�ا أودع هللا فی�ھ م�ن والقدرة على حل المشكالت ، وغیر ذلك من الصصفات القیادة الربانی�ة اس�تطاع أن یق�دم مش�روعھ اإلص�الحي م�ع قدرت�ھ عل�ى التنفی�ذ

لعوائ�ق ف�ي الطری�ق وتوج�ت جھ�وده الف�ذة بوح�دة األم�ة وم�ن أھ�م تل�ك والتغلب على افات التي نحاول تسلیط األضواء علیھا ھي : الص

ـ العلم : 1تربى الحسن في بی�ت النب�وة ، فت�أثر بج�ده ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ووالدت�ھ الس�یدة

م�ا كبی�را ، فاطمة في طفولتھ واستفاد من والده العلم الغزی�ر ، فق�د اھ�تم ب�ھ اھتماوكان أمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ یعلم الناس كت�اب هللا وم�ن بی�نھم أبنائ�ھ ومنھم أمیر المؤمنین الحسن والحسین فتعلموا منھ منھجھ لبی�ان الحك�م الش�رعي وطریقتھ في االستنباط والتي كانت مالمحھ�ا ، االلت�زام بظ�اھر الق�رآن الك�ریم ،

. 55، 54اإلسالمي صـ األدب 1 . 100إلى 76الوثائق السیاسیة واإلداریة العائدة للعصر األموي صـ 2

155

حم���ل المجم���ل عل���ى المفس���ر ، والعل���م بالناس���خ حم���ل المطل���ق عل���ى المقی���د ، ور ، والس�ؤال ع�ن ـوالمنسوخ ، والنظر ف�ي لغ�ة الع�رب ، وفھ�م ال�نص ب�نص آخ�

مش��كلھ ، والعل��م بمناس��بة اآلی��ات ، وتخص��یص الع��ام ، ومعرف��ة ع��ادات الع��رب وأحوالھم ، وقوة الفھم وسعة اإلدراك ، وكان الق�رآن الك�ریم ل�ذلك الجی�ل وم�نھم

ھو المنھج التربوي ومع ھدي النبي صلى هللا علیھ وسلم فكان�ت الحسن بن علي لآلی��ات القرآنی��ة الكریم��ة الت��ي س��معھا م��ن وال��ده أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي أثرھ��ا ف��ي علمھ وصیاغة شخصیتھ ، فقد تطھر قلبھ وزكت نفسھ ، وتفاعلت مع�ھ روح�ھ ،

عل�یھم فأبصر الحقائق الكبرى في عالم الوجود ، وك�ان م�ن ش�یوخھ ال�ذین حف�ظ ة أب��و عب��د ال��رحمن الس��لمي ، مق��ري ع��الق��رآن الك��ریم عب��د هللا ب��ن حبی��ب ب��ن ربی

الكوفة وكان ألبیھ ص�حبة روى ع�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ وعب�د هللا ب�ن مس�عود وعثمان بن عفان وقد أخذ القراءة عنھ عاصم وعطاء والحسن والحس�ین رض�ي

بالعش��ي وك��ان فقیھ��ا هللا ع��نھم وك��ان یق��رئ عش��رین آی��ة بالغ��داة وعش��رین آی��ة، 1وتوفي في الكوفة ف�ي خالف�ة عب�د المل�ك ب�ن م�روان وك�ان ثق�ة كثی�ر الح�دیث

وع��ن عب��د هللا ب��ن المب��ارك ع��ن عط��اء ب��ن الس��ائب ق��ال : دخلن��ا عل��ى أب��ي عب��د الرحمن السلمي ـ وھو یقضي أي ینزع ف�ي المس�جد ، فقلن�ا ل�ھ : ل�و تحول�ت إل�ى

ال : ال ـف�الن أن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ق�. قال : ح�دثني 2الفرش فإنھ أوثر، وفي روای�ة اب�ن س�عد 3یزال أحدكم في صالة ما دام في مصآله ینتظر الصالة

: المالئكة تقول : اللھم اغفر لھ ، اللھم أرحمھ . ق�ال أب�و عب�د ال�رحمن الس�لمي : آن ، وك��ان منھج��ھ رحم��ھ هللا ف��ي تعل��یم الق��ر 4أن أم��وت وأن��ا ف��ي مس��جدي دفأری��

الكریم منھج الصحابة الكرام ، فعن أبي عبد الرحمن السلمي ق�ال : ح�دثنا ال�ذین كانوا یقرئونن�ا الق�رآن ـ كعثم�ان ب�ن عف�ان ، وعب�د هللا ب�ن مس�عود ، وغیرھم�ا :

م یتجاوزھ�ا ـأنھم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم عش�ر آی�ات ، ل�لم ، والعمل ، قالوا : فتعلمنا الق�رآن والعل�م ، والعم�ل حتى یتعلموا ما فیھا من الع

، ویعتب��ر أب��و عب��د ال��رحمن 5جمیع��ا ، ولھ��ذا ك��انوا یبق��ون م��دة ف��ي حف��ظ الس��ورةالسلمي شیخ الحسن بن علي في القرآن الكریم من أشھر تالمیذ عثمان بن عف�ان

ظ وفھ��م وق��د س��ار الحس�ن ب��ن عل��ي عل��ى نف�س الطریق��ة ف��ي حف�� 6رض�ي هللا عن��ھ والعمل بالقرآن الكریم .

نظرة أمیر الم�ؤمنین الحس�ن � والك�ون والحی�اة • والجنة والنار :

ق��د ع��رف الحس��ن م��ن خ��الل الق��رآن الك��ریم وتربی��ة وال��ده أمی��ر الم��ؤنین عل��ي م��ن ھ��و اإلل��ھ ال��ذي یج��ب أن یعب��ده ، فأص��بحت نظ��رة

ة والن�ار الحسن بن علي إلى هللا عز وجل ـ والكون ، والحیاة ، والجن�

) .2/173) ، الطبقات (184ـ 5/183تھذیب التھذیب ( 1 أوثر : أوطأ . 2 . 142ـ 141صـ 420كتاب الزھد ، رقم 3 ) .6/174/175الطبقات الكبر ( 4 ) .13/177الفتاوى ( 5 . 25م المنان في سیرة عثمان بن عفان صـ تیسیر الكری 6

156

، والقضاء والقدر ، وحقیقة اإلنسان ، وصراعھ مع الشیطان مس�تمدة ن القرآن الكریم وھدي النبي صلى هللا علیھ وسلم .ـم

ف��ا� س��بحانھ وتع��الى من��زه ع��ن النق��ائص ، موص��وف بالكم��االت •التي تتناھى فھو سبحانھ واحد ال شریك لھ ، ولم یتخذ صاحبة وال

ولدا .حانھ حدد مضمون ھذه العبودیة ، وھذا التوحید في القرآن وأنھ سب •

. 1الكریمق�ل أئ�نكم وأما نظرتھ للكون ، فق�د اس�تمدھا م�ن ق�ول هللا تع�الى : (( •

لتكف��رون بال���ذي خل��ق األرض ف���ي ی��ومین وتجعل���ون ل��ھ أن���دادا ذل���ك رب ر فیھ�ا أقواتھ�ا وجع * العالمین ل فیھا رواسي من فوقھا وب�ارك فیھ�ا وق�د

ثم استوى إل�ى الس�ماء وھ�ي دخ�ان فق�ال * في أربعة أیام سواء للسائلین فقض��اھن س��بع * ائعین لھ��ا ول��ألرض ائتی��ا طوع��ا أو كرھ��ا قالت��ا أتین��ا ط��

نیا س��ماوات ف��ي ی��ومین وأوح��ى ف��ي ك��ل س��ماء أمرھ��ا وزین��ا الس��ماء ال��د ) .12ـ 9)) (فصلت ، آیة : بمصابیح وحفظا ذلك تقدیر العزیز العلیم

ال ، وأن متاعھ�ا مھم�ا وأما ھذه الحیاة مھما طال�ت ، فھ�ي إل�ى زو •نیا كم�اء عظم ، فإنھ قلیل حقی�ر ، ق�ال تع�الى : (( إنم�ا مث�ل الحی�اة ال�د

ا یأك�ل الن�اس واألنع�ام حت�ى أنزلناه من السماء فاختلط بھ نبات األرض ممین�ت وظ�ن أھلھ�ا أنھ�م ق�ادرون علیھ�ا أتاھ�ا إذا أخذت األرض زخرفھ�ا و از

��ل أمرن��ا ل��یال أو نھ��ارا فجعلناھ��ا حص��یدا ك��أن ل��م تغ��ن ب��األمس ك��ذلك نفص ) .24)) (یونس ، آیة : اآلیات لقوم یتفكرون

ق��د اس��تمدھا م��ن خ��الل اآلی��ات الكریم��ة وأم��ا نظرت��ھ إل��ى الجن��ة ، ف •فأص��بح ھ��ذا التص��ور مھیمن��ا عل��ى نفس��ھ ، فی��رى المتتب��ع لس��یرة الحسن بن علي رضي هللا عنھ عمق استیعابھ لفقھ القدوم عل�ى هللا ع��ز وج��ل ، وش��دة خوف��ھ م��ن ع��ذاب هللا ، وعقاب��ھ وأم��ا مفھ��وم

ل هللا ص�لى القضاء والقدر فقد استمده من كتاب هللا ، وتعلیم رس�ور ف�ي قلب�ھ كم�ا دهللا علیھ وسلم لھ ، فق�د رس�خ مفھ�وم القض�اء والق�

ق��ال تع��الى : (( لن��ا ھ��و موالن��ا وعل��ى � ق��ل ل��ن یص��یبنا إال م��ا كت��ب � ) .51)) (التوبة ، آیة فلیتوكل المؤمنون

خ�الل الق�رآن الك�ریم وعرف الحسن بن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ م�ن •��راع ب��ین اإلنس��ان والش��یطان ، وأن ھ��ذا الع��دو ی��أتي حقیق��ة الصلإلنس��ان م��ن ب��ین یدی��ھ ، وم��ن خلف��ھ ، وع��ن یمین��ھ ، وع��ن ش��مالھ یوس��وس ل��ھ بالمعص��یة ، ویس��تثیر فی��ھ ك��وامن الش��ھوات ، فك��ان

ه إبلیس وانتصر علیھ في حیاتھ . مستعینا با� على عدوآدم ض��رورة توك��ل المس��لم عل��ى رب��ھ ، وأھمی��ة وتعل��م م��ن خطئی��ة •

التوب��ة ، واالس��تغفار ف��ي حی��اة الم��ؤمن ، وض��رورة االحت��راز م��ن

. 16إلى 10منھج الرسول في غرس الروح الجھادیة صـ 1

157

��حابة الحس��د ، والكب��ر ، وأھمی��ة التخاط��ب بأحس��ن الك��الم م��ع الصوق��ل لعب��ادي یقول��وا الت��ي ھ��ي أحس��ن إن الش��یطان لق��ول هللا تع��الى : ((

ا مبین��این��زغ )) (االس��راء ، آی��ة : بی��نھم إن الش��یطان ك��ان لإلنس��ان ع��دو�53. (

لق��د أك��رم الم��ولى ـ ع��ز وج��ل ـ الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ بالعیش مع القرآن الكریم ، فعاش بھ ، واس�تمد أص�ولھ ، وفروع�ھ

بح م�ن من كتاب هللا ، وھدي رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم وأصط س�یرھم ، ویتأس�ى الن�اس خ�أئمة الھدى ، الذین یرس�مون للن�اس

بأقوالھم ، وأفعالھم في ھذه الحیاة ، وكان رضي هللا عنھ م�ن أھ�ل رويكان��ت خطب��ھ ب��القرآن الك��ریم فق��د الق��رآن ول��ذلك

عنھ رضي هللا عنھ بأن�ھ خط�ب ی�وم الجمع�ة فق�رأ د كان م�ن وق 1سورة إبراھیم على المنبر حتى ختمھا

ھدي الرسول صلى هللا علیھ وس�لم فق�د ق�رأ س�ورة ق حت�ى ختمھ�ا ،. فقد روى مسلم عن أم ھشام بنت حارثة قالت : م�ا أخ�ذت "ق ، والق�رآن المجی�د" إال م��ن لس�ان رس��ول هللا یقرؤھ�ا ك��ل ی�وم جمع��ة

، وروى عن ابن ماجة ع�ن أب�ي ب�ن 2على المنبر إذا خطب الناسص���لى هللا علی���ھ وس��لم ی���وم الجمع���ة كع��ب ق���ال : ق���رأ رس��ول هللا

"تب��ارك" وھ��و ق��ائم ، ف��ذكرنا بأی��ام هللا ، وأب��و ال��درداء أو أب��و ذر یغمزني فقال : متى أنزلت ھذه السورة ؟ فإني لم أسمعھا إلى اآلن

، ولھذا قال اإلمام اب�ن الق�یم رحم�ھ هللا ف�ي 3، فأشار إلیھ أن سكتبتھ : كان النبي صلى بیان ھدي النبي صلى هللا علیھ وسلم في خط

، ول�ذلك ك�ان الحس�ن ب�ن 4هللا علیھ وسلم كثیرا ما یخطب ب�القرآن��ھ الن��اس بآی��ات الق��رآن الك��ریم ویتلوھ��ا عل��ي رض��ي هللا عن��ھ یوجعلیھم ، ملتزما بالمنھج النبوي ف�ي قراءت�ھ للق�رآن بإتق�ان وتركی�ز وتدبر وخشوع ، وتحسین للصوت ، فتھتز لھا القلوب وتذرف لھا الدموع . وإذا حاولنا أن نتأمل في سورة إبراھیم علیھ السالم الت�ي

قرأھا على المنبر كاملة نالحظ بأن أھم مواضیعھا ھي :ـ�� إثب��ات أص��ول العقی��دة م��ن اإلیم��ان ب��ا� وبالرس��ل وبالبع��ث والج��زاء وإق��رار التوحید ، والتعریف باإللھ الحق خالق السماوات واألرض ، وبیان الھدف م�ن

زال الق��رآن الك��ریم ، وھ��و إخ��راج الن��اس م��ن الظلم��ات إل��ى الن��ور ، واتح��اد إن��سل ودعوتھم في أص�ول االعتق�اد والفض�ائل وعب�ادة هللا واإلنق�اذ م�ن مھمة الر

الضالل .

) إسناده ضعیف .1/278الطبقات ، تحقیق السلمي ( 1 . 873مسلم رقم 2 إسناده حسن . 1111سنن ابن ماجة رقم 3 ) .1/43زاد المعاد ( 4

158

ـ الوعد والوعید : ذم الكافرین ووعیدھم على كفرھم وتھدیدھم بالعذاب الشدید ، ، واآلی�ات 23، واآلی�ة 2یبة بالجن�ان (اآلی�ة ووعد المؤمنین على أعمالھم الط

) .31ـ 28سل بلغات أقوامھم ، لتسھیل البیان والتفاھم (اآلی�ة : ) 4ـ الحدیث عن إرسال الر

. سل السابقین م�ع أق�وامھم ـ تسلیة الرسول صلى هللا علیھ وسلم ببیان ما حدث للر

كیر بعقابھم ، كم�ا ف�ي اآلی�ات : قوم نوح وعاد وثمود والذین من بعدھم ، والتذ ) .18ـ 13) واآلیات (12ـ 9(

ـ ابتداء من بین قصص بعض األنبیاء المتقدمین عل�یھم الس�الم بمح�اورة موس�ى ) .8ـ 5لقومھ ودعوتھ إیاھم لعبادة هللا تعالى (اآلیات

ـ ابتداء من بین قصص بعض األنبیاء المتقدمین عل�یھم الس�الم بمح�اورة موس�ى ) .8ـ 5مھ ودعوتھ إیاھم لعبادة هللا تعالى (اآلیات لقو

ـ دعوات إبراھیم علیھ السالم بعد بناء البیت الحرام ألھل مك�ة باألم�ان وال�رزق لق القلوب بالبیت الحرام ، وتجنیب�ھ وذریت�ھ عب�ادة األص�نام ، وش�كره رب�ھ عوت

�الة ، وطلب�ھ على ما وھبھ من األوالد بعد الكبر ، وتوفیقھ وذریت�ھ إل قام�ة الص ) .41ـ 53المغفرة لھ ولوالدیھ وللمؤمنین (اآلیات

ـ 19ـ بیان مشھد م�ن مش�اھد الح�وار ب�ین أھ�ل الن�ار ف�ي ع�الم اآلخ�رة (اآلی�ات 23. (

�الل بالش�جرة الطیب�ة ـ ضرب األمثال لكلمة الحق واإلیمان وكلم�ة الباط�ل والض .) 27ـ 24والشجرة الخبیثة (اآلیات

ـ 42ـ التذكیر ب�أھوال القیام�ة وتھدی�د الظ�المین وبی�ان أل�وان ع�ذابھم (اآلی�ات : 52. (

1ـ�� بی��ان الحكم��ة م��ن ت��أخیر الع��ذاب لی��وم القیام��ة ، وھ��و م��ا ختم��ت ب��ھ الس��ورة ) .52ـ 51(اآلیات :

ھذه أھم المواضیع التي اشتملت علیھا سورة إبراھیم علی�ھ الس�الم والت�ي خط�ب كم�ا ك�ان لي رض�ي هللا عن�ھ عل�ى المنب�ر لخطب�ة الجمع�ة ، بھا الحسن بن ع

الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ إذا أوى إل��ى فراش��ھ ق��رأ ، وقد استھلت السورة ببیان وصف الق�رآن بأن�ھ ق�یم مس�تقیم سورة الكھف

ال اختالف فیھ وال تناقض في لفظھ ومعناه ، وأنھ جاء للتبش�یر ث�م لف�ت النظ�ر وجمال وعجائب تدل داللة واضحة على قدرة هللا إلى ما في األرض من زینة

تعالى ، وتحدثت السورة عن ثالث قصص م�ن روائ�ع قص�ص الق�رآن الك�ریم وھي قصة أصحاب الكھف ، وقصة موسى مع الخض�ر ، وقص�ة ذي الق�رنین

) فھ��ي مث��ال ع��ال ، ورم��ز س��ام للتض��حیة 26ـ 9، أم��ا قص��ة س��ورة الكھ��ف (قاء واألم�وال ف��ي س��بیل العقی��دة الص��حیحة ب�الوطن واألھ��ل واألق��ارب واألص��د

ب�دینھم م�ن بط�ش المل�ك ن�ونوإتباع الھدى ، فقد فر ھؤالء الشباب الفتیة المؤم

) .199، 13/198التفسیر المنیر ( 1

159

الوثني واحتموا في غار ف�ي الجب�ل ، فأن�امھم هللا ثالث�ة مائ�ة وتس�ع س�نین س�نة قمری��ة ، ث��م بع��ثھم لیق��یم دل��یال حس��یا للن��اس عل��ى قدرت��ھ عل��ى البع��ث واتب��ع هللا

لى القص��ة ب��أمر النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم بالتواض��ع ومجالس��ة الفق��راء تع��اواص��بر الم��ؤمنین وع��دم الف��رار إل��ى مجالس��ة األغنی��اء ل��دعوتھم إل��ى ال��دین : ((

) . ث�م ھ�دد هللا تع�الى الكف�ار 28)) (الكھف ، اآلیة : نفسك مع الذین یدعون ربھم وقل الحق أعده لھم من العذاب الشدید في اآلخرة ((بعد إظھار الحق ، وذكر ما

) وقارن ذلك بما أعده سبحانھ من جن�ات ع�دن 29(الكھف ، اآلیة : ))من ربك�م ) .31ـ 30للمؤمنین الصالحین (

) فكان�ت م�ثال للعلم�اء ف�ي 78ـ 60وأما قصة موسى مع الخضر ف�ي اآلی�ات ( ھ قد یكون عند العبد الصالح من العلوم في غیر التواضع أثناء طلب العلم ، وأن

أص��ول ال��دین وفروع��ھ م��ا ل��یس عن��د األنبی��اء ، ب��دلیل قص��ة خ��رق الس��فینة ، ـ 83وحادثة قتل الغالم ، وبناء الجدار ، وأم�ا قص�ة ذي الق�رنین ف�ي اآلی�ات (

) فھي عبرة للحكام والسالطین ، إذ أن ھذا الملك تمكن م�ن الس�یطرة عل�ى 99ومشارق األرض ومغاربھا ، وبنائھ السد العظیم بس�بب م�ا اتص�ف ب�ھ العالم ،

من التقوى والع�دل والص�الح . وتخلل�ت ھ�ذه القص�ة أمثل�ة ثالث�ة ب�ارزة رائع�ة مستمدة من الواقع ، إلظھار أن الحق ال یقترن بالسلطة والغنى ، وإنم�ا ی�رتبط

لمقارن�ة ب�ین ) ل44ـ 32باإلیمان ، وأول ھذه األمثلة قص�ة أص�حاب الجنت�ین (الغني المغتر بمالھ ، والفقیر المعتز بإیمانھ ، لبیان حال فقراء الم�ؤمنین وح�ال

) إلن�ذار الن�اس بفنائھ�ا 46ـ 45أغنیاء المشركین . وثانیھا : مثل الحیاة الدنیا (وزوالھا . وأردف ذلك بإیراد بعض مشاھد القیامة الرھیبة من تسییر الجبال ،

) 49ـ 47احد ، ومفجأة الن�اس بص�حائف أعم�الھم (وحشر الناس في صعید و) للموازن��ة ب��ین التكب��ر 53ـ 50وثالثھ��ا : قص��ة إبل��یس وإبائ��ھ الس��جود آلدم (

والغرور ، وما أدى إلیھ من طرد وحرمان وتحذیر الناس م�ن ش�ر الش�یطان ، وبین العبودیة � والتواضع ، وما حقق من رض�وان هللا تع�الى ، وأردف ذل�ك

یة القرآن بضرب األمثال للناس للعظة وال�ذكر وإیض�اح مھ�ام الرس�ل بیان عنا) وختم��ت 57ـ 54للتبش�یر واإلن�ذار والتح��ذیر م�ن األع�راض ع��ن آی�ات هللا (

السورة بموضوعات ثالثة : أولھا ـ إعالن تبدید أعمال الكفار وض�یاع ثمرتھ�ا لص�الحات ) وثانیھ�ا ـ تبش�یر الم�ؤمنین ال�ذین عمل�وا ا106ـ 100في اآلخرة (

) وثالثھ��ا ـ أن عل��م هللا تع��الى ال یح��ده ح��دود وال 108ـ 107ب��النعیم األب��دي (بین المولى عز وجل ما) وكانت آخر آیة في السورة وبعد110ـ 109( 1نھایة

ق�ل إنم�ا كمال كالمھ ، أمر تعالى محمدا صلى هللا علیھ وسلم بالتواضع فق�ال ((ى إل�ي أنم�ا إلھك�م إل�ھ واح�د فم�ن ك�ان یرج�و لق�اء رب�ھ فلیعم�ل عم�ال أنا بشر مثلكم یوح

) أي ق�ل ی�ا محم�د لھ�م : 110)) (الكھف ، آی�ة : صالحا وال یشرك بعبادة ربھ أحدالوھیة ، وال عل�م ما أنا إال بشر مثلكم في البشریة ، لیس لي صفة الملكیة أو األ

ل��ي إال م��ا علمن��ي هللا ، إال أن هللا تع��الى أوح��ى إل��ي أن��ھ ال إل��ھ إال هللا الواح��د األحد الصمد ، فال شریك لھ في ألوھیتھ ، فمعبودكم الذي یجب أن تعب�دوه ھ�و

) .199، 198، 197/ 16فسیر المنیر (الت 1

160

كم إلھ واحد فمن قل إنما أنا بشر مثلكم یوحى إلي أنما إلھ معبود واحد ال شریك لھ (()) أي فم�ن آم�ن كان یرجو لقاء رب�ھ فلیعم�ل عم�ال ص�الحا وال یش�رك بعب�ادة رب�ھ أح�دا

بلقاء هللا ، وطمع في ثواب هللا على طاعت�ھ ، فلیتق�رب إلی�ھ بص�الح األعم�ال ، هللا أح�دا م�ن مخلوقات�ھ ، س�واء ولیخلص ل�ھ العب�ادة ، ولیجتن�ب الش�رك بعب�ادة

أكان شركا ظاھرا كعبادة األوثان أو إدعاء غیر هللا تع�الى أو الن�ذر للمخل�وقین أو اعتق��اد أن الخل��ق ینفع��ون أو یغی��رون بم��ا ال یق��در علی��ھ إال هللا أو ص��رف أنواع العبودی�ة م�ن خ�وف أو رج�اء أو ح�ب لغی�ر هللا مم�ا ال ینبغ�ي إال � ، أم

، والریاء ھو الش�رك األص�غر ، 1ا كفعل شئ ریاء أو سمعة وشھرةشركا خفیفقد قال رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : إن أخ�وف م�ا أخ�اف عل�یكم الش�رك األصغر قالوا : وما الش�رك األص�غر ی�ا رس�ول هللا ؟ ق�ال : الری�اء ، یق�ول هللا

تراؤون في ال�دنیا ذھبوا إلى الذین كنتمایوم القیامة إذا جزي الناس بأعمالھم : وق�د جمع�ت اآلی�ة الكریم�ة ش�رطي قب�ول 2، فانظروا ھل تجدون عندھم جزاء

فلیعم��ل عم��ال األعم��ال ، إتب��اع الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم وھ��و قول��ھ : (( . ))وال یشرك بعبادة ربھ أحدا )) واإلخالص � وھو قولھ : ((صالحا

ني الكریمة واآلیات العزیزة كان الحسن بن عل�ي یقرأھ�ا ك�ل ی�وم إن ھذه المعا بتمعن وتدبر ، فكانت لھا تأثیرھا على نفسھ وفي حیاتھ ، كم�ا ك�ان للحس�ن ب�ن علي رضي هللا عنھ اھتمام بالسیرة النبویة الشریفة ، فقد كان�ت م�ن ثقاف�ة ذل�ك

صعد بن أبي وق�االجیل تعلم السیرة النبویة ، فقد قال إسماعیل بن محمد بن س: كان أبي یعلمنا مغ�ازي رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یع�دھا علین�ا ویق�ول

وقال عل�ي ب�ن الحس�ن : كن�ا نعل�م مغ�ازي 3ھذه مآثر آبائكم فال تضیعوا ذكرھا، وأم�ا الس�نة النبوی�ة ، فق�د ك�ان وال�ده 4رسول هللا كما نعلم السورة من الق�رآن

ف�اء الراش�دین روای�ة ألحادی�ث رس�ول هللا ص�لى أمیر المؤمنین علي أكث�ر الخلهللا علیھ وسلم ، وھذا راجع إلى تأخر وفات�ھ ع�ن بقی�ة الخلف�اء ، وكث�رة ال�رواة عنھ ، وانتشار طلبة العلم م�ن الت�ابعین ال�ذین ك�انوا یكث�رون الس�ؤال ، ووق�وع األحادیث التي تقتضي البالغ والروایة ، في أمور أخرى فنقلوا عن�ھ م�ا بلغھ�م

ن ج�ده ص�لى ـبأمانھ ونزاھة وقد استفاد منھ ابنھ الحسن اس�تفادة عظیم�ة أم�ا م�هللا علیھ وسلم فقد توفي صلى هللا علیھ وسلم ، والحسن صغیر كم�ا ھ�و معل�وم ، فعق�ل ع�ن رس�ول هللا أحادی�ث وأم�ورا ذكرھ�ا منس�وبة لرس�ول هللا ص��لى هللا

عن�ھ یح�ث أوالده علیھ وس�لم ق�د بینتھ�ا فیم�ا مض�ى . وك�ان الحس�ن رض�ي هللاعلى طلب العلم ، فقد دعا بنیھ وبني أخیھ فقال : یا بني وبني أخي إنكم ص�غار قوم یوشك أن تكونوا كبار آخرین فتعلموا العلم فمن لم یستطع م�نكم أن یروی�ھ

، وكان رضي هللا عنھ خطیبا مفوھا ، فق�د 5أو یحفظھ فلیكتبھ ولیضعھ في بیتھلي رضي هللا عنھ للحسن ذات یوم : قم فاخطب الن�اس ی�ا أمیر المؤمنین عقال

حسن . قال : إني أھابك أن أخط�ب وأن�ا أراك فتغی�ب عن�ھ حی�ث یس�مع كالم�ھ ) .16/43التفسیر المنیر ( 1 ) إسناده حسن .429ـ 5/428مسند أحمد ( 2 ) .2/242البدایة والنھایة ( 3 ) .1/6المصدر نفسھ ، السیرة النبویة للصالبي ( 4 ) إسناده حسن تحقیق السلمي .1/292الطبقات ( 5

161

، ث��م ن��زل فق��ال عل��ي : 1وال ی��راه ، فق��ام الحس��ن فحم��د هللا وأثن��ى علی��ھ وتكل��م سمیع عل�یم (( یة بعضھا من بعض و� ) . وق�د ورث 34ن ، آی�ة : )) (آل عم�راذر

الحس���ن م���ن ج���ده ص���لى هللا علی���ھ وس���لم ووال���ده رض���ي هللا ع���نھم الخطاب���ة والفصاحة والبالغة وقوة البی�ان ، وق�د ذك�رت كت�ب الت�اریخ : أن علی�ا رض�ي هللا عنھ سأل ابنھ ـ یعني الحسن ـ ع�ن أش�یاء ع�ن الم�روءة ، فق�ال : ی�ا بن�ي م�ا

سداد دفع المنكر بالمعروف . قال : فم�ا الش�رف ؟ ق�ال السداد ؟ قال : یا أبتي ال: اص��طناع العش��یرة وحم��ل الجری��رة . ق��ال : فم��ا الم��روءة ؟ ق��ال : العف��اف

قة 3؟ قال : النظر في الیسیر ومنع الحقی�ر 2وإصالح المرء مالھ . قال : فما الدھ قال : فما السماحة ؟ . قال : فما اللؤم ؟ قال : إحراز المرء نفسھ وبذلھ یحرس

قال : البذل في العسر والیسر . ق�ال : فم�ا الش�ح ؟ ق�ال : أن ت�رى م�ا ف�ي ی�دیك شرفا وما أنفقتھ تلفا . قال : فما اإلخاء ؟ قال : الوفاء في الشدة والرخ�اء . ق�ال : فم��ا الج��بن ؟ ق��ال : الج��رأة عل��ى الص��دیق والنك��ول عل��ى الع��دو . ق��ال : فم��ا

قال : الرغبة في التقوى ، والزھادة في الدنیا ھي الغنیمة الباردة ق�ال الغنیمة ؟ : فم��ا الحل��م ؟ ق��ال : كظ��م الغ��یظ ومل��ك ال��نفس . ق��ال فم��ا الغن��ى ؟ ق��ال : رض��ا النفس بما قسم هللا لھا وإن قل ، فإنما الغنى غنى النفس قال : فما الفقر ؟ ق�ال :

. ق�ال 4؟ قال : الفزع عن�د المص�دوقة ا الذل ـشره النفس في كل شئ . قال : فمفم��ا الج��رأة ؟ ق��ال : موافق��ة األق��ران . ق��ال فم��ا الكلف��ة ؟ ق��ال : كالم��ك فیم��ا ال یعنیك . قال : فما المجد ؟ قال : أن تعطي في الغرم وأن تعفو عن الجرم . قال

؟ ق�ال 5رق فما العقل ؟ قال : قال : حفظ القلب كل ما استرعیتھ . قال : فما الخ : معاداتك إمامك ورفعك علیھ كالمك . ق�ال : فم�ا الثن�اء . ق�ال : إتی�ان الجمی�ل وت���رك القب���یح . ق���ال : فم���ا الح���زم ؟ ق���ال : ط���ول األن���اة والرف���ق ب���الوالة ، واالحتراس من الناس بسوء الظن ھو الحزم . ق�ال فم�ا الش�رف ؟ ق�ال : ق�ال :

���فھ ؟ ق���ال اتب���اع ال���دناة ، موافق���ة األخ���وان ، وحف���ظ الجی���ران ق���ال : فم���ا السومصاحبة الغواة . قال : فم�ا الغفل�ة ؟ ق�ال : ترك�ك المس�جد وطاعت�ك المفس�د . قال فما الحرمان ؟ قال : ترك�ك حظ�ك وق�د ع�رض علی�ك . ق�ال : فم�ا الس�ید ؟ قال : األحمق في المال ، المتھاون بعرضھ ، یشتم فال یجیب ، المحت�زن ب�أمر

ھو السید . ث�م ق�ال عل�ي : ی�ا بن�ي س�معت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ 6العشیرةوس��لم یق��ول : ال فق��ر أش��د م��ن الجھ��ل ، وال م��ال أع��ود م��ن العق��ل ، وال وح��دة أوحش من العجب ، وال مظاھرة أوثق من المشاورة ، وال عقل كالتدبیر ، وال

تفكر ، وال إیم���ان عب���ادة ك���ال حس���ب كحس���ن الخل���ق ، وال ورع ك���الكف ، والث الكذب ، وآفة العل�م النس�یان ، ـاء ، ورأس اإلیمان الصبر ، وآفة الحدیكالحی

�لف ، وآف�ة الش�جاعة وآفة الحلم السفھ ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الظرف الصالبغي ، وآفة السماحة المن ، وآفة الجمال الخیالء وآف�ة الح�ب الفخ�ر . ث�م ق�ال

عیف مرسل .) إسناده ض1/276الطبقات ( 1 ) .2/127الدقة : الحقارة النھایة ( 2 الحقیر ھنا : الشئ الیسیر . 3 المصدوقة : الحملة الصادقة لیس لھا مكذوبة . 4 الخرق : الجھل والحمق . 5 المتحزن بأمر العشیرة : المھتم بأمرھم . 6

162

، ال تستخفن برجل تراه أبدا فإن كان أكب�ر من�ك فع�د أن�ھ أب�وك ، علي : یا بني ان مثلك فھو أخوك ، وإن كان أصغر منك ، فاحسب أنھ ابنك . فھذا م�ا ـوإن ك

ساءل علي ابن�ھ ع�ن أش�یاء م�ن الم�روءة . ق�ال القاض�ي أب�و الف�رج . فف�ي ھ�ذا ه وحفظھ ووعاه ، وعمل الخبر من الحكمة وجزیل الفائدة ما ینتفع بھ من راعا

بھ ، وأدب نفسھ بالعمل علیھ ، وھذبھا بالرجوع إلیھ ، وتتوفر فائدتھ ب�الوقوف عنده ، وفیما رواه أمیر المؤمنین وأضعافھ عن النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم م�ا

ل�ھ ، والمس�عود م�ن ھ�دى 1ال غنى لكل لبیب علیم ومدره حكیم عن حفظھ وتأم. وقد علق ابن كثیر على ھ�ذا األث�ر 3من وفق المتثالھ وتقبلھ 2لتقبلھ والمجدود

فقال : ولكن ھذا األثر وما فیھ من الحدیث المرفوع ضعیف ومثل ھذه األلف�اظ ف��ي عبارتھ��ا م��ا ی��دل م��ا ف��ي بعض��ھا م��ن النك��ارة عل��ى أن��ھ ل��یس بمحف��وظ وهللا

رض وال تبنى . وما دامت األمور التي ذكرتھا مع الكتاب والسنة ال تتعا 4أعلمعلیھا عقیدة أو عبادة وإنما تدعو إلى مكارم األخالق ، فال مانع من االستئناس بھا . وقد سأل أمیر المؤمنین علي ابنھ الحسن ك�م ب�ین اإلیم�ان والیق�ین ؟ فق�ال الحسن رضي هللا عنھ : أربع أصابع . فقال أمیر المؤمنین علي وكی�ف ؟ فق�ال

أذناك وصدقھ قلبك . والیق�ین م�ا رأت�ھ عین�اك ، الحسن : اإلیمان كل ما سمعتھ . وم�ن أقوال�ھ : حس�ن 5فأیقن بھ قلبك ولیس بین العین واألذن إال أرب�ع أص�ابع

، وس��ئل ع��ن الص��مت فق��ال : ھ��و س��تر الع��ین أو زی��ن 6الس��ؤال نص��ف العل��م، وم�ن علم�ھ أن�ھ أوص�ى ب�تعلم 7العرض وفاعلھ ف�ي راح�ة وجلیس�ھ ف�ي أم�ان

كی��ده عل��ى تعل��م اللغ��ة العربی��ة تأكی��د عل��ى ض��رورة تطبی��ق وتأ 8اللغ��ة العربی��ةالقواعد العلمیة في القراءة وخاصة قراءة اآلی�ات القرآنی�ة ، ألن اللغ�ة العربی�ة ھ��ي اللغ��ة الت��ي أن��زل هللا بھ��ا الق��رآن كتاب��ة ولفظ��ا وخاط��ب بھ��ا ش��رائع دین��ھ

س�نتھ وفرائض ملتھ وبھا بلغ الرسول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم رس�التھ وعل�م بھ�االنبوی��ة الش��ریفة المطھ��رة وبھ��ا ألف��ت الكت��ب الدینی��ة والكت��ب العلمی��ة وكت��ب

ال بد للناشئ من تعلمھا ، وإال كان جاھال بالدین منقوص�ا ف�ي العل�م ـالحكمة . ف، إضافة إلى ما تمتاز بھ ھذه اللغة من الفصاحة والبیان والطالوة على اللس�ان

ن األمور التي تؤكد تمكن الحسن بن علي . وم 9والحالوة في اإلسماع واآلذانمن اللغة العربیة ، فقد كان یعد من فصحاء العرب ، فقد قال عمرو ب�ن الع�الء

، وق�د ك�ان للحس�ن 10: ما رأیت أفصح من الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عنھم�ابن علي تالمیذ نجباء منھم ابنھ الحسن ، والمسیب بن نجبة ، وس�وید ب�ن غفل�ة

د الرحمن ، والشعبي ، وھبیرة ب�ن ی�ریم واألص�بغ ب�ن نبات�ھ ، ، والعالء بن عب

المدرة : زعیم القوم وخطیبھم والمتكلم عنھم . 1 المجدود : المحظوظ . 2 ) .11/202البدایة والنھایة ( 3 ) الطبراني الكبیر ، حدیث موضوع .11/202المصدر نفسھ ( 4 . 127التبیین في أنساب القرشیین صـ 5 . 38، الحسن بن علي رسالة ماجستیر صـ 122نور األبصار للشبلنجي صـ 6 . 38نقال عن الحسن بن علي رسالة ماجستیر صـ 67من أقوال الصحابة صـ 7 ) نقال عن الحسن بن علي .2/82مفتاح السعادة ، أحمد مصطفى ( 8 للماوردي . 350نصیحة الملوك صـ 9

) نقال عن .4/132الكامل في التاریخ ( 10

163

ن خال�د ، وأب�و الح�وراء ، وعیس�ى ب�ن م�أمون ب�ن زرارة ویق�ال اب�ن ـوجابر ب�المأموم وأبو یحي عمیر بن سعید النخعي ، وأبو مریم قیس الثقفي ، وطح�رب العجلي ، وإسحاق بن یسار والد محم�د ب�ن إس�حاق وس�فیان ب�ن اللی�ل ، وعم�ر

. ویظھ��ر غ��زارة علم��ھ ، ودق��ة فقھ��ھ ف��ي عل��م المص��الح 1ب��ن ق��یس الكوفی��وندة األم�ة وحف�ظ والمفاسد ، ومعرفت�ھ العمیق�ة بمقاص�د الش�ریعة ف�ي تقدیم�ھ وح�

ة الخاصة من ملك الدنیا عندما تنازل لمعاویة .الدماء على المصلح ـ عبادتھ : 2ب�ادة وم�ارس مفھ�وم كان الحسن بن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ م�ن المجتھ�دین ف�ي الع

العبادة الشامل في حیاتھ ، فقد رضع لبان العبادة مع ما رضعھ م�ن مع�دن النب�وة ، وتربیة الزھراء الت�ي ج�اءت إل�ى أبیھ�ا علی�ھ الص�الة والس�الم لتطل�ب خادم�ا ، فدلھا على ما ھو أفضل من ذلك أال وھ�و التس�بیح والتحمی�د والتھلی�ل والتكبی�ر ،

؟ فأط�ل عل�ى ا في الفراش : أال تقوم�ان تص�لیانللیل وھموقال لھا ولزوجھا في االحیاة في بیت الزھد والعبادة ، والورع والتقى ، والحلم والصبر ، وانغم�س ف�ي ھذه المفاھیم والمثل والمبادئ حتى غ�دا مث�اال م�ن مثلھ�ا ، ومث�اال بھ�ا یض�رب ،

یشھد لھ بذلك معاصروه من الصحابة األبرار .خی�ار ، فق�د ك�ان عاب�دا بمعرف�ة ، مق�بال عل�ى ـ ومن عاشره من األ •

هللا بیقین ، مدبرا عن ال�دنیا وش�واغلھا برض�ى واطمئن�ان ، ولھ�ذا كان إذا توض�أ وف�رغ م�ن الوض�وء تغی�ر لون�ھ ، فقی�ل ل�ھ ف�ي ذل�ك

، 2فقال : حق م�ن أراد أن ی�دخل عل�ى ذي الع�رش أن یتغی�ر لون�ھحس��ن ب��ن عل��ي وق��د ذك��ر اب��ن س��عد قول��ھ : م��ا رأی��ت أخ��وف م��ن ال

، فكلم�ا اقت�رب 3وعمر بن عبد العزیز كأن النار لم تخلق إال لھم�االعبد من مواله ، وتعرف على أسمائھ وص�فاتھ ، ونع�وت كمال�ھ ، ازدادت ھیبت��ھ وإجالل��ھ وخوف��ھ من��ھ فھ��و س��بحانھ وتع��الى ی��داول

المل�ك م�ن ق�ل اللھ�م مال�ك المل�ك ت�ؤتياألیام بین الناس قال تع�الى : ((ن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تش�اء بی�دك الخی�ر تشاء وتنزع الملك مم

) . یقل�ب ال�دول ، 26)) (آل عم�ران ، آی�ة : إنك على ك�ل ش�يء ق�دیر الم فیذھب بدولة ، ویأتي بأخرى والرسل من المالئكة ـ علیھم الس

ـ بین صاعد إلیھ باألمر ، ون�ازل م�ن عن�ده ب�ھ ، وأوام�ره متعاقب�ة على تعاقب اآلیات ، نافذة بحسب إرادتھ ، فما شاء كان كم�ا یش�اء في الوقت الذي یش�اء عل�ى الوج�ھ ال�ذي یش�اء م�ن غی�ر زی�ادة وال نقصان ، وال تقدم وال تأخر ، وأمره وس�لطانھ ناف�ذ ف�ي الس�ماوات

رض وما علیھا وفي البحار ، وفي الجو وف�ي وأقطارھا ، وفي األس��ائر أج��زاء الع��الم وذرات��ھ ، یقلبھ��ا ، ویص��رفھا ویح��دث فیھ��ا م��ا

یدبر األمر من السماء إلى األرض ثم یعرج إلی�ھ ، قال تعالى : (( 4یشاء

) .14/5تاریخ دمشق ( 1 ) .2/69وفیات األعیان ( 2 ) .5/398الطبقات الكبرى ( 3 اإلیمان أوال فكیف نبدأ بھ ، مجدي الھاللي صـ 4

164

ا تع�دون ) . فھ�و 5)) (الس�جدة ، آی�ة : في یوم كان مقداره ألف سنة ممسبحانھ ال یعزب عنھ مثقال ذرة ف�ي األرض وال ف�ي الس�ماوات ، وال ف��ي ق��رار البح��ار ، وال تح��ت أطب��اق الجب��ال ، ق��ال تع��الى :

وعن��ده مف��اتح الغی��ب ال یعلمھ��ا إال ھ��و ویعل��م م��ا ف��ي الب��ر والبح��ر وم��ا ((من ورقة إال یعلمھا وال حبة في ظلمات األرض وال رطب وال ی�ابس تسقط

) ، فاستش��عار عظم��ة هللا 59)) (األنع��ام ، آی��ة : إال ف��ي كت��اب مب��ین وجالل��ھ ، ومعرف��ة أس��مائھ وص��فاتھ تول��د عن��د العب��د خش��یة وخوف��ا

یس�جد (( 1ي یخضع لھ كل ش�ئومھابة من ھذا اإللھ العظیم الذ و�)) م��ن ف��ي الس��ماوات واألرض طوع��ا وكرھ��ا وظاللھ��م بالغ��دو واآلص��ال

) .15(الرعد ، آیة : إذا ص�لى الغ�داة وكان الحسن بن علي رضي هللا عنھ •

ه یذكر في مصال جلسلم یـفي مسجد رسول هللا صلى هللا علیھ وسهللا حتى ترتفع الشمس ، ویجلس إلیھ من یجلس من سادات الن�اس یتحدثون عنده ، ثم یقوم فیدخل على أمھات المؤمنین فیسلم علیھن

. 2، وربما أتحفنھ ، ثم ینصرف إلى منزلھإن من السعداء الذین تصلي علیھم المالئك�ة أولئ�ك ال�ذین یجلس�ون

، ومما یدل على ذلك ما یلي : روى بعد أداء الصالة في مصالھم اإلمام أحمد عن أبي ھری�رة رض�ي هللا عن�ھ ق�ال : ق�ال رس�ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : المالئك��ة تص��لي عل��ى أح��دكم م��ا دام ف��ي

. اللھ��م أغف��ر ل��ھ ، اللھ��م 3مص��آله ال��ذي ص��لى فی��ھ ، م��ا ل��م یح��دث، ، وإن جل���س ینتظ���ر الص���الة ص���لت علی���ھ المالئك���ة 4أرحم���ھ

. وروى اإلم��ام 5وص��التھم علی��ھ : اللھ��م أغف��ر ل��ھ ، اللھ��م أرحم��ھأحمد عن عط�اء ب�ن الس�ائب ق�ال : دخل�ت عل�ى أب�ي عب�د ال�رحمن الس��لمي ، وق��د ص��لى الفج��ر ، وھ��و ج��الس ، فقل��ت : ل��و قم��ت إل��ى فراشك كان أوطأ لك . فقال : سمعت علی�ا رض�ي هللا عن�ھ یق�ول :

سلم یقول : من صلى الفج�ر ث�م سمعت رسول هللا صلى هللا علیھ و م جل��س ف��ي مص��اله ص��لت علی��ھ المالئك��ة ، وص��التھم علی��ھ : اللھ��

أغفر لھ ، اللھم أرحمھ . ومن ینتظر الصالة صلت علی�ھ المالئك�ة . وقد سئل الش�یخ 6، وصالتھم علیھ : اللھم أغفر لھ ، اللھم أرحمھ

ن��زل بع��د عب��د العزی��ز ب��ن ب��از رحم��ھ هللا : ـ ھ��ل المك��وث ف��ي المصالة الفجر لقراءة القرآن حتى تطلع الشمس ، ثم یص�لي ركعت�ي الش��روق ، ل��ھ نف��س األج��ر ال��ذي یحص��ل ب��المكوث ف��ي المس��جد ؟ فأج��اب : ھ��ذا العم��ل فی��ھ خی��ر كثی��ر وأج��ر عظ��یم ، لك��ن ظ��اھر

. 76لمصدر نفسھ صـ ا 1 ) .194، 11/193البدایة والنھایة ( 2 أي : حدثا حقیقا ، أي : ما لم یبطل وضوءه . 3 صححھ أحمد شاكر . 8106مسند أحمد رقم 4 حسنھ أحمد شاكر . 1218مسند أحمد رقم 5 ) حسن إسناده أحمد شاكر .306ـ 2/305مسند أحمد ( 6

165

األحادیث الواردة في ذلك أنھ ال یحصل لھ نفس األجر ال�ذي وع�د مس�جد ، لك�ن ل�و ص�لى ف�ي بیت�ھ بھ إال من جلس في مص�اله ف�ي ال

صالة الفجر لمرض أو خوف ، ثم جلس في مصاله ، یذكر هللا أو یقرأ القرآن حتى ترتفع الش�مس ، ث�م یص�لي ركعت�ین فإن�ھ یحص�ل ل��ھ م��ا ورد ف��ي األحادی��ث لكون��ھ مع��ذورا ح��ین ص��لى ف��ي بیت��ھ ، وھكذا المرأة إذا جلست في مصالھا بعد صالة الفجر ت�ذكر هللا أو

قرأ القرآن حتى ترتفع الش�مس ، ث�م تص�لي ركعت�ین فإن�ھ یحص�ل ت. إن الحس��ن ب��ن عل��ي 1لھ��ا ذل��ك األج��ر ال��ذي ج��اءت ب��ھ األحادی��ث

رضي هللا عنھ یعلمنا أھمیة الذكر في البك�ور ، ویرغبن�ا ف�ي ت�رك الن��وم ف��ي ذل��ك الوق��ت م��ن خ��الل س��یرتھ الربانی��ة ولق��د تح��دث اب��ن

ق�ال : وم��ن المك�روه عن��دھم : الق�یم ع��ن أھمی�ة ال��ذكر ف�ي البك��ور فالن��وم ب��ین ص��الة الص��بح وطل��وع الش��مس ، فإن��ھ وق��ت غنیم��ة ، وللسیر في ذلك الوقت عند السالكین مزیة عظیمة حتى ل�و س�اروا طول ل�یلھم ل�م یس�محوا ب�القعود ذل�ك الوق�ت حت�ى تطل�ع الش�مس ، فإن���ھ أول النھ���ار ومفتاح���ھ ، ووق���ت ن���زول األرزاق ، وحص���ول

البركة ، ومنھ ینشأ النھار ، وینسحب حك�م جمیع�ھ القسم ، وحلول ، 2على حكم تلك الحصة ، فیجب أن یكون نومھ�ا كن�وم المض�طر

ولشرف ھذا الوقت ، وألھمیتھ في الس�یر إل�ى هللا ، نج�د الترغی�ب الشدید في إحیائھ بالذكر ، فعن أنس ـ رضي هللا عنھ ـ قال : قال :

لى الفجر في جماع�ة ، ث�م رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : من صم ص�لى ركعت�ین كان�ت ـقعد ی�ذكر هللا تع�الى حت�ى تطل�ع الش�مس ث�

. ق��ال اب��ن رج��ب : لم��ا ك��ان 3ك��أجر حج��ة وعم��رة تام��ة تام��ة تام��ةالح��ج م��ن أفض��ل األعم��ال والنف��وس تت��وق إلی��ھ لم��ا وض��ع هللا ف��ي القلوب من الحنین إلى ذلك البی�ت المعظ�م وك�ان كثی�را م�ن الن�اس

وال سیما كل عام ، شرع هللا لعباده أعم�اال یبل�غ أجرھ�ا یعجز عنھ . 4أجر الحج ، فیتعوض بذلك العاجزون في التطوع

ویق��ول األس��تاذ البن��ا : أیھ��ا األخ العزی��ز ، أمام��ك ك��ل ی��وم لحظ��ة بالغداة ، ولحظة بالعشي ، ولحظة في الس�حر ، تس�تطیع أن تس�مو

فتظف�ر بخی�ر ال�دنیا األعل�ى ، ألفیھا كلھا بروحك الطھور إل�ى الم�واآلخ���رة وأمام���ك مواس���م الطاع���ات ، وأی���ام العب���ادات ، ولی���الي

ا كتاب��ك الك��ریم ، ورس��ولك العظ��یم ، ـالقرب��ات الت��ي وجھ��ك إلیھ��فأحرص أن تكون فیھا من الذاكرین ال من الغافلین وم�ن الع�املین ال م����ن الخ����املین ، واغت����نم الوق����ت ، فالوق����ت كالس����یف ، ودع

. 5منھالتسویف فال أضر ) .404ـ 11/403، ابن باز ( مجموعة فتاوى ومقاالت متنوعة 1 . 248تھذیب مدارج السالكین صـ 2 . 586سنن الترمذي وقال الترمذي حدیث حسن صحیح رقم 3 . 86، البدر في الحث على صالة الفجر الدكتور عماد علي صـ 351لطائف المعارف صـ 4 . 248ن أوال صـ ، اإلیما 1951سنة 8نقال عن مجلة مجلة الدعوى العدد 18الرقائق صـ 5

166

یق�ول إذا طلع�ت وكان الحسن بن علي رضي هللا عنھ •الشمس: سمع س�امع بحم�د هللا األعظ�م ال ش�ریك ل�ھ ل�ھ المل�ك ول�ھ الحمد وھو عل�ى ك�ل ش�ئ ق�دیر ، س�مع س�امع بحم�د هللا األمج�د ال

، وق�د الزم 1شریك لھ لھ الملك ولھ الحمد وھو على كل شئ قدیرمن أوراد وأذكار وأدعیة ، الحسن بن علي ما ثبت عن رسول هللا

وك��ان یح��ث الن��اس عل��ى الص��لوات ف��ي المس��اجد وك��ان یق��ول م��ن أدم���ن االخ���تالف إل���ى المس���اجد رزق���ھ هللا اح���دى خص���ال : أخ���ا مستفادا ورحمة مستترة لھ أو علما◌ مستطرفا أو كلم�ة ت�دل عل�ى

، وكان رضي هللا عن�ھ م�ن 2ھدى أو یترك الذنوب خشیة أو حیاء، فقد كان رضي هللا عنھ یأخذ نصیبھ من القیام في أول أھل القیام

، فقی�ام 3اللیل وكان الحسین رض�ي هللا عن�ھ یأخ�ذه م�ن آخ�ر اللی�لاللی��ل م��ن الوس��ائل المھم��ة ف��ي إیق��اظ اإلیم��ان ، جربھ��ا الص��الحون

ال اب��ن الح��اج ف��ي ـفوج��دوا لھ��ا أبل��غ األث��ر ف��ي إحی��اء القل��وب ، وق��فوائ��د جمل��ة ، فمنھ��ا : أن��ھ یح��ط الم��دخل : وف��ي قی��ام اللی��ل م��ن ال

ال��ذنوب كم��ا یح��ط ال��ریح العاص��ف ال��ورق الی��ابس م��ن الش��جرة ، ومنھ��ا أن��ھ ین��ور القل��ب ، ومنھ��ا أن موض��عھ ت��راه المالئك��ة م��ن الس��ماء یت��راءى مث��ل الكوك��ب ال��دري ألھ��ل األرض ، ونفح��ھ م��ن نفحات قیام اللیل تعود على ص�احبھا بالبرك�ات واألن�وار والتح�ف

4ز عنھا الوصفالتي یعجإن قی��ام اللی��ل ش��رف الم��ؤمن كم��ا ق��ال رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وسلم شرف المؤمن صالتھ باللی�ل ، وع�زه اس�تغناؤه عم�ا ف�ي أی�د

، ومھما كثرت دعاوي المحب�ة طول�ب أص�حابھا بال�دلیل ، 5الناسوشھدت علیھم ساعات اللیل ، فالبینة على من ادعى ، فأھل القی�ام

ن الناس ، أما أھل النوم والغفلة ـ م�ن أمثالن�ا ـ فق�د ھم األشراف بی، 6فض��حتھم تل��ك الس��اعات ، فأس��قطت ذك��رھم ، وأدن��ت ش��رفھم

وم��ن س��یرة الحس��ن ب��ن عل��ي ن��تعلم أھمی��ة قی��ام اللی��ل ، فباللی��ل ی��تم الغرس ، غ�رس ب�ذور اإلخ�الص والص�دق ، وعل�ى ق�در غرس�ك

اد ت��والي س��یكون الخی��ر ف��ي قلب��ك ، وكلم��ا ازدادت مس��احتھ ، ازد في قلوبكم خیرا یؤتكم خیراالھدایا علیھ من كل جانب (( )) إن یعلم �

) .70(األنفال ، آیة : إن قیام اللیل من أھم صور الش�كر الت�ي ك�ان یمارس�ھا الحس�ن ب�ن علي رضي هللا عنھ ، فش�كر هللا ـ ع�ز وج�ل ـ عل�ى نعم�ھ الت�ي ال

من غایات العبودیة ، والشكر عمل ، والعب�د تعد وال تحصى غایة ) تحقیق السلمي إسناده صحیح .1/291الطبقات ( 1 . 27) الحسن بن علي صـ 3/5عیون األخبار ( 2 ) للعفاني .1/403، رھبان اللیل ( 171الزھد البن حنبل صـ 3 . 172اإلیمان أوال صـ 4 . 1903السلسلة الصحیحة رقم 3701صحیح الجامع رقم 5 . 731اإلیمان أوال صـ 6

167

الشكور ھو الذي یظھر علیھ أثر النعمة ، وأبلغ أث�ر للنعم�ة ینبغ�ي أن یظھ��ر عل��ى العب��د ھ��و زی��ادة ال��ذل واالنكس��ار والتعظ��یم ل��ولي

نسان ض�ر دع�ا رب�ھ منیب�ا إلی�ھ ث�م ، یقول تعالى : (( 1النعم وإذا مس اإل أن�دادا لیض�ل إذ لھ نعمة منھ نسي ما كان یدعو إلیھ من قب�ل وجع�ل � ا خو

أم م�ن ھ�و قان�ت * عن سبیلھ قل تمتع بكفرك قلیال إنك من أصحاب الن�ار یح�ذر اآلخ�رة ویرج�و رحم�ة رب�ھ ق�ل ھ�ل یس�توي آناء اللیل ساجدا وقائما

)) (الزم�ر ، آی�ة األلب�اب الذین یعلمون والذین ال یعلمون إنما یتذكر أولو ) .9ـ 8:

فاآلیات الكریم�ة تتح�دث ع�ن ص�نفین م�ن الن�اس ، أنع�م هللا علیھم�ا بتجرب�ة ش�دیدة ، وك�ان ف�ي ض�یق وھ�م ف�دع هللا بنعمة .. األول م�ر

بصدق ففرج ھمھ ، وكشف كربھ ، لكنھ أعرض عن شكره ، وعاد إلى غیھ ، أما اآلخر فقد سار في طریق الشكر بطول القنوت باللیل ، وـ والتضرع � ـ ع�ز وج�ل ویعق�ب الق�ـرآن عل�ى الح�التین بقول�ھ

) 9)) (الزمر ، آیة : ذین یعلمون والذین ال یعلمون قل ھل یستوي ال تعالى : (( 2، ال یستوي الذین یعلمون حق الشكر النعم والذین ال یعلم�ون ذل�ك

قال الشاعر : القانتـون المخبتـون لربھـم الناطقون بأصـدق األقوال یحیون لیلھـم بطـاعة ربھـم بتالوة وتضـرع ، وسؤال وعیونھم تجري بفیض دموعھم مثـل انھمال الوابل الھطال في اللیل رھبان وعند جھادھم لعدوھم من أشجع األبطال بوجھم أثـر السجـود لربھم 3وبھـا أشـعة نوره المتاللي

كثیر الح�ج ، فق�د ق�ال عب�د هللا ب�ن وكان الحسن بن علي رضي هللا عنھ •ن�ھ : م�ا ن�دمت عل�ى ش�ئ ف�اتني ف�ي ش�بابي إال إن�ي ل�م أح�ج عباس رضي هللا ع

ماشیا ، ولقد حج الحسن بن علي خمس�ـا وعش�ریة حج�ة ماش�یا ، وإن النجائ�ب لتقاد معھ ، ولقد قاس�م هللا مال�ھ ث�الث م�رات ، حت�ى أن�ھ یعط�ي الخ�ف ویمس�ك

، فھذا مثل من لزوم ما ال یلزم شرعا یق�وم ب�ھ الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي 4النعل��ة ، وھ��ذا ی��دل عل��ى هللا عنھم��ا ، حی��ث الزم الح��ج ماش��یا خمس��ا وعش��رین حجفضیلة المشي في الحج ، كما یؤید ذلك ندم اب�ن عب�اس رض�ي هللا عنھم�ا عل�ى

. 174اإلیمان أوال صـ 1 175اإلیمان أوال صـ 2 ) .1/365رھبان اللیل ( 3 ) .3/260سیر أعالم النبالء ( 4

168

عدم قیامھ بذلك أیام شبابھ ومداومة الحسن على ذلك على ما فیھ من مشقة تدل ل الصالحة ، والمقصود على قوة إیمانھ ورغبتھ الصادقة في المزید من األعما

بالمشي من الحج من مكة إلى عرفة ثم م�ن عرف�ة إل�ى مك�ة ، ول�یس المقص�ود , وم�ن س�یرة الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ 1أن یحج الحاج ماش�یا م�ن بل�ده

نتعلم أھمیة السیاحة إلى البیت الحرام ، كلما سمحت ظروفنا وتیسر حالن�ا ق�ال الحج والعمرة ، فإن متابعة بینھما تنف�ي الفق�ر صلى هللا علیھ وسلم : تابعوا بین

، ولذلك حج الحسن ماشیا ونجائب�ھ تق�اد 2والذنوب كما ینفي الكیر خبث الحدیدوق�ال : إن�ي اس�تحیي م�ن 3إلى جانبھ خمسا وعشرین مرة في بع�ض الروای�ات

، وك��ان رض��ي هللا عن��ھ كثی��ر 4رب��ي ع��ز وج��ل أن ألق��اه ول��م أمش��ي إل��ى بیت��ھ بدا على منھج جده صلى هللا علیھ وسلم .الصمت ، متع

ـ زھده : 3فھم الحسن رضي هللا عنھ من خالل معایش�تھ للق�رآن الك�ریم ومالزمت�ھ لوال�ده

أمیر المؤمنین علي رضي هللا عنھ ، ومن تفكره في ھذه الحی�اة ب�أن ال�دنیا دار ت ع�ن ابتالء واختبار ، فقد تربى على كتاب هللا واس�توعب اآلی�ات الت�ي تح�دث

عھا وسرعة فنائھ�ا وك�ان رض�ي هللا عن�ھ طاالدنیا وأخبرتنا بخستھا وقلتھا وانقواض�رب لھ�م مث�ل الحی�اة یقرأ كل یوم سورة الكھ�ف ویم�ر عل�ى قول�ھ تع�الى : ((

نیا كم�اء أنزلن�اه م�ن الس�ماء ف�اختلط ب�ھ نب�ات األرض فأص�بح ھش� ی�اح الد یما ت�ذروه الر على كل شيء مقتدرا �الحات * وكان � نیا والباقیات الص المال والبنون زینة الحیاة الد) فھ�ذا المث�ل ی�دل عل�ى 46، 45)) (الكھف ، آیة : خیر عند ربك ثوابا وخیر أمال

، بقائھ�ا ، ومص�یر م��ا فیھ�ا م�ن النع�یم والت�رف إل�ى الھ��الك ال�دنیا وقل�ة حق�ارةولما ب�ین تع�الى أن ال�دنیا س�ریعة االنق�راض وال�زوال ، ب�ین أن الم�ال والبن�ین زینة الحیاة الدنیا في ع�رف الن�اس ، وك�ل م�ا ك�ان م�ن زین�ة ال�دنیا فھ�و س�ریع

5الف����رح بس����ببھاالنقض����اء واالنق����راض ، فیق����بح بالعاق����ل االفتخ����ار ب����ھ أو ��الحات خی��ر عن��د رب��ك ثواب��ا وخی��ر أم��ال أم��ا و(( )) أي أن أعم��ال الخی��ر الباقی��ات الص

وأفعال الطاعات ، كالصلوات والصدقات ، والجھاد فـي س�بیل هللا ، ومس�اعدة ثوابھ�ا الفقراء واألذكار أفضل ثوابا ، وأعظ�م قرب�ة عن�د هللا ، وأبق�ى أث�را ، إذ

عائد على صاحبھا ، وخی�ر أم�ال حی�ث ین�ال ص�احبھا ف�ي اآلخ�رة ك�ل م�ا ك�ان ، وترب��ى الحس��ن ب��ن عل��ي عل��ى م��نھج ج��ده ص��لى هللا علی��ھ 6یؤمل��ھ ف��ـي ال��دنیا

وسلم الذي كان أعرف الخلق بال�دنیا ومق�دارھا ، إذ ھ�و القائ�ل ص�لى هللا علی�ھ ، 7ما سقى كافرا شربة م�اءوسلم ، لو كانت الدنیا تعدل عند هللا جناح بعوضة

وق��ال ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : م��ا ال��دنیا ف��ي اآلخ��رة إال مث��ل م��ا یجع��ل أح��دكم ، وق�ال ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ، ال�دنیا س�جن 8أصبعھ في الیم فلینظر بما ترجع

) .19/221التاریخ اإلسالمي ( 1 . 249اإلیمان أوال صـ 2 ) .14/72تاریخ ابن عساكر ( 3 ) .14/71المصدر نفسھ ( 4 ) .15/259التفسیر المنیر ( 5 ) .15/261نیر (التفسیر الم 6 صحیح غریب . 4110سنن الترمذي رقم 7 . 2858مسلم رقم 8

169

، وق�د ت�أثر أمی��ر الم�ؤمنین الحس�ن ب�ن عل�ي رض��ي هللا 1الم�ؤمن وجن�ة الك�افرالنبویة ، فكان من أصدق النماذج اإلسالمیة في الزھد ، عنھ بالتربیة القرآنیة و

فقد ضرب لنا أروع األمثلة في الزھد وإلیك التفصیل .إن ح��رص الم��رء عل��ى الش��رف والمل��ك أش��د م��ن حرص��ھ عل��ى الم��ال كم��ا أن طلب شرف الدنیا والرفع�ة فیھ�ا ، والریاس�ة عل�ى الن�اس ، والعل�و ف�ي األرض

ال ، وض�رره أعظ�م والزھ�د فی�ھ أص�عب ، ف�إن أضر على العبد م�ن طل�ب الم� المال یبذل في طلب الریاسة والشرف ، والحرص على الشرف على قسمین :

أحداھما : طلب الشرف بالوالیة السلطان والمال ، وھذا خطر ج�دا ، وھ�و ف�ي تل�ك ال�دار الغالب یمنع خی�ر اآلخ�رة وش�رفھا وكرامتھ�ا وعزھ�ا . ق�ال تع�الى : ((

ا في األرض وال فسادا والعاقبة للمتق�ین اآلخ )) (القصص ، آی�ة : رة نجعلھا للذین ال یریدون علو�) . وقل من یحرص على ریاس�ة ال�دنیا بطل�ب الوالی�ات فیوف�ق ، ب�ل یوك�ل 83

ب�ن س�مرة رض�ي هللا ، كما قال : صلى هللا علیھ وسلم لعبد ال�رحمن 2إلى نفسھعنھ : یا عبد الرحمن ال تسأل اإلمارة فإنك إن أعطیتھا عن مسألة وكل�ت إلیھ�ا

، وع��ن أب��ي ھری��رة رض��ي هللا 3، وإن أعطیتھ��ا ع��ن غی��ر مس��ألة أعن��ت علیھ��اعنھ قال : إنك�م ستحرص�ون عل�ى اإلم�ارة وس�تكون ندام�ة ی�وم القیام�ة فنعم�ت

المال والریاسة والحرص علیھم�ا یفس�د إن حب 5، وبئست الفاطمة 4المرضعةدین المرء ، حتى ال یبقى منھ إال ما شاء هللا فقد قال صلى هللا علیھ وس�لم ، م�ا ذئبان جائعان أرسال في غنم بأفسد لھا من حرص المرء عل�ى الم�ال والش�رف

. وأص��ل محب��ة الم��ال والش��رف ح��ب ال��دنیا ، وأص��ل ح��ب ال��دنیا إتب��اع 6لدین��ھال وھب بن منبھ : من إتباع الھوى الرغبة في الدنیا ، ومن الرغب�ة ، ق 7الھوى

ولذلك 8فیھا حب المال والشرف ، ومن حب المال والشرف استحالل المحارما من طغىقال تعالى : (( نیا* فأم �ا م�ن خ�اف * ف�إن الجح�یم ھ�ي الم�أوى* وآثر الحی�اة ال�د وأم

) 41ـ 37)) (النازعات ، آیة : فإن الجنة ھي الم�أوى* مقام ربھ ونھى النفس عن الھوى. كم��ا أن ال��نفس تح��ب الرفع��ة والعل��و عل��ى أبن��اء جنس��ھا وم��ن ھن��ا نش��أ الكب��ر والحس��د ، ولك��ن العاق��ل ین��افس ف��ي العل��و ال��دائم الب��اقي ال��ذي فی��ھ رض��وان هللا

وقرب��ھ وج��واره ، ویرغ��ب ع��ن العل��و الث��اني ال��ذي الف��اني الزائ��ل ال��ذي یعقب��ھ غضب هللا وسخطھ وانحطاط العبد وسفولھ وبعده ع�ن هللا وط�رده عن�ھ ، فھ�ذا العلو الثاني الذي یذم وھو العت�و والتكب�ر ف�ي األرض بغی�ر الح�ق . وأم�ا العل�و

وف���ي ذل���ك فلیتن���افس تع���الى : ((األول والح���رص علی���ھ ، فھ���و محم���ود ق���ال هللاج�ل ینافس�ك 26)) (المطفف�ین ، آی�ة : المتنافسون ) . وق�ال الحس�ن : إذا رأی�ت الر

ف��ـي ال��دنیا فنافس��ھ ف��ي اآلخ��رة ، وق��ال وھی��ب ب��ن ال��ورد : إن اس��تطعت أن ال

. 2856مسلم رقم 1 . 33ما ذئبان جائعان البن رجب صـ 2 . 6622البخاري رقم 3 مثل ضربھ لإلمارة وما یصل إلى الرجل من المنافع فیھا واللذات . 4 . 7148افعھا عنھ ، البخاري رقم مثل ضربھ للموت الذي یھدم علیھ تلك اللذات ویقطع من 5 حسن صحیح . 3218اإلحسان في تقریب صحیح ابن حبان رقم 6 . 71شرح حدیث ما ذئبان جائعان البن رجب صـ 7 . 71المصدر نفسھ صـ 8

170

فس وطل�ب . ففي درجات اآلخرة الباقیة یش�رع التن�ا 1یسبقك إلى هللا أحد فافعلعي في أسبابھ ، وأن ال یقنع اإلنس�ان العلو في منازلھا والحرص على ذلك بالسمنھا بالدون مع قدرت�ھ عل�ى العل�و ،�ـ وأم�ا العل�و الف�اني ، المنقط�ع ال�ذي یعق�ب صاحبھ غدا حس�رة وندام�ة وذل�ة وھوان�ا وص�غارا فھ�و ال�ذي ینش�ر الزھ�د فی�ھ

قھ العظیم والفھم العمی�ق نتعلم�ھ م�ن س�یرة الحس�ن ، وھذا الف 2واإلعراض عنھبن علي رضي هللا عن�ھ فق�د ت�رك المل�ك والس�لطان رغب�ة فیم�ا عن�ـد هللا وحقن�ا لدماء المسلمین ، فقد تركھا وھو في قوة ومنعة فقد قال : كانت جماجم الع�رب

. 3بیدي ، یسالمون من سالمت ویحاربون من حاربت فتركتھ�ا ابتغ�اء وج�ھ هللاقال ف�ي روای�ة أخ�رى : .. ولك�ن خش�یت أن یج�ئ ی�وم القیام�ة س�بعون ألف�ا أو و

ثمانون ألفا ، أو أكثر أو أقل ، كلھم تنضح أوداجھم دما ، كلھم یستعدي هللا ف�یم 4ھریق دمھ ، فزھ�د ف�ي 5، لقد بایع الحسن بن علي بعد وفاة عل�ي تس�عون ألف�ا

. 6وق�ال : ال یھ�رق عل�ي ی�دي محجم�ة دمالخالفة ، فلم یردھا وسلمھا لمعاویة وقال في روایة : ما أحببت أن ألي من أمة محمد مثقال حبة من خ�ردل یھ�راق

. 7فیھ محجمة من دم ، قد علمت ما ینفعني مما یضرني ، فالحقوا بطیتكم ـ إنفاقھ وكرمھ وجوده : 4س��دت ف��ي م��ن األخ��الق القرآنی��ة والت��ي تتص��ف بھ��ا النف��وس الكریم��ة الت��ي تج

شخصیة الحسن بن علي رضي هللا عن�ھ ، خل�ق الك�رم والج�ود ، وكث�رة اإلنف�اق في سبیل هللا تعالى ، وكان تنوی�ھ الق�رآن الك�ریم بأھ�ل الك�رم عظیم�ا ، وق�د ك�ان ھذا التنویھ من أول القرآن الكریم حیث یقول سبحانھ في مستھل ثاني سورة بعد

�الة ال�ذین یؤمن�ون بالغی�* ال ریب فی�ھ ھ�دى للمتق�ین ذلك الكتاب البسملة : ((ألم * ب ویقیم�ون الصا رزقناھم ینفقون)) )) أولئك على ھدى م�ن ربھ�م وأولئ�ك ھ�م المفلح�ون ثم وصفھم بقولھ : ((ومم

می�ر الم�ؤمنین الحس�ن ب�القیم القرآنی�ة والنبوی�ة ) وق�د ت�أثر أ5ـ 1(البقرة ، آی�ة : والتربیة العملیة في حضن أمیر المؤمنین علي وانعكس ذلك على نفس�یتھ وت�رك لن��ا آث��ارا ب��ارزة دال��ة عل��ى تأص��ل خل��ق الج��ود والك��رم واإلنف��اق ف��ي شخص��یتھ العظیمة ، فقد كان على جانب عظیم من السخاء والجود ، وكیف ال یكون ك�ذلك

وكبر في بیت أكرم الكرماء سیدنا رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم الذي وقد شب ك��ان یعط��ي عط��اء م��ن ال یخش��ى الفق��ر ، وق��د تسلس��لت إلی��ھ ھ��ذه الخل��ة الكریم��ة وتشربتھا نفسھ في طفولتھ ، وأخبار كرم�ھ وج�وده أص�بحت مض�رب األمث�ال ،

. 8وقدوة العظماء من الرجالم�ا أج�از الحس�ن ب�ن عل�ي الرج�ل الواح�د بمائ�ة منھا : قال محمد بن س�یرین : رب

، وقال سعید بن عبد العزیز ، سمع الحس�ن رج�ال إل�ى جانب�ھ ی�دعو هللا أن 9ألف

. 72المصدر نفسھ صـ 1 . 73المصدر نفسھ صـ 2 ) .11/206البدایة والنھایة ( 3 ) .14/104تاریخ دمشق ( 4 ) .14/98نفسھ ( المصدر 5 ) .14/98المصدر نفسھ ( 6 ) .14/89بطیتكم : طیة الشئ ـ جھتھ ونواحیھ ، تاریخ دمشق ( 7 . 84الدوحة النبویة الشریفة صـ 8 ) .6/234تھذیب الكمال ( 9

171

، وذك�روا أن�ھ رأى غالم�ا 1یملكھ عشرة آالف درھم فقام إل�ى منزل�ھ فبع�ث إلی�ھفي حائط من ح�وائط المدین�ة یأك�ل م�ن رغی�ف لقم�ة ، ویطع�م كلب�ا ھن�اك لقم�ة ،

لھ : ما حملك على ھذا ؟ فقال : إني استحیي من أن آكل وال أطعم�ھ ، فق�ال فقالل��ھ الحس��ن : ال تب��رح مكان��ك حت��ى آتی��ك ف��ذھب إل��ى س��یده فاش��تراه ، واش��ترى الح��ائط ال��ذي ھ��و فی��ھ ، فأعتق��ھ وملك��ھ الح��ائط ، فق��ال ل��ھ الغ��الم : ی��ا م��والي ق��د

ب��دي : انطلقن��ا حجاج��ا ، وق��ال أب��و ھ��ارون الع 2وھب��ت الح��ائط لل��ذي وھبتن��ي ل��ھفدخلنا المدینة ، فدخلنا على الحسن بن عل�ي ، فح�دثناه بمس�یرتنا ، وحالن�ا ، فلم�ا خرجنا بعث إلى كل واحد منا بأربعمائة ، فرجعنا ، فأخبرناه بیسارنا ، فقال : ال تردوا على معروفي فلو كنت في غیر ھذه الحال لكان ھذا لك�م یس�یرا ، أم�ا إن�ي

، فھذا الحسن بن علي رض�ي 3هللا یباھي مالئكتھ بعباده یوم عرفة مزودكم ، إنهللا عنھ قد أعطى أولئك الحجاج ذلك المال مع ظھور یسارھم ، فكیف الحال ل�و كانوا محتاجین ، وحینما أظھروا لھ عدم حاجتھم ل�م یقب�ل م�نھم رد ذل�ك الم�ال ،

ول�م ی�نس أن ی�زودھم وھذا دلیل على قوة الدافع في نفسھ نحو الس�خاء والج�ود ،بما ھو خیر من ذل�ك حی�ث ذك�رھم بفض�ل ی�وم عرف�ة ال�ذي یب�اھي هللا تع�الى ب�ھ

، وع��ن عب��د هللا ب��ن عبی��د هللا ب��ن عمی��ر ق��ال ق��ال : اب��ن 4مالئكت��ھ عل��یھم الس��المعباس عن الحسن بن علي : ولقـد قاسم هللا مالھ ث�الث م�رات ، حت�ى إن�ھ یعط�ي

ل عزیز في الكرم ، حیث قس�م الحس�ن ب�ن عل�ي . وھذا مثا 5الخف ویمسك النعلرضي هللا عنھ مالھ قسمین ثالث مرات ، فكان یتصدق بنصف مالھ ، ولق�د ك�ان دقیق��ا ف��ي محاس��بتھ نفس��ھ وكأن��ھ ی��ؤدي واجب��ا م��ن الواجب��ات ، حی��ث ك��ان یعط��ي الخف ویمسك النع�ل م�ع أن أح�دھما ال یغن�ي ع�ن اآلخ�ر وأن�ھ ف�ي عمل�ھ ھ�ذا ق�د

. فق�د ك�ان رض�ي هللا 6وة للمسلمین في أعمال الخیر واإلحسانجعل من نفسھ قد، وم�ن أخب�ار 8، وع�د رض�ي هللا عن�ھ م�ن األج�واد 7عنھ من أسخى أھل زمان�ھ

ج��وده أن معاوی��ة ب��ن أب��ي س��فیان بع��ث إلی��ھ بمائ��ة أل��ف فقس��مھا ب��ین جلس��ائھ ، ، ومن أخب�ار كرم�ھ أن�ھ دخ�ل عل�ى أس�امة 9فأصاب كل واحد منھم عشرة آالف

زید وھ�و یج�ود بنفس�ھ ویق�ول واكرب�اه واحزن�اه فق�ال ل�ھ الحس�ن ، وم�ا ال�ذي بنأحزنك یا عم ، فقال لھ أي ابن رسول هللا علي دین مقداره ستون ألف درھم وال أتمكن من رده فقال الحسن رضي هللا عنھ ، س�أردھا عن�ك ، فق�ال ل�ھ أس�امة ف�ك

. وكان الناس یش�ھدون 10رسالتھهللا رھانك یا ابن النبي أن هللا أعلم حیث یجعل للحسن رضي هللا عن�ھ بكرم�ھ ودلی�ل ذل�ك أن إعرابی�ا ق�دم إل�ى المدین�ة یس�تعطي الناس فقیل لھ علیك بالحسن بن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ أو عب�د هللا

) .3/260سیر أعالم النبالء ( 1 ) .11/196البدایة والنھایة ( 2 ) .3/261سیر أعالم النبالء ( 3 ) .17/136اإلسالمي (التاریخ 4 ) .3/260سیر أعالم النبالء ( 5 ) .17/137التاریخ اإلسالمي ( 6 . 32، الحسن بن علي صـ 55المحاسن والمساوي صـ 7 لم تنشر . 32الحسن بن علي ، رسالة ماجستیر صـ 8 . 32البدایة والنھایة نقال عن الحسن بن علي صـ 9

. 57المحاسن والمساوئ صـ 10

172

ب��ن جعف��ر أو س��عید ب��ن الع��اص ، فلق��ي س��عید ب��ن الع��اص ، فأكرم��ھ وأعط��اه م��ا ض�ي هللا عن�ھ أن�ھ قی�ل ل�ھ م�ن أحس�ن الن�اس عیش�ا ؟ ، ومن كرم الحس�ن ر 1أراد

فقال من أشرك الناس في عیشھ وقیل لھ من شر الناس ؟ فقال : من ال یعیش في ولق��د س��ئل الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ألي ش��ئ ن��راك ال ت��رد 2عیش��ھ أح��د

س��ائال وإن كن��ت عل��ى فاق��ة ، فق��ال : إن��ي � س��ائال وفی��ھ راغ��ب وإن هللا تع��الى ي عادة ، عودني أن یفیض نعمھ علي وعودتھ أن أفیض نعمھ عل�ى الن�اس عودن

، وكان الحسن رضي هللا عنھ في 3، فأخشى أن قطعت عادتي أن یمنعني عادتھسخاءه وإیثاره ال یمی�ز ب�ین غن�ي وفقی�ر ، أو ص�غیر وكبی�ر ، أو قری�ب أو بعی�د

لس�خاء ل�ذتھا ف�ي ألن النفس التي ترت�اح للب�ذل والعط�اء ، وجبل�ت عل�ى الك�رم واابتغ�اء مرض�اة هللا وطلب�ا للمثوب�ة واألج�ر تج�د راحتھ�ا ف�ي ذل�ك . 4إسعاد الناس

وكأن الشاعر حافظ إبراھیم كان یعني الحسن عندما قال : إني لتطربني الخـالل كریمة طرب الغریب بأوبة وتالق ني ذكر المروءة والندى ویھز ھـزة المشتاقبین الشمائل فإذا رزقت خلیـقة محمودة م األرزاق فقد اصطفاك مقس فالناس ھذا حظھ مال ، وذا علم ، وذاك مكارم األخالق

وع��ن عل��ي ب��ن أب��ي طال��ب رض��ي هللا عن��ھ ، أن��ھ خط��ب الن��اس ث��م ق��ال : إن اب��ن ھ بینكم ، فحض�ر الن�اس أخیكم الحسن بن علي قد جمع ماال ، وھو یرید أن یقسم

فقام الحسن فقال : إنما جمعتھ للفقراء ، فقام نصف الناس ، ثم كان أول م�ن أخ�ذ ، وم��ن س��یرة الحس��ن ب��ن عل��ي ن��تعلم أن بدای��ة انط��الق 5من��ھ األش��عث ب��ن ق��یس

ال��نفس إل��ى رض��اء هللا ، وتخلص��ھا م��ن ج��واذب األرض ، وتطھیرھ��ا م��ن الش��ح یص�یر س�جیة م�ن س�جایاھا ، فتزھ�د ف�ي الم�ال بدوام اإلنف�اق ف�ي س�بیل هللا حت�ى

ویخ��رج حب��ھ م��ن القل��وب ف��ال یف��رح ص��احبھ بزیادت��ھ وال یح��زن عل��ى نقص��انھ ال یح�ب ك�ل مخت�ال مصداقا لقولھ تعالى : (( لكیال تأسوا على ما ف�اتكم وال تفرح�وا بم�ا آت�اكم و�

) . كما أن للصدقة أث�ر عظ�یم ف�ي تزكی�ة النف�وس ف�إن 23آیة : )) (الحدید ، فخ�ور لھا فوائد أخرى عظیمة في الدنیا واآلخرة منھا :

فھي أفضل استثمار للمال : •عن أبي ھریرة ـ رضي هللا عن�ھ ـ ق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : م�ن

یقبلھ�ا تصدق بع�دل تم�رة م�ن كس�ب طی�ب ، وال یقب�ل هللا إال الطی�ب ، ف�إن هللا . 6بیمینھ ، ثم یربیھا لصاحبھا كما یربي أحدكم فلوه حتى یكون مثل الجبل

) .1/95ة المرام ، عز الدین القریشي (غای 1 ) .227، 2/226تاریخ الیعقوبي ( 2 للماوردي . 438نصیحة الملوك صـ 3 . 84الدوحة النبویة الشریفة صـ 4 ) إسناده صحیح .1/278الطبقات ( 5 صحیح متفق علیھ ، والفلو : الفرس أول ما یولد . 6

173

وھي حجاب من النار : •عن عائشة ـ رضي هللا عنھا ـ قالت : قال رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم : ی�ا عائش�ة اس�تتري م�ن الن�ار ول�و بش�ق تم�رة ، فإنھ�ا تس�د م�ن الج�ائع مس�دھا م��ن

1الشبعان احبھا یوم القیامة :وھي ظل لص •

عن عقبة بن عامر ـ رضي هللا عنھ ـ ق�ال : س�معت رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ . 2وسلم : یقول كل امرئ في ظل صدقتھ حتى یقضي بین الناس

والصدقة تدفع العذاب وقد ترد الحقوق بین الناس : •لی�ھ عن أبي سعید الخدري ـ رضي هللا عنھ ـ قال : ق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا ع

وسلم : یا معش�ر النس�اء تص�دقن وأكث�رن االس�تغفار ، ف�إني رأی�تكن أكث�ر أھ�ل . ق��ال اب��ن حج��ر : وف��ي ھ��ذا 3الن��ار ، إنك��ن تكث��رن اللع��ن ، وتكف��رن العش��یر

. 4الحدیث : أن الصدقة تدفع العذاب ، وأنھا تكفر الذنوب بین المخلوقینث التي تؤید تل�ك الفوائ�د وأما في الدنیا ففوائدھا كثیرة ومجزیة وجاءت األحادی

، فھي دواء للمرض�ى ، وت�دفع ال�بالء ، وتیس�ر األم�ور ، تجل�ب ال�رزق ، تق�ي . 5مصارع السوء ، وتطفئ غضب الرب ، وتزیل أثر الذنوب

إن لإلنفاق ف�ي س�بیل هللا عالق�ة وثیق�ة بالس�یر إل�ى هللا فھ�و وس�یلة م�ؤثرة غای�ة یاء القلب وإیقاظ اإلیمان ، ولنا ف�ي التأثیر كما أنھ من الوسائل المحوریة في إح

جود وكرم وإنفاق الحسن بن علي أسوة وق�دوة حس�نة . ف�إن اإلنف�اق ف�ي س�بیل هللا من أعظم أبواب الجنة وھو مفتوح للمؤسرین أكثر م�ن غی�رھم ، دخ�ل م�ن خالل��ھ س��ادات األم��ة الجن��ة ، مث��ل عثم��ان وعب��د ال��رحمن ب��ن ع��وف والحس��ن

لمین ف�ي العص��ر الح�دیث أن یقتحم��وا ھ�ذا الب��اب وغی�رھم ، فعل��ى أغنی�اء المس��فیدعموا قضایا اإلسالم العادلة ومشاریع الدعوة إلی�ھ بم�ا یس�تطیعون فیكس�بون رضا هللا ودخول الجنة والمس�اھمة ف�ي نص�رة دی�ن هللا وإغاث�ة المحت�اجین وال

یبخلوا فیضیق هللا علیھم . ـ حلمھ : 5

ك�الم ، فأقب�ل علی�ھ م�روان فجع�ل كان ب�ین الحس�ن ب�ن عل�ي وم�روان ب�ن الحك�م یغلظ لھ ، والحسن ساكت ، فامتخط مروان بیمینھ ، فقال الحسن رضي هللا عن�ھ

6: ویحك أما علمت أن الیمین للوجھ والش�مال للف�رج ، أف ل�ك ، فس�كت م�روانوما سكون الحسن رضي هللا عنھ ، إال لما كان لح�ق نفس�ھ ، فلم�ا خ�الف م�روان

، ولما م�ات رض�ي هللا عن�ھ ، 7نة وأبان لھ الصواب فیھاالسنة ، غضب � وللسعھ م�ا بكى مروان بن الحكم في جنازتھ ، فقال لھ الحسین : أتبكیھ وقد كنت تجر

. 855صحیح الترغیب والترھیب لأللباني 1 . 822صحیح الترغیب والترھیب رقم 2 متفق علیھ . 3 ) .1/536فتح الباري ( 4 . 189إلى 188اإلیمان أوال كیف نبدأ بھ صـ 5 ) .3/260سیر أعالم النبالء ( 6 . 87الدوحة النبویة الشریفة صـ 7

174

عھ ؟ فقال : إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من ھذا وأشار إلى الجبل ، وذكر 1تجرس�اكنھا أفض�ل ابن عائشة أن رج�ال م�ن أھ�ل الش�ام ، ق�ال : دخل�ت المدین�ة عل�ى

الصالة والسالم ، فرأیت رجال راكبا على بغلة ، لم أر أحس�ن وجھ�ا وال س�متا ، وال ثوب��ا ، وال داب��ة من��ھ ، فم��ال قلب��ي إلی��ھ فس��ألت عن��ھ ، فقی��ل : ھ��ذا الحس��ن ب��ن علي بن أبي طالب فامتأل قلبي بغضا لھ ، وحسدت علیا أن یكون ل�ھ اب�ن مثل�ھ ،

أنت ابن علي بن أبي طالب ؟ قال : أنا ابن�ھ ، قل�ت : فع�ل فصرت إلیھ ، فقلت : أب��ك وبأبی��ك ، أس��بھما ، فلم��ا انقض��ى كالم��ي ، ق��ال ل��ي : أحس��بك غریب��ا ، قل��ت : أج��ل ، ق��ال : م��ر بن��ا ف��إن احتج��ت إل��ى من��زل أنزلن��اك ، وإن احتج��ت إل��ـى م��ال

ب آسیناك ، أو إلى حاجة عاوناك ، قال : فانصرفت عنھ ، وما على األرض أح�، وھ��ذه 2إل�ي من�ھ وم�ا فك�رت فیم�ا ص�نع ، وص�نعت إال ش�كرتھ وخزی�ت نفس�ي

المواقف الكریمة التي نتعلم منھا الحلم من سیرة الحسن بن علي رض�ي هللا عن�ھ وكیفی��ة كس��ب المخ��الفین ، باإلحس��ان إل��یھم والترف��ق بھ��م والص��بر عل��ى آذاھ��م

معرف��ة الحق��ائق ، ومحب��ة الخی��ر لھ��م وق��د یغل��ب عل��ى كثی��ر م��نھم الجھ��ل وع��دم األع��راف ، )) (خ��ذ العف��و وأم��ر ب��العرف وأع��رض ع��ن الج��اھلین تطبی��ق لق��ول هللا تع��الى : ((

)واقتداء بجده صلى هللا علیھ وس�لم ، فق�د بل�غ علی�ھ الص�الة والس�الم 199اآلیة : ات الت�ي الذروة والغایة في حلمھ وعفوه وضبط نفسھ إزاء التخرص�ات والمفتری�

نسبت إلیھ ، إضافة إلى اإلیذاء من مش�ركین الع�رب : ك�امرأة أب�ي لھ�ب ، وأب�ي ، ووص��فت الس��یدة عائش��ة 3جھ��ل ، وأب��ي ب��ن خل��ف ، وغی��رھم م��ن س��فھاء مك��ة

رضي هللا عنھا خلق رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم فقال�ت وال یج�زي بالس�یئة : م�ا ض�رب رس�ول هللا ص�لى ، وعنھ�ا أیض�ا قال�ت 4السیئة ولكن یعف�و ویص�فح

هللا علیھ وسلم شیئا قط ـ بی�ده وال ام�رأة وال خادم�ا إال أن یجاھ�د ف�ي س�بیل هللا ، وم��ا نی��ل من��ھ ش��ئ ـ ق��ط فین��تقم م��ن ص��احبھ ، إال أن ینتھ��ك ش��یئا م��ن مح��ارم هللا

. 5فینتقم � عز وجلق�ال : م�ن وعن معاذ بن أنس رضي هللا عنھ أن رسول هللا صلى الھ علیھ وس�لم

دعاه هللا یوم القیامة على رؤوس الخالئ�ق 6كظم غیظا ـ وھو قادر على أن ینفذه وفي صفة الحلم یقول الشاعر : 8شاء 7حتى یخیر من أي الحور العین

وفي الحلم ردع للسفیھ عن األذى إغ���راء ف���ال تل���ك 9وف���ي الخ���رق

أخرقا فتنــدم إذ ال تنفعـك ندامـة قا 1كما نـدم المغبـون لمـا تفر

) .6/235تھذیب الكمال ( 1 ) .68، 2/67وفیات األعیان ( 2 . 139تطبع ، فیصل الحاشدي صـ األخالق بین الطبع وال 3 . 1640وصححھ األلباني في صحیح سنن الترمذي رقم 2016رواه الترمذي رقم 4 . 2328مسلم رقم 5 ومنھ العفو عند المقدرة . 6 الحور : نساء شدیدات سواد العیون وبیاضھا . 7 ) .2/6518حسنھ األلباني صحیح الجامع ( 4777سنن الترمذي رقم 8فق . الخرق 9 : الجھل ضد الر

175

ـ تواضعھ : 6

مر الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ عل�ى جماع�ة م�ن الفق�راء ق�د وض�عوا عل�ى وجھ األرض كسیرات من الخبز كانوا ق�د التقطوھ�ا م�ن الطری�ق ، وھ�م ی�أكلون منھ���ا ف���دعوه إل���ى مش���اركتھم فأج���ابھم إل���ى ذل���ك وھ���و یق���ول : إن هللا ال یح���ب

ولما فرغ من تناول الطعام دعاھم إل�ى ض�یافتھ ، ف�أطعمھم وكس�اھم المتكبرین . ، وم��ن مواق��ف تواض��عھ ، أن��ھ م��ر عل��ى ص��بیان 2وأغ��دق عل��یھم م��ن إحس��انھ

یتن��اولون الطع��ام ف��دعوه لمش��اركتھم ، فأج��ابھم إل��ى ذل��ك ث��م حملھ��م إل��ى منزل��ھ ونح�ن فمنحھم ببره ومعروفھ وقال : الید لھم ألنھم ل�م یج�دوا غی�ر م�ا أطعم�وني

، فصفة التواضع من صفات عب�اد ال�رحمن ، ق�ال هللا تع�الى 3نجد مما أعطیناھمحمن ال��ذین یمش��ون عل��ى األرض ھون��اوتب��ارك : (( ) ، 63)) (الفرق��ان ، اآلی��ة : وعب��اد ال��ر

آمن�وا م�ن ی�ا أیھ�ا ال�ذین والتواضع عالمة من عالمات حب هللا للعبد ، قال تع�الى : (( بق��وم یح��بھم ویحبون��ھ أذل��ة عل��ى الم��ؤمنین أ ة عل��ى الك��افرین یرت��د م��نكم ع��ن دین��ھ فس��وف ی��أتي � ع��ز

وال یخ��افون لوم��ة الئ��م ذل��ك فض��ل � واس��ع یجاھ��دون ف��ي س��بیل � عل��یم)) یؤتی��ھ م��ن یش��اء و�) فم��ن س��یرة الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ ن��تعلم ص��فة 54(المائ��دة ، اآلی��ة :

التواضع قال الشاعر : لناظر 4تواضع كالنجم الح على صفحات الماء وھو رفیع وألنك كالدخان یعلو بنفسھ 5یععلى طبقات الجو وھو وض

ـ سیادتھ : 7

ولق��د أعل��ن رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم مكان��ة ھ��ذا اإلم��ام وس��یادتھ وجالل��ة ق��دره ، عل��ى م��رأى ومس��مع م��ن الن��اس ف��ي غی��ر م��رة ، وق��د ت��واترت الروای��ات بقولھ صلى هللا علیھ وسلم عن الحسن ، إن ابني ھ�ذا س�ید ، ق�ال اب�ن عب�د الب�ر :

صلى هللا علیھ وسلم أنھ ق�ال ف�ي الحس�ن ب�ن وتواترت اآلثار الصحاح عن النبيعلي : إن ابني ھذا سید وعسى هللا أن یبقیھ حتى یصلح بین فئتین عظیمت�ین م�ن

، وجاء م�ن ح�دیث ج�ابر ب�ن عب�د هللا ق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ 6المسلمینوس��لم : إن ابن��ي ھ��ذا ـ یعن��ي الحس��ن ـ س��ید ، ولیص��لحن هللا ب��ھ ب��ین فئت��ین م��ن

، وعن سعید بن أبي س�عید ق�ال : كن�ا م�ع أب�ي ھری�رة جلوس�ا ، فج�اء 7مسلمینالحسن ب�ن عل�ي ب�ن أب�ي طال�ب فس�لم علین�ا ، فرددن�ا علی�ھ ، وأب�و ھری�رة ال یعل�م فمضى ، فقلنا : یا أبا ھریرة ھذا حسن بن علي قد سلم علینا ، فقام فلحقھ ، فق�ال

. 151األخالق بین الطبع والتطبع صـ 1 ) .1/291حیاة اإلمام الحسن بن علي ( 2 ) .5/437صالح األمة في علو الھمة ( 3 : الح : ظھر وبرز . 128األخالق بین الطبع والتطبع صـ 4 . 128المصدر نفسھ صـ 5 ) .7/94البخاري ، فضائل الصحابة ( 6 . 2597في الكبیر رقم الطبراني 7

176

إن�ي س�معت رس�ول هللا ص�لى هللا : یا سیدي ، فقلت لھ : تقول ی�ا س�یدي ؟ ق�ال : ه أن ینظر 1علیھ وسلم یقول : إنھ لسید ، وعن جابر بن عبد هللا أنھ قال : من سر

، وع��ن أب��ي س��عید 2إل��ى س��ید ش��باب أھ��ل الجن��ة فلینظ��ر إل��ى الحس��ن ب��ن عل��يالخ��دري ق��ال ، ق��ال رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : الحس��ن والحس��ین س��یدا

قل إلینا خبر سیادة الحسن والحسین في الجنة جمع غفیر وقد ن 3شباب أھل الجنةمن الصحابة ، وما ذل�ك إال إلع�الن رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ب�ذلك م�رة

، وق�د أثبت�ت األی�ام وم�رور الش�ھور واألع�وام 4بعد مرة ، أو في محاف�ل جامع�ةعق�د على رسوخ صفة السیادة في الحسن وقد بلغت ذروتھا في توفیق هللا لھ ف�ي

الصلح مع معاویة ، وجمع األمة على كلمة سواء ، فقـد كان الحس�ن س�یدا جل�یال ، ویعلمنا الحسن بأن الس�یادة ال تك�ون ب�القھر وس�فك ال�دماء ، أو أھ�دار األم�وال والحرمات ، ب�ل الس�یادة بص�یانتھا وإزال�ة البغض�اء والش�حناء ، فص�لحھ وحقن�ھ

التي ال یستطیعھا من فكر بالقوة وھو یمل�ك لدماء المسلمین بلغ فیھ ذروة السیادةطرف��ا منھ��ا ، وق��د ص��الح الحس��ن معاوی��ة وحول��ھ األل��وف ف��یھم م��ن ھ��و ط��امع مدسوس ولك�ن ف�یھم الكثی�ر الكثی�ر م�ن المخلص�ین األوفی�اء ، فم�ا أراد أن ت�راق بس�ببھ قط�رة دم ، أو یخ��دش مس�لم ف��ي ھ�ذا الس�بیل ، وإن الرئاس��ة لألق�وام إن ل��م

ھا وحیاطتھا وحفظھا ، وترقیتھا ، فھي ن�وع م�ن الط�اغوت األعم�ى تكن لصیانتوالتھ��ور األحم��ق ، والمغ��امرة والمق��امرة الت��ي تجل��ب معھ��ا ال��دمار والخ��راب ، واإلذالل والیب��اب ، وینتھ��ي أص��حابھا إل��ى غض��ب هللا ، ولعن��ة الت��اریخ ، وھ��ل

ل��ى ت��دافع أم��واج ال��دماء البش��ریة عب��ر العص��ور والق��رون إال م��ن الح��رص ع . 5الرئاسة والسلطان والتكالب على الدنیا

ـ صفاتھ الخلقیة : 8

ك��ان الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ س��یدا وس��یما جم��یال أب��یض الل��ون مش��ربا بحمرة أدعج العینیین س�ھل الخ�دین ك�ث اللحی�ة ك�أن عنق�ھ أبری�ق فض�ة ، عظ�یم

ن أحس��ن الن��اس الك��رادیس بعی��د م��ا ب��ین المنكب��ین ل��یس بالطوی��ل وال بالقص��یر م��، وم�ن برك�ات هللا س�بحانھ وتع�الى عل�ى الحس�ن 6وجھا جعد الشعر حسن الب�دن

؟ 7أنھ كان أشبھ الناس بجده صلى هللا علیھ وسلم

ثانیا : من حیاة الحسن بن علي في المجتمع :ت��رك لن��ا الحس��ن ب��ن عل��ي مواق��ف متمی��زة م��ن حیات��ھ ف��ي المجتم��ع اإلس��المي

ا عل��ى تص��حیح المف��اھیم وقض��ـاء ح��وائج الن��اس ، الراش��دي ، فق��د ك��ان حریص��

ه الذھبي .3/169المستدرك ( 1 ) وقال الحاكم صحیح وأقر ) .9/178) ، مجمع الزوائد (422، 15/421صحیح ابن حبان ( 2 ) وقد صح ھذا الحدیث من أوجھ كثیرة .3/166مستدرك الحاكم ( 3 . 81الدوحة النبویة الشریفة صـ 4 . 94المصدر نفسھ صـ 5 . 105) ، أخبار الدول صـ 3/49النبالء (سیر أعالم 6 . 24الحسن بن علي فتیخان كردي صـ 7

177

ومخالطتھم بالحسنى ، وإرشادھم بالمواعظ ، والحك�م الن�ادرة وغی�ر ذل�ك وإلی�ك تفصیل ما أجملت :

ـ تفنیده لمعتقد الرجعة : 1عن عمرو بن األصم ، قلت للحسن : إن الشیعة تزعم أن علی�ا مبع�وث قب�ل ی�وم

جن�ا القیامة ، قال : كذبوا وهللا ، ما ھؤالء بالشیعة ، لو علمن�ا أن�ھ مبع�وث م�ا زو، وك�ان أول م�ن ق�ال بالرجع�ة اب�ن س�بأ ، إال أن�ھ ق�ال 1نساءه ، وال اقتسمنا مال�ھ

بأنھ غ�اب وس�یرجع ول�م یص�دق بموت�ھ ، وكان�ت عقی�دة الرجع�ة خاص�ة برجع�ة ام�ة اإلمام عند السبئیة الكیسانیة وغیرھا ، ولكنھا صارت عند االثن�ي عش�ریة ع

لإلمام وكثیر من الناس ، ویشیر األلوسي إلى تحول مفھوم الرجع�ة عن�د الش�یعة ، 2الرافضة من رجعة اإلمام فقط إل�ى ذل�ك المعن�ى الع�ام ك�ان ف�ي الق�رن الثال�ث وأما المفھوم العام لمبدأ الرجعة عند االثني عشریة فھو یشمل ثالثة أصناف :

م�ن مخبئ�ھ ، ویرج�ع م�ن غیبت�ھ ، األئمة األثني عشر ، حیث یخ�رج المھ�دي ـ • وباقي األئمة یحیون بعد موتھم ویرجعون لھذه الدنیا .

والة المسلمین الذین اغتصبوا الخالف�ة ـ ف�ي زعمھ�م الباط�ل ـ م�ن أص�حابھا ـ •الشرعیین "األئم�ة االثن�ي عش�ریة" فیبع�ث خلف�اء المس�لمین وف�ي مق�دمتھم أب�و

ه ال��دنیا كم��ا ی��زعم الش��یعة بك��ر وعم��ر وعثم��ان .. وم��ن قب��ورھم یرجع��ون لھ��ذالرافضة ـ لالقتصاص منھم بأخذھم الخالفة م�ن أھلھ�ا فتج�ري عل�یھم عملی�ات

التعذیب والقتل والصلب .ـ�� عام��ة الن��اس ، ویخ��ص م��نھم : م��ن مح��ض اإلیم��ان محض��ا ، وھ��م الش��یعة •

عموما ـ على حد زعمھ�م ـ وألن اإلیم�ان خ�اص بالش�یعة كم�ا تتف�ق عل�ى ذل�ك ال ش�یوخھم وم�ن مح�ض الكف�ر محض�ا وھ�م ك�ل الن�اس م�ا ع�دا روایاتھم وأق�و. ولھذا قالوا في تعریف الرجعة إنھ�ا رجع�ة كثی�ر م�ن األم�وات 3المستضعفین

، وعودتھم إلى الحیاة بعد الموت في ص�ورھم الت�ي 4إلى الدنیا قبل یوم القیامةل�ى . وقد خالف الشیعة الرافضة علم�اء أھ�ل البی�ت مم�ن س�ارو ع 5كانوا علیھا

الھدى والحق كتاب هللا وسنة رسولھ ف�ي معتق�د الرجع�ة وعل�ى رأس�ھم الحس�ن بن علي بن أبي طال�ب رض�ي هللا عن�ھ ، وجعل�وا الرجع�ة م�ن أص�ول الم�ذھب الش��یعي الرافض��ي ، فم��ن روای��اتھم اختالقھ��ا ال��رواة الكذب��ة : ل��یس من��ا م��ن ل��م

ا ف�ي الرجع�ة أنھ�ا ، وق�ال اب�ن بابوی�ھ ف�ي االعتق�ادات : واعتقادن� 6یؤمن بكرتنا، 8، وقال المفید : واتفقت اإلمامیة على وجوب رجعة كثیر من األموات 7حق

وقال الطبرسي والح�ر الع�املي ، وغیرھم�ا م�ن ش�یوخ الش�یعة : بأنھ�ا موض�ع

) .3/263سیر أعالم النبالء ( 1 ) أحمد أمین .3/237) ضحى اإلسالم (5/27روح المعاني ( 2 ) .2/1105أصول الشیعة اإلمامیة ( 3 . ) وضع عنوان في أعلى الصفحة أعظم دلیل على الرجعة2/76تفسیر القمي ( 4 . 95أوائل المقاالت صـ 5 ) .2/1103أصول الشیعة اإلمامیة ( 6 . 90االعتقادات صـ 7 . 51أوائل المقاالت صـ 8

178

، وأنھ�ا م�ن ض�روریات م�ذھبھم ، وأنھ�م : م�أمورون 1إجماع الشیعة اإلمامی�ة . 2قیامةباإلقرار بالتوحید والنبوة واإلمامة وال

إن فكرة الرجعة عن الشیعة الرفضة بعد الموت مخالفة صریحة ل�نص الق�رآن الكریم ، وباطلة بداللة آیات عدیدة من كتاب هللا سبحانھ وتعالى ، قالى تعالى :

لھ�ا وم�ن ورائھ�م ب�رزخ إل�ى لعلي أعمل صالحا فیما تركت كال إنھا كلم�ة ھ�و قائ * قال رب ارجعون ((وم�ن ورائھ�م ب�رزخ ) . فقولھ سبحانھ ((100، 99)) (المؤمنون ، اآلیة : یوم یبعث�ون

إلى یوم یبعثون ولو ترى إذ وقف�وا ، وقال تعالى : (( 3)) صریح في نفي الرجعة مطلقاب بآی�ات ربن�ا ونك�ون م�ن على الن�ار فق�ال ب�ل ب�دا لھ�م م�ا ك�انوا الم�ؤمنین * وا ی�ا لیتن�ا ن�رد وال نك�ذ

) 28، 27)) (األنع�ام ، اآلی�ة : یخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نھوا عنھ وإنھم لك�اذبون یسألون الرجوع عند الموت ، وعند العرض على الجب�ار ج�ال . فھؤالء جمیعا

عاله ، وعند رؤیة النار یجابون ، لما سبق من قضائھ أنھم ال یرجع�ون ول�ذلك عد أھل العلم القول بالرجعة إل�ى ال�دنیا بع�د الم�وت م�ن أش�د مراح�ل الغل�و ف�ي

، وق��د م��ر معن��ا موق��ف الحس��ن ب��ن عل��ي م��ن روای��ة عم��رو ب��ن 4بدع��ة التش��یعألصم وقد جاء في مسند أحمد أن عاصم بن ضمرة : وكان من أصحاب عل�ي ا

رضي هللا عنھ قال للحسن بن علي : إن الشیعة یزعم�ون أن علی�ا یرج�ع . ق�ال الحس��ن : ك��ذب أولئ��ك الك��ذابون ول��و علمن��ا ذل��ك م��ا ت��زوج نس��اؤه وال قس��منا

ئین وإثاب��ة ، والق��ول بالرجع��ة بع��د الم��وت عل��ى ال��دنیا لمج��ازة المس��ی 5میراث��ھوإنم�ا المحسنین یتافي طبیع�ة ھ�ذه ال�دنیا وأنھ�ا لیس�ت دار ج�زاء ق�ال تع�الى : ((

نیا إال مت��اع توف��ون أج��وركم ی��وم القیام��ة فم��ن زح��زح ع��ن الن��ار وأدخ��ل الجن��ة فق��د ف��از وم��ا الحی��اة ال��د) . وقد كان البن سبأ الیھودي دور التأس�یس 185عمران ، اآلیة : (آل)) الغرور

لمبدأ الرجعة ، إال أنھ�ا رجع�ة خاص�ة بعل�ي كم�ا أن�ھ ینف�ي وق�وع الم�وت علی�ھ أصال كحال االثني عشریة مع مھدیھم الذي یزعمون وجوده ، وعقیدة الرجعة

حش�ر قب�ل عند الشیعة اإلمامیة خالف ما علم من ال�دین بالض�رورة م�ن أن�ھ الیوم القیام�ة وأن هللا كلم�ا توع�د ك�افرا أو ظالم�ا إنم�ا توع�ده بی�وم القیام�ة ، كم�ا أنھا خ�الف اآلی�ات واألحادی�ث المت�واترة المص�رحة بأن�ھ ال رج�وع إل�ى ال�دنیا

. ھذا م�ن حی�ث النق�ل ، وأم�ا م�ن حی�ث العق�ل ، ف�إن هللا جع�ل 6قبل یوم القیامةدار ج�زاء فلم�اذا ی�رجعھم لل�دنیا لیحاس�بھم فیھ�ا الدنیا دار ابتالء وجعل اآلخرة

ومع وجود اآلخرة ، علما بأن عذاب اآلخرة أعظم وأشد لمن انحرف عن دینھ ، ول��م یح��دث أن أرج��ع هللا أح��دا م��ن األم��وات لیحاس��بھ ف��ي ال��دنیا ف��ي ت��اریخ

البشریة كلھا . ـ قضاء حوائج الناس : 2

ف��ذكر ل��ھ حاجت��ھ فخ��رج مع��ھ ج��اء رج��ل إل��ى الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھلحاجتھ ، فقال : أما إني قد كرھت أن أعینك في حاجتي ولقد بدأت بحس�ین فق�ال

) .5/52مجمع البیان ( 1 ) .4/334) مجمع البحرین (3/28القاموس ( 2 . 201مختصر التحفة صـ 3 ) .2/1124أصول الشیعة اإلمامیة ( 4 د شاكر إسناده صحیح .) قال أحم2/312مسند أحمد ( 5 ) .2/1124أصول الشیعة اإلمامیة ( 6

179

: لوال اعتكافي لخرجت معك . فقال الحسن : لقضاء حاج�ة أخ ل�ي ف�ي هللا أح�ب ، وجاء ف�ي روای�ة أخ�رى أن�ھ ت�رك الط�واف وخ�رج ف�ي 1إلي من اعتكاف شھر

، وجاء من ك�الم الحس�ن وذك�ر بع�ض 2معینحاجة إنسان لھ حاجة عند شخص الكتاب أنھ من كالم الحسین رضي هللا عنھما : إن حوائج الناس إلیكم ، م�ن نع�م

نقم�ا ، واعلم�وا أن المع�روف مكس�ب حم�دا 3هللا علیكم ، فال تمل�وا ال�نعم فتح�ورن ومعقب أجرا ، فلو رأیتم المعروف رجال ، رأیتموه حسنا جمیال یس�ر الن�اظری

ویفوق العالمین ، ولو رأیتموه حسنا جمیال یسر الناظرین ویفوق العالمین ، ولو ، وذك��ر 5مش��وھا ، تنف��ر عن��ھ القل��وب واألبص��ار 4رأی��تم الل��ؤم ، رأیتم��وه س��مجا

صاحب كتاب الشھب الالمعة في السیاسة النافعة : أن رجال رفع إلى الحسن بن أتھا ، حاجتك مقضیة ، فقیل لھ : یا ابن علي رضي هللا عنھما رقعة فقال : قد قر

بن��ت رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ل��و نظ��رت إل��ى رقعت��ھ وراجعت��ھ عل��ى ، 6حسب ما فیھا ، فقال : أخاف أن أس�أل ع�ن ذل مقام�ھ ب�ین ی�دي حت�ى أقرأھ�ا

وھذه المواقف تدل على حسن أخالقھ وعظمتھ�ا م�ع تواض�ع كبی�ر وال نس�تغرب ، فھ�و القائ�ل : مك�ارم األخ�الق عش�رة ، ص�دق اللس�ان ، ذاك م�ن س�یدنا الحس�ن

وص��دق الب��أس ، وإعط��اء الس��ائل وحس��ن الخل��ق ، والمكاف��أة بالص��نائع ، وص��لة ال��رحم ، والت��رحم عل��ى الج��ار ، ومعرف��ة الح��ق للص��احب وق��رى الض��عیف ،

، وھذه المواقف 8، وأیضا قولھ : أشد من المصیبة سوء الخلق 7ورأسھن الحیاءللحسن رضي هللا عنھ تطبیق لتوجھات رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم الكریمة

، فعن عبد هللا بن دینار عن بعض أصحاب رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم ق�ال : قیل یا رس�ول هللا ، م�ن أح�ب الن�اس إل�ـى هللا ؟ ق�ال أنفعھ�م للن�اس . وإن أح�ب

با أو تقضي عنھ دین�ا األعمال إلى هللا سرور تدخلھ على مؤمن ، تكشف عنھ كر أو تطرد عنھ جوعا وألن أمشي م�ع أخ�ي المس�لم ف�ي حاج�ة ، أح�ب إل�ي م�ن أن أعتكف شھرین في مسجد .. ومن مشى مع أخیھ المسلم في حاجة حتى یثبتھا ل�ھ ، ثبت هللا قدمھ یوم تزل فیھ األقدام ، وإن س�وء الخل�ق لیفس�د العم�ل ، كم�ا یفس�د

. وعن مسلمة بن مخلد ، أن النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم ق�ال : م�ن 9العسل الخل ستر مسلما في الدنیا س�تره هللا ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة ، وم�ن نج�ي مكروب�ا ف�ك هللا

. 10عنھ كربة من كرب یوم القیامة ومن كان في حاجة أخیھ كان هللا في حاجتھ هللا عنھم :ـ زواجھ من بنت طلحة بن عبید هللا رضي 3

، فق�ال : 11عن شعیب بن یسار ، أن الحسن بن علي أتى ابنا لطلحة بن عبی�د هللا، ق�ال : إن 1قد أتیتك لحاجة ولیس لي مرد قال : وما ھي ؟ قال : تزوجني أختك

) .14/76تاریخ دمشق الكبیر ( 1 ) .14/76المصدر نفسھ ( 2 فتحور : ترجع . 3 ) سمج .2/197سمج : قبح ، لسان العرب ( 4 . 441الشھب الالمعة في السیاسة النافعة صـ 5 . 439الشھب الالمعة في السیاسة النافعة صـ 6 . 31، الحسن بن علي صـ 68ن أقوال الصحابة ، محمد خورشید صـ م 7 ) .2/227تاریخ الیعقوبي ( 8 وحسن األلباني إسناد في الصحیح الجامع . 906سلسلة األحادیث الصحیحة رقم 9

، حدیث صحیح . 18936مصنف عبد الرزاق رقم 10 ھو إسحاق بن طلحة . 11

180

إن معاویة كتب إلي یخطبھا على یزید ، قال : مالي مرد إذ أتیت�ك فزوجھ�ا إی�اي یھا بحلة ث�م دخ�ل بھ�ا ، فبل�غ ذل�ك معاوی�ة ، فكت�ب ثم قال : دخل بأھلك ، فبعث إل

إل��ى م��روان أن خیرھ��ا فخیرھ��ا فاخت��ارت حس��نا فأقرھ��ا ث��م خل��ف علیھ��ا بع��ده . 2حسین

ـ زواجھ من خولة بنت منظور : 4عـن ابن أبي ملیكة ، قال : تزوج الحسن بن عل�ي خول�ة بن�ت منظ�ور فب�ات لیل�ة

الطرف اآلخر بخلخالھا فقام من اللیل ، فشدت خمارھا برجلھ و 3على سطح أجمفتس�قط ، ف�أكون أش�أم 4فقال : م�ا ھ�ذا ؟ قال�ت : خف�ت أن تق�وم م�ن اللی�ل بوس�نك

. فق�ال اب�ن عم�ر : ل�م ن�ر 6على العرب ، فأحبھا ، فأقام عندھا سبعة أی�ام 5سخلة أبا محمد منذ أیام . فانطلقوا بنا إلیھ ، فأتوه فقالت لھ خولة : أتحبسھم حت�ى نھی�ئ

لھ��م غ��داءا ق��ال : نع��م ، ق��ال اب��ن عم��ر : فابت��دأ الحس��ن ح��دیثا ألھان��ا باالس��تماع . 7إعجابا بھ حتى جاءنا الطعام

ـ ال یرى أمھات المؤمنین : 5كان الحسن والحسین ال یریان أمھات المؤمنین . فق�ال اب�ن عب�اس : إن رؤی�تھن

ل على شدة حیاءه .. وھذا ید 8حالل لھما وعلق الذھبي فقال : الحل متیقن ـ الغیرة في النسب النبوي : 6

دخ��ل س��یدنا الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عنھم��ا الس��وق لحاج��ة یقض��یھا فس��اوم ص��احب دك��ان ف��ي س��لعة ، ف��أخبره بالس��عر الع��ام ، ث��م عل��م أن��ھ الحس��ن ب��ن عل��ي رضي هللا عنھما سبط رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، فنقص في السعر إجالال

راما ، ولكن الحسن بن علي رض�ي هللا عنھم�ا ل�م یقب�ل من�ھ ذل�ك ، وت�رك لھ وإكالحاجة ، وقال : إنن�ي ال أرض�ى أن اس�تفید م�ن مك�انتي م�ن رس�ول هللا ف�ي ش�ئ

. وھذا الحال كان مصاحبا ألھ�ل البی�ت مم�ن س�اروا عل�ى كت�اب هللا وس�نة 9تافھالحس�ین ، یق�ول ع�ن رسولھ صلى هللا علیھ وسلم فھذا زین العابدین بن علي ب�ن

جویریة بن أسماء ـ وھو من أخص خدمھ ، ما أكل علي بن الحسین بقرابت�ھ م�ن ، وك�ان إذا س�افر ك�تم نفس�ھ ، فقی�ل 10رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم درھما ق�ط

لھ في ذلك ، فقال : أنا أكره أن آخذ برسول هللا صلى هللا علیھ وسلم م�اال أعط�ي لحسن علي الرضا ب�ن موس�ى الك�اظم فق�د قی�ل إن�ھ . وكذلك روي عن أبي ا 11بھ

ھي أم إسحاق . 1 ) إسناده ال بأس بھ .1/292لسلمي (الطبقات ، تحقیق ا 2 ) .1/307المصدر نفسھ ( 3 الوسن : قیل النوم الثقیل وقیل أول النوم . 4 سخلة : السخلة : ولد الشاه من المعز والضأن ذكرا كان أو أنثى ویطلق على المولود المحبب لوالدیھ والمراد أشأم امرأة . 5على زوجتھ فإنھ یقیم عندھا سبعة أیام متواصلة إذا كانت بكرا وثالثة أیام إذا كانت ثیبا ثم ’ امرأالمعلوم من السنة أن الرجل إذا تزوج 6

یعود إلى القسم بینھن وخولة عندما تزوجھا الحسن لم تكن بكرا حیث سبقھا علیھ محمد بن طلحة بن عبید هللا كما في جمھرة أنساب بعا . وحقھا ثالث لیال ال سبعا وھذا ما یؤكد ضعف الروایة فإن إسنادھا ضعیف جدا وحقھا ثالث لیال ال س 258العرب البن حزم صـ

وھذه نكارة في المتن تؤكد الضعف . ) إسناده ضعیف .308، 1/307الطبقات ، تحقیق السلمي ( 7 ) .3/265سیر أعالم النبالء ( 8 . 228المرتضى للندوي صـ 9

. 228ضى للندوي صـ البدایة والنھایة نقال عن المرت 10 ) .2/434وفیات األعیان ( 11

181

كان إذا سافر كتم نفسھ ، فقیل لھ ف�ي ذل�ك ، فق�ال : أن�ا أك�ره أن آخ�ذ برس�ول هللا فھؤالء السادة من أھل البی�ت ك�انوا غی�ارى 1صلى هللا علیھ وسلم ماال أعطي بھ

فم�ا أشد الغیرة ف�ي ال�رحم الت�ي كان�ت تص�لھم برس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم كانوا یستغلون ھذه النسبة لمصالح دنویة ، شأن أبناء أسر الزعم�اء ال�دینیین ف�ي الدیانات األخرى ممن ینالون تقدیسا زائدا في كل ح�ال ، ویع�املون م�ن أتب�اعھم كشخص��یات تف��وق البش��ر ، وك��انوا بعی��دین ع��ن كس��ب حط��ام ال��دنیا بأس��مائھم ،

وع��زة نفس��ھم ، تص��ور س��یرتھم وبن��اء قص��ور الفخ��ر عل��ى عظ��امھم واس��تغنائھم وسلوكھم تصویرا یختلف تماما عن سیرة الطبقة المحترف�ة بال�دین م�ن البراھم�ة والكھن��ة ف��ي ال��دیانات والمل��ل األخ��رى ، فإنھ��ا تعتب��ر ذات قدس��یة وعظم��ة ع��ن طریق الوالدة ، فھي ال تحتاج لكس�ب المع�اش وتحقی�ق حاج�ات الحی�اة إل�ى ب�ذل

. 2شئ مـن الجھد والسعي ـ صالتھ على األشعث بن قیس : 7

مات األشعث بن قیس بعـد مقتل أمیر المؤمنین علي بأربعین لیلة ، وصلى علیھ ، وق��د ذھب��ت بع��ض 4، وھ��و زوج بن��ت األش��عث ب��ن ق��یس 3الحس��ن ب��ن عل��ي

الروایات الضعیفة إلى تورط األشعث بن قیس في دم أمیر الم�ؤمنین وھ�ذا ل�یس ب�ن ق�یس عن�د اس�تعراض دوره ف�ي خالف�ة عل�ي علیھ دلیل ، وذلك ألن األش�عث

رضي هللا عنھ نجده مخلصا ووفیا ، فھو أول من حارب أھ�ل الش�ام أثن�اء القت�ال على الماء ، وأظھر العداوة للخوارج منذ نشأتھم فھو ال�ذي أبل�غ علی�ا رض�ي هللا عنھ أن الخوارج یقولون : إن علی�ا ت�اب م�ن خطیئت�ھ ورج�ع ع�ن التحك�یم وقات�ل

ي الخوارج في النھ�روان ، وق�د ح�رص ك�ل الح�رص عل�ى أن یوط�د عالقت�ھ علبعلي وآل بیتھ فزوج ابنتھ من الحسن بن علي رضي هللا ، وعندما أراد الحن أن

، وق�د 5یبني بھ�ا قام�ت كن�دة وجعل�ت أردیتھ�ا بس�طا م�ن باب�ھ إل�ى ب�اب األش�عث، ول�م ینق�ل مات األشعث بعد مقتل عل�ي وص�لى علی�ھ الحس�ن ب�ن عل�ي كم�ا م�ر

عن أل علي بن أبي طالب رضي هللا عنھم أنھم اتھموا األشعث بھذه التھمة ، أو كش��فوا أح��دا م��ن آل األش��عث بھ��ذا الس��بب ، ویظ��ل قت��ل عل��ي عم��ال م��ن ت��دبیر

. 6الخوارج جاء في األرجح ثأرا لقتلى النھروان ـ معاملتھ لمن یسئ إلیھ : 8

فقطع بھ فلم یكن لھ زاد وال راحل�ة فش�كا قدم رجل من المدینة وكان یبغض علیاذلك إلى بعض أھل المدینة ، فقال لھ علیك بالحسن ب�ن عل�ي ، فق�ال ل�ھ الرج�ل : ما لقیت ھذا إال في حسن وأبي حسن ؟ فقیل لھ : فإنك ال تجد خی�را إال من�ھ فأت�اه

التھ فشكل إلیھ ، فأمر لھ بزاد وراحلة ، فقال الرجل : هللا أعلم حی�ث یجع�ل رس�ا

. 2/434المصدر نفسھ ( 1 . 228المرتضى للندوي صـ 2 ) .3/444الكامل في التاریخ ( 3 ) .2/300تھذیب التھذیب ( 4 ) .6/23) الطبقات (394ـ 3/393تھذیب الكمال ( 5 . 52دراسة في تاریخ الخلفاء األمویین بطاینة صـ 6

182

فقیل للحسن : أتاك رجل یبغض�ك وی�بغض أب�اك ف�أمرت ل�ھ ب�زاد وراحل�ة ق�ال : . 1أفال أشتري عرضي منھ بزاد وراحلة

ـ من أدبھ في المجالس : 9ك��ان ذات ی��وم جالس��ا ف��ي مك��ان ، ف��أراد االنص��راف ، فج��اءه فقی��ر فرح��ب ب��ھ

اف ؟ ق�ال : والطفھ وقال لھ : إنك جلست على حین قیام منا أفت�أذن ل�ي باالنص�ر . 2نعم یا ابن بنت رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم .

ـ حسن خلقھ بین الناس : 10عن عمیربن إسحاق قال : ما تكلم عندي أح�د ك�ان أح�ب إل�ي إذا تكل�م أال یس�كت من الحسن بن عل�ي ، وم�ا س�معت من�ھ كلم�ة فح�ش ق�ط إال م�رة ، فإن�ھ ك�ان ب�ین

ثمان خصومة ، فقال الحس�ن : ل�یس ل�ھ عن�دنا الحسین بن علي وبین عمرو بن ع . 3إال ما رغم أنفھ . فھذه أشد كلمة فحش سمعتھا منھ قط

: 4ـ مالعبتھ بالمداحي 11قال سلیمان بن شدید : كنت أالعب الحسن والحسین بالم�داحي فكن�ت إذا أص�بت مدحاتھ فكان یقول لي : یحل لك أن تركب بضعة من رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وسلم ؟ وإذا أصاب مدحاتي قال : أم�ا تحم�د رب�ك أن یركب�ك بض�عة م�ن رس�ول

. 5هللا صلى هللا علیھ وسلم ـ بعده عن فضول الكالم : 12

كان الحسن بن علي أكثر دھ�ره ص�امتا ، ف�إذا ق�ال ب�ذ الق�ائلین فالحس�ن ب�ن عل�ي سلم ، فقد یعلمنا االبتعاد عن فضول الكالم وھذا عن ھدي النبي صلى هللا علیھ و

6قال : ال یستقیم إیمان عبد حتى یستقیم قلبھ ، وال یستقیم قلبھ حتى یس�تقیم لس�انھ، وق��ال ص��لى هللا علی��ھ وس��لم م��ن ك��ان ی��ؤمن ب��ا� والی��وم اآلخ��ر فلیق��ل خی��را أو

، وس�ئل الرس�ول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم 8، وجاء عنھ : من صمت نجا 7لیصمت، وق��د س��ئل مع��اذ النب��ي 9ق��ال : الف��م والف��رجع��ن أكث��ر م��ا ی��دخل الن��اس الن��ار ؟ ف

صلى هللا علیھ وس�لم ع�ن العم�ل ال�ذي یدخل�ھ الجن�ة ویباع�ده م�ن الن�ار ، ف�أخبره برأسھ وعموده وذروة سنامھ ثم قال : أال أخبرك بمالك ذلك كلھ ؟ ق�ال : بل�ى ی�ا

مؤاخ�ذون رسول هللا ، فأخذ بلسان نفسھ ، ثم قال : كف علیك ھذا . فق�ال : وإن�ا لبما نتكلم بھ ؟ فقال : ثكلتك أمك یا معاذ وھل یكب الناس في الن�ار عل�ى وجوھ�ھ

ویق�ول ب�ن عبی�د : م�ا م�ن الن�اس أح�د 10ـ أو على مناخرھم ـ إال حص�ائد ألس�نتھم

) . 14/76عساكر ( تاریخ ابن 1 . 73) تحقیق السلمي إسناده ضعیف ، تاریخ الخلفاء صـ 1/281الطبقات ( 2 ) .11/198البدایة والنھایة ( 3المداحي : ھي أحجار أمثال القرصة كانوا یحفرون حفرة ویدحون فیھا بتلك األحجار ، فإن وقع الحجر فیھا غلب صاحبھا وإن لم یقع . 4

ة یلعب بھا أھل مكة وقد سئل ابن المسیب عن المراماة والمسابقة بھا فقال : ال بأس بھ .غلب : وھي لعب ) .1/294الطبقات ، تحقیق السلمي ( 5 . 2841السلسلة الصحیحة رقم 6 . 6136البخاري رقم 7 . 6367صحیح الجامع رقم 8 . 669السلسلة الصحیحة رقم 9

سنن الترمذي وقال حدیث صحیح . 10

183

، وك�ان اب�ن 1یكون لسانھ منھ عل�ى ب�ال إال رأی�ت ذل�ك ص�الحا ف�ي س�ائر عمل�ھ، وق�ال 2ب لم ینطق اللس�ان إال بم�ا یعنی�ھالكاتب یقول : إذا سكن الخوف في القل

األوزاعي : كتب إلینا عمر بن عبد العزیز رسالة أم�ا بع�د : فإن�ھ م�ن أكث�ر ذك�ر الموت رضي بالدنیا بالیسیر ، ومن عد كالمھ من عملھ قل كالمھ إال فیما ینفع�ھ

. فالحسن بن علي كان یعد كالمھ من عملھ ولذلك أكثر الصمت . 3، والسالم : أسامة بن زید رضي هللا عنھماالحسن بن علي إكرام ـ 13

عن حرملة ـ مولى أسامة ـ قال : أرسلني بن زید إلى علي بن أبي طالب رض�ي هللا عنھ وقال لي : إنھ سیسألك ویقول لك : ما خلف صاحبك فقل لھ : یقول لك :

أره ق�ال : لو كنت في شدق األسد ألحببت أن أكون معك فیھ ، ولكن ھذا أم�ر ل�مفأتی��ت علی��ا فل��م یعطن��ي ش��یئا ، ف��ذھبت إل��ى حس��ن وحس��ین وعب��د هللا ب��ن جعف��ر

. 4رضي هللا عنھم ـ فأوقروا لي راحلتي ـ الحسن بن علي والیھودي الفقیر : 14

اغتس��ل الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ وخ��رج م��ن داره ف��ي بع��ض األی��ام وعلی��ھ حل��ة طریقھ شخص من مح�اویج فاخرة ووفرة ظاھرة ومحاسن سافرة فعرض لھ في

الیھود وعلیھ مسح من جل�ود ، ق�د أنھكت�ھ العل�ة ، وركبت�ھ القل�ة والذل�ة ، وش�مس الظھیرة قد شوت شواه وھو حامل جرة ماء على قفاه ، فاستوقف الحسن رضي هللا عنھ وقال : یا اب�ن رس�ول هللا ، س�ؤال ، ق�ـال : م�ا ھ�و ؟ ق�ال : ج�دك یق�ول :

. وأن�ت م�ؤمن وأن�ا ك�افر . فم�ا أرى ال�دنیا إال 5الك�افرالدنیا سجن المؤمن وجنة جنة لك تتنعم بھا ، وما أراھا إال سجنا علي قد أھلكني ضرھا وأجھدني فقرھا ، فلما سمع الحسن كالمھ قال لھ : یا ھذا لو نظرن إلى م�ا أع�د هللا ل�ي ف�ي اآلخ�رة

ت إل�ى م�ا أع�د لعلمت أني في ھذه الحالة بالنسبة إل�ى تل�ك ف�ي س�جن ، ول�و نظ�ر. لق�د ك�ان 6هللا لك في اآلخرة من العذاب األلیم لرأیت أنك اآلن ف�ي جن�ة واس�عة

الحسن بن علي حاضر البدیھة ، فأجاب بجواب مقن�ع مفح�م حی�ث أوض�ح ل�ھ أن حالت��ھ الت��ي یش��كو منھ��ا إنم��ا ھ��ي كالجن��ة بالنس��بة إل��ى ع��ذاب اآلخ��رة ال��ذي أع��د

عیم�ا إنم�ا ھ�ي كالس�جن بالنس�بة إل�ى نع�یم للكافرین وأن حالة الحسن التي ظنھ�ا ن . 7الجنة الذي أعد للمتقین

ـ احترام وتقدیر ابن عباس للحسن والحسین رضي هللا عنھم : 15قال مدرك أبو زیاد : كنا في حیطان ابن عباس فجاء ابن عباس وحس�ن وحس�ین

ل�ي فطافوا في البستان فنظروا ث�م ج�اءوا إل�ى س�اقیة فجلس�وا عل�ى ش�اطئھا فق�ال حسن : یا مدرك أعندك غ�داء ؟ قل�ت : ق�د خبزن�ا ، ق�ال : إئ�ت ب�ھ . ق�ال : فجئت�ھ

بخبز وشئ من ملح جریش وطاقتي بقل فأكل ثم قال : یا مدرك ما أطی�ب ھ�ذا ؟ ث��م أت��ى بغدائ��ھ ، وك��ان كثی��ر الطع��ام طیب��ھ ـ فق��ال : ی��ا م��درك اجم��ع ل��ي غلم��ان

) .3/372صفة الصفوة ( 1 ) .4/323المصدر نفسھ ( 2 ) .5/133سیر أعالم النبالء ( 3 . 237ذخائر العقبى صـ 4 . 4113مسلم وابن ماجة رقم 5 . 32الحسن والحسین ، محمد رشید رضا صـ 6 . 33الحسن والحسین رضي هللا عنھما صـ 7

184

فقل��ت : أال تأك��ل ؟ فق��ال : ذاك أش��ھى البس��تان ق��ال : فق��دم إل��یھم ف��أكلوا ول��م یأك��لعندي من ھذا ، ثم قاموا فتوضأوا ث�م ق�دمت داب�ة الحس�ن فأمس�ك ل�ھ اب�ن عب�اس ى علی��ھ ، ث��م ج��ئ بداب��ة الحس��ین فأمس��ك ل��ھ اب��ن عب��اس بالرك��اب بالرك��اب وس��وى علیھ ، فلما مضیا قلت : أن�ت أكب�ر منھم�ا تمس�ك لھم�ا وتس�وي علیھم�ا ؟ وسو

ع أتدري من ھذان ؟ ھ�ذان ابن�ا رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ھ�ذا فقال : یا لك؟ وھ�ذا االحت�رام والتق�دیر 1مما أنعم هللا علي بھ أن أمس�ك لھم�ا وأس�وي علیھم�ا

من ابن عباس للحس�ن والحس�ین دلی�ل عل�ى محبت�ھ لھم�ا ومعرف�ة فض�لھما ، كم�ا ھ . وق�د ك�ان یدل على فضل ابن عباس ف�ال یع�رف الفض�ل ألھ�ل الفض�ل إال أھل�

أمی��ر الم��ؤمنین عل��ي یعام��ل عم��ھ العب��اس وال��د عب��د هللا معامل��ة ق��ل نظیرھ��ا ف��ي االحترام والتقدیر فعن ابن عباس رضي هللا عنھم�ا ـ ق�ال : اعت�ل أب�ي العب�اس ، فعاده علي ، فوجدني أضبط رجلیھ ، فأخذھما من یدي ، وجلس موض�عي وق�ال

ي منك ، إن كان هللا فى رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ : أنا أحق بعم عز وجل ق�د ت�وي حمزة وأخي جعفرا فقد أبقى ل�ي العب�اس . ع�م الرج�ل ص�نو أبی�ھ ، وسلم وعمي عافیتك وارفع ل�ھ درجت�ھ ، واجلع�ھ عن�دك ه بأبیھ ، اللھم ھـب لعم وبره بھ كبر

. 2في علیین عن الحسن : عنھماـ ثناء عبد هللا بن الزبیر رضي هللا 16

قال عبد هللا بن عروة : رأی�ت عب�د هللا ب�ن الزبی�ر قع�د إل�ى الحس�ن ب�ن عل�ي ف�ي غداة من الشتاء باردة قال : فوهللا ما قام حتى تفس�خ جبین�ھ عرق�ا فغ�اظني ذل�ك ، فقمت إلیھ فقلت : یا عم ! قال : ما تش�اء ؟ ق�ال : قل�ت رأیت�ك قع�دت إل�ى الحس�ن

حتى تفسخ جبینك عرقا قال : یا ابن أخي إنھ اب�ن فاطم�ة ، بن علي ، فأقمت إلیھ . 3ال وهللا ما قامت النساء عن مثلھ

ـ بین الحسن والحسین رضي هللا عنھما : 17ذك��ر اب��ن خلك��ان (بص��یغة التم��ریض) وقی��ل : دار ب��ین الحس��ن والحس��ین ك��الم

: ف��إن فتقاطع��ا فقی��ل للحس��ین ، ل��و أت��ین أخ��اك فھ��و أكب��ر من��ك س��نا من��ك ، فق��الالفض��ل للمبت��دئ وأن��ا أك��ره أن یك��ون ل��ي الفض��ل عل��ى أخ��ي ، فبل��غ ذل��ك الحس��ن

. 4فأتاه ـ أكرم الناس أبا وأما وجدا وجدة وخاال وخالة وعما وعمة : 18

ـ وعنده عمرو بن العاص وجماعة من األش�راف ـ م�ن أك�رم الن�اس قال معاویةعم��ة ؟ فق��ام النعم��ان ب��ن العج��الن أب��ا وأم��ا وج��دا وج��دة وخ��اال وخال��ة وعم��ا و

الزرقاني ، فأخذ بیـد الحسن فقال : ھذا أبوه عل�ي وأم�ھ فاطم�ة وج�ده رس�ول هللا صلى هللا علیھ وسلم ، وجدتھ خدیجة ، وعمھ جعفر ، وعمت�ھ أم ھ�اني بن�ت أب�ي

. 5طالب ، وخالھ القاسم ، وخالتھ زینب

) .14/69تاریخ ابن عساكر ( 1 . 337ذخائر العقبى صـ 2 ) .14/70تاریخ ابن عساكر ( 3 ) .2/69وفیات األعیان ( 4 ) .14/70تاریخ ابن عساكر ( 5

185

علیھم��ا ف��ي البی��ت ـ محب��ة الن��اس ل��ھ وألخی��ھ الحس��ین وازدح��امھم 19 الحرام :

قال أبو سعید : رأیت الحس�ن والحس�ین ص�لیا م�ع اإلم�ام العص�ر ث�م أتی�ا الحج�ر فاستلماه ثم طافا أسبوعا وصلیا ركعتین ، فقال الناس : ھذان ابنا بنت رسول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ، ق��ال : فحطمھم��ا الن��اس حت��ى ل��م یس��تطیعا أن ویمض��یا

، ورد الناس عن الحسن ـ 1ات وأخذ الحسین بید الركانيمعھما رجل من الركانوك��ان یجل��ھ وم��ا رأیتھم��ا م��را ب��الركن ال��ذي یل��ي الحج��ر م��ن جان��ب الحج��ر إال

، فلعلھ بقي علیھما بقیھ من سبوع قطعتھ الص�الة 2استلماه قال : قلت ألبي سعید . 3؟ قال : ال بل طافا أسبوعا تاما

ھ ومواعظھ التي حفظھا عنھ الناس :ثالثا : من أقوالھ وخطب

ـ ق��ال الحس��ن ب��ن عل��ي : ھ��الك الن��اس ف��ي ث��الث : الكب��ر والح��رص 1والحسد ، فالكبر ھالك الدین ، وبھ لعن إبلیس ، والحرص عدو ال�نفس

4وبھ أخرج آدم من الجنة ، والحسد رائد السؤ ومنھ قتل قابیل ھابیلل�ي رض�ي هللا عن�ھ وھ�ي م�ن أش�د فھذه األمراض القلبیة حذر منھا الحسن ب�ن ع

األمراض علة وإلیك بعض البیان :ین وبھ لع�ن إبل�س ھالك الدأ ـ مرض الكبر : قول الحسن : فالكبر

: الكب���ر نق���یض التواض���ع ، وھ���و اس���تعظام ال���نفس واس���تكبار حال���ة نفس���ھ ، والنظر إلى اآلخرین بعین االحتقار وھو من عظیم اآلفات ، وعنھ تتش�عب

یستوجب ب�ھ م�ن هللا ع�ز وج�ل س�رعة العقوب�ة والغض�ب ألن أكثر البلیاتالكبر ال یحق إال � عز وجل ، وال یلیق وال یصلح لمن دون�ھ ، إذ ك�ل م�ن سواه عبد مملوك ، وھو الملیك اإللھ الق�ادر ، فیس�تحق المتكب�ر أن یقص�مھ هللا ع��ز وج��ل ویحق��ره ویص��غره ، إذ تع��دى ق��دره ، وتع��اطى م��ا ال یص��لح

. 5لمخلوق، وللكبر عالمات في الظ�اھر ت�دل علی�ھ ، فمنھ�ا : ح�ب ـ عالمات الكبر

التقدم عل�ى الن�اس ، وإظھ�ار الترف�ع عل�یھم ، وح�ب التص�در ف�ي المج�الس والتبختر في المشیة ، واالستنكاف من أن یرد علیھ كالمھ وإن ك�ان ب�اطال ، واالمتن���اع م���ن قبول���ھ ، واالس���تخفاف بض���عفاء المس���لمین ومس���اكینھم ، ومنھ��ا تزكیت��ھ لنفس��ھ والثن��اء علیھ��ا ، والفخ��ر باآلب��اء والت��بجح بالنس��ب ،

كأنھ منسوب إلى ركانھ بن عبد یزید بن ھاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلب الذي صارعھ النبي صلى هللا علیھ وسلم مرتین ، 1 كما في مادة ركن من القاموس وشرحھ .

ھو عمارة بن معاویة الدھني .القائل الراوي و 2 ) .14/69تاریخ ابن عساكر ( 3 . 31علموا أوالدم حب صـ 4 . 342منھج اإلسالم في تزكیة النفس 5

186

والتكبر بالمال والعل�م ، والعم�ل والعب�ادة والجم�ال والق�وة ، وكث�رة األتب�اع . 1واألنصار والعشیرة ونحو ذلك

الوقایة والعالج من ھذا المرض :یمیل إلى التكبر یسائل المسلم نفسھ وأن یراقب قلبھ ، ھل ھو متكبر ؟ ھل أنـ •

؟ فإن وجد نفسھ میاال إلى التواضع كارھا التكبر وأھلھ ، فلیحمد هللا ع�ز وج�ل عل��ى م��ا أنع��م علی��ھ وأفض��ل وإال عات��ب نفس��ھ ، وحاس��بھا وجاھ��دھا ، وعاقبھ��ا بكثرة الذكر والعبادة والصیام والطاعة وحرمانھا من كثیر م�ن الراح�ة واللھ�و

لى رشدھا ، وتبتع�د ع�ن طری�ق غیھ�ا ، وتش�فى والرغبات المباحة حتى تعود إ من مرضھا .

نصب عینھ حقیقة ھذا المرض ونتائجھ ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة ، وأن یضع المسلم •وحكمھ في الشریعة ، وعقابھ في الدنیا واآلخرة ، ومن القرآن والس�نة والواق�ع ، وقصص الصالحین وحیاتھم ، فھذا القرآن الكریم یظھر أن الكبر من صفات

وإذ قلنا للمالئكة اسجدوا آلدم فسجدوا إال إبلیس الشیطان قال تعالى فـي إبلیس اللعین : (( ) .34)) (البقرة ، اآلیة : أبى واستكبر وكان من الكافرین

والمتكبر ال یحبھ هللا ، كما قال تع�الى : (( ون وم�ا یعلن�ون ال ج�رم أن � یعل�م م�ا یس�ر ) .23)) (النحل ، اآلیة : إنھ ال یحب المستكبرین

ال یح��ب ك��ل (وق��ال س��بحانھ : ( ر خ��دك للن��اس وال تم��ش ف��ي األرض مرح��ا إن � وال تص��ع ) .18یة : )) (لقمان ، اآلمختال فخور

والخیالء والفخر من أوصاف المتكبر ، والمتكبر متعرض ألن یطب�ع هللا عل�ى وعن�د قلبھ ، كما قال تعالى : (( بغیر سلطان أتاھم كبر مقتا عن�د � الذین یجادلون في آیات �

) .35)) (غافر ، اآلیة : على كل قلب متكبر جبار الذین آمنوا كذلك یطبع �فإن تكبر بالعلم والعب�ادة وھ�و أعظ�م آف�ات التكب�ر ، فعلی�ھ أن یعل�م أن حج�ة هللا عل��ى أھ��ل العل��م ...... ، وأن��ھ یحتم��ل م��ن الجاھ��ل م��اال یحتم��ل م��ن الع��الم ،

ره أعظ��م ، وأن وب��التكبر یعص��ي هللا ع��ز وج��ل ع��ن عل��م فجنایت��ھ أفح��ش وخط��تكبر من جھة النسب ، فل�یعلم أن ھ�ذا تع�زز بكم�ال غی�ره ث�م یعل�م أب�اه وج�ده ، فإن أباه القریب نطفة قذرة ، وأباه البعید تراب ، ومن اعت�راه الكب�ر بالجم�ال ، فلینظ��ر إل��ى باطن��ھ نظ��ر العق��الء وال ینظ��ر إل��ى ظ��اھره نظ��ر البھ��ائم ، وم��ن

نھ لو آلم�ھ ع�رق ع�اد أعج�ز م�ن ع�اجز ، وم�ن اعتراه من جھة القوة ، فلیعلم أتكبر بسبب الغنى فلینظر لمن ھو أغنى منھ قارون وھامان وما حل بھما ، من كل ذلك یجد نفسھ أصغر من أن یتكب�ر ، وم�ا علی�ھ إال أن یتواض�ع فیرفع�ھ هللا ویعزه ، ویعلو شأنھ ویرضى هللا عنھ في ال�دنیا واآلخ�رة وأن یعتب�ر ب�اآلخرین

ا ف��ي الق��رآن الك��ریم أو الس��نة الش��ریفة ، أو م��ن قص��ص األق��دمین مم��ن ذك��رووالحاض��رین مم��ن تكب��روا ، فم��ا ك��ان مص��یرھم وم��آلھم وخ��زیھم ف��ي ال��دنیا واآلخ��رة ؟ یعتب��ر م��نھم فیتق��ي نفس��ھ م��ن التكب��ر ویعالجھ��ا إن مرض��ت ، وأن یصاحب المتواضعین من الصالحین لینتفع منھم ویكسب من أخالقھم وأق�والھم

. 342المصدر نفسھ صـ 1

187

ة مع���املتھم لآلخ���رین ویبتع���د ع���ن المتكب���رین وال یجالس���ھم ، حت���ى ال وطریق���یكسب منھم م�ا یض�ره ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة ، أو یت�أثر بھ�م فینس�اق ف�ي أھ�وائھم

. 1وضالالتھمأخ�رج فس وب�ھب ـ الحرص : قول الحسن : والح�رص ع�دو ال�ن

آدم من الجنة :ان أرس�ال ف�ي غ�نم قال رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : م�ا ذئب�ان جائع�

، فھذا مثل عظیم 2بأفسد لھا من حرص المرء على المال والشرف لدینھجدا ضربھ النبي صلى هللا علیھ وسلم لفس�اد دی�ن المس�لم ب�الحرص عل�ى المال والشرف في ال�دنیا ، وأن فس�اد ال�دین ب�ذلك ل�یس ب�دون فس�اد الغ�نم

رعاؤھ�ا ل�یال ، فھم�ا بذئبین جائعین ضاریین باتا في الغنم قد غ�اب عنھ�ایأكالن في الغنم ویفترسان فیھا ، ومعلوم أنھ ال ینجلو من الغنم من إفساد ال��ذئبین الم��ذكورین والحال��ة ھ��ذه إال قلی��ل ، ف��أخبر النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وسلم أن حرص المرء على الم�ـال والش�رف إفس�اد لدین�ھ ل�یس بأق�ل م�ن

ما أن یكون مساویا وإم�ا أكث�ر . یش�یر إل�ى إفساد الذئبین لھذه الغنم ، بل إأنھ ال یسلم من دین المسلم مع حرصھ على المال والش�رف ف�ي ال�دنیا إال القلیل ، فھذا المثل العظیم یتضمن غای�ة التح�ذیر م�ن ش�ر الح�رص عل�ى

المال والشرف في الدنیا فأما الحرص على المال فھو على نوعین : : ـ حال من حرص على جمع المال * أح��دھما ش��دة محب��ة الم��ال م��ع ش��دة طلب��ھ م��ن وجوھ��ھ

والمبالغة في طلبھ ، والجد في تحص�یلھ واكتس�ابھ م�ن وجوھ�ھ المباحة مع الجھد والمشقة وقد ورد أن سبب الحدیث كان وقوع بعض أفراد ھ�ذا

م��ن ح��دیث عاص��م ب��ن ع��دي رض��ي هللا 3الن��وع ، كم��ا أخرج��ھ الطبران��يھم م�ن س�ھام خیب�ر فبل�غ ذل�ك النب�ي ص�لى هللا عنھ قال : اشتریت مائ�ة س�

علیھ وسلم فقال : ما ذئبان ض�اریان ض�ال ف�ي غ�نم أض�اعھا ربھ�ا بأفس�د . وقـد علق ابن رجب ـ رحم�ھ هللا 4في طلب المسلم المال والشرف لدینھ

ـ�� عل��ى الح��دیث فق��ال : ول��و ل��م یك��ن ف��ي الح��رص عل��ى الم��ال إال تض��ییع ���ن ص���احبھ فی���ھ اكتس���اب العم���ر الش���ریف ال���ذي ال قیم���ة ل���ھ ، وق���د یمك

ال���درجات العل���ى والنع���یم المق���یم ، فض���یعھ ب���الحرص ف���ي طل���ب رزق ر وقسم ، ثم ال ینتفع بھ ، بل یترك�ھ مضمون مقسوم ال یأتي منھ إال ما قدلغی��ره ، ویرتح��ل عن��ھ فیبق��ى حس��ابھ علی��ھ ونفع��ھ لغی��ره فیجم��ع لم��ن ال

ال یع�ذره لكف�اه ب�ذلك ذم�ا للح�رص ، ف�الحریص یحمده ، ویقدم عل�ى م�ن یض��یع زمان��ھ الش��ریف ، ویخ��اطر بنفس��ھ الت��ي ال قیم��ة لھ��ا ف��ي األس��فار

وركوب األخطار لجمع مال ینتفع بھ غیره ، كما قیل :

. 346منھج اإلسالم في تزكیة اإلسالم صـ 1 حسن صحیح . 3218اإلحسان في تقریب صحیح ابن حبان رقم 2 . 855) رقم 1/470( الطبراني في األوسط 3 حسن صحیح . 3218اإلحسان في تقریب صحیح ابن حبان رقم 4

188

ومن ینفق األیام في جمع مالھ 1الذي فعل الفقرفمخافة فقر ال ترض�ي الن�اس بس�خط هللا وقال ابن مسعود رضي هللا عنھ : الیق�ین أن

وال تحس��دن أح��دا عل��ى رزق هللا ، وال تل��وم أح��دا عل��ى م��ا ل��م یؤت��ك هللا ، فإن الرزق ال یسوقھ حرص ح�ریص ، وال ت�رده كراھ�ة ك�اره ، ف�إن هللا

ضا . وجعل الھم والحزن ف�ي بقسطھ جعل الروح والفرح في الیقین والرح�د ب�ن زی�د یحل�ف ب�ا� لح�رص الم�رء ، وك�ان عب�د الوا 2الشك والسخط

ن أعدى أعدائھ . وكان یقول : یا أخوت�اه ـعلى الدنیا أخوف علیھ عندي محریصا على ثروت�ھ وس�عتھ ف�ي مكس�ب وال م�ال وانظ�روا ل�ھ ال تغبطوا

بعین المقت لھ في اشتغالھ الیوم بما یردیھ غدا في المعاد ث�م یتكب�ر وك�ان رص ف�اجع ، وح�رص ن�افع ، فأم�ا الن�افع یقول : الح�رص حرص�ان : ح�

فحرص المرء على طاعة هللا ، وأما الح�رص الف�اجع ، فح�رص الم�رء . وكتب بعض الحكماء إلى أخ لھ كان حریص�ا عل�ى ال�دنیا : 3على الدنیا

أما بعد : فإن�ك أص�بحت حریص�ا عل�ى ال�دنیا تخ�دمھا وھ�ي تخرج�ك م�ن ، كأن��ك ل��م ت��ر حریص��ا نفس��ھا ب��األعراض واألم��راض واآلف��ات والعل��ل

محروم��ا وال زاھ��دا مرزوق��ا وق��ال بع��ض الحكم��اء : أط��ول الن��اس ھم��ا الحس���ود ، وأھن���ؤھم عیش���ا القن���وع وأص���برھم عل���ى األذى الح���ریص ،

. ق��ال 4وأخفض��ھم عیش��ا أرفض��ھم لل��دنیا وأعظ��م ندام��ة الع��الم المف��رط الشاعر :

الحرص داء قد أضـر قلیـال بمن تـرى إال كم من حریص طامع 5والحرص صیره ذلیال وقال الشاعر محمود الوراق : ونازح الـدار ال ینفك مغتربا عـن األحبـة ال یدرون بالحال بمشرق األرض طورا ثم مغربھا ال یخطر الموت من ح�رص عل�ى

بال ولو قنعت أتاك الرزق في دعة إن القنـوع الغنى ال كثرة المـال

. 23ما ذئبان جائعان البن رجب صـ 1 . 26المصدر نفسھ صـ 2 . 26ما ذئبان جائعان صـ 3 . 27المصدر نفسھ صـ 4 . 27المصدر نفسھ صـ 5

189

وقال أیضا : أیھـا المتعب جھـدا نفسھ یطلـب الدنیـا حریصا جاھدا ال لك الدنیا وال أنت لھـا 1فاجعـل الھمین ھمـا واحـدا

وأم��ا الن��وع الث��اني : م��ن الح��رص عل��ى الم��ال أن یزی��د عل��ى م��ا حت���ى یطل���ب الم���ال م���ن الوج���وه ي الن���وع األول ،س���بق ذك���ره ف���

المحرمة ویمنع الحقوق الواجبة ، فھذا من الشح المذموم ، قال هللا تع�الى ) . وف��ي 16)) (التغ��ابن ، اآلی��ة : وم��ن ی��وق ش��ح نفس��ھ فأولئ��ك ھ��م المفلح��ون : ((

النب�ي ص�لى هللا سنن أبي داود عن عبد هللا بن عمرو رضي هللا عنھ عنعلی��ھ وس��لم ق��ال : اتق��وا الش��ح ف��إن الش��ح أھل��ك م��ن ك��ان ق��بلكم أم��رھم

، 2بالقطیعة فقطعوا ، وأمرھم بالبخل فبخلوا ، وأم�رھم ب�الفجور ففج�رواوقال طائفة من العلماء : الشح ھ�و الح�رص الش�دید ال�ذي یحم�ل ص�احبھ

، والبخ��ل ھ��و 3نعھ��ا حقوقھ��اعل��ى أن یأخ��ذ األش��یاء م��ن غی��ر حلھ��ا ، ویمإمساك اإلنسان ما في یده . والش�ح تن�اول م�ا ل�یس ل�ھ ظلم�ا وع�دوانا م�ن م��ال أو غی��ره . حت��ى قی��ل : إن��ھ رأس المعاص��ي كلھ��ا ، وبھ��ذا فس��ر اب��ن

، وق�د یس�تعمل 4مسعود رضي هللا عنھ وغیره م�ن الس�لف الش�ح والبخ�لاألصل ھ�و التفری�ق بینھم�ا عل�ى م�ا الشح بمعنى البخل وبالعكس ، ولكن

ذكرن��اه ومت��ى وص��ل الح��رص عل��ى الم��ال إل��ى ھ��ذه الدرج��ة نق��ص ب��ذلك الدین واإلیمان نقصا بینا ، فإن منع الواجب�ات وتن�اول المحرم�ات ی�نقص

وأم��ا ، 5بھم��ا ال��دین واإلیم��ان ب��ال ری��ب حت��ى ال یبق��ى من��ھ إال القلی��ل م�ن الح�رص عل�ى حرص المرء على الشرف فھ�و أش�د إھالك�ا

الم��ال ، ف��إن طل��ب ش��رف ال��دنیا والرفع��ة فیھ��ا ، والریاس��ة عل��ى الن��اس ، والعلو في األرض أضر على العب�د م�ن طل�ب الم�ال ، وض�رره أعظ�م ، والزھ���د فی���ھ أص���عب ، ف���إن الم���ال یب���ذل ف���ي طل���ب الریاس���ة والش���رف والح���رص عل���ى الش���رف قس���مین : أح���دھما : طل���ب الش���رف بالوالی���ة

ان والمال ، وھذا خط�ر ج�دا وھ�و ف�ي الغال�ب یمن�ع خی�ر اآلخ�رة والسلطھ��ا ، ق��ال تع��الى : (( تل��ك ال��دار اآلخ��رة نجعلھ��ا لل��ذین ال وش��رفھا وكرامتھ��ا وعز

ا ف��ي األرض وال فس��ادا والعاقب��ة للمتق��ین ) ،83)) (القص��ص ، اآلی��ة : یری��دون عل��و�وقل من یحرص على ریاسة الدنیا بطلب الوالیات فیوفق ، بل یوكل إلى نفسھ ، كما قال صلى هللا علی�ھ وس�لم لعب�د ال�رحمن ب�ن س�مرة رض�ي هللا

. 29المصدر نفسھ صـ 1 ححھ األلباني .، ص 1698) رقم 2/324سنن أبي داود ( 2 . 31ما ذئبان جائعان صـ 3 . 31المصدر نفسھ صـ 4 . 31المصدر نفسھ صـ 5

190

عنھ : یا عبد الرحمن ال تسأل اإلمارة فإنك إن أعطیتھا عن مسألة وكلت أن الح�رص . واعل�م 1إلیھا ، وإن أعطیتھا م�ن غی�ر مس�ألة أعن�ت علیھ�ا

على الشرف یستلزم ضررا عظیما قبل وقوع�ھ ف�ي الس�عي ف�ي أس�بابھ ، وبعد وقوعھ ب�الحرص العظ�یم ال�ذي یق�ع فی�ھ ص�احب الوالی�ة م�ن الظل�م

. وأم��ا القس��م الث��اني ، طل��ب الش��رف 2والتكب��ر وغی��ر ذل��ك م��ن المفاس��دھ�ذا أفح�ش والعلو على الناس ب�األمور الدینی�ة ك�العلم والعم�ل والزھ�د ، ف

من األول ، وأقبح فسادا وخطرا ، ف�إن العل�م والعم�ل والزھ�د إنم�ا یطل�ب لف�ى بھ ما عند هللا من الدرجات العلى والنع�یم المق�یم ، الق�رب من�ھ ، والز

، وأما طریقة الع�الج م�ن الح�رص الم�ذموم ، فیك�ون بالزھ�د وفی�ھ 3لدیھ أسباب عدیدة منھا :

الش�رف ف�ي ال�دنیا بالوالی�ة واإلم�ارة لم�ن ال ـ نظر العبد إلى سوء عاقب�ة یؤدي حقھا في اآلخرة .

ـ�� نظ��ر العب��د إل��ى عقوب��ة الظ��المین والمتكب��رین ، وم��ن ین��ازع هللا رداء الكبریاء .

ـ نظر العبد إلى ثواب المتواضعین � في الدنیا بالرفعة في اآلخرة ، فإن من تواضع � رفعھ هللا .د ولكن�ھ م�ن فض�ل هللا ورحمت�ھ م�ا یع�وض هللا ـ ولیس ھو ف�ي ق�درة العب�

ل�ھ هللا عباده العارفین ب�ھ الزاھ�دین فیم�ا یغن�ي الم�ال والش�رف مم�ا یعجلھم في ال�دنیا م�ن ش�رف التق�وى وھیب�ة الخل�ق لھ�م ف�ي الظ�اھر ، وم�ن حالوة المعرفة واإلیمان والطاعة في الباطن ، وھي الحیاة الطیبة الت�ي

صالحا من ذكر أو أنث�ى وھ�و م�ؤمن وھ�ذه الحی�اة وعدھا هللا لمن عمل الطیبة لم یذقھا الملوك ف�ي ال�دنیا وال أھ�ل الریاس�ات ، والح�رص عل�ى الشرف كم�ا ق�ال إب�راھیم ب�ن أدھ�م رحم�ھ هللا : ل�و یعل�م المل�وك وأبن�اء الملوك ما نحن فیھ لجادلونا علیھ بالسیوف . ومن رزقھ هللا ذلك اشتغل

ولب�اس ، ق�ال تع�الى : ((4زائل ، والریاس�ة الفانی�ةبھ عن طلب الشرف الة فلل�ھ ) وق�ال : ((26)) (األعراف ، اآلی�ة : التقوى ذلك خیر م�ن ك�ان یری�د الع�ز

ة جمیع��ا ) . فالحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ 10)) (ف��اطر ، اآلی��ة : الع��زالح��رص ع��دو ال��نفس وب��ھ یح��ذرنا م��ن الح��رص الم��ذموم ول��ذلك ق��ال :

. 5أخرج آدم من الجنة جـ ـ الحسد : قال الحسن : والحسد رائد السوء ومنھ قتل قابیل ھابیل :

الحس��د نق��یض الح��ب ال��ذي ھ��و تمن��ي الخی��ر لآلخ��رین ، فھ��و تمن��ي زوال النعم��ة ع��ن المحس��ود ، وھ��و م��رض مھل��ك م��ذموم وقب��یح ، أم��ر هللا ع��ز

الس��تعاذة م��ن ش��ر الحاس��د كم��ا أم��ره وج��ل نبی��ھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم با)) وم��ن ش��ر حاس��د إذا حس��د باالس��تعاذة م��ن ش��ر الش��یطان ، فق��ال تع��الى : ((

. 6622البخاري رقم 1 . 35، 43ما ذئبان جائعان صـ 2 . 47المصدر نفسھ صـ 3 . 76، 75ما ذئبان جائعان صـ 4 . 131علموا أوالدكم حب آل بیت النبي صلى هللا علیھ وسلم صـ 5

191

) ، وق���د ق���ال ص���لى هللا علی���ھ وس���لم ال تحاس���دوا وال 5(الفل���ق ، اآلی���ة : ، وق�ال أن�س 1تقاطعوا وال تباغضوا وال تدابروا وكونوا عباد هللا إخوان�ا

وسا عند رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم فقال : یطلع عل�یكم : كنا یوما جلاآلن من ھذا الفج رجل من أھل الجنة قال فطلع علینا رجل من األنص�ار ینفض لحیتھ من وض�وئھ ، ق�د عل�ق نعلی�ھ ف�ي ی�ده الش�مال ، فس�لم ، فلم�ا كان الغد قال صلى هللا علیھ وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل ، وقال�ھ ف�ي

الثالث فطلع ذلك الرجل ، فلما قام النبي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم تبع�ھ الیوم عبد هللا بن عمرو ب�ن الع�اص فق�ال ل�ھ : إن�ي آلحی�ت أب�ي فأقس�مت أن ال أدخل علیھ ثالثا ، فإن رأیت أن تأویني إلیك حتى تمضى الثالث فعل�ت ،

أنھ إذا فقال : نعم فبات عنده ثالث لیال ، فلم یره یقوم من اللیل شیئا غیرانقلب عن فراشھ ذكر هللا تعالى ، ولم یقم إال لص�الة الفج�ر ، ق�ال : غی�ر أني ما سمعتھ یقول إال خیرا فلما مضت الثالث ، وكدت أن أحتقر عمل�ھ فقلت : ی�ا عب�د هللا ل�م یك�ن بین�ي وب�ین وال�دي غض�ب وال ھج�ر ، ولكن�ي

ف��أردت أن س��معت رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم یق��ول ك��ذا وك��ذا ، أعرف عملك فلم أرك تعمل عمال كثیرا ، فما الذي بلغ ب�ك ذاك ؟ فق�ال : ما ھو إال ما رأیت فلم�ا ولی�ت دع�اني فق�ال : م�ا ھ�و إال م�ا رأی�ت ، غی�ر أني ال أجد على أحد م�ن المس�لمین ف�ي نفس�ي غش�ا وال حس�دا عل�ى خی�ر

ك ، وھ�ي الت�ي ال أعطاه هللا إیاه . قال عبد هللا فقلت ل�ھ ھ�ي الت�ي بلغ�ت ب�، والحسد لھ أسباب كثیرة منھا العداوة والبغضاء والعجب وح�ب 2نطیق

الریاس��ة ، وخب��ث ال��نفس وبخلھ��ا وغیرھ��ا م��ن أم��راض القل��ب األخ��رى، فالحسد جامع اآلفات واألمراض ، وھو من أشدھا مذھبا لل�دین واإلیم�ان

وام تكث�ر والحب واإلخاء ، وھو مفسدة وأي مفس�دة ویكث�ر الحس�د ب�ین أق�بینھم األس�باب الت�ي ذكرناھ�ا ، ویق�ع ذل�ك غالب�ا ب�ین األق�ران ، واألمث�ال واإلخوة وبني العم ، وأصحاب المھن واألعمال ، وبین العلم�اء والتج�ار ، ألن س��بب التحاس��د ت��وارد األغ��راض عل��ى مقاص��د یحص��ل فیھ��ا فیث��ور التن��افر والتب��اغض ، فأص��ل الحس��د الت��زاحم عل��ى غ��رض واح��د ومنش��أ

. 3جمیع ذلك حب الدنیا ، والدنیا ھي التي تضیق على المتزاحمین ـ عالج مرض الحسد : •

ھناك عدة أدویة تقي وتعالج من مرض الحسد منھا :ضرر على الحاس�د ف�ي ال�دین وال�دنیا ، وأن�ھ ال ـ العلم بأن مرض الحسد

یض��ر المحس��ود ف��ي ال��دین وال ف��ي ال��دنیا ، وأن النعم��ة ال ت��زول ع��ن بحس��د الحاس��د ، فم��اذا یس��تفید الحاس��د م��ن حس��ده إال ال��بغض المحس��ود

واأللم والحسرة واالنفع�ال وذھ�اب ال�دین وال�دنیا ، فكی�ف یری�د الحاس�د زوال نعم��ة أنعمھ��ا هللا ع��ز وج��ل عل��ى المحس��ود ، ف��ا� أح��ب أن ی��نعم

. 6065اري رقم البخ 1 ) إسناده صحیح .3/166مسند أحمد ( 2 . 340منھج اإلسالم في تزكیة النفس صـ 3

192

على عبده ، والحاسد یحب زوالھا فقد أحب ما ك�ره هللا وك�ره م�ا أح�ب یل لإلیمان ، ألن صاحبھ لم یحب ألخیھ ما یحب لنفسھ هللا وھذا داء مز

من الخیر .ـ التذكر الدائم لمساوئ ھ�ذا الم�رض ف�ي ال�دین وال�دنیا ، وبغ�ض هللا ع�ز وجل لھ وكراھیة النبي صلى هللا علی�ھ وس�لم ل�ھ ، والنتیج�ة الت�ي ینالھ�ا الحاسد في الدنیا واآلخرة كل یساعد على فھم حقیق�ة الحس�د ، والوقای�ة

منھ والبعد عنھ وطلب العالج .ـ�� العب��رة م��ن اآلی��ات واألحادی��ث والقص��ص وواق��ع الحاس��دین ، ونت��ائج حس��دھم ، ك��ل ذل��ك یس��اعد عل��ى الوقای��ة والع��الج م��ن ھ��ذا الم��رض

الخطیر .ـ محاسبة النفس ومعاتبتھا عند كل فكرة حس�د تع�رض علی�ھ ، ومحاولت�ھ

عاء ل���ھ ، ب���الحفظ ك��ف نفس���ھ ع��ن المحس���ود ، ب���ل الثن��اء علی���ھ ، وال��د والزیادة ، وال مانع من أن یتمنى لنفسھ مثل ذلك دون حسد اآلخرین .

ـ��� الرض���ا بعط���اء هللا ومنح���ھ ، والقناع���ة ب���ذلك ، واإلیم���ان ب���أن ال���رزق والعط���اء والفض���ل م���ن هللا یؤتی���ھ م���ن یش���اء وكیفم���ا یش���اء ، وال أح���د

ال ین�ال یستطیع أن یزی�ل نعم�ة أنعمھ�ا هللا عل�ى عب�د م�ن عب�اده ، وأن�ھعط��اء هللا إال بفض��ل هللا وإرادت��ھ ، وال یمل��ك العب��د إال الرض��ا وال��دعاء وااللتجاء ، فلم ال یقف العبد على الباب الذي یجلب الخی�ر ؟ ول�م یبتع�د

؟ فالحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ 1ع��ن الم��رض ال��ذي یجل��ب الش��رقابی��ل یح��ذرنا م��ن الحس��د ول��ذلك ق��ال : والحس��د رائ��د الس��وء ومن��ھ قت��ل

، عندما حسد أخیھ على تقبل هللا منھ ولم یتقبل منھ ھو . 2ھابیل ـ مقام الرضا بین الحسن وأبي ذر : 2

د : قی�ل للحس�ن ب�ن عل�ي : إن أب�ا ذر قال أبو العباس محمد بن یزید المبریقول : الفقر أحب إلي من الغنى ، والسقم أحب إلي من الص�حة ، فق�ال :

أب�ا ذر ، أم�ا أن�ا ف�أقول : م�ن اتك�ل عل�ى حس�ن اختی�ار هللا ل�ھ ل�م رحم هللایتمن أن یكون في غیر الحالة التي اخت�ار هللا ل�ھ وھ�ذا ح�د الوق�وف عل�ى

ف بھ القضاء ضا بما تصر . إن الحسن بن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ ف�ي 3الرھ بھ�ذا حدیثھ ھذا یصف لنا شیئا من أعمال القلوب وھذا دلیل على معرفت

العم��ل العزی��ز ، فالرض��ا م��ن أعم��ال القل��وب ، نظی��ر الجھ��اد م��ن أعم��ال ، فالرض�ا ثم�رة م�ن 4الجوارح ، فإن كل واحد منھما ذروة سنام اإلیم�ان

ثم��ار المحب��ة ـ � ع��ز وج��ل ـ وھ��ـو أعل��ى مقام��ات المق��ربین ، وحقیقت��ھ ن ، غامض��ة عل��ى األكث��رین . وھ��و ب��اب هللا األعظ��م ، ومس��تراح الع��ارفی

وجنة الدنیا ، فجدیر بمن نصح نفسھ أن تشتد رغبتھ فیھ ، وأن ال یستبدل بغیره منھ ورض�ا هللا عل�ى العب�د أكب�ر م�ن الجن�ة وم�ا فیھ�ا ، ألن الرض�ا

. 341منھج اإلسالم في تزكیة النفس صـ 1 . 31علموا أوالدكم محبة آل بیت النبي صـ 2 ) .11/199البدایة والنھایة ( 3 ) .2/214مدارج السالكین ( 4

193

أكب�ر صفة هللا والجنة خلقھ قال تعالى : (( )) (التوبة ، اآلی�ة : ورضوان من � ) ، بعد قولھ : (72 المؤمنین والمؤمنات جنات تجري من تحتھ�ا األنھ�ار خال�دین وعد �

أكبر ذلك ھو الفوز العظ�یم )) (التوب�ة ، فیھا ومساكن طیبة في جنات عدن ورضوان من �عن�ھ ف�ي ال�دنیا ، ولم�ا ك�ان ) . وھذا الرضا جزاء من رضاھم72اآلیة :

ھذا الجزاء أفضل الجزاء ، كـان س�ببھ أفض�ال األعم�ال ، والس�خط ب�اب الھ��م والغ��م وش��تات القل��ب ، وكس��ف الب��ال ، وس��وء الح��ال ، والظ��ن ب��ا� خالف ما ھو أھلھ ، والرضا یخلصھ من ذل�ك كل�ھ ، ویف�تح ل�ھ ب�اب جن�ة

وجب لھ الطمأنینة وبرد القلب وس�كونھ الدنیا قبل جنة اآلخرة ، فالرضا یوق��راره ، والس��خط یوج��ب اض��طراب قلب��ھ ، وریبت��ھ وانزعاج��ھ ، وع��دم قراره ، والسخط یوجب تلون العبد ، وعدم ثباتھ مع هللا ، فإنھ ال یرضى إال بم��ا یالئ��م طبع��ھ ونفس��ھ ، والمق��ادیر تج��ري دائم��ا بم��ا یالئم��ھ وم��ا ال

لیھ��ا من�ھ م�ا ال یالئم�ھ أس��خطھ ف�ال تثب�ت ل�ھ ق��دم یالئم�ھ ، وكلھ�ا ج�رى ععلى العبودیة ، فإذا رضي عن ربھ في جمیع الحاالت استقرت قدمھ ف�ي ن ع�ن العب�د ش�ئ مث�ل الرض�ا ، والرض�ا مق�ام العبودی�ة ، ف�ال یزی�ل التل�وغ القل��ب م��ن هللا ، ف��إن م��ن م��أل قلب��ھ م��ن غ القل��ب � ، والس��خط یف��ر یف��ر

هللا ص�دره غن�ى وأمن�ا وقناع�ة وف�رغ قلب�ھ لمحبت�ھ واإلناب�ة الرضا ، مألإلی��ھ والتوك��ل علی��ھ ، وم��ن فات��ھ حظ��ھ م��ن الرض��ا ام��تأل قلب��ھ بض��د ذل��ك واشتغل عما فیھ سعادتھ وفالحھ ، وبدایة الرضا مكتسبة للعب�د وھ�ي م�ن ل�ھ مق�ام جملة المقامات ، ونھایتھ من جملة األحوال ول�یس مكتس�بة ، فأو

نھایتھ حال وقد مدح هللا أھلھ وأثنى علیھم وندبھم إلی�ھ ، ف�دل ذل�ك عل�ى وأن��ھ مق��دور لھ��م . وق��د ق��ال رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : ذاق طع��م

، وق��ال 1اإلیم��ان م��ن رض��ي ب��ا� رب��ا وباإلس��الم دین��ا ، وبمحم��د رس��وال ا أش�ھد رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : من قال حین یسمع المؤذن : وأن�

أن ال إل��ھ إال هللا وح��ده ال ش��ریك ل��ھ ، وأش��ھد أن محم��د عب��ده ورس��ولھ ، رضیت با� ربا ، وبمحمد رسوال ، وباإلسالم دینا . غفر هللا ل�ھ م�ا تق�دم

. قال ابن القیم : وھذان الحدیثان علیھما مدار مقامات الدین ، 2من ذنوبھس�بحانھ وألوھیت�ھ ، والرض�ا وإلیھما ینتھي . وقد تضمنا الرضا بربوبیتھ

برسولھ ، واالنقی�اد ل�ـھ والرض�ا بدین�ھ ، والتس�لیم ل�ھ . وم�ن اجتمع�ت ل�ھ ھذه األربعة ، فھو الصدیق حقا ، وھ�ي س�ھلة بال�دعوى واللس�ان ، وھ�ي من أصعب األمور عند الحقیقة واالمتحان ، والس�یما إذا ج�اء م�ا یخ�الف

الرض�ا ك�ان لس�انھ ب�ھ ناطق�ا ، ھوى ال�نفس ومرادھ�ا ، م�ن ذل�ك تب�ین أن فھو على لسانھ ال على حالھ .

یض��من الرض��ا بمحبت��ھ وح��ده وخوف��ھ ، ورجائ��ھ ـ�� فارض��ا بإلھیت��ھ :واإلناب�ة إلی��ھ ، والتبت��ل إلی��ھ ، وانج��ذاب ق��وى اإلرادة والح��ب كلھ��ا إلی��ھ ،

) .1/62( 43مسلم رقم 1 ) .1/290( 386رقم مسلم 2

194

فعل الراضي بمحبوبھ كل الرضا ، وذلك یتضمن عبادتھ واإلخ�الص ل�ھ .

یتضمن الرض�ا بت�دبیره لعب�ده ، ویتض�من إف�راده بربوبیتھ : ـ والرضابالتوكل علیھ ، واالستعانة بھ ، والثقة ب�ھ ، واالعتم�اد علی�ھ ، وأن یك�ون راضیا لكل ما یفعل بھ ، فاألول ، یتضمن رضاه بما ی�ؤمر ب�ھ ، والث�اني

ر علیھ . : یتضمن رضاه بما یقدتض��من كم��ال االنقی��اد ل��ھ ، والتس��لیم فی ـ�� وأم��ا الرض��ا بنبی��ھ رس��وال :

المطلق إلیھ بحیث یكون أولى بھ من نفسھ وأن یكون متمیزا بمكانتھ عن غی��ره م��ن البش��ر ف��ال یش��اركھ أح��دا مكانت��ھ وال خصوص��یتھ ، ف��ال یتلق��ى الھدى إال من مواقع كلماتھ ، وال یحاكم إال إلیھ ، وال یحكم علی�ھ غی�ره ،

ة ، وال ف�ي ش�ئ م�ن أس�ماء ال�رب وص�فاتھ وال یرض�ى بحك�م غی�ره البت�وأفعالھ ، وال في شئ م�ن أذواق حق�ائق اإلیم�ان ومقامات�ھ ، وال ف�ي ش�ئ م���ن أحك���ام ظ���اھره وباطن���ھ ، وال یرض���ى ف���ي ذل���ك بحك���م غی���ره ، وال یرض��ى إال بحكم��ھ ، ف��إن عج��ز عن��ھ ك��ان تحكیم��ھ غی��ره م��ن ب��اب غ��ذاء

ة وال�دم ، وأحس�ن أحوال�ھ : أن المضطر إذا لم یجد ما یعین�ھ إال م�ن المیت�م بھ عند العجز عن استعمال الماء یكون من باب التراب ، الذي إنما یتیمالطھ��ور ، وأم��ا الرض��ا بدین��ھ ، ف��إذا ق��ال ، أو حك��م أو أم��ر ، أو نھ��ى : رضي كل الرضا ، ولم یبق في قلبھ حرج من حكمھ ، وسلم ل�ھ تس�لیما ،

.. 1و ھواھ�ا أو ق�ول مقل�ده وش�یخھ وطائفت�ھولو كان مخالفا لمراد نفسھ أوقال : .. فإن الرضا آخر التوكل ، فمن رسخ قدم�ھ ف�ي التوك�ل والتس�لیم ت��ھ وع��دم إجاب��ة أكث��ر والتف��ویض حص��ل ل��ھ الرض��ا والب��د ، ولك��ن لعزالنفوس ل�ھ ، وص�عوبتھ علیھ�ا ـ ل�م یوجب�ھ هللا عل�ى خلق�ھ ، رحم�ة بھ�م ،

بھم إلی��ھ ، وأثن��ى عل��ى أھل��ھ ، وأخب��ر أن ثواب��ھ وتخفیف��ا ع��نھم ، لك��ن ن��درضاه عنھم ، الذي ھو أعظ�م وأكب�ر وأج�ل م�ن الجن�ان وم�ا فیھ�ا ، فم�ن رضي عن ربھ رضي هللا عنھ ، بل رضا العب�د ع�ن هللا م�ن نت�ائج رض�ا هللا عنھ ، فھو محفوف بنوعین من رضاه عن عبده ، رضا قلبھ ، أوجب

وھ��و ثم��رة رض��اه عن��ھ ، ول��ذلك ك��ان ل��ھ أن یرض��ى عن��ھ ، ورض��ا بع��ده الرض��ا ب��اب هللا األعظ��م ، وجن��ة ال��دنیا ، ومس��تراح الع��ارفین ، وحی��اة

المحبین ، ونعیم العابدین ، وقرة عیون المشتاقین . كیف تحقق الرضا ؟ :

إن من أعظم أسباب حصول الرضا : أن یل�زم م�ا جع�ل هللا رض�اه فی�ھ ، . قیل لیحي بن معاذ : مت�ى یبل�غ العب�د فإنھ یوصلھ إلى مقام الرضا والبد

مقام الرضا ؟ فقال : إذا أقام نفسھ على أربعة أصول فیما یعام�ل ب�ھ رب�ھ ، فیقول : إن أعطیتني قبلت ، وإن منعتني رضیت ، وإن تركتني عب�دت ، وإن دعوتني أجبت . وقال الجنید : الرضا ھو صحة العلم الواصل إلى

) .492، 4/491) صالح األمة في علو الھمة (173ـ 2/172مدارج السالكین ( 1

195

حقیق�ة العل�م ، أداه إل�ى الرض�ا ، ول�یس "الرض�ا القلب ، فإذا باشر القلبوالمحبة" كالرجاء والخوف ، فإن الرضا والمحبة حاالن من أحوال أھل الجن��ة ، ال یفارق��ان المتل��بس بھ��ا ف��ي ال��دنیا ، وال ف��ي الب��رزخ ، وال ف��ي اآلخرة ، بخالف الخوف والرجاء ، فإنھم�ا یفارق�ان أھ�ل الجن�ة بحص�ول

وأم�نھم مم�ا ك�انوا یخافون�ھ ، وإن ك�ان رج�اؤھم لم�ـا ما ك�انوا یرجون�ھ ،ین��الون م��ن كرامت��ھ دائم��ا لكن��ھ ل��یس رج��اء مش��وبا بش��ك ، ب��ل ھ��و رج��اء واثق بوعد صادق ، من حبیب قادر ، فھذا لون ورجاؤھم في ال�دنیا ل�ون . وق�ال اب��ن عط��اء : الرض��ا س��كون القل�ب إل��ى ق��دیم اختی��ار هللا للعب��د أن��ھ

. وق��ال بع��ض الع��ارفین : م��ن یتوك��ل 1ألفض��ل ، فیرض��ى ب��ھاخت��ار ل��ھ اعل��ى هللا ، ویرض��ى بق��در هللا ، فق��د أق��ام اإلیم��ان ، وف��رغ یدی��ھ ورجلی��ھ لكسب الخیر ، وأقام األخالق الص�الحة الت�ي تص�لح للعب�د أم�ره والرض�ا یفتح باب حسن الخلق م�ع هللا تع�الى وم�ع الن�اس ، ف�إن حس�ن الخل�ق م�ن

خلق م�ن الس�خط ، وحس�ن الخل�ق یبل�غ بص�احبھ درج�ة الرضا ، وسوء الالص��ائم الق��ائم ، وس��وء الخل��ق یأك��ل الحس��نات كم��ا تأك��ل الن��ار الحط��ب والرض��ا یثم��ر س��رور القل��ب بالمق��دور ف��ي جمی��ع األم��ور وطی��ب ال��نفس ي بع��ض الع��ارفین الرض��ا : حس��ن وس��كونھا ف��ي ك��ل ح��ال .. ولھ��ذا س��م

راض علی��ھ ف��ي ملك��ھ ، وح��ذف الخل��ق م��ع هللا ، فإن��ھ یوج��ب ت��رك االعت�� . 2فضول الكالم التي تقدح في حسن خلقھ

قال الشاعر : العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدھر ذو دول والرزق مقسوم والخیر أجمع في ما اختار خالقنا وفي اختیاره سواه اللوم والشوم

وقال الشاعر : إذا ارتحل الكرام إلیـك یوما لیلتمسوك حاال بعـد حـال

فإن رحالنا حطـت لترضـى بحلمك عـن حـلول وارتحال

أنخنا فـي فنانـك یا إلھـيضین بـال اعتالل إلیـك معر

فسسنا كیف شئت وال تكلنا 3إلـى تدبیرنا یا ذا المعالي

ن الحس�ن فھذه بعض المعاني في مقام الرض�ا توض�ح ق�ول أمی�ر الم�ؤمنیبن علي رضي هللا عنھ عندما قال : من اتكل على حس�ن اختی�ار هللا ل�ھ ،

) .175ـ 2/174مدارج السالكین ( 1 ) نقال عن مدارج السالكین4/512صالح األمة ( 2 ) .4/529صالح األمة في علو الھمة ( 3

196

لم یتمنى أن یك�ون ف�ي غی�ر الحال�ة الت�ي اخت�ار هللا ل�ھ وھ�ذا ح�د الوق�وف ف بھ القضاء . 1على الرضا بما تصر

ـ قال أمیر المؤمنین الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ : إن�ي أخب�ركم 3الناس في عیني ، وكان عظیم ما عظمھ عن أخ لي كان من أعظم

في عیني صغر الدنیا في عین�ھ ، ك�ان خارج�ا ع�ن س�لطان بطن�ھ ، ال یجد ، وال یكثر إذا وجد ، وكان خارجا من س�لطان افال یشتھي م

فرجھ ، فال یستخف لھ عقلھ وال رأی�ھ ، وك�ان خارج�ا م�ن س�لطان كان ال یسخط وال یتبرم ، ك�ان المنفعة ، الجھلة ، فال یمد یدا إال على ثقة

إذا ج��امع العلم��اء یك��ون عل��ى أن یس��مع أح��رص من��ھ عل��ى أن ی��تكلم ، وك��ان إذا غلب على الكالم لم یغلب على الصمت ، ك�ان أكث�ر دھ�ره ص�امتا ، ف�إذا ق�ال ب�ذ القائلین ، كان ال یشارك في دعوى ، وال یدخل في مراء ، وال یدلي بحجة حت�ى

ول ما یفعل ، ویفعل ما ال یقول تفضال وتكرما ، كان ال یغفل ع�ن یرى قاضیا یقأخوان�ھ ، وال یس�تخص بش�ئ دونھ�م ، ك�ان ال یل�وم أح�دا فیم�ا یق�ع الع�ذر بمثل��ھ ، كان إذا ابتدأه أمران ال ی�رى أیھم�ا أق�رب إل�ى الح�ق ، نظ�ر فیم�ا ھ�و أق�رب إل�ى

م للناس نح�و ص�فات كریم�ة . ففي ھذا األثر ترشید وتوضیح وتعلی 2ھواه فخالفھوأخالق حمیدة ، وھذا منھج س�لوكي رفی�ع ینبغ�ي أن نرب�ي علی�ھ أنفس�نا وأبنائن�ا حتى یتحول إلى واقع ملموس في الحیاة ، ونستفید من ذل�ك األث�ر دروس�ا وعب�ر

منھا :ـ قول الحس�ن رض�ي هللا عن�ھ : وك�ان عظ�یم م�ا عظم�ھ ف�ي عین�ي

ل�دنیا إال ف�ي ع�ین م�ن ع�رف حق�ائق : وال تص�غر ا 3صغر الدنیا في عین�ھاألم��ور واس��تقر التص��ور الص��حیح ع��ن هللا والحی��اة والك��ون والجن��ة والن��ار ، والقض��اء والق��در واس��توعب بعم��ق فق��ھ الق��دوم عل��ى هللا تع��الى فعم��ل للب��اقي وترفع عن الفاني ، وأیق�ن أن ال�دنیا دار اختب�ار واب�تالء وعلی�ھ ، فإن�ھ مزرع�ة

م���ن س���یطرة ال���دنیا بزخارفھ���ا ، وزینتھ���ا ، وبریقھ���ا لآلخ���رة ، ول���ذلك تح���رر وخض��ع وانق��اد وأس��لم نفس��ھ لرب��ھ ظ��اھرا وباطن��ا ، وك��ان وص��ل إل��ى حق��ائق

استقرت في قلبھ ساعدتھ على الزھد في ھذه الدنیا ، ومن ھذه الحقائق .* الیقین التام بأننا في ھذه الدنیا أشبھ بالغرباء أو عابري س�بیل ، كم�ا ق�ال النب�ي

. 4ى هللا علیھ وسلم : كن في الدنیا كأنك غریب أو عابر سبیلصل* إن ھذه الدنیا ال وزن لھ�ا وال قیم�ة عن�د رب الع�زة إال م�ا ك�ان منھ�ا طاع�ة � تبارك وتعالى ، إذ یقول النبي صلى هللا علیھ وسلم : لو كانت الدنیا تع�دل عن�د

) .11/199البدایة والنھایة ( 1 ) .11/199المصدر نفسھ ( 2 ) .11/199المصدر نفسھ ( 3 وھو حدیث صحیح . 2333الترمذي ، ك الزھد رقم 4

197

ل صلى هللا علیھ وسلم : ، وقا 1هللا جناح بعوضة ما سقى كافرا منھا شربة ماء . 2الدنیا ملعونة ، ملعون ما فیھا إال ذكر هللا وما وااله أو عالما أو متعلما

* إن عمرھا قد قارب على االنتھاء ، إذ یق�ول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : بعث�ت أن�ا ، وتب��دأ قیام��ة اإلنس��ان بموت��ھ والعم��ر 3والس��اعة كھ��اتین بالس��بابة والوس��طى

ثنینا منھ فترة الطفولة والنوم والكدر فكم یصفى لنا منھ .قصیر ، فإذا استیا قوم * إن اآلخرة ھي الباقیة ، وھي دار القرار ، كما قال مؤمن آل فرعون : ((

نیا متاع وإن اآلخرة ھي دار إال مثلھ�ا وم�ن من عم�ل س�یئة ف�ال یج�زىالقرار * إنما ھذه الحیاة الد)) (غ�افر ب عمل صالحا من ذكر أو أنثى وھو مؤمن فأولئك یدخلون الجنة یرزقون فیھا بغی�ر حس�ا

) ف��إذا اس��تقرت ھ��ذه الحق��ائق ف��ي قل��ب األخ المس��لم تص��غر 40، 39، اآلی��ة : الدنیا في عینھ .رض�ي هللا عن�ھ : ك�ان خارج�ا م�ن س�لطان بطن�ھ ف�ال ـ قول الحسن

، ففي ھذا التوجی�ھ دع�وة إل�ى ت�رك 4ال یجد وال یكثر إذا وجدایشتھي مفضول الطعام ، ألنھ داع إلى أنواع كثیرة من الش�رب ، فإن�ھ یح�رك الج�وارح إل��ى المعاص��ي ویثقلھ��ا ع��ن الطاع��ات وحس��بك بھ��ذین ش��را ، فك��م م��ن معص��یة

ل الطعام ، وكم من طاعة حال دونھا ، فمن وفي شر بطن�ھ جلبھا الشبع وفضوفقد وفي شرا عظیما والشیطان أعظم ما یتحكم م�ن اإلنس�ان إذا م�أل بطن�ھ م�ن

، ولذلك ح�ذرنا ربن�ا س�بحانھ م�ن إتب�اع وساوس�ھ ومكائ�ده الت�ي ت�ؤدي 5الطعامیھ�ا الن�اس ی�ا أ إلى طغیان شھوة البطان وعدم االكتف�اء ب�الحالل ، فق�ال تع�الى : ((

ا في األرض حالال طیبا وال تتبعوا خطوات الشیطان إنھ لكم عدو مبین)) (البقرة ، اآلی�ة كلوا ممسبحانھ إلى االعتدال في الطعام والشراب لئال یؤدي ذل�ك ) ، كما أرشد168:

وكل�وا واش�ربوا وال تس�رفوا إن�ھ ال یح�ب ع�الى ((إلى تسلط شھوة البطن وانحرافھا قال ت) . ف��األمر الت��ي ت��دل عل��ى تس��لط ش��ھوة 31: ، اآلی��ة )) ( األع��راف المس��ر◌فین

ن الطعام والشراب فوق الحاجة ، ویب�الغ ف�ي الش�بع ـالبطن أن یكثر صاحبھا مخط��ار ھ��ذا اإلس��راف ویف��رط فی��ھ وق��د أش��ار النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم إل��ى أ

وضرره على الجسد والنفس ، وذلك فیما رواه الترم�ذي ع�ن مق�دام ب�ن مع�دي كرب رضي هللا عنھ قال : سمعت رسول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یق�ول : م�ا

، بحسب ابن آدم أكالت یقمن ص�لبھ ، ف�إن ك�ان ھمأل آدمي وعاء شرا من بطنوف��ي ھ��ذا الح��دیث . 6ثل��ث لنفس��ھال محال��ة فثل��ث لطعام��ھ ، وثل��ث لش��رابھ ، و

النب��وي بی��ان للم��نھج الس��وي ال��ذي ینبغ��ي التمس��ك ب��ھ ف��ي اإلق��الل م��ن الطع��ام والشراب وعدم اإلسراف في شھوة البطن ألن ھذا اإلسراف ی�ؤدي إل�ى الش�ر الكبیر ، ولیس المقصود بالشر ھنا م�ا یتعل�ق ب�أمراض المع�دة فحس�ب ، وإنم�ا

ف��ي الطع��ام ه ال��نفس حینم��ا تعت��اد الش��ر ذي یص��یبالمقص��ود أیض��ا الش��ر ال��والشراب وشدة التعلق بھما فیتحول الطعام من وسیلة للغذاء وتقویة البدن إل�ى

. 2320الترمذي ، ك الزھد رقم 1 وقال : حسن غریب . 2322الترمذي ، ك الزھد رقم 2 . 135ـ 132مسلم ، ك الفتن وأشراط الساعة رقم 3 ) .11/199البدایة والنھایة ( 4 . 93صـ جھاد النفس / على الدھامي 5 ، حدیث حسن صحیح 380الترمذي ، ك الزھد ، رقم 6

198

غایة وھدف یسعى صاحبھ من أجلھ ویص�بح ذل�ك الس�عي ش�غلھ الش�اغل حت�ى عت بطن�ھ ال تش�بع نفس�ھ ، ألن ش�ھوة بتصبح ھمت�ھ مص�روفة إلیھ�ا ، فمھم�ا ش�

، فطغی��ان ش��ھوة ال��بطن ال یعن��ي كث��رة 1الس��عادة ال��بطن أض��حت عن��ده مقی��اس األك��ل فحس��ب ألن كث��رة األك��ل ع��رض ظ��اھري لھ��ذا الم��رض ، وإنم��ا حقیق��ة یتھ�ا وتح�ول الطع�ام م�ن وس�یلة إل�ى غای�ة حت�ى المرض في شره ال�نفس وم�ا دیصبح اإلنسان كالبھائم التي تس�یرھا ش�ھواتھا وف�ي ذل�ك یق�ول هللا ع�ز وج�ل :

) ، 12: ، اآلیة )) (محمد كفروا یتمتعون ویأكلون كما تأكل األنعام والنار مثوى لھم والذین ((وقد روى الشیخان عن اب�ن عم�ر رض�ي هللا عنھم�ا ع�ن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ

. 2وس��لم ق��ال : الك��افر یأك��ل ف��ي س��بعة أمع��اء والم��ؤمن یأك��ل ف��ي مع��ي واح��د الش�تغال بأس�باب لل م�ن األك�ل ی�الحدیث أن من شأن المؤمنین التقلھذا ىومعن

العبادة ، والكافر بخالف ذل�ك كل�ھ ألن�ھ ت�ابع لش�ھوة نفس�ھ مسترس�ل فیھ�ا غی�ر زھ��ده ف��ي ال��دنیا وإنم��ا لخ��ائف م��ن تبع��ات الح��رام ، وإن أك��ل قل��یال فل��یس ذل��ك

بھ�ا لمراعاة الصحة وریاضة الجسم ، فھ�و لش�دة حرص�ھ عل�ى ال�دنیا وتمس�كھكأنھ یأكل في سبعة أمعاء كما تقول : فالن یأك�ل ال�دنیا أك�ال وأم�ا الم�ؤمن فإن�ھ یأكل في مع�ي واح�د ، فالرس�ول ص�لى هللا علی�ھ وس�لم یض�رب المث�ل ف�ي ھ�ذا

، وقد ذكر النووي ـ 3الحدیث للمؤمن وزھده في الدنیا وللكافر وحرصھ علیھا قیل : المراد بالس�بعة س�بع ص�فات رحمھ هللا ـ توجیھا آخر لھذا الحدیث فقال :

، الح���رص والش���ره ، وط���ول األم���ل ، والطم���ع ، وس���وء الطب���ع ، والحس���د ، . وقد قال : ابن القیم ـ رحمھ هللا ـ : لعینھ وذاتھ كالمحرم�ات والث�اني 4والسمن

رط ، فإنھ یثقل�ھ ف: ما یفسده بقدر وتعدي حده كاإلسراف في الحالل والشبع المغلھ بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولت�ھ حت�ى یظف�ر بھ�ا ، ف�إذا عن الطاعات ، ویش

ظفر بھا شغلھ بمزاولة تصرفھا ووقایة ضررھا والت�أذي بثقلھ�ا ، وق�وى علی�ھ م��واد الش��ھوة ، وط��رق مج��اري الش��یطان ووس��عھا ، فإن��ھ یج��ري م��ن اب��ن آدم مج��رى ال��دم ، فالص��وم یض��یق مجاری��ة ویس��د علی��ھ طرق��ھ والش��بع یطرقھ��ا

5ن أكل كثیرا شرب كثیرا فنام كثیرا فخسر كثیرا ویوسعھا ، ومق��ول الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ : وك��ان خارج��ا م��ن س��لطان فرج��ھ ، ف��ال

فالحسن رضي هللا عنھ یدعو إلى التحكم في شھوة ، 6یستخف لھ عقلھ وال رأیھالفرج وال یك�ون إش�باعا إال بم�ا ش�رع الم�ولى ع�ز وج�ل ، اآلن طغیانھ�ا یترت�ب علی�ھ

ج خطیرة ، كقسوة القلب وضعف اإلیمان ، فكلما تمادت شھوة الفرج في الطغی�ات نتائازداد القلب قسوة وظلمة ووحشة ابتداء م�ن النظ�ر إل�ى م�ا ح�رم هللا ث�م االخ�تالط ب�ین ل النس�اء وتخن�ث الرج�ال ، وم�ا ین�تج عن�ھ م�ن تھ�وین أم�ر الجنسین وما یتبعھ من رج

وعن�دھا ی�تمكن الم�رض م�ن القل�ب ، وتبتع�د عن�ھ الفاحشة والتمھید لھا حت�ى یق�ع فیھ�احقیقة اإلیمان ، ومصداق ذلك قول رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم : ال یزن�ي الزان�ي

109أمراض النفس ، و . أنس كرزون صـ 1 2060مسلم رقم 2 ) 539ـ 538/ 9فتح الباري شرح البخاري ( 3 ) 23/ 14شرح النووي على صحیح مسلم ( 4 ) 459ـ1/458مدارج السالكین ( 5 )11/199البدایة والنھایة ( 6

199

. قال البخاري ـ رحمھ هللا ـ 1وھو مؤمن ، وال یشرب الخمر حین یشربھا وھو مؤمنل��ھ ن��ور اإلیم��ان ، عن��د روایت��ھ لھ��ذا الح��دیث : أي ال یك��ون ھ��ذا مؤمن��ا تام��ا وال یك��ون

وعن أبي ھریرة رضي هللا عنھ قال : قال رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : إذا زن�ى العبد خرج منھ اإلیمان ، فكان فوق رأس�ھ كالظل�ة ، ف�إذا أخ�رج م�ن ذل�ك العم�ل رج�ع

ور اإلیم��ان ویض��عف تعظ��یم ال��رب ـ. فأص��حاب الكب��ائر ین��زع م��نھم ن�� 2إلی��ھ اإلیم��ان، إذ لو استشعروا من أت�ى الكب�ائر مث�ل الزن�ى أو الس�رقة أو ش�رب سبحانھ من قلوبھم

ة والخش�وع والن�ور ، یأن یذھب ما ف�ي قلب�ھ م�ن تل�ك الخش� الخمر وغیر ذلك ، فال بدأ 3وإن بقى أصل التصدیق في قلبھ ، وھذا من اإلیمان الذي ینزع منھ عند فع�ل الكبی�رة

لمعاص�ي ، فالمعص�یة ول�و كان�ت ومن نتائج طغیان شھوة الف�رج ، كث�رة الوق�وع ف�ي اصغیرة تمھد الطریق ألختھا حتى تت�ابع المعاص�ي ویھ�ون أمرھ�ا وال ی�درك ص�احبھا خطرھا ، فالنظرة تؤدي إلى الفكرة ثم یتول�د الخ�اطر ف�ي القل�ب وتتح�رك الش�ھوة وق�د یؤدي ذلك إلى العزم على اقتراف الفاحشة ، فإن تیسرت أسبابھا وقع فیھا ولھذا كانت

ة مقدمة من مقدمات الزنى ، وبابا من األب�واب الموص�لة إلی�ھ ، روى مس�لم ع�ن النظرأبي ھریرة رض�ي هللا عن�ھ ع�ن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم ق�ال : كت�ب عل�ى اب�ن آدم نصیبھ من الزنى ، مدرك ذل�ك ال محال�ة ، فالعین�ان زناھم�ا النظ�ر ، واألذن�ان زناھم�ا

الی��د زناھ��ا ال��بطش ، ، والرج��ل زناھ��ا الخط��ا ، االس��تماع ، واللس��ان زن��اه الك��الم ، و، وھك�ذا تت�درج المعاص�ي ف�ي 4والقلب یھوى ویتمنى ، ویصدق ذلك الف�رج أو یكذب�ھ

تسربھا إلى قلب العبد وتأثیرھا علیھ حتى ال یبالي بھا وال یقدر على مفارقتھا ویطل�ب لمعاصي تزرع أمثالھ�ا ، وفي ذلك یقول ابن اقیم ـ رحمھ هللا ـ : إن ا 5ما ھو أكثر منھا

، ویولد بعض�ھا بعض�ا حت�ى یع�ز عل�ى العب�د مفارقتھ�ا والخ�روج منھ�ا .. حت�ى تص�یر ھیئات راسخة وصفات الزمة وملكات ثابتة ، ولو عطل المجرم المعصیة وأقبل عل�ى

الفس�اق م�ن الطاعة لضاقت علیھ نفسھ ، وضاق صدره حتى یعاودھا ، حتى إن كثیرا 6غیر لذة یجدھا ، وال داعیة إلیھا إال لما یجده من األل�م بمفارقتھ�ا لیواقع المعصیة من

. ومن نتائج طغیان شھوة الفرج ، ذھاب الحیاء ، فإذا اعت�اد العب�د عل�ى مقارف�ة اآلث�ام نتیجة لطغیان شھوتھ ، سیصل إلى حال ال یبالي فیھ باطالع الناس على أفعالھ القبیحة

الناس بم�ا یفعلون�ھ ویتب�اھون ب�ھ ألنھ�م انس�لخوا م�ن ، بل أن كثیرا من ھؤالء یخبرون . 7الحیاء

وھكذا نجد أن التھاون في وقایة شھوة الفرج من االنحراف ولو ك�ان یس�یرا ، س�یؤدي حتى ال یق�ع الم�رء فریس�ة طغی�ان الش�ھوة الت�ي یص�عب وشیئا فشیئا إلى ما ھو أخطر

ص��احبھا وانس��الخھ م��ن ال��تخلص م��ن ش��رودھا ، وت��ؤدي ف��ي النھای��ة إل��ى طم��س قل��ب ق��د ف، 8األخ��الق الفاض��لة باإلض��افة إل��ى م��ا یص��یبھ م��ن األم��راض النفس��یة والجس��دیة

الفرج منھا : ةشرع اإلسالم تدابیر وقائیة من طغیان شھو . 57) مسلم رقم 8/13لبخاري ، ك الحدود (ا 1 ) ووافقھ الذھبي .1/22صححھ الحاكم في المستدرك ( 2 . 29كتاب اإلیمان ، البن تیمیة صـ 3 . 2657مسلم رقم 4 . 121أمراض النفس صـ 5 . 60ـ 59الجواب الكافي صـ 6 . 122أمراض النفس صـ 7 . 123أمراض النفس صـ 8

200

غض البصر وستر العورة : •ألن الطریق الذي تنفذ منھ سھام الشھوة إلى القلب ھو البصر ولذلك أمر هللا عباده

ق�ل ما حرم علیھم وستر عواراتھم عمن ال یحل لھم ق�ال تع�الى : ((بغض البصر ع خبی�ر بم�ا یص�ن )) (الن�ور ، عون للمؤمنین یغضوا من أبصارھم ویحفظوا فروجھم ذل�ك أزك�ى لھ�م إن �

ینظ��ر الرج��ل إل��ى ع��ورة ) وق��ال رس��ول هللا ص��لى هللا علی��ھ وس�لم : ال 30ی�ة : اآلالرجل وال المرأة إلى عورة المرأة ، وال یفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واح�د

. یقول ابن القیم ـ رحم�ھ هللا : ق�د 1، وال تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحدجع��ل هللا س��بحانھ الع��ین م��رآة القل��ب ف��إذا غ��ض العب��د بص��ره غ��ض القل��ب ش��ھوتھ

ویق�ول أیض�ا : النظ�رة تفع�ل ف�ي القل�ب 2طلق بصره أطلق شھوتھ وإرادتھ ، وإذا أما یفعل السھم في الرمیة ، فإن لم تقتلھ جرحتھ ، وھ�ي بمنزل�ة الش�رارة م�ن الن�ار

ترمي في الحشیش الیابس ، فإن لم تحرقھ كلھ أحرقت بعضھ وقد قیل : كل الحوادث مبداھا مـن النظر

ومعظ�����م الن�����ار م�����ن مستص�����غر الشرر

كم نظرة فتكت في قلب صاحبھا فتـك السھام بال قوس وال وتر

والمرء مـا دام ذا عیـن یقلبـھا ف���ي أع���ین الغی���د موق���وف عل���ى

الخطر یسـر مقلتـھ مـا ضـر مھجتھ

3اد بالضررال مرحبا بسرور عـ ـ تحریم االختالط واألمر بحجاب النساء : •

وقد ورد في بیان ذلك آیات قرآنی�ة وأحادی�ث نبوی�ة عدی�دة ومنھ�ا : قول�ھ تع�الى : أدن�ى أن یع�رفن ف�ال ل�ك یا أیھا النبي قل ألزواجك وبناتك ونساء المؤمنین یدنین علیھن من جالبیبھن ذ ((

غف���ورا وإذا ) . وقول���ھ تع���الى : ((59یم���ا)) (األح���زاب ، اآلی���ة : ح ر ی���ؤذین وك���ان �)) األح��زاب ، اآلی��ة : س�ألتموھن متاع��ا فاس�ألوھن م��ن وراء حج�اب ذلك��م أطھ�ر لقل��وبكم وقل�وبھن

) وروى البخاري ومسلم عن عقبة بن ع�امر رض�ي هللا عن�ھ أن رس�ول هللا 153قال : إیاكم والدخول على النساء . فقال رجل من األنصار : أفرأیت الحمو ؟ قال

. والحمو : أخو الزوج وما أشبھھ من أق�ارب ال�زوج ك�ابن األخ 4: الحمو الموت علیھ وسلم الحم�و الم�وت ن لیس بمحرم وقولھ صلى هللاـونحوھم مم ھوالعم وابن

. معناه أن الخوف منھ أكث�ر م�ن غی�ره لتمكن�ھ م�ن الوص�ول إل�ى الم�رأة والخل�وة ن ابن عباس رض�ي هللا عنھم�ا أن ـ، وع 5من غیر أن ینكر علیھ بخالف األجنبي

338مسلم رقم 1 109روضة المحبین صـ 2 114المرجع نفسھ صـ 3 . 2172مسلم رقم 4 ) .14/153شرح النووي على صحیح مسلم ( 5

201

رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم قال : ال یخلون رجل بامرأة إال ومعھ�ا ذو مح�رم كم��ا ورد التش��دید والوعی��د ف��ي أحادی��ث 1أة إال م��ع ذي مح��رم، وال تس��افر الم��ر

عدیدة من تشبھ الرجال بالنساء وتشبھ النساء بالرجال في اللبس والحركة لما في ذلك م�ن إث�ارة الش�ھوات وانحرافھ�ا ، روي البخ�اري ع�ن اب�ن عب�اس رض�ي هللا

ل بالنس�اء عنھما قال : لعن رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم المتش�بھین م�ن الرج�ا . 2والمتشبھات من النساء بالرجال

ـ الترغیب في الصیام لتسكین الشھو : •إذا لم یتیسر الزواج ولم یجد الم�رء المق�درة علی�ھ لس�بب م�ن األس�باب فعلی�ھ أن یق��ي نفس��ھ م��ن تس��لط الش��ھوة وذل��ك بالمب��ادرة إل��ى الص��یام لم��ا فی��ھ م��ن تس��كین

د إل��ى ذل�ك الح��دیث ال��ذي رواه الش�ھوة وتخفی��ف وطأتھ�ا ، وق��د ورد ف��ي اإلرش�االشیخان عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنھ ق�ال : ق�ال رس�ول هللا ص�لى هللا علیھ وسلم : یا معش�ر الش�باب م�ن اس�تطاع م�نكم الب�اءة فلیت�زوج ، فإن�ھ أغ�ض

، أي : 3للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم یستطع فعلیھ بالصوم فإن�ھ ل�ھ وج�اء، ویلح��ق ب��ذلك التقلی��ل م��ن األغذی��ة المحرك��ة للش��ھوة أن الص��وم یقط��ع الش��ھوة

لك��ي یكس��ر م��ن ح��دتھا ویض��عف تأثیرھ��ا ، ف��إذا ل��م یح��رص الم��رء عل��ى ھ��ذه التدابیر الوقائیة ولم یلتزم بھ�ا ، ف�إن س�ھام الش�ھوة وس�مومھا ال ب�د أن تنف�ذ إل�ى القلب ما دام على أھبة االستعداد لقب�ول ھ�ذا االنح�راف ، وعن�دھا س�یتمادى ف�ي مرضھ وتتمادى الشھوة في طغیانھا یوما بع�د ی�وم حت�ى یق�ع ص�احبھ ف�ي حم�أة

، فقول الحسن بن علي رضي هللا عنھ : كان خارجا من سلطان فرج�ھ 4الرذیلة، دعوة صریحة إلى كبح طغی�ان ش�ھوة الف�رج 5، فال یستخف لھ عقلھ وال رأیھ

. لعلم��اء ـ�� ق��ول الحس��ن ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ : ك��ان إذا ج��امع ا

وفي ھذا احت�رام للعلم�اء . 6یكون على أن یسمع أحرص منھ أن یتكلموتقدیرھم واالستفادة منھم ، فتوقیرھم واحت�رامھم م�ن الس�نة ، یق�ول رس�ول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم : ل�یس من�ا م�ن ل�م ی�رحم ص�غیرنا وی�وقر كبیرن�ا ، وی�أمر

س�لف ھ�ذه األم�ة ك�ان . لق�د 7بالمعروف وینھ ع�ن المنك�ر ویع�رف لعالمن�ا حق�ھیحترم��ون علم��اءھم احترام��ا كبی��را ویت��أدبون معھ��م ولق��د أكث��ر أھ��ل العل��م م��ن الكالم عن أسلوب التعامل مع العالم في مجلسھ ، وأسلوب الحدیث معھ مما ھ�و مذكور بتوسع في كتب آداب العالم والمتعلم ، ومن أجم�ع م�ا روي ف�ي ذل�ك م�ا

عن�ھ ـ : إن م�ن ح�ق الع�الم أال تكث�ر علی�ھ قالھ علي بن أبي طال�ب ـ رض�ي هللاوال تأخ�ذ بثوب�ھ إذا ، وأن ال تلح علیھ إذا كسل ـ السؤال ، وال تعنتھ في الجواب

ض ، وال تفش��ین ل��ھ س��را وال تغت��ابن عن��ده أح��دا ، وإن زل قبل��ت معذرت��ھ ، ـنھ��

. 1341مسلم رقم 1 ) .7/55البخاري ، ك اللباس ( 2 . 400مسلم رقم 3 . 126أمراض النفس صـ 4 ) .11/199البدایة والنھایة ( 5 ) .11/199المصدر نفسھ ( 6 . 1913صححھ ابن حبان رقم 1986رقم سنن الترمذي 7

202

، وإن كان�ت وعلیك أن توقره وتعظمھ � ما دام یحفظ أمر هللا وال تجلس أمامھ . وق��ال : م��ن ح��ق الع��الم علی��ك أن أتیت��ھ أن 1ل��ھ حاج��ة س��بقت الق��وم إل��ى خدمت��ھ

تسلم علیھ خاصة ، وعلى الق�وم عام�ة ، وتجل�س قدام�ھ ، وال تش�ر بی�دیك ، وال خ�ذ بثوب�ھ ، وال تل�ح علی�ھ تأ تقل ق�ال ف�الن خ�الف قول�ك وال تغمز بعینیك ، وال

وق�ال 2ا ش�ئـب�ة ال ی�زال یس�قط علی�ك منھ�في السؤال فإنھ بمنزلة النخل�ة المرطعبد الرحمن بن مھدي ـ رحمھ هللا ـ : كان الرجل من أھل العلم إذا لقي م�ن ھ�و فوقھ في العلم فھو یوم غنیمة س�ألھ وتعل�م من�ھ وإذا لق�ي م�ن ھ�و دون�ھ ف�ي العل�م

. 3علمھ وتواضع لھ ، وإذا لقي من ھو قرینھ في العلم ذاكره ودارسھالطل�ب ، والس�عي ف�ي سلف الصالح أبلغ المثل في الح�رص عل�ىولقد ضرب ال

األخذ عن أھل العلم واالستماع إلیھم واحترامھم وتقدیرھم تشھد لذلك قصص�ھم التي ساقھا الخطیب البغدادي وغیره في ھذا المجال .

ـ قول الحسن بن علي رضي هللا عن�ھ : ك�ان أكث�ر دھ�ره ص�امتا ، ن ال یش�ارك ف�ي دع�وى ، وال ی�دخل ف�ي الق�ائلین ، ك�ا ذ فإذا ق�ال ب�

فالحسن بن علي رضي هللا عنھ یدعو إلى التقلیل من الكالم ، ومنابذة . 4مراءإن األعضاء كلھا تكفر اللسان ، تق�ول ـالمراء ، وفي الحدیث : إذا أصبح العبد ف

: ات���ق هللا فین���ا ، فإنم���ا نح���ن ب���ك ، ف���إذا اس���تقمت اس���تقمنا ، وإن أعوجج���ت ، وقد كان السلف یحاسب أحدھم نفسھ في كالم�ھ ، ل�ئن اللس�ان أیس�ر 5جناأعوج

ھا عل��ى العب��د ، وك��ان الص��دیق رض��ي هللا عن��ھ حرك��ات الج��وارح وھ��ي أض��ر، والكالم أسیرك ، فإذا اخ�رج م�ن 6یمسك بلسانھ ویقول : ھذا أوردني الموارد م��ن ق��ول إال لدی��ھ رقی��ب م��ا یلف��ظ ل قائ��ل ((ـفی��ك ص��رت أن��ت أس��یره وهللا عن��د لس��ان ك��

) . وفي اللسان آفتان عظیمتان إن خل�ص م�ن إح�داھما 18: ، اآلیة )) ( قعتید م یخل��ص م��ن األخ��رى : آف��ة الك��الم ، وآف��ة الس��كوت ، وق��د یك��ون ك��ل منھم��ا ـل��

أعظم إثما من األخرى في وقتھا ، فالساكت عن الحق ش�یطان أخ�رس ، ع�اص اھن ؛ إذا لم یخف على نفسھ ، والمتكلم بالباطل ش�یطان ن�اطق ، � ، مراء ، مد

عاص � ، وأكثر الخلق منحرف في كالمھ وسكوتھ ؛ فھم بین ھ�ذین الن�وعین، وأھ��ل الوس��ط ـ وھ��م أھ��ل الص��راط المس��تقیم ـ كف��وا ألس��نتھم ع��ن الباط��ل ،

لمة ت�ذھب وأطلقوھا فیما یعود علیھم نفعھ في اآلخرة ، فال ترى أحدھم یتكلم بكعلیھ ضائعة بال منفعة ، فضال عن أن نضره في آخرتھ ، وإن العب�د لی�أتي ی�وم القیامة بحسنات أمثال الجبال ، فیجد لسانھ قد ھدمھا علیھ كلھا ، ویأتي بس�یئات

، فل�یس 7أمثال الجبال ، فیجد لسانھ ق�د ھ�دمھا م�ن كث�رة ذك�ر هللا وم�ا اتص�ل ب�ھق ، وال الس��كوت ك��ذلك ، ب��ل ال ب��د م��ن الك��الم الك��الم م��أمورا ب��ھ عل��ى اإلط��ال

بالخیر والسكوت عن الشر ، وكان السلف كثیرا یم�دحون الص�مت ع�ن الش�ر ،

) .1/129جامع بیان العلم وفضلھ ( 1 ) .1/146المصدر نفسھ ( 2 . 86، قواعد في التعامل مع العالمء ، عبد الرحمن بن معال اللویحق صـ 206المحدث الفاصل للرامھرمزي صـ 3 ) .11/199البدایة والنھایة ( 4 ) .1/5136في الصحیح الجامع ( حسنھ األلباني 2407الترمذي رقم 5 76جھاد النفس صـ 6 379الداء والدواء البن القیم صـ 7

203

وعما ال یعني لشدتھ على النفس ، ولذلك یقع فیھ الناس كثیرا ، فكانوا یع�الجون ، ق�ال الفض�یل ب�ن عی�اض ـ 1أنفسھم ، ویجاھدونھا على السكوت عما ال یعنیھم

ـ : ما حج وال رباط ، وال جھاد أشد من حبس اللسان ، ولو أص�بحت رحمھ هللایھمك لسانك ، أصبحت في غم شدید . وقال : سجن اللسان سجن المؤمن ، ولو

2أصبحت یھمك لسانك ، أصبحت في غم شدیدال 3ـ قول الحسن بن علي رضي هللا عنھ : ك�ان إذا ابت�دأه أم�ران

نظر فیما ھو أقرب إلى ھواه فخالف�ھ یرى أیھما أقرب إلى الحق ، :

مخالف�ة الھ�وى ، والھ�وى ، م�یالن ال�نفس ل�ىح�ث عیفالحسن رضي هللا عن�ھ ، ، ویعتب��ر الھ��وى م��ن 4إل��ى م��ا تس��تلذه م��ن الش��ھوات م��ن غی��ر داعی��ة الش��رع

األسباب التي ألجلھا خالفت كثیر من األمم أنبیائھ�ا فاس�تكبروا ول�م یقبل�وا الح�ق ولقد أخ�ذ ي جاءتھم بھ أنبیاؤھم ، علیھم السالم . قال تعالى : ((والھدى والنور الذ

میث��اق بن��ي إس��رائیل فریق��ا ك��ذبتم أنفس��ھم وأرس��لنا إل��یھم رس��ال كلم��ا ج��اءھم رس��ول بم��ا ال تھ��وى �) كما أن هللا تعالى أمر نبیھ داود علیھ السالم 10: (المائدة ، اآلیة ))وفریقا تقتلون

یا داود إنا جعلناك خلیفة في األرض فاحكم ب�ین الن�اس ب�الحق بمخالفة الھوى ، قال تعالى : (( إن ال�ذین یض�لون بع الھوى فیضلك عن س�بیل � لھ�م ع�ذاب ش�دید بم�ا نس�وا ی�وم وال تت ع�ن س�بیل �

) . ویق��ول اب��ن تیمی��ة ـ رحم��ھ هللا ـ : ونف��س 26اب)) (ص ، اآلی��ة : س��الح وم ی��الھوى ـ ھو الحب والبغض الذي في النفس ـ ال یالم علیھ ، فإن ذلك قد ال یملك

ومج��رد الح��ب وال��بغض ،وق��ال ف��ي موض��ع آخ��ر : 5، وإنم��ا ی��الم عل��ى اتباع��ھ، إن الع�الج الن�اجع 6ھوى ، لكن المحرم اتباع حبھ وبغضھ بغیر ھ�دى م�ن هللا

والبلس��م الش��افي لم��ن ابتل��ى بش��ئ م��ن الھ��وى ، إل��زام ال��نفس بالكت��اب والس��نة ، واتباع منھج السلف الصالح وتربیة النفس باستمرار على التق�وى والخش�یة م�ن

حاس��بتھا دائم��ا فیم��ا یص��در منھ��ا وع��دم االغت��رار هللا تع��الى ، واتھ��ام ال��نفس ومبأھوائھ��ا وتزییناتھ��ا وخ��داعھا ، واإلكث��ار م��ن إستش��ارة أھ��ل العل��م واإلیم��ان واستجالء آرائھم حول ما یرید أن یقولھ ویفعل�ھ ، وك�ذلك ت�رویض ال�نفس عل�ى استنصاح اآلخرین وتقبل اآلراء الص�حیحة الص�ائبة وإن كان�ت مخالف�ة لم�ا ف�ي

وتعویدھا على التریث وعدم االس�تعجال ف�ي إص�دار األحك�ام وإمض�اء النفس ،األعمال والحذر من ردود األفعال التي ق�د یك�ون فیھ�ا إف�راط وتف�ریط وغل�و أو تقصیر ، وجھل وبغى وع�دوان ، وإكث�ار الم�رء م�ن ال�دعاء والتض�رع إل�ى هللا

فقھ لقول كلمة تعالى بأن یجنبھ اتباع الھوى ومضالت الفتن ویسألھ تعالى أن یوالحق في الغضب والرضا ویكثر الدعاء الذي علم�ھ رس�ول هللا ص�لى هللا علی�ھ

77جھاد النفس صـ 1 جامع العلوم والحكم 2 199/ 11البدایة والنھایة ( 3 . 257التعریفات للجرجاني ص 4 ) .28/131القناوي ( 5 ) .28/133المصدر نفسھ ( 6

204

. وقول�ھ ص�لى هللا علی�ھ 1وسلم ألمتھ : وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب . 2وسلم : اللھم إني أعوذ بك من منكرات األخالق واألعمال واألھواء

الس�وء بم�ن عل�م الس�وء من�ھ وب�دت ـ قال الحسن رضي هللا عنھ : یج�وز أن یظ�ن 4

. 3الس�وء بمج�رد الظ�ن ف�إن الظ�ن یك�ذب كثی�را علیھ أدلتھ ول�یس ینبغ�ي أن یظ�ن ب�ھومفھوم ھذه الحكمة الحسنیة أن المؤمن الكیس الفط�ن یج�وز ل�ھ ظ�ن الس�وء بم�ن عل�م م��ن أحوال��ھ ، وتص��رفاتھ ، وس��لوكھ ومواقف��ھ وأقوال��ھ م��ا یش��یر إل��ى الس��وء ب��ھ ، ف��إن

یظھر بعض ما في نفسھ على صفحات وجھ وفلتات لسانھ ، وبعض مواقف�ھ ، اإلنسانعلی�ھ عق�اب أو ج�زاء عل�ى الش�خص المش�كوك فی�ھ بطبیع�ة الح�ال یبنيوھذا الظن ال

ولكن المقصد من ق�ول الحس�ن رض�ي هللا عن�ھ االحت�راز والح�ذر والحیط�ة م�ن أمث�ال س��بب حس��ن الظ��ن بأمث��ال ھ��ؤالء حت��ى ال یق��ع اإلنس��ان المس��لم ف��ي مص��ائب ووی��الت ب

ھؤالء ومن عاشر الناس علم خطورة الثقة في من ل�ھ س�وابق م�ن س�وء الظ�ن وق�رائن ت�دل عل�ى ذل��ك وأم�ا مج��رد ظ�ن الس��وء بالمس�لم ب�ال دالئ��ل وال ق�رائن قوی��ة ف�ال ینبغ��ي

���ن إث���م ی���ا أیھ���ا ال���ذین آمن���وا اجتنب���وا كثی���را م���ن الظ���ن للمس���لم ، فق���د ق���ال تع���الى : (( )) إن بع���ض الظ)) . ھ�و إن بع�ض الظ�ن إث�م ) . قال بعض العلماء في قولھ تعالى ((12(الحجرات ، اآلیة :

أن تظن بأھل الخیر سوءا ، فأما أھل السوء والفسوق فلنا أن نظن بھم مثل الذي ظھ�ر 5والظن ، فإن الظن أك�ذب الح�دیث، وقال رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم : إیاكم 4لنا

. وعد ابن حجر سوء الظن بالمسلم من الكبائر الباطنة حیث قال .. وذلك أن م�ن حك�م احتق��اره ، وع��دم القی��ام بحقوق��ھ ، بش��ر عل��ى غی��ره بمج��رد الظ��ن حمل��ھ الش��یطان عل��ى

والتواني في إكرامھ ، وإطالة اللسان في عرضھ ، وكل ھذا مھلكات ، وكل م�ن رأیت�ھك لخب��ث باطن��ھ وس��وء ل��یس��ئ ال��ظ◌ن بالن��اس ، طالب��ا إلظھ��اره مع��ایبھم ـ ف��اعلم أن ذ

طویتھ ، فإن المؤمن یطل�ب المع�اذیر لس�المة باطن�ھ ، والمن�افق یطل�ب العی�وب لخب�ث . 6باطنھ

فھذه إطاللة موجزة على قول الحسن بن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ : یج�وز ت علیھ أدلتھ ول�یس ینبغ�ي أن أن یظن السوء بمن علم السوء منھ وبد

كثیرا . 7یظن بھ السوء بمجرد الظن ، فإن الظن یكذبـ قول الحسن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عن�ھ : وهللا م�ا تش�اور ق�وم ق�ط إال 5

فالحس���ن رض���ي هللا عن���ھ یح���ث الن���اس ، 8ھ���داھم هللا ألفض���ل م���ا یحض���رھمرس الرعی�ل األول ویوصیھم بضرورة التشاور فیما بینھم في جمیع أمورھم ، وقد م�ا

الش��ورى وتعلمھ��ا م��ن ھ��دي الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم والخلف��اء الراش��دین ، وق��د شاور الحسن أخیھ الحسین وابن عم�ھ عب�د هللا ب�ن جعف�ر وغی�رھم م�ن ق�ادة دولت�ھ ف�ي

) صححھ األلباني .3/55ب الدعاء بعد الذكر (النسائي ، ك السھو ، با 1 ) .3/183سنن الترمذي وصححھ األلباني ، كما في صحیح سنن الترمذي ( 2 . 173الشھب الالمعة في السیاسة النافعة للمالقي صـ 3 . 243األخالق بین الطبع والتطبع صـ 4 . 2563، مسلم رقم 5143البخاري رقم 5 . 114الزواجر صـ 6 . 173لشھب الالمعة في السیاسة الالمعة صـ ا 7 . 183تھذیب الریاسة ، وترتیب السیاسة للقلعي صـ 8

205

الص��لح م��ع معاوی��ة رض��ي هللا ع��نھم كم��ا س��یأتي بیان��ھ ، وتعتب��ر الش��ورى م��ن قواع��د وم�ن ال یستش�یر أھ�ل العل�م وال�دین ـ م�ن األحك�ام ـ فعزل�ھ الشریعة وعزائم األحكام ،

الحنف��ي ـ رحم��ھ هللا ـ ف��ي تفس��یره . وق��ال الجص��اص1ھـواج��ب ، ھ��ذا م��ا ال خ��الف فی��)) وھ�ذا ی�دل عل�ى جالل�ة وأم�رھم ش�ورى بی�نھم ق�رآن معقب�ا عل�ى قول�ھ تع�الى : ((بأحكام ال

، 2الصالة ، ویدل على أنن�ا م�أمورون بھ�ا موقع الشورى لذكرھا مع اإلیمان ، وإقامة ق��ال الط��اھر ب��ن عاش��ور : مجم��وع ك��الم الجص��اص ی��دل عل��ى أن م��ذھب أب��ي حنیف��ة

، وقال النووي ـ رحم�ھ هللا ـ : واختل�ف أص�حابنا ھ�ل كان�ت الش�ورى واجب�ة 3جوبھاوعلى رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم أم كانت سنة ف�ي حق�ھ كم�ا ف�ي حقن�ا ، والص�حیح

)) ، والمخت�ار ال�ذي وش�اورھم ف�ي األم�ر وھو المختار ق�ال هللا تع�الى : ((وجوبھا ، عندھم. وقال ابن تیمیھ رحمھ هللا : 4علیھ جمھور الفقھاء ومحققو األصول أن األمر للوجوب

هللا علیھ وسلم فقال ال غنى لولي األمر عن المشاورة فإن هللا تعالى أمر بھا نبیھ صلى ی (تعالى : ( إن � لین فاعف عنھم واستغفر لھم وشاورھم في األمر فإذا عزمت فتوكل على � )) حب المتوك

) . إن الشورى من قواع�د النظ�ام اإلس�المي الت�ي تس�اھم ف�ي 159(آل عمران ، آیة : ع نظ�ام الش�ورى لحك�م بالغ�ة ومقاص�د عظیم�ة ، ولم�ا إقامة المجتمع المسلم ، وقد شر

لیل�ة الت�ي تع�ود عل�ى األم�ة والدول�ة والمجتم�ع جفیھا من المصالح الكبیرة ، والفوائ�د ال بالخیر والبركة ومن ذلك :

ـ�� الش��ورى ن��وع م��ن الح��وار المفت��وح ، وم��ن أحس��ن األس��الیب لتوعی��ة ال��رأي الع��ام ین الحاكم والمحكومین ، والقائ�د والمق�ودین ، وتنویره ، وتعزیز عوامل الحب والثقة ب

والرئیس والمرءوسین ، وھو خیر أسلوب في الحكم لعزل الشكوك ، ونف�ي الھ�واجس ، وإزالة األوھام ، ووقف اإلش�اعات الت�ي تنم�و ع�ادة ف�ي ظ�ل االس�تبداد ، وتنش�ر ف�ي

عتمة الغوغائیة حی�اة المجتم�ع والجماع�ة ، ـ تقضي مبادئ اإلسالم بأن یشعر كل ف�رد أن ل�ھ دورا ف�ي

والشورى تتیح الفرصة أم�ام ك�ل ف�رد لك�ي یق�دم م�ا یس�تطیع م�ن جھ�ود وأفك�ار وآراء ومھارات لخیر المجتمع ، كما تتیح الفرصة أمام كل فرد لیعبر ع�ن رأی�ھ ف�ي الش�ئون

العامة .ـ إن الشورى تم�نح ال�دفء الع�اطفي ،والتماس�ك الفك�ري ألف�راد األم�ة ، وفیھ�ا إش�عار الفرد بقیمتھ الذاتیة ، وقیمت�ھ الفكری�ة ، وقیمت�ھ اإلنس�انیة ، وت�دفع أف�راد المجتم�ع نح�و االجتھاد واإلبداع والرضى وتتفجر الطاقات وتنكشف المواھب المغمورة في األمة .

لشورى تساھم في عالج ضروب الكب�ت الض�اغطة ، وك�وامن األحق�اد الدفین�ة ، اـ إن فیة ، ت�دفع رعای�ا الدول�ة للعط�اء والح�رص عل�ى ترس�یخ وتطیح بكثیر من الكظوم الخ

النظام ، وصدق الوالء . ـ وفي نظام الش�ورى ت�ذكیر لألم�ة بأنھ�ا ھ�ي ص�احبة الس�لطان وت�ذكیر ل�رئیس الدول�ة

عنھا في مباشرة الحكم والسلطان . وكیلبأنھ

) .3/379المحرر الوجیز في تفسیر الكتاب العزیز ( 1 ) 386/ 3أحكام القرآن للجصاص ( 2 ) 149/ 4التحریر والتنویر ( 3 ) 76/ 4شرح النووي على مسلم ( 4

206

ی�ھ وس�لم وھ�ذه ـ وفي المشاورة امتثال ألمر هللا بھا ، واقت�داء برس�ول هللا ص�لى هللا عل. فالحس�ن 1المزیة أرجح المزایا المتقدمة ، وھذا أھم العوامل في نج�اح نظ�ام الش�ورى

ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ یح��ث الن��اس عل��ى االھتم��ام بالش��ورى وممارس��تھا وتطبیقھ��ا 2ولذلك قال : وهللا ما تشاور قوم قط إال ھداھم هللا ألفضل ما یحضرھم

عنھ في بعض مواعظھ للمس�لمین : ـ قال الحسن بن علي رضي هللا 6یا ابن آدم ع�ف ع�ن مح�ارم هللا تك�ن عاب�دا وارض بم�ا قس�م هللا ل�ك

ن مس�لما ، وص�احب الن�اس ـتكن غنیا واحسن جوار من ج�اورك تك�بمثل ما تحب أن یصاحبوك بمثل�ھ تك�ن ع�ادال . أن�ھ ك�ان ب�ین أی�دیكم

ح جمعھ��م ق��وم یجمع��ون كثی��را ویبن��ون مش��یدا وی��أملون بعی��دا أص��ببورا وعملھم غرورا ومساكنھم قبورا . یا اب�ن آدم ان�ك ل�م ت�زل ف�ي ھدم عمرك من�ذ س�قطت م�ن بط�ن أم�ك ، فج�د بم�ا ف�ي ی�دك لم�ا ب�ین

دوا ، وتال ھذه اآلیة : (( 3یدیك فإن المؤمن یتزود والكافر یتمتع وتزواد التقوى . )197: آیة ، البقرة ()) فإن خیر الز

وھ��ذا ش��رح م��وجز لھ��ذه الخطب��ة الحس��نیة ی��ا اب��ن آدم ع��ف ع��ن أ ـ فھذا توجیھ من الحسن بن علي یحث فی�ھ الن�اس ،4محارم هللا تكن عابدا

على االبتعاد من المحرمات ، ویعتبر الحس�ن ب�ن عل�ي م�ن ت�رك المحرم�ات فھو العابد فالوقوع في المحرمات توقع اإلنس�ان ف�ي الغفل�ة وتعرض�ھ لس�خط

وعقابھ وغضبھ ، كم�ا أن الوق�وع ف�ي المحرم�ات والغفل�ة ع�ن طاع�ة هللا هللا سببان لمفاسد كثیرة وأضرار بلیغة ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة یق�ول اب�ن الق�یم : قل�ة التوفی���ق وفس���اد ال���رأي ، وخف���اء الح���ق ، وفس���اد القل���ب ، وخم���ول ال���ذكر ،

ن��ع وإض��اعة الوق��ت ، ونض��رة الخل��ق ، والوحش��ة ب��ین العب��د وب��ین رب��ھ ، ومإجابة الدعاء ، وقسوة القلب ، ومحق البرك�ة ف�ي ال�رزق والعم�ر ، وحرم�ان العلم ولباس الذل ، وإھانة العدو ، وضیق الص�در ، واالب�تالء بقرن�اء الس�وء

م والغ���م وض���نك ـال���ذین یفس���دون القل���ب ، ویض���یعون الوق���ت ، وط���ول الھ���غفل�ة ع�ن المعیشة ، وكسف الب�ال ، ك�ل ھ�ذه األش�یاء تتول�د م�ن المعص�یة وال

ذكر هللا كما یتولد الزرع من الماء ، واإلحراق من النار ،وأضداد ھذه تتول�د ، فالبعد عن المحرمات طریق للطاعات ، فیص�بح المس�لم عاب�دا 5من الطاعة

.6، ولذلك قال الحسن عف عن محارم هللا تكن عابدا : 7ب ـ وأرض بما قسم هللا لك تكن غنیا

34، 33األصالة والمعاصرة لعز الدین التمیمي صـ الشورى بین 1 183تھذیب الریاسة وترتیب السیاسة صـ 2 28، الحسن بن علي صـ 121نور األبصار ، الشبلنجي صـ 3 121المصدر نفسھ صـ 4 32الفوائد صـ 5 121، نور األبصار صـ 28الحسن بن علي صـ 6 28المصدر نفسھ صـ 7 197راغب صـ المفردات لل1

207

ھ عن الرضى بما كتبھ هللا عل�ى العب�د ، وأن الرض�ى یتحدث الحسن رضي هللا عنیؤدي إلى الغنى با� سبحانھ وتعالى ، والرضا عن هللا سبحانھ وتعالى معناه

. وأع�اله : س�رور القل�ب ، 1: أن ال یكره العبد ما یجري بھ قضاء هللا تع�الى وسكینة النفس إل�ى قض�اء هللا وق�دره خی�ره وش�ره واإلیم�ان بالقض�اء والق�در

ل األخ�الق ـأحد األركان الستة ، حلوه ومره ، وھذا القسم من الرضا م�ن أج�اإلیمانیة ألنھ : آخذ بزمام مقامات الدین كلھا ، إذ ھو روحھا وحیاتھ�ا ، فإن�ھ

ة ودلی��ل ص��حة محب��ة ـروح التوك��ل وحقیقت��ھ ، وروح الیق��ین ، وروح المحب��ع هللا ـالخل�ق م� ، وھ�و أیض�ا یف�تح ب�اب حس�ن2المحب ، وروح الشكر ودلیل�ھ

تعالى ومع الناس ، فإن حسن الخلق من الرضا ، وسوء الخلق من الس�خط ، بل إن بعض العلماء عرف الرضا بحسن الخلق م�ع هللا ، ق�ال ، ألن�ھ یوج�ب ترك االعتراض علیھ في ملكھ ، وحذف فضول الكالم الذي یق�دح ف�ي حس�ن

اسم مذموم ، إذا لم یذمھ فال یسمى شیئا قط قضاه هللا تعالى وقدره ب …خلقھ ، ولذلك كان ھذا النوع من الرضا محل عنای�ة 3هللا تعالى ، ألنھ ینافي الرضا

ھا ع�ز وج�ل : ((ـالقرآن الكریم في التحدث عنھ بآیات كثیرة یقول فی رض�ي �) مما یدل على أنھ من أعل�ى مقام�ات 100)) (التوبة ، اآلیة : عنھم ورضوا عن�ھ

یمان لما یعینھ من كم�ال الخل�ق م�ع الخ�الق ج�ال وع�ال لك�ل م�ا یقض�یھ هللا اإلع��ز وج��ل ف��ي خلق��ھ وكون��ھ وتش��ریعھ ، فیقبل��ھ العب��د بك��ل س��رور واطمئن��ان

قضاه هللا تعالى ل�ھ م�ن خی�ر أو وانشراح نفس ، فال یجد في نفسھ حرجا مما ي الك�ون ـ بل یرضى بمر القضاء ال�ذي ق�دره ل�ھ ـ وال عل�ى م�ا قض�اه ف� شر

من تدبیر وخلق وفناء بدایة لما یعلمھ من حكمتھ سبحانھ في تدبیره الملك�وت كلھ ، وال على ما شرعھ لعب�اده م�ن تش�ریع عل�ى ألس�نة رس�لھ ، وف�ي محك�م كتاب��ھ ، ألن��ھ كل��ھ ھ��و الح��ق والھ��دى ـ فص��احب ھ��ذا الخل��ق یتلق��ى ك��ل ذل��ك

لعلم�ھ أن هللا ع�ز بالمحبة والسرور على مراد هللا الذي قضاه ف�ي ك�ل ذل�ك ،وجل حكیم في فعلھ وتدبیره وقضائھ ودود مع عباده ال یفع�ل لھ�م إال مح�ض

، وقد ك�ان ج�د الحس�ن ص�لى هللا علی�ھ وس�لم 4الخیر مھما بدا ألنفسھم خالفھالقدوة المثلى واألسوة الحسنى ، فقد بین لن�ا ص�لى هللا علی�ھ وس�لم كی�ف ك�ان

في الحیاة من متاع�ب ف�ي ال�نفس أو الم�ال رضاه عن هللا تعالى فیما یبتلیھ بھأو البن��ین أو األق��ارب ؟ ، فك��ان ص��لى هللا علی��ھ وس��لم عل��ى ذل��ك النح��و م��ن الرضا كماال وتماما سواء فیما نالھ من األذیة في نفسھ من جراء دعوتھ إل�ى هللا تعالى في مكة أو ف�ي الط�ائف أو ف�ي المدین�ة ، ولق�د بلغ�ت ب�ھ األذی�ة، أن

عدة محاوالت اغتیال فلم تفلح، فلم یزد على تقریر المحاولین م�ا جرت علیھأرادوه ، ثم العفو عنھم ، وأما رضاه بما كان علیھ م�ن القل�ة ف�ي الم�ال ، فل�م تعرف البشریة رضا مثلھ ، حیث بل�غ ب�ھ ف�ي حال�ھ ذاك ، أن جع�ل ی�دعو هللا

فق�د األوالد فلم�ا ، وأم�ا ف�ي 5تعالى ویقول : اللھم أجعل رزق آل محمدا قوتا

) 2/218مدارج السالكین ( 2 )2/220مدارج السالكین ( 3 ) .1/96أخالق النبي صلى هللا علیھ وسلم في القرآن والسنة ( 4 . 1055البخاري ، الرقائق رقم 5

208

م��ات خ��ال الحس��ن ول��د النب��ي ص��لى هللا علی��ھ وس��لم الرض��یع إب��راھیم علی��ھ السالم عن ثمانیة عشرا شھرا ، وق�د رزق ب�ھ عل�ى الكب�ر وبع�د م�وت أبنائ�ھ الذكور من قبل ، لم یتزعزع رضاه علیھ الصالة والس�الم لقض�اء هللا وق�دره

نھ أنس بن مالك ـ رض�ي هللا عن�ھ ، بل أعلن رضاه بذلك ، وقال فیما رواه عـ�� : إن الع��ین ت��دمع ، والقل��ب یح��زن ، وال نق��ول إال بم��ا یرض��ي ربن��ا ، وإن��ا

عوا 1بفراقك یا إبراھیم لمحزونون وأما أقاربھ صلى هللا علیھ وسلم فقد ص�رحولھ بین یدیھ في ال�دفاع عن�ھ وع�ن دعوت�ھ ، فل�م یتب�رم ل�ذلك ، ب�ل ج�اء أن�ھ

رضي هللا عنھ 2هللا وأسد رسولھ حمزةبن عبد المطلبقال في حق عمھ أسد ـ الذي استشھد بأحد ، ومثل ب�ھ أیم�ا تمثی�ل : فنظ�ر إل�ى منظ�ر ل�م ینظ�ر إل�ى

ھ ، نظ�ر إلی�ھ ، وق�د مث�ل ب�ھ ، فم�ا زاد عل�ى أن ق�ال : ـمنظر أوجع للقل�ب من�رات ، رحمة هللا علیك ، إن كنت م�ا علمت�ك إال وص�وال لل�رحم ، فع�وال للخی�

وهللا ل��وال ح��زن م��ن بع��دك علی��ك لس��رني أن أترك��ك حت��ى یحش��رك هللا ف��ي ومع ما كان علیھ صلى هللا علیھ وسلم م�ن كم�ال الرض�ا ع�ن 3بطون السباع

هللا تعالى في كل أحوالھ ، فقد كان دائ�ب ال�دعاء أن یرزق�ھ هللا تع�الى المزی�د … علی�ھ وس�لم : ، فكان من دعائھ ص�لى هللا4من الرضا والثبات الدائم علیھ

وأسألك الرضا بعد القضاء وبرد العیش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجھ�ك ، والشوق إلى لقائك ، وأعوذ ب�ك م�ن ض�راء مض�رة ، وفتن�ة مض�لة ، اللھ�م

، ول��م تقتص��ر أقوال��ھ ص��لى هللا 5زین��ا بزین��ة اإلیم��ان ، واجعلن��ا ھ��داة مھت��دینن نفسھ م�ن ذل�ك الخل�ق العظ�یم علیھ وسلم في الرضا على ما كان یعبر بھ ع

، ب��ل ك��ذلك ك��ان ین��وه بھ��ذا الخل��ق العظ��یم ، ویب��ین م��ا ل��ھ م��ن عظ��یم األج��ر والث��واب عن��د هللا ، ل��یحض أمت��ھ علی��ھ ، وذل��ك كم��ا ف��ي قول��ھ ص��لى هللا علی��ھ وس��لم : م��ن ق��ال ح��ین یس��مع الم��ؤذن : وأن��ا أش��ھد أن ال إل��ھ إال هللا وح��ده ال

، رض�یت ب�ا� رب�ا ، وبمحم�د ص�لى هللا شریك لھ وأن محمد عب�ده ورس�ولھ. ویالح�ظ ھن�ا كی�ف 6علیھ وسلم نبیا ورسوال ، وباإلسالم دینا ، غفر لھ ذنب�ھ

ربط النبي صلى هللا علیھ وسلم ھذا الدعاء بأمر یتكرر یومیا خمس م�رات ، لیصبح ھذا الدعاء ومضمونھ ش�یئا راس�خا ف�ي نف�س الم�ؤمنین والمؤمن�ات ،

علی���ھ وس���لم : ذاق طع���م اإلیم���ان م���ن رض���ي ب���ا� رب���ا ، وقول���ھ ص���لى هللا. فق��د ب��ین ف��ي ھ��ذین 7وباإلس��الم دین��ا وبمحم��د ص��لى هللا علی��ھ وس��لم رس��وال

الح�دیثین عظ��یم خل��ق الرض�ا ع��ن هللا تع��الى حی��ث أب�ان أن ھ��ذا الخل��ق س��بب لمغفرة الذنوب ، وشھد لھ في الحدیث اآلخر أنھ مما یوج�د ح�الوة اإلیم�ان ،

صاحب ھذا الخلق یعلم أنھ ما أصابھ لم یكن لیخطئھ ، وما أخط�أه وذلك ألن ل��م یك��ن لیص��یبھ ، وأن ت��دبیر هللا تع��الى ل��ھ خی��ر م��ن ت��دبیره لنفس��ھ ، فیع��یش

. 2315مسلم رقم 1 ) .3/8طبقات بن سعد ( 2عد إیراده لھ بسنده : ھذا إسناده فیھ ضعف ، وذكره بنحوه ابن ھشام في ) عزاه ابن كثیر إلى البزار وقال عنھ ب2/592تفسیر ابن كثیر ( 3

) عن ابن إسحاق مرسال .3/171سیرتھ ( ) 1/100أخالق النبي صلى هللا علیھ وسلم في القرآن والسنة ( 4 ) من حدیث عمار بن یاسر اسناده حسن 3/55سنن النسائي ، في السھو ( 5 386مسلم رقم 6 8275مسلم رقم 7

209

قریر العین في ھذه الحیاة في السراء والضراء ، یحمد هللا تعالى على الخیر ح�ة للم�رء وغیره ، ألن ذلك كلھ فعل هللا تعالى وتص�رفھ ف�ي ملك�ھ ، وأي را

؟ ، فالحس��ن ب��ن عل��ي 1أكث��ر م��ن أن یع��یش ف��ي ھ��ذه الحی��اة عل��ى ھ��ذا النح��ورضي هللا عنھ ح�ث عل�ى ھ�ذا الخل�ق بلس�ان الح�ال ولس�ان المق�ال فق�د ق�ال :

2وأرضى بما قسم هللا لك تكن غنیا

: 3جـ ـ قولھ : واحسن جوار من جاورك تكن مسلماالج�ار عل�ى ج�اره م�ن فحقالجوار فالحسن رضي هللا عنھ یحث المسلمین على حسن

وبالوال��دین إحس��انا وب��ذي القرب��ى والیت��امى والمس��اكین أعظ��م الحق��وق ، ق��ال تع��الى (() ، وقال النب�ي ص�لى هللا علی�ھ 36النساء ، آیة :)) (والجار ذي القربى والجار الجنب

وذل�ك لش�دة الوص�یة 4ھي بالجار حتى ظننت أنھ س�یورثوسلم : ما زال جبریل یوصین بھ وتأكیدھا ومن حقوق الجوار وآدابھ في اإلسالم أمر منھا :

عدم إیذائھ بأي شئ من قول أو عمل : فقد قال صلى هللا علیھ وسلم : من ك�ان ی�ؤمن ـ . فیج��ب عل��ى اإلنس��ان أن یك��ف اذاه ع��ن ج��اره ، 5ب��ا� والی��وم اآلخ��ر ف��ال ی��ؤذ ج��اره

سواء كان بالقول ، أو بالفعل ، أو باإلشارة فأذیة الجار محرمة على كل حال و

اإلحسان إلیھ دائما : وبكل صورة ممكنھ ، كما قال ص�لى هللا علی�ھ وس�لم : م�ن ك�ان ـ یؤمن والی�وم اآلخ�ر فلیحس�ن إل�ى ج�اره ، وم�ن ك�ان ی�ؤمن ب�ا� والی�وم اآلخ�ر فلیك�رم

لألھمی�ة ونظ�را 6م اآلخر ، فلیقل خیرا ، أو لیس�كتضیفھ ، ومن كان یؤمن با� والیوالكب��رى الت��ي یعطیھ��ا اإلس��الم للج��ار رب��ط الرس��ول ص��لى هللا علی��ھ وس��لم ب��ین ص��دق اإلیمان با� والیوم اآلخر واإلحسان للجار ولو طبقنا ھذا التوجی�ھ النب�وي م�ع جیرانن�ا

ومتكاثف�ة ولع�اش أھلھ�ا في مجتمعاتنا لتحولت ھذه المجتمعات إلى مجتمع�ات متعاون�ة .حیاة طیبة

تحمل أذى الجار والص�بر علی�ھ : وكم�ا قی�ل : ل�یس حس�ن الج�وار بك�ف األذى عل�ى ـ الجار ، ولكن بتحم�ل أذاه . فینبغ�ي للمس�لم أن یص�بر عل�ى أذى ج�اره ، وأن یتحمل�ھ ،

وأن یقابلھ باإلحسان . فإن بھذا یغلق الباب أمام نزغ الشیطان م وال سیما إذا كان فقیرا :مواساتھ بالطعاـ

، وق�ال ص�لى 7قال صلى هللا علیھ وسلم : لیس المؤمن بالذي یشبع وجاره ج�ائع جنب�ھ، وق��ال 8ول ج��اره منھ��اكم ق��درا فلیكث��ر مرقھ��ا ، ث��م لین��ا: إذا ط��بخ أح��دهللا علی��ھ وس��لم

. ) 101/ 1أخالق النبي في القرآن والسنة ( 1 . 121، نور األبصار 28الحسن بن علي صـ 2 . 28المصدر نفسھ صـ 3 . 6015لبخاري ، رقم ا 4 . 1860لبخاري ، رقم ا 5 . 48مسلم ، رقم 6 . 148) السلسلة الصحیحة رقم 4/167المستدرك ( 7 676جامع لأللباني رقم ) ، صحیح ال 165/ 8مجمع الفوائد ( 8

210

. 1صلى هللا علیھ وسلم : یا نساء المسلمات ال تحق�رن ج�ارة لجارتھ�ا ول�و فرس�ن ش�اة فینبغي لكل

را عظیم�ا عل�ى الج�ار ، ث�مسلم أن یتنبھ إلى ھذا األدب الرفی�ع ، وأال یھمل�ھ ، ف�إن ل�ھ أ وھو دلیل على اتصاف المجتمع المسلم بالتراحم ،

احتیاج��ات م��ن الح��دیث الح��رص عل��ى س��د یفھ��مو 2هوالتع��اطف ، والتكاف��ل ب��ین أف��راد غیرھا والجار ما أمكن من مالبس وأدویة

كتھ الفرح والحزن :مشارـ ف��إذا ك��ان عن��د ج��اره مناس��بة س��ارة فینبغ��ي ل��ھ أن ی��ذھب إلی��ھ ، وأن یش��اركھ ویقاس��مھ

لت بھ حفرحھ ، ما لم یكن فیھ معصیة وإذا أزنھ ، ویواس���یھ بالكلم���ة ـنازل���ة فینبغ���ي ل���ھ أن یحض���ره ، وأن یش���اركھ ویقاس���مھ ح���

عل��ى أخی��ھ المس��لم ، الص��الحة ، ویش��د م��ن أزره . وك��ل ھ��ذا م��ن ح��ق المس��لم أص��ال والجار أولى بھذه الحقوق من غیره .

أن یعرض علیھ البیت قبل غیره إذا أراد التحول عنھ : ـ فإذا أراد أن ینتقل من داره فلیعرضھا على جاره قبل غیره ، فقد یرغب ف�ي ش�رائھا ، وكذلك أي أرض أو عقار ، وقد قال صلى هللا علیھ وسلم : م�ن كان�ت ل�ھ أرض ف�أراد

. وھ�ذا أطی�ب لخ�اطره ولقلب�ھ ، وإذا ف�رط الن�اس ف�ي ھ�ذا 3بیعھا فلیعرضھا على جاره األمر فإنھم یفتحون بابا للمشاحنات والمنازعات والعداوات ، فا� المستعان .

أال یمنع جاره من غرس خش�بھ ف�ي ج�داره : إذا احت�اج الج�ار إل�ى ذل�ك ، فینبغ�ي أن ـ نع�ھ م�ن االنتف�اع بھ�ا ، فق�د ق�ال ص�لى هللا علی�ھ یسمح ل�ھ بغ�رس ھ�ذه الخش�بة ، وال یم

. ث��م ق��ال أب��و ھری��رة : م��الي 4وس��لم : ال یمن��ع ج��ار ج��اره أن یغ��رس خش��بھ ف��ي ج��دارهأراك��م عنھ��ا معرض��ین ؟ وهللا ألرم��ین بھ��ا ب��ین أكت��افكم . أي ألص��رحن وألح��دثن بھ��ا

ر وال ویفھ�م م�ن الح�دیث ك�ل مس�اعدة یحتاجھ�ا الج�ا5بینكم مھما ساءكم ذل�ك وأوجعك�م یترتب علیھا ضرر لجاره ، فاإلسالم یحث على تقدیمھا .

ـ تعظیم حرمة الجار وعدم خیانتھ : ال بإفشاء سره ، وال بھتك عرضھ ، وال ب�الفجور بأھلھ ، فإنھ من أقبح الكبائر قال صلى هللا علیھ وسلم لما سئل : أي الذنب أعظم ؟ قال

، ب�ل 6م أي ؟ قال : أن تزاني حلیلة ج�ارك: أن تقتل ولدك خشیة أن یطعم معك . قیل ثینبغي أن یحفظھ في نفسھ ومالھ وعرضھ ، حتى یأمنھ جاره ، فقد قال ص�لى هللا علی�ھ

. ول�ذلك 8. أي غ�دره وخیانت�ھ7وسلم : وهللا ال یؤمن ـ ثالثا ـ الذي ال یأمن ج�اره بوائق�ھس�ن الج�وار كان الحسن بن علي رضي هللا عنھ یوصي الناس في مواعظھ وخطبھ بح

. 9واإلحسان إلى الجار فقد قال : واحسن جوار من جاورك تكن مسلما

1030مسلم رقم 1 ) 299/ 1موسوعة اآلداب اإلسالمیة ( 2 2022، صحیح ابن ماجة 2493سنن ابن ماجة رقم 3 2463البخاري رقم 4 ) 1/301موسوعة اآلداب اإلسالمیة ( 5 86مسلم رقم 6 6016البخاري رقم 7 ) 1/301موسوعة اآلداب اإلسالمیة ( 8 121نور األبصار صـ 28بن علي صـ الحسن 9

211

ح ـ قول��ھ : وص��احب الن��اس بمث��ل م��ا تح��ب أن یص��احبوك بمثل��ھ تك��ن فالحس��ن رض��ي هللا عن��ھ یح��ث المس��لمین عل��ى إنص��اف الن��اس ومص��احبتھم ع��ادال :

عل��ى نف��س بالع��دل وع��دم ظلمھ��م ، فاإلنص��اف خص��لة ش��ریفة ، وخل��ة كریم��ة ، ی��دل مطمئن��ة ، وأف��ق واس��ع ، ونظ��ر ف��ي العواق��ب بعی��د ، ویع��رف بأن��ھ ، اس��تیفاء الحق��وق

، وق��ال اب��ن الق��یم ف��ي 2، واس��تخراجھا باألی��دي العادل��ة ، والسیاس��ة الفاض��لة1ألربابھ��اإنص��اف الن��اس : أن ت��ؤدي حق��وقھم ، وأال تط��البھم بم��ا ل��یس ل��ك ، وأال تحملھ��م ف��وق

یعوض�وك نأن یعاملوك بھ ، وأن تعوضھم مما تح�ب أ وسعھم ، أن تعاملھم بما تحب. اإلنص�اف والع�دل تؤم�ان 3منھ ، وأن تحكم لھم أو علیھم بما تحكم بھ لنفسك أو علیھا

ذائ�ل ة باكتساب الفضائل ، واجتن�اب الر م ة ،وبراءة الذ ، وق�د أمرن�ا 4نتیجتھما علو الھمملن�ا بغض�نا للكف�ار عل�ى ع�دم األنص�اف یح نهللا سبحانھ وتعالى باألنص�اف ، ونھ�ى أ

ش�ھداء بالقس�ط وال یج�رمنكم ش�نآن ق�وم عل�ى أ ،فقال عز وجل : (( امین � ال یا أیھا الذین آمنوا كونوا ق�و إ خبیر بم�اتعدلوا اعدلوا ھو أقرب للتقوى واتقوا � ) . قال ابن تیمیھ 8ون )) ( المائدة : ل م تع ن �

ـ�� رحم��ھ هللا ـ : فنھ��ى أن یحم��ل الم��ؤمنین بغض��ھم للكف��ار عل��ى أال یع��دلوا ، فكی��ف إذا ل من أھل اإلیمان ؟ فھو أولى أن ـك علی�ھ یجبان البغض لفاسق ، أو مبتدع ، أو متأو

. وقال ابن كثیر ـ رحم�ھ 5دل على مؤمن ، وإن كان ظالما لھأال یحملھ ذلك على أال یعهللا ـ : أي ال یحملنكم بغض قوم على ترك العدل ، فإن العدل واجب على كل أح�د ف�ي

ل��ت م�ن ع��ص هللا فی�ك بمث��ل أن مك�ل أح�د ف��ي ك�ل ح��ال ، وق�ال ل��بعض الس�لف : م�ا عكم شنآن قوم أن ص�دوكم ع�ن المس�جد الح�رام أن وال یجرمن ال سبحانھ وتعالى : ((ق. و6ع هللا فیھیتط

وم أن ـض ق��ـراء : أي ال یكس��بنكم بغ��ـ) . ق��ال أب��و عبی��دة والف�� 2)) ( المائ��دة : تعت��دوا ىـدل إلـل ، والعى الباـق إلـالح 7تعتدوا

ن ال��ذین ال فم��ا أجم��ل أن یتحل��ى الم��رء باإلنص��اف ، فھ��و م��ن ص��فات الرب��انیی 8الظل��م

. 9یرجون إال الحق :ـ قال ابن القیم ـ رحمھ هللا

وتعر من ثوبین من یلبسھما 10یلق الردى بمذمة وھوان

ثوب من الجھل المركب فوقھ ثوب التعصب بئست الثوبان وتحل باإلنصاف أفخر حلة

1زینت بھا األعطاف والكتفان

أرباب : أصحاب ، مفرد رب 1 228األخالق بین الطبع والتطبع صـ 2 ) بتصرف 407/ 2زاد المعاد ( 3 64التوفیق على مھمات التعریف للمناوي صـ 4 ) 38/ 1االستقامة ( 5 ) 7/ 2تفسیر ابن كثیر ( 6 تعتدوا : تتجاوزا 7 ) 6/45قرطبي (تفسیر ال 8 229األخالق بین الطبع والتطبع صـ 9

الھوان : الخزي والعار 10

212

وقال المتنبي : ولم تزل قلة اإلنصاف قاطعة بین الرجال ولو كان ذوي رحم

ومن إنصاف العباد إنصافھم في األموال والمعامالت ، والحجج والمق�االت وق�د ع�اب هللا س��بحانھ وتع��الى ال��ذین یبخس��ون الن��اس أش��یاءھم ، وأوع��دھم بالخس��ارة والھ��الك ،

ف�ین فق�ال س�بحانھ وتع�الى : (( وإذا ك��الوھم أو * ذین إذا اكت�الوا عل�ى الن�اس یس�توفون ال�� * وی�ل للمطف) . ق��ال اب��ن س��عدي ـ رحم��ھ هللا ـ : دل��ت اآلی��ة 3ـ 1)) ( المطفف��ین : وزن��وھم یخس��رون

الكریمة على أن اإلنسان كما یأخذ من الناس الذي ل�ھ ، یج�ب علی�ھ أن یعط�یھم ك�ل م�ا وال والمعامالت ، بل یدخل في عموم ھذه الحجج والمقاالت ، فإنھ كما أن لھم من األم

المتناظرین قد جرت الع�ادة أن واح�د منھم�ا یح�رص عل�ى م�ا ل�ھ م�ن الحج�ج ، فیج�ب ـ أن یب��ین م��ا لخص��مھ م��ن الحج��ج الت��ي ال یعلمھ��ا ، وأن ینظ��ر ف��ي أدل��ة علی��ھ ـ أیض��ا

ع��رف إنص��اف اإلنس��ان م��ن خص��مھ كم��ا ینظ��ر ف��ي أدلت��ھ ھ��و ، وف��ي ھ��ذا الموض��ع ی. فم�ا أجم�ل ق�ول الحس�ن 3، وتواضعھ من كبره ، وعقلھ من س�فھھ 2تعصبھ واعتسافھ

ب��ن عل��ي رض��ي هللا عن��ھ : وص��احب الن��اس بمث��ل م��ا تح��ب أن یص��احبوك بمثل��ھ تك��ن 4عادال

خ ـ ق��ول الحس��ن رض��ي هللا عن��ھ : إن��ھ ك��ان ب��ین أی��دیكم ق��وم یجمع��ون بعیدا أصبح جمعھم بورا وعملھم غرورا كثیرا ویبنون مشیدا ویأملون

ومساكنھم قبورا یا ابن آدم إنك لم تزل في ھدم عمرك من�ذ س�قطت م�ن بطن أمك ، فجد بما في یدك لما ب�ین ی�دیك ف�إن الم�ؤمن یت�زود والك�افر

اد التق�وىیتمتع وتال ھذه اآلیة (( دوا فإن خیر الز ) 197ی�ة : ، اآل(البقرة )) وتزو. فالحسن رضي هللا عنھ یصف صنفا من الناس منغمسا ف�ي ال�دنیا وزینتھ�ا ، مش�غوال بالجمع والبناء ومصابا بمرض طول األمل فھذا حال أغلب الناس إال من رحم رب�ي ، فإذا الموت یأتي بغتة ، فلم ینتفعوا بما جمعوا ، فأصبحت أعمالھم ضائعة ، ومساكنھم

لي رضي هللا عنھ یحذر الناس من اإلغترار بھ�ذه ال�دنیا ویح�ثھم خالیة ، فالحسن بن عق�ل على الزھد فیھا وإنما ینشأ الزھد للیقین بالتفاوت بین الدنیا واآلخرة ، ق�ال تع�الى ((

نیا قلیل واآلخرة خیر لمن اتقى وال تظلمون فتیال . والق�رآن یرب�ي ) 77آی�ة : ، )) ( النس�اء متاع الدالمؤمن عل�ى الزھ�د ف�ي ال�دنیا والرغب�ة ف�ي اآلخ�رة ، وق�د ب�ین هللا س�بحانھ وتع�الى أن

زی�ن لل�ذین كف�روا الحی�اة الكفار ھم ال�ذین یغت�رون بزین�ة ال�دنیا وزخرفھ�ا ، فق�ال تع�الى : ((نیا ویسخرون من الذین آمنوا والذین ات یرزق من یشاء بغیر حس�اب الد البق�رة ()) قوا فوقھم یوم القیامة و�

. )212: ، اآلیة وقد بین القرآن الكریم في كثیر من المواضع أن الدنیا حقیرة ال یجب أن تش�غل الم�رء

* ك�ال س�وف تعلم�ون * ى زرتم المق�ابر حت * ألھاكم التكاثر طلب اآلخرة منھا قولھ تعالى : ((عن ث�م لتس�ألن * ثم لترونھا ع�ین الیق�ین * لترون الجحیم * كال لو تعلمون علم الیقین * كال سوف تعلمون ثم

األعطاف : جمع عطف ، وھو الجانب 1 اإلعتساف : أشد الظلم 2 915تفسیر ابن سعدي صـ 3 28الحسن بن علي صـ 4

213

أي أش�غلكم ح�ب ال�دنیا ونعیمھ�ا وزھرتھ�ا ) ، 8ـ� 1: ، اآلی�ة ر التك�اث()) یومئذ عن النع�یم ع��ن طل��ب اآلخ��رة وابتغائھ��ا ، وتم��ادى بك��م ذل��ك حت��ى ج��اءكم الم��وت وزرت��م المق��ابر

. وروى اإلمام أحم�د ، ع�ن عب�د هللا ب�ن الش�خیر ق�ال : انتھی�ت إل�ى 1وصرتم من أھلھا)) یقول ابن آدم مالي م�الي ، التك�اثر ألھاكم رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم وھو یقول : ((

؟ 2وھو لك من مالك إال ما أكلت فأفنی�ت ، أو لبس�ت فأبلی�ت ، أو تص�دقت ، فأمض�یتوقال رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم یقول العبد : مالي مالي ، وإنما لھ من مالھ ث�الث

ك فذاھب وتارك�ھ ، ما أكل فأفنى ، أو لبس ، فأبلى ، أو تصدق فأمضى ، وما سوى ذل، وعن أنس بن مالك رضي هللا عنھ قال : قال رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم 3للناس

: یتبع المیت ثالث فیرجع اثنان ویبقى معھ واحد : یتبع�ھ أھل�ھ ومال�ھ وعمل�ھ ، فیرج�ع ، وع�ن أن�س رض�ي هللا عن�ھ أن النب�ي ص�لى هللا علی�ھ وس�لم 4أھلھ ومالھ ویبقى عمل�ھ

، وقال األحنف ب�ن ق�یس لم�ا 5بن آدم وتبقى معھ اثنتان : الحرص واألملقال : یھرم ارأى في ید رجل درھما : لمن ھذا الدرھم ؟ فقال الرجل : لي ، فقال : إنما ھ�و ل�ك إذا

متمثال قول الشاعر : حنفأنفقتھ في أجر ، أو ابتغاء شكر ، ثم أنشد األ ذا أمسكتھ أنت للمال إ

6فإذا أنفقتھ فالمال لك )) أي : ثم لتسألن یومئذ عن شكر ما أنعم هللا ثم لتسألن یومئذ عن النعیموفي قولھ تعالى : ((

نعم�ة م�ن ش�كره بھ علیكم م�ن الص�حة واألم�ن وال�رزق وغی�ر ذل�ك ، م�ا إذا ق�ابلتم ب�ھنیا لنفت�نھم فی�ھ أزواجا منھم وال تمدن عینیك إلى ما متعنا بھ . وقال تعالى : ((7وعبادتھ زھرة الحی�اة ال�د

الة واصطبر علیھا ال ن * ورزق ربك خیر وأبقى )) ( سألك رزقا نحن نرزق�ك والعاقب�ة للتق�وىوأمر أھلك بالص) .قال ابن كثیر ـ رحم�ھ هللا ـ : یق�ول تع�الى لنبی�ھ محم�د ص�لى هللا 132، 131طھ :

علیھ وسلم : ال تنظر إل�ى ھ�ؤالء المت�رفین وأش�باھھم ونظ�رائھم وم�ا فی�ھ م�ن النع�یم ، تب�رھم ب�ذلك وقلی�ل م�ن عب�ادي الش�كور ، وق�ال فإنما ھو زھرة زائلة ونعمة حائل�ة لنخ

)) یعني : األغنی�اء ، فق�د آت�اك هللا خی�را مم�ا آت�اھم . ولھ�ذا ق�ال : أزواجا منھم مجاھد : (()) فك��ان ص��لى هللا علی��ھ وس��لم أزھ��د الن��اس ف��ي ال��دنیا م��ع الق��درة ورزق رب��ك خی��ر وأبق��ى((

وھكذا في عب�اد هللا ، ول�م ی�دخر لنفس�ھ ش�یئا ق�ال : إن علیھا إذا حصلت لھ ینفقھا ھكذاأخوف م�ا أخ�اف عل�یكم م�ا یف�تح هللا لك�م م�ن زھ�رة ال�دنیا ق�الوا : وم�ا زھ�رة ال�دنیا ی�ا

وق��ال قت��ادة والس��دي : ( زھ��رة الحی��اة ) یعن��ي : 8رس��ول هللا ؟ ق��ال : برك��ات األرض��الة () لنبتل��یھم . وقول��ھ : ()ی��ھ لنفت��نھم ف (زین��ة الحی��اة ال��دنیا . وق��ال قت��ادة : ( وأم��ر أھل��ك بالص

) أي : استنقذھم من عذاب هللا بإق�ام الص�الة ، واص�بر أن�ت عل�ى فعلھ�ا ، )واصطبر علیھا) . وقولھ : 6: ، اآلیة لتحریم ا)) (یا أیھا الذین آمنوا قوا أنفسكم وأھلیكم ناراكما قال تعالى : ((

ث ال تحتس�ب . )) یعني : إذا أقمت الصالة أتاك ال�رزق م�ن حی�ال نسألك رزقا نحن نرزق�ك (( یجعل لھ مخرج�اكما قال تعالى : (( ، 2)) ( الط�الق : ویرزق�ھ م�ن حی�ث ال یحتس�ب * ومن یتق �

9معنى الزھد والمقاالت وصفة الزاھدین ألبي سعید البعري صـ 1 2958مسلم رقم 2 2959مسلم 3 6514البخاري رقم 4 1047مسلم رقم 5 10معنى الزھد والمقاالت وصفة الزاھدین صـ 6 10معنى الزھد والمقاالت وصفة الزاھدین صـ 7 6427البخاري رقم 8

214

)) . وق��ال الث��وري : ال نس��ألك رزق��ا : أي ال نس��ألك رزق��ا نح��ن نرزق��ك ال ) ولھ��ذا ق��ال : (( 3. 1نكلف��ك الطل��ب . وق��ال ثاب��ت : وكان��ت األنبی��اء إذا ن��زل بھ��م أم��ر فزع��وا إل��ى الص��الة

وعن زید ابن ثابت رضي هللا عنھ قال : سمعت رسول هللا صلى هللا علیھ وس�لم یق�ول علیھ أمره وجعل فقره بین عینیھ ، ول�م یأتی�ھ م�ن ال�دنیا : من كانت الدنیا ھمھ فرق هللا

إال ما كتب لھ ، ومن كانت اآلخرة نیتھ جمع لھ أمره وجعل غناه ف�ي قلب�ھ وأتت�ھ ال�دنیا )) أي : وحسن العاقبة ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة وھ�ي والعاقبة للتقوى. وقولھ : ((2وھي راغمة

ابن مسعود رضي هللا عنھ قال : اض�طجع رس�ول هللا . وعن 3الجنة لمن أتقى .. انتھىصلى هللا علی�ھ وس�لم عل�ى حص�یر ، ف�أثر ف�ي جنب�ھ فلم�ا اس�تیقظ جعل�ت امس�ح عن�ھ ، فقل��ت : ی��ا رس��ول هللا ، أال آذنتن��ا فبس��طنا ش��یئا یقی��ك من��ھ ، فتن��ام علی��ھ ، فق��ال : م��الي

تح��ت ش��جرة ، ث��م ولل��دنیا ، م��ا أن��ا وال��دنیا إال كراك��ب س��ار ف��ي ی��وم ص��ائف ، فق��ال . وقد ك�ان الص�حابة رض�ي هللا ع�نھم س�ائرین عل�ى نھ�ج النب�ي ص�لى هللا علی�ھ 4تركھا

ا فانی�ة ـوسلم فقد كانوا أزھد الناس وأرغبھم في اآلخرة ، فنظ�روا إل�ى ال�دنیا بع�ین أنھ�وإلى اآلخرة أنھا باقیة ، فتزودوا من الدنیا زاد الراكب ونظروا إلى اآلخ�رة بقل�وبھم ،

ا علموا أنھم س�یرتحلون منھ�ا بأب�دانھم فعلموا أنھم سینظرون إلیھا بقلوبھم وأعینھم ولمل ذلك بتوفیق موالھم الك�ریم ، ف�أحبوا م�ا أح�ب لھ�م ، ـتعبوا قلیال ، وتنعموا كثیرا ، ك

وكرھوا ما كره لھم ، قال ابن مسعود رضي هللا عن�ھ للت�ابعین : ألن�تم أكث�ر عم�ال م�ن صلى هللا علیھ وسلم ، ولكنھم ك�انوا خی�را م�نكم ، ك�انوا أزھ�د ف�ي أصحاب رسول هللا

الدنیا وأرغب في اآلخرة ، فكان في التابعین م�ن ھ�و أكث�ر قیام�ا وص�یاما وعب�ادة م�ن ن الصحابة رضي هللا ع�نھم س�بقوا ب�أحوالھم اإلیمانی�ة كالصحابة رضي هللا عنھم ، ول

ز وجل وال شك في أن الصحابة رضي من الزھد والیقین ، وصدق التوكل على هللا عهللا عنھم تعلموا الزھد من رسول هللا صلى هللا علی�ھ وس�لم ، فق�د ك�ان النب�ي ص�لى هللا

د وق�علیھ وسلم یمر علیھ الھالل ثم الھالل ث�م الھ�الل ، ث�الث أھل�ة ف�ي ش�ھرین ، وال ی ن الم�ؤمن وأما قول الحس�ن ب�ن عل�ي رض�ي هللا عنھم�ا : ف�إ. 5في بیتھ من أبیاتھ نار

اد التق�وىیتزود والكافر یتمتع وتال ھذه اآلیة : (( دوا ف�إن خی�ر ال�ز البق�رة ، اآلی�ة : )) (وت�زوففیھا دعوة للتق�وى ، وااللت�زام بھ�ا ، والتق�وى أن تعم�ل بطاع�ة هللا عل�ى ن�ور ) .197

ترج�و ث�واب هللا ، من هللا ترج�و ث�واب هللا ، وأن تت�رك معص�یة هللا عل�ى ن�ور م�ن هللا وأن تترك معصیة هللا على نور من هللا تخاف عقاب هللا والمطلوب من العبد أن یتعلق قلب��ھ ب��ا� وح��ده محب��ة ل��ھ وإخالص��ا ل��ھ ف��ي عبادت��ھ ورغب��ة فیم��ا عن��ده م��ن نع��یم أع��ده للمتقین ، فخوفا من سخطھ وعقابھ وعذابھ . وللتقوى ثمار یحتاج إلیھا ك�ل مس�لم منھ�ا

ج من كل ضیق والرزق من حیث ال یحتسب العبد ، قال تعالى : ((، المخر ومن یت�ق �) . ومنھ�ا ، تیس�یر العل�م 4)) (الط�الق ، اآلی�ة : ویرزق�ھ م�ن حی�ث ال یحتس�ب * یجعل لھ مخرج�ا

(( الن�افع ، ق�ال تع��الى : مك�م � ویعل ) . ومنھ�ا ، إط��الق 282)) (البق�رة ، اآلی��ة : واتق�وا � یجعل لكم فرقان�انور البصیرة ، قال تعالى (( ) ، ومنھ�ا ، 29)) األنف�ال ، اآلی�ة : إن تتقوا �

بل�ى م�ن أوف�ى محبة هللا عز وج�ل ومحب�ة مالئكت�ھ والقب�ول ف�ي األرض ، ق�ال تع�الى : ((

11معنى الزھد والمقاالت وصفة الزاھدین صـ 1 5106، وصححھ األلباني صحیح الجامع 4105سنن ابن ماجة رقم 2 ألبي ذر القلموني بتعرف 62ففروا إلى هللا صـ 3 5668وصححھ األلباني صحیح الجامع رقم 2377سنن الترمذي رقم 4 . 2972مسلم رقم 6567البخاري رقم 5

215

یحب المتقین بعھده واتقى ) ، وعن أب�ي ھری�رة رض�ي هللا 76)) (آل عمران ، اآلیة : فإن �عنھ عن رسول هللا صلى هللا علیھ وسلم أن�ھ ق�ال : إذا أح�ب هللا العب�د ق�ال لجبری�ل : قد أحببت فالنا فأحبھ . فیحبھ جبریل علیھ السالم ثم ینادي في أھ�ل الس�ماء ، إن هللا

. ومنھ�ا 1النا فأحبوه ، فیحبھ أھل السماء ثم یوضع ل�ھ القب�ول ف�ي األرضقد أحب فز وجل وتأییده وتسدیده : وھي المعیة المقصودة بق�ول هللا ع�ز وج�ل ـ، نصرة هللا ع

م��ع المتق��ین : (( واعلم��وا أن � ) فھ��ذه المعی��ة ھ��ي معی��ة 194)) (البق��رة ، اآلی��ة : واتق��وا �التأیی��د والنص��رة والتس��دید وھ��ي معی��ة هللا ع��ز وج��ل ألنبیائ��ھ وأولیائ��ھ ومعیت��ھ للمتق��ین والصابرین وھي تقتفي التأیی�د والحف�ظ واإلعان�ة كم�ا ق�ال تع�الى لموس�ى علی�ھ الس�الم

) وأم��ا المعی��ة العام��ة مث��ال46)) (ط��ھ ، اآلی��ة : ال تخاف��ا إنن��ي معكم��ا أس��مع وأرىوھ��ارون (( وھو ) وقولھ: ((4)) (الحدید ، اآلیة : وھو معكم أین ما كنتم قولھ تعالى : (( وال یستخفون من �

) . والمعی�ة العام�ة تس�توجب م�ن العب�د 108)) (النساء : معھم إذ یبیتون ما ال یرضى من القول ع�ز وج�ل . ومنھ�ا ، البرك�ات م�ن الس�ماء واألرض ق�ال الحذر والخ�وف ومراقب�ة هللا

)) (األع��راف ، ول��و أن أھ��ل الق��رى آمن��وا واتق��وا لفتحن��ا عل��یھم برك��ات م��ن الس��ماء واألرض تع��الى : ((ق ) . ومنھ��ا البش��رى ف��ي الحی��اة ال��دنیا ، وھ��ي الرؤی��ا الص��الحة وثن��اء الخل��96اآلی��ة :

ومحب��تھم ، ق��ال تع��الى : (( ال��ذین آمن��وا وك��انوا * ◌ال خ��وف عل��یھم وال ھ��م یحزن��ون أال إن أولی��اء �نیا وف�ي اآلخ�رة * یتقون ) والبش�رى ف�ي 64ـ 62)) (ی�ونس ، اآلی�ة : لھم البشرى في الحیاة ال�د

بشر هللا : المؤمنین المتقین . في غیر مك�ان م�ن كتاب�ھ وع�ن النب�ي ص�لى هللا الحیاة ما . وعنھ صلى هللا علیھ وسلم : ل�م یب�ق م�ن النب�وة 2علیھ وسلم : الرؤیا الصالحة من هللا

. وع�ن أب�ي ذر رض�ي 3إال المبشرات . قالوا : وما المبش�رات ق�ال : الرؤی�ا الص�الحةص�لى هللا علی��ھ وس�لم : الرج�ل یعم��ل العم�ل � ویحب��ھ هللا عن�ھ ق�ال : قل��ت لرس�ول هللا

. وق�د رأین�ا م�ن الم�وفقین ثن�اء الن�اس عل�ى 4الناس ، فقال : تلك عاجل بشرى الم�ؤمنوإن تص�بروا أعمالھم في ال�دنیا . ومنھ�ا الحف�ظ م�ن كی�د األع�داء ومك�رھم ق�ال تع�الى : ((

كم كی��دھم ش��یئا بم��ا یعمل��ون مح��یط وتتق��وا ال یض��ر ) . یرش��دھم 120)) (آل عم��ران ، اآلی��ة : إن �إلى السالمة من شر األش�رار وكی�د الفج�ار باس�تعمال الص�بر والتق�وى والتوك�ل تعالى

على هللا الذي ھو محیط بأعدائھم ، فال ح�ول وال ق�وة لھ�م إال ب�ھ ، وھ�و ال�ذي م�ا ش�اء ومنھا ، حفظ الذریة الضعاف بعنایة هللا تعالى ع�ز وج�ل ، . 5كان وما لم یشاء لم یكن

ولیقول��واق��ال تع��الى : (( ی��ة ض��عافا خ��افوا عل��یھم فلیتق��وا � ق��وال ول��یخش ال��ذین ل��و ترك��وا م��ن خلفھ��م ذررش��اد المس��لمین ال��ذین یخش��ون ) . وف��ي اآلی��ة إش��ارة إل��ى إ9)) (النس��اء ، اآلی��ة : س��دیدا

ترك ذریة ضعاف بالتقوى في سائر شئونھم حتى تحفظ أبناؤھم وی�دخلون تح�ت حف�ظ هللا وعنایتھ ، ویكون في إشعارھا تھدید بضیاع أوالدھ�م إن فق�دوا تق�وى هللا ، وإش�ارة إلى أن تق�وى األص�ول تحف�ظ الف�روع ، وأن الرج�ال الص�الحین یحفظ�ون ف�ي ذری�تھم

ا الجدار فكان لغالمین یتیمین في المدین�ة وك�ان تحت�ھ كن�ز لھم�ا وك�ان أبوھم�ا اآلیة : (( الضعاف كما وأم 6) . فإن الغالمین حفظا ببركة أبیھما في أنفسھما ومالھما82)) (الكھف ، اآلیة : صالحا

. 6937مسلم ، ك البر والصلة رقم 1 . 6986البخاري ، ك الرؤیا رقم 2 . 6990البخاري ، رقم 3 ) .4/2034مسلم ، ( 4 ) .1/329تفسیر القرآن العظیم ( 5 ) .5/47محاسن التأویل للقاسمي ( 6

216

ادة العباد ف�ي ال�دنیا واآلخ�رة ، ق�ال تع�الى : ، ومنھا ، سبب قبول األعمال التي بھا سع من المتقین (( ) . ومنھا ، سبب النج�اة م�ن ع�ذاب ال�دنیا 27(المائدة ، اآلیة : ))إنما یتقبل �

ا ثمود فھدیناھم فاستحبوا العمى على الھدى فأخذتھم ، قال تعالى : (( صاعقة الع�ذاب الھ�ون بم�ا ك�انوا وأمین��ا ال��ذین آمن��وا وك��انوا یتق��ون * یكس��بون ) . ومنھ��ا ، تكفی��ر 19ـ 18)) (فص��لت ، اآلی��ة : ونج

السیئات وھو سبب النجاة من النار ، وعظم األجر ، وھو سبب الف�وز بدرج�ة الجن�ة ، ��ق ق��ال تع��الى : (( ��ر عن��ھ س��یئاتھ ویعظ��م ل��ھ أج��را وم��ن یت یكف ) . ومنھ��ا 5(الط��الق ، اآلی��ة : ))�

میراث الجنة ، فھ�م أح�ق الن�اس بھ�ا وأھلھ�ا ، ب�ل م�ا أع�د هللا الجن�ة إال إلص�حاب ھ�ذه )) عبادن�ا م�ن ك�ان تقی��ا تل�ك الجن�ة الت�ي ن�ورث م�ن الرتبة العلیة والجوھرة البھیة . ق�ال تع�الى : ((

) . فھم الورثة الشرعیون لجنة هللا عز وجل ، وھم ال ی�ذھبون إل�ى 63(مریم ، اآلیة : الجنة سیرا عل�ى أق�دامھم ب�ل یحش�رون إلیھ�ا ركبان�ا م�ع أن هللا ع�ز وج�ل یق�رب إل�یھم

ق ، اآلی�ة )) (نة للمتقین غیر بعید وأزلفت الج الجنة تحیة لھم ودفعا لمشقتھم كما قال تعالى : ((حمن وف�دا) وقال تع�الى ((31: ) . فالحس�ن 85)) (م�ریم ، اآلی�ة : ی�وم نحش�ر المتق�ین إل�ى ال�ر

رضي هللا عنھ یحث المس�لمین عل�ى التق�وى حرص�ا من�ھ عل�ى أن ین�ال المس�لمین ھ�ذه ك قال : فإن المؤمن یتزود والكافر یتمتع وتال ھ�ذه اآلی�ة الثمار في الدنیا واآلخرة ولذل

اد التقوى: (( دوا فإن خیر الز ) .197(البقرة ، اآلیة : 1))وتزو

. 121، نور األبصار صـ 28الحسن بن علي صـ 1

217