١

ضوابط التقيد بالمذهب الفقهي في إصدار الفتوى -دراسة تحليلة نقدية - ٣، منري علي عبد الرب٢، ستياوان غوناردي١معلمني حممد شهيد

اإلسالمية املاليزية كلية الشريعة والقانون، جامعة العلومستاذ مساعد، أ) املؤلف للمراسلة( ١

mualimin.sahid@usim.edu.my اإلسالمية املاليزية كلية الشريعة والقانون، جامعة العلومد، أستاذ مساع ٢

muneerali@usim.edu.my اإلسالمية املاليزية كلية الشريعة والقانون، جامعة العلومأستاذ مساعد، ٣

setiyawan@usim.edu.my

البحث صخلمقـول مـن اآلقـوال الـيت قـال ـا يقصد بالتقيد مبذهب معني من املذاهب الفقهيـة التمسـك بـرأي مـن اآلراء أو

هـــورأصـــحاب مـــذهب وعـــدم االلتفـــات إىل مـــذهب آخـــر عنـــد وجـــود اخلـــالف. وقـــد ســـجل التـــاريخ أن ظعنــدما تالشــى نشــاط االجتهــاد وركــن واشــتد يف القــرن الرابــعاهلجــري الثالــث بــدأ يف أواخــر القــرناملــذاهب

يعتـرب أمـرا سـائغا نشـأ جـراء –مل يكن مستندا إىل دليل وإن –. إن وجود املذاهب الناس إىل اجلمود والتقليدوبنــاء بــني العلمــاء يف فهــم األدلــة مــن القــرآن والســنة. تنــوع اآلراء الفقهيــة الناجتــة مــن تنــوع األفهــام واملــدارك

علــى ذلــك، جلــأ بعــض املفتــني يف إصــدار الفتــاوى إىل األقــوال الصــادرة مــن املــذهب الــذي ذهبــوا إليــه وجعلــوا ملذهب مرجعا أساسيا يف الفتاوى. ومن األمثلة على ذلك ما قامت به جمالس الفتوى يف ماليزيـا حيـث هذا ا

جعلوا املذهب الشافعي مرجعا أساسيا يرجعون إليه أوال قبل املـذاهب األخـرى يف إصـدار الفتـاوى. ويهـدف مـن خـالل الدراسـة توضـيح هذا البحث إىل دراسة منهج التقيد باملذهب يف إصدار الفتاوى وضوابطه. ويتم

قضـــية املذهبيـــة والالمذهبيـــة يف اآلراء الفقهيـــة وظـــاهرة التقيـــد باملـــذهب يف إصـــدار الفتـــاوى مـــن خـــالل بيـــان تاريخ نشأة املذاهب ووأسباا وبيان الضوابط الـيت ينبغـي مراعاـا أثنـاء األخـذ بـرأي فقهـي مـن مـذهب دون

الباحـث أنـه ال مـانع مـن التقيـد مبـذهب معـني يف إصـدار الفتـاوى آخر. ومن نتائج البحث اليت توصـل إليهـا إذا حتققـت شـروطه وضــوابطه مثـل مراعــاة املصـلحة حيــث وجـدت يف كـل مســألة مـن املســائل الـيت حتتــاج إىل

إصدار فتوى تبني حكمها وعدم التعصب يف اتباع املذهب.

فتوىالتقيد، املذهب، الفقه، ال الضوابط، :الكلمات املفتاحية

٢

مقدمةإن اإلسالم دين كامل ومتكامل، وصـاحل لكـل زمـان ومكـان. ويـتجلـى ذلـك يف الشـريعة اإلسـالمية اخلالدة اليت هـي رمجـة للنـاس مجيعـا، ـا تنـتظم حيـام الدنيويـة واألخرويـة، وـا ضـمان سـعادم، إذا رجعـوا

م. إليها يف شؤون حيام، والتزموا ا يف كل أحواهلووجود االختالفات بني الناس أمر سائغ و ال يـنكر عليه، وكـذا االخـتالف الواقـع بـني الفقهـاء. إذا

اختلفــوا يف - �وهــم أقــرب النــاس إىل حضــور النــيب -كــان النــاس يف أفضــل القــرون (أي الصــحابة الكــرام)وجـــود اخلـــالف، إذ األفهـــام بعـــض املســـائل، فمـــن بـــاب أوىل أن خيتلـــف مـــن جـــاء بعـــدهم. والشـــرع ال ينكـــر

الوحـدة متفاوتة، واملدارك خمتلفة، وليس عيبا أن خيتلف أهل العلم يف املسائل الفروعية، وال يعترب خروجا مناإلسالمية. بل بالعكس، يكون اخلالف بيـنهم يف هـذه املسـائل رمحـة، ودلـيال علـى مرونـة الشـريعة اإلسـالمية

مان املكان.وصالحيتها ملختلف األز فيهــــا العلمــــاء هــــو اتبــــاع الــــدليل ومــــن املتـفــــق عليــــه أن الواجــــب يف املســــائل اخلالفيــــة الــــيت اختلــــف

الصحيح والرجوع إليه. وكلما وجد دليل، سواء كان من الكتـاب أو السـنة الصـحيحة، جيـب اتباعـه وأخـذه، وترك ما سوى ذلك من أقوال العلماء كائنا من كان.

إن وجود هذه املذاهب الفقهية يعترب دليال على أن اخلالف يف األحكام الشـرعية الفروعيـة سـائغ مثوجــائز الوقــوع، وكمــا قيــل: لــوال وجــود هــذه اخلالفــات، لمــا وجــدت هــذه املــذاهب الفقهيــة. وبــالرغم مــن أن

هورهــا بــدأ يف أواخــر القــرن ظإذ إن -فضــلةدليــل يف تلــك القــرون الثالثــة امل هــذه املــذاهب لــيس هلــا أصــل وال، إال أـــا ال تضـــر وال تشـــوه صـــورة اإلســـالم (حاشـــاه مـــن ذلـــك)، بـــل تفيـــد -الثالـــث واشـــتد يف القـــرن الرابـــع

وتنفــع يف بعــض األحيــان، وذلــك يف تنــوع اآلراء الفقهيــة الناجتــة مــن تنــوع األفهــام واملــدارك. وبعــض الوقــائع عنــــدما تالشــــى نشــــاط االجتهــــاد وركــــن النــــاس إىل اجلمــــود -املاضــــية والظــــواهر الــــيت حصــــلت يف القــــرون

يـؤسف جـدا مـن وجودهـا، إال أن اإلسـالم وأهلـه يـأىب إال أن يرتكـه ويـعـرض عنـه، إذ إن املسـلم ال -والتقليد .-عاىل بإذن اهللا ت -يقع يف ججر واحد مرتني، فلن تكون هلذه الظواهر السئية فرصة للعودة مرة ثانية

وضــوابط التمــذهبالتقيــد باملــذهب أو مــا يســمى بإللقــاء الضــوء علــى قضــية حماولــة وهــذا البحــث قضـايا اجتهاديـة يف ه الواضـح يف مسـائل فقهيـة و أثـر ذلك يف إصـدار الفتـوى. وممـا ال شـك فيـه أن هلـذا األمـر

الفقه اإلسالمي.يف عدمـه، وبعـض املسـائل املهمـة الـيت هلـا عالقـة أن يـذكر بـيـان حكـم التمـذهب و حيـاول الباحـث لذا،

، وتيدة بالقضـية، كمسـألة أسـباب اخـتالف الفقهـاء، التلفيـق، تتبـع الـرخص، واالنتقـال مـن مـذهب إىل آخـر وأهم من كل ذلك ذكر الضوابط الشرعية يف االعتماد على التقيد باملذهب يف إصدار الفتوى.

٣

مذهبيةالال، و التمذهب، و المذهبتعريف مصطلحات: به ذ الم )١(

ذهابـا وذهوبـا -يـذهب -ذهب يف اللغة: بفتح امليم فسكون الذال، مصدر مأخوذ من (ذهـب امله. ويقـال: أذهـب، ومذهبا، فهو ذاهب وذهوب ) والذهاب: السـري والــمرور،و ذهـب بـه و أذهبـه غـريه: أزالـ

الذي هنا هو: الطريقة واملعتقد. ، واملعىن املراد١ ومجعه: مذاهبويف االصـطالح: قــال ابــن منظــور: " الـــمذهب: الـــمعتـقد الـذي يــذهب إلـــيه، و ذهــب فــالن لذهبــه

. وهـــو أيضـــا: طريقـــة معينـــة يف اســـتنباط األحكـــام الشـــرعية العمليـــة مـــن ٢أي لــــمذهبه الـــذي يـــذهب فــــيه.." واالخــــتالف يف طريقــــة االســــتنباط يكــــون املــــذاهب الفقهيــــة، أمــــا االخــــتالف يف العقائــــد أدلتهــــا التفصــــيلية.

اختالفــا ال خيــرج عــن اإلســالم فيكــون الفــرق، وإن كــان خيــرج عــن اإلســالم فيكــون األديــان. وميكــن أن يقــال عليهــا مــذهبا، ومنــه: " مــذهبالجتهــادات إمــام إذا تناوهلــا تالميــذه وتالميــذهم بــالتمحيص وتــابعهم النــاس

٣فالن".هــو الطريقــة الــيت ســار عليهــا إمــام مــن أئمــة االجتهــاد املعتــربين يف املــذهبأن أيضــا القــولوميكننــا

عصر من العصـور وتصـبح تلـك الطريقـة تنسـب إىل ذلـك اإلمـام دون غـريه مـن النـاس. ولكـل مـذهب مـنهج الكتاب والسنة)، كما أن لكل مـذهب آراء يف املسـائل الـيت خاص به يف التعامل مع املصادر التشريعية (أي

حتدث يف حياة اإلمام، وحياول أتباع املذاهب املختلفة ختريج أحكام مستجدة وفق املـنهج الـذي كـان اإلمـام ٤يسري عليه.

)٢ ( به ذ م الت ذهب يتمــذهب) مــن فعــل: ذهــب. واملــراد بــه: ((اختــاذ مــ-التمــذهب مصــدر مــأخوذ مــن (متــذهب

والعمــل وفــق أحكامــه وآراء إمامــه يف معظــم املســائل املختلــف فيهــا بــني األئمــة)). وقــد يــرد مصــطلح معــني وبعبارة أخـرى، التمـذهب هـو: اتبـاع طريقـة إمـام مـن األئمـة املعتـربين بية" ويراد منها أيضا: التمذهب. "املذه

م أحوالــه مقتــديا بــآراء ذلــك اإلمــام واجتهاداتــه يف تعاملــه مــع الكتــاب والســنة واالجتهــاد حبيــث كــون يف معظــ وفتاويه، وال يرتكها إال نادرا.

، مادة: ذهب.١/٣٩٣، مادة: ذهب، ولسان العرب البن منظور: ١/٩٤خمتار الصحاح للرازي: ١ ١/٣٩٣انظر لسان العرب البن منظور: ٢ ٣٨٩حممد رواس قلعة جي، ص: انظر معجم لغة الفقهاء لألستاذ الدكتور ٣من حماضرة الدكتور سانو مصطفى قطب، مدرس يف الدراسات العليا قسم الفقه واألصول باجلامعة اإلسالمية العاملية ماليزيا ٤

، يف مادة: قضايا يف تقنني الفقه اإلسالمي ( وهو املشرف على هذا البحث).٢٠٠٢هـ/١٤٢٢

٤

تمذهب عاملا تتوفر فيه بعض شروط االجتهاد ورمبا كان غري عامل وال تتوفر فيه تلك الشروط.قد يكون املا، وإن كان غري عامل وال تتوفر فإن كان عاملا وتتوفر فيه شروط االجتهاد، فإنه يكون حينئذ متبعا، ال مقلد

وبناءا على ما سبق، فإنه يكون حينئذ مقلدا ملذهب اإلمام. - كلها أو بعضها - فيه شروط االجتهاد املتمذهب على قسمني:

: املتبــع، وهــو الــذي يعــرف أدلــة املــذهب ومصــادره الصــادرة عــن إمــام املــذهب، أي يكــون علــى أوال مجيع أقواله وفتاويه.علم بأدلة اإلمام يف

: املقلد، وهو الـذي ال يعـرف أدلـة املـذهب، وال يسـتطيع التعـرف علـى مصـادر اآلراء والفتـاوى ثانيا الصادرة عن اإلمام، وإمنا يعمل بآراء اإلمام دون معرفة أدلة تلك اآلراء.

الالمذهبية )٣(

مـن األئمـة املعتـربين يف منهجـه ويقال أيضا: عدم التمذهب. هذا املصـطلح يعـين: عـدم اتبـاع إمـام ، ١يف التعامل مع الكتاب أو السنة أو مصادر االجتهـاد، واالكتفـاء مبـا تــرجح لـدى الشـخص إن كـان عاملـا

أو االنتقاء العشوائي بني آراء املذاهب إن مل يكن عاملا.

تاريخ نشأة المذاهب الفقهية وأسباب نشأتهايف املائة األوىل والثانية من اهلجرة مـا كـانوا يعرفـون تقليـدا ملـذهب، ومـا إنه مما ال شك فيه أن الناس

،كـان الفقـه يف عصـره فقـه الـوحي حيـث أنـزل اهللا تعـاىل القـرآن الكـرمي والنـيب �فـالنيب .كان هناك مـذهباهللا يبينه للناس بقوله أو فعله ما اشتمل عليه القرآن من أحكـام حتتـاج إىل بيـان. وكـان الصـحابة رضـوان �

، كــانوا جيتهــدون، وقــد حــثهم �يف أمــورهم الدينيــة، وعنــد تعــذر الرجــوع إليــه �علــيهم يرجعــون إىل النــيب ، كان الصحابة رضي اهللا عنهم يرجعون فيمـا يعـرض هلـم مـن وقـائع إىل �على ذلك. وبعد وفاته �النيب

حــثهم �جتهــاد الــذي كــان النــيب كتــاب اهللا وســنة رســوله، وإذا مل جيــدوا يف هــذين املصــدرين، جلــأوا إىل االعليـــه. ويف عصـــر التـــابعني، كانـــت مصـــادر الفقـــه أيضـــا الكتـــاب والســـنة، ومـــا أمجـــع عليـــه الصـــحابة، مث عنـــد

صـدر جديـد مـن مصـادر التشـريع وهــواخـتالف الصـحابة اجتهـوا إىل األخـذ بـالرأي، فعـرف يف هــذا العصـر م

فيه معظم شروط االجتهاد، ويقدر على االستنباط من نصوص الكتاب والسنة وحسن التعامل مع مصادر واملراد بالعامل هنا: من توفرت ١

االجتهاد.

٥

بفتوى صحايب بعينه، وإمنا خيتار من بني فتاويهم مـا يؤديـه إليـه فتاوى الصحابة، إال أن التابعي ما كان يلتزم ١اجتهاده.و حنيفــة، مالــك، الشــافعي، ويف القــرن الثالــث اهلجــري الــذي ظهــر فيــه األئمــة اتهــدون األربعــة (أبــ هــم اهللا مجيعــا) كــانوا علــى مــنهج مــن مضــى، ومل يكــن يف عصــرهم مــذهب رجــل معــني يتدارســونه. محوأمحـد ر

. مث جــاء �الصــة القــول: أن الســلف مــا كــانوا يعرفــون املــذهب، وكــانوا ال يقلــدون إال صــاحب الشــرع فخالقرن الرابع الذي يعترب عصر نشأة املذهب والتمذهب، وبـالرغم مـن أنـه قـد ظهـرت البـذرة األوىل للتمـذهب

ن الرابـع اهلجـري، وخاصـة يف أواخر القرن الثالـث، إال أن هـذه الظـاهرة كانـت نشـأت بصـورة واضـحة يف القـر عندما دونت املذاهب وألزم الناس باتباع مذهب بعينه، ويكون املذهب ما تعتمده الدولة يف ذلك العصر.

فمنـذ ذلــك الوقــت "ظهــر االحنيــاز املــذهيب، وأصـبح اتهــد ال جيتهــد اجتهــادا مطلقــا، بــل جيتهــد يف دمــام، مــع االجتهــاد فيمــا مل يــر صــول املــذهب إىل التقيــد بــآراء اإلأدائــرة مذهبــه، مث انتقــل االجتهــاد يف دائــرة

فيــه نــص يف املــذهب، مث صــار مــن بعــد ذلــك إىل التقيــد بــآراء اتهــدين يف املــذهب والتخــريج عليهــا، مث إىل ٢اجلمود والوقوف عند ما انتهى إليه السابقون، إذ يقفون عندها ال يعدوا".

ظهور املـذهب والتمـذهب يف ذلـك العصـر فهـي كثـرية ميكـن تلخيصـها وأما األسباب اليت أدت إىل يف النقاط اآلتية:

ضــعف حركــة االجتهــاد لــدى العلمــاء وعــدم حريــة الــرأي حيــث مل يكــن العلمــاء كمــا كــانوا يف : أوال يعتربهـا القرن الثالث وما قبله، فمهم كانوا يتمتعوا ذه احلريـة، فـرأوا آراء أخـذوها مـن أدلـة اعتربوهـا، وإن مل

غريهم. ٣متسك الدولة مبذهب بعينه وإلزامه على الناس دون سائر املذاهب. :ثانياوجــــود املـــــدارس الفقهيــــة، منهـــــا مدرســــة أهــــل الـــــرأي يف العــــراق ومدرســـــة أهــــل احلـــــديث يف :ثالثــــا

٤احلجاز.

كان الغالب على أهل كل بلد األخذ بفتوى الصحايب الذي نشر الفقه بني أظهرهم. من أجل هذا، كان الغالب على أهل مكة األخذ ١

فتوى زيد بن ثابت وابن عمر، وغلب على أهل الكوفة األخذ بفتاوى علي وابن مسعود وهكذا. بفتاوى ابن عباس، وعلى أهل املدينة األخذ ب ).٥٦،٥٧،٦٦ن عبد اهللا، ص: ( انظر: نظرة ربانية يف املسائل الفقهية لفالح عبد الرمح

.٢٨١: انظر: تاريخ املذاهب اإلسالمية يف السياسة والعقائد وتاريخ املذاهب الفقهية، للشيخ أيب زهرة، ص ٢وذلــك لتــدخل اخلليفــة بســلطانه علــى فــرض مــذهب معــني وفرضــه علــى علمــاء دولتــه، ومــن مل يرضــح لرأيــه، اعتــرب معارضــا للدولــة ولســلطانه، ٣

ونــزل بــه مــا يســتحقه كــل معــارض لســلطة الدولــة، خــارج كلمتهــا وهيبتهــا مــن تعــذيب وهــوان. وبــال شــك أن هــذه الفتنــة حالــت دون حريــة الفكــر ( بتصرف ). ١٥٤ي. انظر: االجتهاد، للدكتور عبد املنعم النمر، ص: والرأ

وقد كان قبل ذلك (أي يف عصر التابعني) عرفت هاتان املدرستان، األوىل يف احلجاز تسمى مبدرسة احلديث بزعامـة سـعيد بـن املسـيب عـامل ٤بالروايــات وعــدم أخــذ الــرأي إال عنــد الضــرورة، والثانيــة يف العــراق مسيــت املدينــة ورأس فقهــاء التــابعني يف عصــره، وتتســم هــذه املدرســة باالهتمــام

يف مبدرســة الــرأي بزعامـــة إبــراهيم النخعــي، عـــامل الكوفــة ورأس فقهائهــا يف عصـــره، وكانــت تتســم باألخـــذ بــالرأي امليــل إليـــه ( انظــر: نظــرة ربانيـــة ). -بتصرف - ٦٨، ٦٧املسائل الفقهية لفالح عبد الرمحن عبد اهللا، ص:

٦

ولعــل مــا ســبق ذكــره مــن أهــم األســباب الــيت أدت إىل ظــاهر املــذهب والتمــذهب يف هــذا العصــر،وتتمثل يف املذاهب األربعـة املشـهورة (مـذهب اليومم اليت بقيت آثارها إىل وتعدد املذاهب الفقهية يف اإلسال

أيب حنيفة، مالك، الشافعي وأمحد) واليت انتشرت أتباعها يف كل بقاع العامل.

المذاهب الفقهية في اإلسالمرة متبوعة يف مجيع الـبالد اإلسـالمية، أربعة مذاهب فقهية مشهو يعرف يف الفقه اإلسالمي أن هناك

–املـذاهب الفقهيـة ال تنحصـر ولكل واحد من هذه املذاهب إمامه املشهور والذي مسي به املذهب. ولكن أخـرى كثـرية وهلـا هذه األربعة فقط، بل هناك مذاهب على –كما هو معروف يف تاريخ التشريع اإلسالمي

، إال أـا اندرسـت اهلجـري ت تظهـر يف القـرن الرابـع وأواخـر الثالـث. كل هذه املذاهب كانـونأئمتها املشهور األتبــاع والــدعاة إليهــا، ومل يبــق إال بعــض آراء إمامهــا واســم اإلمــام، خبــالف املــذاهب قلــة وانــدثرت بســبب

اليوم.نشروها يف بالد اإلسالم حىت بقيت إىل الذين األربعة املعروفة اليت هلا أتباعها : مـذهب األوزاعـي، منهـا ١،أربعـة عشـر مـذهبا فقهيـا هية الـيت سـجلها لنـا التـاريخ ومن املذاهب الفق

ابـن و داود الظـاهري، و إسـحاق بـن راهويـة، و أبـو ثـور، و سـفيان الثـوري، و الليث بن سعد، و احلسن البصري،و مـــذهب أيب حنيفـــة، عبـــد اهللا بـــن إبـــاض، باإلضـــافة إىلو جعفـــر الصـــادق، و زيـــد بـــن علـــي، و جريـــر الطـــربي،

٢الشافعي، وأمحد.و الك، مو الفقــه مثــل كتــب وألصــحاب املــذاهب الفقهيــة املنــدثرة آراؤهــم الفقهيــة املنثــورة يف ثنايــا كتــب الفقــه

واســـتدلوا ـــا لـــدعم أقـــواهلم عنـــد ا ســـائغا،فقهيـــ اهـــذه اآلراء خالفـــاخلـــالف يف املقـــارن. وقـــد اعتـــرب الفقهـــاء اخلالف مع الفقهاء اآلخرين.

كلهــا يف قــوة متعادلــة، بــل كــان بعضــها أقــوى مــن الــبعض اآلخــر، وألن مل يكــن املــذاهب إن هــذه وانتشـــر، وزال الضـــعيف وانـــدثر. والـــذي بقـــي منهـــا يف عاملنـــا يكـــون دائمـــا لألقـــوى، فقـــد بقـــي القـــو البقـــاء ي

، املعاصـــر ســـبعة مـــذاهب فقـــط، هـــي: احلنفيـــة، املالكيـــة، الشـــافعية، احلنابلـــة، الزيديـــة، اإلماميـــة، واإلباضـــيةوانقـــرض مـــا عـــداها مـــن مـــذاهب، ســـواء كـــان منهـــا منتســـبا إىل مدرســـة الـــرأي، كمـــذهب احلســـن البصـــري، مــــذهب ســــفيان الثــــوري، أو مــــا كــــان منتســــبا إىل مدرســــة احلــــديث كمــــذهب اإلمــــام الليــــث، مــــذهب داود

ويرجـع انقـراض هـذه املـذاهب إىل سـبب واحـد عـام، وأسـباب أخـرى خاصـة، فالسـبب العـام هـو: .يالظاهر

هؤالء كانوا أئمة وأصحاب املذاهب املوجودة يف الفقه، وذكرا هنا ال على سبيل الرتتتب وال احلصر، فقد كان هنا علماء آخـرون. وخبصـوص ١

مذهب زيد بن علي (الزيدي) وجعفر الصادق (اجلعفري)، فهما مذهبا الشـيعة، وأمـا مـذهب عبـد اهللا بـن إبـاض فهـو مـذهب اخلـوارج، املشـهور املذهب اإلباضي.ب، تاريخ املذاهب اإلسالمية يف السياسة ١٣٩، ١٣٨انظر: اجلديد يف تاريخ الفقه اإلسالمي لألستاذ الدكتور مصطفى إمبايب، ص: ٢

٢٨١والعقائد وتاريخ املذاهب الفقهية للشيخ أيب زهرة، ص:

٧

مزامحـــــة املـــــذاهب الكبـــــرية فمنهـــــا ،اخلاصـــــةفقـــــدان األنصـــــار والتالميـــــذ الناشـــــرين للمـــــذهب. أمـــــا األســـــباب للمــــذاهب الصــــغرية، كمــــا حــــدث ملــــذهب اإلمــــام األوزاعــــي، فقــــد زامحــــه يف الشــــام مــــذهب الشــــافعي، ويف

جتعلـــه عـــدم تفـــرد صـــاحب املـــذهب بـــأقوال خاصـــة تلفـــت النظـــر إليـــه، و وكـــذلك األنـــدلس املـــذهب املـــالكي.شـذوذ باإلضـافة إىل جديرا بتأسيس مذهب مستقل، ومثل هذا وقع لليث بـن سـعد مـع إطرائـه والثنـاء عليـه.

بعـــض املـــذاهب وخروجهـــا علـــى إمجـــاع الفقهـــاء، فقـــد كـــان الســـبب يف انقـــراض املـــذهب الظـــاهري هـــو نفـــي ١القياس الصحيح، والتشبث بظواهر النصوص ولو أدى ذلك إىل العسر واحلرج.

ماذا وجدت هذه المذاهب ولماذا اختلف الفقهاء؟ل

قـد يتسـاءل الــبعض: هـل وجـود هــذه املـذاهب الفقهيـة يــدل علـى االفـرتاق والتفكــك وعنـاد ملقصــود

؟، وهــــل اخــــتالف اآلراء يف الفــــروع ٢ �واعتصــــموا حببــــل اهللا مجيعــــا وال تفرقــــوا �الشــــارع يف قولــــه تعــــاىل : وميكن اجلواب على هذه التساؤالت من خالل النقاط التالية: فقهية يدل على احنراف يف الدين؟ال

أوال: أسباب اختالف العلماء

أنــه ال يوجــد أحــد مــن ذوى العلـم واملوثــوق بعلمهــم وأمــانتهم وديــنهم خيــالف مــا دل إنـه مــن املعلــوم يكـون رائـدهم عن عمد وقصد، ألن من اتصفوا بالعلم والديانة، فال بـد أن �عليه كتاب اهللا وسنة رسوله

احلق، ومـن كـان رائـده احلـق فـإن اهللا سييسـره لـه. وهـؤالء األئمـة ميكـن أن حيـدث مـنهم اخلطـأ يف أحكـام اهللا تبارك وتعاىل، ال يف أصـول الـدين ومصـادره األصـلية، وإمنـا كـان يف أشـياء ال متـس وحـدة املسـلمني احلقيقيـة،

خلـــق �ن اإلنســـان خلـــق ضـــعيفا كمـــا قـــال تعـــاىل وهـــو أمـــر ال بـــد أن يكـــون. وهـــذا اخلطـــأ ال بـــد منـــه، إذ إ، فهــو ضــعيف يف علمــه وإدراكــه، وضــعيف يف إحاطتــه ومشولــه، ولــذلك ال بــد أن يقــع ٣ �اإلنســان ضــعيفا

اخلطأ منه يف بعض األمور.أن يكــون الــدليل مل يبلــغ : لمــاء فهــي كثــرية، مــن أمههــاأمــا األســباب الــيت أدت إىل اخلــالف بــني الع

الذي أخطأ يف حكمه، أو بلغه على وجه ال يطمئن به. وهذا السـبب لـيس خاصـا فـيمن بعـد هذا املخالف

١٤١اجلديد يف تاريخ الفقه اإلسالمي لألستاذ الدكتور مصطفى إمبايب، ص: ١ ٢٠٣سورة آل عمران: ٢ ٧سورة الليل: ٣

٨

أن يكـون احلـديث قـد بلغـه ولكنـه قـد نسـيه، وجـل مـن ال و ١الصحابة، بل يكـون يف الصـحابة ومـن بعـدهم.، كـان يصـلى ذات يـوم يف أصـحابه �ينسى، كم من إنسان ينسى حديثا، بل قد ينسى آية، حىت الرسـول

سقط آية نسيانا.فأأن يكــون بلغــه وفهــم منــه خــالف املــراد، ومثــال ذلــك خالفهــم يف معــىن قولــه ومــن األســباب أيضــا

، ففد اختلفوا يف فهمها، فبعضهم فهموا أن املـراد مطلـق اللمـس، واآلخـرون ٢ �أو المستم النساء �تعاىل به اجلماع وهو رأي ابن عباس رضـي اهللا عنـه.على أن املراد به اللمس املثري للشهوة، وغريهم فهموا أن املراد

أن يكـــون قـــد بلغـــه احلـــديث لكنـــه منســـوخ ومل يعلـــم بالناســـخ فيكـــون احلـــديث صـــحيحا واملـــراد منـــه وكـــذلك مفهومـــا ولكنـــه منســـوخ، والعـــامل ال يعلـــم بنســـخه، فحينئـــذ لـــه العـــذر ألن األصـــل عـــدم النســـخ حـــىت يعلـــم

هـــو أقـــوى منـــه مـــن نـــص أو إمجـــاع. مبعـــىن أنـــه يصـــل الـــدليل إىل أنـــه معـــارض مبـــاوأيضـــا االعتقـــاد بالناســـخ.املســتدل، ولكنــه يــرى أنــه معــارض مبــا هــو أقــوى منــه مــن نــص أو إمجــاع. وهــذا كثــري يف خــالف األئمــة، ومــا

العـامل حبـديث ومـن ذلـك أيضـا أخـذ أكثر ما نسمع من ينقل اإلمجـاع، ولكنـه عنـد التأمـل ال يكـون إمجاعـا.مـــا ذهـــب إليـــه بعـــض العلمـــاء مـــن اســـتحباب صـــالة مثـــل اســـتدالال ضـــعيفا. وهـــذا كثـــري ســـتدلضـــعيف أو ي

التسبيح، وهو أن يصلى اإلنسان ركعتني، يقرأ فيهما بالفاحتة، ويسبح مخـس عشـرة تسـبيحة، وكـذلك الركـوع والسجود. فإن احلديث الوارد يف هذه الصالة حديث ضعيف مل يصح، وقـد ضـعفه اإلمـام أمحـد، وقـال ابـن

٣تيمية: " أنه مل يستحبها أحد من األئمة".

ثانيا: االختالف بين الفقهاء مشروع ذه لتزمــــوا ــــبشـــرط أن ي األفهــــام متفاوتـــة، واألقــــدار خمتلفــــةاملـــراد مــــن هـــذا القــــول أنــــه مشـــروع ألن

فــرتاق العــدم الوصــول يف االخــتالف إىل ا، و االعتصــام بالــدين وعــدم مفارقــة أصــولههــي: الــدعامات الثالثــة أال يكون يف أحد األقوال خطأ خيالف مقطوعا به يف الشريعة.، و والقطيعة وإثارة البغضاء

دأسـوة حسـنة، فقـ �ولقد التزم األئمـة الفقهـاء ـذه الـدعامات، وكـان هلـم يف صـحابة رسـول اهللا ن الكتـاب والسـنة اختلفوا يف أحكام الدين، وكـان اخـتالفهم فيمـا أذن هلـم مـن اجتهـاد الـرأي، واالسـتنباط مـ

فيما مل جيدوا فيه نصا.

مثال ذلك: مـا وقـع يف قصـة عمـر بـن اخلطـاب رضـي اهللا عنـه حينمـا سـافر إىل الشـام ومعـه الصـحابة، ويف أثنـاء الطريـق ذكـر لـه أن فيهـا وبـاء ١

يف ذلـك علـى رأيـني، وكـان األرجـح القـول الطاعون، فوقف وجعل يستشـري الصـحابة رضـوان اهللا علـيهم، فاستشـار املهـاجرين واألنصـار واختلفـوا بالرجوع، ويف أثناء هذه املداولة واملشاورة جاء عبد الرمحن بن عوف، وكان غائبا يف حاجة لـه، فقـال: عنـدي مـن ذلـك علمـا، مسعـت رسـول اهللا

ر هـذا احلكـم خافيـا علـى كبـار الصـحابة مـن يقول: إذا مسعتم به يف أرض فال تقدموا عليه، وإن وقع وأنـتم فيهـا فـال خترجـوا فـرارا منـه)). فصـا � املهاجرين واألنصار، حىت جاء عبد الرمحن فأخربهم ذا احلديث.

٤٣سورة النساء: ٢ ٢٦، ٢٥انظر: اخلالف بني العلماء وموقفنا منه، للشيخ حممد بن عثيمني، ص: ٣

٩

وبنــــاء علـــــى ذلـــــك، فـــــإن اخـــــتالف الفقهـــــاء ال يــــدل علـــــى احنـــــراف يف الـــــدين، وال يكـــــون تضـــــاربا وتشـــكيكا يف قيمـــة الفقـــه اإلســـالمي، بـــل علـــى العكـــس مـــن ذلـــك، نـــافع ودافـــع للحـــرج ورافـــع لشـــأن الفقـــه

اإلسالمي. تعـــدد طرائـــق االســـتنباط عنـــد الفقهـــاء، ومـــن تبـــاين االخـــتالف كـــان ينشـــأ مـــنأن هـــذا يتجلـــى يف و

استعدادهم الشخصي والعلمي، وكان من آثار ذلك أن جند أحكاما فيها طـابع التشـدد، وأخـرى فيهـا طـابع البيئــات الــيت يغطيهــا وأن التســامح، ومــن هنــا يكــون االخــتالف رمحــة للعــاملني، ودفعــا للحــرج بــني املســلمني.

األمنـــاط، متباينـــة املشـــارب والنزعـــات، وال شـــك أن وضـــعا كهـــذا يســـتلزم اختالفـــا يف الفقـــه اإلســـالمي خمتلفـــة األحكام، حىت تتم املالءمة بني احلياة وبني اإلسالم، ويكون حينئذ الفقه اإلسالمي صاحلا ملختلـف األزمـان

ية املعرتف ـا يلتقون مجيعا يف التقيد باألصول الفقه -وإن اختلفت آراؤهم -الفقهاء وكذلك أن واملكان. ١(وهي: الكتاب، والسنة واإلمجاع والرأي املشروع) وال خيرجون عنها حبال من األحوال.

مذهبحكم الت فهمـا املرجـع ،�مما ال شك فيه أن أساس دين اإلسالم هو العمل بكتاب اهللا تعاىل وسـنة رسـوله

ال وربـك فـال �غـري مـؤمن، كمـا قـال تعـاىل يف كل ما تنازع فيـه املسـلمون، ومـن رد التنـازع إىل غريمهـا فهـو موك يـؤمنون حىتنـهم شجر فيما حيك ، ومل ٢ �تسـليما ويسلموا قضيت مما حرجا أنفسهم جيدوا يف ال مث بـيـ

ا: خذوا من حيـث أخـذنا!. مث إن املـذاهب الفقهيـة !، بل قالو ه األئمة: اتبعوين فيما ذهبت إلييقل أحد من إمنـــا هـــي آراء أهـــل العلـــم وأفهـــامهم يف بعـــض املســـائل واجتهـــادام، وهـــذه اآلراء واالجتهـــادات والفهـــوم مل يوجب اهللا تعاىل وال رسوله على أحد اتباعها، فإن فيها الصواب واخلطأ، وال صوابا خالصا إال ما ثبت عـن

.�رسول اهللا ال ، و اوال منـدوب امذهب من املذاهب الفقهيـة األربعـة وغريهـا واجبـ اتباعذا املنطلق ال يكون ومن ه

فهــو مبذهبــه تقيــدا أعمــى. يف كــل مســائله ب حبيــث يتقيــد بالتعصــ واحــد منهــا بعينــهبلمســلم أن يلتــزم جيــوز لتباعهــا إال طريــق . فاإلســالم ديــن واحــد، ال مــذاهب فيــه وال طــرق جيــب اممقــوتتقليــد غــري مقبــول و تعصــب

اتـبـعـين ومـن أنـا بصـرية علـى اللـه إىل أدعـو هــذه سـبيلي قـل �وهديـه، قـال تعـاىل: �حممـد رسـول اهللا ٤، وهذه املذاهب قد كثر فيها التنازع من املقلدين هلا بغري علم.�٣المشركني من أنا وما وسبحان الله

، تاريخ املذاهب اإلسالمية يف السياسة ١٤٠، ١٣٩يب، ص: انظر: اجلديد يف تاريخ الفقه اإلسالمي لألستاذ الدكتور مصطفى إمبا ١

٢٨١والعقائد وتاريخ املذاهب الفقهية للشيخ أيب زهرة، ص: ٦٥سورة النساء: ٢ ١٠٨سورة يوسف: ٣(بتصرف .٦،٧،٨انظر: رسالة (هل املسلم ملزم باتباع مذهب معني من املذاهب األربعة) للشيخ حممد سلطان املعصومي املكي، ص: ٤

يسري).

١٠

يف اتبــاع مــذهب معــني مــن املــذاهب الفقهيــة مــا ظــاهرة التمــذهب وواقــع املســلمني يف هــذه األزمنــةأ ــه اخلــاص والنــاس يتبعــون هــذا ســائغ وواقــع. فقــد عــرف فــأمر املعتــربة أن لكــل بلــد مــن بلــدان املســلمني مذهب

.املذهب دون غريهيف هذا الزمان، كاجلامعات واملـدارس حبيـث املذاهب الفقهية مبثابة املؤسسات التعليمية املوجودةإن

غالــب املســلمني و إن كــل واحــد مــن املســلمني ال يســتطيع الفــرار منهــا وال بــد مــن االنتمــاء إىل واحــد منهــا.اليــوم متمــذهبون مبــذهب معــني، ومنتمــون إىل واحــد مــن املــذاهب، حيــث إنــه مــن الســهولة مبكــان أن نتعــرف

ذ املعروف لـدى اجلميـع أن لبقـاع معينـة مـن الـبالد اإلسـالمية مـذهبها على أي مذهب يكون هؤالء الناس، إشـــافعية املــذهب، اهلنـــد وباكســـتان حنفيـــة، واجلزيـــرة العربيـــة حنابلـــة، -مـــثال -اخلــاص. فجنـــوب شـــرق آســـيا

وهكذا. ـــالرغم مـــن ـــا وال جيـــوز حكـــم التمـــذهب يكـــون ال ذلـــك وب اتبـــاع علـــى املســـلم إلـــزام الزمـــا وال واجب

بل وإذا تـعصب املسلم مبذهب بعينه، وقلد تقليدا أعمـى دون الرجـوع . دون غريه من املذاهب هب معنيمذ وأصحابه والسلف الصاحل. �ا عليه النيب ملإىل دليل، فإنه يكون خمالفا للمنهج الصحيح و

هللا ورســوله، ومل مــذهب معــني حيتــاج إىل دليــل، وال واجــب إال مــا أوجبــه اعلــى فــالقول بــإلزام النــاس يوجــب اهللا وال رســوله علــى أحــد مــن النــاس أن يتمــذهب مبــذهب رجــل مــن األمــة فيقلــده يف دينــه يف كــل مــا

١يأيت ويذر دون غريه. هذا ما عليه مجاهري أهل العلم.ـــه نصـــي املســـلم ول أن إال أنـــه ميكـــن القـــ وال قـــادرا علـــى ع مـــذهب معـــني إذا مل يكـــن عاملـــا باتبـــا ح ل

العامي والـذي ليسـت أو ن غري العامل . ذلك ألط أو التعامل مع الكتاب والسنة ومصادر االجتهاداالستنباقـدرة علـى البحـث عـن األدلــة وال االسـتنباط، جيـوز لـه تقليـد أي إمــام، وواجبـه عنـد تعرضـه ملسـألة مــن هعنـد

، فلـه أن ٢ �إن كنـتم ال تعلمـون فاسألوا أهل الذكر �ألهل العلم، كما قال تعاىل: السؤالاملسائل الدينية يسأل أي عامل يراه أقرب إىل الصواب لعلمه وورعه ودينه.

وقد نقل اإلمام الشوكاين دليل القائلني على عدم لزوم التمذهب مبذهب معني (مـنهم ابـن برهـان، تقليــد بعضـــهم يف اإلمــام النــووي، وفقهـــاء احلنابلــة) بــأن الصـــحابة رضــوان اهللا علـــيهم مل ينكــروا علــى العامـــة

٣بعض املسائل وبعضهم يف البعض اآلخر. وقد كان السلف يقلدون من شاؤوا قبل ظهور املذاهب. وتســهيال لطالــب العلــم املبتــدئ، ورفعــا للحــرج و االخــتالط واحلــرية يف الدراســة الفقهيــة، فقــد رأى

الفقـــه يف مـــذهب إمـــام معـــني بعـــض أهـــل العلـــم إىل أنـــه ينبغـــي للـــذي ابتـــدأ يف طلـــب العلـــم أن يـــدرس كتـــب ويـتمعن فيـه، حـىت إذا حفـظ مســائله وأمل بـأهم املسـائل، لـه حينئـذ أن يــدرس كتـب الفقـه األخـرى غـري ذلــك

. (بتصرف)٦،٧،٨رسالة (هل املسلم ملزم باتباع مذهب معني من املذاهب األربعة) للشيخ حممد سلطان املعصومي املكي، ص: ١ ٤٣سورة النحل: ٢ ٢٣٩، ص ٢، جانظر: إرشاد الفحول للشوكاين ٣

١١

املذهب لكي يعرف أقوال الفقهاء واملقارنة بني األقوال، فما كان موافقا للكتـاب والسـنة واألدلـة الصـحيحة، ويـتبع، ويرتك ما سواه بدون التقيـد مبـذهب معـني، خاصـة إذا خـالف مـا به فهو القول الذي ينبغي أن يؤخذ

.عتقد يف املذهببالدليل ال مبا هو املوجود واملفالعربة .هو الصحيح

ةمذهبي الال حكم عـــدم وهــي -الالمذهبيــة علــى هـــذا فــإن بنــاء ،لــذا .حكــم التمــذهب لـــيس بواجــبمــر ســابقا أن

أو عـدم اتبـاع إمـام مـن األئمـة املعتـربين يف منهجـه يف التعامـل مـع الكتـاب أو السـنة التمذهب ملـذهب معـنيأو مصادر االجتهاد ال يكـون آمثـا وال مؤاخـذا عليـه، إذ ال دليـل وال أمـر بإلزامـه بـذلك. فكـل واحـد مكلـف

االجتهـاد، عليـه أن يبحـث مبا هو يف مستواه وعلى قدرته، العامل الـذي ميكنـه االسـتنباط وتـوفرت فيـه شـروط ـــه ســـؤال العـــامل، وجيـــوز لـــه التقليـــد دون ـــة ويســـتنبط، وال جيـــوز يف حقـــه التقليـــد. وأمـــا العـــامي فواجب يف األدل

تعصب.النــاس ينقســمون إىل ثالثــة أقســام: عــامل رزقــه اهللا علمــا وفهمــا، وطالــب علــم عنــده مــن العلــم، إن

، برأيـه يـدري شـيئا. أمـا األول فـإن لـه احلـق أن جيتهـد وأن يقـوللكن مل يبلغ درجـة ذلـك املتبحـر، وعـامي البل جيب عليه أن يقول ما كان مقتصى الدليل عنده مهما خالفه من خالفـه مـن النـاس، ألنـه مـأمور بـذلك،

، وهذا من أهل االستنباط الذين يعرفون ما يدل عليه كـالم ١ �لعلمه الذين يستنبطونه منهم �قال تعاىل: الــذي رزقــه اهللا علمــا ولكنــه مل يبلــغ درجــة األول، فــال حــرج عليــه إذا أخــذ فهــو هللا وكــالم رســوله. أمــا الثــاينا

بالعمومات واإلطالقات ومبا بلغه، ولكن جيب عليـه أن يكـون حمـرتزا يف ذلـك وأال يقصـر عـن سـؤال مـن هـو ا كـان عامـا، أو قيـد مـا كـان أعلى منه من أهل العلم ألنه قد خيطئ وقد ال يصل علمه إىل شيء خصص مـ

هو من ليس عنده علم، فهـذا جيـب عليـه ف الثالث امطلقا، أو نسخ ما يراه حمكما، وهو ال يدري بذلك. أم. ويف آيـة ٤٣سـورة النحـل: �فاسألوا أهل الـذكر إن كنـتم ال تعلمـون �أن يسأل أهل العلم، لقوله تعاىل:

٣…" . فوظيفة هذا أن يسأل٢ �زبرإن كنتم ال تعلمون بالبينات وال �أخرى: املســلم بإمكانــه أن يســتفيد مــن اســتنباطات األئمــة اتهــدين ويأخــذون مــن أن ومــن اجلــدير بالــذكر

ــم األئمــة مســي متمــذهبا علمهــم دون تقيــد وتعصــب للمــذهب الــذي نســب إلــيهم. ولــيس كــل مــن أخــذ عل يتقيــد مبــذهب بعينــه، وال يعتمــد فقــط علــى أقــوال املـــذهب ومنتميــا إيل املــذهب، وغايــة مــا يف األمــر أنــه الينبغـي أن يأخـذ بـاألحوط مـن عند التعامل مع هذه املـذاهببعينه، بل يعترب الدليل، وأينما صح، أخذ به. و

كـل مـذهب، وحيــوز لـه األخــذ بـالرخص عنــد الضـرورة، وأمــا بـدوا فاألحســن الـرتك. والقــول بـالتزام مــذاهب

.٨٣سورة النساء: ١ ٤٤سورة النحل: ٢ ٢٨، ٢٧وقفنا منه، للشيخ حممد بن عثيمني، ص: انظر: اخلالف بني العلماء وم ٣

١٢

جيـــوز االنتقـــال مـــن مـــذهب إىل مـــذهب، (وقـــد يرتكـــون األحاديـــث الصـــحيحة الغـــري املنســـوخة خمصوصـــة وال ١ويتعلقون مبذاهبهم من غري سند) تعسف، وقول خمالف للمنهج الصحيح.

مذهب وعدمهالمسائل المتعلقة بقضية الت

يت قــد تغيــب عــن املســائل واألحكــام الــيت هلــا عالقــة بقضــية التمــذهب والالمذهبيــة، والــ بعــضهنــاك و مســألة االنتقــال مــن مــذهب إىل ،تتبــع الــرخصو التلفيــق، النــاس. ومــن أهــم تلــك املســائلكثــري مــن ةمعرفــ

ز لإلنســان أن ومــىت جيــو ؟ومــا هــي الرخصــة وهــل جيــوز ســلوك هــذا الطريــق؟ ؟تلفيــق. فمــا هــو الآخــر مــذهبفيمــا عليـه البقــاء والتقيـد مبذهبــه؟وهــل جيـوز للمســلم أن ينتقـل مــن مـذهب إىل آخــر أم يأخـذ هــذه الطريقـة؟

يلي بيان ذلك بشكل خمتصر. التلفيق) ١(

أوال: تعريف التلفيق، قـال ابـن منظـور يف اللسـان:لفقت الثـوب يـلفق، واللفـق مبعـىن الضـم -التلفيق يف اللغة: مصدر لفق

والـذي ٢، وأحاديـث ملفقـة أي أكاذيـب مزخرفـة".…ألفقه لفقا: وهو أن تضم شقة إلـى أخرى فتــخيطهما حـىت "القيام بعمل جيمع فيه بني عـدة مـذاهب، ذا املصطلح هو التلفيق بني املذاهب الذي يراد به:يقصد

٣.تبار هذا العمل صحيحا يف أي مذهب من املذاهب"ال ميكن اعويف املوسوعة الفقهية يـعرف بأنه: أخذ صحة الفعل من مذهبني معـا بعـد احلكـم ببطالنـه علـى كـل

س امـــرأة أجنبيـــة بـــال حائـــل وخـــرج منـــه جناســـة كـــدم مـــن غـــري ل ذلـــك: متوضـــئ ملـــواحـــد منهمـــا مبفـــرده. ومثـــاباطل باللمس عند الشافعية، وباطل خبروج الدم مـن غـري سـبيلني عنـد احلنفيـة، وال سبيلني، فإن هذا الوضوء

ينــتقض خبــروج تلــك النجاســة مــن غــري الســبيلني عنــد الشــافعية، وال ينــتقض أيضــا بــاللمس عنــد احلنفيــة. فــإذا ٤صلى ذا الوضوء، فإن صحته ملفقة من املذهبني معا.

حكم التلفيقثانيا: ـــق باطـــل، وقـــال: إن الرجـــوع عـــنعلـــى أن احلكـــم امل عابـــدين يف احلاشـــية اإلمجـــاع لقـــد نقـــل ابـــن لف

. ونقـل ٥، ألن التقليـد مـع كونـه جـائزا فـإن جـوازه مشـروط بعـدم التلفيـق" …التقليد بعـد العمـل باطـل اتفاقـا

(بتصرف) ٢٢رسالة (هل املسلم ملزم باتباع مذهب معني من املذاهب األربعة) للشيخ حممد سلطان املعصومي املكي، ص: ١ ٢٥١/ ١.، وخمتار الصحاح للرازي: ٣٣١، ١٠/٣٣٠انظر:لسان العرب البن منظور: ٢ .١٢٤ي: جتور حممد رواس قلعه للدك انظر: معجم لغة الفقهاء ٣ ٢/٢٩٤انظر: املوسوعة الفقهية إصدار وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية، الكويت: ٤ .٣/٦٠٢، ١/٥١انظر: حاشية ابن عابدين: ٥

١٣

وميتنـع التلفيـق يف السيد البكري يف إعانة الطالبني أن ابن حجر قال:" وال جيـوز العمـل بالضـعيف باملـذهب،مسألة، كأن قلد مالكا يف طهارة الكلب والشـافعي يف مسـح بعـض الـرأس يف صـالة واحـدة. وأمـا يف مسـألة بتمامهــا جبميــع معترباــا فيجــوز، ولــو بعــد العمــل، كــأن أدى عبادتــه صــحيحة عنــد بعــض األئمــة دون غــريه،

١فله تقليده فيها حىت ال يلزمه قضاؤها".يف املــــذهب -كــــر الــــدكتور وهبــــة الزحيلــــي أن حكــــم التلفيــــق يف العبــــادة الواحــــدة مــــن مــــذهبني وذ ٢".مقوالن، مها: اجلواز (وهو طريقة املصريني)، واملنع (وهو طريقة املغاربة)، واملنع راجح عنده -املالكي

تتبع الرخص ) ٢(

معنى الرخصةأوال: مـن (رخـص) والرخصـة هـي عبـارة عـن التوسـعة واليسـر الرخصة: بضم الراء وسكون اخلـاء وضـمها،

. ويف االصـــطالح ٣والســـهولة. قـــال الـــرازي يف خمتـــار الصـــحاح: "والرخصـــة يف األمـــر خـــالف التشـــديد فيـــه" الشرعي: اسم ملـا يغـري مـن األمـر األصـلي لعـارض إىل يسـر وختفيـف. وميكـن أن يـعـرف بأـا إباحـة التصـرف

يام الدليل علـى املنـع. ويـراد ـا أيضـا: مـا ثبـت علـى خـالف دليـل شـرعي ملعـارض راجـح، ألمر عارض من ق ٤أو: االستباحة املشروعة لرفع مشقة.

واملــراد بالرخصــة هنــا: أهــون أقــوال العلمــاء يف مســائل اخلــالف، وليســت الرخصــة املشــروعة، كقصــر الصالة يف السفر واإلفطار فيه وحنوها من الرخص الشرعية.

ع الرخص وحكمهتتب انيا: ث

يــراد بتتبــع الــرخص: األخـــذ بــأهون أقــوال العلمــاء يف مســـائل اخلــالف وأيســرها علــى نفوســـهم دون استناد إىل أي دليل شرعي بل تقليدا لزلة عامل لو استبان له الدليل لرجع عن قوله بال تردد.

فــوس، وقــد جــاء الشــرع بــالنهي عــن اتبــاع وحكــم ذلــك أنــه حــرام ال جيــوز، ألنــه ميــل مــع أهــواء الن باللـه كنـتم تـؤمنـون والرسـول إن اللـه إىل فــردوه شـيء يف تـنـازعتم فـإن �اهلـوى. وهـذا مضـاد لقولـه تعـاىل:

ـر ذلـك اآلخـر واليــوم اء النفـوس، وإمنـا يـرد إىل الشـريعة، . فـال يصـح أن يــرد إىل أهـو ٥ �تـأويال وأحسـن خيـ وهي تـبـني الراجح من القولني، فيجب اتباعه، ال املوافق للغرض.

١/١٧انظر إعانة الطالبني للسيد البكري ، أبو بكر الدمياطي: ١ .١/٦١الفقه اإلسالمي وأدلته، للدكتور وهبة الزحيلي: ٢ ١/١٠١خمتار الصحاح: ٣ .١٩٨انظر: معجم لغة الفقهاء، لألستاذ الدكتور حممد رواس قلعه جي: ٤ ٥٩سورة النساء: ٥

١٤

حــه الــدليل، بغــض النظــر عــن طبيعــة إن النــاظر يف مســائل اخلــالف عليــه أن خيتــار القــول الــذي يرج يأخــذ بــرأي القــولني شــاء دون هــذا القــول مــن حيــث اليســر والغلظــة، ولــيس وجــود اخلــالف مبســوغ ألحــد أن

تثبت. فالواجب عند خالف العلماء هو طلـب الـدليل مـن الكتـاب والسـنة واإلمجـاع والقيـاس علـى األصـول ، وجــب منهــا، وذلــك ال يعــدم. فــإذا اســتوت األدلــة وجــب امليــل مــع األشــبه بالكتــاب والســنة، فــإذا مل يــنب

حـد إىل اسـتعمال الرخصـة يف خاصـة نفسـه، جـاز لـه مـا جيـوز التوقف ومل جيز القطع إال بيقـني. فـإذا اضـطر أللعامـة مــن التقليـد، وعليــه أن يسـتعمل عنــد إفـراط التشــابه والتشـاكل وقيــام الدولـة علــى كـل قــول مبـا يـعضــده

ك إىل مـا ال ، وقوله: ((دع مـا يريـبـ ١: (( الرب ما اطمأنت إليه النفس، واالمث ما حاك يف الصدر)) �قـوله ٢يريبك)).

االنتقال من مذهب إلى آخر) ٣(أما حكـم االنتقـال مـن مـذهب إىل آخـر، ففيـه خـالف بـني العلمـاء. ذكـر صـاحب الفواكـه الـدواين النفــراوي، أن هنــاك خالفــا يف جــواز االنتقــال مــن مــذهب إىل آخــر، وذلــك أنــه جيــوز بشــروط، حيــث نقــل

ذاهب يف النوازل واالنتقاء من مذهب إىل مذهب بثالثة شروط:كالم الزناين: " جيوز تقليد املالف اإلمجـاع، كمـن تـزوج بغـري صـداق وال ختـعلـى صـفة -ال مـث -: أن ال جيمع بـني املـذهبني أوال

ويل وال شهود، فإن هذه الصورة مل يقل ا أحد. : أن يعتقد فيمن يقلد الفضل.ثانيا ذاهب.: أن ال يتتبع رخص املثالثا

إال أن القرايف نقل أنه جيوز تقليد املذاهب واالنتقـال إليهـا يف كـل مـا ال يـنقض فيـه قضـاء القاضـي، ٣ال ما ينقض فيه وهو أربعة مواضع: ما خالف اإلمجاع، أو النص، أو القياس اجللي.

وذكــــر صــــاحب فــــيض القــــدير :"والصــــحيح (أي يف مســــألة االنتقــــال مــــن مــــذهب إىل آخــــر) عنــــد عية جــوازه، لكــن ال جيــوز تقليــد الصــحابة وكــذا التــابعني كمــا قالــه إمــام احلــرمني مــن كــل مــن مل يــدون الشــاف

وأنـا أريـد أن ال أدع شـيئا مـن �، ومتام احلديث: " عن وابصة األسدي قال أتيت رسـول اهللا ١٥٨٧رواه أبو يعلى يف مسنده، حديث رقم: ١

ألته عنه، فأتيته وحوله عصابة من املسلمني يستفتونه، فجعلت أختطاهم إليه، فقالوا إليك يا وابصـة، فقلـت هلـم دعـوين أدنـو منـه الرب واإلمث إال ستسـألين فإنه أحب الناس إيل أن أدنو منه، فقـال: دعـوا وابصـة، ادن يـا وابصـة ادن يـا وابصـة، فـدنوت فجلسـت بـني يديـه، فقـال يل: يـا وابصـة، أ

صــدري خــربك؟، قلــت بــل أخــربين يــا رســول اهللا، قــال: جئــت تســألين عــن الــرب واإلمث؟، قلــت: نعــم، فجمــع أناملــه، مث جعــل يـنكــت ــن يف أو أويقول: يا وابصة، استـفت قلبك واستفت نفسك، استفت قلبك واسـتفت نفسـك، الـرب مـا أطمأنـت إليـه الـنفس واإلمث مـا حـاك يف الصـدر وإن

.١٦٢/ ٣فتاك الناس وأفتوك ثالث مرات)).أ .٤/٦٦٨، ٢٥١٨رواه الرتمذي يف سننه وغريه من أصحاب السنن. حديث رقم: ٢ .٢/٣٥٥الفواكه الدواين ألمحد بن غامن بن سامل النفراوي املالكي: انظر: ٣

١٥

مذهبه، فيمتنع تقليد غري األربعة يف القضاء واإلفتاء، ألن املذاهب األربعة انتشرت وحتررت حىت ظهـر تقييـد ١مطلقها وختصيص عامها، خبالف غريهم، النقراض أتباعهم.."

ما يلي: االنتقال من مذهب إىل آخرويشرتط يف جواز أن ال يتتبع الرخصـة، بـأن يأخـذ مـن كـل مـذهب األهـون حبيـث تنحـل ربـقـة التكليـف مـن عنقـه، وإال - ١

٢مل جيز. أن يعتقد رجحان مذهب الغري فيجوز عمله به اتباعا للراجح يف ظنه. - ٢ به إىل مذهب آخر.أن يعتقد رجحان شيء، فيجوز االنتقال من مذه - ٣بتقليــده الرخصــة فيمــا حيتاجــه حلاجــة حلقتــه، أو ضــرورة أرهقتــه. وإذا كــان قصــده باالنتقــال أن يقصــد - ٤

مــن مــذهب إىل آخــر جمــرد الــرتخص فممنــوع، ألنــه متبــع هلــواه ال للــدين. وكــذلك األمــر إذا أكثــر مــن ٣أيضا.ذلك، وجيعل اتباع الرخص ديدنه، فممنوع

فال شك أن الشخص الذي يود االنتقال مـن مـذهب إىل آخـر، عليـه أن يتجنـب السـلوك

: (( الــرب مــا اطمأنــت �يف طريــق تتبــع الــرخص، واتبــاع اهلــوى، وعليــه أن يضــع نصــب عينيــه قــول ٥)).، وقوله: ((دع ما يريـبك إىل ما ال يريبك ٤إليه النفس، واالمث ما حاك يف الصدر))

د بالمذهب في إصدار الفتوىضوابط التقي

أمــر ســائغ وواقــع ممــا ذكــر ســابقا تبــني أن حكــم األخــذ مبــذهب معــني مــن املــذاهب الفقهيــة املعتــربة مشاهد يف أوساط املسلمني يف أحناء العامل. ولقد انتشرت املـذاهب الفقهيـة بفضـل جهـود العلمـاء واملؤيـدين

املذاهب والتقيد ا يف الـبالد اإلسـالمية وغريهـا. مث إن اخلـالف الفقهـي أمـر جـائز هذه هلا واشتهر أمر اتباعبل وقيل إنه مشروع لتفاوت األفهام واملدارك بني الناس يف فهم الدين بشروط مذكورة آنفـا. وعليـه فـال مـانع

ة إىل ذلـــك جــاحمــن اتبــاع مــذهب معـــني مــن هــذه املــذاهب وال ينكـــر التقيــد بواحــد منهــا إذا كانـــت هنــاك لتحقيق املصلحة للناس واجتناب التفرقة بينهم ولتسهيل أمورهم دينهم.

١/٢١٠انظر: فيض القدير، لعبد الرؤوف املناوي: ١ حيث أطلق جواز تتبعها. إال أن كالمه هذا على ما إذا تتبعها على وجه ال يصلبد السالم وقد خالف يف ذلك العز ابن ع ٢

١/٣١٠إىل االحنالل املذكور (انظر: فيض القدير للمناوي: ١/٣١٠فيض القدير للمناوي: انظر: ٣ تقدم خترجيه ٤ تقدم خترجيه ٥

١٦

حيــث يتقيــدون يف اختيــار موبنــاء علــى ذلــك إذا أراد العلمــاء مــن مــذهب معــني أن يلتزمــوا مبــذهبه أو يكــون ،األقــوال واآلراء ملســألة مــن املســائل بــأقوال مــذهبهم وآرائــه ويقدمونــه علــى أقــوال العلمــاء اآلخــرين

والضوابط اآلتية: طو شر البإذا التزموا فال إشكال يف ذلك التقيد باملذهب يف إصدار الفتوى،

عدم التعصب: أوال التعصب أمر ممقوت يف كل شيء. ويف التزام باملذهب والتقيد به يتوقف جوازه على عـدم التعصـب

ىت وإن أدى ذلــك إىل حــرج أو احنــراف. حبيــث ال يلتفــت إىل قــول آخــر أو مــذهب غــريه مهمــا كــان األمــر حــعند الشخص املتعصب كـل مـا لـيس رأي شـيخه أو مذهبـه فهـو مرجـوح وال ينبغـي األخـذ بـه. فـالقول قـوب مذهبـه ال غـريه. هــذا مـا يســمى بالتعصـب املـذهيب املمقــوت الـذي حرمــه اإلسـالم لبعـده عــن تعـاليم اإلســالم

ق للشرع واألقرب إىل مصلحة الناس.الصحيحة وهي اتباع الدليل أو الرأي املواف

عدم التقليد األعمى: ثانياإلمـام يف املسـائل الفقيهـة جـائز لغـري العـامل أو العـامي الـذي ليسـت عنـده قـدرة عـن البحـث التقليـد

عن األدلة وال االستنباط. والذي ال يسمح يف الشرع هو التقليد األعمى الـذي ال يبـايل املقلـد مبـن قلـده مـن ســؤال أو تأكــد أو رجــوع إىل دليــل. فالواجــب علــى العــامي أو كــل مــن لــيس لــه علــم يف املســائل الدينيــة غـري

هــو الســؤال ألهــل العلــم. وقــد ورد اإلرشــاد القــرآين يف ذلــك يف قولــه تعــاىل: "فاســألوا أهــل الــذكر إن كنــتم ال قــرب إىل الصــواب يف املســألة.عليــه أن يســأل أي عــامل موثــوق بعلمــه وورعــه ودينــه والــذي يــراه أ ١تعلمــون"

وعليه فإن جواز التقيد باملذهب يف إصدار الفتوى يتوقف على هذا الشرط وهو عدم التقليد األعمى.

مراعاة المصلحة: ثالثا ينبغــي أن يراعــى ــا يف اختيــار القــول يف مســألة مــن املســائل الدينيــة. جيــب علــى العــامل أو املصــلحة

. الفتوى أو تقدمي اجلواب لسؤال الناس يف األمور الدينيـة أن يراعـي مصـاحل النـاساملفيت الذي وظيفته إصدار ألخــذ بقــول دون قــول مــن أقــوال العلمــاء يف املــذاهب مســتندا إىل دليلــه ولــيس بنــاء علــى تتبــع الــرخص أو فا

يتـوخى املفـيت لذا، من املهم اتباع املنهج الوسـطي يف التقيـد باملـذهب حيـث التلفيق بني األقوال جائز شرعا.مراعــاة املصــلحة أينمــا وجــدت. يعــين ذلــك أن املفــىت إذا مل جيــد يف مســألة معينــة اجلــواب مــن املــذهب الــذي

ألجــل االجتهــاد البحــث عــن رأي خــارج املــذهب أو لــه فعليــه ،يعتقــده ويتقيــد بــه، أو مــن املــذاهب األخــرى .ملصلحةاألوفق للناس واألقر إىل ابالقول األخذ

٤٢سورة النحل: ١

١٧

همقتخطئة المخالفين أو تبديعهم أو تفسي عدمرابعا:

إن اخلــالف الواقــع بــني املــذاهب يف املســائل الفقهيــة خــالف يف أمــور فرعيــة مــن الــدين، فــال جيــوز ختطئة املخالفني وال تبديعهم وال تفسيقهم مـا دام كـل واحـد مـنهم لـه مسـتند واضـح يف قولـه ولـه دليـل يتبعـه

اتبـاع مـذهب معـني وال ميكـن كــذلك توحيـد النـاس علـى اتبـاع مــذهب ويعتقـد بـه. وال ميكـن إلـزام أحـد علــىواحـد أو مــا يسـميه الــبعض بالتوحيـد بــني املـذاهب الفقهيــة. ذلـك ألن توحيــد املـذاهب أمــر مسـتحيل وقوعــه

بـني هـذه املـذاهب ألجـل تقليـل الستحالة توحيد أفهـام النـاس ومـداركهم يف فهـم الـدين. أمـا حماولـة التقريـب ، إال أــا مل حيــتج إليهــا وليســت هنــاك ضــرورة إىل ذلــك ألــا عــدمي ت وختفيفهــا فرمبــا مقصــد حممــوداخلالفــا الفائدة.

د بالمذهب في إصدار الفتوىمنهج التقي لنموذج

بعـــض الـــبالد اإلســـالمية إىل اختيـــار مـــذهب فقهـــي معـــني وقـــررت علـــى جعـــل هـــذا املـــذهب جلـــأت

لمــاء هــذا البلــد واملفتــون فيــه علــى التقيــد بــآراء املــذهب وأقــوال علمائــه مــذهبا رمسيــا يف البلــد حيــث يعتمــد ع –أحـد بـالد شـرق آسـيا –ويقدموا على آراء املذاهب األخرى يف املسائل الفقهية. ولقد اشـتهرت ماليزيـا

وكـذلك ه عليـه يف العبـادات واملعـامالت الدينيـةاليت تتخذ املذهب الشـافعي مـذهبا رمسيـا للبلـد وتعتمـد والياتـموافـق لـروح اخلـالف وآدابـه حيـث مل شـرعي نهجواتسم هذا التقيـد مبـ يف إصدار الفتاوى يف املسائل الدينية.

ــــف وال تعصــــب. بــــل ويكــــون ذلــــك مشــــروط ي وجــــود ايكــــن هنــــاك أي تعسباملرونــــة يف اختيــــار اآلراء وتــــوخ املواد القانونية الدينيـة املنصوصـة يف قـوانني كل ذلك يفللناس ومراعاة التيسري والتسهيل هلم. ويتبني املصلحة

دينية لواليات ماليزيا كما يأيت:علـــى أنـــه ينبغـــي يف إصـــدار )١( ٥٤قانونيـــة للشـــؤون الدينيـــة يف واليـــة ســـالجنور رقـــم نصـــت مـــادة

بينـــت هـــذه املـــادة أن ١.الفتـــاوى أن يعتمـــد علـــى القـــول املعتمـــد (أي القـــول الـــراجح) يف املـــذهب الشـــافعي"علــى املــذاهب األخــرى يف إصــدار الفتــاوى وينبغــي اختيــار اآلراء الــيت ذهب الشــافعي هــو املــذهب املقــدماملــ

تعتمـــد علـــى القـــول املعتمـــد يف املـــذهب أي ذلـــك القـــول الـــذي اتفـــق عليـــه الشـــيخان مهـــا اإلمامـــان الرافعـــي والنووي.

لـــى اتبـــاع القـــول املعتمـــد يف ) علـــى أنـــه إذا أدى اختيـــار القـــول املبـــين ع٢( ٥٤ونصـــت املـــادة رقـــم املــذهب الشــافعي إىل خمالفــة املصــلحة العامــة، جيــوز للجنــة الفتــوى أن ختتــار قــوال مــن املــذاهب األخــرى مثــل

)١( ٥٣ية سالجنور رقم مادة قانونية للشؤون الدينية يف وال ١

١٨

ان لضرورة اختيار أقوال أو آراء من املذاهب األخـرى إذا احتـاج يف هذه املادة بي ١ احلنفي واملالكي واحلنبلي.خمالفـة بـني قـول املـذهب الشـافعي وبـني املصـلحة العامـة. يف هـذه احلالـة األمر إىل ذلك كأن أن تكون هنـاك

للناس. فاألساس يف اختـاذ القـرار الـديين من مذهب آخر أكثر مصلحة ح للمفتني أن يأخذوا قوال آخرسم ي من خالل الفتاوى هو مراعاة املصلحة وليس جمرد التقيد باملذهب.

يسمح للجنة الفتوى أن جتتهد اجتهـادا مجاعيـا وال يلـزمهم ) فنصت على أنه ٣( ٥٤أما املادة رقم ٢ اتبــاع آراء املــذاهب إذا كــان قرارهــا املبــين علــى القــول املعتمــد مــن املــذاهب األربعــة خيــالف املصــلحة العامــة.

بينـــت هـــذه املـــادة جـــواز االجتهــــاد يف إصـــدار الفتـــاوى إذا مل جيـــد املفـــيت رأيــــا مـــن املـــذاهب األربعـــة موافقــــا ن من أعضـاء جلنـة الفتـوى يرأسـهم املفـيت ونائبـه فـإن اختـاذ صلحة. ومبا أن مؤسسة الفتوى يف ماليزيا تتكو للم

ذاهب يكــون باالجتهــاد اجلمــاعي. وذلــك القــرار وإصــدار الفتــوى للمســائل الــيت مل يوجــد جواــا يف كتــب املــجمــاالت خمتلفــة يبحثــون يف مســألة بــأن جيتمــع أعضــاء جلنــة الفتــوى الــذين هــم مــن علمــاء الواليــة وخربائهــا يف

ارا يف ايــة االجتمـــاع بعــد موافقــة املفـــيت تــمعينــة ويتدارســون فيهــا مث يتفقـــون علــى قــول واحــد يكـــون قــوال خم ٣ واعتماده عليه.

الخاتمة

أن املذاهب وظاهرة يف هذه املقالة قسمان أساسيان يف بيان موضوعها. أما القسم األول فيبنين معروفة يف املائة األوىل والثانية من اهلجرة النبوية، وإمنا بدأت تنشأ وتظهر يف أواخر القرن التمذهب مل تك

اخلالف الواقع بني الفقهاء ال يعترب تضاربا مث إن الثالث وتشتد يف القرن الرابع إىل الوقت احلاضر. لألمة نافع فهو العكس من ذلك، وتشكيكا يف الفقه اإلسالمي فضال عن االحنراف يف الدين، بل على

ا ال ودافع للحرج ورافع لشأن الفقه اإلسالمي، إذ كل هم ملتقون يف التقيد باألصول الفقهية املعرتفاختاذ مذهب معني والعمل وفق أحكامه وآراء إمامه اليت هي التمذهب أو املذهبية أما قضية خيرجون عنها.

فهي أمر سائغ واقع ال مانع فيه بشروط عدم إلزام الناس على بني األئمةاملسائل املختلف فيها يف معظم األصل واألساس هو اتباع الدليل والرجوع إىل الكتاب والسنة ذلك وعدم التعصب املمقوت. ذلك ألن

ميكن ألي أحد إلزام الناس باتباع مذهب معني، إذ ال أصل يف ذلك. وال عند االختالف والتنازع.من باب تسهيل وتيسري ذلك قد حيتاج إىل ، لكن مبذهب معني ليس واجبا وال مندوبا فالتمذهب

للمبتدئني يف دراستهم الفقهية، إذ ال ميكن أن يتغلغل واحد مبتدئ يف دراسة الفقه على مذاهب خمتلفة وفق وأيسر للناس فما دام التقيد باملذهب أ (الفقه املقارن)، ألنه قد يؤدي ذلك إىل حرج واختالط وحرية.

)٢( ٥٣مادة قانونية للشؤون الدينية يف والية سالجنور رقم ١ )٣( ٥٣مادة قانونية للشؤون الدينية يف والية سالجنور رقم ٢ )٣) (٢) (١( ٤٨مادة قانونية للشؤون الدينية يف والية سالجنور رقم ٣

١٩

وأقرب إىل حتقيق املصلحة فليس يف ذلك مانع وال إشكال، بل قد يكون أوىل من عدم التمذهب. الواجب على العامي أو الشخص الذي ال يقدر على االستنباط والبحث أن يسأل أهل العلم إذا تعرض و

األخذ ة املوقف الصحيح وهو أن وتتبع الرخص ينبغي معرف التلفيق. ويف قضايا ملسألة من املسائل الدينية غري جائز بأهون أقوال الفقهاء يف مسائل اخلالف وأيسرها على النفوس دون استناد إىل دليل شرعي

جيوز االنتقال إىل مذهب آخر بشروط، منها: لكن وخمالف ملا جاء يف الشرع الذي ى عن اتباع اهلوى.اإلمجاع، وأن ال يتتبع رخص املذاهب (أي البحث عن أهون أن ال جيمع بني املذهبني على صفة ختالف

وأن يقصد بتقليده الرخصة فيما حيتاجه حلاجة حلقته األقوال وأيسرها)، وأن يعتقد رجحان مذهب الغري، أو ضرورة أرهقته.

التقيد أما القسم الثاين فعن الضوابط يف جواز االلتزام مبذهب معني من املذاهب الفقهية املعتربة و أنه ال مانع يف ذلك شرعا بشروط عدم به يف إصدار الفتوى. ومن خالل سطور قالئل من املقالة تبني

التعصب لرأي املذهب وضرورة مراعاة مصلحة الناس ومنهج التيسري هلم. ولقد جعلت ماليزيا كأحد البالد هج التقيد باملذهب يف إصدار اإلسالمية يف جنوب شرق آسيا منوذجا ملوضوع هذا البحث يف تطبيق من

وى حيث جعلت املذهب الشافعي مذهبا رمسيا يف البلد وتعتمد مؤسسات الفتوى يف والياا على الفتالتقيد تطبيق منهج ب األخرى. إال أنه من اجلدير بالذكر أنهمه على املذاوتقد القول املعتمد يف املذهب

تراعي جلنة الفتوى مصلحة اإلسالمية ومرونتها حبيت وافق لروح الشريعةمسلوك طريق وسطي يتصف بالناس قبل آراء املذاهب. لذا، يلجأ املفتون يف إصدار الفتاوى إىل رأي أوفق وأقرب للمصلحة إذا مل جيدوا

ح هلم باالجتهاد إذا احتاج األمر إىل إصدار فتوى متس قضايا دينية سم ذلك من بني آراء املذاهب، كما ي بيان يف كتب املذاهب. مل يرد فيها

٢٠

قائمة المصادر والمراجع

أبو زهرة، حممد أبو زهرة، تاريخ املذاهب اإلسالمية يف السياسة والعقائد وتاريخ املذاهب .١ الفقهية، طبعة دار الفكر العريب.

أبو يعلى، أمحد بن علي املوصلي، مسند أيب يعلى، إدارة العلوم األثرية، فيصل آباد، الطبعة .٢ هـ، حتقيق: إرشاد احلق األثري.١٤٠٧، األوىل

إمبايب، حممد مصطفى، اجلديد يف تاريخ الفقه اإلسالمي، طبعة دار املنار للنشر والتوزيع، .٣ القاهرة، مصر.

- ابن منظور، خممد بن مكرم، لسان العرب، طبعة دار صادر، الطبعة األوىل، بريوت .٤ لبنان.

لبنان. - الطالبني، طبعة دار الفكر، بريوت البكري، السيد أبو بكر الدمياطي، إعانة .٥بريوت، -الرتمذي، أبو عيسى السلمي، سنن الرتمذي، طبعة دار إحياء الرتاث العريب .٦

حتقيق أمحد حممد شاكر.الدوسري، جاسم الفهيد، زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء، دار البشائر اإلسالمية، .٧

نان.م. بريوت ، لب١٩٩٢هـ/١٤١٣الطبعة األوىل، الرازي، حممد بن أيب بكر، خمتار الصحاح، طبعة مكتبة لبنان ناشرون، بريوت، طبعة .٨

.١٩٩٥/ ١٤١٥جديدة م، دار ١٩٨٩هـ/١٤٠٩الزحيلي، الدكتور وهبة، الفقه اإلسالمي وأدلته، الطبعة الثالثة، .٩

لبنان. -الفكر، بريوت ل، طبعة دار الفكر، بريوت الشوكاين، حممد بن علي، إرشاد الفحول إىل حتقيق علم األصو .١٠

م١٩٩٢هـ/ ١٤١٢العثيمني، حممد الصاحل العثيمني، اخلالف بني العلماء: أسبابه وموقفنا منه، طبعة املكتب .١١

م.١٩٩١هـ/١٤١٢اإلسالمي، الطبعة الثانية املعصومي، حممد سلطان املكي، هل املسلم ملزم باتباع مذهب معني من املذاهب األربعة، .١٢

م.١٩٨٤هـ/١٤٠٤اء الرتاث اإلسالمي، الطبعة الرابعة طبعة مجعية إحياملناوي، عبد الرؤوف، فيض القدير، طبعة املكتبة الكربى، الطبعة األوىل، مجهورية مصر .١٣

العربية. هـ، بريوت، لبنان.١٤١٥النفراوي، أمحد بن غامن، الفواكه الدواين،طبعة دار الفكر، سنة .١٤ م.١٩٨٧، طبعة اهليئة املصرية العامة للكتاب،عام: النمر، الدكتور عبد املنعم، االجتهاد .١٥

٢١

فالح، فالح عبد الرمحن عبد اهللا، نظرة ربانية يف املسائل الفقهية، مطبعة احلوادث، الطبعة .١٦ م، بغداد. ١٩٨٦هـ/١٤٠٦األوىل

م.١٩٩٦هـ/١٤١٤قلعه جي، حممد رواس، معجم لغة الفقهاء، طبعة دار النفائس، .١٧التوجيه التشريعي يف اإلسالم، من حبوث مؤمتر جممع البحوث جممع البحوث اإلسالمية، .١٨

م.١٩٧٢هـ/١٣٩٢اإلسالمية، اجلزء الثاين، مسلم، أبو احلسني ابن احلجاج النيسابوري، صحيح اإلمام مسلم، طبعة دار إحياء الرتاث .١٩

العريب، بريوت، حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي.

٤٨و ٥٤سالجنور، رقم مادة قانونية للشؤون اإلسالمية يف والية .٢٠Enakmen Pentadbiran Agama Islam (Negeri Selangor) 2003. (Seksyen 48 , 54)